من يعذر بترك الصيام في شهر رمضان وماذا يجب عليه
الحمد لله رب العالمين، شرع فيسر: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه... وبعد: -
نتحدث إليكم في هذا الدرس عن أحكام الصيام ونخص الحديث لبيان من يجوز لهم الإفطار في شهر رمضان وما يجب عليهم.قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ). وقال تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، في هاتين الآيتين الكريمتين وجوب الصيام على كل مسلم بالغ عاقل، خال من الموانع. أدرك شهر رمضان. فيلزمه الصيام أداء في شهر رمضان أو قضاء إن لم يتمكن من الصيام في رمضان لعذر من الأعذار الشرعية، وأصحاب هذه الأعذار الذين يرخص لهم في الإفطار هم:- المريض الذي يشق عليه الصيام فيستحب له أن يفطر أخذًا بالرخصة، وذلك إذا كان الصوم يضره أو يؤخر برأه أو يضاعف عليه المرض.- المسافر الذي حل عليه شهر رمضان وهو في سفر أو أنشأ سفرًا في أثناء الشهر تبلغ مسافته 80 كيلو مترًا فأكثر، وهي المسافة التي كان يقطعها الناس على الأقدام وسير الأحمال في مدة يومين قاصدين، فهذا المسافر يستحب له أن يفطر سواء شق عليه الصيام أو لم يشق، أخذًا بالرخصة، وسواء كان سفره طارئًا، أو مستمرًا كسائق سيارة الأجرة الذي يكون غالب وقته في سفر بين البلدان، فهذا يفطر في سفره ويصوم في وقت إقامته، وإذا قدم المسافر إلى بلده أثناء النهار وجب عليه الإمساك بقية اليوم ويقضيه كما سبق، وإن نوى المسافر في أثناء سفره إقامة تزيد على أربعة أيام لزمه الصوم وإتمام الصلاة كغيره من المقيمين، لانقطاع أحكام السفر في حقه، سواء كانت إقامته لدراسة أو لتجارة أو غير ذلك. وإن نوى إقامة أربعة أيام فأقل، أو أقام لقضاء حاجة لا يدري متى تنقضي فله الإفطار لعدم انقطاع أحكام السفر في حقه.- الحائض والنفساء: يحرم عليهما الصيام مدة الحيض والنفاس، لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنا نؤمر بقضاء الصوم ويحرم على الحائض أن تصوم في وقت الحيض بالإجماع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ثبت بالسنة وإجماع المسلمين أنه أي الحيض ينافي الصوم. فلا يحل مع الحيض أو النفاس. ومن فعله منهن حاله لم يصح منه - قال وهو وفق القياس، فإن الشرع جاء بالعدل في كل شيء، فصيامها وقت خروج الدم يوجب نقصان بدنها وضعفها وخروج صومها عن الاعتدال. فأمرت أن تصوم في غير أوقات الحيض. فيكون صومها ذلك صومًا معتدلاً، لا يخرج فيه الدم الذي يقوي البدن الذي هو مادته. بخلاف. المستحاضة، ومن ذرعه القيء مما ليس له وقت محدد يمكن الاحتراز منه فلم يجعل منافيًا للصوم.- المريض مرضًا مزمنًا لا يرجى برؤه ويعجز معه عن الصيام عجزًا مستمرًا، فهذا يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا بمقدار نصف صاع من البر أو غيره وليس عليه قضاء.- الكبير الهرم الذي لا يستطيع الصوم فهذا يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا ولا قضاء عليه [إذا كان عقله باقيًا، أما إذا لم يكن عنده عقل ولا فكر فلا شيء عليه].- الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما من ضرر الصيام فإن كلاهما تفطر وتقضي قدر الأيام التي أفطرتها، وإن كان إفطارها خوفًا على ولدها فقط أضافت مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم. والدليل على إفطار المريض المزمن والكبير الهرم والحامل والمرضع قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)، كما فسرها
بذلك ابن عباس رضي الله عنهما بذلك.