التجول
في بعض ما عند
عبدالله بن مرعي العدني
من تسول
قرأها وأذن بنشرها شيخنا الناصح الأمين
أبو عبدالرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى
كتبه:
أبو إبراهيم محمد بن فرج باريدي العمودي الشحري الحضرمي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فمما جاء في «معيار العلم والدين»، لعبدالله بن مرعي بن بريك العدني -المقيم في الشحر من ساحل حضرموت إمام وخطيب مسجد التقوى المسمى بدار الحديث- من النفي والتكذيب للشهود من طلبة العلم بدار الحديث بدماج؛ الذين شهدوا عند شيخنا يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله تعالى-، على أن بعض الصيادين ينْزلون إلى البحر، في يوم محدود ويجعلونه للدعوة، فانبرى لهم عبدالله بن مرعي؛ مكذبًا ونافيًا وقوع التسول منه من الصيادين وغيرهم.
فقال في «معياره» (ص21) مخاطبًا لشيخنا يحيى: (قولك: يومًا محدودًا. إن قصدت به يومًا في الشهر، أو الأسبوع، وحتى في السنة، يستمرون عليه فهذا كذب، لا وجود له في الواقع...).
وهكذا يفعل عبدالله بن مرعي في رد شهادة إخواننا طلبة العلم، وتكذيبهم، والطعن فيما ينقلونه عنه من أخبار صحيحة، بقيود وصور ينطلق منها إلى رد شهادتهم؛ لعله أن يظفر بسقوطهم، وتشويه سمعتهم؛ حين حكوا عنه صورةً وحالة لا وجود لها وقت كتابته «للمعيار»، متخفيًا بحقيقة حاله بهذه القيود.
وإنني ذاكرٌ لك -بإذن الله عز وجل- حقيقة أمر هذا النافي والمكذِّب لما نسب إليه من التسول من الصيادين وغيرهم، وسواء كان هذا التسول محدودًا بيوم معين، أم كان مطلقًا؛ ليقف كل منصف وطالب للحق على حال عبدالله بن مرعي في التسول، وما جرَّ به من نفرة للناس في الشحر عن الدعوة السلفية، وقد سلك طُرقًا في التسول لم يسلكها أصحاب الجمعيات في الشحر فيما نعلم، كما ستراها في ثنايا هذه الرسالة.
مقدمة بين يدي الدخول في تفاصيل التسول
إن لعبدالله بن مرعي تَفَنُّنًا في التسول، سواء بَاشَرَ ذلك بنفسه، أم بواسطة من يعده لذلك بأي صور الإعداد، وذلك على حالات منها:
1- يقوم بِحَثِّ بعض الصيادين بعد اجتماعه بهم على مساعدة الدعوة، وذكر حاجتها وفقرها والديون التي عليها.
2- يقوم بعض الأحيان أمام الناس بعد صلاة الجمعة، أو بعد المحاضرة، ويسألهم مالًا لبعض مشاريع الدعوة.
3- يقوم بِحَثِّ بعض الصيادين بفعله إذا رآهم قد مَلُّوا من ركوب البحر من أجل الدعوة، فيركب معهم البحر تشجيعًا لهم على ذلك!!!
4- يذهب أحيانا إلى من يُرْسَلُ إليه بعض المال لتوزيعه ولو كلف ذلك الوقوف في الشمس!!!
5- يبين أحيانًا لبعض الصيادين بعد اجتماعه بهم: حاجة الدعوة، والديون التي عليها، فيقوم بعض مقربيه بالتبرع بلسانه، حتى ظن بعض الحاضرين من تكرار هذا الصنيع من هؤلاء الإخوة بأن هناك تواطؤًا بينهم وبين عبدالله بن مرعي؛ من أجل أن يتسارع البقية لمساعدة الدعوة!!
6- يقوم بعض عماله في مشاريع الدعوة بتسول عجيب، تجده في هذه الرسالة.
7- يقوم بعض أصحابه بنشر دعاية رَحِيْلِهِ من الشحر إذا لم يساعده أحد في تكاليف دعوته.
وإليك تفاصيل ذلك:
تسوله من الصيادين
1- إن أول دورة أقامها عبدالله بن مرعي كانت في أول نزوله إلى الشحر سنة (1419هـ)، ادَّعى فيها أنه استدان خمسمائة ألف ريال يمني لهذه الدورة، ثم نشر هذا الخبر بين الناس خصوصًا الصيادين، فقام بعض أصحابه بالدعاية والإكثار من ذكر هذا الدين وحث الناس على التصدق.
ثم وضع بعض مقربي عبدالله فكرة يحصلون بها مالًا يسددون به ذلك الدين الذي أخذه عبدالله بن مرعي لأجل هذه الدعوة.
الفكرة هي: حث الصيادين على ركوب البحر في يوم الجمعة وما تحصلوا عليه من مال في هذا اليوم يكون لوفاء الدين الذي أخذه عبدالله لتلك الدورة.
تنبيه: هذه الفكرة لم تعرف في ساحل حضرموت إلا بعد مجيئ عبدالله بن مرعي إلى الشحر، فالله أعلم من الواضع الحقيقي لهذه الفكرة التي لم تقتصر على وفاء الدين المزعوم، بل استمرت سنوات طويلة حتى ملّ الناس ذلك، ونفروا من عبدالله بن مرعي ودعوته، إلا بعض أصحاب تلك الدعايات، أو من هو مغرور به.
ثم أكد أصحاب عبدالله هذه الفكرة ونفذوها، فتحصلوا على أموال كثيرة فأعجبهم ذلك واسْتَحْلَوهُ، ثم ازدادوا في ذكر (أن الدعوة عليها خمسمائة ألف)، وكأن المال الذي تحصلوا عليه من ركوب البحر لم يؤثر في ذلك الدين شيئًا!
واستمر ركوب البحر في يوم الجمعة، وكل ما تحصلوا عليه من مال يكون للدعوة حتى جاءت الدورة الثانية، ولا تزال الخمسمائة ألف التي أخذت دينًا من أجل الدورة الأولى موجودة لم يؤثر فيها ركوب الصيادين البحر لمدة سنة كاملة!!!
وفي هذه الفترة فتح عبدالله بن مرعي مشاريع للدعوة، وركوب البحر مستمر وما تحصلوا عليه من مال يكون للدعوة.
وأما الدين الذي أخذ من أجل الدورة الأولى لم ينقطع ذكره، والدندنة حوله، حتى أنكر عليهم الصيادون بقولهم: إلى متى وهذا الدين لم يسدد؟!! وأصحاب عبدالله غير مبالين بهذا الإنكار، إلا بعد فترة من الزمن سكتوا عن تحديد وتقييد الدين بخمسمائة ألف، وأطلقوا أمر (دين الدعوة) من غير تقييد بعدد معين إلى وقتنا هذا، والله المستعان.
فكانت هذه الدورة الميمونة والدين الذي أخذه من أجلها أول لبنة وضعها عبدالله بن مرعي للانطلاق منها إلى فتح باب التسول الذي لم يُغلق إلى وقتنا الحاضر، «ومعياره» خير شاهد على ذلك.
تنبيه: إن العلم في مراكز أهل السنة في اليمن، سائر فيها على مر السنة، وليست هي أماكن دورات مقيدة كما يصنع عبدالله بن مرعي.
2- إذا ملَّ الصيادون ركوب البحر في يوم الجمعة من أجل الدعوة، قام أصحاب عبدالله بنشر الدعاية وإخبار الناس بأن الشيخ عبدالله سيركب البحر في هذا اليوم، فينشط الصيادون لركوب البحر مع الشيخ عبدالله، وما كسبوه في ذلك اليوم يكون للدعوة.
3- وفي بعض الأحيان يجمع بعض الصيادين وينصحهم، ثم يشرح لهم حاجة الدعوة والديون التي عليها، ويحثهم على التصدق ويطلب منهم تحديد شيء من المال يكون للدعوة، ويقول: شيء يسير مستمر فيه الخير والبركة، أو بهذا المعنى، المهم يحثهم على عطاء مستمر.
4- أخبرنا زميلنا الفاضل: عبد القادر بربيد الشحري، قال: كنا جلوسا في مسجد التقوى بعد صلاة الفجر يوم الجمعة فأتى إلينا وكيل عبدالله بن مرعي، وقال لنا: إن الشيخ عبدالله أخبرني أن أصحاب الريدة الشرقية أخبروه أنهم ركبوا البحر -كعادة أصحاب الشحر- وتحصلوا على ثلاثمائة ألف، وسألوه هل يبنون بها بيتين في دماج ويكونان صدقة لمن أراد منهم أن يذهب إلى دماج، أم أنهم يضعونها في مصالح مسجدهم؟ فأشار عليهم بوضعها في مصالح مسجدهم.
ثم بحث هذا الوكيل عمن يركب معهم البحر في ذلك اليوم فوافقه اثنان ورفض البقية!!
فقال الوكيل أمام الناس: أين محبتهم للدعوة؟! هل هؤلاء يحبون الدعوة؟! سلام الله على الصوفية، سلام الله على الحزبية.اهـ
وهكذا يسلط عبدالله الغوغاء على أهل السنة، وجوابه ما قال زهير:
سألنا فأعطيتم وعدنا فعدتم
ومن أكثر التسآل يومًا سيحرم
وبهذا والذي بعده يظهر لك فساد وسقوط قول عبدالله في «معياره» (ص21): (ثم تركت ذلك -أي التسول من الصيادين- لا لحرمته ولكن درءًا لمفسدة أصحاب الأفهام السقيمة).
تنبيه: الغالب عندنا أن كل أسرة تعمل في البحر يكون مالها مشتركًا، فكل ما يحصلونه من البحر طيلة الأسبوع يرجع إلى ذلك المال المشترك، إلا يوم الجمعة، فتكون فيه راحتهم، ومن ركب فيه تكون حصيلة يومه لخاصة نفسه دون أسرته.
فأراد أصحاب عبدالله أن يأخذوا حصيلة هذا اليوم، ويكون للدعوة، فطاوعهم جماعة من الصيادين في كثير من الأوقات، ولكن لما استمر أصحاب عبدالله في أخذ مالهم وأكثروا من ذلك أدى إلى رفض البعض منهم الركوب معهم إلى البحر أحيانًا، ويركبون مع غيرهم حتى لا يؤخذ عليهم مال ذلك اليوم.
5- وقبل مجيء الشيخ عبيد الجابري -حفظه الله تعالى- إلى الشحر، قام بعض أصحاب عبدالله بن مرعي بالتسول من الصيادين من أجل دورة الشيخ عبيد -حفظه الله تعالى- فطلبوا من كل صاحب قارب خمسة آلاف، ومن استطاع الزيادة على الخمسة ألف فليفعل.
6- وبعد انتهاء دورة الشيخ عبيد -حفظه الله تعالى- جمع عبدالله بن مرعي بعض الصيادين في بيته ثم كلمهم عن حاجة الدعوة والديون التي عليها، وذكر لهم أن عندهم -أي عند الدعوة- مليون ريال يمني للشيخ سالم بامحرز، وأن صرفية مركزه في الشهر ثلاثمائة وعشرين ألفًا، ثم طلب من الصيادين أن يحددوا شيئًا من أموالهم للدعوة.
فقال بعضهم: ندفع واحدًا في المائة من دخلنا، وقال بعضهم: ندفع اثنين في المائة من دخلنا، وقال بعضهم: ندفع كل شهر ألفي ريال، وقال البعض الآخر: كل على قدر استطاعته.
وكان رأي عبدالله أن يدفع كل شخص ولو خمسين ريالًا كل شهر-ويكون مستمرًا- فيه البركة.
والأخ عبدالله يعرف حق المعرفة أن الصيادين يستحي أحدهم أن يدفع مثل هذا المبلغ الزهيد، وإن تجرأ هذا الصياد على الدفع المحدد لم يتركه الموكَّل بجمع ذلك، فالبركة التي أشار إليها في الدفع اليسير هي ما يحصل من الزيادة على هذا القدر اليسير بسبب الحياء الذي عندهم أو بسبب ما يقوم به الموكل من تحميس لدفع أكبر، كما حصل مثل هذا في مدرسة الأولاد!!
فقد نشروا بين الناس في بدء أمرها أن الدراسة في هذه المدرسة ستكون مجانية، ثم إذا بالأخ عبدالله بن مرعي يجتمع بآباء الأولاد وينصحهم ويرشدهم ثم يبين لهم حال الدعوة وحاجتها والديون التي عليها، وأن المدرسين يحتاجون إلى مرتبات ثم يقترح عليهم أن تكون على المستطيع خمسمائة ريال يمني كل شهر على كل طالب. فماذا حصل بعد هذا التحديد؟!!
قال الأخ عبد القادر الشحري: التقيت بالساعي الذي يسعى لأخذ الأجرة المقررة على كل طالب من أوليائهم، وهو يشتكي من بعض الآباء الذين عندهم القدرة على دفع أجرة تعليم أبنائهم ولم يفعلوا، فقال عبدالقادر للساعي: كم المقرر على كل طالب في الشهر؟ فقال الساعي: خمسمائة ريال؟ فقال عبد القادر: وفي السنة على كل طالب ستة آلاف ريال، فلماذا لا تأخذونها دفعة واحدة في بداية كل سنة؛ لأنها ستكون سهلة عليهم؟!!
قال الساعي: لا نريدها دفعة واحدة لأن بعضهم يستحيي أن يدفع خمسمائة ريال فيدفع خمسة آلاف! وبعضهم أربعة آلاف كل شهر عن ولده !!! اهـ
وأخبرني محسن المهري قال: أخبرني بعض صيادي الشحر -وهو من المعروفين عندنا- أنه يدفع كل شهر خمسة آلاف ريال عن ولده.اهـ
فهذه هي البركة التي يسعى إليها عبدالله بن مرعي!!!
7- أخبرني أبو بلال الحضرمي أنه اتصل بالأخ عبدالله بن مرعي بناء على طلب شيخنا يحيى -حفظه الله تعالى- أن يقول له: إنك جلست مع بعض الصيادين مرة وسألتهم مالًا؟ فقال عبدالله: نعم أنا جلست مع بعض الصيادين لأجل المدرسة حق البنات لأنهم هم الذين طلبوا منا فتح ذلك، وعزموا على مساعدتها ثم رأيناهم في الفترة الأخيرة يتأخرون عن ذلك فجلست معهم لأجل هذا. اهـ
8- أرسل بعض أصحاب عبدالله بن مرعي أبا معاذ الشحري إلى رئيس جمعية صيادي الخور بالشحر، من أجل أن تساهم هذه الجمعية في بناء سقف صرح مسجد التقوى، فأعطاهم هذا الرئيس مائة ألف، وبعد استلامهم لهذا المال الذي أخذوه من أجل بناء سقف صرح المسجد لم ينفذوا من البناء شيئًا حتى الآن وله قرابة ثلاثة سنوات.
9- قامت جمعية صيادي الخور بالشحر بتوزيع أسهم المشتركين من الصيادين فيها، فقام بعض أصحاب عبدالله بتسجيل بعض أسماء المساهمين في هذه الجمعية؛ من أجل أن يأخذوا أنصبة الصيادين فتكون للدعوة، فإذا اعترض أحد الصيادين عن تسجيل الأسماء، قيل له: إن كنت تريد أن نضرب على اسمك فعلنا، فيستحيي ويتظاهر بعضهم بالموافقة؛ خشية التهمة بالبخل.
تسوله من التجار
10- قبل نزول الشيخ عبيد الجابري -حفظه الله تعالى- إلى الشحر، نشر بين الناس خبر نزوله وأن الناس سيأتون من كل مكان، وهذا يحتاج إلى مال كبير، وأن الشيخ عبدالله يقول: من كانت له معرفة بتاجر فليكلمه، ومن كانت له معرفة بأي أحد يستطيع التصدق فليكلمه.
11- وفي بعض الأحيان يذهب هو وعبدالله باسعد إلى بعض من يرسل إليه بعض المال، من قِبَلِ تجار الخليج، فيقفان له خارج البيت بعد الظهر ولو كلفهم ذلك الوقوف في الشمس.
12- في بعض الأحيان يستدين عبدالله بن مرعي من بعض التجار باسم الدعوة فإذا جاء وقت التسديد، قال للتاجر: اجعله من الزكاة.
وهكذا يتفنن في أخذ الأموال من التجار.
13- جاء ثلاثة نفر من مقربي عبدالله منهم عبدالله باسعد إلى بعض إخواننا الواحد تلو الآخر؛ من أجل أن يذهب إلى بعض التجار الذين يعرفهم الأخ فيطلب منه المساعدة للدعوة، فأبى، ويشكر على ذلك.
تسوله من عامة الناس
14- قام عبدالله بن مرعي ذات مرة في مسجد التقوى بعد صلاة الجمعة مباشرة وبيَّن للناس حاجة الدعوة، وأن عنده مشروع تحويل أشرطة الغناء إلى مواعظ...
وأن الدعوة لا تستطيع أن تقوم بهذا المشروع، ثم قال: من كان عنده مال فليتصدق بماله، ومن عنده مسجلة جديدة أو قديمة، أو شريط جديد أو قديم، كل على قدر استطاعته، ثم قال لهم: والكراتين على الأبواب. وقد استاء الناس من هذا الفعل جدًا.
تنبيه: تسوله للأشرطة مناسب لما قام من أجله.
وأما تسوله للمسجلات الجديدة والقديمة فما علاقتها بتحويل أشرطة الغناء إلى مواعظ؟!! إلا إذا أراد الأخ عبدالله أن يفتح مشروعًا جديدًا لبيع المسجلات! ويكون مردوده لصالح الدعوة فهذا أمر خارج عما قام يتسول من أجله، فكان ينبغي عليه أن يبين للناس سبب تسوله للمسجلات.
15- وبعد فترة من هذا القيام أعلن عبدالله بن مرعي محاضرة في مسجد عبد الرحيم بالشحر، وبعد المحاضرة وصلاة العشاء، قام عبدالله مباشرة مناديًا وحاثًا الحاضرين على التصدق... ثم بين للناس أنه يريد أن يحول أشرطة الغناء إلى مواعظ، ثم قال: من كان معه مال الآن فليعطه فلانًا، ومن كان عنده مسجلة جديدة أو قديمة أو شريط جديد أو قديم فليعطه فلانًا. اهـ
فانظر أخي القارئ إلى هذين الموضعين يظهر لك جليًا قلة ماء وجه هذا المتسول ولا تغتر بتصنعه في «معياره» (ص22)، حيث قال: (وقد رأيت شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله يحث على الصدقة في يوم العيد غير مرة ونحن لا نتجاسر أن نفعل مثل هذا.) اهـ
16- وقام عبدالله ذات مرة بعد صلاة الجمعة في مسجد التقوى وبين للناس أنهم يحتاجون أن يبنوا دورًا ثانيًا لمدرسة البنات، وأن المدرسة الأولى لم تسعهم، وأن الدعوة غير قادرة على ذلك، ثم قال: من أراد أن يتصدق بماله فليتصدق بماله، ومن أراد أن يتصدق بالحصى أو بالإسمنت أو بالخشت كل على قدر استطاعته، أو بهذا المعنى.
17- أعلن الأخ عبدالله بن مرعي محاضرة في قرية معيان المساجدة -قرية من ضواحي الشحر-، وسجلت ثم أخفوا الشريط من أول يوم، ولما سأل بعض الناس عنه قالوا: قد ملأه الشيخ عبدالله بالتسول، وبعد فترة من هذه المحاضرة ذهب الأخ عبدالله إلى هذه القرية من أجل أن يشتري أرضًا تكون مركزًا له، وطلب من أصحاب الأراضي أن يساعدوا الدعوة فيبيعوها برخص.
تسول أصحاب عبدالله من السماسرة
18- وفي بعض الأحيان يأتون ببعض التجار من أجل أن يشتري بعض الأراضي، ثم يعرضون على السمسار أن تكون عمولته في هذه البيعة للدعوة؛ لأنها محتاجة، وعليها ديون، وقد تبلغ العمولة في هذا البيع إلى سبعمائة ألف، فإن أبى هذا السمسار إلا أن يأخذ حقه عرقلوا البيع.
تسولهم بباص الدعوة
19- سبق لنا في رسالتنا «نبذة مختصرة عن مشاريع عبدالله بن مرعي المشتهرة» أنهم يؤجرون باص الدعوة للمحاضرات، ويأخذون من كل راكب مبلغًا معينًا، فإذا بقي للراكب شيء من المال المدفوع، كخمسين أو ثلاثين ريالًا أو نحو ذلك، قال: محصل الباص للراكب: للدعوة. أي اتركه للدعوة، فيستحيي الراكب، ويتركه ولا يطالب به، وفي بعض الأحيان، يقول: الراكب للمحصل: كم على الراكب؟ فيقول: مائة أو مائة وخمسون.
تسولهم ببقالة الدعوة
20- سبق لنا في النبذة المختصرة أن للدعوة بقالة، فكان العامل فيها يستخدم أسلوبًا في التسول، كأسلوب محصل باص الدعوة –وهذا يدل على أن المدرس لهم في ذلك واحد-، فإذا اشترى الإنسان من البقالة شيئًا وبقي له شيء من المال المدفوع، كمائة أو خمسين ريالًا أو حتى خمسة ريال، قال له عامل البقالة: أُوه للدعوة، أي اتركه للدعوة. فيستحيي المشتري ويتركه ولا يطالب به، وهكذا لمدة طويلة، وفي الآونة الأخيرة وبعد تحويلها إلى مشاركة بالأسهم تركوا ذلك.
فهذه نبذه مختضرة عن تسولات عبدالله بن مرعي التي قام بها في مدينة الشحر، وبعض ضواحيها، خاصة دون غيرها من المدن والبلدان التي أعرضت عن ذكر تسولاته فيها إلى الآن، كالسعودية، وبعض دول الخليج.
ومن العجيب ما رأيته فيه أنه يستوي عنده الأمران: الشدة والرخاء في عدم نسيانه مقامه في التسول، وعادته في عرض حاجة وفقر دعوته من أجل مساعدتها، ويظهر ذلك جليًا في رده على نصائح شيخنا يحيى -حفظه الله تعالى- المسمى «بالمعيار»، فقال (ص11): (...بل إن المعهد يصبر على المعسرين ويتحمل التكاليف عنهم وكم تراكمت الديون بسبب هذا وغيره)، وقال (ص20): (... وقد أنفقت مبالغ كبيرة في أمر حفر البئر ولم يستكمل بل ما زالت تلك الديون أضعاف ما دفع هؤلاء الإخوة).اهـ
ولسان حاله يقول: شيء لله يا محسنين؛ فإن الدعوة عليها ديون.
وصدق من قال: التسول أفيون كثير من الدعاة.
ومن المذهل أن دعوة عبدالله بن مرعي لم تغتن يوما من الدهر مع كثرة تسوله في السعودية وبعض دول الخليج وغيرها من البلاد، ومع جهد بعض الصيادين، والطرق المتقدمة التي استخدمها في جلب المال، وكثرة مشاريع الدعوة وغيرها والتي شغَّل فيها الطلاب، وفي هذه الأيام فتح مشروعًا جديدًا شغَّل فيه بعض الإندونيسيين، وهو عمل مخللات من عشار وغيره في ستة عشر برميلًا يسع كل برميل مئات اللترات!!!، وحتى النساء شغَّلهن في التدريس والبيع في سوق النساء التابع للدعوة، وطبخ بعض المبيعات، فلربما دخلت المدرسة الفصل وعليها رائحة الطبخ والله المستعان.
فدعوته تذكرنا بالطفل اليمني عند الحزب الاشتراكي الذي طالما قام الحزب بالتسول لهذا الطفل البائس من المواطنين في جميع شؤون حياة الناس، فربما قدرت تلك الأموال المأخوذة من الناس لهذا الطفل بميزانية بلد كامل، حتى كره الناس في جنوب اليمن هذا الطفل المنحوس، فلم يكبر ولم يبارك فيه طيلة حكم الحزب الاشتراكي حتى أهلك الله عز وجل هذا الحزب.
وبما سطرناه في هذه الرسالة من أمر تسول عبدالله بن مرعي الموثق بشهرته وشهوده يستبين لكل منصف وطالب للحق صدق وصحة خبر الشهود من طلبة العلم فيما شهدوا به على أخينا عبدالله بن عمر بن مرعي العدني هداه الله عز وجل.
وبما قدمناه يظهر لك بُعد عبدالله بن مرعي عن دعوة شيخنا مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى، الذي بنى دعوته على العفاف والتعفف اقتداء بالنبي وسلفنا الصالح، ومن أجل هذه الدعوة وصيانتها ألف كتابه المشهور: «ذم المسألة» الذي لا يستغني عنه عالم ولا طالب علم، ولا داعية، يصون به دينه ودعوته.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كتبه: أبو إبراهيم محمد باريدي العمودي الشحري الحضرمي.
ليلة الخميس/ 5/ رجب/ 1428هـ
في بعض ما عند
عبدالله بن مرعي العدني
من تسول
قرأها وأذن بنشرها شيخنا الناصح الأمين
أبو عبدالرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى
كتبه:
أبو إبراهيم محمد بن فرج باريدي العمودي الشحري الحضرمي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فمما جاء في «معيار العلم والدين»، لعبدالله بن مرعي بن بريك العدني -المقيم في الشحر من ساحل حضرموت إمام وخطيب مسجد التقوى المسمى بدار الحديث- من النفي والتكذيب للشهود من طلبة العلم بدار الحديث بدماج؛ الذين شهدوا عند شيخنا يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله تعالى-، على أن بعض الصيادين ينْزلون إلى البحر، في يوم محدود ويجعلونه للدعوة، فانبرى لهم عبدالله بن مرعي؛ مكذبًا ونافيًا وقوع التسول منه من الصيادين وغيرهم.
فقال في «معياره» (ص21) مخاطبًا لشيخنا يحيى: (قولك: يومًا محدودًا. إن قصدت به يومًا في الشهر، أو الأسبوع، وحتى في السنة، يستمرون عليه فهذا كذب، لا وجود له في الواقع...).
وهكذا يفعل عبدالله بن مرعي في رد شهادة إخواننا طلبة العلم، وتكذيبهم، والطعن فيما ينقلونه عنه من أخبار صحيحة، بقيود وصور ينطلق منها إلى رد شهادتهم؛ لعله أن يظفر بسقوطهم، وتشويه سمعتهم؛ حين حكوا عنه صورةً وحالة لا وجود لها وقت كتابته «للمعيار»، متخفيًا بحقيقة حاله بهذه القيود.
وإنني ذاكرٌ لك -بإذن الله عز وجل- حقيقة أمر هذا النافي والمكذِّب لما نسب إليه من التسول من الصيادين وغيرهم، وسواء كان هذا التسول محدودًا بيوم معين، أم كان مطلقًا؛ ليقف كل منصف وطالب للحق على حال عبدالله بن مرعي في التسول، وما جرَّ به من نفرة للناس في الشحر عن الدعوة السلفية، وقد سلك طُرقًا في التسول لم يسلكها أصحاب الجمعيات في الشحر فيما نعلم، كما ستراها في ثنايا هذه الرسالة.
مقدمة بين يدي الدخول في تفاصيل التسول
إن لعبدالله بن مرعي تَفَنُّنًا في التسول، سواء بَاشَرَ ذلك بنفسه، أم بواسطة من يعده لذلك بأي صور الإعداد، وذلك على حالات منها:
1- يقوم بِحَثِّ بعض الصيادين بعد اجتماعه بهم على مساعدة الدعوة، وذكر حاجتها وفقرها والديون التي عليها.
2- يقوم بعض الأحيان أمام الناس بعد صلاة الجمعة، أو بعد المحاضرة، ويسألهم مالًا لبعض مشاريع الدعوة.
3- يقوم بِحَثِّ بعض الصيادين بفعله إذا رآهم قد مَلُّوا من ركوب البحر من أجل الدعوة، فيركب معهم البحر تشجيعًا لهم على ذلك!!!
4- يذهب أحيانا إلى من يُرْسَلُ إليه بعض المال لتوزيعه ولو كلف ذلك الوقوف في الشمس!!!
5- يبين أحيانًا لبعض الصيادين بعد اجتماعه بهم: حاجة الدعوة، والديون التي عليها، فيقوم بعض مقربيه بالتبرع بلسانه، حتى ظن بعض الحاضرين من تكرار هذا الصنيع من هؤلاء الإخوة بأن هناك تواطؤًا بينهم وبين عبدالله بن مرعي؛ من أجل أن يتسارع البقية لمساعدة الدعوة!!
6- يقوم بعض عماله في مشاريع الدعوة بتسول عجيب، تجده في هذه الرسالة.
7- يقوم بعض أصحابه بنشر دعاية رَحِيْلِهِ من الشحر إذا لم يساعده أحد في تكاليف دعوته.
وإليك تفاصيل ذلك:
تسوله من الصيادين
1- إن أول دورة أقامها عبدالله بن مرعي كانت في أول نزوله إلى الشحر سنة (1419هـ)، ادَّعى فيها أنه استدان خمسمائة ألف ريال يمني لهذه الدورة، ثم نشر هذا الخبر بين الناس خصوصًا الصيادين، فقام بعض أصحابه بالدعاية والإكثار من ذكر هذا الدين وحث الناس على التصدق.
ثم وضع بعض مقربي عبدالله فكرة يحصلون بها مالًا يسددون به ذلك الدين الذي أخذه عبدالله بن مرعي لأجل هذه الدعوة.
الفكرة هي: حث الصيادين على ركوب البحر في يوم الجمعة وما تحصلوا عليه من مال في هذا اليوم يكون لوفاء الدين الذي أخذه عبدالله لتلك الدورة.
تنبيه: هذه الفكرة لم تعرف في ساحل حضرموت إلا بعد مجيئ عبدالله بن مرعي إلى الشحر، فالله أعلم من الواضع الحقيقي لهذه الفكرة التي لم تقتصر على وفاء الدين المزعوم، بل استمرت سنوات طويلة حتى ملّ الناس ذلك، ونفروا من عبدالله بن مرعي ودعوته، إلا بعض أصحاب تلك الدعايات، أو من هو مغرور به.
ثم أكد أصحاب عبدالله هذه الفكرة ونفذوها، فتحصلوا على أموال كثيرة فأعجبهم ذلك واسْتَحْلَوهُ، ثم ازدادوا في ذكر (أن الدعوة عليها خمسمائة ألف)، وكأن المال الذي تحصلوا عليه من ركوب البحر لم يؤثر في ذلك الدين شيئًا!
واستمر ركوب البحر في يوم الجمعة، وكل ما تحصلوا عليه من مال يكون للدعوة حتى جاءت الدورة الثانية، ولا تزال الخمسمائة ألف التي أخذت دينًا من أجل الدورة الأولى موجودة لم يؤثر فيها ركوب الصيادين البحر لمدة سنة كاملة!!!
وفي هذه الفترة فتح عبدالله بن مرعي مشاريع للدعوة، وركوب البحر مستمر وما تحصلوا عليه من مال يكون للدعوة.
وأما الدين الذي أخذ من أجل الدورة الأولى لم ينقطع ذكره، والدندنة حوله، حتى أنكر عليهم الصيادون بقولهم: إلى متى وهذا الدين لم يسدد؟!! وأصحاب عبدالله غير مبالين بهذا الإنكار، إلا بعد فترة من الزمن سكتوا عن تحديد وتقييد الدين بخمسمائة ألف، وأطلقوا أمر (دين الدعوة) من غير تقييد بعدد معين إلى وقتنا هذا، والله المستعان.
فكانت هذه الدورة الميمونة والدين الذي أخذه من أجلها أول لبنة وضعها عبدالله بن مرعي للانطلاق منها إلى فتح باب التسول الذي لم يُغلق إلى وقتنا الحاضر، «ومعياره» خير شاهد على ذلك.
تنبيه: إن العلم في مراكز أهل السنة في اليمن، سائر فيها على مر السنة، وليست هي أماكن دورات مقيدة كما يصنع عبدالله بن مرعي.
2- إذا ملَّ الصيادون ركوب البحر في يوم الجمعة من أجل الدعوة، قام أصحاب عبدالله بنشر الدعاية وإخبار الناس بأن الشيخ عبدالله سيركب البحر في هذا اليوم، فينشط الصيادون لركوب البحر مع الشيخ عبدالله، وما كسبوه في ذلك اليوم يكون للدعوة.
3- وفي بعض الأحيان يجمع بعض الصيادين وينصحهم، ثم يشرح لهم حاجة الدعوة والديون التي عليها، ويحثهم على التصدق ويطلب منهم تحديد شيء من المال يكون للدعوة، ويقول: شيء يسير مستمر فيه الخير والبركة، أو بهذا المعنى، المهم يحثهم على عطاء مستمر.
4- أخبرنا زميلنا الفاضل: عبد القادر بربيد الشحري، قال: كنا جلوسا في مسجد التقوى بعد صلاة الفجر يوم الجمعة فأتى إلينا وكيل عبدالله بن مرعي، وقال لنا: إن الشيخ عبدالله أخبرني أن أصحاب الريدة الشرقية أخبروه أنهم ركبوا البحر -كعادة أصحاب الشحر- وتحصلوا على ثلاثمائة ألف، وسألوه هل يبنون بها بيتين في دماج ويكونان صدقة لمن أراد منهم أن يذهب إلى دماج، أم أنهم يضعونها في مصالح مسجدهم؟ فأشار عليهم بوضعها في مصالح مسجدهم.
ثم بحث هذا الوكيل عمن يركب معهم البحر في ذلك اليوم فوافقه اثنان ورفض البقية!!
فقال الوكيل أمام الناس: أين محبتهم للدعوة؟! هل هؤلاء يحبون الدعوة؟! سلام الله على الصوفية، سلام الله على الحزبية.اهـ
وهكذا يسلط عبدالله الغوغاء على أهل السنة، وجوابه ما قال زهير:
سألنا فأعطيتم وعدنا فعدتم
ومن أكثر التسآل يومًا سيحرم
وبهذا والذي بعده يظهر لك فساد وسقوط قول عبدالله في «معياره» (ص21): (ثم تركت ذلك -أي التسول من الصيادين- لا لحرمته ولكن درءًا لمفسدة أصحاب الأفهام السقيمة).
تنبيه: الغالب عندنا أن كل أسرة تعمل في البحر يكون مالها مشتركًا، فكل ما يحصلونه من البحر طيلة الأسبوع يرجع إلى ذلك المال المشترك، إلا يوم الجمعة، فتكون فيه راحتهم، ومن ركب فيه تكون حصيلة يومه لخاصة نفسه دون أسرته.
فأراد أصحاب عبدالله أن يأخذوا حصيلة هذا اليوم، ويكون للدعوة، فطاوعهم جماعة من الصيادين في كثير من الأوقات، ولكن لما استمر أصحاب عبدالله في أخذ مالهم وأكثروا من ذلك أدى إلى رفض البعض منهم الركوب معهم إلى البحر أحيانًا، ويركبون مع غيرهم حتى لا يؤخذ عليهم مال ذلك اليوم.
5- وقبل مجيء الشيخ عبيد الجابري -حفظه الله تعالى- إلى الشحر، قام بعض أصحاب عبدالله بن مرعي بالتسول من الصيادين من أجل دورة الشيخ عبيد -حفظه الله تعالى- فطلبوا من كل صاحب قارب خمسة آلاف، ومن استطاع الزيادة على الخمسة ألف فليفعل.
6- وبعد انتهاء دورة الشيخ عبيد -حفظه الله تعالى- جمع عبدالله بن مرعي بعض الصيادين في بيته ثم كلمهم عن حاجة الدعوة والديون التي عليها، وذكر لهم أن عندهم -أي عند الدعوة- مليون ريال يمني للشيخ سالم بامحرز، وأن صرفية مركزه في الشهر ثلاثمائة وعشرين ألفًا، ثم طلب من الصيادين أن يحددوا شيئًا من أموالهم للدعوة.
فقال بعضهم: ندفع واحدًا في المائة من دخلنا، وقال بعضهم: ندفع اثنين في المائة من دخلنا، وقال بعضهم: ندفع كل شهر ألفي ريال، وقال البعض الآخر: كل على قدر استطاعته.
وكان رأي عبدالله أن يدفع كل شخص ولو خمسين ريالًا كل شهر-ويكون مستمرًا- فيه البركة.
والأخ عبدالله يعرف حق المعرفة أن الصيادين يستحي أحدهم أن يدفع مثل هذا المبلغ الزهيد، وإن تجرأ هذا الصياد على الدفع المحدد لم يتركه الموكَّل بجمع ذلك، فالبركة التي أشار إليها في الدفع اليسير هي ما يحصل من الزيادة على هذا القدر اليسير بسبب الحياء الذي عندهم أو بسبب ما يقوم به الموكل من تحميس لدفع أكبر، كما حصل مثل هذا في مدرسة الأولاد!!
فقد نشروا بين الناس في بدء أمرها أن الدراسة في هذه المدرسة ستكون مجانية، ثم إذا بالأخ عبدالله بن مرعي يجتمع بآباء الأولاد وينصحهم ويرشدهم ثم يبين لهم حال الدعوة وحاجتها والديون التي عليها، وأن المدرسين يحتاجون إلى مرتبات ثم يقترح عليهم أن تكون على المستطيع خمسمائة ريال يمني كل شهر على كل طالب. فماذا حصل بعد هذا التحديد؟!!
قال الأخ عبد القادر الشحري: التقيت بالساعي الذي يسعى لأخذ الأجرة المقررة على كل طالب من أوليائهم، وهو يشتكي من بعض الآباء الذين عندهم القدرة على دفع أجرة تعليم أبنائهم ولم يفعلوا، فقال عبدالقادر للساعي: كم المقرر على كل طالب في الشهر؟ فقال الساعي: خمسمائة ريال؟ فقال عبد القادر: وفي السنة على كل طالب ستة آلاف ريال، فلماذا لا تأخذونها دفعة واحدة في بداية كل سنة؛ لأنها ستكون سهلة عليهم؟!!
قال الساعي: لا نريدها دفعة واحدة لأن بعضهم يستحيي أن يدفع خمسمائة ريال فيدفع خمسة آلاف! وبعضهم أربعة آلاف كل شهر عن ولده !!! اهـ
وأخبرني محسن المهري قال: أخبرني بعض صيادي الشحر -وهو من المعروفين عندنا- أنه يدفع كل شهر خمسة آلاف ريال عن ولده.اهـ
فهذه هي البركة التي يسعى إليها عبدالله بن مرعي!!!
7- أخبرني أبو بلال الحضرمي أنه اتصل بالأخ عبدالله بن مرعي بناء على طلب شيخنا يحيى -حفظه الله تعالى- أن يقول له: إنك جلست مع بعض الصيادين مرة وسألتهم مالًا؟ فقال عبدالله: نعم أنا جلست مع بعض الصيادين لأجل المدرسة حق البنات لأنهم هم الذين طلبوا منا فتح ذلك، وعزموا على مساعدتها ثم رأيناهم في الفترة الأخيرة يتأخرون عن ذلك فجلست معهم لأجل هذا. اهـ
8- أرسل بعض أصحاب عبدالله بن مرعي أبا معاذ الشحري إلى رئيس جمعية صيادي الخور بالشحر، من أجل أن تساهم هذه الجمعية في بناء سقف صرح مسجد التقوى، فأعطاهم هذا الرئيس مائة ألف، وبعد استلامهم لهذا المال الذي أخذوه من أجل بناء سقف صرح المسجد لم ينفذوا من البناء شيئًا حتى الآن وله قرابة ثلاثة سنوات.
9- قامت جمعية صيادي الخور بالشحر بتوزيع أسهم المشتركين من الصيادين فيها، فقام بعض أصحاب عبدالله بتسجيل بعض أسماء المساهمين في هذه الجمعية؛ من أجل أن يأخذوا أنصبة الصيادين فتكون للدعوة، فإذا اعترض أحد الصيادين عن تسجيل الأسماء، قيل له: إن كنت تريد أن نضرب على اسمك فعلنا، فيستحيي ويتظاهر بعضهم بالموافقة؛ خشية التهمة بالبخل.
تسوله من التجار
10- قبل نزول الشيخ عبيد الجابري -حفظه الله تعالى- إلى الشحر، نشر بين الناس خبر نزوله وأن الناس سيأتون من كل مكان، وهذا يحتاج إلى مال كبير، وأن الشيخ عبدالله يقول: من كانت له معرفة بتاجر فليكلمه، ومن كانت له معرفة بأي أحد يستطيع التصدق فليكلمه.
11- وفي بعض الأحيان يذهب هو وعبدالله باسعد إلى بعض من يرسل إليه بعض المال، من قِبَلِ تجار الخليج، فيقفان له خارج البيت بعد الظهر ولو كلفهم ذلك الوقوف في الشمس.
12- في بعض الأحيان يستدين عبدالله بن مرعي من بعض التجار باسم الدعوة فإذا جاء وقت التسديد، قال للتاجر: اجعله من الزكاة.
وهكذا يتفنن في أخذ الأموال من التجار.
13- جاء ثلاثة نفر من مقربي عبدالله منهم عبدالله باسعد إلى بعض إخواننا الواحد تلو الآخر؛ من أجل أن يذهب إلى بعض التجار الذين يعرفهم الأخ فيطلب منه المساعدة للدعوة، فأبى، ويشكر على ذلك.
تسوله من عامة الناس
14- قام عبدالله بن مرعي ذات مرة في مسجد التقوى بعد صلاة الجمعة مباشرة وبيَّن للناس حاجة الدعوة، وأن عنده مشروع تحويل أشرطة الغناء إلى مواعظ...
وأن الدعوة لا تستطيع أن تقوم بهذا المشروع، ثم قال: من كان عنده مال فليتصدق بماله، ومن عنده مسجلة جديدة أو قديمة، أو شريط جديد أو قديم، كل على قدر استطاعته، ثم قال لهم: والكراتين على الأبواب. وقد استاء الناس من هذا الفعل جدًا.
تنبيه: تسوله للأشرطة مناسب لما قام من أجله.
وأما تسوله للمسجلات الجديدة والقديمة فما علاقتها بتحويل أشرطة الغناء إلى مواعظ؟!! إلا إذا أراد الأخ عبدالله أن يفتح مشروعًا جديدًا لبيع المسجلات! ويكون مردوده لصالح الدعوة فهذا أمر خارج عما قام يتسول من أجله، فكان ينبغي عليه أن يبين للناس سبب تسوله للمسجلات.
15- وبعد فترة من هذا القيام أعلن عبدالله بن مرعي محاضرة في مسجد عبد الرحيم بالشحر، وبعد المحاضرة وصلاة العشاء، قام عبدالله مباشرة مناديًا وحاثًا الحاضرين على التصدق... ثم بين للناس أنه يريد أن يحول أشرطة الغناء إلى مواعظ، ثم قال: من كان معه مال الآن فليعطه فلانًا، ومن كان عنده مسجلة جديدة أو قديمة أو شريط جديد أو قديم فليعطه فلانًا. اهـ
فانظر أخي القارئ إلى هذين الموضعين يظهر لك جليًا قلة ماء وجه هذا المتسول ولا تغتر بتصنعه في «معياره» (ص22)، حيث قال: (وقد رأيت شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله يحث على الصدقة في يوم العيد غير مرة ونحن لا نتجاسر أن نفعل مثل هذا.) اهـ
16- وقام عبدالله ذات مرة بعد صلاة الجمعة في مسجد التقوى وبين للناس أنهم يحتاجون أن يبنوا دورًا ثانيًا لمدرسة البنات، وأن المدرسة الأولى لم تسعهم، وأن الدعوة غير قادرة على ذلك، ثم قال: من أراد أن يتصدق بماله فليتصدق بماله، ومن أراد أن يتصدق بالحصى أو بالإسمنت أو بالخشت كل على قدر استطاعته، أو بهذا المعنى.
17- أعلن الأخ عبدالله بن مرعي محاضرة في قرية معيان المساجدة -قرية من ضواحي الشحر-، وسجلت ثم أخفوا الشريط من أول يوم، ولما سأل بعض الناس عنه قالوا: قد ملأه الشيخ عبدالله بالتسول، وبعد فترة من هذه المحاضرة ذهب الأخ عبدالله إلى هذه القرية من أجل أن يشتري أرضًا تكون مركزًا له، وطلب من أصحاب الأراضي أن يساعدوا الدعوة فيبيعوها برخص.
تسول أصحاب عبدالله من السماسرة
18- وفي بعض الأحيان يأتون ببعض التجار من أجل أن يشتري بعض الأراضي، ثم يعرضون على السمسار أن تكون عمولته في هذه البيعة للدعوة؛ لأنها محتاجة، وعليها ديون، وقد تبلغ العمولة في هذا البيع إلى سبعمائة ألف، فإن أبى هذا السمسار إلا أن يأخذ حقه عرقلوا البيع.
تسولهم بباص الدعوة
19- سبق لنا في رسالتنا «نبذة مختصرة عن مشاريع عبدالله بن مرعي المشتهرة» أنهم يؤجرون باص الدعوة للمحاضرات، ويأخذون من كل راكب مبلغًا معينًا، فإذا بقي للراكب شيء من المال المدفوع، كخمسين أو ثلاثين ريالًا أو نحو ذلك، قال: محصل الباص للراكب: للدعوة. أي اتركه للدعوة، فيستحيي الراكب، ويتركه ولا يطالب به، وفي بعض الأحيان، يقول: الراكب للمحصل: كم على الراكب؟ فيقول: مائة أو مائة وخمسون.
تسولهم ببقالة الدعوة
20- سبق لنا في النبذة المختصرة أن للدعوة بقالة، فكان العامل فيها يستخدم أسلوبًا في التسول، كأسلوب محصل باص الدعوة –وهذا يدل على أن المدرس لهم في ذلك واحد-، فإذا اشترى الإنسان من البقالة شيئًا وبقي له شيء من المال المدفوع، كمائة أو خمسين ريالًا أو حتى خمسة ريال، قال له عامل البقالة: أُوه للدعوة، أي اتركه للدعوة. فيستحيي المشتري ويتركه ولا يطالب به، وهكذا لمدة طويلة، وفي الآونة الأخيرة وبعد تحويلها إلى مشاركة بالأسهم تركوا ذلك.
فهذه نبذه مختضرة عن تسولات عبدالله بن مرعي التي قام بها في مدينة الشحر، وبعض ضواحيها، خاصة دون غيرها من المدن والبلدان التي أعرضت عن ذكر تسولاته فيها إلى الآن، كالسعودية، وبعض دول الخليج.
ومن العجيب ما رأيته فيه أنه يستوي عنده الأمران: الشدة والرخاء في عدم نسيانه مقامه في التسول، وعادته في عرض حاجة وفقر دعوته من أجل مساعدتها، ويظهر ذلك جليًا في رده على نصائح شيخنا يحيى -حفظه الله تعالى- المسمى «بالمعيار»، فقال (ص11): (...بل إن المعهد يصبر على المعسرين ويتحمل التكاليف عنهم وكم تراكمت الديون بسبب هذا وغيره)، وقال (ص20): (... وقد أنفقت مبالغ كبيرة في أمر حفر البئر ولم يستكمل بل ما زالت تلك الديون أضعاف ما دفع هؤلاء الإخوة).اهـ
ولسان حاله يقول: شيء لله يا محسنين؛ فإن الدعوة عليها ديون.
وصدق من قال: التسول أفيون كثير من الدعاة.
ومن المذهل أن دعوة عبدالله بن مرعي لم تغتن يوما من الدهر مع كثرة تسوله في السعودية وبعض دول الخليج وغيرها من البلاد، ومع جهد بعض الصيادين، والطرق المتقدمة التي استخدمها في جلب المال، وكثرة مشاريع الدعوة وغيرها والتي شغَّل فيها الطلاب، وفي هذه الأيام فتح مشروعًا جديدًا شغَّل فيه بعض الإندونيسيين، وهو عمل مخللات من عشار وغيره في ستة عشر برميلًا يسع كل برميل مئات اللترات!!!، وحتى النساء شغَّلهن في التدريس والبيع في سوق النساء التابع للدعوة، وطبخ بعض المبيعات، فلربما دخلت المدرسة الفصل وعليها رائحة الطبخ والله المستعان.
فدعوته تذكرنا بالطفل اليمني عند الحزب الاشتراكي الذي طالما قام الحزب بالتسول لهذا الطفل البائس من المواطنين في جميع شؤون حياة الناس، فربما قدرت تلك الأموال المأخوذة من الناس لهذا الطفل بميزانية بلد كامل، حتى كره الناس في جنوب اليمن هذا الطفل المنحوس، فلم يكبر ولم يبارك فيه طيلة حكم الحزب الاشتراكي حتى أهلك الله عز وجل هذا الحزب.
وبما سطرناه في هذه الرسالة من أمر تسول عبدالله بن مرعي الموثق بشهرته وشهوده يستبين لكل منصف وطالب للحق صدق وصحة خبر الشهود من طلبة العلم فيما شهدوا به على أخينا عبدالله بن عمر بن مرعي العدني هداه الله عز وجل.
وبما قدمناه يظهر لك بُعد عبدالله بن مرعي عن دعوة شيخنا مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى، الذي بنى دعوته على العفاف والتعفف اقتداء بالنبي وسلفنا الصالح، ومن أجل هذه الدعوة وصيانتها ألف كتابه المشهور: «ذم المسألة» الذي لا يستغني عنه عالم ولا طالب علم، ولا داعية، يصون به دينه ودعوته.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كتبه: أبو إبراهيم محمد باريدي العمودي الشحري الحضرمي.
ليلة الخميس/ 5/ رجب/ 1428هـ
تعليق