بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الأمين وبعد:
فهذه فائدة عزيزة قل من يطلع عليها رجوت منها النفع لي ولأخواني في بيان منهج علماء السنة في رد البدعة و الباطل والتحذير منه حتى اذا تاب صاحب البدعة و الباطل منه وهذا ليعلم انه ليس من الغلو في شيء التحذير من البدعة و الباطل بل هو عين الانصاف ليحذر من اطلع على البدعة و الباطل ولم يعلم ان صاحب البدعة و الباطل قد تاب والله الستعان
قال الشيخ الإمام العلامة القدوة المجتهد ( 1 ) موفق الدين ابو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة صاحب المغني في الفقه وصاحب لمعة الاعتقاد في العقيدة رحمه الله :
فإنني وقفت على فضيحة ابن عقيل ( 2 ) التي سماها نصيحة, وتأملت ما اشتملت عليه من البدع القبيحة والشناعة على سالكي الطريق الواضحة الصحيحة, فوجدتها فضيحة لقائلها قد هتك الله تعالى بها ستره, وأبدى بها عورته, ولولا أنّه قد تاب إلى الله عزوجل منها وتنصل ورجع عنها واستغفر الله تعالى من جميع ما تكلم به من البدع أو كتبه بخطه أو صنفه أو نسب إليه لعددناه في جملة الزنادقة وألحقناه بالمبتدعة المارقة.
ولكنه لما تاب وأناب وجب أن تُحمَل منه هذه البدعة والضلالة على أنها كانت قبل توبته في حال بدعته وزندقته.
ثم قد عاد بعد توبته إلى نصّ السنة والرد على من قال بمقالته الأولى بأحسن كلام وأبلغ نضام وأجاب على الشُّبَه التي ذُكرت بأحسن جواب, وكلامه في ذلك كثير في كتب كبار وصغار وأجزاء مفردة, وعندنا من ذلك كثير.
فلعل إحسانه بمحو إساءته وتوبته تمحو بدعته, فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
ولقد كنت أعجب من الأئمة من أصحابنا الذين كفروه وأهدروا دمه وأفتوا بإباحة قتله وحكموا بزندقته قبل توبته, ولم أدرِ أي شيء أوجب هذا في حقه وما الذي اقتضى أن يبالغوا فيه هذه المبالغة حتى وقفت على هذه الفضيحة, فعلمت أنّ بها وبأمثالها استباحوا دمه, وقد عثرت له على زلات قبيحة ولكن لم أجد عنه مثل هذه التي بالغ فيها في تهجين السنة مبالغة لم يبالغها معتزلي ولا غيره.
وكان أصحابنا يعيّرونه بالزندقة....
وبلغني أنّ سبب توبته أنه لما ظهرت منه هذه الفضيحة أهدر الشريف أبو جعفر رحمه الله تعالى دمه, وأفتى هو وأصحابه بإباحة قتله, وكان ابن عقيل يتخفى مخافة القتل فبينما هو يوماً راكب في سفينة فغذا في السفينة شاب يقول: تمنيت لو لقيت هذا الزنديق ابن عقيل حتى أتقرب إلى الله تعالى بقتله وإراقة دمه, ففزع وخرج من السفينة وجاء إلى الشريف أبي جعفر فتاب واستغفر.
وها أنا أذكر توبته وصفتها بالإسناد ليعلم أن ما وُجد من تصانيفه مخالفاً للسنة فهو مما تاب منه, فلا يغترّ به مغترّ, ولا يأخذ به أحد فيضلّ, ويكون الآخذ به كحاله قبل توبته في زندقته,وحلّ دمُه.انتهى المراد من كلام ابن قدامة في كتابه تحريم النظر في كتب الكلام من صفحة 29 الى 33 طبعة دار عالم الكتب الرياض الطبعة الأولى 1410هـ - 1990م تحقيق عبدالرحمن محمد سعيد دمشقية
الهوامش
1 كذا ذكره الامام الذهبي في السير واثنى عليه انظر السير 22/165 طبعة دار الرسالة ترجمة ابن قدامة
2 هو ابو الوفا علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي ولد في 431هـ وتوفي 513هـ انظر ترجمته في سير الذهبي 19/445 والميزان للذهبي 3/146 ولسان الميزان لابن حجر 4/243 وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/144
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الأمين وبعد:
فهذه فائدة عزيزة قل من يطلع عليها رجوت منها النفع لي ولأخواني في بيان منهج علماء السنة في رد البدعة و الباطل والتحذير منه حتى اذا تاب صاحب البدعة و الباطل منه وهذا ليعلم انه ليس من الغلو في شيء التحذير من البدعة و الباطل بل هو عين الانصاف ليحذر من اطلع على البدعة و الباطل ولم يعلم ان صاحب البدعة و الباطل قد تاب والله الستعان
قال الشيخ الإمام العلامة القدوة المجتهد ( 1 ) موفق الدين ابو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة صاحب المغني في الفقه وصاحب لمعة الاعتقاد في العقيدة رحمه الله :
فإنني وقفت على فضيحة ابن عقيل ( 2 ) التي سماها نصيحة, وتأملت ما اشتملت عليه من البدع القبيحة والشناعة على سالكي الطريق الواضحة الصحيحة, فوجدتها فضيحة لقائلها قد هتك الله تعالى بها ستره, وأبدى بها عورته, ولولا أنّه قد تاب إلى الله عزوجل منها وتنصل ورجع عنها واستغفر الله تعالى من جميع ما تكلم به من البدع أو كتبه بخطه أو صنفه أو نسب إليه لعددناه في جملة الزنادقة وألحقناه بالمبتدعة المارقة.
ولكنه لما تاب وأناب وجب أن تُحمَل منه هذه البدعة والضلالة على أنها كانت قبل توبته في حال بدعته وزندقته.
ثم قد عاد بعد توبته إلى نصّ السنة والرد على من قال بمقالته الأولى بأحسن كلام وأبلغ نضام وأجاب على الشُّبَه التي ذُكرت بأحسن جواب, وكلامه في ذلك كثير في كتب كبار وصغار وأجزاء مفردة, وعندنا من ذلك كثير.
فلعل إحسانه بمحو إساءته وتوبته تمحو بدعته, فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
ولقد كنت أعجب من الأئمة من أصحابنا الذين كفروه وأهدروا دمه وأفتوا بإباحة قتله وحكموا بزندقته قبل توبته, ولم أدرِ أي شيء أوجب هذا في حقه وما الذي اقتضى أن يبالغوا فيه هذه المبالغة حتى وقفت على هذه الفضيحة, فعلمت أنّ بها وبأمثالها استباحوا دمه, وقد عثرت له على زلات قبيحة ولكن لم أجد عنه مثل هذه التي بالغ فيها في تهجين السنة مبالغة لم يبالغها معتزلي ولا غيره.
وكان أصحابنا يعيّرونه بالزندقة....
وبلغني أنّ سبب توبته أنه لما ظهرت منه هذه الفضيحة أهدر الشريف أبو جعفر رحمه الله تعالى دمه, وأفتى هو وأصحابه بإباحة قتله, وكان ابن عقيل يتخفى مخافة القتل فبينما هو يوماً راكب في سفينة فغذا في السفينة شاب يقول: تمنيت لو لقيت هذا الزنديق ابن عقيل حتى أتقرب إلى الله تعالى بقتله وإراقة دمه, ففزع وخرج من السفينة وجاء إلى الشريف أبي جعفر فتاب واستغفر.
وها أنا أذكر توبته وصفتها بالإسناد ليعلم أن ما وُجد من تصانيفه مخالفاً للسنة فهو مما تاب منه, فلا يغترّ به مغترّ, ولا يأخذ به أحد فيضلّ, ويكون الآخذ به كحاله قبل توبته في زندقته,وحلّ دمُه.انتهى المراد من كلام ابن قدامة في كتابه تحريم النظر في كتب الكلام من صفحة 29 الى 33 طبعة دار عالم الكتب الرياض الطبعة الأولى 1410هـ - 1990م تحقيق عبدالرحمن محمد سعيد دمشقية
الهوامش
1 كذا ذكره الامام الذهبي في السير واثنى عليه انظر السير 22/165 طبعة دار الرسالة ترجمة ابن قدامة
2 هو ابو الوفا علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي ولد في 431هـ وتوفي 513هـ انظر ترجمته في سير الذهبي 19/445 والميزان للذهبي 3/146 ولسان الميزان لابن حجر 4/243 وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/144
تعليق