الكرّ على الخيانة والمكر (الحلقة الأولى)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فيعلم الله مني وأشهده وكفى به شهيداً أنني أحب أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- جميعاً وأعظمهم جميعاً وأذب عنهم جميعاً طول حياتي باطناً وظاهراً، وأفديهم بنفسي وأولادي بل بالأمة جميعاً إن كان ذلك بيدي، وأشهد الله أنه ما كان ولا يكون مثلهم.
وأعادي من يعاديهم وأوالي من يواليهم وأبغض من يبغضهم أو أحداً منهم، والعبارات التي قلتها في خالد وسمرة خلال فتنة هوجاء أدافعها وأدفعها عن الشباب.
فأقول في خالد: أنه الصحابي الجليل وأنه سيف من سيوف الله سلّه الله على المشركين والمرتدين والمنافقين القائد المظفر قامع الردة وصاحب الفتوحات العظمى وهادم عروش الأكاسرة والقياصرة وأفديه بنفسي ومالي وأحبه وأستميت في الذب عنه وأعادي وأوالي من أجله.
وسمرة بن جندب أقول فيه: أنه صحابي جليل وعظيم في عيني وأحبه وأوالي وأعادي من أجله.
وما صدر مني من عبارات في حقّهما فإنه من سبق اللسان قطعاً مثل قولي في خالد -رضي الله عنه- يلخبط، أستغفر الله وأتوب إلى الله منه، وما قلته في حق سمرة خلال استنباطي من قول عمر -رضي الله عنه-: ((قاتل الله سمرة)): يعني أن سمرة حصلت عنده حيلة تشبه حيلة اليهود، فهذه العبارة مني سيئة، أستغفر الله وأتوب إليه منها، وأحذر الناس منها ومن أمثالها.
ولا شك أن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- خير أمة أخرجت للناس لا كان ولا يكون مثلهم، وإني لعلى مذهب السلف فيهم، وإني لعلى مذهب ابن المبارك لما قيل له: أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبدالعزيز؟ فقال: لغبار في أنف معاوية وهو يجاهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- خير من عمر بن عبدالعزيز.
وأدين الله بأنه لو أنفق أحد خيار المسلمين مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.
وإن قلبي ليعتصر ألماً من تلك العبارات وأرجو أن أكون من الوقافين عند كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلّم-.
وإني لآسف أشد الأسف أن الذي بحث عنها وفرح بها وأخرجها للناس لم يفعل ذلك غيرة على دين الله ولا محبة وإجلالاً لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وإنما حمية جاهلية لأناس تافهين لا يساوون غبار نعل صحابي من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- وإن هذا ليدل على مدى الانحدار الذي وصلت إليه هذه الأصناف التي توالي وتعادي من أجل أناس تافهين ساقطين وأصحاب مناهج فاسدة ولا يوالون ويعادون من أجل منهج الله ومنهج أنبيائه ورسله ومنهج الصحابة العظام والسلف الكرام الذي ندين الله به وندعوا إليه ونذب عنه وعنهم.
قال الكاتب المسمى بـ ((يزن)):
((الشيخ ربيع حفظه الله صاحب كتاب مطاعن سيد قطب في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومذكرات التنبيه والإعانة والجناية ، إليك بعض كلماته في الصحابة رضي الله عنهم :
أولا : يقول في رده على أبي الحسن : عن حسان بن ثابت رضي الله عنه شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه العبارات : يقول : إنَّ الله عاقبه بالعمى([1]) .
ويقول : إن ذلك من العذاب الذي توعد الله به المذكورين في قوله : ]والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم[(2) وكما تعلمون هذه أريد بها المنافقون بل رأسهم والتائب كيف يعاقب ؟ ولماذا لم تعاقب حمنة رضي الله عنها ومسطح رضي الله عنه ؟ .
ويقول : لولا توبته لهلك مع الهالكين . إن كان ما ذكره حقا فهل هذه الألفاظ من التأدب مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أو هذا من الخير الذي لا يذكرون إلا به ؟ أو هذا من السكوت عما صدر فيما بينهم ؟ هل يصح لمن بعد الصحابة أن يأخذ ألفاظا جرت فيما بينهم فينقلها وينشرها ؟ أو يتبنى تقريرها ؟ مهما قيل من التبرير والدفاع فهذا الأسلوب لا يليق مع الصحابة الكرام ، وإلا فلماذا ننكر على غيرنا([2]) ؟
ثانيا : يقول في شريطه ( الشباب ومشكلاته الوجه ب ) : والله كان الصحابة فقهاء([3]) ... في أمور السياسة ما ينجحون !! وما يستطيعوا يستنبطون !! في الإذاعة والإشاعة يقعون في فتنة !!! قضية الإفك طاح فيها كثير من الصحابة !!! ، فتنة ... كلام عن الصحابة إجمالا([4]) ، وعجيب جدا !!! الصحابة لا ينجحون في السياسة ؟ أجل من الذي ينجح ؟ الصحابة لا يستطيعون الاستنباط ؟ أجل من الذي يستنبط ؟ الصحابة في الإذاعة الإشاعة يقعون في فتنة ؟ أجل من الذي يتثبت([5]) ويتروى ويسلك المنهج السلفي في تلك الحالات من رد العلم لأهله([6])؟ قضية الإفك طاح فيها _ هكذا بهذا التعبير _ كثير !!! من الصحابة ؟ من هؤلاء الكثير ؟ هل هم مسطح وحمنة وحسان([7]) ؟ في عشرات الألوف أم المراد عبد الله بن أبي وزمرته ؟
ثالثا : يقول في شريط العلم والدفاع عن الشيخ جميل([8]) وجه أ : خالد ! يصلح للقيادة ... ما يصلح للسياسة !! وأحيانا يلخبط([9]) !!!!!!!!! سامحك الله يا شيخ ربيع أنت منظر على الصحابة ؟ خالد بدون ترضي وكان الأولى أن تترضى لا سيما وسوف تأتي بطامة ، ثم ما يصح للسياسة ؟ أجل من الذي يصلح([10]) ؟ لو لم يكن خالد يصلح للسياسة فليس في ولاة أمرنا أحد يصلح للسياسة ! ثم ماذا ؟ يلخبط ..................... لا حول ولا قوة إلا بالله .
رابعا : يقول في شريط توجيهات ربانية للدعاة([11]) وجه ب : فقال عمر : قاتل الله فلانا ألم يسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها . يعني أن سمرة حصل عنده حيلة تشبه حيلة اليهود !!!! سمرة بن جندب الصحابي الجليل حصل عنده حيلة تشبه حيلة اليهود ؟؟([12]) والله لو قلت اليوم : الشيخ ربيع سلك مسلكا يشبه مسلك اليهود لقامت الدنيا وما قعدت ولأخرجت من السلفية من أوسع أبوابها([13]) ولما اغتفرت لي هذه الكلمة ولو بررتها ألف مرة وتبت منها ألف ألف مرة عند كثير من المحبين للشيخ ، فكيف بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
خامساً : يقول الشيخ ربيع حفظه الله في شريط العلم والدفاع عن الشيخ جميل وجه ب : معاوية ... ما هو عالم !!!! لكن والله يملأ الدنيا سياسة ، يصلح يحكم الدنيا كلها([14]) ... المغيرة بن شعبة مستعد يلعب !! بالشعوب على أصبعه دهاء !!!! هل هذا أسلوب للحديث عن الصحابة يا شيخنا الجليل ؟؟ معاوية ما هو عالم ؟؟ كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخال المؤمنين وأول ملوك المسلمين والفاتح العظيم يعبر عنه هكذا ؟ ما هو تعريف العالم حتى يخرج منه معاوية رضي الله عنه ويدخل فيه الشيخ ربيع والشيخ فلان وفلان ؟ خيرا ... المغيرة بن شعبة يلعب بالشعوب على أصبعه دهاء([15]) ... هذا التعبير لا يليق بك يا شيخنا الكريم فإن هذه اللفظة تطلق على الماكرين المخادعين([16]) وقد برأ الله المغيرة بن شعبة من ذلك وأقول : لو ترضيت على الأقل عند ذكرك لهذه الألفاظ لهدأت قليلا من وقعها([17]) .
سادساً : يقول الشيخ في الشريط نفسه في الوجه أ : كان عمر يوقر معاوية لأنه داهية ... يزيد أخوه مثله داهية ... المغيرة بن شعبة داهية ... من دهاة العرب عمرو بن العاص ... أبو ذر ما يصلح !!! أفضل من معاوية ومن عمرو آلاف المرات([18]) !!!!! تنظير عجيب يا شيخنا الكريم فلان يصلح والثاني ما يصلح وفلان أفضل آلاف المرات وهذا داهية وذاك أدهى منه !!!!!! هكذا يكون الحديث عن الصحابة رضي الله عنهم ؟؟
أ ليس الشيخ ربيع أولى أن يحذر منه من سيد قطب ، لأن الشيخ ربيع قد قال ذلك عن علم وهو العارف بمدلولات الألفاظ ؟؟؟؟؟؟ أم أنكم تكيلون بمكيالين([19]) ؟؟!!! )).
ــــــــــــــــــــــ
([1]-2) هذا قالته عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- خلال ذبها عن حسان -رضي الله عنه- وتناقله أئمة الحديث والتفسير فارجع إلى كتب الحديث ولاسيما الصحيحين وارجع إلى كتب التفسير وهو ليس بتنقص، وعقوبة الله لعباده المؤمنين ليست عيباً، قال تعالى: ]وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ[ ، فانظر إلى هذه الثمرة العظيمة للصابرين على المصائب.
وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- في مجلس فقال: ((بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم، والآية التي أخذت على النساء ] إذا جاءك المؤمنات[، فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله عليه فهو إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه)).
فالعقوبة في الدنيا كفارة وهذا ربح عظيم وليس عيباً.
([2]) ذكرت منزلته وفضله وتوبته -رضي الله عنه-، وإن ما حصل من الصحابي مع ذكر توبته وكمال منزلته ليس تنقصاً،كما قرّره الإمام ابن تيمية إن كنت تفقه!!، فهلا انتقدت سيد قطب وأبا الحسن في سبهما الصريح لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- إن كنت صادقاً.
([3]) عبارتي هكذا: ((والله كان صحابة فقهاء في السياسة، ما ينجحون وما يستطيعون أن يستنبطوا في الإذاعة الإشاعة، يقعون في فتنة، قضية الإفك طاح فيها كثير من الصحابة)).
ماذا فعل الكاتب؟!!:
أ - عرّف كلمة صحابة فقال: الصحابة ليشمل كلامي كل الصحابة.
ب- قلت أنا: (والله كان صحابة فقهاء في السياسة)، أي أن قولي في السياسة متعلق بفقهاء، فكتب هكذا : (والله كان الصحابة فقهاء ... ... في أمور السياسة ما ينجحون !!) ففصل هذا الفصل بهذه النقط، وعلق الجار والمجرور بقولي: ما ينجحون.
فهذه عدة خيانات تدل على براعة فائقة في الخيانة والتحريف وتدل على دربة قويّة.
ففيه وفي أمثاله شبه بمن قال الله فيهم :]ولا تزال تطلع على خائنة منهم[
([4]) قلت قضية الإفك طاح فيها كثير من الصحابة فتنة، ليش؟ ما هم مثل عمر وعلي ومثل هؤلاء وقعوا ، وقعوا بعضهم في هذا.
فحذف الكاتب كلمة : (بعضهم) وقد أخذتها من قول عمر -رضي الله عنه- كما في صحيح مسلم-: دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى، ومن قوله: فانطلقت حتى انتهيت إلى المنبر فجلست فإذا عنده رهط جلوس ثم سقت القصة لبيان هذه الفتنة ، وهي اهتمامهم بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وحزنهم وقلقهم لما أشيع عن طلاق رسول الله لزوجاته أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن-.
فسياق كلامي يدل، ونصّه يؤول إلى مدحهم ولا يلامون على عدم بلوغهم مرتبة عمر في الاستنباط.
وهذا نصّ كلامي حينما كنت أحذر من السياسة العصرية وأحذر الشباب من الاندفاع فيها: ((يا أخي لما يتوجه الشباب كلهم للسياسة سيضيع العلم والدين وسيصبح هؤلاء كلهم فجار، السياسة في هذا الوقت فجور وكذب؛ ولهذا اختفى الورع والخوف من الله والزهد ورأينا القذف والطعن والإشاعات والتهويش إلخ، شيء رهيب ما عرفنا مثله، ليش؟ لأنا دخلنا في السياسة وهذه هي نهايتنا، إحنا في البداية الآن كيف النهاية نحن والله في البداية.
يا أخوتاه اقرؤوا المنار عند تفسير قوله تعالى: ]وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ[ ، والله كان صحابة فقهاء في أمور السياسة، ما ينجحون وما يستطيعون أن يستنبطوا في الإذاعة والإشاعة يقعون في فتنة، قضية الإفك طاح فيها كثير من الصحابة فتنة، ليش ما هم مثل عمر ومثل علي ومثل هؤلاء وقعوا، وقعوا بعضهم في هذا يعني أشيع في المدينة أن الرسول طلق زوجاته وكان عمر يتناوب مع أحد الصحابة من الأنصار ينزل أحدهم يوماً ليسمع الوحي وما يحدث، ويأتي أخاه فيعطيه ما سمع من الوحي وما حدث وما جدّ فكان ذلك اليوم نوبة ذلك الأنصاري وعمر في العوالي في عمله في مزرعته فجاء الأنصاري يقرع باب عمر قرعاً شديداً وكان عمر قد سمع أن ملك غسان يعدّ العدّة لغزو المدينة فنـزل عمر منـزعجاً فقال الغسانيون؟ قال: لا الأمر أشد من هذا . ما هو؟ قال: إن الرسول طلق زوجاته، وقال أبغي أبحث أتأكد، يعني ما صدق عمر الفقيه جاء والناس يخوضون في الكلام هذا ويكثرون ويقلون قال: أنا آتيكم بالخبر من رسول الله عليه الصلاة والسلام رأى شخصاً أسود بواباً لرسول الله، الرسول كان في عليّةٍ قد هجر نساءه – يعني في دور ثان على إحدى الغرف جاء عمر استأذن، قال: استأذن لي رسول الله ، التفت إلى الرسول سكت مرة ثانية مرة ثالثة ثم أذن له رسول الله جاء طلع على خشبة السلم خشبة ،هذا حال الرسول –عليه الصلاة والسلام- جاء والرسول نائم على حصير قد أثر في جنبه ورمى ببصره في الحجرة هذه فما رأى إلا يعني قربة بالية فيها من ورق القرظ وحاجة ثانية فيها شيء من الشعير أو البر ، بكى عمر ما الذي يبكيك يا عمر؟ قال كسرى وقيصر في الجنان والقصور وأنت رسول الله وهذا بيتك، وهذا ما فيه قال : أما ترضى يا ابن الخطاب أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة صلوات الله عليه وسلامه، فجلس وداعب الرسول شوية وكذا فقال له: هل طلقت زوجاتك، قال: لا، فقرأ عمر الآية هذه : ]وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ[ فقال عمر: كنت أنا من الذين يستنبطونه منهم، قال المفسرون: ما كل واحد حتى من أولي الأمر ما يستطيع أن يستنبط يعني الحلول للأمور السياسية والأمور الحربية وحالات الحرب وحالات السلم ما كل واحد يهتدي لهذا)).
([5]) هذا كله بناه على تصرفاته الخائنة وجهله المطبق بالحديث والتفسير وتفاوت الناس في المواهب والفضائل الذي يسلم به كل عاقل فضلاً عن أهل السنة ومثل هذا لا يفيده علم، فنقول لغيره راجعوا كلامي في الشريط وتأملوه هنا وارجعوا إلى كتب الحديث ومنها البخاري ومسلم وكتب التفسير، لتروا كلام أشد الناس احتراماً وإكراماً للصحابة، ودعوا كلام هذا الجاهل المتباكي كذباً على الصحابة وإنما يفعل كل ما يفعله ومنه هذا التباكي من أجل من يسب الصحابة ويرتكب الموبقات في حق الإسلام وأصوله.
([6]) إذن أنت جعلتهم قسمين ، قسم ليس بعالم فوظيفتهم رد العلم إلى أهله وهم القسم الثاني: العلماء.
([7]) رضي الله عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وأرضاهم ولقد تاب من وقع من الصحابة في هذه الفتنة ورفع الله درجاتهم، قال تعالى: ]وكلا وعد الله الحسنى[، والآيات والأحاديث في ذلك معلومة مسلمة عند من يحبونهم ويحترمونهم.
ومن هذه المناقشة يظهر حال هذا الرجل من الخيانة والغش والجهل والإرجاف بالباطل وله خيانات وجهالات ستظهر قريباً إن شاء الله وله نظراء من أنصار أبي الحسن في هذه الأوصاف يفضحهم الله على أيدي أهل السنة، وفي المثل : (من ثمارهم تعرفونهم) فهذه هي ثمرة منهج أبي الحسن و"الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف"، وإن الطيور على أشكالها تقع.
([8]) إذا كنت أدافع عن جميل الرحمن وغيره من السلفيين المعاصرين علماء وطلاباً، وأدافع عن أهل الحديث وأثني عليهم وأعتبرهم الطائفة المنصورة، وقد كتبت في ذلك كتابين، وأمدح الصحابة وأذب عنهم ومنهم خالد -رضي الله عنهم أجمعين-، وقد كتبت في ذلك مطاعن سيد قطب ورسالة أخرى، وأنت على العكس من ذلك فيما يظهر من أسلوبك وموقفك ممن يطعن فيهم فعلاً، فكيف تصبح أنت أولى بالصحابة مني وتصورني في هذه الصورة!!.
([9]) هذه الكلمة إشارة إلى ما ورد في أنه قتل بني جذيمة ، وقد قال شيخ الإسلام –رحمه الله-: ((ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعمل خالد بن الوليد على الحرب منذ أسلم، وقال إن خالداً سيف سله الله على المشركين مع أنه أحياناً كان قد يعمل ما ينكره النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إنه مرة رفع يديه إلى السماء وقال: "اللهم إني ابرأ إليك مما فعل خالد" لما أرسله إلى بني جذيمة فقتلهم وأخذ أموالهم بنوع شبهة، ولم يكن يجوز ذلك، وأنكره عليه بعض من كان معه من الصحابة، حتى وداهم النبي صلى الله عليه وسلم وضمن أموالهم، ومع هذا فما زال يقدمه في إمارة الحرب لأنه كان أصلح في هذا الباب من غيره، وفعل ما فعل بنوع تأويل، وكان أبو ذر رضي الله عنه أصلح منه في الأمانة والصدق ومع هذا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن إلى اثنين ولا تولين مال يتيم رواه مسلم نهى أبا ذر عن الإمارة والولاية لأنه رآه ضعيفا مع أنه قد روي ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر وأمر النبي صلى الله عليه وسلم مرة عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل استعطافاً لأقاربه الذين بعثه إليهم على من هم أفضل منه، وأمر أسامة بن زيد لأجل ثأر أبيه، ولذلك كان يستعمل الرجل لمصلحة مع أنه كان قد يكون مع الأمير من هو أفضل منه في العلم والإيمان، وهكذا أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه ما زال يستعمل خالداً في حرب أهل الردة وفي فتوح العراق والشام وبدت منه هفوات كان له فيها تأويل، وقد ذكر له عنه أنه كان له فيها هوى فلم يعزله من أجلها بل عتبه عليها لرجحان المصلحة على المفسدة في بقائه، وأن غيره لم يكن يقوم مقامه لأن المتولي الكبير إذا كان خلقه يميل إلى اللين فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى الشدة، وإذا كان خلقه يميل إلى الشدة فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى اللين؛ ليعتدل الأمر، ولهذا كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يؤثر استنابة خالد وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يؤثر عزل خالد واستنابة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه؛ لأن خالداً كان شديداً كعمر بن الخطاب وأبا عبيدة كان ليناً كأبي بكر وكان الأصلح لكل منهما أن يولي من ولاه ليكون أمره معتدلاً، ويكون بذلك من خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو معتدل)) السياسة الشرعية (ص:19-20)، ط.المكتبة العلمية، ومع هذا فأنا أستغفر الله من كلمة (يلخبط) فإنها كلمة سيئة.
([10]) خالد بن الوليد الصحابي الجليل -رضي الله عنه- يتمتع بأعلى كفاءة في قيادة الزحوف على أعداء الله وقد قمع الله به أعظم خطر على الإسلام والمسلمين ألا وهي الردة، وله الفتوحات العظيمة في فارس وبلاد الشام، وهو سيف من سيوف الله، وقد حبس أعتاده وأدراعه في سبيل الله كما وصفه بذلك الرسول -صلى الله عليه وسلّم-.
والمقياس في الإسلام هو التقوى كما قال تعالى : ] إن أكرمكم عند الله أتقاكم[، والناس يتفاوتون فيها، وليست السياسة التي هي أعظم مقاييسكم.
وبالصلاح والتقوى فضل أهل العلم أبا ذر على دهاة السياسة مثل معاوية والمغيرة بن شعبة وأمثالهما، فلا نقص على خالد -رضي الله عنه- إذ فضل عليه غيره من الصحابة.
([11]) مضمون ما ورد في شريطي (توجيهات ربانية للدعاة):
1- الوصية بالتقوى والتركيز عليها.
2- الحث على الإيمان الصادق والعمل الصالح.
3- مدح الصحابة وذكر بكائهم خوفاً من الله، ومن ذلك قولي: ((وإذا كان أحد أصحابه تضاعف أعماله إلى درجة لا يلحقها غيرهم كما يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- : ((لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه)).
4- ذكر عمر -رضي الله عنه- والثناء عليه وأنه ملأ الدنيا عدلاً.
5- ذكر حال الصحابة وأنهم أتقياء صادقون.
6- الحث على الحب في الله والبغض فيه.
7- العلماء من أشد الناس خشية لله والثناء عليهم.
8- الوصية بالتآخي في الله.
9- تكرير الثناء على الصحابة، ومن ذلك: ((ما فتح الله الفتوح على أيدي أصحاب رسول الله –عليه الصلاة والسلام- إلا حينما كانوا على غاية من التقوى والإخلاص وكانوا على غاية من المحبة في الله والتماسك فيما بينهم فدوخ الله بهم الأمم وفتح الله بهم الدنيا وملئوا الدنيا علماً وديناً وأخلاقاً وعدلاً رضوان الله عليهم)).
10- سؤال عن حسن البنا وسيد قطب فأجبت ببيان عقائدهما الفاسدة وذكرت طعن سيد قطب في نبي الله موسى -صلى الله عليه وسلّم- وفي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- ورضي عنهم ولا سيما عثمان.
11- سؤال عن التمثيليات ووسائل الدعوة فأجبت ببيان حكمهما في بيان مفصل.
12- سؤال عن الكلام في الجماعات فبينت أن التحذير من أهل البدع والنصح للمسلمين أمر واجب وأن ذلك جهاد في سبيل الله.
13- سؤال عن فقه الموازنات فأجبت أن هذا منهج جديد لا يعرفه فقهاء الإسلام وأنه لحماية أهل البدع وحماية كتبهم، ويدل على بطلانه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح وما تضمنته كتب الجرح والتعديل، وذكرت الأدلة من أقوال الرسول -صلى الله عليه وسلّم- وأنه يقتصر على مواضع النقد بدون موازنة بذكر الحسنات، وذكرت أن مثل هذه التصرفات تأتي من الصحابة عمر وابن عباس وغيرهم من كبار الصحابة أي أنهم يذكرون مواضع النقد ولا يعرجون على الموازنات المزعومة.
ومن كلامي في ذلك:
((قال النبي -صلى الله عليه وسلّم- لرجل استأذن عليه فقال: بئس أخو العشيرة، رجل استأذن على النبي -صلى الله عليه وسلّم- فقال هذا الكلام ونقل ما ذكر في ذلك الشخص ولا ذكرت حسناته، ولا من هو هذا الشخص ولا حسناته وهو صحابي.
يأتي أحد الصحابة يعني في قضية الهذلية أحد أقربائها يعني امرأة من هذيل يعني اختصمتا (أي هي وضرتها) وضربت إحداهما الأخرى بعمود على بطنها فأسقطت جنينها فقضى رسو الله -صلى الله عليه وسلّم- بغرة عبد أو أمة، يعني دية هذا الجنين فقام هذا القريب لها زوجها أو أبوها على حسب الروايات يقول كيف يا رسول الله ندي –يعني: ندفع دية- من لا شرب ولا أكل ولا صاح ولا استهل فمثل ذلك يطل؟ قال : "إنما هذا من أخوان الكهان".
ويأتي مثل ذلك من تصرفات الصحابة عمر وابن عباس وابن مسعود وغيرهم من كبار الصحابة، تأتي مثل هذه التصرفات يعني بلغ عمر -رضي الله عنه- تصرف من سمرة أنه أخذ الخمر من أهل الذمة وباعه فقال: قاتل الله فلاناً ألم يسمع قول الرسول -صلى الله عليه وسلّم- إن شحوم الميتة حرمت على اليهود فجملوها فباعوها "لعنة الله على اليهود حرمت عليه الشحوم فجملوها فباعوها"، يعني أن سمرة حصلت عنده حيلة تشبه حيلة اليهود فقال: قاتله الله ألم يسمع قول رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- كذا وكذا.
ابن عباس قيل له أن نوفاً البكالي وهو من خيار التابعين يقول إن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل قال: كذب عدو الله ، صحابي (الصواب تابعي كما سبق) جليل تقي لقد حدثني أُبَيُّ بن كعب أن موسى عليه الصلاة والسلام قام خطيبا في بني إسرائيل، قوله قام خطيبا في بني إسرائيل بين "أن صاحب القصة موسى عليه الصلاة والسلام الذي ابتعثه الله لبني إسرائيل المعروف الشهير" قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل من أعلم الناس؟ قال: أنا. فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فقال بلى عبدنا خضر، ثم قال الله له إنه في المكان الفلاني عند ملتقى البحرين فذهب هو وغلامه إلى آخره ، الشاهد منه قول ابن عباس -رضي الله عنه- كذب عدو الله، أين الموازنات أين إسلامه أين إيمانه أين جهاده أين أعماله الصالحة، الشاهد أن مذهب الموازنات الذي اخترع في هذه الأيام القريبة وألفت فيه عدد من الكتب منهج مفتعل لا أساس له من الإسلام)).
هذا ما قلته، وهو لتقرير منهج السلف في النقد والتحذير من أخطاء الصالحين وضلالات المضلين، وليس لتقرير الباطل والذب عنه كما هو واقع خصوم هذا المنهج وما يستتبع ذلك من النيل من الصحابة والعلماء وتهديم الأصول السلفية والضراوة على أهل الحق والسنة، وقد تند من المنافح عن الحق والداعي إليه كلمة تند منه كما هو حال البشر، كما حصل مني كلمة في حق الصحابي الجليل سمرة بن جندب التي استغفر الله منها وإنني يعلم الله لفي غاية الخجل منها ولو نبهني عليها عدو أو صديق لحذفتها ورميت بها بعيداً ولما ترددت لحظة في نبذها، ولقد رأيت من مضامين هذا الشريط الثناء على الصحابة والذب عنهم والطعن فيمن طعن فيهم، وهذا حالي ودأبي والحمد لله.س
([12]) فيما يتعلق بالصحابي الجليل سمرة بن جندب -رضي الله عنه- سببه:
1- أنني كنت في مواجهة منهج هدام يهدم المنهج السلفي ويخالف القرآن والسنة ومنهج السلف الصالح في الجرح والتعديل الذي تزخر به المكتبات.
2- كلام الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقوله: قاتل الله سمرة ألم يعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- قال: ((لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها)) فأخذت من موقف عمر واستدلاله، أنه في حال نقد الأشخاص لا تذكر الحسنات وله نظائر من أقوال الرسول -صلى الله عليه وسلّم- ومواقفه ومن أقوال الصحابة ومواقفهم.
3- قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله- عند شرحه لهذا الحديث: ((اختلف في كيفية بيع سمرة للخمر على ثلاثة أقوال أحدها أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية فباعها منهم معتقدا جواز ذلك وهذا حكاه بن الجوزي عن بن ناصر ورجحه وقال كان ينبغي له أن يوليهم بيعها فلا يدخل في محظور وإن أخذ أثمانها منهم بعد ذلك لأنه لم يتعاط محرما ويكون شبيها بقصة بريرة حيث قال هو عليها صدقة ولنا هدية.
والثاني قال الخطابي يجوز أن يكون باع العصير ممن يتخذه خمرا والعصير يسمي خمرا كما قد يسمى العنب به لأنه يئول إليه قاله الخطابي قال ولا يظن بسمرة أنه باع عين الخمر بعد أن شاع تحريمها وإنما باع العصير.
والثالث أن يكون خلل الخمر وباعها وكان عمر يعتقد أن ذلك لا يحلها كما هو قول أكثر العلماء واعتقد سمرة الجواز كما تأوله غيره أنه يحل التخليل ولا ينحصر الحل في تخليلها بنفسها قال القرطبي تبعا لابن الجوزي والأشبه الأول قلت ولا يتعين على الوجه الأول أخذها عن الجزية بل يحتمل أن تكون حصلت له عن غنيمة أو غيرها وقد أبدى الإسماعيلي في المدخل فيه احتمالا آخر وهو أن سمرة علم تحريم الخمر ولم يعلم تحريم بيعها ولذلك اقتصـر عمر على ذمه دون عقوبته وهذا هو الظن به)) فتح الباري (4/414-415).
ومع كل هذا فأنا أرى أن عبارتي سيئة وهي من سبق اللسان وأستغفر الله منها كثيراً، ولو نبهني أحد وقت نطقي بها لحذفتها.
وقد رضي الله عن هذا الصحابي الجليل وإخوانه من الصحابة أجمعين كما في محكم التنزيل وفي سنة رسوله الكريم وهو عقيدة أهل السنة والجماعة وهو الذي أدين الله به باطناً وظاهراً وعليه أوالي وأعادي.
([13]) أنت غير معروف ولعلك لا تعرف السلفية، فسمّ نفسك حتى يعرف الناس أنك غيور على الصحابة أو أنك من أولياء من يطعنون فيهم.
([14]) اعتقد أن في هذا مدحاً عظيماً لمعاوية والمغيرة -رضي الله عنهما- وميزات كبيرة، والإنسان يتكلم في حدود ما يعلم، وقد وجدنا العلماء من محدثين ومؤرخين يمدحون الخلفاء الأربعة وابن مسعود ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وابن عباس وعائشة أم المؤمنين بالعلم، ولم أر من ذكر معاوية في علماء الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد ذكر ابن حزم وابن القيم المفتين من الصحابة المكثرين منهم وهم سبعة والمتوسطين والمقلين الذين ليس لأحدهم إلا الفتوى والفتويين ونحو ذلك ولم يذكروا معاوية -رضي الله عنه- في هؤلاء، انظر إعلام الموقعين (1/12-13)، وقولي ليس بعالم هو أمر نسبي إذا قورن بكبار علماء الصحابة، والصحابة جميعا بما فيهم معاوية أعلم هذه الأمة وأفضلها وأعقلها.
([15]) قلت هذا مدحاً لهذا الصحابي الأسد الذي يعتز المسلمون بدهائه ولا يليق بي ولا بغيري إن كان ذماً؟.
([16]) لا يقول هذا إلا من لا يعرف معنى الدهاء ويجهل البدهيات.
([17]) هداك الله أنا لا أترضى عن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- وهل من يستميت في الذب عنهم ويؤلف مثل مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- ينصح بمثل هذا؟!! وهل من يدافع عن سيد قطب الذي يطعن في أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- يحق له أن يتهم محبي أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلّم- والذابين عنهم بأنهم لا يترضون عنهم إن هذا لمن الشغب.
([18]) نعم هؤلاء عظماء عقلاء أسود ودهاة.
قال في لسان العرب: ((الدهو والدهاء: العقل)) مادة (دهو).
وقال في القاموس: ((الدهاء: النكر وجودة الرأي والأدب، والدهي العاقل والداهي الأسد)) مادة (دهى).
ولهذه المادة معان أخر ليست من مقصودنا.
وفي المعجم الوسيط مادة (دهى): (دهى: بصر بالأمر وجاد رأيه فيه ودهو الرجل دهاء صار عاقلاً) وفيه (الداهي : الأسد، والداهية يقال : رجل داهية يبصر بالأمور، الدهاء العقل والمنكر وجودة الرأي) ومقصودنا المعاني الجليلة.
وفي سير أعلام النبلاء في ترجمة معاوية -رضي الله عنه- (3/133)، قال الذهبي: ((فهذا الرجل ساد وساس العالم بكمال عقله وفرط حلمه وسعة نفسه وقوة دهائه ورأيه)).
وقال في السير أيضا (1/329) في ترجمة يزيد بن أبي سفيان : ((كان من العقلاء الألباء والشجعان المذكورين)).
وقال في ترجمة المغيرة (3/22) : ((قال ابن سعد: بعد ذكر صفاته الخلقية، وكان داهية يقال له : مغيرة الرأي.
وعن معمر عن الزهري قال: كان الدهاة في الفتنة خمسة، فمن قريش عمرو ومعاوية، ومن الأنصار قيس بن سعد، ومن ثقيف المغيرة ومن المهاجرين عبدالله بن بديل بن ورقاء الخزاعي)).
وقال في ترجمة عمرو بن العاص من السير (3/54-55) : ((هوابن وائل الإمام أبو عبدالله ويقال أبو محمد السهمي داهية قريش ورجل العالم ومن يضرب به المثل في الفطنة والدهاء والحزم)).
وإذا كان معاوية -رضي الله عنه- مع مكانته وفضله قد فضلت أبا ذر -رضي الله عنه- عليه فماذا تريد.
أما السياسة فقد روى هو بنفسه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أنه قال له: ((إنك رجل ضعيف فلا تقضين بين اثنين ولا تولين مال يتيم))، وقد ذهب بعض أهل الخب والغدر إلى الشيخ العباد فلبسوا عليه كلامي في شأن أبي ذر -رضي الله عنه- فقال الشيخ العباد هذا غلط، ثم ذكر بعض الناس كلامي للشيخ العباد فقال الذي يعترض على هذا الكلام إنما يطعن في رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-.
أيا أخي إن الغلو حرام ومذموم وهو مجاوزة الحد، والله هو الذي يقسم الأرزاق والمواهب فهذا يبرز في ميدان الجهاد وهذا في ميدان العلم وهذا في ميدان العبادة والزهد، والكمال المطلق إنما هو لله، والصحابة كلهم صادقون أمناء، وأمين هذه الأمة: أبو عبيدة ، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر، وأحفظ الصحابة أبو هريرة ، وعلماء الصحابة كثير وأعلمهم وأفضلهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وهم متفاوتون في العلم والفضل -رضي الله عنهم أجمعين-.
([19]) هذا في حكمك الجائر القائم على الخيانة والبتر وحكم أمثالك، أما حكم الله وحكم رسوله -صلى الله عليه وسلّم- وحكم أهل العلم والعدل فإنه يجب التحذير من سيد قطب وكتبه التي امتلأت بالضلالات الكبرى، ومنها: القول بالحلول ووحدة الوجود وتعطيل الصفات وسب بعض الأنبياء والصحابة والقول بخلق القرآن وأزلية الروح وإنكار معجزات محمد -صلى الله عليه وسلّم- إلا القرآن وجعل القرآن ميداناً للموسيقى وفنونها والمسرحيات والتمثيليات واعتبار الدين والفن صنوان.
أما كتب ربيع وتبلغ ستة كتب كلها ردود لضلالات سيد قطب وفيها العلم الصحيح الموافق للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، فلا يحذر منها إلا جاهل ضال محارب لمنهج السلف مستهينين بعقائدهم القائمة على الكتاب والسنة.
وأخيراً لقد تعقبت هذا الرجل بما يبين فساد حاله وما تضمنته كتابته من المغالطات والغش والخيانة، ليكون ذلك رادعاً ونكالاً له ولأمثاله، وليكون عبرة للمعتبرين.
(وإن ربك لبلمرصاد[ للمعتدين ]وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِين).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
25/ربيع الأول/1423هـ
********************
الكرّ على الخيانة والمكر - الحلقة الثانية
الكر على الخيانة والمكر
(الحلقة الثانية)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فلقد اطلعت على مقال للمدعو "يزن" في شبكة الساحات تحت عنوان: - ما هو رأي الشيخ ربيع في الأنبياء- ففوجئت بل وذهلت مما تضمنه هذا المقال من البهت والخيانة والبتر الأمور التي لا تصدر من إنسان يحترم نفسه وعقله ويحترم الناس وعقولهم.
يقول المدعو يزن في مقاله:
((الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد
فلم تكن لدي النية في إخراج هذه الحلقة ولكن رأيت القوم لم يرفعوا بالحلقتين الفائتتين رأسا فأرموا ثم كلحوا وبلحوا فلم أربدا لإعادة التذكير بأمر قد يثير الغيرة لديهم أكثر لا للرد والطعن في الشيخ ربيع ولكن للسعي في هدم قاعدة الجاسوسية التي أقضت مضاجع السلفيين([1]) فلم يصبح الشخص منهم يأمن جليسه وأضحى يرقب كل كلمة تخرج من فيه ولم يكن يراقب الملك الموكل به بمثل ذلك !!! وهدم قاعدة ترك حسن العهد وراء الظهر([2]) فاليوم نحن أخوة وغدا نحن أعداء !!! وهدم قاعدة تتبع العورات والسقطات فالخير يملأ الدنيا ولكن الذباب لا يقع إلا على القذر !!!!
قلت لكم إن في الجعبة كثير وعرضت بوجود كلام في الأنبياء على نفس المنهج المقلوب الذي دب بسببه الأمراض والأوبئة في صفوف السلفيين([3]) وهناك كلام كثير آخر يتعلق بنفس القضايا المثارة التي انشق لها الصف ولكني في هذه الحلقة السريعة سأذكر ما عرضت به سابقا وأنتظر أيضا رد الفعل من المشايخ الفضلاء : الشيخ ربيع ..... الشيخ فالح .... الشيخ عبيد ..... الشيخ زيد .... الشيخ الوصابي .. وغيرهم ممن وافق على بعض هذه القواعد([4])
في مذكرة الإعانة التي رد فيها الشيخ ربيع على أبي الحسن : قال أبو الحسن : هب أنك زرت أضل أهل الأرض ترى أن في زيارتك المصلحة له عسى أن يهديه الله ويأخذ بيده إلى الهدى أو أن تقيم حجة فتبرأ ذمتك ، أفتكون زيارتك تهمة لك وطعناً فيك ، ألم يجب النبي صلى الله عليه وسلم- دعوة امرأة يهودية وضعت له السم في ذراع الشاة؟
فرد عليه الشيخ ربيع حفظه الله قائلا : نعم أجاب النبي صلى الله عليه وسلم دعوتها لأن الله أباح طعام أهل الكتاب ، ثم انظر ماذا عملت اليهودية الخبيثة ؟!!!!!!!!!!!! وقد يفعل أهل الضلال والبدع بأهل السنة ما هو شر من هذا ، ألا وهو إفساد عقيدة ودين من يجالسهم ويخالطهم .
ماذا يسمى هذا يا شيخنا الكريم ؟ هل نسميه ردا للاحتجاج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح ؟ أم نسميه استدراكا على إمام المرسلين وخيرة الخلق أجمعين صلى الله عليه وسلم ؟ أم نسميه طعنا في فهمه صلى الله عليه وسلم ومعرفته بضرر أهل الضلال والزيغ وخطورة مجالستهم فهو لم يدرك ما أدركناه فكان السم جزاء لزيارته المخالفة للمنهج _ وحاشاه _ ؟ ثلاثة أحلاها مر ! وأفضلها حنظل !
أقول وبالله التوفيق إنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من أهل الزيغ فقال بعد أن قرأ قوله تعالى:] هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ[، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم))
وقوله صلى الله عليه وسلم :(( إنه سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم))، وأخذ السلف الصالح بهذا التحذير وامتلأت كتب العقائد بالتحذير من أهل الأهواء والضلال من أمثالك.
فأنا أسمي قولي هذا الذي تهوش عليه بتقليب الأمور أسميه اتباعاً للرسول وأخذا بتوجيهاته وتحذيره وأسمي كلامك رداً لتحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والحق الذي لا مرية فيه أنه لا يعتقد مسلم من المسلمين أنَّ رسول -صلى الله عليه وسلّم- خالف المنهج، وليس في كلامي رداً للاحتجاج بحديث النبي -صلى الله عليه وسلّم- ولا استدراك عليه فهذه خيانة من اليهودية الخبيثة لو علمها رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- ما أجاب دعوتها ولكن تم ذلك لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى، فهي حجة عليك وعلى أبي الحسن .
أما التحذير من أهل البدع وأهل الخيانة فمنهج قرره الله ورسوله وسار عليه السلف فلا يجوز لمسلم أن يحتج في مواجهة هذا المنهج العظيم بهذه الحادثة من اليهودية الخبيثة التي لا ينساها المسلمون.
والحقيقة أنكم صار عندكم المنكر معروفاً والمعروف منكراً فأبو الحسن يتذرع بهذا الكلام إلى مخالفة منهج السلف رغبة منه في أن ينفذ إلى ما يريده من زيارات أهل البدع ومصاحبتهم ومجاملاتهم هذه الزيارات التي هي سبب اضطرابه واضطراب غيره ممن هو على شاكلته أما أهل البدع فحالهم هو حالهم لم يتغير لأنَّ أبا الحسن ومن سار على منهجه لم يقدموا لهم النصح المزعوم وإلا فليبي أبو الحسن كم هدى الله على أيديه من المبتدعة وأهل التحزب الباطل.
قال الكاتب :"وفي شريط العلم والدفاع عن الشيخ جميل الوجه أ يقول : في حديثه عن علم الواقع وقصة الهدهد مع نبي الله سليمان : عرف _ أي الهدهد _ علم الواقع ، ونبي الله ما يعرف الواقع !!!!! هل يصير الطير أفضل من نبي الله سليمان ؟ هل من الأدب مع أنبياء الله عقد مقارنة بينهم وبين الطيور والحيوانات ؟ وهل عدم معرفة الغيب النسبي مساو لقولك : إن نبي الله ما يعرف الواقع([5]) ؟؟؟ ما دخل علم الواقع وفقهه في غياب أمر حادث يطلع عليه الجاهل وغيره وتخفى معرفته على العالم وغيره ؟ أهذا هو المراد بقضية علم الواقع حتى نقحم فيها مقام النبوة المؤيد من قبل الله سبحانه ثم نستخدم عبارات غير لائقة بهذا المقام الشريف ؟ ".
أقول سبحانك هذا بهتان عظيم ارجع إلى كلامي في شريط العلم والدفاع عن الشيخ جميل فسوف تجده لا يحمل ذرة مما يرجف به هذا الإنسان العجيب بل تجده يذم هذا الفقه يعني -فقه الواقع- ويسفه أحلام أهله ويراه جهلا وخرافات ومعلومات للشيوعيين والمجرمين السياسيين وخرافات الكذبة والدجالين وما جئت بالهدهد إلا مثالا لتحقير وتسفيه أدعياء هذا العلم المزعوم.
وهاك جملة من العبارات التي ذكرتها في ذم فقه الواقع وتقريع أهله في شريط العلم والدفاع عن الشيخ جميل -رحمه الله –حيث قلت:"عانينا من فقه الواقع معاناة لا يعلمها إلا الله أصبح والله طاغوتاً من الطواغيت وسلاحا فتاكاً يمزق في جسد الأمة ويوجد حواجز وفواصل بين شباب الأمة وعلمائها.."
وقلت أيضا:" علم الواقع هذا الضال علم خرافات وأساطير.."، وقلت أيضا:" ما عرفت الإنسانية منذ عهد آدم إلى هذه الفترة مثل هذا الغلو في فقه الواقع لا تجد في كتب ولا تجد في مؤلفات من هم علماء الواقع وأساتذته.."وقلت أيضا:" الآن طيور أفراخ، صغير يقرأ خبراً في صحيفة ويسقط ابن باز وفلان وفلان لأنهم لا يعرقون فقه الواقع، ما شاء الله يا هذا العلم هذه مصيبة والله كارثة، العلماء أصبح ما لهم حرمة؛ واحد يقرأ في صحيفة نبأ كاذباً فيفتخر وينتفخ بأنه يعرف الواقع، هذا طير انتفخ وجاء يقول لسليمان أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين.." وقلت أيضا:" ..وخلاص تصبح الموازين الميزان علم الواقع هو الميزان الفصل فالذي يعرف الواقع ما شاء الله إمام المسلمين والذي لا يعرفه يسقط.." وقلت أيضا:" ..كان الناس الأمم كلها تجهل هذا علم الواقع حتى جاءت نبوة جديدة بعلم الواقع بالله هات لي مؤلفات في علم الواقع وهات أئمة علم الواقع..." وقلت أيضا:" غلو شديد غلو غلو بعدين تحرف له أيات وأحاديث وكلام العلماء يحرف من أجل فقه الواقع ..".
أقول هل من ينظر إلى فقه الواقع السيئ بهذا المنظار يذهب فيباهى به رسولاً كريماً من رسل الله ويقارن علمه ورسالته وملكه وحزمه وذكاءه وفطنته بعلم طير صغير يسميه فرخاً ومنتفخاً، وغيابه بغير إذن نبي الله سليمان أغضب ذلك النبي الكريم لأنه نوع من الفوضى التي تنافى حزم هذا النبي الكريم -صلى الله عليه وعلى نبينا وسائر الأنبياء وسلّم-، وجاء ليسفه به الجهلة والأغبياء من دعاة فقه الواقع.
إنَّ الكاتب الجهول بعد ارتكابه للخيانة النكراء في إخفاء هذا الكلام كله يقول إفكاً :" هل يصير الطير أفضل من نبي الله سليمان؟ هل من الأدب مع أنبياء الله عقد مقارنة بينهم وبين الطيور والحيوانات ؟"
أقول من أين لك هذا التفضيل والمقارنة بين نبي الله سليمان وبين الطيور والحيوانات إنه لمن الكوارث أن يتصدى للكتابة والنقد من أمثال هذا الجلف فيأتي بالعجائب والغرائب وكما قيل من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب.
فهل أنا وصفت الهدهد بأنه ذكي وحليم وفطن ونبيل وحازم وملك للإنس والجن والحيوان، وأن له الريح تمشي بأمره غدوها شهر ورواحها شهر وهل أنا قلت بأن للهدهد جيوشاً تفوق جيوش سليمان، وهل ادعيت للهدهد النبوة والرسالة حتى تكون هناك مقارنة مني بين نبي الله سليمان النبي الملك وبين الهدهد ذلك الطير الصغير، وما هي الحيوانات التي نصبت منها أنبياء وملوكاً أفضل من نبي الله سليمان وملكه، ولله در القائل :
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها حتى سامها كل مفلس
أما ما قلته في تبجيل نبي الله سليمان وإعلاء شأنه ومنزلته العظيمة عند الله وعند المؤمنين في هذا الشريط –العلم والدفاع عن الشيخ جميل – فهو كثير أختار منه بعض المقتطفات:
قلت بحمد الله ونعمته:" سليمان ملك الله آتاه ملكاً ما أعطاه لأحد.."، وقلت أيضا:" سليمان ملك حازم تحشر له الجنود فيتفقد الجن والإنس والطير، طائر واحد غاب، افتقده سليمان، شوف الذكاء والنبل والحزم"، وقلت أيضا :" وهو نبي الله عنده الريح غدوها شهر ورواحها شهر أسرع من هذه الطائرات، وبعدين يملك الإنس والجن وكلهم تحت خدمته"ودعوت الناس إلى اتباع منهج الأنبياء ونصصت على نبي الله سليمان حيث قلت :" والله الذي يعرف عقيدة التوحيد ويحققها للناس وينشرها في الناس ولو ما عرف شيئاً آخر يكفيه أنه عرف منهج الأنبياء الذين منهم سليمان .."، وقلت أيضا :" فرجع الهدهد وقال إني جئتك من سبإ بنبإ يقين] فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [ يقول لنبي الله أحطت بشيء لا تعرفه أنت علمت شيئاً لا تعرفه أنت، يعني علم الواقع، طير عرف الواقع ونبي الله ما يعرف الواقع، هل يصير الطير أفضل من نبي الله سليمان؟؟؟"
إنَّ قصدي واضح من الكلام، وسياقه ولحاقه وألفاظه كلها تهدف إلى هدم منهج فاسد أفسد عقول الشباب ودفعهم إلى رفع هذا العلم- أعني فقه الواقع- وإعطائه منـزلة فوق العلوم الإسلامية، كم جعلهم هذا المنهج يحتقرون العلماء الأجلاء ويرمونهم بالعلمنة الفكرية ويجعل بعضهم العلوم الإسلامية من شروط فقه الواقع إلى غير ذلك من السخف والضلال.
قال الإمام ابن القيم في بدائع الفوائد (4/9-10) [الطبعة المنيرية]:
((السياق يرشد إلى تبيين المجمل وتعيين المحتمل والقطع بعدم احتمال غير المراد وتخصيص العام وتقييد المطلق وتنوع الدلالة وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم فمن أهمله غلط في نظره وغالط في مناظرته، فانظر إلى قوله تعالى :]ذق إنك أنت العزيز الكريم[ كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير))، ونصوص كلامي والحمد لله ظواهر لا لبس ولا إجمال فيها.
ولما كان من أعظم أصول الإيمان والتوحيد الذي جاء به الأنبياء ومنهم نبي الله ورسوله سليمان عليه الصلاة والسلام وفي الحضور احتمال وجود صوفية غلاة يعتقدون في الأولياء أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون ركزت في هذه المناسبة على قضية علم الغيب الذي هو من خصائص رب العالمين، وبينت أنَّ هذا النبي الكريم مع منـزلته عند الله لا يعلم الغيب.
وهذا ليس فيه تنقص له ولا لغيره من الأنبياء بل احترام لهم وسير على منهاجهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وإثبات قوي لاختصاص رب العالمين بالكمال المطلق الذي يدين به الأنبياء والمؤمنون.
نفيت في سياق كلامي علم الغيب عن هذا النبي الكريم، وهذه عقيدة الأنبياء والمؤمنين بهم، والله تبارك وتعالى يقول لأفضل رسله:] قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ[، وأنا أركز على هذا كثيراً في دروسي لشدة حاجة الناس إلى ذلك.
ولا يسعني إلا أن أقول: قاتل الله الهوى كيف يفعل بأصحابه هذه الأفاعيل الشنيعة، يزين لهم الخيانة وتقليب الأمور وجعل الحق باطلاً والباطل حقاً، والإيمان كفراً والكفر توحيداً.
أليس تنقص الأنبياء كفراً؟، أليس عقد المقارنة بين نبي وطير كفراً؟
هل يفعل مسلم هذا؟ بل هل يتصور أن يعقد المسلم مقارنة بين عالم عابد زاهد وبين نبي من الأنبياء؟!!.
لقد أعمى هذا الرجل هواه فلم ير كل هذه المنارات التي يستدل بها العقلاء الشرفاء على المقاصد الشريفة والغايات النبيلة من هذا الكلام الواضح الذي تدل عليه بدايته وسياقاته أني أدعو إلى منهج صحيح وأخلاق عالية، وأحذر من الانحرافات التي تجر إلى الفتن التي أحاطت بالشباب وتأكيدي على هذا وذاك.
وأدعوهم إلى العلم الشرعي الذي يقوم اعوجاجهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة، وعلى رأس ذلك التوحيد ومنهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كل هذا يدل عليه كلامي ويدعو إليه، فلم يدرك هذا الرجل كل هذا وذهب يسف ويتسفل بكلامي وعقيدتي ومنهجي إلى هذا المنحدر الذي لا يخطر إلا ببال هذا الجلف وأمثاله.
ألا قاتل الله الهوى مرة أخرى وأعاذ الله المسلمين من شروره وبلاياه .
([1]) لا ندري من هم السلفيون في نظر الكاتب؟.
([2]) هل تعرف جيداً من ترك حسن العهد وثار على السلفيين بأسلحة أهل الباطل.
([3]) الحمد لله لم تدب الأمراض في صفوف السلفيين وإنما أنهكت الأمراض نفوس أدعياء السلفية.
([4]) لا ندري ما هي هذه القواعد التي تطلب من المشايخ رد الفعل لأجلها.
([5]) تقريع وتوبيخ للغلاة في فقه الواقع عند من يعرف ويعقل كلام العرب والمسلمين، وليس فيه تفضيل للطير على نبي الله سليمان فإنَّ هذا كفر لا يخطر ببال أفسق الناس من المسلمين، وإذا وصل المكر وتقليب الأمور في الخصومة إلى هذه الدرجة الخطيرة فإنه يجب على الساحات وغيرها من المواقع أن تقفل الباب في وجوه هؤلاء الأفاكين الذين لا يعقلون ما يتفوهون به ولا يدركون نتائجه.
الكرّ على الخيانة والمكر - الحلقة الثانية
الكر على الخيانة والمكر
(الحلقة الثانية)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فلقد اطلعت على مقال للمدعو "يزن" في شبكة الساحات تحت عنوان: - ما هو رأي الشيخ ربيع في الأنبياء- ففوجئت بل وذهلت مما تضمنه هذا المقال من البهت والخيانة والبتر الأمور التي لا تصدر من إنسان يحترم نفسه وعقله ويحترم الناس وعقولهم.
يقول المدعو يزن في مقاله:
((الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد
فلم تكن لدي النية في إخراج هذه الحلقة ولكن رأيت القوم لم يرفعوا بالحلقتين الفائتتين رأسا فأرموا ثم كلحوا وبلحوا فلم أربدا لإعادة التذكير بأمر قد يثير الغيرة لديهم أكثر لا للرد والطعن في الشيخ ربيع ولكن للسعي في هدم قاعدة الجاسوسية التي أقضت مضاجع السلفيين([1]) فلم يصبح الشخص منهم يأمن جليسه وأضحى يرقب كل كلمة تخرج من فيه ولم يكن يراقب الملك الموكل به بمثل ذلك !!! وهدم قاعدة ترك حسن العهد وراء الظهر([2]) فاليوم نحن أخوة وغدا نحن أعداء !!! وهدم قاعدة تتبع العورات والسقطات فالخير يملأ الدنيا ولكن الذباب لا يقع إلا على القذر !!!!
قلت لكم إن في الجعبة كثير وعرضت بوجود كلام في الأنبياء على نفس المنهج المقلوب الذي دب بسببه الأمراض والأوبئة في صفوف السلفيين([3]) وهناك كلام كثير آخر يتعلق بنفس القضايا المثارة التي انشق لها الصف ولكني في هذه الحلقة السريعة سأذكر ما عرضت به سابقا وأنتظر أيضا رد الفعل من المشايخ الفضلاء : الشيخ ربيع ..... الشيخ فالح .... الشيخ عبيد ..... الشيخ زيد .... الشيخ الوصابي .. وغيرهم ممن وافق على بعض هذه القواعد([4])
في مذكرة الإعانة التي رد فيها الشيخ ربيع على أبي الحسن : قال أبو الحسن : هب أنك زرت أضل أهل الأرض ترى أن في زيارتك المصلحة له عسى أن يهديه الله ويأخذ بيده إلى الهدى أو أن تقيم حجة فتبرأ ذمتك ، أفتكون زيارتك تهمة لك وطعناً فيك ، ألم يجب النبي صلى الله عليه وسلم- دعوة امرأة يهودية وضعت له السم في ذراع الشاة؟
فرد عليه الشيخ ربيع حفظه الله قائلا : نعم أجاب النبي صلى الله عليه وسلم دعوتها لأن الله أباح طعام أهل الكتاب ، ثم انظر ماذا عملت اليهودية الخبيثة ؟!!!!!!!!!!!! وقد يفعل أهل الضلال والبدع بأهل السنة ما هو شر من هذا ، ألا وهو إفساد عقيدة ودين من يجالسهم ويخالطهم .
ماذا يسمى هذا يا شيخنا الكريم ؟ هل نسميه ردا للاحتجاج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح ؟ أم نسميه استدراكا على إمام المرسلين وخيرة الخلق أجمعين صلى الله عليه وسلم ؟ أم نسميه طعنا في فهمه صلى الله عليه وسلم ومعرفته بضرر أهل الضلال والزيغ وخطورة مجالستهم فهو لم يدرك ما أدركناه فكان السم جزاء لزيارته المخالفة للمنهج _ وحاشاه _ ؟ ثلاثة أحلاها مر ! وأفضلها حنظل !
أقول وبالله التوفيق إنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من أهل الزيغ فقال بعد أن قرأ قوله تعالى:] هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ[، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم))
وقوله صلى الله عليه وسلم :(( إنه سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم))، وأخذ السلف الصالح بهذا التحذير وامتلأت كتب العقائد بالتحذير من أهل الأهواء والضلال من أمثالك.
فأنا أسمي قولي هذا الذي تهوش عليه بتقليب الأمور أسميه اتباعاً للرسول وأخذا بتوجيهاته وتحذيره وأسمي كلامك رداً لتحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والحق الذي لا مرية فيه أنه لا يعتقد مسلم من المسلمين أنَّ رسول -صلى الله عليه وسلّم- خالف المنهج، وليس في كلامي رداً للاحتجاج بحديث النبي -صلى الله عليه وسلّم- ولا استدراك عليه فهذه خيانة من اليهودية الخبيثة لو علمها رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- ما أجاب دعوتها ولكن تم ذلك لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى، فهي حجة عليك وعلى أبي الحسن .
أما التحذير من أهل البدع وأهل الخيانة فمنهج قرره الله ورسوله وسار عليه السلف فلا يجوز لمسلم أن يحتج في مواجهة هذا المنهج العظيم بهذه الحادثة من اليهودية الخبيثة التي لا ينساها المسلمون.
والحقيقة أنكم صار عندكم المنكر معروفاً والمعروف منكراً فأبو الحسن يتذرع بهذا الكلام إلى مخالفة منهج السلف رغبة منه في أن ينفذ إلى ما يريده من زيارات أهل البدع ومصاحبتهم ومجاملاتهم هذه الزيارات التي هي سبب اضطرابه واضطراب غيره ممن هو على شاكلته أما أهل البدع فحالهم هو حالهم لم يتغير لأنَّ أبا الحسن ومن سار على منهجه لم يقدموا لهم النصح المزعوم وإلا فليبي أبو الحسن كم هدى الله على أيديه من المبتدعة وأهل التحزب الباطل.
قال الكاتب :"وفي شريط العلم والدفاع عن الشيخ جميل الوجه أ يقول : في حديثه عن علم الواقع وقصة الهدهد مع نبي الله سليمان : عرف _ أي الهدهد _ علم الواقع ، ونبي الله ما يعرف الواقع !!!!! هل يصير الطير أفضل من نبي الله سليمان ؟ هل من الأدب مع أنبياء الله عقد مقارنة بينهم وبين الطيور والحيوانات ؟ وهل عدم معرفة الغيب النسبي مساو لقولك : إن نبي الله ما يعرف الواقع([5]) ؟؟؟ ما دخل علم الواقع وفقهه في غياب أمر حادث يطلع عليه الجاهل وغيره وتخفى معرفته على العالم وغيره ؟ أهذا هو المراد بقضية علم الواقع حتى نقحم فيها مقام النبوة المؤيد من قبل الله سبحانه ثم نستخدم عبارات غير لائقة بهذا المقام الشريف ؟ ".
أقول سبحانك هذا بهتان عظيم ارجع إلى كلامي في شريط العلم والدفاع عن الشيخ جميل فسوف تجده لا يحمل ذرة مما يرجف به هذا الإنسان العجيب بل تجده يذم هذا الفقه يعني -فقه الواقع- ويسفه أحلام أهله ويراه جهلا وخرافات ومعلومات للشيوعيين والمجرمين السياسيين وخرافات الكذبة والدجالين وما جئت بالهدهد إلا مثالا لتحقير وتسفيه أدعياء هذا العلم المزعوم.
وهاك جملة من العبارات التي ذكرتها في ذم فقه الواقع وتقريع أهله في شريط العلم والدفاع عن الشيخ جميل -رحمه الله –حيث قلت:"عانينا من فقه الواقع معاناة لا يعلمها إلا الله أصبح والله طاغوتاً من الطواغيت وسلاحا فتاكاً يمزق في جسد الأمة ويوجد حواجز وفواصل بين شباب الأمة وعلمائها.."
وقلت أيضا:" علم الواقع هذا الضال علم خرافات وأساطير.."، وقلت أيضا:" ما عرفت الإنسانية منذ عهد آدم إلى هذه الفترة مثل هذا الغلو في فقه الواقع لا تجد في كتب ولا تجد في مؤلفات من هم علماء الواقع وأساتذته.."وقلت أيضا:" الآن طيور أفراخ، صغير يقرأ خبراً في صحيفة ويسقط ابن باز وفلان وفلان لأنهم لا يعرقون فقه الواقع، ما شاء الله يا هذا العلم هذه مصيبة والله كارثة، العلماء أصبح ما لهم حرمة؛ واحد يقرأ في صحيفة نبأ كاذباً فيفتخر وينتفخ بأنه يعرف الواقع، هذا طير انتفخ وجاء يقول لسليمان أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين.." وقلت أيضا:" ..وخلاص تصبح الموازين الميزان علم الواقع هو الميزان الفصل فالذي يعرف الواقع ما شاء الله إمام المسلمين والذي لا يعرفه يسقط.." وقلت أيضا:" ..كان الناس الأمم كلها تجهل هذا علم الواقع حتى جاءت نبوة جديدة بعلم الواقع بالله هات لي مؤلفات في علم الواقع وهات أئمة علم الواقع..." وقلت أيضا:" غلو شديد غلو غلو بعدين تحرف له أيات وأحاديث وكلام العلماء يحرف من أجل فقه الواقع ..".
أقول هل من ينظر إلى فقه الواقع السيئ بهذا المنظار يذهب فيباهى به رسولاً كريماً من رسل الله ويقارن علمه ورسالته وملكه وحزمه وذكاءه وفطنته بعلم طير صغير يسميه فرخاً ومنتفخاً، وغيابه بغير إذن نبي الله سليمان أغضب ذلك النبي الكريم لأنه نوع من الفوضى التي تنافى حزم هذا النبي الكريم -صلى الله عليه وعلى نبينا وسائر الأنبياء وسلّم-، وجاء ليسفه به الجهلة والأغبياء من دعاة فقه الواقع.
إنَّ الكاتب الجهول بعد ارتكابه للخيانة النكراء في إخفاء هذا الكلام كله يقول إفكاً :" هل يصير الطير أفضل من نبي الله سليمان؟ هل من الأدب مع أنبياء الله عقد مقارنة بينهم وبين الطيور والحيوانات ؟"
أقول من أين لك هذا التفضيل والمقارنة بين نبي الله سليمان وبين الطيور والحيوانات إنه لمن الكوارث أن يتصدى للكتابة والنقد من أمثال هذا الجلف فيأتي بالعجائب والغرائب وكما قيل من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب.
فهل أنا وصفت الهدهد بأنه ذكي وحليم وفطن ونبيل وحازم وملك للإنس والجن والحيوان، وأن له الريح تمشي بأمره غدوها شهر ورواحها شهر وهل أنا قلت بأن للهدهد جيوشاً تفوق جيوش سليمان، وهل ادعيت للهدهد النبوة والرسالة حتى تكون هناك مقارنة مني بين نبي الله سليمان النبي الملك وبين الهدهد ذلك الطير الصغير، وما هي الحيوانات التي نصبت منها أنبياء وملوكاً أفضل من نبي الله سليمان وملكه، ولله در القائل :
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها حتى سامها كل مفلس
أما ما قلته في تبجيل نبي الله سليمان وإعلاء شأنه ومنزلته العظيمة عند الله وعند المؤمنين في هذا الشريط –العلم والدفاع عن الشيخ جميل – فهو كثير أختار منه بعض المقتطفات:
قلت بحمد الله ونعمته:" سليمان ملك الله آتاه ملكاً ما أعطاه لأحد.."، وقلت أيضا:" سليمان ملك حازم تحشر له الجنود فيتفقد الجن والإنس والطير، طائر واحد غاب، افتقده سليمان، شوف الذكاء والنبل والحزم"، وقلت أيضا :" وهو نبي الله عنده الريح غدوها شهر ورواحها شهر أسرع من هذه الطائرات، وبعدين يملك الإنس والجن وكلهم تحت خدمته"ودعوت الناس إلى اتباع منهج الأنبياء ونصصت على نبي الله سليمان حيث قلت :" والله الذي يعرف عقيدة التوحيد ويحققها للناس وينشرها في الناس ولو ما عرف شيئاً آخر يكفيه أنه عرف منهج الأنبياء الذين منهم سليمان .."، وقلت أيضا :" فرجع الهدهد وقال إني جئتك من سبإ بنبإ يقين] فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [ يقول لنبي الله أحطت بشيء لا تعرفه أنت علمت شيئاً لا تعرفه أنت، يعني علم الواقع، طير عرف الواقع ونبي الله ما يعرف الواقع، هل يصير الطير أفضل من نبي الله سليمان؟؟؟"
إنَّ قصدي واضح من الكلام، وسياقه ولحاقه وألفاظه كلها تهدف إلى هدم منهج فاسد أفسد عقول الشباب ودفعهم إلى رفع هذا العلم- أعني فقه الواقع- وإعطائه منـزلة فوق العلوم الإسلامية، كم جعلهم هذا المنهج يحتقرون العلماء الأجلاء ويرمونهم بالعلمنة الفكرية ويجعل بعضهم العلوم الإسلامية من شروط فقه الواقع إلى غير ذلك من السخف والضلال.
قال الإمام ابن القيم في بدائع الفوائد (4/9-10) [الطبعة المنيرية]:
((السياق يرشد إلى تبيين المجمل وتعيين المحتمل والقطع بعدم احتمال غير المراد وتخصيص العام وتقييد المطلق وتنوع الدلالة وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم فمن أهمله غلط في نظره وغالط في مناظرته، فانظر إلى قوله تعالى :]ذق إنك أنت العزيز الكريم[ كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير))، ونصوص كلامي والحمد لله ظواهر لا لبس ولا إجمال فيها.
ولما كان من أعظم أصول الإيمان والتوحيد الذي جاء به الأنبياء ومنهم نبي الله ورسوله سليمان عليه الصلاة والسلام وفي الحضور احتمال وجود صوفية غلاة يعتقدون في الأولياء أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون ركزت في هذه المناسبة على قضية علم الغيب الذي هو من خصائص رب العالمين، وبينت أنَّ هذا النبي الكريم مع منـزلته عند الله لا يعلم الغيب.
وهذا ليس فيه تنقص له ولا لغيره من الأنبياء بل احترام لهم وسير على منهاجهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وإثبات قوي لاختصاص رب العالمين بالكمال المطلق الذي يدين به الأنبياء والمؤمنون.
نفيت في سياق كلامي علم الغيب عن هذا النبي الكريم، وهذه عقيدة الأنبياء والمؤمنين بهم، والله تبارك وتعالى يقول لأفضل رسله:] قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ[، وأنا أركز على هذا كثيراً في دروسي لشدة حاجة الناس إلى ذلك.
ولا يسعني إلا أن أقول: قاتل الله الهوى كيف يفعل بأصحابه هذه الأفاعيل الشنيعة، يزين لهم الخيانة وتقليب الأمور وجعل الحق باطلاً والباطل حقاً، والإيمان كفراً والكفر توحيداً.
أليس تنقص الأنبياء كفراً؟، أليس عقد المقارنة بين نبي وطير كفراً؟
هل يفعل مسلم هذا؟ بل هل يتصور أن يعقد المسلم مقارنة بين عالم عابد زاهد وبين نبي من الأنبياء؟!!.
لقد أعمى هذا الرجل هواه فلم ير كل هذه المنارات التي يستدل بها العقلاء الشرفاء على المقاصد الشريفة والغايات النبيلة من هذا الكلام الواضح الذي تدل عليه بدايته وسياقاته أني أدعو إلى منهج صحيح وأخلاق عالية، وأحذر من الانحرافات التي تجر إلى الفتن التي أحاطت بالشباب وتأكيدي على هذا وذاك.
وأدعوهم إلى العلم الشرعي الذي يقوم اعوجاجهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة، وعلى رأس ذلك التوحيد ومنهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كل هذا يدل عليه كلامي ويدعو إليه، فلم يدرك هذا الرجل كل هذا وذهب يسف ويتسفل بكلامي وعقيدتي ومنهجي إلى هذا المنحدر الذي لا يخطر إلا ببال هذا الجلف وأمثاله.
ألا قاتل الله الهوى مرة أخرى وأعاذ الله المسلمين من شروره وبلاياه .
([1]) لا ندري من هم السلفيون في نظر الكاتب؟.
([2]) هل تعرف جيداً من ترك حسن العهد وثار على السلفيين بأسلحة أهل الباطل.
([3]) الحمد لله لم تدب الأمراض في صفوف السلفيين وإنما أنهكت الأمراض نفوس أدعياء السلفية.
([4]) لا ندري ما هي هذه القواعد التي تطلب من المشايخ رد الفعل لأجلها.
([5]) تقريع وتوبيخ للغلاة في فقه الواقع عند من يعرف ويعقل كلام العرب والمسلمين، وليس فيه تفضيل للطير على نبي الله سليمان فإنَّ هذا كفر لا يخطر ببال أفسق الناس من المسلمين، وإذا وصل المكر وتقليب الأمور في الخصومة إلى هذه الدرجة الخطيرة فإنه يجب على الساحات وغيرها من المواقع أن تقفل الباب في وجوه هؤلاء الأفاكين الذين لا يعقلون ما يتفوهون به ولا يدركون نتائجه.
تعليق