دفاع الإمام المجدد / مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله
عن أمنا عائشة رضي الله عنها
زوج خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم
عن أمنا عائشة رضي الله عنها
زوج خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم
قال الإمام المجدد / مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في (ص41 ) من كتابه الإلحاد الخميني في أرض الحرمين :
الرافضة:
هم الذين رفضوا زيد بن علي حين سألوه عن أبي بكر وعمر فترحم عليهما،
فقالوا: إذن نرفضك.
فقال: اذهبوا فأنتم الرافضة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم ((منهاج السنة)) (ج1 ص13):
ومن حماقاتهم تمثيلهم لمن يبغضونه مثل اتخاذهم نعجةً،
وقد تكون نعجة حمراء لكون عائشة تسمى الحميراء،
يجعلونها عائشة ويعذّبونها بنتف شعرها وغير ذلك،
يرون أن ذلك عقوبة لعائشة.
وقال الإمام المجدد / مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في (من ص218- حتي ص 226 ) من كتابه الإلحاد الخميني في أرض الحرمين :
وهذا يعتبر كفرًا لأنه تكذيب للقرآن،
وأيضًا نقيصة للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-،
وقد نزهه الله عنها.
فقال الله سبحانه وتعالى:
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً {16} فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً {17} قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً {18} قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً {19} قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً {20} قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً {21} فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً {22} فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً {23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26} فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً {30} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً {31} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً {32} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً {33} ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ {34} مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {35}سورة مريم.
آمنا بالله وبكتابه،
وكذبنا اليهود المفترين.
فقال الله سبحانه وتعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ {11} لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ {12} لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ {13} وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {14} إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ {15} وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ {16} يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {17} وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {18} إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {19} وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ {20} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {21} وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {22} إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {23} يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {24} يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ {25} الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ {26} سورة النور.
وقال البخاري رحمه الله (ج8 ص452):
حدّثنا يحيى بن بكير،
حدّثنا اللّيث، عن يونس،
عن ابن شهاب،
قال: أخبرني عروة ابن الزّبير،
وسعيد بن المسيّب،
وعلقمة بن وقّاص،
وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود،
عن حديث عائشة رضي الله عنها زوج النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
حين قال لها أهل الإفك ما قالوا،
فبرّأها الله ممّا قالوا،
وكلّ حدّثني طائفةً من الحديث وبعض حديثهم يصدّق بعضًا،
وإن كان بعضهم أوعى له من بعض،
الّذي حدّثني عروة،
عن عائشة رضي الله عنها أنّ عائشة رضي الله عنها زوج النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قالت:
كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه،
فأيّتهنّ خرج سهمها خرج بها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- معه.
قالت عائشة:
فأقرع بيننا في غزوة غزاها،
فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
بعدما نزل الحجاب،
فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه،
فسرنا حتّى إذا فرغ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة قافلين،
آذن ليلةً بالرّحيل،
فقمت حين آذنوا بالرّحيل فمشيت حتّى جاوزت الجيش،
فلمّا قضيت شأني أقبلت إلى رحلي
فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع،
فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه،
وأقبل الرّهط الّذين كانوا يرحلون لي
فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الّذي كنت ركبت
وهم يحسبون أنّي فيه،
وكان النّساء إذ ذاك خفافًا لم يثقلهنّ اللّحم،
إنّما يأكلن العلقة من الطّعام،
فلم يستنكر القوم خفّة الهودج حين رفعوه،
وكنت جاريةً حديثة السّنّ،
فبعثوا الجمل وساروا،
فوجدت عقدي بعدما استمرّ الجيش،
فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب،
فأممت منْزلي الّذي كنت به،
وظننت أنّهم سيفقدوني فيرجعون إليّ،
فبينا أنا جالسة في منْزلي غلبتني عيني فنمت،
وكان صفوان بن المعطّل السّلميّ ثمّ الذّكوانيّ من وراء الجيش،
فأدلج فأصبح عند منْزلي،
فرأى سواد إنسان نائم،
فأتاني فعرفني حين رآني،
وكان يرآني قبل الحجاب،
فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني،
فخمّرت وجهي بجلبابي،
والله ما كلّمني كلمةً،
ولا سمعت منه كلمةً غير استرجاعه،
حتّى أناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها،
فانطلق يقود بي الرّاحلة،
حتّى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظّهيرة،
فهلك من هلك،
وكان الّذي تولّى الإفك عبدالله بن أبيّ بن سلول.
فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرًا،
والنّاس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذلك،
وهو يريبني في وجعي أنّي لا أعرف من رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
اللّطف الّذي كنت أرى منه حين أشتكي،
إنّما يدخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
فيسلّم ثمّ يقول:
((كيف تيكم)) ثمّ ينصرف،
فذاك الّذي يريبني ولا أشعر بالشّرّ،
حتّى خرجت بعدما نقهت فخرجت معي أمّ مسطح قبل المناصع،
وهو متبرّزنا،
وكنّا لا نخرج إلاّ ليلاً إلى ليل،
وذلك قبل أن نتّخذ الكنف قريبًا من بيوتنا،
وأمْرنا أمْر العرب الأول في التّبرّز قبل الغائط،
فكنّا نتأذّى بالكنف أن نتّخذها عند بيوتنا،
فانطلقت أنا وأمّ مسطح وهي ابنة أبي رهم بن عبدمناف
وأمّها بنت صخر بن عامر،
خالة أبي بكر الصّدّيق،
وابنها مسطح بن أثاثة،
فأقبلت أنا وأمّ مسطح قبل بيتي وقد فرغنا من شأننا،
فعثرت أمّ مسطح في مرطها
فقالت: تعس مسطح.
فقلت لها: بئس ما قلت أتسبّين رجلاً شهد بدرًا.
قالت: أي هنتاه أولم تسمعي ما قال؟
قالت: قلت: وما قال؟
فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضًا على مرضي،
فلمّا رجعت إلى بيتي ودخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
تعني سلّم
ثمّ قال: ((كيف تيكم؟))
فقلت: أتأذن لي أن آتي أبويّ.
قالت: وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما.
قالت: فأذن لي رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
فجئت أبويّ
فقلت لأمّي: يا أمّتاه ما يتحدّث النّاس؟
قالت: يا بنيّة هوّني عليك،
فوالله لقلّما كانت امرأة قطّ وضيئة عند رجل يحبّها ولها ضرائر إلاّ كثّرن عليها،
قالت: فقلت: سبحان الله أو لقد تحدّث النّاس بهذا.
قالت: فبكيت تلك اللّيلة حتّى أصبحت لا يرقأ لي دمع،
ولا أكتحل بنوم،
حتّى أصبحت أبكي.
فدعا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
عليّ بن أبي طالب،
وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي،
يستأمرهما في فراق أهله.
قالت: فأمّا أسامة بن زيد فأشار على رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
بالّذي يعلم من براءة أهله وبالّذي يعلم لهم في نفسه من الودّ.
فقال: يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلاّ خيرًا،
وأمّا عليّ بن أبي طالب
فقال: يا رسول الله لم يضيّق الله عليك والنّساء سواها كثير،
وإن تسأل الجارية تصدقك.
قالت: فدعا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بريرة
فقال: ((أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك))؟
قالت بريرة: لا، والّذي بعثك بالحقّ إن رأيت عليها أمرًا أغمصه عليها أكثر من أنّها جارية حديثة السّنّ تنام عن عجين أهلها، فتأتي الدّاجن فتأكله.
فقام رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
فاستعذر يومئذ من عبدالله بن أبيّ بن سلول
قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
وهو على المنبر:
((يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي،
فوالله ما علمت على أهلي إلاّ خيرًا،
ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلاّ خيرًا،
وما كان يدخل على أهلي إلاّ معي))،
فقام سعد بن معاذ الأنصاريّ
فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه،
إن كان من الأوس ضربت عنقه،
وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك.
قالت: فقام سعد بن عبادة وهو سيّد الخزرج
وكان قبل ذلك رجلاً صالحًا ولكن احتملته الحميّة،
فقال لسعد: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله.
فقام أسيد بن حضير وهو ابن عمّ سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة:
كذبت لعمر الله لنقتلنّه،
فإنّك منافق تجادل عن المنافقين.
فتساور الحيّان الأوس والخزرج حتّى همّوا أن يقتتلوا ورسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قائم على المنبر فلم يزل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
يخفّضهم حتّى سكتوا وسكت.
قالت: فمكثت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم.
قالت: فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويومًا لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع يظنّان أنّ البكاء فالق كبدي.
قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت عليّ امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلست تبكي معي.
قالت: فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
فسلّم ثمّ جلس
قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها،
وقد لبث شهرًا لا يوحى إليه في شأني.
قالت: فتشهّد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
حين جلس ثمّ قال:
((أمّا بعد:
يا عائشة فإنّه قد بلغني عنك كذا وكذا،
فإن كنت بريئةً فسيبرّئك الله،
وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه،
فإنّ العبد إذا اعترف بذنبه ثمّ تاب إلى الله تاب الله عليه))،
قالت: فلمّا قضى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
مقالته قلص دمعي حتّى ما أحسّ منه قطرةً.
فقلت لأبي: أجب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيما قال.
قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-!
فقلت لأمّي:
أجيبي رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
قالت: ما أدري ما أقول لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
قالت: فقلت وأنا جارية حديثة السّنّ لا أقرأ كثيرًا من القرآن:
إنّي والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتّى استقرّ في أنفسكم وصدّقتم به،
فلئن قلت لكم إنّي بريئة والله يعلم أنّي بريئة لا تصدّقونني بذلك،
ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أنّي منه بريئة لتصدّقنّي،
والله ما أجد لكم مثلاً إلاّ قول أبي يوسف قال:
﴿فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ﴾
قالت: ثمّ تحوّلت فاضطجعت على فراشي،
قالت: وأنا حينئذ أعلم أنّي بريئة،
وأنّ الله مبرّئي ببراءتي،
ولكن والله ما كنت أظنّ أنّ الله منْزل في شأني وحيًا يتلى،
ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلّم الله فيّ بأمر يتلى،
ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
في النّوم رؤيا يبرّئني الله بها.
قالت: فوالله ما رام رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
ولا خرج أحد من أهل البيت حتّى أنزل عليه،
فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتّى إنّه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الّذي ينْزل عليه.
قالت: فلمّا سرّي عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
سرّي عنه وهو يضحك فكانت أوّل كلمة تكلّم بها:
((يا عائشة أمّا الله عزّ وجلّ فقد برّأك))
فقالت أمّي: قومي إليه،
قالت: فقلت: والله لا أقوم إليه،
ولا أحمد إلاّ الله عزّ وجلّ،
وأنزل الله عزّ وجلّ:
﴿إنّ الّذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه ﴾ العشر الآيات كلّها.
فلمّا أنزل الله في براءتي قال أبوبكر الصّدّيق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره:
والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا بعد الّذي قال لعائشة ما قال،
فأنزل الله:
{وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {22} سورة النور
قال أبوبكر: بلى والله إنّي أحبّ أن يغفر الله لي،
فرجع إلى النّفقة الّتي كان ينفق عليه،
وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا.
قالت عائشة: وكان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
يسأل زينب بنت جحش عن أمري فقال: ((يا زينب ماذا علمت أو رأيت))؟
فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري،
ما علمت إلاّ خيرًا.
قالت: وهي الّتي كانت تساميني من أزواج رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
فعصمها الله بالورع،
وطفقت أختها حمنة تحارب لها،
فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك. اهـ
آمنا بالله،
وبكتاب الله،
وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-،
وكفرنا بقول الرافضة الزائغين الضالين.
تعريف الرافضة وبيان شيء من حماقاتهم
الرافضة:
هم الذين رفضوا زيد بن علي حين سألوه عن أبي بكر وعمر فترحم عليهما،
فقالوا: إذن نرفضك.
فقال: اذهبوا فأنتم الرافضة.
شيء من حماقاتهم:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم ((منهاج السنة)) (ج1 ص13):
ومن حماقاتهم تمثيلهم لمن يبغضونه مثل اتخاذهم نعجةً،
وقد تكون نعجة حمراء لكون عائشة تسمى الحميراء،
يجعلونها عائشة ويعذّبونها بنتف شعرها وغير ذلك،
يرون أن ذلك عقوبة لعائشة.
وقال الإمام المجدد / مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في (من ص218- حتي ص 226 ) من كتابه الإلحاد الخميني في أرض الحرمين :
ومن مشابهتهم اليهود أن اليهود
رموا مريم عليها السلام بالفاحشة
والرافضة رمت عائشة رضي الله عنها بالفاحشة
رموا مريم عليها السلام بالفاحشة
والرافضة رمت عائشة رضي الله عنها بالفاحشة
وهذا يعتبر كفرًا لأنه تكذيب للقرآن،
وأيضًا نقيصة للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-،
وقد نزهه الله عنها.
أما براءة مريم
فقال الله سبحانه وتعالى:
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً {16} فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً {17} قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً {18} قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً {19} قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً {20} قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً {21} فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً {22} فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً {23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26} فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً {30} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً {31} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً {32} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً {33} ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ {34} مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {35}سورة مريم.
آمنا بالله وبكتابه،
وكذبنا اليهود المفترين.
وأما براءة عائشة
فقال الله سبحانه وتعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ {11} لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ {12} لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ {13} وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {14} إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ {15} وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ {16} يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {17} وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {18} إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {19} وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ {20} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {21} وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {22} إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {23} يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {24} يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ {25} الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ {26} سورة النور.
وقال البخاري رحمه الله (ج8 ص452):
حدّثنا يحيى بن بكير،
حدّثنا اللّيث، عن يونس،
عن ابن شهاب،
قال: أخبرني عروة ابن الزّبير،
وسعيد بن المسيّب،
وعلقمة بن وقّاص،
وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود،
عن حديث عائشة رضي الله عنها زوج النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
حين قال لها أهل الإفك ما قالوا،
فبرّأها الله ممّا قالوا،
وكلّ حدّثني طائفةً من الحديث وبعض حديثهم يصدّق بعضًا،
وإن كان بعضهم أوعى له من بعض،
الّذي حدّثني عروة،
عن عائشة رضي الله عنها أنّ عائشة رضي الله عنها زوج النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قالت:
كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه،
فأيّتهنّ خرج سهمها خرج بها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- معه.
قالت عائشة:
فأقرع بيننا في غزوة غزاها،
فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
بعدما نزل الحجاب،
فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه،
فسرنا حتّى إذا فرغ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة قافلين،
آذن ليلةً بالرّحيل،
فقمت حين آذنوا بالرّحيل فمشيت حتّى جاوزت الجيش،
فلمّا قضيت شأني أقبلت إلى رحلي
فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع،
فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه،
وأقبل الرّهط الّذين كانوا يرحلون لي
فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الّذي كنت ركبت
وهم يحسبون أنّي فيه،
وكان النّساء إذ ذاك خفافًا لم يثقلهنّ اللّحم،
إنّما يأكلن العلقة من الطّعام،
فلم يستنكر القوم خفّة الهودج حين رفعوه،
وكنت جاريةً حديثة السّنّ،
فبعثوا الجمل وساروا،
فوجدت عقدي بعدما استمرّ الجيش،
فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب،
فأممت منْزلي الّذي كنت به،
وظننت أنّهم سيفقدوني فيرجعون إليّ،
فبينا أنا جالسة في منْزلي غلبتني عيني فنمت،
وكان صفوان بن المعطّل السّلميّ ثمّ الذّكوانيّ من وراء الجيش،
فأدلج فأصبح عند منْزلي،
فرأى سواد إنسان نائم،
فأتاني فعرفني حين رآني،
وكان يرآني قبل الحجاب،
فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني،
فخمّرت وجهي بجلبابي،
والله ما كلّمني كلمةً،
ولا سمعت منه كلمةً غير استرجاعه،
حتّى أناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها،
فانطلق يقود بي الرّاحلة،
حتّى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظّهيرة،
فهلك من هلك،
وكان الّذي تولّى الإفك عبدالله بن أبيّ بن سلول.
فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرًا،
والنّاس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذلك،
وهو يريبني في وجعي أنّي لا أعرف من رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
اللّطف الّذي كنت أرى منه حين أشتكي،
إنّما يدخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
فيسلّم ثمّ يقول:
((كيف تيكم)) ثمّ ينصرف،
فذاك الّذي يريبني ولا أشعر بالشّرّ،
حتّى خرجت بعدما نقهت فخرجت معي أمّ مسطح قبل المناصع،
وهو متبرّزنا،
وكنّا لا نخرج إلاّ ليلاً إلى ليل،
وذلك قبل أن نتّخذ الكنف قريبًا من بيوتنا،
وأمْرنا أمْر العرب الأول في التّبرّز قبل الغائط،
فكنّا نتأذّى بالكنف أن نتّخذها عند بيوتنا،
فانطلقت أنا وأمّ مسطح وهي ابنة أبي رهم بن عبدمناف
وأمّها بنت صخر بن عامر،
خالة أبي بكر الصّدّيق،
وابنها مسطح بن أثاثة،
فأقبلت أنا وأمّ مسطح قبل بيتي وقد فرغنا من شأننا،
فعثرت أمّ مسطح في مرطها
فقالت: تعس مسطح.
فقلت لها: بئس ما قلت أتسبّين رجلاً شهد بدرًا.
قالت: أي هنتاه أولم تسمعي ما قال؟
قالت: قلت: وما قال؟
فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضًا على مرضي،
فلمّا رجعت إلى بيتي ودخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
تعني سلّم
ثمّ قال: ((كيف تيكم؟))
فقلت: أتأذن لي أن آتي أبويّ.
قالت: وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما.
قالت: فأذن لي رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
فجئت أبويّ
فقلت لأمّي: يا أمّتاه ما يتحدّث النّاس؟
قالت: يا بنيّة هوّني عليك،
فوالله لقلّما كانت امرأة قطّ وضيئة عند رجل يحبّها ولها ضرائر إلاّ كثّرن عليها،
قالت: فقلت: سبحان الله أو لقد تحدّث النّاس بهذا.
قالت: فبكيت تلك اللّيلة حتّى أصبحت لا يرقأ لي دمع،
ولا أكتحل بنوم،
حتّى أصبحت أبكي.
فدعا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
عليّ بن أبي طالب،
وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي،
يستأمرهما في فراق أهله.
قالت: فأمّا أسامة بن زيد فأشار على رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
بالّذي يعلم من براءة أهله وبالّذي يعلم لهم في نفسه من الودّ.
فقال: يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلاّ خيرًا،
وأمّا عليّ بن أبي طالب
فقال: يا رسول الله لم يضيّق الله عليك والنّساء سواها كثير،
وإن تسأل الجارية تصدقك.
قالت: فدعا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بريرة
فقال: ((أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك))؟
قالت بريرة: لا، والّذي بعثك بالحقّ إن رأيت عليها أمرًا أغمصه عليها أكثر من أنّها جارية حديثة السّنّ تنام عن عجين أهلها، فتأتي الدّاجن فتأكله.
فقام رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
فاستعذر يومئذ من عبدالله بن أبيّ بن سلول
قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
وهو على المنبر:
((يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي،
فوالله ما علمت على أهلي إلاّ خيرًا،
ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلاّ خيرًا،
وما كان يدخل على أهلي إلاّ معي))،
فقام سعد بن معاذ الأنصاريّ
فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه،
إن كان من الأوس ضربت عنقه،
وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك.
قالت: فقام سعد بن عبادة وهو سيّد الخزرج
وكان قبل ذلك رجلاً صالحًا ولكن احتملته الحميّة،
فقال لسعد: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله.
فقام أسيد بن حضير وهو ابن عمّ سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة:
كذبت لعمر الله لنقتلنّه،
فإنّك منافق تجادل عن المنافقين.
فتساور الحيّان الأوس والخزرج حتّى همّوا أن يقتتلوا ورسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قائم على المنبر فلم يزل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
يخفّضهم حتّى سكتوا وسكت.
قالت: فمكثت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم.
قالت: فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويومًا لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع يظنّان أنّ البكاء فالق كبدي.
قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت عليّ امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلست تبكي معي.
قالت: فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
فسلّم ثمّ جلس
قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها،
وقد لبث شهرًا لا يوحى إليه في شأني.
قالت: فتشهّد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
حين جلس ثمّ قال:
((أمّا بعد:
يا عائشة فإنّه قد بلغني عنك كذا وكذا،
فإن كنت بريئةً فسيبرّئك الله،
وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه،
فإنّ العبد إذا اعترف بذنبه ثمّ تاب إلى الله تاب الله عليه))،
قالت: فلمّا قضى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
مقالته قلص دمعي حتّى ما أحسّ منه قطرةً.
فقلت لأبي: أجب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيما قال.
قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-!
فقلت لأمّي:
أجيبي رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
قالت: ما أدري ما أقول لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
قالت: فقلت وأنا جارية حديثة السّنّ لا أقرأ كثيرًا من القرآن:
إنّي والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتّى استقرّ في أنفسكم وصدّقتم به،
فلئن قلت لكم إنّي بريئة والله يعلم أنّي بريئة لا تصدّقونني بذلك،
ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أنّي منه بريئة لتصدّقنّي،
والله ما أجد لكم مثلاً إلاّ قول أبي يوسف قال:
﴿فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ﴾
قالت: ثمّ تحوّلت فاضطجعت على فراشي،
قالت: وأنا حينئذ أعلم أنّي بريئة،
وأنّ الله مبرّئي ببراءتي،
ولكن والله ما كنت أظنّ أنّ الله منْزل في شأني وحيًا يتلى،
ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلّم الله فيّ بأمر يتلى،
ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
في النّوم رؤيا يبرّئني الله بها.
قالت: فوالله ما رام رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
ولا خرج أحد من أهل البيت حتّى أنزل عليه،
فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتّى إنّه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الّذي ينْزل عليه.
قالت: فلمّا سرّي عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
سرّي عنه وهو يضحك فكانت أوّل كلمة تكلّم بها:
((يا عائشة أمّا الله عزّ وجلّ فقد برّأك))
فقالت أمّي: قومي إليه،
قالت: فقلت: والله لا أقوم إليه،
ولا أحمد إلاّ الله عزّ وجلّ،
وأنزل الله عزّ وجلّ:
﴿إنّ الّذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه ﴾ العشر الآيات كلّها.
فلمّا أنزل الله في براءتي قال أبوبكر الصّدّيق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره:
والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا بعد الّذي قال لعائشة ما قال،
فأنزل الله:
{وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {22} سورة النور
قال أبوبكر: بلى والله إنّي أحبّ أن يغفر الله لي،
فرجع إلى النّفقة الّتي كان ينفق عليه،
وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا.
قالت عائشة: وكان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
يسأل زينب بنت جحش عن أمري فقال: ((يا زينب ماذا علمت أو رأيت))؟
فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري،
ما علمت إلاّ خيرًا.
قالت: وهي الّتي كانت تساميني من أزواج رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
فعصمها الله بالورع،
وطفقت أختها حمنة تحارب لها،
فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك. اهـ
آمنا بالله،
وبكتاب الله،
وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-،
وكفرنا بقول الرافضة الزائغين الضالين.
تعليق