إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مذاكرة أهل الحِجر بتلخيص أحكام زكاة الفطر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مذاكرة أهل الحِجر بتلخيص أحكام زكاة الفطر

    مذاكرة أهل الحِجر
    بتلخيص أحكام زكاة الفطر

    كتبها الفقير إلى الله:
    أبو فيروز عبد الرحمن بن سوكايا الإندونيسي وفقه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدمة

    الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم على محمد وآله أجمعين أما بعد:
    فقد ورد سؤال: لو تبين لنا أحكام زكاة الفطر ملخصا
    وقد كتب العلماء في هذا قديما وحديثا بما يغني، ولكن من باب التعاون بين الإخوة سأذكر بعض أحكامها مع مراعاة اختصار الكلام واختيار القول الراجح المدعم بالأدلة ومبين بأقوال الأئمة رحمهم الله وحفظهم.
    فأقول بتوفيق الله وحده: أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم ذكر وأنثى وصغير وكبير وحرّ وعبد، كما قال ابن عمر رضي الله عنهما: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة . (أخرجه البخاري (1503) ومسلم (984)).
    قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: وجملته أن زكاة الفطر تجب على كل مسلم مع الصغير والكبير والذكورية والانوثية في قول أهل العلم عامة وتجب على اليتيم ويخرج عنه وليه من ماله لا نعلم أحدا خالف في هذا إلا محمد بن الحسن قال : ليس في مال الصغير من المسلمين صدقة وقال الحسن و الشعبي: صدقة الفطر على من صام من الأحرار وعلى الرقيق وعموم قوله فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم زكاة الفطر على كل حر وعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين يقتضي وجوبها على اليتيم ولأنه مسلم فوجبت فطرته كما لو كان له أب. ("المغني"/2/ص648).
    قال علماء اللجنة الدائمة: صدقة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته: صاع. ("فتاوى اللجنة الدائمة"/9/ص364).
    ومقدارها كما ذكر في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: صاع من تمر أو صاع من شعير. وهو قوت البلد.
    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يقول كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب. (أخرجه البخاري (1506)).
    قال الإمام ابن باز رحمه الله: ويلحق بهذه الأنواع في أصح أقوال العلماء كل ما يتقوت به الناس في بلادهم ، كالأرز والذرة والدخن ونحوها. ("مجموع فتاوى ابن باز"/14/ص32).
    وفي "صحيح مسلم" (985) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعا من طعام أو صاعا من أقط أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال إني أرى أن مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ الناس بذلك.
    قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبدا ما عشت.
    فالمعتبر هو الصاع من ذلك الطعام لا قيمته.
    قال الإمام النووي رحمه الله: وأما قوله صاعاً من كذا وصاعاً من كذا، ففيه دليل على أن الواجب في الفطرة عن كل نفس صاع، فإن كان في غير حنطة وزبيب وجب صاع بالإجماع، وإن كان حنطة وزبيباً وجب أيضاً صاع عند الشافعي ومالك والجمهور، وقال أبو حنيفة وأحمد: نصف صاع بحديث معاوية المذكور بعد هذا، وحجة الجمهور حديث أبي سعيد بعد هذا في قوله: (صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب) والدلالة فيه من وجهين: أحدهما أن الطعام في عرف أهل الحجاز اسم للحنطة خاصة لا سيما وقد قرنه بباقي المذكورات. والثاني أنه ذكر أشياء قيمها مختلفة وأوجب في كل نوع منها صاعاً فدل على أن المعتبر صاع ولا نظر إلى قيمته. ("شرح مسلم"/10/ص21).
    والصاع المعتبر هو صاع أهل المدينة، لأنه من المكاييل، والمكاييل المعبرة هي مكاييل أهل المدينة.
    عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة». (أخرجه أبو داود (3340)/صحيح).
    والحديث أخرجه الإمام البيهقي رحمه الله تحت باب: ما دل على أن زكاة الفطر إنما تجب صاعا بصاع النبى -صلى الله عليه وسلم- وأن الاعتبار فى ذلك بصاع أهل المدينة الذين كانوا يقتاتون به. ("سنن البيهقي"/2/ص98).
    والصاع: أربعة أمداد.
    قال ابن سيدة رحمه الله: والصاع مكيال لأهل المدينة يأخذ أربعة أمداد. ("المخصص"/3/ص82).
    وقال ابن منظور رحمه الله: وصاع النبي صلى الله عليه وسلم الذي بالمدينة أربعة أمداد بمدهم المعروف عندهم. ("لسان العرب"/8/ص214).
    والمدّ هو ملئ كفّي رجل معتدل، كما ذكره ابن الأثير رحمه الله: قيل: إن أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعاما. ("النهاية في غريب الأثر"/4/ص648).
    وهذا المكيال هو المعتبر في مقدار الزكاة.
    أما تقديره بكيلو غرام ليس بصواب لأنه وزنٌ لا كيلٌ، وإذا اختلفت الأجناس اختلفت موازينها. بل حتى في جنس واحد اختلفت الموازيين لاختلاف الأنواع.
    ولكن من باب التقريب والتيسير –وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة أحقّ أن تُتَّبَع-، قد قام الإخوة الأفاضل حفظهم الله بالمقارنة بين الكيل والوزن. وقد أرسل إليّ الأخ المفضال الداعي إلى الله أبو عبد الله أحمد المفرح الصنعاني حفظه الله رسالة ذكر فيها الصواب في المسألة، ذكر أيضا من باب التقريب أن:
    صاعا من الرز يساوي 2.55 كيلو غرام
    وصاعا من البرّ يساوي 2.45 كيلو غرام
    وصاعا من الشعير يساوي 1.5 كيلو غرام
    وصاعا من الدقيق الأبيض يساوي 2 كيلو غرام
    وصاعا من التمر يساوي 3.8 كيلو غرام
    وحكمة زكاة الفطر ترجع إلى شيئين: إطعام المساكين، وتطهير الصائم من تلويث صيامه بالرفث واللغو.
    عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. (أخرجه أبو داود (1609) وابن ماجه (1827) /حسن).
    فزكاة الفطر تطهير الصائم مما ينقص صومه، كأنها بمنزلة الكفارة، فلا يطعاها إلا لمن يستحق الكفارة وهم الفقراء والمساكين، فهم مصرف هذه الزكاة.
    قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: ... لأن الصدقة إنما وضعت على المسلمين تطهيرا لهم وردا على فقرائهم. ("الاستذكار"/3/ص252).
    وقال شيخ الإسلام رحمه الله: إن صدقة الفطر تجري مجري كفارة اليمين، والظهار، والقتل، والجماع في رمضان، ومجري كفارة الحج، فإن سببها هو البدن ليس هو المال، كما في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه فرض صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات . وفي حديث آخر أنه قال : " أغنوهم في هذا اليوم عن المسألة " . ولهذا أوجبها الله طعاما، كما أوجب الكفارة طعاما، وعلى هذا القول فلا يجزئ إطعامها إلا لمن يستحق الكفارة، وهم الآخذون لحاجة أنفسهم، فلا يعطي منها في المؤلفة، ولا الرقاب، ولا غير ذلك، وهذا القول أقوي في الدليل . ("مجموع الفتاوى"/25/ص73).
    كلام شيخ الإسلام رحمه الله هو الراجح.
    قال الإمام محمد ابن الأمير الصنعاني رحمه الله: فيه دليل على وجوبها لقوله : "فرض" كما سلف. ودليل على أن الصدقات تكفر السيئات. ("سبل السلام"/3/ص252).
    وأما حديث : فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم زكاة الفطر وقال أغنوهم في هذا اليوم وقال يوسف صدقة الفطر. أخرجه الدارقطني في "السنن" (67) من طريق وكيع عن أبي معشر عن نافع عن ابن عمر به.
    وأبو معشر هو نجيح بن عبد الرحمن السندي، قال فيه البخاري: منكر الحديث. وقال فيه ابن مديني بعد تضعيفه: وكان يحدث عن نافع وعن المقبري بأحاديث منكرة. ("تهذيب التهذيب"/10/ص374-375).
    فالحديث ضعيف.
    وقول: (طهرة للصائم) في الحديث ابن عباس رضي الله عنهما ليس بمعنى أن زكاة الفطر لا تجب على الصغار مثلا، وإنما خرج مخرج الغالب. قال ابن حجر رحمه الله: ذكر التطهير خرج على الغالب كما أنها تجب على من لم يذنب كمتحقق الصلاح أو من أسلم قبل غروب الشمس بلحظة. ("فتح الباري"/3/ص369).
    وعلى من وجوب الزكاة عن الأولاد؟ على أوليائهم إخراج زكاتهم.
    قال الإمام الشافعي رحمه الله: لا زكاة فطر إلا على مسلم، وعلى الرجل أن يزكى عن كل أحد لزمه مؤنته صغارا أو كبارا. ("الأم"/2/ص70).
    وهل على المسكين زكاة الفطر؟
    نعم إذا فضل من طعام يومه وطعام من يلزمه نفقته شيء. وهو يحتاج إلى الطهرة. ومن وجه آخر: هو أيضاً يستحق أن يعطى من الزكوات والصدقات.
    قال الإمام الشافعي رحمه الله: وكل من دخل عليه شوال وعنده قوته وقوت من يقوته يومه وما يؤدى به زكاة الفطر عنه وعنهم أداها عنهم وعنه، وإن لم يكن عنده إلا ما يؤدى عن بعضهم أداها عن بعض. وإن لم يكن عنده سوى مؤنته ومؤنتهم يومه فليس عليه ولا على من يقوت عنه زكاة الفطر. ("الأم"/2/ص69).
    وقال أيضا رحمه الله: فإن كان أحد ممن يقوت وأجدا لزكاة الفطر لم أرخص له أن يدع أداءها عن نفسه. ("الأم"/2/ص69-70).
    ومن لم يجد ما يزكي فهل عليه أن يستدين لإخراج الزكاة؟ ليس عليه وقد سقط عنه الوجوب.
    قال الإمام الشافعي رحمه الله: وليس على من لا عرض له ولا نقد ولا يجد قوت يومه أن يستسلف زكاة. ("الأم"/2/ص70).
    ومصرف زكاة الفطر هم الفقراء والمساكين كما تقدم.
    والفرق بينهما : أن الفقير ليس له كفاية ولا حرفة، وأما المسكين له حرفة لا تكفيه.
    قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: والفقراء والمساكين صنفان وكلاهما يأخذ لحاجته إلى مؤنة نفسه والفقراء أشد حاجة لأن الله تعالى بدأ بهم، والعرب إنما تبدأ بالأهم فالأهم، ولأن الله تعالى قال : ﴿أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر﴾ فأخبر أن لهم سفينة يعملون بها. ("الكافي في فقه ابن حنبل"/1/ص423).
    وقد تكون للفقير حرفة ضعيفة لا تكفي حاجته، وحالته أشدّ من حالة المسكين.
    قال الإمام الشافعي رحمه الله : الفقير والله أعلم من لا مال له ولا حرفة تقع منه موقعا زمنا كان أو غير زمن سائلا كان أو متعففا، والمسكين من له مال أو حرفة لا تقع منه موقعا ولا تغنيه، سائلا كان أو غير سائل. ("الأم"/2/ص77).
    وهل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً بدلاً من القوت؟
    هذا لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نصّ بأنها صاع من طعام، وأنها طعمة للمساكين، مع وجود النقود حينذاك.
    لعل قائلا يقول: إن النقود أنفع للفقراء والمساكين من الأقوات لأنهم أعلم بحوائجهم أنفسهم، فالأصلح أن نعطيهم النقود، فليتصرفوا بها بعدُ ما شاءوا.
    الجواب بتوفيق الله وحده: أن هذه الشريعة نزلت من رب العالمين وهو أعلم بمصالح عباده ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14]، وله الحكمة البالغة في شئون خلقه، وتشريعه: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: 42]. وربنا عز وجل هو الذي أنزل جبريل عليه السلام الشريعة الكاملة الشاملة الباهرة ولا ينسى مصالح عباده. ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: 64].
    فالفقراء والمساكين موجودون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعلم بحوائجهم. ومع ذلك شرع لهم –وهو مخبر عن الله تعالى- هذا الشرع، فيدلّ على أن هذا هو الحق والأصلح والأنفع لهم، وإن لم تدركه عقولهم.
    قال الإمام الزهري رحمه الله: من الله الرسالة وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغ وعلينا التسليم. ("صحيح البخاري"/كتاب العلم/فوق الحديث (7530)).
    أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى عدي بن أرطأة رحمه الله: أما بعد أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره -أراد التوسط بين الأفراط والتفريط- واتباع سنة نبيه صلى الله عليه و سلم وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته وكفوا مؤنته فعليك بلزوم السنة، فإنها لك بإذن الله عصمة. ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعة إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها أو عبرة فيها، فإن السنة إنما سنها من قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم فإنهم على علم وقفوا وببصر نافذ كفوا ولهم على كشف الأمور كانوا أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى. فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه ولئن قلتم إنما حدث بعدهم ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم فإنهم هم السابقون فقد تكلموا فيه بما يكفي ووصفوا منه ما يشفي فما دونهم من مقصر وما فوقهم من محسر . وقد قصر قوم دونهم فجفوا وطمح عنهم أقوام فغلوا وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم. (أخرجه أبو داود في "السنن" (4612) والآجري في "الشريعة" (535)/صحيح).
    وقال شيخ الإسلام رحمه الله: فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودا، لو كان مصلحة ولم يفعل، يعلم أنه ليس بمصلحة. ("اقتضاء الصراط المستقيم"/2/ص57).
    وعن رجل من الأنصار من أصحاب الرسول أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «فمن اقتدى بي فهو مني. ومن رغب عن سنتي فليس مني. إن لكل عمل شرة، ثم فترة فمن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل، ومن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى». (أخرجه الإمام أحمد (23521) وصححه الإمام الوادعي رحمه الله في "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" (3251)).
    وقال شيخ الإسلام رحمه الله: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» أي : سلك غيرها؛ ظانًا أن غيرها خير منها، فمن كان كذلك فهو برىء من الله ورسوله، قال تعالى : ﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾ [ البقرة : 130 ] . بل يجب على كل مسلم أن يعتقد أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، كما ثبت عنه في الصحيح أنه كان يخطب بذلك كل يوم جمعة. ("مجموع الفتاوى"/11/ص201).
    فلا يجوز إخراج زكاة الفطر نقوداً بدلا من القوت.
    قال الإمام ابن باز رحمه الله: ولا يجوز إخراج القيمة في قول أكثر أهل العلم ؛ لكونها خلاف ما نص عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم ، وقد قال الله عز وجل : ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾، وقال سبحانه : ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ والله ولي التوفيق .
    (انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز"/14/ص32).
    وقد سئل الإمام ابن عثيمين رحمه الله: لماذا لا يجزئ صدقة الفطرة بالفلوس أي: الدراهم؟
    فأجاب رحمه الله: لا يجزئ إخراج زكاة الفطر إلا من الطعام، لقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (فرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير) فعين، وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (كنا نخرجها على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صاعاً من طعام). ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرضها صاعاً من طعام: تمر أو شعير أو زبيب أو إقط، وهذه الأربعة في الغالب مختلفة القيمة، أي: يندر جداً أن يكون صاع التمر مثل صاع الشعير أو مثل صاع الزبيب أو مثل صاع الأقط، فرضها النبي عليه الصلاة والسلام صاعاً من الطعام، والطعام مختلف القيمة، فدل هذا على أنها لا تجزئ من القيمة. لكن لو فرضنا أننا في بلد لا يقبلون إلا الدراهم، يقول: خذوا الطعام وبيعوه، فإن أبوا صرفناها إلى بلدٍ آخر.
    (انتهى من "لقاءات الباب المفتوح"/190/ص13).
    وقد سئل فضيلة العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: كثر الجدل مؤخرًا بين علماء بعض الدول الأخرى حول المشروع في زكاة الفطر، وإمكانية إخراج القيمة، فما رأي فضيلتكم ؟
    فأجاب حفظه الله: المشروع في زكاة الفطر أن تؤدى على الوجه المشروع الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، بأن يدفع المسلم صاعًا من قوت البلد وتُعطى للفقير في وقتها، أما إخراج القيمة فإنه لا يجزئ في زكاة الفطر؛ لأنه خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وما عمل به صحابته الكرام من إخراج الطعام، ولم يكونوا يخرجون القيمة وهم أعلم منا بما يجوز وما لا يجوز، والعلماء الذين قالوا بإخراج القيمة قالوا ذلك عن اجتهاد، والاجتهاد إذا خالف النص فلا اعتبار به .
    (انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان"/81/ص13-14).
    وإذا قيل لنا: إن الشيخ فلان أفتى بجواز زكاة الفطر بالقيمة؟
    الجواب بتوفيق الله وحده: أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يتبع من سنة غيره من الناس.
    عن مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان وعليا رضي الله عنهما وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما فلما رأى علي أهل بهما لبيك بعمرة وحجة قال: ما كنت لأدع سنة النبي صلى الله عليه وسلم لقول أحد. (أخرجه البخاري (1563)).
    وعن وبرة قال : كنت جالسا عند ابن عمر فجاءه رجل فقال: أيصلح لي أن أطوف بالبيت قبل أن آتي الموقف؟ فقال: نعم. فقال: فإن ابن عباس يقول لا تطف بالبيت حتى تأتي الموقف. فقال ابن عمر: فقد حج رسول الله صلى الله عليه و سلم فطاف بالبيت قبل أن يأتي الموقف فبقول رسول الله صلى الله عليه و سلم أحق أن تأخذ أو بقول ابن عباس إن كنت صادقا ؟ (أخرجه مسلم (1233)).
    وعن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : تمتع –تمتع في الحج- النبي صلى الله عليه وسلم. فقال عروة بن الزبير : نهى أبو بكر وعمر عن المتعة ، فقال ابن عباس : ما يقول عرية يريد ؟ قال : يقول : نهى أبو بكر وعمر عن المتعة قال ابن عباس : أراهم سيهلكون أقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقولون: نهى أبو بكر وعمر. (أخرجه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (373)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1441)/حسن).
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل ومأجور لاجتهاده فلا يجوز أن يتبع فيها ولايجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين. ("إعلام الموقعين"/3 /ص283).

    المنتقى من فتاوى الفوزان (81/ 14)
    قيل للإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله- : قوم يقولون : عمر بن عبد العزيز كان يأخذ القيمة في الفطرة ؟ قال : يَدَعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون : قال فلان، وقد قال ابن عمر : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا . . . (1) انتهى .

    وهل يجوز لمن أخذ الزكاة بالحق أن يبيعها؟
    نعم، يجوز له ذلك لأنها قد صارت من جملة أمواله جاز له التصرف فيها بالمعروف.
    سئل علماء اللجنة الدائمة: ما يقول شيخنا فيمن يأخذ زكاة الفطر ثم يبيعها في حينه؛ مثل أن توزع على الفقراء صاعا من طعام ثم يتم بيعه في نفس الوقت من شخص آخر، وذلك في سبيل الحصول على النقود، وما حكم من وزع زكاة الفطر نقدا؟
    فأجابوا حزاهم الله خيرا: إذا كان من أخذها مستحقا جاز له بيعها بعد قبضها؛ لأنها صارت بالقبض من جملة أملاكه، ولا يجوز توزيع زكاة الفطر نقدا على الصحيح فيما نعلم، وهو قول جمهور العلماء.
    (انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة"/9/ص380).
    ومتى تخرج الزكاة؟
    تخرج قبل صلاة العيد، كما مر بنا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. (أخرجه أبو داود (1609) وابن ماجه (1827) /حسن).
    وفي "صحيح مسلم" (986) عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بإخراج زكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
    ومن أخرجها بعد صلاة العيد لا تصحّ، وصارت صدقة من الصدقات، لأن زكاة الفطر متعلقة بصوم رمضان، وقد سميت صدقة رمضان، كما في رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض النبي صلى الله عليه و سلم صدقة رمضان. (أخرجه مسلم (984)).
    وقال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: ورواه موسى ابن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بزكاة الفطر أن تؤدى قبل أن يخرج الناس إلى الصلاة. قال: وكان عبدالله بن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين. ("التمهيد"/14/ص326).
    قال الإمام ابن باز رحمه الله: فيجب على المسلمين أن يخرجوا هذه الزكاة قبل صلاة العيد ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بإخراجها قبلها . ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين ، كما كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلون ذلك . وبذلك يعلم أنه لا مانع من إخراجها في اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين وليلة العيد ، وصباح العيد قبل الصلاة ؛ لأن الشهر يكون ثلاثين ويكون تسعة وعشرين ، كما صحت بذلك الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . ("مجموع فتاوى ابن باز"/14/ص32).
    وسئل فضيلة الشيخ ابن عثمين رحمه الله: هل يجوز التوكيل في صرف زكاة الفطر وزكاة المال وفي قبضها؟
    فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز التوكيل في صرف زكاة الفطر كما يجوز في زكاة المال، لكن لابد أن تصل زكاة الفطر إلى يد الفقير قبل صلاة العيد، لأنه وكيل عن صاحبها، أما لو كان الجار قد وكله الفقير، وقال: اقبض زكاة الفطر من جارك لي، فإنه يجوز أن تبقى مع الوكيل ولو بعد صلاة العيد، لأن قبض وكيل الفقير بمنزلة قبض الوكيل. ("الشرح الممتع على زاد المستقنع"/96/ص11).
    وهل يجوز أن نعطيها لمن وكله الأمراء لجباية الصدقات؟
    نعم، إن علمنا أن الوكيل يجمعها بالأمانة ويوزعها قبل صلاة العيد نعطه.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، الحديث. ("صحيح البخاري" (3211)).
    وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن قال له: «... فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم». (أخرجه البخاري (1395) ومسلم (19)).
    وقال الإمام مالك رحمه الله: حدثنا نافع أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة. ("الموطأ" /(343)).
    وإذا علم أن العامل لا يؤتمن فليسع المزكي في توزيعها بنفسه حتى تبلغ مستحقها سالمة.
    قال الإمام الشافعي رحمه الله: وأختار قسم زكاة الفطر بنفسى على طرحها عند من تجمع عنده. ("الأم"/2/ص74).
    ثم قال رحمه الله: أخبرنا عبد الله بن المؤمل قال: سمعت ابن أبى مليكة ورجل يقول له: إن عطاء أمرنى أن أطرح زكاة الفطر في المسجد فقال ابن أبى مليكة: أفتاك العلج بغير رأيه؟ اقسمها فإنما يعطيها ابن هشام أحراسه ومن شاء. ("الأم"/2/ص74).
    وهل يجوز نقل الزكاة إلى بلد آخر؟
    عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن قال له: «... فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم». (أخرجه البخاري (1496) ومسلم (19)).
    بوّب عليه البخاري رحمه الله فقال: باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا. ("صحيح البخاري" /فوق الحديث: (1496)).
    وقال ابن حجر رحمه الله: والذي يتبادر إلى الذهن من هذا الحديث عدم النقل وأن الضمير يعود على المخاطبين فيختص بذلك فقراؤهم. لكن رجح بن دقيق العيد الأول وقال: إنه وإن لم يكن الأظهر إلا أنه يقويه أن أعيان الأشخاص المخاطبين في قواعد الشرع الكلية لا تعتبر فلا تعتبر في الزكاة كما لا تعتبر في الصلاة، فلا يختص بهم الحكم وإن اختص بهم خطاب المواجهة انتهى. وقد اختلف العلماء في هذه المسألة فأجاز النقل الليث وأبو حنيفة وأصحابهما ونقله بن المنذر عن الشافعي واختاره. والأصح عند الشافعية والمالكية والجمهور ترك النقل. فلو خالف ونقل أجزأ عند المالكية على الأصح ولم يجزئ عند الشافعية على الأصح إلا إذا فقد المستحقون لها ولا يبعد أنه اختيار البخاري لأن قوله: (حيث كانوا) يشعر بأنه لا ينقلها عن بلد وفيه من هو متصف بصفة الاستحقاق. ("فتح الباري"/3/ص357-358).
    وسئل علماء اللجنة الدائمة: أرسل شخص زكاة ماله إلى ذوي رحمه الأقارب في مصر ، ثم فقدت في البريد ولم تصل إلى أصحابها. فهل يلزمه إعادة إخراجها أم لا؟ علما بأنه مقيم بالسعودية .
    فأجابوا جزاهم الله خيرا: أولا: الأصل إخراج زكاة المال في البلد الموجود به المال، وإذا دعت الحاجة إلى نقلها إلى بلد آخر إما لعدم الفقراء في بلد المال، أو لأن البلد المنقول إليه أشد حاجة، أو لداع آخر كوجود أقارب فقراء للمزكي فإنه يجوز نقلها. أما الزكاة التي فقدت قبل وصولها إلى مستحقيها فإنه يلزم صاحب المال إعادة إخراجها؛ لأنه لا تبرأ ذمته منها إلا بعد وصولها إلى مستحقيها.
    (انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة"/9/ص420-421).
    وقد سئل أيضا فضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله: ما الحكم في إخراج الزكاة أو قيمتها مع أنني لا أجد ولا أعرف مستحقًّا لها ؟
    فأجاب حفظه الله: إذا كان عندك مال تجب فيه الزكاة ولا تعرف مستحقًّا لكونك في بلد من غربة ولا تعرف المستحقين فعليك أن توكل من إخوانك من أهل البلد من تثق به من يخرجها على المستحقين، وإذا كنت لا تعرف أحدًا ولا تستطيع أن توكل فتنقلها من البلد الذي لا تعرف فيه مستحقًّا إلى بلد آخر تعرف فيه من يستحق الزكاة وتدفعها إليه؛ لأن هذا منتهى استطاعتك.
    (انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان"/81/ص13).
    وقد سألنا أحد الإخوة حكم نقل الزكاة إلى إخواننا المتضررين في فلسطين في أيام رمضان هذه، من أجل شدة اعتداء اليهود الكفار ؟ ففي فتاوى الأئمة السابقة إشارة إلى إمكانية ذلك.
    وسئل فضيلة الإمام ابن عثمين رحمه الله: هل يجوز نقل زكاة المال من بلد إلى آخر؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الأولى أن توزع زكاة الأموال في نفس البلد، لأن ذلك أيسر للدافع، ولأجل كف أطماع الفقراء الذين هم في بلاد هذا الغني، ولأنهم أقرب من غيرهم فيكونون أولى بزكاته من الآخرين. لكن إذا دعت الحاجة، أو المصلحة إلى نقل الزكاة إلى جهة أخرى فإن ذلك لا بأس به، فإذا علم أن هناك مسلمين متضررين بالجوع والعري ونحو ذلك، أو علم أن هناك مسلمين يجاهدون في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا، أو كان للإنسان أقارب محتاجون في بلد آخر، من أعمام، أو أخوال، أو إخوان، أو أخوات، أو غيرهم، فعند ذلك لا بأس بنقل الزكاة إليهم وذلك للمصلحة الراجحة. والله الموفق. ("الشرح الممتع على زاد المستقنع"/96/ص14).
    وهل يجوز إخراج الزكاة وهي معيبة؟
    لا يجوز، فإن الله تعالى قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ الله غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [البقرة: 267].
    فالتقرب إلى الله تعالى بمال سيء ليس من التقوى. قال سبحانه: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: 27].
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا». (أخرجه مسلم (1015) عن أبي هريرة رضي الله عنه).
    وقد سئل علماء اللجنة الدائمة: هل تخرج زكاة الفطر من الأرز المقشور أو الغير مقشور؟
    فأجابوا جزاهم الله خيرا: بيّن النبي صلى الله عليه وسلم الأنواع التي تخرج منها زكاة الفطر؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: « فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الناس في رمضان: صاعا من تمر أو صاعا من شعير ». وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله أنه قال: « كنا نخرج زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب ». فتخرج زكاة الفطر من هذه الأنواع ونحوها مما يتخذه الناس طعاما لأنفسهم، ولا يجوز إخراج ما فيه نقص ولا ما كان معيبا.
    (انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة"/9/ص421).

    وهل يجوز إعطاء الزكاة تارك الصلاة؟
    الصدقة الواجبة لا يجوز إعطاءها الكفار، بل هي لنفع المسلمين أصلا. فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن قال له: «... فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم». (أخرجه البخاري (1395) ومسلم (19)).
    قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: وأجمعوا أن الزكاة المفروضة لا تحل لغير المسلمين فسائر ما يجب أداؤه عليهم من زكاة الفطر وكفارة الأيمان والظهار فقياس على الزكاة عندنا. وأما التطوع بالصدقة فجائز على أهل الكفر من القربات وغيرهم لا أعلم في ذلك خلافاً. ("التمهيد"/14/ص263).
    وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ... وأن الزكاة لا تدفع إلى الكافر لعود الضمير "في فقرائهم" إلى المسلمين سواء قلنا بخصوص البلد أو العموم وأن الفقير لا زكاة عليه. ("فتح الباري"/3/ص360).
    وقال القاضي العيني رحمه الله: ... لأن الضمير في "فقرائهم" يرجع إلى فقراء المسلمين. ("شرح أبي داود" /للعيني/6/ص278).
    وسئل أيضا فضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله: إذا كان بعض أو أحد أقاربي تاركين للصلاة وشاربين للخمر فهل يجوز لي أن أدفع إليهم الزكاة نظرًا لفقرهم وحاجتهم ؟
    فأجاب حفظه الله: الزكاة إنما تدفع لفقراء المسلمين ولا تدفع للكفار إلا إذا كانوا من المؤلفة قلوبهم والتارك للصلاة ليس بمسلم؛ لأنه إن تركها متعمدًا فكفره لا خلاف فيه، وإن كان تركها متهاونًا فهو أيضًا كافر على أصح قولي العلماء، فلا يصح دفع الزكاة إليه مادام تاركًا للصلاة متعمدًا؛ لأنه ليس بمسلم، والله تعالى أعلم .
    وسئل أيضا: إذا كان الرجل محتاجًا إلى الصدقة وهو لا يصلي فهل يجوز التصدق عليه ؟
    فأجاب: الصدقة الواجبة من الزكاة وغيرها من الواجبات المالية كالكفارات والنذور، وصدقة الفطر لا تدفع إلى كافر إلا إذا كان من المؤلفة قلوبهم، أما صدقة التطوع والتبرعات فيجوز دفعها إلى غير مسلم إذا كان يترتب على هذا مصلحة ككونه قريبًا من الأقرباء أو غير ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر : «صلي أمك» [ رواه الإمامان البخاري (2620) ومسلم (1003) من حديث أسماء رضي الله عنها ] ، وكانت كافرة .
    أما الزكاة والصدقات الواجبة فلا يجوز دفعها إلى الكافر إلا في حالة المؤلفة قلوبهم، لقوله صلى الله عليه وسلم في الزكاة : «تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم» [ رواه الإمامان البخاري (1395) ومسلم (19) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ] يعني المسلمين.
    (انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان"/81/ص9-10).
    والله تعالى أعلم, والحمد لله رب العالمين.
    صنعاء 29 رمضان 1435 من الهجرة.
يعمل...
X