جلسة الاستراحة
هي الجلسة التي يجلسها المصلي بعد الرفع من السجدة الثانية من الركعة الأولى في الصلاة الثنائية، ومن الركعة الأولى والثالثة من الصلاة الرباعية قبل النهوض إلى القيام للركعة التي تليها، سواء كانت الصلاة فرضاً أونفلاً.
والجلوس فيها كالجلوس بين السجدتين مفترشا.
وقد اختلف العلماء في هذه الجلسة على ثلاثة أقوال أرجحها:
أنها مستحبة وهو قول حماد بن زيد والشافعي في أشهر قوليه وبه قال أكثر أصحابه, وأحمد في رواية اختارها الخلال وقال: رجع أبو عبدالله إلى هذا أي إلى استحبابها.
وقال ابن قدامة: العمل به والمصير إليه وبه قال داود وإسحاق لحديث مالك ابن الحويرث أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا. أخرجه البخاري (823).
وقال ابن رجب: وقال الإمام أحمد في حديث مالك بن الحويرث في الاستواء إذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى، قال: هو صحيح، إسناده صحيح، وقال -أيضاً -: ليس لهذا الحديث ثان. يعني: أنه لم ترو هذه الجلسة في غير الحديث.
وهذا يدل على أن ما روي فيه هذه الجلسة من الحديث غير حديث مالك بن الحويرث، فإنه غير محفوظ، فإنها قد رويت في حديث أبي حميد وأصحابه في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -.خرّجه الإمام أحمد وابن ماجه.
وذكر بعضهم أنه خرّجه أبو داود والترمذي، وإنما خرّجا أصل الحديث، ولم نجد في «كتابيهما» هذه اللفظة.
والظاهر -والله أعلم -: إنها وهم من بعض الرواة، كرر فيه ذكر الجلوس بين السجدتين غلطاً. وبعضهم ذكر سجوده، ثم جلوسه، ثم ذكر أنه نهض. كذا في رواية الترمذي وغيره. فظن بعضهم، أنه نهض عن جلوسٍ، وليس كذلك، إنما المراد بذلك الجلوس: جلوسه بين السجدتين، ولم يذكر صفة الجلسة الثانية لاستغنائه عنها بصفة الجلسةالأولى.
وقد أخرج أبو داود حديث أبي حميد وأصحابه من وجه آخر، وفيه: أنه سجد، ثم جلس فتورك، ثم سجد، ثم كبر فقام ولم يتورك.
وهذه الرواية صريحة في أنه لم يجلس بعد السجدة الثانية.
ويدل عليه, أن طائفة من الحفاظ ذكروا أن حديث أبي حميد ليس فيه ذكر هذه الجلسة.اهـ
قال الحافظ: فيه مشروعية جلسة الاستراحة.اهـ
وقال الصنعاني: وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ هَذِهِ الْقَعْدَةِ بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَالرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَنْهَضُ لِأَدَاءِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، وَتُسَمَّى جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ.... وَيُجَابُ عَنْ الْكُلِّ بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ، إذْ مَنْ فَعَلَهَا فَلِأَنَّهَا سُنَّةٌ، وَمَنْ تَرَكَهَا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهَا فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ يُشْعِرُ بِوُجُوبِهَا، لَكِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ.اهـ
وقال النووي: واعلم أنه ينبغي لكل أحد أن يواظب على هذه الجلسة لصحة الأحاديث فيها وعدم المعارض الصحيح لها ولا تغتر بكثرة المتساهلين بتركها فقد قال الله تعالى ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وقال تعالى ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾.اهـ
والراجح -إن شاء الله تعالى- أن هذه الجلسة مستحبة لأن الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم -في الصلاة- أن تكون للتشريع ، لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي."
ومما يؤيد القول باستحبابها أن راويها مالك بن الحويرث هو راوي الحديث:" صلوا كما رأيتموني أصلي" ،رواه البخاري. فحكايته لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم معتبرة ، فكأنه يفسر بها هذا الأمر الذي رواه.
وما استدل به القائلون بعدم استحبابها من كونها لم تذكر في الأحاديث الأخرى ، غير كاف للرد على القائلين باستحبابها ، لأن الكثير من سنن الصلاة المتفق عليها لم تذكر في كل الأحاديث التي تحكي صفة صلاته صلى الله عليه وسلم. وغاية ما يدل عليه ذلك نفي الوجوب ، لا نفي الاستحباب ، كما هو ظاهر.
«المغني» (2/212) و«المجموع» (3/441و442) و«الفتح لابن رجب» وابن حجر (823) و«الزاد»(1/241).
مسألة هل يكبر عند النهوض منها؟
قال ابن قدامة في " المغني " وعلى هذا بقية التكبيرات إلا من جلس جلسة الاستراحة فإنه ينتهي تكبيره عند انتهاء جلوسه ثم ينهض للقيام بغير تكبير وقال أبو الخطاب : ينهض مكبراً ، وليس بصحيح ؛ فإنه يفضي إلى أن يوالي بين تكبيرتين في ركن واحد لم يرد الشرع بجمعهما فيه ] . اهـ ..
ومن هنا يظهر لك خطأ كثير من الأئمة يرفع رأسه من السجود بدون تكبير فإذا نهض من جلسة الاستراحة كبر وهو مخالف لحديث أبي هريرة قال كان رسول الله ﷺ ... يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه. أخرجه البخاري ومسلم.
والله أعلم
هي الجلسة التي يجلسها المصلي بعد الرفع من السجدة الثانية من الركعة الأولى في الصلاة الثنائية، ومن الركعة الأولى والثالثة من الصلاة الرباعية قبل النهوض إلى القيام للركعة التي تليها، سواء كانت الصلاة فرضاً أونفلاً.
والجلوس فيها كالجلوس بين السجدتين مفترشا.
وقد اختلف العلماء في هذه الجلسة على ثلاثة أقوال أرجحها:
أنها مستحبة وهو قول حماد بن زيد والشافعي في أشهر قوليه وبه قال أكثر أصحابه, وأحمد في رواية اختارها الخلال وقال: رجع أبو عبدالله إلى هذا أي إلى استحبابها.
وقال ابن قدامة: العمل به والمصير إليه وبه قال داود وإسحاق لحديث مالك ابن الحويرث أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا. أخرجه البخاري (823).
وقال ابن رجب: وقال الإمام أحمد في حديث مالك بن الحويرث في الاستواء إذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى، قال: هو صحيح، إسناده صحيح، وقال -أيضاً -: ليس لهذا الحديث ثان. يعني: أنه لم ترو هذه الجلسة في غير الحديث.
وهذا يدل على أن ما روي فيه هذه الجلسة من الحديث غير حديث مالك بن الحويرث، فإنه غير محفوظ، فإنها قد رويت في حديث أبي حميد وأصحابه في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -.خرّجه الإمام أحمد وابن ماجه.
وذكر بعضهم أنه خرّجه أبو داود والترمذي، وإنما خرّجا أصل الحديث، ولم نجد في «كتابيهما» هذه اللفظة.
والظاهر -والله أعلم -: إنها وهم من بعض الرواة، كرر فيه ذكر الجلوس بين السجدتين غلطاً. وبعضهم ذكر سجوده، ثم جلوسه، ثم ذكر أنه نهض. كذا في رواية الترمذي وغيره. فظن بعضهم، أنه نهض عن جلوسٍ، وليس كذلك، إنما المراد بذلك الجلوس: جلوسه بين السجدتين، ولم يذكر صفة الجلسة الثانية لاستغنائه عنها بصفة الجلسةالأولى.
وقد أخرج أبو داود حديث أبي حميد وأصحابه من وجه آخر، وفيه: أنه سجد، ثم جلس فتورك، ثم سجد، ثم كبر فقام ولم يتورك.
وهذه الرواية صريحة في أنه لم يجلس بعد السجدة الثانية.
ويدل عليه, أن طائفة من الحفاظ ذكروا أن حديث أبي حميد ليس فيه ذكر هذه الجلسة.اهـ
قال الحافظ: فيه مشروعية جلسة الاستراحة.اهـ
وقال الصنعاني: وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ هَذِهِ الْقَعْدَةِ بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَالرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَنْهَضُ لِأَدَاءِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، وَتُسَمَّى جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ.... وَيُجَابُ عَنْ الْكُلِّ بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ، إذْ مَنْ فَعَلَهَا فَلِأَنَّهَا سُنَّةٌ، وَمَنْ تَرَكَهَا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهَا فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ يُشْعِرُ بِوُجُوبِهَا، لَكِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ.اهـ
وقال النووي: واعلم أنه ينبغي لكل أحد أن يواظب على هذه الجلسة لصحة الأحاديث فيها وعدم المعارض الصحيح لها ولا تغتر بكثرة المتساهلين بتركها فقد قال الله تعالى ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وقال تعالى ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾.اهـ
والراجح -إن شاء الله تعالى- أن هذه الجلسة مستحبة لأن الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم -في الصلاة- أن تكون للتشريع ، لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي."
ومما يؤيد القول باستحبابها أن راويها مالك بن الحويرث هو راوي الحديث:" صلوا كما رأيتموني أصلي" ،رواه البخاري. فحكايته لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم معتبرة ، فكأنه يفسر بها هذا الأمر الذي رواه.
وما استدل به القائلون بعدم استحبابها من كونها لم تذكر في الأحاديث الأخرى ، غير كاف للرد على القائلين باستحبابها ، لأن الكثير من سنن الصلاة المتفق عليها لم تذكر في كل الأحاديث التي تحكي صفة صلاته صلى الله عليه وسلم. وغاية ما يدل عليه ذلك نفي الوجوب ، لا نفي الاستحباب ، كما هو ظاهر.
«المغني» (2/212) و«المجموع» (3/441و442) و«الفتح لابن رجب» وابن حجر (823) و«الزاد»(1/241).
مسألة هل يكبر عند النهوض منها؟
قال ابن قدامة في " المغني " وعلى هذا بقية التكبيرات إلا من جلس جلسة الاستراحة فإنه ينتهي تكبيره عند انتهاء جلوسه ثم ينهض للقيام بغير تكبير وقال أبو الخطاب : ينهض مكبراً ، وليس بصحيح ؛ فإنه يفضي إلى أن يوالي بين تكبيرتين في ركن واحد لم يرد الشرع بجمعهما فيه ] . اهـ ..
ومن هنا يظهر لك خطأ كثير من الأئمة يرفع رأسه من السجود بدون تكبير فإذا نهض من جلسة الاستراحة كبر وهو مخالف لحديث أبي هريرة قال كان رسول الله ﷺ ... يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه. أخرجه البخاري ومسلم.
والله أعلم
تعليق