[ فضائل عشر ذي الحجة ]
إنَّ الحَمدَ للهِ نحمَدهُ ونَسْتعِينهُ ونَسْتغفِرهُ ونَعُوذُ باللهِ منْ شُرورِ أنْفُسِنَا ومِن سَيِّئاتِ أعْمَالنَا ، منْ يَهْدهِ اللهُ فَلَا مُضلَّ لَهُ ومنْ يُضلِلْ فلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهدُ أنْ لَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريْكَ لَهُ ، وأشْهدُ أنَّ مُحمَّداً عَبدهُ ورسُولهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلهِ وسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران :102] .
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء : 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (*) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب : 70 ،71] .
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ علَيه وعلى آلهِ وسلَّم وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ .
ثم أما بعد:- هذه رسالة خاصة في بعض فضائل عشر ذي الحجة وكان أصلها محاضرة ألقيتها في مسجد السلام بمدينة هرجيسا من الصومال في ليلة الجمعة الموافق [ ٢ ذي الحجة ١٤٣٥ هـ ] أسأل الله أن بها الإسلام والمسلمين وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم .
واعلم رحمني الله وإياك أن عشر ذي الحجة اجمتع فيها أجل الطعات وأفضلها القربات وأفضل الأوقات وأهم وأعظم العبادات من توحيد الله وأقامة الصلوات والصيام والصدقات وفريضة الحج والعمرة وذبح الهدي والأضحية والعيد الأكبر .
وإن الفضائل في هذه العشرة من ذي الحجة عظيمة وكبيرة وكثيرة ومن أجل هذا أقسم الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم فقال عز من قائل: ﴿ وَالْفَجْرِ (*) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2] .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أما الفجر فمعروف، وهو: الصبح قاله علي، وابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والسدي وعن مسروق، ومجاهد، ومحمد بن كعب: المراد به فجر يوم النحر خاصة، وهو خاتمة الليالي العشر.
وقيل: المراد بذلك الصلاة التي تفعل عنده، كما قاله عكرمة.
وقيل: المراد به جميع النهار وهو رواية عن ابن عباس .
والليالي العشر: المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد، وغير واحد من السلف والخلف اهـ.
عشر ذي الحجة هي الأيام المعلومات
قال تعالى: ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (*) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (*) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (*) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (*) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ [الحج: 26 ، 30].قال العلامة السعدي رحمه الله: ﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ﴾ أي: يقضوا نسكهم، ويزيلوا الوسخ والأذى، الذي لحقهم في حال الإحرام اهـ .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: عن ابن عباس: الأيام المعلومات: أيام العشر، وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به ويروى مثله عن أبي موسى الأشعري، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، والضحاك، وعطاء الخراساني، وإبراهيم النَّخعي. وهو مذهب الشافعي، والمشهور عن أحمد بن حنبل اهـ.
فضل العمل الصالح في هذه الأيام
عَن عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ « مَا الْعَمَلُ فِى أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِى هَذِهِ » قَالُوا وَلاَ الْجِهَادُ قَالَ « وَلاَ الْجِهَادُ ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَىْءٍ » .رواه البخاري .
وعَن عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ » فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « وَلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَىْءٍ ». رواه الترمذي .
وعَن عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلاَ أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الأَضْحَى قِيلَ : وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ : وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ».
رواه الدارمي بسند حسن .
ومن فضائل عشر ذي الحج أن فيها يوم عرفة التي أكمل الله دينه
قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: هذه أكبر نعم الله ، عز وجل، على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم ، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم، صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خُلْف، كما قال تعالى: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا ﴾ [ الأنعام : 115 ] أي: صدقا في الأخبار، وعدلا في الأوامر والنواهي، فلما أكمل الدين لهم تمت النعمة عليهم ؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا ﴾ أي: فارضوه أنتم لأنفسكم، فإنه الدين الذي رضيه الله وأحبه وبعث به أفضل رسله الكرام، وأنزل به أشرف كتبه اهـ.
وعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ رضي الله عنه عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا قَالَ أَيُّ آيَةٍ قَالَ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ قَالَ عُمَرُ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ ".
متفق عليه .
فضل صيام يوم عرفة لغير الحاج
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِي رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ... وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ « يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ » وفي رواية « صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ». رواه مسلم .
ما أكثر من يعتق الله من النار يوم عرفة
عَن عَائِشَةُ قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ ». رواه مسلم.« يباهي » أي يفاخر
إن الله يباهي الملائكة بأهل عرفات
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ، يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ». رواه أحمد بسند حسن .وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: « إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا ».
رواه أحمد بسند حسن .
وعبد الله بْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَرَأَ ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ وَعِنْدَهُ يَهُودِىٌّ فَقَالَ لَوْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ عَلَيْنَا لاَتَّخَذْنَا يَوْمَهَا عِيدًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِى يَوْمِ عِيدٍ فِى يَوْمِ جُمُعَةٍ وَيَوْمِ عَرَفَةَ".
رواه الترمذي بسند حسن .
أفضل دعاء يوم عرفة
عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ".رواه الطبراني في فضل عشر ذي الحجة وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة [1503] بمجموع طرقه.
من فضائلها أن فيها الحج أحد أركان الإسلام
عَن عبدالله بْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « بُنِي الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالْحَجِّ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ » . متفق عليه
من فضائل الحج
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ « إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ » قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ « جِهَادٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ » قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ « حَجٌّ مَبْرُورٌ ». متفق عليه.
وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَفَلَا نُجَاهِدُ قَالَ « لَا لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ ».
رواه البخاري
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا ، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ ».
متفق عليه .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ ».
رواه الترمذي والنسائي في الكبرى والترمذي وأحمد بسند حسن
وعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ » .
متفق عليه .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ».
رواه مسلم .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ».
رواه الترمذي بسند حسن .
عَنِ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قَالَ « أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ".
رواه مسلم.
من فضائل عشر ذي الحجة أن فيها يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر
عَن عبد الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِى الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ فَقَالَ« أَيّ يَوْمٍ هَذَا » قَالُوا يَوْمُ النَّحْرِ قَالَ « هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ ». رواه أبو داود بسند حسن . يوم النحر هو يوم العيد .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ ».
رواه أبو بسند صحيح .
يوم القَرِّ: هو أيام التشريق لأن فيها قرار الحُجَّاج وجُلوسهم .
ومن فضائل عشر ذي الحجة العيد الأكبر
عَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهُنَّ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ».رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي بسند صحيح .
ومن فضائل عشر ذي الحج التقرب إلى الله بالهدي والأضحية
قال تعالى ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]:قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: والصحيح القول الأول، أن المراد بالنحر ذبح المناسك؛ ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العيد ثم ينحر نسكه ويقول: "من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك. ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له". فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله، إني نَسكتُ شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم يشتهى فيه اللحم. قال: "شاتك شاة لحم". قال: فإن عندي عناقا هي أحب إليَّ من شاتين، أفتجزئ عني؟ قال: "تجزئك، ولا تجزئ أحدا بعدك". اهـ رواه البخاري .
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا ».
رواه مسلم .
فضل أيام التشريق
قال تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قال ابن عباس: "الأيام المعدودات" أيام التشريق، و"الأيام المعلومات" أيام العَشْر. وقال عكرمة: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ يعني: التكبير أيامَ التشريق بعد الصلوات المكتوبات: الله أكبر، الله أكبر اهـ.
عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ».وفي رواية « وَذِكْرٍ لِلَّهِ ».
رواه مسلم .
وعن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عَنْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ وَأَوْسَ بْنَ الْحَدَثَانِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَنَادَى « أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ».
رواه مسلم .
المحافظة على الأعمال الصالحة في هذه الأيام وغيرها
عبادة الله وحده لا شريك له وأداء فريضة الحج والعمرة وتلاوة كتاب الله والمحافظة على الصلوات المفروضات والصدقة والإحسان إلى الجيران وصلة الأرحام وبر الوالدين والتوبة إلى الله وكثرة ذكر الله والأضحية والمداومة على السنن وأنواع البر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطلب العلم النافع والدعوة إلى الله والتوبة إلى الله والشكر لله والصبر على الطاعات والصبر عن المعاصي والصبر على أقدار الله والاستقامة على الحق .قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].
والابتعاد والاجتناب من أنواع المعاصي والذنوب من كذب وسرقة وزنا وشرب الخمر وشرب الدخان وأكل القات وأكل الربا وأكل مال اليتيم وغيرها من المنكرات .
قال تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].
عشر ذي الحج أفضل أم عشر الأواخر رمضان ؟
وَسُئِلَ شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:، عَنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟ فَأَجَابَ: أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ مِنْ رَمَضَانَ وَاللَّيَالِي الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ لَيَالِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ اهـ.
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله:وتوسط آخرون فقالوا: أيام هذا أفضل، وليالي ذاك أفضل وبهذا يجتمع شمل الأدلة، والله أعلم اهـ.
أيها أفضل يوم عرفة أم يوم الجمعة أم يوم النح أم يوم الفطر؟
أسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رحمه الله: أَيُّمَا أَفْضَلُ: يَوْمُ عَرَفَةَ أَوْ الْجُمْعَةِ أَوْ الْفِطَرِ أَوْ النَّحْرِ ؟ فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ، أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ يَوْمُ الْجُمْعَةِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَأَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: « أَفْضَلُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ ». لِأَنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: « يَوْمُ النَّحْرِ هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» وَفِيهِ مِنْ الْأَعْمَالِ مَا لَا يُعْمَلُ فِي غَيْرِهِ: كَالْوُقُوفِ بمزدلفة وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَحْدَهَا وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّ فِعْلَ هَذِهِ فِيهِ أَفْضَلُ بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
يوم الجمعة أفضل أم يوم النحر
وَسُئِلَ شيخ الإسلام رحمه الله: عَنْ يَوْمِ الْجُمْعَةِ وَيَوْمِ النَّحْرِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟فَأَجَابَ: يَوْمُ الْجُمْعَةِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَيَوْمُ النَّحْرِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ اهـ .
أي الأيام أفضل ؟
وَسُئِلَ شيخ الإسلام رحمه الله: عَنْ أَفْضَلِ الْأَيَّامِ ؟فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ، أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ يَوْمُ الْجُمْعَةِ ؛ فِيهِ خُلِقَ آدَمَ . وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا . وَأَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ : يَوْمُ النَّحْرِ كَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " « أَفْضَلُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ ».
كتبه:
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم
في مركز التوحيد بمدينة هرجيسا
من بلاد الصومال في يوم الخميس الموافق
[ ١ ذي الحجة ١٤٣٥ هـ ]
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم
في مركز التوحيد بمدينة هرجيسا
من بلاد الصومال في يوم الخميس الموافق
[ ١ ذي الحجة ١٤٣٥ هـ ]
تعليق