فتاوى في أحكام العيد ، للشيخ ابن عثيمين .
من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
كتابكم الكريم المؤرخ 72 من الشهر الماضي وصلني قبل أمس أي يوم الأربعاء 01 من الشهر الحالي، سرنا صحتكم الحمد لله على ذلك، ونسأل أن يديم علينا وعليكم نعمته، ويرزقنا شكرها.
كما سرنا كثيراً تكوين جمعية إسلامية من الطلبة والعمال المسلمين في المدينة التي أنتم فيها في....، تهتم هذه الجمعية بأمر الإسلام والمسلمين، فنسأل الله أن يثبتهم على ذلك، وأن يرزقهم البصيرة في دين الله، والحكمة في الدعوة إليه.وقد فهمت مشكلتكم في شأن صلاة العيد حيث لا يوجد لها مكان إلا ما حجز من صالات الجامعة في يوم معين قد لا يوافق يوم العيد إذا كان شهر رمضان تسعة وعشرين يوماً، ومن جهة أخرى إبلاغ الناس عن موعد صلاة العيد ومكانها.
وفهمت أيضاً ما أفتى به أحد أئمة المركز الإسلامي من جواز تأخير صلاة العيد إلى اليوم الثاني وما علل به ذلك.
والجواب على ذلك: أن صلاة العيد صلاة أمر بها الشارع، وحدد لها وقتاً معيناً هو أول يوم من شوال فلا يجوز أن يتعدى فيها ما حدده الشارع وتنقل إلى اليوم الثاني، كما لا يجوز نقل صلاة الجمعة إلى يوم السبت، فكلتا الصلاتين صلاة عيد في يوم عيد.
فأما مشكلة المكان بالنسبة لكم: فتزول إذا حجزتم المكان يومين: يوم الثلاثين، والحادي والثلاثين، فإن كان الشهر ثلاثين فإن الحجز على حسابكم في اليوم الأول، وأظن أن الأمر يسير، وإن كان الشهر تسعة وعشرين صليتم العيد في اليوم الأول، وجعلتم اليوم الثاني وقت اجتماع عادي وتداول لأموركم، أو ألغيتم حجزه.
وأما مشكلة إبلاغ الناس: فتزول إذا أعلنتم في الصحف المحلية بأنه متى ثبت دخول شوال فإن صلاة العيد ستقام في نفس اليوم، في المكان الفلاني.
فإذا لم يمكن زوال المشكلتين بما ذكرنا فثم شيء ثالث هو أن يقال: يحجز المكان في اليوم الحادي والثلاثين باعتبار أن شهر رمضان ثلاثون يوماً، ويقال: إن كان رمضان ثلاثين فالاجتماع في الحادي والثلاثين لصلاة العيد، وإن كان تسعة وعشرين فكل طائفة تجتمع في المكان الذي تستطيعه وتصلي صلاة العيد، ويكون الاجتماع العام في الحادي والثلاثين لإظهار السرور وإلقاء الخطب، وتداول الأمور والتعارف والتآلف بدون صلاة.
وبهذا يحصل المقصود من أداء صلاة العيد في الوقت الذي حدده من شرعها، ويحصل اجتماع المسلمين في أيام العيد وتعارفهم وتآلفهم، وتداول أمورهم فنحصل على الحسنيين بدون تعد لحدود الله تعالى.
وأما ما أفتى به بعض أئمة المركز الإسلامي من جواز تأخير صلاة العيد إلى اليوم الثاني فلا وجه له.
وأما ما احتج به من أن الخبر يتأخر وصوله في بعض القرى إلى قرب الزوال بحيث لا تمكن إقامة الصلاة قبله، فهذا ينظر فيه ويجعل لكل بلد حكمه، فما وصل إليه الخبر في وقت تمكن فيه المسلمون إقامة الصلاة فيه أقيمت، سواء كان مدينة، أم قرية، وسواء حضر من بقربه من القرى أم لم يحضر، وما لم يصل إليه الخبر إلا بعد الزوال أو قبله بوقت لا تمكن فيه إقامة الصلاة أجلت فيه الصلاة لليوم الثاني.
والخلاصة : أنه لا يجوز تأخير صلاة العيد عن يوم العيد إلا إذا لم يعلم به إلا بعد الزوال، أو قبله بزمن لا تمكن فيه إقامة الصلاة، وأن مشكلتكم تزول بحجز مكان للصلاة يومين فإن كان شهر رمضان ثلاثين صليت صلاة العيد في ثاني اليومين، وفات عليكم اليوم الأول، وإن كان رمضان تسعة وعشرين صليت صلاة العيد في أول اليومين، وألغيتم حجز اليوم الثاني، أو جعلتموه يوم اجتماع لتداول أموركم. فإن لم يمكن ذلك حجزتم المكان في اليوم الحادي والثلاثين وأعلنتم بأنه إن كان رمضان ثلاثين يوماً فالاجتماع في الحادي والثلاثين لصلاة العيد، وإن كان تسعة وعشرين فكل أهل بلد يصلون العيد في بلدهم بقدر المستطاع يوم العيد، والاجتماع في الحادي والثلاثين للتعارف والتآلف، وإظهار السرور وتداول الأمور.
هذا ما نراه في هذه المسألة والله الموفق والهادي إلى صراط مستقيم.
وهذا ما لزم شرفونا بما يلزم، بلغوا سلامنا زملاءكم، والله يحفظكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* * *
3331 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ : عن وقت صلاة العيد؟ وإذا لم يعلم الناس بالعيد إلا بعد الزوال فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله : وقت صلاة العيد من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال، إلا أنه يسن تقديم صلاة الأضحى وتأخير صلاة الفطر، لما روي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصلي صلاة عيد الأضحى إذا ارتفعت الشمس قيد رمح، وصلاة الفطر إذا ارتفعت قيد رمحين، ولأن الناس في عيد الفطر بحاجة إلى امتداد الوقت، ليتسع وقت إخراج زكاة الفطر، وأما عيد الأضحى فإن المشروع المبادرة بذبح الأضحية، وهذا لا يحصل إلا إذا قدمت الصلاة في أول الوقت.
* * *
4331 - سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ : ما الحكم لو لم يعلم الناس بالعيد إلا بعد زوال الشمس؟
فأجاب فضيلته بقوله : إذا لم يعلموا بالعيد إلا بعد زوال الشمس، فإنهم يفطرون في عيد الفطر، ويخرجون إلى الصلاة من الغد.
أما في عيد الضحى، فإنهم يخرجون إلى الصلاة من الغد، ولا يضحون إلا بعد صلاة العيد، لأن الأضحية تابعة للصلاة، والمشهور من المذهب أنهم يضحون إذا فاتت بالزوال، والأول أحوط.
* * *
5331 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ : عن حكم إقامة صلاة العيد في المساجد؟
فأجاب فضيلته بقوله: تكره إقامة صلاة العيد في المساجد إلا لعذر؛ لأن السنة إقامة العيد في الصحراء؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصليها في الصحراء(1)، ولولا أن الخروج أمر مقصود لما فعله، ولا كلف الناس الخروج إليه؛ ولأن الصلاة في المساجد يفوت إظهار هذه الشعيرة وإبرازها.
* * *
6331 - سئـل فضيلة الشيخ ـ رحمـه الله تعالى ـ : ما حكـم صلاة العيد في المسجد؟
فأجاب فضيلته بقوله: السنة في صلاة العيد أن تكون في الصحراء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخرج في صلاة العيد إلى الصحراء، مع أنه أخبر بأن الصلاة في مسجده «خير من ألف صلاة» ومع ذلك يدع الصلاة في مسجده ليخرج إلى المصلى فيصلي فيه، وعلى هذا فالسنة أن يخرج الناس إلى الصحراء؛ لأجل أن يقيموا هذه الصلاة التي تعتبر شعيرة من شعائر الإسلام، إلا أن الحرمين منذ أزمنة طويلة، وصلاة العيد تصلى في نفس المسجد الحرام، وفي نفس المسجد النبوي، وقد جرى المسلمون على هذا منذ أمد بعيد.
* * *
7331 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل صلاة العيد في الصحراء أفضل ولو في مكة والمدينة أو الحرم أفضل؟
فأجاب فضيلته بقوله: صلاة العيد في المصلى أفضل، لكن بمكة جرت العادة من قديم الزمان أنهم يصلون في المسجد الحرام، وكذلك المدينة كانوا يصلون في المسجد النبوي منذ أزمنة طويلة، لكن المدينة لا شك أن صلاتهم في المصلى أفضل، كما هو الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم، فقد كان عليه الصلاة والسلام يصلي صلاة العيد في الصحراء.
* * *
8331 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمـه الله تعالى ـ: إذا كـان هناك ضعفة من الناس داخل المدينة، فكيف تتم صلاة العيد لهم؟ ومتى يحل ذبح الأضحية؟ هل بعد صلاتهم أو بعد انتهاء صلاة الإمام الذي يصلي في مصلى العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: يقول أهل العلم: إنه إذا كان في البلد ضعفة، لا يستطيعون الخروج لمصلى العيد، فإنه يقام لهم صلاة عيد في البلد لأجل العذر، وحينئذ يتعلق ذبح الأضحية بأسبق الصلاتين، فإن سبقت صلاة العيد في المصلى جازت الأضحية، وإن سبقت صلاة العيد في البلد للضعفة جازت الأضحية.
ولو قال قائل: إن هذا يتعلق بصلاة الإنسان نفسه، فمن صلى مع أهل البلد في المصلى تعلق الحكم بصلاته في المصلى؛ ومن صلى مع الضعفة تعلق الحكم بصلاته مع الضعفة، أقول لو قال قائل بذلك لكان له وجه.
* * *
9331 - سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما السنة في صلاة العيد هل تُصلى في المسجد أو في الصحراء؟ فإذا كان الجواب أن السنة أن تفعل في الصحراء فإن البلد لايزال يكبر، فكلما جعل للعيد مصلى أحاطته الأبنية من كل جانب، فلم يصدق عليه أنه في الصحراء، أفيدونا مأجورين؟
فأجاب فضيلته بقوله: السنة في صلاة العيد أن تكون في الصحراء كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كَبُر البلد، فإنه ينبغي أن ينقل المصلى إلى الصحراء، وإذا لم ينقل فلا حرج، لأن كونها في الصحراء ليس على سبيل الوجوب بل هو على سبيل الاستحباب.
* * *
431 - سئـل فضيلـة الشيـخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا كـان الناس يصلون صلاة عيد الفطر في المسجد وخرج الإنسان لصلاة الفجر، فهل يأكل تمرات الإفطار قبل صلاة الفجر، أم الأفضل أن ينصرف إلى أهله ثم ينشىء خطى جديدة لصلاة العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان لا يمكن الرجوع، نقول: لا تخرج من البيت حتى تأكل، لأن خروجك نويته لصلاة الصبح وصلاة العيد، وإن كان يمكنه الرجوع فليرجع إذا صلى الفجر ليأكل التمرات ثم يرجع لصلاة العيد.
* * *
1431 - سئل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل قبل الفطر تمرات وتراً، هل هناك حد للوتر أو يشمل «ثلاث، خمس، سبع، تسع، إحدى عشرة.. وهكذا»؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا حد للوتر المطلوب في الكثرة، وإنما أقله ثلاث، لأنها أقل الجمع، والله أعلم.
* * *
2431 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما رأيكم فيما قاله الفقهاء ـ رحمهم الله ـ من أنه يسن الأكل من كبد الأضحية؟ وهل عليه دليل؟
فأجاب فضيلته بقوله: يسن الأكل من أضحيته، والأكل من الأضحية عليه دليل من الكتاب والسنة، قال تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ }. والنبي عليه الصلاة والسلام، أمر بالأكل من الأضحية، وأكل من أضحيته، فاجتمعت السنتان القولية، والفعلية.
وأما اختيار أن يكون الأكل من الكبد فإنما اختاره الفقهاء، لأنها أخف وأسرع نضجاً، وليس من باب التعبد بذلك.
* * *
3431 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما السنـة للإنسان قبل الصلاة في عيد الفطر، وعيد الأضحى؟
فأجاب فضيلته بقوله: السنة في عيد الفطر أن يأكل تمرات وتراً قبل أن يخرج إلى المصلى، وأما في عيد الأضحى، فالسنة أن يأكل من أضحيته التي يذبحها بعد الصلاة.
وأما الاغتسال فاستحبه طائفة من أهل العلم لصلاة العيد، ويستحب أيضاً أن يلبس أجمل ثيابه، ولو اقتصر على الوضوء، وعلى ثيابه العادية فلا حرج.
* * *
4431 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل السنة الذهاب لمصلى العيد ماشياً أو راكباً؟
فأجاب فضيلته بقوله: يسن أن يكون ماشياً إلا إذا كان يحتاج إلى الركوب فلا بأس أن يركب.
* * *
5431 - سئـل فضيلـة الشيـخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم حمل السلاح في صلاة العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: إن دعت الحاجة إلى حمله فليحمل وإلا فلا.
* * *
6431 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عندنا في بلدنا يخرج الحرس إلى مصلى العيد قبل قدوم الأمير، فإذا قدم ضربوا الطبول تحية له، ويصاحب الضرب على الطبول عزف بالموسيقى فما حكم ذلك؟ أفيدونا مأجورين.
فأجاب فضيلته بقوله: الضرب بالطبول لا يجوز، وإنما الضرب بالدف قد يرخص فيه، لكن ليس في وقت العبادة، ومكان العبادة.
* * *
7431 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما رأيكم فيما يقوله بعض الفقهاء من أن المعتكف يخرج للعيد في ثياب اعتكافه؟
فأجاب فضيلته بقوله: رأينا أن هذا خلاف السنة، وأن السنة في العيد أن يتجمل الإنسان سواء كان معتكفاً أم غير معتكف.
* * *
8431 - سئل فضيلة الشيخ: ـ رحمه الله تعالى ـ: هل تشرع صلاة العيد في حق المسافر؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا تشرع صلاة العيد في حق المسافر، كما لا تشرع الجمعة في حق المسافر أيضاً، لكن إذا كان المسافر في البلد الذي تقام فيه صلاة العيد فإنه يؤمر بالصلاة مع المسلمين.
* * *
9431 - سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما الحكمة من مخالفة الطريق يوم العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحكمة بالنسبة لنا:
أولاً: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذا من السنة.
ثانياً: من الحكم إظهار الشعيرة، شعيرة صلاة العيد في جميع أسواق البلد.
ثالثاً: ومن الحكم أيضاً أن فيه تفقداً لأهل الأسواق من الفقراء وغيرهم.
رابعاً: قالوا: ومن الحكم أيضاً أن الطريقين تشهدان له يوم القيامة.
* * *
531 - سئل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل لصلاة العيد أذان وإقامة؟
فأجاب فضيلته بقوله: صلاة العيد ليس لها أذان ولا إقامة، كما ثبتت بذلك السنة، ولكن بعض أهل العلم رحمهم الله قالوا: إنه ينادى لها «الصلاة جامعة»، لكنه قول لا دليل له، فهو ضعيف. ولا يصح قياسها على الكسوف، لأن الكسوف يأتي من غير أن يشعر الناس به، بخلاف العيد فالسنة أن لا يؤذن لها، ولا يقام لها، ولا ينادى لها، «الصلاة جامعة» وإنما يخرج الناس، فإذا حضر الإمام صلوا بلا أذان ولا إقامة، ثم من بعد ذلك الخطبة.
* * *
1531 - سئـل فضيلـة الشيـخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن عدد التكبيرات في العيدين؟
فأجاب فضيلته بقوله: عدد التكبيرات في صلاة العيدين مختلف فيه، اختلف فيه السلف والخلف، فمن كبر في الركعة الأولى سبعاً بتكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانية خمساً بعد القيام فحسن، ومن كبر خلاف ذلك فحسن أيضاً حيث ورد عن السلف.
* * *
2531 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكـم صلاة من اقتصر على تكبيرة الإحرام في صلاة العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: صلاته صحيحة إذا اقتصر على تكبيرة الإحرام، لأن التكبيرات الزائدة على تكبيرة الإحرام وتكبيرات الانتقال، سنة.
* * *
3531 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن كيفية صلاة العيدين؟
فأجاب فضيلته بقوله: كيفية صلاة العيدين أن يحضر الإمام ويؤم الناس بركعتين، يكبر في الأولى تكبيرة الإحرام ثم يكبر بعدها ست تكبيرات، ثم يقرأ الفاتحة، ويقرأ سورة «ق» في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية يقوم مكبراً، فإذا انتهى في القيام يكبر خمس تكبيرات، ويقرأ سورة الفاتحة، ثم سورة «اقتربت الساعة وانشق القمر» فهاتان السورتان كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في العيدين، وإن شاء قرأ في الأولى بسبح وفي الثانية بـ«هل أتاك حديث الغاشية».
واعلم أن الجمعة والعيدين يشتركان في سورتين، ويفترقان في سورتين، فأما السورتان اللتان يشتركان فيها فهما: سبح، والغاشية، والسورتان اللتان يفترقان فيها فهما في العيدين «ق» و«اقتربت»، وفي الجمعة «الجمعة» و«المنافقون» وينبغي للإمام إحياء السنة بقراءة هذه السور حتى يعرفها المسلمون ولا يستنكروها إذا وقعت، وبعد هذا يخطب الخطبة، وينبغي أن يخص شيئاً من الخطبة يوجهه إلى النساء يأمرهن بما ينبغي أن يقمن به، وينهاهن عن ما ينبغي أن يتجنبنه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
* * *
4531 - سئـل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: مـا حكـم رفع اليدين في تكبيرات صلاة العيد؟ وماذا يقال بينها؟
فأجاب فضيلته بقوله: رفع اليدين على المشهور من مذهب الحنابلة في صلاة العيدين أي في التكبيرات الزوائد وفي تكبيرة الإحرام سنة، فينبغي له أن يرفع يديه عند كل تكبيرة، أما تكبيرة الإحرام فقد ثبت فيها الحديث عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إلى حذو منكبيه عند تكبيرة الإحرام، أما بقية التكبيرات فإن فيها آثاراً عن الصحابة ولهذا اختلف العلماء هل ترفع الأيدي بعد تكبيرة الإحرام، أو لا ترفع؟ والمشهور من مذهب الحنابلة ـ كما تقدم ـ أنها ترفع.
وأما ما يقال بين التكبيرات: فمن العلماء من يقول: لا ذكر بينها.
ومنهم من يقول: إنه يحمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
والأمر في ذلك واسع ولله الحمد.
* * *
5531 - سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: متى يستفتح في صلاة العيد؟ هل يستفتح بعد تكبيرة الإحرام أو بعد التكبيرات؟
فأجاب فضيلته بقوله: يستفتح بعد تكبيرة الإحرام، هكذا قال أهل العلم، والأمر في هذا واسع حتى لو أخر الاستفتاح إلى آخر تكبيرة فلا بأس.
* * *
6531 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ماذا يقال بين كل تكبيرة وتكبيرة في صلاة العيدين؟ وما حكم هذه التكبيرات؟ وإذا فات الإنسان شيئاً منها هل يأتي بها؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس في ذلك ذكر محدود معين بل يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على أي صفة شاء، وإن تركه فلا بأس لأنه مستحب.
وأما حكم التكبيرات الزوائد فإنها سنة أيضاً وهي متأكدة.
وإذا فات الإنسان شيءٌ منها سقط ما فاته ولم يأت به، وكذلك إذا نسيه أو بعضه حتى شرع في القراءة فإنه لا يأتي به؛ لأنه سنة فات محلها، أما لو فاتته مع الإمام ركعة كاملة فإنه يأتي بتكبيرات تلك الركعة الفائتة.
* * *
7531 - سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ماذا يقال بين التكبيرات الزوائد في صلاة العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا أعلم سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، لكن الفقهاء قالوا: يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على محمد؛ لأنك إذا قلت: الحمد لله رب العالمين، والرحمن الرحيم، أثنيت على الله وحمدته، وإذا صليت على نبيه قلت: اللهم صل على محمد، لكن لا أعلم في هذا سنة.
ومن العلماء من قال: لا ذكر بينها. والأمر في ذلك واسع والحمد لله.
* * *
8531 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يرفع الإمام والمأموم يديه عند التكبير لصلاة العيدين وصلاة الجنازة أم لا يرفعها إلا في التكبيرة الأولى؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما الجنازة: فإنه يرفع يديه في كل تكبيرة؛ لأن ذلك صح من فعل ابن عمر رضي الله عنهما، وهذا العمل لا مجال للاجتهاد فيه، حتى نقول: لعله من اجتهاد ابن عمر، بل هو لا يكون إلا على سبيل التوقيت. وفعل ابن عمر هذا له حكم الرفع، وعلى هذا فالسنة في الصلاة على الجنازة أن يرفع الإنسان يديه عند كل تكبيرة، كما أن السنة أيضاً في الرفع في الصلاة أن يرفع الإنسان يديه عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، وأما الرفع عند كل تكبيرة، فقد ذكر المحقق ابن القيم رحمه الله: أن هذا من أوهام بعض الرواة حيث وهم فنقل قوله: «إن النبي صلى الله عليه وسلم يكبر كلما خفض ورفع» فقال: إنه كان يرفع يديه كلما خفض ورفع.
والثابت في الصحيحين عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما هو ما ذكرنا عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وثبت في البخاري ذلك عند القيام من التشهد الأول، وقال ابن عمر: «وكان لا يفعل ذلك في السجود»، وابن عمر من أشد الناس حرصاً على معرفة السنة والتمسك بها، ولا يمكن أن ينفي مثل هذا النفي القاطع وهو عن غير علم، وليس هذا من باب ما يقال إنه إذا تعارض المثبت والنافي قدم المثبت؛ لأن نفيه هنا مع إثباته الرفع عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، دليل على أن هذا النفي حكمه حكم الإثبات. وهذا ظاهر لمن تأمله، والقاعدة المعروفة عند أهل العلم (أن المثبت مقدم على النافي) ينبغي أن تقيد بمثل هذا وهو أن الراوي: إذا ذكر أشياء وفصلها ثم أثبت لبعضها حكماً ونفى هذا الحكم عن البعض الاۤخر، فإنه قد شهد الجميع، وتيقن أن هذا الحكم ثابت في هذا، ومنتف في هذا.
أما صلاة العيد فلا يحضرني فيها الاۤن سنة، لكن المشهور من مذهب الحنابلة ـ رحمهم الله ـ أنه يرفع يديه في كل تكبيرة.
* * *
9531 - سئـل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما الحكم لو نسي تكبيرات العيد حتى شرع في القراءة؟ هل يعيدها أم ماذا يفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: لو نسي التكبير في صلاة العيد، حتى قرأ سقط؛ لأنه سنة فات محلها، كما لو نسي الاستفتاح حتى قرأ فإنه يسقط.
* * *
631 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكـم التكبيرات الزوائد في صلاة العيد؟ وماذا يقال بين هذه التكبيرات؟ وما حكم رفع اليدين فيها؟
فأجاب فضيلته بقوله: حكم التكبيرات الزوائد سنة، إن أتى بها الإنسان فله أجر، وإن لم يأت بها فلا شيء عليه. لكن لا ينبغي أن يُخلّ بها حتى تتميز صلاة العيد عن غيرها.
وأما ما يقال بينها: فقد ذكر العلماء أنه يحمد الله، ويصلي على النبي، صلى الله عليه وسلم، وإن لم يفعل فلا حرج.
وأما رفع اليدين مع كل تكبيرة فهو سنة.
* * *
1631 - سئـل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما الحكم لو أدرك الإمام أثناء التكبيرات الزوائد؟
فأجاب فضيلته بقوله: سبق الجواب عليه إذا أدركه في أثنائه، أما إذا أدركه راكعاً فإنه يكبر للإحرام فقط، ثم يركع، وإذا أدركه بعد فراغه فإنه لا يقضيه لأنه فات.
* * *
2631 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما الحكم لـو أدركت الإمام وهو يصلي العيد وكان يكبر التكبيرات الزوائد، هل أقضي ما فاتني أم ماذا أعمل؟ أفيدوني أفادكم الله.
فأجاب فضيلته بقوله: إذا دخلت مع الإمام في أثناء التكبيرات، فكبر للإحرام أولاً، ثم تابع الإمام فيما بقي، ويسقط عنك ما مضى.
* * *
3631 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما السور التي يسن للإمام أن يقرأها في صلاة العيد بعد الفاتحة؟
فأجاب فضيلته بقوله: يستحب أن يقرأ إما سورة «ق»، و«اقتربت»، وإما سورة «سبح»، و«الغاشية» هذا هو السنة، وإن قرأ غيرهما فلا بأس.
* * *
4631 - سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يخطب الإمام في العيد خطبة واحدة أو خطبتين؟
فأجاب فضيلته بقوله: المشهور عند الفقهاء ـ رحمهم الله ـ أن خطبة العيد اثنتان لحديث ضعيف ورد في هذا، لكن في الحديث المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، وأرجو أن الأمر في هذا واسع.
* * *
5631 - سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما هو الثابت في خطبة العيد هل هي واحدة؟
فأجاب فضيلته بقوله: خطبة العيد: اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ فيها.
فمنهم من قال: إن العيد له خطبتان يجلس بينهما.
ومنهم من قال: ليس له إلا خطبة واحدة، ولكن إذا كانت النساء لا يسمعن الخطيب فإنه يخصص لهن خطبة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس يوم العيد نزل إلى النساء فوعظهن وذكرهن، وهذا التخصيص في وقتنا الحاضر لا نحتاج إلي؛ لأن النساء يسمعن عن طريق مكبرات الصوت فلا حاجة إلى تخصيصهن، لكن ينبغي أن يوجه الخطيب كلمة خاصة بالنساء كحثهن مثلاً على الحجاب والحشمة وما أشبه ذلك.
* * *
6631 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكـم الكلام أثناء خطبة العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذه المسألة محل خلاف بين العلماء ـ رحمهم الله ـ.
فمنهم من قال: إنه يحرم الكلام والإمام يخطب يوم العيد.
وقال آخرون: إنه لا بأس به؛ لأن حضورها ليس بواجب، فاستماعها ليس بواجب.
ولا شك أن من الأدب أن لا يتكلم؛ لأنه إذا تكلم أشغل نفسه، وأشغل غيره ممن يخاطبه، أو يسمعه ويشاهده.
* * *
7631 - سئـل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل السنـة أن يقوم الخطيب في خطبة العيد أو يصح أن يكون جالساً؟
فأجاب فضيلته بقوله: السنة في الخطبة في الجمعة والعيد أن يكون الخطيب قائماً كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
* * *
8631 - سئـل فضيلـة الشيخ: هل للعيد خطبة أم خطبتان؟ أفيدونا مأجورين.
فأجاب فضيلته بقوله: السنة أن تكون للعيد خطبة واحدة، وإن جعلها خطبتين فلا حرج؛ لأنه قد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لا ينبغي أن يهمل عظة النساء الخاصة بهن. لأن النبي عليه الصلاة والسلام وعظهن.
فإن كان يتكلم من مكبر تسمعه النساء فليخصص آخر الخطبة بموعظة خاصة للنساء، وإن كان لا يخطب بمكبر وكان النساء لا يسمعن فإنه يذهب إليهن، ومعه رجل أو رجلان يتكلم معهن بما تيسر.
* * *
9631 - سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يبتدىء الخطيب خطبة العيد بالاستغفار أو بالتكبير أو بماذا يبدأ؟ أفتونا مأجورين؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما الاستغفار فلا تستفتح به، ولا أعلم أحداً قال به.
وأما التحميد، أو التكبير فالعلماء مختلفون في هذا:
فمنهم من قال: تبدأ بالتكبير.
ومنهم من قال: تبدأ بالتحميد.
والأمر في هذا واسع، فهو إذا قال: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. فقد ابتدأ بالتحميد. فالجملة كأنها جملة واحدة، وإن قال الحمد لله، والله أكبر، ولا إله إلا الله، فقد بدأ بالتحميد ـ أيضاً ـ فالأمر في هذا واسع.
* * *
731 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكـم تقديم خطبة العيد على الصلاة؟ وما حكم حضور خطبة العيد؟ وهل هي شرط لصحة الصلاة؟
فأجاب فضيلته بقوله: تقديم خطبة العيدين على الصلاة بدعة أنكرها الصحابة رضي الله عنهم.
وأما حضورها فليس بواجب، فمن شاء حضر واستمع وانتفع، ومن شاء انصرف.
وليست شرطاً لصحة صلاة العيد، لأن الشرط يتقدم المشروط، وهي متأخرة عن صلاة العيد.
* * *
1731 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يسن للإمام أن يخطب على منبر في صلاة العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم، يرى بعض العلماء أنه سنة، لأن في حديث جابر رضي الله عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام، خطب الناس فقال: «ثم نزل فأتى النساء» قالوا: والنزول لا يكون إلا من مكان عالٍ، وهذا هو الذي عليه العمل.
وذهب بعض العلماء إلى أن الخطبة بدون منبر أولى، والأمر في هذا واسع إن شاءالله.
* * *
2731 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يعتبر مصلى العيد مسجد ويأخذ أحكام المسجد؟
فأجاب فضيلته بقوله: العلماء اختلفوا فيه هل هو مسجد أو مصلى: فمن قال: إنه مسجد أعطاه أحكام المساجد، ومن قال: إنه مصلى لم يعطه أحكام المساجد.
والفرق بين المسجد والمصلى ظاهر، فمثلاً إذا كان الإنسان اتخذ في بيته مكاناً ما يصلي فيه كما يوجد في البيوت قديماً فهذا مصلى وليس بمسجد، فلا تثبت له أحكام المساجد، أما إذا كان مسجداً فإنه تثبت له أحكام المساجد.
والظاهر من السنة أن مصلى العيد مسجد، وقد صرح بذلك أصحاب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ فقال في المنتهى «ومصلى العيد مسجد، لا مصلى الجنائز» فمصلى العيد مسجد، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في العيدين أن تخرج النساء العواتق وذوات الخدور، وأمر أن يعتزل الحيض المصلى، فهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه حكم المسجد، وبناء عليه نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» فإذا دخلت مصلى العيد فلا تجلس حتى تصلي ركعتين.
ومن العلماء من قال: حتى وإن كان مسجداً فلا تصل في مسجد العيد ركعتين تحية المسجد، كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما، وهذا ثابت في الصحيحين، ولكن ليس فيه دليل لما قالوا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المسجد فتقدم فصلى، فكانت صلاة العيد مجزئة عن تحية المسجد، كما لو دخل الإنسان والإمام يصلي فصلى مع الإمام أجزأته عن تحية المسجد، أما كونه لم يصل بعدهما فلأنه عليه الصلاة والسلام انصرف من صلاته إلى الخطبة، وليس لصلاة العيد راتبة بعدها، ونقول أيضاً هو في الجمعة عليه الصلاة والسلام لا يصلي قبلها ولا بعدها، فإذا جاء خطب وصلى، ثم انصرف إلى بيته وصلى ركعتين، فهو لم يصل قبل الخطبة ولا بعدها، فهل يقال: إن الرجل إذا جاء إلى مسجد الجامع يوم الجمعة لا يصلي قبل الجمعة، ولا بعدها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل قبلها ولا بعدها؟!
لا يقال بهذا، إذاً فلا فرق بين مصلى العيد، ومسجد الجامع، فإذا كان يصلي تحية المسجد يوم الجمعة إذا دخل حتى وإن كان الإمام يخطب، فليصل كذلك تحية المسجد إذا دخل مصلى العيد لأنه مسجد.
* * *
3731 - سئـل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا دخـل الإنسان مصلى العيد لأداء صلاة العيد، أو الاستسقاء فهل يؤدي تحية المسجد مع الأدلة؟ وما حكم من ينكر ذلك على المصلي في المصلى والكلام فيه في المجالس؟
فأجاب فضيلته بقوله: القول الراجح أن من دخل مصلى العيد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين»، ومصلى العيد مسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحيض أن يعتزلنه، ولولا أنه مسجد ما أمرهن باعتزاله، وقد صرح المتأخرون من أصحابنا أن مصلى العيد مسجد، قال في الإنصاف 1/642: " مصلى العيد مسجد على الصحيح من المذهب، قال في الفروع هذا هو الصحيح اهـ. وقال في المنتهى وشرحه آخر باب الغسل: ومصلى العيد لا مصلى الجنائز مسجد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «وليعتزل الحيض المصلى " اهـ. وقال في الإنصاف 2/134 ـ 234: " الصحيح من المذهب كراهة التنفل قبل الصلاة وبعدها في موضعها " . إلى أن قال: " وقيل يصلي تحية المسجد،اختاره أبو الفرج، وجزم به في الغنية، قال في الفروع: وهو أظهر ورجحه في النكت " اهـ. وذكر أقوالاً أخرى.
وأما من ينكر ذلك على فاعله، فلا وجه لإنكاره، والكلام فيه في المجالس غيبة محرمة، ويقال للمنكر: أنت لا تفعل ذلك، ولكن لا تنكر على غيرك إلا بدليل من الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، ولا شيء من ذلك في هذه المسألة.
وأما كون النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما فلا يدل على كراهة الصلاة قبلهما أو بعدهما؛ لأنه حين وصل المصلى شرع في صلاة العيد فأغنت عن تحية المسجد، ولما انتهى من الصلاة خطب الناس ثم انصرف.
* * *
4731 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: قلتـم إن مصلى العيد تشرع فيه تحية المسجد، فإذا كان المصلى خارج البلد ولم يسور فهل تشرع فيه تحية المسجد كذلك؟ وهل ينكر على من ترك التحية؟
فأجاب فضيلته بقوله: مصلى العيد يشرع فيه تحية المسجد كغيره من المساجد، إذا دخل فيه الإنسان لا يجلس حتى يصلي ركعتين، وإن كان خارج القرية؛ لأنه مسجد سواء سُور أو لم يُسور، والدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، «منع النساء الحيض أن يدخلن المصلى»، وهذا يدل على أنه له حكم المسجد.
ولا ينكر على من ترك التحية؛ لأن بعض العلماء قالوا لا تحية له، ولكن القول الراجح أنه يصلى فيه؛ لأن له تحية.
* * *
5731 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يعـد مصلى العيد مسجد فتسن له تحية المسجد؟ وهل يتنفل بغير تحية المسجد؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم مصلى العيد مسجد، ولهذا منع الرسول عليه الصلاة والسلام الحيض أن يمكثن فيه، وأمرهن باعتزاله، فعلى هذا إذا دخله الإنسان فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، ولكن لا يتنفل بغيرها، لا قبل الصلاة، ولا بعدها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل قبلها ولا بعدها لكن تحية المسجد لها سبب.
* * *
6731 - سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا جـاء الإنسان يوم العيد والإمام يخطب فهل يجلس أو يقضي صلاة العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا جاء الإنسان يوم العيد والإمام يخطب فقد انتهت الصلاة كما هو معلوم، ولكن لا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية للمسجد، فإن فقهاء الحنابلة ـ رحمهم الله ـ نصوا على أن مصلى العيد مسجد حكمه حكم المساجد ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحيض أن تعتزله، وهذا يدل على أن حكم حكم المساجد، وبناء عليه فإنه إذا دخله الإنسان لا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد.
أما قضاء صلاة العيد إذا فاتت فقد اختلف فيها أهل العلم.
فمنهم من قال: إنها تقضى على صفتها.
ومنهم من قال: إنها لا تقضى.
والقائلون بأنها لا تقضى يقولون: لأنها صلاة شرعت على وجه الاجتماع فلا تقضى إذا فاتت كصلاة الجمعة، لكن صلاة الجمعة يجب أن يصلي الإنسان بدلها صلاة الظهر؛ لأنها فريضة الوقت، أما صلاة العيد فليس لها بدل، فإذا فاتت مع الإمام فإنه لا يشرع قضاؤها، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وهو عندي أصوب من القول بالقضاء، والله أعلم.
* * *
7731 - سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل تقضى صلاة العيد إذا فاتت الإنسان؟
فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أنها لا تقضى، وأن من فاتته صلاة العيد سقطت عنه، بخلاف الجمعة، فإن الجمعة إذا فاتت الإنسان صلى الظهر، والفرق بينهما أن صلاة الظهر فرض الوقت، فإذا لم يتمكن الإنسان من صلاة الجمعة وجب أن يصلي الظهر، بخلاف العيد فإن العيد صلاة اجتماع إن أدرك الإنسان فيها الاجتماع وإلا سقطت عنه.
* * *
8731 سئـل فضيلـة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا دخل المصلي لصلاة العيد وكان الإمام قد انتهى من الركعة الأولى كيف يقضيها؟
فأجاب فضيلته بقوله: يقضيها إذا سلم الإمام بصفتها، أي يقضيها بتكبيرها.
راجع : مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين / المجلد السادس عشر
قلت هذا من باب أمانة النقل وإلا هناك كلام للعلماء في مسألة الجمعيات فليتنبه والله الموفق
تعليق