صد عدوان البرمكي المشين
وبيان براءة الناصح الأمين
من الطعن في عثمان أمير المؤمنين
وبيان براءة الناصح الأمين
من الطعن في عثمان أمير المؤمنين
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبيّه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:
والصلاة والسلام على نبيّه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:
قال فضيلة الشيخ العلامة الإمام مقبل الوادعي -رحمه الله-: ((فقد اطَّلعت على كتاب (الجمعة) للشيخ يَحيى بن علي الْحَجوري؛ فوجدته كتابًا عظيمًا فيه فوائد تُشد لَها الرحال، مع الْحُكم على كل حديثٍ بِمَا يستحقه، واستيعاب الْمَوضوع؛ فهو كتاب كافٍ وافٍ فِي موضوعه، كيف لا يكون كذلك والشيخ يَحيى -حفظه الله- فِي غاية من التحري والتقى والزهد والورع وخشية الله وهو قوَّال بالْحَق لا يَخاف فِي الله لومة لائم، وهو -حفظه الله- قام بالنيابة عنِّي فِي دروس دار الْحَديث بدماج يلقيها على أحسن ما يرام)) أهـ "تقديمه لكتاب أحكام الجمعة"
قال الشيخ العلامة يحيى الحجوري - حفظه الله-: ((وقد يقول بعض الْمُعاندين: هل كان عثمان رضي الله عنه لَمَّا فعل ذلك مبتدعًا ضالاًّ؟
قلنا: معاذ الله!! فهو خليفة راشد وزوج ابنتَي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من يشتري بئر روما وله الْجَنة؟ فاشتراها عثمان وجعلها للمسلمين، وقال لأبي موسى: ائذن له وبشره بالْجَنة مع بلوى تصيبه.
ولكنه اجتهد -رضوان الله عليه- حيث جعل مؤذنًا بالسوق وليس بالْمَسجد، ليشعر الناس بقرب وقت الصلاة.
وتقدم أن نقلنا عن السبكي اختلاف تلك الْحَالة على زمننا هذا ومع ذلك فقد أخطأ رضي الله عنه فِي هذا، وهو رضي الله عنه فِي ذلك معذور وعلى اجتهاده وحسن قصده مأجور، وله مثل هذا الْخَطأ فِي إتْمَام الصلاة بِمنىً، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه يقصرون بِمنىً.)) "أحكام الجمعة" (ص:250)
قلنا: معاذ الله!! فهو خليفة راشد وزوج ابنتَي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من يشتري بئر روما وله الْجَنة؟ فاشتراها عثمان وجعلها للمسلمين، وقال لأبي موسى: ائذن له وبشره بالْجَنة مع بلوى تصيبه.
ولكنه اجتهد -رضوان الله عليه- حيث جعل مؤذنًا بالسوق وليس بالْمَسجد، ليشعر الناس بقرب وقت الصلاة.
وتقدم أن نقلنا عن السبكي اختلاف تلك الْحَالة على زمننا هذا ومع ذلك فقد أخطأ رضي الله عنه فِي هذا، وهو رضي الله عنه فِي ذلك معذور وعلى اجتهاده وحسن قصده مأجور، وله مثل هذا الْخَطأ فِي إتْمَام الصلاة بِمنىً، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه يقصرون بِمنىً.)) "أحكام الجمعة" (ص:250)
قال -حفظه الله-: ((والْحَاصل: أن أمير الْمُؤمنين عثمان وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير معصومين من الوقوع فِي الْخَطأ، وتعداد ذلك يطول، ومعركة صفين ومعركة الْجَمل دليل على ذلك، لكن خطأهم مغفور وفِي حسناتهم مغمور؛ قال تعالَى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 100].)) "أحكام الجمعة – ص:182"
وقال -حفظه الله-: ((الذي يسب الصحابة عدوّ لله ، ومن سبّهم جميعا أو كفرهم جميها -أو أكثرهم- فهو كافر ، كما أبانه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلّم"
والذي يتّهم عائشة بما برّأها الله منه أيضا فهوكافر ، لأنّه كذّب القرآن.
والصحابة رضي الله عنهم نصّ القرآن على عدالتهم برضا الله عنهم ، قال عزّ وجل: (رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها) . . . ثم ساق عددا من الأدلة)) "الكنز الثمين" (1/182)
والذي يتّهم عائشة بما برّأها الله منه أيضا فهوكافر ، لأنّه كذّب القرآن.
والصحابة رضي الله عنهم نصّ القرآن على عدالتهم برضا الله عنهم ، قال عزّ وجل: (رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها) . . . ثم ساق عددا من الأدلة)) "الكنز الثمين" (1/182)
وللشيخ يحيى الحجوري -حفظه الله- كتاب (الحجج القاطعة) ردّ فيه على الروافض وانتصر لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم؛ فجزاه الله خيرا من إمام عالم علم ، سخر نفسه للدعوة إلى الله وخدمة دينه ، والذب عن شريعته والانتصار لنبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.
اتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإليها دعا وعنها نافح ، واتبع سبيل المؤمنين؛ من المهاجرين والأنصار ، وذب عنهم ودافع.
وردّ على المبطلين المخالفين لسبيلهم ، وبين زيف طريقهم ، وضلال سبيلهم ، فكان حقا وصدقا على مثل ما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
فاستحق بذلك أن بسط الله له القبول في الأرض ، ورحل إليه من مشارق الأرض ومغاربها ، وأثنى عليه العلماء الربانيون علماء الجرح والتعديل وأئمة الدين ، وحسبه أن وصفه محدّث الجزيرة الإمام الوادعي بالناصح الأمين ، فقال في "وصيته": ((وأصيهم بالشيخ الفاضل يحيى بن علي الحجوري خيرا ،وألاّ يرضوا بنزوله عن الكرسي فهو ناصح أمين))أهـ
اتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإليها دعا وعنها نافح ، واتبع سبيل المؤمنين؛ من المهاجرين والأنصار ، وذب عنهم ودافع.
وردّ على المبطلين المخالفين لسبيلهم ، وبين زيف طريقهم ، وضلال سبيلهم ، فكان حقا وصدقا على مثل ما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
فاستحق بذلك أن بسط الله له القبول في الأرض ، ورحل إليه من مشارق الأرض ومغاربها ، وأثنى عليه العلماء الربانيون علماء الجرح والتعديل وأئمة الدين ، وحسبه أن وصفه محدّث الجزيرة الإمام الوادعي بالناصح الأمين ، فقال في "وصيته": ((وأصيهم بالشيخ الفاضل يحيى بن علي الحجوري خيرا ،وألاّ يرضوا بنزوله عن الكرسي فهو ناصح أمين))أهـ
وهذه التزكية أعلى وأسمى من أي شهادة نظامية نالها الدكاترة ، وافتخر بها العباقرة ، فليست شهادة من جامعة ، ولا من مدرسة ، بل من إمام من أئمة أهل السنة في هذا العصر.
قال الشيخ محمد بن عبد الله الإمام -حفظه الله- معلقا على كلام الإمام الوادعي: ((وهذه تزكية رفيعة تدل على مدى ما يعرفه شيخنا في أخينا المبارك الشيخ يحيى الحجوري -حفظه الله تعالى- وحتى ولو لم يحصل أن الشيخ رحمه الله أوصى بأن يكون الحجوري هو القائم والمستمر في التدريس والمسؤولية عليه لما اختار علماء أهل السنة غيره . . لما اختاروا غيرهم . . فعلماء أهل السنة يختارونه على من عداه ليقوم بالتدريس والخطابة ، ويكون الطلاب نافذين عن توجيهاته وحريصين على رد الأمور إليه والاستشارة ، وهذا ما ينبغي أن يعلم ، وعلماء أهل السنة على هذا الذي دعا إليه والدنا رحمه الله، والشيخ يحيى الحجوري هو ممن عرف بالبحث والتحقيق والتأليف، وعرف بالتجرد للحق والرجوع إليه عند معرفته وحصول الخطأ . . الرجوع إلى الحق ، وما إلى ذلك من الصفات الحميدة الطيبة ، فهو أهل لأن يحل محل الشيخ ولأن يقوم في ذلك المكان العظيم المبارك ، فهو القائم على ذلك المركز العظيم المبارك ، فلله الحمد والمنة ، ثم لربما قد يوجد بعض الطلاب في داخل المركز هناك ليس عندهم اقتناع بأن يكون الشيخ يحيى حفظه الله قائما مقام الشيخ !! وهذا لا مبرر له منهم ، فعليهم إن حصل ذلك ، فعلى من حصل ذلك أن يراجع نفسه ، فالرجل بحمد الله رب العالمين ، أهل لأن يقوم في ذلك المقام ولله الحمد والمنة ، ولا يسمح (علماء أهل السنة) بالطعن فيه والتقليل من شأنه ، بل يكاد يكون التكلم فيه إنما هو طعن فيما دعا إليه الشيخ وأوصى به وحذر من مخالفته)) "شرح وصية الشيخ مقبل"
ومع هذا كلّه نجد اليوم من أهل الزيغ والضلال من نصب نفسه وقفا للحزبية المقيتة ، لا هم له إلا النطح في سفح هذا الجبل ، فخرج بمقال مباحثه متناقضة ومطالبه متعارضة ، لا يروج إلى على ضعاف العقول ، الجهلة بالمنقول والمعقول ، من تأمله رأى ردّه في سرده ، ونقضه وعرضه ، إلاّ أن الله خلق للهدى خلقا وللضلال آخرين ، وقد بقيت أقدم رجلا وأؤخر أخرى في الإقدام على إبطاله وتزييف أقواله ، وقد كان الرأي عند بعض إخواننا أن يعرض عن جهالته ، ولا يتعرض لغثائه وسخافته ، ولا يلتفت لخلطه وخرافته ، لما أبان من جهل وعدم إنصاف ، فيما تكلم فيه من الباطل والجزاف ، ولأن مثله لا يخاطب ولا يعاتب ، ولا يؤاخذ بالهذيان ولا يعاقب ، فإن الظفر به كالهزيمة ، ومناقشته كمحاوة البهيمة.
ومع هذا كلّه نجد اليوم من أهل الزيغ والضلال من نصب نفسه وقفا للحزبية المقيتة ، لا هم له إلا النطح في سفح هذا الجبل ، فخرج بمقال مباحثه متناقضة ومطالبه متعارضة ، لا يروج إلى على ضعاف العقول ، الجهلة بالمنقول والمعقول ، من تأمله رأى ردّه في سرده ، ونقضه وعرضه ، إلاّ أن الله خلق للهدى خلقا وللضلال آخرين ، وقد بقيت أقدم رجلا وأؤخر أخرى في الإقدام على إبطاله وتزييف أقواله ، وقد كان الرأي عند بعض إخواننا أن يعرض عن جهالته ، ولا يتعرض لغثائه وسخافته ، ولا يلتفت لخلطه وخرافته ، لما أبان من جهل وعدم إنصاف ، فيما تكلم فيه من الباطل والجزاف ، ولأن مثله لا يخاطب ولا يعاتب ، ولا يؤاخذ بالهذيان ولا يعاقب ، فإن الظفر به كالهزيمة ، ومناقشته كمحاوة البهيمة.
ثمّ استأذن لي بعض الإخوة السلفيين من شيخنا الناصح الأمين ، فأذن في الكتابة في الموضوع ، فكان إذنه شرفا لي كاللؤلؤ المرصوع ، فجردت أسنة العزائم للرد واستعنت عليه بالأحد الفرد ، فسأسرد شبهاته بإذن الله وأردفها بالرد.
الشبهة الأولى: دعوى أن الناصح الأمين يتهم أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه بأنه ابتدع في دين الله بدعة ضلالة !!! ويحتج على هذا بما نسبه للناصح الأمين من قول عن الأذان الأول يوم الجمعة: ((وإنه مُحْدَث كما أجْمَع على ذلك علماء الإسلام ألا ترى فِي الْحَديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحذرك من مُحدثات الأمور ويقول: إنها ضلالة)) وسيأتي إن شاء الله بيان أن الكلام مبتور.
وقوله: ((أما من تابعه على ذلك الْخَطأ بعد بيان الْحُجة فهو فِي ذلك مبتدع، لا عذر له فِي مُخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.))
وقوله: ((أما من تابعه على ذلك الْخَطأ بعد بيان الْحُجة فهو فِي ذلك مبتدع، لا عذر له فِي مُخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.))
قلت: قال الإمام الوادعي: ((فعثمان رضي الله عنه أمر بالأذان الأول من الزوراء وكان عبدالله بن عمر إذا دخل مسجدا يؤذن فيه بالأذان الأول تركه وقال : (إنه مسجد بدعة) ومع هذا فهو لا يقول إن عثمان مبتدع ، بل عثمان اجتهد ومن بعد عثمان إذا ظهرت الأدلة وقلد عثمان على هذا فهو يعد مبتدعا لأن التقليد نفسه بدعة)) "غارة الأشرطة" (2/99)
فما ذنب الناصح الأمين إذا كان يقول بقول شيخه الإمام الوادعي ، فلا لوم عليه إذا تابع شيخه الهمام فيما رآه قد وافق فيه الصواب ، وسطر هذا الحق والصواب في كتبه وبثّه في أشرطته ، فإن من توفيق الله للعالم أن يقيض له تلاميذ بارين ينشرون علمه بعد موته ، فهل يلام الناصح الأمين على نشره لعلم شيخه الإمام الوادعي ؟؟!! بل حقه أن يشكر ويآزر ، لا أن يعادى ويهاجر ، ويطعن فيه الطاعنون ، ويتصدى لعلمه المغرضون.
قال شيخ الإسلام: ((وإن قدر أن في الصحابة من كان ينكر هذا ومنهم من لا ينكره كان ذلك من مسائل الاجتهاد ولم يكن هذا مما يعاب به عثمان)) "منهاج السنة" (6/291)
فالمسألة من مسائل الاجتهاد وقد ذكر الناصح الأمين في كتابه "أحكام الجمعة" سلفه في هذه المسألة بالأسانيد ، فذكر ابن عمر رضي الله عنه ، والحسن البصري ، ومحمد ابن شهاب الزهري ، وعطاء وعمرو بن دينار ، وابن رجب وأبا يعلى والشافعي . . . وغيرهم؛ فكيف يسوغ أن يوصف -لهذا- بأنه (أرعن=من الرعونة) فهل يستحل هؤلاء الحزبيون أن يصفوا بالرعونة كل هؤلاء الأئمة الأعلام الذين قال الناصح الأمين بقولهم ؟؟! وهل من قال بقول ترجح له وله فيه سلف يقال عنه (أرعن) ثمّ يأتي ناس فيقولون أن الشيخ يحيى (سليط اللسان فاحش القول !!) لماذا؟! لأنّه شديد على أهل البدع -لا غير- فصارت الممدحة مذمة !! مع أن صاحب هذا الكلام كان بالأمس القريب يقول عن أحدهم (شيطان) واليوم نرى أتباع (شيطانٍ) هذا ، يتباكون أشد التباكي على من كان بالأمس القريب يصف إمامهم بـ(شيطان) دون أن يتراجع عن قوله فيه ، ولكن ولاء في بغض الناصح الأمين على قاعدة (عدو العدو صديق وإن كان عدوا).
وللتذكير فإن الذي قال عن الناصح الأمين هذا الكلام قد قال عن الجزائريين والليبيين أنهم حمير إلا من رحم ربك ، فلم ينكروا عليه هذا ، لكنهم أنكروا على الشيخ يحيى لما قال كلمة في حق فاجرات إحدى المدن اليمنية ، فجعلوا كلامه شاملا لعفيفات تلك المدينة وبنوا عليه أنه لا يبالي بالعدنيين ولا يلتفت إليهم ، مع العلم أنه قد تراجع عن هذه الكلمة ، والآخر لم يتراجع عن وصف الجزائريين والليبيين بالحمير إلا من رحم ربّك ، ولا شكّ أنّ من لم يوافقه على طعنه في الناصح الأمين فليس ممن (رحم ربّك) بل هو من (الحمير) فنعوذ بالله من الخذلان ،وكذلك أتباع العيد شريفي الذي قال عنه (شيطان) فهم عنده من الحمير لا ممن رحم ربك ، فكيف يتباكون عليه ؟؟!
فمن الأحق بأن يكون (سليط اللسان فاحش القول) ؟!! آالذي قال بقول له فيه من الأئمة سلف ، أم الذي وصفه -لهذا- بالأرعن والذي وصفنا بالحمير ؟!!
فمن الأحق بأن يكون (سليط اللسان فاحش القول) ؟!! آالذي قال بقول له فيه من الأئمة سلف ، أم الذي وصفه -لهذا- بالأرعن والذي وصفنا بالحمير ؟!!
ومن العجيب أن البرمكي لما وصل إلى قول ابن عمر: ((الأذان الأول بدعة ، وكل وبدعة ضلالة)) رجح أن كلمة ((وكلّ بدعة ضلالة)) ليست من كلام ابن عمر ، وأقر بأنها من كلام نافع !!! وعلى كلّ تقدير فإن كانت من كلام ابن عمر فهو صحابي جليل وليس بأرعن ، وإن كانت من كلام نافع فهو من أئمة التابعين وليس بأرعن ، فلماذا يكون الناصح الأمين أرعنا وهو على قولهما أو -على الأقل- على قول أحدهما؟!! والجواب أتركه لألي الألباب.
وهذه وحدها كافية بقصم ظهور البرامكة ، واستئصال شرهم ، وإبادة خضراءهم ، لكن: لمن كان له قلب . . .
- والخلاصة ، أنّه ليس في كلام الناصح الأمين اتهام لعثمان رضي الله عنه بالبدعة ، ولا يلزم من الحكم على فعل أنه بدعة الحكم على صاحبه بأنه مبتدع ، فقد حكم على الأذان الأول جماعة من العلماء بأنه بدعة ، ولم يقل أحد منهم أن عثمان رضي الله عنه مبتدع ، كما حكم كثير من العلماء على كثير من الأفعال بأنها بدع ، وقال آخرون بأنها سنن ، ولم يقل أحد الفريقين عن الآخر بأنه مبتدع -إذا كان الخلاف سائغا- ولعل أقرب مثال على هذا قول الإمام الألباني في "صفة الصلاة" عن القبض بعد الرفع من الركوع ((بدعة ضلالة)) مع ثنائه العطر على الإمام ابن باز -وهو ممن يقول بسنية القبض بعد الرفع من الركوع- فلم يحكم عليه الإمام الألباني بأنه مبتدع ضال.
- ومن جنس هذا: افتراء البرمكي على الناصح الأمين أنه يقول بأن عثمان رضي الله عنه يلحقه إثم البدع التي نشأت عن الأذان الأول !! كجعل الأذان داخل المسجد ، وجعل أكثر من مأذن في وقت واحد . . .إلخ وجعل هذا لازما لقوله بأن هذه البدع نشأت عن تلك البدعة !! فما أسخف بعض العقول؛ وفي ما مضى غنية عن ردّ هذه الفرية.
تنبيه: المعطلة اعتقدوا أن وصف الله بما وصف به نفسه يعد تمثيلا فالتزموا التعطيل ، ولعل البرمكي اعتقد أن الواقع في البدعة مبتدع ، ثم رأى الناصح الأمين يحكم على الأذان الأول بأنه بدعة ، فبنى على هذا أنه يرمي عثمان رضي الله عنه بالبدعة !!! وهذا من آثار النزعة الحدادية البرمكية ، وقد بينت شيئا منها في (الصارم المسلول على البرمكي المخذول) وسيأتي معنا المزيد -إن شاء الله- في هذا المقال.
تنبيه آخر: أهل البدع يذكرون ما لهم ويتركون ما عليهم ، وأقبح من هذا أنّ -بعض- أهل البدع يبترون كلام أهل السنّة للتلبيس على الناس ، ومن ذلك قول البرمكي:
قال الحجوري في (أحكام الجمعة) طبعة دار شرقين ص (170):
(وإنه مُحْدَث –يعني أذان عثمان- كما أجْمَع على ذلك علماء الإسلام!! ألا ترى فِي الْحَديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحذرك من مُحدثات الأمور ويقول: إنها ضلالة). انتهى.
قال الحجوري في (أحكام الجمعة) طبعة دار شرقين ص (170):
(وإنه مُحْدَث –يعني أذان عثمان- كما أجْمَع على ذلك علماء الإسلام!! ألا ترى فِي الْحَديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحذرك من مُحدثات الأمور ويقول: إنها ضلالة). انتهى.
قلت: بتر فاحش ، وإليك كلام الناصح الأمين كاملا :
((فنقول لِمَن عنده أدنى علم بسنة رسول الله ص من القائلين بالأذان الأول: هل هذا الأذان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو خير الْهَدي كما فِي صحيح مسلم من حديث جابر، أم أنه مُحدث أحدثه عثمان بن عفان، كما فِي حديث السائب فِي صحيح البخاري وكما نقل الإجْمَاع فيما قدمنا عن أهل العلم أنه مُحدث؟!
((فنقول لِمَن عنده أدنى علم بسنة رسول الله ص من القائلين بالأذان الأول: هل هذا الأذان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو خير الْهَدي كما فِي صحيح مسلم من حديث جابر، أم أنه مُحدث أحدثه عثمان بن عفان، كما فِي حديث السائب فِي صحيح البخاري وكما نقل الإجْمَاع فيما قدمنا عن أهل العلم أنه مُحدث؟!
فإن قال: إنه من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو الكذاب الأشر ولَم يَجد من علماء الْمُسلمين من يوافقه على هذه الكذبة الْمَفضوحة.
وإن قال كما قال جَميع علماء الأمة: إنه ليس من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه مُحدث كما أجْمَع على ذلك علماء الإسلام.
وإن قال كما قال جَميع علماء الأمة: إنه ليس من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه مُحدث كما أجْمَع على ذلك علماء الإسلام.
قلنا له: ألا ترى فِي الْحَديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحذرك من مُحدثات الأمور ويقول: إنها ضلالة.
وقد يقول بعض الْمُعاندين: هل كان عثمان رضي الله عنه لَمَّا فعل ذلك مبتدعًا ضالاًّ؟
قلنا: معاذ الله!! فهو خليفة . . . إلخ )) وقد مضى تمام الكلام بحمد الله.
وقد يقول بعض الْمُعاندين: هل كان عثمان رضي الله عنه لَمَّا فعل ذلك مبتدعًا ضالاًّ؟
قلنا: معاذ الله!! فهو خليفة . . . إلخ )) وقد مضى تمام الكلام بحمد الله.
تنبيه ثالث: قال البرمكي: [قال الحافظ في الفتح (2/394): ("فثبت الأمر كذلك" والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد إذ ذاك لكونه خليفة مطاع الأمر).]
قلت: وفي هذا أيضا بتر ، وتمام كلام الحافظ: ((وسيأتي نحوه قريبا من رواية يونس بلفظ "فثبت الأمر كذلك" والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد إذ ذاك لكونه خليفة مطاع الأمر؛ لكن ذكر الفاكهانى أن أول من أحدث الأذان الأول بمكة الحجاج وبالبصرة زياد وبلغني أن أهل المغرب الأدنى الآن لا تأذين عندهم سوى مرة وروى بن أبي شيبة من طريق بن عمر قال: (الأذان الأول يوم الجمعة بدعة) فيحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الإنكار ويحتمل أنه يريد أنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه و سلم وكل ما لم يكن في زمنه يسمى بدعة لكن منها ما يكون حسنا ومنها ما يكون بخلاف ذلك))أهـ
فما ذنب الناصح الأمين إذا أخذ بالاحتمال الأول ، وأنه قاله على سبيل الإنكار؟!
الشبهة الثانية: زعمه أنّ الناصح الأمين يطعن في عثمان رضي الله عنه لأنه قال: ((فقد خالف فعل عثمان رضي الله عنه نصًّا صريْحًا من فعل النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- أنه لَمْ يكن يفعل هذا الأذان ولا أبو بكر ولا عمر كما في صحيح البخاري)).
قلت: ومن جهل البرمكي أنّه لا يعلم أنّ سنّة النبي صلى الله عليه وسلم منها القولية ومنها الفعلية ومنها التقريرية ، وأنّ الفعلية تندرج تحتها التركيّة ، إذ الترك فعل بدليل قوله تعالى: (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) فإذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم فعلا ، مع قيام المقتضى وانتفاء المانع ، فإن التعبد به بدعة مخالفة للنص.
وقد ذكر شيخ الإسلام من "القواعد النورانية" قوله: ((الترك الراتب سنَّةٌ كما أن الفعل الراتب سنةٌ)) "مجموع الفتاوى" (26/172)
وقال: ((الرسول ج أكمل البشر في جميع أحواله، فما تركه من القول والفعل فتركه أولى من فعله، وما فعله ففعله أكمل من تركه)) "الصارم المسلول" (2/332)
قال الإمام الشوكاني: ((تركه صلى الله عليه وسلم للأمر كفعله له في التأسي به فيه)) (إرشاد الفحول –ص:42)
قال شيخ الإسلام ابن القيم -رحمه الله-: ((فإن تركه -صلى الله عليه وسلم- سنة كما أن فعله سنة، فإذا استحببنا فعل ما تركه، كان نظير استحبابنا ترك ما فعله، ولا فرق.)) "إعلام الموقعين" (2/390- 391).
وقال الإمام الشاطبي -رحمه الله-: ((والثاني : أن يسكت عنه وموجبه المقتضي له قائم ، فلم يقرر فيه حكم عند نزول النازلة زائد على ما كان في ذلك الزمان ، فهذا الضرب السكوت فيه كالنص على أن قصد الشارع أن لا يزاد فيه ولا ينقص ، لأنه لما كان هذا المعنى الموجب لشرع الحكم العملي موجوداً ثم لم يشرع الحكم دلالة عليه ، كان ذلك صريحاً في أن الزائد على ما كان هنالك بدعة زائدة ، ومخالفة لما قصده الشارع ، إذ فهم من قصده الوقوف عندما هنالك ، لا زيادة عليه ولا نقصان منه)) "الموافقات" (3/156)
ومن بديع قياسات البرمكي أنّه قاس الأذان الأول على تحريق المصاحف في خلافة عثمان رضي الله عنه !! مع أنّه رضي الله عنه لما حرّق المصاحف وجمع الناس على حرف واحد لم يخالفه أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، كما في البداية والنهاية (7/244) ومنهاج السنة (4/258) بل لم ينكر هذا الفعل أحد من أئمة السلف ، بخلاف الأذان الأول فقد أنكره جماعة من الأئمة على رأسهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
زد على ذلك أن مقتضى تحريق المصاحف هو خشية اختلاف الناس ، وهو غير قائم زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل قام المانع منه في زمنه صلى الله عليه وسلم ، وهو عدم انقطاع الوحي ، فلا يمكن جمع القرآن في مصحف ، فضلا عن جمع الناس على حرف واحد ، والوحي لم ينقطع بعد.
زد على ذلك أن مقتضى تحريق المصاحف هو خشية اختلاف الناس ، وهو غير قائم زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل قام المانع منه في زمنه صلى الله عليه وسلم ، وهو عدم انقطاع الوحي ، فلا يمكن جمع القرآن في مصحف ، فضلا عن جمع الناس على حرف واحد ، والوحي لم ينقطع بعد.
الشبهة الثالثة: أنّ الناصح الأمين تقوى على عثمان رضي الله عنه بأهل البدع!! فنقل كلامهم في إثبات أن الأذان الأول بدعة!!
هذا مع أنّه قد نقل عن أئمة السلف ما يؤيد هذا القول إلاّ أن البرمكي أبى إلاّ الحدادية ، فبعد أن اعتدى على الشيخ الفاضل عبد الحميد الحجوري بنفس التهمة ، وجعل ترحمه على أهل البدع ونقله عنهم جريمة شنعاء ، وقد ناقشته في هذا في (الصارم المسلول على البرمكي المخذول) فإذا به يعيد نفس المسالة هنا !!!! حدادية مقيتة ابتلعها ولم يستطع أن يتقيّأها.
فهل النقل عن ابن الحاج والسبكي وسيد سابق يعد من التقوي بهم على عثمان رضي الله عنه ؟؟! وقد نقل العلماء عنهم وعن غيرهم من أمثالهم ، ومن ذلك نقل الإمام الألباني عن ابن الحاج في "الأجوبة النافعة" (ص:15) و (ص:33) في معرض تقرير عدم شرعية الأذان الأول وفي "حجة النبي" (ص:136) ووصفه بالعلامة في "صلاة العيدين في المصلى هي السنة" (ص:34) ونقل عنه في "مناسك الحج" (ص:60) كما نقل عنه الشوكاني في "نيل الأوطار" (5/166) وكذلك هيئة كبار العلماء في "أبحاث هيئة كبار العلماء" (4/22) و (5/51) والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في أكثر من عشرة مواضع من "مجموع الرسائل والفتاوى" (3/26-45-60-62-65-70) و (13/73-76-77) وغيرها ، والقاري في "مرقاة المفاتيح" (5/142) و(8/471) وغيرهم كثير.
وأمّا سيّد سابق فقد أنكر البرمكي على الناصح الأمين النقل من كتابه "فقه السنّة" ولم يلتفت إلى قول الإمام الألباني في مقدمة "تمام المنة": ((فإن كتاب "فقه السنة" للشيخ سيد سابق من أحسن الكتب التي وقفت عليها مما ألف في موضوعه في حسن تبويب وسلاسة أسلوب مع البعد عن العبارات المعقدة التي قلما يخلو منها كتاب من كتب الفقه الأمر الذي رغب الشباب المسلم في الإقبال عليه والتفقه في دين الله به وفتح أمامهم آفاق البحث في السنة المطهرة وحفزهم على استخراج ما فيها من الكنوز والعلوم التي لا يستغني عنها مسلم أراد الله به خيرا كما قال -صلى الله عليه و سلم- : "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" متفق عليه وهو مخرج في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1194)
ولقد كان صدور هذا الكتاب -فيما أرى- ضرورة من ضرورات العصر الحاضر حيث تبين فيه لكثير من المسلمين أن لا نجاة مما هم فيه من الانحراف والاختلاف والانهيار وتغلب الكفار والفساق عليهم إلا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله "صلى الله عليه و سلم" يأخذون منها فقط ومن القرآن أمور دينهم ومسائل فقههم فكان لهذا لا بد لعامتهم من مصدر قريب التناول يمكن الاعتماد عليه والرجوع إليه حين يقتضيهم الأمر ويغنيهم عن المراجعات الكثيرة في الموسوعات العديدة من أجل مسائل قليلة أو كثيرة.
فكان أن ألهم الله تعالى الأستاذ السيد سابق فأخرج لهم هذا الكتاب "فقه السنة" فقرب لهم الطريق وأنار لهم السبيل جزاه الله خيرا . . من أجل ذلك كنت ولا أزال أحض على اقتنائه والاستفادة مما فيه من السنة والحق -ومنذ صدور الجزء الأول منه من الحجم الصغير القديم - كل راغب في السنة وناصر للحق حتى انتشرت نسخه بين صفوف إخواننا السلفيين وغيرهم في دمشق وغيرها من البلاد السورية ))اهـ
وقال -رحمه الله- ص:13 ((وقد يكون من نافلة القول أن أذكر أنني لا أريد بالتعليق على الكتاب وبيان أخطائه أن أحط من قدره شيئا أو أبخس من حقه بل إنما أريد الانتصار للحق بالحق وصيانة "فقه السنة" عن الخطأ ما أمكن فإن ذلك أدعى لإقبال الناس عليه والاستفادة منه))أهـ
قلت: وعلى هذا يقاس سائر من ذكر ، وأين نقل الصواب عن هؤلاء من الثناء وعلى من فاقهم في البدعة بمراحل ، والتبجيل له وجعل (حركته) من (الإصلاحات الدينية والسياسية!!!) ، مع أنّه من أعتى أصناف أهل البدع ، كالماسوني جمال الدين الأفغاني الحسيني الإيراني ، وصاحبه محمد عبده ، وتلميذه العقلاني محمد رشيد رضا الذي حُشر جنبا إلى جنب في (بعض الكتب) مع الإمام محمد بن عبد الوهاب ، والإمام الشوكاني ضمن ما سُميّ بـ(التيارات الفكرية) على ما سيبيّن زيفه إن شاء الله أخونا أبو حاتم يوسف بن العيد الجزائري وفقه الله.
الشبهة الرابعة: ذكر الشيخ يحيى الحجوري -حفظه الله- شبه القائلين بالأذان الأول ،فذكر منها فعل الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه ، فقال البرمكي بأن هذا طعن ، حيث قال: [يا سبحان الله متى كانت سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة الواضحة الصريحة الظاهرة التي هي كالشمس في رابعة النهار شبهة إلا عند الحجوري ومن كان على شاكلته من الجهلة]أهـ
فأقول : من الجهل أوتيت يا دكتور !! وذلك أن النص إذا أورد في غير مورده، استُدل به في غير موضعه ، فإنه يسمى شبهة ، ويكفيك كلام أهل العلم في هذا ، وهذا إمام أهل السنة حقا ، ومجدد الدعوة صدقا ، محدث العصر الإمام الألباني ، لما أتى على تعداد شبه القائلين بجواز التوسل بذوات الصالحين ، في كتابه العظيم "التوسل" قال: ((الشبهة الأولى:حديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما))
وقال: ((الشبهة الثانية : حديث الضرير))
وقال: ((الشبهة الثانية : حديث الضرير))
وقال في (صلاة التراويح –ص:36) : ((الشبهة الثالثة (التمسك بالنصوص المطلقة والعامة)
تمسك بعضهم بالنصوص المطلقة والعامة في الحض على الإكثار من الصلاة بدون تحديد عدد معين كقوله صلى الله عليه وسلم لربيعة بن كعب وقد سأله مرافقته في الجنة: ((فأعني على نفسك بكثرة السجود)) [رواه مسلم في صحيحه وأبوعوانة] وكحديث أبي هريرة رضي الله عنه ((كان يرغب في قيام رمضان . . )) ونحو ذلك من الأحاديث التي تفيد بإطلاقها وعمومها مشروعية الصلاة بأي عدد شاء المصلي.
والجواب : أن هذا ممسك واه جدا بل هي شبهة لا تساوي حكايتها كالتي قبلها)) أهـ
تمسك بعضهم بالنصوص المطلقة والعامة في الحض على الإكثار من الصلاة بدون تحديد عدد معين كقوله صلى الله عليه وسلم لربيعة بن كعب وقد سأله مرافقته في الجنة: ((فأعني على نفسك بكثرة السجود)) [رواه مسلم في صحيحه وأبوعوانة] وكحديث أبي هريرة رضي الله عنه ((كان يرغب في قيام رمضان . . )) ونحو ذلك من الأحاديث التي تفيد بإطلاقها وعمومها مشروعية الصلاة بأي عدد شاء المصلي.
والجواب : أن هذا ممسك واه جدا بل هي شبهة لا تساوي حكايتها كالتي قبلها)) أهـ
خلط البرمكي في معنى اتباع سنة الخلفاء الراشدين:
ثم اعلم أن اتباع سنة الخلفاء الراشدين ، لا يعني جعل أقوالهم وأفعالهم حجة ، أو أنهم لا يخطؤون ، بل إذا أخطؤوا فإنهم لا يتابعون على خطئهم.
وقد خلط البرمكي في هذا خلطا عجيبا ، وانفرد بجعل فعل الخليفة الواحد حجة وإن خالفه غيره !!! وأوّل من قال بهذا هو الدكتور البرمكي ، وهذا مما يدل على هزاله العلمي !! وقد اختلف العلماء في اتفاق الخلفاء الأربعة: فقيل هو إجماع ، وقيل هو دليل وليس إجماعا ، وقيل أنه ليس دليلا ولا إجماعا ، ولم يقل بحجية فعل أحدهم منفردا إلاّ الإمام الشافعي ، وجعله عاما في كل الصحابة ، وشرطه في ذلك ألاّ يعلم له من الصحابة مخالف ، ومع هذا فقد وقع خلاف في رجوع الشافعي عن هذا القول ، والراجح أنه لم يرجع -والله أعلم- أمّا هذا القول الجديد المخترع الذي أتى به البرمكي !! فلم يقل به من العلماء أحد.
قال العلامة المفسر محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: ((وأما استدلالهم بقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" فهو حجة عليهم لا لهم؛ لأن سنة الخلفاء الراشدين التي حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرونة بسنته ليس فيها البتة تقليد أعمى، ولا التزام قول رجل بعينه . . . فقد رجع أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى قول المغيرة بن شعبة، ومحمد بن مسلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض للجدة السدس.
وكان أبو بكر يرى أنها لا ميراث لها، وقد قال لها لما جاءته: "لا أرى لك شيئا في كتاب الله ولا أعلم لك شيئا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم."
وقد رجع عمر إلى قول المذكورين في دية الجنين أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فيها غرة عبد أو وليدة.
ورجع عمر أيضا إلى حديث عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر.
ورجع عمر أيضا إلى قول الضحاك بن سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها.
ورجع عثمان بن عفان إلى حديث فريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالسكنى في البيت الذي توفي عنها زوجها وهي فيه حتى تنقضي عدتها.
وكان عثمان بعد ذلك يفتي بوجوب السكنى للمتوفي عنها حتى تنقضي عدتها.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" فهو حجة عليهم لا لهم؛ لأن سنة الخلفاء الراشدين التي حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرونة بسنته ليس فيها البتة تقليد أعمى، ولا التزام قول رجل بعينه . . . فقد رجع أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى قول المغيرة بن شعبة، ومحمد بن مسلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض للجدة السدس.
وكان أبو بكر يرى أنها لا ميراث لها، وقد قال لها لما جاءته: "لا أرى لك شيئا في كتاب الله ولا أعلم لك شيئا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم."
وقد رجع عمر إلى قول المذكورين في دية الجنين أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فيها غرة عبد أو وليدة.
ورجع عمر أيضا إلى حديث عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر.
ورجع عمر أيضا إلى قول الضحاك بن سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها.
ورجع عثمان بن عفان إلى حديث فريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالسكنى في البيت الذي توفي عنها زوجها وهي فيه حتى تنقضي عدتها.
وكان عثمان بعد ذلك يفتي بوجوب السكنى للمتوفي عنها حتى تنقضي عدتها.
وأمثال هذا أكثر من أن تحصى، وفي ذلك بيان واضح، لأن سنة الخلفاء الراشدين هي المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،وتقديم سنته على كل شيء، فعلينا جميعا أن نعمل بمثل ما كانوا يعملون لنكون متبعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنتهم.)) "أضواء البيان/سورة محمد"
فأين يقع من هذا النقل عن هذا الإمام قول البرمكي: [ما الفائدة من ذكر الخلفاء الراشدين في الحديث إذا كان المراد فقط أنهم سيتبعون سنته!! وهل الخلفاء فقط هم الذين سيتبعون سنته؟! وأين باقي الصحابة!؟ وأين باقي العشرة وأصحاب بدر والحديبية، وأين العبادلة والمكثرون من رواية الأثر!!؟ أليسوا كلهم على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وكلهم متبعون سنته؟]أهـ
قلت: يا دكتور !! ليس هذا قول الناصح الأمين فقط ، بل قول الإمام المفسر أيضا ، فأين أنت من كلّ هذا ؟!!
وليتأمل السلفي المنصف كلام الإمام الشنقيطي -رحمه الله- وليقارنه بكلام الإمام الحجوري -حفظه الله- حيث سئل: ((حديث "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين" ..ما معنى: (سنة الخلفاء الراشدين) إذا كانوا هم يتبعون سنة النبي صلى الله عليه وسلم؟
الإجابة: معنى الحديث أنه يلزم الأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا واجب على كل مسلم بما في ذلك الخلفاء الراشدون، ليس لأحد ترك سنة رسوله..فهذا معنى قوله: "عليكم بسنتي" أي على طريقة الخلفاء الراشدين ، وهذا الحديث دليل على وجوب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على فهم السلف الذين ذروتهم الخلفاء الراشدون . . . والمقصود: فهم الكتاب والسنة على فهمهم)) أهـ "الكنز الثمين" (5/22)
ثم تأمل رحمك الله بتر البرمكي لهذا الكلام السلفي ، حيث نقل أوّله دون ما تحته خط ، وحذفه مؤثر في المعنى كما هو ظاهر ، فهل هذا من الأمانة العلمية ؟؟! فسبحان الله كيف يثق فيه العميان ، ويحتج به الصبيان ، وقد ظهرت في كتاباته هذه البلايا وفي الزوايا خبايا ، فما خفي أعظم وما غمض مما ظهر أهدم ، ولو أنّي تتبعت كلّ أباطيله وغربلت كلّ أقاويله ، لكتبت في نقده ما يعجز بعض أتباعه عن حمله ، ويعجز كلّ جشيه عن ردّه ، لكن: في ميادين أولى يسيل المداد ، نسأل الله التوفيق والسداد.
قال ابن حزم -رحمه الله-: ((فكل أحد دون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطئ ويصيب. فإن قال قائل : قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" قلنا : سنة الخلفاء رضي الله عنهم هي اتباع سنته عليه السلام , وأما ما عملوه باجتهاد فلا يجب اتباع اجتهادهم في ذلك . وقد صح عن أبي بكر , وعمر , وعثمان , وعلي , وابن الزبير , وخالد بن الوليد , وغيرهم : القود من اللطمة والحنفيون , والمالكيون , والشافعيون , لا يقولون بذلك .)) أهـ "المحلى" (11/3596-357)
فماذا سيقول البرمكي ؟!! هل يسبدع كلّ من لم يقل بالقود في اللّطمة !! مع أنه خلاف قول الخلفاء الأربعة !! أم أنّ عرض يحيى أهون !! أم أنّ عرض هؤلاء لا عرَض ينال من النيل منه ؟؟! أم أنّ وراء الأكمة ما وراءها ؟؟!
ثمّ ماذاسيفعل البرمكي بإتمام عثمان رضي الله عنه الصلاة بمنى وهو مسافر ، فهل سيتابعه على هذا ، أم أنّه سيخالفه مع أنّه خليفة راشد ، وفي مخالفته هدم لكلّ ما بناه البرمكي من طعن وتسفيه.
يا دكتور!! تأمل نقل الشيخ الفاضل محمد الإمام عن علماء أهل السنة أنّهم لا يرضون بالطعن في الناصح الأمين ، إذ قال في "شرح وصية الشيخ مقبل" : ((ولا يسمح علماء أهل السنة بالطعن فيه والتقليل من شأنه)) أهـ
فهذا قول (علماء أهل السنة) وذاك قول (البرامكة) وللسلفي أن يتخيّر ما شاء ، من باب قوله تعالى: ((افعلوا ما شئتم)).
والشيء بالشيء يذكر: ففي هذ المقطع الذي نشر في شبكة العلوم السلفية ، أخطأ الشيخ محمد الإمام مرتين ، فبدل أن يقول "الشيخ مقبل" قال "رسول الله صلى الله عليه وسلم" سهوًا لا عمدا ، فأخشى أن يتهم البرامكة الشيخ الإمام بالوضع كما اتهموا به أخاه الشيخ يحيى ، لما قال: "ما راء كمن سمع" ونسبه للنبي صلى الله عليه وسلم سهوا لا عمدا ، فاتهمه البرمكي -لهذا- بالوضع !!! فسبحان الذي بصر قلوبا وأعمى أخرى.
كما أخشى أيضا أن يقود البرامكة حملة على الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- بدعوى أنّه يطعن في الأقرع بن حابس رضي الله عنه ، فقد قال -رحمه الله تعالى-: ((وكان عند النبي صلى الله عليه وسلم الأقرع بن حابس من زعماء بني تميم ، والغالب على أهل البادية وأشباههم يكون فيهم جفاء ، فقبّل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن ، فقال الأقرع (إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم) أعوذ بالله من قلب قاسٍ ، ما يقبلهم ولو كانوا صغارا !! فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (من لا يرحم لا يرحم) . . .))أهـ "شرح رياض الصالحين" (1/55)
وهذا الكلام من الإمام ابن عثيمين ليس من باب الطعن ، ولا ساقه مساق العيب والقدح ، وإنّما هو من باب ذكر السبب الذي جعل الأقرع رضي الله عنه يتعجب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن هذا الباب ساقه البيحاني -رحمه الله- في "إصلاح المجتمع" ولهذا أقره الشيخ يحيى الحجوري حفظه الله في تحقيقه للكتاب ، وأقرهما جميعا الإمام الوادعي رحمه الله ، وقدم للكتاب وأثنى عليه وعلى محققه ، فإمّا أن يطعن البرمكي في الجميع ، أو يكفّ عن الجميع ، أويقع في التناقض الفضيع.
ومن تناقضه الفظيع وكيله بمكيالين ، ذمّه للناصح الأمين كونه حذف عبارة من كتابه "أحكام الجمعة" ولم يعب على سيّده محمد الوصابي حذفه لعبارات عديد من كتابه "القول المفيد!!" فأين غيرته على السّنة وأين انتصاره لمنهج السلف ، وأين إنكار البرامكة على الوصابي عدّه توحيد الحاكمية قسما رابعا من أقسام التوحيد ؟! وقد بيّن العلماء ضلال من قال بهذا القول المبتدع ، وقد نقلت -بحمد الله- شيئا من أقولهم ورددت على مقالة الوصابي في (المقدمات السلفية . . .) والحمد لله.
وفي الأخير: أتوجه بشكر خاص للأخ عبد الله العماد ، والأخ أيوب شمالي ، فكلّ منهما قد أفادني بنقول مهمة في الموضوع ، فجزاهما الله خير الجزاء.
كتبه:
ياسر بن مسعود الجيجلي
كتبه:
ياسر بن مسعود الجيجلي
تعليق