ملخص أحكام الصيام في ضوء الكتاب والسنة وأقوال السّلف الكرام.
بقلم أبي عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي الجزائري.
بسم الله الرحمن الرحيم.
بقلم أبي عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي الجزائري.
بسم الله الرحمن الرحيم.
إنّ الحمدَ لله،
نحمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا، ومِن سيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يُضلل فلا هادي لـه.وأشهـدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبدُه ورسوله صلى الله عليه وسلم.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾[النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
هذه قطعة موجزة من ملخص أحكام الصيام في ضوء الكتاب والسنة وأقوال السلف الكرام، جردته من شرح شيخ الإسلام ابن تيمية لكتاب العمدة في الفقه لموفق الدين ابن قدامة لما كنت نازلا بدولة الإمارات العربية المتحدة، وزدت عليه أمورا، فالله أسأل أن يكون عند حسن طلابنا الكرام.
باب:
معنى الصوم لغة.
جاء معنى الصوم في أصل اللغة: الكف، والإمساك، والامتناع، والسكون الذي ضده الحركة.
وقد قرنت الشريعة بين الصوم والصلاة كما في سورة التوبة؛ لأن الصلاة حركة إلى الحق، والصوم سكون عن الشهوات، فمعنى الصوم يعم الإمساك عن القول والعمل من الناس والدواب.
وكل ممسك عن طعام، أو كلام، أو سير فهو صائم.
قال تعالى في سورة مريم [26]: [إنّي نذرت للرحمن صوم].
أي: صمتا.
ويقال: صام الفرس، إذا قام على غير اعتلاف. أو أمسك عن الصهيل.
قال النابغة الذبياني:
خيل صيام وخيل غير صائمة***تحت اللجاج وخيل تعلك اللُّجما.
ونقول: صامت الريح؛ إذا ركدت فلم تتحرك، وصامت البكرة إذا لم تدر.
ونقول: صام النهار صوما إذا قام قائم الظهيرة واعتدل، كأنّ الشمس سكنت عن الحركة في رأي العين.
ونقول: للمسك عن الطعام، والشراب، والكلام، والنكاح، والسيّر، صائم، وصَوْمَانٌ، وصَومٌ، وجمعه: صُوَّامٌ، وصُيَّام، وصُوَّم، وصِيَّمٌ، وصِيَامٌ، وصِيامى.
باب:
تعريفه شرعا.
تعريف شرعا: إمساكٌ بنية التعبد لله تعالى عن أشياء مخصوصة في زمن معين.
باب:
بعض معاني الصيام.
*سمِيّ الصيام بالصبر:
=قال تعالى في سورة البقرة: [واستعينوا بالصبر والصلاة].
أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره (1/154) بإسناد صحيح عن مجاهد أنه قال: (الصبر الصيام). وجاء مثله عن محمد بن طلحة الأسدي، أخرج ابن أبي حاتم (1/154) بإسناد حسن.
=وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صوم شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر تعدل صيام الدهر). صحيح: أخرجه الإمام أحمد (2/263-384-513)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (1/101-102)، والنسائي في الكبرى (2/134)، وأبو داود الطياليسي في مسنده (ص:315)، والبيهقي في الكبرى (4/293)، والطبري في تهذيب الآثار (مسند عمر: 1/332)؛ من طرق: عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة.
*وسمي الصيام بالسياحة:
قال تعالى في سورة التوبة: [التائبون العابدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشّر المؤمنين].
أخرج الإمام الطبري في تفسيره (14/503) عن أبي هريرة بإسناد صحيح أنه قال: ([السائحون]: الصائمون).
وأخرج الطبري (14/503) بإسناد حسن عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ([السائحون]: الصائمون).
وأخرج الإمام الطبري رحمه الله (14/504) بإسناد صحيح عن عبد الله بن عباس أنه قال: ([السائحون]: الصائمون).
وورد هذا المعنى عن جمع من التابعين منهم: أبو عبد الرحمن السلمي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والحسن، وعطاء، والضحاك. انظر تفسير الإمام الطبري (14/503-505).
باب:
الترغيب في الصوم.
=عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الصِّيام جُنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله، أو شاتمه فليقل إنّي صائم مرتين، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه، وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها) أخرجه الإمام البخاري (برقم:1894-1904-5927-7538)، والإمام مسلم (برقم: 1151).
=وعن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنّ في الجنّة بابا يُقال له الريّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، يقال: أين الصائمون، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق، فلم يدخل منه أحد) أخرجه الإمام البخاري (برقم:1896)، والإمام مسلم (برقم: 1152) من طريق سليمان بن بلال، قال: حدثني أبو حازم ، عن سهل به.
=وعن علقمة قال: بينا أنا أمشي مع عبد الله رضي الله عنه فقال: كنّا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء). أخرجه الإمام البخاري في صحيح (برقم: 1905)، والإمام مسلم (برقم: 1400) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة به، وهذا لفظ الإمام البخاري.
=وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صام يوما في سبيل الله، بعّد الله وجهه عن النار سبعين خريفا). أخرجه الإمام البخاري رحمه الله (برقم2840) والإمام مسلم (برقم: 1153) من طريق يحي بن سعيد، وسهل بن أبي صالح؛ أنهما سمعا النعمان ابن أبي عياش، عن أبي سعيد رضي الله عنه به.
وإلى درس قادم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تعليق