إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التوصية بآداب التذكية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التوصية بآداب التذكية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمدُ للهِ والصلاةُ والسَّلامُ عََلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى صحبهِ وَمَنْ والاهُ … أمَّا بَعَدُ:

    فهذا مُلخصُ أحكامِ التذكية جمعتُهُ منْ كُتبِ أهلِ العلم ، وباللهِ التوفيق .

    * إنَّ نعمَ اللهِ على العبادِ غيرُ محصيةٍ ، ولا محصورةٍ ، ومِنَنَهُ وعطاياهُ لعبادِهِ ظاهرةٌ مشهورةٌ ، قال تعالى : " أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ " ( لقمان : 20 ) .

    * وإنَّ تذكُّرَ نعمةِ الله على عبادِهِ أمرٌ واجب ، أمرَ اللهُ به في كتابِهِ ، ودعا إليه عامةَ رسلِهِ وأنبيائِِهِ .

    1 - و قال جلَّ وعلا : " وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " ( البقرة : 231 ) .

    2 - وقال سبحانه : " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ " ( آل عمران : 103 ) .

    3 - وقال سبحانه : " وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ " ( المائدة : 7 ) .

    4 - وقال سبحانه : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ " ( المائدة : 11 ) .

    5 - وقال : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا " ( الأحزاب : 9 ) .

    6 - قال اللهُ تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ " ( فاطر : 3 ) .

    7 وقال الله لنبيِّهِ صلى الله عليه وسلم : " وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ " ( الضحى : 11 ) .

    * وبهيمةُ الأنعامِ منْ متاعِ الدُّنيا ، قال الله جل وعلا : " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ " ( آل عمران : 14 ) .
    وقد أخبرنا اللهُ جلَّ وعلا أنَّ منافعَها كثيرةٌ ، بما لا غِنى للإنسانِ عنها ، فقال سبحانه : " وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ " ( غافر : 80 ) ، وقال سبحانه : " وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ " ( النحل : 6 ) .

    * وينبغي علينا أنْ نتعظَ ونعتبرَ بهذهِِ الأنعام ، قال سبحانه : " وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ " ( النحل : 66 ) .
    * ولحمُهُ حلالٌ أكلُه ؛ لقوله سبحانه : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنعَامِ " ( المائدة : 1 ) .

    * ومن شُكرِ هذِهِ النعمةِ ، أنْ لا تُنحرَ إلا في طاعةِ الله ومرضاتِه ، فمنها :

    1 - الهدي ، قال الله جل وعلا : " فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ " ( البقرة : 196 ) .

    2 - الأُضْحِيَة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعقبةَ بنِ عامر رضي الله عنه كما في البخاري : " ضَحِّ بِهِ أنتَ " .

    3 - العَقِيْقَة ؛ لحديث سمرة رضي الله عنه مرفوعاً : " كُلُّ مَولُودٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ " رواهُ أبوداود والترمذي وَصَحَّحَهُ الشيخان الألبَاني وَ الوَادعي .

    4 - الفِدْيَة ، و تكونُ منْ بهيمةِ الأنعام ، فمنها :
    أ - فِدَيةُ الإحِصَار، قال تعالى : " فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ " ( البقرة : 196 ) .
    ب - فِدْيَةُ من حَلَقَ رأسَهُ وَهْوَ مُحْرِمٌ ، قال تعالى : " فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ " ( البقرة : 196 ) .
    ج - فِدْيَةُ جَزاءِ الصَيْد ، قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ " ( المائدة : 95 ) .
    د - فِدْيَةُ مَنْ جَامعَ زَوْجَتَهُ في نهارِ رمضان ؛ لحديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه في الصَّحيحين .

    5 - الصَّدَقَة ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في الترمذي : " أنهم ذبحوا شاة ، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم : " مَا بَقِيَ مِنْهَا ؟ "، قَالَتْ : "مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُهَا " قَالَ : "بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا " وَصَحَّحَهُ الشيخان الألبَاني وَ الوَادِعي .
    6 النَّذْرُ وَهْوَ طَاعَة ، فلابدَّ أنْ يُصرفَ في طاعةِ الله ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أَوْفِ بِنَذْرِكَ " رواهُ أبوداود من حديثِ ثابتِ بنِ الضَّحاك رضي الله عنه وَصَحَّحَهُ الشيخان الألبَاني وَ الوَادِعي .
    7 الضِيَافَة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصاري الذي أضافهُ : " إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ " رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

    * وقد أُمرنا بالرفقِ بالحيوان ، ومن ذلكم :

    1 النهيُ عن تعذيبِ الحيوان ، فعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ " ، وفي رواية : " لا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلا سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأرْضِ " متفق عليه .

    - ومن تعذيبِ الحيوانِ حبسُهُ ورميُهُ بشيءٍ حتى يموت ، فقد جاء في الصحيحين من حديثِ أنسٍ رضي الله عنه قال : " نَهَى صلى الله عليه وسلم أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ " متفق عليه ، وفي مسلمٍ من حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما : " أنَّهُ مَرَّ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيْرًا وَهُمْ يَرْمُونَهُ ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَنْ فَعَلَ ؟!! هَذَا لَعَنْ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ مَنْ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا " وأيضاً جاءَ في مسلم من حديثِ ابن عباس رضي الله عنهما .

    - ومن تعذيبِ الحيوانِ وَسْمُهُ بالنَّارِ في وَجْهِهِ ، فقد روى مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ : " لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ " .
    - وكذا لا يجوزُ تعذيبُ البهائمِ بإحراقِهَا بالنَّار ، فقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " لا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلا رَبُّ النَّارِ " رواهُ أبوداود من حديثِ ابنِ مسعود رضي الله عنه وصححه الشيخ الألباني .

    2 - ومن الرفقِ به ، إعطائُهُ حظُهُ من المرعى عندما يُشاهدُ الكلأ والعشبَ ، ويمرُّ عليه ؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم : " إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَعْطُوا الإبِلَ حَظَّهَا مِنْ الأرْضِ ، وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي السَّنَةِ - أي الجذب - فَأَسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ ، وَإِذَا عَرَّسْتُمْ بِاللَّيْلِ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ فَإِنَّهَا مَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ " رواهُ مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

    * و كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَرفقُ بالحيوان ، ويقول : " اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً وَكُلُوهَا صَالِحَةً " رواهُ أبوداود من حديث سهل ابن الحنظلية رضي الله عنه وَصَحَّحَهُ الشيخان الألبَاني وَ الوَادِعي .
    * وقد اشتكى جملٌ من سوءِ معاملةِ مالكِه ، كما في حديث عبدالله بن جعفر رضي الله عنه قَالَ : " أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ ، وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ هَدَفًا أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ ، قَالَ : فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنْ الأنْصَارِ ، فَإِذَا جَمَلٌ ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ ، فَقَالَ : " مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ " ، فَجَاءَ فَتًى مِنْ الأنصَارِ ، فَقَالَ : لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : " أَفَلا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا ، فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ " رواهُ أحمد و أبوداود وَصَحَّحَهُ الشيخان الألبَاني وَ الوَادِعي.

    3 - ومن الرفقِ بها عدمُ تكليفِهَا مالا تطيقُ من الأعمال ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً لَهُ ، قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ الْبَقَرَةُ ، فَقَالَتْ : إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا ، وَلَكِنِّي إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ ، فَقَالَ النَّاسُ : سُبْحَانَ اللَّهِ - تَعَجُّبًا وَفَزَعًا - أَبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "بَيْنَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ ، عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ ، فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً ، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ ، فَقَالَ لَهُ : مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ ، يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي ، فَقَالَ النَّاسُ : سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ " مُتفقٌ عَليهِ وَ اللفظُ لِمُسْلِم .

    4 ومن الرفقِ بها تطييبُ علفِ الحيوانات ، فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْجَلالَةِ فِي الإبِلِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا أَوْ يُشْرَبَ مِنْ أَلْبَانِهَا " رواه أبوداود والترمذي وَصَحَّحَهُ الشيخان الألبَاني وَ الوَادِعي.
    - والجلالة : التي تأكلُ العذرةَ حتَّى تطهر .

    5 ومن الرفقِ بهم عدمُ لعنهم ؛ لحديث جابر رضي الله عنه في مسلم قال : " ... وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْقُبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنْ الأنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ ، فَأَنَاخَهُ فَرَكِبَهُ ثُمَّ بَعَثَهُ ، فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ ، فَقَالَ لَهُ شَأْ لَعَنَكَ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ هَذَا اللاعِنُ بَعِيرَهُ قَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " انْزِلْ عَنْهُ فَلا تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلا تَدْعُوا عَلَى أَوْلادِكُمْ وَلا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ " .

    - وأمَّا الدِّيك فلا يجوزُ حتَّى سبُّهُ ؛ لحديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه في سنن أبي داود مرفوعاً : " لا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلاةِ " وَصَحَّحَهُ الشيخان الألبَاني وَ الوَادِعي .

    * فالمسلمُ مطالبٌ أنْ يُحسنَ إلى هذهِ الحيوانات ، فبإحسانِهِ لهمْ يغفرُ اللهُ لهُ ذنوبَهُ ، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : " بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ " .

    - وقد قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " رواهُ مسلم من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه .
    ولذلك ما وقفتُ على كتابٍ من كتبِ الفقهِ إلا وقد طرقَ مؤلفُهُ بابَ ( آداب الذبح ) .

    * آدابُ الذبح :

    1 إحسانُ الذبح ، لِحديث شدَّاد بن أوس رضي الله عنه مرفوعاً : " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " رواه مسلم .

    2 إضجاعُ الذبيحة ؛ لحديث أَنَسِ بِنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ، وَيُسَمِّي ، ويُكَبِّرُ ، وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا ، وَيَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ " مُتفقٌ عليه .

    تنبيه : لا يُضجعها إلا وَقَد حَدَّ شفرتَهُ ؛ لحديثِ ابنِ عباس رضي الله عنهما مرفوعاً : " هلا حدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبَلَ أَنْ تُضْجَعَهَا " رواهُ الحاكمُ وَصَحَّحَهُ الشيخان الألبَاني وَ الوَادِعي .

    3 وضعُ قدمِهِ على صفحةِ عنقِها ؛ لحديثِ أنس رضي الله عنه المتقدم .
    4 توجيهُ الذبيحةِ إلى القبلة ؛ لأثر ابن عمر رضي الله عنهما في الموطأ (854 ) بإسنادٍ صحيح وفيه " وَيُوَجِهُهُنَّ إلِِىْ القِبْلَة " ، وفي مصنف عبدالرزاق (8585 ) بإسنادٍ صحيح عن معمر عن أيوب عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنه : " كانَ يَكْرَهُ أنْ يَأكُلَ ذَبِيْحَتَهُ إذَا ذُبِحَتْ لِغَيْرِ القِبْلَة " .

    5 التسميةُ والتكبير ؛ لحديثِ أنس رضي الله عنه المتقدم .

    6 يستحبُّ في النحرِ كلُّ ما يستحبُ في الذبح ، إلا أنَّ الإبلَ تُنحرُ قائمةً على ثلاث ، معقولة اليد اليسرى ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّهُ : " أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا قَالَ ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم " مُتفقٌ عليه ، و في البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : " نَحَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا " ، و لحديث جابر رضي الله عنهما : " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَنْحَرُونَ الْبَدَنَةَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ قَوَائِمِهَا " رواهُ أبوداود وصَحَّحَهُ الشيخُ الألباني .

    * ولابدَّ أنْ نعلمَ أنَّ التذكيةَ شرطٌ لإباحةِ أكلِ الحيوانِ مأكولِ اللحم ، ففي الصحيحين من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال : " يا رسول الله ، إِنَّنَا نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى فَقَالَ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلُوهُ مَا لَمْ يَكُنْ سِنٌّ وَلا ظُفُرٌ ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ " .

    * ويُشترطُ ليحلَّ أكلُ الحيوان المذكَّى شروط ، بعضُها يتعلقُ بالمذبوح ، وبعضُها بالذبح ، وأخرى بآلةِ الذبح .

    أولاً : شروطُ الحيوانِ المذبوح :
    1 - أنْ يكونَ حيَّاً وقتَ الذبح ، فلا يُذبحُ الحيوانُ الميّت ؛ لقولِ اللهِ تعالى : " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ " ( المائدة : 3 ).

    2 - أنْ يكونَ زهوقُ روحِهِ بمحضِ الذبح ؛ لحديثِ رافعِ بنِ خديج رضي الله عنه مرفوعاً : " مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلُوهُ " مُتفقٌ عليه .

    3- أنْ لا يكونَ من صيدِ الحرم ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في صيد الحرم بمكة : " وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا " مُتفقٌ عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

    ثانياً : شروطُ الذابح :

    1 - أنْ يكونَ عاقلاً ، فلا تصحُّ تذكيةُ المجنونِ ولا الصبي الذي لا يعقل ، ولا السكران ؛ لأنَّ غيرَ العاقلِ لا يصحُّ منهُ القصدُ إلى الذبحِ والتسمية ، وبه قالَ الجمهور .

    2 أنْ يكونَ مسلماً أو كتابياً ( يهودياً أو نصرانياً ) ؛ لقوله تعالى : " وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ " ( المائدة : 5 ) قال ابنُ عباس رضي الله عنهما : ذبائحهم .

    تنبيهٌ : إنَّما تَحلُّ ذبيحةُ الكتابي إذا لم يُعلمْ أنَّهُ ذَكَرَ عليها غيرَ اسمِ اللهِ تعالى ، فإنْ ذَكَرَ عليهِ اسمَ غيرِ اللهِ ، كأنْ يقولَ : باسمِ المسيحِ أو العذراءِ أو الصنمِ ، لم يُؤكلْ ؛ لقولهِ تعالى في بيانِ المحرَّمات : " إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ " ( البقرة : 173) .

    3 أنْ لا يكونَ مُحْرِمَاً إذا ذبحَ صيدَ البر ؛ لقوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ " ( المائدة : 95 ) ، وقال : " وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا " ( المائدة : 96 ) .

    4 - أنْ يُسميَ على الذبيحة ، فإنْ نسيَ التسميةَ فلا يَحلُّ لهُ أكلُها ؛ لأنَّ التسميةَ شرطٌ لصحةِ الذبيحة ، قال تعالى : " وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ " ( الأنعام : 121 ) ، ولحديثِ رافعِ بنِ خديج رضي الله عنه مرفوعاً : " مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلُوهُ " مُتفقٌ عليه .

    5 أنْ لا يُهلَّ بالذبحِ لغيرِ الله ، والمقصودُ به : تعظيمُ غيرِ اللهِ سواء كان برفعِ الصوتِ أم لا ، قال تعالى : " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ " ( المائدة : 3 ) ، ولحديثِ علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعاً : " لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ " رواهُ مسلم .

    ثالثاً : شروطُ آلةِ الذبح :

    1 أنْ تكونَ قاطعة ؛ لحديث شداد بن أوس رضي الله عنه مرفوعاً : "وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " رواهُ مسلم .

    2 أنْ لا تكونَ عظماً أو ظفراً ؛ لحديث رافع رضي الله عنه المتقدم : " مَا لَمْ يَكُنْ سِنٌّ وَلا ظُفُرٌ ".

    والحمد لله رب العالمين
    وكتب
    أبوعمَّار ياسر العدني
    حضرموت - المكلا
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمار ياسر العدني; الساعة 17-11-2009, 09:31 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرا ياأبا عمار وبارك فيك

    تعليق


    • #3
      جزاكَ اللهُ خيراً يا شيخ أبا عمار
      ورفعَ اللهُ قدركَ
      فقد أثريتَ هذه الشَّبكة بمقالاتك النَّافعة

      تعليق


      • #4
        جزاكم الله خيراً ونفع الله بكم

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة أبو أحمد ضياء التبسي مشاهدة المشاركة
          جزاكَ اللهُ خيراً يا شيخ أبا عمار
          ورفعَ اللهُ قدركَ
          فقد أثريتَ هذه الشَّبكة بمقالاتك النَّافعة
          ............................

          تعليق


          • #6

            ماأجمل كتابات الشيخ الفاضل ياسر الدبعي حفظه الله

            مختصرة وكثيرة الفوائد

            نسأل الله أن يزيدك من فضلة

            تعليق


            • #7
              جزاك الله خيرا يا أبا عمار .

              وقول أبي عمار :


              المشاركة الأصلية بواسطة أبو عمار ياسر العدني مشاهدة المشاركة
              4 - أنْ يُسميَ على الذبيحة ، فإنْ نسيَ التسميةَ فلا يَحلُّ لهُ أكلُها ؛ لأنَّ التسميةَ شرطٌ لصحةِ الذبيحة ، قال تعالى : " وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ " ( الأنعام : 121 ) ، ولحديثِ رافعِ بنِ خديج رضي الله عنه مرفوعاً : " مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلُوهُ " مُتفقٌ عليه .
              نعم بارك الله فيك التسمية شرط لصحة الذبيحة ولكن من نسي فالصحيح أن الذبيحة حلال وانظر ما قاله الإمام البخاري رحمه الله :
              بَاب التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ وَمَنْ تَرَكَ مُتَعَمِّدًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ نَسِيَ فَلَا بَأْسَ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ }وَالنَّاسِي لَا يُسَمَّى فَاسِقًا
              قَوْله ( بَاب التَّسْمِيَة عَلَى الذَّبِيحَة وَمَنْ تَرَكَ مُتَعَمِّدًا )
              أَشَارَ بِقَوْلِهِ مُتَعَمِّدًا إِلَى تَرْجِيح التَّفْرِقَة بَيْن الْمُتَعَمِّد لِتَرْكِ التَّسْمِيَة فَلَا تَحِلّ تَذْكِيَته وَمَنْ نَسِيَ فَتَحِلّ ، لِأَنَّهُ اِسْتَظْهَرَ لِذَلِكَ بِقَوْلِ اِبْن عَبَّاس وَبِمَا ذَكَرَ بَعْده مِنْ قَوْله تَعَالَى ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ ) ثُمَّ قَالَ " وَالنَّاسِي لَا يُسَمَّى فَاسِقًا " يُشِير إِلَى قَوْله تَعَالَى الْآيَة ( وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ) فَاسْتَنْبَطَ مِنْهَا أَنَّ الْوَصْف لِلْعَامِدِ فَيَخْتَصّ الْحُكْم بِهِ ، وَالتَّفْرِقَة بَيْن النَّاسِي وَالْعَامِد فِي الذَّبِيحَة قَوْل أَحْمَد وَطَائِفَة وَقَوَّاهُ الْغَزَالِيّ فِي " الْإِحْيَاء " مُحْتَجًّا بِأَنَّ ظَاهِر الْآيَة الْإِيجَاب مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ الْأَخْبَار، وَأَنَّ الْأَخْبَار الدَّالَّة عَلَى الرُّخْصَة تَحْتَمِل التَّعْمِيم وَتَحْتَمِل الِاخْتِصَاص بِالنَّاسِي فَكَانَ حَمْله عَلَيْهِ أَوْلَى لِتَجْرِي الْأَدِلَّة كُلّهَا عَلَى ظَاهِرهَا وَيُعْذَر النَّاسِي دُون الْعَامِد .
              قَوْله ( وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : مَنْ نَسِيَ فَلَا بَأْس )
              وَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيق شُعْبَة عَنْ مُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم فِي الْمُسْلِم يَذْبَح وَيَنْسَى التَّسْمِيَة قَالَ : لَا بَأْس بِهِ . وَبِهِ عَنْ شُعْبَة عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ أَبِي الشَّعْثَاء حَدَّثَنِي ( ع ) عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا ، وَأَخْرَجَ سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَاد فَقَالَ فِي سَنَدِهِ عَنْ ( ع ) يَعْنِي عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِيمَنْ ذَبَحَ وَنَسِيَ التَّسْمِيَة فَقَالَ : الْمُسْلِم فِيهِ اِسْم اللَّه وَإِنْ لَمْ يَذْكُر التَّسْمِيَة ، وَسَنَده صَحِيح ، وَهُوَ مَوْقُوف . وَذَكَرَهُ مَالِك بَلَاغًا عَنْ اِبْن عَبَّاس ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا .
              قَالَ الطَّبَرِيُّ : مَنْ قَالَ إِنَّ مَا ذَبَحَهُ الْمُسْلِم فَنَسِيَ أَنْ يَذْكُر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ لَا يَحِلّ فَهُوَ قَوْل بَعِيد مِنْ الصَّوَاب لِشُذُوذِهِ وَخُرُوجه عَمَّا عَلَيْهِ الْجَمَاعَة ، قَالَ : وَأَمَّا قَوْله ( وَإِنَّهُ لَفِسْق ) فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّ أَكْل مَا لَمْ يُذْكَر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ مِنْ الْمَيْتَة وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّه فِسْق ، وَلَمْ يَحْكِ الطَّبَرِيُّ عَنْ أَحَد خِلَاف ذَلِكَ . وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ كَوْن قَوْله ( وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ) مَنْسُوقًا عَلَى مَا قَبْله ، لِأَنَّ الْجُمْلَة الْأُولَى طَلَبِيَّة وَهَذِهِ خَبَرِيَّة وَهَذَا غَيْر سَائِغ ، وَرُدَّ هَذَا الْقَوْل بِأَنَّ سِيبَوَيْهِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ يُجِيزُونَ ذَلِكَ ، وَلَهُمْ شَوَاهِد كَثِيرَة ، وَادَّعَى الْمَانِع أَنَّ الْجُمْلَة مُسْتَأْنَفَة ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْجُمْلَة حَالِيَّة أَيْ لَا تَأْكُلُوهُ وَالْحَال أَنَّهُ فِسْق أَيْ لَا تَأْكُلُوهُ فِي حَال كَوْنه فِسْقًا ، وَالْمُرَاد بِالْفِسْقِ قَدْ بُيِّنَ فِي قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى ( أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) فَرَجَعَ الزَّجْر إِلَى النَّهْي عَنْ أَكْل مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّه ، فَلَيْسَتْ الْآيَة صَرِيحَة فِي فِسْق مَنْ أَكَلَ مَا ذُبِحَ بِغَيْرِ تَسْمِيَة ا ه ، وَلَعَلَّ هَذَا الْقَدْر هُوَ الَّذِي حَذَّرَتْ مِنْهُ الْآيَة ، وَقَدْ نُوزِعَ الْمَذْكُور فِيمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْآيَة وَمُنِعَ مَا اِدَّعَاهُ مِنْ كَوْن الْآيَة مُجْمَلَة وَالْأُخْرَى مُبَيِّنَة لِأَنَّ ثَمَّ شُرُوطًا لَيْسَتْ هُنَا .)) انتهى من فتح الباري لابن حجر باختصار .

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة خالد بن محمد الغرباني مشاهدة المشاركة
                جزاك الله خيرا يا أبا عمار .

                وقول أبي عمار :




                نعم بارك الله فيك التسمية شرط لصحة الذبيحة ولكن من نسي فالصحيح أن الذبيحة حلال وانظر ما قاله الإمام البخاري رحمه الله :
                بَاب التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ وَمَنْ تَرَكَ مُتَعَمِّدًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ نَسِيَ فَلَا بَأْسَ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ }وَالنَّاسِي لَا يُسَمَّى فَاسِقًا
                قَوْله ( بَاب التَّسْمِيَة عَلَى الذَّبِيحَة وَمَنْ تَرَكَ مُتَعَمِّدًا )
                أَشَارَ بِقَوْلِهِ مُتَعَمِّدًا إِلَى تَرْجِيح التَّفْرِقَة بَيْن الْمُتَعَمِّد لِتَرْكِ التَّسْمِيَة فَلَا تَحِلّ تَذْكِيَته وَمَنْ نَسِيَ فَتَحِلّ ، لِأَنَّهُ اِسْتَظْهَرَ لِذَلِكَ بِقَوْلِ اِبْن عَبَّاس وَبِمَا ذَكَرَ بَعْده مِنْ قَوْله تَعَالَى ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ ) ثُمَّ قَالَ " وَالنَّاسِي لَا يُسَمَّى فَاسِقًا " يُشِير إِلَى قَوْله تَعَالَى الْآيَة ( وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ) فَاسْتَنْبَطَ مِنْهَا أَنَّ الْوَصْف لِلْعَامِدِ فَيَخْتَصّ الْحُكْم بِهِ ، وَالتَّفْرِقَة بَيْن النَّاسِي وَالْعَامِد فِي الذَّبِيحَة قَوْل أَحْمَد وَطَائِفَة وَقَوَّاهُ الْغَزَالِيّ فِي " الْإِحْيَاء " مُحْتَجًّا بِأَنَّ ظَاهِر الْآيَة الْإِيجَاب مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ الْأَخْبَار، وَأَنَّ الْأَخْبَار الدَّالَّة عَلَى الرُّخْصَة تَحْتَمِل التَّعْمِيم وَتَحْتَمِل الِاخْتِصَاص بِالنَّاسِي فَكَانَ حَمْله عَلَيْهِ أَوْلَى لِتَجْرِي الْأَدِلَّة كُلّهَا عَلَى ظَاهِرهَا وَيُعْذَر النَّاسِي دُون الْعَامِد .
                قَوْله ( وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : مَنْ نَسِيَ فَلَا بَأْس )
                وَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيق شُعْبَة عَنْ مُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم فِي الْمُسْلِم يَذْبَح وَيَنْسَى التَّسْمِيَة قَالَ : لَا بَأْس بِهِ . وَبِهِ عَنْ شُعْبَة عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ أَبِي الشَّعْثَاء حَدَّثَنِي ( ع ) عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا ، وَأَخْرَجَ سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَاد فَقَالَ فِي سَنَدِهِ عَنْ ( ع ) يَعْنِي عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِيمَنْ ذَبَحَ وَنَسِيَ التَّسْمِيَة فَقَالَ : الْمُسْلِم فِيهِ اِسْم اللَّه وَإِنْ لَمْ يَذْكُر التَّسْمِيَة ، وَسَنَده صَحِيح ، وَهُوَ مَوْقُوف . وَذَكَرَهُ مَالِك بَلَاغًا عَنْ اِبْن عَبَّاس ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا .
                قَالَ الطَّبَرِيُّ : مَنْ قَالَ إِنَّ مَا ذَبَحَهُ الْمُسْلِم فَنَسِيَ أَنْ يَذْكُر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ لَا يَحِلّ فَهُوَ قَوْل بَعِيد مِنْ الصَّوَاب لِشُذُوذِهِ وَخُرُوجه عَمَّا عَلَيْهِ الْجَمَاعَة ، قَالَ : وَأَمَّا قَوْله ( وَإِنَّهُ لَفِسْق ) فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّ أَكْل مَا لَمْ يُذْكَر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ مِنْ الْمَيْتَة وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّه فِسْق ، وَلَمْ يَحْكِ الطَّبَرِيُّ عَنْ أَحَد خِلَاف ذَلِكَ . وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ كَوْن قَوْله ( وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ) مَنْسُوقًا عَلَى مَا قَبْله ، لِأَنَّ الْجُمْلَة الْأُولَى طَلَبِيَّة وَهَذِهِ خَبَرِيَّة وَهَذَا غَيْر سَائِغ ، وَرُدَّ هَذَا الْقَوْل بِأَنَّ سِيبَوَيْهِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ يُجِيزُونَ ذَلِكَ ، وَلَهُمْ شَوَاهِد كَثِيرَة ، وَادَّعَى الْمَانِع أَنَّ الْجُمْلَة مُسْتَأْنَفَة ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْجُمْلَة حَالِيَّة أَيْ لَا تَأْكُلُوهُ وَالْحَال أَنَّهُ فِسْق أَيْ لَا تَأْكُلُوهُ فِي حَال كَوْنه فِسْقًا ، وَالْمُرَاد بِالْفِسْقِ قَدْ بُيِّنَ فِي قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى ( أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) فَرَجَعَ الزَّجْر إِلَى النَّهْي عَنْ أَكْل مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّه ، فَلَيْسَتْ الْآيَة صَرِيحَة فِي فِسْق مَنْ أَكَلَ مَا ذُبِحَ بِغَيْرِ تَسْمِيَة ا ه ، وَلَعَلَّ هَذَا الْقَدْر هُوَ الَّذِي حَذَّرَتْ مِنْهُ الْآيَة ، وَقَدْ نُوزِعَ الْمَذْكُور فِيمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْآيَة وَمُنِعَ مَا اِدَّعَاهُ مِنْ كَوْن الْآيَة مُجْمَلَة وَالْأُخْرَى مُبَيِّنَة لِأَنَّ ثَمَّ شُرُوطًا لَيْسَتْ هُنَا .)) انتهى من فتح الباري لابن حجر باختصار .

                ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره بحث نفيس عند قول الله عزوجل:
                وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)

                وأن الذبيحة لاتحل إذا تركت التسمية عمدًا أو سهوًا

                تعليق


                • #9
                  بارك فيكم أنا ذكرت مختصر المسألة ، وأما إذا أردت التفصيل فالمسألة خلافية بين أهل العلم على ثلاثة أقوال :
                  القول الأول :
                  لا تحل هذه الذبيحة بهذه الصفة، وسواء متروك التسمية عمدًا أو سهوًا. وهو مروي عن ابن عمر، ونافع مولاه، وعامر الشعبي، ومحمد بن سيرين. ورواية لمالك، ورواية لأحمد .

                  القول الثاني :
                  أنه لا يشترط التسمية، بل هي مستحبة، فإن تركت عمدًا أو نسيانًا لم تضر وهذا مذهب الإمام الشافعي ورواية عن أحمد. رواية عن مالك، وحكي عن ابن عباس، وأبي هريرة، وعطاء بن أبي رباح .

                  القول الثالث :
                  أنه إن ترك البسملة على الذبيحة نسيانا لم يضر وإن تركها عمدًا لم تحل. وهو المشهور عن مالك، وأحمد بن حنبل أبي حنيفة وإسحاق بن راهويه: وهو محكي عن علي، وابن عباس، وسعيد بن المُسَيَّب، وعَطَاء، وطاوس، والحسن البصري، وأبي مالك، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وجعفر بن محمد، وربيعة بن أبي عبد الرحمن.


                  وقد فصلها الحافظ ابن كثير عند تفسير قوله تعالى : ((وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)) فراجعه فإنه نفيس


                  تعليق

                  يعمل...
                  X