((الحرب على الإسلام من الداخل))
تقديم الشيخ العلامة الناصح الأمين أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبه يحيى بن علي الحجوري 4 شوال 1431 هـ
مقدمـــــــــة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله r :
أما بعد :
فهذه رسالة بعنوان " الحرب على الإسلام من الداخل" دفعني إلى كتابتها :
*ـ رغبتي في المشاركة في الإصلاح والتقويم للإنحراف الحاصل في صفوف المسلمين لنستعيد مجدنا عملاً بقول الله تعالى:} وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {(1)
وقوله تعالى : } ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ {(2)
وقــولـه تـعـالـى : } وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً {(3)
وقوله صلى الله عليه وسلم : (( الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ))(4)
*ـ الحرص على إزالة اللبس الشديد الحاصل عند الكثير من المسلمين حول واقع المسلمين وكشفاً للمغالطات الحاصلة من كثير من المحاربين للدين من الداخل والتي انطلت على كثير من المسلمين إلا من رحم الله .
وحرصت فيها على الإيجاز والبيان بقدر الاستطاعة .
وقبل البدء في الموضوع أحب أن أبين أموراً :
أولها : هذه الرسالة ليست إعلاناً للاستسلام والعجز , وإنما هي تشخيص لـمكمن الداء , وتحديد لمواضعه , وتنبيه على خطورته , ليحرص المسلمون على الوصول للحل السليم للخلاص من مكمن الداء , لأنه لا يصلح وصف الدواء إلا بعد تحديد الداء وباعثه ليوضع الدواء بشكل مقاوم للداء قاطعاً له من جذوره .
ثانيها : الصراع بين الشر والخير قديم منذ خلق الله آدم عليه السلام ومن قبل خلقه فقد كان الجن موجودين في الأرض وحصل منهم الفساد الكبير .
وهذا الصراع بين الخير والشر والحق والباطل مستمر إلى أن تقوم الساعة فهي سنة الله في الكون ليميز الخبيث من الطيب قال تعالى:} وَنَـبْلُـوكُم بِالشَّــرِّ وَالْخـَيـْرِ فِتْنَةً {(1) وقال تعالى :} مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ {(2)
والغرض من ابتلاء أهل الخير بأهل الشر اختبار صدقهم , واستخراج أهل الكذب والنفاق منهم , وبيان صدقهم وتكفير ذنوبهم ورفعة درجاتهم , وغير ذلك من الحكم . والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى :} أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْـرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْـرَ اللّهِ قَرِيبٌ {(3)
وقوله تعالى : } الم}1{ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُــونَ}2{ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ {(1) وقوله تعالى : } وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُـوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ {(2)
وقوله صلى الله عليه وسلم : (( ما يصيب المسلم ، من نصب ولا وصب ، ولا هم ولا أذى ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه))(3)
وقوله صلى الله عليه وسلم :
(( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة ، في نفسه ودينه وأهله وماله ، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة ))(4) والحكمة من ابتلاء أهل الشر بأهل الخير ، انقاذ من علم الله منهم حب الخير وقبوله وبيان فجور المستكبرين وزيادة سيئات اعداء الدين وشغلهم عن ما ينفعهم بحرب أهل الخير إلى غير ذلك .
ثالثها : العجيب في هذا الزمان وهذا العـصر أن الحرب على الإسلام من الداخل اشتدت أكثر من قبل وقد كانت موجودة من قبل منذ بدء ظهور البدع والأهواء ولكنها اشتدت في هذا العصر بشكل فظيع جداً
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : حين قال : (( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ))(5)
وفي حديث حذيفة: (( دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ..))(6)
وبعد هذه المقدمة أستعين بالله متوكلاً عليه على البدء بالموضوع وقد جعلته حول هذه المحاور :
أ ـ دوافع المحاربين للدين من الداخل .
ب ـ أسباب ظهورهم وتجرئهم .
جـ ـ ذكر فئات من المحاربين للدين من الداخل .
د ـ الآثار السلبية .
هـ ـ خاتمة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1) المائدة : [ 2 ] .
(2) النحل : [125] .
(3) فصلت : [33] .
(4) رواه مسلم : عن أبي رقية تميم بن أوس الداري .
(1) الأنبياء : [35] .
(2) آل عمران : [179] .
(3) البقرة : [214] .
(1) العنكبوت : [1-3] .
(2) الحج : [11] .
(3) ( ق ) عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما .
(4) ( ت ) عن أبي هريرة وصححه الشيخ ألألباني رحمه الله في ( صحيح الجامع ) برقم : [5815]
(5) ( م ) عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما .
(6) متفق عليه .
كتبه / أبو أسامه محمد بن أحمد حكمي السلفي
إمام وخطيب جامع الاستقامة ـ الحديدة ـ الحي التجاري ـ خلف المعهد العالي للمعلمين
تعليق