• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

النصح الثمين للدعاة الإندونيسيين في حكم مكث المراة في المراكز لطلب العلم الشرعي بدون محرم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النصح الثمين للدعاة الإندونيسيين في حكم مكث المراة في المراكز لطلب العلم الشرعي بدون محرم

    النصح الثمين
    للدعاة الإندونيسيين

    في حكم مكث المراة في المراكز لطلب العلم الشرعي بدون محرم


    كتبه
    أبو العباس زكريا محجوبي بن أحمد الهاشمي الجزائري
    عفا الله عنه




    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد  وعلى آله أجمعين أما بعد؛
    فإن الله  يقول في كتابه الكريم ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله﴾ [آل عمران/110]. وقوله تعالى ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء/114]. وقوله تعالى ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران/104]. وفي صحيح مسلم عن أبي رقية تميم بن أوس الداري  أن النبي  قال $الدين النصيحة# قلنا لمن قال $لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم#.
    عملا بهذه النصوص المحكمة العظيمة أكتب هذه النصائح والتنبيهات موجهة إلى إخواننا الدعاة الأفاضل في بلاد إندونيسيا - وفقهم الله لكل خير- راجيا من الله  أن يجعل لها القبول عندهم وأن يجعلها خالصة لوجه الكريم وهذه الأمور هي متعلقة بالمراكز التي أنتم قائمون عليها في بلادكم إندونيسيا - نسأل الله لنا ولكم التوفيق والإعانة على نشر العلم النافع على طريقة السلف الصالح-.
    وبعض هذه الأمور يا إخواننا وفقكم الله رأيت فيها خطرا عظيما لا يجوز لمن علم بها أن يسكت عنها، فكنت أحث بعض إخواني الإندونيسيين على ضرورة النصح فيها ممن هم أهله وذووه لانشغالي ولا زلت بالطلب، ونصح المخطئ واجب فإن الخطأ لا يستولد إلا الخطأ وهو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي كانت به أمتنا خير الأمم.
    ثم جرى في بعض المجالس خاصة مع بعض إخواننا الإندونيسيين ذكر بعضها فحثني على التصدي للنصح بعض أصحابي الفضلاء وهو الأخ سليمان الأمبوني الإندونيسي –حفظه الله وبارك فيه ودفع عنا وعنه وعن جميع المسلمين كل سوء ومكره- فجمعت أشلاء عزمي وأجمعت أمري ونقد خطإ المخطئ ليس من الغيبة أو النميمة أو تتبع العورات أو الحسد أو البغضاء أو العداوة أو حب الرياسة أو مرض القلوب أو ....أو ... إلا عند من ابتلي بهذا.
    إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم
    بل هو من محض النصيحة وقوة المحبة وأداء بعض حقوق الأخوة في الله وتمام الصدق وحقيقة الإيمان و.....
    ولله در إمام دار الهجرة أبي عبد الله مالك : إذ يقول؛ “كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر”.
    والواجب على الناقد تقوى الله ولزوم العدل وأن يتذكر وقوفه بين يدي الله  فليحفظ لسانه وقلمه وجنانه عن الاعتراض بجهل أو بسوء قصد فإن الله عند كل لسان قائل وقلبه وهو مطلع على نيته وكسبه. والواجب على من قدم له نصح موافق للكتاب والسنة قبول ذلك بالصدر الرحب وأن يوقن أن ما ذكر قد ستر الله أكثر منه وأنه مذنب مقصر خطاء معثر لم يقم بما عليه بل ضيع ما عليه وأن من انتقده إنما يبغي إقامه واعتداله لا إسقاطه وزواله فهو كالمرآة تعكس لك ما لا ترى وكاليد تذهب درن اليد وحينها تسمو نفسه فيقبل قلبه النقد بالصدر الرحب لأنه جاد في زكاة نفسه وعقيدته وعمله. وإنما الداء العضال الفتاك القتال على النافد والمنتقد هو اتباع الهوى.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : في (التحفة العراقية في الأعمال القلبية ص 299 / ط مكتبة الرشد)؛ “وكذلك من اعرض عن اتباع الحق الذي يعلمه تبعا لهواه فإن ذلك يورثه الجهل والضلال حتى يعمي قلبه عن الحق الواضح كما قال تعالى ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ وَالله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [الصف/5]. وقال تعالى ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا﴾ [البقرة/10]. وقال تعالى ﴿وَأَقْسَمُوا بِالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ الله وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام/109، 110]”. اهـ
    وقال الإمام الرباني ابن القيم : في روضة المحبين (ص 386-378) “من نصر هواه فسد عليه عقله ورأيه لأنه قد خان الله في عقله فأفسده عليه وهذا شأنه سبحانه وتعالى في كل من خانه في أمر من الأمور فإنه يفسده عليه وقال المعتصم يوما لبعض أصحابه يا فلان إذا نصر الهوى ذهب الرأي وسمعت رجلا يقول لشيخنا إذا خان الرجل في نقد الدراهم سلبه الله معرفة النقد أو قال نسيه فقال الشيخ هكذا من خان الله تعالى ورسوله في مسائل العلم”.
    وقال ذهبي العصر النقاد البصير العلامة الكبير عبد الرحمن بن يحيى المعلمي : في القائد إلى تصحيح العقائد (2/212-213) ضمن التنكيل بعد أن ذكر بحوثا في خفي هوى النفوس قد لا تراها في غيره؛ “وبالجملة فمسالك الهوى أكثر من أن تحصى و قد جربت نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعماً أنه لا هوى لي فيلوح لي فيها معنى، فأقرره تقريراً يعجبني، ثم يلوح لي ما يخدش في ذاك المعنى، فأجدني أتبرم بذاك الخادش و تنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه و غض النظر عن مناقشة ذاك الجواب، و إنما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولاً تقريراً أعجبني صرت أهوى صحته، هذا مع أنه لا يعلم بذلك أحد من الناس، فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس ثم لاح لي الخدش؟ فكيف لو لم يلح لي الخدش و لكن رجلاً آخر أعترض علي به؟ فكيف كان المعترض ممن أكرهه؟ هذا و لم يكلف العالم بأن لا يكون له هوى؟ فإن هذا خارج عن الوسع، وإنما الواجب على العالم أن يفتش نفسه عن هواها حتى يعرفه ثم يحترز منه و يمعن النظر في الحق من حيث هو حق، فإن بان له أنه مخالف لهواه آثر الحق على هواه”. انتهى المراد.
    قلت: هذه منقبة جليلة القدر عظيمة الفضل لا ينالها إلا من جعل هواه تبعا للحق من حيثما سار و يرحل به في أي وادي وينزل به في أي ضيعة فالحق لله ورسوله ومن أحرى الناس أهل الحديث قديما وحديثا. جاء في (تاريخ بغداد 10/380) بسند حسن في ترجمة عبد الله بن الحسن العنبري قال الخطيب: “وكان محمودا ثقة عاقلا من الرجال أن عبد الرحمن قال؛ “كنا في جنازة فيها عبيد الله بن الحسن وهو على القضاء فلما وضع السرير جلس وجلس الناس حوله قال فسألته عن مسألة فغلط فيها فقلت أصلحك الله القول في هذه المسألة كذا وكذا إلا أني لم أرد هذه إنما أردت أن أرفعك إلى ما هو أكبر منها فأطرق ساعة ثم رفع رأسه فقال إذاً أرجع وأنا صاغر إذاً أرجع وأنا صاغر لأن أكون ذنبا في الحق أحب إلي من أن أكون رأسا في الباطل”.
    وفي (تاريخ بغداد 8/242) في ترجمة الإمام القدوة أبي عبد الرحمن البلخي الأصم (ت 237) لما دخل بغداد اجتمع إليه أهل بغداد فقالوا له؛ “يا أبا عبد الرحمن أنت رجل عجمي وليس يكلمك أحد إلا قطعته لأي معنى فقال حاتم معي ثلاث خصال بها أظهر على خصمي قالوا أي شيء هي قال أفرح إذا أصاب خصمي وأحزن له إذا أخطأ وأحفظ نفسي لا تتجاهل عليه فبلغ ذلك أحمد بن محمد بن حنبل فقال سبحان الله ما أعقله من رجل”. اهـ. وانظر السير للذهبي (1/787) والفرق بين النصيحة والتعيير لابن رجب (ص 32).
    وكان الإمام الشافعي يبالغ في هذا المعنى ويقرره لأصحابه حتى قال: “ما نظرت أحدا فباليت أظهرت الحجة على لسانه أو على لساني”. أنظر آداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم (ص 91-92) ومناقب الشافعي للبيهقي (1/ 173- 174).
    وقال الحافظ الرباني ابن رجب: “وهذا يدل على أنه لم يكن له قصد إلا ظهور الحق ولو كان على لسان غيره ممن يناظره أو يخالفه ومن كانت هذه حاله فإنه لا يكره أن يرد عليه قوله ويتبين له مخالفته للسنة لا في حياته ولا في مماته وهذا هو الظن بغيره من أئمة الإسلام الذابّين عنه القائمين بنصره من السلف والخلف ولم يكونوا يكرهون مخالفة من خالفهم أيضا بدليل عرض له ولم يكن ذلك الدليل قويا عندهم بحيث يتمسكون به ويتركون دليلهم له”.
    قال: “.... فلهذا كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم وإن كان صغيرا ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر لهم في غير قولهم”.
    وهذه الكلمات أكتبها عظة لنفسي وتأديبا لها وتذكرة لي ولغيري والله الموفق.
    فانطلاقا من جادة النصيحة حررت هذه العجالة –نسأل الله  أن ينفع بها- والله المستعان.
    إخواننا الدعاة الأفاضل– وفقنا الله وإياكم لكل خير- بلغنا عن مراكزكم(1) حفظكم الله التي أنتم قائمون عليها في بلادكم إندونيسيا أنه يوجد فيها بما يسمى عندكم بتربية النساء وفيه من المخالفات ما يلي:
    1) سفر المرأة مع وليها إلى مراكزكم ثم تترك المرأة في هذا المركز مع النساء اللاتي فيه من طالبات العلم وعودة وليها إلى بلده ومدة دراستها قد تصل إلى سنتين أو ثلاث أو أربع.
    2) خروج تلك المرأة إلى بعض الأسواق التي قد تبعد من المعهد لتأخذ بعض حاجاتها وذلك بدون محرم.
    3) في حالة مرضها على الوجهين:
    1. أن تذهب إلى المستشفى بدون محرم
    2. أو يأخذها القائمون على المركز في سيارة ليوصلونها إليه المستشفى وعمل ما يلزم من علاجها.
    ونوضح لكم –حفظكم الله- هذه المخالفات والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.
    سفر المرأة لطلب العلم مع وليها الذي يبقى معها أمر سائغ عند أمن الفتنة وقد يكون واجبا إذا ما كان العلم الذي يطلبه من العلم الواجب الذي لا يجوز جهله كعلم التوحيد والعقيدة والصلاة ونحو ذلك، مما يجب على العبد رجلا كان أو امرأة أن يأخذ به ما يقيم به دينه. وحديث $طلب العلم فريضة على كل مسلم#. وإن كان ضعيفا على الصحيح في ذلك إلا أن معناه صحيح والمراد العلم الذي يحتاج إليه العبد مما سبق الإشارة إلى بعض ذلك.
    وقد أفرده الإمام الآجرّي برسالة سماها “فرض طلب العلم” يعني ما يجب على العبد تعلمه ذكرا كان أو أنثى ويدخل هذا الطلب تحت الأدلة الدالة على فضل تعلم العلم كقوله تعالى ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه/114]. وقوله تعالى ﴿يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة/11]. وقوله  $ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة#. أخرجه مسلم (7028) عن أبي هريرة . وقوله  $من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين#. متفق عليه عن معاوية . وهذا شامل للرجال والنساء وقد عقد الإمام البخاري في صحيحه في كتاب العلم وأسند فيه عن أبي سعيد الخدري  قالت النساء للنبي  غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن الحديث. وهو في البخاري تحت باب: هل يجعل للنساء يوم على الحدة في العلم. فعلم من هذا كله وغيره من الأدلة مشروعية طلب العلم للرجال والنساء سواء كان في البيت وهو الأفضل للمرأة أو خارج البيت بالشروط المعتبرة في خروجها.
    واعلموا يا إخواننا – وفقكم الله لكل خير- أن خروج المرأة من بيتها لطلب العلم على الوجهين:
    الأول: أن يكون في مكان قريب لا يبعد سفرا
    الثاني: أن يكون الخروج إليه مسافة السفر.
    وخروج المرأة من بيتها على أي الوجهين لا بدّ أن يكون بحسب الشروط المستفادة من نصوص الشرع الكريم:
    الأول: إذن الولي الذي هو قريبها من الجهة النسبية أو السببية كالزوج أو أولياء الأرحام كالأخ لأم أو سلطان وهو الحاكم عند عدم وجود أحد فيمن سبق. ويدل على هذا ما في الصحيحين عن ابن عمر  قال؛ قال رسول الله  $كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته#. الحديث.
    الثاني: خروجها في لباس شرعي وهو المستوعب لجميع الجسد ليس زينة في نفسه لا خفيفا يكشف عما تحته غير ضيق يصف الجسم قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ [الأحزاب/59] الآية. وقال تعالى ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور/31] الآية. وهناك أدلة أخرى دالة على ما سبق.
    الثالث: الأمن من الفتنة على دينها وعرضها ونفسها عفتها من كرامتها من حين خروجها إلى عودتها وهذا يكون مبينا على عدم الخلوة بالأجانب والاختلاط بهم والخضوع بالقول معهم مع غض البصر وحسن المشي وسيأتي ذكر الأدلة في ذلك إن شاء الله.
    الرابع: إذا كان الخروج مسافة سفر أن تكون مع محرم يحفظها في سفرها وإقامتها ورجوعها ودلّ على هذا الأدلة الصحيحة من ذلك ما في الصحيحين عن ابن عباس $لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم#. ونقل الإجماع على هذا. ويضاف إلى الشروط في خروجها إلى المسجد:
    - أن لا يترتب على حضورها المسجد محذور شرعي
    - أن يكون دخولها وخروجها من باب خاص بالنساء
    - أن تكون صفوف النساء خلف الرجال وخيرها آخرها إذا ناب الإمام شيء لم ينبهه أحد غير النساء صفقت المرأة
    - يكون خروجها من المسجد قبل الرجال وعلى الرجال الانتظار حتى ينصرف النساء.
    هذه الشروط دلت عليها الأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة.
    واعلموا يا إخواننا - وفقكم الله لكل خير- أن خروج المرأة مع وليها مسافة سفر ثم تركها لطلب العلم الشرعي وغيره بدون محرم ممنوع من اثني عشر وجها:
    الأول: أنه مخالف لقوله تعالى ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة/122]. على القول بأنها في مشروعية طلب العلم (وهو الصحيح) فالطائفة في اللغة الجماعة وقد تقع على أقل من ذلك حتى تبلغ الرجلين والواحد على معنى نفس الطائفة. قاله القرطبي في جامع لأحكام القرآن (8/ 266). ولا يعلم في تاريخ السلف خروج المرأة من غير محرم أو بقاؤها في بلد على مسافة سفر من غير محرم لأجل التفقه في الدين وإنما ذلك وما يشابهه من بعد المسافة للرجال فقط أو للمرأة مع محرم لها.
    الثاني: يخالف قوله تعالى ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ [الأحزاب/33]. فالآية عامة في جميع النساء قال الشوكاني في فتح القدير (3/ 266): “المراد أمرهن بالسكوت والاستقرار في بيوتهن”. قال ابن أبي الدنيا في إصلاح المال (ص 201): حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: قالت امرأة عبد الله بن مسعود: اكسني جلبابا. قال: “كفاك الجلباب الذي جلببك الله : بيتك”. وهذا سند صحيح وقيس هو ابن أبي حازم. وهذا هو المعروف عن السلف –رحمة الله عليهم- وإذا كان ذلك هو منهجهم وطريقتهم مع حسن حالهم وقوة إيمانهم وصحة عقائدهم فما ظنك اليوم في زمن الفتن والشرور المتكاثرة.
    فإذا علمتم هذا –وفقكم الله لكل خير ودفع عنا وعنكم كل سوء ومكروه- تبين لكم أن بقاء المرأة في المراكز التي أنتم قائمون عليها خارج بيتها بحيث لا تعود إلى بيتها إلا بعد فترة أكثر من يومها الذي خرجت فيه سواء كان على مسافة سفر أو أقل فيما لا يعلم فعله عن السلف وهو مخالف لنص الآية السابقة والله أعلم.
    قال ابن العربي في “أحكام القرآن” (2/486-387): “قوله تعالى ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ يعني اسكن فيها ولا تتحركن ولا تبرحن منها حتى إنه روي -ولم يصح- أن النبي  لما انصرف من حجة الوداع قال لأزواجه هذه $ثم ظهور الحصر# إشارة إلى ما يلزم المرأة من لزوم بيتها والانكفاف عن الخروج منه إلا لضرورة”. اهـ.
    قلت: قول ابن العربي عن الحديث “لا يصح” ليس بصيصح من ذلك، بل الحديث صحيح، فقد جاء عن أبي واقد عند أحمد (5/218) وذكره الشيخ مقبل –رحمة الله عليه- في صحيح المسند وعن أبي هريرة عند أحمد (2/446) وابن سعد (8/ 55). وصححه العلامة الوادعي في تخريج تفسير ابن كثير وجاء عن غيرهما فلا شك في ثبوته وقد ذكره العلامة الألباني في الصحيحة (2401) وشيخنا يحيى الحجوري في ضياء السالكين، وقال القرطبي في الجامع (4/179) معنى الآية الأمر بلزوم البيت وإن كان الخطاب لنساء النبي  فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى هذا ولو لم يرد دليل يخص جميع النساء وكيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة. اهـ.
    قال شيخ الإسلام : كما في المجموع (10/297): “المرأة يجب أن تصان وتحفظ بما لا يجب مثله في الرجل ... فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت ما لا يجب في حق الرجل . لأن ظهور النساء سبب الفتنة والرجال قوامون عليهن”. اهـ.
    وقال الشيخ ابن باز : في رسالته “حكم السفور والحجاب”: “إذا كان الله  يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وإيمانهن وطهارتهن فغيرهن أولى بالتحذير والإنكار والخوف عليهن من أسباب الفتنة”.
    الثالث: يخالف حث النبي  على لزوم المرأة بيتها فقد قال للطاهرات المطهرات من أزواج النبي  كما سبق $هذه ثم ظهور الحصر#. وقال  $المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها#. أخرجه الترمذي (1172) وغيره من حديث ابن مسعود موقوفا ومرفوعا وصححه جماعة من أهل العلم منهم ابن خزيمة (2685) وابن حبان (5570) والعلامة الألباني في الإرواء (272) ويؤيده ما أخرجه الطبراني في الأوسط (2890) من حديث عبد الله بن عمر  أن رسول الله  قال $المرأة عورة وإنها إذا خرجت استشرفها الشيطان وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها#. وهو صحيح بسابقه. وقال  $لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن#. أخرجه أبو داود (567) وغيره عن ابن عمر  وسنده حسن وحسنه العلامة الوادعي في الصحيح المسند وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود “حسن صحيح”.
    قلت: هذه الأدلة مع ما سبق على وجوب لزوم المرأة بيتها وحرمت خروجها منه إلا لحاجة ماسة مع محرم يحفظها ويبقى معها حتى تعود إلى محل قرارها وهو بيتها كما كان النبي  يفعل مع نسائه في الحج والغزو وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم.
    فإذا علمتم هذا يا إخواننا – وفقكم الله لكل خير- تقرر لكم: أن خروج المرأة إلى المراكز التي أنتم قائمون عليها -نسأل لنا ولكم التوفيق- خروج غير شرعي لأنها والحالة تلك غير قارة في بيتها بل قرارها والحالة هذه في غير بيتها مع ما ينضاف إلى ذلك الخروج إلى الأسواق والمستشفيات ونحو ذلك فقد تدعوها بعض زميلاتها إلى بيتها وما يجرى مجرى ذلك مما هو معلوم بين الناس وقد ذكر ابن عبد البر : في التمهيد عن الثوري : أنه قال: “ليس للمرأة خير من بيتها وإن كانت عجوزا”.
    الرابع: ضعف المرأة معلوم فخروجها بالصورة المذكورة يعرضها للبلايا والرزايا قد يجهلها كثير من الناس ففي الصحيحين البخاري (6211) ومسلم (2222) من طريق قتادة عن أنس  قال: كان للنبي  حاد يقال له أنجشة وكان حسن الصوت فقال له النبي  $رويدك يا أنجشة لا تكسر القوارير#. قال قتادة يعني ضعفة النساء.
    قلت: هذا وهن مع أرحامهن و وليهن فما الظن بالمرأة وقد غاب عنها وليها وبلدها ألا يكون ضعفها أشد والخوف عليها آكد.
    الخامس: قد علم نقصان عقول النساء وبعدهن عن بلادهن مثل هذه الفترات غير مأمون ففي البخاري (304) ومسلم (80) من حديث أبي سعيد الخدري  قال؛ قال رسول الله  $ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن#. وهو في مسلم عن ابن عمر بنحوه. قال بعض أهل العلم: لما كانت النساء متصفات بنقصان العقل إلا من رحم الله كن قليلات التفكير في العواقب كثيرات الطيش عند الحوادث سريعات الخصام كثيرات التقلب.
    قلت: فلنقصان عقلها وبعد محرمها وبلادها التي قد تستحي فيها ما لا تستحي في غيرها وفشوا الفتن يخشى أن تتصرف تصرفات غير محمودة حالا ومآلا والله المستعان.
    السادس: أن جماعة من أهل العلم منهم الإمام الألباني وشيخنا يحيى الحجوري قد أفتوا بأن خروج المرأة للدعوة ونحو ذلك فيما لا يجوز فعله، حتى ولو كان محرمها معها وهذا في الداعية فضلا عن المرأة الطالبة المبتدئة ونحوا من ذلك. وقد أفتت اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ الإمام ابن باز في أن تعليم المرأة وتدريسها في بيتها أفضل فضلا عن بقائها على مسافة سفر بدون محرم ففي “فتاوى اللجنة الدائمة” (12/ 145) ما نصه:
    مسلمة طلب منها أن تخرج لتعليم الفقه والتجويد وعلوم القرآن في المسجد، فقالت: إن الدعوة في البيت مع عدد قليل أولى وأفضل من الخروج إلى المسجد والدعوة إلى عدد كبير، والحجة في ذلك: أن هذا الأمر لم تفعله المسلمات الأوائل، ولم يأمرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، مع حاجة المسلمات إلى ذلك، وترك هذا الأمر إلى الرجال؛ لأنهم أقدر على ذلك، وليس خروجهم فتنة. هل هذا القول صحيح؟ أيهما أفضل: الدعوة والتعليم في البيت لعدد قليل أم الخروج إلى المسجد؟
    الجواب: جعلك ذلك التعليم في البيت أفضل؛ لأنه أسلم وأبعد من الفتن، وأوفق لما كان عليه السلف.
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
    عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
    السابع: أن هذا الفعل مخالف لفعل السلف فلا يعلم عن امرأة بقيت لوحدها أو أذن لها بمثل هذه الصورة الموجودة في مراكزكم –وفقكم الله- عن أحد من السلف.
    وخير الأمور السالفات على الهدى وشر الأمور المحدثات البدائع
    ولو كان في ذلك خير ونفع لشرع للنساء الرحلة إلى رسول الله  والبقاء معه بدون محرم لأن الفتنة في ذلك اليوم بما لا مقارنة بينه وبين زمننا وكذلك لا يعلم في كتب التاريخ أن امرأة رحلت وبقيت بدون محرم لسماع أحد من الصحابة على رأسهم حلة الصحابة وأفاضلهم مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
    وكذلك في زمن التابعين مثل ابن المسيب والحسن وابن سيرين وكذلك في زمن أتباعهم كمالك وابن المبارك وهكذا على ممر التاريخ. فالواجب تجنب مثل هذا الفعل فخير الهدى هدى رسول الله  وما كانت عليه القرون المفضلة والله المستعان.
    الثامن: أن الأدلة الدالة على تحريم سفر المرأة بغير محرم تدل بفحواها على تحريم بقائها في مكان على مسافة سفر بدون محرم منها حديث ابن عباس السابق $لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم#. الحديث. ومنها ما أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري  قال: قال رسول الله  $لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها#. الحديث.
    وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر  عن النبي  $لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم#. وفي مسلم عن أبي هريرة  موقوفا بلفظ: $تسافر مسيرة ليلة# وفي لفظ: $مسيرة يوم#. قال النووي : في شرح هذه الأحاديث من شرحه لمسلم: “قال العلماء؛ اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين فإذا لم تجد محرما سقط عنها حتى عن الحج لقوله ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران/97]”. فضلا عن طلب العلم وذلك لأن المرأة تحتاج إلى قضاء أمورها من شراء حاجاتها ونومها والعناية بها في مرضها على ضعفها المعلوم فكان لا بد من محرم معها لعنايتها والقيام بشؤونها ودفع ما يسوء عنها وهذه الأمور لا تنفك عن المرأة لا في سفرها ولا في حضرها وحين ضعفها ولا إقامتها فكان لا بد من وجود المحرم معها ليقوم بما تحتاجه.
    فعلم من هذا يا إخواننا -وفقكم الله- أن بقاءها في المراكز التي أنتم قائمون عليها على الصورة المذكورة غير جائز شرعا والله أعلم.
    التاسع: أن بعض أهل العلم ذهب إلى أن المرأة الزانية البكر يسقط التغرّب لخوف الفتنة عليها مع معرفة ما أخرجه مسلم عن عبادة بن الصامت  قال: قال رسول الله  $خذوا عنى خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفى سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم#.
    قال ابن قدامة في المغني (12/ 225) في بيان هذا: “ويخرج مع المرأة محرمها حتى يسكنها في موضع ثم إن شاء رجع إذا أمن عليها وإن شاء أقام معها حتى يكمل حولها .... فإن أبى محرمها الخروج معها لم يجبر وإن لم يكن لها محرم .... فإن تغريبها إغراء لها بالفجور وتعريض لها للفتنة وعموم الحديث مخصوص بعموم النهي عن سفرها بغير محرم”. اهـ.
    قال القرطبي : في “المفهم” (5/ 83): “ولم ير مالك والأوزاعي على النساء نفيا وروي بمثله عن علي بن أبي طالب  بناء على تخصيص حديث النفي .... أما في حق الحرة فلأنها لا تسافر في مسافة يوم وليلة إلا مع ذي محرم أو زوج فإن أوجبنا التغريب على هؤلاء كنا قد عاقبناهم وهم براء وإن لم نوجبهم عليهم لم يجز لها أن تسافر وحدها فتعذر سفرها.
    فإن قيل: تسافر مع رفقة مأمونة أو النساء كما يقوله مالك في سفر الحج(1) فالجواب: إن ذلك من مالك سعي في تحصيل وظيفة الحج لعظمها وتأكد أمرها بخلاف تغريب الزانية فإن المقصود منه المبالغة في الزجر والنكال وذلك حاصل بالجلد ولأن إخراج المرأة من بيتها الأصل منعه ألا ترى أن صلاتها في بيتها أفضل ولا تخرج منه في العدة .... وحاصل ذلك أن في إخراجها من بيتها إلى بلد آخر تعريضها لكشف عورتها وتضييقا لحالها وربما يكون ذلك سببا لوقوعها فيما أخرجت من سببه وهو الفاحشة ومآل هذا البحث تخصيص عموم التغريب بالمصلحة المشهودة لها بالاعتبار وهو مختلف فيه”.
    قلت: وأدلة تحريم سفر المرأة بغير محرم قد استفاد بعض أهل العلم منها كما سبق تخصيص أدلة التغريب فإن كان هذا في حق المرأة التي قد ورد النص بتغريبها فمن باب الأولى أن يمنع هؤلاء العلماء عن بقائها بدون محرم.
    وقول ابن قدامة : في المغني: “حتى يسكنها في موضع ثم إن شاء رجع إذا أمن عليها” لا يستفاد منه الاستدلال به على تجويز ما نحن بصدده لأنه أصلا قيده بأمن الفتنة.
    ثم لأنه قد ورد الدليل بالتغريب فما بقي إلا التسليم بخلاف طلب العلم للمرأة على الوجه الموجودة في مراكزكم –وفقكم الله- فإن أدلة الشرع تفيد منع ذلك وأمثاله كما سبق.
    والحاصل: أنه شتان بين المسألتين وقصدي من إيراد ما سبق أن مالك والأوزاعي وما نقل عن علي بن أبي طالب – إن صح- وكذلك قول ابن قدامة يفيد التماسهم لمخرج تخرج به المرأة من سفرها وغربتها بدون محرم بالرغم من وجود الدليل والآية واضحة على منع هذه الحالة عند هؤلاء الأئمة وأمثالها من باب أولى والله أعلم. وذلك الذي تؤيده الأدلة السابقة والله أعلم.
    العاشر: أن جماعة من أهل العلم شددوا على النساء في مسألة الاعتكاف في المسجد بالرغم من وجود الأدلة الدالة على شرعيته ما أمنت الفتنة وذلك لما علم من وجوب قرار المرأة في بيتها وأتت خيرا أن الاعتكاف في البلد وقرب المحارم وربما بجوارهم ولمدة عشر أيام فما دونها فما ظنك بسنوات. فمعلوم ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة من ترك النبي  للاعتكاف لأن نساءه خرجن للاعتكاف إحداهن تلو الأخرى فترك الاعتكاف ذلك الشهر ثم اعتكف عشرا من شوال.
    قال ابن عبد البر : في التمهيد (4/422): “ولو ذهب ذاهب إلى أن الاعتكاف للنساء مكروه بهذا الحديث كان مذهبا ولولا أن ابن عيينة ذكر فيه أنهن استأذنه في الاعتكاف لقطعت بأن الاعتكاف للنساء في المساجد غير جائز”.
    وذكر القرطبي : في “المفهم” (2/245): “عن أمور لإنكار النبي  اعتكاف أزواجه منها؛ أن يكون كره لهن ملازمة المسجد مع الرجال .... أو يؤدي مكثهن في المسجد إلى أن يطلع عليهن المنافقون لكثرة خروجهن لحاجتهن أو يؤدي ذلك إلى أن تنكشف منهن عورة”. اهـ.
    ومعلوم أن المرأة عندكم يا إخواننا –حفظكم الله وبارك فيكم- تحتاج إلى الخروج لقضاء حاجاتها لأنه ليس هناك من يقوم بحاجاتها وهناك في هذه الأزمنة من هو أشد على النساء من المنافقين في ذلك اليوم مع قلة حياء كثير من الناس ورقة دينهم والله المستعان.
    الحادي عشر: فيه تشبه بالكفار وأهل الفسوق والبدع وذلك ما هو معلوم عنهم من إرسال بناتهم إلى الجامعات التي تستمر فيها لمدة سنتين أو أكثر أما أهل السنة والاتباع فلا يعلم عنهم هذا وقد أخرج أحمد وأبو داود وغيرهما عن عبد الله بن عمر  قال: قال رسول الله  $من تشبه بقوم فهو منهم#. وهو حديث جيد الإسناد.
    قال شيخ الإسلام : في الاقتضاء (1/ 457): “هذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم”. اهـ.
    قال الصنعاني : في “سبل السلام” في شرح هذا الحديث: “الحديث دال على أن التشبه بالفساق كان منهم أو بالكفار أو بالمبتدعة في أي شيء مما يختصون به ....”.
    قلت: والأدلة على تحريم التشبه بالكفار كثيرة والله الموفق.
    الثاني عشر: اعلموا يا إخواننا -وفقكم الله لكل خير- أن خروج المرأة بالصورة الموجودة في مركزكم يترتب عليها مفاسد علم حرمتها في شرعنا الكريم:
    1. اختلاطها بالرجال لقضاء حاجاتها في الأسواق أو لعلاجها ولا محرم لها والأدلة على تحريم الاختلاط كتابا وسنة وإجماعا للأمة.
    2. الخلوة بالرجال الأجانب وذلك هو محرم كما هو معلوم.
    3. كلامها مع الرجال الأجانب وهذا فيما تحتاجه منهم سواء كان من المدرسين أو القائمين من المركز أو من تحتاج منه حاجة تعينها على الاستمرار فيما هي فيه وقد قال تعالى ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور/31].
    قال أبو بكر الجصاص : في “أحكام القرآن” عن هذه الآية: “فيه دلالة على أن المرأة منهية عن رفع صوتها بالكلام بحيث يسمع ذلك الأجانب إذ كان صوتها أقرب إلى الفتنة من صوت خلخالها ولذلك كره أصحابنا أذان النساء لأنه يحتاج فيه إلى رفع الصوت والمرأة منهية عن ذلك”.
    وقال ابن عبد البر : في “التمهيد” (17/ 242): “أجمع العلماء على أن السنة للمرأة أن لا ترفع صوتها وإنما عليها أن تسمع نفسها”.
    قال ابن قدامة : في المغني (5/ 160): “وبهذا قال عطاء ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي .... وإنما كره لها رفع الصوت مخافة الفتنة بها ولهذا لا يسن لها أذان ولا إقامة والمسنون لها في التنبيه في الصلاة التصفيق دون التسبيه”. اهـ.
    4. تعرضها لعدم غض البصر منها وإليها وقد تعالى ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور/30]. وقال تعالى ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ [النور/31] الآية.
    قال الزرقاني :: “لا خلاف على أن المرأة أن تغضّ بصرها كما على الرجل غضّه كما نص الله”.
    وقال الإمام النووي : في شرح مسلم: “الصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي كما يحرم النظر إليها”. وذكر الآية السابقة.
    ولأن الفتنة مشتركة وكما يخاف الافتتان بها تخاف الافتتان به.
    في “مسائل إسحاق بن هانئ” (2/ 149) عن أحمد قال: “لا ينبغ للمرأة أن تنظر إلى الرجل كما أن الرجل لا ينبغي له أن ينظر المرأة”.
    قال شيخ الإسلام : كما في مجموع الفتاوى (15/296): “ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الأجانب من الرجال شهوة ولا بغير شهوة أصلا”. وبنحوه قال ابن كثير : في تفسيره عند الآية السابقة.
    قال ابن المفلح : في “الفروع” (5/100): “ويحرم النظر شهوة ومن استحله كفر إجماعا قاله شيخنا”. اهـ.
    فالمرأة التي قد ابتلي بما هو موجود في مراكزكم –وفقكم الله- تقع في مثل احتياجها والخروج إلى الأسواق والمستشفيات ونحو ذلك وليس معها محرم وهي مغتربة فقد تأمن في تقليب نظرها ههنا وههنا بما لا تأمن في بلدها أو مع محرمها وهذا معلوم عند العقلاء وبعد سرد المسألة على ما يسر الله تعالى أنصح لكم –وفقكم الله تعالى- بالبعد عن هذه الطريقة المستحدثة في تدريس النساء وسيروا على الهدي النبوي والطريق السلفية في ذلك وهو تعليم النسوة مع البعد عن الاختلاط والخلوة والسفر بغير محرم وعن جميع المحرمات فإن الله  لا ينفع العباد ويرفعهم بالمعاصي والذنوب وإنما بطاعته وابتغاء مرضاته قال الله تعالى ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل/97].
    وكلما كان العبد متبعا لسنة رسول الله  متأسيا به في علمه وتعليمه وخلقه كان ذلك أدعى لنفعه بدين والانتفاء به.
    واعلموا –وفقكم الله لكل خير- أنما ما هو موجود في مركزكم بما يسمى بتربية النساء لا يجوز لكم فعله لا الولي ولا المرأة ولا المدرس لما سبق تفصيله وعليه فإن كان الطلب للعلم الواجب فهناك أشرطة للعلماء فممكن أن تسمع المرأة ما يجب عليه علمه وما سوء ذلك فهو مستحب قد قال تعالى ﴿لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة/286]. وقال ﴿فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم﴾ [التغابن/16]. فإذا تيسر للمرأة طلب العلم واجبه ومستحبه بدون ارتكاب المحرمات فبها ونعمتْ والحمد لله وإذا لم يتيسر ذلك مع المحافظة على دينها وحشمتها وطاعة ربها في بيتها وما أذن به الشارع مكثت على أشرطة العلماء الربانيين أهل التقى والصلاح والدين كأشرطة الأئمة الأربعة ابن باز وابن العثيمين والألباني والوادعي وأمثالهم مثل شيخنا يحيى الحجوري ممن علم رسوخهم في العلم مع صحة عقائدهم وسعة علمهم فإن في ذلك خير كثير والبركة من الله .
    وأيضا تأخذ مبادئ العلوم على تلك الأشرطة أو بواسطة امرأة إن وجدت وتقبل على حفظ القرآن الكريم، وما تيسر من السنة مثل الأربعين النووية وعمدة الأحكام ورياض الصالحين وهكذا بعض متون العقيدة كالأصول الثلاثة والعقيدة الطحاوية وهكذا في الفنون شيئا فشيئا من سار على الدرب وصل ومن صدق الله صدقه وقد قال الله تعالى ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت/69].
    وننصح إخواننا الذين يقيمون على هذه المراكز أن يسيروا على ما سار عليه النبي  وأصحابه وهكذا من بعدهم من السلف ومن تبعهم من العلماء إلى يومنا هذا في تعليم السنة والدعوة إليها مع البعد التام عن مثل هذا الصنيع الذي هو صنيع أهل الأحزاب المميعة والجد والاجتهاد في تحصيل العلم النافع لأنفسهم ثم تعليمه للرجال ولمن شاء من النساء من المحارم وأهل البلدة الذي يدرسوا فيها ومن يسر الله له الرحلة مع أهله وأولاده للتعلم في هذا المركز المبارك دار الحديث بدماج –حرسها الله من كل سوء ومكروه- فهو خير كثير.
    أما المرأة تبقى بمفردها في هذا المركز الذي أنتم قائمون عليه فهذا لا يسوغ أبدا وننصح أولياء أمور هؤلاء النساء أن يتقوا الله فيمن ولاهم الله  وذلك بالحفظ والصيانة والتربية والتعليم بقدر المستطاع الذي يقدره الله عليه ولا شك أن العمل الموجود يدل في ظاهره وهو ما أبصر أن يكون محققه في حقيقته على حب الخير من الأولياء ونسائهم لكن ينبغي أن يضبط ذلك الحب للخير بالشرع الكريم كم من قاصد الخير لم يوفق له.
    واعلم أيها الولي أنك راع ومسؤول عن رعيتك وإنك في تغريبك لرحمك ابنتك أو أختك ونحو ذلك من التضييع للمسؤولية من الحفظ والعناية –نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة.
    هذا ما يسر لنا ذكر على عجل والله الشاهد على ذلك لكن نسأل الله أن ينفعنا بما كتبناه وأن ينفع به عباده وأن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم.
    تم تقييدها في مكتبة دار الحديث بدماج ليلة الإثنين 7 ربيع الثاني من سنة 1431 هـ.
    وقمت بتعديلها وإضافة بعض الأشياء في يوم الثلاثاء 11 جمادى الثاني من سنة 1331 هـ
    كتبه
    أخوكم المحب لكم الخير
    أبو العباس زكريا محجوبي بن أحمد الهاشمي الجزائري
    عفا الله عنه
يعمل...
X