أوقات الكراهة
تكره الصلاة في ثلاثة أوقات بعد الفجر حتى ترتفعَ الشمس وعندالزوال في غير يوم الجمعة، وبعد العصر حتى تغرب لحديث عقبة بن عامر الجهني يقولثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلى فيهن أو أن نقبرفيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب. «أخرجه مسلم» (831)
وقد اختلف العلماء في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فقال أحمد الثلاثة المذكورة في الحديث وعدها أصحابه خمسةأوقات من الفجر إلى طلوع الشمس وقت، و من طلوعها إلي ارتفاعها وقت، وحال قيامهاوقت، ومن العصر إلى شروع الشمس بالغروب وقت، و إلى تكامل الغروب وقت.
بين النبي ﷺ علة النهي عن الصلاةفي هذه الأوقات بقوله لعمرو بن عبسة «صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع فإنها تطلع حين تطلع بين قرنى شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح ثم أقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم فإذا أقبل الفىء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلى العصر ثم أقصر عنالصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرنى شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ». أخرجه مسلم (832)
هل النهي يشمل مكة
ذهب الشافعي إلى جواز التنفل بمكة في أوقات الكراهة مطلقاً في الطواف و غيره ورجحه الصنعاني واستدلوا بحديث أبي ذر رضي الله عنه قال قال سمعت رسول الله ﷺ يقول «لاصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا بمكة إلا بمكةإلا بمكة».أخرجه «الدراقطني» و «البيهقي» وضعفه.
وبحديث جبير بن مطعم المتقدم، وليس فيه دليل له فقد قال البيهقي: يحتمل أن يراد بالصلاةصلاة الطواف خاص وهو الأشبه بالآثار.
والراجح ما ذهب إليه أحمد وغيره وهو الكراهة في مكة ولافرق بينهما وبين غيرها من البلدان في المنع من التطوع في أوقات النهي لعموم النهي.
وأما حديث جبير المراد به ركعتي الطواف ورجح ذلك جماعة منهم البيهقي والنووي وابن قدامة.
قال ابن قدامة: ولا فرق بين مكة وغيرها في المنع من التطوع فيأوقات النهي وقال الشافعي: لا يمنع فيها لقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ لاتمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار ] وعن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : [ لا يصلين أحد بعد الصبح إلى طلوع الشمس ولا بعد العصر إلى أن تغرب الشمس إلا بمكة ] يقول : قال ذلك ثلاثا رواه الدارقطني
ولنا : عموم النهي وأنه معنى يمنع الصلاة فاستوت فيه مكة وغيرها كالحيض وحديثهم أراد به ركعتي الطواف فيختض بهماوحديث أبي ذر ضعيف يرويه عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف قاله يحيى بن معين.اهـ
«المجموع» (4/60) و «المغني»(2/535) و «السيل» (1/162)
ركعتيالطواف
يجوز صلاة ركعتين الطواف في أوقات الكراهة لحديث جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّﷺ قَالَ:« يَابَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُنَّ أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أَوْصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ». أخرجه «أحمد» (4/80) و «أبوداود»(1894) و «الترمذي» (868)وغيرهم بإسنادٍ صحيح، وقد صححه العلامة الألباني والوادعي وإليه ذهب الشافعي وأحمد وروي عن ابن عمر وابن الزبير وعطاء وطاوس وأبي ثور وفعلهابن عباس و الحسن والحسين ومجاهد وهو الرجح خلاف للجمهور.
قال الصنعاني: فَالْجُمْهُورُ عَمِلُوا بِأَحَادِيثِ النَّهْيِتَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْكَرَاهَةِ ؛ وَلِأَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ ثَابِتَةٌفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا ، وَهِيَ أَرْجَحُ مِنْ غَيْرِهَا .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى الْعَمَلِ بِهَذَاالْحَدِيثِ ، قَالُوا : لِأَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ قَدْ دَخَلَهَا التَّخْصِيصُ بِالْفَائِتَةِ ، وَالنَّوْمِ عَنْهَا ، وَالنَّافِلَةِ الَّتِي تُقْضَى ،فَضَعَّفُوا جَانِبَ عُمُومِهَا ، فَتُخَصَّصُ أَيْضًا بِهَذَا الْحَدِيثِ .
«المجموع»(4/60) و «المغني»(2/517) و «السبل» (1/161_162)
هل النهي يشمل الظهيرة من يوم الجمعة
يستحب التنفل يوم الجمعة قبل صعود الخطيب المنبر ولا يشمله النهي لما أخرجه «البخاري»(883) عن سلمان الفرسي رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ «لا يغتسل رجل يوم الجمعةويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعةالأخرى». وبه قال الشافعي.
وأماحديث أبي هريرة أنه قال كان الرسول ﷺ« ينهي عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة»فأخرجه «الشافعي» كما في المسند» (1/139) بإسناد ضعيف جداً فيه إبراهيم بن أبي يحيكذاب وإسحاق بن أبي فروة متروك
وجاءبنحوه عن أبي قتادة أخرجه «أبو داود» (1083) و في إسناد ليث بن أبي سليم ضعيف وأبوالخليل يرويه عن أبي قتادة ولم يسمع منه.
وذهب أبوحنيفة والمشهور من مذهب أحمد إلى كراهة الصلاة نصف النهار مطلقاً في يوم الجمعةوغيرها لعموم الأدلة.
والراجح ماذهب إليه الشافعي وبه قال طاوس والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وإسحاق للحديث المتقدم .
قال الصنعاني: ويؤيده فعل أصحاب النبي ﷺ فإنهم كانو يصلون نصف النهار يوم الجمعة ولأنهحث على التبكير إليها ثم رغب في الصلاة إلي خروج الإمام من غير تخصيص ولا إستثناء.اﻫ ورجحه شيخ الإسلام والنووي والصنعاني والحافظ بن جرير.
«المجموع»(4/59) و «المغني» (2/536) و «السيل» (1/160) و «الزاد»(1/378)
قضاءالفوائت في أوقات النهي
ذهبالجمهور من أهل العلم إلى جواز قضاء الفوائت في أوقات النهي وغيرها منهم أبوالعالية والنخعي والشعبي ومجاهد وحماد والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور ومالك والشافعي وأحمد وأكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم لحديث أنس « من نسي الصلاة أو سهى عنهافليصليها إذا ذكرها» ولحديث أبي قتادة قال:قال النبي ﷺ « ليس في النوم تفريط إنماالتفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى فمن فعل ذلك فليصلها حينينتبه لها».أخرجه «مسلم»
ففيهما الأمر بالصلاة عندالإستيقاض أو الذكر لها من غير تخصيص لوقت دون وقت فهو شامل لوقت الكراهة وغيره.
وأما ماستدل به أبو حنيفة وأصحاب الرأي على عدم جوازالقضاء وقت الكراهة بتأخير النبيﷺ الصلاةحتي أبيضت الشمس فقد أجاب عن ذلك الصنعاني بقوله: وَأُجِيبُ عَنْهُ أَوَّلًا :بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَيْقِظْ هُوَوَأَصْحَابُهُ إلَّا حِينَ أَصَابَهُمْ حَرُّ الشَّمْسِ ، كَمَا ثَبَتَ فِيالْحَدِيثِ ، وَلَا يُوقِظُهُمْ حَرُّهَا إلَّا وَقَدْ ارْتَفَعَتْ وَزَالَ وَقْتُالْكَرَاهَةِ .
وَثَانِيًا : بِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ وَجْهَ تَأْخِيرِ أَدَائِهَا عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ ، بِأَنَّهُمْ فِيوَادٍ حَضَرَ فِيهِ الشَّيْطَانُ ، فَخَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ وَصَلَّى فِي غَيْرِهِ .
وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَيْسَ التَّأْخِيرُلِأَجْلِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَوْ سَلِمَ أَنَّهُمْ اسْتَيْقَظُوا وَلَمْ يَكُنْقَدْ خَرَجَ الْوَقْتُ.
فَتَحْصُلُ مِنْ الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا تَحْرُمُ النَّوَافِلُ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُقْضَى النَّوَافِلُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ، أَمَّا صَلَاةُ الْعَصْرِ فَلِم َاسَلَفَ مِنْ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاضِيًا لِنَافِلَةِالظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ ، إنْ لَمْ تَقُلْ : إنَّهُ خَاصٌّ بِهِ ، وَأَمَّاصَلَاةُ الْفَجْرِ فَلِتَقْرِيرِهِ لِمَنْ صَلَّى نَافِلَةَ الْفَجْرِ بَعْدَصَلَاتِهِ ، وَأَنَّهَا تُصَلَّى الْفَرَائِضُ فِي أَيِّ الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِلِنَائِمٍ ، وَنَاسٍ ، وَمُؤَخِّرٍ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ آثِمًا بِالتَّأْخِيرِ ؛وَالصَّلَاةُ أَدَاءٌ فِي الْكُلِّ ، مَا لَمْ يَخْرُجْوَقْتُ الْعَامِدِ فَهِيَ قَضَاءٌ فِي حَقِّهِ ، وَيَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ وَقْتِالزَّوَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِجَوَازِ النَّفْلِفِيهِ.اهـ
«المجموع» (4/75) و «المغني»(2/515) و «السبل» (1/160)
قضاءالسنن الرواتب في أوقات النهي
يجوزقضاء السنن الرواتب في الأوقات المنهي عنها لما أخرجه «البخاري» (1233) و «مسلم»عن أم سلمة أنها رأت الرسول يصلي العصر فأسألته عن ذلك فقال: «يا بنت أبي أميةسألت عن الركعتين بعد العصر وإنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتيناللتين بعد الظهر فهما هاتان» و عموم حديث «من نسي صلاة أو سهي عنها فوقتها حينيذكرها» وإليه ذهب الشافعي و مالك وخصه أحمد في جواز القضاء بعد العصر فقط لحديث أم سلمة ومنعه أصحاب الرأي مطلقاً.
و القولالأول أرجح وهو ترجيح الصنعاني كما تقدم نقله في المسألة الأولى.
«المجموع» (4/57) و«المغني» (2/533) و «السبل» (1/160)
الصلاةعلى الجنازة في أوقات النهي
الصلاةعلى الجنازة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تميل إلى الغروب جا ئزةبالإجماع نقله غير واحد من أهل العلم منهم ابن المنذر والنووي وابن قدامة.
وأماالصلاة عليها في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة بن عامر حين تطلع الشمس حتيترتفع وعند قائم الضهيرة حتي تزول الشمس وحين تتضيف الشمس لغروب حتي تغرب فاختلف فيها على قولين:
أحدها:عدم الجواز لحديث عقبة وإليه ذهب أبوحنيفة ومالك وأحمد وأكثر أهل العلم.
الثاني:الجواز في جميع أوقات النهي وإليه ذهب الشافعي وأحمد في رواية لأنها صلاة ذات سبب فتستثني من النهي.
والراجح القول الأول لحديث عقبة لأن فيه النهي عن الصلاة والنهي عن الدفن وهذه الأوقات الثلاثة قصيرة وليس فيالإنتضار حتي تفوت مشقة وهو ترجيح الصنعاني. «المجموع» (4/57) و «المغني» (2/518)و «السبل» (1/159)
الصلاةالتي لها سبب
يجوزصلاة ذوات الأسباب في أوقات الكراهة كتحيت المسجد وسنة الوضوء وصلاة الكسوف ونحوهاللأدلة المتكاثرة في ذلك منها:
صلاةركعتي الطواف في كل وقت, والصلاة في عقب الوضوء لحديث بلال حين قال: «يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة؟ قال :«ماعملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهورما كتب لي أن أصلي »
وقول النبيﷺ في الكسوف«فإذا رأيتموها ففزعوا إلى الصلاة» وحديث «إذا دخل أحدكم فلا يجلس حتي يصليركعتين» والإجماع على جواز صلاة الجنازة بعد الصبح وغيرها من الأدلة خلافا لأبي حنيفة والمشهور من مذهب أحمد.
«المجموع» (4/58) و «المغني» (2/527) و «السبل» (1/158)
تكره الصلاة في ثلاثة أوقات بعد الفجر حتى ترتفعَ الشمس وعندالزوال في غير يوم الجمعة، وبعد العصر حتى تغرب لحديث عقبة بن عامر الجهني يقولثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلى فيهن أو أن نقبرفيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب. «أخرجه مسلم» (831)
وقد اختلف العلماء في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فقال أحمد الثلاثة المذكورة في الحديث وعدها أصحابه خمسةأوقات من الفجر إلى طلوع الشمس وقت، و من طلوعها إلي ارتفاعها وقت، وحال قيامهاوقت، ومن العصر إلى شروع الشمس بالغروب وقت، و إلى تكامل الغروب وقت.
وهذا هو الراجح لحديث ابن عباس رضي الله عنه قال سمعت غير واحد من أصحاب النبيﷺ منهم عمر بن الخطاب وكان أحبهم إلي أن الرسول«نهي عن الصلاة بعد الفجر حتي تطلع الشمسوبعد العصر حتى تغرب الشمس» أخرجه «البخاري» (571) و «مسلم» (826). «المغني» (2/523)و«المجموع» (4/55) و «شرح مسلم» (885)
العلة في النهي عن الصلاة في هذه الأوقاتبين النبي ﷺ علة النهي عن الصلاةفي هذه الأوقات بقوله لعمرو بن عبسة «صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع فإنها تطلع حين تطلع بين قرنى شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح ثم أقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم فإذا أقبل الفىء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلى العصر ثم أقصر عنالصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرنى شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ». أخرجه مسلم (832)
هل النهي يشمل مكة
ذهب الشافعي إلى جواز التنفل بمكة في أوقات الكراهة مطلقاً في الطواف و غيره ورجحه الصنعاني واستدلوا بحديث أبي ذر رضي الله عنه قال قال سمعت رسول الله ﷺ يقول «لاصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا بمكة إلا بمكةإلا بمكة».أخرجه «الدراقطني» و «البيهقي» وضعفه.
وبحديث جبير بن مطعم المتقدم، وليس فيه دليل له فقد قال البيهقي: يحتمل أن يراد بالصلاةصلاة الطواف خاص وهو الأشبه بالآثار.
والراجح ما ذهب إليه أحمد وغيره وهو الكراهة في مكة ولافرق بينهما وبين غيرها من البلدان في المنع من التطوع في أوقات النهي لعموم النهي.
وأما حديث جبير المراد به ركعتي الطواف ورجح ذلك جماعة منهم البيهقي والنووي وابن قدامة.
قال ابن قدامة: ولا فرق بين مكة وغيرها في المنع من التطوع فيأوقات النهي وقال الشافعي: لا يمنع فيها لقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ لاتمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار ] وعن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : [ لا يصلين أحد بعد الصبح إلى طلوع الشمس ولا بعد العصر إلى أن تغرب الشمس إلا بمكة ] يقول : قال ذلك ثلاثا رواه الدارقطني
ولنا : عموم النهي وأنه معنى يمنع الصلاة فاستوت فيه مكة وغيرها كالحيض وحديثهم أراد به ركعتي الطواف فيختض بهماوحديث أبي ذر ضعيف يرويه عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف قاله يحيى بن معين.اهـ
«المجموع» (4/60) و «المغني»(2/535) و «السيل» (1/162)
ركعتيالطواف
يجوز صلاة ركعتين الطواف في أوقات الكراهة لحديث جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّﷺ قَالَ:« يَابَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُنَّ أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أَوْصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ». أخرجه «أحمد» (4/80) و «أبوداود»(1894) و «الترمذي» (868)وغيرهم بإسنادٍ صحيح، وقد صححه العلامة الألباني والوادعي وإليه ذهب الشافعي وأحمد وروي عن ابن عمر وابن الزبير وعطاء وطاوس وأبي ثور وفعلهابن عباس و الحسن والحسين ومجاهد وهو الرجح خلاف للجمهور.
قال الصنعاني: فَالْجُمْهُورُ عَمِلُوا بِأَحَادِيثِ النَّهْيِتَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْكَرَاهَةِ ؛ وَلِأَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ ثَابِتَةٌفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا ، وَهِيَ أَرْجَحُ مِنْ غَيْرِهَا .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى الْعَمَلِ بِهَذَاالْحَدِيثِ ، قَالُوا : لِأَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ قَدْ دَخَلَهَا التَّخْصِيصُ بِالْفَائِتَةِ ، وَالنَّوْمِ عَنْهَا ، وَالنَّافِلَةِ الَّتِي تُقْضَى ،فَضَعَّفُوا جَانِبَ عُمُومِهَا ، فَتُخَصَّصُ أَيْضًا بِهَذَا الْحَدِيثِ .
«المجموع»(4/60) و «المغني»(2/517) و «السبل» (1/161_162)
هل النهي يشمل الظهيرة من يوم الجمعة
يستحب التنفل يوم الجمعة قبل صعود الخطيب المنبر ولا يشمله النهي لما أخرجه «البخاري»(883) عن سلمان الفرسي رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ «لا يغتسل رجل يوم الجمعةويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعةالأخرى». وبه قال الشافعي.
وأماحديث أبي هريرة أنه قال كان الرسول ﷺ« ينهي عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة»فأخرجه «الشافعي» كما في المسند» (1/139) بإسناد ضعيف جداً فيه إبراهيم بن أبي يحيكذاب وإسحاق بن أبي فروة متروك
وجاءبنحوه عن أبي قتادة أخرجه «أبو داود» (1083) و في إسناد ليث بن أبي سليم ضعيف وأبوالخليل يرويه عن أبي قتادة ولم يسمع منه.
وذهب أبوحنيفة والمشهور من مذهب أحمد إلى كراهة الصلاة نصف النهار مطلقاً في يوم الجمعةوغيرها لعموم الأدلة.
والراجح ماذهب إليه الشافعي وبه قال طاوس والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وإسحاق للحديث المتقدم .
قال الصنعاني: ويؤيده فعل أصحاب النبي ﷺ فإنهم كانو يصلون نصف النهار يوم الجمعة ولأنهحث على التبكير إليها ثم رغب في الصلاة إلي خروج الإمام من غير تخصيص ولا إستثناء.اﻫ ورجحه شيخ الإسلام والنووي والصنعاني والحافظ بن جرير.
«المجموع»(4/59) و «المغني» (2/536) و «السيل» (1/160) و «الزاد»(1/378)
قضاءالفوائت في أوقات النهي
ذهبالجمهور من أهل العلم إلى جواز قضاء الفوائت في أوقات النهي وغيرها منهم أبوالعالية والنخعي والشعبي ومجاهد وحماد والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور ومالك والشافعي وأحمد وأكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم لحديث أنس « من نسي الصلاة أو سهى عنهافليصليها إذا ذكرها» ولحديث أبي قتادة قال:قال النبي ﷺ « ليس في النوم تفريط إنماالتفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى فمن فعل ذلك فليصلها حينينتبه لها».أخرجه «مسلم»
ففيهما الأمر بالصلاة عندالإستيقاض أو الذكر لها من غير تخصيص لوقت دون وقت فهو شامل لوقت الكراهة وغيره.
وأما ماستدل به أبو حنيفة وأصحاب الرأي على عدم جوازالقضاء وقت الكراهة بتأخير النبيﷺ الصلاةحتي أبيضت الشمس فقد أجاب عن ذلك الصنعاني بقوله: وَأُجِيبُ عَنْهُ أَوَّلًا :بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَيْقِظْ هُوَوَأَصْحَابُهُ إلَّا حِينَ أَصَابَهُمْ حَرُّ الشَّمْسِ ، كَمَا ثَبَتَ فِيالْحَدِيثِ ، وَلَا يُوقِظُهُمْ حَرُّهَا إلَّا وَقَدْ ارْتَفَعَتْ وَزَالَ وَقْتُالْكَرَاهَةِ .
وَثَانِيًا : بِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ وَجْهَ تَأْخِيرِ أَدَائِهَا عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ ، بِأَنَّهُمْ فِيوَادٍ حَضَرَ فِيهِ الشَّيْطَانُ ، فَخَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ وَصَلَّى فِي غَيْرِهِ .
وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَيْسَ التَّأْخِيرُلِأَجْلِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَوْ سَلِمَ أَنَّهُمْ اسْتَيْقَظُوا وَلَمْ يَكُنْقَدْ خَرَجَ الْوَقْتُ.
فَتَحْصُلُ مِنْ الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا تَحْرُمُ النَّوَافِلُ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُقْضَى النَّوَافِلُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ، أَمَّا صَلَاةُ الْعَصْرِ فَلِم َاسَلَفَ مِنْ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاضِيًا لِنَافِلَةِالظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ ، إنْ لَمْ تَقُلْ : إنَّهُ خَاصٌّ بِهِ ، وَأَمَّاصَلَاةُ الْفَجْرِ فَلِتَقْرِيرِهِ لِمَنْ صَلَّى نَافِلَةَ الْفَجْرِ بَعْدَصَلَاتِهِ ، وَأَنَّهَا تُصَلَّى الْفَرَائِضُ فِي أَيِّ الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِلِنَائِمٍ ، وَنَاسٍ ، وَمُؤَخِّرٍ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ آثِمًا بِالتَّأْخِيرِ ؛وَالصَّلَاةُ أَدَاءٌ فِي الْكُلِّ ، مَا لَمْ يَخْرُجْوَقْتُ الْعَامِدِ فَهِيَ قَضَاءٌ فِي حَقِّهِ ، وَيَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ وَقْتِالزَّوَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِجَوَازِ النَّفْلِفِيهِ.اهـ
«المجموع» (4/75) و «المغني»(2/515) و «السبل» (1/160)
قضاءالسنن الرواتب في أوقات النهي
يجوزقضاء السنن الرواتب في الأوقات المنهي عنها لما أخرجه «البخاري» (1233) و «مسلم»عن أم سلمة أنها رأت الرسول يصلي العصر فأسألته عن ذلك فقال: «يا بنت أبي أميةسألت عن الركعتين بعد العصر وإنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتيناللتين بعد الظهر فهما هاتان» و عموم حديث «من نسي صلاة أو سهي عنها فوقتها حينيذكرها» وإليه ذهب الشافعي و مالك وخصه أحمد في جواز القضاء بعد العصر فقط لحديث أم سلمة ومنعه أصحاب الرأي مطلقاً.
و القولالأول أرجح وهو ترجيح الصنعاني كما تقدم نقله في المسألة الأولى.
«المجموع» (4/57) و«المغني» (2/533) و «السبل» (1/160)
الصلاةعلى الجنازة في أوقات النهي
الصلاةعلى الجنازة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تميل إلى الغروب جا ئزةبالإجماع نقله غير واحد من أهل العلم منهم ابن المنذر والنووي وابن قدامة.
وأماالصلاة عليها في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة بن عامر حين تطلع الشمس حتيترتفع وعند قائم الضهيرة حتي تزول الشمس وحين تتضيف الشمس لغروب حتي تغرب فاختلف فيها على قولين:
أحدها:عدم الجواز لحديث عقبة وإليه ذهب أبوحنيفة ومالك وأحمد وأكثر أهل العلم.
الثاني:الجواز في جميع أوقات النهي وإليه ذهب الشافعي وأحمد في رواية لأنها صلاة ذات سبب فتستثني من النهي.
والراجح القول الأول لحديث عقبة لأن فيه النهي عن الصلاة والنهي عن الدفن وهذه الأوقات الثلاثة قصيرة وليس فيالإنتضار حتي تفوت مشقة وهو ترجيح الصنعاني. «المجموع» (4/57) و «المغني» (2/518)و «السبل» (1/159)
الصلاةالتي لها سبب
يجوزصلاة ذوات الأسباب في أوقات الكراهة كتحيت المسجد وسنة الوضوء وصلاة الكسوف ونحوهاللأدلة المتكاثرة في ذلك منها:
صلاةركعتي الطواف في كل وقت, والصلاة في عقب الوضوء لحديث بلال حين قال: «يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة؟ قال :«ماعملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهورما كتب لي أن أصلي »
وقول النبيﷺ في الكسوف«فإذا رأيتموها ففزعوا إلى الصلاة» وحديث «إذا دخل أحدكم فلا يجلس حتي يصليركعتين» والإجماع على جواز صلاة الجنازة بعد الصبح وغيرها من الأدلة خلافا لأبي حنيفة والمشهور من مذهب أحمد.
«المجموع» (4/58) و «المغني» (2/527) و «السبل» (1/158)
تعليق