ما معنى قول ابن القيم عن التوحيد: إنه تؤثر فيه اللحظة واللفظة والشهوة الخفية؟
الجواب:
نقل صاحب فتح المجيد عند بيان قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام:82]، في (باب: التوحيد وما يكفر به من الذنوب)، مضمون ذلك أن من كمل توحيده كمل إيمانه، وإذا كمل إيمانه لا يحصل ‑مع كمال الإيمان وكمال التوحيد- اقتراف كبائر، وإن حصل تقصير في التوحيد؛ فإن صاحب ذلك التقصير قد تتراكم عليه أشياء من المعاصي، وينبغي أن ينتبه أن هذه الفقرة التي ذكرها ابن القيم فليس معناها: أن المعاصي دون الشرك تكون شركًا بالله، وإنما معناها أن: من كمل توحيده قوي إيمانه، فلا يقترف المعاصي؛ إذ تزجره طاعاته عن المعاصي، وبعض الناس ربما فهم من مثل هذه الفقرة أن الزنا والسرقة والكذب وقول الزور وما كان من هذا من الشرك بالله ويكون خارمًا للتوحيد.. وهذا ليس بصحيح.فالمعاصي ‑مثل هذه- لا تكون من الشرك برب العزة والجلال، فإن الله يقول: ﴿إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء:48]، فالآية تدل على أن ما دون الشرك بالله مغفور، وهذا يجعل المعاصي من الشرك وأنها كلها غير مغفورة، وهذا خلاف نص القرآن.فهذا حاصله: أن المعاصي من الزنا والسرقة وما كان من ذلك دون الشرك بالله كله يدخل تحت مشيئة الله عز وجل، وعامة أهل العلم على التفريق بين الشرك وما دونه من الذنوب، وإنما لم يفرقوا بين الشرك وما دونه الخوارج والمعتزلة والرافضة.. الذين يرون أن مرتكب أي كبيرة ومات عليها لا فرق بينه وبين المشرك الكافر بالله عز وجل في الخلود في النار.