بعض كلام أهل العلم حول قوله (( صفدت الشياطين )) --------------------------------------------------------------------------------
روى البخاري ( 1899 ) ومسلم ( 1079 ) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ ).
وقد اختلف أهل العلم قديما وحديثا في معنى التصفيد المراد في الحديث فحاولت أن أقرب لإخواني وأضع بين يديهم كلام أهل العلم الموثوقين في الباب
فبالله التوفيق :
قال شيخ الإسلام في المجموع : (( ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين) فإن مجاري الشياطين الذي هو الدم ضاقت، وإذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات التي بها تفتح أبواب الجنة، وإلى ترك المنكرات التي بها تفتح أبواب النار، وصفدت الشياطين، فضعفت قوتهم وعملهم بتصفيدهم، فلم يستطيعوا أن يفعلوا في شهر رمضان ما كانوا يفعلونه في غيره، ولم يقل: إنهم قتلوا ولا ماتوا، بل قال: [صفدت] والمصفد من الشياطين قد يؤذى، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون في غير رمضان، فهو بحسب كمال الصوم ونقصه، فمن كان صومه كاملاً دفع الشيطان دفعًا لا يدفعه دفع الصوم الناقص ))
************************************************
قال الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث ناقلا عن الحليمي : " يحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر ".
وقال غيره - أي غير الحليمي - المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم .... وقوله صفدت ... أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت ....
قال عياض يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل اغواؤهم فيصيرون كالمصفدين ، قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن بن شهاب عند مسلم فتحت أبواب الرحمة ، قال ويحتمل أن يكون .... تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات .
قال الزين بن المنير والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره " فتح الباري 4/114
ونقل ابن حجر أيضاً عن القرطبي في معنى التصفيد: "أنها أي الشياطين تقل عن الصائمين في الصوم الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه".
أو المصفد بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم، كما تقدم في بعض الروايات.
أو المقصود تقليل الشرور فيه وهذا أمر محسوس فإن وقوع ذلك فيه أٌقل من غيره.
*********************************************
وقال ابن مفلح رحمه الله: "الشياطين تسلسل وتغل في رمضان على ظاهر الحديث، أو المراد مردة الشياطين كما ورد بهذا اللفظ".
*********************************************
هذا توجيه العلامة الشيخ / ابن عثيمين رحمه الله على الحديث من شريط، أربعون سؤلاًً في فقه وفضل القيام والصيام، للعلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
قال الشيخ: بين النبي صلى الله عليه وسلم المراد بهذا حين قال:( فلا يخلصون إلى ما كان يخلصون إليه من قبل) يعني لا يستطيعون أن يضلوا مثل ما أضلوا من قبل في بقية الشهور،
فهي لا تصفد مطلقاً بحيث لا تُغوي أحداً، بل هي تغوي لكنه ليس كإغوائها في غير رمضان، كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث:( فلا يخلصون إلى ما كان يخلصون إليه من قبل ) هذا وجه.
وجه آخر أن في بعض لفظ الحديث: (تصفد مردة الشياطين) يعني الأقوياء في شيطنتهم وعلى هذا فيكون من دونهم يمكن أن يوسوس للناس، لأن بعض الناس قال كيف تصفد الشياطين ونجد في بعض الناس من يزداد فسق في رمضان، نقول في هؤلاء تسلط عليهم من دون المردة، أو يقال أنه لولا رمضان لكان هذا الإغواء أكثر واشمل، وهذا الثاني: اعني التأويل الثاني أقرب للواقع لأن الواقع أن أهل الخير يكون إليهم رغبة في الخير وبعدُ عن الشر، وأهل اشر ربما يزداد شرهم في رمضان أهـ.
*********************************************
وقال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ كما جاء في مقدمة مجلة البحوث الاسلامية العدد 61 الخاص برمضان
وفي بعض الروايات : (( تقييد التصفيد والغل بمردة الشياطين )) ؛ فاختلفت أنظار العلماء في شرحه وبيانه فمنهم من قال :
إن التصفيد خاص بمردة الشياطين دون غيرهم تقليلا للشر في هذا الشهر ،
وقال بعضهم: إن هذا الفضل إنما يحصل للصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه ، وروعيت آدابه .
وقال آخرون -وهو الأقرب إلى الصواب بإذن الله-: إن تصفيد الشياطين على حقيقته ، ولا يلزم من تصفيد جميع
الشياطين أن لا يقع شر ولا معصية ؛ لأن لذلك أسبابا غير الشياطين ، كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة ، والشياطين الإنسية ، فالمقصود أنه وبكل حال فإن هذا الشهر فرصة لمن وفقه الله وفتح على قلبه للإقبال على طاعته ، والبعد عن معاصيه لتوفر أسباب ذلك ودواعيه . ويستفاد من هذا الحديث بزياداته فضيلة أخرى ، وهي أن لله في هذا الشهر عتقاء من النار وذلك كل ليلة . وفضائل هذا الشهر الكريم كثيرة عظيمة ذكرنا فيما مضى طرفا منها .
*********************************************
قال المباركفوري صاحب كتاب الرحيق المختوم
قال رحمه الله: .... ويمكن أن يكون التقييد كناية عن ضعفهم في الإغواء والإضلال , كذا في المرقاة . قال الحافظ في الفتح . قال عياض . يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين , ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين . قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية عند مسلم . فتحت أبواب الرحمة , قال ويحتمل أن يكون فتح الجنة عبارة عما يفتحه الله لعباده من الطاعات وذلك أسباب لدخول الجنة , وغلق أبواب النار عبارة عن صرف الهمم عن المعاصي الآيلة بأصحابها إلى النار . وتصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات . قال الزبير بن المنير : والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره . وأما الرواية التي فيها أبواب الرحمة وأبواب السماء فمن تصرف الرواة . والأصل أبواب الجنة بدليل ما يقابله وهو غلق أبواب النار قال الحافظ : وقال القرطبي بعد أن رجح حمله على ظاهره فإن قيل كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرا فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك , فالجواب أنها إنما تقل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه أو المصفد بعض الشياطين كما تقدم في بعض الروايات يعني رواية الترمذي والنسائي وهم المردة لا كلهم أو المقصود تقليل الشرور فيه . وهذا أمر محسوس فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره . إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية لأن لذلك أسبابا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الإنسية انتهى
روى البخاري ( 1899 ) ومسلم ( 1079 ) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ ).
وقد اختلف أهل العلم قديما وحديثا في معنى التصفيد المراد في الحديث فحاولت أن أقرب لإخواني وأضع بين يديهم كلام أهل العلم الموثوقين في الباب
فبالله التوفيق :
قال شيخ الإسلام في المجموع : (( ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين) فإن مجاري الشياطين الذي هو الدم ضاقت، وإذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات التي بها تفتح أبواب الجنة، وإلى ترك المنكرات التي بها تفتح أبواب النار، وصفدت الشياطين، فضعفت قوتهم وعملهم بتصفيدهم، فلم يستطيعوا أن يفعلوا في شهر رمضان ما كانوا يفعلونه في غيره، ولم يقل: إنهم قتلوا ولا ماتوا، بل قال: [صفدت] والمصفد من الشياطين قد يؤذى، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون في غير رمضان، فهو بحسب كمال الصوم ونقصه، فمن كان صومه كاملاً دفع الشيطان دفعًا لا يدفعه دفع الصوم الناقص ))
************************************************
قال الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث ناقلا عن الحليمي : " يحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر ".
وقال غيره - أي غير الحليمي - المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم .... وقوله صفدت ... أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت ....
قال عياض يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل اغواؤهم فيصيرون كالمصفدين ، قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن بن شهاب عند مسلم فتحت أبواب الرحمة ، قال ويحتمل أن يكون .... تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات .
قال الزين بن المنير والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره " فتح الباري 4/114
ونقل ابن حجر أيضاً عن القرطبي في معنى التصفيد: "أنها أي الشياطين تقل عن الصائمين في الصوم الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه".
أو المصفد بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم، كما تقدم في بعض الروايات.
أو المقصود تقليل الشرور فيه وهذا أمر محسوس فإن وقوع ذلك فيه أٌقل من غيره.
*********************************************
وقال ابن مفلح رحمه الله: "الشياطين تسلسل وتغل في رمضان على ظاهر الحديث، أو المراد مردة الشياطين كما ورد بهذا اللفظ".
*********************************************
هذا توجيه العلامة الشيخ / ابن عثيمين رحمه الله على الحديث من شريط، أربعون سؤلاًً في فقه وفضل القيام والصيام، للعلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
قال الشيخ: بين النبي صلى الله عليه وسلم المراد بهذا حين قال:( فلا يخلصون إلى ما كان يخلصون إليه من قبل) يعني لا يستطيعون أن يضلوا مثل ما أضلوا من قبل في بقية الشهور،
فهي لا تصفد مطلقاً بحيث لا تُغوي أحداً، بل هي تغوي لكنه ليس كإغوائها في غير رمضان، كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث:( فلا يخلصون إلى ما كان يخلصون إليه من قبل ) هذا وجه.
وجه آخر أن في بعض لفظ الحديث: (تصفد مردة الشياطين) يعني الأقوياء في شيطنتهم وعلى هذا فيكون من دونهم يمكن أن يوسوس للناس، لأن بعض الناس قال كيف تصفد الشياطين ونجد في بعض الناس من يزداد فسق في رمضان، نقول في هؤلاء تسلط عليهم من دون المردة، أو يقال أنه لولا رمضان لكان هذا الإغواء أكثر واشمل، وهذا الثاني: اعني التأويل الثاني أقرب للواقع لأن الواقع أن أهل الخير يكون إليهم رغبة في الخير وبعدُ عن الشر، وأهل اشر ربما يزداد شرهم في رمضان أهـ.
*********************************************
وقال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ كما جاء في مقدمة مجلة البحوث الاسلامية العدد 61 الخاص برمضان
وفي بعض الروايات : (( تقييد التصفيد والغل بمردة الشياطين )) ؛ فاختلفت أنظار العلماء في شرحه وبيانه فمنهم من قال :
إن التصفيد خاص بمردة الشياطين دون غيرهم تقليلا للشر في هذا الشهر ،
وقال بعضهم: إن هذا الفضل إنما يحصل للصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه ، وروعيت آدابه .
وقال آخرون -وهو الأقرب إلى الصواب بإذن الله-: إن تصفيد الشياطين على حقيقته ، ولا يلزم من تصفيد جميع
الشياطين أن لا يقع شر ولا معصية ؛ لأن لذلك أسبابا غير الشياطين ، كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة ، والشياطين الإنسية ، فالمقصود أنه وبكل حال فإن هذا الشهر فرصة لمن وفقه الله وفتح على قلبه للإقبال على طاعته ، والبعد عن معاصيه لتوفر أسباب ذلك ودواعيه . ويستفاد من هذا الحديث بزياداته فضيلة أخرى ، وهي أن لله في هذا الشهر عتقاء من النار وذلك كل ليلة . وفضائل هذا الشهر الكريم كثيرة عظيمة ذكرنا فيما مضى طرفا منها .
*********************************************
قال المباركفوري صاحب كتاب الرحيق المختوم
قال رحمه الله: .... ويمكن أن يكون التقييد كناية عن ضعفهم في الإغواء والإضلال , كذا في المرقاة . قال الحافظ في الفتح . قال عياض . يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين , ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين . قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية عند مسلم . فتحت أبواب الرحمة , قال ويحتمل أن يكون فتح الجنة عبارة عما يفتحه الله لعباده من الطاعات وذلك أسباب لدخول الجنة , وغلق أبواب النار عبارة عن صرف الهمم عن المعاصي الآيلة بأصحابها إلى النار . وتصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات . قال الزبير بن المنير : والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره . وأما الرواية التي فيها أبواب الرحمة وأبواب السماء فمن تصرف الرواة . والأصل أبواب الجنة بدليل ما يقابله وهو غلق أبواب النار قال الحافظ : وقال القرطبي بعد أن رجح حمله على ظاهره فإن قيل كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرا فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك , فالجواب أنها إنما تقل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه أو المصفد بعض الشياطين كما تقدم في بعض الروايات يعني رواية الترمذي والنسائي وهم المردة لا كلهم أو المقصود تقليل الشرور فيه . وهذا أمر محسوس فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره . إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية لأن لذلك أسبابا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الإنسية انتهى
تعليق