بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ؛ والحمد لله رب العالمين ؛ و العاقبة للمتقين ؛ و لا عدوان إلا على الظالمين ؛ و أشهد ألا إله إلا الله ، رب الطيبين ؛ و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ،الصادق الأمين و صلوات ربنا وسلامه عليه وعلى آله الذين نصروا السنة وقمعوا البدعة وعلى أصحابه الهداة المهتدين ومن سار على هديهم إلى يوم الدين ..وبعد :
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة - ثلاث مرات - قلنا : لمن يا رسول الله ؟ . قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (
وقوله ( بادروا بالأعمال الصالحة ) رواه مسلم إلى نهاية الحديث
ومن باب من سنّ سنة حسنة
قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من سنّ في الإسلام سنةُ حَسنةً فله أجرها وأجرُ من عَملَ بها مِن بعدِه مِن غير أن ينقص مِن أُجورهم شيء ) رواه مسلم .
فمِمَا أبتلينا به في بلادنا أناس ينكرون المسح و لا يعملون بهذه السنة ويضيقون على من يرونه يعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم و يعيبونَ عليه فعله وينكرون عليه و لو كانا ذالك بالاتجاه إلى المراكز الأمنية - والله المستعان – ولكن مما أثارا عجبي و حيرتي شاب أخبرَ يأن المسح يكون على الخفين فقط لا على الجوربين فأحببنا أن نجمع كلام أهل العلم و المشايخ في هذه المسألة المهمة وخاصة في الجورب لتعريف الناس بها و المساهمة في أحياء سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم و حتى نبين لشباب، و حتى يجدوا ما يصدون به شبهات أهل البدع والأهواء و بالله التوفيق :
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله :
من رحمة الله عز وجل أن خفف علينا بالنسبة للرجلين لأنهما موضع المشي وتتعرضان لبرودة الأرض وللصعوبة في أيام الشتاء فمن رحمة الله أن شرع لهذه الأمة المسح على الخفين في السنة وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين. كما قال الناظم:
مما تواتر حديث من كذب ومن بنى لله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذي بعض
المهم أن قوله : ومسح خفين يعني أنه مما تواترت به السنة ولهذا لم يخالف فيه أحد من أهل السنة، فكل أهل السنة والحمد لله مجمعون على المسح على الخفين وإن كانوا يختلفون في بعض الشروط.
والمهم أنه يجب على كل مسلم ومسلمة قبل أداء العبادة التحقق من شرطين تقدما ونذكرهما لأهميتهما وهما:
1. الإخلاص لله.
2. المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (المجلد18)
أولا :::ً من رسالة الشيخ محمد ين صالح العثيمين ( بحوث وفتاوى في المسح على الخفين ) – رحمه الله – القسم الثالث الفتوى :
باب المسح على الخفين
100) وسُئل - حفظه الله تعالى - عن شروط المسح على الخفين ؟
فأجاب قائلاً : يُشترط للمسح على الخفين أربعة شروط :
الشرط الأول : أن يكون لابساً لهما على طهارة. ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة : " دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين " .
الشرط الثاني : أن تكون الخفان أو الجوارب طاهرة ،فإن كانت نجسة فإنه لا يجوز المسح عليها ، ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صلى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلان فخلعهما في أثناء صلاته ، وأخبر أن جبريل أخبره بأن فيهما أذى أو قذرا ً ، وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة فيما فيه نجاسة ، ولأن النجس إذا مُسح عليه بالماء تلوث الماسح بالنجاسة .
الشرط الثالث : أن يكون مسحهما في الحدث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل ، ودليل ذلك حديث صفوان بن عسال - رضي الله عنه _ قال : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن ، إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم " . فيشترط أن يكون المسح في الحدث الأصغر، ولا يجوز المسح في الحدث الأكبر لهذا الحديث الذي ذكرناه .
الشرط الرابع : أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعاً، وهو يوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، لحديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : "جعل النبي صلى الله عليه وسلم للمقيم يوماً وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن". يعني في المسح على الخفين ، أخرجه مسلم . فهذه هي الشروط التي تُشترط للمسح على الخفين ، وهناك شروط أخرى ذكرها بعض أهل العلم ، وفي بعضها نظر .
95) سُئل فضيلة الشيخ : ما المقصود بالخفاف والجوارب ؟ ما حكم المسح عليهما ؟
فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله : المقصود بالخفاف : " ما يلبس على الرجل من جلد ونحوه " . والمقصود بالجوارب : " ما يلبس على الرجل من قطن ونحوه ، وهو ما يعرف بالشراب " .
والمسح عليهما هو السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن كان لابساً لهما فالمسح عليهما أفضل من خلعهما لغسل الرجل . ودليل ذلك : حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، توضأ ، قال المغيرة : فأهويت لأنزع خفيه فقال : " دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين " . فمسح عليهما .
ومشروعية المسح على الخفين ثابتة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أما كتاب الله ، ففي قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) (1)(سورة المائدة ) . فإن قوله تعالى ( وأرجلكم ) ، فيها قراءتان سبعيتان صحيحتان عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم .
إحداهما ( وأرجلَكم ) بالنصب عطفاً على قوله ( وجوهكم ) فتكون الرجلان مغسولتين . .
الثانية : ( وأرجلِكم بالجر عطفاً على ( رؤوسكم ) فتكون الرجلان ممسوحتين . والذي بين أن الرجل تكون ممسوحة أو مغسولة هي السنة فكان الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذا كانت رجلاه مكشوفتين يغسلهما ، وإذا كانتا مستورتين بالخفاف يمسح عليهما .
وأما دلالة السنة على ذلك : فالسنة متواترة في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الإمام رحمه الله : ليس في قلبي من المسح بشيء فيه أربعون حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه . ومما يذكر من النظم قول الناظم :
مما تواتر حديثُ من كذب ومن بنى الله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذي بعض
فهذا دليل على مسحهما من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
126) وسُئل فضلية الشيخ : عن كيفية المسح على الخفين ؟
فأجاب بقوله : كيفية المسح أن يمرَّ يده من أطراف أصابع الرِّجل إلى ساقه فقط ، يعني أن الذي يُمسح هو أعلى الخف فيمر يده من عند أصابع الرِّجل إلى الساق فقط ، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً ، يعني اليد اليمنى تَمسح الرِّجل اليمنى ، واليد اليسرى تمسح الرِّجل اليسرى في نفس اللحظة ، كما تُمسح الأذنان ، لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - " فمسح عليهما " ولم يقل بدأ باليمنى بل قال: " مسح عليهما " فظاهر السنة هو هذا . نعم لو فرض أن إحدى يديه لا يعمل بها فيبدأ باليمنى قبل اليسرى، وكثير من الناس يمسح بكلتا يديه على اليمنى وكلتا يديه على اليسرى ، وهذا لا أصل له فيما أعلم ، وإنما العلماء يقولون : يمسح باليد اليمنى على اليمنى ، واليد اليسرى على اليسرى . وعلى أي صفة مسح أعلى الخف فإنه يُجزيء لكن كلامنا هذا في الأفضل .
105) وسُئل فضيلة الشيخ : عن حكم المسح على الجورب المخرق والخفيف ؟
فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله : القول الراجح أنه يجوز المسح على الجورب المخرق والجورب الخفيف الذي تُرى من ورائه البشرة ، لأنه ليس المقصود من جواز المسح على الجورب ونحوه ان يكون ساتراً ، فإن الرِّجل ليست عورة يجب سترها، وإنما المقصود الرخصة على المُكلَّف والتسهيل عليه ، بحيث لا نُلزمه بخلع هذا الجورب أو الخف عند الوضوء ، بل نقول : يكفيك أن تمسح عليه ، هذه هي العلة التي من أجلها شُرع المسح على الخفين ، وهذه العلة - كما ترى - يستوي فيها الخف أو الجورب المخرق والسليم والخفيف والثقيل .
127) وسُئل فضيلة : عن حكم مسح أسفل الخف ؟
فأجاب فضيلته قائلاً : مسح أسفل الخف ليس من السنة ، ففي السنن من حديث علي بن ابي طالب - رضي الله عنه - قال : " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر خفيه " . وهذا يدل على أن المشروع مسح الأعلى فقط .
1135 وسئل فضيلة الشيخ: ما حكم المسح على الجزمة والشراب؟وما الفرق بين الخف و الجزمة؟
فأجاب فضيلته بقوله:الجزمة هي الخف,لكن الجزمة لها ساق قصيرة والخف ساقة أطول,وأما الجوارب فهي الشراب ,فإذا مسح الإنسان على الجزمة تعلق الحكم بها بحيث لو خلعها بعد ذلك,فإنه لا بد أن يتوضأ وضوءاً كاملاً عند إرادة الصلاة,وبعد انتقاض وضوئه,بمعنى أن الإنسان لو مسح على الجزمة ثم صلى ثم خلعها بعد ذلك,فله أن يصلي ما دام على طهارته,لكن إذا انتقض وضوئه فلا بد من أن يخلع الجزمة ويغسل قدميه؛لأن القاعدة التي ينبغي أن تفهم (أن كل ممسوح إذا نزع بعد مسحه فإنه لا يمكن إعادة المسح عليه إلا بعد الطهارة الكاملة) (المجلد15) .
1136 وسئل – وفقه الله تعالى - :البعض يمسح على الجزمة ويخلعها ويصلي بالجورب فهل فعله صحيح؟أم هل يجب المسح على الجورب؟وما هو الفرق بين الخف والحذاء؟
فأجاب فضيلته بقوله:إذا كان من عادة الإنسان أن يخلع الخف,فإننا ننصحه أن يمسح على الجوارب من الأول حتى لا يؤثر عليه خلع الخف بعد ذلك, أما إذا مسح على الخف ثم نزعه فإنه يبقى على طهارته كما قلنا في الجواب السابق,فإذا انتقضت طهارته فلا بد من أن يخلع الخف والجوارب التي تحته ويتوضأ وضوءاً كاملاً,والفرق بين الخف والحذاء,أن الخف ساتر للقدم,بخلاف الحذاء(المجلد15).
* * *
ثانياً::::::لشيخ بن باز – رحمه الله – باب المسح على الخفين :
كيفية المسح على الجوارب وشروطه
س : المسح على الجوارب كيف يكون؟ وما هي شروطه؟
ج : يجوز المسح على الجوربين إذا كانا ساترين للقدمين والكعبين ، كما يجوز المسح على الخفين إذا لبس الجوربين والخفين على طهارة كاملة . يوما وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، بدءا من المسح الأول بعد الحدث؛ لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة ما يدل على ذلك . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من المجلة العربية .
المسح على الشراب (الجورب)
س : حين الوضوء للصلاة أحيانا أكون لابسا الشراب وأمسح بيدي على الشراب بالماء ، مع العلم بأن الشراب نظيف ، هل هذا جائز؟
ج : المشروع للمسلم أن يمسح على الخفين أو الجوربين إذا لبسهما على طهارة ، وكانا ساترين للقدمين مع الكعبين؛ يوما وليلة إن كان مقيما ، وثلاثة أيام بلياليها إن كان مسافرا . وتبدأ مدة المسح : من بعد الحدث الذي بعد اللبس ، فإن خلعهما وغسل رجليه بعد غسل الوجه واليدين والمسح على الرأس والأذنين فلا بأس ، لكن ذلك خلاف السنة . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من المجلة العربية .
كيفية المسح على الجوارب
س : سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وفقه الله أرجو الإفادة عن كيفية المسح على الجوارب ، وهل هو بكلتا اليدين ، أم باليد اليمنى ، أم أمسح اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى؟ جزاكم الله خيرا .
ج : السنة : مسح اليمين باليد اليمنى ، واليسرى باليسرى؛
لقوله صلى الله عليه وسلم : إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم خرجه أهل السنن بإسناد صحيح . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من المجلة العربية .
حكم المسح على الجوارب المصنوعة من القطن أو الصوف أو النايلون ، وشروط المسح ، والصلاة بالحذاء
س : هل ينطبق المسح على الخفين على الجوارب المصنوعة من القطن أو الصوف أو النايلون المستعمل حاليا وما شروط المسح على الخفين ، وهل يجوز الصلاة بالحذاء؟
ج : يجوز المسح على الجوربين الطاهرين الساترين ، كما يجوز المسح على الخفين ، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين والنعلين ، ولما ثبت عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم مسحوا على الجوربين .
والفرق بين الجوربين والخفين : أن الخف : ما يصنع من الجلد ، أما الجورب : فهو ما يتخذ من القطن ونحوه .
ومن شروط المسح على الخفين والجوربين : أن يكونا ساترين لمحل الفرض ، وأن يلبسهما على طهارة ، وأن يكون ذلك خلال يوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، ابتداء من المسح بعد الحدث . عملا بالأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك .
وتجوز الصلاة في النعلين السليمتين من الأذى . لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه ، متفق على صحته ، ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد رضي الله عنه : إذا أتى أحدكم المسجد فليقلب نعليه فإن رأى فيهما أذى فليمسحه ثم ليصل فيهما أخرجه أحمد ، وأبو داود بإسناد حسن .
ولكن إذا كان المسجد مفروشا ، فالأحوط أن يجعلهما في مكان مناسب ، أو يضع إحداهما على الأخرى بين ركبتيه ، حتى لا يوسخ الفرش على المصلين .
والله ولي التوفيق .
نشرت في مجلة الدعوة في العدد ( 948 ) بتاريخ 26 / 9 / 1413 هـ ، وفي كتاب الدعوة ( الفتاوى ) لسماحته ، الجزء الثاني ص 62 . 63 .
وما هذا الجمع إلا قليلا من كثير و بعض ما وقفنا عليه فقط من دون البحوث و الفتاوى الكثيرة التي تنير العقل قصدنا بها وجه الله وبيان الحق ، فمن أبصر فلنفسه ، ومن عمي فعليها ، سدد الله الخطى وبارك في الجهود ، ونسأل الله التوفيق والسداد في الدنيا و الآخرة... والحمد لله الذي بنعمه تتم الصالحات...............
الحمد لله والصلاة والسلام على سول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ؛ والحمد لله رب العالمين ؛ و العاقبة للمتقين ؛ و لا عدوان إلا على الظالمين ؛ و أشهد ألا إله إلا الله ، رب الطيبين ؛ و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ،الصادق الأمين و صلوات ربنا وسلامه عليه وعلى آله الذين نصروا السنة وقمعوا البدعة وعلى أصحابه الهداة المهتدين ومن سار على هديهم إلى يوم الدين ..وبعد :
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة - ثلاث مرات - قلنا : لمن يا رسول الله ؟ . قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (
وقوله ( بادروا بالأعمال الصالحة ) رواه مسلم إلى نهاية الحديث
ومن باب من سنّ سنة حسنة
قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من سنّ في الإسلام سنةُ حَسنةً فله أجرها وأجرُ من عَملَ بها مِن بعدِه مِن غير أن ينقص مِن أُجورهم شيء ) رواه مسلم .
فمِمَا أبتلينا به في بلادنا أناس ينكرون المسح و لا يعملون بهذه السنة ويضيقون على من يرونه يعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم و يعيبونَ عليه فعله وينكرون عليه و لو كانا ذالك بالاتجاه إلى المراكز الأمنية - والله المستعان – ولكن مما أثارا عجبي و حيرتي شاب أخبرَ يأن المسح يكون على الخفين فقط لا على الجوربين فأحببنا أن نجمع كلام أهل العلم و المشايخ في هذه المسألة المهمة وخاصة في الجورب لتعريف الناس بها و المساهمة في أحياء سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم و حتى نبين لشباب، و حتى يجدوا ما يصدون به شبهات أهل البدع والأهواء و بالله التوفيق :
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله :
من رحمة الله عز وجل أن خفف علينا بالنسبة للرجلين لأنهما موضع المشي وتتعرضان لبرودة الأرض وللصعوبة في أيام الشتاء فمن رحمة الله أن شرع لهذه الأمة المسح على الخفين في السنة وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين. كما قال الناظم:
مما تواتر حديث من كذب ومن بنى لله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذي بعض
المهم أن قوله : ومسح خفين يعني أنه مما تواترت به السنة ولهذا لم يخالف فيه أحد من أهل السنة، فكل أهل السنة والحمد لله مجمعون على المسح على الخفين وإن كانوا يختلفون في بعض الشروط.
والمهم أنه يجب على كل مسلم ومسلمة قبل أداء العبادة التحقق من شرطين تقدما ونذكرهما لأهميتهما وهما:
1. الإخلاص لله.
2. المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (المجلد18)
أولا :::ً من رسالة الشيخ محمد ين صالح العثيمين ( بحوث وفتاوى في المسح على الخفين ) – رحمه الله – القسم الثالث الفتوى :
باب المسح على الخفين
100) وسُئل - حفظه الله تعالى - عن شروط المسح على الخفين ؟
فأجاب قائلاً : يُشترط للمسح على الخفين أربعة شروط :
الشرط الأول : أن يكون لابساً لهما على طهارة. ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة : " دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين " .
الشرط الثاني : أن تكون الخفان أو الجوارب طاهرة ،فإن كانت نجسة فإنه لا يجوز المسح عليها ، ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صلى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلان فخلعهما في أثناء صلاته ، وأخبر أن جبريل أخبره بأن فيهما أذى أو قذرا ً ، وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة فيما فيه نجاسة ، ولأن النجس إذا مُسح عليه بالماء تلوث الماسح بالنجاسة .
الشرط الثالث : أن يكون مسحهما في الحدث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل ، ودليل ذلك حديث صفوان بن عسال - رضي الله عنه _ قال : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن ، إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم " . فيشترط أن يكون المسح في الحدث الأصغر، ولا يجوز المسح في الحدث الأكبر لهذا الحديث الذي ذكرناه .
الشرط الرابع : أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعاً، وهو يوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، لحديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : "جعل النبي صلى الله عليه وسلم للمقيم يوماً وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن". يعني في المسح على الخفين ، أخرجه مسلم . فهذه هي الشروط التي تُشترط للمسح على الخفين ، وهناك شروط أخرى ذكرها بعض أهل العلم ، وفي بعضها نظر .
95) سُئل فضيلة الشيخ : ما المقصود بالخفاف والجوارب ؟ ما حكم المسح عليهما ؟
فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله : المقصود بالخفاف : " ما يلبس على الرجل من جلد ونحوه " . والمقصود بالجوارب : " ما يلبس على الرجل من قطن ونحوه ، وهو ما يعرف بالشراب " .
والمسح عليهما هو السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن كان لابساً لهما فالمسح عليهما أفضل من خلعهما لغسل الرجل . ودليل ذلك : حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، توضأ ، قال المغيرة : فأهويت لأنزع خفيه فقال : " دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين " . فمسح عليهما .
ومشروعية المسح على الخفين ثابتة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أما كتاب الله ، ففي قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) (1)(سورة المائدة ) . فإن قوله تعالى ( وأرجلكم ) ، فيها قراءتان سبعيتان صحيحتان عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم .
إحداهما ( وأرجلَكم ) بالنصب عطفاً على قوله ( وجوهكم ) فتكون الرجلان مغسولتين . .
الثانية : ( وأرجلِكم بالجر عطفاً على ( رؤوسكم ) فتكون الرجلان ممسوحتين . والذي بين أن الرجل تكون ممسوحة أو مغسولة هي السنة فكان الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذا كانت رجلاه مكشوفتين يغسلهما ، وإذا كانتا مستورتين بالخفاف يمسح عليهما .
وأما دلالة السنة على ذلك : فالسنة متواترة في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الإمام رحمه الله : ليس في قلبي من المسح بشيء فيه أربعون حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه . ومما يذكر من النظم قول الناظم :
مما تواتر حديثُ من كذب ومن بنى الله بيتاً واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذي بعض
فهذا دليل على مسحهما من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
126) وسُئل فضلية الشيخ : عن كيفية المسح على الخفين ؟
فأجاب بقوله : كيفية المسح أن يمرَّ يده من أطراف أصابع الرِّجل إلى ساقه فقط ، يعني أن الذي يُمسح هو أعلى الخف فيمر يده من عند أصابع الرِّجل إلى الساق فقط ، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً ، يعني اليد اليمنى تَمسح الرِّجل اليمنى ، واليد اليسرى تمسح الرِّجل اليسرى في نفس اللحظة ، كما تُمسح الأذنان ، لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - " فمسح عليهما " ولم يقل بدأ باليمنى بل قال: " مسح عليهما " فظاهر السنة هو هذا . نعم لو فرض أن إحدى يديه لا يعمل بها فيبدأ باليمنى قبل اليسرى، وكثير من الناس يمسح بكلتا يديه على اليمنى وكلتا يديه على اليسرى ، وهذا لا أصل له فيما أعلم ، وإنما العلماء يقولون : يمسح باليد اليمنى على اليمنى ، واليد اليسرى على اليسرى . وعلى أي صفة مسح أعلى الخف فإنه يُجزيء لكن كلامنا هذا في الأفضل .
105) وسُئل فضيلة الشيخ : عن حكم المسح على الجورب المخرق والخفيف ؟
فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله : القول الراجح أنه يجوز المسح على الجورب المخرق والجورب الخفيف الذي تُرى من ورائه البشرة ، لأنه ليس المقصود من جواز المسح على الجورب ونحوه ان يكون ساتراً ، فإن الرِّجل ليست عورة يجب سترها، وإنما المقصود الرخصة على المُكلَّف والتسهيل عليه ، بحيث لا نُلزمه بخلع هذا الجورب أو الخف عند الوضوء ، بل نقول : يكفيك أن تمسح عليه ، هذه هي العلة التي من أجلها شُرع المسح على الخفين ، وهذه العلة - كما ترى - يستوي فيها الخف أو الجورب المخرق والسليم والخفيف والثقيل .
127) وسُئل فضيلة : عن حكم مسح أسفل الخف ؟
فأجاب فضيلته قائلاً : مسح أسفل الخف ليس من السنة ، ففي السنن من حديث علي بن ابي طالب - رضي الله عنه - قال : " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر خفيه " . وهذا يدل على أن المشروع مسح الأعلى فقط .
1135 وسئل فضيلة الشيخ: ما حكم المسح على الجزمة والشراب؟وما الفرق بين الخف و الجزمة؟
فأجاب فضيلته بقوله:الجزمة هي الخف,لكن الجزمة لها ساق قصيرة والخف ساقة أطول,وأما الجوارب فهي الشراب ,فإذا مسح الإنسان على الجزمة تعلق الحكم بها بحيث لو خلعها بعد ذلك,فإنه لا بد أن يتوضأ وضوءاً كاملاً عند إرادة الصلاة,وبعد انتقاض وضوئه,بمعنى أن الإنسان لو مسح على الجزمة ثم صلى ثم خلعها بعد ذلك,فله أن يصلي ما دام على طهارته,لكن إذا انتقض وضوئه فلا بد من أن يخلع الجزمة ويغسل قدميه؛لأن القاعدة التي ينبغي أن تفهم (أن كل ممسوح إذا نزع بعد مسحه فإنه لا يمكن إعادة المسح عليه إلا بعد الطهارة الكاملة) (المجلد15) .
1136 وسئل – وفقه الله تعالى - :البعض يمسح على الجزمة ويخلعها ويصلي بالجورب فهل فعله صحيح؟أم هل يجب المسح على الجورب؟وما هو الفرق بين الخف والحذاء؟
فأجاب فضيلته بقوله:إذا كان من عادة الإنسان أن يخلع الخف,فإننا ننصحه أن يمسح على الجوارب من الأول حتى لا يؤثر عليه خلع الخف بعد ذلك, أما إذا مسح على الخف ثم نزعه فإنه يبقى على طهارته كما قلنا في الجواب السابق,فإذا انتقضت طهارته فلا بد من أن يخلع الخف والجوارب التي تحته ويتوضأ وضوءاً كاملاً,والفرق بين الخف والحذاء,أن الخف ساتر للقدم,بخلاف الحذاء(المجلد15).
* * *
ثانياً::::::لشيخ بن باز – رحمه الله – باب المسح على الخفين :
كيفية المسح على الجوارب وشروطه
س : المسح على الجوارب كيف يكون؟ وما هي شروطه؟
ج : يجوز المسح على الجوربين إذا كانا ساترين للقدمين والكعبين ، كما يجوز المسح على الخفين إذا لبس الجوربين والخفين على طهارة كاملة . يوما وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، بدءا من المسح الأول بعد الحدث؛ لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة ما يدل على ذلك . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من المجلة العربية .
المسح على الشراب (الجورب)
س : حين الوضوء للصلاة أحيانا أكون لابسا الشراب وأمسح بيدي على الشراب بالماء ، مع العلم بأن الشراب نظيف ، هل هذا جائز؟
ج : المشروع للمسلم أن يمسح على الخفين أو الجوربين إذا لبسهما على طهارة ، وكانا ساترين للقدمين مع الكعبين؛ يوما وليلة إن كان مقيما ، وثلاثة أيام بلياليها إن كان مسافرا . وتبدأ مدة المسح : من بعد الحدث الذي بعد اللبس ، فإن خلعهما وغسل رجليه بعد غسل الوجه واليدين والمسح على الرأس والأذنين فلا بأس ، لكن ذلك خلاف السنة . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من المجلة العربية .
كيفية المسح على الجوارب
س : سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وفقه الله أرجو الإفادة عن كيفية المسح على الجوارب ، وهل هو بكلتا اليدين ، أم باليد اليمنى ، أم أمسح اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى؟ جزاكم الله خيرا .
ج : السنة : مسح اليمين باليد اليمنى ، واليسرى باليسرى؛
لقوله صلى الله عليه وسلم : إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم خرجه أهل السنن بإسناد صحيح . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من المجلة العربية .
حكم المسح على الجوارب المصنوعة من القطن أو الصوف أو النايلون ، وشروط المسح ، والصلاة بالحذاء
س : هل ينطبق المسح على الخفين على الجوارب المصنوعة من القطن أو الصوف أو النايلون المستعمل حاليا وما شروط المسح على الخفين ، وهل يجوز الصلاة بالحذاء؟
ج : يجوز المسح على الجوربين الطاهرين الساترين ، كما يجوز المسح على الخفين ، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين والنعلين ، ولما ثبت عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم مسحوا على الجوربين .
والفرق بين الجوربين والخفين : أن الخف : ما يصنع من الجلد ، أما الجورب : فهو ما يتخذ من القطن ونحوه .
ومن شروط المسح على الخفين والجوربين : أن يكونا ساترين لمحل الفرض ، وأن يلبسهما على طهارة ، وأن يكون ذلك خلال يوم وليلة للمقيم ، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ، ابتداء من المسح بعد الحدث . عملا بالأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك .
وتجوز الصلاة في النعلين السليمتين من الأذى . لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه ، متفق على صحته ، ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد رضي الله عنه : إذا أتى أحدكم المسجد فليقلب نعليه فإن رأى فيهما أذى فليمسحه ثم ليصل فيهما أخرجه أحمد ، وأبو داود بإسناد حسن .
ولكن إذا كان المسجد مفروشا ، فالأحوط أن يجعلهما في مكان مناسب ، أو يضع إحداهما على الأخرى بين ركبتيه ، حتى لا يوسخ الفرش على المصلين .
والله ولي التوفيق .
نشرت في مجلة الدعوة في العدد ( 948 ) بتاريخ 26 / 9 / 1413 هـ ، وفي كتاب الدعوة ( الفتاوى ) لسماحته ، الجزء الثاني ص 62 . 63 .
وما هذا الجمع إلا قليلا من كثير و بعض ما وقفنا عليه فقط من دون البحوث و الفتاوى الكثيرة التي تنير العقل قصدنا بها وجه الله وبيان الحق ، فمن أبصر فلنفسه ، ومن عمي فعليها ، سدد الله الخطى وبارك في الجهود ، ونسأل الله التوفيق والسداد في الدنيا و الآخرة... والحمد لله الذي بنعمه تتم الصالحات...............