بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال
رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي"
"الحلقة الأولى"
رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي"
"الحلقة الأولى"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد فإن الذب عن دين الله الحق أمر مشروع بل واجب دل على ذلك آيات وأحاديث كثيرة .
قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ).
وقال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) .
وما بعث الله الرسل إلا للقيام بهذا الواجب الذي يأتي على رأسه الأمر بأصل أصول الإسلام ألا وهو التوحيد والنهي عن أصل أصول الضلال ألا وهو الشرك وما اشتق منه وهو الابتداع في دين الله ثم سائر المنكرات .
وقد لعن الله وذم الذين لا يتناهون عن المنكر فقال جل شأنه (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : "الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثلاثا، قالوا: لِمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ"( 1).
وعن قيس بن أبي حازم قال:
قام أبو بكر -رضي الله عنه -، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه فقال: "أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )، وإنكم تضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب"( 2).
وعن النُّعْمَان بن بَشِيرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قال: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا فَكَانَ الَّذِين فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا فَتَأَذَّوْا بِهِ فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ"( 3).
ومن أصول أهل السنة بيان حال الرواة تعديلاً وجرحاً، كذباً كان هذا الجرح أو خطأ أو بدعة ونحو ذلك، وذلك واجب باتفاق المسلمين.
ولهم في ذلك مؤلفات مثل "التأريخ" للبخاري و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم، و"التأريخ" لابن معين، و"معرفة الرجال" له، رواية أبي العباس بن محرز وروايات غيرها عن ابن معين، وفي الجرح خاصة مثل "الضعفاء" للبخاري، و"الضعفاء والكذابين والمتروكين" لأبي زرعة الرازي، و"الضعفاء والمتروكين" للنسائي، و"الضعفاء" للدارقطني، و"الضعفاء" للحاكم وغيرها.
ومن أصولهم الرد على أهل الأهواء والبدع وبيان أحوالهم والتحذير منهم، وذلك واجب باتفاق المسلمين.
ولهم في ذلك مؤلفات مثل: "خلق أفعال العباد" للبخاري، و"السنة" لعبد الله بن أحمد، و"السنة" للخلال، و"شرح السنة" للبربهاري، و"الشريعة" للآجري، و"الإبانتين" لابن بطة، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة" للالكائي، و"الحجة في بيان المحجة" لأبي القاسم الأصفهاني، وغيرها.
وكل ذلك من النصح الواجب لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في بيان هذين الأصلين:
"وإذا كان النصح واجبا في المصالح الدينية الخاصة والعامة: مثل نقلة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون، كما قال يحيى بن سعيد سألت: مالكا والثوري والليث بن سعد –أظنه- والأوزاعي عن الرجل يتهم في الحديث أو لا يحفظ؟ فقالوا: بين أمره. وقال بعضهم لأحمد بن حنبل: إنه يثقل علي أن أقول فلان كذا، وفلان كذا، فقالك إذا سكت أنت وسكت أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟!
ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلى ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل، فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء"( 4).
وهذان الأصلان الجليلان المجمع عليهما من أعظم ما حفظ الله به دينه، وردّ به كيد الكائدين ومكر الماكرين.
وأدلة هذين الأصلين كثيرة جداً من الكتاب والسنة، ومن مواقف الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان ومن سار على نهجهم من علماء وأئمة الإسلام.
ولقد ذمَّ الله وجرح الكافرين والمشركين والمنافقين واليهود والنصارى ولا سيما أحبارهم ورهبانهم المتأكلين بالدين، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ) .
وفي الأصناف المذكورة آيات كثيرة يعرفها صغار طلاب العلم وصغار حفظة القرآن وأخطر هذه الأصناف المنافقون الذين يلبسون لباس الإسلام ليتمكنوا من ضربه من الداخل .
فقد ذكرهم الله وبين خطورتهم في سورة البقرة في عدد من الآيات وفي سورة آل عمران وفي سورة النساء وفي سورة المائدة وفي سورة النور وفي سورة لقمان وفي سورة الحديد، وفي سورة المجادلة ، وفي سورة الحشر ، ثم سورة المنافقين لشدة خطورتهم على الإسلام والمسلمين ولشدة كفرهم وعداوتهم ومكايدهم للإسلام وإفسادهم في الأرض .
قال تعالى مبيناً حقيقة حالهم وبيان إفسادهم وبعض صفاتهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) .
فهم مع كفرهم ونفاقهم ينفون عن أنفسهم الإفساد في الأرض ولا يكتفون بذلك بل يدَّعون الإصلاح بأقوى الأساليب المؤكدة: (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) قال تعالى مُكذباً لهم تَكذيباً مؤكداً بأقوى أساليب التأكيد: (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ).
وعندهم دعاوى عريضة يطعنون بها في سادة المؤمنين ويسفهونهم ويوهمون الناس أن إيمانهم هو الصحيح والحق وأنه يختلف عن إيمان أصحاب محمد الذين يصفونهم بالسفه وأنهم سفهاء .
قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ) . فدافع الله عن أوليائه المؤمنين حقاً وبين حقيقة دعاوى المنافقين وأنهم هم السفهاء .
ومن ألاعيبهم ومكرهم أيمانهم الفاجرة في تزكية أنفسهم قال تعالى فيهم : (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً [سورة النساء : 62-63]، فيصفون خبثهم وخيانتهم وعلاقتهم بالكافرين بالإحسان والتوفيق ويقسمون بالله على ذلك يخادعون بذلك المؤمنين .
وقال تعالى فيهم في سورة المنافقين وعلاقتهم بالكافرين : (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة المنافقون: 2].
وقال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [سورة المنافقون : 4].
ويوجد من هذه الأصناف كثير، لهم أجسام تعجب، وألسنة تخلب الأسماع.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ "( 5).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ"( 6) .
وفي حديث أبي هريرة من وجه آخر (آية المنافق ثلاث وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم)( 7).
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال :" إِنَّ الْمُنَافِقِينَ الْيَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ وَالْيَوْمَ يَجْهَرُونَ" ( 8).
فما أكثر من يوصف بهذه الصفات في عصرنا هذا وقبله ولكنهم اليوم أشد وهم أصناف ومِن أخطرهم مَن يلبسون لباس السلفية وفي الوقت نفسه يحاربون السلفية والسلفيين أشد الحرب( 9) .
ويدافعون عن أهل البدع بأساليب وشبه وتأصيلات يعجز عنها عتاة أهل البدع فهم يدافعون عن الإخوان المسلمين وهم خليط من الصوفية القبورية ومن الروافض والزيدية والخوارج والأشعرية، ورؤوسهم يدعون إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان والأتباع يعتزون بهم ويقدسونهم.
وإذا بينت لهم هذه الضلالات لم يرتدعوا عن تقديسهم وموالاتهم بل يزدادوا ولاءً لهم وحرباً وعداوة لمن ينصح للإسلام والمسلمين ببيان حال شيوخهم الضالين.
ويدافعون عن جماعة التبليغ الذين يبايعون على أربع طرق صوفية وهي النقشبندية والسهروردية والقادرية والجشتية وكلها قائمة على الشركيات والحلول ووحدة الوجود.
قال الإمام ابن بطة -رحمه الله- :
"ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك، وإن أمكنك أن لا تقاربه في جوارك.
ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه وهجرانه والمقت له، وهجران من والاه ونصره وذبّ عنه وصاحبه، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنة"( 10).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- فيمن يذب عن أهل وحدة الوجود أو يثني عليهم أو يتأول لهم أو يعتذر لهم أو يكره الكلام فيهم:
"ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو أو من قال إنه صنف هذا الكتاب وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلا جاهل، أو منافق؛ بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله.
فضررهم في الدين أعظم من ضرر من يفسد على المسلمين دنياهم، ويترك دينهم كقطاع الطريق، وكالتتار الذين يأخذون منهم الأموال، ويبقون لهم دينهم، ولا يستهين بهم من لم يعرفهم، فضلالهم وإضلالهم أعظم من أن يوصف، وهم أشبه الناس بالقرامطة الباطنية.
ولهذا هم يريدون دولة التتار، ويختارون انتصارهم على المسلمين، إلا من كان عامياً من شيعهم وأتباعهم فإنه لا يكون عارفاً بحقيقة أمرهم.
ولهذا يقرون اليهود والنصارى على ما هم عليه، ويجعلونهم على حق(11 )، كما يجعلون عباد الأصنام على حق، وكل واحدة من هذه من أعظم الكفر، ومن كان محسناً للظن بهم -وادعى أنه لم يعرف حالهم- عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم ويظهر لهم الإنكار، وإلا ألحق بهم وجعل منهم.
وأما من قال لكلامهم تأويل يوافق الشريعة؛ فإنه من رؤوسهم وأئمتهم؛ فإنه إن كان ذكياً فإنه يعرف كذب نفسه فيما قاله، وإن كان معتقداً لهذا باطناً وظاهراً فهو أكفر من النصارى، فمن لم يكفر هؤلاء، وجعل لكلامهم تأويلاً كان عن تكفير النصارى بالتثليث والاتحاد أبعد. والله أعلم"( 12).
وسئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- حال شرحه لكتاب "فضل الإسلام" وذلك في شريط مسجّل بهذا الاسم عن من يثني على أهل البدع ويمدحهم: هل يأخذ حكمهم؟
فأجاب: "نعم، ما فيه شك، من أثنى عليهم ومدحهم هو داع لهم، يدعو لهم، هذا من دعاتهم، نسأل الله العافية".
وكلام هؤلاء الأئمة وما جرى مجراه من كلام السلف يهدمان منهجكم الفاسد وأصولكم الباطلة التي تنطلقون منها إلى الدفاع عن أهل البدع والذب عنهم والثناء عليهم وإلى محاربة أهل السنة ومنهجهم وأصولهم.
قد يقول بعضهم: نحن لا ندافع عن هؤلاء الذين ذكرتهم، فنقول لهم: أنتم مع من يدافعون عنهم قلباً وقالباً، وتحاربون السلفيين الذين ينتقدونهم، ثم أنتم تحاربون من ينتقد وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان، وتمجدون الدعاة إليها.
ومن أصول هؤلاء الذين يلبسون لباس السلفية لحرب أهل السنة ومنهجهم:
1- "نصحح ولا نجرح"، يوهمون الناس أنهم أهل ورع وإنصاف وهم بهذا الأصل مخالفون لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح القائم على كتاب الله وسنة رسوله ومناهضون لأهل الحديث والسنة وأصولهم في الجرح والتعديل من فجر تأريخهم إلى يومنا هذا والذين شحنت مؤلفاتهم في الجرح والتعديل وكتب الجرح الخاصة بالجرح لأهل البدع وغيرهم من الكذابين والمتهمين.
ومناهضون لدواوين أهل السنة في نقد أهل البدع وبيان عقائدهم من جهمية ومعتزلة وخوارج ومرجئة وصوفية وغيرهم ينقدون ويجرحون طوائفهم وأعيان كثير منهم خاصة دعاتهم .
2- ومن أصولهم: "المنهج الواسع الأفيح"، وهو كذلك مناهض لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح.
ومخالف لتحذير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل الأهواء وحكمه على المحدثات بأنها شر الأمور.
ومخالف لقوله -صلى الله عليه وسلم- :" "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ من قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حتى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قال فَمَنْ"( 13).
ومخالف لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" "إن أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا في دِينِهِمْ على ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وان هذه الأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ على ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً يعني الأَهْوَاءَ كُلُّهَا في النَّارِ إلا وَاحِدَةً وهي الْجَمَاعَةُ.."( 14).
فهذا الأصل أي المنهج الواسع يستوعب هذه الفِرَق الهالكة من حيث التأصيل، ومن حيث تطبيق هذه الفئة .
فجماعة الإخوان المسلمين وهي تضم شر الفرق أهل سنة عندهم.
وجماعة التبليغ وهي تجمع طرقاً وفرقاً عندهم أهل سنة.
وسواد الأمة سلفيون.
ودعاة وحدة الأديان وأخوة وحرية الأديان من أهل الاتباع.
ومن يطعن في نبي الله موسى ويسخر منه ويطعن في الصحابة ومنهم عثمان رضي الله عنهم جميعاً ويعطل صفات الله ويقول بالحلول ووحدة الوجود ويكفر الأمة من فجر تاريخها إلى الآن إلى ضلالات كبرى لا يجوز عندهم نقده وإطلاق البدعة عليه .
ومن يذب عن السنة والتوحيد والأنبياء والصحابة والسلف عند أهل هذه الأصول غلاة وغثاء وأراذل وأقزام وشواذ ومنهجهم متآكل وهم مترصدون وغلاة وخوارج ومقلدون لفلان إلى أوصاف أخرى لا تصدر إلا من أمثال هذا الصنف .
وإذا وصف أحدهم الصحابة بأنهم غثاء فلا يعتبر سباً، ويضعون لذلك قاعدة أن هذه اللفظة "غثاء" إذا صدرت من سني فلا تعتبر سباً، ولا يسلم منتقده وناصحه من الطعن والشتم والاتهامات.
ويزيد بعض رؤسائهم اشتراط الإجماع على اعتبارها سباً، وإلا فليست بسب، فيا لها من مغالطات وسفسطات.
3- ومن أصولهم لرد الحق والحجج والبراهين والثبات على الباطل أصل"لا يلزمني" الذي جعلوه جُنة يدفعون بها الحق، فمهما خالف أحدهم الحق لا يرجع عن هذه المخالفة مهما عظمت , ومهما ساءت مواقفهم وأصولهم ومهما دافعوا عن أنفسهم وعن أهل البدع والضلال بالباطل ومهما طعنوا في أهل السنة بالباطل والكذب ومهما يأت السلفي على أي مسألة بالأدلة والبراهين فلا يقبلونها بل يردونها بهذه (الجُنة) "لا يلزمني".
4- ومن أصولهم "إذا حكمت حوكمت وإذا دعوت أُجرت" وهذا الأصل صنو أصل "نصحح ولا نجرح" .
5- ومن أصولهم حمل المجمل على المفصل وهذا الأصل وضعه بعض العتاة للدفاع عن سيد قطب في الدرجة الأولى وتبناه أبو الحسن وحزبه للدفاع عن سيد قطب وأمثاله واستمر عليه سنوات ثم لما أحدث الفتنة العاصفة على أهل السنة قال : إن كان قائلها من أهل السنة ومن طلابهم وأنصارهم أو كما قال فيحمل المجمل على المفصل .
وأتيناه بالأدلة وبأقوال جماهير العلماء أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم، وأقوالهم هي الحق .
وحكى الشوكاني الإجماع على أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم ، فلم يرتدعوا عن باطلهم، ثم هم لا يطبقون هذا الأصل إلا على أقوالهم المفصلة الواضحة يجعلونها مجملة.
ولا يطبقونه على خصومهم، بل يجعلون كلام خصومهم الواضح في الحق باطلاً وظلماً وغلواً.
وكتاباتهم مليئة بالظلم، ولا يرفعون رأساً بقول الله تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وهيهات أن يلتزموا هذه الآية وغيرها في وجوب العدل ولو مع الكفار وهم ملتزمون بقاعدة "لا يلزمني" .
أقول: وكل ما سطرته هنا نملك عليه الأدلة والبراهين من أقوالهم ومؤلفاتهم.
وقد هدم السلفيون هذه الأصول الباطلة بالأدلة والبراهين، ومع ذلك لا تزال هذه الفئة الضالة متشبثة بأصولها الباطلة.
وهذه الفتن هم مثيروها ومطولوها ببغيهم وعدوانهم، وكلما انتهت فتنة من فتنتهم افتعلوا أخرى على امتداد سنوات.
وهي فتن قد خططوا لها قبيل وفاة الشيخين ابن باز والألباني -رحمهما الله- وهذا التخطيط الإجرامي لإحداث الفتن وإسقاط العلماء، وربط الشباب والدعوة السلفية بأشخاصهم أمر ثابت، وعندنا وثيقة أطلعنا عليها بعض من يهمهم أمر الدعوة السلفية وعندنا شهود على هذا الربط وواقعهم أكبر شاهد على هذا الإسقاط وهذا الربط ومواقفهم وتأصيلاتهم وأعمالهم وولاآتهم لخصوم الدعوة السلفية واضحة .
ومن مكايدهم ومكرهم أنهم يتباكون على الدعوة ويتباكون على العلماء الثلاثة ابن باز والألباني والعثيمين.
وهذا بكاء التماسيح فهم من أشد الناس فرحاً بموتهم، والدليل على هذا مؤامرتهم على الدعوة وعلمائها وشبابها قبيل وفاة هؤلاء الأعلام.
ثم تنفيذهم لهذه المؤامرة الدنيئة بعدوان وإثارة عدنان عرعور للفتنة في أوربا ووقوف الحلبي وأبي الحسن والمغراوي إلى جانبه.
ثم ببغي المغراوي وعصابته على أهل السنة ووقوف هذه العصابة إلى جانبه.
ثم ببغي أبي الحسن وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه ثم ببغي علي الحلبي وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه .
كل هذا يعقبه ويرافقه صبر طويل ومناصحات من أهل السنة .
فما من واحد إلا وصبرت عليه سنوات أناصحه باللطف رجاء لعودته إلى الحق وحرصاً على جمع الكلمة فلم ينجع هذا الصبر الطويل والأمل العريض؛ لأن وراء الأكمة ما وراءها.
من ذلك ما سلف ذكره من تخطيط.
ومنها- الدعم المالي من المؤسسات التي تشابههم في التخطيط والأهداف، وقبل ذلك وبعده الهوى والانحراف .
ومن أذناب هذه العصابة من يسمى بمختار طيباوي وهذا الرجل كان قديماً ممن يتظاهر بالسلفية ويتصل عليَّ بواسطة أحد أصدقائه وهذا الصديق كان يصفه بالسلفية ففرحنا به وقدمنّا له من المعروف والدعم المعنوي ما نستطيعه.
ثم لما ظهرت فتنة أبي الحسن ظهر على حقيقته فبرز مسانداً لأبي الحسن وفتنته فتجاهل السلفيون هذا الموقف منه لعله يتوب إلى رشده.
ثم لما جاءت فتنة علي الحلبي وقف إلى جانبه وكتب عدة مقالات يؤصل فيها على طريقة سادته السابق ذكرهم وتأصيلهم ويطعن فِيَّ وفي منهجي ظاهراً والهدف فيما يبدو المنهج السلفي ولو كان عنده أدنى رضا واحترام لمنهج السلف وأهله لما تجشم هذه الحركات الظالمة ولما تجشم هذا التأصيل ويبدو أن وراء الأكمة ما وراءها.
وقد رد عليه بعض الشباب السلفي ردوداً نافعة ولو كان عنده شيء من احترام الحق ومنهج السلف لثاب إلى رشده إن كان عنده شيء من الرشد، وكفّ شره وفتنته عن السلفية والسلفيين، ولكن لا حياة لمن تنادي.
وأخيراً كتب مقالاً بتأريخ 22 من الشهر المحرم عام (1432هـ)، نشره في ما يسمى زورًا ( بمنتديات كل السلفيين) تحت عنوان ( حسم السجال حول مذهب الشيخ ربيع في الرجال).
وهؤلاء الرجال هم العصابة الذين ألمحنا سلفاً إلى أعمالهم وأصولهم ودفاعهم عن أصحاب وحدة الوجود ووحدة الأديان وأخوة وحرية الأديان وحربهم الغاشمة على من ينتقد هذه الضلالات وغيرها من الضلالات.
فمنهج الشيخ ربيع الذي ينتقد هؤلاء الضلال، عند هذا المختار، منهج يقوم على الجهل ويخالف منهج السلف، والذي يمثل منهج السلف هذا المختار وشيوخه ورجاله الذين لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً، بل يرون المعروف منكراً ولو كان ذبّاً عن التوحيد والسنة ورداً للضلالات الكبرى.
ويرون أنكر المنكرات معروفاً مثل الدفاع عن أهل وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان والدعوة إلى إلزام الأمم جميعاً بقوانين الأمم المتحدة، وهذه الأمور عندهم شارحة لرسالة الإسلام وتمثل وسطية الإسلام.
ومن يؤيد وحدة الأديان وأخواتها من غلاة الرفض وغلاة الصوفية والخوارج هم علماء الإسلام والثقات، ويا لها من تزكية، فهنيئًا لهذا الطيباوي الذي لا يرى هذه الموبقات تخالف المنهج السلفي، ويرى أن من ينكر هذه المنكرات وما دونها مخالفاً لمنهج السلف، وأنهم كذابون ومقلدون ...الخ، ولا يسعنا إلا أن نقول: (إِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
فإذا قال أنا لست معهم في كل شيء، قلنا له: أنت من مؤيديهم وأنصارهم والذابين عنهم فأنت منهم وتحارب من ينكر أباطيلهم، فماذا بعد الحق إلا الضلال.
وتذكر قول الله تعالى : (كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ).
وتذكر قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ ... ) الآية.
هذا إن كان عندك ذاكرة تسعفك بهذين النصين وغيرهما. تلك النصوص التي تغرس في نفس المؤمن الصادق خشية الله وتقواه ومراقبته وتغرس في نفسه احترام الإسلام وعقائده وأصوله ومناهجه وتغرس في نفسه الغيرة على الإسلام وعقائده ومناهجه فيدعو إليها ويذب عنها بكل ما يستطيع ولا يخشى في الله لومة لائم ولا يغريه مال ولا جاه .
وتغرس في نفسه بغض الكفر والنفاق والبدع والمعاصي، فينكرها أشد الإنكار، ويحذر منها كما هو شأن الأنبياء والأتقياء، لا الأدعياء.
أولاً- قال مختار بعد العنوان السالف الذكر: (حسم السِّجال حول مذهب الشِّيخ ربيع في الرِّجال)، وهو لا يحسم السجال عند الرجال بل يورث الخبال .
قال بعده: "الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، وبعد...
لقد اختلفت أحكام العلماء في الرجال قديما وحديثا، و لم نسمع عنهم أنهم بدَّعوا بعضهم البعض، أو امتحنوا بعضهم البعض كما فعل الشيخ ربيع،فهذا ما سنبحثه بتفصيل في هذا المقال، ونُقيم الأدلة على بطلان مذهب الشيخ ربيع النَّقدي في الرجال، و أنه سوء فهم كبير لمنهج أهل السنة".
أقول:
قولك: " لقد اختلفت أحكام العلماء في الرجال قديما وحديثا، و لم نسمع عنهم أنهم بدَّعوا بعضهم البعض، أو امتحنوا بعضهم البعض كما فعل الشيخ ربيع".
أقول:
1- اختلاف أهل السنة مع أبي الحسن المصري المأربي وعدنان عرعور وعلي حسن الحلبي ومن دار في فلكهم ليس مجرد اختلاف في رجال.
بل هو اختلاف في المناهج وفي الأصول.
وفي دفاعهم عن ضلالات وبدع كبرى وعن أهلها.
وفي فتن عاصفة تثيرها هذه العصابة بغياً وعدواناً على السنة وأهلها.
ولا يوجد اختلاف بين السلف الصالح في مثل هذه الدواهي والطامات.
فدع عنك التلبيس والمغالطات.
2- كان السلف الصالح على عِلم صحيح بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكان عندهم من الإخلاص لله والعبادة والزهد والورع والغيرة على دين الله ما يعرفه لهم أهل الفضل.
وكانوا على منهج واحد، وكانوا إذا بدع أحدهم شخصًا لا يهب آخرون لمعارضته وتكذيبه والطعن فيه، بل كان في غالب الأوقات يؤيده إخوانه في تبديع هذا المبتدع مائة في المائة، وفي أندر من النادر قد يخالفه أحد إخوانه من العلماء المعروفين بالتقوى والورع لشبهة تعرض له، بينما باقي الجماعة سوى هذا لا يجد منهم الناقد إلا التأييد والموقف الصحيح.
فلم نجدهم اختلفوا في جهم بن صفوان ومن سار على منهجه من الجهمية ولا في عمرو بن عبيد ومن سار على نهجه من المعتزلة، وقبل ذلك لم يختلفوا في معبد الجهني ومن تبعه من القدرية، وفي عهد الإمام أحمد لما تلكأ بعض العلماء في الصدع بالقول أن القرآن كلام الله والرد على من قال القرآن مخلوق هجرهم الإمام أحمد مع أنهم من أبرز أهل السنة والحديث ومع اعتذارهم بالخوف من بطش السلطان وسطوته لم ينبر أحد للإمام أحمد يحاربه ويؤلب عليه، ويؤصل الأصول المناهضة لمنهج السلف ومنهم الإمام أحمد.
ولما ألّف الإمام أحمد الرد على الجهمية، ونقدهم فيه النقد الشديد، بل كفرهم، لم ينبر فرد ولا جماعة يستنكرون على الإمام أحمد تأليف هذا الكتاب وشدة الجرح فيه .
ولم يقم أحد بتأصيل الأصول للدفاع عن الجهمية والمعتزلة مثل: "نصحح ولا نجرح" و"المنهج الواسع الأفيح"، ولو كان الجهمية هم الحكام، بل كل أهل السنة تلقوا هذا الكتاب بكل احترام.
ولما أَلَّف الإمام عثمان بن سعيد كتابيه: "الرد على الجهمية" وكتاب "النقض على بشر المريسي"، وتناول في الكتابين الجهمية وأتباعهم بالنقد والتكفير والطعون الشديدة تلقاه أهل السنة بالترحيب وبصدور رحبة إلى يومنا هذا ولم ينـزعج منه إلا الكوثري وأمثاله من سابقيه ولاحقيه ممن يعظم أهل البدع ويدافع عنهم، كما تفعل هذه العصابة الآن .
وكذلك لما ألّف عبد الله بن الإمام أحمد كتابه "السنة"، وتلاه الخلال بكتاب "السنة"، والبربهاري بـِ"شرح كتاب السنة"، والآجرى بكتاب "الشريعة" وابن بطة بـِ"الإبانتين الكبرى والصغرى"، واللالكائي بكتاب "شرح أصول اعتقاد أهل السنة"، والصابوني بكتاب "عقيدة السلف أصحاب الحديث"، وغيرهم وغيرهم ممن ألّف في بيان عقائد ومناهج أهل السنة وبيان عقائد ومناهج أهل الضلال وفيها مئات النصوص عن علماء السنة في الطعن على أهل البدع على اختلاف عقائدهم ومناهجهم.
لما ألّف هؤلاء العلماء هذه الكتب، لم يهب أفراد ولا جماعات لاستنكار هذه المؤلفات ورمي مؤلفيها بالغلو والشدة مع أنهم أشد على أهل البدع من ربيع وإخوانه بمراحل.
ولما بدَّع الإمام أحمد مثل الحارث المحاسبي والكرابيسي ويعقوب بن شيبة، وهم كانوا من أبرز أهل السنة والحديث؛ لأن بعضهم قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وبعضهم توقف، فلم يقل القرآن مخلوق، ولا غير مخلوق، مع أنهم يقولون: القرآن كلام الله، فلم يهب لمعارضة الإمام أحمد مثل الحلبي وعرعور والمأربي ومن دار في فلكهم؛ لأن علماء زمانهم وطلاب العلم كانوا يحترمون السنة وأهلها، ويبغضون البدع وأهلها؛ ولأنهم أهل صدق وأمانة وأخلاق إسلامية.
فلا يجوز لك يا مختار أو يا محتار أن تحيد عن منهج السلف بما يخالف واقعهم ولا يجوز لك أن تشمر عن ساعد الجد في البحث عن الحالات النادرة الشاذة، ثم تخرج بها على الناس رافعاً عقيرتك بأن هذا هو منهج السلف كما فعلت في هذا المقال الظالم المظلم الذي تدافع فيه عن أهل الباطل وتشوه ما تزعم أنه منهج ربيع الذي يسير على منهج السلف، يؤيده واقعه وواقع كتبه، وأيده أهل السنة الشرفاء وعلماؤهم الكبراء .
قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ).
وقال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) .
وما بعث الله الرسل إلا للقيام بهذا الواجب الذي يأتي على رأسه الأمر بأصل أصول الإسلام ألا وهو التوحيد والنهي عن أصل أصول الضلال ألا وهو الشرك وما اشتق منه وهو الابتداع في دين الله ثم سائر المنكرات .
وقد لعن الله وذم الذين لا يتناهون عن المنكر فقال جل شأنه (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : "الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثلاثا، قالوا: لِمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ"( 1).
وعن قيس بن أبي حازم قال:
قام أبو بكر -رضي الله عنه -، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه فقال: "أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )، وإنكم تضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب"( 2).
وعن النُّعْمَان بن بَشِيرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قال: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا فَكَانَ الَّذِين فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا فَتَأَذَّوْا بِهِ فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ"( 3).
ومن أصول أهل السنة بيان حال الرواة تعديلاً وجرحاً، كذباً كان هذا الجرح أو خطأ أو بدعة ونحو ذلك، وذلك واجب باتفاق المسلمين.
ولهم في ذلك مؤلفات مثل "التأريخ" للبخاري و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم، و"التأريخ" لابن معين، و"معرفة الرجال" له، رواية أبي العباس بن محرز وروايات غيرها عن ابن معين، وفي الجرح خاصة مثل "الضعفاء" للبخاري، و"الضعفاء والكذابين والمتروكين" لأبي زرعة الرازي، و"الضعفاء والمتروكين" للنسائي، و"الضعفاء" للدارقطني، و"الضعفاء" للحاكم وغيرها.
ومن أصولهم الرد على أهل الأهواء والبدع وبيان أحوالهم والتحذير منهم، وذلك واجب باتفاق المسلمين.
ولهم في ذلك مؤلفات مثل: "خلق أفعال العباد" للبخاري، و"السنة" لعبد الله بن أحمد، و"السنة" للخلال، و"شرح السنة" للبربهاري، و"الشريعة" للآجري، و"الإبانتين" لابن بطة، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة" للالكائي، و"الحجة في بيان المحجة" لأبي القاسم الأصفهاني، وغيرها.
وكل ذلك من النصح الواجب لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في بيان هذين الأصلين:
"وإذا كان النصح واجبا في المصالح الدينية الخاصة والعامة: مثل نقلة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون، كما قال يحيى بن سعيد سألت: مالكا والثوري والليث بن سعد –أظنه- والأوزاعي عن الرجل يتهم في الحديث أو لا يحفظ؟ فقالوا: بين أمره. وقال بعضهم لأحمد بن حنبل: إنه يثقل علي أن أقول فلان كذا، وفلان كذا، فقالك إذا سكت أنت وسكت أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟!
ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلى ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل، فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء"( 4).
وهذان الأصلان الجليلان المجمع عليهما من أعظم ما حفظ الله به دينه، وردّ به كيد الكائدين ومكر الماكرين.
وأدلة هذين الأصلين كثيرة جداً من الكتاب والسنة، ومن مواقف الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان ومن سار على نهجهم من علماء وأئمة الإسلام.
ولقد ذمَّ الله وجرح الكافرين والمشركين والمنافقين واليهود والنصارى ولا سيما أحبارهم ورهبانهم المتأكلين بالدين، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ) .
وفي الأصناف المذكورة آيات كثيرة يعرفها صغار طلاب العلم وصغار حفظة القرآن وأخطر هذه الأصناف المنافقون الذين يلبسون لباس الإسلام ليتمكنوا من ضربه من الداخل .
فقد ذكرهم الله وبين خطورتهم في سورة البقرة في عدد من الآيات وفي سورة آل عمران وفي سورة النساء وفي سورة المائدة وفي سورة النور وفي سورة لقمان وفي سورة الحديد، وفي سورة المجادلة ، وفي سورة الحشر ، ثم سورة المنافقين لشدة خطورتهم على الإسلام والمسلمين ولشدة كفرهم وعداوتهم ومكايدهم للإسلام وإفسادهم في الأرض .
قال تعالى مبيناً حقيقة حالهم وبيان إفسادهم وبعض صفاتهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) .
فهم مع كفرهم ونفاقهم ينفون عن أنفسهم الإفساد في الأرض ولا يكتفون بذلك بل يدَّعون الإصلاح بأقوى الأساليب المؤكدة: (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) قال تعالى مُكذباً لهم تَكذيباً مؤكداً بأقوى أساليب التأكيد: (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ).
وعندهم دعاوى عريضة يطعنون بها في سادة المؤمنين ويسفهونهم ويوهمون الناس أن إيمانهم هو الصحيح والحق وأنه يختلف عن إيمان أصحاب محمد الذين يصفونهم بالسفه وأنهم سفهاء .
قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ) . فدافع الله عن أوليائه المؤمنين حقاً وبين حقيقة دعاوى المنافقين وأنهم هم السفهاء .
ومن ألاعيبهم ومكرهم أيمانهم الفاجرة في تزكية أنفسهم قال تعالى فيهم : (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً [سورة النساء : 62-63]، فيصفون خبثهم وخيانتهم وعلاقتهم بالكافرين بالإحسان والتوفيق ويقسمون بالله على ذلك يخادعون بذلك المؤمنين .
وقال تعالى فيهم في سورة المنافقين وعلاقتهم بالكافرين : (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة المنافقون: 2].
وقال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [سورة المنافقون : 4].
ويوجد من هذه الأصناف كثير، لهم أجسام تعجب، وألسنة تخلب الأسماع.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ "( 5).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ"( 6) .
وفي حديث أبي هريرة من وجه آخر (آية المنافق ثلاث وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم)( 7).
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال :" إِنَّ الْمُنَافِقِينَ الْيَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ وَالْيَوْمَ يَجْهَرُونَ" ( 8).
فما أكثر من يوصف بهذه الصفات في عصرنا هذا وقبله ولكنهم اليوم أشد وهم أصناف ومِن أخطرهم مَن يلبسون لباس السلفية وفي الوقت نفسه يحاربون السلفية والسلفيين أشد الحرب( 9) .
ويدافعون عن أهل البدع بأساليب وشبه وتأصيلات يعجز عنها عتاة أهل البدع فهم يدافعون عن الإخوان المسلمين وهم خليط من الصوفية القبورية ومن الروافض والزيدية والخوارج والأشعرية، ورؤوسهم يدعون إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان والأتباع يعتزون بهم ويقدسونهم.
وإذا بينت لهم هذه الضلالات لم يرتدعوا عن تقديسهم وموالاتهم بل يزدادوا ولاءً لهم وحرباً وعداوة لمن ينصح للإسلام والمسلمين ببيان حال شيوخهم الضالين.
ويدافعون عن جماعة التبليغ الذين يبايعون على أربع طرق صوفية وهي النقشبندية والسهروردية والقادرية والجشتية وكلها قائمة على الشركيات والحلول ووحدة الوجود.
قال الإمام ابن بطة -رحمه الله- :
"ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك، وإن أمكنك أن لا تقاربه في جوارك.
ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه وهجرانه والمقت له، وهجران من والاه ونصره وذبّ عنه وصاحبه، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنة"( 10).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- فيمن يذب عن أهل وحدة الوجود أو يثني عليهم أو يتأول لهم أو يعتذر لهم أو يكره الكلام فيهم:
"ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو أو من قال إنه صنف هذا الكتاب وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلا جاهل، أو منافق؛ بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله.
فضررهم في الدين أعظم من ضرر من يفسد على المسلمين دنياهم، ويترك دينهم كقطاع الطريق، وكالتتار الذين يأخذون منهم الأموال، ويبقون لهم دينهم، ولا يستهين بهم من لم يعرفهم، فضلالهم وإضلالهم أعظم من أن يوصف، وهم أشبه الناس بالقرامطة الباطنية.
ولهذا هم يريدون دولة التتار، ويختارون انتصارهم على المسلمين، إلا من كان عامياً من شيعهم وأتباعهم فإنه لا يكون عارفاً بحقيقة أمرهم.
ولهذا يقرون اليهود والنصارى على ما هم عليه، ويجعلونهم على حق(11 )، كما يجعلون عباد الأصنام على حق، وكل واحدة من هذه من أعظم الكفر، ومن كان محسناً للظن بهم -وادعى أنه لم يعرف حالهم- عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم ويظهر لهم الإنكار، وإلا ألحق بهم وجعل منهم.
وأما من قال لكلامهم تأويل يوافق الشريعة؛ فإنه من رؤوسهم وأئمتهم؛ فإنه إن كان ذكياً فإنه يعرف كذب نفسه فيما قاله، وإن كان معتقداً لهذا باطناً وظاهراً فهو أكفر من النصارى، فمن لم يكفر هؤلاء، وجعل لكلامهم تأويلاً كان عن تكفير النصارى بالتثليث والاتحاد أبعد. والله أعلم"( 12).
وسئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- حال شرحه لكتاب "فضل الإسلام" وذلك في شريط مسجّل بهذا الاسم عن من يثني على أهل البدع ويمدحهم: هل يأخذ حكمهم؟
فأجاب: "نعم، ما فيه شك، من أثنى عليهم ومدحهم هو داع لهم، يدعو لهم، هذا من دعاتهم، نسأل الله العافية".
وكلام هؤلاء الأئمة وما جرى مجراه من كلام السلف يهدمان منهجكم الفاسد وأصولكم الباطلة التي تنطلقون منها إلى الدفاع عن أهل البدع والذب عنهم والثناء عليهم وإلى محاربة أهل السنة ومنهجهم وأصولهم.
قد يقول بعضهم: نحن لا ندافع عن هؤلاء الذين ذكرتهم، فنقول لهم: أنتم مع من يدافعون عنهم قلباً وقالباً، وتحاربون السلفيين الذين ينتقدونهم، ثم أنتم تحاربون من ينتقد وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان، وتمجدون الدعاة إليها.
ومن أصول هؤلاء الذين يلبسون لباس السلفية لحرب أهل السنة ومنهجهم:
1- "نصحح ولا نجرح"، يوهمون الناس أنهم أهل ورع وإنصاف وهم بهذا الأصل مخالفون لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح القائم على كتاب الله وسنة رسوله ومناهضون لأهل الحديث والسنة وأصولهم في الجرح والتعديل من فجر تأريخهم إلى يومنا هذا والذين شحنت مؤلفاتهم في الجرح والتعديل وكتب الجرح الخاصة بالجرح لأهل البدع وغيرهم من الكذابين والمتهمين.
ومناهضون لدواوين أهل السنة في نقد أهل البدع وبيان عقائدهم من جهمية ومعتزلة وخوارج ومرجئة وصوفية وغيرهم ينقدون ويجرحون طوائفهم وأعيان كثير منهم خاصة دعاتهم .
2- ومن أصولهم: "المنهج الواسع الأفيح"، وهو كذلك مناهض لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح.
ومخالف لتحذير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل الأهواء وحكمه على المحدثات بأنها شر الأمور.
ومخالف لقوله -صلى الله عليه وسلم- :" "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ من قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حتى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قال فَمَنْ"( 13).
ومخالف لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" "إن أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا في دِينِهِمْ على ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وان هذه الأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ على ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً يعني الأَهْوَاءَ كُلُّهَا في النَّارِ إلا وَاحِدَةً وهي الْجَمَاعَةُ.."( 14).
فهذا الأصل أي المنهج الواسع يستوعب هذه الفِرَق الهالكة من حيث التأصيل، ومن حيث تطبيق هذه الفئة .
فجماعة الإخوان المسلمين وهي تضم شر الفرق أهل سنة عندهم.
وجماعة التبليغ وهي تجمع طرقاً وفرقاً عندهم أهل سنة.
وسواد الأمة سلفيون.
ودعاة وحدة الأديان وأخوة وحرية الأديان من أهل الاتباع.
ومن يطعن في نبي الله موسى ويسخر منه ويطعن في الصحابة ومنهم عثمان رضي الله عنهم جميعاً ويعطل صفات الله ويقول بالحلول ووحدة الوجود ويكفر الأمة من فجر تاريخها إلى الآن إلى ضلالات كبرى لا يجوز عندهم نقده وإطلاق البدعة عليه .
ومن يذب عن السنة والتوحيد والأنبياء والصحابة والسلف عند أهل هذه الأصول غلاة وغثاء وأراذل وأقزام وشواذ ومنهجهم متآكل وهم مترصدون وغلاة وخوارج ومقلدون لفلان إلى أوصاف أخرى لا تصدر إلا من أمثال هذا الصنف .
وإذا وصف أحدهم الصحابة بأنهم غثاء فلا يعتبر سباً، ويضعون لذلك قاعدة أن هذه اللفظة "غثاء" إذا صدرت من سني فلا تعتبر سباً، ولا يسلم منتقده وناصحه من الطعن والشتم والاتهامات.
ويزيد بعض رؤسائهم اشتراط الإجماع على اعتبارها سباً، وإلا فليست بسب، فيا لها من مغالطات وسفسطات.
3- ومن أصولهم لرد الحق والحجج والبراهين والثبات على الباطل أصل"لا يلزمني" الذي جعلوه جُنة يدفعون بها الحق، فمهما خالف أحدهم الحق لا يرجع عن هذه المخالفة مهما عظمت , ومهما ساءت مواقفهم وأصولهم ومهما دافعوا عن أنفسهم وعن أهل البدع والضلال بالباطل ومهما طعنوا في أهل السنة بالباطل والكذب ومهما يأت السلفي على أي مسألة بالأدلة والبراهين فلا يقبلونها بل يردونها بهذه (الجُنة) "لا يلزمني".
4- ومن أصولهم "إذا حكمت حوكمت وإذا دعوت أُجرت" وهذا الأصل صنو أصل "نصحح ولا نجرح" .
5- ومن أصولهم حمل المجمل على المفصل وهذا الأصل وضعه بعض العتاة للدفاع عن سيد قطب في الدرجة الأولى وتبناه أبو الحسن وحزبه للدفاع عن سيد قطب وأمثاله واستمر عليه سنوات ثم لما أحدث الفتنة العاصفة على أهل السنة قال : إن كان قائلها من أهل السنة ومن طلابهم وأنصارهم أو كما قال فيحمل المجمل على المفصل .
وأتيناه بالأدلة وبأقوال جماهير العلماء أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم، وأقوالهم هي الحق .
وحكى الشوكاني الإجماع على أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم ، فلم يرتدعوا عن باطلهم، ثم هم لا يطبقون هذا الأصل إلا على أقوالهم المفصلة الواضحة يجعلونها مجملة.
ولا يطبقونه على خصومهم، بل يجعلون كلام خصومهم الواضح في الحق باطلاً وظلماً وغلواً.
وكتاباتهم مليئة بالظلم، ولا يرفعون رأساً بقول الله تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وهيهات أن يلتزموا هذه الآية وغيرها في وجوب العدل ولو مع الكفار وهم ملتزمون بقاعدة "لا يلزمني" .
أقول: وكل ما سطرته هنا نملك عليه الأدلة والبراهين من أقوالهم ومؤلفاتهم.
وقد هدم السلفيون هذه الأصول الباطلة بالأدلة والبراهين، ومع ذلك لا تزال هذه الفئة الضالة متشبثة بأصولها الباطلة.
وهذه الفتن هم مثيروها ومطولوها ببغيهم وعدوانهم، وكلما انتهت فتنة من فتنتهم افتعلوا أخرى على امتداد سنوات.
وهي فتن قد خططوا لها قبيل وفاة الشيخين ابن باز والألباني -رحمهما الله- وهذا التخطيط الإجرامي لإحداث الفتن وإسقاط العلماء، وربط الشباب والدعوة السلفية بأشخاصهم أمر ثابت، وعندنا وثيقة أطلعنا عليها بعض من يهمهم أمر الدعوة السلفية وعندنا شهود على هذا الربط وواقعهم أكبر شاهد على هذا الإسقاط وهذا الربط ومواقفهم وتأصيلاتهم وأعمالهم وولاآتهم لخصوم الدعوة السلفية واضحة .
ومن مكايدهم ومكرهم أنهم يتباكون على الدعوة ويتباكون على العلماء الثلاثة ابن باز والألباني والعثيمين.
وهذا بكاء التماسيح فهم من أشد الناس فرحاً بموتهم، والدليل على هذا مؤامرتهم على الدعوة وعلمائها وشبابها قبيل وفاة هؤلاء الأعلام.
ثم تنفيذهم لهذه المؤامرة الدنيئة بعدوان وإثارة عدنان عرعور للفتنة في أوربا ووقوف الحلبي وأبي الحسن والمغراوي إلى جانبه.
ثم ببغي المغراوي وعصابته على أهل السنة ووقوف هذه العصابة إلى جانبه.
ثم ببغي أبي الحسن وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه ثم ببغي علي الحلبي وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه .
كل هذا يعقبه ويرافقه صبر طويل ومناصحات من أهل السنة .
فما من واحد إلا وصبرت عليه سنوات أناصحه باللطف رجاء لعودته إلى الحق وحرصاً على جمع الكلمة فلم ينجع هذا الصبر الطويل والأمل العريض؛ لأن وراء الأكمة ما وراءها.
من ذلك ما سلف ذكره من تخطيط.
ومنها- الدعم المالي من المؤسسات التي تشابههم في التخطيط والأهداف، وقبل ذلك وبعده الهوى والانحراف .
ومن أذناب هذه العصابة من يسمى بمختار طيباوي وهذا الرجل كان قديماً ممن يتظاهر بالسلفية ويتصل عليَّ بواسطة أحد أصدقائه وهذا الصديق كان يصفه بالسلفية ففرحنا به وقدمنّا له من المعروف والدعم المعنوي ما نستطيعه.
ثم لما ظهرت فتنة أبي الحسن ظهر على حقيقته فبرز مسانداً لأبي الحسن وفتنته فتجاهل السلفيون هذا الموقف منه لعله يتوب إلى رشده.
ثم لما جاءت فتنة علي الحلبي وقف إلى جانبه وكتب عدة مقالات يؤصل فيها على طريقة سادته السابق ذكرهم وتأصيلهم ويطعن فِيَّ وفي منهجي ظاهراً والهدف فيما يبدو المنهج السلفي ولو كان عنده أدنى رضا واحترام لمنهج السلف وأهله لما تجشم هذه الحركات الظالمة ولما تجشم هذا التأصيل ويبدو أن وراء الأكمة ما وراءها.
وقد رد عليه بعض الشباب السلفي ردوداً نافعة ولو كان عنده شيء من احترام الحق ومنهج السلف لثاب إلى رشده إن كان عنده شيء من الرشد، وكفّ شره وفتنته عن السلفية والسلفيين، ولكن لا حياة لمن تنادي.
وأخيراً كتب مقالاً بتأريخ 22 من الشهر المحرم عام (1432هـ)، نشره في ما يسمى زورًا ( بمنتديات كل السلفيين) تحت عنوان ( حسم السجال حول مذهب الشيخ ربيع في الرجال).
وهؤلاء الرجال هم العصابة الذين ألمحنا سلفاً إلى أعمالهم وأصولهم ودفاعهم عن أصحاب وحدة الوجود ووحدة الأديان وأخوة وحرية الأديان وحربهم الغاشمة على من ينتقد هذه الضلالات وغيرها من الضلالات.
فمنهج الشيخ ربيع الذي ينتقد هؤلاء الضلال، عند هذا المختار، منهج يقوم على الجهل ويخالف منهج السلف، والذي يمثل منهج السلف هذا المختار وشيوخه ورجاله الذين لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً، بل يرون المعروف منكراً ولو كان ذبّاً عن التوحيد والسنة ورداً للضلالات الكبرى.
ويرون أنكر المنكرات معروفاً مثل الدفاع عن أهل وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان والدعوة إلى إلزام الأمم جميعاً بقوانين الأمم المتحدة، وهذه الأمور عندهم شارحة لرسالة الإسلام وتمثل وسطية الإسلام.
ومن يؤيد وحدة الأديان وأخواتها من غلاة الرفض وغلاة الصوفية والخوارج هم علماء الإسلام والثقات، ويا لها من تزكية، فهنيئًا لهذا الطيباوي الذي لا يرى هذه الموبقات تخالف المنهج السلفي، ويرى أن من ينكر هذه المنكرات وما دونها مخالفاً لمنهج السلف، وأنهم كذابون ومقلدون ...الخ، ولا يسعنا إلا أن نقول: (إِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
فإذا قال أنا لست معهم في كل شيء، قلنا له: أنت من مؤيديهم وأنصارهم والذابين عنهم فأنت منهم وتحارب من ينكر أباطيلهم، فماذا بعد الحق إلا الضلال.
وتذكر قول الله تعالى : (كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ).
وتذكر قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ ... ) الآية.
هذا إن كان عندك ذاكرة تسعفك بهذين النصين وغيرهما. تلك النصوص التي تغرس في نفس المؤمن الصادق خشية الله وتقواه ومراقبته وتغرس في نفسه احترام الإسلام وعقائده وأصوله ومناهجه وتغرس في نفسه الغيرة على الإسلام وعقائده ومناهجه فيدعو إليها ويذب عنها بكل ما يستطيع ولا يخشى في الله لومة لائم ولا يغريه مال ولا جاه .
وتغرس في نفسه بغض الكفر والنفاق والبدع والمعاصي، فينكرها أشد الإنكار، ويحذر منها كما هو شأن الأنبياء والأتقياء، لا الأدعياء.
أولاً- قال مختار بعد العنوان السالف الذكر: (حسم السِّجال حول مذهب الشِّيخ ربيع في الرِّجال)، وهو لا يحسم السجال عند الرجال بل يورث الخبال .
قال بعده: "الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، وبعد...
لقد اختلفت أحكام العلماء في الرجال قديما وحديثا، و لم نسمع عنهم أنهم بدَّعوا بعضهم البعض، أو امتحنوا بعضهم البعض كما فعل الشيخ ربيع،فهذا ما سنبحثه بتفصيل في هذا المقال، ونُقيم الأدلة على بطلان مذهب الشيخ ربيع النَّقدي في الرجال، و أنه سوء فهم كبير لمنهج أهل السنة".
أقول:
قولك: " لقد اختلفت أحكام العلماء في الرجال قديما وحديثا، و لم نسمع عنهم أنهم بدَّعوا بعضهم البعض، أو امتحنوا بعضهم البعض كما فعل الشيخ ربيع".
أقول:
1- اختلاف أهل السنة مع أبي الحسن المصري المأربي وعدنان عرعور وعلي حسن الحلبي ومن دار في فلكهم ليس مجرد اختلاف في رجال.
بل هو اختلاف في المناهج وفي الأصول.
وفي دفاعهم عن ضلالات وبدع كبرى وعن أهلها.
وفي فتن عاصفة تثيرها هذه العصابة بغياً وعدواناً على السنة وأهلها.
ولا يوجد اختلاف بين السلف الصالح في مثل هذه الدواهي والطامات.
فدع عنك التلبيس والمغالطات.
2- كان السلف الصالح على عِلم صحيح بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكان عندهم من الإخلاص لله والعبادة والزهد والورع والغيرة على دين الله ما يعرفه لهم أهل الفضل.
وكانوا على منهج واحد، وكانوا إذا بدع أحدهم شخصًا لا يهب آخرون لمعارضته وتكذيبه والطعن فيه، بل كان في غالب الأوقات يؤيده إخوانه في تبديع هذا المبتدع مائة في المائة، وفي أندر من النادر قد يخالفه أحد إخوانه من العلماء المعروفين بالتقوى والورع لشبهة تعرض له، بينما باقي الجماعة سوى هذا لا يجد منهم الناقد إلا التأييد والموقف الصحيح.
فلم نجدهم اختلفوا في جهم بن صفوان ومن سار على منهجه من الجهمية ولا في عمرو بن عبيد ومن سار على نهجه من المعتزلة، وقبل ذلك لم يختلفوا في معبد الجهني ومن تبعه من القدرية، وفي عهد الإمام أحمد لما تلكأ بعض العلماء في الصدع بالقول أن القرآن كلام الله والرد على من قال القرآن مخلوق هجرهم الإمام أحمد مع أنهم من أبرز أهل السنة والحديث ومع اعتذارهم بالخوف من بطش السلطان وسطوته لم ينبر أحد للإمام أحمد يحاربه ويؤلب عليه، ويؤصل الأصول المناهضة لمنهج السلف ومنهم الإمام أحمد.
ولما ألّف الإمام أحمد الرد على الجهمية، ونقدهم فيه النقد الشديد، بل كفرهم، لم ينبر فرد ولا جماعة يستنكرون على الإمام أحمد تأليف هذا الكتاب وشدة الجرح فيه .
ولم يقم أحد بتأصيل الأصول للدفاع عن الجهمية والمعتزلة مثل: "نصحح ولا نجرح" و"المنهج الواسع الأفيح"، ولو كان الجهمية هم الحكام، بل كل أهل السنة تلقوا هذا الكتاب بكل احترام.
ولما أَلَّف الإمام عثمان بن سعيد كتابيه: "الرد على الجهمية" وكتاب "النقض على بشر المريسي"، وتناول في الكتابين الجهمية وأتباعهم بالنقد والتكفير والطعون الشديدة تلقاه أهل السنة بالترحيب وبصدور رحبة إلى يومنا هذا ولم ينـزعج منه إلا الكوثري وأمثاله من سابقيه ولاحقيه ممن يعظم أهل البدع ويدافع عنهم، كما تفعل هذه العصابة الآن .
وكذلك لما ألّف عبد الله بن الإمام أحمد كتابه "السنة"، وتلاه الخلال بكتاب "السنة"، والبربهاري بـِ"شرح كتاب السنة"، والآجرى بكتاب "الشريعة" وابن بطة بـِ"الإبانتين الكبرى والصغرى"، واللالكائي بكتاب "شرح أصول اعتقاد أهل السنة"، والصابوني بكتاب "عقيدة السلف أصحاب الحديث"، وغيرهم وغيرهم ممن ألّف في بيان عقائد ومناهج أهل السنة وبيان عقائد ومناهج أهل الضلال وفيها مئات النصوص عن علماء السنة في الطعن على أهل البدع على اختلاف عقائدهم ومناهجهم.
لما ألّف هؤلاء العلماء هذه الكتب، لم يهب أفراد ولا جماعات لاستنكار هذه المؤلفات ورمي مؤلفيها بالغلو والشدة مع أنهم أشد على أهل البدع من ربيع وإخوانه بمراحل.
ولما بدَّع الإمام أحمد مثل الحارث المحاسبي والكرابيسي ويعقوب بن شيبة، وهم كانوا من أبرز أهل السنة والحديث؛ لأن بعضهم قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وبعضهم توقف، فلم يقل القرآن مخلوق، ولا غير مخلوق، مع أنهم يقولون: القرآن كلام الله، فلم يهب لمعارضة الإمام أحمد مثل الحلبي وعرعور والمأربي ومن دار في فلكهم؛ لأن علماء زمانهم وطلاب العلم كانوا يحترمون السنة وأهلها، ويبغضون البدع وأهلها؛ ولأنهم أهل صدق وأمانة وأخلاق إسلامية.
فلا يجوز لك يا مختار أو يا محتار أن تحيد عن منهج السلف بما يخالف واقعهم ولا يجوز لك أن تشمر عن ساعد الجد في البحث عن الحالات النادرة الشاذة، ثم تخرج بها على الناس رافعاً عقيرتك بأن هذا هو منهج السلف كما فعلت في هذا المقال الظالم المظلم الذي تدافع فيه عن أهل الباطل وتشوه ما تزعم أنه منهج ربيع الذي يسير على منهج السلف، يؤيده واقعه وواقع كتبه، وأيده أهل السنة الشرفاء وعلماؤهم الكبراء .
أقوال العلماء في من يتتبع الشواذ من زلات أهل العلم
نقل الخلال بإسناده إلى إبراهيم بن أدهم ، قال : « من حمل شاذ العلماء حمل شرا كبيرا »( 15).
وقال سليمان التيمي : " إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله "، قال أبو عمر ابن عبد البر : هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً "( 16).
وقال الأوزاعي : " من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام"( 17).
وعن ابن المبارك أخبرني المعتمر بن سليمان قال: "رآني أبي وأنا أنشد الشعر، فقال لي: يا بني لا تنشد الشعر، فقلت له: يا أبت كان الحسن ينشد، وكان ابن سيرين ينشد، فقال لي: أي بني، إن أخذت بشر ما في الحسن، وبشر ما في ابن سيرين اجتمع فيك الشر كله"( 18) .
وقال الإمام أحمد: "لو أن رجلا عمل بقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع (يعني الغناء) وأهل مكة في المتعة كان فاسقًا"(19 ) .
وروى البيهقي بإسناد صحيح عن إسماعيل القاضي أنه قال: "دخلت على المعتضد، فدفع إليَّ كتابا نظرت فيه، وكان قد جمع له الرخص من زلل العلماء، وما احتج به كل منهم لنفسه، فقلت له: يا أمير المؤمنين مصنف هذا الكتاب زنديق، فقال: لم تصح هذه الأحاديث، قلت: الأحاديث على ما رويت، ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء والمسكر، وما من عالم إلا وله زلة، ومن جمع زلل العلماء، ثم أخذ بها ذهب دينه، فأمر المعتضد فأحرق ذلك الكتاب"( 20).
وقال ابن الصلاح: " ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد"( 21).
وقال الشاطبي : " فإذا صار المكلف في كل مسألة عنت له يتبع رخص المذاهب وكل قول وافق فيه هواه فقد خلع ربقة التقوى وتمادى في متابعة الهوى ونقض ما أبرمه الشارع وأخر ما قدمه"( 22).
على أن الشواذ التي تتبعها هذا الرجل وسردها خلال مقاله لا يصح تعلقه بها، إما لأنها لا تثبت عن من نسبت إليهم، أو أنه أساء فهمها، فخرج من الجميع بخفي حنين، هذا بالإضافة إلى ما يلحقه من اللوم في تتبعه للشواذ.
3- أقول : إن من منهج القرآن والسنة ومنهج السلف الصالح وجوب بيان الحق ورد الباطل، وقد أخذ الله على عباده الميثاق أن يقوموا بهذا البيان قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) وفرض عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد تقدمت الآيات في ذلك، فإذا قام ربيع بهذا الواجب وشجعه علماء السنة بحق هب أمثال عدنان عرعور لمعارضة هذا الحق وذهب يؤلب الرعاع على من يقوم بهذا الواجب، ويؤصل الأصول لرد الحق والذب عن الباطل وأهله.
وهذا الباطل منه: الطعن في نبي الله موسى والطعن في الصحابة الكرام والقول بوحدة الوجود والحلول وتعطيل الصفات وو... إلى آخر الضلالات التي تضمنتها كتب سيد قطب وبينتها في عدد من كتبي مثل كتاب (أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره) ، وكتاب (مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) و(العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم).
بدأ عدنان بالفتن والشغب منذ صدر كتاب (أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره)، وطلبت منه بحضور بعض الإخوة الاعتذار عن هذه الفتنة التي أثارها، فوعدني بالاعتذار ومكث يماطل، ويطلب منه غيري الاعتذار فيعدهم به، ثم لم نفاجأ إلا بضد ما كنَّا ننتظره منه.
1- وذلك أنه أصدر عدداً من المؤلفات يشيد فيها بسيد قطب ويقرنه بشيخ الإسلام ابن تيمية وابن عبد الوهاب في بيان التوحيد ويشيد بأصول سيد قطب ومنهجه .
2- يشيد بسيد قطب ويدعي أنه ما أحد بيّن مثله قضايا المنهج .
3- أكثر جداً من النقول في كتبه عن سيد قطب وهو يعترف بذلك .
4- يشيد بمؤلفات سيد قطب.
ومنها: (في ظلال القرآن) الذي ملأه سيد قطب بالتكفير وحتى أنه يكفر بالجزيئة، وفيه تعطيل صفات الله وفيه القول بالحلول ووحدة الوجود وعقيدة الجبر، وغير ذلك من الضلالات.
ومنها: (خصائص التصور الإسلامي) وفيه قطعاً ضلالات، ومن مزاعم عدنان أنه رد فيه على الطوائف وهذا من كيس عدنان.
ومنها: كتاب (لماذا أعدموني) ويدّعي عدنان أن سيد قطب بيّن فيه المنهج.
وفي هذا الكتاب التربية على صنع المتفجرات، وفيه مؤامرة على نسف القناطر المصرية وبعض المؤسسات وفيه التربية على الاغتيالات.
وعدنان يشيد بهذا الكتاب وأن سيد قطب بيّن فيه المنهج الصحيح، وهذا منه في غاية المكر .
ومنها كتاب (معالم في الطريق) الذي يُكفر فيه المجتمعات الإسلامية لا من أجل فساد عقائدها ولكن من أجل أنها أعطت على زعمه الحكام حق التشريع.
ومعظم المجتمعات لا يريدون التشريعات الغربية التي يتبناها كثير من الحكام لأنها ترهقهم بالضرائب وكثير من التشريعات الباطلة .
وإشادة عدنان بسيد قطب وكتبه ومنهجه وأنه ما أحد وضح المنهج مثله غش للشباب السلفي ومحاولة ماكرة منه لربط الشباب السلفي بسيد قطب ومنهجه الضال الذي دمر كثيراً من الشباب وملأ أدمغتهم بالتكفير والإرهاب والتفجير .
وفي كتاباته طعن شديد في السلفيين، انظر (ص87) من (التيه والمخرج)، حيث قال:
"وأما أهل زماننا ... وما أدراك ما أهل زماننا!!
فترى معظم المسلمين - وربما يكون بعضهم من المشايخ والدعاة والمتدينين-سيماهم العبوس، وخُلُقُهم التكبر والاحتقار، وشيمتهم الفظاظة وسوء الخلق، وخليقتهم التعنُّت وسوء الظن.
ويا ويل من ابتسم في درسه! أو ألقى دعابة في حلقته! أو راجعه في حكم! أو ناقشه في فتوى وعلم! وكأن ديننا دين العبوس والتكبر على الخلق!!.
ولقد شهدت بعض المجالس التي يطرد منها الشاب اللطيف، لمجرد مراجعة أبداها، أو ابتسامة أظهرها، أو فكاهة ألقاها".
وهذا التشويه من أكذب الكذب والمقصود به السلفيون وعلماؤهم.
وكم له من الطوام.
ثانياً- قال مختار في (ص1) : "كلمة عن العداوة :
قد لا يفهم كثير من الناس أسباب العداوة بين العلماء وطلبة العلم المنتمين إلى نفس الاتجاه،ولا أثر هذه العداوات في سوق التزكيات بالمحاباة، و التجريحات الباطلة،وأن أكثرها نبع من العداوة سلبا أو إيجابا.
و الحقيقة هذه العداوة التي يسقُط بها عند أهل العلم: التجريح قبل التعديل لها سببان واضحان لمن رزقه له( 23) بصيرة، و خبر أحوال أهل العلم و مقالاتهم.
الأول: نقد مذهب الكبيرـ بحق أو بباطل ـ في قومه أو أتباعه نقدا يبطل مذهبه، فهذا جالب لعداوة شديدة لا تنضبط بضابط، ولا حد،وقد شاهدنا مثلها في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية، و الشيخ محمد عبد الوهاب،و الشيخ الألباني، وقبلهم العداوة للإمام أحمد،وعداوة بعض المالكية المصريين للشافعي".
أقول: لقد حصر هذا الرجل أسباب العداوة بين العلماء وطلاب العلم في سببين وأسقط بهذين السببين أموراً مهمة، منها:
1- جهاد أهل الحق في نصرة دين الله وتطهيره من أقذار الأهواء التي ينسبها إليه أهل الأهواء.
وهذا الجهاد أثار عداوة وبغي عدنان والمأربي وأمثالهما على أهل السنة.
2- تزكيات علماء المنهج السلفي لمن هو أهل للتزكيات وجدير بها لأن أعماله تزكيه قبل تزكيات العلماء، وهذه التزكيات أثارت حقد وعداوة عدنان والمأربي والحلبي للشيخ ربيع في الدرجة الأولى ولإخوانه السلفيين.
ويريد هذا الرجل الذي استولى الهوى والحقد على عقله أن يسقط تزكيات علماء السنة وأئمتها وعلى رأسهم ابن باز والألباني وابن عثيمين للشيخ ربيع وإخوانه، وتزكيات كبار العلماء لا تسقط بتهويشات أهل الأهواء الحاقدين، ولو بلغوا في تعالمهم عنان السماء.
3- جرح علماء السنة لعدنان عرعور وأبي الحسن والمغراوي وأمثالهم بسبب ما عندهم من الضلال، وهذا أيضاً مما ضاعف عداوة وبغض هذه العصابة لأهل السنة.
ويريد هذا المحتار أن يضحك على الناس فيشبه أهل الباطل والفتن والشغب على أهل السنة بأئمة الإسلام كأحمد بن حنبل والشافعي وابن تيمية وابن عبد الوهاب والألباني وهذا من أكذب الأقيسة وأفسدها، فقياس من يحارب أهل السنة ويدافع عن البدع الكبرى وأهلها ويؤصل الأصول الباطلة لهذه الحرب الظالمة قياس هؤلاء على هؤلاء الجبال من أئمة السنة الذين جاهدوا وناضلوا وواجهوا الأهوال لرفع راية السنة وتنكيس أعلام ورايات البدع وأهلها وقمعها وقمعهم هذا من الجمع بين المتباينات أو المتضادات وكفى بصاحبه جهلاً وسفسطة ومغالطات .
ولو كان عند هذا الرجل أدنى حد من العدل والإنصاف لأدان هؤلاء الأقزام المتأكلين بدينهم ولنصر أصحاب الحق الذين بيّنوا أباطيلهم وضلالاتهم ولكن هيهات هيهات، وفي المثل: (إنك لا تجني من الشوك العنب) .
لقد نَصَّب هذا الطفيلي نفسه الجاهلة الظالمة في منصب أئمة الإسلام وأئمة الجرح والتعديل ليسقط جهاد أهل السنة ويسقط علماءهم وتزكياتهم، وهيهات هيهات فنقيق الضفادع وطنين الذباب لا يسقط الجبال ولا يهزها، ويصدق عليه المثل الآتي: (قالوا: إن بعوضة نامت على شجرة فلما أصبحت قالت للشجرة استمسكي إني أريد أن أطير، فقالت لها الشجرة أنا لم أشعر بك حين وقعت عليّ فكيف أشعر بطيرانك).
هذا مثل يضرب به للتافهين حينما يريدون أن يصولوا على الرجال الأقوياء الشرفاء.
ثالثاً- قال مختار في (ص1-2):
"قال الرازي ـ رحمه الله ـ في ( المحصول)( (114/5)):
(( وأيضا فإن الرجل العظيم إذا أختار مذهبا فلو أن غيره أبطل ذلك المذهب عليه فإنه يشق عليه غاية المشقة، ويصير ذلك سببا للعداوة الشديدة )).
فعداوة الشيخ ربيع للشيخ أبي الحسن المأربي، و للشيخ أبي الحارث الحلبي، و كذلك للشيخ المغراوي، و لعدنان عرور - أحسن الله إليهم جميعا- هي من هذا باب( 24)،ذلك أنهم رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد لبعض الدعاة و أهل العلم.
وعداوته لبعضهم لها حالة خاصة عنده، لأنهم( 25) بادر بالممانعة و النقد فعداوة الشيخ ربيع لهم أعظم.
الثاني: كل رجل يدعو في بلده إلى اتّباع الدليل ،و ينابذ المذهبية الباطلة في أصحابه وجماعته بانتقاد شيوخ الجماعة يلقى عداوة عظيمة، بحيث يبغضه المنتمون إلى جماعته أكثر من بغضهم للجهمية و الرافضة، وربما الكفار".
أقول: استشهد بكلام الرازي ليوهم الناس أن العداوة بظلم وبغي إنما هي من ربيع حيث قال:
"فعداوة الشيخ ربيع للشيخ أبي الحسن المأربي، وللشيخ أبي الحارث الحلبي، وكذلك للشيخ المغراوي، ولعدنان عرور -أحسن الله إليهم جميعا- هي من هذا باب(26 )، ذلك أنهم رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد لبعض الدعاة وأهل العلم.
وعداوته لبعضهم لها حالة خاصة عنده، لأنهم(27 ) بادر بالممانعة و النقد فعداوة الشيخ ربيع لهم أعظم".
أقول: هكذا يصور هذا الغاوي الشيخ ربيعاً ظالماً معادياً لمن سماهم سابقاً، وهم عنده أهل الحق الأتقياء الأبرياء، الذين رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد.
ولم يضرب لنا الأمثلة لهذه التجريحات الباطلة أو الزائدة عن الحد .
أما أنا فسأعطي نموذجاً موجزاً عن ظلم وبغي عدنان عرعور والمغراوي وأبي الحسن والحلبي، الأمور التي تدل على بغيهم وعداوتهم وعدوانهم وزيف سلفيتهم وضلال منهجهم وبعدهم عن المنهج السلفي الشريف.
وأن ربيعاً وإخوانه إنما جرحوهم بحق وعدل، هذا مع العلم أن ربيعاً وإخوانه طال انتظارهم على مدى سنوات فيئة هؤلاء ورجوعهم إلى جادة الحق والصواب، لكن مع الأسف كانوا لا يزدادون على مر الأيام والسنين إلا تمادياً في الباطل وتمرداً على الحق وأهله.
نموذج موجز عن عدنان عرعور وفتنته وفتنة مشجعه الحلبي
أولاً- جاءت ثورة عدنان عرعور على المنهج السلفي وأهله، ولتمجيد سيد قطب الطاعن في نبي الله موسى والطاعن في أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ولمدح منهجه ومؤلفاته التكفيرية والمتضمنة للاشتراكية والحلول ووحدة الوجود وتعطيل صفات الله والقول بأزلية الروح والدندنة حول إنكار معجزات الرسول -صلى الله عليه وسلم- غير القرآن إلى ضلالات أخرى.
وإلى جانب هذا يؤصل أصولاً لحماية أهل البدع ولضرب أصول أهل السنة.
وإليكم بعض هذه الأصول مع إبطال العلامة ابن عثيمين لها.
قال السائل لابن عثيمين:
1ـ ما قيل في أخطاء أهل البدع: " نصحح ولا نجرّح ".
فأجاب الشيخ -حفظه الله-: هذا غلط بل نجرّح من عاند الحق.
2- " من حَكَمَ حُكِمَ عليه ".
فأجاب - حفظه الله: هذه قواعد مداهنة.
3- " لا علاقة للنية بالعمل لا من قريب ولا من بعيد ".
فأجاب -حفطه الله-: هذا كذب، لقول النبي : (إنما الأعمال بالنيات).
4- " يشترط بعض الناس في جرح أهل البدع وغيرهم أن يثبت الجرح بأدلة قطعية الثبوت ".
فأجاب -حفظه الله-: هذا ليس بصحيح.
5- " يشترط بعضهم في من يسمع من شخص خطأ أو وقف على أخطاء في كتاب أن يستفصل أو ينصح قبل أن يحكم، وقبل أن يبين هذه الأخطاء، وقال: من خالف هذا فقد اتصف بصفة من صفات المنافقين ".
فأجاب -حفظه الله-: هذا غلط.
6- " أنه من العدل والإنصاف عند النصيحة والتحذير أن تذكر حسناتهم إلى جانب سيئاتهم ".
فأجاب -حفظه الله-: أقول لك: لا، لا، لا، هذا غلط، اسمع يا رجل: في مقام الرد ما يحسن أني أذكر محاسن الرجل وأنا رادّ عليه، إذن ضَعُف ردّي.
قال السائل: حتى ولو كان من أهل السنة شيخنا؟
فأجاب -حفظه الله-: من أهل السنة وغير أهل السنة، كيف أردّ وأروح أمدحه، هذا معقول؟!!!
انتهى كلامه حفظه الله( 28).
ومن ثمار هذه الثورة والتأصيل ما يأتي:
1- السلفية أمر نسبي.
2- الطوائف كلها وحدة لا تتجزأ.
قال عدنان في إحدى محاضراته:
« إن السلفية أمر نسبي 90%، 70 %، 60 %، 50 %، 15%، 1% ».
أقول أنا ربيع: كيف تعرف هذه النسب وكلها أو جلها أمور غيبية لا يعلمها إلا الله.
فمَن مِن الفرق كلها على ضلالها أفرادا وجماعات لا يكون سلفيا على تأصيل عدنان؟
ومن هنا يرى عدنان أن الخلافات بين الجماعات الإسلامية ليست في العقيدة ولا في المنهج، ولو رأينا ذلك لأخرجناهم من الإسلام.
ومن عجائب عدنان أنه يرى أن فرق الضلال كلها من الطائفة المنصورة.
فقد سئل: " هل الطائفة المنصورة هي جماعة بعينها أو أفراد ملتزمون بمواصفات الجماعة في أوساط الناس والجماعات؟ وهل أنا محاسب على اتباع الجماعة أم الالتزام بشرع الله؟ وهل إذا كنت فعلا مع جماعة تنطبق عليها الجماعة المنصورة سيكون ذلك شفيعا لي عند الله؟ ".
فأجاب: « هذا سؤال من أهم الأسئلة ووددت لو أني خرجت منه، لقاعدتي أو للقاعدة التي قلناها: " إذا حاكمت حوكمت وإذا دعوت أجرت "، الأصل في هذه الطائفة أن تكون جماعة متجمعة، والواجب على المسلمين جميعاً أن يكونوا معها، بل لا أقول: أن يكونوا معها، لأنهم منها، لا أقول معها، وأنا أراجع كلامي، لا أقول: يجب أن يكونوا مع الطائفة المنصورة، لأنهم ولدوا فيها، أقول: لا تخرجوا منها »(29 ).
فهو يجاري أهل البدع الغليظة الذين لا يرفعون رأسا بحديث: ( افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ).
أيا عدنان حتى الجهمية والروافض والخوارج وصوفية القبور والحلول ووحدة الوجود من الطائفة المنصورة؟!!
فترى أن عدنان قد وسع دائرة الطائفة المنصورة ليدخل فيها كل الفِرَق بحيث لا تخرج منها أي فرقة، وهذا من تطبيق المنهج الواسع الأفيح.
فما كان من علماء المنهج السلفي وطلاب العلم إلا التصدي لثورة عدنان ومنهجه وتأصيلاته بالإدانة وبيان ضلالاته وإبطال أصوله ومكره، فأسقطهم عدنان وسخر منهم، ومن سخرياته بهم قوله: إنهم شعب الله المختار الذين ولدوا من دبر آدم، أي يشبههم باليهود، ويقول عنهم: إنهم ولدوا..الخ، هذا بالإضافة إلى الطعن في أخلاقهم.
فشكل الحلبي جبهة معارضة لأهل السنة يقاومهم ويحمي عدنان وأصوله ومنهجه الباطل بأسلوب ماكر مميع لا يلحق فيه، ينصر به الباطل والضلال، ويخذل به الحق وأهله، بل يحاربهم به.
نموذج موجز عن فتنة المغراوي ومشجعه الحلبي
ثانياً- وجاء المغراوي يهذي بالتكفير في محاضراته ودروسه في التفسير وغيره بأسلوب لا يجرؤ عليه غلاة التكفير.
ورمى الأمة بأنهم عباد أصنام وعباد عجول ومنافقون عن بكرة أبيهم، وأُلِّفت ثلاثة كتب موثقة في بيان منهجه التكفيري الأهوج الذي لا زمام له ولا خطام.
ونصحه العلماء بالرجوع عن هذا المذهب التدميري، فما كان منه إلا العناد والمكابرة وإنكار الحقائق الواضحة كالشمس.
ثم الكر على العلماء بالطعن والإسقاط ورمي من ينكر منكراته من السلفيين بالردة والزندقة.
يسانده في هذا الظلم والبغي علي حسن الحلبي وحزبه وعدنان عرعور وأبو الحسن المأربي.
وهذا من العجائب، والعجب الأشد من الحلبي الذي يحارب التكفير كيف ينصر أشد الناس تكفيراً لا بد من وجود أسرار وراء الكواليس.
نموذج موجز عن فتنة أبي الحسن ومشجعه الحلبي
ثالثاً- جاءت ثورة أبي الحسن على المنهج السلفي وأهله على طريقة عدنان عرعور، وتتضمن نفس أهداف عدنان.
حرب على المنهج السلفي وأهله، ودفاع مستميت عن سيد قطب وعن أهل البدع الكبرى، مع زيادة أصول تهدم المنهج السلفي، وتلمع أهل البدع، وتحميهم، وتذب عنهم، وتجعلهم من أهل السنة مع أنهم خليط من جماعات تضم الروافض والخوارج وغلاة الصوفية من أهل وحدة الوجود والحلول والشركيات.
في الوقت الذي يرمي فيه أهل السنة بأنهم الغلاة وأهل الشذوذ وأنهم غثاء وأراذل وأقزام بل وخوارج..الخ
ومن أصوله الكثيرة:
1- "المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة والأمة كلها"، ولكنه لا يسع السلفيين وعلماءهم.
2- "نصحح ولا نهدم"، أي لا يجوز مس أهل البدع ولا التحذير منهم؛ لأن ذلك هدم .
وله أصول أخرى لمعارضة أصول أهل السنة وللدفاع عن أهل البدع.
وقد ألّفتُ في بيان فساد منهجه وأصوله مؤلفات، ومن تلك المؤلفات "أبو الحسن يدافع بالباطل والعدوان عن الإخوان ودعاة حرية ووحدة الأديان".
فما هو موقف الحلبي من هذا المنهج الباطل الهدام، وهذه الأصول الهدامة والحرب المدمرة على أهل السنة؟
إنه الاستمرار في مقاومة أهل السنة ومعارضاتهم والدفاع عن أبي الحسن وعدنان بأساليب ومراوغات وحيل ماكرة ينصر بها الباطل وأهله ويخذل الحق وأهله.
ألا يدل هذا على الرضا عنهم وعن مناهجهم وبغيهم وعدوانهم على أهل السنة والحق؟
نموذج موجز عن فتنة علي الحلبي بعد فتنه السابقة
رابعاً- وجاءت ثورة الحلبي امتداداً لسلسلة هذه الثورات على المنهج السلفي، إضافة إلى مساندته القوية للثورات السابقة.
فأصدر شريطاً ملأه بالهذيان بالباطل، ومن أباطيله العجيبة قوله في هذا الشريط:
إن الجرح والتعديل ليس له أدلة من الكتاب والسنة.
ثم ألّف كتاباً سماه "منهج السلف الصالح"، وليس كذلك، شحنه بالأباطيل والتمويهات، لا أستثني إلا ما ابتزه من كلامي وبعض الكلام لغيري ليسخره لنصرة أباطيله، وصدرت ردود على ما حواه هذا الكتاب من عدد من السلفيين الصادقين الثابتين على الحق، دمغوا في ردودهم هذه أباطيله وتمويهاته وتأصيلاته الباطلة، ومنها:
تلاعبه بالجرح المفسر ومخالفته فيه لمنهج السلف.
ومنها: دعواه الباطلة أنه لا يبدع الشخص إلا إذا تم الإجماع على تبديعه.
ولم يتراجع عن شيء من أصوله الباطلة وانحرافاته الواضحة.
ويرمي السلفيين بالغلو مع غمز ولمز وشتائم سوقية.
ورد عليه أحد السلفيين بكتاب بيّن فيه جهل الحلبي وتمويهاته فلم يتراجع.
وأخيرا يفضحه الله بمدحه لرسالة تضمنت الدعوة إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان ومؤاخاة وموادة أهل الأديان ومساواة الأديان، وإسقاط جهاد الطلب، ودعوة الدول كلها إلى تطبيق وتنفيذ قوانين الأمم المتحدة، فهبّ يدافع عن نفسه وعنها بالأباطيل والتمويهات ويمدح مضامينها، ويرمي من انتقدها بالغلو، وبأن دعاواهم على مضامين هذه الرسالة كفرية وتكفيرية .
وكان قد سبقه حزبه إلى الدفاع عن هذه الرسالة ومَدْحِها بل وشَرْحِها، ووصْفِها بالمباركة، والطعن فيمن ينتقدها نصحاً للإسلام والمسلمين، ورميهم بأنهم غلاة وخوارج .
والحلبي يؤيدهم ويمدحهم، ويمدح كتاباتهم، ويرى أنها حق وأن مخالفيهم على باطل .
هذه صورة مصغرة جداً من بوائق الحلبي الظاهرة فضلاً عن الخفية .
ومع ذلك يتساءل حزبه عن أسباب تبديع الحلبي ويقول : إن هذا التبديع مجمل، فيا له من عمى (إِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [سورة الحج : 46].
وقول المحتار عن حزبه: " ذلك أنهم رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد لبعض الدعاة و أهل العلم.
وعداوته لبعضهم لها حالة خاصة عنده، لأنهم بادر بالممانعة و النقد فعداوة الشيخ ربيع لهم أعظم".
أقول: لم يعين لنا بعض الدعاة وأهل العلم الذين صب عليهم ربيع هذه التجريحات الباطلة أو الزائدة عن الحد .
وأنا أعيِّن له هؤلاء الدعاة وأهل العلم الذين تهرب من ذكرهم ، والذين هب للدفاع عنهم: عدنان عرعور وأبو الحسن، ويشجعهما علي حسن الحلبي:
1- سيد قطب الذي سخر من نبي الله موسى مرات، وطعن في عثمان والصحابة والتابعين في عهده وعهد عَلِي وحكم على الجيل في عهد علي ومعاوية بالردة وقال بالحلول ووحدة الوجود وتعطيل صفات الله تعالى ونادى بالاشتراكية الغالية، وكفر الأمة الإسلامية من فجر تأريخها إلى عهده وزعم أن نصوص القرآن تشتمل على الموسيقى والمسرحيات والتمثيليات إلى ضلالات أخرى، ومعروف أن التمثيليات لا تقوم إلا على الكذب .
فناقشه ربيع مناقشات علمية أيدها علماء المنهج السلفي واغتاظ من هذه المناقشات أهل البدع وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، واغتاظ عدنان أشد منهم، فهب للدفاع عن سيد قطب وتمجيده وتمجيد منهجه ومؤلفاته.
2- من هؤلاء الدعاة عبد الرحمن عبد الخالق الإخواني المحترق الذي طعن في علماء المنهج السلفي أخبث أنواع الطعن وشوههم وأسقطهم وطعن في سلفيتهم وقال : إنها سلفية تقليدية لا تساوي شيئاً وكان يمدح الجماعات الحزبية ويطريهم، ولا سيما الذين يدرسون منهم في الغرب.
هذا وكنت أنا بحكم زمالتي له أناصحه في انحرافاته على امتداد اثني عشر عاماً كتابة ومشافهة في لقاءاتي له فما كان منه إلا التمادي في باطله وبعد هذه المناصحات الطويلة وبعد تماديه في الباطل ناقشت أباطيله في كتابين، أحدهما "جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات" لأن من انحرافاته دعوته إلى تعدد الحزبيات، فردَّ عليَّ بالباطل، فرددتُ باطله في كتاب ثان سمتيه (النصر العزيز)، وأيَّد كتابيّ هذين علماء السنة، وأغاظ أهل البدع، والظاهر أن منهم عدنان عرعور وأبا الحسن والمغراوي بحكم ارتباطهم بجمعية التراث التي ربّى أفرادها وقادتها عبد الرحمن عبد الخالق، وهذه الجمعية وفروعها من أقوى الممولين والمستخدمين لعدنان والمغراوي وأبي الحسن وأهل مركز الألباني وعلى رأسهم علي الحلبي.
3- ومن هؤلاء الدعاة محمد قطب وسفر وسلمان فرد عليَّ سلمان ردا موجزًا ومؤدبًا، ولم يرد عليَّ سفر ومحمد قطب لأنهما يريان أن سكوتهما أفضل لهما من الرد بالباطل والمكابرة كما يفعل عدنان والمغراوي وأبو الحسن وعلي حسن.
بل هؤلاء هم يبدؤون بالحروب والفتن والشغب في مقابل صبر ربيع عليهم ومناصحته الطويلة لهم على امتداد سنين.
والآن نضيف ونبين بحق بعض أسباب عداوة هذه الزمرة لربيع والسلفيين السائرين على منهج السلف الصالح في مواجهة أهل الباطل والبدع.
1- لقد ضاقت هذه الزمرة ذرعًا بالمنهج السلفي وأهله ولاسيما مواجهة البدع وأهلها.
2- البغي والحقد والاستكبار على المنهج السلفي وأهله.
3- أنهم أهل مطامع دنيوية ولهث قوي على جمع الأموال وهم لا يجدون من يحقق لهم رغباتهم الجامحة ومطامعهم إلا خصوم المنهج السلفي وأهله فانحازوا إليهم والتصقوا بهم فجندهم هؤلاء الخصوم لحرب المنهج السلفي وأهله لاسيما والمنهج السلفي لا يقبل المتأكلين بدينهم عباد الدينار والدرهم الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً.
4- قادتهم هذه المطامع الدنيوية والضيق بالمنهج السلفي وأهله والأمراض الأخرى إلى وضع أصول فاجرة لمقاومة المنهج السلفي وإسقاط علمائه الذين ينتقدون أهل البدع ويبينون ضلالاتهم وخطر بدعهم ومن هذه الأصول التي تحقق أهدافهم (نصحح ولا نهدم أو لا نجرح) و(المنهج الواسع الأفيح) و(إذا حكمت حوكمت) وغيرها. و(لا يقبل التبديع إلا إذا أجمع العلماء عليه).
وقصدهم أنه إذا اتفق أهل السنة على تبديع شخص ما بالحجج والبراهين وخالفتهم هذه الزمرة أو واحد منهم لا يقبل هذا التبديع الذي خالف فيه هؤلاء أو أحدهم.
لأن أصولهم ولاسيما المنهج الواسع الأفيح يأبى هذا التبديع، وشرعوا في تطبيق هذه الأصول وإسقاط العلماء وأصولهم السلفية.
شرعوا في تطبيق هذه الأصول الباطلة بكل جرأة ووقاحة مع دعاواهم العريضة أنهم هم السلفيون حقا وأنهم أهل العدل والإنصاف.
ومن هذا المنطلق ومن هذه الأصول دافع عدنان والمأربي عن سيد قطب وعن جماعة الإخوان المسلمين الجامعة لفرق الضلال بما فيهم الروافض، ويشجعهما علي الحلبي ويتعصب لهما.
ويضيف المأربي الدفاع عن جماعة التبليغ الجامعة لعدد من الطرق التي تشتمل على وحدة الوجود والشرك والضلال، واعتبر هاتين الطائفتين من أهل السنة، والحلبي والباقون يشجعونه، ثم تمادوا في باطلهم حتى وصل بهم الأمر إلى الدفاع عن أهل وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان ومساواة الأديان...الخ
5- لشدة عداوة هذه الزمرة وفساد فطرها وما قام بها من الحسد الشيطاني والكبر الشيطاني بدؤوا ربيعا وإخوانه بالحرب الظالمة المحاربة للحق وأهله والمدافعة عن الضلال والباطل وأهلهما، مع صبر ربيع ومناصحته لكل واحد منهم سنوات ولاسيما الحلبي الذي صبر عليه ربيع وإخوانه حوالي عشر سنوات، يدعم الحلبي فيها هذه الزمرة ويرى أنها زمرة سلفية مهما ارتكبوا من الكذب والفجور مهما ارتكبوا من الضلالات ومهما دافعوا عن أهل الباطل.
ولما جاءت نوبته قام بهجوم كاسح على أصول المنهج السلفي في الجرح والتعديل وعلى ربيع ودبج مقالات ظالمة فتح لها ولأنصاره موقعًا، همه الأول والأخير الحرب على ربيع وإخوانه والدفاع عن أباطيل علي حسن والدفاع عن رسالة تضمنت الدعوة إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان ومساواة أهل الأديان وموادة أهل الأديان وإسقاط جهاد الطلب والدعوة إلى إلزام الدول بقوانين الأمم المتحدة.
بل هذه الرسالة مدحها علي الحلبي وبالغ في مدحها وزعم أنها شارحة للإسلام وتمثل وسطية الإسلام.
ولم يقف عند هذا الحد بل مدح من أيدها من الروافض والخوارج والصوفية وادعى أنهم علماء ثقات.
ومدح من يدافع عنها من أنصاره ومدح هذا الدفاع القائم على الكذب والغش وتمجيد أضل الضلال.
ومع هذه الطوام والفواقر المدمرة يُعيّر الطيباوي أهل السنة بأنهم يبغضون هذه الزمرة ونسي ظلمها وبغضها وعداوتها لأهل الحق والسنة وولاءها لأهل البدع الكبرى وذبها عنها وعنهم.
كتبه
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي
22/2/1432هـ
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي
22/2/1432هـ
============
الحواشي:
1 - أخرجه مسلم حديث (55)، وأحمد (4/102)، وأبو داود حديث (4944).
2 - أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (1/5)، وأبو داود في "سننه" حديث (4338) وابن ماجه في "سننه" في الفتن حديث(4005)، وأخرجه غيرهم من الأئمة.
3 - أخرجه البخاري في "صحيحه"، في الشهادات حديث (2686)، والإمام أحمد في "مسنده" ( 4/ 268، 269)، والترمذي في "الفتن" حديث (2173)، وابن حبان كما في "الإحسان" (297، 298).
4 - "مجموع الفتاوى" (28/231-232).
5 - متفق عليه، أخرجه البخاري في "الإيمان" باب (علامة المنافق) رقم (34) ومسلم في "الإيمان"، رقم (58).
6 - متفق عليه، أخرجه البخاري في "الإيمان" باب (علامة المنافق) رقم (33) ومسلم في "الإيمان"، رقم (59).
7 - أخرجه مسلم في كتاب "الإيمان" باب (خصال المنافق) رقم (59).
8 - أخرجه البخاري في كتاب "الفتن"، باب (إذا قال عند قوم شيئًا ثم خرج فقال بخلافه) رقم (7113) وأبو داود الطيالسي في "مسنده" حديث (410) والبيهقي في السنن الكبرى حديث (17299).
9 - وهؤلاء لا نشك أن فيهم خصال المنافقين، ومع ذلك لا نكفرهم، مع أنه قد يكون فيهم من هو منافق خالص.
10 - "الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة" (ص309).
11 - كما يفعل اليوم دعاة حرية الأديان وأخوة الأديان ووحدة الأديان وأنصارهم .
ومن يثني عليهم ويذب عن ضلالاتهم من أدعياء العلم قد يلحقون بهم كما يفيده كلام شيخ الإسلام بل هو نص عليه.
12 - "مجموع الفتاوى" (2/132-133).
13 - أخرجه البخاري حديث (7320)، ومسلم حديث (2669).
14 - أخرجه أحمد (4/102)، وأبو داود في "سننه" حديث (4597).
15 - "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لأبي بكر الخلال (1/210).
16 - "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر (2/ 92) ، و"الإحكام" لابن حزم (6 / 317) ، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (6/ 198)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (3/ 32) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1 /151)، و"تهذيب الكمال" (12 / 11) ، و"إعلام الموقعين" (3/285) .
17 - "سنن البيهقي الكبرى" رقم ( 20707 ) (10 / 211) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1/ 180)، و"تأريخ الإسلام" للذهبي (9/491)، (7 / 125) ، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص454).
18 - "الموافقات" للشاطبي (4/169).
19 - "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لأبي بكر بن الخلال رقم ( 171 )، (ص 206) ، و"إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول" للشوكاني (ص 161) ، و"عون المعبود" (13 / 187).
20 - "السنن الكبرى" (10/211).
21 - ""فتاوى ابن الصلاح" (2/500) ونقله عنه ابن القيم في "إغاثة اللهفان" (1/247).
22 - "الموافقات" للشاطبي (2 / 386 – 387) .
23 - كذا، وقصده: لمن رزقه الله بصيرة.
24 - كذا، يريد: من هذا الباب.
25 - هكذا.
26 - كذا، يريد: من هذا الباب.
27 - هكذا!
(28 ) مفرّغ من شريط مسجل بصوته.
(29 ) شريط الطائفة المنصورة ( رقم 2 ).
الحواشي:
1 - أخرجه مسلم حديث (55)، وأحمد (4/102)، وأبو داود حديث (4944).
2 - أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (1/5)، وأبو داود في "سننه" حديث (4338) وابن ماجه في "سننه" في الفتن حديث(4005)، وأخرجه غيرهم من الأئمة.
3 - أخرجه البخاري في "صحيحه"، في الشهادات حديث (2686)، والإمام أحمد في "مسنده" ( 4/ 268، 269)، والترمذي في "الفتن" حديث (2173)، وابن حبان كما في "الإحسان" (297، 298).
4 - "مجموع الفتاوى" (28/231-232).
5 - متفق عليه، أخرجه البخاري في "الإيمان" باب (علامة المنافق) رقم (34) ومسلم في "الإيمان"، رقم (58).
6 - متفق عليه، أخرجه البخاري في "الإيمان" باب (علامة المنافق) رقم (33) ومسلم في "الإيمان"، رقم (59).
7 - أخرجه مسلم في كتاب "الإيمان" باب (خصال المنافق) رقم (59).
8 - أخرجه البخاري في كتاب "الفتن"، باب (إذا قال عند قوم شيئًا ثم خرج فقال بخلافه) رقم (7113) وأبو داود الطيالسي في "مسنده" حديث (410) والبيهقي في السنن الكبرى حديث (17299).
9 - وهؤلاء لا نشك أن فيهم خصال المنافقين، ومع ذلك لا نكفرهم، مع أنه قد يكون فيهم من هو منافق خالص.
10 - "الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة" (ص309).
11 - كما يفعل اليوم دعاة حرية الأديان وأخوة الأديان ووحدة الأديان وأنصارهم .
ومن يثني عليهم ويذب عن ضلالاتهم من أدعياء العلم قد يلحقون بهم كما يفيده كلام شيخ الإسلام بل هو نص عليه.
12 - "مجموع الفتاوى" (2/132-133).
13 - أخرجه البخاري حديث (7320)، ومسلم حديث (2669).
14 - أخرجه أحمد (4/102)، وأبو داود في "سننه" حديث (4597).
15 - "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لأبي بكر الخلال (1/210).
16 - "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر (2/ 92) ، و"الإحكام" لابن حزم (6 / 317) ، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (6/ 198)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (3/ 32) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1 /151)، و"تهذيب الكمال" (12 / 11) ، و"إعلام الموقعين" (3/285) .
17 - "سنن البيهقي الكبرى" رقم ( 20707 ) (10 / 211) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1/ 180)، و"تأريخ الإسلام" للذهبي (9/491)، (7 / 125) ، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص454).
18 - "الموافقات" للشاطبي (4/169).
19 - "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لأبي بكر بن الخلال رقم ( 171 )، (ص 206) ، و"إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول" للشوكاني (ص 161) ، و"عون المعبود" (13 / 187).
20 - "السنن الكبرى" (10/211).
21 - ""فتاوى ابن الصلاح" (2/500) ونقله عنه ابن القيم في "إغاثة اللهفان" (1/247).
22 - "الموافقات" للشاطبي (2 / 386 – 387) .
23 - كذا، وقصده: لمن رزقه الله بصيرة.
24 - كذا، يريد: من هذا الباب.
25 - هكذا.
26 - كذا، يريد: من هذا الباب.
27 - هكذا!
(28 ) مفرّغ من شريط مسجل بصوته.
(29 ) شريط الطائفة المنصورة ( رقم 2 ).
(منقـــول)
تعليق