مساجد البيوت
السنة الغائبة
السنة الغائبة
تعريفه
مسجد البيت : هو المكان الذي يعده صاحب البيت و يهيئه لصلاة السنن و النوافل و قراءة القرآن و ذكر الله عز وجل .
حكمه
اتخاذ المساجد في البيوت سُنة مستحبة ، للرجال و النساء على حد سواء .
قال ابن عابدين : " يُندب للرجل أيضاً أن يخصص موضعاً من بيته لصلاة النافلة " حاشية ابن عابدين [ 2/441 ]
أدلة مشروعيته
1) يدخل في عموم قول الله عز وجل : { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } يونس ( 87 )
2) و يدل عليه ما رواه الإمام ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه : " أن رجلا من الأنصار أرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعال فخط لي مسجدا في داري أصلي فيه وذلك بعد ما عمي فجاء ففعل . " صحيح ابن ماجة [ 755 ] .
3) و ما رواه الإمام البخاري أن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال : ووددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم سأفعل إن شاء الله قال عتبان فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنت له فلم يجلس حتى دخل البيت ثم قال أين تحب أن أصلي من بيتك قال فأشرت له إلى ناحية من البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر فقمنا فصفنا فصلى ركعتين ثم سلم . البخاري ( 407 ) .
4) و يدخل تحت الأحاديث الكثيرة التي بها الحث على صلاة النافلة في البيت ومنها :
أ) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( عليكم بالصلاة في بيوتكم ، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة )
ب) عن عبد الله بن سعد رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أفضل الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد ؟ قال : ( ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد فلأن أصلي في بيتي أحب إلي من أن أصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة ) .صحيح ، صحيح أبو داود ( 205 ) ، صحيح ابن ماجة ( 1378 ) ، الإرواء ( 2 / 190 ) ، صحيح الترغيب والترهيب ( 439 ) .
و معلوم " أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم فعل السنن و التطوع في البيت إلا لعارض ، كما أن هديه كان فعل الفرائض في المسجد إلا لعارض من سفر أو مرض أو غيره مما يمنعه من المسجد " زاد المعاد [ 1/298 ]
5) ويدل عليه فعل السلف لهذه العبادة بل واشتهارها عندهم :
فقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرحاً على باب [ المساجد في البيوت ] من الصحيح : " كان من عادة السلف أن يتخذوا في بيوتهم أماكن معدة للصلاة فيها " فلو أنك ترجع إلى تتمة كلامه فهو مهم .
و قد روي عن كثير من السلف أنهم اتخذوا في بيوتهم مساجد ، يخصصونها للذكر و صلاة النوافل و غير ذلك .. ومن هذه الآثار :
أ) ما رواه الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها في قصة هجرة النبي صلى الله عليه وسلم و صاحبه الصديق أبو بكر رضي الله عنه إلى المدينة و فيه كلام عائشة عن أبي بكر الصديق أنه " ابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن " البخاري (3905)
و عليه فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو أول من بنى مسجداً في بيته .
ب) و قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه " من سره أن يلقى الله عز وجل غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن فإن الله عز وجل شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى وإني لا أحسب منكم أحدا إلا له مسجد يصلي فيه في بيته فلو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من عبد مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يمشي إلى صلاة إلا كتب الله عز وجل له بكل خطوة يخطوها حسنة أو يرفع له بها درجة أو يكفر عنه بها خطيئة ولقد رأيتنا نقارب بين الخطا ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم نفاقه ولقد رأيت الرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " . صحيح أبي داود ( 559 ) ، ابن ماجة ( 777 ) ، النسائي ( 849 ) الإرواء ( 488 ) .
فقوله : " وإني لا أحسب منكم أحدا إلا له مسجد يصلي فيه في بيته " دليل على شهرة هذا الأمر بين السلف ، و هو دليل على انتشار مساجد البيوت في عهد السلف الصالح رضي الله عنهم .
جـ ) و هذا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه أيضاً اتخذ مسجداً في داره ، كما روى ذلك ابن ابي شيبة في المصنف ، و كان إذا دخل بيته صلى ركعتين و إذا خرج صلى ركعتين ، كما في الأثر الذي صححه الحافظ ابن حجر في الإصابة .
د) و روى ابن أبي شيبة في المصنف أن أبي مجلز - رضي الله عنه - قد اتخذ مسجداً في بيته ؛ وربما صلى فيه بأهله و غلمانه جماعة .
ر ) و جويرية - رضي الله عنها - اتخذت مسجداً في بيتها كما روى الإمام مسلم في صحيحه .
س ) و زينب - رضي الله عنها - اتخذت مسجداً في بيتها أيضاً ، كما روى ذلك الإمام مسلم في صحيحه كذلك . ص ) و هذا أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه اتخذ في بيته مسجداً ، و أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي فيه .
ط ) و هذه أم حميد رضي الله عنها أمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل . صحيح الترغيب و الترهيب [ 340 ] .
ع ) و هذا عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - كان له مسجداً في بيته ، و قد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم . البخاري ( 6910 )
ف ) و ابراهيم النخعي - رحمه الله - كان له مسجداً في بيته أيضاً ..
فيظهر من ذلك اشتهار مساجد البيوت عند السلف ، فقد بوب الإمام البخاري في صحيحه : [ باب المساجد في البيوت ، وصلى البراء بن عازب في مسجده في داره جماعة ] ، و كذا الإمام ابن ماجة : [ باب المساجد في الدور ] .
هيئته
إما أن يكون مسجد البيت غرفة كاملة من البيت تتخذ مسجداً ، أو يخصص موضع معين في إحدى نواحي غرفة من غرف البيت .
هل له حكم المسجد العام ؟!
كلا ، ليس لمسجد البيت حكم المساجد العامة ، فلا يسن للداخل إليه أن يصلي ركعتين تحية للمسجد ، ولا يكون فيه اعتكاف ، و يمكث فيه الحائض و الجنب ، و يدخله من أكل ثوماً أو بصلاً ، و يجوز بيعه إذ بيع البيت فإن اتخاذ تلك البقعة مكاناً مخصصاً للصلاة في البيت ، لم تصيره و قفاً لله يحرم بيعه .
ولكن يُستحب أن يصلي المسلم ركعتين عند الدخول إلى البيت و ركعتين عند الخروج منه لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مخرج السوء ، و إذا دخلت إلى منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مدخل السوء ) الصحيحة ( 1323 ) .
السلف في مساجد بيوتهم
هناك آثار و قصص كثيرة تروى عن السلف ، تثير العجب من شدة إخلاصهم في الصلاة و التزامهم إياها في مساجد بيوتهم ، و تظهر مدى اهتمامهم بالذكر و التعبد و التهجد في مساجد بيوتهم ، بل هذا أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه يموت ساجداً في مسجد بيته ، وهذا صلة لا يخرج من مسجد بيته إلى فراشه إلا حبواً ، وكذا مسلم بن يسار إذا دخل مسجد بيته يصلي لا يسمع حديث أهله مع أنهم معاه في نفس البيت ! ، وهذا مالك الخثعمي ما يجيء نصف الليل إلا وهو في مسجد بيته يصلي .
فانظروا ايها الكرام ، بأي شيء كان اهتمام السلف العظام ...
فلما كانت الآخرة أكبر همومهم ، كان مسجد البيت أهم ركن في دورهم ، و كان مسجد البيت ملاذهم الآمن بعد بيت الله عز وجل ، يعكفون فيه على الصلاة و الذكر و الخشوع .
أما نحن !! وقد أخذتنا الدنيا كل مأخذ ... فإن أكبر اهتماماتنا في بيوتنا هي غرف النوم و صالة الضيوف و غرف الطبخ و صالة ( التلفزيون ) ...!
هم خشوع و عبادة ، و نحن متاع ولهو ...! وكل إناء بما فيه ينضح ...
فتعالوا نسير على خطى السلف الكرام في هديهم و سمتهم و عبادتهم .. و لنتخذ مسجداً في بيوتنا نعمره بالذكر و الصلوات ، ونعتني بتنظيفه و تطيبه و ترتيبه كل حين .
من آثاره و فوائده
1] . تقوية العلاقة بالله عز وجل ، بكثرة العبادة و الصلاة ، وبإحياء هذه السنة المهجورة ، فهذان أجران اثنان في فعل واحد .
2] . تعليم الصلاة لأهل البيت ، فيكون مسجد البيت محوراً أساسياً في بيت المسلمين ، يوجههم إلى كل خير و إلى محاسن التربية ، ففيه الصلاة مع الأهل ، و فيه تعلم الشرع سوياً ، و فيه حفظ القرآن و السنة و مذاكرتهما في كل حين .. وهذا من شأنه أن يقوي الروابط الأسرية ، و يصقلها متينة على أساس الكتاب و السنة ، و العلم و الإخلاص .
3] . التحفيز على العبادة ، و التذكير بها ، فلكما وقع نظره على مصلاه حن للسجود و الخضوع و البكاء بين يدي الله .
المراجع :
- كل ما ذكرت أثناء الكلام من كتب و جوامع للأحاديث .
- و قد استفدت كثيراً من كتاب " مساجد البيوت أحكامها و آدابها " .
مسجد البيت : هو المكان الذي يعده صاحب البيت و يهيئه لصلاة السنن و النوافل و قراءة القرآن و ذكر الله عز وجل .
حكمه
اتخاذ المساجد في البيوت سُنة مستحبة ، للرجال و النساء على حد سواء .
قال ابن عابدين : " يُندب للرجل أيضاً أن يخصص موضعاً من بيته لصلاة النافلة " حاشية ابن عابدين [ 2/441 ]
أدلة مشروعيته
1) يدخل في عموم قول الله عز وجل : { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } يونس ( 87 )
2) و يدل عليه ما رواه الإمام ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه : " أن رجلا من الأنصار أرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعال فخط لي مسجدا في داري أصلي فيه وذلك بعد ما عمي فجاء ففعل . " صحيح ابن ماجة [ 755 ] .
3) و ما رواه الإمام البخاري أن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال : ووددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم سأفعل إن شاء الله قال عتبان فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنت له فلم يجلس حتى دخل البيت ثم قال أين تحب أن أصلي من بيتك قال فأشرت له إلى ناحية من البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر فقمنا فصفنا فصلى ركعتين ثم سلم . البخاري ( 407 ) .
4) و يدخل تحت الأحاديث الكثيرة التي بها الحث على صلاة النافلة في البيت ومنها :
أ) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( عليكم بالصلاة في بيوتكم ، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة )
ب) عن عبد الله بن سعد رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أفضل الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد ؟ قال : ( ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد فلأن أصلي في بيتي أحب إلي من أن أصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة ) .صحيح ، صحيح أبو داود ( 205 ) ، صحيح ابن ماجة ( 1378 ) ، الإرواء ( 2 / 190 ) ، صحيح الترغيب والترهيب ( 439 ) .
و معلوم " أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم فعل السنن و التطوع في البيت إلا لعارض ، كما أن هديه كان فعل الفرائض في المسجد إلا لعارض من سفر أو مرض أو غيره مما يمنعه من المسجد " زاد المعاد [ 1/298 ]
5) ويدل عليه فعل السلف لهذه العبادة بل واشتهارها عندهم :
فقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرحاً على باب [ المساجد في البيوت ] من الصحيح : " كان من عادة السلف أن يتخذوا في بيوتهم أماكن معدة للصلاة فيها " فلو أنك ترجع إلى تتمة كلامه فهو مهم .
و قد روي عن كثير من السلف أنهم اتخذوا في بيوتهم مساجد ، يخصصونها للذكر و صلاة النوافل و غير ذلك .. ومن هذه الآثار :
أ) ما رواه الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها في قصة هجرة النبي صلى الله عليه وسلم و صاحبه الصديق أبو بكر رضي الله عنه إلى المدينة و فيه كلام عائشة عن أبي بكر الصديق أنه " ابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن " البخاري (3905)
و عليه فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو أول من بنى مسجداً في بيته .
ب) و قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه " من سره أن يلقى الله عز وجل غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن فإن الله عز وجل شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى وإني لا أحسب منكم أحدا إلا له مسجد يصلي فيه في بيته فلو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من عبد مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يمشي إلى صلاة إلا كتب الله عز وجل له بكل خطوة يخطوها حسنة أو يرفع له بها درجة أو يكفر عنه بها خطيئة ولقد رأيتنا نقارب بين الخطا ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم نفاقه ولقد رأيت الرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " . صحيح أبي داود ( 559 ) ، ابن ماجة ( 777 ) ، النسائي ( 849 ) الإرواء ( 488 ) .
فقوله : " وإني لا أحسب منكم أحدا إلا له مسجد يصلي فيه في بيته " دليل على شهرة هذا الأمر بين السلف ، و هو دليل على انتشار مساجد البيوت في عهد السلف الصالح رضي الله عنهم .
جـ ) و هذا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه أيضاً اتخذ مسجداً في داره ، كما روى ذلك ابن ابي شيبة في المصنف ، و كان إذا دخل بيته صلى ركعتين و إذا خرج صلى ركعتين ، كما في الأثر الذي صححه الحافظ ابن حجر في الإصابة .
د) و روى ابن أبي شيبة في المصنف أن أبي مجلز - رضي الله عنه - قد اتخذ مسجداً في بيته ؛ وربما صلى فيه بأهله و غلمانه جماعة .
ر ) و جويرية - رضي الله عنها - اتخذت مسجداً في بيتها كما روى الإمام مسلم في صحيحه .
س ) و زينب - رضي الله عنها - اتخذت مسجداً في بيتها أيضاً ، كما روى ذلك الإمام مسلم في صحيحه كذلك . ص ) و هذا أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه اتخذ في بيته مسجداً ، و أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي فيه .
ط ) و هذه أم حميد رضي الله عنها أمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل . صحيح الترغيب و الترهيب [ 340 ] .
ع ) و هذا عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - كان له مسجداً في بيته ، و قد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم . البخاري ( 6910 )
ف ) و ابراهيم النخعي - رحمه الله - كان له مسجداً في بيته أيضاً ..
فيظهر من ذلك اشتهار مساجد البيوت عند السلف ، فقد بوب الإمام البخاري في صحيحه : [ باب المساجد في البيوت ، وصلى البراء بن عازب في مسجده في داره جماعة ] ، و كذا الإمام ابن ماجة : [ باب المساجد في الدور ] .
هيئته
إما أن يكون مسجد البيت غرفة كاملة من البيت تتخذ مسجداً ، أو يخصص موضع معين في إحدى نواحي غرفة من غرف البيت .
هل له حكم المسجد العام ؟!
كلا ، ليس لمسجد البيت حكم المساجد العامة ، فلا يسن للداخل إليه أن يصلي ركعتين تحية للمسجد ، ولا يكون فيه اعتكاف ، و يمكث فيه الحائض و الجنب ، و يدخله من أكل ثوماً أو بصلاً ، و يجوز بيعه إذ بيع البيت فإن اتخاذ تلك البقعة مكاناً مخصصاً للصلاة في البيت ، لم تصيره و قفاً لله يحرم بيعه .
ولكن يُستحب أن يصلي المسلم ركعتين عند الدخول إلى البيت و ركعتين عند الخروج منه لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مخرج السوء ، و إذا دخلت إلى منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مدخل السوء ) الصحيحة ( 1323 ) .
السلف في مساجد بيوتهم
هناك آثار و قصص كثيرة تروى عن السلف ، تثير العجب من شدة إخلاصهم في الصلاة و التزامهم إياها في مساجد بيوتهم ، و تظهر مدى اهتمامهم بالذكر و التعبد و التهجد في مساجد بيوتهم ، بل هذا أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه يموت ساجداً في مسجد بيته ، وهذا صلة لا يخرج من مسجد بيته إلى فراشه إلا حبواً ، وكذا مسلم بن يسار إذا دخل مسجد بيته يصلي لا يسمع حديث أهله مع أنهم معاه في نفس البيت ! ، وهذا مالك الخثعمي ما يجيء نصف الليل إلا وهو في مسجد بيته يصلي .
فانظروا ايها الكرام ، بأي شيء كان اهتمام السلف العظام ...
فلما كانت الآخرة أكبر همومهم ، كان مسجد البيت أهم ركن في دورهم ، و كان مسجد البيت ملاذهم الآمن بعد بيت الله عز وجل ، يعكفون فيه على الصلاة و الذكر و الخشوع .
أما نحن !! وقد أخذتنا الدنيا كل مأخذ ... فإن أكبر اهتماماتنا في بيوتنا هي غرف النوم و صالة الضيوف و غرف الطبخ و صالة ( التلفزيون ) ...!
هم خشوع و عبادة ، و نحن متاع ولهو ...! وكل إناء بما فيه ينضح ...
فتعالوا نسير على خطى السلف الكرام في هديهم و سمتهم و عبادتهم .. و لنتخذ مسجداً في بيوتنا نعمره بالذكر و الصلوات ، ونعتني بتنظيفه و تطيبه و ترتيبه كل حين .
من آثاره و فوائده
1] . تقوية العلاقة بالله عز وجل ، بكثرة العبادة و الصلاة ، وبإحياء هذه السنة المهجورة ، فهذان أجران اثنان في فعل واحد .
2] . تعليم الصلاة لأهل البيت ، فيكون مسجد البيت محوراً أساسياً في بيت المسلمين ، يوجههم إلى كل خير و إلى محاسن التربية ، ففيه الصلاة مع الأهل ، و فيه تعلم الشرع سوياً ، و فيه حفظ القرآن و السنة و مذاكرتهما في كل حين .. وهذا من شأنه أن يقوي الروابط الأسرية ، و يصقلها متينة على أساس الكتاب و السنة ، و العلم و الإخلاص .
3] . التحفيز على العبادة ، و التذكير بها ، فلكما وقع نظره على مصلاه حن للسجود و الخضوع و البكاء بين يدي الله .
المراجع :
- كل ما ذكرت أثناء الكلام من كتب و جوامع للأحاديث .
- و قد استفدت كثيراً من كتاب " مساجد البيوت أحكامها و آدابها " .
و كتبه طالباً من ربه المعونة و السداد
مُحَمَّدُ جَمِيلِ حَمَّامِي
غفر الله له و لوالديه و للمسلمين
مُحَمَّدُ جَمِيلِ حَمَّامِي
غفر الله له و لوالديه و للمسلمين
تعليق