ورد سؤال: هل من البدعة أن يتحرى الشخص قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان في منتصف الليل؟
الجواب بتوفيق الله وحده: هذا ليس ببدعة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شرع التحري للعشر الأواخر. ومن السنة أن يصلي التراويح بعد منتصف الليل، فمن صلاها في أول الليل فإنه جائز مجزئ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد جعل لعباده في دينه سعة. ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
فقيام الليل يجوز أن يقام من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر. فعن غضيف بن الحارث قال: قلت لعائشة : أرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يغتسل من الجنابة في أول الليل أو في آخره ؟ قالت: ربما اغتسل في أول الليل وربما اغتسل في آخره. قلت: الله أكبر الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة. قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يوتر أول الليل أم في آخره ؟ قالت: ربما أوتر في أول الليل وربما أوتر في آخره. قلت: الله أكبر الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة. قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يجهر بالقرآن أم يخفت به ؟ قالت: ربما جهر به وربما خفت قلت الله أكبر الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة . (أخرجه أبو داود (226)/صحيح).
وأخرجه سنن الترمذي (2924) بسند صحيح من طريق عبد الله بن أبي قيس البصري عن عائشة رضي الله عنها به.
ويجوز تحرّيه بعد نصف الليل لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصّ على أنه أفضل.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ وأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: «أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم». (أخرجه مسلم (1163)).
قال ابن منظور رحمه الله: الجوف المطمئن من الأرض وجوف الإنسان بطنه معروف ابن سيده الجوف باطن البطن. ("لسان العرب"/9/ص34).
وذكر فضيلته.
فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له في غزوة تبوك: «وإن شئت أنبأتك بأبواب الجنة». قلت: أجل يا رسول الله قال: «الصوم جنة و الصدقة تكفر الخطيئة و قيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله». قال ثم قرأ هذه الآية : ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا و طمعا و مما رزقناهم ينفقون﴾. (أخرجه الترمذي (2616) والحاكم في "المستدرك" /(3548)/صحيح).
ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر ذلك.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل: «اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ولك الحمد أنت قيام السماوات والأرض ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق ووعدك الحق وقولك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت». (أخرجه مسلم (769)).
بل أصل التراويح شرع أن يقام في جوف الليل.
فعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال: «أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها». (أخرجه البخاري (924) ومسلم (761)).
ولا شك أن جوف الليل الآخر أفضل من الجوف الأول.
فعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول: «أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن». (أخرجه الترمذي (3579)/حسن).
وهو أشرف أجزاء الليل لأن رب العالمين ينزل إلى السماء الدنيا.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له». (أخرجه البخاري (1145) ومسلم (758)).
ويجوز أحيانا أن يصلي التراويح منذ بعد العشاء إلى قرب الفجر.
ولكن الغالب في فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه يصليها بعد نصف الليل.
ومن شغل بشيء أو تعب، فليصلّ بما يسّر الله له، والله شكور حليم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وكذلك قيام بعض الليالي جميعها . كالعشر الأخير من رمضان، أو قيام غيرها أحيانا، فهذا مما جاءت به السنن . وقد كان الصحابة يفعلونه، فثبت في الصحيح : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأخير من رمضان شد المئزر، وأيقظ أهله، وأحيا ليله كله . وفي السنن أنه قام بآية ليلة حتى أصبح : ﴿إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم﴾ [ المائدة : 118] ، ولكن غالب قيامه كان جوف الليل. ("مجموع الفتاوى"/22/ص304).
وجميع أجزاء الليل في شهر رمضان أوقات شريفة، وأشرفها العشر الأواخر حتى يحثّ النبي صلى الله عليه وسلم على تحريها.
عن ابن عمر رضي الله عنها يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «التمسوها في العشر الأواخر ( يعني ليللة القدر ) فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي». (أخرجه البخاري (1158) ومسلم (1165)).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان». (أخرجه البخاري (2020) ومسلم (1169)).
ويجتهد النبي صلى الله عليه وسلم فيها أكثر من اجتهاده في غيرها.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله. (أخرجه البخاري (2024) ومسلم (1174)).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ليالي العشر الأخير من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة. ("زاد المعاد"/1/ص54).
والله تعالى أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين.
كتبه الفقير إلى الله
أبو فيروز عبد الرحمن الإندونيسي
وفقه الله
صنعاء 24 رمضان 1435 من الهجرة.
الجواب بتوفيق الله وحده: هذا ليس ببدعة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شرع التحري للعشر الأواخر. ومن السنة أن يصلي التراويح بعد منتصف الليل، فمن صلاها في أول الليل فإنه جائز مجزئ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد جعل لعباده في دينه سعة. ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
فقيام الليل يجوز أن يقام من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر. فعن غضيف بن الحارث قال: قلت لعائشة : أرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يغتسل من الجنابة في أول الليل أو في آخره ؟ قالت: ربما اغتسل في أول الليل وربما اغتسل في آخره. قلت: الله أكبر الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة. قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يوتر أول الليل أم في آخره ؟ قالت: ربما أوتر في أول الليل وربما أوتر في آخره. قلت: الله أكبر الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة. قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يجهر بالقرآن أم يخفت به ؟ قالت: ربما جهر به وربما خفت قلت الله أكبر الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة . (أخرجه أبو داود (226)/صحيح).
وأخرجه سنن الترمذي (2924) بسند صحيح من طريق عبد الله بن أبي قيس البصري عن عائشة رضي الله عنها به.
ويجوز تحرّيه بعد نصف الليل لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصّ على أنه أفضل.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ وأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: «أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم». (أخرجه مسلم (1163)).
قال ابن منظور رحمه الله: الجوف المطمئن من الأرض وجوف الإنسان بطنه معروف ابن سيده الجوف باطن البطن. ("لسان العرب"/9/ص34).
وذكر فضيلته.
فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له في غزوة تبوك: «وإن شئت أنبأتك بأبواب الجنة». قلت: أجل يا رسول الله قال: «الصوم جنة و الصدقة تكفر الخطيئة و قيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله». قال ثم قرأ هذه الآية : ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا و طمعا و مما رزقناهم ينفقون﴾. (أخرجه الترمذي (2616) والحاكم في "المستدرك" /(3548)/صحيح).
ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر ذلك.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل: «اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ولك الحمد أنت قيام السماوات والأرض ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق ووعدك الحق وقولك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت». (أخرجه مسلم (769)).
بل أصل التراويح شرع أن يقام في جوف الليل.
فعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال: «أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها». (أخرجه البخاري (924) ومسلم (761)).
ولا شك أن جوف الليل الآخر أفضل من الجوف الأول.
فعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول: «أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن». (أخرجه الترمذي (3579)/حسن).
وهو أشرف أجزاء الليل لأن رب العالمين ينزل إلى السماء الدنيا.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له». (أخرجه البخاري (1145) ومسلم (758)).
ويجوز أحيانا أن يصلي التراويح منذ بعد العشاء إلى قرب الفجر.
ولكن الغالب في فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه يصليها بعد نصف الليل.
ومن شغل بشيء أو تعب، فليصلّ بما يسّر الله له، والله شكور حليم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وكذلك قيام بعض الليالي جميعها . كالعشر الأخير من رمضان، أو قيام غيرها أحيانا، فهذا مما جاءت به السنن . وقد كان الصحابة يفعلونه، فثبت في الصحيح : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأخير من رمضان شد المئزر، وأيقظ أهله، وأحيا ليله كله . وفي السنن أنه قام بآية ليلة حتى أصبح : ﴿إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم﴾ [ المائدة : 118] ، ولكن غالب قيامه كان جوف الليل. ("مجموع الفتاوى"/22/ص304).
وجميع أجزاء الليل في شهر رمضان أوقات شريفة، وأشرفها العشر الأواخر حتى يحثّ النبي صلى الله عليه وسلم على تحريها.
عن ابن عمر رضي الله عنها يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «التمسوها في العشر الأواخر ( يعني ليللة القدر ) فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي». (أخرجه البخاري (1158) ومسلم (1165)).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان». (أخرجه البخاري (2020) ومسلم (1169)).
ويجتهد النبي صلى الله عليه وسلم فيها أكثر من اجتهاده في غيرها.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله. (أخرجه البخاري (2024) ومسلم (1174)).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ليالي العشر الأخير من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة. ("زاد المعاد"/1/ص54).
والله تعالى أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين.
كتبه الفقير إلى الله
أبو فيروز عبد الرحمن الإندونيسي
وفقه الله
صنعاء 24 رمضان 1435 من الهجرة.