إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

زكاة الفطر على الجنين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زكاة الفطر على الجنين



    زكاة الفطر على الجنين

    راجعها :
    الشيخ الفاضل/أبو عبد الرحمن عبد الرقيب بن علي الكوكباني
    حفظه الله ورعاه

    كتبها الفقير إلى الله:
    أبو فيروز عبد الرحمن الإندونيسي
    
    الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أما بعد:
    قد ورد سؤال من بعض الإخوة من بلدنا قال فيه: إن امرأتي لم تلد بعد، وهي الآن تحمل مدة تسعة أشهر، فهل نخرج عن الجنين الزكاة –يعني زكاة الفطر-؟
    قبل الشروع في الإجابة أذكر أن أحد الإخوة أرسل إليّ نصيحة ألا أتسرع في الفتوى.
    فأشكر له وأقول: (جزاكم الله خيرا) على هذه النصيحة، وأنا إن شاء الله لا أتسرع في الفتوى، وشعرت أني لست جديرا لذلك.
    أما إذا قد جاءني سؤال عما علمني الله، فالأصل تحريم كتمان العلم النافع. فعليّ جوابه بما علمني الله، لا بمجرد الرأي والعقل، وإنما بالدليل وإرشاد العلماء. قال الله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [آل عمران/187].
    قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله: فأوجب على من يسأل عن علم أن يجيب عنه وأن يبين ولا يكتم. ("معالم السنن"/3/ص 263).
    قال رسول الله سلى الله عليه وسلم: من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة . (أخرجه أحمد (7561) عن أبي هريرة رضي الله عنه بسند صحيح).
    قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله: والمعنى أن الملجم لسانه عن قول الحق والإخبار عن العلم والإظهار له يعاقب في الآخرة بلجام من نار. ("معالم السنن"/4/ص 185).
    قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: وقال بعض أهل العلم: إن الصغير المذكور في حديث عمر وما كان مثله من الأحاديث: إنما يراد به الذي يستفتى ولا علم عنده، وإن الكبير هو العالم في أي سن كان، وقالوا: الجاهل صغير وإن كان شيخًا، والعالم كبير وإن كان حدثًا. ("جامع بيان العلم" /1/ص 499-500/دار ابن الجوزي).
    وقال رحمه الله: ومما يدل على أن الأصاغر من لا علم عنده: ما ذكره عبد الرزاق وغيره، عن معمر، عن الزهري، قال: كان مجلس عمر مغتصًّا من القراء شبابًا وكهولًا، فربما استشارهم ويقول: لا يمنع أحدكم حداثة سنه أن يشير برأيه، فإن العلم ليس على حداثة السن وقدمه، ولكن الله يضعه حيث يشاء. ("جامع بيان العلم" /1/ص 501/دار ابن الجوزي).
    فالمهم أن الإنسان المجيب يستحضر مراقبة الله، وأنه سيُسأل عما قال، وأن خطأه ربما يكون سببا في ضلالة عدد ممن تبعه على الخطأ، فعليه التثبت قبل الجواب. قال الله تعالى: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى الله الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النحل/116، 117].
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه ومن أفتى فتيا بغير تثبت فإن إثمها على من أفتاه. (أخرجه إسحاق بن رحاويه برقم (334) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وحسنه الإمام الوادعي رحمه الله في "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" برقم (40)).
    فنشرع الآن في الجواب عن السؤال: هل على الجنين زكاة الفطر.
    فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. (أخرجه البخاري (1503) ومسلم (2326)، وهذا لفظ البخاري).
    هذا الحديث يدل على أن على كل مسلم حي في دار الدنيا إخراج الزكاة بيده أو يخرجها عنه غيره. إلا المسكين.
    فما حكم زكاة الفطر على الجنين؟
    قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: وأجمعوا على أن لا زكاة على الجنين في بطن أمه، وانفرد ابن حنبل: فكان يحبه ولا يوجبه. ("الإجماع" للإمام ابن المنذر/1/ص 47).
    نعم ، لا تجب على الجنين زكاة الفطر، ولكن ذلك ليس مجمعا عليه، فقد قال نزر من أهل العلم بوجوبها.
    قال ابن حزم رحمه الله: وأما الحمل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجبها على كل صغير أو كبير. والجنين يقع عليه اسم: صغير، فإذا أكمل مائة وعشرين يوما في بطن أمه قبل انصداع الفجر من ليلة الفطر وجب أن تؤدى عنه صدقة الفطر. (المحلى/6/ص 132).
    وذهب جماهير العلماء إلى عدم وجوبها. قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: المذهب أن الفطرة غير واجبة على الجنين . وهو قول أكثر أهل العلم . ("المغني"/6/ص20).
    فالقول الصواب أنها لست واجبة، وإنما هي صدقة مستحبة. قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: قال ابن المنذر : كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار لا يوجبون على الرجل زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه . وعن أحمد ، رواية أخرى أنها تجب عليه ؛ لأنه آدمي ، تصح الوصية له ، وبه ويرث فيدخل في عموم الأخبار ، ويقاس على المولود . ولنا أنه جنين فلم تتعلق الزكاة به ، كأجنة البهائم ولأنه لم تثبت له أحكام الدنيا إلا في الإرث والوصية ، بشرط أن يخرج حيا . إذا ثبت هذا فإنه يستحب إخراجها عنه ؛ لأن عثمان كان يخرجها عنه ، ولأنها صدقة عمن لا تجب عليه ، فكانت مستحبة كسائر صدقات التطوع. ("المغني"/6/ص20).
    ولما سئل شيخنا يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: هل تشرع صدقة الفطر على الحمل؟
    أجاب حفظه الله: أما على الحمل فقد قال بهذا جماعة من أهل العلم، لكن الذي يعضده الدليل أن صدقة الفطر إنما تكون على المولود، لحديث ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير على الذكر والأنثى والصغير والكبير والحر والعبد من المسلمين.
    وحديث أبي سعيد الذي في "الصحيحين" قال: (كنا نخرج الزكاة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من حنطة، أو قال: صاعا من زبيب أو صاعا من أقط ...). الحديث.
    شاهدنا : أن أصح ما في الباب من الأحاديث ليس فيه الزكاة على الحمل، وبهذا نقول: على أنه إنما الزكاة على من خرج من بطن أمه واستهل، وبه قال جماعة من أهل العلم. ("الكنز الثمين"/3/ص 260).
    وقد جاءت أخبار أن بعض الصحابة رضي الله عنهم يعطون زكاة الفطر عن الجنين، ولا يدل على وجوبها.
    قال الإمام بكر بن عبد الله المزني رحمه الله: إن عثمان كان يعطي صدقة الفطر ، عن الحبل. (أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10840) بسند صحيح إلى بكر، ولم يسمع من عثمان).
    وقال الإمام أبو قلابة رحمه الله: صدقة الفطر عن الصغير ، والكبير ، والحر ، والمملوك ، والذكر ، والأنثى ، قال : إن كانوا يعطون حتى يعطون عن الحبل. (أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10463) بسند صحيح).
    قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: إذا ثبت هذا فإنه يستحب إخراجها عنه ؛ لأن عثمان كان يخرجها عنه ، ولأنها صدقة عمن لا تجب عليه ، فكانت مستحبة كسائر صدقات التطوع. ("المغني"/6/ص20).
    وقد سئلت اللجنة الدائمة: هل تجوز الزكاة على الجنين في بطن أمه؟
    فأجابت: يستحب أن يخرج عن الجنين لفعل عثمان رضي الله عنه ولا تجب عليه؛ لأنها لو تعلقت به قبل ظهوره لتعلقت الزكاة بأجنة السوائم. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. (الفتوى رقم (3382)).
    سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل تدفع زكاة الفطر عن الجنين؟
    فأجاب رحمه الله: زكاة الفطر لا تدفع عن الحمل في البطن على سبيل الوجوب، وإنما تدفع على سبيل الاستحباب. ("مجموع فتاوى ورسائل العثيمين"/18/ص 263).
    قال شيخنا أبو عبد الله زايد بن حسن الوصابي حفظه الله: والصواب هو القول الأول، وأنه لا يجب إخراج زكاة الفطر على الجنين. فإن أخرج لا على أنه يجب لكن يستحب فلا بأس، والله أعلم. لكن يكون بعد نفخ الروح وتنفخ الروح بعد مائة وعشرين يوما لحديث عبد الله بن مسعود –وذكر الحديث- فهذا الحديث أخذ منه أهل العلم أن السقط قبل مائة وعشرين يوما لا يغسل، ولا يكفن ولا يصلى عليه، وبعد مائة وعشرين يوما يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين. وهكذا هنا زكاة الفطر إذا أخرجه عنه لا على أنه يجب ولكن يستحب، فلا بأس والله أعلم. وأما الوجوب كما قال ابن حزم فلا، لأن الحمل غير محقق، وأيضا لا يسمى صغيرا لغة ولا عرفا. ("أحكام الزكاة الفطر"/للشيخ زايد الوصابي/ص26/كنوز دماج).

    فالخلاصة: أن زكاة الفطر عن الجنين ليست واجبة. ومن قال باستحبابها (عن الجنين الذي له مائة وعشرون يوما في بطن أمه) عملا بصنيع بعض السلف فلا ينكر عليه.
    هذا ما يسر الله إجابته، عسى الله أن يبارك فيها، ونسأل الله أن ييسر وضع أطفال المسلمين بسلامة ورحمة وبركة من الله، ونسأل الله أن يرعاهم طيل حياتهم فيصيرون حسنات لآبائهم وأمهاتهم.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ». (أخرجه مسلم (4310) عن أبي هريرة رضي الله عنه).
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك». (أخرجه الإمام أحمد ((10610)/الرسالة)، وغيره وحسنه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند" رقم (1389) /دار الآثار).

    والله تعالى أعلم.
    والحمد لله رب العالمين
    دماج، 26 رمضان 1433 هـ


    التعديل الأخير تم بواسطة علي بن إبراهيم جحاف; الساعة 21-08-2012, 10:24 AM.

  • #2
    جزاك الله خيراً أخانا أبا عبد الرحمن
    وبارك الله في الأخ الأندونيسي

    تعليق


    • #3
      شكر الله لأخي أبي فيروز على جهوده الطيبة وجده واجتهاده في تحصيل العلم النافع
      أسأل الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين

      تعليق

      يعمل...
      X