إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الوقوف على أحكام صلاة الكسوف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الوقوف على أحكام صلاة الكسوف

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله حمد الشاكرين ، والصلاة والسلام على نبي الأولين والآخرين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد :
    فهذا بحث مختصر كتبته فيما يتعلق بصلاة الكسوف ؛ تسهيلاً للناس في معرفة أمور دينهم ، وقد استفدت ممن كتب في هذا المضمار ، وبالله أستعين ، فأقول :
     تعريفها : هو انحجاب ضوء أحد النيرين ( الشمس والقمر ) أو بعضه ، وتغيره إلى السواد .
     فرَّق العلماء بين الكسوف والخسوف ، فمنهم من قال :
    1-الكسوف للشمس ، والخسوف للقمر ، وهذا أشهر .
    2-وقيل : بالكاف في الابتداء ، وبالخاء في الانتهاء .
    3-وقيل : بالكاف لذهاب جميع الضوء ، وبالخاء بعضه .
    4-وقيل : بالخاء لذهاب كل اللون ، وبالكاف لتغيره .
     صفة صلاة الكسوف جاءت عن عدة من الصحابة ، فقد جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس و عبدالله بن عمرو بن العاص و أبي موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة وأبي مسعود الأنصاري وعائشة وأسماء ، وفي البخاري من حديث أبي بكرة ، وفي مسلم من حديث جابر بن عبدالله و عبدالرحمن بن سمرة ، وخارج الصحيح جاء عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم ، وقد أحصاهم الشيخ الألباني في كتابه ( صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الكسوف ) .
     صلاة الكسوف والخسوف ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.
    * أما الكتاب ، فقد استنبطها العلماء من قوله تعالى :  وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ .
    * وأما السنَّة ، فقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عائشة وغيرها مرفوعاً : " فإذا رأيتم منها شيئاً فصلُّوا " .
    * وأما الإجماع ، فقد حكى مشروعيتها غير واحد من أهل العلم . انظر ( موسوعة الإجماع ) لسعدي أبوجيب (2/718).
    كانت العرب تعتقد أنَّ كسوف الشمس أو القمر لموت عظيم أو لحياته ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاعتقاد بقوله : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته " متفق عليه من حديث عائشة .
     وسبب الكسوف هو ما بيَّنهُ النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله يخوف بهما عباده ، ففي صحيح البخاري من حديث أبي بكرة قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الله تعالى يُخوِّف بهما عباده" .
    * فائدة : سئل الشيخ ابن عثيمين عن سبب الكسوف ؟
    فأجاب بقوله رحمه الله : (( الكسوف له سبب حسي ، وسبب شرعي ، فالسبب الحسي في كسوف الشمس أن القمريحول بينها وبين الأرض ، فيحجبها عن الأرض إما كلها أو بعضها ، وكسوف القمر سببه الحسي : حيلولة الأرض بينه وبين الشمس ؛ لأنه يستمد نوره من الشمس ، فإذا حالت الأرض بينه وبين الشمس ، ذهب نوره أو بعضه)) .اهـ (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين) (16/ 287) .
    * أما ابن العربي فقد رد هذا التعليل من سبعة أوجه ، منها :
    أولاً : أنَّ الشمس أضعاف القمر في الجرمية ، فكيف يحجب الصغير ُالكبيرَ.
    ثانياً : أنَّ الشمس إذا كانت تغطيه بنورها ، فكيف يحجب الصغيرُ الكبيرَ إذا قابلهُ ، ولا يأخذ عُشره .
    ثالثاً : إذا كان نور القمر قليلاً ونور الشمس كثيراً ، فكيف يظلم الكثير بالقليل ؟ لاسيما وهو من جنسه أو من بعضه . وانظر بقية الردود في ( عارضة الأحوذي على سنن الترمذي ) (3/38-40).
     والصحابة كانوا يعدُّون هذه الآيات بركة من الله ، فقد روى البخاري في صحيحه (3579) بسنده إلى عبدالله بن مسعود أنه قال : " كنا نعد الآيات بركة من الله ، وأنتم تَعُدُّونها تخويفاً ".
    * وقد بوَّب ابن حبان في صحيحه ( 2843 ) على هذا الأثر: (( ذكر ما يجب على المرء أن يتبرك برؤية كسوف الشمس والقمر ، فيحدث لله توبة أو يقدم لنفسه طاعة)). اهـ
     فوائد الكسوف :
    قال بعضهم في الكسوف سبع فوائد:
    إحداها: ظهور التصرف في الشمس والقمر ، وهما خلقان عظيمان.
    الثانية: أن يبين بتغييرهما تغير شأن ما بعدهما.
    الثالثة: إزعاج القلوب الساكنة بالغفلة وإيقاظها ، فإنَّ المواعظ شأنها ذلك.
    الرابعة: ليرى الناس أنموذج ما سيجري في القيامة  وَخَسَفَ الْقَمَرُ  وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ  .
    الخامسة: أنهما يوجدان في حال الكمال ويَكسفان ، ثم يلطف بهما ، ويُعادان إلى ما كانا عليه ؛ تنبيهاً على خوف المكر ورجاء العفو.
    السادسة: إعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب له ، فيحذر من له ذنب.
    السابعة: أنَّ الناس قد أنسوا بالصلوات المكتوبات ، فيأتونها من غير إنزعاج ولا خوف ، فأتى بهذه الآية ، وسبب لهما هذه الصلاة ليفعلوها بانزعاج وتخوف ، ولعل بركة ذلك يصير ذلك عادة لهم في المفروضات اهـ ( غاية الأحكام ) للطبري (3/252-253) .
    * الأعمال التي ينبغي فعلها وقت الكسوف *
    أولاً : النداء .
     يُستحب النداء لصلاة الكسوف والخسوف ، ويقال ( الصلاة جامعة ) مرتين أو ثلاثاً ، بحيث يُعلم أو يغلب على ظنه أن الناس قد سمعوا ، وفي الليل قد يكون الناس نائمين فيحتاجون إلى تكرار النداء .

     ولها صيغتان :
    الأولى : ( الصلاة جامعة ) ؛ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة في مسلم . الثانية : ( إنَّ الصلاة جامعة ) ؛ لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص في البخاري .
     ولا يؤذن لصلاة الكسوف والخسوف ولا يُقام لها ، باتفاق العلماء . انظر ( موسوعة الإجماع ) لسعدي أبو جيب ( 2/718).
     ذهب بعض أهل العلم أنه يُنادى للاستسقاء والعيدين ( الصلاة جامعة ) ، لكن هذا القول ليس بصحيح ، ولا يصح قياسهما على الكسوف ؛ لوجهين :
    الأول : أنَّ الكسوف يقع بغتة.
    الثاني : أنَّ الاستسقاء والعيدين لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ينادي لهما ، وكل شيء وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ، ففعله بدعة .
    ثانياً : ما يُستحب فعله وقت الكسوف .
     يُستحب وقت الكسوف :
    1- الدعاء.
    2- التكبير.
    3- ا لتصدق.
    4-الا ستغفار.
    5- العتق ، إن كان عنده عَبيد .
    6- التعوذ من عذاب القبر .
    * لحديث أسماء في الصحيحين بلفظ : " فإذا رأيتم ذلك ، فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا"، وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري بلفظ : " فإذا رأيتم شيئاً من ذلك ، فافزعوا إلى ذكر الله و دعائه واستغفاره " ، وفي صحيح البخاري من حديث أسماء قالت : " لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعتاقة في الكسوف " ، وفي صحيح البخاري من حديث عائشة قالت: " ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر" .
    ثالثاً : صلاة الكسوف .
     الحكمة من صلاة الكسوف أمور ، منها :
    1-امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فلقد أمرنا أن نفزع إلى الصلاة .
    2-إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد صلاها .
    3-التضرع إلى الله عزوجل ؛ لأنَّ الكسوف والخسوف يخوِّف الله بهما العباد من عقوبةٍ انعقدت أسبابها ، فيتضرع الناس لربهم عزوجل ؛ لئلا يقع بهم العقوبة التي أنذر الله الناس بها بواسطة الكسوف أو الخسوف .
     وقتها :
    * وقت صلاة الكسوف من ظهور الكسوف إلى حين زواله ؛ لحديث جابر في صحيح مسلم بلفظ : " فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فصلوا حتى تنجلي " ، فجعل الانجلاء غاية للصلاة ؛ لأنها شُرعت رغبة إلى الله في رد نعمة الضوء ، فإذا حصل ذلك حصل المقصود.
    * لا يُشرع لأهل بلد لم يقع عندهم الكسوف أن يصلوا ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علق الأمر بالصلاة وما ذكر معها ؛ برؤية الكسوف ، لا بالخبر من أهل الحساب بأنه سيقع ، ولا بوقوعه في بلد آخر .
    * إذا قال الفلكيون : إنَّها ستكسف فلا نصلي حتى نرى الكسوف رؤية عادية ؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيتموه فادعوا الله وصلوا " متفق عليه من حديث المغيرة بن شعبة ، أما إذا مَنَّ الله علينا بأن صار لا يُرى في بلدنا إلا بمكبر أو نظارات فلا نصلي .
    * إذا كسفت الشمس بعد العصر فتُصلى صلاة الكسوف ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتموه فادعوا الله وصلوا " ، وهذا يشمل كل وقت ، ولأن كل صلاة لها سبب فإنها تُصلى حيث وجد السبب ، كما دلت عليه السنة ، وكذلك إذا خسف القمر بعد صلاة الفجر فتُصلى صلاة الخسوف، إلا إذا لم يبقَ على طلوع الشمس إلا قليلاً ؛ لأنه قد ذهب سلطان القمر ، فحينئذ لا يُصلى .
    * لا حرج على شخص دخل ووجد أناساً يصلون الكسوف أو الخسوف أن يخبرهم أنه انجلى ؛ لأن في ذلك إخباراً بزوال مقتضى الصلاة ، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن نصلي وندعوا حتى ينكشف ، فإذا أُخبروا بذلك فعليهم أن يتموا الصلاة ، لكن بتخفيف .
    * تفوت صلاة كسوف الشمس بأحد أمرين :
    1-انجلاء جميعها ، فإن انجلى بعضها جاز الشروع في الصلاة للباقي ، كما لو لم ينكسف إلا ذلك القدر .
    2-غروبها كاسفة .
    * وتفوت صلاة خسوف القمر بأحد أمرين :
    1-الانجلاء الكامل .
    2-طلوع الشمس ، وقيل : بغيابه وهو خاسف ، ولو حال سحاب وشكَّ في الانجلاء صلَّى ؛ لأن الأصل بقاء الكسوف .
    حكمها :
    * أكثر أهل العلم يقولون بالاستحباب ، بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك ، كالنووي في كتابيه ( المجموع ) و ( شرح صحيح مسلم ) ، وأيضاً ابن رشد في ( بداية المجتهد ) .
    * والصحيح أن المسألة فيها خلاف ، فقد قال أبوحنيفة ومالك وغيرهما بوجوبها وهو الراجح ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " فإذا رأيتموهما فصلوا " متفق عليه من حديث أبي مسعود الأنصاري ، وقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عائشة : " فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة" .
     كيفيتها :
    * لا خلاف بين أهل العلم في أن صلاة الكسوف ركعتان ، وإنما اختلفوا في كيفيتها على أقوال :
    القول الأول: ركعتان ، في كل ركعة قيام واحد، وركوع واحد ، وسجدتان ، كسائر النوافل .
    القول الثاني : ركعتان ، في كل ركعة قيامان ، وقراءتان ، وركوعان ، وسجدتان ، وبه قال الجمهور .
    القول الثالث : ركعتان ، في كل ركعة ثلاث ركوعات .
    القول الرابع : ركعتان ، في كل ركعة أربع ركوعات .
    * وأصح الكيفيات أنها في كل ركعة ركوعان ، كما ذهب إليه الجمهور ؛ لتصريح الأحاديث الصحيحة بذلك ، وأما الكيفية الثانية – وهو القول الأول – فيستدلون لها بحديث أبي بكرة في صحيح البخاري : " خسفت الشمس على عهد رسول صلى الله عليه وسلم... فصلى بهم ركعتين " ، قالوا : مطلق الصلاة تنصرف إلى الصلاة المعهودة لاسيما أنها جاءت رواية في المصدر نفسه بلفظ : " كما تصلون " ، وقد رُدَّ عليهم : بأن ذكر الركعتين فيهما مطلق ، فيُقيَّد بالأحاديث الأخرى .
    * وأما الكيفيات التي فيها الزيادة على الركوعين في الركعة ، فهي لا تصح ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن هذا ضعفهُ حُذاق أهل العلم ، وقالوا : إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم ، وفي نفس الأحاديث التي فيها الصلاة بثلاث ركوعات وأربع ركوعات ؛ أنه إنما صلى ذلك يوم مات إبراهيم ، ومعلوم أن إبراهيم لم يمت مرتين ، و لا كان له إبراهيمان ، وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى الكسوف يومئذٍ ركوعين في كل ركعة " .اهـ مجموع الفتاوى( 18/ 17-18) .
    * خلاصة صفة صلاة الكسوف :
    1- أن يكبر، ويستفتح ، ويستعيذ ، ويقرأ الفاتحة ، ويقرأ نحواً من سورة البقرة .
    2- يركع ركوعاً طويلاً .
    3- يرفع من الركوع ، ويقول : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد .
    4- لا يسجد ، بل يقرأ الفاتحة وسورة دون الأولى .
    5- يركع مرة أخرى ركوعاً طويلاً ، هو دون الركوع الأول .
    6- يرفع من الركوع ، ويقول : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد .
    7- يسجد ثم يجلس ثم يسجد .
    8- يقوم إلى الركعة الثانية ، ويفعل مثل ما فعل في الأولى .
     هذه الصلاة بهذه الكيفية خاصة بصلاة الكسوف و الخسوف ، وبعض أهل العلم توسَّع ، وقال : يستحب الصلاة لكل آية أو فزع ، وبعضهم خصَّها بالزلزلة الدائمة ، والراجح خلافه .
    مسائل في صفة صلاة الكسوف
    المسألة الأولى : صلاة كسوف الشمس كصلاة خسوف القمر تماماً ، لا فرق بينهما ، والدليل على ذلك حديث عائشة في الصحيحين مرفوعاً : " إنَّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك ؛ فادعوا الله ، وكبروا ، وصلوا ، وتصدقوا " .
    المسألة الثانية : السُّنَّة أنْ يجهر بالقراءة في صلاته ليلاً و نهاراً ، وبه قال أحمد و إسحاق وصاحبا أبي حنيفة - خلافاً للجمهور فإنهم يقولون بالجهر ليلاً فقط - والدليل على ذلك :
    1- حديث عائشة قالت : " جهر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقراءته " رواه البخاري .
    2- أنَّها نافلة شُرعت لها الجماعة ، فكان من سنتها الجهر كصلاة العيد والتراويح والاستسقاء .
    * وأما الجمهور ، فاستدلوا بحديث ابن عباس في الصحيحين وفيه : " فقام صلى الله عليه وسلم قياماً طويلاً نحواً من قراءة سورة البقرة " .
    وأُجيب عليه بأنه : جهر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع ابن عباس، أو سمع ولم يحفظ ما قرأ به ، فقدَّره بسورة البقرة .
    تنبيه : وردت أحاديث أخرى استدلَّ بها الجمهور على القراءة سراً، كحديث عائشة : " حزرتُ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت أنه قرأ في الركعة الأولى سورة البقرة ، وفي الثانية سورة آل عمران " ، حزرت : ظننتُ وخمنتُ ، وحديث سمرة قال : " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف ولم نسمع له صوتاً " ، وحديث : "صلاة النهارعجماء" .
    * فكلُّ هذه الأحاديث التي ذكرت لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الشيخ الألباني في ( تمام المنَّة ) ص ( 263) : " وقد صحَّ أنه جهر بها كما في البخاري ، ولم يثبت ما يعارضه ، ولو ثبت لكان مرجوحاً " . اهـ
    المسألة الثالثة : يُستحب إطالة القيام ؛ لحديث أسماء قالت : " فقمت معه فأطال القيام حتى رأيت أريد أن أجلس. ثم التفتُّ إلى المرأة الضعيفة ، فأقول : هذه أضعف مني ، فأقوم " رواه مسلم ، وفي رواية له : " فجعلتُ أنظر إلى المرأة أسنُّ مني ، وإلى الأخرى هي أسقم مني " .
    * وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين عن التطويل في صلاة الكسوف ، إذا كان يشقُّ على الناس ؟
    فأجاب : (( افعل السُّنَّة ، فمن قدر على المتابعة فليتابع ، ومن لم يقدر فليجلس ويكمل الصلاة جالساً ، وإذا لم يستطع ولا الجلوس كما لو حصر ببول أوغائط فلينصرف)) . اهـ ( مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ) ( 16 / 317 ) .
    المسألة الرابعة : من أدرك الركوع الثاني في الركعة الأولى ؛ فاتهُ فيها قيام وقراءة وركوع ، وبناء عليه لا يكون قد جاء بركعة من ركعتي صلاة الكسوف ، فلا يعتد بهذه الركعة ، وعليه - بعد سلام الإمام - أن يأتي بركعة بركوعين ، على ما ثبت في الأحاديث الصحيحة ، والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم من حديث عائشة ، وليس من أمر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ركعة من صلاة الكسوف بركوع واحد .
    المسألة الخامسة : من كبر من الركوع الأول في الكسوف ، ولم يقل ( سمع الله لمن حمده ) فقد ترك واجباً ، وترك الواجب كما هو معلوم يوجب سجود السهو .
    المسألة السادسة : صلاة الكسوف لا يشرع فيها قراءة سورة معينة ، بل المشروع فيها الإطالة .
    المسألة السابعة : ليس لصلاة الكسوف دعاء خاص ، لكنها صلاة رهبة ودفع شر وبلاء ، فينبغي للإنسان أن يكثر فيها من الاستغفار والتوبة إلى الله عزوجل ، وسؤال الرحمة ، وكما يعلم من التطويل فيها ، فإن التطويل يحتاج إلى دعاء ، فيكرر الإنسان الدعاء من المغفرة والرحمة والعفو وما أشبه ذلك .
    المسألة الثامنة : السُّنَّة تُصلى صلاة الكسوف جماعة ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المنادي أن ينادي ( الصلاة جامعة ) .
    المسألة التاسعة : لا بأس أن تصلي المرأة في بيتها ؛ لأنَّ الأمر عام : " فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة " ، وإن خرجت إلى المسجد ، كما فعل نساء الصحابة ، وصلَّت مع الناس كان في هذا خير .
    المسألة العاشرة : ومن فاتته الصلاة مع الجماعة ، فليقضها على صفتها ، مادام الكسوف باقياً .
    رابعاً : الخطبة .
     يُستحب أن يخطب الإمامُ خطبة واحدة ، يذكِّر الناس ، ويرقق قلوبهم ، ويخوفهم من عذاب الله تعالى ، ويحثهم على التوبة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى من صلاة الكسوف ، قام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، ثم وعظ الناس ، وهذه صفات الخطبة .
    * ومن أهل العلم من يقول : لا خطبة لصلاة الكسوف ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد لها خطبة بخصوصها ، وإنما أراد أن يبيِّن لهم الرد على من يعتقد أن الكسوف لموت بعض الناس .
    و تُعقب في ذلك : بما في الأحاديث من التصريح بالخطبة وحكاية شرائطها من الحمد والثناء والموعظة وغير ذلك مما تضمنته الأحاديث ، فلم يقتصر على الإعلام بسبب الكسوف ، والأصل مشروعية الإتباع ، والخصائص لا تثبت إلا بدليل .

    والحمد لله ربِّ العلمين
    وكتب
    أبوعمار ياسر العدني
    عدن - البريقة
    نزيل : حضرموت - المكلا

  • #2
    جزاك الله خيرا أستاذنا أباعمار وبارك الله فيك وفي علمك

    تعليق


    • #3
      استفسار

      جزاك الله خيرا شيخنا أباعمار ياسر العدني على هذه الفوائد القيمة وزادك الله من فضله ، وهنا بعض النقاط استشكل علي فهمها :

       فرَّق العلماء بين الكسوف والخسوف ، فمنهم من قال :
      1-الكسوف للشمس ، والخسوف للقمر ، وهذا أشهر .
      2-وقيل : بالكاف في الابتداء ، وبالخاء في الانتهاء .
      3-وقيل : بالكاف لذهاب جميع الضوء ، وبالخاء بعضه .
      4-وقيل : بالخاء لذهاب كل اللون ، وبالكاف لتغيره .

      بالنسبة للأول فهو المشهور كما قلت ،ولكن الثاني كيف تفسيره ؟ والنقطة الثالثة بالكاف لذهاب جميع الضوء وبالخاء بعضهه ، هل هذا يعني عندما يذهب جميع ضوء القمر ممكن نطلق عليه كسوف وبالعكس بالنسبة للشمس ؟


      * فائدة : سئل الشيخ ابن عثيمين عن سبب الكسوف ؟
      فأجاب بقوله رحمه الله : (( الكسوف له سبب حسي ، وسبب شرعي ، فالسبب الحسي في كسوف الشمس أن القمريحول بينها وبين الأرض ، فيحجبها عن الأرض إما كلها أو بعضها ، وكسوف القمر سببه الحسي : حيلولة الأرض بينه وبين الشمس ؛ لأنه يستمد نوره من الشمس ، فإذا حالت الأرض بينه وبين الشمس ، ذهب نوره أو بعضه)) .اهـ (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين) (16/ 287) .
      * أما ابن العربي فقد رد هذا التعليل من سبعة أوجه ، منها :
      أولاً : أنَّ الشمس أضعاف القمر في الجرمية ، فكيف يحجب الصغير ُالكبيرَ.
      ثانياً : أنَّ الشمس إذا كانت تغطيه بنورها ، فكيف يحجب الصغيرُ الكبيرَ إذا قابلهُ ، ولا يأخذ عُشره .
      ثالثاً : إذا كان نور القمر قليلاً ونور الشمس كثيراً ، فكيف يظلم الكثير بالقليل ؟ لاسيما وهو من جنسه أو من بعضه . وانظر بقية الردود في ( عارضة الأحوذي على سنن الترمذي ) (3/38-40).

      بالنسبة للسبب الحسي الذي ذكره الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله - في رده على السؤال قد ذكره العلم الحديث بالأدلة ويعتبرونه من المسلمات - فهل ينبغي علينا نحن - المسلمين - ان نسلم بها ونعتبرها من الحقائق إذ ان الدين لا يعارض الحقائق العلمية ؟







      * الأعمال التي ينبغي فعلها وقت الكسوف *
      أولاً : النداء .
       يُستحب النداء لصلاة الكسوف والخسوف ، ويقال ( الصلاة جامعة ) مرتين أو ثلاثاً ، بحيث يُعلم أو يغلب على ظنه أن الناس قد سمعوا ، وفي الليل قد يكون الناس نائمين فيحتاجون إلى تكرار النداء .

      إذا وقع الخسوف مثلا في منتصف الليل والناس نيام ، هل ينبغي للمؤذن ان يستخدم مكبرات الصوت الخارجية وينادي بها مثل ما ينادي للصلوات المفروضة بالمكبرات الخارجية ؟



      * إذا قال الفلكيون : إنَّها ستكسف فلا نصلي حتى نرى الكسوف رؤية عادية ؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيتموه فادعوا الله وصلوا " متفق عليه من حديث المغيرة بن شعبة ، أما إذا مَنَّ الله علينا بأن صار لا يُرى في بلدنا إلا بمكبر أو نظارات فلا نصلي .

      ألا تعتبر هذه رؤية للكسوف ولوكان مثلا بواسطة (مكبر او نظارات ...) ؟

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة عبدالله بن محمد التميمي مشاهدة المشاركة
        جزاك الله خيرا شيخنا أباعمار ياسر العدني على هذه الفوائد القيمة وزادك الله من فضله ، وهنا بعض النقاط استشكل علي فهمها :

         فرَّق العلماء بين الكسوف والخسوف ، فمنهم من قال :
        1-الكسوف للشمس ، والخسوف للقمر ، وهذا أشهر .
        2-وقيل : بالكاف في الابتداء ، وبالخاء في الانتهاء .
        3-وقيل : بالكاف لذهاب جميع الضوء ، وبالخاء بعضه .
        4-وقيل : بالخاء لذهاب كل اللون ، وبالكاف لتغيره .

        بالنسبة للأول فهو المشهور كما قلت ،ولكن الثاني كيف تفسيره ؟ والنقطة الثالثة بالكاف لذهاب جميع الضوء وبالخاء بعضهه ، هل هذا يعني عندما يذهب جميع ضوء القمر ممكن نطلق عليه كسوف وبالعكس بالنسبة للشمس ؟


        * فائدة : سئل الشيخ ابن عثيمين عن سبب الكسوف ؟
        فأجاب بقوله رحمه الله : (( الكسوف له سبب حسي ، وسبب شرعي ، فالسبب الحسي في كسوف الشمس أن القمريحول بينها وبين الأرض ، فيحجبها عن الأرض إما كلها أو بعضها ، وكسوف القمر سببه الحسي : حيلولة الأرض بينه وبين الشمس ؛ لأنه يستمد نوره من الشمس ، فإذا حالت الأرض بينه وبين الشمس ، ذهب نوره أو بعضه)) .اهـ (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين) (16/ 287) .
        * أما ابن العربي فقد رد هذا التعليل من سبعة أوجه ، منها :
        أولاً : أنَّ الشمس أضعاف القمر في الجرمية ، فكيف يحجب الصغير ُالكبيرَ.
        ثانياً : أنَّ الشمس إذا كانت تغطيه بنورها ، فكيف يحجب الصغيرُ الكبيرَ إذا قابلهُ ، ولا يأخذ عُشره .
        ثالثاً : إذا كان نور القمر قليلاً ونور الشمس كثيراً ، فكيف يظلم الكثير بالقليل ؟ لاسيما وهو من جنسه أو من بعضه . وانظر بقية الردود في ( عارضة الأحوذي على سنن الترمذي ) (3/38-40).

        بالنسبة للسبب الحسي الذي ذكره الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله - في رده على السؤال قد ذكره العلم الحديث بالأدلة ويعتبرونه من المسلمات - فهل ينبغي علينا نحن - المسلمين - ان نسلم بها ونعتبرها من الحقائق إذ ان الدين لا يعارض الحقائق العلمية ؟







        * الأعمال التي ينبغي فعلها وقت الكسوف *
        أولاً : النداء .
         يُستحب النداء لصلاة الكسوف والخسوف ، ويقال ( الصلاة جامعة ) مرتين أو ثلاثاً ، بحيث يُعلم أو يغلب على ظنه أن الناس قد سمعوا ، وفي الليل قد يكون الناس نائمين فيحتاجون إلى تكرار النداء .

        إذا وقع الخسوف مثلا في منتصف الليل والناس نيام ، هل ينبغي للمؤذن ان يستخدم مكبرات الصوت الخارجية وينادي بها مثل ما ينادي للصلوات المفروضة بالمكبرات الخارجية ؟



        * إذا قال الفلكيون : إنَّها ستكسف فلا نصلي حتى نرى الكسوف رؤية عادية ؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيتموه فادعوا الله وصلوا " متفق عليه من حديث المغيرة بن شعبة ، أما إذا مَنَّ الله علينا بأن صار لا يُرى في بلدنا إلا بمكبر أو نظارات فلا نصلي .

        ألا تعتبر هذه رؤية للكسوف ولوكان مثلا بواسطة (مكبر او نظارات ...) ؟
        وأنتم بارك الله فيكم
        أما عن التفريق بين الكسوف والخسوف فهي فروق ذكرها العلماء ، كلٌ على ما اصطلح عليه ( ولا مشاحة في الاصطلاح ) .
        وأما عن سبب الكسوف فأرجو أن تقرأ كلام ابن العربي كاملاً .
        و أما ماذكرتُه من رؤية الكسوف عن طريق المكبر لايعتمد، فلأن الكسوف من آيات الله ( يخوف الله بهما عبادة ) ، وهنا كلام بديع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فهاكهُ :
        مسألة : إذا قال الفلكيون إنها ستكسف فلا نصلي حتى نراه رؤية عادية ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (( إذا رأيتم ذلك فصلوا )) أما إذا منَّ الله علينا بأن صار لايُرى في بلدنا إلا بمكبر أونظارات فلا نصلي . اهـ الشرح الممتع (5 / 237 ) .
        التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمار ياسر العدني; الساعة 25-01-2009, 12:03 AM.

        تعليق


        • #5
          لــلــر فــــع

          تعليق


          • #6
            جزاك الله خيراً ياأخانا مهدي

            تعليق


            • #7
              :: وهذه هدية لشيخنا / أبي عمار ياسر العدني ::

              بسم الله الرحمن الرحيم

              الحمد لله حمد الشاكرين ، والصلاة والسلام على نبي الأولين والآخرين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد :

              فهذا بحث مختصر كتبته فيما يتعلق بصلاة الكسوف ؛ تسهيلاً للناس في معرفة أمور دينهم ، وقد استفدت ممن كتب في هذا المضمار ، وبالله أستعين ، فأقول :

               تعريفها :

              هو إنحجاب ضوء أحد النيرين ( الشمس والقمر ) أو بعضه ، وتغيره إلى السواد .

               *فرَّق العلماء بين الكسوف والخسوف ، فمنهم من قال :

              1-الكسوف للشمس ، والخسوف للقمر ، وهذا أشهر .

              2-وقيل : بالكاف في الابتداء ، وبالخاء في الانتهاء .

              3-وقيل : بالكاف لذهاب جميع الضوء ، وبالخاء بعضه .

              4-وقيل : بالخاء لذهاب كل اللون ، وبالكاف لتغيره ..

               صفة صلاة الكسوف :

              جاءت عن عدة من الصحابة ، فقد جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس و عبدالله بن عمرو بن العاص و أبي موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة وأبي مسعود الأنصاري وعائشة وأسماء ، وفي البخاري من حديث أبي بكرة ، وفي مسلم من حديث جابر بن عبدالله و عبدالرحمن بن سمرة ، وخارج الصحيح جاء عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم ، وقد أحصاهم الشيخ الألباني في كتابه ( صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الكسوف ) .

               صلاة الكسوف والخسوف ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.

              • أما الكتاب ، فقد استنبطها العلماء من قوله تعالى :

               وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ .

              • وأما السنَّة :

              فقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عائشة وغيرها مرفوعاً : " فإذا رأيتم منها شيئاً فصلُّوا " .

              • وأما الإجماع :

              فقد حكى مشروعيتها غير واحد من أهل العلم . انظر ( موسوعة الإجماع ) لسعدي أبوجيب (2/718).

              كانت العرب تعتقد أنَّ كسوف الشمس أو القمر لموت عظيم أو لحياته ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاعتقاد بقوله : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته " متفق عليه من حديث عائشة .

               وسبب الكسوف هو ما بيَّنهُ النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله يخوف بهما عباده ، ففي صحيح البخاري من حديث أبي بكرة قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الله تعالى يُخوِّف بهما عباده" .

              * فائدة : سئل الشيخ ابن عثيمين عن سبب الكسوف ؟

              فأجاب بقوله رحمه الله : (( الكسوف له سبب حسي ، وسبب شرعي ، فالسبب الحسي في كسوف الشمس أن القمر يحول بينها وبين الأرض ، فيحجبها عن الأرض إما كلها أو بعضها ، وكسوف القمر سببه الحسي : حيلولة الأرض بينه وبين الشمس ؛ لأنه يستمد نوره من الشمس ، فإذا حالت الأرض بينه وبين الشمس ، ذهب نوره أو بعضه)) .اهـ (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين) (16/ 287) .

              • أما ابن العربي فقد رد هذا التعليل من سبعة أوجه ، منها :

              أولاً : أنَّ الشمس أضعاف القمر في الجرمية ، فكيف يحجب الصغير ُالكبيرَ.

              ثانياً : أنَّ الشمس إذا كانت تغطيه بنورها ، فكيف يحجب الصغيرُ الكبيرَ إذا قابلهُ ، ولا يأخذ عُشره .

              ثالثاً : إذا كان نور القمر قليلاً ونور الشمس كثيراً ، فكيف يظلم الكثير بالقليل ؟ لاسيما وهو من جنسه أو من بعضه . وانظر بقية الردود في ( عارضة الأحوذي على سنن الترمذي ) (3/38-40).

               والصحابة كانوا يعدُّون هذه الآيات بركة من الله ، فقد روى البخاري في صحيحه (3579) بسنده إلى عبدالله بن مسعود أنه قال : " كنا نعد الآيات بركة من الله ، وأنتم تَعُدُّونها تخويفاً ".

              • وقد بوَّب ابن حبان في صحيحه ( 2843 ) على هذا الأثر: (( ذكر ما يجب على المرء أن يتبرك برؤية كسوف الشمس والقمر ، فيحدث لله توبة أو يقدم لنفسه طاعة)). اهـ

               فوائد الكسوف :

              قال بعضهم في الكسوف سبع فوائد:

              إحداها: ظهور التصرف في الشمس والقمر ، وهما خلقان عظيمان.

              الثانية: أن يبين بتغييرهما تغير شأن ما بعدهما.

              الثالثة: إزعاج القلوب الساكنة بالغفلة وإيقاظها ، فإنَّ المواعظ شأنها ذلك.

              الرابعة: ليرى الناس أنموذج ما سيجري في القيامة  وَخَسَفَ الْقَمَرُ  وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ  .

              الخامسة: أنهما يوجدان في حال الكمال ويَكسفان ، ثم يلطف بهما ، ويُعادان إلى ما كانا عليه ؛ تنبيهاً على خوف المكر ورجاء العفو.

              السادسة: إعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب له ، فيحذر من له ذنب.

              السابعة: أنَّ الناس قد أنسوا بالصلوات المكتوبات ، فيأتونها من غير إنزعاج ولا خوف ، فأتى بهذه الآية ، وسبب لهما هذه الصلاة ليفعلوها بانزعاج وتخوف ، ولعل بركة ذلك يصير ذلك عادة لهم في المفروضات اهـ ( غاية الأحكام ) للطبري (3/252-253) .

              • الأعمال التي ينبغي فعلها وقت الكسوف *

              أولاً : النداء .
               يُستحب النداء لصلاة الكسوف والخسوف ، ويقال ( الصلاة جامعة ) مرتين أو ثلاثاً ، بحيث يُعلم أو يغلب على ظنه أن الناس قد سمعوا ، وفي الليل قد يكون الناس نائمين فيحتاجون إلى تكرار النداء .

               ولها صيغتان :

              الأولى : ( الصلاة جامعة ) ؛ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة في مسلم . الثانية : ( إنَّ الصلاة جامعة ) ؛ لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص في البخاري .

               ولا يؤذن لصلاة الكسوف والخسوف ولا يُقام لها ، باتفاق العلماء . انظر ( موسوعة الإجماع ) لسعدي أبو جيب ( 2/718).
               ذهب بعض أهل العلم أنه يُنادى للاستسقاء والعيدين ( الصلاة جامعة ) ، لكن هذا القول ليس بصحيح ، ولا يصح قياسهما على الكسوف ؛ لوجهين :

              الأول : أنَّ الكسوف يقع بغتة.
              الثاني : أنَّ الاستسقاء والعيدين لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ينادي لهما ، وكل شيء وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ، ففعله بدعة .

              ثانياً : ما يُستحب فعله وقت الكسوف :

               يُستحب وقت الكسوف :
              1- الدعاء.
              2- التكبير.
              3- ا لتصدق.
              4-الا ستغفار.
              5- العتق ، إن كان عنده عَبيد .
              6- التعوذ من عذاب القبر .
              * لحديث أسماء في الصحيحين بلفظ : " فإذا رأيتم ذلك ، فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا"، وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري بلفظ : " فإذا رأيتم شيئاً من ذلك ، فافزعوا إلى ذكر الله و دعائه واستغفاره " ، وفي صحيح البخاري من حديث أسماء قالت : " لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعتاقة في الكسوف " ، وفي صحيح البخاري من حديث عائشة قالت: " ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر" .

              ثالثاً : صلاة الكسوف :

               الحكمة من صلاة الكسوف أمور ، منها :

              1-امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فلقد أمرنا أن نفزع إلى الصلاة .
              2-إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد صلاها .
              3-التضرع إلى الله عزوجل ؛ لأنَّ الكسوف والخسوف يخوِّف الله بهما العباد من عقوبةٍ انعقدت أسبابها ، فيتضرع الناس لربهم عزوجل ؛ لئلا يقع بهم العقوبة التي أنذر الله الناس بها بواسطة الكسوف أو الخسوف .

               وقتها :
              * وقت صلاة الكسوف من ظهور الكسوف إلى حين زواله ؛ لحديث جابر في صحيح مسلم بلفظ : " فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فصلوا حتى تنجلي " ، فجعل الانجلاء غاية للصلاة ؛ لأنها شُرعت رغبة إلى الله في رد نعمة الضوء ، فإذا حصل ذلك حصل المقصود.

              * لا يُشرع لأهل بلد لم يقع عندهم الكسوف أن يصلوا ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علق الأمر بالصلاة وما ذكر معها ؛ برؤية الكسوف ، لا بالخبر من أهل الحساب بأنه سيقع ، ولا بوقوعه في بلد آخر .

              * إذا قال الفلكيون : إنَّها ستكسف فلا نصلي حتى نرى الكسوف رؤية عادية ؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيتموه فادعوا الله وصلوا " متفق عليه من حديث المغيرة بن شعبة ، أما إذا مَنَّ الله علينا بأن صار لا يُرى في بلدنا إلا بمكبر أو نظارات فلا نصلي .

              * إذا كسفت الشمس بعد العصر فتُصلى صلاة الكسوف ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتموه فادعوا الله وصلوا " ، وهذا يشمل كل وقت ، ولأن كل صلاة لها سبب فإنها تُصلى حيث وجد السبب ، كما دلت عليه السنة ، وكذلك إذا خسف القمر بعد صلاة الفجر فتُصلى صلاة الخسوف، إلا إذا لم يبقَ على طلوع الشمس إلا قليلاً ؛ لأنه قد ذهب سلطان القمر ، فحينئذ لا يُصلى .

              * لا حرج على شخص دخل ووجد أناساً يصلون الكسوف أو الخسوف أن يخبرهم أنه انجلى ؛ لأن في ذلك إخباراً بزوال مقتضى الصلاة ، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن نصلي وندعو حتى ينكشف ، فإذا أُخبروا بذلك فعليهم أن يتموا الصلاة ، لكن بتخفيف .

              * تفوت صلاة كسوف الشمس بأحد أمرين :

              1- انجلاء جميعها ، فإن انجلى بعضها جاز الشروع في الصلاة للباقي ، كما لو لم ينكسف إلا ذلك القدر .
              2- غروبها كاسفة .

              * وتفوت صلاة خسوف القمر بأحد أمرين :

              1-الانجلاء الكامل .
              2-طلوع الشمس ، وقيل : بغيابه وهو خاسف ، ولو حال سحاب وشكَّ في الانجلاء صلَّى ؛ لأن الأصل بقاء الكسوف .

              حكمها :

              * أكثر أهل العلم يقولون بالاستحباب ، بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك ، كالنووي في كتابيه ( المجموع ) و ( شرح صحيح مسلم ) ، وأيضاً ابن رشد في ( بداية المجتهد ) .

              * والصحيح أن المسألة فيها خلاف ، فقد قال أبو حنيفة ومالك وغيرهما بوجوبها وهو الراجح ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " فإذا رأيتموهما فصلوا " متفق عليه من حديث أبي مسعود الأنصاري ، وقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عائشة : " فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة" .

               كيفيتها :

              • لا خلاف بين أهل العلم في أن صلاة الكسوف ركعتان ، وإنما اختلفوا في كيفيتها على أقوال :

              القول الأول: ركعتان ، في كل ركعة قيام واحد، وركوع واحد ، وسجدتان ، كسائر النوافل .

              القول الثاني : ركعتان ، في كل ركعة قيامان ، وقراءتان ، وركوعان ، وسجدتان ، وبه قال الجمهور .

              القول الثالث : ركعتان ، في كل ركعة ثلاث ركوعات .

              القول الرابع : ركعتان ، في كل ركعة أربع ركوعات .

              * وأصح الكيفيات أنها في كل ركعة ركوعان ، كما ذهب إليه الجمهور ؛ لتصريح الأحاديث الصحيحة بذلك ، وأما الكيفية الثانية – وهو القول الأول – فيستدلون لها بحديث أبي بكرة في صحيح البخاري : " خسفت الشمس على عهد رسول صلى الله عليه وسلم... فصلى بهم ركعتين " ، قالوا : مطلق الصلاة تنصرف إلى الصلاة المعهودة لاسيما أنها جاءت رواية في المصدر نفسه بلفظ : " كما تصلون " ، وقد رُدَّ عليهم : بأن ذكر الركعتين فيهما مطلق ، فيُقيَّد بالأحاديث الأخرى .

              * وأما الكيفيات التي فيها الزيادة على الركوعين في الركعة ، فهي لا تصح ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن هذا ضعفهُ حُذاق أهل العلم ، وقالوا : إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم ، وفي نفس الأحاديث التي فيها الصلاة بثلاث ركوعات وأربع ركوعات ؛ أنه إنما صلى ذلك يوم مات إبراهيم ، ومعلوم أن إبراهيم لم يمت مرتين ، و لا كان له إبراهيمان ، وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى الكسوف يومئذٍ ركوعين في كل ركعة " .اهـ مجموع الفتاوى( 18/ 17-18) .

              * خلاصة صفة صلاة الكسوف :

              1- أن يكبر، ويستفتح ، ويستعيذ ، ويقرأ الفاتحة ، ويقرأ نحواً من سورة البقرة .
              2- يركع ركوعاً طويلاً .
              3- يرفع من الركوع ، ويقول : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد .
              4- لا يسجد ، بل يقرأ الفاتحة وسورة دون الأولى .
              5- يركع مرة أخرى ركوعاً طويلاً ، هو دون الركوع الأول .
              6- يرفع من الركوع ، ويقول : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد .
              7- يسجد ثم يجلس ثم يسجد .
              8- يقوم إلى الركعة الثانية ، ويفعل مثل ما فعل في الأولى .

               هذه الصلاة بهذه الكيفية خاصة بصلاة الكسوف و الخسوف ، وبعض أهل العلم توسَّع ، وقال : يستحب الصلاة لكل آية أو فزع ، وبعضهم خصَّها بالزلزلة الدائمة ، والراجح خلافه .

              مسائل في صفة صلاة الكسوف :

              المسألة الأولى :
              صلاة كسوف الشمس كصلاة خسوف القمر تماماً ، لا فرق بينهما ، والدليل على ذلك حديث عائشة في الصحيحين مرفوعاً : " إنَّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك ؛ فادعوا الله ، وكبروا ، وصلوا ، وتصدقوا " .

              المسألة الثانية :
              السُّنَّة أنْ يجهر بالقراءة في صلاته ليلاً و نهاراً ، وبه قال أحمد و إسحاق وصاحبا أبي حنيفة - خلافاً للجمهور فإنهم يقولون بالجهر ليلاً فقط - والدليل على ذلك :

              1- حديث عائشة قالت : " جهر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقراءته " رواه البخاري .
              2- أنَّها نافلة شُرعت لها الجماعة ، فكان من سنتها الجهر كصلاة العيد والتراويح والاستسقاء .

              * وأما الجمهور ، فاستدلوا بحديث ابن عباس في الصحيحين وفيه : " فقام صلى الله عليه وسلم قياماً طويلاً نحواً من قراءة سورة البقرة " .
              وأُجيب عليه بأنه : جهر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع ابن عباس، أو سمع ولم يحفظ ما قرأ به ، فقدَّره بسورة البقرة .

              تنبيه : وردت أحاديث أخرى استدلَّ بها الجمهور على القراءة سراً، كحديث عائشة : " حزرتُ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت أنه قرأ في الركعة الأولى سورة البقرة ، وفي الثانية سورة آل عمران " ، حزرت : ظننتُ وخمنتُ ، وحديث سمرة قال : " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف ولم نسمع له صوتاً " ، وحديث : "صلاة النهارعجماء" .

              *فكلُّ هذه الأحاديث التي ذكرت لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الشيخ الألباني في ( تمام المنَّة ) ص ( 263) : " وقد صحَّ أنه جهر بها كما في البخاري ، ولم يثبت ما يعارضه ، ولو ثبت لكان مرجوحاً " . اهـ

              المسألة الثالثة :
              يُستحب إطالة القيام ؛ لحديث أسماء قالت : " فقمت معه فأطال القيام حتى رأيت أريد أن أجلس. ثم التفتُّ إلى المرأة الضعيفة ، فأقول : هذه أضعف مني ، فأقوم " رواه مسلم ، وفي رواية له : " فجعلتُ أنظر إلى المرأة أسنُّ مني ، وإلى الأخرى هي أسقم مني " .

              • وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين عن التطويل في صلاة الكسوف ، إذا كان يشقُّ على الناس ؟

              فأجاب : (( افعل السُّنَّة ، فمن قدر على المتابعة فليتابع ، ومن لم يقدر فليجلس ويكمل الصلاة جالساً ، وإذا لم يستطع ولا الجلوس كما لو حصر ببول أو غائط فلينصرف)) . اهـ ( مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ) ( 16 / 317 ) .

              المسألة الرابعة :
              من أدرك الركوع الثاني في الركعة الأولى ؛ فاتهُ فيها قيام وقراءة وركوع ، وبناء عليه لا يكون قد جاء بركعة من ركعتي صلاة الكسوف ، فلا يعتد بهذه الركعة ، وعليه - بعد سلام الإمام - أن يأتي بركعة بركوعين ، على ما ثبت في الأحاديث الصحيحة ، والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم من حديث عائشة ، وليس من أمر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ركعة من صلاة الكسوف بركوع واحد .

              المسألة الخامسة :
              من كبر من الركوع الأول في الكسوف ، ولم يقل ( سمع الله لمن حمده ) فقد ترك واجباً ، وترك الواجب كما هو معلوم يوجب سجود السهو .

              المسألة السادسة :
              صلاة الكسوف لا يشرع فيها قراءة سورة معينة ، بل المشروع فيها الإطالة .

              المسألة السابعة :
              ليس لصلاة الكسوف دعاء خاص ، لكنها صلاة رهبة ودفع شر وبلاء ، فينبغي للإنسان أن يكثر فيها من الاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل ، وسؤال الرحمة ، وكما يعلم من التطويل فيها ، فإن التطويل يحتاج إلى دعاء ، فيكرر الإنسان الدعاء من المغفرة والرحمة والعفو وما أشبه ذلك .

              المسألة الثامنة :
              السُّنَّة تُصلى صلاة الكسوف جماعة ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المنادي أن ينادي ( الصلاة جامعة ) .

              المسألة التاسعة :
              لا بأس أن تصلي المرأة في بيتها ؛ لأنَّ الأمر عام : " فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة " ، وإن خرجت إلى المسجد ، كما فعل نساء الصحابة ، وصلَّت مع الناس كان في هذا خير .

              المسألة العاشرة :
              ومن فاتته الصلاة مع الجماعة ، فليقضها على صفتها ، مادام الكسوف باقياً .

              رابعاً : الخطبة .

               يُستحب أن يخطب الإمامُ خطبة واحدة ، يذكِّر الناس ، ويرقق قلوبهم ، ويخوفهم من عذاب الله تعالى ، ويحثهم على التوبة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى من صلاة الكسوف ، قام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، ثم وعظ الناس ، وهذه صفات الخطبة .
              * ومن أهل العلم من يقول : لا خطبة لصلاة الكسوف ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد لها خطبة بخصوصها ، وإنما أراد أن يبيِّن لهم الرد على من يعتقد أن الكسوف لموت بعض الناس .

              و تُعقب في ذلك : بما في الأحاديث من التصريح بالخطبة وحكاية شرائطها من الحمد والثناء والموعظة وغير ذلك مما تضمنته الأحاديث ، فلم يقتصر على الإعلام بسبب الكسوف ، والأصل مشروعية الإتباع ، والخصائص لا تثبت إلا بدليل .
              والحمد لله ربِّ العالمين


              وكتب / أبو عمار ياسر العدني
              عدن - البريقة
              نزيل : حضرموت - المكلا


              جزاك الله خيرا شيخنا أبا عمار ياسر العدني على هذه الفوائد القيمة وزادك الله من فضله ، وهنا بعض النقاط استشكل علي فهمها :

               فرَّق العلماء بين الكسوف والخسوف ، فمنهم من قال :
              1-الكسوف للشمس ، والخسوف للقمر ، وهذا أشهر .
              2-وقيل : بالكاف في الابتداء ، وبالخاء في الانتهاء .
              3-وقيل : بالكاف لذهاب جميع الضوء ، وبالخاء بعضه .
              4-وقيل : بالخاء لذهاب كل اللون ، وبالكاف لتغيره .

              بالنسبة للأول فهو المشهور كما قلت ،ولكن الثاني كيف تفسيره ؟ والنقطة الثالثة بالكاف لذهاب جميع الضوء وبالخاء بعضه ، هل هذا يعني عندما يذهب جميع ضوء القمر ممكن نطلق عليه كسوف وبالعكس بالنسبة للشمس ؟


              * فائدة : سئل الشيخ ابن عثيمين عن سبب الكسوف ؟
              فأجاب بقوله رحمه الله : (( الكسوف له سبب حسي ، وسبب شرعي ، فالسبب الحسي في كسوف الشمس أن القمر يحول بينها وبين الأرض ، فيحجبها عن الأرض إما كلها أو بعضها ، وكسوف القمر سببه الحسي : حيلولة الأرض بينه وبين الشمس ؛ لأنه يستمد نوره من الشمس ، فإذا حالت الأرض بينه وبين الشمس ، ذهب نوره أو بعضه)) .اهـ (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين) (16/ 287) .
              * أما ابن العربي فقد رد هذا التعليل من سبعة أوجه ، منها :
              أولاً : أنَّ الشمس أضعاف القمر في الجرمية ، فكيف يحجب الصغير ُالكبيرَ.
              ثانياً : أنَّ الشمس إذا كانت تغطيه بنورها ، فكيف يحجب الصغيرُ الكبيرَ إذا قابلهُ ، ولا يأخذ عُشره .
              ثالثاً : إذا كان نور القمر قليلاً ونور الشمس كثيراً ، فكيف يظلم الكثير بالقليل ؟ لاسيما وهو من جنسه أو من بعضه . وانظر بقية الردود في ( عارضة الأحوذي على سنن الترمذي ) (3/38-40).

              بالنسبة للسبب الحسي الذي ذكره الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله - في رده على السؤال قد ذكره العلم الحديث بالأدلة ويعتبرونه من المسلمات - فهل ينبغي علينا نحن - المسلمين - أن نسلم بها ونعتبرها من الحقائق إذ أن الدين لا يعارض الحقائق العلمية ؟

              * الأعمال التي ينبغي فعلها وقت الكسوف *
              أولاً : النداء .
               يُستحب النداء لصلاة الكسوف والخسوف ، ويقال ( الصلاة جامعة ) مرتين أو ثلاثاً ، بحيث يُعلم أو يغلب على ظنه أن الناس قد سمعوا ، وفي الليل قد يكون الناس نائمين فيحتاجون إلى تكرار النداء .

              إذا وقع الخسوف مثلا في منتصف الليل والناس نيام ، هل ينبغي للمؤذن أن يستخدم مكبرات الصوت الخارجية وينادي بها مثل ما ينادي للصلوات المفروضة بالمكبرات الخارجية ؟



              * إذا قال الفلكيون : إنَّها ستكسف فلا نصلي حتى نرى الكسوف رؤية عادية ؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيتموه فادعوا الله وصلوا " متفق عليه من حديث المغيرة بن شعبة ، أما إذا مَنَّ الله علينا بأن صار لا يُرى في بلدنا إلا بمكبر أو نظارات فلا نصلي .

              ألا تعتبر هذه رؤية للكسوف ولو كان مثلا بواسطة (مكبر أو نظارات ...) ؟

              وأنتم بارك الله فيكم

              أما عن التفريق بين الكسوف والخسوف فهي فروق ذكرها العلماء ، كلٌ على ما اصطلح عليه ( ولا مشاحة في الاصطلاح ) .
              وأما عن سبب الكسوف فأرجو أن تقرأ كلام ابن العربي كاملاً .

              و أما ما ذكرتُه من رؤية الكسوف عن طريق المكبر لا يعتمد، فلأن الكسوف من آيات الله ( يخوف الله بهما عبادة ) ، وهنا كلام بديع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فهاكهُ :

              مسألة : إذا قال الفلكيون إنها ستكسف فلا نصلي حتى نراه رؤية عادية ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (( إذا رأيتم ذلك فصلوا )) أما إذا منَّ الله علينا بأن صار لا يُرى في بلدنا إلا بمكبر أو نظارات فلا نصلي . اهـ الشرح الممتع (5 / 237 ) .
              الملفات المرفقة

              تعليق


              • #8
                للرفع
                رفع الله قدر الشيخ ياسر العدني

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة مهدي بن هيثم الشبوي مشاهدة المشاركة
                  للرفع
                  رفع الله قدر الشيخ ياسر العدني
                  آمين ........

                  تعليق


                  • #10
                    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وفي علمكم

                    تعليق


                    • #11
                      .... يُرفع ....

                      تعليق

                      يعمل...
                      X