تويت
دماج دار العلم وتربية الأجيال
وكَذَبَ وافترَى وحقَّر ما عَظَمَ اللهُ مَنْ زَعَمَ
(أنها أصبحت قيل وقال)
كتبه
أبو حمزة محمد بن حسن السِّوَري
دار الحديث السلفية بدماج
ﻻ
الحمد لله القائل في كتابه الكريم: ﮋ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮊ[الأنبياء: ١٨].
والقائل جل في علاه: ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮊ[الأنعام: ٥٥].
والقائل جل ذكره: ﮋ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮊ[الأحزاب: ٥٨].
والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين محمدن القائل: «يا مَعْشَرَ من قد أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ ولم يُفْضِ الْإِيمَانُ إلى قَلْبِهِ لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ ولا تُعَيِّرُوهُمْ ولا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فإنه من تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ الله عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ الله عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ في جَوْفِ رَحْلِهِ قال وَنَظَرَ بن عُمَرَ يَوْمًا إلى الْبَيْتِ أو إلى الْكَعْبَةِ فقال ما أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ»رواه الترمذي(2032). عن ابن عمر ب وهو في "الجامع الصحيح" للإمام الوادعي رحمه الله(1/316).
والقائل ن عن ربه عز وجل في الحديث القدسي:( إِنَّ الله قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي ففي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ).رواه البخاري(6502). عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ت
أما بعد:
ففي هذا اليوم 15من شعبان 1432هجرية أخبرني أخ ليبيٌ أنه اتصل به قريب له من ليبيا؛ وحصل نقاش حول هذه الفتنة فتنة العدني ومن قام معه ومن وراءه ؛ وإذا به يلقي عليه بعض الشبه التي سمعها ممن قام بهذه الفتنة؛ ثم حذره من البقاء في دماج ونصحه:( أن يخرج في أقرب وقت ممكن ؛ وأنه سوف يسهل له الخروج من دماج ويذهب به عمرةً هذه الأيام). والقصد من ذلك أن يذهب به إلى بعض من هو وراء هذه الفتنة ليقنعه بهذه الفتنة؛ ويبعده عن طلب العلم الشرعي في هذا الدار المبارك الكثير العلم والخير من فضل الله.
وكان من جملة الشبه التي ألقاها على قريبه الذي هو في دماج أن قال له: [دماج أصبحت قيل وقال!!؟؟].
فحدَاني هذا إلى أن أبين لهذا القائل وأمثاله وأضرابه بطلان هذه المقولة؛ وأنها لا أساس لها من الصحة، وهذه الشبة هي في الأصل قديمة؛ فكل من قام بفتنة على هذه الدار المباركة من قديم أو حديث إذا به يروج لهذه المقولة وينشرها؛ سواء الإخوان المفلسون الذين هم أصل القيل والقال أو السروريون أو الحسنيون الذين هم كذلك ، بل إن قاسماً التعزي وهو من أفراخ أبي الحسن أرسل رسالة لشيخنا يحيى حفظه الله ينصحه في فتنة أبي الحسن ويحثه –زعم –على العلم والتعليم وعدم الانشغال بالقيل والقال، مع أنه في الحقيقة هو الضائع في القيل والقال وفي معارض بيع السيارات بعيدًا عن العلم والتعليم ، ونحن لا نحرم على الناس البيع والشراء، ولكن الحرام هو الكذب والتلبيس والافتراء على الصالحين بأنهم أصحاب قيل وقال ، وهذا القائل هو الأحرى والأجدر به أن تنطبق عليه هذه المقولة، وهكذا أصحاب الحزب الجديد ومن وراءهم سواء في اليمن أو خارجها؛ يرددون ويتغنون بهذه الفرية، حتى انطلت على بعض المساكين ممن يحب الخير ويبحث عنه ، ولقد كان الإخوان المسلمون في زمن شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله قبل إنشاء جامعة الإيمان يقولون لأصحابهم: ( لا تذهبوا دماج فإن فيها جرح وتعديل وقيل وقال)!!.واليوم يُعاد الشريط نفسه باسم من يدعي السلفية.
فأردت أن أبين وأقيم الحجة على قائل ذلك؛ و أنه والله قد كذب وافترى وعلى الصد عن الهدى أجترى وعلى أناسٍ صالحين هم خيرة المجتمع في هذه الأيام بغى؛ نحسبهم كذلك والله حسيب الجميع.
فلعله وأمثاله يطلعون على ما أقول ؛فيتقون الله ويراجعون أنفسهم وينقشع ما على قلوبهم وأبصارهم من غشاوةٍ وغبارٍ وتلبيسٍ ويعرفون أنه قد وقع عليهم تلبيسٌ من أهل العمالة و التحزب الجديد وأعوانهم، وليبتعدوا عن الشيطان وطرقه التي تقود إلى قول الفحشاء والمنكر ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﮊ [النور: ٢١].
فأقول لهم أهؤلاء يا هؤلاء أصحاب قيل وقال:
*من رحل من بلاد الشرق والغرب والشمال والجنوب من بلاد الكفار أو من بلاد الإسلام إلى دماج ليعرفوا دين الله ويأخذوه صافيا نقيًا؛ ووجد في رحلتهم مشاقَ عظيمةً وربما مُسك الواحد منهم ورُحِّلَ وعاد مرةً أخرى.!! أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من ترك شهوات الدنيا وملذاتها وعانى من الفقر وقلة ذات اليد!!.أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من فارق أباه وأمه ومجتمعه وآثر البقاء في هذا المجتمع الطيب للخير الذي وجده والعلم الذي نهله؛ والقرآن الذي تدبره و حفظه؛ والحديث الذي حفظه وفهمه!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من قام الأذان الأول فتوضأ وصلى ما استطاع ودعا الرحمن بخيري الدنيا و الآخرة!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من صلى الفجر ثم مكث مكانه في بيت الله؛ ثم أتى بالأذكار وقرأ وحفظ وراجع ما استطاع من كتاب الله؛ متلذذًا متدبرًا حتى تشرق الشمس !!.أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من صلى الضحى بعد ذلك؛ ثم انطلق إلى حفظ المتون من أحاديث أو متون العلم في الفقه أو العقيدة أو الأصول أو الفرائض أو المصطلح؛ أو تنقل من درس إلى درسٍ في شتى الفنون :إنه في بستانٍ مليءٍ بأنواعٍ من الثمار فيأخذ ما استطاع من تلك الفنون؛ أو يذهب للمكتبة للبحث والتنقيب؛ فيغوص بين الكتب فيستخرج كنوزها ويجمع فوائدها ويخرج للأمة كتبًا ورسائل وبحوثًا في شتى الفنون؛ في العقيد والنحو والصرف والمصطلح وغيرها من سائر الفنون!!.أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من توضأ وصلى الظهر وما قبلها من الراتبة وما بعدها ثم جلس متربعًا بين يدي شيخنا العلامة يحيى وفقه الله ، وبيده القلم والأوراق والكتب سواء درس تفسير ابن كثيرٍ أو الجامع الصحيح للإمام الوادعي رحمه الله؛ يلتقط تلك الدرر والفوائد المتناثرة من علم شيخنا يحي حفظه الله فيسجلها في كراسته؛ ثم يذهب بعد الغداء إلى شيء من الراحة أو إلى المكتبة أو إلى درسٍ أو يراجع ويحفظ!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من توضأ وصلى العصر وما قبلها من تطوع ثم يجلس لدرس البخاري الذي لا ينقطع هذا الكتاب منذ أن قدمنا دماج يُنتهى منه ثم يُعاد، لما فيه من العلم الغزير النافع الذي يعتبر خزانة من خزانات العلوم، فترى شيخنا يحيى حفظه الله ينثر على طلابه الفوائد والتنبيهات والاستدراكات وفك الإشكالات؛ وهكذا في كل الدروس التي يلقيها شيخنا يحيى حفظه الله، علمٌ نافعٌ غزيرٌ من فضل الله سبحانه وتعالى ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﮊ[البقرة: ٢٦٩].
وعن عَبْدَ الله بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ن: (لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ الله مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ الله الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضـِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا).رواه البخاري(73) ومسلم(816).ثم يذهبون إلى دروسهم أو إلى المكتبة أو إلى الحفظ والمراجعة!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من توضأ وصلى المغرب وما بعدها من الراتبة؛ ثم يجلس بين يدي هذا العالم يتلقى درس صحيح مسلم؛ وحال درس مسلم كحال درس البخاري كما تقدم بيانه؛ ثم درسين في فنون شتى؛ كلما انتهى كتابٌ فتح شيخنا يحيى سلَّمه الله كتابًا أخر؛ تارة في العقيدة وتارة في الفقه وتارة في المصطلح وتارة في أدب الطلب وتارة في منظوماتٍ متنوعةٍ في الآداب وغيرها؛ مزيدًا على الأسئلة التي يرد عليه بين مغرب وعشاء وقبل الدروس في الظهر والعصر فيجيب على بعض ما يراه ينفع؛ حتى أنها قد جُمعت وفُرغت وستخرج إن شاء الله للأمة الإسلامية درر ثمينة من عالمٍ فتح الله عليه من خزائن فضله!!.أم أنه الكذب والتلبيس؟.
*من بعد صلاة العشاء وأداء الراتبة منهم من يذهب للحفظ أوالمراجعة ومنهم لبعض الدروس ومنهم للمكتبة ،وعلى هذا إلى الساعات من الليل. أم أنه الكذب والتلبيس؟.
*من شغل ليله بالصلاة والدعاء وذكر الله ـ والعلم النافع والعمل الصالح!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من بات يحرس إخوانه في المتارس أو حول البيوت أوفي الجبل طوال ليله بين البرد والبعوض!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من دافع عن الحق وأهله وذب عن المنهج السلفي ورد على المبطلين، وما من باطل يظهر في الساحة إلا ولهم السابقية في إنكاره من فضل الله؛ فما من فرقة من فرق الضلال إلا ولأهل السنة في دماج من قديم وحديث السابقية في رده وإنكاره وبيان حاله!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من يدرس الألوف من أبناء المسلمين وفرغ وقته لذلك وأوذي من أجل ذلك ومن أجل تمسكه بالحق ودفاعه عنه وعن أهله!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من سعى لنشر الدعوة في اليمن وغيره ويخرج هنا وهناك ويدعو الناس ويحثهم على التمسك بدين الله ويحذرهم من الفتن التي أدت بالمجتمعات إلى كل شر وكارثة!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*فدار الحديث بدماج من فضل الله لا تخلو ساعة من ليلٍٍ ولا نهارٍ من راكعٍ أو ساجدٍ أو من يحفظ من القرآن أو من سنة رسول الله ن أو من يراجع فنون العلم فالدار حيٌ منتعشٌ بأهله السلفيين؛ ويصدق عليهم إن شاء الله تعالى :
قول الله عز وجلﮋ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﮊ[النور: ٣٦ – ٣٨].
و كذلك مكتبة دار الحديث بدماج لا تخلو من الباحثين إلا ساعاتٍ قليلةٍ وإلا فمدار اليوم والليلة المكتبة عامرة بالباحثين من فضل الله.
ولا نعلم مسجدًا ودارًا حاله كهذا؛ طلاب علمٍ سلفيين؛ حفاظ كتاب الله ومن سنة رسول الله ن الشيء الكثير ومن فنون العلم في غاية من الاجتهاد في العبادة والعلم ليلاً ونهارًا.
فلله دركم يا أهل السنة فما رفع الله قدركم وشأنكم إلا لأنكم تمسكتم بدين ربكم وهذا من أسباب الرفعة:
قال تعالى: ﮋ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕﮊ[المجادلة: ١١].
وعَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ، لَقِيَ عُمَرَت بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ تيَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي، فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا، قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ نقَدْ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» رواه مسلم (817).
أقول : فهذا هو الحال الذي أسس الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله؛ دار الحديث بدماج من أجله واستمرت على ذلك حتى توفاه الله؛ وسار عليه تلميذه البار به شيخنا يحيى سلَّمه الله منذ أن قام على هذه الدار المباركة ، وهو يعتبر رأسًا في هذا الخير الذي ذكرناه؛ فنراه سبَّاقًا إلى هذا الخير، دالاً عليه مذكرًا به حاثًا عليه حريصًا على بقائه كارهًا ومحذرًا ممن يسعى لهدمه وخرابه ؛ فهذا هو الأصل في هذه الدار المباركة؛ أنها دار إيمانٍ وتقوى وعملٍٍ صالحٍٍ وهدى وعلمٍ وتعليمٍٍ وأهلها في إقبالٍ على ما ينفعهم وينفع الأمة الإسلامية قاطبةً، ونسأل الله المزيد من فضله وتوفيقه .
أم أنها أصبحت قيل وقال:
*لأنهم لم يقلدوا أحدًا في دينهم وإنما اتبعوا الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين؛ فلو قلدوا من تريدون تقليده لقلتم :(أهل دماج أحسن وأفضل الناس وهم على الطريق السوي). ولو أفتوا بالجمعيات والاختلاط والانتخابات وعاضدوا ذوي الفتن والحزبيات أو حرشوا وكذبوا أو صاروا من أفسد المخابرات، كما هو حالكم الآن مع من اتصف بهذه الأوصاف البشعة وأنتم لا تزالون عن بوائقه متغافلين وله متعصبين وعنه مدافعين، وتعادون أهل الحق من أجله، فبالله عليكم هل هذا من دين الله الحق أم من الهوى ؟؟.
وإني لأذكر هنا قول أويس القرني رحمه الله الذي يتسلى به كل عبدٍ صالح صادعٍ بالحق:
(إِنَّ قِيَامَ الْمُؤْمِنِ بِأَمْرِ الله لَمْ يُبْقِ لَهُ صَدِيقًا، و الله إِنَّا لَنَأْمُرَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَيَتَّخِذُونَنَا أَعْدَاءً، وَيَجِدُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْفَاسِقِينَ أَعْوَانًا حَتَّى وَالله لَقَدْ يَقْذِفُونَنَا بِالْعَظَائِمِ، و َوَالله لَا يَمْنَعُنِي ذَلِكَ أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ» "المستدرك للحاكم"(5724) (3 / 458).
*أم أنهم أصبحوا قيل وقال لأنهم ردوا على عبيدٍ والبخاري ومحمد بن هادي وأضرابهم، الذين حذروا من دعوتنا ومن شيخنا ودارنا السلفية، وتعصبوا للحزبيين ودعموهم؛ وخذلوا أهل السنة في دماج وبغوا عليهم؛ و والله ما بدأنا أحدنا منهم ولا اعتدينا على أحد منهم ولا دققنا بيت أحدٍ منهم حتى بدءونا هم ؛ وبغوا وسبوا وشتموا وبغير حقٍ ولا هدىً و لا برهانٍ؛ ونحن والله ممتثلون توجيهات ربنا القائل في محكم التنزيل:
ﮋﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮊ[البقرة: ١٩٤].
والقائلـ:ﮋﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﮊ[النساء: ١٤٨].
مع أننا لا ندري ممن نلقى الأذى والعِداء أمن الفرق الضالة و الأحزاب الكفرية الهدامة أم نلقى الأذى من هؤلاء الذين كان الواجب عليهم أن يقفوا بجانبنا ويناصرونا ويشدوا من أزرنا ويدافعوا عنا، لكننا وجدناهم أكثر عِداءًا ومكرًا ومجاهرةً بالسوء وحنقًا وحسدًا في هذه الأيام .
والله أننا لسنا مبالين بهم و لا بهرائهم، لأنهم في أذيتهم هذه عاطلون عن الحجة ولو قلنا اليوم :(إن العدني وحزبه أهل سنة)؛ لرضوا عنا تمام الرضى ولرأيت أذاهم وبغيهم زال وانقضـى !! فهل هذا من دين الله أم أنه الهوى؟؟.
أليس أهل القيل والقال هم:
* هؤلاء الذين جندتم أنفسكم وخبئتم مقاصدكم تحت فتنتهم ممن ضاع عن الحق وعن العلم والتعليم وضعف عن العبادة، وأصبح في الشوارع وفي المقاهي وترك التأليف والتحقيق والدعوة ؛ وأصبح لا يحب العلم و لا حلقاته ولا دروسه ولا المحاضرات؛ وإنما التنقل من مكان إلى آخر بعد الدنيا والفتن.!! أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من حذر من الخير وأهله وأذى المؤمنين وشوه صورة الصالحين وأصبح عدوًا للحق وأهله!!. أم أنه الكذب والتلبيس؟.
* من دافع عن الباطل والمبطلين وأعانهم على إفساد الصالحين الذين كان يرجى خيرهم للأمة الإسلامية!!. أم أنه الكذب والتلبيس؟.
* من تلقى الكذب والزور والبهتان والتلفيقات والبتورات من المواقع الكذابة الفاجرة أمثال شبكة الاستقامة الحسنية، وشبكة الأثري وشبكة الوحيين وغيرها ، فهؤلاء ومن أخذ عنهم هم أهل القيل والقال؟؟
قال الإمام النووي رحمه الله:(وَ"قِيلَ وقَالَ"مَعْنَاهُ: الحدِيثُ بِكُلِّ مَا يَسمعُهُ، فيقُولُ: قيلَ كَذَا، وقَالَ فُلانٌ كَذَا مِمَّا لا يَعلَمُ صِحَّتَهُ، ولا يَظُنُّه) اهـ"رياض الصالحين"
قال ابن عبد البررحمه الله: (فَمَعْنَى "قِيلَ وَقَالَ" وَالله أعلم الحديث بما لا معنى لا وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنْ أَحَادِيثِ النَّاسِ الَّتِي أَكْثَرُهَا غِيبَةٌ وَلَغَطٌ وَكَذِبٌ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنَ الْقِيلِ وَالْقَالِ مَعَ الْعَامَّةِ لَمْ يَسْلَمْ مِنَ الْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ وَلَا مِنَ الِاغْتِيَابِ وَلَا مِنَ الْكَذِبِ والله أَعْلَمُ )اهـ"التمهيد" (21 / 289) .
وقال ابن الأمير الصنعاني رحمه الله:(وَالْمُرَادُ بِهِ نَقْلُ الْكَلَامِ الَّذِي يَسْمَعُهُ إلَى غَيْرِهِ فَيَقُولُ قِيلَ كَذَا وَكَذَا بِغَيْرِ تَعْيِينِ الْقَائِلِ وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَعْنِي الْمُتَكَلِّمَ وَلِكَوْنِهِ قَدْ يَتَضَمَّنُ الْغِيبَةَ وَالنَّمِيمَةَ وَالْكَذِبَ وَلَا سِيَّمَا مَعَ الْإِكْثَارِ مِنْ ذَلِكَ قَلَّمَا يَخْلُو عَنْهُ)اهـ" سبل السلام" (2 / 630) .
*وإن هذا التعريف والشرح لينطبق تمامًا على أهل الباطل؛ الذين هذا حالهم لا يفترون عنه ولا يملون منه ليلاً ونهارًا سرًا وجهارًا؛ ومن فضل الله أن أهل السنة في دماج من أبعد الناس عن هذه الصفات المذمومة التي حذر الله ـ منها ورسوله ن
*وأهل السنة ينطبق عليهم هذا الكلام النفيس الذي ذكره ابن القيم رحمه الله شارحًا الخلق الطيب وأهله وصفاتهم:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله :( [فَصْلٌ الدِّينُ كُلُّهُ خُلُقٌ]فَصْلٌ:الدِّينُ كُلُّهُ خُلُقٌ. فَمَنْ زَادَ عَلَيْكَ فِي الْخُلُقِ: زَادَ عَلَيْكَ فِي الدِّينِ. وَكَذَلِكَ التَّصَوُّفُ.
قَالَ الْكِنَانِيُّ: التَّصَوُّفُ هُوَ الْخُلُقُ، فَمَنْ زَادَ عَلَيْكَ فِي الْخُلُقِ: فَقَدْ زَادَ عَلَيْكَ فِي التَّصَوُّفِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ بَذْلُ النَّدَى، وَكَفُّ الْأَذَى، وَاحْتِمَالُ الْأَذَى.وَقِيلَ: حُسْنُ الْخُلُقِ: بَذْلُ الْجَمِيلِ، وَكَفُّ الْقَبِيحِ.وَقِيلَ: التَّخَلِّي مِنَ الرَّذَائِلِ، وَالتَّحَلِّي بِالْفَضَائِلِ.
وَحُسْنُ الْخُلُقِ يَقُومُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ لَا يُتَصَوَّرُ قِيَامُ سَاقِهِ إِلَّا عَلَيْهَا: الصَّبْرُ، وَالْعِفَّةُ، وَالشَّجَاعَةُ، وَالْعَدْلُ.
فَالصَّبْرُ: يَحْمِلُهُ عَلَى الِاحْتِمَالِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ، وَكَفِّ الْأَذَى، وَالْحِلْمِ وَالْأَنَاةِ وَالرِّفْقِ، وَعَدَمِ الطَّيْشِ وَالْعَجَلَةِ.
وَالْعِفَّةُ: تَحْمِلُهُ عَلَى اجْتِنَابِ الرَّذَائِلِ وَالْقَبَائِحِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَتَحْمِلُهُ عَلَى الْحَيَاءِ. وَهُوَ رَأْسُ كُلِّ خَيْرٍ. وَتَمْنَعُهُ مِنَ الْفَحْشَاءِ، وَالْبُخْلِ وَالْكَذِبِ، وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ.
وَالشَّجَاعَةُ: تَحْمِلُهُ عَلَى عِزَّةِ النَّفْسِ، وَإِيثَارِ مَعَالِي الْأَخْلَاقِ وَالشِّيَمِ، وَعَلَى الْبَذْلِ وَالنَّدَى، الَّذِي هُوَ شَجَاعَةُ النَّفْسِ وَقُوَّتُهَا عَلَى إِخْرَاجِ الْمَحْبُوبِ وَمُفَارَقَتِهِ. وَتَحْمِلُهُ عَلَى كَظْمِ الْغَيْظِ وَالْحِلْمِ. فَإِنَّهُ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ وَشَجَاعَتِهَا يُمْسِكُ عِنَانَهَا، وَيَكْبَحُهَا بِلِجَامِهَا عَنِ النَّزْغِ وَالْبَطْشِ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ن: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرْعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ: الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» وَهُوَ حَقِيقَةُ الشَّجَاعَةِ، وَهِيَ مَلَكَةٌ يَقْتَدِرُ بِهَا الْعَبْدُ عَلَى قَهْرِ خَصْمِهِ.
وَالْعَدْلُ: يَحْمِلُهُ عَلَى اعْتِدَالِ أَخْلَاقِهِ، وَتَوَسُّطِهِ فِيهَا بَيْنَ طَرَفَيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ. فَيَحْمِلُهُ عَلَى خُلُقِ الْجُودِ وَالسَّخَاءِ الَّذِي هُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ الذُّلِّ وَالْقِحَةِ. وَعَلَى خُلُقِ الشَّجَاعَةِ، الَّذِي هُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ الْجُبْنِ وَالتَّهَوُّرِ. وَعَلَى خُلُقِ الْحِلْمِ، الَّذِي هُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ الْغَضَبِ وَالْمَهَانَةِ وَسُقُوطِ النَّفْسِ.
وَمَنْشَأُ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ)اهـ"مدارج السالكين". (2 / 294) .
قال شيخنا يحيى حفظه الله معلقًا على هذا الكلام:(هذا كلام جيدٌ جميل ٌ ما عدا كلام الكناني)اهـ."درس المغرب"18/شعبان/1432هجرية
أخيرًا: نحمد الله ونشكره على ما من به علينا وأفضل وأعطانا فأجزل
والقائل جل في علاه: ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮊ[الأنعام: ٥٥].
والقائل جل ذكره: ﮋ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮊ[الأحزاب: ٥٨].
والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين محمدن القائل: «يا مَعْشَرَ من قد أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ ولم يُفْضِ الْإِيمَانُ إلى قَلْبِهِ لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ ولا تُعَيِّرُوهُمْ ولا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فإنه من تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ الله عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ الله عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ في جَوْفِ رَحْلِهِ قال وَنَظَرَ بن عُمَرَ يَوْمًا إلى الْبَيْتِ أو إلى الْكَعْبَةِ فقال ما أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ»رواه الترمذي(2032). عن ابن عمر ب وهو في "الجامع الصحيح" للإمام الوادعي رحمه الله(1/316).
والقائل ن عن ربه عز وجل في الحديث القدسي:( إِنَّ الله قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي ففي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ).رواه البخاري(6502). عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ت
أما بعد:
ففي هذا اليوم 15من شعبان 1432هجرية أخبرني أخ ليبيٌ أنه اتصل به قريب له من ليبيا؛ وحصل نقاش حول هذه الفتنة فتنة العدني ومن قام معه ومن وراءه ؛ وإذا به يلقي عليه بعض الشبه التي سمعها ممن قام بهذه الفتنة؛ ثم حذره من البقاء في دماج ونصحه:( أن يخرج في أقرب وقت ممكن ؛ وأنه سوف يسهل له الخروج من دماج ويذهب به عمرةً هذه الأيام). والقصد من ذلك أن يذهب به إلى بعض من هو وراء هذه الفتنة ليقنعه بهذه الفتنة؛ ويبعده عن طلب العلم الشرعي في هذا الدار المبارك الكثير العلم والخير من فضل الله.
وكان من جملة الشبه التي ألقاها على قريبه الذي هو في دماج أن قال له: [دماج أصبحت قيل وقال!!؟؟].
فحدَاني هذا إلى أن أبين لهذا القائل وأمثاله وأضرابه بطلان هذه المقولة؛ وأنها لا أساس لها من الصحة، وهذه الشبة هي في الأصل قديمة؛ فكل من قام بفتنة على هذه الدار المباركة من قديم أو حديث إذا به يروج لهذه المقولة وينشرها؛ سواء الإخوان المفلسون الذين هم أصل القيل والقال أو السروريون أو الحسنيون الذين هم كذلك ، بل إن قاسماً التعزي وهو من أفراخ أبي الحسن أرسل رسالة لشيخنا يحيى حفظه الله ينصحه في فتنة أبي الحسن ويحثه –زعم –على العلم والتعليم وعدم الانشغال بالقيل والقال، مع أنه في الحقيقة هو الضائع في القيل والقال وفي معارض بيع السيارات بعيدًا عن العلم والتعليم ، ونحن لا نحرم على الناس البيع والشراء، ولكن الحرام هو الكذب والتلبيس والافتراء على الصالحين بأنهم أصحاب قيل وقال ، وهذا القائل هو الأحرى والأجدر به أن تنطبق عليه هذه المقولة، وهكذا أصحاب الحزب الجديد ومن وراءهم سواء في اليمن أو خارجها؛ يرددون ويتغنون بهذه الفرية، حتى انطلت على بعض المساكين ممن يحب الخير ويبحث عنه ، ولقد كان الإخوان المسلمون في زمن شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله قبل إنشاء جامعة الإيمان يقولون لأصحابهم: ( لا تذهبوا دماج فإن فيها جرح وتعديل وقيل وقال)!!.واليوم يُعاد الشريط نفسه باسم من يدعي السلفية.
فأردت أن أبين وأقيم الحجة على قائل ذلك؛ و أنه والله قد كذب وافترى وعلى الصد عن الهدى أجترى وعلى أناسٍ صالحين هم خيرة المجتمع في هذه الأيام بغى؛ نحسبهم كذلك والله حسيب الجميع.
فلعله وأمثاله يطلعون على ما أقول ؛فيتقون الله ويراجعون أنفسهم وينقشع ما على قلوبهم وأبصارهم من غشاوةٍ وغبارٍ وتلبيسٍ ويعرفون أنه قد وقع عليهم تلبيسٌ من أهل العمالة و التحزب الجديد وأعوانهم، وليبتعدوا عن الشيطان وطرقه التي تقود إلى قول الفحشاء والمنكر ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﮊ [النور: ٢١].
فأقول لهم أهؤلاء يا هؤلاء أصحاب قيل وقال:
*من رحل من بلاد الشرق والغرب والشمال والجنوب من بلاد الكفار أو من بلاد الإسلام إلى دماج ليعرفوا دين الله ويأخذوه صافيا نقيًا؛ ووجد في رحلتهم مشاقَ عظيمةً وربما مُسك الواحد منهم ورُحِّلَ وعاد مرةً أخرى.!! أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من ترك شهوات الدنيا وملذاتها وعانى من الفقر وقلة ذات اليد!!.أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من فارق أباه وأمه ومجتمعه وآثر البقاء في هذا المجتمع الطيب للخير الذي وجده والعلم الذي نهله؛ والقرآن الذي تدبره و حفظه؛ والحديث الذي حفظه وفهمه!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من قام الأذان الأول فتوضأ وصلى ما استطاع ودعا الرحمن بخيري الدنيا و الآخرة!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من صلى الفجر ثم مكث مكانه في بيت الله؛ ثم أتى بالأذكار وقرأ وحفظ وراجع ما استطاع من كتاب الله؛ متلذذًا متدبرًا حتى تشرق الشمس !!.أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من صلى الضحى بعد ذلك؛ ثم انطلق إلى حفظ المتون من أحاديث أو متون العلم في الفقه أو العقيدة أو الأصول أو الفرائض أو المصطلح؛ أو تنقل من درس إلى درسٍ في شتى الفنون :إنه في بستانٍ مليءٍ بأنواعٍ من الثمار فيأخذ ما استطاع من تلك الفنون؛ أو يذهب للمكتبة للبحث والتنقيب؛ فيغوص بين الكتب فيستخرج كنوزها ويجمع فوائدها ويخرج للأمة كتبًا ورسائل وبحوثًا في شتى الفنون؛ في العقيد والنحو والصرف والمصطلح وغيرها من سائر الفنون!!.أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من توضأ وصلى الظهر وما قبلها من الراتبة وما بعدها ثم جلس متربعًا بين يدي شيخنا العلامة يحيى وفقه الله ، وبيده القلم والأوراق والكتب سواء درس تفسير ابن كثيرٍ أو الجامع الصحيح للإمام الوادعي رحمه الله؛ يلتقط تلك الدرر والفوائد المتناثرة من علم شيخنا يحي حفظه الله فيسجلها في كراسته؛ ثم يذهب بعد الغداء إلى شيء من الراحة أو إلى المكتبة أو إلى درسٍ أو يراجع ويحفظ!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من توضأ وصلى العصر وما قبلها من تطوع ثم يجلس لدرس البخاري الذي لا ينقطع هذا الكتاب منذ أن قدمنا دماج يُنتهى منه ثم يُعاد، لما فيه من العلم الغزير النافع الذي يعتبر خزانة من خزانات العلوم، فترى شيخنا يحيى حفظه الله ينثر على طلابه الفوائد والتنبيهات والاستدراكات وفك الإشكالات؛ وهكذا في كل الدروس التي يلقيها شيخنا يحيى حفظه الله، علمٌ نافعٌ غزيرٌ من فضل الله سبحانه وتعالى ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﮊ[البقرة: ٢٦٩].
وعن عَبْدَ الله بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ن: (لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ الله مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ الله الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضـِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا).رواه البخاري(73) ومسلم(816).ثم يذهبون إلى دروسهم أو إلى المكتبة أو إلى الحفظ والمراجعة!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من توضأ وصلى المغرب وما بعدها من الراتبة؛ ثم يجلس بين يدي هذا العالم يتلقى درس صحيح مسلم؛ وحال درس مسلم كحال درس البخاري كما تقدم بيانه؛ ثم درسين في فنون شتى؛ كلما انتهى كتابٌ فتح شيخنا يحيى سلَّمه الله كتابًا أخر؛ تارة في العقيدة وتارة في الفقه وتارة في المصطلح وتارة في أدب الطلب وتارة في منظوماتٍ متنوعةٍ في الآداب وغيرها؛ مزيدًا على الأسئلة التي يرد عليه بين مغرب وعشاء وقبل الدروس في الظهر والعصر فيجيب على بعض ما يراه ينفع؛ حتى أنها قد جُمعت وفُرغت وستخرج إن شاء الله للأمة الإسلامية درر ثمينة من عالمٍ فتح الله عليه من خزائن فضله!!.أم أنه الكذب والتلبيس؟.
*من بعد صلاة العشاء وأداء الراتبة منهم من يذهب للحفظ أوالمراجعة ومنهم لبعض الدروس ومنهم للمكتبة ،وعلى هذا إلى الساعات من الليل. أم أنه الكذب والتلبيس؟.
*من شغل ليله بالصلاة والدعاء وذكر الله ـ والعلم النافع والعمل الصالح!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من بات يحرس إخوانه في المتارس أو حول البيوت أوفي الجبل طوال ليله بين البرد والبعوض!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من دافع عن الحق وأهله وذب عن المنهج السلفي ورد على المبطلين، وما من باطل يظهر في الساحة إلا ولهم السابقية في إنكاره من فضل الله؛ فما من فرقة من فرق الضلال إلا ولأهل السنة في دماج من قديم وحديث السابقية في رده وإنكاره وبيان حاله!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من يدرس الألوف من أبناء المسلمين وفرغ وقته لذلك وأوذي من أجل ذلك ومن أجل تمسكه بالحق ودفاعه عنه وعن أهله!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من سعى لنشر الدعوة في اليمن وغيره ويخرج هنا وهناك ويدعو الناس ويحثهم على التمسك بدين الله ويحذرهم من الفتن التي أدت بالمجتمعات إلى كل شر وكارثة!!. أم أنه التلبيس والكذب؟.
*فدار الحديث بدماج من فضل الله لا تخلو ساعة من ليلٍٍ ولا نهارٍ من راكعٍ أو ساجدٍ أو من يحفظ من القرآن أو من سنة رسول الله ن أو من يراجع فنون العلم فالدار حيٌ منتعشٌ بأهله السلفيين؛ ويصدق عليهم إن شاء الله تعالى :
قول الله عز وجلﮋ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﮊ[النور: ٣٦ – ٣٨].
و كذلك مكتبة دار الحديث بدماج لا تخلو من الباحثين إلا ساعاتٍ قليلةٍ وإلا فمدار اليوم والليلة المكتبة عامرة بالباحثين من فضل الله.
ولا نعلم مسجدًا ودارًا حاله كهذا؛ طلاب علمٍ سلفيين؛ حفاظ كتاب الله ومن سنة رسول الله ن الشيء الكثير ومن فنون العلم في غاية من الاجتهاد في العبادة والعلم ليلاً ونهارًا.
فلله دركم يا أهل السنة فما رفع الله قدركم وشأنكم إلا لأنكم تمسكتم بدين ربكم وهذا من أسباب الرفعة:
قال تعالى: ﮋ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕﮊ[المجادلة: ١١].
وعَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ، لَقِيَ عُمَرَت بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ تيَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي، فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا، قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ نقَدْ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» رواه مسلم (817).
أقول : فهذا هو الحال الذي أسس الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله؛ دار الحديث بدماج من أجله واستمرت على ذلك حتى توفاه الله؛ وسار عليه تلميذه البار به شيخنا يحيى سلَّمه الله منذ أن قام على هذه الدار المباركة ، وهو يعتبر رأسًا في هذا الخير الذي ذكرناه؛ فنراه سبَّاقًا إلى هذا الخير، دالاً عليه مذكرًا به حاثًا عليه حريصًا على بقائه كارهًا ومحذرًا ممن يسعى لهدمه وخرابه ؛ فهذا هو الأصل في هذه الدار المباركة؛ أنها دار إيمانٍ وتقوى وعملٍٍ صالحٍٍ وهدى وعلمٍ وتعليمٍٍ وأهلها في إقبالٍ على ما ينفعهم وينفع الأمة الإسلامية قاطبةً، ونسأل الله المزيد من فضله وتوفيقه .
أم أنها أصبحت قيل وقال:
*لأنهم لم يقلدوا أحدًا في دينهم وإنما اتبعوا الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين؛ فلو قلدوا من تريدون تقليده لقلتم :(أهل دماج أحسن وأفضل الناس وهم على الطريق السوي). ولو أفتوا بالجمعيات والاختلاط والانتخابات وعاضدوا ذوي الفتن والحزبيات أو حرشوا وكذبوا أو صاروا من أفسد المخابرات، كما هو حالكم الآن مع من اتصف بهذه الأوصاف البشعة وأنتم لا تزالون عن بوائقه متغافلين وله متعصبين وعنه مدافعين، وتعادون أهل الحق من أجله، فبالله عليكم هل هذا من دين الله الحق أم من الهوى ؟؟.
وإني لأذكر هنا قول أويس القرني رحمه الله الذي يتسلى به كل عبدٍ صالح صادعٍ بالحق:
(إِنَّ قِيَامَ الْمُؤْمِنِ بِأَمْرِ الله لَمْ يُبْقِ لَهُ صَدِيقًا، و الله إِنَّا لَنَأْمُرَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَيَتَّخِذُونَنَا أَعْدَاءً، وَيَجِدُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْفَاسِقِينَ أَعْوَانًا حَتَّى وَالله لَقَدْ يَقْذِفُونَنَا بِالْعَظَائِمِ، و َوَالله لَا يَمْنَعُنِي ذَلِكَ أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ» "المستدرك للحاكم"(5724) (3 / 458).
*أم أنهم أصبحوا قيل وقال لأنهم ردوا على عبيدٍ والبخاري ومحمد بن هادي وأضرابهم، الذين حذروا من دعوتنا ومن شيخنا ودارنا السلفية، وتعصبوا للحزبيين ودعموهم؛ وخذلوا أهل السنة في دماج وبغوا عليهم؛ و والله ما بدأنا أحدنا منهم ولا اعتدينا على أحد منهم ولا دققنا بيت أحدٍ منهم حتى بدءونا هم ؛ وبغوا وسبوا وشتموا وبغير حقٍ ولا هدىً و لا برهانٍ؛ ونحن والله ممتثلون توجيهات ربنا القائل في محكم التنزيل:
ﮋﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮊ[البقرة: ١٩٤].
والقائلـ:ﮋﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﮊ[النساء: ١٤٨].
مع أننا لا ندري ممن نلقى الأذى والعِداء أمن الفرق الضالة و الأحزاب الكفرية الهدامة أم نلقى الأذى من هؤلاء الذين كان الواجب عليهم أن يقفوا بجانبنا ويناصرونا ويشدوا من أزرنا ويدافعوا عنا، لكننا وجدناهم أكثر عِداءًا ومكرًا ومجاهرةً بالسوء وحنقًا وحسدًا في هذه الأيام .
والله أننا لسنا مبالين بهم و لا بهرائهم، لأنهم في أذيتهم هذه عاطلون عن الحجة ولو قلنا اليوم :(إن العدني وحزبه أهل سنة)؛ لرضوا عنا تمام الرضى ولرأيت أذاهم وبغيهم زال وانقضـى !! فهل هذا من دين الله أم أنه الهوى؟؟.
أليس أهل القيل والقال هم:
* هؤلاء الذين جندتم أنفسكم وخبئتم مقاصدكم تحت فتنتهم ممن ضاع عن الحق وعن العلم والتعليم وضعف عن العبادة، وأصبح في الشوارع وفي المقاهي وترك التأليف والتحقيق والدعوة ؛ وأصبح لا يحب العلم و لا حلقاته ولا دروسه ولا المحاضرات؛ وإنما التنقل من مكان إلى آخر بعد الدنيا والفتن.!! أم أنه التلبيس والكذب؟.
*من حذر من الخير وأهله وأذى المؤمنين وشوه صورة الصالحين وأصبح عدوًا للحق وأهله!!. أم أنه الكذب والتلبيس؟.
* من دافع عن الباطل والمبطلين وأعانهم على إفساد الصالحين الذين كان يرجى خيرهم للأمة الإسلامية!!. أم أنه الكذب والتلبيس؟.
* من تلقى الكذب والزور والبهتان والتلفيقات والبتورات من المواقع الكذابة الفاجرة أمثال شبكة الاستقامة الحسنية، وشبكة الأثري وشبكة الوحيين وغيرها ، فهؤلاء ومن أخذ عنهم هم أهل القيل والقال؟؟
قال الإمام النووي رحمه الله:(وَ"قِيلَ وقَالَ"مَعْنَاهُ: الحدِيثُ بِكُلِّ مَا يَسمعُهُ، فيقُولُ: قيلَ كَذَا، وقَالَ فُلانٌ كَذَا مِمَّا لا يَعلَمُ صِحَّتَهُ، ولا يَظُنُّه) اهـ"رياض الصالحين"
قال ابن عبد البررحمه الله: (فَمَعْنَى "قِيلَ وَقَالَ" وَالله أعلم الحديث بما لا معنى لا وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنْ أَحَادِيثِ النَّاسِ الَّتِي أَكْثَرُهَا غِيبَةٌ وَلَغَطٌ وَكَذِبٌ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنَ الْقِيلِ وَالْقَالِ مَعَ الْعَامَّةِ لَمْ يَسْلَمْ مِنَ الْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ وَلَا مِنَ الِاغْتِيَابِ وَلَا مِنَ الْكَذِبِ والله أَعْلَمُ )اهـ"التمهيد" (21 / 289) .
وقال ابن الأمير الصنعاني رحمه الله:(وَالْمُرَادُ بِهِ نَقْلُ الْكَلَامِ الَّذِي يَسْمَعُهُ إلَى غَيْرِهِ فَيَقُولُ قِيلَ كَذَا وَكَذَا بِغَيْرِ تَعْيِينِ الْقَائِلِ وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَعْنِي الْمُتَكَلِّمَ وَلِكَوْنِهِ قَدْ يَتَضَمَّنُ الْغِيبَةَ وَالنَّمِيمَةَ وَالْكَذِبَ وَلَا سِيَّمَا مَعَ الْإِكْثَارِ مِنْ ذَلِكَ قَلَّمَا يَخْلُو عَنْهُ)اهـ" سبل السلام" (2 / 630) .
*وإن هذا التعريف والشرح لينطبق تمامًا على أهل الباطل؛ الذين هذا حالهم لا يفترون عنه ولا يملون منه ليلاً ونهارًا سرًا وجهارًا؛ ومن فضل الله أن أهل السنة في دماج من أبعد الناس عن هذه الصفات المذمومة التي حذر الله ـ منها ورسوله ن
*وأهل السنة ينطبق عليهم هذا الكلام النفيس الذي ذكره ابن القيم رحمه الله شارحًا الخلق الطيب وأهله وصفاتهم:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله :( [فَصْلٌ الدِّينُ كُلُّهُ خُلُقٌ]فَصْلٌ:الدِّينُ كُلُّهُ خُلُقٌ. فَمَنْ زَادَ عَلَيْكَ فِي الْخُلُقِ: زَادَ عَلَيْكَ فِي الدِّينِ. وَكَذَلِكَ التَّصَوُّفُ.
قَالَ الْكِنَانِيُّ: التَّصَوُّفُ هُوَ الْخُلُقُ، فَمَنْ زَادَ عَلَيْكَ فِي الْخُلُقِ: فَقَدْ زَادَ عَلَيْكَ فِي التَّصَوُّفِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ بَذْلُ النَّدَى، وَكَفُّ الْأَذَى، وَاحْتِمَالُ الْأَذَى.وَقِيلَ: حُسْنُ الْخُلُقِ: بَذْلُ الْجَمِيلِ، وَكَفُّ الْقَبِيحِ.وَقِيلَ: التَّخَلِّي مِنَ الرَّذَائِلِ، وَالتَّحَلِّي بِالْفَضَائِلِ.
وَحُسْنُ الْخُلُقِ يَقُومُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ لَا يُتَصَوَّرُ قِيَامُ سَاقِهِ إِلَّا عَلَيْهَا: الصَّبْرُ، وَالْعِفَّةُ، وَالشَّجَاعَةُ، وَالْعَدْلُ.
فَالصَّبْرُ: يَحْمِلُهُ عَلَى الِاحْتِمَالِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ، وَكَفِّ الْأَذَى، وَالْحِلْمِ وَالْأَنَاةِ وَالرِّفْقِ، وَعَدَمِ الطَّيْشِ وَالْعَجَلَةِ.
وَالْعِفَّةُ: تَحْمِلُهُ عَلَى اجْتِنَابِ الرَّذَائِلِ وَالْقَبَائِحِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَتَحْمِلُهُ عَلَى الْحَيَاءِ. وَهُوَ رَأْسُ كُلِّ خَيْرٍ. وَتَمْنَعُهُ مِنَ الْفَحْشَاءِ، وَالْبُخْلِ وَالْكَذِبِ، وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ.
وَالشَّجَاعَةُ: تَحْمِلُهُ عَلَى عِزَّةِ النَّفْسِ، وَإِيثَارِ مَعَالِي الْأَخْلَاقِ وَالشِّيَمِ، وَعَلَى الْبَذْلِ وَالنَّدَى، الَّذِي هُوَ شَجَاعَةُ النَّفْسِ وَقُوَّتُهَا عَلَى إِخْرَاجِ الْمَحْبُوبِ وَمُفَارَقَتِهِ. وَتَحْمِلُهُ عَلَى كَظْمِ الْغَيْظِ وَالْحِلْمِ. فَإِنَّهُ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ وَشَجَاعَتِهَا يُمْسِكُ عِنَانَهَا، وَيَكْبَحُهَا بِلِجَامِهَا عَنِ النَّزْغِ وَالْبَطْشِ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ن: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرْعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ: الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» وَهُوَ حَقِيقَةُ الشَّجَاعَةِ، وَهِيَ مَلَكَةٌ يَقْتَدِرُ بِهَا الْعَبْدُ عَلَى قَهْرِ خَصْمِهِ.
وَالْعَدْلُ: يَحْمِلُهُ عَلَى اعْتِدَالِ أَخْلَاقِهِ، وَتَوَسُّطِهِ فِيهَا بَيْنَ طَرَفَيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ. فَيَحْمِلُهُ عَلَى خُلُقِ الْجُودِ وَالسَّخَاءِ الَّذِي هُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ الذُّلِّ وَالْقِحَةِ. وَعَلَى خُلُقِ الشَّجَاعَةِ، الَّذِي هُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ الْجُبْنِ وَالتَّهَوُّرِ. وَعَلَى خُلُقِ الْحِلْمِ، الَّذِي هُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ الْغَضَبِ وَالْمَهَانَةِ وَسُقُوطِ النَّفْسِ.
وَمَنْشَأُ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ)اهـ"مدارج السالكين". (2 / 294) .
قال شيخنا يحيى حفظه الله معلقًا على هذا الكلام:(هذا كلام جيدٌ جميل ٌ ما عدا كلام الكناني)اهـ."درس المغرب"18/شعبان/1432هجرية
أخيرًا: نحمد الله ونشكره على ما من به علينا وأفضل وأعطانا فأجزل
وأقول لهم كما قال الشاعر:
يا ناطح الجبل العالي ليوهنه *** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
وقال الآخر:
أَقِلّوا عَلَيهِم لا أَبا لِأَبيكُمُ *** مِنَ اللومِ أَو سُدّوا المَكانَ الَّذي سَدّوا
وكما قال الآخر:
يا بن الكرام ألا تدنوا فتبصر ما *** قد حدثوك فما راء كمن سمعا
كتبه
أبو حمزة محمد بن حسن السِّوَري
دار الحديث بدماج حرسها الله
دار الحديث بدماج حرسها الله
حمل الرسالة بصيغة pdf من المرفقات
تعليق