كشف اللبس والخفاء في مناقشة قاعدة كونوا مع العلماء
كتبه
أبو عبد الله عمرو بن محمد بن حمود الفقيه التريبي
كتبه
أبو عبد الله عمرو بن محمد بن حمود الفقيه التريبي
قرأها وأذن بنشرها شيخنا الكريم العلامة الناصح الأمين المحدث الفقيه يحي بن علي الحجوري حفظه الله تعالى ومتع به الإسلام والمسلمين
***********************
بسم الله الرحمن الرحيم
حمل الرسالة
من الخزانة العلمية
من هنا
***********************
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق خلقه أطوارا وصرفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزة واقتدارا وأرسل الرسل إلىالمكلفين إعذارا منه وإنذارا فأتم بهم على من اتبع سبيلهم نعمته السابغة وقام بهم على من خالف مناهجهم حجته البالغة فنصب الدليل وأنار السبيل وأزاح العلل وقطع المعاذير وأقام الحجة وأوضح المحجة وقال ]وَأن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ[ الأنعام (153) .
وهؤلاء رسلي مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فعمهم بالدعوة على ألسنة رسله حجة منه وعدلا وخص بالهداية من شاء منهم نعمة وفضلا فقبل نعمة الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقاها باليمين وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين وردها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسا بين العالمين فهذا فضله وعطاؤه وما كان عطاء ربك محظورا ولا فضله بمنون وهذا عدله وقضاؤه فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون فسبحان من أفاض على عباده النعمة وكتب على نفسه الرحمة وأودع الكتاب الذي كتبه أن رحمته تغلب غضبه وتبارك من له في كل شيء على ربوبيته ووحدانيته وعلمه وحكمته أعدل شاهد ولو لم يكن إلا أن فاضل بين عباده في مراتب الكمال حتى عدل الآلاف المؤلفة منهم بالرجل الواحد ذلك ليعلم عباده أنه أنزل التوفيق منازله ووضع الفضل مواضعه وأنه يختص برحمته من يشاء وهو العليم الحكيم وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
أحمده والتوفيق للحمد من نعمه وأشكره والشكر كفيل بالمزيد من فضله وكرمه وقسمه وأستغفره وأتوب إليه من الذنوب التي توجب زوال نعمه وحلول نقمه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كلمة قامت بها الأرض والسموات وفطر الله عليها جميع المخلوقات وعليها أسست الملة ونصبت القبلة ولأجلها جلدت سيوف الجهاد وبها أمر الله سبحانه جميع العباد فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ومفتاح العبودية التي دعا الأمم على ألسن رسله إليها وهي كلمة الإسلام ومفتاح دار السلام وأساس الفرض والسنة ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وحجته على عباده وأمينه على وحيه أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعالمين ومحجة للسالكين وحجة على المعاندين وحسرة على الكافرين أرسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراًً ونذيراًَََ وداعياًً إلى الله بإذنه وسراجاًً منيراًً وأنعم به على أهل الأرض نعمة لا يستطيعون لها شكورا فأمده بملائكته المقربين وأيده بنصره وبالمؤمنين وأنزل عليه كتابه المبين الفارق بين الهدى والضلال والغي والرشاد والشك واليقين فشرح له صدره ووضع عنه وزره ورفع له ذكره وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره وأقسم بحياته في كتابه المبين وقرن اسمه باسمه فإذا ذكر ذكر معه كما في الخطب والتشهد والتأذين وافترض على عباده طاعته ومحبته والقيام بحقوقه وسد الطرق كلها إليه وإلي جنته فلم يفتح لأحد إلا من طريقه فهو الميزان الراجح الذي على أخلاقه وأقواله وأعماله توزن الأخلاق والأقوال والأعمال والفرقان المبين الذي بإتباعه يميز أهل الهدى من أهل الضلال ولم يزل صلى الله عليه وعلى آله وسلم مشمرا في ذات الله تعالى لا يرده عنه راد صادعاًً بأمره لا يصده عنه صاد إلى أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها وتألفت به القلوب بعد شتاتها
وامتلأت به الأرض نوراًً وابتهاجاًً ودخل الناس في دين الله أفواجاًً فلما أكمل الله تعالى به الدين وأتم به النعمة على عباده المؤمنين استأثر به ونقله إلى الرفيق الأعلى والمحل الأسنى وقد ترك أمته على المحجة البيضاء والطريق الواضحة الغراء فصلى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله والصالحون من عباده عليه وآله كما وحد الله وعرف به ودعا إليه وسلم تسليما كثيرا (1)
أما بعد
فإن الحق له سطوته وقوته في إلقام الخصم حجرا والإخراج من باطله عثرا ولما كان الأمر كذلك أحببت أن أناقش كلمة فيها احتمالات إظهارا للحق ودحضا للباطل لقوله تعالى: [1]]بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ [
ألا وهي إذا أنكرت على شخص حزبية ما قد تسمع من يعترض عليك قائلا كونوا مع العلماء هذه الكلمه التي يدندن بها بعضهم ويريد من وراء ذلك رد الحق الذي أبرز على حزبية العدني وشلته تحتمل حقاًً من جانب أنها تعنى أن نأخذ بأقوال العلماء الذين هم السلف الصالح فيما فهموا من الكتاب والسنة ومن سار على دربهم فهذا معنى جميل وطيب ونحن عليه إن شاء الله والمعنى الأخر الذي هو كونوا مع العلماء أي في هذه الفتنه والذي مع العلماء في هذه الفتنه هو التوقف ويقصد بالعلماء شخصين أوثلاثة أوأربعة أونحوهم من المعاصرين وهذا باطل محض لأن فيه الأمر بتقليد هؤلاء الذين لم يصيبوا في هذه الفتنه والصواب مع غيرهم ولو كان صاحب الحق وأحداً لما أقام من البراهين والحجج
قال ابن مسعود (الجماعة ماوافق الحق ولو كنت وحدك )
وقال الله ] إن إِبْرَاهِيمَ كان أُمَّةً[
وليست العبرة بالجمهرة ولا بالكثرة ومن هنا فإني أكتب هذه الوريقات رجاء أن ينفع الله بها كاتبها ومن أراد الله له النفع من باب قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لايمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه أو شهده أو سمعه) أخرجه الترمذي وهو في السلسلة الصحيحة والصحيح المسند عن أبي سعيد الخدري
وقال الألباني قبل الحديث التحذير من ترك كلمة الحق وإلى نسف هذا الأصل الغير أصيل والمخالف للحجة والدليل ) :
(1)أنها تشعر بالاعتماد على الكثرة والكثرة ليست محمودة على إطلاقها
لقوله تعالى:
] وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ[يوسف (103)
قال الشوكاني في فتح القدير عند الآية:
فإن الحق له سطوته وقوته في إلقام الخصم حجرا والإخراج من باطله عثرا ولما كان الأمر كذلك أحببت أن أناقش كلمة فيها احتمالات إظهارا للحق ودحضا للباطل لقوله تعالى: [1]]بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ [
ألا وهي إذا أنكرت على شخص حزبية ما قد تسمع من يعترض عليك قائلا كونوا مع العلماء هذه الكلمه التي يدندن بها بعضهم ويريد من وراء ذلك رد الحق الذي أبرز على حزبية العدني وشلته تحتمل حقاًً من جانب أنها تعنى أن نأخذ بأقوال العلماء الذين هم السلف الصالح فيما فهموا من الكتاب والسنة ومن سار على دربهم فهذا معنى جميل وطيب ونحن عليه إن شاء الله والمعنى الأخر الذي هو كونوا مع العلماء أي في هذه الفتنه والذي مع العلماء في هذه الفتنه هو التوقف ويقصد بالعلماء شخصين أوثلاثة أوأربعة أونحوهم من المعاصرين وهذا باطل محض لأن فيه الأمر بتقليد هؤلاء الذين لم يصيبوا في هذه الفتنه والصواب مع غيرهم ولو كان صاحب الحق وأحداً لما أقام من البراهين والحجج
قال ابن مسعود (الجماعة ماوافق الحق ولو كنت وحدك )
وقال الله ] إن إِبْرَاهِيمَ كان أُمَّةً[
وليست العبرة بالجمهرة ولا بالكثرة ومن هنا فإني أكتب هذه الوريقات رجاء أن ينفع الله بها كاتبها ومن أراد الله له النفع من باب قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لايمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه أو شهده أو سمعه) أخرجه الترمذي وهو في السلسلة الصحيحة والصحيح المسند عن أبي سعيد الخدري
وقال الألباني قبل الحديث التحذير من ترك كلمة الحق وإلى نسف هذا الأصل الغير أصيل والمخالف للحجة والدليل ) :
(1)أنها تشعر بالاعتماد على الكثرة والكثرة ليست محمودة على إطلاقها
لقوله تعالى:
] وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ[يوسف (103)
قال الشوكاني في فتح القدير عند الآية:
أي وما أكثر الناس المعاصرين لك يا محمد أو ما أكثر الناس على العموم ولو حرصت على هدايتهم وبالغت في ذلك بمؤمنين بالله لتصميمهم على الكفر الذي هو دين آبائهم يقال حرص يحرص مثل ضرب يضرب وفي لغة ضعيفة حرص يحرص مثل حمد يحمد والحرص طلب الشيء باجتهاد قال الزجاج ومعناه وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على أن تهديهم لأنك لا تهدي من أحببت
وقال الالوسي عند الايه (الظاهر العموم )كما في روح المعاني
وقال عزوجل ]وَإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه[الآية الأنعام (116)
وقال الالوسي عند الايه (الظاهر العموم )كما في روح المعاني
وقال عزوجل ]وَإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه[الآية الأنعام (116)
قال السعدي: يقول تعالى، لنبيه محمداًً صلى الله عليه وسلم، محذرا عن طاعة أكثر الناس: ] وَإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [ فأن أكثرهم قد انحرفوا في أديانهم وأعمالهم، وعلومهم. فأديانهم فاسدة، وأعمالهم تبع لأهوائهم، وعلومهم ليس فيها تحقيق، ولا إيصال لسواء الطريق.
بل غايتهم أنهم يتبعون الظن، الذي لا يغني من الحق شيئا، ويتخرصون في القول على الله ما لا يعلمون، ومن كان بهذه المثابة، فحري أن يحذِّر الله منه عبادَه،: إلى أن قال :ودلت هذه الآية، على أنه لا يستدل على الحق، بكثرة أهله، ولا يدل قلة السالكين لأمر من الأمور أن يكون غير حق، بل الواقع بخلاف ذلك، فإن أهل الحق هم الأقلون عدداًً، الأعظمون -عند الله- قدراًً وأجراًََ، بل الواجب أن يستدل على الحق والباطل، بالطرق الموصلة إليه.
فالعبرة ليست بالكثرة ولا بالجمهرة أنما العبرة بالدليل فمن أبرزه فهو المحق وما عداه فهو المبطل ]قُلْ هَاتُوا برهانكم إن كُنْتُمْ صَادِقِينَ[البقرة (111)
فالعبرة ليست بالكثرة ولا بالجمهرة أنما العبرة بالدليل فمن أبرزه فهو المحق وما عداه فهو المبطل ]قُلْ هَاتُوا برهانكم إن كُنْتُمْ صَادِقِينَ[البقرة (111)
ثم إن الإعتماد على الكثرة فقط دون النظر إلى الأدلة المرجحة للحق من الباطل طريقة انتخابية لاعلمية.
(2) أن فيها التغرير بأناس قد عرفوا الحق فلما يقال لهم مثلا هؤلاء العلماء خالفوا الشيخ يحي وهم أكثر منه فربما رجعوا القهقرى ولا يخفاك مافي النكوب عن الحق من أضرار على المغرر والمغرر به ومن هنا يحمل إثم من أضله ولبس عليه والله يقول:
] لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [ (25)النحل :
قال العلامة السعدي عند الآية:
(2) أن فيها التغرير بأناس قد عرفوا الحق فلما يقال لهم مثلا هؤلاء العلماء خالفوا الشيخ يحي وهم أكثر منه فربما رجعوا القهقرى ولا يخفاك مافي النكوب عن الحق من أضرار على المغرر والمغرر به ومن هنا يحمل إثم من أضله ولبس عليه والله يقول:
] لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [ (25)النحل :
قال العلامة السعدي عند الآية:
أي: من أوزار المقلدين الذين لا علم عندهم إلا ما دعوهم إليه، فيحملون إثم ما دعوهم إليه، وأما الذين يعلمون فكلٌّ مستقلٌّ بجرمه، لأنه عرف ما عرفوا ] أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [ أي: بئس ما حملوا من الوزر المثقل لظهورهم، من وزرهم ووزر من أضلوه.اهـوهذه سنة سيئة والنبيr يقول ( ومن دعا إلى ضلاله كان عليه من الإثم مثل اثم من تبعه لاينقص من آثامهم شيئا ) أخرجه مسلم قال النووي : عند شرحه للحديث رقم (6754)وحديث جرير رقم (6741)هذان الحديثان صريحان في استحباب سن الأمور الحسنه وتحريم سن الأمور السيئة وأن( من سن سنة حسنة ومن سن سنة سيئة ) الحديث وفي الحديث الآخر من دعا إلى هدى ومن دعا إلى ضلالة هذان الحديثان صريحان في الحث على استحباب سن الأمور الحسنة وتحريم سن الأمور السيئة وأن من سن سنة حسنة كان له مثل أجر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة و (أن من دعا إلى هدى كان له مثل أجور متابعيه أو إلى ضلالة كان عليه مثل آثام تابعيه سواء كان ذلك الهدى أو الضلالة هو الذي ابتداه أم كان مسبوقا إليه وسواء كان ذلك تعليم علم أو عبادة أو أدب أو غير ذلك)
(3)أنها قاعدة مبناها على شفا جرف هار لأنها تقعيد غير أصيل ولا تعتمد على دليل وهي مجرد رأي والدليل ينقضها قال الله تبارك وتعالى ] اتَّبِعُوا مَا أنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [ (3)الأعراف قال الشوكاني في فتح القدير يعني الكتاب ومثله السنه لقوله ] وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ [ وقوله : ] مَا أنزِلَ إِلَيْكُمْ [ الأعراف (3)أي لا تتبعوا من دون كتاب الله أولياء تقلدونهم في دينكم كما كان يفعله أهل الجاهلية من طاعة الرؤساء فيما يحللونه لهم ويحرمونه عليهم وقال السعدي ] إتَّبِعُوا مَا أنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ[أي: الكتاب الذي أريد أنزاله لأجلكم ] وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ [ أي: تتولونهم، وتتبعون أهواءهم، وتتركون لأجلها الحق.اهـ
فلِما يُلام شيخنا أن اتبع ما أنزل من الكتاب ووفقه الله لمعرفة الحق فأخذ به وعض عليه بالنواجذ ودعا إليه بسبب ماأتاه الله من البصيرة والتمسك بالسنة والتضلع العلمي وتوسمه للبدع ومعرفتها كما قال تعالى] إن فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ[ الحجر (75)وقال [وتلك الأمثال تضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون] وغيره في كل فتنة يتخبط يمنةًً ويسرةًً ويدعوا إلى التوقف فإذا لايلدغ المرء من جحر مرتين.
ومما يؤيد ذلك قول الله:
] وما أتاكم الرسول فخذوه [ وقوله تعالى]ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي [ والقاعدة يستدل لها ثم يستدل بها وكما قيل ثبت عرشك ثم أنقش فإتباع شخص أوشخصين أوعشره بدون دليل ليس بدليل قال شيخ الإسلام كما في التسعينيه _ج1/157- إن الناس عليهم أن يجعلوا كلام الله ورسوله هو الأصل المتبع والإمام المقتدى به وأما ماسوى كلام الله فلا يجوز أن يجعل بحال
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين ج2ص113:
فهؤلاء من الصحابة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي ابن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وزيد ابن ثابت وسهل بن حنيف ومعاذ بن جبل ومعاوية خال المؤمنين وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم يخرجون الرأي عن العلم ويذمونه ويحذرون منه وينهون عن الفتيا به ومن اضطر منهم إليه أخبر أنه ظن وأنه ليس على ثقة منه وأنه يجوز أن يكون منه ومن الشيطان وأن الله ورسوله بريء منه وأن غايته أن يسوغ الأخذ به عند الضرورة من غير لزوم لاتباعه ولا العمل به فهل تجد من أحد منهم قط أنه جعل رأي رجل بعينه دينا تترك له السنن الثابتة عن رسول الله r - ويبدع ويضلل من خالفه إلى إتباع السنن :اهـ
قلت فأنظر إلى ورع السلف وورع أهل زماننا فالبون شاسع
(4)أنها تدعوا إلى التقليد بإتباع هؤلاء الأشخاص بدون حجه والتقليد حرام وهو إتباع من ليس بحجة بلا حجه وهولاء لاحجة لهم في هذه المسألة
وهو من صفات الجاهلية قال الله عنهم [إنا وجدنا آبائنا على أمه وإنا على آثارهم مقتدون] (22)الزخرف
قال الشوكاني فاعترفوا بأنه لا مستند لهم سوى تقليد آبائهم ومعنى على أمة أي على طريقة ومذهب
وقال السعدي وهذا الاحتجاج من هؤلاء المشركين الضالين، بتقليدهم لآبائهم الضالين، ليس المقصود به إتباع الحق والهدى، وإنما هو تعصب محض، يراد به نصرة ما معهم من الباطل.
وقوله ]وإذا قيل لهم اتبعوا ماأ نزل الله قالوا بل نتبع ماوجدنا عليه آباؤنا[ (21)سورة لقمان
قال الشوكاني في فتح القدير
أي إذا قيل لهؤلاء المجادلين والجمع باعتبار معنى من اتبعوا ما أنزل الله على رسوله من الكتاب تمسكوا بمجرد التقليد البحت اهـ
وأنظر إلى نموذج من ورع السلف وأنهم ينهون وينؤن عن التقليد ولو كان لأقرب قريب فهذا ابن عمر عندما سئل عن متعة الحج فقال حلال فقالوا إن أباك ينهى عنها فقال أرأيت إن أمر بها رسول الله ونهى عنها عمر فمن اتبع قالوا رسول الله فابن عمر لم يقلد أباه
وهذا ابن عباس كان يقول قال الله قال رسوله في مسألة من المسائل وبعض الناس يقول قال أبو بكر وعمر فقال أقول لكم قال الله قال رسوله وتقولون قال أبو بكر وعمر أراكم ستهلكون وقال الأمام البخاري سمعت الحميدى يقول كما عند الشافعي فأتاه رجل فسأل عن مسألة فقال قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فقال رجل للشافعي وما تقول أنت فقال الشافعي سبحان الله تراني في كنيسة تراني في بيعة تراني على وسطي زناراًً أقول لك قضى رسول الله وأنت تقول ماتقول أنت اخرجه البيهقي في مناقب الشافعية (1/473
وقال أحمد عجبت لمن يعرف الإسناد وصحته يعمد إلى رأى سيفان وقال الأمام ابن حزم عن قوله فاسئلو أهل الذكر أن كنتم لاتعلمون قال كذب مؤلوها إن الله أمر الناس أن يسئلوا أهل الذكر عن الذكر ولم يأمرهم أن يسئلوهم عن آرائهم.
وفي الحقيقة أن الذي يقول مثل هذا الكلام ينطبق عليه قول ابن القيم في مقدمة النونية مع شرح الهراس ج 1ص8 قال وهو يتحدث عن القلب الثاني الذي هو مضروب بسياط الجهالة قال وقد لبس حلة منسوجة من الجهل والتقليد والشبهة والعناد فإذا بذلت له النصيحة ودعي إلى الحق أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد فما أعظم المصيبة بهذا وأمثاله على الإيمان وما أشد الجنايه به على السنة والقران
(5) أنها تدعوا إلى رد الحق فإذا كان الحق مع عالم وغيره لم يوافقه عليه فيلزم منها أننا نرد قول هذا العالم وهذا رد للحق الذي أتى به هذا العالم وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم ]أَلَمْ يَأن لِلَّذِينَ آَمَنُوا أن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ[
قال السعدي أي: ألم يجئ الوقت الذي تلين به قلوبهم وتخشع لذكر الله، الذي هو القران، وتنقاد لأوامره وزواجره، وما نزل من الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
وقال ابن جرير( أَلَمْ يَأن لِلَّذِينَ آمَنُوا ) : ألم يحن للذين صدقوا الله ورسوله أن تلين قلوبهم لذكر الله، فتخضع قلوبهم له، ولما نزل من الحقّ، وهو هذا القران الذي نزله على رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قال ابن كثير أما أن للمؤمنين أن تخشع أي تلين عند الموعظة والذكر وسماع القران فتفهمه وتنقاد له وتسمع له وتطيعه
قلت ورد الحق يعتبر تشبهاًً بأهل الكتاب كما قال تعالى [ولا يكونوا كالذين اوتو الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد] قال ابن كثير نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملو الكتاب قبلهم من اليهود والنصارى لما تطاول عليهم الأمد بدلوا كتاب الله الذي بأيديهم واشتروا به ثمنا قليلاًً ونبذوه وراء ظهورهم وأقبلوا على الآراء المختلفة والأقول المؤتفكة وقلدوا الرجال في دين الله واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله فعند ذلك قست قلوبهم فلا يقبلون موعظة ولاتلين قلوبهم بوعد ولا وعيد إلى أن قال (ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شئ من الأمور الاصليه والفرعية )قال ابن القيم في شفاء العليل صـ (25)وكل من أصل أصلاًً لم يؤصله الله ورسوله (قاده قسرا إلى رد السنة وتحريفها عن مواضعها)
(6) أنها تجرّءُ أهل البدع على أهل السنه وكم تكلم أهل الباطل على أهل السنه فمثلا في هذه الفتنه يقوم البرامكه بالطعن الشديد على شيخنا ودار الحديث وطلابها فإذا رد عليهم أهل الحق يتبجحون بقولهم نحن مع العلماء وبهذا يضيع الحق وهذا هو الذي يسبب الضعف بسبب تخاذل بعضهم وخذل المحق وعدم نصره مما يربك الناس ويجعلهم كالشاة العائرة بين غنمين فيجب نصر المحق وعدم خذلانه ونصر أهل الحق وقد طلب عيسى عليه السلام النصرة على الحق كما قال تعالى(كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أنصَارِي إلى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) وقد طلب النبي rالنصرة فقال[من يؤيني لأبلغ رسالة ربي] وكلما ماقويت الألفة والمحبة والتناصر والتضافر كلما تصاغر أهل البدع وذلوا وقد اثنى الله عزوجل على المؤمنين بأن فيهم هذه الصفات الحميدة فقال تعالى(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إن اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة (71) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي موسى المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاًً وشبك بين أصابعه قال المباركفوري في منة المنعم ج4ص178 قال قوله يشد بعضه بعضا أي يقويه وهو بيان لوجه الشبه وفيه حث المؤمنين على التعاون فيما يباح لهم من أمور الدنيا والآخرة وقال في حديث النعمان بن بشير ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )
قال في توادهم من الود وهو المحبة وتراحمهم من الرحمة وتعاطفهم من العطف وهو الميل إلى احد بالشفقة والإحسان قوله تداعى له سائر الجسد قال أي أهتم ودعا بعضه بعضا إلى المشاركة في الألم وقال النووي باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم قال شارحاًً للحديث قوله المؤمن للمؤمن .......إلى آخره
وفي الحديث الآخر مثل المؤمنين في توادهم فذكره فقال هذه الأحاديث صريحة في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم ولا مكروه
قال العلامة الهرري في شرحه على مسلم ج6ص569
قوله المؤمن للمؤمن قال تمثيل يفيد الحض على معونة المؤمن للمؤمن ونصرته وأن ذلك أمر متأكد لابد منه فإن البناء لايتم أمره ولا تحصل فائدته إلا بأن يكون بعضه يمسك بعضاًً ويقويه فإن لم يكن كذلك انحلت أجزؤاه وخرب بناؤه كذلك المؤمن لايستقل بإمور دنياه ودينه إلا بمعونة أخيه ومعاضدته ومناصرته فإن لم يكن ذلك عجز عن القيام بكل مصالحه وعن مقاومة مضادة فحين إذ لأيتم له نظام دنيا ولادين ويلتحق بالهالكين قال ومقصود التمثيل الحض على مايتعين من محبة المؤمن ونصيحته والتهمم بأمره وقول الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم أخوا المسلم لايخذله ....الخ
أخرجه مسلم عن أبى هريرة قال قوله يخذله قال من باب نصره أي لايتركه لمن يظلمه ولاينصره وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أنصر أخاك ظالما أومظلوماًً رواه البخاري والمعنى لايترك نصره ومعونته إذا احتاج إليه في الحق قاله القاضي وقال النووي معناه إذا استعان به في دفع ظالم أو نحوه لزمه إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي وقال الحافظ في الفتح ج5ص97 أي لايتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع وهذا أخص من ترك الظلم وقد يكون واجباًً أومندوباًً بحسب اختلاف الأحوال أهـ بتصرف غير مخل من شرح الهر ري
وبنحوه قال القرطبي في المفهم ج6ص536 وليعلم هؤلاء المخذلين أن التخذيل فيه خطر عظيم فربما عوقبوا لأن الله يقول (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كانوا يَفْسُقُونَ (165) )
قال الشوكاني في فتح القدير
واعلم أن ظاهر النظم القرآني هو أنه لم ينج من العذاب إلا الفرقة الناهية التي لم تعص لقوله : { أنجينا الذين ينهون عن السوء } وأنه لم يعذب بالمسخ إلا الطائفة العاصية لقوله : { فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين } فإن كانت الطوائف منهم ثلاثا كما تقدم فالطائفة التي لم تنه ولم تعص يحتمل أنها ممسوخة مع الطائفة العاصية لأنها قد ظلمت نفسها بالسكوت عن النهي وعتت عما نهاها الله عنه
وقال الطبري وقال آخرون بل الفرقة التي قالت لم تعظون قوما كانت مع الفرقة الهالكة
قلت والحق أن أهل التفسير اختلفوا هل الساكتون هلكوا مع الهالكين أم نجوا فأقول إذا كانوا هلكوا ) فيؤيده قول الرسول صلى الله عليه وسلم إن الناس إذا راوي الظالم فلم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده أخرجه الترمذي وصححه الألباني وقوله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن بيد الظالم أو ليسلطن الله عليكم عقابا من عنده فتدعونه فلا يستجاب لكم أخرجه الترمذي عن حذيفة وصححه الألباني وأنظر رحمك الله فهؤلاء الذين لم يذكرهم الله أنهم نجوا أوهلكوا أنكروا هذا المنكر بقلوبهم بل قالوا للأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لم تعظون قوما الله مهلكهم أومعذبهم فكيف بمن سكت بل فكيف بمن ناصر أهل الباطل والله المستعان
(7)أن فيها إضعاف لمن أبرز الحق وأتى بالأدلة وتضيع جهوده التي بذلها في نصرة الحق والحط من شأنه وعدم قبول كلامه وتهميشه وعدم معرفة حقه فيما يقوم به من الجهاد في سبيل الله بالحجة واللسان والدليل والبرهان الذي هو من أعظم الجهاد وهذا والله من الظلم والله يقول ] وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإن تَوَلَّوْا فَإني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3) [ قال القرطبي {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} أي يؤت كل ذي عمل من الأعمال الصالحات جزاء عمله. وقيل : ويؤت كل من فضلت حسناته على سيئاته "فضله" أي الجنة ، وهي فضل الله ؛ فالكناية في قوله : "فضله" ترجع إلى الله تعالى. وقال مجاهد : هو ما يحتسبه الأنسان من كلام يقوله بلسانه ، أو عمل يعمله بيده أو رجله ، أو ما تطوع به من ماله فهو فضل الله ، يؤتيه ذلك إذا آمن ،
وقال الشوكاني أي يعطي كل ذي فضل في الطاعة والعمل فضله إما في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا أهـ
وقد نهى الله عزوجل عن الظلم فقال ]وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ [ الأعراف
قال الشوكاني (وفيه النهي عن البخس على العموم) وقال ابن جرير ولاتظلمو الناس حقوقهم ولا تنقصوهم إياها وقد ثبت من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ولا تبخس الناس أشياءهم يقول لاتظلموا الناس أشياءهم قلت رواية سعيد عن قتادة في التفسير قواها أحمد وقال إن سعيداًً حفظها عن قتادة كما في سؤلات أبي داود قلت وإن كان السياق في ذكر المكيال والميزان فهي عامه كما قال الشوكاني بل إن أعظم البخس بخس العالم حقه فيما أبرز من الحجج والبراهين فهل من العدل والأنصاف أن يهضم حق هذا العالم بحجج أوهى من خيط العنكبوت فيقال أنه مجتهد مخطي أو أنه لوتأنى وما تسرع إلى غير هذا الإجحاف والله المستعان والحمد لله فالحق أبلج من الشمس وكما قيل
وكون الصدع بالحق وبيان حال المبطلين من أعظم الجهاد عليه قول علماء الأمة قال يحي بن يحي الذب عن السنه أفضل من الجهاد في سبيل الله وسئل أحمد عن الرجل يصلى ويصوم ويعمل كثيراًََ من أعمال البر أو يرد على أهل البدع قال الصلاة والصيام والزكاة هذا لنفسك والرد على أهل البدع للمسلمين يعني هذا أنفع.
قال الإمام ابن القيم في مقدمة النونية فالجهاد بالحجة واللسان مقدم على الجهاد بالسيف والسنان ولهذا أمر الله به في السور المكية حيث لإجهاد باليد إنذارا وتعذيرا قال الله تعالى(فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداًًكبيراًً فالجهاد بالحجة والعلم جهاد أنبيائه ورسله وخاصته من عباده المخصوصين بالهداية والتوفيق والاتفاق ومن مات ولم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق وكفى بالعبد عمىً وخذلآناً أن يرى عساكر الإيمان وجنود السنة والقران وقد لبسوا للحرب لامته وأعدو له عدته وأخذو مصافهم ووقفوا مواقفهم وقد حمي الوطيس ودارت رحى الحرب واشتد القتال وتنادت الأقران النزال النزال وهو في الملجئ والمغارات والمدخل مع الخوالف كمين وإذا ساعد القدر وعزم على الخروج قعد فوق التل مع الناظرين ينظر لمن الدائرة ليكون إليهم من المتحيزين ثم يأتيهم وهو يقسم بالله جهد أيمانه إني كنت معكم وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمه ألايبيعها بأبخس الأثمان وألا يعرضها غداًً بين يدي الله ورسوله لمواقف الخزي والهوان أهـ أنظر كيف يعظم ابن القيم هذا الجهاد وكيف يصف أهله وبعض الناس يقول ليس له داعي بل إن علم الحديث والجرح والتعديل حراسه للدين وللأرض قال سفيان الثوري الملائكة حراس السماء وأهل الحديث حراس الأرض أهـ ومن ذورة علماء الحديث في هذا العصر هو شيخنا يحي حفظه الله وكونه فيه عدم إعطائه حقه ولاسيما أن صاحب الحق لابد أن يعرف له حقه وصولته فيه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم [إن لصاحب الحق مقالاًً] أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة وبوب عليه البخاري فقال باب لصاحب الحق مقالاًً قال المناوي في فيض القدير رقم 4227 دعوه فإن لصاحب الحق مقالاًً أي صولة الطلب وقوت الحجة فلا يلام إذا تكرر طلبه لحقه وكذا قال القرطبي كما في المفهم ج 4ص509 والعيني في عمدة القاري ج6ص136 والقسطلاني في إرشاد الساري ج5ص279 -280
(8)أن إطلاقها بما يعنون أو يريدون فيه غش وتلبيس فنقول ماالمقصود بالعلماء هل هم علماء السلف فإن كان علماء السلف فنحن معهم وإن كان الذين تقصدونهم في هذه الفتنه والذين هم إثنين أوثلاثة أوأربعة فنقول هاتوا دليلاً في أن الله ورسوله حصروا العلماء في هؤلاء النفر ثم نقول نحن في هذه الفتنه أيضاً مع العلماء الذين أبرزوا الحق فهل الشيخ يحي مثلاً لايعتبر من العلماء بلا وربي إنه ذروة علماء اليمن بشهادة الإمام الو ادعي بل الخير الذي معه يشهد له ثم إن مشايخ الدار قد وافقوه على هذا الأمر كجميل وأبي عمرو ومحمد حزام وغيرهم فليس من العدل أن يقال نحن مع العلماء يعني وغيرنا ليسوا مع العلماء فإذن هذه شبهة هزيلة
(9) إن سلمنا جدلاًً أن هؤلاء المشايخ قد نقضوا قول شيخنا ومن معه وتكافأت الحجج فليس من العدل أن يلزم الشخص بقول أحد دون الأخر حتى يحرر موطن النزاع وتقوى حجة احد الفريقين كيف وقد أقام علامة اليمن يحي الحجوري أضعاف أضعاف الأدلة والبراهين على حزبية العدني ولم يأتي هؤلاء بشئ إلى الآن وغاية مافيه أنهم يقولون لم تظهر لنا حزبية العدني ومثل هذا لايجعل لكلام شيخنا أي اعتراض بل يزيده قوةًً لأنه على بصيرة مما قال ولأن كلمة لم تظهر لي أولم يتبين لي بحاجة إلى أن يبحث هذا الشخص عن الحق لنفسه وأن يدعوا الله أن يريه الحق لا أن الناس يتبعونه على هذا الخفاء فهل يلام شيخنا على ظهور الحق له والدعوة إليه أم يلام من يدعوا الناس إلى عدم الوضوح والله المستعان
(10)إن فيها إلزام بأخذ قول فلان وفلان وإن لم يكن الحق معه والأصل أن يؤخذ الصواب من أهل الحق ولو كان واحداًً ومن السلف الصالح الذين فهموا الكتاب والسنه على ماراد الله ورسوله فلابد أن نفهم كما فهموا لأن الله يقول] وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [ (115) قال الشوكاني غير سبيل المؤمنين أي غير طريقهم وهو ماهم عليه من دين الإسلام والتمسك بأحكامه وقال القرطبي المشاقة المعاداة والآية وإن كانت نزلت في سارق الدرع (فهي عامة في كل من خالف طريق المسلمين) وقال ابن جرير ويتبع غير سبيل المؤمنين أي يتبع طريق غير طريق أهل التصديق ويسلك منهاجاً غير منهاجهم وقال تعالى] فَإن آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإن تَوَلَّوْا فإنما هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة (137
فالسلف هم الذين أتوا بقاعدة المثبت مقدم على النافي والجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم ومن علم حجه على من لم يعلم إلى أخر هذه القواعد التى أدلتها من الكتاب والسنه فردها رد لمنهج السلف الذي يدعي هؤلاء أنهم يسيرون عليه فهل نهدم مثل هذه القواعد الأصيلة والأدلة المتينة بالشبه البرمكية والحجج الخلفية والأقوال الواهية والآراء النابية وهي حجج كالزجاج سريعة العطب وكما قيل
حجج تهافت كالزجاج تخالها حقاًً وكل كاسر مكسور
]فمالكم كيف تحكمون [
(11) ومما ينقضها أننا إن أخذنا بكتاب ربنا وسنة نبينا وبقول السلف هل يوجه اللوم علينا وبأننا لم نسمع لنصائح العلماء
ولم نوقف الملازم والأشرطة فنقول نحن أخذنا بمنهج سلفنا وهم السواد الأعظم والجمهور الأكبر فنحن إذاًً مع السلف مع ابن عمر وابن عباس وأبي قلابة وشعبة وأبي حاتم وابن المديني ويحي بن سعيد والبخاري وأحمد وأبن معين وسفيان وابن تيميه وابن القيم وغيرهم ممن أقام مثل هذه القواعد ونصرها واتبعها فعلم من هذا أن قولهم مع العلماء إنماهم مع ثلاثة أوأربعة وأهل السنة بدار الحديث بدماج مع علماء السلف الذين علمهم أسلم وأحكم قال تعالى]أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ[قال ابن مسعود [استنوا بمن مات فإن الحي لأتؤمن عليه الفتنه]
(12)ومن الأجوبة أيضاء على هذا التأصيل أن المشايخ يقولون للناس وقفوا وما معنى هذا التوقف؟ قال ابن القيم [فاصل ضلال بني ادم من الألفاظ ألمجمله والمعاني المشتبه ولاسيما إذا صادفت أذهاناً مخبطه فكيف إذا أنضاف إلى ذلك هواً وتعصب ] الصواعق ج3ص928
وقال في شفاء العليل ص 25 [وكل من أصل أصلاً لم يؤصله الله ورسوله قاده قسراًً إلى رد السنة وتحريفها عن مواضعها]
قلت ومن ثم لم يجعل الله منزله بين المنزلتين أوحق وباطل ووسط وإنما جعل حقا وباطلاًً وكفراً وإسلاماًً وسنةًً وبدعةًً وطاعةً ومعصيةًً فهل يستطيع إنسان أن يقيم دليلاًً على هذه الوسطية بل إن هذه الوسطية مذمومة لأنها تشبه بالمنافقين قال الله ] مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إلى هَؤُلَاءِ وَلَا إلى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا [(143)
والواقفة الذين يقولون عن القرآن لامخلوق ولاغير مخلوق ذمهم الأمام أحمد فلا بد من الوضوح إما إلى الحق فالنجاة أو إلى الباطل فالخسارة وقد قال تعالى]فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأنى تُصْرَفُونَ[ يونس(32)
قال الشوكاني في فتح القدير عند الآية والمعنى أي شيء بعد الحق إلا الضلال وقال ابن جرير فأي شيء سوى الحق إلا الضلال وهو الجور عن قصد السبيل وقوله فأنا تصرفون أي فاى وجه عن الهدى والحق تصرفون وسواهما تسلكون أهـ
وقال القرطبي فيها ثمان مسائل المسألة الثانية قال علماءنا (حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله وكذلك هو الأمر في نظائرها وهي مسائل الأصول التي الحق فيها في طرف واحد )
وقال في المسألة الأولى وقال بعضهم إن الكفر تغطية الحق وكل ماكان غير الحق جرى هذا المجرى فالحرام ضلال والمباح هدى فإن الله هو المبيح والمحرم وقال البقاعى في نظم الدرر عند الآية(إلا الضلال فإنه لأواسطه بينهما بما أنبأعنه في إسقاط الجار ولا يعدل عاقل عن الحق عن الضلال فأنى تصرفون أنتم عن الحق إلى الضلال ) وقال تعالى
]إنا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا[ألأنسأن (3)
قال القرطبي في تفسيره إي بينا له وعرفناه طريق الهدى والضلال والخير والشر ببعث الرسل كقوله ]وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [ قال مجاهد أي بينا له السبيل إلى الشقاء والسعادة إما شاكراً وإما كفورا إي أيهما فعل فقد بينا له
وقال تعالى]وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ[ البلد (10) قال الشوكاني في فتح القدير عند الايه { وهديناه النجدين } النجد : الطريق في ارتفاع قال المفسرون : بينا له طريق الخير وطريق الشر قال الزجاج : المعنى ألم نعرفه طريق الخير وطريق الشر مبينتين كتبين الطريقين العاليتين
وقال ابن جرير يقول تعالى ذكره وهديناه الطريقين والنجد طريق في ارتفاع ثم ذكر أثر عبد الله من طريق عاصم عن زر وهو حسن أنه قال وهديناه النجدين قال الخير والشر أهـ
فمما ينبغي على المشايخ وفقهم الله أنهم إذا راو رجلاًً قال قد استبان لي الحق أن يقول له أحمد الله واثبت على الحق الذي رايته لاأن يقولوا ننصحك أن تكون مع العلماء يعني متوقفاًً ولأحول ولاقوة إلا بالله
قال الإمام الشافعي أجمع العلماء أنه من استبانت له سنة رسول الله فلا يسعه أن يتركها لقول احد كائناً من كان
(13)أنه يراد من هذه القاعدة التوصل للدفاع عن أهل الباطل الذين علم ضررهم وأذيتهم وتحزبهم وشدة عنتهم على أهل السنه وابتغاهم الفتنه إلى أخر ذلك وقد قال الله ولاتكن للخائنين خصيما (105)النساء
قال القرطبي في تفسيره عند الآية فنهى الله رسوله عن عضد أهل التهم والدفاع عنهم بما يقوله خصمهم من الحجة (وفي هذا دليل على أن النيابة عن المبطل والمتهم بالخصومة لاتجوز فلا يجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه محق )
وقال المسألة الرابعة قال العلماء لاينبغي إذا ظهر للمسلمين نفاق قومٍٍ أن يجادل فريق منهم فريقاًً عنهم ليحموهم وليدفعوا عنهم
وقال الشوكاني عند الايه ولاتكن للخائنين ( أي لأجل الخائنين خصيماً أي مخاصماً عنهم مجادلاًً للمحقين بسببهم وفيه دليل على أنه لايجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه محق )
فعلم من هذا أن قولهم كونوا مع العلماء حجة واهية لأنهم يعدون على الأصابع والحق لم يحالفهم في هذه الفتنه وأهل السنه بدار الحديث بدماج هم على الكتاب والسنه وفهم السلف فهم مع السواد الأعظم الذين علمهم أسلم وأحكم [أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده]
وبهذا يكون قد انتسفت هذه العلة العليلة والشبهة الهزيلة والحجة الكليلة
[1] إعلام الموقعين
فلِما يُلام شيخنا أن اتبع ما أنزل من الكتاب ووفقه الله لمعرفة الحق فأخذ به وعض عليه بالنواجذ ودعا إليه بسبب ماأتاه الله من البصيرة والتمسك بالسنة والتضلع العلمي وتوسمه للبدع ومعرفتها كما قال تعالى] إن فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ[ الحجر (75)وقال [وتلك الأمثال تضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون] وغيره في كل فتنة يتخبط يمنةًً ويسرةًً ويدعوا إلى التوقف فإذا لايلدغ المرء من جحر مرتين.
ومما يؤيد ذلك قول الله:
] وما أتاكم الرسول فخذوه [ وقوله تعالى]ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي [ والقاعدة يستدل لها ثم يستدل بها وكما قيل ثبت عرشك ثم أنقش فإتباع شخص أوشخصين أوعشره بدون دليل ليس بدليل قال شيخ الإسلام كما في التسعينيه _ج1/157- إن الناس عليهم أن يجعلوا كلام الله ورسوله هو الأصل المتبع والإمام المقتدى به وأما ماسوى كلام الله فلا يجوز أن يجعل بحال
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين ج2ص113:
فهؤلاء من الصحابة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي ابن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وزيد ابن ثابت وسهل بن حنيف ومعاذ بن جبل ومعاوية خال المؤمنين وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم يخرجون الرأي عن العلم ويذمونه ويحذرون منه وينهون عن الفتيا به ومن اضطر منهم إليه أخبر أنه ظن وأنه ليس على ثقة منه وأنه يجوز أن يكون منه ومن الشيطان وأن الله ورسوله بريء منه وأن غايته أن يسوغ الأخذ به عند الضرورة من غير لزوم لاتباعه ولا العمل به فهل تجد من أحد منهم قط أنه جعل رأي رجل بعينه دينا تترك له السنن الثابتة عن رسول الله r - ويبدع ويضلل من خالفه إلى إتباع السنن :اهـ
قلت فأنظر إلى ورع السلف وورع أهل زماننا فالبون شاسع
(4)أنها تدعوا إلى التقليد بإتباع هؤلاء الأشخاص بدون حجه والتقليد حرام وهو إتباع من ليس بحجة بلا حجه وهولاء لاحجة لهم في هذه المسألة
وهو من صفات الجاهلية قال الله عنهم [إنا وجدنا آبائنا على أمه وإنا على آثارهم مقتدون] (22)الزخرف
قال الشوكاني فاعترفوا بأنه لا مستند لهم سوى تقليد آبائهم ومعنى على أمة أي على طريقة ومذهب
وقال السعدي وهذا الاحتجاج من هؤلاء المشركين الضالين، بتقليدهم لآبائهم الضالين، ليس المقصود به إتباع الحق والهدى، وإنما هو تعصب محض، يراد به نصرة ما معهم من الباطل.
وقوله ]وإذا قيل لهم اتبعوا ماأ نزل الله قالوا بل نتبع ماوجدنا عليه آباؤنا[ (21)سورة لقمان
قال الشوكاني في فتح القدير
أي إذا قيل لهؤلاء المجادلين والجمع باعتبار معنى من اتبعوا ما أنزل الله على رسوله من الكتاب تمسكوا بمجرد التقليد البحت اهـ
وأنظر إلى نموذج من ورع السلف وأنهم ينهون وينؤن عن التقليد ولو كان لأقرب قريب فهذا ابن عمر عندما سئل عن متعة الحج فقال حلال فقالوا إن أباك ينهى عنها فقال أرأيت إن أمر بها رسول الله ونهى عنها عمر فمن اتبع قالوا رسول الله فابن عمر لم يقلد أباه
وهذا ابن عباس كان يقول قال الله قال رسوله في مسألة من المسائل وبعض الناس يقول قال أبو بكر وعمر فقال أقول لكم قال الله قال رسوله وتقولون قال أبو بكر وعمر أراكم ستهلكون وقال الأمام البخاري سمعت الحميدى يقول كما عند الشافعي فأتاه رجل فسأل عن مسألة فقال قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فقال رجل للشافعي وما تقول أنت فقال الشافعي سبحان الله تراني في كنيسة تراني في بيعة تراني على وسطي زناراًً أقول لك قضى رسول الله وأنت تقول ماتقول أنت اخرجه البيهقي في مناقب الشافعية (1/473
وقال أحمد عجبت لمن يعرف الإسناد وصحته يعمد إلى رأى سيفان وقال الأمام ابن حزم عن قوله فاسئلو أهل الذكر أن كنتم لاتعلمون قال كذب مؤلوها إن الله أمر الناس أن يسئلوا أهل الذكر عن الذكر ولم يأمرهم أن يسئلوهم عن آرائهم.
وفي الحقيقة أن الذي يقول مثل هذا الكلام ينطبق عليه قول ابن القيم في مقدمة النونية مع شرح الهراس ج 1ص8 قال وهو يتحدث عن القلب الثاني الذي هو مضروب بسياط الجهالة قال وقد لبس حلة منسوجة من الجهل والتقليد والشبهة والعناد فإذا بذلت له النصيحة ودعي إلى الحق أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد فما أعظم المصيبة بهذا وأمثاله على الإيمان وما أشد الجنايه به على السنة والقران
(5) أنها تدعوا إلى رد الحق فإذا كان الحق مع عالم وغيره لم يوافقه عليه فيلزم منها أننا نرد قول هذا العالم وهذا رد للحق الذي أتى به هذا العالم وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم ]أَلَمْ يَأن لِلَّذِينَ آَمَنُوا أن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ[
قال السعدي أي: ألم يجئ الوقت الذي تلين به قلوبهم وتخشع لذكر الله، الذي هو القران، وتنقاد لأوامره وزواجره، وما نزل من الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
وقال ابن جرير( أَلَمْ يَأن لِلَّذِينَ آمَنُوا ) : ألم يحن للذين صدقوا الله ورسوله أن تلين قلوبهم لذكر الله، فتخضع قلوبهم له، ولما نزل من الحقّ، وهو هذا القران الذي نزله على رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قال ابن كثير أما أن للمؤمنين أن تخشع أي تلين عند الموعظة والذكر وسماع القران فتفهمه وتنقاد له وتسمع له وتطيعه
قلت ورد الحق يعتبر تشبهاًً بأهل الكتاب كما قال تعالى [ولا يكونوا كالذين اوتو الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد] قال ابن كثير نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملو الكتاب قبلهم من اليهود والنصارى لما تطاول عليهم الأمد بدلوا كتاب الله الذي بأيديهم واشتروا به ثمنا قليلاًً ونبذوه وراء ظهورهم وأقبلوا على الآراء المختلفة والأقول المؤتفكة وقلدوا الرجال في دين الله واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله فعند ذلك قست قلوبهم فلا يقبلون موعظة ولاتلين قلوبهم بوعد ولا وعيد إلى أن قال (ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شئ من الأمور الاصليه والفرعية )قال ابن القيم في شفاء العليل صـ (25)وكل من أصل أصلاًً لم يؤصله الله ورسوله (قاده قسرا إلى رد السنة وتحريفها عن مواضعها)
(6) أنها تجرّءُ أهل البدع على أهل السنه وكم تكلم أهل الباطل على أهل السنه فمثلا في هذه الفتنه يقوم البرامكه بالطعن الشديد على شيخنا ودار الحديث وطلابها فإذا رد عليهم أهل الحق يتبجحون بقولهم نحن مع العلماء وبهذا يضيع الحق وهذا هو الذي يسبب الضعف بسبب تخاذل بعضهم وخذل المحق وعدم نصره مما يربك الناس ويجعلهم كالشاة العائرة بين غنمين فيجب نصر المحق وعدم خذلانه ونصر أهل الحق وقد طلب عيسى عليه السلام النصرة على الحق كما قال تعالى(كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أنصَارِي إلى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) وقد طلب النبي rالنصرة فقال[من يؤيني لأبلغ رسالة ربي] وكلما ماقويت الألفة والمحبة والتناصر والتضافر كلما تصاغر أهل البدع وذلوا وقد اثنى الله عزوجل على المؤمنين بأن فيهم هذه الصفات الحميدة فقال تعالى(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إن اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة (71) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي موسى المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاًً وشبك بين أصابعه قال المباركفوري في منة المنعم ج4ص178 قال قوله يشد بعضه بعضا أي يقويه وهو بيان لوجه الشبه وفيه حث المؤمنين على التعاون فيما يباح لهم من أمور الدنيا والآخرة وقال في حديث النعمان بن بشير ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )
قال في توادهم من الود وهو المحبة وتراحمهم من الرحمة وتعاطفهم من العطف وهو الميل إلى احد بالشفقة والإحسان قوله تداعى له سائر الجسد قال أي أهتم ودعا بعضه بعضا إلى المشاركة في الألم وقال النووي باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم قال شارحاًً للحديث قوله المؤمن للمؤمن .......إلى آخره
وفي الحديث الآخر مثل المؤمنين في توادهم فذكره فقال هذه الأحاديث صريحة في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم ولا مكروه
قال العلامة الهرري في شرحه على مسلم ج6ص569
قوله المؤمن للمؤمن قال تمثيل يفيد الحض على معونة المؤمن للمؤمن ونصرته وأن ذلك أمر متأكد لابد منه فإن البناء لايتم أمره ولا تحصل فائدته إلا بأن يكون بعضه يمسك بعضاًً ويقويه فإن لم يكن كذلك انحلت أجزؤاه وخرب بناؤه كذلك المؤمن لايستقل بإمور دنياه ودينه إلا بمعونة أخيه ومعاضدته ومناصرته فإن لم يكن ذلك عجز عن القيام بكل مصالحه وعن مقاومة مضادة فحين إذ لأيتم له نظام دنيا ولادين ويلتحق بالهالكين قال ومقصود التمثيل الحض على مايتعين من محبة المؤمن ونصيحته والتهمم بأمره وقول الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم أخوا المسلم لايخذله ....الخ
أخرجه مسلم عن أبى هريرة قال قوله يخذله قال من باب نصره أي لايتركه لمن يظلمه ولاينصره وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أنصر أخاك ظالما أومظلوماًً رواه البخاري والمعنى لايترك نصره ومعونته إذا احتاج إليه في الحق قاله القاضي وقال النووي معناه إذا استعان به في دفع ظالم أو نحوه لزمه إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي وقال الحافظ في الفتح ج5ص97 أي لايتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع وهذا أخص من ترك الظلم وقد يكون واجباًً أومندوباًً بحسب اختلاف الأحوال أهـ بتصرف غير مخل من شرح الهر ري
وبنحوه قال القرطبي في المفهم ج6ص536 وليعلم هؤلاء المخذلين أن التخذيل فيه خطر عظيم فربما عوقبوا لأن الله يقول (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كانوا يَفْسُقُونَ (165) )
قال الشوكاني في فتح القدير
واعلم أن ظاهر النظم القرآني هو أنه لم ينج من العذاب إلا الفرقة الناهية التي لم تعص لقوله : { أنجينا الذين ينهون عن السوء } وأنه لم يعذب بالمسخ إلا الطائفة العاصية لقوله : { فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين } فإن كانت الطوائف منهم ثلاثا كما تقدم فالطائفة التي لم تنه ولم تعص يحتمل أنها ممسوخة مع الطائفة العاصية لأنها قد ظلمت نفسها بالسكوت عن النهي وعتت عما نهاها الله عنه
وقال الطبري وقال آخرون بل الفرقة التي قالت لم تعظون قوما كانت مع الفرقة الهالكة
قلت والحق أن أهل التفسير اختلفوا هل الساكتون هلكوا مع الهالكين أم نجوا فأقول إذا كانوا هلكوا ) فيؤيده قول الرسول صلى الله عليه وسلم إن الناس إذا راوي الظالم فلم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده أخرجه الترمذي وصححه الألباني وقوله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن بيد الظالم أو ليسلطن الله عليكم عقابا من عنده فتدعونه فلا يستجاب لكم أخرجه الترمذي عن حذيفة وصححه الألباني وأنظر رحمك الله فهؤلاء الذين لم يذكرهم الله أنهم نجوا أوهلكوا أنكروا هذا المنكر بقلوبهم بل قالوا للأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لم تعظون قوما الله مهلكهم أومعذبهم فكيف بمن سكت بل فكيف بمن ناصر أهل الباطل والله المستعان
(7)أن فيها إضعاف لمن أبرز الحق وأتى بالأدلة وتضيع جهوده التي بذلها في نصرة الحق والحط من شأنه وعدم قبول كلامه وتهميشه وعدم معرفة حقه فيما يقوم به من الجهاد في سبيل الله بالحجة واللسان والدليل والبرهان الذي هو من أعظم الجهاد وهذا والله من الظلم والله يقول ] وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإن تَوَلَّوْا فَإني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3) [ قال القرطبي {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} أي يؤت كل ذي عمل من الأعمال الصالحات جزاء عمله. وقيل : ويؤت كل من فضلت حسناته على سيئاته "فضله" أي الجنة ، وهي فضل الله ؛ فالكناية في قوله : "فضله" ترجع إلى الله تعالى. وقال مجاهد : هو ما يحتسبه الأنسان من كلام يقوله بلسانه ، أو عمل يعمله بيده أو رجله ، أو ما تطوع به من ماله فهو فضل الله ، يؤتيه ذلك إذا آمن ،
وقال الشوكاني أي يعطي كل ذي فضل في الطاعة والعمل فضله إما في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا أهـ
وقد نهى الله عزوجل عن الظلم فقال ]وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ [ الأعراف
قال الشوكاني (وفيه النهي عن البخس على العموم) وقال ابن جرير ولاتظلمو الناس حقوقهم ولا تنقصوهم إياها وقد ثبت من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ولا تبخس الناس أشياءهم يقول لاتظلموا الناس أشياءهم قلت رواية سعيد عن قتادة في التفسير قواها أحمد وقال إن سعيداًً حفظها عن قتادة كما في سؤلات أبي داود قلت وإن كان السياق في ذكر المكيال والميزان فهي عامه كما قال الشوكاني بل إن أعظم البخس بخس العالم حقه فيما أبرز من الحجج والبراهين فهل من العدل والأنصاف أن يهضم حق هذا العالم بحجج أوهى من خيط العنكبوت فيقال أنه مجتهد مخطي أو أنه لوتأنى وما تسرع إلى غير هذا الإجحاف والله المستعان والحمد لله فالحق أبلج من الشمس وكما قيل
الم ترى أن الحق تلقاه ابلجا... وأنك تلقى باطل القول لجلجا
وكون الصدع بالحق وبيان حال المبطلين من أعظم الجهاد عليه قول علماء الأمة قال يحي بن يحي الذب عن السنه أفضل من الجهاد في سبيل الله وسئل أحمد عن الرجل يصلى ويصوم ويعمل كثيراًََ من أعمال البر أو يرد على أهل البدع قال الصلاة والصيام والزكاة هذا لنفسك والرد على أهل البدع للمسلمين يعني هذا أنفع.
قال الإمام ابن القيم في مقدمة النونية فالجهاد بالحجة واللسان مقدم على الجهاد بالسيف والسنان ولهذا أمر الله به في السور المكية حيث لإجهاد باليد إنذارا وتعذيرا قال الله تعالى(فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداًًكبيراًً فالجهاد بالحجة والعلم جهاد أنبيائه ورسله وخاصته من عباده المخصوصين بالهداية والتوفيق والاتفاق ومن مات ولم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق وكفى بالعبد عمىً وخذلآناً أن يرى عساكر الإيمان وجنود السنة والقران وقد لبسوا للحرب لامته وأعدو له عدته وأخذو مصافهم ووقفوا مواقفهم وقد حمي الوطيس ودارت رحى الحرب واشتد القتال وتنادت الأقران النزال النزال وهو في الملجئ والمغارات والمدخل مع الخوالف كمين وإذا ساعد القدر وعزم على الخروج قعد فوق التل مع الناظرين ينظر لمن الدائرة ليكون إليهم من المتحيزين ثم يأتيهم وهو يقسم بالله جهد أيمانه إني كنت معكم وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمه ألايبيعها بأبخس الأثمان وألا يعرضها غداًً بين يدي الله ورسوله لمواقف الخزي والهوان أهـ أنظر كيف يعظم ابن القيم هذا الجهاد وكيف يصف أهله وبعض الناس يقول ليس له داعي بل إن علم الحديث والجرح والتعديل حراسه للدين وللأرض قال سفيان الثوري الملائكة حراس السماء وأهل الحديث حراس الأرض أهـ ومن ذورة علماء الحديث في هذا العصر هو شيخنا يحي حفظه الله وكونه فيه عدم إعطائه حقه ولاسيما أن صاحب الحق لابد أن يعرف له حقه وصولته فيه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم [إن لصاحب الحق مقالاًً] أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة وبوب عليه البخاري فقال باب لصاحب الحق مقالاًً قال المناوي في فيض القدير رقم 4227 دعوه فإن لصاحب الحق مقالاًً أي صولة الطلب وقوت الحجة فلا يلام إذا تكرر طلبه لحقه وكذا قال القرطبي كما في المفهم ج 4ص509 والعيني في عمدة القاري ج6ص136 والقسطلاني في إرشاد الساري ج5ص279 -280
(8)أن إطلاقها بما يعنون أو يريدون فيه غش وتلبيس فنقول ماالمقصود بالعلماء هل هم علماء السلف فإن كان علماء السلف فنحن معهم وإن كان الذين تقصدونهم في هذه الفتنه والذين هم إثنين أوثلاثة أوأربعة فنقول هاتوا دليلاً في أن الله ورسوله حصروا العلماء في هؤلاء النفر ثم نقول نحن في هذه الفتنه أيضاً مع العلماء الذين أبرزوا الحق فهل الشيخ يحي مثلاً لايعتبر من العلماء بلا وربي إنه ذروة علماء اليمن بشهادة الإمام الو ادعي بل الخير الذي معه يشهد له ثم إن مشايخ الدار قد وافقوه على هذا الأمر كجميل وأبي عمرو ومحمد حزام وغيرهم فليس من العدل أن يقال نحن مع العلماء يعني وغيرنا ليسوا مع العلماء فإذن هذه شبهة هزيلة
(9) إن سلمنا جدلاًً أن هؤلاء المشايخ قد نقضوا قول شيخنا ومن معه وتكافأت الحجج فليس من العدل أن يلزم الشخص بقول أحد دون الأخر حتى يحرر موطن النزاع وتقوى حجة احد الفريقين كيف وقد أقام علامة اليمن يحي الحجوري أضعاف أضعاف الأدلة والبراهين على حزبية العدني ولم يأتي هؤلاء بشئ إلى الآن وغاية مافيه أنهم يقولون لم تظهر لنا حزبية العدني ومثل هذا لايجعل لكلام شيخنا أي اعتراض بل يزيده قوةًً لأنه على بصيرة مما قال ولأن كلمة لم تظهر لي أولم يتبين لي بحاجة إلى أن يبحث هذا الشخص عن الحق لنفسه وأن يدعوا الله أن يريه الحق لا أن الناس يتبعونه على هذا الخفاء فهل يلام شيخنا على ظهور الحق له والدعوة إليه أم يلام من يدعوا الناس إلى عدم الوضوح والله المستعان
(10)إن فيها إلزام بأخذ قول فلان وفلان وإن لم يكن الحق معه والأصل أن يؤخذ الصواب من أهل الحق ولو كان واحداًً ومن السلف الصالح الذين فهموا الكتاب والسنه على ماراد الله ورسوله فلابد أن نفهم كما فهموا لأن الله يقول] وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [ (115) قال الشوكاني غير سبيل المؤمنين أي غير طريقهم وهو ماهم عليه من دين الإسلام والتمسك بأحكامه وقال القرطبي المشاقة المعاداة والآية وإن كانت نزلت في سارق الدرع (فهي عامة في كل من خالف طريق المسلمين) وقال ابن جرير ويتبع غير سبيل المؤمنين أي يتبع طريق غير طريق أهل التصديق ويسلك منهاجاً غير منهاجهم وقال تعالى] فَإن آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإن تَوَلَّوْا فإنما هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة (137
فالسلف هم الذين أتوا بقاعدة المثبت مقدم على النافي والجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم ومن علم حجه على من لم يعلم إلى أخر هذه القواعد التى أدلتها من الكتاب والسنه فردها رد لمنهج السلف الذي يدعي هؤلاء أنهم يسيرون عليه فهل نهدم مثل هذه القواعد الأصيلة والأدلة المتينة بالشبه البرمكية والحجج الخلفية والأقوال الواهية والآراء النابية وهي حجج كالزجاج سريعة العطب وكما قيل
حجج تهافت كالزجاج تخالها حقاًً وكل كاسر مكسور
]فمالكم كيف تحكمون [
(11) ومما ينقضها أننا إن أخذنا بكتاب ربنا وسنة نبينا وبقول السلف هل يوجه اللوم علينا وبأننا لم نسمع لنصائح العلماء
ولم نوقف الملازم والأشرطة فنقول نحن أخذنا بمنهج سلفنا وهم السواد الأعظم والجمهور الأكبر فنحن إذاًً مع السلف مع ابن عمر وابن عباس وأبي قلابة وشعبة وأبي حاتم وابن المديني ويحي بن سعيد والبخاري وأحمد وأبن معين وسفيان وابن تيميه وابن القيم وغيرهم ممن أقام مثل هذه القواعد ونصرها واتبعها فعلم من هذا أن قولهم مع العلماء إنماهم مع ثلاثة أوأربعة وأهل السنة بدار الحديث بدماج مع علماء السلف الذين علمهم أسلم وأحكم قال تعالى]أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ[قال ابن مسعود [استنوا بمن مات فإن الحي لأتؤمن عليه الفتنه]
(12)ومن الأجوبة أيضاء على هذا التأصيل أن المشايخ يقولون للناس وقفوا وما معنى هذا التوقف؟ قال ابن القيم [فاصل ضلال بني ادم من الألفاظ ألمجمله والمعاني المشتبه ولاسيما إذا صادفت أذهاناً مخبطه فكيف إذا أنضاف إلى ذلك هواً وتعصب ] الصواعق ج3ص928
وقال في شفاء العليل ص 25 [وكل من أصل أصلاً لم يؤصله الله ورسوله قاده قسراًً إلى رد السنة وتحريفها عن مواضعها]
قلت ومن ثم لم يجعل الله منزله بين المنزلتين أوحق وباطل ووسط وإنما جعل حقا وباطلاًً وكفراً وإسلاماًً وسنةًً وبدعةًً وطاعةً ومعصيةًً فهل يستطيع إنسان أن يقيم دليلاًً على هذه الوسطية بل إن هذه الوسطية مذمومة لأنها تشبه بالمنافقين قال الله ] مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إلى هَؤُلَاءِ وَلَا إلى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا [(143)
والواقفة الذين يقولون عن القرآن لامخلوق ولاغير مخلوق ذمهم الأمام أحمد فلا بد من الوضوح إما إلى الحق فالنجاة أو إلى الباطل فالخسارة وقد قال تعالى]فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأنى تُصْرَفُونَ[ يونس(32)
قال الشوكاني في فتح القدير عند الآية والمعنى أي شيء بعد الحق إلا الضلال وقال ابن جرير فأي شيء سوى الحق إلا الضلال وهو الجور عن قصد السبيل وقوله فأنا تصرفون أي فاى وجه عن الهدى والحق تصرفون وسواهما تسلكون أهـ
وقال القرطبي فيها ثمان مسائل المسألة الثانية قال علماءنا (حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله وكذلك هو الأمر في نظائرها وهي مسائل الأصول التي الحق فيها في طرف واحد )
وقال في المسألة الأولى وقال بعضهم إن الكفر تغطية الحق وكل ماكان غير الحق جرى هذا المجرى فالحرام ضلال والمباح هدى فإن الله هو المبيح والمحرم وقال البقاعى في نظم الدرر عند الآية(إلا الضلال فإنه لأواسطه بينهما بما أنبأعنه في إسقاط الجار ولا يعدل عاقل عن الحق عن الضلال فأنى تصرفون أنتم عن الحق إلى الضلال ) وقال تعالى
]إنا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا[ألأنسأن (3)
قال القرطبي في تفسيره إي بينا له وعرفناه طريق الهدى والضلال والخير والشر ببعث الرسل كقوله ]وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [ قال مجاهد أي بينا له السبيل إلى الشقاء والسعادة إما شاكراً وإما كفورا إي أيهما فعل فقد بينا له
وقال تعالى]وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ[ البلد (10) قال الشوكاني في فتح القدير عند الايه { وهديناه النجدين } النجد : الطريق في ارتفاع قال المفسرون : بينا له طريق الخير وطريق الشر قال الزجاج : المعنى ألم نعرفه طريق الخير وطريق الشر مبينتين كتبين الطريقين العاليتين
وقال ابن جرير يقول تعالى ذكره وهديناه الطريقين والنجد طريق في ارتفاع ثم ذكر أثر عبد الله من طريق عاصم عن زر وهو حسن أنه قال وهديناه النجدين قال الخير والشر أهـ
فمما ينبغي على المشايخ وفقهم الله أنهم إذا راو رجلاًً قال قد استبان لي الحق أن يقول له أحمد الله واثبت على الحق الذي رايته لاأن يقولوا ننصحك أن تكون مع العلماء يعني متوقفاًً ولأحول ولاقوة إلا بالله
قال الإمام الشافعي أجمع العلماء أنه من استبانت له سنة رسول الله فلا يسعه أن يتركها لقول احد كائناً من كان
(13)أنه يراد من هذه القاعدة التوصل للدفاع عن أهل الباطل الذين علم ضررهم وأذيتهم وتحزبهم وشدة عنتهم على أهل السنه وابتغاهم الفتنه إلى أخر ذلك وقد قال الله ولاتكن للخائنين خصيما (105)النساء
قال القرطبي في تفسيره عند الآية فنهى الله رسوله عن عضد أهل التهم والدفاع عنهم بما يقوله خصمهم من الحجة (وفي هذا دليل على أن النيابة عن المبطل والمتهم بالخصومة لاتجوز فلا يجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه محق )
وقال المسألة الرابعة قال العلماء لاينبغي إذا ظهر للمسلمين نفاق قومٍٍ أن يجادل فريق منهم فريقاًً عنهم ليحموهم وليدفعوا عنهم
وقال الشوكاني عند الايه ولاتكن للخائنين ( أي لأجل الخائنين خصيماً أي مخاصماً عنهم مجادلاًً للمحقين بسببهم وفيه دليل على أنه لايجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه محق )
فعلم من هذا أن قولهم كونوا مع العلماء حجة واهية لأنهم يعدون على الأصابع والحق لم يحالفهم في هذه الفتنه وأهل السنه بدار الحديث بدماج هم على الكتاب والسنه وفهم السلف فهم مع السواد الأعظم الذين علمهم أسلم وأحكم [أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده]
وبهذا يكون قد انتسفت هذه العلة العليلة والشبهة الهزيلة والحجة الكليلة
[قد مكر الذين من قبلهم فاتا الله بنيانهم من القواعد وخر عليهم السقف من فوقهم]
[فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين]
[فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين]
وكتبة
أبو عبد الله عمرو بن محمد بن حمود الفقيه
كان الله له في الدارين في مكتبة دار الحديث بدماج
حرسها الله وحفظ القائم عليها ومتع به الإسلام والمسلمين
أبو عبد الله عمرو بن محمد بن حمود الفقيه
كان الله له في الدارين في مكتبة دار الحديث بدماج
حرسها الله وحفظ القائم عليها ومتع به الإسلام والمسلمين
[1] إعلام الموقعين
حمل الرسالة
من الخزانة العلمية
من هنا
تعليق