قال الشيخ أبو بكر: عبد الرزاق النهمي حفظه الله:-
5- دعوة أهل السنة تهتم بالعلم الشرعي
وتهتم بالعلم الشرعي – علم الكتاب والسنة – لأنه لا ينقذ هذه الأمة من الجهالات ، والضلا لات والشركيات إلا إذا تعلموا العلم الشرعي المستمد من كتاب ربنا وسنة نبينا – صلى الله عليه وسلم – ولأن العلم يعتبر رفعة قال تعالى (يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أتوا العلم درجات ) والله سبحانه وتعالى يأمر نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – إن يطلب الزيادة من العلم فقال تعالى( وقل رب زدني علما ) وقرن الله شهادته سبحانه بشهادة الملائكة وبشهادة أهل العلم فقال تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائمات بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) وقال تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء ) .
ولا يأتي الشر والبلاء إلا بذهاب العلماء فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبدا لله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا بغير علم فضلوا وأضلوا )) .
وما تخبط كثير من الناس إلا بسبب تركهم العلماء فالرجوع إلى العلماء عصمة من الفتن قال تعالى (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )
قال ا لشوكاني في ( فتح القدير ) ( أولى الأمر هم العلماء والأمراء والعقلاء الصالحون ) . اه
ويقول تعالى في شأن قارون ( فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ، وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين )
ففي هذه الآية : دليل على أن أهل العلم يعرفون الفتن هي قادمة وأما العوام فلا يعرفونها إلا قد أدبرت ، والعلماء يضعون الأشياء في مواضعها قال تعالى ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) وقال تعالى (أن في ذلك لآيات للعالمين ) .
فأهل السنة يهتمون بالعلم أيضا لأنه سبيل إلى الجنة كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم –(من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة ) .
ويهتمون بالعلم لأنهم بحاجة إلى العلم أيضا فهم الواقفون في وجه أهل الباطل من الشيعة ، وصوفية ، وحزبية ، فيحتاجون إلى أن يتزودا من العلم كي يعرفوا شبه المخالفين لردها بالأدلة ولا يكون ذلك إلا بالتضلع من العلم الشرعي ليردوا على أهل البدع والأهواء شبهاتهم وبدعهم بالحجة والبرهان ، كما فعل ذلك علماؤنا المتقدمين رحمهم الله كالإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وابن كثير وابن الوزير والصنعاني والشوكاني وغيرهم رحمهم الله جميعا .
والعلم عند أهل السنة يعتبر أرفع من الكرسي والمناصب ،ففي الصحيحين عن معاوية رضي الله عنه قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ) .
وفي صحيح مسلم (817) عن عمرين الخطاب رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوام ويضع به آخرين ).
فقد كان شيخنا الو ادعي رحمه الله يقول( إن الكراسي لا تساوي عندي بعرة) وكان يقول ( العلم أحسن من الكراسي وأحسن من المناصب ، وأحسن من النساء الجميلات ، وأحسن من الذهب والورق وأحسن من الملك ).
وهكذا كان حال علمائنا المتقدمين رحمهم لله فقد جاء عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال ( لو يعلم الملوك وأبنا ء الملوك ما نحن فيه من اللذة لجادلونا عليها بالسيوف ) وهكذا جاء عن الحسن البصري رحمه الله ، وحالهم مع العلم كما قال الشاعر:
رضينا قسمة الجبار فينا *** لنا علم وللجهال مال
فعز المال يفنى عن قريب *** وعز العلم باق لايزال
وقال آخر :
إن صحبنا الملوك تاهوا علينا *** واستخفوا كبرا بحق الجليس
أو صحبنا التجار صرنا إلى *** الدنيا وصرينا لعد الفلوس
فلزمنا البيوت نستخرج العلم *** ونملأ به بطون الطروس
وقال آخر:
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي *** من وضل غانية وطول عناق
وتمايلي طربا لحل عويصة *** أحلى وأشهى من مدامة ساقي
وصرير أقلامي على أوراقها *** أحلى من ألد وكات للعشاق
وألذ من نقر الفتا ة لدفها *** نقري لألقى الرمل عن أوراقي
أأبيت سهران الدجى وتبيته *** نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي
فالعلم له لذة وحلاوة وقد ذكر ابن كثير في (لبداية ) في ترجمة أبي جعفر المنصور أنه قيل له : ( يا أمير المؤمنين ، هل بقي شئ من لذات الدنيا لم تنله ؟ ! قال : شئ واحد قالوا : وما هو ؟ قال : قول المحدث للشيخ : من ذكرت رحمك الله، فاجتمع وزراؤه وكتابه وجلسوا حوله وقالوا : ليمل علينا أمير المؤمنين شيئا من الحديث ، فقال لستم بهم إنما هم الدنسة ثيابهم ، المشققة أرجلهم ، الطويلة شعورهم رواد الآفاق وقطاع المسافات ، تارة بالعراق ، وتارة بالحجاز ، وتارة بالشام ، وتارة باليمن ، فهؤلاء نقلة الحديث ).
والملك الحقيقي هو : العلم النافع ، قدم هارون الرشيد الرقة ، فنجفل الناس خلف الإمام عبدا لله بن المبارك ، وتقطعت النعال وارتفعت الغبرة فأشرفت أم ولد لأمير المؤمنين من( برج) من قصر الخشب فقالت : ما هذا ؟ قالوا : عالم من أهل خرسان ، قدم ، قالت : هذا والله الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان .
6- دعوة أهل السنة تربط الناس بالله لا تربطهم بالدنيا
ودعوة أهل السنة تربط الناس بالله تعالى خلقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم قال تعالى ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير o تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ) .
فدعوة أهل السنة لا تربط الناس بمادة ولا وظيفة ولا جمعية إنما ترغبهم في الجنة كما كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلق أصحابه بمال فلقد كان يقول لهم : من فعل كذا فله الجنة كما قال عليه الصلاة والسلام ( من حفر بئر رومه فله الجنة ) فحفرها عثمان رضي الله عنه وقال عليه الصلاة والسلام ( من جهز جيش العسرة فله الجنة ؟ فجهزها عثمان ) وقال : عليه الصلاة والسلام للمرأة التي اشتكت أنها تصرع وتتكشف ، وطلبت من رسول الله عليه الصلاة والسلام أن يدعوا لها ( أن شئت صبرت ولك الجنة وأن شئت دعوت الله لك أن يعافيك ) قالت : أصبر ، فقالت إني أتكشف ، فاعوا الله لي ألا أتكشف ، فدعا لها .
وعن جابر رضي الله عنه ( مكث رسول الله عليه الصلاة والسلام بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ، ومجنة وفي المواسم بمنى يقول ( من يؤويني ؟ من ينصرني ؟ حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة ) حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر كذا قال : فيأتيه قومه فيقولون : احذر غلام قريش ، لا يفتنك ، ويمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع حتى بعثنا الله إليه من يثرب ، فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القران فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام ثم ائتمروا جميعا فقلنا : حتى متى نترك رسول الله عليه الصلاة والسلام يطرد في جبال مكة ويخاف فرحل إليه منا سبعون رجلا حتى قدموا عليه في الموسم فواعدناه شعب العقبة فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين حتى توافينا فقلنا : يارسول الله نبايعك ؟ قال : ( تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط ،والكسل ،والنفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم ،وأزواجكم ، وأبناءكم ولكم الجنة ) قال فقمنا إليه فبايعناه وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو من أصغرهم فقال : رويدا يا أهل يثرب فإنا لم نضرب أمباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف فأما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله وأما أنتم قوم تخافون من أنفسكم جبينة فبينوا ذلك فهو عذر لكم عند الله قالوا : أمط عنا يا أسعد ، فوا لله لا ندع هذه البيعة أبدا ولا نسلبها أبدا ، قال : فقمنا إليه فبايعناه فأخذ علينا وشرط ويعطينا على ذلك الجنة ) مسند أحمد (22/ 346) رقم (14456) .
فكان عليه الصلاة والسلام يعلق أصحابه بالله ويرغبهم فيما عند الله تعالى ويزهدهم في الدنيا الدنية كما قال تعالى لنبيه ( وللآخرة خير لك من الأولى ) وقال ( ما عنكم ينفد وما عند الله باق ) وقال تعالى ( فما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون ) .
5- دعوة أهل السنة تهتم بالعلم الشرعي
وتهتم بالعلم الشرعي – علم الكتاب والسنة – لأنه لا ينقذ هذه الأمة من الجهالات ، والضلا لات والشركيات إلا إذا تعلموا العلم الشرعي المستمد من كتاب ربنا وسنة نبينا – صلى الله عليه وسلم – ولأن العلم يعتبر رفعة قال تعالى (يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أتوا العلم درجات ) والله سبحانه وتعالى يأمر نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – إن يطلب الزيادة من العلم فقال تعالى( وقل رب زدني علما ) وقرن الله شهادته سبحانه بشهادة الملائكة وبشهادة أهل العلم فقال تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائمات بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) وقال تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء ) .
ولا يأتي الشر والبلاء إلا بذهاب العلماء فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبدا لله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا بغير علم فضلوا وأضلوا )) .
وما تخبط كثير من الناس إلا بسبب تركهم العلماء فالرجوع إلى العلماء عصمة من الفتن قال تعالى (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )
قال ا لشوكاني في ( فتح القدير ) ( أولى الأمر هم العلماء والأمراء والعقلاء الصالحون ) . اه
ويقول تعالى في شأن قارون ( فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ، وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين )
ففي هذه الآية : دليل على أن أهل العلم يعرفون الفتن هي قادمة وأما العوام فلا يعرفونها إلا قد أدبرت ، والعلماء يضعون الأشياء في مواضعها قال تعالى ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) وقال تعالى (أن في ذلك لآيات للعالمين ) .
فأهل السنة يهتمون بالعلم أيضا لأنه سبيل إلى الجنة كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم –(من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة ) .
ويهتمون بالعلم لأنهم بحاجة إلى العلم أيضا فهم الواقفون في وجه أهل الباطل من الشيعة ، وصوفية ، وحزبية ، فيحتاجون إلى أن يتزودا من العلم كي يعرفوا شبه المخالفين لردها بالأدلة ولا يكون ذلك إلا بالتضلع من العلم الشرعي ليردوا على أهل البدع والأهواء شبهاتهم وبدعهم بالحجة والبرهان ، كما فعل ذلك علماؤنا المتقدمين رحمهم الله كالإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وابن كثير وابن الوزير والصنعاني والشوكاني وغيرهم رحمهم الله جميعا .
والعلم عند أهل السنة يعتبر أرفع من الكرسي والمناصب ،ففي الصحيحين عن معاوية رضي الله عنه قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ) .
وفي صحيح مسلم (817) عن عمرين الخطاب رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوام ويضع به آخرين ).
فقد كان شيخنا الو ادعي رحمه الله يقول( إن الكراسي لا تساوي عندي بعرة) وكان يقول ( العلم أحسن من الكراسي وأحسن من المناصب ، وأحسن من النساء الجميلات ، وأحسن من الذهب والورق وأحسن من الملك ).
وهكذا كان حال علمائنا المتقدمين رحمهم لله فقد جاء عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال ( لو يعلم الملوك وأبنا ء الملوك ما نحن فيه من اللذة لجادلونا عليها بالسيوف ) وهكذا جاء عن الحسن البصري رحمه الله ، وحالهم مع العلم كما قال الشاعر:
رضينا قسمة الجبار فينا *** لنا علم وللجهال مال
فعز المال يفنى عن قريب *** وعز العلم باق لايزال
وقال آخر :
إن صحبنا الملوك تاهوا علينا *** واستخفوا كبرا بحق الجليس
أو صحبنا التجار صرنا إلى *** الدنيا وصرينا لعد الفلوس
فلزمنا البيوت نستخرج العلم *** ونملأ به بطون الطروس
وقال آخر:
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي *** من وضل غانية وطول عناق
وتمايلي طربا لحل عويصة *** أحلى وأشهى من مدامة ساقي
وصرير أقلامي على أوراقها *** أحلى من ألد وكات للعشاق
وألذ من نقر الفتا ة لدفها *** نقري لألقى الرمل عن أوراقي
أأبيت سهران الدجى وتبيته *** نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي
فالعلم له لذة وحلاوة وقد ذكر ابن كثير في (لبداية ) في ترجمة أبي جعفر المنصور أنه قيل له : ( يا أمير المؤمنين ، هل بقي شئ من لذات الدنيا لم تنله ؟ ! قال : شئ واحد قالوا : وما هو ؟ قال : قول المحدث للشيخ : من ذكرت رحمك الله، فاجتمع وزراؤه وكتابه وجلسوا حوله وقالوا : ليمل علينا أمير المؤمنين شيئا من الحديث ، فقال لستم بهم إنما هم الدنسة ثيابهم ، المشققة أرجلهم ، الطويلة شعورهم رواد الآفاق وقطاع المسافات ، تارة بالعراق ، وتارة بالحجاز ، وتارة بالشام ، وتارة باليمن ، فهؤلاء نقلة الحديث ).
والملك الحقيقي هو : العلم النافع ، قدم هارون الرشيد الرقة ، فنجفل الناس خلف الإمام عبدا لله بن المبارك ، وتقطعت النعال وارتفعت الغبرة فأشرفت أم ولد لأمير المؤمنين من( برج) من قصر الخشب فقالت : ما هذا ؟ قالوا : عالم من أهل خرسان ، قدم ، قالت : هذا والله الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان .
6- دعوة أهل السنة تربط الناس بالله لا تربطهم بالدنيا
ودعوة أهل السنة تربط الناس بالله تعالى خلقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم قال تعالى ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير o تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ) .
فدعوة أهل السنة لا تربط الناس بمادة ولا وظيفة ولا جمعية إنما ترغبهم في الجنة كما كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلق أصحابه بمال فلقد كان يقول لهم : من فعل كذا فله الجنة كما قال عليه الصلاة والسلام ( من حفر بئر رومه فله الجنة ) فحفرها عثمان رضي الله عنه وقال عليه الصلاة والسلام ( من جهز جيش العسرة فله الجنة ؟ فجهزها عثمان ) وقال : عليه الصلاة والسلام للمرأة التي اشتكت أنها تصرع وتتكشف ، وطلبت من رسول الله عليه الصلاة والسلام أن يدعوا لها ( أن شئت صبرت ولك الجنة وأن شئت دعوت الله لك أن يعافيك ) قالت : أصبر ، فقالت إني أتكشف ، فاعوا الله لي ألا أتكشف ، فدعا لها .
وعن جابر رضي الله عنه ( مكث رسول الله عليه الصلاة والسلام بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ، ومجنة وفي المواسم بمنى يقول ( من يؤويني ؟ من ينصرني ؟ حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة ) حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر كذا قال : فيأتيه قومه فيقولون : احذر غلام قريش ، لا يفتنك ، ويمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع حتى بعثنا الله إليه من يثرب ، فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القران فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام ثم ائتمروا جميعا فقلنا : حتى متى نترك رسول الله عليه الصلاة والسلام يطرد في جبال مكة ويخاف فرحل إليه منا سبعون رجلا حتى قدموا عليه في الموسم فواعدناه شعب العقبة فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين حتى توافينا فقلنا : يارسول الله نبايعك ؟ قال : ( تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط ،والكسل ،والنفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم ،وأزواجكم ، وأبناءكم ولكم الجنة ) قال فقمنا إليه فبايعناه وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو من أصغرهم فقال : رويدا يا أهل يثرب فإنا لم نضرب أمباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف فأما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله وأما أنتم قوم تخافون من أنفسكم جبينة فبينوا ذلك فهو عذر لكم عند الله قالوا : أمط عنا يا أسعد ، فوا لله لا ندع هذه البيعة أبدا ولا نسلبها أبدا ، قال : فقمنا إليه فبايعناه فأخذ علينا وشرط ويعطينا على ذلك الجنة ) مسند أحمد (22/ 346) رقم (14456) .
فكان عليه الصلاة والسلام يعلق أصحابه بالله ويرغبهم فيما عند الله تعالى ويزهدهم في الدنيا الدنية كما قال تعالى لنبيه ( وللآخرة خير لك من الأولى ) وقال ( ما عنكم ينفد وما عند الله باق ) وقال تعالى ( فما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون ) .