الكلام الواضح في حكم التسبيح بالمسابح
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أظهر الإسلام والسنة وأخفى الكفر والبدعة والصلاة والسلام على من أرسله داعياً للهدى والرشاد ومحارباً للبدعة والإلحاد أما بعد:فإن أعظم ما يملك العبد قلبه الذي بصلاحه صلاح لجسده وخرابه خراب له كما في الصحيحين عن النعمان بن بشيرعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:(ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)فجدير بالمسلم أن يحافظ عليه لأنه موضع نظر الرحمن عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)رواه مسلم ألا وإن ريحانة القلوب وحياتها ذكر الله جل وعز{ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}وقد جعله الشارع مقيداً مطلقاً وهو أكثر وأحبه وأحب أهله وجعل له وسائل وهي اليد والأنامل كما في حديث عبد الله بن عمرو قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم(يعقد التسبيح بيده)رواه الترمذي وغيره ، وحديث يسيرة رضي الله عنها وكانت من المهاجرات قالت:قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :(عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات ولا تغفلن فتنسين الرحمة)رواه الترمذي وأبو داود، وشآق أناس فأحدثوا وسائل غيرها منها التسبيح بالمسابح ولم يكن لها ذكر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بل جاء الإنكار منهم التسبيح بالحصى كما هو مشهور عن ابن مسعود حين أنكر على أصحاب مسجد بني حنيفة الذين وجدوا بعد ذلك يقاتلوا الصحابة يوم النهروان مع الخوارج كما في مقدمة سنن الدارمي،واعتبر الفاعلين لذلك (متمسكين بذنب ضلالة)،وجاء عن إبراهيم النخعي أنه كان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسابيح التي يسبح بها)رواه ابن أبي شيبة قال العلامة الألباني:إذا كان رأي هذا الإمام من فتل خيوط السبحة فماذا يكون رأيه في السبحة ذاتها؟ لاشك منكر لها أشد الإنكار. قال العلامة بكر بن عبد الله رحمه الله:(السُّبْحة)دخيلة على كل دين من عند الله تعالى,وأنها في الأديان المختلقة معروفة منذ عُصور ما قبل التاريخ,وقيل:منذ عام800 م,وأنها من وسائل التعبد,لذا البوذيين,ثم لدى البراهمة في الهند وغيرها ,ومنهم تسربت إلى النصارى,لدى القسيسين ,والرهبان,والراهبات,ومن الهند انتقلت إلى غرب آسيا.ا.ه وقال رحمه الله:السبحة:هي خرزات منظومة في خيط للتسبيح يُعَدُّ بها وهي كلمة مولدة, قاله الأزهري وقال :اعلم أن(العرب)لا تعرف السُّبْحة في لغتها,ولا في تعبداتها في الجاهلية,ولا في عاداتها للعب,والتَّلهِّي,ولهذا فإنك لا تجد لها ذكراً في كلامها,نثره, وشعره وهذه عناية ربانية لهذه العصابة التي نبعت منها النبوة والرسالة الخاتمة ولذا قرر علماء اللسان العربي,أن هذا الفظة (السُّبْحة) مولدة,وأنها بهذا المعنى لم ترد في كلام أحد ممن يحتج بعربيته بعد الإِسلام وجزم غير واحد,أن (السُّبْحة) لم تكن معروفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم,ولهذا فليست من سُنَّتِه لعَدِّ الذِّكْر وكما أن:(السُّبْحة)لم تكن معروفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا ذكر لها في لسان الصحابة رضي الله عنهم بل لم تكن معروفة في زمنهم على لسانهم, وفي تعبدهم بِعَدِّ الأذكار وبعد عصر الصحابة رضي الله عنهم وعصر التابعين, وبخاصة في العصر الأموي,والعصر العباسي بدأت السُّبحة وأخذت في أطوار في مادتها,وفي أغراضها,وفي أعداد حَبَّاتها وفي محل اتخاذها,وأن السبحة عَبَرت إلى بلاد العرب,عن طريقين:الروافض والمتصوفة قال الشهابي:(يرجع انتشار السبحة في بعض البلاد الإِسلامية إلى استخدام الصوفية لها؛إذ يعتبرونها أصلاً من الأصول المرعية في طرائقهم,وعوائدهم؛لاستخدامها في حلقات الذكر,ويحفظونها في صندوق خاص بها,ولها قوم يقومون على استخدامها في الأوراد والأذكار,ويعرفون بـ (شيوخ السَّبْحَة)وبعض طوائف الصوفية ترى ضرورة وضع المسبحة في العنق؛لأَن هذا عندهم أحفظ وَأَثْوَبُ,وهذا التقليد واجب عند بعض طوائف الصوفية,وبعض الطوائف تنكر هذا التقليد.ا.ه قلت:والصوفية عندما يعلقون السبحة في العنق يقولون العنق مسمار السبحة وجعلها فيه له فضيلة لأنه أعظم ما في الجسد والسبحة قدرها عظيم فجعل العظيم للعظيم مناسبة،ولأن فيه حبل الوريد فيحصل القرب من الله. وجاء في كتاب الموسوعة العربية العالمية:نشأت المسبحة من زمن بعيد،وربما كان البوذيون أول من استعملها،في محاولة منهم لربط الصلوات اللفظية بالصلوات العقلية ويستعمل البوذيون والهندوس المسبحة في بعض صلواتهم وبدأت أول أشكال الصلاة، بالمسبحة في النصرانية في العصور الوسطى ،ولكنها انتشرت فقط في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين. وذكر العلامة الألباني رحمه الله :أنها شعار للنصاري وقال فإننا لا نزال نراهم حتى اليوم يعلقونها على أوساطهم وعليها الصليب وفي القرن الخامس الهجري,اشتهر اختصاص النسوة المتصوفات بالسُّبَح,كما في: (طبقات الشافعية للسبكي). وقال العلامة الألباني:السبحة أصلها من النصارى وقال:بعض المسلمين تلقوها من النصارى والنصارى تلقوها قديماً من البوذيين.سلسلة الهدى والنور رقم(77) وفي كتاب مساهمة الهند:إحصاء الذكر بالسبحة من اختراع الهند, اخترعه الدين البرهمي فيها,ومنا تسرب إلى بلاد وأديان أخرى قلت:البراهمة قبيلة في الهند تنسب إلى رجل منهم يقال له براهم مهد لهم نفي النبوات أصلاً وقرر استحالة ذلك على العقول بوجه فهم ينكرون جميع الأنبياء...راجع الملل والنحل وقال شيخ الإسلام :وربما تظاهر أحدهم بوضع السجادة على منكبه وإظهار المسابح في يده وجعله من شعار الدين والصلاة وقد علم بالنقل المتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكن هذا شعارهم .الفتاوى وقال ابن القيم: الفصل الثامن والستون في عقد التسبيح بالأصابع وأنه أفضل من السبحة روى الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد بن عمر قال: رأيت رسول اله صلى الله عليه و سلم يعقد التسبيح بيمينه رواه أبو داود وروت يسيرة إحدى المهاجرات قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات ومستنطقات)الوابل الصيب وقال ابن الحاج في المدخل:نرجع الآن إلى بقية ما أحدثوه في بعض الجوامع فمن ذلك السبحة التي أحدثوها وعملوا لها صندوقا تكون فيه وجامكية لقيمها وحاملها والذاكرين عليها وهذا كله مخالف للسنة المطهرة ولما كان عليه السلف رضي الله عنهم وقد تقدم ذكر حالهم في الذكر كيف كان ثم إن بعض من اقتدى بمن أحدثها زاد فيها حدثا آخر وهو أن جعل لها شيخا يعرف بشيخ السبحة وخادما يعرف بخادم السبحة إلى غير ذلك وهي بدعة قريبة العهد بالحدوث فينبغي لإمام المسجد أن يتقدم إلى إزالة كل ما تقدم ذكره على قدر استطاعته مع أن هذا متعين على سائر المسلمين لكن في حق الإمام آكد لأن المسجد من رعيته وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وقال الشوكاني في نيل الأوطار:الحديث الأول - حديث يسرة - يدل على مشروعية عقد الأنامل بالتسبيح وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والحاكم وصححه عن ابن عمرو أنه قال:(رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يعقد التسبيح)زاد في رواية لأبي داود وغيره(بيمينه)وقد علل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ذلك في حديث الباب بأن الأنامل مسئولات مستنطقات يعني أنهن يشهدن بذلك فكان عقدهن بالتسبيح من هذه الحيثية أولى من السبحة والحصى . وقال العلامة الألباني رحمه الله:(و لو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة و هي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو كادت،مع اتفاقهم على أنها أفضل-الأصابع-،لكفى !فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح بالأنامل!ثم إن الناس قد تفننوا في الابتداع بهذه البدعه،فترى بعض المنتمين لإحدى الطرق يطوق عنقه بالسبحة!وبعضهم يعد بها و هو يحدثك أو يستمع لحديثك!وآخر ما وقعت عيني عليه من ذلك منذ أيام أننى رأيت رجلا على دراجة عادية يسير بها في بعض الطرق المزدحمة بالناس وفي إحدى يديه سبحة!! يتظاهرون للناس بأنهم لا يغفلون عن ذكر الله طرفة عين !و كثيرا ما تكون هذه البدعة سببا لإضاعة ما هو واجب ،فقد اتفق لي مرارا و كذا لغيري أنني سلمت على أحدهم فرد علي السلام بالتلويح بها ! دون أن يتلفظ بالسلام !ومفاسد هذه البدعة لا تحص، فما أحسن ما قال الشاعر:و كل خير في إتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف وسئل العلامة العثيمين عن حكم التسبيح بالسبحة،وهل تعتبر من الوسائل المعينة على العبادة؟ أفتونا وفقكم الله فأجاب بقوله: التسبيح بالأصابع خير من التسبيح بالسبحة من وجوه ثلاثة: الأول: أنه الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لجماعة نسوة اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات).
الثاني: أنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء. الثالث: أنه أقرب إلى حضور القلب ولذلك ترى المسبح بالسبحة يتجول بصره حين التسبيح يميناً وشمالاً لا لكونه قد ضبط العدد بخرز السبحة فهو يسردها حتى ينتهي إلى آخرها ثم يقول سبحت مائة مرة أو ألف مرة مثلاً بخلاف الذي يعقد بالأنامل فقلبه حاضر. وسئل رحمه الله: ما حكم الشرع في نظركم في المسبحة فكثير منا بعد الفراغ من الصلاة يسبح بها؟
فأجاب:الأولى والأفضل للإنسان أن يعقد التسبيح بأنامله أي بأصابعه وليكن ذلك باليد اليمنى فإنه الأفضل من أن يسبح باليمين واليسار هكذا جاءت السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام فقد أمر أن يعقد الذكر والتسبيح بالأنامل وقال إنهن مستنطقات وكان صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه أما التسبيح بالمسبحة ففيه أمور مخالفة وهي أولاً مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم فيما أرشد إليه من عقد التسبيح بالأنامل وثانياً أن هذه المسبحة قد تؤدي أحياناً إلى الرياء ولاسيما فيمن نراهم يجعلونها في أعناقهم كالقلادة يجعلون فيها ألف حبة ثم يتقلدوها بأعناقهم كأنما يقولوا للناس أنظروا إلينا فإننا نسبح ألف مرة ففيها شيء من الرياء ولا أقول أن كل من استعملها يكون مرائياً لا لا لكني أقول قد تدعو إلى الرياء ثالثاً أن هذه المسبحة إذا استعملها الإنسان في عد التسبيح فالغالب أنه يفوته حضور القلب تجده معتمداً على هذه الخرزات المعدودة المعينة ويفرطها حبة حبة وقلبه غافل ولهذا نرى هؤلاء الذين يسبحون بالمسبحة نرى أعينهم تدور في الناس الذين يمرون من حولهم وتتحرك شفاهم بالتسبيح والذي يبدوا والله أعلم أن قلوبهم غافلة متعلقة بما ينظرون إليه إذا أن القلب غالباً يتبع النظر لهذا أقول إن الأفضل أن لا يسبح الإنسان بالمسبحة وأن يعقد بالأنامل كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم ( 2173 ):ما حكم السبحة التي يسبح بها أكثر المصلين بين القول إنها بدعة وبين أنه يروى عن أبي هريرة في رواية البيهقي وأبي داود ؟
الجواب: لا نعلم دليلا صحيحا يعتمد عليه في التسبيح بالسبحة بعد الانصراف من الصلاة ، وكان صلى الله عليه وسلم يسبح بأصابعه،هذا هو الذي دلت عليه الأدلة ،والأفضل بيده اليمنى ، لفعله صلى الله عليه وسلم .وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
وسئل العلامة ابن باز:ما حكم التسبيح بالسبحة وفقكم الله ؟
فأجاب:بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: التسبيح بالسبحة يكرهها كثير من أهل العلم وبعض السلف يراها بدعة فالأولى تركها على الأقل الأولى تركها وكيفيتها بالأصابع هذه هي السنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعقد التسبيح بأصابع يده اليمنى هذا هو الأفضل والذي ينبغي ويُروى عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يأمر بعقد التسبيح بالأصابع وقال(إنهن مسؤولات ومستنطقات)فالأفضل للمؤمن أن يعقد بالأصابع والسبحة تركها أولى على أقل شيء تركها أولى. (نور على الدرب شريط رقم(27) .
وسئل العلامة عبد المحسن العباد:ما حكم استعمال السبحة؟ فأجاب :لا يستعملها الإنسان يسبح الإنسان بأصابعه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل والسبحة ليس لها أصل وليس عليها دليل يدل عليها ثم أيضاً قد يكون الإنسان فيها يحمد بما لم يفعل لأن بعض الناس يكون بيده السبحة وهو غافل ساهي ويحركها يقول الناس ماشاء الله يسبح وهو لاهي ولكن كما اعتاد يحركها ويكون ممن يحب أن يحمد بما لم يفعل.(شرح سنن ابن ماجة شريط رقم(26)) وقال العلامة بكر بن عبد الله:حكم اتخاذ السُّبْحَة لعِدِّ الأَذكار؛ولذا فإنه تفريعاً على أنها وسيلة محدثة,وبدعة محرمة؛ولما فيها من التشبه بالكفرة,والاختراع في التعبد؛فإنه لا يجوز فيما كان سبيلها كذلك تصنيعها,ولا بيعها ولا وقفيتها,ولا إهداؤها وقبولها, ولا تأجير المحل لمن يبيعها؛لما فيه من الإِعانة على الإِثم,والعدوان على المشروع, والله سبحانه وتعالى يقول: { وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } . وقال:ويكون التحريم للسُبحة أشدّ: إن كانت من ذهب, أو فضة, أو مطلية, أو مموهة بهما أو بأحدهما,وإن كانت من مادة نجسة,كَعَظم ما لا يؤكل لحمه, فهذا وجه آخر للتحريم مع بطلان الصلاة بها,أي:إن كانت من مادة نجسة كعظم ما لا يؤكل لحمه كالبغال هذا . . ومن ضعف الأدب, وقلة الإِحساس:أن تخاطب الشخص وهو يعبث بالسُبحة ويتسلَّى,وأنت مُجْهِدٌ نفسك بإكرامه والحديث معه،وإذا كان:(السِّوَاك) يكره في مثل هذه الحال,وهو في أصله مطهرة للفم,مرضاة للرب سبحانه فيكف بالسُّبْحَة التي هي مَذَمَّةٌ في الإِسلام؟
وقال شيخنا العلامة يحي بن على الحجوري حفظه الله:لم يثبت في التسبيح بالمسبحة حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحديث التسبيح بالحصى ضعيف فيه بعض المجاهيل،فإن لم يثبت ذلك ففعل ذلك محدث، وينبغي أن يسبح بأصابعه أو بأنامله ولن يضيع عند الله عمل عامل، قال تعالى{ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى }وقال تعالى { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ }وقال تعالى{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }وقال تعالى{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }(الكنز الثمين (4/387 ) إشكال ،قال العلامة الألباني رحمه الله:قد يقول قائل:إن العد بالأصابع كما ورد في السنة لا يمكن أن يضبط به العدد إذا كان كثيرا،فالجواب:إنما جاء هذا الإشكال من بدعة أخرى و هي ذكر الله في عدد محصور كثير لم يأت به الشارع الحكيم،فتطلبت هذه البدعة بدعة أخرى و هي السبحة !فإن أكثر ما جاء من العدد في السنة الصحيحة،فيما ثبت لدي إنما هو مئة،وهذا يمكن ضبطه بالأصابع بسهولة لمن كان ذلك عادته تنبيه: وقال العلامة بكر بن عبد الله وأما استعمالها للتسلي واللعب بها, فخليق بالمسلم الابتعاد عن التشبه بالكفار, وعدم تكثير سواد المبتدعة قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله في(منهاج السنة النبوية :في معرض بيان مطول في النهي عن مشابهة الرافضة(فالذي قاله الحنفية وغيرهم,أنه إذا كان عند قوم لا يصلون إِلاَّ عَلَى عَليِّ دون الصحابة, فإِذا صَلَّى عَلى عَلِيِّ ظُنَّ أنه منهم, فيكره لئلا يظن به أنه رافضي, فأما إذا علم أنه صَلَّى عَلَى عَلِيِّ, وعلى سائر الصحابة؛ لم يكره ذلك وهذا القول يقوله سائر الأئمة,فإنه إذا كان في فعل مستحب مفسدة راجحة لم يصر مستحباً,ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات, إذا صارت شِعاراً لهم, فإنه لم يترك واجباً بذلك,لكن قال: في إظهار ذلك مشابهة لهم, فلا يتميز السني من الرافضي, ومصلحة التمييز عنهم لأَجل هجرانهم ومخالفتهم, أعظم من مصلحة هذا المستحب. وهذا الذي ذهب إليه يُحتاج إليه في بعض المواضع, إذا كان في الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على مصلحة فعل ذلك المستحب, لكن هذا أمر عارض لا يقتضي أن يجعل المشروع ليس بمشروع دائماً, بل هذا مثل لباس شعار الكفار, وإن كان مباحاً إذا لم يكن شعاراً لهم, كلبس العمامة الصفراء فإنه جائز إذا لم يكن شعاراً لليهود, فإذا صار شعاراً لهم نُهي عن ذلك)انتهى. قلت:معنى هذا أنه لا ينبغي اتخاذ السبحة للزينة أيضاً لأن هذا من التشبه بأهل البدع ونشر البدعتهم وقد يغتر بذلك بعض الجهال فيظنها مشروعة لأن فلاناً حملها قال الله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}.
ولا حول ولا قوة إلا بالله
كتبه:أبو صهيب عبد العليم بن علي بن شرف المُشرع
اليمن- بيت – الفقيه- مسجد الغرباء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أظهر الإسلام والسنة وأخفى الكفر والبدعة والصلاة والسلام على من أرسله داعياً للهدى والرشاد ومحارباً للبدعة والإلحاد أما بعد:فإن أعظم ما يملك العبد قلبه الذي بصلاحه صلاح لجسده وخرابه خراب له كما في الصحيحين عن النعمان بن بشيرعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:(ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)فجدير بالمسلم أن يحافظ عليه لأنه موضع نظر الرحمن عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)رواه مسلم ألا وإن ريحانة القلوب وحياتها ذكر الله جل وعز{ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}وقد جعله الشارع مقيداً مطلقاً وهو أكثر وأحبه وأحب أهله وجعل له وسائل وهي اليد والأنامل كما في حديث عبد الله بن عمرو قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم(يعقد التسبيح بيده)رواه الترمذي وغيره ، وحديث يسيرة رضي الله عنها وكانت من المهاجرات قالت:قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :(عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات ولا تغفلن فتنسين الرحمة)رواه الترمذي وأبو داود، وشآق أناس فأحدثوا وسائل غيرها منها التسبيح بالمسابح ولم يكن لها ذكر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بل جاء الإنكار منهم التسبيح بالحصى كما هو مشهور عن ابن مسعود حين أنكر على أصحاب مسجد بني حنيفة الذين وجدوا بعد ذلك يقاتلوا الصحابة يوم النهروان مع الخوارج كما في مقدمة سنن الدارمي،واعتبر الفاعلين لذلك (متمسكين بذنب ضلالة)،وجاء عن إبراهيم النخعي أنه كان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسابيح التي يسبح بها)رواه ابن أبي شيبة قال العلامة الألباني:إذا كان رأي هذا الإمام من فتل خيوط السبحة فماذا يكون رأيه في السبحة ذاتها؟ لاشك منكر لها أشد الإنكار. قال العلامة بكر بن عبد الله رحمه الله:(السُّبْحة)دخيلة على كل دين من عند الله تعالى,وأنها في الأديان المختلقة معروفة منذ عُصور ما قبل التاريخ,وقيل:منذ عام800 م,وأنها من وسائل التعبد,لذا البوذيين,ثم لدى البراهمة في الهند وغيرها ,ومنهم تسربت إلى النصارى,لدى القسيسين ,والرهبان,والراهبات,ومن الهند انتقلت إلى غرب آسيا.ا.ه وقال رحمه الله:السبحة:هي خرزات منظومة في خيط للتسبيح يُعَدُّ بها وهي كلمة مولدة, قاله الأزهري وقال :اعلم أن(العرب)لا تعرف السُّبْحة في لغتها,ولا في تعبداتها في الجاهلية,ولا في عاداتها للعب,والتَّلهِّي,ولهذا فإنك لا تجد لها ذكراً في كلامها,نثره, وشعره وهذه عناية ربانية لهذه العصابة التي نبعت منها النبوة والرسالة الخاتمة ولذا قرر علماء اللسان العربي,أن هذا الفظة (السُّبْحة) مولدة,وأنها بهذا المعنى لم ترد في كلام أحد ممن يحتج بعربيته بعد الإِسلام وجزم غير واحد,أن (السُّبْحة) لم تكن معروفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم,ولهذا فليست من سُنَّتِه لعَدِّ الذِّكْر وكما أن:(السُّبْحة)لم تكن معروفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا ذكر لها في لسان الصحابة رضي الله عنهم بل لم تكن معروفة في زمنهم على لسانهم, وفي تعبدهم بِعَدِّ الأذكار وبعد عصر الصحابة رضي الله عنهم وعصر التابعين, وبخاصة في العصر الأموي,والعصر العباسي بدأت السُّبحة وأخذت في أطوار في مادتها,وفي أغراضها,وفي أعداد حَبَّاتها وفي محل اتخاذها,وأن السبحة عَبَرت إلى بلاد العرب,عن طريقين:الروافض والمتصوفة قال الشهابي:(يرجع انتشار السبحة في بعض البلاد الإِسلامية إلى استخدام الصوفية لها؛إذ يعتبرونها أصلاً من الأصول المرعية في طرائقهم,وعوائدهم؛لاستخدامها في حلقات الذكر,ويحفظونها في صندوق خاص بها,ولها قوم يقومون على استخدامها في الأوراد والأذكار,ويعرفون بـ (شيوخ السَّبْحَة)وبعض طوائف الصوفية ترى ضرورة وضع المسبحة في العنق؛لأَن هذا عندهم أحفظ وَأَثْوَبُ,وهذا التقليد واجب عند بعض طوائف الصوفية,وبعض الطوائف تنكر هذا التقليد.ا.ه قلت:والصوفية عندما يعلقون السبحة في العنق يقولون العنق مسمار السبحة وجعلها فيه له فضيلة لأنه أعظم ما في الجسد والسبحة قدرها عظيم فجعل العظيم للعظيم مناسبة،ولأن فيه حبل الوريد فيحصل القرب من الله. وجاء في كتاب الموسوعة العربية العالمية:نشأت المسبحة من زمن بعيد،وربما كان البوذيون أول من استعملها،في محاولة منهم لربط الصلوات اللفظية بالصلوات العقلية ويستعمل البوذيون والهندوس المسبحة في بعض صلواتهم وبدأت أول أشكال الصلاة، بالمسبحة في النصرانية في العصور الوسطى ،ولكنها انتشرت فقط في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين. وذكر العلامة الألباني رحمه الله :أنها شعار للنصاري وقال فإننا لا نزال نراهم حتى اليوم يعلقونها على أوساطهم وعليها الصليب وفي القرن الخامس الهجري,اشتهر اختصاص النسوة المتصوفات بالسُّبَح,كما في: (طبقات الشافعية للسبكي). وقال العلامة الألباني:السبحة أصلها من النصارى وقال:بعض المسلمين تلقوها من النصارى والنصارى تلقوها قديماً من البوذيين.سلسلة الهدى والنور رقم(77) وفي كتاب مساهمة الهند:إحصاء الذكر بالسبحة من اختراع الهند, اخترعه الدين البرهمي فيها,ومنا تسرب إلى بلاد وأديان أخرى قلت:البراهمة قبيلة في الهند تنسب إلى رجل منهم يقال له براهم مهد لهم نفي النبوات أصلاً وقرر استحالة ذلك على العقول بوجه فهم ينكرون جميع الأنبياء...راجع الملل والنحل وقال شيخ الإسلام :وربما تظاهر أحدهم بوضع السجادة على منكبه وإظهار المسابح في يده وجعله من شعار الدين والصلاة وقد علم بالنقل المتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكن هذا شعارهم .الفتاوى وقال ابن القيم: الفصل الثامن والستون في عقد التسبيح بالأصابع وأنه أفضل من السبحة روى الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد بن عمر قال: رأيت رسول اله صلى الله عليه و سلم يعقد التسبيح بيمينه رواه أبو داود وروت يسيرة إحدى المهاجرات قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات ومستنطقات)الوابل الصيب وقال ابن الحاج في المدخل:نرجع الآن إلى بقية ما أحدثوه في بعض الجوامع فمن ذلك السبحة التي أحدثوها وعملوا لها صندوقا تكون فيه وجامكية لقيمها وحاملها والذاكرين عليها وهذا كله مخالف للسنة المطهرة ولما كان عليه السلف رضي الله عنهم وقد تقدم ذكر حالهم في الذكر كيف كان ثم إن بعض من اقتدى بمن أحدثها زاد فيها حدثا آخر وهو أن جعل لها شيخا يعرف بشيخ السبحة وخادما يعرف بخادم السبحة إلى غير ذلك وهي بدعة قريبة العهد بالحدوث فينبغي لإمام المسجد أن يتقدم إلى إزالة كل ما تقدم ذكره على قدر استطاعته مع أن هذا متعين على سائر المسلمين لكن في حق الإمام آكد لأن المسجد من رعيته وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وقال الشوكاني في نيل الأوطار:الحديث الأول - حديث يسرة - يدل على مشروعية عقد الأنامل بالتسبيح وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والحاكم وصححه عن ابن عمرو أنه قال:(رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يعقد التسبيح)زاد في رواية لأبي داود وغيره(بيمينه)وقد علل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ذلك في حديث الباب بأن الأنامل مسئولات مستنطقات يعني أنهن يشهدن بذلك فكان عقدهن بالتسبيح من هذه الحيثية أولى من السبحة والحصى . وقال العلامة الألباني رحمه الله:(و لو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة و هي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو كادت،مع اتفاقهم على أنها أفضل-الأصابع-،لكفى !فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح بالأنامل!ثم إن الناس قد تفننوا في الابتداع بهذه البدعه،فترى بعض المنتمين لإحدى الطرق يطوق عنقه بالسبحة!وبعضهم يعد بها و هو يحدثك أو يستمع لحديثك!وآخر ما وقعت عيني عليه من ذلك منذ أيام أننى رأيت رجلا على دراجة عادية يسير بها في بعض الطرق المزدحمة بالناس وفي إحدى يديه سبحة!! يتظاهرون للناس بأنهم لا يغفلون عن ذكر الله طرفة عين !و كثيرا ما تكون هذه البدعة سببا لإضاعة ما هو واجب ،فقد اتفق لي مرارا و كذا لغيري أنني سلمت على أحدهم فرد علي السلام بالتلويح بها ! دون أن يتلفظ بالسلام !ومفاسد هذه البدعة لا تحص، فما أحسن ما قال الشاعر:و كل خير في إتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف وسئل العلامة العثيمين عن حكم التسبيح بالسبحة،وهل تعتبر من الوسائل المعينة على العبادة؟ أفتونا وفقكم الله فأجاب بقوله: التسبيح بالأصابع خير من التسبيح بالسبحة من وجوه ثلاثة: الأول: أنه الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لجماعة نسوة اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات).
الثاني: أنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء. الثالث: أنه أقرب إلى حضور القلب ولذلك ترى المسبح بالسبحة يتجول بصره حين التسبيح يميناً وشمالاً لا لكونه قد ضبط العدد بخرز السبحة فهو يسردها حتى ينتهي إلى آخرها ثم يقول سبحت مائة مرة أو ألف مرة مثلاً بخلاف الذي يعقد بالأنامل فقلبه حاضر. وسئل رحمه الله: ما حكم الشرع في نظركم في المسبحة فكثير منا بعد الفراغ من الصلاة يسبح بها؟
فأجاب:الأولى والأفضل للإنسان أن يعقد التسبيح بأنامله أي بأصابعه وليكن ذلك باليد اليمنى فإنه الأفضل من أن يسبح باليمين واليسار هكذا جاءت السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام فقد أمر أن يعقد الذكر والتسبيح بالأنامل وقال إنهن مستنطقات وكان صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه أما التسبيح بالمسبحة ففيه أمور مخالفة وهي أولاً مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم فيما أرشد إليه من عقد التسبيح بالأنامل وثانياً أن هذه المسبحة قد تؤدي أحياناً إلى الرياء ولاسيما فيمن نراهم يجعلونها في أعناقهم كالقلادة يجعلون فيها ألف حبة ثم يتقلدوها بأعناقهم كأنما يقولوا للناس أنظروا إلينا فإننا نسبح ألف مرة ففيها شيء من الرياء ولا أقول أن كل من استعملها يكون مرائياً لا لا لكني أقول قد تدعو إلى الرياء ثالثاً أن هذه المسبحة إذا استعملها الإنسان في عد التسبيح فالغالب أنه يفوته حضور القلب تجده معتمداً على هذه الخرزات المعدودة المعينة ويفرطها حبة حبة وقلبه غافل ولهذا نرى هؤلاء الذين يسبحون بالمسبحة نرى أعينهم تدور في الناس الذين يمرون من حولهم وتتحرك شفاهم بالتسبيح والذي يبدوا والله أعلم أن قلوبهم غافلة متعلقة بما ينظرون إليه إذا أن القلب غالباً يتبع النظر لهذا أقول إن الأفضل أن لا يسبح الإنسان بالمسبحة وأن يعقد بالأنامل كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم ( 2173 ):ما حكم السبحة التي يسبح بها أكثر المصلين بين القول إنها بدعة وبين أنه يروى عن أبي هريرة في رواية البيهقي وأبي داود ؟
الجواب: لا نعلم دليلا صحيحا يعتمد عليه في التسبيح بالسبحة بعد الانصراف من الصلاة ، وكان صلى الله عليه وسلم يسبح بأصابعه،هذا هو الذي دلت عليه الأدلة ،والأفضل بيده اليمنى ، لفعله صلى الله عليه وسلم .وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
وسئل العلامة ابن باز:ما حكم التسبيح بالسبحة وفقكم الله ؟
فأجاب:بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: التسبيح بالسبحة يكرهها كثير من أهل العلم وبعض السلف يراها بدعة فالأولى تركها على الأقل الأولى تركها وكيفيتها بالأصابع هذه هي السنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعقد التسبيح بأصابع يده اليمنى هذا هو الأفضل والذي ينبغي ويُروى عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يأمر بعقد التسبيح بالأصابع وقال(إنهن مسؤولات ومستنطقات)فالأفضل للمؤمن أن يعقد بالأصابع والسبحة تركها أولى على أقل شيء تركها أولى. (نور على الدرب شريط رقم(27) .
وسئل العلامة عبد المحسن العباد:ما حكم استعمال السبحة؟ فأجاب :لا يستعملها الإنسان يسبح الإنسان بأصابعه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل والسبحة ليس لها أصل وليس عليها دليل يدل عليها ثم أيضاً قد يكون الإنسان فيها يحمد بما لم يفعل لأن بعض الناس يكون بيده السبحة وهو غافل ساهي ويحركها يقول الناس ماشاء الله يسبح وهو لاهي ولكن كما اعتاد يحركها ويكون ممن يحب أن يحمد بما لم يفعل.(شرح سنن ابن ماجة شريط رقم(26)) وقال العلامة بكر بن عبد الله:حكم اتخاذ السُّبْحَة لعِدِّ الأَذكار؛ولذا فإنه تفريعاً على أنها وسيلة محدثة,وبدعة محرمة؛ولما فيها من التشبه بالكفرة,والاختراع في التعبد؛فإنه لا يجوز فيما كان سبيلها كذلك تصنيعها,ولا بيعها ولا وقفيتها,ولا إهداؤها وقبولها, ولا تأجير المحل لمن يبيعها؛لما فيه من الإِعانة على الإِثم,والعدوان على المشروع, والله سبحانه وتعالى يقول: { وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } . وقال:ويكون التحريم للسُبحة أشدّ: إن كانت من ذهب, أو فضة, أو مطلية, أو مموهة بهما أو بأحدهما,وإن كانت من مادة نجسة,كَعَظم ما لا يؤكل لحمه, فهذا وجه آخر للتحريم مع بطلان الصلاة بها,أي:إن كانت من مادة نجسة كعظم ما لا يؤكل لحمه كالبغال هذا . . ومن ضعف الأدب, وقلة الإِحساس:أن تخاطب الشخص وهو يعبث بالسُبحة ويتسلَّى,وأنت مُجْهِدٌ نفسك بإكرامه والحديث معه،وإذا كان:(السِّوَاك) يكره في مثل هذه الحال,وهو في أصله مطهرة للفم,مرضاة للرب سبحانه فيكف بالسُّبْحَة التي هي مَذَمَّةٌ في الإِسلام؟
وقال شيخنا العلامة يحي بن على الحجوري حفظه الله:لم يثبت في التسبيح بالمسبحة حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحديث التسبيح بالحصى ضعيف فيه بعض المجاهيل،فإن لم يثبت ذلك ففعل ذلك محدث، وينبغي أن يسبح بأصابعه أو بأنامله ولن يضيع عند الله عمل عامل، قال تعالى{ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى }وقال تعالى { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ }وقال تعالى{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }وقال تعالى{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }(الكنز الثمين (4/387 ) إشكال ،قال العلامة الألباني رحمه الله:قد يقول قائل:إن العد بالأصابع كما ورد في السنة لا يمكن أن يضبط به العدد إذا كان كثيرا،فالجواب:إنما جاء هذا الإشكال من بدعة أخرى و هي ذكر الله في عدد محصور كثير لم يأت به الشارع الحكيم،فتطلبت هذه البدعة بدعة أخرى و هي السبحة !فإن أكثر ما جاء من العدد في السنة الصحيحة،فيما ثبت لدي إنما هو مئة،وهذا يمكن ضبطه بالأصابع بسهولة لمن كان ذلك عادته تنبيه: وقال العلامة بكر بن عبد الله وأما استعمالها للتسلي واللعب بها, فخليق بالمسلم الابتعاد عن التشبه بالكفار, وعدم تكثير سواد المبتدعة قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله في(منهاج السنة النبوية :في معرض بيان مطول في النهي عن مشابهة الرافضة(فالذي قاله الحنفية وغيرهم,أنه إذا كان عند قوم لا يصلون إِلاَّ عَلَى عَليِّ دون الصحابة, فإِذا صَلَّى عَلى عَلِيِّ ظُنَّ أنه منهم, فيكره لئلا يظن به أنه رافضي, فأما إذا علم أنه صَلَّى عَلَى عَلِيِّ, وعلى سائر الصحابة؛ لم يكره ذلك وهذا القول يقوله سائر الأئمة,فإنه إذا كان في فعل مستحب مفسدة راجحة لم يصر مستحباً,ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات, إذا صارت شِعاراً لهم, فإنه لم يترك واجباً بذلك,لكن قال: في إظهار ذلك مشابهة لهم, فلا يتميز السني من الرافضي, ومصلحة التمييز عنهم لأَجل هجرانهم ومخالفتهم, أعظم من مصلحة هذا المستحب. وهذا الذي ذهب إليه يُحتاج إليه في بعض المواضع, إذا كان في الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على مصلحة فعل ذلك المستحب, لكن هذا أمر عارض لا يقتضي أن يجعل المشروع ليس بمشروع دائماً, بل هذا مثل لباس شعار الكفار, وإن كان مباحاً إذا لم يكن شعاراً لهم, كلبس العمامة الصفراء فإنه جائز إذا لم يكن شعاراً لليهود, فإذا صار شعاراً لهم نُهي عن ذلك)انتهى. قلت:معنى هذا أنه لا ينبغي اتخاذ السبحة للزينة أيضاً لأن هذا من التشبه بأهل البدع ونشر البدعتهم وقد يغتر بذلك بعض الجهال فيظنها مشروعة لأن فلاناً حملها قال الله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}.
ولا حول ولا قوة إلا بالله
كتبه:أبو صهيب عبد العليم بن علي بن شرف المُشرع
اليمن- بيت – الفقيه- مسجد الغرباء