معرفة أصول الحزبية
لأبي سيف
مفتي بن خيري الجاوي الإندونيسي
بتقديم فضيلة الشيخ:
يحيى بن علي الحجوري –حفظه الله-
ويليه:
نبذة في ضوابط خروج الشخص من دائرة أهل السنة
دار الحديث
بـأرض دمــاج
مقدمة الشيخ يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله تعالى-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه, أما بعد:
فقد طالعت أكثر هذه الرسالة المسماة •معرفة أصول الحزبية» لأخينا الفاضل أبي سيف مفتي بن خيري الإندونيسي -حفظه الله تعالى- فرأيتها طيبة صالحة للنشر في بابها عدا بعض الكلمات فيها انزحاف عن نطقها الصحيح بسبب رواسب العجمة, نسأل الله أن يوفقه لإصلاحها ولكل خير.
كتبه: يحيى بن علي الحجوري
في 1/ربيع الثاني 1431 هــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
هذه رسالة وجيزة كتبتها إفادة لإخواني في الله السلفيين في فرنسا نسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياهم, وذلك لأجل استشارة وطلب الأخ الفاضل عبد الرفيق المغربي -حفظه الله تعالى- أن أكتب لهم ضوابط في الحزبية لعدم معرفتهم بها. نسأل الله أن ينفع بها الإسلام والمسلمين.
جزى الله شيخنا يحيى -حفظه الله تعالى- خير الجزاء وشكر الله له على تواضعه الجم لمراجعته هذه الرسالة ولتقديمه لها, نسأل الله تعالى أن يبارك له في أوقاته وماله وأهله.
وأشكر إخواني في الله أبا سليم سليمان الأمبوني وأبا صالح مصلح الماديوني وأبا عبد الرحمن منير المغربي وغيرهم -حفظهم الله تعالى- على مساعدتهم إياي لإتمام هذه الرسالة, نسأل الله تعالى أن يوفقني وإياهم لما يحبه ويرضاه.
تعريف الحزبية
تعريف الحزبية لغة:
قال الراغب الأصفهاني / في مفردات ألفاظ القرآن: (الحزب)؛ جماعة فيها غلظ قال الله أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا [الكهف : 12] وقال تعالى أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ [المجادلة : 19]” اهـ.
تعريف الحزبية اصطلاحا:
قد كثرت التعاريف فيها لأهل العلم, لكن أحسنها وأشملها فيما أرى والله أعلم- ما عرفه شيخنا يحيى -حفظه الله تعالى- , يقول: “الحزبية هي ولاء وبراء ضيق محصور على من كان معها بغير التمسك بالكتاب والسنة” اهـ.
الحزبية سنة الجاهلية
قال الله تعالى: وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون [المؤمنون : 52 ، 53] وقال تعالى: وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم : 31 ، 32].
عن جابر قال: اقتتل غلامان غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار فنادى المهاجر أو المهاجرون يا للمهاجرين. ونادى الأنصاري يا للأنصار. فخرج رسول الله فقال «ما هذا دعوى أهل الجاهلية». قالوا لا يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر قال «فلا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره». أخرجه البخاري (4905) ومسلم (2584).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: “والأخص مطلقا: الانتساب إلى جنس معين من أجناس بعض شرائع الدين كالتجند للمجاهدين والفقه للعلماء والفقر والتصوف للعباد. أو الانتساب إلى بعض فرق هذه الطوائف كإمام معين أو شيخ أو ملك أو متكلم من رءوس المتكلمين أو مقالة أو فعل تتميز به طائفة أو شعار هذه الفرق من اللباس من عمائم أو غيرها كما يتعصب قوم للخرقة أو اللبسة يعنون الخرقة الشاملة للفقهاء والفقراء أو المختصة بأحد هذين أو بعض طوائف أحد هؤلاء أو لباس التجند أو نحو ذلك. كل ذلك من أمور الجاهلية المفرقة بين الأمة؛ وأهلها خارجون عن السنة والجماعة داخلون في البدع والفرقة؛ بل دين الله تعالى: أن يكون رسوله محمد هو المطاع أمره ونهيه المتبوع في محبته ومعصيته ورضاه وسخطه وعطائه ومنعه وموالاته ومعاداته ونصره وخذلانه. ويعطي كل شخص أو نوع من أنواع العالم من الحقوق: ما أعطاهم إياه الرسول. فالمقرب من قربه والمقصى من أقصاه والمتوسط من وسطه ويحب من هذه الأمور: أعيانها وصفاتها ما يحبه الله ورسوله منها ويكره منها ما كرهه الله ورسوله منها ويترك منها - لا محبوبا ولا مكروها -ما تركه الله ورسوله كذلك- لا محبوبا ولا مكروها”. من مجموع الفتاوى (3 /343).
قال الشيخ /: “إن هذه الجماعات والحزبيات جماعات وأحزاب جاهلية, نقول فيها ما قال نبينا محمد وقد اختصم أنصاري ومهاجري فقال الأنصاري: يا للأنصار! وقال المهاجري: يا للمهاجرين! فقال النبي $أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟!# فضائح ونصائح (ص 43-44).
قال شيخنا -حفظه الله تعالى- : “الحزبية سنة جاهلية إبليسية” اهـ .
وقال -حفظه الله تعالى- : “أف للحزبية فإنها منتنة” اهـ.
تنبيه:
الأقوال التي ذكرتها غير مؤرخة فإنها قيدتها في بداية طلبي للعلم ولم أكن أهتم بالتواريخ آنذاك.
قال الشيخ -حفظه الله تعالى- : “وإن من أبغض السنن الجاهلية وأبشع سنن الجاهلية لهي هذه الحزبية فقد أحيوا بها سنة الجاهلية الحزبية سنة جاهلية إبليسية وأول حزبي هو إبليس عليه لعائن الله , قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ [الحجر : 28 - 31]. قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [ص : 75 ، 76]”. أضرار الحزبية (ص 4).
الحزبية بدعة
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : هناك شبهة من حزبي: أن أحدا لا يبدع بتحزبه, فما جوابكم؟
فأجاب: “قال الله تعالى إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء : 92] فما الذي يجعلهم أن يتحزبوا إلا الفتنة, فكل حزبي مبتدع”. (ليلة الثلاثاء 11 محرم 1428).
سئل الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله تعالى- عن جماعة التبليغ والإخوان المسلمين فأجاب: “هذه الفرق المختلفة الجديدة أولا هي محدثة ميلادها في القرن الرابع عشر ما كانت موجودة, هي في عالم الأموات وولدت في القرن الرابع عشر. أما المنهج القويم والصراط المستقيم فميلاده من بعثة الرسول فمن ابتدع بهذا الحق والهدى فهذا هو الذي سلم ونجا ومن عاد عنه فإنه منحرف”. الرسالة الكبرى (ص 92).
قال الشيخ أحمد بن يحيى النجمي / في كتابه “المورد العذب الزلال”: “الباب السابع أنّ الحزبية ليست من منهج الأنبياء بل هي بدعة -وحاصل كلامه- أن الأنبياء اتفقت شرائعهم في هذين الأصلين و هما: أولا توحيد الله تعالى لقوله تعالىوَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت [النحل/36], ثانيا الحرص على وحدة الأمة و عدم التفرق في الدين بإقامة أسباب الائتلاف و ترك أسباب الاختلاف, ولهذا فقد ذمّ الله تعالى الفرقة في غير ما آية من كتابه كقوله تعالى وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَة [البينة/4], وقوله تعالى وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ [الشورى/14], وقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [الأنعام/159], وقوله تعالى فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [المؤمنون/53]”, اهـ ملخصاً (ص93-99\ دار الآثار).
أركان الحزبية
قال الشيخ مقبل /: “هذه الحزبيات مبنية على: الكذب والخداع والتلبيس وقلب الحقائق”. اهـ غارة الأشرطة (1/15).
شرح المفردات:
1- الكذب, قال الراغب /: “الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا أو مستقبلا, وعدا كان أو غيره, ولا يكونان في القول إلا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام ولذلك قال تعالى وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله قِيلًا [النساء : 122] وقد يستعمل الصدق والكذب في كل ما يحق ويحصل في الاعتقاد ويستعملان في أفعال الجوارح”. اهـ ملخصا.
2- الخداع, قال الراغب /: “إنزال الغير عما هو ضده عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه. قال تعالى يُخَادِعُونَ الله [البقرة : 9]” اهـ المراد.
3- التلبيس, قال الراغب /: “أصل اللبس: ستر الشيء, ويقال ذلك في المعاني, يقال: لبست عليه أمره قال تعالى وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ [الأنعام : 9] وقال وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ [البقرة : 42] ويقال: في الأمر لبسة أي التباس ولابست الأمر إذا زاولته, ولابست فلانا خالطته” اهـ ملخصا.
4- قلب الحقائق, أما هذا فمعروف المعنى وإنما بينت ثلاث مفردات الأول لتقارب معانيها.
عن خالد بن سعد قال: (دخل أبو مسعود على حذيفة: اعهد إلي, قال: أولم يأتك اليقين؟ قال: بلى, قال: فإن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر وتنكر ما كنت تعرف). أخرجه ابن عبد البر في جامع البيان (ص 482-483 رقم 1775/مكتبة عباد الرحمن) واللالكائي في الاعتقاد (رقم؛ 120) بسند صحيح.
قال البربهاري /: “مثل أصحاب البدع مثل عقارب يدفنون رؤوسهم وأبدانهم في التراب ويخرجون أذنابهم, فإذا تمكنوا لدغوا وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس فإذا تمكنوا بلغوا ما يريدون”. ذكره أبو يعلى في طبقات الحنابلة (2/44).
وقال عامر بن عبد الله /: “ما ابتدع رجل بدعة إلا أتى بما كان ينكره اليوم”. الشرح والإبانة (83).
قال ابن القيم /: “إياك والكذب فانه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه ويفسد عليك تصورها وتعليمها للناس فان الكاذب يصور المعدوم موجودا والموجود معدوما والحق باطلا والباطل حقا والخير شرا والشر خيرا فيفسد عليه تصوره وعلمه عقوبة له ثم يصور ذلك في نفس المخاطب المغتر به الراكن إليه فيفسد عليه تصوره وعلمه ونفس الكاذب معرضه عن الحقيقة الموجودة نزاعة إلى العدم مؤثرة للباطل وإذا فسدت عليه قوة تصوره وعلمه التي هي مبدأ كل فعل إرادي فسدت عليه تلك الأفعال وسرى حكم الكذب إليها فصار صدورها عنه كصدور الكذب عن اللسان فلا ينتفع بلسانه ولا بأعماله ولهذا كان الكذب أساس الفجور كما قال النبي $إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار#(1). وأول ما يسري الكذب من النفس إلى اللسان فيفسده ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله فيعم الكذب أقواله وأعماله وأحواله فيستحكم عليه الفساد ويترامى داؤه إلى الهلكة إن لم تدركه الله بدواء الصدق يقلع تلك من أصلها ولهذا كان أصل أعمال القلوب كلها الصدق وأضدادها من الرياء والعجب والكبر والفخر والخيلاء والبطر والأشر والعجز والكسل والجبن والمهانة وغيرها أصلها الكذب فكل عمل صالح ظاهر أو باطن فمنشؤة الصدق وكل عمل فاسد ظاهر أو باطن فمنشؤة الكذب والله تعالى يعاقب الكذاب بأن ويقعده ويثبطه عن مصالحه ومنافعه ويثيب الصادق بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه وآخرته فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق ولا مفاسدها ومضارهما بمثل الكذب قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين [التوبة : 119] وقال تعالى هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم [المائدة : 119] وقال: فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ [محمد : 21] وقال وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا الله وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة : 90]”. الفوائد (172/دار اليقين).
قال الشيخ مقبل /: “دعوا الكذب للحزبيين فإن الحزبية مبنية على الكذب وعلى الغش فلا أظن حزبيا تتحقق فيه الحزبية إلا وهو يكذب, وقد قال بعضهم: إن الداعي إلى الله لا بد أن يرتكب بعض المحرمات وهو من الحزبيين”. اهـ من قمع المعاند (ص 20).
قال الشيخ مقبل /: “لا تلبسوا على الناس باسم السنة, أصبحت السنة كالجبة يحملها إذا أراد أن يحملها, وينزعها إذا أراد أن ينزعها, ولا باسم السلفية...السلفية أن ترجع إلى ما عليه السلف, الإمام البخاري كان حزبيا؟ وهل الإمام أحمد كان حزبيا؟ وهل كان عبد الله بن المبارك حزبيا؟ وهل سعيد بن المسيب كان حزبيا؟ وهل أبو هريرة كان حزبيا؟ وهل كان أبو بكر حزبيا؟ لم يكونوا حزبيين. كانوا يدعون إلى كتاب الله وسنة رسول الله ... أما أن ندخل على الناس باسم السلفية أو باسم السنة فلا, السنة عنكم بعيدة, والسلفية عنكم بعيدة”. قمع المعاند (ص 126-127).
وسئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : هل يجوز الكذب لمصالح الدعوة؟
فأجاب: “لا, فإن الكذب من الكبائر وإذا جرت الكبائر في الدعوة أفسدتها, والكذب لمصالح الدعوة دأب الإخوان المسلمين, إنما قامت هذه الدعوة على النزاهة وملازمة الصدق وهو الذي كان عليه < قال الله تعالى: هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [المائدة : 119]”. (يوم السبت 24 رجب 1429).
مبادئ الحزبية
قال الشيخ /: من مبادئ الحزبية الصناديق والتبرعات اهـ (أفادنا بذلك شيخنا -حفظه الله تعالى- ليلة الاثنين 14 ربيع الآخر 1428).
أقسام الحزبية
1- حزب الله تعالى.
قال الله تعالى وَمَنْ يَتَوَلَّ الله وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة : 56] وقال تعالى رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ الله أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة : 22].
2- حزب الشيطان.
قال الله تعالى اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ الله أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ [المجادلة : 19].
وحزب الشيطان قسمان:
1- الحزبية المكفرة كحزب الاشتراكية وحزب البعثية وغيرها.
2- الحزبية المفسقة كحزب الإخوان المسلمين وغيرها من الأحزاب التي في الساحة.
قال الشيخ الألباني /: “وليس هناك حزب ناجح إلا حزب الله تبارك وتعالى الذي حدثنا عنه القرآن الكريم أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة : 22] فإذا كل حزب ليس من حزب الله فإنما هو من حزب الشيطان, وليس من حزب الرحمن, ولا شك ولا ريب أن السلوك على الصراط المستقيم يتطلب معرفة هذا الصراط المستقيم معرفة صحيحة, ولا يكون ذلك بمجرد التكتل والتحزب الأعمى على كلمة الإسلام الحق لكنهم لا يفقهون من الإسلام إلا شيئا قليلا, فلا يكون التحزب الصحيح الفالح إلا بمعرفة هذا الإسلام كما أنزل الله تبارك وتعالى على قلب محمد <”. الرسالة الكبرى إلى أخي المنتظم في جماعة الإخوان المسلمين للشيخ علي الرازحي -حفظه الله تعالى- (ص31/دار الآثار).
قال الشيخ مقبل /: “كفرنا بالحزبية كلها إلا حزبا واحدا وهو حزب الله, لكن لا نقول نحن حزب الله ومن عدانا حزب الشيطان كسائر الحزبيين, نقول حزب الله يوجدون باليمن وبمصر وبالسودان, في العرب وفي العجم وفي جميع البلاد الإسلامية الذين يعملون لله عز وجل ويدعون إلى كتاب الله وسنة رسول الله <, أما أصحاب الأحزاب فهم ضيقوا العطن, لأنهم يقصرون الحزبية على طائفة”. قمع المعاند (ص 360).
وقال لما سئل عمن هم حزب الله؟
فأجاب: “هم جماعة رسول الله فبقدر ما يتقرب المسلم في هذا الزمان إلى هدي رسول الله على منهج الصحابة كما في حديث الفرقة الناجية بقدر ما يكون في أمان, والعكس بالعكس. وذلك يتطلب العلم بالكتاب والسنة وهذا ميزان لكل مسلم عاقل متجرد عن الحزبية العمياء وعن الأهواء وأن يعلم أنه لا سبيل لمعرفة المتابعة لمنهج الصحابة إلا بالعلم”. الرسالة الكبرى (ص 32-33).
وقال الشيخ سليم -حفظه الله تعالى-: “التحزب في اصطلاح الشرع قد يذم وقد يمدح, يمدح ما كان من أمة إسلامية واحدة ومجتمعة على نصرة الحق فهذا حزب الله, أما الذم إذا كان وسيلة للتفرق كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون [المؤمنون :53]”. (جلسة مع الشيخ سليم الهلالي يوم الثلاثاء, 23 جمادي الثاني 1430).
علامات الحزبية
علاماتها كثيرة والتي سنذكرها ليست على سبيل الحصر وإنما هي نماذج منها:
1- العصبية (الولاء والبراء الضيق).
قال الشوكاني / : “واعلم أن أسباب الخروج من دائرة الإنصاف والوقوع في موبقات التعصب كثيرة جدا:
• وهو أكثرها وقوعا وأشدها بلاء: أن ينشأ طالب العلم في بلد من البلدان التي قد تمذهب أهلها بمذهب معين واقتدوا بعالم مخصوص.
• حب الشرف والمال الذين هما أعدى على الإنسان من ذئبين ضاريين(2).
• الجدل والمراء(3) وحب الظهور و الغلب.
• التعصب للآباء والأجداد.
• يكون طالب العلم قد قال بقول في مسألة كما يصدر ممن يفتي ويصنف ويناظر غيره ويشتهر ذلك القول عنه فإنه قد يصعب عليه الرجوع عنه إلى ما يخالفه وإن علم أنه الحق وتبين له فساد ما قاله, ويرجع ذلك لعدة أسباب:
أ- الخوف على سمعته ومكانته العلمية.
ب- بدافع الكبر إذا كان صاحب الرأي أصغر منه سنا أو أقل شهرة(4).
ت- ما يقع في مجالس العلم من الطلاب أو الشيوخ من المجاملة. فإن الشيخ قد يريد التظهر لمن يأخذ عنه بأنه بمحل من التحقيق فيحمله ذلك إلى دفع الحق إذا سبق فهمه إلى الباطل لئلا يظن من يأخذ عنه أنه يخطئ ويغلط.
• رد المصنفين المتمسكين بالمذاهب لكل ما يخالف قواعد مذهبهم من الأدلة.
• الاعتماد على الأدلة التي يحتج بها المتعصبون لأنفسهم أو ضد خصومهم وعدم الرجوع إلى المصادر الأصلية.
• التقليد في علم الجرح والتعديل.
• الحسد والمنافسة بين الأقران.
• اختلاف قواعد ومناهج البحث في أصول الفقه والتباسها بما ليس فيها”. اهـ ملخصا من أدب الطلب ومنتهى الأرب (ص/91-178/دار ابن حزم).
قال ابن القيم /: “فإن اتباع الهوى يعمي عين القلب, فلا يميز بين السنة والبدعة أو ينكسه فيرى البدعة سنة والسنة بدعة”. اهـ من الفوائد (ص/135/دار اليقين).
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي / في كتابه مسائل الجاهلية: “المسألة الثالثة والتسعون: أن تعصب الإنسان لطائفته على الحق والباطل أمر لا بد منه عندهم فذكر الله فيه ما ذكر”. اهـ.
وقال الشوكاني /: “فليس المتعصب بأهل لأن يؤخذ الحق من مؤلفاته فإنه إذا لم ينتفع بالعلم ويهتد بما عرف منه فكيف يهتدي به غيره أو يتوصل بما جمعه إلى ما هو الحق. فالمصاب بالعمى لا يقود الأعمى. فإن فعل كانت ظلمات بعضها فوق بعض. والمريض لا يداوي من هو مصاب مثل مرضه. ولو كان صادقا فيما يزعمه من اقتداره على المداواة كانت نفسه التي بين جنبيه أحق بذاك منه”. اهـ من أدب الطلب (ص/170).
وقال الشيخ العثيمين /: “فمن كان عالما بالحق وأصر على قوله المخالف للحق كان ذلك من باب التعصب والجاهل أقرب إلى الاستقامة لأنه إذا كان مريدا للحق”. اهـ من شرح القواعد المثلى (ص/39/مكتبة خالد بن الوليد).
وقال الشوكاني / في بيان أضرار التعصب: “واعلم أنه كما يتسبب عن التعصب محق بركة العلم وذهاب رونقه وزوال ما يترتب عليه من الثواب كذلك يترتب عليه من الفتن المفضية إلى سفك الدماء وهتك الحرم وتمزيق الأعراض واستحلال ما هو في عصمة الشرع ما لا يخفى على عاقل”. اهـ المراد, أدب الطلب (ص/143-144).
قلت: هذا يعتبر من أكبر علامات الحزبية ومع ذلك لا يعرفها إلا خواص الناس الذي قد بصره الله بمعرفة دقيقة أسباب الانحراف عن المنهج الصافي. فمن عرف بهذه العلامة وتقام عليه الحجة ثم أصر عليها كفى في إخراجه من دائرة السنة, وقد بينت ذلك في رسالتي “نبذة في ضوابط خروج الشخص من دائرة أهل السنة” بما يغني من إعادتها.
قال شيخ الإسلام /: “ليس لأحد أن ينصب شخصا يدعو إلى طريقته و يوالي ويعادي عليها غير النبي < ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله و ما اجتمعت عليه الأمة بل هذا من فعل أهل البدعة الذين ينصبون لهم شخصا أو كلاما يفرقون به بين الأمة يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة و يعادون”. الفتاوى (20\164).
2- العلامة الثانية من علامات الحزبية هي عداء أهل السنة ومناوأتهم.
قال أبو حاتم الرازي /: “من علامات أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر”. أخرجه اللالكائي في الاعتقاد (رقم؛ 323) والصابوني في عقيدة السلف (ص 110/دار المنهاج) بسند صحيح.
قال أبو إسحاق السبيعي/: “ما سبّ قومٌ أميرهم إلاّ حُرموا خيراً”. أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (12\ 287) و فيه يحيى بن يمان وهو العجلي ضعيف, وسيأتي ما يشاهده.
وقال أبو مجلز /: “سبّ الإمام من الحالقة, لا أقول: حالقة الشعر ولكن حالقة الدين”. أخرجه ابن منجويه في كتاب الأموال (1\78\34) وسنده حسن.
وقال سعيد بن حسان الطائي /: “سمعت أبا إدريس الخولاني / وهو يقصّ في زمان عبد الملك, يقول: إياكم والطعن على الأئمة فإنّ الطعن عليهم هي الحالقة, حالقة الدين ليس حالقة الشعر, إلاّ أنّ الطعّانين هم الخائبون و شرار الأشرار”. أخرجه ابن منجويه في الأموال (1\80\38). و فيه سعيد بن حسان الطائي, لم أجد له ترجمة .
وقال معروف الكرخي /: “بلغني أنّه من لعن إماما حرم عدله”. أخرجه أبو يعلى في طبقات الحنابلة (1\386) وسنده صحيح إن شاء الله و أورده الذهبي في السير (9\342).
وقال الصابوني /: “وعلامات البدع على أهلها بادية ظاهرة وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم حملة أخبار النبي < واحتقارهم له واستخفافهم بهم”. عقيدة السلف (ص 109).
قال الشيخ العثيمين /: “لأهل البدع علامات, منها:
الأول؛ أنهم يتصفون بغير الإسلام والسنة بما يحدثونه من البدع القولية والفعلية والعقدية, الثاني؛ أنهم يتعصبون لآرائهم لا يرجعون إلى الحق وإن تبين لهم, الثالث؛ أنهم يكرهون أئمة الإسلام والدين”. شرح اللمعة (ص 161 مكتبة الإرشاد).
وسئل شيخنا -حفظه الله تعالى-: ما الفرق بين ما يتسمى بـالحكمة والإحسان وأبي الحسن وعبد الرحمن؟
فأجاب: “في الحقيقة أن الحزبية كلها تصب مصبا واحدا من حيث عداء أهل السنة والتنكر لهم والتفلت عن السنة والتفلت عن العلم والانهماك في الدنيا وهم متفقون في مناوأتهم لأهل السنة. من هذه الحيثية لا فرق بينهما, أما من جانب آخر من كان من تلاميذ أهل السنة له تمسك في العبادة وغيرها من الخير فيما يظهر للناس, وذاك لم يكن يتربى عند أهل السنة مثلا متربى عند الإخوان فقد يكون مشركا أو نصرانيا أو عقلانيا أو غير ذلك من الضلال, فمن هذه الحيثية يتفاوتون ولا فرق بينهم في عداء أهل السنة والولاء والبراء, بل تجد الإخوان المسلمين متفاوتين بينهم, فهؤلاء متفاوتون في السفول وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا [الأنعام : 164]”. (أسئلة أهل بعدان, ليلة السبت 25 رجب 1430).
3- التفلت عن السنة.
قال الله تعالى مَا جَعَلَ اللَهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ [الأحزاب : 4].
وورد في هذا حديث لكنه فيه ضعف وأذكره من باب الفائدة وهو ما رواه أحمد (4/105) من حديث غضيف بن الحارث الثمالي " قال: بعث إلى عبد الملك بن مروان فقال يا أبا أسماء إن قد جمعنا الناس على أمرين, قال: وما هما؟ قال: رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة والقصص بعد الصبح والعصر. فقال: أما إنهما أمثل بدعتكم عندي ولست مجيبك إلى شيء منهما. قال: لما ؟ قال لأن النبي قال: $ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة# فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة. والحديث ضعيف لعلتين فيه أبو بكر بن أبي مريم واه قال الهيثمي في المجمع (1/188): منكر الحديث , وفيه بقية بن الوليد مدلس وقد عنعن . وأخرجه ابن بطة في الإبانة (1/29/10) قال محقق المسند: وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1/603-604) لكنه ضعيف فيه الوليد بن مسلم وقد عنعن. وضعف الحديث الألباني في المشكاة (187).
قال ابن عباس " “ما أتى على الناس عام إلا أحدثوا فيه بدعة و أماتوا فيه سنة حتى تحي البدعة و تموت السنن”. أخرجه الطبراني في الكبير (10/262/10610) وقال الهيثمي في المجمع (1/188): رجاله موثقون, وأخرجه أيضا ابن بطة في الإبانة (1/29-30/ 11) والصحيح أن الأثر فيه ضعف مهدي بن مهدي مجهول.
عن شقيق قال: قال عبد الله ": كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ويتخذها الناس سنة فإذا غيرت؟, قالوا: غيرت السنة؟, قالوا: ومتى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟, قال: إذا كثرت قراؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت أمراؤكم وقلت أمناؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة. مقدمة سنن الدارمي (191) بسند صحيح وصححه الشيخ -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي.
قال أحمد بن سنان القطان /: “ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث فإذا ابتدع الرجل نزعت حلاوة الحديث من قلبه”. أخرجه الصابوني في عقيدة السلف (رقم؛ 109) وهو أثر صحيح.
قال عبد الله بن الديلمي /: “بلغني أن أول الدين تركا السنة يذهب الدين سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة”. أخرجه الدارمي في مقدمة سننه (98) بسند صحيح وقد صححه شيخنا -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي وأخرجه اللالكائي(127).
قال حسان بن عطية /: “ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لا يعيدها عليهم إلى يوم القيامة”. أخرجه اللالكائي (129) وأبو نعيم في الحلية (6/73) بسند صحيح.
عن بقية ، قال : قال لي الأوزاعي : يا أبا يحمد ما تقول في قوم يبغضون حديث نبيهم ؟ قلت : قوم سوء قال : •ليس من صاحب بدعة تحدثه عن رسول الله بخلاف بدعته بحديث إلا أبغض الحديث». أخرجه الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث (144) بسند حسن.
قال البربهاري /: وإذا سمعت الرجل يطعن على الآثار ولا يقبلها أو ينكر شيئا من أخبار رسول الله فاتهمه على الإسلام فإنه رجل رديء المذهب والقول. شرح السنة(49).
قال شيخ الإسلام /: “فعلم أن شعار أهل البدع هو ترك انتحال اتباع السلف, ولهذا قال الإمام أحمد في رسالة عبدوس بن مالك: أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب النبي ”. الفتاوى (4/155).
4- التفلت عن العلم.
قال الله تعالى مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِه [الأحزاب : 4].
قال أبو نصر بن السلام الفقيه /: “ليس شيء أثقل على أهل الإلحاد ولا أبغض إليهم من سماع الحديث وروايته بإسناده”. أخرجه الصابوني في عقيدة السلف (ص 109\ دار المنهج) بسند صحيح.
قال الشيخ مقبل /: “الحزبية من أعظم أسباب جهل المسلمين, يشتغلون بها ويتركون العلم النافع وأنا أتحدى من يأتي لي بحزبي يقبل على علم الكتاب والسنة”. تحفة المجيب (ص 281).
قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “من تحزب تخرب, من تحزب ذهب عنه العلم غالبا”.
وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “أنا أتحداهم- أي الحزبيين- أن يبرزوا ؛ تحقيقا وتأليفا ودعوة ونصيحة للمسلمين كما يقوم به أهل السنة”.
5- الانهماك في الدنيا.
قال الشيخ مقبل /: “إذا نظرت إلى أهل الحزبيات وجدتها لا تريد إلا الحياة الدنيا وإذا نظرت كذلك إلى أصحاب الحزبيات المغلفة الذين يختلسون أموال الناس ثم يحاربون بها سنة رسول الله لوجدتم مائلين إلى الدنيا”. تحفة المجيب (ص 353).
وقال /: “درسنا نحن وأناس في الجامعة وتخرجوا في غاية من الذكاء ثم مسختهم الحزبية فليس للحزبيين عالم مثل الشيخ ابن باز, من أجل هذا فهم يريدون أن يطعنوا في السنة أكثر من إرادتهم الطعن في الشيخ ابن باز”. فضائح ونصائح (ص 31).
وقال /: “الحزبية مساخة فرب شخص يكون يحفظ القرآن فإذا دخل في هذه الحزبية نسي ما قد حفظ وفسدت فكرته بعد ما كان مستقيما”. غارة الأشرطة (1/120).
وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “أكثر البدع مبناها الدنيا تحت ستار الدين”. (يوم الثلاثاء, 1 شعبان 1428).
6- الانهماك في السياسة المخالفة.
عن كعب بن مالك مرفوعا $ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه# أخرجه الترمذي. وقد تقدم أنه حديث صحيح.
قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “من مبادئ السياسيين لا تدوم عداوتهم ولا مودتهم, أما نحن عداوتنا بيننا وبين أهل الباطل حتى نصل إلى القبور”. (يوم الثلاثاء 23 صفر 1428).
7- بيعة لأمير أو مؤسس لهذا الحزب ويعطى هذا الأمير من هذه المسميات ما اجتمع إليه الناس.
عن عرفجة " قال سمعت رسول الله يقول «إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهى جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان». أخرجه مسلم (4902).
عن أبى سعيد الخدري قال قال رسول الله $إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما#. أخرجه مسلم (4905).
سئل الشيخ العثيمين /: يوجد عندنا مجموعة من الشباب عندهم بيعة وإمارة وتنظيم سري ومن عباراتهم يقولون: منهجنا سلفي ومواجهتنا عصرية ويقولون أحيانا سلفية المنهج وعصرية الموجهة وأحيانا يقولون: عندهم بيعة وأحيانا يقولون: إنها عهد وليس بيعة. وصفة البيعة عندهم أن يقول قائل: أقسم بالله العظيم أن أكون متمسكا بالكتاب والسنة على نهج السلف الصالح وأنا أناصر أصحاب هذا المنهج أينما كان, وعندهم إمارة وعندهم بيعة لأمير مجهول لا يعرفه إلا خواصه, ولهم دروس سرية لا يحضرها غيرهم وأعمال سرية لا يعرفها إلا هم, فما رأيكم فيما ذكر وما توجيهكم لهؤلاء الشباب؟
فأجاب: “رأيي أن هذا من البدع والمنكرات, فالسلف أشد حرصا من هؤلاء على إقامة دين الله, وقد نالهم من الأمراء والخلفاء في عهدهم ما هو أشد من هذا ومع ذلك لم يتخذوا أميرا ولا إماما يبايعونه سرا. ونصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله تعالى وأن ينقضوا البيعة ولا يبايعوا أحدا هم الآن تحت دولة وحاكم شرعي ثبتت إمرته بمبايعة أهل الحل والعقد له. ومن المعلوم أن الصحابة لما بايعوا أبا بكر لم يبايعه كل إنسان في المدينة وإنما بايعه أهل الحل والعقد, فإذا بايع أهل الحل والعقد إماما صار إماما لكل مكان لكل الأرض فلا يحل لهؤلاء أن يتخذوا أميرا أو إماما دون من له إمامة المسلمين في البلاد عليهم أن يتوب إلى الله ويجب عليهم أن ينقضوا هذه البيعة فورا بدون تأخير ويتوبوا إلى الله من هذا لأنهم على ذنب بمخالفة الجماعة”. الرسالة الكبرى (ص51-52).
فائدة:
سألت الشيخ -حفظه الله تعالى- بعد درس بين المغرب و العشاء (ليلة السبت 22 شعبان 1430), قلت: إذا تاب رجل من حزب ما وفيه بيعة ثم نقض بيعته و كان حالفا في بيعته هل عليه كفاوة؟
فأجاب: “إن كان حالفا نعم”.
سئل الشيخ /: كثر الكلام في أوساط الشباب: فلان يرى البيعة, وفلان لا يراها, فلا تسمع له ولا تجالسه فما هي البيعة؟ وما شروطها؟ وهل يجب علينا القيام بها ؟
فأجاب: “البيعة تكون لإمام قرشي يرضى به أهل الحل والعقد أو يفرض نفسه, وإذا وثب عليها غير قرشي واستتب له الأمر, وطلب البيعة فلا بأس أن يبايع له, أما هذه الجماعات التي فرقت المسلمين وشتتت شملهم وأضعفت قواهم فهي محتاجة إلى الإنكار عليها, لا البيعة لها ... فالبيعة تعتبر بدعة, وقد يقول قائل: قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ [الفتح : 10] فكيف تقولون: إن البيعة بدعة ؟ هذه البيعة للنبي وللإمام القرشي كما قال النبي $من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية# رواه مسلم (1851), فالبيعة لأمراء الجماعات تعتبر بدعة من بدع العصر, فهل كانت موجودة عند سعيد بن المسيب عند أن ضرب, أو عند أنس بن مالك عند أن أراد الحجاج أن يهينه وختم على عنقه, أو عند الإمام مالك عند أن ضرب, أو عند الإمام الشافعي عند أن أتي به وهو مسلسل بالحديد, أو عند البخاري عند أن أخرج من نيسابور, وكثير من علمائنا ضربوا وسجنوا وعذبوا فما دعوا الناس إلى البيعة, فهي تعتبر بدعة من بدع العصر, فإن قال قائل: فإن النبي يقول $إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمر أحدهم#(5) فالجواب: أن هذا مقصور على السفر, والإمام يعتبر أمير المؤمنين فلو أن الإمام أمر على اليمن مثلا أميرا وعلى مصر أميرا وعلى أرض الحرمين أميرا ونجد أميرا وعلى السودان أميرا”. فضائح ونصائح (ص 67-69).
قال الشيخ /: “فإذا كان الشخص في بلد رئيسها كافر فلا بأس أن يتعاهد جماعة بأمر سري لا بأس بهذا , أما والدولة مسلمة ورئيس مسلم تجب له السمع والطاعة فهذا لا يجوز”. المصارعة (ص 95).
وسئل الشيخ الفوزان -حفظه الله تعالى-: مما يتساهل به الناس قضية البيعة فهناك من يرى جواز أخذ البيعة لجماعة من الجماعات مع وجود بيعة أخرى, وقد لا يكون المبايع في هذه الجماعات معروفا بدواعي السرّية. ما حكم هذا؟ ثم هل يختلف الحكم في بلاد الكفار أو تلك التي لا تحكم بما أنزل الله؟
فأجاب: “البيعة لا تكون إلا لولي أمر المسلمين وهذه البيعات المتعددة مبتدعة وهي من إفرازات الاختلاف والواجب على المسلمين الذين هم في بلد واحد وفي مملكة واحدة أن تكون بيعتهم واحدة لإمام واحد ولا يجوز المبايعات المتعددة وإنما هذا من إفرازاة تجوز المبايعات من اختلافات هذا العصر ومن الجهل بالدين”. الرسالة الكبرى (ص83-84).
8- تنظيم سرّي.
عن ابن عمر ، قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله أوصني, قال $اعبد الله ولا تشرك به شيئا وأقم الصلاة وآت الزكاة وصم رمضان وحج البيت واعتمر واسمع وأطع وعليك بالعلانية وإياك والسر#. أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1104) وظاهر إسناده حسن لكنه ذكره الذهبي في الميزان من ترجمة سعيد بن عبد الرحمن أنه من مناكيره فالحديث ضعيف.
عن زيد بن أسلم أنه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله والله ما من الخلق أحد أحب إلينا من أبيك وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك وأيم الله ما ذاك بما نعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم البيت. قال: فلما خرج عمر جاؤوها فقالت: تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت وأيم الله ليمضين لما حلف عليه فانصرفوا راشدين فروا رأيكم ولا ترجعوا إلي فانصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (14/567-568/1889) بسند صحيح.
قال عمر بن عبد العزيز /: “إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم بشيء دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة”. أخرجه ابن عبد البر في جامع البيان (492\ رقم 1774\ مكتبة عباد الرحمن) واللالكائي في شرح الأصول (251) وفيه انقطاع بين الأوزاعي و عمر بن عبد العزيز, و مع ذلك الواقع يشهد على ذلك.
وقال أبو إسماعيل الهروي /: لا والله ولا دين المتناجين دين ولا رأي المتسترين متين. ذم الكلام (4/328).
سئل الشيخ الألباني /: يقولون: التنظيم السرّي فإن الإسلام لا يقوم إلاّ بجماعة, وقال هذا التنظيم مثل ما نطلع رحلةً لا بعد واحد ينظم أموره؟
فأجاب: “هذه صوفية عصرية, الصوفية قديماً هكذا المشايخ الذي يسمونهم المريدين كالعبيد لا يتحرك حركة إلا بإذن الشيخ, الإسلام ليس فيه سرّية خاصة في هذه الأيام, الكافر يعلن كفره”. الرسالة الكبرى (ص 35).
سئل الشيخ أحمد بن يحيى النجمي /: أسأل الله أن يشرح صدرك للحق, إنني ولله الحمد هداني الله إلى الصواب, ولكن مع استقامتي هذه وجدت مجموعات سرّية تقوم بأنشطة سرّية و برامج فكرية معاصرة وهي عبارة عن سلسلة من الحلقات السرية, حتى المسؤول عنّا لا نعرف من يقوم بتوجيهه وهي تقوم بسبٍّ ولعن الحكام والبحث في الواقع أكثر من طلب العلم الشرعي, ويقولون إنّ الذي يفقه لواقع أفضل من علماء هذا الزمان. وهم يتلقون تربيتهم من بعد المعاصرين الفكريين, و صلتهم بالسلف الصالح و الأئمة قليل جداًّ بدعوى أنّ هذا العصر لا يصلح إلا لهذه الفكرة, وهذه المجموعة تسمّى السروريّة أو القطبيّة و أنا منتظم و لي فيها أربع سنوات والله لم أستفد أي شيء, فما هي نصيحة والدي الغالي فأنقذني من هذا الأمر؟
فأجاب: “فإن هذه المجموعات السرية مجموعات مبتدعة ويتضح ذلك من الأمور التالية:
أولاً السرية والتكتم في دعوتهم بدون حاجة إليه, فالدولة مسلمة وتؤيد الدعوة وتعين عليها والمجتمع مسلم فما هو الداعي للسرية إلا أنهم عندهم في دعوتهم أمورا غير تعليم الأحكام الشرعية يريدون التكتم عليها حتى يصلوا إلى مآربهم.
ثانياً الحزبية والتنظيم الذي يفرق الأمة ويجعلها فرقا متعادية يبغض بعضها بعضا فكل حزب يرى أن الحق ما هو عليه دون غيره فيتعاطفون ويتناصرون فيما بينهم.
ثالثاً من بدعهم : الإمارة في الحضر وهذه بدعة يستعبدون بها الأحرار فلا يتحرك أحد ممن انتظموا في حزبهم إلا بعد إذن أميره علما بأن هذا لم يطلبه رسول الله من أصحابه ولا أمر الله تعالى عباده بذلك أي بأن لا يتحرقوا إلا بعد استئذان نبيهم إلا إذا كانوا معه على أمر جامع كالغزو مثلا, قال تعالى وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ [النور : 62] أما بدون ذلك فكل منهم يذهب لحاجته لا يحتاج أن يستأذن النبي .
رابعاً من بدعهم وجرائمهم: لعن الحكام وسبهم والتزهيد فيهم مع عدم اعتبارهم ولاة تجب طاعتهم.
خامساً أما فقه الواقع الذي ما زال هؤلاء يطنطنون فنحن نقول: إن كنتم تريدون بفقه الواقع ما ترتب عليه الأحكام الشرعية وتتبين به الفتوى مما يكون مناطا للحكم وسببا له أو وسيلة إليه فإن سماحة الشيخ ابن باز وابن عثيمين وابن فوزان وغيرهم من المفتين لم يصدروا الحكم أو الفتوى إلا بعد أن يعرفوا الواقع وإن كنتم تريدون بفقه الواقع: الاطلاع على أسرار الدول وأخبار أهل العصر مما يكتب في الجرائد والمجلات أو تتناقله وسائل الإعلام أو غير ذلك فإن لأهل العلم شغلا بأعمالهم التي نيطت بهم وأوكلت إليهم من الفتوى والتدريس والدعوة إلى الله تعالى ما لا يتسع معه لشيء آخر مع أنهم لهم قدرة محدودة”. اهـ مختصرا من المورد العذب الزلال (ص 242-248).
9- و10- قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “من علامات الحزبية: 9. النفخ لأصحابها ولضعفائها, 10. عدم الإنصاف. (ليلة الثلاثاء 1 صفر 1428).
11- التجلد في الباطل.
قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ الله عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِالله وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ الله وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُون [البقرة : 6 - 9].
وقال تعالى وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ [الأعراف : 193].
وقال تعالى وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ [الأعراف : 198].
وقال تعالى وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الله وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ [الأنعام : 111].
سألت الشيخ -حفظه الله تعالى- بعد صلاة الفجر (يوم الجمعة 3 ربيع الأول 1430) قلت: هل لنا أن نحزب بأنفسنا من كان من أتباع لقمان؟
قال: “من كان سليطا ومتجلدا مثل لقمان فحزبوه فإن هذا من شأن الحزبيين وأما الملبس عليه فنصبر عليه”.
أبين لكم حال هذا الرجل ليعلم, قد قال فيه الشيخ -حفظه الله تعالى-: ساقط من الساقطين ومن أردى أصحاب هذا الحزب الجديد فحذروهم منه. (يوم الخميس 20 ذو الحجة 1429). وله جناية عظيمة على هذه الدعوة من حين أيام عساكر الفساد (تحريف من الجهاد) من قتل وسفك دماء المسلمين ولم نسمع منه توبة ظاهرة أمام السلفيين والآن صار مفتونا بعبد الرحمن العدني وحزبه فنسأل الله أن يكفينا شره.
12- إذا عجز عن الحجة فزع إلى الحكومة.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في مسائل الجاهلية: “المسألة الثانية وستون: كونهم إذا غلبوا بالحجة فزعوا إلى الشكوى للملوك كما قالوا أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ [الأعراف : 127]”.
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: أصحاب لقمان يذهبون إلى الحكومة لإلغاء محاضرة الشيخين (الشيخ محمد بن حزام والشيخ حسن بن قاسم -حفظهما الله تعالى-) الذين سينزلان في بلادنا إندونيسيا؟
فأجاب: “هذا شأن أهل الباطل وقد قرر عليه العلماء كشيخ الإسلام, أفعالهم هذه ليست من أفعال السلفيين وسيرة السلف لا تشهدها”. (ليلة الجمعة 2 رجب 1430).
وقال -حفظه الله تعالى- : “من علامات الحزبية إن لم يتمكن استعان بسلطان وهذا مذكور في كتب السلف”. (ليلة الثلاثاء 23 جمادي الأول 1430).
لا يجوز لأهل السنة أن يتشبه بهم في سلوكهم وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر : 19] ويجب على أهل السنة أن يتمسك بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح تجاه أهل الأهواء بدون التسرع والعجالة, فإن عدم التمسك بالكتاب والسنة تجاههم من أسباب انهزام في الدعوة. قال ابن القيم /: تالله ما عدا عليك العدو إلا بعد أن تولى عنك الولي فلا تظن أن الشيطان غلب ولكن الحافظ أعرض. الفوائد (98 / دار اليقين). وقد سألت الشيخ -حفظه الله تعالى- بعد درس بين المغرب والعشاء (ليلة الخميس, 11 ربيع الأول 1431), قلت: نخبركم بأن دورتهم في إحدى المناطق بإندونيسيا فشلت وهي تعتبر أكبر الدورات عندهم.
قال -حفظه الله تعالى- : من؟
قلت: عبد الله المرعي.
قال:جاء أخوه؟
قلت: لا, لكن جاء معه واحد آخر.
قال: اللهم فشلهم.
قلت: والسؤال الآن, إذا كن هذا الإلغاء من محاولة بعض الإخوة هل هذا يصلح؟
قال: السلفيون تقصد؟
قلت: نعم.
قال: لا, لا نسلك مسلكهم في استعانة الدولة عليهم.
قلت: هذا الذي خفنا عليهم.
قال: لا يستعينون بالدولة عليهم إنما يحذر منهم ويدعو عليهم, قد أنكرنا على الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي في استعانته بالدولة علينا.
ثم أحيل إخواني إلى رسالة أخي في الله أبي فيروز عبد الرحمن الإندونيسي -حفظه الله تعالى- بعنوان “دفع الغمة بوشاية المبطلين والمبتدعة إلى الولاة بأهل السنة” فإنها نافعة.
13- العنف.
قال الشيخ مقبل /: “الذي يستعمل العنف هم الجاهلون كالحزبيين وغيرهم, أما أهل السنة فلا يستعملون العنف, ونتحدى من يقول: إن أهل السنة يستعملون العنف أن يأتي بدليل على ذلك”. تحفة المجيب(ص 225).
وقال /: “إن الإخوان المسلمين في اليمن كانوا أقوى الإخوان المسلمين في سائر البلدان ولكن هل لازموا العدل والإنصاف مع إخوانهم أهل السنة؟ الجواب: يعرفه أهل السنة اليمنيون فهم الذين اصطلحوا بنار الضرب والتهديد و الطرد من المعاهد, وأخذ مساجدهم من أيديهم, أما الآن فحق لنا أن نردد قول ربنا عز وحل يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ [يونس : 23]”. (تقريظ كتاب الأدلة الشرعية لكشف التلبيسات الحزبية على المجتمعات الإسلامية للشيخ أبي عبد السلام حسن بن قاسم الريمي -حفظه الله تعالى- , ص 7-8/دار الإمام أحمد).
14- التلون.
قال الله تعالى وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ [البقرة : 14].
وقال تعالى الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ الله قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَالله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء : 141].
وقال تعالى وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ [التوبة : 56 ، 57].
عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول «إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه». أخرجه البخاري (6757) ومسلم (6796).
قال حذيفة : “وإياك والتلون في دين الله فإن دين الله واحد”. أخرجه ابن عبد البر في جامع البيان (482-483/1775) وقد سبق أنه أثر صحيح.
وقال إبراهيم النخعي /: “كانوا يكرهون التلون في الدين”. أخرجه ابن عبد البر في الجامع (482/1771) بسند صحيح.
وقال البربهاري /: “وإذا ظهر لك من إنسان شيء من البدع فاحذره فإن الذي أخفى عنك أكثر مما أظهر”. شرح السنة (116).
وقال شيخ الإسلام /: “وهذا شأن كل من أراد أن يظهر خلاف ما عليه أمة من الأمم من الحق إنما يأتيهم بالأسهل الأقرب إلى موافقتهم فإن شياطين الإنس والجن لا يأتون ابتداء ينقضون الأصول العظيمة الظاهرة فإنهم لا يتمكنون. ومما عليه العلماء أن مبدأ الرفض كان من الزنادقة المنافقين ومبدأ التجهم كان من الزنادقة المنافقين بخلاف رأي الخوارج والقدرية فإنه إنما كان من قوم فيهم إيمان لكن جهلوا وضلوا”. بيان تلبيس الجهمية (2 / 79).
سئل الشيخ مقبل /: ما هي السرورية, وهل هم من أهل السنة والجماعة؟
فأجاب: “السرورية قد نشروا في بعض جرائدهم أنهم يتبرؤون من هذا الاسم وقد أثنينا عليهم في غير ما شريط مما تقدم لكن الحزبية تجعل أهلها يتلونون ويتقلبون ففي بدء أمرهم وهم في الكويت ما نعلم عنهم إلا خيرا وهم أصحاب دار الأرقم نسبة إلى أخينا محمد سرور ثم انتقلوا إلى بريطانيا وأخبرت أنني أثنيت عليهم في شريط سؤال الأخ الألماني وأنه يوزعون بمكة وبأرض الحرمين ونجد مجانا , فنعم أثنينا عليهم بل طلبت من الأخ عبد الله بن غالب ومن الأخ قاسم أن يتحفاهم بمقطوعات شعرية في الثناء على مجلة البيان لكن ما شعرنا إلا وهم يثنون على حسن الترابي إلى آخر كلام الشيخ /”. غارة الأشرطة (2/216-218).
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله تعالى-: “وأما جماعة الإخوان المسلمون فإن من أبرز مظاهر الدعوة عندهم التكتم والخفاء والتلون والتقرب إلى من يظنون أنه سينفعهم وعدم إظهار حقيقة أمرهم يعني أنهم باطنية بنوع من أنواعها. وحقيقة الأمر يخفى منهم من خالط بعض العلماء والمشايخ زمانا طويلا وهو لا يعرف حقيقة أمرهم ويظهر كلاما ويبطن غيره ولا يقول كل ما عنده. ومن مظاهر الجماعة وأصولها: أنهم يغلقون عقول أتباعهم عن سماع القول الذي يخالف منهجهم ولهم في هذا الإغلاق طرق شتى متنوعة: منها: إشغال وقت الشباب جميعه من صبحه إلى ليله حتى لا يسمع قولا آخر. ومنها أنهم يحذرون ممن ينقدهم. أيضا مما ميز الإخوان المسلمين عن غيرهم أنهم لا يحترمون السنة ولا يحبون أهلها وإن كانوا في الجملة لا يريدون ذلك ولكنهم في حقيقة الأمر ما يحبون السنة ولا يدعون لأهلها. من مظاهرهم أيضا: أنهم يرومون الوصول إلى السلطة وذلك بأنهم يتخذون من رؤوسهم أدوات يجعلونها تصل وتارة تكون تلك الرؤوس ثقافية وتارة تكون تلك الرؤوس تنظيمية, يعني: أنهم يبذلون أنفسهم ويعينون بعضهم حتى يصل بطريقة أو بأخرى إلى السلطة. أيضا من مظاهرهم بل مما يميزهم عن غيرهم: أن الغاية عندهم من الدعوة هو الوصول إلى الدولة هذا أمر ظاهر بين في منهج الإخوان بل في دعوتهم”. الرسالة الكبرى (ص 94-97). مختصرا.
15- الخروج على الحكام والعلماء واستحلال دماء المسلمين.
وعن أبي سعيد قال: بعث علي إلى النبي بذهبية فقسمها بين الأربعة الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي وعيينة بن بدر الفزاري وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب فغضبت قريش والأنصار قالوا يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا قال $إنما أتألفهم# فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق فقال اتق الله يا محمد, فقال $من يطع الله إذا عصيت؟ أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني# فسأل رجل قتله - أحسبه خالد بن الوليد - فمنعه فلما ولى قال $إن من ضئضئ هذا أو في عقب هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الومية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد#. أخرجه البخاري (3166) و مسلم (1064).
قال أبو قلابة /: “ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف”. أخرجه الدارمي (100) والأثر صحيح, صححه شيخنا -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي. وقد أخرجه أيضا عبد الرزاق (18660) وابن سعد (7/184) واللالكائي (247) وأبو نعيم في الحلية (2/287) وذكره الشاطبي في الاعتصام (1/113).
وقال أبو قلابة /: “إن أهل الأهواء أهل الضلالة ولا أرى مصيره إلا النار, وجربهم فليس أحد منهم ينتحل قولا –أو قال: حديثا– فيتناهى به الأمر دون السيف, وإن النفاق كان ضروبا, ثم تلا وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ الله لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ [التوبة: 75], وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ [التوبة : 58], وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ [التوبة : 61], فاختلف قولهم واجتمعوا في الشك والتكذيب, وإن هؤلاء اختلف قولهم و اجتمعوا في السيف ولا أرى مصيرهم إلا النار”.
قال حماد /: “ثم قال أيوب عند ذا الحديث أو عند الأول: وكان والله من الفقهاء ذوي الألباب, يعني أبا قلابة”. أخرجه الدارمي (101) صحيح صححه شيخنا -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي .
وعن سلام بن أبي مطيع قال /: “كان أيوب يسمي أصحاب البدع خوارج، ويقول: إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف”. أخرجه الآجري في الشريعة (2111/مؤسسة القرطبة) بسند صحيح.
وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “المبتدعة الأصل فيهم الخروج”.
16- تكفير بعضهم بعضا وتبري بعضهم بعضا.
قال الله تعالى وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ الله أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [العنكبوت : 25].
وقال تعالى إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ الله أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة : 166 ، 167].
قال البغدادي /: “وليس فريق من فرق المخالفين إلا وفيهم تكفير بعضهم لبعض, وتبري بعضهم لبعض كالخوارج والروافض والقدرية, حتى اجتمع سبعة منهم في مجلس واحد وافترقوا عن تكفير بعضهم بعضا”. الفرق بين الفرق (ص 361) .
قال شيخ الإسلام /: “وصار كثير من أهل البدع مثل الخوارج والروافض والقدرية والجهمية والممثلة يعتقدون اعتقادا هو ضلال يرونه هو الحق ويرون كفر من خالفهم في ذلك”. الفتاوى (12/466-467).
وقال شيخ الإسلام /: “ولكن من شأن أهل البدع أنهم يبتدعون أقوالا يجعلونها واجبة في الدين بل يجعلونها من الإيمان الذي لا بد منه ويكفرون من خالفهم فيها ويستحلون دمه كفعل الخوارج والجهمية والرافضة والمعتزلة وغيرهم وأهل السنة لا يبتدعون قولا ولا يكفرون من اجتهد فأخطأ وإن كان مخالفا لهم مكفرا لهم مستحلا لدمائهم كما لم تكفر الصحابة الخوارج مع تكفيرهم لعثمان وعلي ومن والاهما واستحلاهم لدماء المسلمين المخالفين لهم”. منهاج السنة النبوية (5 / 56).
وقال شيخ الإسلام /: “ولهذا يجب الاحتراز من تكفير المسلمين بالذنوب والخطايا, فإنه أول بدعة ظهرت في الإسلام فكفر أهلها المسلمين واستحلوا دماءهم وأموالهم”. الفتاوى (13/31) .
قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني /: “وأما إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع، رأيتهم متفرقين مختلفين أو شيعاً وأحزاباً، لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقة واحدة في الاعتقاد، يبدع بعضهم بعضاً، بل يرتقون إلى التفكير، يكفر الابن أباه والرجل أخاه، والجار جاره، تراهم أبداً في تنازع وتباغض، واختلاف، تنقضي أعمارهم ولما تتفق كلماتهم تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ [الحشر : 14] أو ما سمعت أن المعتزلة مع اجتماعهم في هذا اللقب يكفر البغداديون منهم البصريين، والبصريون منهم البغداديين، ويكفر أصحاب أبي علي الجبائي ابنه أبا هاشم، وأصحاب أبي هاشم يكفرون أباه أبا علي، وكذلك سائر رؤوسهم وأرباب المقالات منهم، إذا تدبرت أقوالهم رأيتهم متفرقين يكفر بعضهم بعضاً، ويتبرأ بعضهم من بعض، كذلك الخوارج والروافض فيما بينهم وسائر المبتدعة بمثابتهم. وهل على الباطل دليل أظهر من هذا؟ قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى الله [الأنعام : 159]”. الحجة في بيان المحجة (ص 2 /239).
17- تمييع القضايا.
قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “وأما التميع فقد أفسد الناس في دينهم, وأفسد على الناس أخلاقهم. فمنهج التميع الذي لا يكاد يتميز عن منهج أهل الباطل وأهل الأهواء. ولم يكن السلف سائرين على هذا المنهج $تركتكم على البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك#(6). والسلف كانت مدارسهم معلومة ودعوتهم معلومة وكتبهم معلومة فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام : 89]. فكانوا متميزين فيردون على الجهمية والمرجئة والقدرية والرافضة كل ذلك بدون تخليط ولا تميع وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [القلم : 9]. فهذا شأن أهل الباطل يحبون تميع القضايا, حتى في زمان رسول الله يأتون إليه يقولون: يا محمد, لقد عبت آلهتنا وسفهت أحلامنا وأتيت إلى قومك بما لم يأت أحد إلى قومه وما كان بيننا وبين قومنا إلا كصفحة الحبلى ونقوم نتجالد بالسيوف فهل لك أن تزوج عشرة من النساء وتعطى من المال حتى تكون أغنانا ... القصة. وطرقها مذكورة في سورة فصلت وذكرنا مجملها في الصبح الشارق, وطرقها تدل على ثبوتها. والشاهد من هذه القصة أن المشركين يريدون تمييع القضايا ويريدون أن يجعلوا المسألة غوغائية. فيجب على أهل السنة بل على المسلمين أن يستقيموا كما قال ربنا فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ [هود : 112]”. الثوابت المنهجية (ص 12-13).
18- عدم الأمانة وعدم الورع.
قال عنبسة بن سعيد الكلاعي /: “ما ابتدع رجل بدعة إلا غل صدره عن المسلمين واختلجت منه الأمانة”.
قال معمر /: “سمعه من الأوزاعي فقال: أنت سمعت من عنبسة؟ قال: نعم, فقال: صدق / كنا نتحدث أنه ما ابتدع رجل بدعة إلا سلب ورعه”. رواهما ابن عساكر في تاريخه (47/13) وفيه معمر بن غريب أو عريب لم أجد له الترجمة لكن الواقع يشهد على ذلك.
19- اتباع الهوى.
قال شيخ الإسلام /: “فإن اتباع الإنسان لما يهواه هو أخذ القول والفعل الذي يحبه ورد القول والفعل الذي يبغضه بلا هدى من الله قال تعالى وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام : 119] وقال فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ الله [القصص : 50] وقال تعالى لداود وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله [ص : 26] وقال تعالى فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام : 150] وقال تعالى قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة : 77] وقال تعالى وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ الله مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ [البقرة : 120]. فمن اتبع أهواء الناس بعد العلم الذي بعث الله به رسوله وبعد هدى الله الذي بينه لعباده: فهو بهذه المثابة. ولهذا كان السلف يسمون أهل البدع والتفرق -المخالفين للكتاب والسنة- أهل الأهواء: حيث قبلوا ما أحبوه وردوا ما أبغضوه بأهوائهم بغير هدى من الله”. مجموع الفتاوى (4 /189-190).
وقال /: “وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه فلا يستحضر ما لله ورسوله في ذلك ولا يطلبه ولا يرضى لرضا الله ورسوله ولا يغضب لغضب الله ورسوله بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه ويكون مع ذلك معه شبهة دين أن الذي يرضى له ويغضب له أنه السنة وهو الحق وهو الدين فإذا قدر أن الذي معه هو الحق المحض دين الإسلام ولم يكن قصده أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا بل قصد الحمية لنفسه وطائفته أو الرياء ليعظم هو ويثنى عليه أو فعل ذلك شجاعة وطبعا أو لغرض من الدنيا لم يكن لله ولم يكن مجاهدا في سبيل الله”. منهاج السنة النبوية (ص 5 /176).
فائدة:
قال الشاطبي /: “إذا ثبت أن المبتدع آثم فليس الواقع عليه على رتبة واحدة، بل هو على مراتب مختلفة، من جهة كون صاحبها مستتراً بها أو معلناً، ومن جهة كون البدعة حقيقية أو إضافية، ومن جهة كونها بينة أو مشكلة، ومن جهة كونها كفراً أو غير كفر، ومن جهة الإصرار عليها أو عدمه، إلى غير ذلك من الوجوه التي يقطع معها بالتفاوت في عظم الإثم وعدمه أو يغلب على الظن. وهذا المعنى وإن لم يخف على العالم بالأصول فلا يترك التنبيه على وجه التفاوت بقول جملي ، فهو الأولى في هذا المقام”. كتاب الاعتصام (123/ دار العقيدة).
20- اتباع الظن.
قال الله تعالى وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ الله إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [الأنعام : 116].
وقال تعالى أَلَا إِنَّ لِله مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [يونس : 66].
وقال تعالى إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ الله بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى [النجم : 23].
وقال تعالى وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا [النجم : 28].
وعن أبي هريرة عن النبي قال $إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا وكونوا إخوانا ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك#. أخرجه البخاري (4849) ومسلم (2563).
وقال شيخ الإسلام /: “وكل من خالف الرسول لا يخرج عن الظن وما تهوى الأنفس فإن كان ممن يعتقد ما قاله وله فيه حجة يستدل بها كان غايته الظن الذي لا يغني من الحق شيئا”. مجموع الفتاوى (13 / 67).
21- الاختلاف والتفرق بينهم.
قال الله تعالى تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ [الحشر : 14].
قال الشاطبي /: “والفرقة من أخس أوصاف المبتدعة ، لأنه خرج عن حكم الله وباين جماعة أهل الإسلام”. الاعتصام (1 / 85).
وقال شيخ الإسلام /: “والبدعة مقرونة بالفرقة كما أن السنة مقرونة بالجماعة فيقال أهل السنة والجماعة كما يقال أهل البدعة والفرقة”. الاستقامة (1 / 42).
22 - التشبه بالكفار.
عن ابن عمر قال: قال رسول الله «من تشبه بقوم فهو منهم». أخرجه أبو داود (4033) وهو حديث حسن حسنه الألباني في الإرواء (5/109-110/1269).
قال شيخ الإسلام /: وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله ومن يتولهم منكم فإنه منهم وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة. فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفرا أو معصية أو شعارا للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك. اقتضاء الصراط - (126/دار ابن حزم).
وسائل الحزبيين في تقرير باطلهم
استفدت بعض هذا المبحث من رسالة الشيخ محمد بن عمر بن سالم بازمول -حفظه الله تعالى-(7) واختصرت منها وزدت فيها بعض الفوائد, ومن تلك الوسائل:
1- استدلالهم بالمتشابه.
قال الله تعالى هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ [آل عمران: 7] .
وعن عائشة ك قالت: قال رسول الله $فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم# أخرجه البخاري (4547) ومسلم (2605).
قال أيوب السختياني /: “ما أعلم أحدا من أهل الأهواء إلا يخاصم بالمتشابه”. الأثر صحيح أخرجه ابن بطه في الإبانة (788).
وقال شيخ الإسلام /: “وهؤلاء قد يجدون من كلام بعض المشايخ - كلمات مشتبهة مجملة - فيحملونها على المعاني الفاسدة كما فعلت النصارى فيما نقل لهم عن الأنبياء فيدعون المحكم ويتبعون المتشابه”. مجموع الفتاوى (2 / 374).
وقال ابن القيم /: “إن هؤلاء المعارضين للكتاب والسنة بعقلياتهم التي هي في الحقيقة جهليات إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة محتملة تحتمل معاني متعددة ويكون ما فيها من الاشتباه في المعنى والإجمال في اللفظ يوجب تناولها بحق وباطل فبما فيها من الحق يقبل من لم يحط بها علما ما فيها من الباطل لأجل الاشتباه والالتباس ثم يعارضون بما فيها من الباطل نصوص الأنبياء وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا وهو منشأ البدع كلها فإن البدعة لو كانت باطلا محضا لما قبلت ولبادر كل أحد إلى ردها وإنكارها ولو كانت حقا محضا لم تكن بدعة وكانت موافقة للسنة ولكنها تشتمل على حق وباطل ويلتبس فيها الحق بالباطل”. الصواعق المرسلة (3 / 925-926).
وقال ابن القيم /: “لا تجد مبتدعا في دينه قط إلا وفي قلب حرج من الآيات التي تخالف بدعته كما نك لا تجد ظالما فاجرا إلا وفى صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين إرادته”. الفوائد (113-114/دار اليقين).
2- بتر نصوص العلماء والاجتزاء ببعضها ولا غروى فإنهم فعلوا ذلك مع نصوص الشرع.
3- التقليد للغير دون تأمل أو تدبر وتقديس الأشخاص واتباع من هم لديهم العلماء دون الرجوع إلى غيرهم.
قال الله تعالى بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف : 22 ، 23].
قال شيخ الإسلام /: “التقليد المذموم هو قبول قول الغير بغير حجة ؛ كالذين ذكر الله عنهم أنهم وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ الله قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا [البقرة : 170] قال تعالى أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ [البقرة : 170] وقال إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ [الصافات : 69 ، 70] ونظائر هذا في القرآن كثير. فمن اتبع دين آبائه وأسلافه لأجل العادة التي تعودها وترك اتباع الحق الذي يجب اتباعه: فهذا هو المقلد المذموم وهذه حال اليهود والنصارى؛ بل أهل البدع والأهواء في هذه الأمة الذين اتبعوا شيوخهم ورؤساءهم في غير الحق؛ كما قال تعالى يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا الله وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا [الأحزاب : 66] وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا [الأحزاب : 67 ، 68] وقال تعالى وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا إلى قوله خَذُولًا [الفرقان : 27، 28, 29]. وقال تعالى إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ إلى قوله وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّار [البقرة : 166-167] وقال تعالى وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّار إلى قوله إِنَّ الله قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَاد [غافر : 47-48] وأمثال ذلك مما فيه بيان أن من أطاع مخلوقا في معصية الله: كان له نصيب من هذا الذم والعقاب. والمطيع للمخلوق في معصية الله ورسوله: إما أن يتبع الظن؛ وإما أن يتبع ما يهواه وكثير يتبعهما. وهذه حال كل من عصى رسول الله: من المشركين وأهل الكتاب؛ من اليهود والنصارى ومن أهل البدع والفجور من هذه الأمة كما قال تعالى إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ الله بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إلى قوله: وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى [النجم : 23] و“السلطان” هو الكتاب المنزل من عند الله وهو الهدى الذي جاءهم من عند الله كما قال تعالى أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ [الروم : 35] وقال إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ الله بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُم إلى قوله: بِبَالِغِيه [غافر : 56]. وقال لبني آدم: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى إلى قوله: وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طه : 127]. وبيان ذلك: أن الشخص إما أن يبين له أن ما بعث الله به رسوله حق ويعدل عن ذلك إلى اتباع هواه أو يحسب أن ما هو عليه من ترك ذلك هو الحق فهذا متبع للظن والأول متبع لهواه . . . اجتماع الأمرين: قال تعالى في صفة الأولين: فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام : 33] وقال تعالى وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [النمل : 14] وقال تعالى الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُم إلى قوله لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة : 146]. وقال تعالى في صفة الأخسرين قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا [الكهف : 103] الآية وقال أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء [فاطر : 8]. فالأول: حال المغضوب عليهم الذين يعرفون الحق ولا يتبعونه كما هو موجود في اليهود. والثاني: حال الذين يعملون بغير علم قال تعالى وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام : 119] وقال تعالى وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ الله [القصص : 50]. وكل من يخالف الرسل هو مقلد متبع لمن لا يجوز له اتباعه وكذلك من اتبع الرسول بغير بصيرة ولا تبين وهو الذي يسلم بظاهره من غير أن يدخل الإيمان إلى قلبه كالذي يقال له في القبر: من ربك؟ وما دينك؟ وما نبيك؟. فيقول: هاه هاه لا أدري. سمعت الناس يقولون شيئا فقلته -هو مقلد- فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق؛ أي لمات. وقد قال تعالى قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُم [الحجرات : 14] فمن لم يدخل الإيمان في قلبه وكان مسلما في الظاهر: فهو من المقلدين المذمومين. فإذا تبين أن المقلد مذموم -وهو من اتبع هوى من لا يجوز اتباعه - كالذي يترك طاعات رسل الله ويتبع ساداته وكبراءه أو يتبع الرسول ظاهرا...” إلخ. مجموع الفتاوى (4/197-200).
وقال /: “ومن ترك النقل المصدق عن القائل المعصوم و اتبع نقلا غير مصدق عن قائل غير معصوم فقد ضلّ ضلالا بعيدا”. مجموع الفتاوى (27/125).
4- ترك العمل بالنصوص بدعوى جريان العمل على خلافها أو كثرة المخالفين عنها.
قال الله تعالى وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ الله إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [الأنعام : 116].
عن المغيرة بن شعبة عن النبي قال $لا يزال ناس من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون#. أخرجه البخاري (3441) ومسلم (1921) وجاء عن جماعة من الصحابة.
وعن ابن عباس قال: خرج علينا النبي يوما فقال $عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي معه الرجلان والنبي معه الرهط والنبي ليس معه أحد#. أخرجه البخاري (5420) ومسلم (549).
عن عمرو بن ميمون قال: قدم علينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله فوقع حبه في قلبي فلزمته حتى واريته في التراب بالشام ثم لزمت أفقه الناس بعده عبد الله بن مسعود فذكر يوما عنده تأخير الصلاة عن وقتها فقال “صلوها في بيوتكم، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة”. قال عمرو بن ميمون؛ فقيل لعبد الله بن مسعود: وكيف لنا بالجماعة؟ فقال لي: “يا عمرو بن ميمون، إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة، إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك”. أخرجه اللالكائي في شرح الأصول (160) وفي سنده نعيم بن حماد وهو ضعيف. وجاء من طرق أخرى عند الخطيب في الفقيه والمتفقه (2/404) بلفظ: “الجماعة الكتاب والسنة وإن كنت وحدك”. وفي رواية: “الجماعة أهل الحق وإن كنت وحدك”. بسند صحيح,فالأثر ثابت دون القصة.
وقال إبراهيم النخعي /: “الجماعة: هو الحق، وإن كنت وحدك”. أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (2/404-405) وفي سنده عمر بن شبيب المسلي وهو ضعيف.
عن أبي عبد الله محمد بن القاسم الطوسي خادم بن أسلم قال: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: وذكر في حديث رفعه إلى النبي قال «إن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم»(8) فقال رجل: يا أبا يعقوب من السواد الأعظم؟, فقال: محمد بن أسلم وأصحابه ومن تبعه, ثم قال: سأل رجل ابن المبارك فقال: يا أبا عبد الرحمن من السواد الأعظم؟, قال: أبو حمزة السكوني, ثم قال إسحاق: في ذلك الزمان يعني أبا حمزة وفي زماننا محمد بن أسلم ومن تبعه, ثم قال إسحاق: لو سألت الجهال من السواد الأعظم قالوا جماعة الناس ولا يعلمون أن الجماعة عالم متمسك بأثر النبي وطريقه فمن كان معه وتبعه فهو الجماعة ومن خالفه فيه ترك الجماعة. حلية الأولياء (9 /238) وفيه من لم أعثر على ترجمته.
قال ابن حزم /: “ولا معنى لكثرة القائلين بالقول وقلتهم، وقد أفردنا أجزاء ضخمة فيما خالف فيه أبو حنيفة، ومالك، والشافعي جمهور العلماء، وفيما قاله كل واحد منهم مما لا يعرف أحد قال به قبله، وقطعه فيما خالف فيه كل واحد منهم الإجماع المتيقن المقطوع به، ولم يأت قط نص، ولا إجماع، ولا نظر صحيح بترجيح ما كثر القائلون به على ما قل القائلون به”. المحلى (9 / 273-274).
عن الفضيل بن عياض /: “اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين”. كتاب الاعتصام للشاطبي (1 / 57).
قال ابن مفلح /: “ينبغي أن يعرف أن كثيرا من الأمور يفعل فيها كثير من الناس خلاف الأمر الشرعي، ويشتهر ذلك بينهم ويقتدي كثير من الناس بهم في فعلهم. والذي يتعين على العارف مخالفتهم في ذلك قولا وفعلا، ولا يثبطه عن ذلك وحدته وقلة الرفيق، وقد قال الشيخ محيي الدين النووي: ولا يغتر الإنسان بكثرة الفاعلين لهذا الذي نهينا عنه ممن لا يراعي هذه الآداب، وامتثل ما قاله السيد الجليل الفضيل بن عياض: لا تستوحش طرق الهدى لقلة أهلها، ولا تغتر بكثرة الهالكين”. الآداب الشرعية - (1 / 330).
قال الشاطبي / في الاعتصام: “عن القاضي عياض: اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين”. (1/112/دار ابن عفان).
قال الطرطوشي /: “شيوع الفعل وانتشاره لا يدل على جوازه, كما أن كتمه لا يدل على منعه”. الحوادث و البدع (165).
وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “ليست الدعوة إلى الله كثرة الأتباع وعنده من يصوته وإنما الدعوة إلى الله تحري الحق وإن كنت وحدك”. (يوم الأحد 23 رجب 1430).
وقال -حفظه الله تعالى-: “النصر ليس من كثرة العدد ولا العدد وإنما النصر من عند الله”. (ليلة الاثنين 23 شوال 1430).
5- التلبيس بالعبارات المجملة.
قال شيخ الإسلام /: “الذين يعارضون الكتاب والسنة بما يسمونه عقليات : من الكلاميات والفلسفيات ونحو ذلك إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة مجملة تحتمل معاني متعددة ويكون ما فيها من الاشتباه لفظا ومعني يوجب تناولها لحق وباطل فبما فيها من الحق يقبل ما فيها من الباطل لأجل الاشتباه والالتباس ثم يعارضون بما فيها من الباطل ونصوص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا وهو منشأ البدع فإن البدعة لو كانت باطلا محضا لظهرت وبانت وما قبلت ولو كانت حقا محضا لا شوب فيه لكانت موافقة للسنة فإن السنة لا تناقض حقا محضا لا باطل فيه ولكن البدعة تشتمل على حق وباطل وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع ولهذا قال تعالى فيما يخاطب به أهل الكتاب على لسان محمد يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 40 - 42] فنهاهم عن لبس الحق بالباطل وكتمانه ولبسه به: خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر كما قال تعالى وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ [الأنعام : 9] ومنه التلبيس وهو التدليس وهو الغش لأن المغشوش من النحاس تلبسه فضة تخالطه وتغطيه كذلك إذا لبس الحق بالباطل يكون قد أظهر الباطل في صورة الحق فالظاهر حق والباطن باطل ثم قال تعالى وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 42] ...إلى قوله ... وقد ذكره الخلال في كتاب السنة والقاضي أبو يعلى و أبو الفضل التميمي و أبو الوفاء بن عقيل وغير واحد من أصحاب أحمد ولم ينفه أحد منهم عنه - قال في أوله: الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلي الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من تائه ضال قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم! ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب متفقون على مخالفة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين...” إلخ. درء تعارض العقل والنقل (1 / 120).
وقال /: “لفظ المجمل والمطلق والعام كان في اصطلاح الأئمة كالشافعي وأحمد وأبي عبيد وإسحاق وغيرهم سواء لا يريدون بالمجمل ما لا يفهم منه كما فسره به بعض المتأخرين وأخطأ في ذلك بل المجمل ما لا يكفي وحده في العمل به وإن كان ظاهره حقا كما في قوله تعالى خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة : 103] فهذه الآية ظاهرها ومعناها مفهوم ليست مما لا يفهم المراد به؛ بل نفس ما دلت عليه لا يكفي وحده في العمل فإن المأمور به صدقة تكون مطهرة مزكية لهم هذا إنما يعرف ببيان الرسول ولهذا قال أحمد يحذر المتكلم في الفقه هذين “الأصلين”: المجمل والقياس. وقال: أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس يريد بذلك ألا يحكم بما يدل عليه العام والمطلق قبل النظر فيما يخصه ويقيده ولا يعمل بالقياس قبل النظر في دلالة النصوص هل تدفعه فإن أكثر خطأ الناس تمسكهم بما يظنونه من دلالة اللفظ والقياس؛ فالأمور الظنية لا يعمل بها حتى يبحث عن المعارض بحثا يطمئن القلب إليه وإلا أخطأ من لم يفعل ذلك وهذا هو الواقع في المتمسكين بالظواهر والأقيسة ولهذا جعل الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض عن تفسير النبي وأصحابه طريق أهل البدع. وله في ذلك مصنف كبير. وكذلك التمسك بالأقيسة مع الإعراض عن النصوص والآثار طريق أهل البدع. ولهذا كان كل قول ابتدعه هؤلاء قولا فاسدا وإنما الصواب من أقوالهم ما وافقوا فيه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وقوله تعالى يُوصِيكُمُ الله فِي أَوْلَادِكُم [النساء : 11] سماه عاما وهو مطلق في الأحوال يعمها على طريق البدل كما يعم قوله فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [النساء : 92] جميع الرقاب لا يعمها كما يعم لفظ الولد للأولاد. ومن أخذ بهذا لم يأخذ بما دل عليه ظاهر لفظ القرآن بل أخذ بما ظهر له مما سكت عنه القرآن فكان الظهور لسكوت القرآن عنه لا لدلالة القرآن على أنه ظاهر فكانوا متمسكين بظاهر من القول لا بظاهر القول؛ وعمدتهم عدم العلم بالنصوص التي فيها علم بما قيد وإلا فكل ما بينه القرآن وأظهره فهو حق؛ بخلاف ما يظهر للإنسان لمعنى آخر غير نفس القرآن يسمى ظاهر القرآن كاستدلالات أهل البدع من المرجئة والجهمية والخوارج والشيعة”. مجموع الفتاوى (7 /391-393).
وقال ابن القيم /:
فـعليك بالتفصــيل والـتمييز فـالإ
قـد أفسدا هذا الوجـود وخبطا الـ طـلاق والإجـمــال دون بـيان
ـأذهــان والآراء كـــل زمــان
الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (1 / 38).
6- إساءة الظن بالعلماء واتخاذهم رؤوسا جهالا يرجعون إليهم.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله يقول $إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا#. أخرجه البخاري (100) ومسلم (6971).
عن أبي هريرة قال: بينما النبي في جلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال متى الساعة؟. فمضى رسول الله يحدث فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم بل لم يسمع. حتى إذ قضى حديثه قال $أين أراه السائل عن الساعة# قال ها أنا يا رسول الله قال $فإذا ضعيت الأمانة فانتظر الساعة#. قال كيف إضاعتها؟ قال $إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة#. أخرجه البخاري (59).
قال الطرطوشي /: “لا يؤتى الناس قط من قبل علمائهم, وإنما يؤتون من قبل أنه إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم فيؤتى الناس من قبله”. الحوادث والبدع (77).
قال ابن سحمان /: “العجب كل العجب ممن يصغي ويأخذ بأقوال أناس ليسوا بعلماء ولا قرؤوا على أحد من المشايخ فيحسنون الظن بهم فيما يقولونه و ينقلونه ويسيئون الظن بمشايخ أهل الإسلام و علمائهم الذين هم أعلم منهم بكلام أهل العلم وليس لهم غرض في الناس إلا هدايتهم و إرشادهم إلى الحق الذي كان علىه رسول الله و أصحابه وسلف الأمة و أئمتها. أما هؤلاء متعالمون الجهال فكثير منهم خصوصا ما لم يتخرج على العلماء منهم وإن ادعوا الناس إلى الحق فإنما يدعون إلى أنفسهم ليصرفوا وجوه الناس إليهم طلبا للجاه والشرف والترؤس على الناس فإذا سئلوا أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا”. منهاج أهل الاتباع (24) نقلا من شرح قول ابن سيرين للشيخ أحمد بن عمر بازمول.
7- الجدل والخصومة فيما يريدون فيه.
8- تقعيد القواعد من كلامهم جعلها أصولا يرجعون إليها.
قال شيخ الإسلام /: “ثم المتقدمون الذين وضعوا طرق “الرأي” و“الكلام” و“التصوف” وغير ذلك: كانوا يخلطون ذلك بأصول من الكتاب والسنة والآثار إذ العهد قريب. وأنوار الآثار النبوية بعد فيها ظهور ولها برهان عظيم وإن كان عند بعض الناس قد اختلط نورها بظلمة غيرها. فأما المتأخرون فكثير منهم جرد ما وضعه المتقدمون. مثل من صنف في “الكلام” من المتأخرين فلم يذكر إلا الأصول المبتدعة وأعرض عن الكتاب والسنة وجعلهما إما فرعين أو آمن بهما مجملا أو خرج به الأمر إلى نوع من الزندقة ومتقدمو المتكلمين خير من متأخريهم. وكذلك من صنف في “الرأي” فلم يذكر إلا رأي متبوعه وأصحابه وأعرض عن الكتاب والسنة ووزن ما جاء به الكتاب والسنة على رأي متبوعه ككثير من أتباع أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم”. مجموع الفتاوى (10/366-367).
قال ابن رجب /: “ومن ذلك أعني محدثات العلوم ما أحدثه فقهاء أهل الرأي من ضوابط وقواعد عقلية ورد فروع الفقه إليها. وسواء أخالفت السنن أم وافقتها طرداً لتلك القواعد المقررة وإن كان أصلها مما تأولوه على نصوص الكتاب والسنة لكن بتأويلات يخالفهم غيرهم فيها وهذا هو الذي أنكره أئمة الإسلام على من أنكروه من فقهاء أهل الرأي بالحجاز والعراق: وبالغوا في ذمه وإنكاره”. فضل علم السلف على الخلف (1/4).
ومن أمثلة تلك القواعد الباطلة:
• نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.
• نصحح ولا نهدم.
• لا أقبل الجرح فيمن أعرفه حتى أقف عليه بنفسي.
• الموازنة بين حسنات المبتدع وسيئاته.
• منهجنا سلفي ومواجهتنا عصرية.
• لا قيام للإسلام إلا بحزب.
• فقه الواقع.
• قولك خطأ ويحتمل الصواب وقولك صواب ويحتمل الخطأ.
• وغير ذلك من القواعد الباطلة التي يتوصل بها أهل التحزب لتقرير باطلهم.
9- العمل بظواهر النصوص دون الرجوع إلى بيان السلف.
قال شيخ الإسلام /: “وهذا هو الواقع في المتمسكين بالظواهر والأقيسة ولهذا جعل الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض عن تفسير النبي وأصحابه طريق أهل البدع”. مجموع الفتاوى (7 / 392).
10- الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والمكذوبة.
قال الشاطبي /: “اعتمادهم على الأحاديث الواهية الضعيفة، والمكذوب فيها على رسول الله ، والتي لا يقبلها أهل صناعة الحديث في البناء عليها. وإنما أخذ بعض العلماء بالحديث الحسن لإلحاقه عند المحدثين بالصحيح، لأن سنده ليس فيه من يعاب بجرحه متفق عليها، وكذلك أخذ من أخذ منهم بالمرسل ليس إلا من حيث ألحق بالصحيح في أن المتروك ذكره كالمذكور والمعدل ، فأما ما دون ذلك فلا يؤخذ به بحال عند علماء الحديث”. كتاب الاعتصام للشاطبي (1 / 166).
11- القياس البعيد.
قال شيخ الإسلام /: “وكذلك التمسك بالأقيسة مع الإعراض عن النصوص والآثار طريق أهل البدع . ولهذا كان كل قول ابتدعه هؤلاء قولا فاسدا وإنما الصواب من أقوالهم ما وافقوا فيه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان”. مجموع الفتاوى (7 / 392).
12- كتمان الحق.
قال الله تعالى وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 42].
وقال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [البقرة : 159].
وقال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ الله مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة : 174].
قال شيخ الإسلام /: “ومن كتم الحق احتاج أن يقيم موضعه باطلا فيلبس الحق بالباطل ولهذا كان كل من كتم من أهل الكتاب ما أنزل الله فلا بد أن يظهر باطلا. وهكذا “أهل البدع” لا تجد أحدا ترك بعض السنة التي يجب التصديق بها والعمل إلا وقع في بدعة ولا تجد صاحب بدعة إلا ترك شيئا”. مجموع الفتاوى (7 / 172- 173).
وقال /: “فلا تجد قط مبتدعا إلا وهو يحب كتمان النصوص التي تخالفه ويبغضها ويبغض إظهارها وروايتها والتحدث بها ويبغض من يفعل ذلك كما قال بعض السلف: ما ابتدع أحد بدعة إلا نزعت حلاوة الحديث من قلبه”(9). مجموع الفتاوى (20 / 161-162).
13- الاحتجاج بزلات العلماء.
قال ابن القيم /: “ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره. فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين فإنه اتباع للخطأ على عمد ومن لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه وكلاهما مفرط فيما أمر به”. إعلام الموقعين (2 / 192).
14- دعوى الإجماعات.
قال شيخ الإسلام /: “ومن ادعى إجماعا يخالف نص الرسول من غير نص يكون موافقا لما يدعيه؛ واعتقد جواز مخالفة أهل الإجماع للرسول برأيهم؛ وأن الإجماع ينسخ النص كما تقوله طائفة من أهل الكلام والرأي فهذا من جنس هؤلاء”. مجموع الفتاوى (19 / 267).
15- تقديم اللغة العربية على الكتاب والسنة.
قال شيخ الإسلام /: “وقد عدلت “المرجئة” في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان واعتمدوا على رأيهم وعلى ما تأولوه بفهمهم اللغة، وهذه طريقة أهل البدع”. مجموع الفتاوى (7 / 118).
16- الردود على أهل السنة بأسماء مجهولة.
أضرار الحزبية
قال شيخ الإسلام /: “من أصر على فعل شيء من البدع وتحسينها فإنه ينبغي أن يعزر تعزيرا يردعه وأمثاله عن مثل ذلك . ومن نسب إلى رسول الله الباطل خطأ فإنه يعرف فإن لم ينته عوقب ولا يحل لأحد أن يتكلم في الدين بلا علم ولا يعين من تكلم في الدين بلا علم أو أدخل في الدين ما ليس منه”. مجموع الفتاوى (22 / 240).
قال الشيخ مقبل /: “هذه الحزبية شتتت شمل الدعاة من أهل السنة إلى الله في اليمن وفي أرض الحجاز وفي أرض الحرمين ونجد وفي السودان وفي مصر وفي كثير من البلاد الإسلامية”. تحفة المجيب (ص 144).
قال الشيخ أحمد بن يحيى النجمي /: “مساوئ الحزبية: أولا, أن الحزبية بدعة منكرة. ثانيا, ذم الله تعالى الحزبية والتحزب وذمها رسوله وذمها سلف الأمة الذين عرفوا الإسلام معرفة حقيقية لأنها خروج على وحدة الأمة الإسلامية. ثالثا, أن المتمين إلى الحزبيات والأحزاب يجعلون حزبهم هو محور الولاء والبراء والحب والعداء وذلك مشاقة لله ولرسوله ومحادة لله ولرسوله . رابعا, يلزم من الحزبية اتخاذ المبتدعين أئمة يحتذى ويقتدى بأفعالهم ويتخذون قدوة وأسوة ويكون قولهم وتقييدهم وتنظيرهم مسلما وإن خالف الحق. خامسا, أن الحزبية تقوم على التسليم بآراء الجماعة وتوزيعها ونشرها وجعلها قطعية الثبوت غير قابلة للنقد ولا النقاش. سادسا, إذا كانت الحزبية سببا للفرقة والفرقة أول معول يضرب في وحدة الأمة وتماسكها وإن تعدد الأحزاب سبب في تعدد مناهجها الفكرية, وتعدد المناهج الفكرية سبب في اضطراب الأحزاب, والاضطراب سبب في الهزائم التي تحل بالمسلمين. سابعا, ومن مضار الحزبية أن أداء الشعائر المحمدية المأثور بها شرعا يتحول الأعداء فيها من واجب تعبدي إلى واجب حزبي فيخدش الإخلاص إن لم يهدمه. ثامنا, أنه إذا أمر قاعد الحزب بالحرص على أي عمل مستحب وأكد عليه بالغ التابعون حتى يحاولوه إلى واجب فيصير المستحب واجبا عند المتحزبين, وبذلك يكونون قد جعلوا له حكما غير الحكم الشرعي الذي وضعه الله ورسوله . تاسعا, الانقسام فربما انقسم الحزب إلى حزبين أو أحزاب”. المورد العذب (117-128) مختصرا.
قال الشيخ -حفظه الله تعالى- في كتابه أضرار الحزبية على الأمة الإسلامية: “من أضرار الحزبية:
1) . عدم العدل والإنصاف.
2) . الحزبية فيها إلغاء الولاء والبراء الصحيح.
3) . الحزبية سنة من سنن الجاهلية.
4) . الحزبية تلغي فضل الأفاضل من عندها, قال الله تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ [الحجرات : 13].
5) . الحزبية تسبب العداء لأولياء الله تعالى.
6) . الحزبية تضعف القوة, وتذهب الريح, وهي أمر مقصود من اليهود والنصارى. اهـ مختصرا (ص 3-26).
أوجه تلبيسات الحزبية
قال الشيخ علي الرازحي -حفظه الله تعالى-: “وصار ذلك التلبيس على هذا العبد من ثلاثة أوجه:
1) . أنه جاهل لم يعرف طريقة أهل الحق فهو أول من وقع في شباك الحزبية.
2) . أنه قد يكون حصل على شيء مما هو يريده من حطام الدنيا من وظيفة ونحوها. وأحب أن أنبهك أخي العزيز: أن الحزبية وأهلها ليس صيدهم بالسهل, فما أن تختلط بهم إلا ويسارعون في ربطك بوظيفة متعلقة بهم, أو منحك مطلبا أنت تطلبه من أمور الدنيا, و إذا كانوا متخوفين منك فأقل ما يربطونك به الدين من الجمعية أو الحزب, حتى تصير مرتهنا لا دنويا فحسب بل اعتقاديا و منهجيا لتلك الفرقة و يصعب عليك التخلص.
3) . أنهم يستطيعون في تلك الحال أن ينسجوا على عقلك سياجا من التغرير, فيصيرون لك أن العالم و الأستاذ والدكتور الفلاني معنا ويؤيد طريقنا. الرسالة الكبرى (ص 12).
الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية
قال الشيخ -حفظه الله تعالى- في كتابه أضرار الحزبية:
1) . التحريش.
2) . التلفيقات والبتر والكذب على العلماء.
3) . التصنع والتزلف عند علماء السنة.
4) . محاولة جعل التكافؤ في الدعوات.
5) . محاولة دخول الحزبيين في أوسط السلفيين.
6) . زرع الجدل في أوسط السلفيين بألفاظ مجملة.
7) . تشويه صورة الدعوة إما بتكفير وإما بغلو في تبديع أو تفسيق بغير حق ونحو ذلك.
8) . مد الأيدي لبعض المغفلين من السلفيين وبذل الأخلاق المزيفة.
9) . التنفير المباشر عن الدعوة السلفية بقولهم: هؤلاء يجرحون, هؤلاء يتكلمون في العلماء.
10) . تشويه صورة الجرح والتعديل.
11) . محاولة إدخال السلفيين في أعمال الحزبيين.
12) . إثارة الطالب على شيخه. اهـ مختصرا (ص 27-47).
كيفية التعامل مع الحزبيين
قال الله تعالى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة : 2].
وقال تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات : 10].
وعن أبى هريرة قال: قال رسول الله $لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى ها هنا#. ويشير إلى صدره ثلاث مرات $بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه#. أخرجه مسلم (6706).
سئل الشيخ /: كيف يكون تعامل طلبة العلم مع أفراد الجماعات المسماة إسلامية كجماعة الإخوان المسلمين و جماعة التبليغ؟
فأجاب: “يكون التعامل معهم بأن يدعوا إلى الله تعالى وهم أحق الناس بالدعوة إلى الله تعالى لأنه ملبس عليهم, فهم يظنون أن جماعة التبليغ على صراط المستقيم, وهم يظنون أن الإخوان المفلسين على صراط المستقيم. و أنصح كل أخ أن يحرص على البيان و التبليغ, و رب العزّة يقول في كتابه الكريم وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا [النساء : 63] ويقول لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ الله فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء : 114]. فأمر مهم أن تختلط بهم و أن تدعوهم إلى الله, لكن ينبغي أن تحذر كل الحذر من أن يجعلوك واجهة يصطادون بك الناس. ويقولون لك: نريد منك أن تلقي محاضرة في النادي الفلاني و هم يريدون أن يقولوا للناس فلان معنا ويتصيدون بك الشباب. أو يقولون: نريد منك أن تلقي محاضرة في المسجد الفلاني فإذا عرفت أنهم لا يريدون إلا أن يصطادوا بك الشباب فلا. اقبل على العلم النافع و العلم والتعليم ولو لم يبق عندك إلا نفران, ولو لم يبق عندك أحد فتحفظ ما استطعت من القرآن ومن سنة رسول الله وتتعلم اللغة العربية و المصطلح و غير ذلك. و هناك مصيدة اتخذها كثير من الدعاة للشباب المغفل و أقول: أنه شاب مغفل و أنا أعلم أنهم سيغضبون إذا سمعوا هذا...يقوم الخطيب و يقول: الجهاد الجهاد عباد الله, والشباب مساكين قد كرهوا وضع الحكومات كلنا قد كرهنا هذا, وقاموا يلتحفون حوله ويقولون: هذا هو الداعية الصادق المخلص. ويقوم يقول: الحاكم الفلاني كذا, و الحاكم الفلاني كذا. فضيعوا الشباب عن العلم النافع. ونحن ننتقد في حدود ما نستطيع ولا أقول: إننا ننتقد كل شيء, ونحن مستمرون على طلب العلم, أما أن نجعل الجهاد والدعوة إليه تلبسا على الشباب من أجل أن يلتف حولنا الشباب كما قال بعض الشباب من المحويت يقول: الإخوان المسلمون يأتون إلينا ويقولون: الجهاد الحهاد, فنصبح كأننا قنابل متفجرة وفي الليلة الثانية يأتون لنا بتمثيلية تميع ذلك الحماس كله”.
و سئل /: و هل يجب تحذير الشباب الذين لا ينتمون إلى هذه الجماعات من هؤلاء الشباب الذين ينتمون إليها؟
فأجاب: “يجب التحذير من دعوة الإخوان المفلسين ومن جماعة التبليغ, لكن الشباب يظنون أن جماعة التبليغ على هدى فتدعوهم و تعلمهم حتى إن استطعت أن تتغافل عن هذا الأمر تغافلت, حتى يعلموا و يتعلموا وهم سيتركون من أنفسهم, و هكذا الشباب الذين لا يعرفون ما الإخوان المفلسون عليه كذلك أيضا فإن استطعت أن تعلمهم كتاب الله و سنة رسول الله فهذا أمر حسن على أنهم إذا علموا أنك لست مخلصا معهم سيسحبون شبابهم من عندك وهذا حاصل, فقد قاله سعيد حوى في بعض كتبه: العلماء الذين يصطدمون مع دعوتنا ينبغي أن نسحب الشباب من بين أيديهم حتى لا يشعر العالم إلا وهو وحيد المسكين الذي أضاع عمره في خدمة دعوة الإخوان المفلسين و ماتت كتبه وقد خلف سعيد حوى في خدمة الإخوان المفلسين صلاح الصاوي”. غارة الأشرطة (2/88-90).
سئل الشيخ مقبل /: هل جماعة الإخوان المسلمين والتبليغ والقطبيين من أهل السنة والجماعة أم لا؟ وهل يجوز التعاون معهم؟ وهل يجوز لنا وعدم السلام عليهم؟
فأجاب: “جماعة الإخوان المسلمين والتبليغ والقطبيين الأولى أن يحكم على مناهجهم فمناهجهم ليست بمناهج أهل السنة والجماعة أما الأفراد فبعض الناس يكون ملبسا عليه ويكون سلفيا ويأتون إليه من باب نصر دين الله يمشي معهم ولا يدري ما هم عليه. فالأفراد خليط لا يستطاع أن يحكم عليهم بحكم عام لكن المناهج ليست مناهج أهل السنة والجماعة. وأما مسألة التعاون معهم فأنا أنصح أهل السنة أن يستعينوا بالله ويقوموا بواجبهم نحو الدعوة إلى الله, والواقع أننا لا نستطيع أن نتعاون مع إخواننا أهل السنة باليمن وبالسودان وبأرض الحرمين ونجد ومصر وفي الأردن فلماذا نذهب ونتعاون مع أناس يرون أهل السنة أعدى الأعداء؟ فإذا ذهبت فمن أجل أن يقتنصوا بعدك الشباب فتلقي المحاضرة ثم يأخذوا الشباب بعدك والكتب قد ألفت وبينت فساد منهج هؤلاء وأولئك من أبصر الناس بالجماعات في هذا العصر بدخل ودخن الجماعات الأخ ربيع بن هادي -حفظه الله تعالى-. فمن قال الأخ ربيع: إنه حزبي فسينكشف لك بعد أيام أنه حزبي, لأن الشخص يكون في أول أمره مستترا ولا يحب أن ينكشف لكن إذا قوي وصار له أتباع ولا يضره الكلام فيه أظهر ما عنده فأنا أنصح باقتناء كتبه وقراءتها والاستفادة منها -حفظه الله تعالى-”. غارة الأشرطة (2/8-9).
وسئل الشيخ /: هل الإخوان المسلمون يدخلون تحت مسمى الفرقة الناجية والطائفة المنصورة أهل السنة والجماعة منهجا وأفرادا أم لا؟
فأجاب: “أما المنهج فمنهج مبتدع من تأسيسه ومن أول أمره فالمؤسس كان يطوف بالقبور وهو حسن البنا ويدعو إلى التقريب بين السنة والشيعة ويحتفل بالموالد, فالمنهج من أول أمره منهج مبتدع ضال. أما الأفراد فلا نستطيع أن نجري عليهم حكما عاما, فمن كان يعرف أفكار حسن البنا المبتدع ثم يمشي بعدها فهو ضال. ومن كان لا يعرف هذا ودخل معهم باسم أنه ينصر الإسلام والمسلمين ولا يعرف حقيقة أمرهم فلسنا نحكم عليه بشيء لكننا نعتبره مخطئا ويجب عليه أن يعيد النظر حتى لا يضيع عمره بعد الأناشيد والتمثيليات وانتهاز الفرص لجمع الأموال”. تحفة المجيب (ص 96).
قال الشيخ زيد بن محمد المدخلي -حفظه الله تعالى-: “وأما حكم الجلوس مع زعماء الدعوة الإخوانية وأتباعهم ففيه تفصيل: وهو أنهم إذا جاءوا إلى العلماء القادرين على رد البدع والأهواء بنصوص الكتاب والسنة وقصدوا الاستفادة منهم ليكونوا على بصيرة من أمرهم فيقبلوا الحق ويردوا الباطل ويعتصموا بالسنة ويردوا البدعة فلا حرج من جلوس العالم معهم لهذا الغرض الدعوي الشريف بل فيه أجر للجميع وبراءة للذمة من كتمان العلم. أما إذا جاءوا للجدل والمناقشة مستعملين أساليب أهل الزيغ والانحراف من استعمال الكذب فيما يدلون به أخذا وعطاء وتظلما واحتيالا ودفاعا عن أخطاء حزبهم فحينئذ يحق لصاحب السنة من أتباع السلف أن يضرب صفحا عن مجالستهم لأنه لا يرجى من ورائها فائدة تعود على العالم ولا خير ينقلب به المجادل لنفسه وهذا صنيع العلماء مع أهل البدع في كل زمان ومكان كما هو مدون في كتب الشأن وأما طلاب العلم الصغار الذين لا يقدرون على إقامة الحجج على المخالفين ولا يحسنون الردود عليهم فإنهم لا يجوز لهم أن يجالسوا الإخوانية لمناقشتهم ومجادلتهم, و إنما يجب عليهم تجنب مجالسهم كي يسلموا من التأثير عليهم لقلة علمهم و ضعف قلوب البشر, يأووا إلى علماء الشر و إلى أقرانهم من كل طالب علم سلفي مصدر علمه الشرع الشريف بالفهم الصحيح الحصيف لا الفكر المخالف المخيف. ولا يجوز لمن علم شيئا من بدع حزب الإخوان المسلمين أو غيرهم من أهل البدع و الأخطاء أن يسكت عن بيانه وهو قادر على البيان, يرد البدعة وتصحيح الخطإ لأن الرد على أصحاب البدعة و الأخطاء واجب على القادرين من أهل العلم و متى قام به بعضهم سقط الوجوب عن الباقين”(10). الرسالة الكبرى ( 110-111 ).
سئل الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى- : من خالف أصول الطريقة السلفية ممن هم حولنا، وناصر المناهج الأخرى؛ بأن مدح مؤسسّيها ومفكريها، هل يجب نسبته إليهم ليحذره الناس، ولا يغترّوا به وبمنهجه؟
فأجاب: “من خالف منهج السلف، ومدح المناهج المخالفة لمنهج السلف، ومدح أهلها، فإنه يعتبر من أهل المخالفة، تجب دعوته ومناصحته، فإن رجع إلى الحق وإلاّ فإنه يُهجر ويُقاطع”. مؤلفات الفوزان (41 / 89).
قال الشيخ -حفظه الله تعالى- : “يجب التعاون مع الحزبيين يا إخوان, من حيث النصح في أخطئهم وتحذير الناس منهم, فإن أهل السنة أشد الناس تعاونا مع أهل الباطل في هذا الجانب لحديث $انصر أخاك ظالما أومظلوما#”(11).
أضرار مجالسة الحزبيين وأخذ العلم عنهم
قال الله تعالى وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام : 68].
وقال تعالى وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ الله جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا [النساء : 140].
وقال لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ الله أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة:22].
عن عبد الله بن مسعود ": جاء رجل إلى رسول الله < فقال يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله < $المرء مع من أحب#. أخرجه البخاري (5817) ومسلم (6888).
عن عائشة ك قالت: سمعت النبي < يقول $الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر اختلف#. أخرجه البخاري (3158) وعن أبي هريرة عند مسلم (6876).
قال الأوزاعي /: “من ستر عنا بدعته لم تخف علينا ألفته”. أخرجه ابن بطة في الإبانة (420, 508) واللالكائي (257) بسند حسن.
قال الفضيل بن عياض /: “فلا يمكن أن يكون صاحب سنة يمالي صاحب بدعة إلا من النفاق”. ذكر أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي(12) في لم الدر المنثور (176) أن مصدره في الرد على المبتدعة لابن البنا مخطوط مخطوطات الجامعة الإسلامية (1629).
وقال /: “إن لله عز و جل وملائكة يطلبون حلق الذكر فانظر مع من يكون مجلسك لا يكون مع صاحب بدعة فإن الله تعالى لا ينظر إليهم وعلامة النفاق أن يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة وأدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة وهم ينهون عن أصحاب البدعة”. أخرجه أبو نعيم في الحلية (8 / 104) بسند لا بأس به.
ومن تلك الأضرار:
• انغماس الآخذ عنهم في بدعهم وتعلق قلبه بهم ومحبته لهم.
قال مصعب بن سعد /: “لا تجالس مفتونا فإنه لن يخطئك منه إحدى خصلتين: إما أن يفتنك فتتابعه أو يؤذيك قبل أن تفارقه”. أخرجه البيهقي في الشعب (7/61) بسند صحيح.
قال أبو قلابة /: “لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن من أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبس عليكم ما كنتم تعرفون”. أخرجه الدارمي (405) بسند صحيح وصححه الشيخ -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي. وأخرجه أيضا ابن سعد (7/184) وأبو نعيم في الحلية (2/287) والبيهقي في الشعب (2/287) واللالكائي (243, 244).
عن أسماء بن عبيد / قال: (دخل رجلان من أصحاب الأهواء على ابن سيرين وقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث؟ قال: لا, قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله؟ قال: لا, لتقومان عني أو لأقومن, قال: فخرجا. فقال بعض القوم: يا أبا بكر, وما كان عليك إلا أن يقرآ عليك آية من كتاب الله؟ قال: إني خشيت أن يقرآ علي آية من كتاب الله فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي). أخرجه الدارمي (411). بسند صحيح وصححه الشيخ -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي.
قال الحسن البصري /: “لا تجالس صاحب هوى فيقذف في قلبك ما تتبعه عليه فتهلك أو تخالفه فيمرض قلبك”. أخرجه ابن وضاح في ما جاء في البدع (138) وسنده حسن.
قال مفضل بن مهلهل /: “لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته حذرته وفررت منه لكنه يحدثك بأحاديث السنة في بدو مجلسه ثم يدخل عليك بدعته فلعلها تلزم قلبك فمتى تخرج من قلبك”. أخرجه ابن بطه (394) بسند حسن.
سئل الشيخ صالح -حفظه الله تعالى- : إذا قال طالب علم ببدعة ودعا إليها وكان صاحب فقه وحديث، فهل يلزم بالبدعة سقوط علمه وحديثه ؟ وعدم الاحتجاج به مطلقاً ؟
فأجاب: “نعم. لا يوثق به. إذا كان مبتدعاً مجاهراً ببدعته لا يوثق به ولا يُتتلمذ عليه، لأنه إذا تُتلمذ عليه يتأثر التلميذ بشيخه ويتأثر بمعلمه، فالواجب الابتعاد عن أهل البدع، والسلف كانوا ينهون عن مجالسة المبتدعة، وزيارتهم، والذهاب إليهم خشية أن يسري شرهم على من جالسهم وخالطهم”. مؤلفات الفوزان (41 / 93)
• ما في مجالستهم من إغراء للعامة بصحة ما هم عليه بتكثير سواد الحزبيين.
عن مغيرة / قال: “خرج محمد بن السائب وما كان له هوى, فقال: اذهبوا بنا حتى نسمع قولههم, فما رجع حتى أخذ بها و علقت قلبه”. أخرجه ابن بطه (1/155/486) بسند صحيح.
قال ابن عون /: “من يجالس أهل البدعة أشد علينا من أهل البدعة”. أخرجه ابن بطه (1/156-157/486) بسند صحيح.
عن سفيان الثوري / قال: “من جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدى ثلاث: إما أن يكون فتنة لغيره، وإما أن يقع في قلبه شيء فيزل به فيدخله الله النار، وإما أن يقول: والله ما أبالي ما تكلموا، وإني واثق بنفسي، فمن أمن الله على دينه طرفة عين سلبه إياه”. البدع لابن وضاح (1 / 125/114) بسند ضعيف فيه مجاهيل.
قال الأوزاعي /: “من وقر صاحب بدعة فقد أعان على فرقة الإسلام. وفي لفظ: على هدم الإسلام”. أخرجه الهروي في ذم الكلام (922) بسند صحيح وجاء عن غيره من السلف وجاء أيضا مرفوعا عن النبي ولا يثبت فيه شيء وقد بسطت الكلام عليه في الفوائد المجوعة المنتخبة من بطون الكتب المفيدة.
قال الفضيل بن عياض /: “من أعان صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام”. أخرجه أبو نعيم في الحلية (8 / 103).
سئل الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى-: ما حكم من يوقر أهل البدع ويحترمهم ويثني عليهم، بأنهم يطبقون حكم الإسلام مع علمه عن ببدعهم، وفي بعض الأحيان عندما يذكرهم في الدروس العامة يقول: “مع التحفظ على بعض المواقف عند هؤلاء ” يقصد بذلك هؤلاء المبتدعة، أو يقول: “بغض النظر عن ما عند هؤلاء من أخطاء” ونحو ذلك من التهوين من شأن بدعهم مع العلم أيضاً أن بعض هؤلاء المبتدعة الذين يحترمهم هذا القائل ويثني عليهم ويدافع عنهم لهم كلام مكتوب ومسجل يعرفه فيه طعن للسنة وتجهيل للصحابة وغمز للنبي فما حكم هذا القائل؟ وهل يحذر من أقواله هذه؟
فأجاب: “لا يجوز تعظيم المبتدعة والثناء عليهم ولو كان عندهم شيء من الحق، لأن مدحهم والثناء عليهم يروج بدعتهم، ويجعل المبتدعة في صفوف المقتدى بهم من رجالات هذه الأمة، والسلف حذرونا من الثقة بالمبتدعة ومن الثناء عليهم ومن مجالستهم، وفي بعض أقوالهم يقولون: (من جلس إلى مبتدع فقد أعان على هدم السنة)، فالمبتدعة يجب التحذير منهم ويجب الابتعاد عنهم ولو كان عندهم شيء من الحق، فإن غالب الضُلال لا يخلون من شيء من الحق، ولكن ما دام عندهم ابتداع وعندهم مخالفات، وعندهم أفكار سيئة فلا يجوز الثناء عليهم ولا يجوز مدحهم ولا يجوز التغاضي عن بدعتهم لأن في هذا ترويج للبدعة وتهويلاً من أمر السنة، وبهذه الطريقة يظهر المبتدعة ،ويكونون قادة للأمة لا قدر الله، فالواجب التحذير منهم، وفي أئمة السنة الذين ليس عندهم ابتداع في كل عصر ولله الحمد فيهم الكفاية للأمة، وهم القدوة، فالواجب اتباع المستقيم على السنة، الذي ليس عنه بدعة وأما المبتدع فالواجب التحذير منه، والتشنيع عليه، حتى يحذره الناس وحتى ينقمع هو واتباعه، وإما كون عنده شيء من الحق فهذا لا يبرر الثناء عليه، لأن المضرة التي تحصل بالثناء عليه أكثر من المصلحة لما عنده من الحق، ومعلوم أن قاعدة الدين “أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”، وفي معادة المبتدع درء مفسدة عن الأمة ترجح على ما عنده من المصلحة المزعومة إن كانت، ولو أخذنا بهذا المبدأ لم يُضلل أحد ولم يُبدَّع أحد لأنه ما من مبتدع إلا وعنده شيء من الحق وعنده شيء من الالتزام ، المبتدع ليس كافراً محضاً، ولا مخالفاً للشريعة كلها، وإنما هو مبتدع في بعض الأمور أو في غالب الأمور، وخصوصاً إذا كان الابتداع في العقيدة وفي المنهج فإن الأمر خطير لأن هذا يصبح قدوة ومن حينئذٍ تنتشر البدع في الأمة وينشط المبتدعة في ترويج بدعهم، فهذا الذي يمدح المبتدعة ويشَّبه على الناس بما عندهم من الحق. هذا أحد أمرين :
إما أنه جاهل، جاهل بأمر البدعة وجاهل بأمر السلف وموقفهم من المبتدعة وهذا الجاهل لا يجوز أن يتكلم ولا يجوز للمسلمين أن يستمعوا له. وإما أنه مغرض : يعرف خطر البدعة ويعرف خطر المبتدعة ولكنه مغرض يريد أن يروج للبدعة ، فعلى كل حال هذا أمر خطير وهذا أمر لا يجوز ولا يجوز التساهل في البدعة وأهلها مهما كانوا”. مؤلفات الفوزان (143 / 2).
• أن مجالسة الحزبيين تسلب الحكمة وتوجب الإعراض عن الحق.
قال ابن عباس : “لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلوب”. أخرجه الآجري في الشريعة (1 /452/133/دار الوطن) بسند حسن.
وقال إبراهيم النخعي /: “لا تجالسوا أهل الأهواء, فإن مجالستهم تذهب بنور الإيمان من القلوب, وتسلب محاسن الوجوه, وتورث البغضة في قلوب المؤمنين”. أخرجه ابن بطة في الإبانة (2/439/370) بسند حسن.
وقال الفضيل بن عياض /: “من أتاه رجل فشاوره فدله على مبتدع فقد غش الإسلام، واحذروا الدخول على صاحب البدع ؛ فإنهم يصدون عن الحق”. أخرجه اللالكائي في شرح الأصول (261) بسند صحيح.
وقال /: “لأن آكل عند اليهودي والنصراني أحب إلي من أن آكل عند صاحب بدعة فإني إذا أكلت عندهما لا يقتدي بي وإذا أكلت عند صاحب بدعة اقتدى بي الناس أحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد وعمل قليل في سنة خير من عمل صاحب بدعة ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة ومن جلس إلى صاحب بدعة فاحذره وصاحب بدعة لا تأمنه على دينك ولا تشاوره في أمرك ولا تجلس إليه فمن جلس إليه ورثه الله عز و جل العمى وإذا علم الله من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له وإن قل عمله فإني أرجو له لأن صاحب السنة يعرض كل خير وصاحب البدعة لا يرتفع له إلى الله عمل وإن كثر عمله”. أخرجه أبو نعيم في الحلية (8 /103- 104) بسند حسن.
قال بندار بن الحسين الشيرازي /: “صحبة أهل البدع تورث الإعراض عن الحق”. طبقات الصوفية لأبي عبد الرحمن السلمي(13)(ص 469/رقم 10).
قال محمد بن النضر الحارثي /: “من أصغى سمعه إلى صاحب بدعة، وهو يعلم أنه صاحب بدعة، نزعت منه العصمة، ووكل إلى نفسه”.أخرجه اللالكائي في شرح الأصول (252) وفيه يوسف بن أسباط وهو الشيباني الواعظ ضعيف. و أخرجه ابن بطة في الإبانة (2/460/446) بسند حسن, وورد عن غيره من السلف كسفيان الثوري /.
فائدة:
قال الشاطبي /: “وأما أن صاحب البدعة تنزع منه العصمة ويوكل إلى نفسه فقد تقدم نقله، ومعناه ظاهر جداً، فإن الله تعالى بعث إلينا محمداً < رحمةً للعالمين حسبما أخبر في كتابه، وقد كنا قبل طلوع ذلك النور الأعظم لا نهتدي سبيلاً، ولا نعرف من مصالحنا الدنيوية إلا قليلاً على غير كمال، ولا من مصالحنا الأخروية قليلاً ولا كثيراً، بل كان كل أحد يركب هواه وإن كان فيه ما فيه، ويطرح هوى غيره فلا يلتفت إليه، فلا يزال الاختلاف بينهم والفساد فيهم يخص ويعم، حتى بعث الله نبيه لزوال الريب والالتباس، وارتفاع الخلاف الواقع بين الناس، كما قال الله تعالى كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ الله النَّبِيِّي [البقرة : 213] إلى قوله فَهَدَى الله الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِه [البقرة : 213] وقوله وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا [يونس : 19] ولم يكن حاكماً بينهم فيما اختلفوا فيه إلا وقد جاءهم بما ينتظم به شملهم، وتجتمع به كلمتهم، وذلك راجع إلى الجهة التي من أجلها اختلفوا، وهو ما يعود عليهم بالصلاح في العاجل والآجل، ويدرأ عنهم الفساد على الإطلاق، فانخفضت الأديان والدماء والعقل والأنساب والأموال، من طرق يعرف مآخذها العلماء. وذلك، القرآن المنزل على النبي قولاً وعملاً وإقراراً، ولم يردوا إلى تدبير أنفسهم للعلم بأنهم لا يستطيعون ذلك ولا يستقلون بدرك مصالحهم ولا تدبير أنفسهم، فإذا ترك المبتدع هذه الهبات العظيمة، والعطايا الجزيلة، وأخذ في استصلاح نفسه أو دنياه بنفسه بما لم يجعل الشرع عليه دليلاً، فكيف له بالعصمة والدخول تحت هذه الرحمة؟ وقد حل يده من حبل العصمة إلى تدبير نفسه، فهو حقيق بالبعد عن الرحمة”. كتاب الاعتصام (87/دار العقيدة).
مميزات أهل السنة من الحزبية وسائر أهل البدع
قال الله تعالى مَا كَانَ الله لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [آل عمران : 179].
وقال الله تعالى لِيَمِيزَ الله الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [الأنفال : 37].
وقال تعالى وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ [الأنعام : 55].
قال زكريا بن يحيى بن صبيح بن عمر بن حصين بن حميد بن منهب سمعت أبا بكر بن عياش قال له رجل: يا أبا بكر بن عياش من هم أهل السنة؟ فقال أبو بكر: “الذي إذا ذكرت الأهواء لم يتعصب لشيء منها”. أخرجه اللالكائي (53) وسنده صحيح.
قال وكيع /: “من طلب الحديث كما جاء فهو صاحب سنة, ومن طلبه ليقوي به رأيه فهو صاحب بدعة”. أخرجه أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (337) و لم أقف على بعض رجاله وذكره الذهبي في السير (9 / 144).
وقال وكيع /: “أهل السنة يرون ما لهم ما عليهم وأهل البدعة لا يرون إلا ما لهم”. أخرجه أبو نعيم في أخبار الأصبهان (2/18-19) وسنده صحيح وأخرجه أيضا الهروي في ذم الكلام (338) بلفظ: “إن أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم وأهل الأهواء لا يكبون إلا ما لهم”.
قال عصام بن يوسف /: “عليكم بالآثار و إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنة أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها “فإن” و“أن” و “أريت” لا يكون علما”. أخرجه الهروي في ذم الكلام (324) وفيه محمد بن علي وهو ابن الحسين الجباخاني أبو عبد الله كان حافظا تكلموا فيه ( اللباب / 1 / 254) وكان يحفظ غير أن الثقات تكلموا فيه ولم يكن في الحديث بذاك (الأنساب/ 2 /33).
قال قتيبة بن سعيد /: “إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث مثل يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن محمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه - وذكر قوما آخرين - فإنه على السنة ، ومن خالف هؤلاء فاعلم أنه مبتدع”. أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (59) بسند صحيح و الصابوني في عقيدة السلف (ص 112).
عن سهل بن عبد الله / قيل له: متى يعلم الرجل أنه على السنة والجماعة؟ قال: “إذا عرف من نفسه عشر خصال: لا يترك الجماعة، ولا يسب أصحاب النبي ، ولا يخرج على هذه الأمة بالسيف، ولا يكذب بالقدر، ولا يشك في الإيمان، ولا يماري في الدين، ولا يترك الصلاة على من يموت من أهل القبلة بالذنب، ولا يترك المسح على الخفين، ولا يترك الجماعة خلف كل وال جار أو عدل”. أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (324) بسند صحيح.
قال الصابوني /: “وإحدى علامات أهل السنة: حبهم لأئمة السنة و علمائها وأنصارها وأوليائها وبغضهم لأئمة البدع الذين يدعون إلى النار ويدلون أصحابهم على دار البوار وقد زين الله تعالى قلوب أهل السنة و نورها بحب علماء السنة فضلا منه جلّ جلاله”. عقيدة السلف (ص 112).
قال البربهاري /: “وإذا رأيت الرجل يحب أبا هريرة وأنس بن مالك وأسيد بن حضير فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله وإذا رأيت الرجل يحب أيوبا وابن عون ويونس بن عبيد وعبد الله بن إدريس الأودي والشعبي ومالك بن مغول ويزيد بن زريغ ومعاذ بن معاذ ووهب بن جرير وحماد بن زيد وحماد بن سلمة ومالك بن أنس والأوزاعي وزائدة بن قدامة فاعلم أنه صاحب سنة وإذا رأيت الرجل يحب أحمد بن حنبل والحجاج بن المنهال وأحمد بن نصر وذكرهم بخير وقال قولهم فاعلم أنه صاحب سنة”. شرح السنة (112).
قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “مميزات أهل السنة حقا عن غيرهم من الفرق:
1) . الجد والاجتهاد في تربية الآباء و الأبناء رجالا و نساء بالكتاب والسنة.
2) . الرجوع إلى أهل العلم وعدم الحماقة.
3) . العناية بالتوحيد.
4) . الدعوة إلى الله على بصيرة.
5) . الدعوة إلى الله على طريقة السلف.
6) . وغيرها من المميزات. (ليلة السبت 3 ربيع الآخر 1428, أسئلة أهل المغرب).
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : ما الفرق بين السلفية و الحزبية؟
فأجاب: “الفرق أن السلفية حق والحزبية باطل فالذي لا يعرف الفرق بين السلفية والحزبية كالذي لا يعرف الفرق بين التمرة و الجمرة”. (ليلة الأحد 7 صفر 1428).
لا يجوز تعدد الجماعات في الإسلام
قال الله تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران : 103 - 105].
سئل الشيخ الألباني /: ما حكم التحزب والأحزاب في الإسلام؟
فأجاب: “نحن نقولها بصراحة إننا نحارب الحزبية لأن التحزبات هذه ينطبق عليها قول الله تعالى فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [المؤمنون : 53]. ولأن التحزب فعلا قد فرق شمل المسلمين وأضعفهم على ما هم عليه من ضعف فازدادوا ضعفا على ضعف. لا حزبية في الإسلام. وهناك حزب واحد بنص القرآن قال الله تعالى أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة : 22]”. الرسالة الكبرى (ص 32).
سئل الشيخ الألباني /: ما حكم الدخول في حزب التجمع اليمني للإصلاح؟
فأجاب: “أن الأحزاب في بلاد الإسلام حقا لا تجوز لأن الله يقول أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة : 22]. فليس هناك إلا حزب واحد, وتستطيع أن تفهم من كلمتي السابقة حول الدعوة السلفية ولماذا نحن نقول الكتاب والسنة ومنهج السلف الواحد السلف الصالح حتى يكون المسلمين حزبا واحدا ولذلك فلا حزبية في الإسلام ورب الأنام يقول في القرآن وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم : 31 ، 32]. وأنا صحيح لست يمنيا ولا جئت اليمن ولكن أنا أعرف أن الأمة الإسلامية في كل بلاد الإسلام هو واحد وهو بعدهم, كما سمعت آنفا من جهة من حيث الأسلوب العلمي كيف يعرفون الخطأ من الصواب, يعرفون العقيدة الصحيحة من العقيدة الباطلة هو على منهج السلف الصالح وهم بعيدون عنها ثم كثيرون منهم يقومون بأعمال صالحة ولكن لا يبتغون وجه الله كما كنت أشرع في الكلمة الثانية الآن الداء في البلاد الإسلامية واحد لا فرق بين هذا الأردن وبين سوريا وبين الجزائر وبين تونس وبين ليبيا والمغرب ثم ارجع إلى الشرق كله العلة واحدة وهي بعدهم عن الاهتداء بكتاب الله وسنة رسوله < وعلى ما كان عليه السلف الصالح. الآن أقول : هذا التجمع أي التجمع اليمني للإصلاح يقينا لم يقم على أساس الكتاب والسنة أولا, ثم يقينا ثانيا لم يقم على أساس الكتاب والسنة ومنهج السلف”. الرسالة الكبرى (ص 47-48).
سئل الشيخ العثيمين /: هل لتعدد الجماعات الإسلامية في الساحة أثر سلبي أم أنها ظاهرة صحيحة؟
فأجاب: “تعدد الجماعات ظاهرة مرضية وليس ظاهرة صحية والذي أرى أن تكون الأمة الإسلامية حزبا واحدا ينتمي إلى كتاب الله وسنة رسوله <”. الرسالة الكبرى (ص 49) .
سئل الشيخ زيد بن محمد المدخلي -حفظه الله تعالى-: نسمع كثيرا عما يسمى بالجماعات الإسلامية في هذا العصر في مختلف أنحاء العالم, فما أصل هذه التسمية ؟ وهل يجوز الذهاب معهم ومشاركتهم إذا لم يكن لديهم بدعة ؟ ثم أيهما أشد عذابا العصاة أم المبتدعة؟
فأجاب: “هذا السؤال قد تكرر كثيرا وقد أجاب عليه نخبة من أتباع السلف بأجوبة مقرونة بالأدلة غير أنه وقد عرض فلا بد من البيان بما تيسر. فأقول: بتعدد هذه الجماعات تعددت مناهجها فلكل جماعة منهج له بنود وله ضوابط أسست من قبل مؤسسي هذه الجماعات, ولنأخذ مثلا عن الجماعات ما يسمى بجماعة الإخوان, وما يسمى بجماعة التبليغ, وما يسمى بحزب التحرير, وما يسمى بجماعة جبهة الإنقاذ, وما يسمى حزب الإصلاح إلى غير ذلك من الجماعات المتعددة. فإذا أردنا أن نعرف القول الحق في تعدد الجماعات هل له أصل في الشرع مع أنه يلزم من تعدد الجماعات تعدد المناهج, فنقول لا وجه لهذا التعدد لأن النبي لما سئل عن الطائفة الناجية المنصورة قال $هي الجماعة# وإذا نقول إنه لا وجه لهذا التعدد لأنه يلزم منه تعدد الاتجاهات وتعدد بنود دعوة هذه الجماعات بالإضافة إلى ما نتج عن هذا التعدد من الأضرار الذي تخفى على أقل الناس علما, حيث ترى أن الجماعة التي لها منهج يهدفون تحت لواء هذا المنهج وينفذون بنوده والجماعة الأخرى تختلف معها لأن لهم منهج يخصهم أسسه إمام لهم غير الإمام الذي أسس وقعد بنود منهج الجماعة الأخرى فحصل من الاختلاف ومن التفرقة ومن سوء الفهم بسبب هذا التعدد الذي من لازمه الاختلاف والفرقة إلى آخره”. الرسالة الكبرى (ص 100).
سئل الشيخ سليم الهلالي -حفظه الله تعالى-: ما موقف الشيخ الألباني في الجماعات الإسلامية؟
فأجاب: “موقفه لا يجوز تعددها فإن المسلمين جماعة واحدة لأن تعددها توهن المسلمين والجماعة عنده جماعة الكتاب والسنة التي هي الفرقة الناجية كما قال ابن مسعود ": الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك”. (جلسة مع الشيخ سليم -حفظه الله تعالى- يوم الثلاثاء 23 جمادي الثاني 1430).
تحذير طالب العلم من الحزبية
عن أبي هريرة قال؛ قال رسول الله $افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة#. رواه أبو داود (4598) بسند حسن وهو في الصحيح المسند. وقد بوب الشيخ / في كتابه الجامع الصحيح من كتاب العلم على هذا الحديث: تحذير طالب العلم من الحزبية.
قال أبو داود /: قلت لأحمد: لنا أقارب بخراسان يرون الإرجاء فنكتب إلى خراسان نقرئهم السلام؟قال: سبحان الله لم لا نقرئهم؟
وقال: قلت لأحمد: نكلمهم؟ قال: نعم, إلا أن يكون داعيا ويخاصم فيه. مسائله لأحمد (ص 276).
وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ /: سألت أحمد عمن قال: الإيمان قول يصلى خلفه؟ قال: إذا كان داعية إليه لا يصلى خلفه, وإذا كان لا علم لديه أرجو أن لا يكون به بأس. مسائله لأحمد (1/61).
وقال ابن مفلح /: قال أحمد في رواية الفضل وقيل له : ينبغي لأحد أن لا يكلم أحدا ؟ فقال : نعم إذا عرفت من أحد نفاقا فلا تكلمه ؛ لأن النبي خاف على الثلاثة الذين خلفوا فأمر الناس أن لا يكلموهم قلت : يا أبا عبد الله كيف يصنع بأهل الأهواء قال أما الجهمية والرافضة فلا ، قيل له : فالمرجئة قال : هؤلاء أسهل إلا المخاصم منهم فلا تكلمه ، ونقل الميموني نهى النبي عن كلام الثلاثة الذين تخلفوا بالمدينة حين خاف عليهم النفاق ، وهكذا كل من خفنا عليه. وقال في رواية القاسم بن محمد أنه اتهمهم بالنفاق ، وكذا من اتهم بالكفر لا بأس أن يترك كلامه . الآداب الشرعية (1 / 289).
قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “كان الشيخ / يناقش الأطفال: ما حكم الحزبية ؟ قال أحدهم: حرام وقال الآخر: الحزبية مساخة. قال: نعم, الحزبية مساخة. وهذا التعويد طيب للصغار في تربيتهم”. (ليلة الأربعاء 22 ذو القعدة 1427).
سئل الشيخ مقبل /: هل يجب تحذير الشباب الذين لا ينتمون إلى هذه الجماعات من هؤلاء الشباب الذين ينتمون إليها ؟
فأجاب: “يجب التحذير من دعوة الإخوان المفلسين, ومن جماعة التبليغ. لكن الشباب الذين يظنون أن جماعة التبليغ على هدى فتدعوهم فتعلموهم حتى إن استطعت أن تتغافل عن هذا الأمر تغافلت حتى يعلموا ويتعلموا وهم سيتركون من أنفسهم. وهكذا الشباب الذين لا يعرفون ما الإخوان المفلسون عليه كذلك أيضا, إن استطعت أن تعلمهم كتاب الله وسنة رسول الله < فهذا أمر حسن على أنهم إذا علموا يعني الإخوان أنك لست مخلصا معهم سيسحبون شبابهم من عندك, وهذا حاصل”. الغارة (ص 2/90).
قال الشيخ الفوزان -حفظه الله تعالى-: “يجب بيان خطر التحزب وخطر الانقسام التفرق ليكون الناس على بصيرة لأنه حتى العوام يخدعون كم من العوام الآن إن خدعوا ببعض الجماعات يظنون أنه على الحق. فلا بعد أن نبين للناس المتعلمين والعوام خطر الأحزاب والفرق لأنهم إذا سكتوا قال الناس العلماء كانوا عارفين عن هذا وساكتين عليه فيدخل الضلال من هذا الباب فلا بد من البيان عندما تحدث مثل هذه الأمور والخطر على العوام أكثر من الخطر على المتعلمين لأن العوام مع سكوت العلماء يظنون أن هذا هو صحيح وهذا هو الحق”. الأجوبة المفيدة (123).
تنبيه:
مقام الدعوة ليس كمقام التحذير, أما مقام الدعوة كما قال تعالى ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل : 125] وقوله اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه : 43 ، 44] وقوله وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا [الإسراء : 53] فالمطلوب من الداعي إلى الله أن يدعو بالرفق واللين مع عدم المداهنة. أما مقام التحذير كما قال تعالى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِير [التوبة : 73], وما جاء من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري " قال: أقبل رجل بنا ضحين وقد جنح الليل فوافق معاذا يصلي فترك ناضحه وأقبل إلى معاذ فقرأ بسورة البقرة أو النساء فانطلق الرجل وبلغه أن معاذا نال منه فأتى النبي فشكا إليه معاذا فقال النبي $يا معاذ أفتان أنت#. أخرجه البخاري (673) ومسلم (1068). فيكون التحذير على حسب ما تحصل به المصلحة للمزجور والسامع والاستطاعة وإذا استدعت الحاجة إلى ذكر أشخاص فعل بل قد يكون واجبا.
تحذير أهل التحزب مُقدَّم على تحذير ضلالهم
تأمل قوله تعالى قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِالله وَحْدَهُ [الممتحنة : 4]. فقدمت البراءة من أهل الضلال على ضلالهم.
عدم الاغترار بتوبة الحزبي
قال الله تعالى إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 160].
وقال قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف : 103 ، 104].
وقال أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [فاطر : 8].
وقال أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد : 14].
وقال أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد : 14].
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي قال $يخرج ناس من قبل المشرق ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه#. قيل ما سيماهم؟ قال $سيماهم التحليق أو قال التسبيد#. أخرجه البخاري (7123) ومسلم (2518) من حديث أبي ذر ".
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله $إن الله حجب التوبة عن صاحب كل بدعة#. أخرجه الطبراني في الأوسط (4 / 281/4202) بسند صحيح و أخرجه البيهقي في الشعب (5/449/7238) من طريق أخرى عن حميد الطويل وأورده أيضا الهيثمي في مجمع البحرين (8/62/4713).
عن أبي عامر عبد الله بن لحي قال: حججنا مع معاوية بن أبي سفيان فلما قدمنا مكة قام حين صلى صلاة الظهر فقال أن رسول الله قال $أن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة وأن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة يعني الأهواء كلها في النار ألا واحدة وهي الجماعة وأنه سيخرج في أمتي أقوام تجاري بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل ألا دخله والله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به نبيكم لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوم به#. أخرجه أحمد (28 / 102) بسند حسن, و أخرجه أبو داود (4597) و أورده الألباني / في الصحيحة (204).
قال الأوزاعي / لبعض أهل البدع إذا انتقلوا من رأي إلى رأي: “إنكم لا ترجعون عن بدعة إلا تعلقتم بأخرى هي أضر عليكم منها”. نقض الدارمي (1 / 433).
وقال سفيان الثوري /: “البدعة أحبّ إلى إبليس من المعصية, لأن المعصية يتاب منها و البدعة لا يتاب منها”. أخرجه ابن الجعد في مسنده (1885) بسند حسن و أخرجه أيضا أبو نعيم في الحلية (7\26).
وقال الشاطبي /: وعن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال: “كان يقال؛ يأبى الله لصاحب بدعة بتوبة، وما انتقل صاحب بدعة إلا إلى أشر منها”. ونحوه عن طريق علي بن أبي طالب " قال : “ما كان رجل على رأي من البدعة فتركه إلا إلى ما هو شر منه”. خرج هذه الآثار ابن وضاح, وخرج ابن وهب، عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول: “اثنان لا نعاتبهما: صاحب طمع وصاحب هوى فإنهما لا ينزعان”. وعن ابن شوذب قال: سمعت عبد الله بن القاسم وهو يقول: “ما كان عبد على هوى تركه إلا ما هو شر منه”. قال: فذكرت ذلك لبعض أصحابنا فقال: تصديقه في حديث عن النبي $يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثم لا يرجعون إليه حتى يرجع السهم على فوقه#. وعن أيوب قال: كان رجل يرى رأياً فرجع فأتيت محمداً فرحاً بذلك أخبره، فقلت: أشعرت أن فلاناً ترك رأيه الذي كان يرى؟ فقال: انظر إلام يتحول؟ إن آخر الحديث أشد عليهم من الأول، وأوله $يمرقون من الدين# وآخره $ثم لا يعودون# وهو حديث أبي ذر " أن النبي قال $سيكون من أمتي قوم يقرؤون القرآن ولا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة#, -إلى قوله-: وسبب بعده عن التوبة أن الدخول تحت تكاليف الشريعة صعب على النفس لأنه أمر مخالف للهوى، وصاد عن سبيل الشهوات، فيثقل عليها جداً لأن الحق ، والنفس إنما تنشط بما يوافق هواها لا بما يخالفه، وكل بدعة فللهوى فيها مدخل، لأنها راجعة إلى نظر مخترعها لا إلى نظر الشارع، فعلى حكم التبع لا بحكم الأصل مع ضميمة أخرى، وهي أن المبتدع لا بد له من تعلق بشبهة دليل ينسبها إلى الشارع، ويدعي أن ما ذكره هو مقصود الشارع، فصار هواه مقصوداً بدليل شرعي في زعمه، فكيف يمكنه الخروج عن ذلك وداعي الهوى مستمسك بحسن ما يتمسك به؟ وهو الدليل الشرعي في الجملة”. الاعتصام(95-96/ دار العقيدة).
الحزبية ليست من الطائفة المنصورة
عن أبي هريرة قال؛ قال رسول الله $افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة#. رواه أبو داود (4598) بسند حسن.
سئل الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى- : هل هذه الجماعات تدخل في الاثنتين وسبعين فرقة الهالكة؟
فأجاب: “نعم, كل من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسب إلى الإسلام في الدعوة أو في العقيدة أو في شيء من أصول الإيمان فإنه يدخل في الاثنين وسبعين فرقة ويشمله الوعيد ويكون لهم من الذم والعقوبة بقدر مخالفته”. الرسالة الكبرى(ص 85).
الضوابط الشرعية التي يحافظ بها المسلم على التزامه بمنهج السلف
سئل الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى-: ما هي الضوابط الشرعية التي يحافظ بها المسلم على التزامه, وتمسكه بمنهج السلف الصالح وعدم الانحراف عنه والتأثر بالمناهج الدخيلة المنحرفة؟
فأجاب: “الضوابط الشرعية تفهم من مجموع ما سبق الكلام فيه, وذلك: أولا؛ بأن يرجه الإنسان إلى أهل العلم والبصيرة, يتعلم منهم, ويستشيرهم فيما يجول في فكره من أمور ليصدر عن رأيهم في ذلك. ثانيا؛ التروي في الأمور وعدم العجلة وعدم التسرع في الحكم على الناس بل عليه أن يتثبت قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات : 6]. وقال الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ الله مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ الله عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء : 94]. تبينوا: أي تثبتوا مما بلغكم. ثم إذا ثبت فعليكم معالجته بالطرق الكفيلة بالإصلاح, لا بالطرق المعنفة أو بالطرق الموشوشة, والنبي قال $بشروا ولا تنفروا#(14)). وقال $إنما بعثتم ميسرين, ولم تبعثوا معسرين#(15). وقال لبعض فضلاء الصحابة $إن منكم لمنفرين, فمن أم الناس فليخفف, فإن وراءه الضعيف وذا الحاجة#(16). ثالثا؛ من الضوابط أن يتزود الإنسان من العلم بمجالسة أهل العلم, والاستماع لآرائهم, وكذالك بقراءة كتب السلف الصالح, وسير المصلحين من سلف هذه الأمة وعلمائها, وكيف كانوا يعالجون الأمور, وكيف كانوا يعظون الناس, وكيف كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, وكيف يحكمون على الأشياء, وهذا مدون في سيرهم وفي تراجمهم, وفي أخبارهم وفي قصص الماضين من أهل الخير, وأهل الصلاح وأهل الصدق لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [يوسف : 111]. فالإنسان المسلم فرد من هذه الأمة, والأمة هي مجموع المسلمين من أول ظهور الإسلام إلى قيام الساعة, وهذا هو مجموع الأمة والمسلم يراجع السلف الصالح وأخبارهم وكيف كانوا يعالجون الأمور وهديهم في ذلك حتى يسير على نهجهم,ولا ينظر إلى أقوال المتسرعين وأخبار الجهلة الذين يحسمون الناس على بصيرة. كثير من الكتيبات اليوم أو المحاضرات أو المقالات تصدر عن جهلاء بأمور الشرع يحمسون الناس, الناس بما لم يأمرهم الله به, ولا رسول الله ولو كان هذا صادرا عن حسن قصد وحسن النية, فالعبرة بالصواب, والحق: هو ما وافق الكتاب والسنة بفهم السلف, أما الناس ما عدا رسول الله < فإنهم يخطئون ويصيبون, فيقبل الصواب ويترك الخطأ”.(الأجوبة المفيدة/260-263).
أيهما أضر على الدين المذاهب أو الحزبية
قال الشيخ مقبل ٌ/: “فإن قلت أيها أضر على الدين المذاهب أم الحزبية؟ فالجواب : الحزبية لأنها مستوردة من قبل أعداء الإسلام لهدم الدين كما أوضحنا نلك في كتبنا إجابة السائل عن أهم المسائل, الفواكه الجانية, المصارعة, قمع المعاند, وكل هذه مطبوعة منشورة وكذا في غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة قد رص وكذا في فضائح ونصائح”. نشر الصحيفة (ص 16-17).
الدرر من كلام شيخنا يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى حول الحزبية
جمعت هذه الأقوال منذ أن أطلب العلم في دار الأم دار الحديث بدماج, وإنما أختار أجودها وإلا فهي كثيرة جدا لأن شيخنا -حفظه الله تعالى- يعتبر خبيرا في هذا الجانب وقد لوحظ أنه قد عرف الحزبية قبل غيره في كثير من القضايا, فنسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياه على الحق. ويكون هذا دأبي في جل رسائلي نشرا لعلمه ومعروفا إليه, قال الله تعالى هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [الرحمن : 60]. وهذه الأقوال أيضا تدل على إخلاصه لنصح المسلمين وتدل على دقة بصيرته في الفتن, تلاحظون ذلك عند تأملكم في تلك الأقوال.
قال محمد بن هادي بن علي المدخلي في مقدمته لترجمة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي / من كتاب المورد العذب الزلال فيمن انتقد على بعض المناهج الدعوية من العقائد والأعمال: فإن للعلماء علينا من الحقوق ما بتركه يتم العقوق, ومن رعايتها: ضبط أحوالهم الشريفة, وتدوين مناقبهم المنيفة, وتخليد محاسنهم في بطون الأوراق, والمحافظة على نتائج أفكارهم (قال محمد بن هادي: “المراد بهذا نتائجهم العلمي الذي أتعبوا فيه أنفسهم, وكدوا فيه أذهانهم, وأكلوا فيه أفكارهم وأتعبوها حتى أنتجوه, ولنا أخرجوه , فجزاهم الله عنا خير الجزاء”) التي هي من أنفس الأعلاق, ومن ذلك: تعظيمهم باللسان والجنان والأركان وعدم التعارض لما يؤذيهم بالدخول في أعراضهم الجميلة, والاستهانة بمناقبهم الجزيلة الجليلة, والتقعد لهم بمراصد الاستخفاف, والتنصب لهم بمنصة الخلاف. (ص 5). ومن تلك الأقوال:
o سئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: ما حكم الدراسة عند غير أهل السنة؟ فأجاب: “الدراسة عند أهل البدع مغامرة لحديث $مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحا خبيثة #(17) و حديث $الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ#(18), وأنها من أشد انحراف الأمة, وتقسيم أهل البدع؛ يدعو إلى بدعته وأهل البدع الذي لا يدعو إلى بدعته هذا باطل. فإن الدعوة بالقول والفعل, ثم يستدل بذالك على أن لا بأس الدراسة عند أهل البدع الذي لا يدعو إلى بدعته؟ فالحاصل أن الدراسة عند أهل البدع محرمة”.
o وسئل -حفظه الله تعالى-: ما حكم بيع أشرطة الحزبيين استدلالا بأن الدعوة تحتاج إلى المال؟
فأجاب: “الدعوة تحتاج إلى العلم وإلى السنة و تدعو الناس بدون التطلع, فإن بيع أشرطتهم يعتبر إعانة على دعوتهم وقال النبي $من يدعو إلى الضلالة فله وزر ووزر من تبعه#(19), استحسانك هذا خطأ فتب إلى الله تعالى.
o سئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: لماذا أهل السنة يردون على الحزبيين ولا يذكرون محاسينهم؟
فأجاب: “منهج الموازنة تلبيس, قد تكون محاسينهم غش منهم والغش محرم فيبين شرهم لأن العامة يحتاجون إلى بيان الحق فتبين شرهم على حد ما يعرف”.
o سئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: بعض الحزبيين استدلو بحديث النخل: $أنتم أعلم بأمور دنياكم#(20) على جواز الانتخابات والدخول في ولي الأمر؟
فأجاب: “هذا استدلال لا يصدر من الفقه, الغش أليس من الدين و قد حصل في الانتخابات, وتقليد الكفار أ ليس من أمور الدين وقد حصل في الانتخابات, وتصوير ذوات الأرواح أ ليس من أمور الدين وقد حصل في الانتخابات, والكذب أ ليس من أمور الدين وقد حصل في الانتخابات, هذا لا يحتاج إلى الإجابة في سؤاله فإن استدلالهم بعيد كمثل من سئل: أين الله؟ فأجاب: في السماء, قال: الدليل؟ قال: حديث $لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ #(21).
o قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “الحزبيون ما نفعوا أنفسهم ما هم إلا صيادون الأموال”.
o وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “الإخوان المسلمون تربية الخوارج والقطبيون تربية الخوارج ولو كان بينهم تفريق في بعض فروعهم ولكن اجتمعوا في خروجهم على الحكومة”.
o وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “الحزبية يريدون أن يقوموا في مكان جاهز”.
o وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “ننصح بأن يستعفف عما في أصحاب التحزب, قال النبي $ومن يستعفف يعفه الله#”(22).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “ولو كان عالما لكن إذا نزل عند الحزبيين سيشوه صورته”.
o وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “التعصب مبدأ التحزب, التحزب يجعل التحقير على الخير”.
o وقال -حفظه الله تعالى-: “أنت إذا خرب منهجك خربت, اعلم هذا يا طالب العلم سواء كنت قارئا أو داعيا أو خاطبا وإذا صلح منهجك صلحت”.
o وقال -حفظه الله تعالى-: “خذوا قاعدة من أشد أسباب الانحراف و الانقلاب التعصب للأشخاص”.
o وسئل -حفظه الله تعالى-: لا يوجد في قريتنا إلا مسجد واحد ويقيم فيه الحزبيون, هل أصلي الجمعة وأسمع الخطبة؟
فأجاب: “إن لم يوجد في قريتك إلا ذلك المسجد فصل وراءهم لأن الصلاة وراءهم صحيحة وأما الخطبة إذا كانت موافقة للحق فاسمع ولكن إذا كانت مخالفة للحق فاعرض عنها واقبل على ذكر الله”. (ليلة الاثنين 12 رجب 1427).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : قال الحزبيون: فلان سلفي وعنده قصور في الأخلاق, هل هذا الكلام صواب؟
فأجاب: “حسن الخلق أحق انتسابه إلى السلفيين وسوء الخلق أحق انتسابه إلى أهل الباطل, أحسن الخلق بعد توحيد الله هو اتباع النبي وهؤلاء ساءت خلقهم من حيث إعراضهم وجحدهم وعنادهم وأخذ أموال الناس بالباطل, وأما أهل السنة سوء الخلق ينسب إلى شخص لا إلى منهج السلف. الرفق دعوة والرفق دين والرفق خير كثير عليك وعلى الناس ما أعطي بحظ من الرفق خير من الدنيا وما فيها(23). والله لو أعطيته أحسن خلقك ما قبل منك حتى تكون معه. وما عندنا من القصور فنستغفر الله تعالى و نسأل الله تعالى حسن الأعمال والخلق”. (ليلة الجمعة, 28 رمضان 1327).
o سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : من هو الحزبي؟
فأجاب: ”الحزبي هو ولاء وبراء ضيق محصور على من كان معه بغير تمسك بالكتاب والسنة. والحزبيون هم المخالفون لأهل السنة, فكل من خالف أهل السنة بقدر مخالفته عنده شيء من البدع والتحزب”. ( ليلة الأحد, 30 رمضان 1427).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : هل هناك موانع للشخص أن يقال له حزبي؟
فأجاب: “الحزبية بدعة فيبدع بعد إقامة الحجة عليه”. (ليلة الأحد, 30 رمضان 1427).
o سئل-حفظه الله تعالى-: هل أقاتل الكفار تحت راية الحزبيين؟
فأجاب: ”إذا أفتى عالم من العلماء المعتبرين فتقاتل معهم سواء كانوا عصاة أو حزبيين أو فاجرين ما داموا من المسلمين فتقاتل معهم”. (ليلة الاثنين 13 ذو القعدة 1427).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: هل تجوز القراءة في جريدة الحزبيين؟
فأجاب: “ربما نحتاج إلى القراءة فيها للرد عليهم ويجوز فيما لا يشغلك”(24). (ليلة الأربعاء 21 ذو الحجة 1427).
o وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “خذ هذه القاعدة؛ الإخوان المسلمون مفتاح كل فتنة”. (يوم السبت 18 ذو القعدة 1427).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الإخوان المسلمون من مفاتح الشرور”. (ليلة الثلاثاء 21 ذو القعدة 1427).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الذي يربي على التمييع للصغار يعدهم صيدا للحزبيين”. (ليلة الأربعاء 22 ذو القعدة 1427).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “احذروا التعصب والله مساخة”. (ليلة الجمعة 24 ذو القعدة 1427).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “والله الحزبيون يرجعون إلى العلماء إذا وافقوا أمر دنياهم وإذا خالفوه ضربوهم”. (ليلة الأربعاء 29 ذو القعدة 1427).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “سائر الحزبيين ضاعوا وفشلوا”. (يوم الثلاثاء 4 محرم 1428).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “شهادة امرأة عندنا تعدل شهادة كذا كذا من الإخوان المسلمين”. (ليلة الثلاثاء 30 صفر 1428).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الحزبية سرطان الدعاة”. (ليلة السبت 25 ربيع الآخر 1428).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الدعوة أو المحاضرة في مساجد أهل البدع فيه تفصيل:
• إذا كان البلد لا يوجد فيه مسجد أهل السنة وسيطر على البلد الصوفية والحزبية, فمن أين مسجد أهل السنة ؟! فالقِ المحاضرة أينما كنت, وقد دعا النبي في أسواق المشركين وقال $يا أيها الناس قولوا لا إله الا الله تفلحوا#(25).
• إذا كانت هناك مساجد أهل السنة فلا حاجة إلى أن ينزل إلى مساجد أهل البدع فإن ذلك تكثير سوادهم ومناصرتهم ودعوة إليهم”. (ليلة الجمعة 30 محرم 1429, أسئلة أهل تعز).
o سئل -حفظه الله تعالى-: هل نقول لمن درس في الجامعة الإسلامية حزبي؟
فأجاب: “لا, ليسوا على إطلاقه ولكن نقول إن أبا الحسن وأصحاب جمعية البر وكذلك الزنداني يزكون فيها, وإذا أراد أن يدرس فيها لا بد أن يأتي بتزكية منهم واختبروه, وإذا كان زكاه من هؤلاء الحزبيين قبلوه وإلا فلا, ومن دخل فيها من رجال السنة هم على حالين:
• الذين هم لازموا علماء السنة لا يزالون على سنيته.
• الذين هم لازموا هؤلاء وصاروا مميعين, لا نقول في الجرح والتعديل كلنا سواء وإنما نجرح الكفار.
فلا نقول إن الجامعة الإسلامية الذي يدرس فيها حزبي هذا ليس بإنصاف, ومن قال من يدرس فيها سلفي ما أنصف أيضا فليس على حد واحد. وشهد الأخ محمد السوداني أن من كان زكاه مدير أنصار السنة فإنه مقبول مباشرة. وقال الشيخ محمد بن الهادي -حفظه الله تعالى-: “في الجامعة الإسلامية من كل شكل”. قوله هذا فيه نظر وهو أعلم بها وأستبعد فيها روافض”. (ليلة الجمعة 22 صفر 1429).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: هل الحزبية تلزم وجود البطائق والبيعة؟
فأجاب: “الحزبية قد كانت موجودة في الأمم الماضية وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم : 31 ، 32] وفي آية أخرى فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [المؤمنون : 53] وما كان معهم بطائق ولا بيعة وإنما هي فكرة, كان الشيخ / يقول: (يظن الناس أن الحزبية لها قرنان وإنما هي فكرة)”. (ليلة الجمعة 22 صفر 1429, أسئلة أهل عدن).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: مسجد السنة في قريتنا في تصليح ولا نستطيع أن نصلي فيه, وهناك مساجد الحزبيين والزيدية ففي أيهما نصلي؟
فأجاب: “ما زال في تصليح, لهم أن يصلوا في أي مسجد ما دام من المسلمين, الصلاة خلفهم صحيحة ولا يحضر لهم دروسا ولا يجتمع معهم في اجتماعاتهم وإنما يصلي وينصرف”. (ليلة الأحد 2 ربيع الثاني 1429).
o سئل -حفظه الله تعالى- :ما أحسن كتاب في فهم الحزبية ؟
فأجاب: “أحسن كتاب في ذلك الكتاب والسنة ويتفقه فيهما على فهم السلف الصالح”. (ليلة السبت 12 جمادي الأول 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الحزبية والدنيا سرطان الدعوة قرن أحدهما الآخر وإذا ذهب واحد ذهب الآخر”. (ليلة الاثنين 5 محرم 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “دماج موت الحزبيين. وكان الشيخ / يقول: إذا كان هناك واحد يريد أن يذهب إلى دماج صدوه ويقول: لا تذهب إلى دماج, إن كان لا بد فاذهب إلى معبر”. (ليلة الخميس 14 صفر 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “من يريد أن يعرف الحزبية فلينظر إلى هؤلاء الناس-أي عبد الرحمن العدني وحزبه- وإذا عرفهم فقد عرف الحزبية”. (يوم الأحد 14 ربيع الثاني 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى- في حزبية عبد الرحمن العدني: “فما بقيت حزبية في الدنيا إن لم تكن هذه حزبية”. (ليلة الاثنين 27 ربيع الثاني 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الحزبية مرة والجمعية مرة نسأل الله أن يغنينا عنها”. (ليلة الخميس 24 جمادي الثاني 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “قاتل الله أهل الأهواء لا يدرون من أي باب يدخلون إلى الإسلام”. (ليلة الأربعاء 15 جمادي الثاني 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “ألا فلا يضعف أحدكم أمام أهل الباطل فإنهم أذلهم الله بمعاصيهم”. (ليلة الجمعة 14 شعبان 1429).
o وسئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: الدعوة السلفية فرقة من الفرق فقط أو حزب من الأحزاب؟
فأجاب: “السلفي من حزب الله إن ِشاء الله تعالى أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ, فدعوهم يقولون ما شاؤوا هذا هو الحق وغيره باطل”. (ليلة الاثنين 12 شوال 1429, أسئلة إخواننا الأمريكيين).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: هل الذي يحذر الناس عن دماج يحكم بحزبيته؟
فأجاب: “المحذر عن دماج أصناف؛ منهم حزبي ومنهم زنديق ومنهم منافق ومنهم صاحب دنيا ومنهم غبي ومنهم مقلد, ولا يخرج من هذه الأصناف وأكثرهم من المنافقين الذين لا يحبون الخير والعلم”. (ليلة الخميس 6 ذوالحجة 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى- : “والله ما نصر الله الإسلام بالمعاصي, الحزبية ما زادته إلا النكبات”. (ليلة السبت 5 صفر 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الإخوان المسلمون ما عندهم مبدأ, لو أن القذافي أعطاهم مالا لقالوا له شيخ الإسلام وهو رجل باطني ولو أن بوش أثنى عليهم لقالوا له رجل صالح, ومن لم يوافقهم في آرائهم لآذوه عدوا وبغيا”. (ليلة الأحد, 6 صفر 1430).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : هل كل حزبي مبتدع؟
فأجاب: “هذا فيه نظر, إلا إذا تحزب على بصيرة ويقتنع به بعد إقامة الحجة عليه فهو مبتدع لأن الحزبية ليس من ديننا, أما مجرد المقلد مع معرفة خطأ الحزبية فهو عاص بتعصبه وتقليده أما تحزيبه ففيه نظر”. (ليلة الاثنين 7 صفر 1430, أسئلة أهل تعز).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الباطل إن كان صادرا من أهل الباطل يزجر وينهر ويحذر منه وإن كان صادرا ليس من أهل الباطل عبارة عن زلة القدم ينصح مع الاحترام والتقدير”. (ليلة الخميس 27 ربيع الثاني 1430).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: لا نعدل ولا نجرح وإنما شأن الطالب يقبل على العلم؟
فأجاب: “هذا ليس على إطلاقه, لا شك أن فهم الطالب ليس كفهم العالم ولكنه ينقل كلاما موثقا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة : 2]. وبين ابن القيم أن هذا شأن المخاذيل وهو صيد الحزبيين أول مرة”. (ليلة الأحد, 29 جمادي الأول 1430).
o سئل -حفظه الله تعالى-: إذا جرح أحد العلماء بالحزبية وعارضه الآخرون من العلماء لا يقبل جرحه لوجود المعارض استدلالا بجرح شعبة على منهال بن عمرو؟(26)
فأجاب: “هذا الاستدلال في غير موضعه, هذا الأثر استدل به على الجرح غير مفسر, وشعبة ذروة في الجرح لو فسره شعبة أن منهالا كذا وكذا لقبلوه وذلك الذي غير مفسر لا يقبل لأنه فيه احتمالات, وقد يكون عمرو حينئذ ينام أو لم يكن في البيت أو ما إلى ذلك من الاحتمالات”. (ليلة الخميس 3 رجب 1430, أسئلة بعض الزوار).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : قول قائل: لا يبدع شخص إلا إذا يدعو إلى بدعته, ما صحة هذا القول؟
فأجاب: “هذا قول باطل, لا يقول به أحد من العلماء سواء كان من المتقدمين أو من المتأخرين إنما قسموهم إلى الداعي وغير الداعي, أما هذا القول فلا يؤيده دليل بل يرده, $من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد#(27) فليس فيه داع أو غير داع”. (ليلة الجمعة 14 شعبان 1430, أسئلة أهل نجران).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: ما صحة قول: الانتساب إلى السلفي بدعة ؟
فأجاب: “هذا القول انحراف, بل فد انتسب النبي إلى السلف $فإني نعم السلف أنا لك#(28). فليس السلفي مجرد الحزب بل هو فهم الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح, أما مجرد الادعاء فلا ينطبق انتسابه إلى أفعاله ولا ينفعه ذلك”. (ليلة الجمعة 14 شعبان 1430, أسئلة أهل نجران).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: سمعت رجلا يقول: إن لم تكن الفرقة الناجية حماسا فلا أدري من هم ؟
فأجاب: “هذا أخبل هذا أخبل, حماس إخواني وحماس عنده نعرة الروافض”. (ليلة السبت 15 شعبان 1430).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: والدي تبليغي فكيف أتعامل معه؟
فأجاب: “قال الله تعالى وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء : 23] تعامله بالإحسان والنصح باللين والرفق لاسيما الأب فإنه في الغالب لا يقبل النصح من ولده لأنه يعتبر نفسه أكبر منه وقد رباه, وربما إذا نصحه الآخر يتأثر به لا سيما إن كان غريبا أو تعطيعه الكتيبات والأشرطة, إن قبله فذاك المطلوب إن لم يكن كذلك فأنت مأجور وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا [الأنعام : 164]”. (ليلة السبت 15 شعبان 1430).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : قريتي كلهم حزبيون ماذا أعمل معهم؟
فأجاب: “اطلب العلم وإذا قد استفدت من العلم لعل الله تعالى يفتح عليك. الأصل في الحزبيين الجهل إلا أنهم ملبسون بالشبهات, ويحتاج إلى من يبصرهم”. (ليلة الجمعة 14 رمضان 1340).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : هل البراءة من المبطل من فعله فقط أو من فعله وأهله لأنه لا يزال من المسلمين؟
فأجاب: “يتبرأ منه بقدر ما عنده من الباطل, أما عبارة عن الزلة فلا والأمر في ذلك يسير, ليست البراءة من المسلمين كالبراءة من الكافرين”. (ليلة الأربعاء 19 رمضان 1430).
o و سئل -حفظه الله تعالى- : نصحت أخي في الله أن يترك الحزبية, فقال: سأقابل الله بحزبيتي, فماذا أعمل معه؟
فأجاب: “ما عليك بعد النصح, فكل يأتي يوم القيامة بأعماله”. (ليلة السبت 19 شوال 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “جماعة التبليغ فرقة من فرق الصوفية الضالة. ضلال كذبة مبتدعة فسقة أصحاب الشركيات, أصحاب الولاء والبراء الضيق لا يجوز لمسلم أن يخرج معهم البتة, لأن يلعب الشطرنج والقيران أهون عليه من أن يخرج معهم. ضد التوحيد, ضد الجرح والتعديل, ضد التميز, ضد السنة, ضد العلم. دعوة التبليغ هدم للإسلام لا نصرة للإسلام لذا لا يمنع دعوتهم دوليا دون إعراض”. (ليلة الجمعة 11 ذو القعدة 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى- : “المتحزبون من الجامعة الإسلامية الآن مميع إن لم يكن حزبيا قح, لا يفرق بين الحزبي و السني, دعوة إلى الحزبية من التحت. لا نقول هذا إلا تدينا. والرسائل التي تخرج من هناك من حيث الجملة قوية لأسباب ومنها توفر المراجع”. (ليلة الإثنين 14 ذو القعدة 1430).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: ما هي أسباب التحزب والغلو والتميع؟
فأجاب: “أسباب ذلك كله؛ الشيطان والهوى ومطامع دنيوية وجلساء السوء”. (ليلة الأحد 20 ذو القعدة 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “مجالسة أهل البدع والكفار ذريعة إلى سلب الدين وكل بحسبه”. (يوم الاثنين 17 ذو القعدة 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الحزبي خائن, تربيه كأنك تربي الثعبان”. (ليلة الأربعاء 14 ربيع الأول 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “نحن الآن في أزمنة التميع وقل من يسلم منه”. (ليلة الاثنين 24 شعبان 1430).
الخاتمة
وأخيرا نصيحتي لإخواني في الله في فرنسا بأن أذكر كلاما للشيخ مقبل /, يقول /: “فننصح من استطاع من إخواننا الفرنسيين أن يهب نفسه لله ويتعلم حتى يصبح مبرزا في العلم حتى يستطيع إفادة إخوانه هناك وعليهم أن يحذروا من الصوفية فربما تصلي خلف الصوفي وهو يدبر لك المكايد فإنهم يبغضون السلفيين وكذاك الشيعي فسيأتونهم رافضة من إيران ويقولون: إسلام إسلام وهم مستعبدون لأمريكا وعندهم عقيدة خبيثة فمنهم من يعتقد أن قرآننا ناقص, وأكثرهم يسبون الصحابة وعندهم الكثير من العقائد الخبيثة”. تحفة المجيب (ص 276).
ثم جزى الله خيرا أخانا بوزيان الجزائري عن إخوانه ولإقامته بالدعوة إلى الله تعالى في تلك البلدة وقد أخبرني الأخ عبد الرفيق و الأخ منير -حفظهما الله تعالى- بموقفك في هذه الفتنة أنه قد تبين لك الحق مع بعد مسافة بين دماج وبين فرنسا, قال الله تعالى وَالله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة : 213] وكثر ممن يرى هذه الفتنة رأي العين أعرض عن الحق, والله المستعان.
جاء من حديث أبي كريمة المقدام بن معد يكرب عن النبيّ قال $إذا أحبّ الرّجل أخاه فليخبره أنّه يحبّه#. أخرجه أبو داود (5124) وهو حديث حسن, وقد صححه الألباني في الصحيحة (417) وحسنه الشيخ / في الصحيح المسند (2/199/1143).
عن أنس بن مالك أن رجلا كان عند النبى فمر به رجل فقال يا رسول الله إني لأحب هذا. فقال له النبى < $أعلمته؟#. قال لا قال $أعلمه#. قال فلحقه فقال إني أحبك في الله. فقال أحبك الذي أحببتني له. أخرجه أبو داود (5125) وهو حديث حسن, وقد حسنه الألباني في هداية الرواة (4/441), فالحديث بمجموع الطريقين صحيح. عملا بهذين الحديثين أخبركم أني أحبكم في الله .
وننصحكم بالهجرة من تلك البلاد الكافرة إلى البلاد الإسلامية التي تستطيعون أن تقيموا فيها دينكم. ونرشدكم إلى دار الحديث بدماج أولا قبل غيرها من الأماكن , فإن هذا المكان مهيأ للهجرة ولطلب العلم, وإن شق عليكم الهجرة فانووا في خروجكم من بلادكم لطلب العلم حتى يفتح الله عليكم. فالطالب السني أينما كان ينفع وينتفع به الناس ومن عرف بالعلم يعرف به.
تمت كتابة هذه الرسالة في ليلة السبت 13 صفر 1431 بأرض دماج
فنسأل الله تعالى أن يجنبنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن
وأن يدفع عنا كل سوء ومكروه, وأن يثبتنا
على هذا المنهج القويم إلى أن نلقاه
إنه جواد كريم, والحمد لله
رب العالمين وصلى الله
وسلم على نبينا
محمد
الفهارس
مقدمة الشيخ يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله تعالى- 4
تعريف الحزبية 6
تعريف الحزبية لغة: 6
تعريف الحزبية اصطلاحا: 6
الحزبية سنة الجاهلية 7
تنبيه: 8
الحزبية بدعة 10
أركان الحزبية 12
1 - الكذب 12
2 - الخداع 12
3 - التلبيس 12
4 - قلب الحقائق 12
مبادئ الحزبية 16
أقسام الحزبية 17
1 - حزب الله تعالى 17
2 - حزب الشيطان 17
علامات الحزبية 19
1- العصبية (الولاء والبراء الضيق) 19
2 - العلامة الثانية من علامات الحزبية هي عداء أهل السنة ومناوأتهم 22
3- التفلت عن السنة 24
4- التفلت عن العلم 26
5- الانهماك في الدنيا 26
6- الانهماك في السياسة المخالفة 27
7- بيعة لأمير أو مؤسس لهذا الحزب ويعطى هذا الأمير من هذه المسميات 27
فائدة: 28
8- تنظيم سرّي 30
11- التجلد في الباطل 33
12- إذا عجز عن الحجة فزع إلى الحكومة 34
13- العنف 36
14- التلون 36
15- الخروج على الحكام والعلماء واستحلال دماء المسلمين 39
16- تكفير بعضهم بعضا وتبري بعضهم بعضا 40
17- تمييع القضايا 42
18- عدم الأمانة وعدم الورع 43
19- اتباع الهوى 43
فائدة: 44
20- اتباع الظن 44
21- الاختلاف والتفرق بينهم 45
22- التشبه بالكفار. 45
وسائل الحزبيين في تقرير باطلهم 47
1- استدلالهم بالمتشابه 47
2- بتر نصوص العلماء والاجتزاء ببعضها ولا غروى فإنهم فعلوا ذلك مع نصوص الشرع 48
3 - التقليد للغير دون تأمل أو تدبر وتقديس الأشخاص واتباع من هم لديهم 48
4- ترك العمل بالنصوص بدعوى جريان العمل على خلافها أو كثرة المخالفين عنها 51
5- التلبيس بالعبارات المجملة 53
6- إساءة الظن بالعلماء واتخاذهم رؤوسا جهالا يرجعون إليهم 56
7- الجدل والخصومة فيما يريدون فيه 57
8- تقعيد القواعد من كلامهم جعلها أصولا يرجعون إليها 57
9- العمل بظواهر النصوص دون الرجوع إلى بيان السلف 58
10- الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والمكذوبة 59
11- القياس البعيد 59
12- كتمان الحق 59
13- الاحتجاج بزلات العلماء 60
14- دعوى الإجماعات 60
15- تقديم اللغة العربية على الكتاب والسنة 60
16- الردود على أهل السنة بأسماء مجهولة. 61
أضرار الحزبية 62
أوجه تلبيسات الحزبية 64
الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية 65
كيفية التعامل مع الحزبيين 66
أضرار مجالسة الحزبيين وأخذ العلم عنهم 72
• انغماس الآخذ عنهم في بدعهم وتعلق قلبه بهم ومحبته لهم 73
• ما في مجالستهم من إغراء للعامة بصحة ما هم عليه بتكثير سواد الحزبيين 74
• أن مجالسة الحزبيين تسلب الحكمة وتوجب الإعراض عن الحق 77
فائدة: 78
مميزات أهل السنة من الحزبية وسائر أهل البدع 80
لا يجوز تعدد الجماعات في الإسلام 83
تحذير طالب العلم من الحزبية 86
تنبيه: 88
تحذير أهل التحزب مُقدَّم على تحذير ضلالهم 89
عدم الاغترار بتوبة الحزبي 90
الحزبية ليست من الطائفة المنصورة 93
الضوابط الشرعية التي يحافظ بها المسلم على التزامه بمنهج السلف 94
أيهما أضر على الدين المذاهب أو الحزبية 96
الدرر من كلام شيخنا يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى حول الحزبية 97
الخاتمة 111
نبذة
في ضوابط خروج الشخص من دائرة أهل السنة
لأبي سيف
مفتي بن خيري الجاوي الإندونيسي
أذن بنشرها الشيخ العلامة
يحيى بن على الحجوري – حفظه الله-
دار الحديث
بـأرض دمــاج
نبذة في ضوابط خروج الشخص من دائرة أهل السنة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
هذه المختصرة عبارة عن جواب سؤال أخينا الداعي إلى الله نور اليقين وفقني الله وإياه . لأن السلفي ينبغي أن يتفقد أحوال إخوانه وتكون خدمته للإسلام والمسلمين. ومع ذلك أعتذر إليه لتأخير الجواب عن سؤاله لكثرة الشغل أو ما إلى ذلك من الأسباب. والله المستعان. وقد قعد أهل العلم قاعدة مهمة وهي أنه: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ونقل الصنعاني على ذلك الإجماع كما في سبل السلام. فنسأل الله أن يغفر لنا ولوالدينا ولسائر المسلمين.
وكان سؤالك الأول: ما الفرق بين منهج جعفر -هداه الله- وبين منهج الشيخ يحيى –حفظه الله تعالى- في التحذير والهجر؟
قلت مستعينا بالله –عز وجل-: دعنا من هذا المدبر, لا تقارن بينه وبين الشيخ –حفظه الله تعالى- والقصد كله أن تعرف الضوابط في ذلك. أذكر لك ما قاله الشاطبي / قال: الذي يسهب في مخالفة الفروع بعد بيان الحجة ودفع الشبهة ومن يخالف في الأصول ولو في مسألة واحدة عمدا وقصدا اهـ.
فتأمل هذا الضابط جيدا.
وقال بعضهم في ضابط المبتدع: من أحدث في الدين ما ليس منه اهـ.
فقد ألف الإمام أحمد / أصول السنة وهو كتاب نفيس جدا في بابه فراجعه وتأمل ضوابطه, وإن كان الإسناد إليه مطعونا فيه لكن يبقى الكتاب على شهرته كما أفتى بذلك شيخنا –حفظه الله تعالى- حين سألته عن هذه المسألة .
واقرأ كلام الشيخ –حفظه الله تعالى- في أسئلة أهل لحج ليلة الأحد الموافق 23 ربيع الثاني 1430 :
يقول السائل: أنا أستدل على سلفية عبد الرحمن العدني بأنه لم يلتحق بأي جماعة حزبية في الساحة فهل هذا الكلام صواب وما نصيحتكم؟
الجواب: كلامه هذا ليس بصحيح. لو نظرنا إلى فرقة الشيعة, كم فرقة؟ فوق العشرين فرقة, وهكذا فرق الصوفية وفرق المرجئة وفرق الجهمية وفرق المعتزلة وفرق الحزبيين. وهكذا, فالقول بأنه ما يكون فلان حزبيا إلا أن يندرج تحت حزب, هذا تأصيل باطل, كم من إنسان ما يريد أن يكون تحت حزب يريد أن يكون له حزب هو ويكون رأس ضلالة من هنا حصلت الفرق. فكان في زمن الحسن البصري عنده طلاب وتلاميذ منهم: واصل الغزال فانبرى واصل بن عطاء وقرر أصولا وانفك عن الحسن وصار بعد ذلك من أئمة الضلال وهكذا عمرو بن عبيد وغيرهم. فهذا التأصيل باطل, ولا يقال إنه لايكون حزبيا إلا أن يكون عنده انتخابات ولا حزبيا إلا أن يكون عنده تنظيم سري أو يكون له جمعية كل هذا ما هو لازم. الحزبية ولاء وبراء ضيق وهذا متوفر في عبد الرحمن العدني وذلك الحزب الجديد. اهـ المراد.
وأفيدك بكلام الشيخ –حفظه الله تعالى- الذي هو أجمع وأقصر مما قبله. سئل الشيخ - حفظه الله تعالى- (وكان السؤال في ليلة الأحد الموافق 30 رمضان 1427) عن: من هو الحزبي؟
فأجاب: الحزبي هو ولاء وبراء ضيق محصور على من كان معه بغير التمسك بالكتاب والسنة. والحزبيون هم المخالفون لأهل السنة, كل من خالف أهل السنة بقدر مخالفته عنده شيء من البدع والتحزب اهـ.
سئل الشيخ مقبل / : كيف يحذر الشباب من الحزبيات غير ظاهرة؟ فأجاب: يعرف بالولاء الضيق فمن كان معهم فهم يكرمونه ويدعون الناس إلى محاضراته وإلى الالتفات حوله ومن لم يكن معهم فهو يعتبر عدوهم. (تحفة المجيب ص 112)
وسئل الشيخ / : هل يجوز إطلاق لفظ مبتدع على شخص بالتعيين لكونه ينتمي إلى إحدى الجماعات الحزبية المعاصرة؟ فأجاب: لا أعلم مانعا من هذا, إلا جماعة الحق فلا وإذا كان جاهلا فهذا بينه وبين الله. (فضائح ونصائح ص 118)
قلت: وذلك لأنهم تعصبوا للباطل فصاروا حزبيين بذلك والتحزب من البدع قال الله تعالى : أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [الشورى : 21], وقال تعالى: مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم : 32]. ومن أصول أهل السنة الاجتماع فقد خالفوه , وإن أردت مزيد البيان فراجع مختصر البيان وغيره من الملازم العلمية الواضحة. وأريد أن أنبه أيضا أنه يظهر من سؤالك هذا أن فيك شبهات وشكوكا فأنصحك بتقوى الله والإخلاص وجاهد نفسك على طلب الحق, نسأل الله تعالى أن يهديني وإياك بالحق.
ضوابط الهجر
الهجر لغة: الترك والمراد بهجران أهل البدعة الابتعاد عنهم و ترك محبتهم و موالاتهم والسلام عليهم وزياراتهم و عيادتهم و نحو ذلك.
قال الإمام أ حمد /: ويجب هجر من كفر أو فسق ببدعة أو دعا إلى بدعة مضلة أو مفسقة على من عجز عن الرد عليه أو خاف الاغترار به و التأذي دون غيره. (الآداب الشرعية).
قال أبو داود السجستاني /: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أرى رجلا من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة, أترك كلامه؟ قال: لا, أو تعلمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة فإن ترك كلامه فكلمه و إلا فألحقْه به, قال ابن مسعود : المرء بخدنه. رواه أبو يعلى في طبقات الحنابلة (1\160) بسند صحيح.
قال الصنعاني / : فقال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب له في دينه أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية وتقدم الكلام في هجر من يأتي ما يلام عليه شرعا وقد وقع من السلف التهاجر بين جماعة من أعيان الصحابة والتابعين وتابعيهم وقد عد الشارح جماعة من أولئك يستنكر صدوره من أمثالهم أقاموا عليه ولهم أعذار إن شاء الله والحمل على السلامة متعين والعباد مظنة المخالفة. (سبل السلام 4 / 167).
قال شيخ الإسلام /: ومن كان محسنا للظن بهم وادعى أنه لم يعرف حالهم عرف حالهم فإن لم يباينهم و يظهر لهم الإنكار و إلا ألحق بهم و جعل منهم. (الفتاوى \ 2\113).
قال شيخ الإسلام /: وهجران أهل البدع كافرهم و فاسقهم و المتظاهرين بالمعاصي و ترك السلام عليهم فرض كفاية و مكروه لسائر الناس و قيل لا يسلم أحد على فاسق معلن ولا مبتدع معلن ولا يهجر مسلم مستور من السلام فوق ثلاثة أيام. (الآداب الشرعية).
قال شيخ الإسلام /: إذا كان الرجل مخالطا في السير لأهل الشر يحذر عنه. (الفتاوى 13\414).
قال الشيخ العثيمين /: وهجران أهل البدع واجب لقوله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَه [المجادلة : 22]. ولأن النبي < هجر كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلفوا عمن غزوة تبوك . لكن إذا كان في مجالستهم مصلحة لتبين الحق لهم وتحذرهم من البدعة فلا بأس بذلك و ربما يكون ذلك مطلوبا لقوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن [النحل : 125]. وهذا قد يكون بالمجالسة والمشافهة وقد بكون بالمراسلة و المكاتبة و من هجر أهل البدع ترك النظر في كتبهم خوفا من الفتنة بها أو ترويجها بين الناس فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب لقوله < في الدجال: (من سمع به فلينأ عنه, فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات) رواه أبو داود, قال الألباني إسناده صحيح . لكن إذا كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به و كان قادرا على الرد عليهم بل ربما كان واجبا لأن رد البدعة واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. (شرح اللمعة \159-160\ مكتبة الإرشاد).
قال الشيخ العثيمين / في ذكر شروط وليمة العرس التي تجب حضور دعوتها: والشرط الثالث: أن يكون ممن يحرم هجره فإن كان ممن لا يحرم هجره فلا بأس أن يتخلف عن إجابته, لأن عدم إجابته من الهجر, ولكن يجب أن نعلم أن الهجر دواء إن أفادت استعمل و إن لم يفد حرم, لأن النبي < قال: $لا يحل للرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا و يعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام# . لكن إذا علمنا أن الهجر ينفع هحرنا, أما إذا علمنا أن الهجر لا يزيد الأمر إلا شدة فإننا لا نهجره. (التعليقات على القواعد و الأصول الجامعة ص 282\ مكتبة السنة).
قال الشيخ صالح الفوزان –حفظه الله تعالى-: الأصل في المسلم الخير و إحسان الظن به ما لم يظهر منه خلاف ذلك هذه هي القاعدة, فالمؤلف يقول: ما دام المسلم لم يظهر منه إل الخير فإننا نقبل منه الخير حتى المنافق والرسول < قبل ظاهر المنافقين و كل سرائرهم إلى الله تعالى, فما دام أنه لم يظهر منه شيء فأنت تحسن الظن به, لكن إذا ظهر منه بغض للسنة و لأهل السنة فحينئذ فاحذره. (اتحاف القاري \ 2\241\ مكتبة الرشد).
سئل شيخنا –حفظه الله تعالى- عن: من كان في بلده حزبي هل يهجر؟
فأجاب: إن كان في بلدك عوام الناس وأنت بمفردك وربما هذا الحزبي يلبس على بعض الناس إذا هجرته فيقول: هذا لا يرد السلام ولا يصافح وما إلى ذلك تشويها عليك فلا تهجره, لكن بين الأخطاء عنده حتى يعرف الناس ولو لم تهجره. وإن كانت السنة قوية وتمكنت في دعوتك مع إخوانك ثم رأيت أحدا يعرض عن الحق فاهجره, فإن الهجر في هذه الحالة نافع, ولا يشرع الهجر إلا لهذا القصد. أما قول بعض أهل العلم يهجره مطلقا ففيه نظر . اهـ (ليلة الجمعة 6 ربيع الأول 1430)
وقال شيخنا –حفظه الله تعالى- في كتابه النافع الثوابت المنهجية (ص23) لما سئل عن : متى يصير العامة مبتدعا؟
فأجاب: عوام الناس أنصار من سبق إليهم فعوام الناس يغترون بكثرة المال وبكثرة الكرم فعوام الناس يصبر عليهم ويناصحون ولا سيما وهم لا يفهمون الحجة ولم يدروا معناها وإن كان قد بينت له الحجة وبان له الأمر وفهمه ثم عاند وأصر فهذا يلحق بمن دافع عنه بالباطل اهـ.
وقال –حفظه الله تعالى- من المصدر السابق (ص28-29): الأصل عدم السلام على أهل البدع . لكن إذا كانت الدعوة مستقلة متميزة, وكانت البدعة غير مضرة بالمسلمين وإنما هي منحصرة في ضررها على صاحبها, فهذا موطن الاجتهاد. أما ما يتعلق بالوالدين فيجب الإحسان إليهما وكذا المرأة مع زوجها لا يجوز الهجر بينهما, فإنه يحدث مشاقة ويعتبر ذلك منها تمردا اهـ.
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : إذا سلم إليك مبتدع فماذا تفعل؟
فأجاب: من يرد عليه السلام فلا ينكر عليه لقوله تعالى وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا [النساء : 86] ومن لم يرد عليه لا ينكر عليه لحديث: $القدرية مجوس هذه الأمة# الحديث. وقد فعل ذلك جملة من السلف ولكن الذي ينبغي ما نبدأ بالسلام لأنه له ضرر على المسلمين. وقال الإمام مالك / : بئس القوم مبتدع لا تبدأ بالسلام اهـ.
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : صهري من كبار دعاة الإخوان المسلمين ويزورنا كثيرا, هل أضيفه وأتحدث معه؟
فأجاب: صهرك مريض, ولا يؤمن من مجالسة هذا الصنف. أما زوجتك فلها حق الصلة ولا يجوز لك أن تقطعه وإن كان كافرا فضلا عن المسلم فيكرم مع الحذر ولا يخوض في الكلام الذي يجره إلى الشبه بل يسكت وإن كان من عالم الحزبية يحذر منه الدين النصيحة. اهـ (ليلة الأربعاء 23 ربيع الثاني 1429).
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : أخ لي تارك للصلاة هل يجوز لي أن أسلم عليه وأتبسم؟
فأجاب: إذا ترجو منه التوبة وهذا من باب المداراة فجائز وكذلك من باب التأليف, أما إن لم ترج ذلك فلا فهو كسائر الكفار في عدم البدء بالسلام. اهـ (ليلة الأربعاء 26 شعبان 1429).
وسئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : أخي حزبي قطبي محترق ويؤثر على أبي وأمي وإخواني أن هذه الدعوة ليست على الجادة وإذا جالست معه قد أثر في؟
فأجاب: هذا هو المشكل, أما كل من يدعو إلى الله لا بد من الأذى لكن إذا أثر عليه هذا إن لم يكن معه فيما بعد فسيضعف في دعوته, هذا إذا استطعت أن تدعوه بدعوة نافعة فافعل وإلا تجنبه. اهـ (يوم الأربعاء 5 شعبان 1430).
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : رجل يدرس عند الإخوان المسلمين ثلاث سنوات وقد نصح بتركهم وعدم الدفاع عنهم فأبى, هل يجوز هجره؟
فأجاب: نعم يجوز, فإنه قد صار منهم. (ليلة الأربعاء 25 شوال1430, أسئلة أهل حضرموت).
سئل الشيخ جميل الصلوي -حفظه الله تعالى- : هل يسلم على أهل البدع؟
فأجاب: لا يبدأ السلام على المبتدع لا سيما دعاتهم وإذا كان من دهماء الناس ربما يتأثر بدعوتهم فينصح بعدم مجالستهم وإن أصر على ذلك يعرض عنه لأن مجالسة أهل البدع ممرضة, والسلام عليهم سبب لمحبتهم فلا يسلم عليهم . اهـ (يوم الأحد 12 ذو القعدة 1428في يوم نوبته للشيخ يحيى -حفظه الله تعالى- حين خرج دعوة)
قال ابن مفلح /: قال القاضي أبو الحسين في التمام: لا تختلف الرواية في وجوب هجر أهل البدع وفساق الملة أطلق كما ترى وظاهره أنه لا فرق بين المجاهر وغيره في المبتدع والفاسق. قال: ولا فرق في ذلك بين ذي الرحم والأجنبي, إذا كان الحق لله تعالى, فأما إذا كان الحق لآدمي كالقذف والسب والغيبة وأخذ ماله غصبا ونحو ذلك, نظرت: فإن كان المجاهر والفاعل لذلك من أقاربه وأرحامه لم تجز هجرته, وإن كان غيره فهل تجوز هجرته أم لا؟ على روايتين: هذا لفظ والده في الأمر بالمعروف أو معناه إلا أنه قال: وإن كان الحق غيره فهل تجوز؟ على روايتين. وقال: قد نص أحمد على معنى هذا التفصيل, قال في رواية الفضل بن زياد: وقد سأله رجل عن ابنة عم له تنال منه وتظلمه وتشتمه وتقذفه, فقال: سلم عليها إذا لقيتها, اقطع المصارمة, المصارمة شديدة. وهذا يدل على منع الهجر لأقاربه لحق نفسه اهـ (الآداب الشرعية: 1/257-258).
ولله در الشيخ –حفظه الله تعالى- إذ يقول: يا إخوان, ما هو أنا أدافع عن عرضي أنا أدافع عن المنهج السلفي أما عرضي فسهل اهـ (ليلة الأربعاء 27 ربيع الأول 1429).
تنبيه: قال أبو عبد الله عبيد الله بن بطة العكبري / : الله الله معشر المسلمين لا يحملنّ أحدا منكم حسن ظنه بنفسه و ما عهده من معرفته بصحة مذهبه على خاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء, فيقول: أداخله لأناظره, أو أستخرج منه مذهبه, فإنهم أشد فتنة من الدجال, وكلامهم ألصق من الجرب, و أحرق للقلوب من اللهب, ولقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم و يسبونهم, فجالسوهم على سبيل الإنكار و الرد عليهم فما زالت بهم المباسطة و خفي المكر ور دقيق الكفر حتى صبوا ( مالوا إلى الجهل) إليهم. (الإبانة /2/470).
هل الهجر بين أهل السنة؟
سئل الشيخ –حفظه الله تعالى- عن: ما ضابط الهجر الشرعي؟
فأجاب: تكلمنا في هذا كثيرا وأسوأ ما يكون الهجر بين أهل السنة, الهجر هو لقصد التحذير من مساوئه أو ما إلى ذلك, وأما بين أهل السنة فماذا تريد من هجره؟ فليتق الله امرؤ وليضع كل شيء في موضعه اهـ (ليلة السبت 2 رجب 1429)
توجيه قول الشيخ الألباني: (لا هجر في هذا الزمان)
سئل الشيخ سليم -حفظه الله تعالى- : نرجو أن تبين لنا معنى كلام الألباني (لا هجر في هذا الزمان)؟ فأجاب: يريد به ألا يتخذ الهجر مطية لتنفيس الأهواء وتنفيس الأحقاد لأن الهجر لا بد أن يكون شرعيا حتى يكون مقبولا عند الله تعالى. قوله (لا هجر) أي أن كثيرا من الذين يهجرون هجرهم ليس شرعيا لأن هذا نأخذ من ممارسة الشيخ, فقد هجر بعض أهل العلم وهجر بعض الدعاة وهجر بعض الناس فمثلا: هجر الشيخ محمد نصيب الرفاعي حول المسألة المشهورة التي حدثت في حلب وهي : هل نساء النبي معصومات أو محفوظات؟ ذهب الشيخ محمد نصيب أن نساء النبي معصومات من الزنا والشيخ يقول إنهن محفوظات آلله تعالى حفظهن من هذه الفاحشة أم أنهن معصومات فهذا لم يرد فيه كلام الله ولا كلام رسوله < ثم حصل بينهما الهجر حتى الموت. والشيخ هجر زهير الشاويش لأنه تعدى على كتبه وأصبح يعلق عليها ويفسد ما فيها. (جلسة مع الشيخ سليم يوم الثلاثاء 23 جمادي الثاني 1430).
ضابط إقامة الحجة في التكفير والتفسيق والتبديع
قال الشيخ –حفظه الله تعالى- في الثوابت المنهجية (ص22-23): إقامة الحجة أن تفهم قال تعالى: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [البقرة : 150] ثم بينت هذه الآية بقوله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء : 115] فالحجة ينبغي أن تفهم فإن لم تفهم فما يتبين له الهدى قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم : 4] وما إلى ذلك من الأدلة. فهذه الأدلة تدل على أن القرآن بين, والرسل بينوا وأقاموا الحجة ولو لم يفهم الحجة لما قامت عليهم اهـ مع تصرف يسير .
موانع التبديع والتفسيق والتكفير
الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا بل هو إلى الله تعالى ورسوله <, فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة, فيجب التثبت فيه غاية التثبت فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه .
والأصل في المسلم الظاهر العدالة بل الجهالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته حتى يتحقق زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي. ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه وإن كان مستور الحال, لأن في ذلك محذورين عظيمين:
أحدهما: افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم, وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به.
الثاني: الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالما منه . ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر " مرفوعا $إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما# وفي رواية $إن كان كما قال وإلا رجعت عليه# وعن أبي ذر < مرفوعا: (ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه) رواه مسلم.
ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه:
منها : مكره, أن يكره على ذلك فيفعل لداعي الإكراه لا اطمئنانا به, فلا يكفر حينئذ لقوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل : 106].
ومنها: أن يغلق عليه فكره, ولا يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو نحو ذلك. ودليله ما رواه مسلم عن أنس بن مالك " مرفوعا $لله أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِى ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ#.
ومنها: الجهل, لما في الصحيحين في الرجل الذي قال $إذا أنا مت فأحرقوني, ثم اسحقوني, ثم ذروني في اليم فولله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا من العالمين, ففعلوا به ذلك فقال الله: ما حملك على ما فعلت؟ قال: خشيتك, فغفر له#. فهذا رجل شاك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري بل اعتقد أنه لا يعاد, وهذا كفر باتفاق المسلمين, لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك, وكان مؤمنا يخاف الله أن يعذبه فغفر الله له بذلك.
ومنها: التأويل السائغ, المتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول < . قال شيخ الإسلام / : وأما التكفير فالصواب أن من اجتهد من أمة محمد < , وقصد الحق فأخطأ لم يكفر بل يغفر له خطؤه, ومن تبين له ما جاء به الرسول فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر, ومن اتبع هواه وقصر في طلب الحق وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب ثم قد يكون فاسقا. وقد يكون له حسنة ترجح على سيئاته . (مجموع الفتاوى 12/180).
ملخص من القواعد المثلى, ص. 66-69 مع تصرف يسير وزيادة.
سئل شيخنا -حفظه الله تعالى- : بعض الرجال الذين ذكرهم الحافظ في لسان الميزان, مثلا: فلان في مؤلفاته قول يوافق المعتزلة أو الخوارج, لماذا لا يلحق بهم؟ نرجو التوجيه.
فأجاب: من زلت قدمه في قوله أو في تأليفه ويريد بذلك الحق والخير يعد هذا زلة منه, أما بعد إقامة الحجة ولجا إلى الباطل يضاف إليهم. (أسئلة بعض الزوار ليلة الثلاثاء 4 شعبان 1430).
أسباب ظهور التكفير و التفسيق و التبديع بغير حق في الأمة
استفدت هذا المبحث من كتاب التكفير وضوابطه للشيخ إبراهيم بن عامرالرحيلي -حفظه الله تعالى- . و من تكل الأسباب:
1- الجهل بالدين.
2- اتباع الهوى و الإعراض عن النصوص.
3- التأويل الفاسد.
قال ابن القيم / : وبالجملة فافتراق أهل الكتابين وافتراق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة إنما أوجبه التأويل. وإنما دخل أعداء الإسلام من المتفلسفة و القرامطة و الباطنية و الإسماعيلية والنصيرية من باب التأويل, فما امتحن الإسلام بمحنة قط إلاّ وسببها التأويل. (إعلام الموقعين/ 4/251).
4- تلبيس الشيطان. (ص 45-50/ دار الإمام أحمد).
من له حق النظر و الحكم في التكفير و التفسيق و التبديع
سبق فيما مضى من البحث أن التكفير و التفسيق و التبديع من الأحكام الشرعية أنه توقيفي لا مجال فيه للنظر العقلي. و إذا تقرر هذا تبين أن النظر في هذا الباب لا يكون إلا لأهل العلم القادرين على استنباط الحكم الشرعي في هذه المسألة.
سألت الشيخ -حفظه الله تعالى- بعد الدرس بين المغرب و العشاء, قلت: هل لطالب العلم أن يبدع أو يفسق أو يكفر إذا عرف ضوابطه بعد توفر الشروط و انتفاء الموانع دون الرجوع إلى أهل العلم؟
فأجاب: طالب العلم قد يضبط و قد لا يضبط فالأولى له أن يحذو حذو أهل العلم. (ليلة الثلاثاء 1 ذو القعدة 1430).
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: شخص يطعن و يسب أهل العلم هل لي أن أبدعه؟
فأجاب: أمر التكفير و التبديع و التفسيق أمر خطير يجب أن يتحرز منه شخص و يجب أن يسند الأمر إلى ذويه, قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل : 43]. وقال وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء : 83]. فالذي ليست له مكنة عليه أن يستفيد من أهل العلم في هذا الأمر و في غيره. (ليلة السبت 5 ذو القعدة 1430).
ضوابط البدعة
1- تعريف البدعة لغة
البدعة لغة على معنيين:
الأول, الشيء المخترع على غير مثال سابق, منه قوله تعالى: قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [الأحقاف : 9], وجاء على معنى قول عمر ": نعمت البدعة أخرجه البخاري.
الثاني: التعب والكلال, يقال: أبدعت الإبل إذا بركت في الطريق من هزال أو داء أو كلال, منه قول الرجل الذي جاء إلى النبي < فقال: إني أبدع فاحملني, فقال: (ما عندي) أخرجه مسلم. وهذا المعنى يرجع إلى المعنى الأول لأن معنى أبدعت الإبل : بدأ بها التعب بعد أو لم يكن بها.
2- البدعة اصطلاحا:
ما أحدث في دين الله وليس له أصل عام ولا خاص يدل عليه أو بعبارة أوجز: ما أحدث في الدين من غير دليل.
والبدعة تحصل بواحد من أصول الثلاثة:
1- التقرب إلى الله بما لم يشرع, كأن تكون العبادة تستند إلى الرأي المجرد والهوى أو ترك فعلها السلف أو يتقرب بالمنهي عنه كالملاهي .
2- الخروج على نظام الدين, ما لم يرد في الكتاب والسنة ولم يؤثر عن الصحابة والتابعين أو مخالفا لهم.
3- الذرائع المفضية إلى البدعة, كإظهار العمل ولا سيما ممن يقتدى به وإشهاره في مجامع الناس كإقامة النافلة جماعة في المسجد.
(مختصرا من كتاب قواعد معرفة البدع لمحمد بن حسين الجيزاني /دار ابن الجوزي)
قال الشيخ -حفظه الله تعالى- : أصول البدع:
1-سوء الفهم
2-سوء القصد, وهذا صادر من أهل الأهواء, قال الله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ [آل عمران : 7]
3-قلة العلم, يريد أن يحسن ولكنه يسيء.
(يوم الأحد, 11 رجب 1427).
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : ما الفرق بين البدع والمعصية؟
فأجاب: البدع منها ما هو كبرى ومنها ما هو صغرى وكذلك المعصية. وفيهما فرق. أقسام البدع :
1- البدعة الكبرى
هي تخرج صاحبها من الملة, مثل: بدعة الروافض في أن القرآن ناقص واتهامهم لأم المؤمنين وتكفيرهم للصحابة, بدعة الجهمية بعض العلماء قد كفرهم, بدعة الباطنية وهم أكفر من اليهودي والنصارى , بدعة الحلولية والاتحادية وهذا ليس على سبيل الحصر.
2- البدعة الصغرى (المفسقة)
لا تخرج صاحبها من الملة أي تحت مشيئة الله قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء : 48] ومعنى حديث $إن الله لا يغفر صاحب بدعة حتى يدع بدعته# أي لا يوفق للتوبة وحديث $من عمل عملا ليس فيه أمرنا فهو رد# أي غير مقبول منه.
أقسام المعصية:
1- المعصية الكبرى وفيها قسمان: الأول تخرج صاحبها من الملة كالشرك
الثاني لا تخرج صاحبها من الملة كالزنا وقتل النفس وشرب الخمر.
2- المعصية الصغرى مثل القبلة والنظرة. (يوم الأربعاء 7 ذو الحجة 1427)
تفريق بين المعصية و البدعة
قال ابن القيم /: و لما كانت البدع المضلة جهلا بصفات الله و تكذيبا بما أخبر به عن نفسه و أخبر به عن رسوله < عنادا و جهلا كانت من أكبر الكبائر, و إن قصرت عن الكفر و كانت أحبّ إلى إبليس من كبائر الذنوب, كما قال بعض السلف: البدعة أحبّ إلى إبليس من المعصية, لأن المعصية يتاب منها و البدعة لا يتاب منها . قال إبليس: أهلكت بني أدم بالذنوب و أهلكوني بالاستغفار و بـ‘‘لا إله إلا الله’’, فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء, فهم يذنبون ولا يتوبون لأنهم يحسنون أنهم يحسنون صنعا. و معلوم أن المذنب إنما ضرره على نفسه, و أما المبتدع فضرره على النوع.و فتنة المبتدع في أصل الدين و فتنة المذنب في الشهوة. و المبتدع قد قعد للناس على صراط الله المستقيم يصدهم عنه و المذنب ليس كذلك. و المبتدع قادح في أوصاف الرب و كماله و المذنب ليس كذلك. و المبتدع مناقض لما جاء به الرسول < و العاصي ليس كذلك. و المبتدع يقطع على الناس طريق الآخرة و العاصي بطيء السير بسبب ذنوبه. (الداء و الدواء/205-206/دار ابن الجوزي).
والسؤال الثاني: هل هجر السلفي الجعفري بمشاورة مشايخ اليمن من حيث تطبيق المنهج؟
فأجيب: لا نعلم ذلك إلا التحذير عن جعفر بعد أن مكثت في هذا المكان نحو ست سنوات, ما نعرف شيئا الذي حصل بينكم من التحذيرات و ما إلى ذلك من المشاكل لو علمنا منها شيئا لسألنا الشيخ –حفظه الله تعالى- والله تعالى أعلم.
ونصيحتي لك وللإخوة بتقوى الله عز وجل وطلب العلم , منه الاعتناء بتأصيله وتحصيله لأن بهما تجد لذة العلم بعد توفيق الله تعالى. وأنصحكم بالاعتناء بكتب الردود فإن جل كتب السلف في الردود على أهل الأهواء. وعليكم بدفع ما قد رمي إليكم من التهم والإشاعات إما ما يتعلق بجمعية إحياء التراث و ما إلى ذلك من الإشاعات محاضرة كان أو كتابة حتى تزول الريبة فيكم , فقد أمرنا الله تعالى بالانتفاء والتبري من الباطل وأهله, فمن ذلك قوله تعالى: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ [التوبة : 114] وقوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ [الزخرف : 26] وقوله تعالى: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [يونس : 41] وقوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ [هود : 35] وقوله تعالى: فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [الشعراء : 216] ولما في صحيح البخاري من حديث سالم عن أبيه قال : بعث النبي < خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا فجعل خالد يقتل منهم ويأسر ودفع إلى كل رجل منا أسيره حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره حتى قدمنا على النبي < فذكرناه فرفع النبي < يديه فقال $اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد#. مرتين. فتبرأ النبي < مما قد ينسب إليه من الباطل , والأدلة في ذلك كثيرة جدا والحمد لله.
كتبها أبو سيف مفتي بن خيري الجاوي
تم من كتابة هذه الرسالة ليلة الجمعة 19 جمادي الثاني 1430
بدار الحديث بدماج
الفهارس
نبذة في ضوابط خروج الشخص من دائرة أهل السنة خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
ضوابط الهجر 6
هل الهجر بين أهل السنة؟ 13
توجيه قول الشيخ الألباني: (لا هجر في هذا الزمان) 14
ضابط إقامة الحجة في التكفير والتفسيق والتبديع 15
موانع التبديع والتفسيق والتكفير 17
أسباب ظهور التكفير و التفسيق و التبديع بغير حق في الأمة 20
1- الجهل بالدين 20
2- اتباع الهوى و الإعراض عن النصوص 20
3- التأويل الفاسد 20
4- تلبيس الشيطان 20
من له حق النظر و الحكم في التكفير و التفسيق و التبديع 21
ضوابط البدعة 23
تعريف البدعة …… 23
والبدعة تحصل بواحد من أصول الثلاثة 23
تفريق بين المعصية و البدعة 26
الفهارس 29
لأبي سيف
مفتي بن خيري الجاوي الإندونيسي
بتقديم فضيلة الشيخ:
يحيى بن علي الحجوري –حفظه الله-
ويليه:
نبذة في ضوابط خروج الشخص من دائرة أهل السنة
دار الحديث
بـأرض دمــاج
مقدمة الشيخ يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله تعالى-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه, أما بعد:
فقد طالعت أكثر هذه الرسالة المسماة •معرفة أصول الحزبية» لأخينا الفاضل أبي سيف مفتي بن خيري الإندونيسي -حفظه الله تعالى- فرأيتها طيبة صالحة للنشر في بابها عدا بعض الكلمات فيها انزحاف عن نطقها الصحيح بسبب رواسب العجمة, نسأل الله أن يوفقه لإصلاحها ولكل خير.
كتبه: يحيى بن علي الحجوري
في 1/ربيع الثاني 1431 هــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
هذه رسالة وجيزة كتبتها إفادة لإخواني في الله السلفيين في فرنسا نسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياهم, وذلك لأجل استشارة وطلب الأخ الفاضل عبد الرفيق المغربي -حفظه الله تعالى- أن أكتب لهم ضوابط في الحزبية لعدم معرفتهم بها. نسأل الله أن ينفع بها الإسلام والمسلمين.
جزى الله شيخنا يحيى -حفظه الله تعالى- خير الجزاء وشكر الله له على تواضعه الجم لمراجعته هذه الرسالة ولتقديمه لها, نسأل الله تعالى أن يبارك له في أوقاته وماله وأهله.
وأشكر إخواني في الله أبا سليم سليمان الأمبوني وأبا صالح مصلح الماديوني وأبا عبد الرحمن منير المغربي وغيرهم -حفظهم الله تعالى- على مساعدتهم إياي لإتمام هذه الرسالة, نسأل الله تعالى أن يوفقني وإياهم لما يحبه ويرضاه.
تعريف الحزبية
تعريف الحزبية لغة:
قال الراغب الأصفهاني / في مفردات ألفاظ القرآن: (الحزب)؛ جماعة فيها غلظ قال الله أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا [الكهف : 12] وقال تعالى أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ [المجادلة : 19]” اهـ.
تعريف الحزبية اصطلاحا:
قد كثرت التعاريف فيها لأهل العلم, لكن أحسنها وأشملها فيما أرى والله أعلم- ما عرفه شيخنا يحيى -حفظه الله تعالى- , يقول: “الحزبية هي ولاء وبراء ضيق محصور على من كان معها بغير التمسك بالكتاب والسنة” اهـ.
الحزبية سنة الجاهلية
قال الله تعالى: وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون [المؤمنون : 52 ، 53] وقال تعالى: وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم : 31 ، 32].
عن جابر قال: اقتتل غلامان غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار فنادى المهاجر أو المهاجرون يا للمهاجرين. ونادى الأنصاري يا للأنصار. فخرج رسول الله فقال «ما هذا دعوى أهل الجاهلية». قالوا لا يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر قال «فلا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره». أخرجه البخاري (4905) ومسلم (2584).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: “والأخص مطلقا: الانتساب إلى جنس معين من أجناس بعض شرائع الدين كالتجند للمجاهدين والفقه للعلماء والفقر والتصوف للعباد. أو الانتساب إلى بعض فرق هذه الطوائف كإمام معين أو شيخ أو ملك أو متكلم من رءوس المتكلمين أو مقالة أو فعل تتميز به طائفة أو شعار هذه الفرق من اللباس من عمائم أو غيرها كما يتعصب قوم للخرقة أو اللبسة يعنون الخرقة الشاملة للفقهاء والفقراء أو المختصة بأحد هذين أو بعض طوائف أحد هؤلاء أو لباس التجند أو نحو ذلك. كل ذلك من أمور الجاهلية المفرقة بين الأمة؛ وأهلها خارجون عن السنة والجماعة داخلون في البدع والفرقة؛ بل دين الله تعالى: أن يكون رسوله محمد هو المطاع أمره ونهيه المتبوع في محبته ومعصيته ورضاه وسخطه وعطائه ومنعه وموالاته ومعاداته ونصره وخذلانه. ويعطي كل شخص أو نوع من أنواع العالم من الحقوق: ما أعطاهم إياه الرسول. فالمقرب من قربه والمقصى من أقصاه والمتوسط من وسطه ويحب من هذه الأمور: أعيانها وصفاتها ما يحبه الله ورسوله منها ويكره منها ما كرهه الله ورسوله منها ويترك منها - لا محبوبا ولا مكروها -ما تركه الله ورسوله كذلك- لا محبوبا ولا مكروها”. من مجموع الفتاوى (3 /343).
قال الشيخ /: “إن هذه الجماعات والحزبيات جماعات وأحزاب جاهلية, نقول فيها ما قال نبينا محمد وقد اختصم أنصاري ومهاجري فقال الأنصاري: يا للأنصار! وقال المهاجري: يا للمهاجرين! فقال النبي $أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟!# فضائح ونصائح (ص 43-44).
قال شيخنا -حفظه الله تعالى- : “الحزبية سنة جاهلية إبليسية” اهـ .
وقال -حفظه الله تعالى- : “أف للحزبية فإنها منتنة” اهـ.
تنبيه:
الأقوال التي ذكرتها غير مؤرخة فإنها قيدتها في بداية طلبي للعلم ولم أكن أهتم بالتواريخ آنذاك.
قال الشيخ -حفظه الله تعالى- : “وإن من أبغض السنن الجاهلية وأبشع سنن الجاهلية لهي هذه الحزبية فقد أحيوا بها سنة الجاهلية الحزبية سنة جاهلية إبليسية وأول حزبي هو إبليس عليه لعائن الله , قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ [الحجر : 28 - 31]. قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [ص : 75 ، 76]”. أضرار الحزبية (ص 4).
الحزبية بدعة
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : هناك شبهة من حزبي: أن أحدا لا يبدع بتحزبه, فما جوابكم؟
فأجاب: “قال الله تعالى إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء : 92] فما الذي يجعلهم أن يتحزبوا إلا الفتنة, فكل حزبي مبتدع”. (ليلة الثلاثاء 11 محرم 1428).
سئل الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله تعالى- عن جماعة التبليغ والإخوان المسلمين فأجاب: “هذه الفرق المختلفة الجديدة أولا هي محدثة ميلادها في القرن الرابع عشر ما كانت موجودة, هي في عالم الأموات وولدت في القرن الرابع عشر. أما المنهج القويم والصراط المستقيم فميلاده من بعثة الرسول فمن ابتدع بهذا الحق والهدى فهذا هو الذي سلم ونجا ومن عاد عنه فإنه منحرف”. الرسالة الكبرى (ص 92).
قال الشيخ أحمد بن يحيى النجمي / في كتابه “المورد العذب الزلال”: “الباب السابع أنّ الحزبية ليست من منهج الأنبياء بل هي بدعة -وحاصل كلامه- أن الأنبياء اتفقت شرائعهم في هذين الأصلين و هما: أولا توحيد الله تعالى لقوله تعالىوَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت [النحل/36], ثانيا الحرص على وحدة الأمة و عدم التفرق في الدين بإقامة أسباب الائتلاف و ترك أسباب الاختلاف, ولهذا فقد ذمّ الله تعالى الفرقة في غير ما آية من كتابه كقوله تعالى وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَة [البينة/4], وقوله تعالى وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ [الشورى/14], وقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [الأنعام/159], وقوله تعالى فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [المؤمنون/53]”, اهـ ملخصاً (ص93-99\ دار الآثار).
أركان الحزبية
قال الشيخ مقبل /: “هذه الحزبيات مبنية على: الكذب والخداع والتلبيس وقلب الحقائق”. اهـ غارة الأشرطة (1/15).
شرح المفردات:
1- الكذب, قال الراغب /: “الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا أو مستقبلا, وعدا كان أو غيره, ولا يكونان في القول إلا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام ولذلك قال تعالى وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله قِيلًا [النساء : 122] وقد يستعمل الصدق والكذب في كل ما يحق ويحصل في الاعتقاد ويستعملان في أفعال الجوارح”. اهـ ملخصا.
2- الخداع, قال الراغب /: “إنزال الغير عما هو ضده عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه. قال تعالى يُخَادِعُونَ الله [البقرة : 9]” اهـ المراد.
3- التلبيس, قال الراغب /: “أصل اللبس: ستر الشيء, ويقال ذلك في المعاني, يقال: لبست عليه أمره قال تعالى وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ [الأنعام : 9] وقال وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ [البقرة : 42] ويقال: في الأمر لبسة أي التباس ولابست الأمر إذا زاولته, ولابست فلانا خالطته” اهـ ملخصا.
4- قلب الحقائق, أما هذا فمعروف المعنى وإنما بينت ثلاث مفردات الأول لتقارب معانيها.
عن خالد بن سعد قال: (دخل أبو مسعود على حذيفة: اعهد إلي, قال: أولم يأتك اليقين؟ قال: بلى, قال: فإن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر وتنكر ما كنت تعرف). أخرجه ابن عبد البر في جامع البيان (ص 482-483 رقم 1775/مكتبة عباد الرحمن) واللالكائي في الاعتقاد (رقم؛ 120) بسند صحيح.
قال البربهاري /: “مثل أصحاب البدع مثل عقارب يدفنون رؤوسهم وأبدانهم في التراب ويخرجون أذنابهم, فإذا تمكنوا لدغوا وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس فإذا تمكنوا بلغوا ما يريدون”. ذكره أبو يعلى في طبقات الحنابلة (2/44).
وقال عامر بن عبد الله /: “ما ابتدع رجل بدعة إلا أتى بما كان ينكره اليوم”. الشرح والإبانة (83).
قال ابن القيم /: “إياك والكذب فانه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه ويفسد عليك تصورها وتعليمها للناس فان الكاذب يصور المعدوم موجودا والموجود معدوما والحق باطلا والباطل حقا والخير شرا والشر خيرا فيفسد عليه تصوره وعلمه عقوبة له ثم يصور ذلك في نفس المخاطب المغتر به الراكن إليه فيفسد عليه تصوره وعلمه ونفس الكاذب معرضه عن الحقيقة الموجودة نزاعة إلى العدم مؤثرة للباطل وإذا فسدت عليه قوة تصوره وعلمه التي هي مبدأ كل فعل إرادي فسدت عليه تلك الأفعال وسرى حكم الكذب إليها فصار صدورها عنه كصدور الكذب عن اللسان فلا ينتفع بلسانه ولا بأعماله ولهذا كان الكذب أساس الفجور كما قال النبي $إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار#(1). وأول ما يسري الكذب من النفس إلى اللسان فيفسده ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله فيعم الكذب أقواله وأعماله وأحواله فيستحكم عليه الفساد ويترامى داؤه إلى الهلكة إن لم تدركه الله بدواء الصدق يقلع تلك من أصلها ولهذا كان أصل أعمال القلوب كلها الصدق وأضدادها من الرياء والعجب والكبر والفخر والخيلاء والبطر والأشر والعجز والكسل والجبن والمهانة وغيرها أصلها الكذب فكل عمل صالح ظاهر أو باطن فمنشؤة الصدق وكل عمل فاسد ظاهر أو باطن فمنشؤة الكذب والله تعالى يعاقب الكذاب بأن ويقعده ويثبطه عن مصالحه ومنافعه ويثيب الصادق بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه وآخرته فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق ولا مفاسدها ومضارهما بمثل الكذب قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين [التوبة : 119] وقال تعالى هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم [المائدة : 119] وقال: فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ [محمد : 21] وقال وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا الله وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة : 90]”. الفوائد (172/دار اليقين).
قال الشيخ مقبل /: “دعوا الكذب للحزبيين فإن الحزبية مبنية على الكذب وعلى الغش فلا أظن حزبيا تتحقق فيه الحزبية إلا وهو يكذب, وقد قال بعضهم: إن الداعي إلى الله لا بد أن يرتكب بعض المحرمات وهو من الحزبيين”. اهـ من قمع المعاند (ص 20).
قال الشيخ مقبل /: “لا تلبسوا على الناس باسم السنة, أصبحت السنة كالجبة يحملها إذا أراد أن يحملها, وينزعها إذا أراد أن ينزعها, ولا باسم السلفية...السلفية أن ترجع إلى ما عليه السلف, الإمام البخاري كان حزبيا؟ وهل الإمام أحمد كان حزبيا؟ وهل كان عبد الله بن المبارك حزبيا؟ وهل سعيد بن المسيب كان حزبيا؟ وهل أبو هريرة كان حزبيا؟ وهل كان أبو بكر حزبيا؟ لم يكونوا حزبيين. كانوا يدعون إلى كتاب الله وسنة رسول الله ... أما أن ندخل على الناس باسم السلفية أو باسم السنة فلا, السنة عنكم بعيدة, والسلفية عنكم بعيدة”. قمع المعاند (ص 126-127).
وسئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : هل يجوز الكذب لمصالح الدعوة؟
فأجاب: “لا, فإن الكذب من الكبائر وإذا جرت الكبائر في الدعوة أفسدتها, والكذب لمصالح الدعوة دأب الإخوان المسلمين, إنما قامت هذه الدعوة على النزاهة وملازمة الصدق وهو الذي كان عليه < قال الله تعالى: هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [المائدة : 119]”. (يوم السبت 24 رجب 1429).
مبادئ الحزبية
قال الشيخ /: من مبادئ الحزبية الصناديق والتبرعات اهـ (أفادنا بذلك شيخنا -حفظه الله تعالى- ليلة الاثنين 14 ربيع الآخر 1428).
أقسام الحزبية
1- حزب الله تعالى.
قال الله تعالى وَمَنْ يَتَوَلَّ الله وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة : 56] وقال تعالى رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ الله أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة : 22].
2- حزب الشيطان.
قال الله تعالى اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ الله أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ [المجادلة : 19].
وحزب الشيطان قسمان:
1- الحزبية المكفرة كحزب الاشتراكية وحزب البعثية وغيرها.
2- الحزبية المفسقة كحزب الإخوان المسلمين وغيرها من الأحزاب التي في الساحة.
قال الشيخ الألباني /: “وليس هناك حزب ناجح إلا حزب الله تبارك وتعالى الذي حدثنا عنه القرآن الكريم أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة : 22] فإذا كل حزب ليس من حزب الله فإنما هو من حزب الشيطان, وليس من حزب الرحمن, ولا شك ولا ريب أن السلوك على الصراط المستقيم يتطلب معرفة هذا الصراط المستقيم معرفة صحيحة, ولا يكون ذلك بمجرد التكتل والتحزب الأعمى على كلمة الإسلام الحق لكنهم لا يفقهون من الإسلام إلا شيئا قليلا, فلا يكون التحزب الصحيح الفالح إلا بمعرفة هذا الإسلام كما أنزل الله تبارك وتعالى على قلب محمد <”. الرسالة الكبرى إلى أخي المنتظم في جماعة الإخوان المسلمين للشيخ علي الرازحي -حفظه الله تعالى- (ص31/دار الآثار).
قال الشيخ مقبل /: “كفرنا بالحزبية كلها إلا حزبا واحدا وهو حزب الله, لكن لا نقول نحن حزب الله ومن عدانا حزب الشيطان كسائر الحزبيين, نقول حزب الله يوجدون باليمن وبمصر وبالسودان, في العرب وفي العجم وفي جميع البلاد الإسلامية الذين يعملون لله عز وجل ويدعون إلى كتاب الله وسنة رسول الله <, أما أصحاب الأحزاب فهم ضيقوا العطن, لأنهم يقصرون الحزبية على طائفة”. قمع المعاند (ص 360).
وقال لما سئل عمن هم حزب الله؟
فأجاب: “هم جماعة رسول الله فبقدر ما يتقرب المسلم في هذا الزمان إلى هدي رسول الله على منهج الصحابة كما في حديث الفرقة الناجية بقدر ما يكون في أمان, والعكس بالعكس. وذلك يتطلب العلم بالكتاب والسنة وهذا ميزان لكل مسلم عاقل متجرد عن الحزبية العمياء وعن الأهواء وأن يعلم أنه لا سبيل لمعرفة المتابعة لمنهج الصحابة إلا بالعلم”. الرسالة الكبرى (ص 32-33).
وقال الشيخ سليم -حفظه الله تعالى-: “التحزب في اصطلاح الشرع قد يذم وقد يمدح, يمدح ما كان من أمة إسلامية واحدة ومجتمعة على نصرة الحق فهذا حزب الله, أما الذم إذا كان وسيلة للتفرق كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون [المؤمنون :53]”. (جلسة مع الشيخ سليم الهلالي يوم الثلاثاء, 23 جمادي الثاني 1430).
علامات الحزبية
علاماتها كثيرة والتي سنذكرها ليست على سبيل الحصر وإنما هي نماذج منها:
1- العصبية (الولاء والبراء الضيق).
قال الشوكاني / : “واعلم أن أسباب الخروج من دائرة الإنصاف والوقوع في موبقات التعصب كثيرة جدا:
• وهو أكثرها وقوعا وأشدها بلاء: أن ينشأ طالب العلم في بلد من البلدان التي قد تمذهب أهلها بمذهب معين واقتدوا بعالم مخصوص.
• حب الشرف والمال الذين هما أعدى على الإنسان من ذئبين ضاريين(2).
• الجدل والمراء(3) وحب الظهور و الغلب.
• التعصب للآباء والأجداد.
• يكون طالب العلم قد قال بقول في مسألة كما يصدر ممن يفتي ويصنف ويناظر غيره ويشتهر ذلك القول عنه فإنه قد يصعب عليه الرجوع عنه إلى ما يخالفه وإن علم أنه الحق وتبين له فساد ما قاله, ويرجع ذلك لعدة أسباب:
أ- الخوف على سمعته ومكانته العلمية.
ب- بدافع الكبر إذا كان صاحب الرأي أصغر منه سنا أو أقل شهرة(4).
ت- ما يقع في مجالس العلم من الطلاب أو الشيوخ من المجاملة. فإن الشيخ قد يريد التظهر لمن يأخذ عنه بأنه بمحل من التحقيق فيحمله ذلك إلى دفع الحق إذا سبق فهمه إلى الباطل لئلا يظن من يأخذ عنه أنه يخطئ ويغلط.
• رد المصنفين المتمسكين بالمذاهب لكل ما يخالف قواعد مذهبهم من الأدلة.
• الاعتماد على الأدلة التي يحتج بها المتعصبون لأنفسهم أو ضد خصومهم وعدم الرجوع إلى المصادر الأصلية.
• التقليد في علم الجرح والتعديل.
• الحسد والمنافسة بين الأقران.
• اختلاف قواعد ومناهج البحث في أصول الفقه والتباسها بما ليس فيها”. اهـ ملخصا من أدب الطلب ومنتهى الأرب (ص/91-178/دار ابن حزم).
قال ابن القيم /: “فإن اتباع الهوى يعمي عين القلب, فلا يميز بين السنة والبدعة أو ينكسه فيرى البدعة سنة والسنة بدعة”. اهـ من الفوائد (ص/135/دار اليقين).
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي / في كتابه مسائل الجاهلية: “المسألة الثالثة والتسعون: أن تعصب الإنسان لطائفته على الحق والباطل أمر لا بد منه عندهم فذكر الله فيه ما ذكر”. اهـ.
وقال الشوكاني /: “فليس المتعصب بأهل لأن يؤخذ الحق من مؤلفاته فإنه إذا لم ينتفع بالعلم ويهتد بما عرف منه فكيف يهتدي به غيره أو يتوصل بما جمعه إلى ما هو الحق. فالمصاب بالعمى لا يقود الأعمى. فإن فعل كانت ظلمات بعضها فوق بعض. والمريض لا يداوي من هو مصاب مثل مرضه. ولو كان صادقا فيما يزعمه من اقتداره على المداواة كانت نفسه التي بين جنبيه أحق بذاك منه”. اهـ من أدب الطلب (ص/170).
وقال الشيخ العثيمين /: “فمن كان عالما بالحق وأصر على قوله المخالف للحق كان ذلك من باب التعصب والجاهل أقرب إلى الاستقامة لأنه إذا كان مريدا للحق”. اهـ من شرح القواعد المثلى (ص/39/مكتبة خالد بن الوليد).
وقال الشوكاني / في بيان أضرار التعصب: “واعلم أنه كما يتسبب عن التعصب محق بركة العلم وذهاب رونقه وزوال ما يترتب عليه من الثواب كذلك يترتب عليه من الفتن المفضية إلى سفك الدماء وهتك الحرم وتمزيق الأعراض واستحلال ما هو في عصمة الشرع ما لا يخفى على عاقل”. اهـ المراد, أدب الطلب (ص/143-144).
قلت: هذا يعتبر من أكبر علامات الحزبية ومع ذلك لا يعرفها إلا خواص الناس الذي قد بصره الله بمعرفة دقيقة أسباب الانحراف عن المنهج الصافي. فمن عرف بهذه العلامة وتقام عليه الحجة ثم أصر عليها كفى في إخراجه من دائرة السنة, وقد بينت ذلك في رسالتي “نبذة في ضوابط خروج الشخص من دائرة أهل السنة” بما يغني من إعادتها.
قال شيخ الإسلام /: “ليس لأحد أن ينصب شخصا يدعو إلى طريقته و يوالي ويعادي عليها غير النبي < ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله و ما اجتمعت عليه الأمة بل هذا من فعل أهل البدعة الذين ينصبون لهم شخصا أو كلاما يفرقون به بين الأمة يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة و يعادون”. الفتاوى (20\164).
2- العلامة الثانية من علامات الحزبية هي عداء أهل السنة ومناوأتهم.
قال أبو حاتم الرازي /: “من علامات أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر”. أخرجه اللالكائي في الاعتقاد (رقم؛ 323) والصابوني في عقيدة السلف (ص 110/دار المنهاج) بسند صحيح.
قال أبو إسحاق السبيعي/: “ما سبّ قومٌ أميرهم إلاّ حُرموا خيراً”. أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (12\ 287) و فيه يحيى بن يمان وهو العجلي ضعيف, وسيأتي ما يشاهده.
وقال أبو مجلز /: “سبّ الإمام من الحالقة, لا أقول: حالقة الشعر ولكن حالقة الدين”. أخرجه ابن منجويه في كتاب الأموال (1\78\34) وسنده حسن.
وقال سعيد بن حسان الطائي /: “سمعت أبا إدريس الخولاني / وهو يقصّ في زمان عبد الملك, يقول: إياكم والطعن على الأئمة فإنّ الطعن عليهم هي الحالقة, حالقة الدين ليس حالقة الشعر, إلاّ أنّ الطعّانين هم الخائبون و شرار الأشرار”. أخرجه ابن منجويه في الأموال (1\80\38). و فيه سعيد بن حسان الطائي, لم أجد له ترجمة .
وقال معروف الكرخي /: “بلغني أنّه من لعن إماما حرم عدله”. أخرجه أبو يعلى في طبقات الحنابلة (1\386) وسنده صحيح إن شاء الله و أورده الذهبي في السير (9\342).
وقال الصابوني /: “وعلامات البدع على أهلها بادية ظاهرة وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم حملة أخبار النبي < واحتقارهم له واستخفافهم بهم”. عقيدة السلف (ص 109).
قال الشيخ العثيمين /: “لأهل البدع علامات, منها:
الأول؛ أنهم يتصفون بغير الإسلام والسنة بما يحدثونه من البدع القولية والفعلية والعقدية, الثاني؛ أنهم يتعصبون لآرائهم لا يرجعون إلى الحق وإن تبين لهم, الثالث؛ أنهم يكرهون أئمة الإسلام والدين”. شرح اللمعة (ص 161 مكتبة الإرشاد).
وسئل شيخنا -حفظه الله تعالى-: ما الفرق بين ما يتسمى بـالحكمة والإحسان وأبي الحسن وعبد الرحمن؟
فأجاب: “في الحقيقة أن الحزبية كلها تصب مصبا واحدا من حيث عداء أهل السنة والتنكر لهم والتفلت عن السنة والتفلت عن العلم والانهماك في الدنيا وهم متفقون في مناوأتهم لأهل السنة. من هذه الحيثية لا فرق بينهما, أما من جانب آخر من كان من تلاميذ أهل السنة له تمسك في العبادة وغيرها من الخير فيما يظهر للناس, وذاك لم يكن يتربى عند أهل السنة مثلا متربى عند الإخوان فقد يكون مشركا أو نصرانيا أو عقلانيا أو غير ذلك من الضلال, فمن هذه الحيثية يتفاوتون ولا فرق بينهم في عداء أهل السنة والولاء والبراء, بل تجد الإخوان المسلمين متفاوتين بينهم, فهؤلاء متفاوتون في السفول وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا [الأنعام : 164]”. (أسئلة أهل بعدان, ليلة السبت 25 رجب 1430).
3- التفلت عن السنة.
قال الله تعالى مَا جَعَلَ اللَهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ [الأحزاب : 4].
وورد في هذا حديث لكنه فيه ضعف وأذكره من باب الفائدة وهو ما رواه أحمد (4/105) من حديث غضيف بن الحارث الثمالي " قال: بعث إلى عبد الملك بن مروان فقال يا أبا أسماء إن قد جمعنا الناس على أمرين, قال: وما هما؟ قال: رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة والقصص بعد الصبح والعصر. فقال: أما إنهما أمثل بدعتكم عندي ولست مجيبك إلى شيء منهما. قال: لما ؟ قال لأن النبي قال: $ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة# فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة. والحديث ضعيف لعلتين فيه أبو بكر بن أبي مريم واه قال الهيثمي في المجمع (1/188): منكر الحديث , وفيه بقية بن الوليد مدلس وقد عنعن . وأخرجه ابن بطة في الإبانة (1/29/10) قال محقق المسند: وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1/603-604) لكنه ضعيف فيه الوليد بن مسلم وقد عنعن. وضعف الحديث الألباني في المشكاة (187).
قال ابن عباس " “ما أتى على الناس عام إلا أحدثوا فيه بدعة و أماتوا فيه سنة حتى تحي البدعة و تموت السنن”. أخرجه الطبراني في الكبير (10/262/10610) وقال الهيثمي في المجمع (1/188): رجاله موثقون, وأخرجه أيضا ابن بطة في الإبانة (1/29-30/ 11) والصحيح أن الأثر فيه ضعف مهدي بن مهدي مجهول.
عن شقيق قال: قال عبد الله ": كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ويتخذها الناس سنة فإذا غيرت؟, قالوا: غيرت السنة؟, قالوا: ومتى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟, قال: إذا كثرت قراؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت أمراؤكم وقلت أمناؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة. مقدمة سنن الدارمي (191) بسند صحيح وصححه الشيخ -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي.
قال أحمد بن سنان القطان /: “ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث فإذا ابتدع الرجل نزعت حلاوة الحديث من قلبه”. أخرجه الصابوني في عقيدة السلف (رقم؛ 109) وهو أثر صحيح.
قال عبد الله بن الديلمي /: “بلغني أن أول الدين تركا السنة يذهب الدين سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة”. أخرجه الدارمي في مقدمة سننه (98) بسند صحيح وقد صححه شيخنا -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي وأخرجه اللالكائي(127).
قال حسان بن عطية /: “ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لا يعيدها عليهم إلى يوم القيامة”. أخرجه اللالكائي (129) وأبو نعيم في الحلية (6/73) بسند صحيح.
عن بقية ، قال : قال لي الأوزاعي : يا أبا يحمد ما تقول في قوم يبغضون حديث نبيهم ؟ قلت : قوم سوء قال : •ليس من صاحب بدعة تحدثه عن رسول الله بخلاف بدعته بحديث إلا أبغض الحديث». أخرجه الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث (144) بسند حسن.
قال البربهاري /: وإذا سمعت الرجل يطعن على الآثار ولا يقبلها أو ينكر شيئا من أخبار رسول الله فاتهمه على الإسلام فإنه رجل رديء المذهب والقول. شرح السنة(49).
قال شيخ الإسلام /: “فعلم أن شعار أهل البدع هو ترك انتحال اتباع السلف, ولهذا قال الإمام أحمد في رسالة عبدوس بن مالك: أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب النبي ”. الفتاوى (4/155).
4- التفلت عن العلم.
قال الله تعالى مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِه [الأحزاب : 4].
قال أبو نصر بن السلام الفقيه /: “ليس شيء أثقل على أهل الإلحاد ولا أبغض إليهم من سماع الحديث وروايته بإسناده”. أخرجه الصابوني في عقيدة السلف (ص 109\ دار المنهج) بسند صحيح.
قال الشيخ مقبل /: “الحزبية من أعظم أسباب جهل المسلمين, يشتغلون بها ويتركون العلم النافع وأنا أتحدى من يأتي لي بحزبي يقبل على علم الكتاب والسنة”. تحفة المجيب (ص 281).
قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “من تحزب تخرب, من تحزب ذهب عنه العلم غالبا”.
وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “أنا أتحداهم- أي الحزبيين- أن يبرزوا ؛ تحقيقا وتأليفا ودعوة ونصيحة للمسلمين كما يقوم به أهل السنة”.
5- الانهماك في الدنيا.
قال الشيخ مقبل /: “إذا نظرت إلى أهل الحزبيات وجدتها لا تريد إلا الحياة الدنيا وإذا نظرت كذلك إلى أصحاب الحزبيات المغلفة الذين يختلسون أموال الناس ثم يحاربون بها سنة رسول الله لوجدتم مائلين إلى الدنيا”. تحفة المجيب (ص 353).
وقال /: “درسنا نحن وأناس في الجامعة وتخرجوا في غاية من الذكاء ثم مسختهم الحزبية فليس للحزبيين عالم مثل الشيخ ابن باز, من أجل هذا فهم يريدون أن يطعنوا في السنة أكثر من إرادتهم الطعن في الشيخ ابن باز”. فضائح ونصائح (ص 31).
وقال /: “الحزبية مساخة فرب شخص يكون يحفظ القرآن فإذا دخل في هذه الحزبية نسي ما قد حفظ وفسدت فكرته بعد ما كان مستقيما”. غارة الأشرطة (1/120).
وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “أكثر البدع مبناها الدنيا تحت ستار الدين”. (يوم الثلاثاء, 1 شعبان 1428).
6- الانهماك في السياسة المخالفة.
عن كعب بن مالك مرفوعا $ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه# أخرجه الترمذي. وقد تقدم أنه حديث صحيح.
قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “من مبادئ السياسيين لا تدوم عداوتهم ولا مودتهم, أما نحن عداوتنا بيننا وبين أهل الباطل حتى نصل إلى القبور”. (يوم الثلاثاء 23 صفر 1428).
7- بيعة لأمير أو مؤسس لهذا الحزب ويعطى هذا الأمير من هذه المسميات ما اجتمع إليه الناس.
عن عرفجة " قال سمعت رسول الله يقول «إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهى جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان». أخرجه مسلم (4902).
عن أبى سعيد الخدري قال قال رسول الله $إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما#. أخرجه مسلم (4905).
سئل الشيخ العثيمين /: يوجد عندنا مجموعة من الشباب عندهم بيعة وإمارة وتنظيم سري ومن عباراتهم يقولون: منهجنا سلفي ومواجهتنا عصرية ويقولون أحيانا سلفية المنهج وعصرية الموجهة وأحيانا يقولون: عندهم بيعة وأحيانا يقولون: إنها عهد وليس بيعة. وصفة البيعة عندهم أن يقول قائل: أقسم بالله العظيم أن أكون متمسكا بالكتاب والسنة على نهج السلف الصالح وأنا أناصر أصحاب هذا المنهج أينما كان, وعندهم إمارة وعندهم بيعة لأمير مجهول لا يعرفه إلا خواصه, ولهم دروس سرية لا يحضرها غيرهم وأعمال سرية لا يعرفها إلا هم, فما رأيكم فيما ذكر وما توجيهكم لهؤلاء الشباب؟
فأجاب: “رأيي أن هذا من البدع والمنكرات, فالسلف أشد حرصا من هؤلاء على إقامة دين الله, وقد نالهم من الأمراء والخلفاء في عهدهم ما هو أشد من هذا ومع ذلك لم يتخذوا أميرا ولا إماما يبايعونه سرا. ونصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله تعالى وأن ينقضوا البيعة ولا يبايعوا أحدا هم الآن تحت دولة وحاكم شرعي ثبتت إمرته بمبايعة أهل الحل والعقد له. ومن المعلوم أن الصحابة لما بايعوا أبا بكر لم يبايعه كل إنسان في المدينة وإنما بايعه أهل الحل والعقد, فإذا بايع أهل الحل والعقد إماما صار إماما لكل مكان لكل الأرض فلا يحل لهؤلاء أن يتخذوا أميرا أو إماما دون من له إمامة المسلمين في البلاد عليهم أن يتوب إلى الله ويجب عليهم أن ينقضوا هذه البيعة فورا بدون تأخير ويتوبوا إلى الله من هذا لأنهم على ذنب بمخالفة الجماعة”. الرسالة الكبرى (ص51-52).
فائدة:
سألت الشيخ -حفظه الله تعالى- بعد درس بين المغرب و العشاء (ليلة السبت 22 شعبان 1430), قلت: إذا تاب رجل من حزب ما وفيه بيعة ثم نقض بيعته و كان حالفا في بيعته هل عليه كفاوة؟
فأجاب: “إن كان حالفا نعم”.
سئل الشيخ /: كثر الكلام في أوساط الشباب: فلان يرى البيعة, وفلان لا يراها, فلا تسمع له ولا تجالسه فما هي البيعة؟ وما شروطها؟ وهل يجب علينا القيام بها ؟
فأجاب: “البيعة تكون لإمام قرشي يرضى به أهل الحل والعقد أو يفرض نفسه, وإذا وثب عليها غير قرشي واستتب له الأمر, وطلب البيعة فلا بأس أن يبايع له, أما هذه الجماعات التي فرقت المسلمين وشتتت شملهم وأضعفت قواهم فهي محتاجة إلى الإنكار عليها, لا البيعة لها ... فالبيعة تعتبر بدعة, وقد يقول قائل: قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ [الفتح : 10] فكيف تقولون: إن البيعة بدعة ؟ هذه البيعة للنبي وللإمام القرشي كما قال النبي $من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية# رواه مسلم (1851), فالبيعة لأمراء الجماعات تعتبر بدعة من بدع العصر, فهل كانت موجودة عند سعيد بن المسيب عند أن ضرب, أو عند أنس بن مالك عند أن أراد الحجاج أن يهينه وختم على عنقه, أو عند الإمام مالك عند أن ضرب, أو عند الإمام الشافعي عند أن أتي به وهو مسلسل بالحديد, أو عند البخاري عند أن أخرج من نيسابور, وكثير من علمائنا ضربوا وسجنوا وعذبوا فما دعوا الناس إلى البيعة, فهي تعتبر بدعة من بدع العصر, فإن قال قائل: فإن النبي يقول $إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمر أحدهم#(5) فالجواب: أن هذا مقصور على السفر, والإمام يعتبر أمير المؤمنين فلو أن الإمام أمر على اليمن مثلا أميرا وعلى مصر أميرا وعلى أرض الحرمين أميرا ونجد أميرا وعلى السودان أميرا”. فضائح ونصائح (ص 67-69).
قال الشيخ /: “فإذا كان الشخص في بلد رئيسها كافر فلا بأس أن يتعاهد جماعة بأمر سري لا بأس بهذا , أما والدولة مسلمة ورئيس مسلم تجب له السمع والطاعة فهذا لا يجوز”. المصارعة (ص 95).
وسئل الشيخ الفوزان -حفظه الله تعالى-: مما يتساهل به الناس قضية البيعة فهناك من يرى جواز أخذ البيعة لجماعة من الجماعات مع وجود بيعة أخرى, وقد لا يكون المبايع في هذه الجماعات معروفا بدواعي السرّية. ما حكم هذا؟ ثم هل يختلف الحكم في بلاد الكفار أو تلك التي لا تحكم بما أنزل الله؟
فأجاب: “البيعة لا تكون إلا لولي أمر المسلمين وهذه البيعات المتعددة مبتدعة وهي من إفرازات الاختلاف والواجب على المسلمين الذين هم في بلد واحد وفي مملكة واحدة أن تكون بيعتهم واحدة لإمام واحد ولا يجوز المبايعات المتعددة وإنما هذا من إفرازاة تجوز المبايعات من اختلافات هذا العصر ومن الجهل بالدين”. الرسالة الكبرى (ص83-84).
8- تنظيم سرّي.
عن ابن عمر ، قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله أوصني, قال $اعبد الله ولا تشرك به شيئا وأقم الصلاة وآت الزكاة وصم رمضان وحج البيت واعتمر واسمع وأطع وعليك بالعلانية وإياك والسر#. أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1104) وظاهر إسناده حسن لكنه ذكره الذهبي في الميزان من ترجمة سعيد بن عبد الرحمن أنه من مناكيره فالحديث ضعيف.
عن زيد بن أسلم أنه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله والله ما من الخلق أحد أحب إلينا من أبيك وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك وأيم الله ما ذاك بما نعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم البيت. قال: فلما خرج عمر جاؤوها فقالت: تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت وأيم الله ليمضين لما حلف عليه فانصرفوا راشدين فروا رأيكم ولا ترجعوا إلي فانصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (14/567-568/1889) بسند صحيح.
قال عمر بن عبد العزيز /: “إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم بشيء دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة”. أخرجه ابن عبد البر في جامع البيان (492\ رقم 1774\ مكتبة عباد الرحمن) واللالكائي في شرح الأصول (251) وفيه انقطاع بين الأوزاعي و عمر بن عبد العزيز, و مع ذلك الواقع يشهد على ذلك.
وقال أبو إسماعيل الهروي /: لا والله ولا دين المتناجين دين ولا رأي المتسترين متين. ذم الكلام (4/328).
سئل الشيخ الألباني /: يقولون: التنظيم السرّي فإن الإسلام لا يقوم إلاّ بجماعة, وقال هذا التنظيم مثل ما نطلع رحلةً لا بعد واحد ينظم أموره؟
فأجاب: “هذه صوفية عصرية, الصوفية قديماً هكذا المشايخ الذي يسمونهم المريدين كالعبيد لا يتحرك حركة إلا بإذن الشيخ, الإسلام ليس فيه سرّية خاصة في هذه الأيام, الكافر يعلن كفره”. الرسالة الكبرى (ص 35).
سئل الشيخ أحمد بن يحيى النجمي /: أسأل الله أن يشرح صدرك للحق, إنني ولله الحمد هداني الله إلى الصواب, ولكن مع استقامتي هذه وجدت مجموعات سرّية تقوم بأنشطة سرّية و برامج فكرية معاصرة وهي عبارة عن سلسلة من الحلقات السرية, حتى المسؤول عنّا لا نعرف من يقوم بتوجيهه وهي تقوم بسبٍّ ولعن الحكام والبحث في الواقع أكثر من طلب العلم الشرعي, ويقولون إنّ الذي يفقه لواقع أفضل من علماء هذا الزمان. وهم يتلقون تربيتهم من بعد المعاصرين الفكريين, و صلتهم بالسلف الصالح و الأئمة قليل جداًّ بدعوى أنّ هذا العصر لا يصلح إلا لهذه الفكرة, وهذه المجموعة تسمّى السروريّة أو القطبيّة و أنا منتظم و لي فيها أربع سنوات والله لم أستفد أي شيء, فما هي نصيحة والدي الغالي فأنقذني من هذا الأمر؟
فأجاب: “فإن هذه المجموعات السرية مجموعات مبتدعة ويتضح ذلك من الأمور التالية:
أولاً السرية والتكتم في دعوتهم بدون حاجة إليه, فالدولة مسلمة وتؤيد الدعوة وتعين عليها والمجتمع مسلم فما هو الداعي للسرية إلا أنهم عندهم في دعوتهم أمورا غير تعليم الأحكام الشرعية يريدون التكتم عليها حتى يصلوا إلى مآربهم.
ثانياً الحزبية والتنظيم الذي يفرق الأمة ويجعلها فرقا متعادية يبغض بعضها بعضا فكل حزب يرى أن الحق ما هو عليه دون غيره فيتعاطفون ويتناصرون فيما بينهم.
ثالثاً من بدعهم : الإمارة في الحضر وهذه بدعة يستعبدون بها الأحرار فلا يتحرك أحد ممن انتظموا في حزبهم إلا بعد إذن أميره علما بأن هذا لم يطلبه رسول الله من أصحابه ولا أمر الله تعالى عباده بذلك أي بأن لا يتحرقوا إلا بعد استئذان نبيهم إلا إذا كانوا معه على أمر جامع كالغزو مثلا, قال تعالى وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ [النور : 62] أما بدون ذلك فكل منهم يذهب لحاجته لا يحتاج أن يستأذن النبي .
رابعاً من بدعهم وجرائمهم: لعن الحكام وسبهم والتزهيد فيهم مع عدم اعتبارهم ولاة تجب طاعتهم.
خامساً أما فقه الواقع الذي ما زال هؤلاء يطنطنون فنحن نقول: إن كنتم تريدون بفقه الواقع ما ترتب عليه الأحكام الشرعية وتتبين به الفتوى مما يكون مناطا للحكم وسببا له أو وسيلة إليه فإن سماحة الشيخ ابن باز وابن عثيمين وابن فوزان وغيرهم من المفتين لم يصدروا الحكم أو الفتوى إلا بعد أن يعرفوا الواقع وإن كنتم تريدون بفقه الواقع: الاطلاع على أسرار الدول وأخبار أهل العصر مما يكتب في الجرائد والمجلات أو تتناقله وسائل الإعلام أو غير ذلك فإن لأهل العلم شغلا بأعمالهم التي نيطت بهم وأوكلت إليهم من الفتوى والتدريس والدعوة إلى الله تعالى ما لا يتسع معه لشيء آخر مع أنهم لهم قدرة محدودة”. اهـ مختصرا من المورد العذب الزلال (ص 242-248).
9- و10- قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “من علامات الحزبية: 9. النفخ لأصحابها ولضعفائها, 10. عدم الإنصاف. (ليلة الثلاثاء 1 صفر 1428).
11- التجلد في الباطل.
قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ الله عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِالله وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ الله وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُون [البقرة : 6 - 9].
وقال تعالى وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ [الأعراف : 193].
وقال تعالى وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ [الأعراف : 198].
وقال تعالى وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الله وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ [الأنعام : 111].
سألت الشيخ -حفظه الله تعالى- بعد صلاة الفجر (يوم الجمعة 3 ربيع الأول 1430) قلت: هل لنا أن نحزب بأنفسنا من كان من أتباع لقمان؟
قال: “من كان سليطا ومتجلدا مثل لقمان فحزبوه فإن هذا من شأن الحزبيين وأما الملبس عليه فنصبر عليه”.
أبين لكم حال هذا الرجل ليعلم, قد قال فيه الشيخ -حفظه الله تعالى-: ساقط من الساقطين ومن أردى أصحاب هذا الحزب الجديد فحذروهم منه. (يوم الخميس 20 ذو الحجة 1429). وله جناية عظيمة على هذه الدعوة من حين أيام عساكر الفساد (تحريف من الجهاد) من قتل وسفك دماء المسلمين ولم نسمع منه توبة ظاهرة أمام السلفيين والآن صار مفتونا بعبد الرحمن العدني وحزبه فنسأل الله أن يكفينا شره.
12- إذا عجز عن الحجة فزع إلى الحكومة.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في مسائل الجاهلية: “المسألة الثانية وستون: كونهم إذا غلبوا بالحجة فزعوا إلى الشكوى للملوك كما قالوا أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ [الأعراف : 127]”.
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: أصحاب لقمان يذهبون إلى الحكومة لإلغاء محاضرة الشيخين (الشيخ محمد بن حزام والشيخ حسن بن قاسم -حفظهما الله تعالى-) الذين سينزلان في بلادنا إندونيسيا؟
فأجاب: “هذا شأن أهل الباطل وقد قرر عليه العلماء كشيخ الإسلام, أفعالهم هذه ليست من أفعال السلفيين وسيرة السلف لا تشهدها”. (ليلة الجمعة 2 رجب 1430).
وقال -حفظه الله تعالى- : “من علامات الحزبية إن لم يتمكن استعان بسلطان وهذا مذكور في كتب السلف”. (ليلة الثلاثاء 23 جمادي الأول 1430).
لا يجوز لأهل السنة أن يتشبه بهم في سلوكهم وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر : 19] ويجب على أهل السنة أن يتمسك بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح تجاه أهل الأهواء بدون التسرع والعجالة, فإن عدم التمسك بالكتاب والسنة تجاههم من أسباب انهزام في الدعوة. قال ابن القيم /: تالله ما عدا عليك العدو إلا بعد أن تولى عنك الولي فلا تظن أن الشيطان غلب ولكن الحافظ أعرض. الفوائد (98 / دار اليقين). وقد سألت الشيخ -حفظه الله تعالى- بعد درس بين المغرب والعشاء (ليلة الخميس, 11 ربيع الأول 1431), قلت: نخبركم بأن دورتهم في إحدى المناطق بإندونيسيا فشلت وهي تعتبر أكبر الدورات عندهم.
قال -حفظه الله تعالى- : من؟
قلت: عبد الله المرعي.
قال:جاء أخوه؟
قلت: لا, لكن جاء معه واحد آخر.
قال: اللهم فشلهم.
قلت: والسؤال الآن, إذا كن هذا الإلغاء من محاولة بعض الإخوة هل هذا يصلح؟
قال: السلفيون تقصد؟
قلت: نعم.
قال: لا, لا نسلك مسلكهم في استعانة الدولة عليهم.
قلت: هذا الذي خفنا عليهم.
قال: لا يستعينون بالدولة عليهم إنما يحذر منهم ويدعو عليهم, قد أنكرنا على الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي في استعانته بالدولة علينا.
ثم أحيل إخواني إلى رسالة أخي في الله أبي فيروز عبد الرحمن الإندونيسي -حفظه الله تعالى- بعنوان “دفع الغمة بوشاية المبطلين والمبتدعة إلى الولاة بأهل السنة” فإنها نافعة.
13- العنف.
قال الشيخ مقبل /: “الذي يستعمل العنف هم الجاهلون كالحزبيين وغيرهم, أما أهل السنة فلا يستعملون العنف, ونتحدى من يقول: إن أهل السنة يستعملون العنف أن يأتي بدليل على ذلك”. تحفة المجيب(ص 225).
وقال /: “إن الإخوان المسلمين في اليمن كانوا أقوى الإخوان المسلمين في سائر البلدان ولكن هل لازموا العدل والإنصاف مع إخوانهم أهل السنة؟ الجواب: يعرفه أهل السنة اليمنيون فهم الذين اصطلحوا بنار الضرب والتهديد و الطرد من المعاهد, وأخذ مساجدهم من أيديهم, أما الآن فحق لنا أن نردد قول ربنا عز وحل يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ [يونس : 23]”. (تقريظ كتاب الأدلة الشرعية لكشف التلبيسات الحزبية على المجتمعات الإسلامية للشيخ أبي عبد السلام حسن بن قاسم الريمي -حفظه الله تعالى- , ص 7-8/دار الإمام أحمد).
14- التلون.
قال الله تعالى وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ [البقرة : 14].
وقال تعالى الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ الله قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَالله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء : 141].
وقال تعالى وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ [التوبة : 56 ، 57].
عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول «إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه». أخرجه البخاري (6757) ومسلم (6796).
قال حذيفة : “وإياك والتلون في دين الله فإن دين الله واحد”. أخرجه ابن عبد البر في جامع البيان (482-483/1775) وقد سبق أنه أثر صحيح.
وقال إبراهيم النخعي /: “كانوا يكرهون التلون في الدين”. أخرجه ابن عبد البر في الجامع (482/1771) بسند صحيح.
وقال البربهاري /: “وإذا ظهر لك من إنسان شيء من البدع فاحذره فإن الذي أخفى عنك أكثر مما أظهر”. شرح السنة (116).
وقال شيخ الإسلام /: “وهذا شأن كل من أراد أن يظهر خلاف ما عليه أمة من الأمم من الحق إنما يأتيهم بالأسهل الأقرب إلى موافقتهم فإن شياطين الإنس والجن لا يأتون ابتداء ينقضون الأصول العظيمة الظاهرة فإنهم لا يتمكنون. ومما عليه العلماء أن مبدأ الرفض كان من الزنادقة المنافقين ومبدأ التجهم كان من الزنادقة المنافقين بخلاف رأي الخوارج والقدرية فإنه إنما كان من قوم فيهم إيمان لكن جهلوا وضلوا”. بيان تلبيس الجهمية (2 / 79).
سئل الشيخ مقبل /: ما هي السرورية, وهل هم من أهل السنة والجماعة؟
فأجاب: “السرورية قد نشروا في بعض جرائدهم أنهم يتبرؤون من هذا الاسم وقد أثنينا عليهم في غير ما شريط مما تقدم لكن الحزبية تجعل أهلها يتلونون ويتقلبون ففي بدء أمرهم وهم في الكويت ما نعلم عنهم إلا خيرا وهم أصحاب دار الأرقم نسبة إلى أخينا محمد سرور ثم انتقلوا إلى بريطانيا وأخبرت أنني أثنيت عليهم في شريط سؤال الأخ الألماني وأنه يوزعون بمكة وبأرض الحرمين ونجد مجانا , فنعم أثنينا عليهم بل طلبت من الأخ عبد الله بن غالب ومن الأخ قاسم أن يتحفاهم بمقطوعات شعرية في الثناء على مجلة البيان لكن ما شعرنا إلا وهم يثنون على حسن الترابي إلى آخر كلام الشيخ /”. غارة الأشرطة (2/216-218).
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله تعالى-: “وأما جماعة الإخوان المسلمون فإن من أبرز مظاهر الدعوة عندهم التكتم والخفاء والتلون والتقرب إلى من يظنون أنه سينفعهم وعدم إظهار حقيقة أمرهم يعني أنهم باطنية بنوع من أنواعها. وحقيقة الأمر يخفى منهم من خالط بعض العلماء والمشايخ زمانا طويلا وهو لا يعرف حقيقة أمرهم ويظهر كلاما ويبطن غيره ولا يقول كل ما عنده. ومن مظاهر الجماعة وأصولها: أنهم يغلقون عقول أتباعهم عن سماع القول الذي يخالف منهجهم ولهم في هذا الإغلاق طرق شتى متنوعة: منها: إشغال وقت الشباب جميعه من صبحه إلى ليله حتى لا يسمع قولا آخر. ومنها أنهم يحذرون ممن ينقدهم. أيضا مما ميز الإخوان المسلمين عن غيرهم أنهم لا يحترمون السنة ولا يحبون أهلها وإن كانوا في الجملة لا يريدون ذلك ولكنهم في حقيقة الأمر ما يحبون السنة ولا يدعون لأهلها. من مظاهرهم أيضا: أنهم يرومون الوصول إلى السلطة وذلك بأنهم يتخذون من رؤوسهم أدوات يجعلونها تصل وتارة تكون تلك الرؤوس ثقافية وتارة تكون تلك الرؤوس تنظيمية, يعني: أنهم يبذلون أنفسهم ويعينون بعضهم حتى يصل بطريقة أو بأخرى إلى السلطة. أيضا من مظاهرهم بل مما يميزهم عن غيرهم: أن الغاية عندهم من الدعوة هو الوصول إلى الدولة هذا أمر ظاهر بين في منهج الإخوان بل في دعوتهم”. الرسالة الكبرى (ص 94-97). مختصرا.
15- الخروج على الحكام والعلماء واستحلال دماء المسلمين.
وعن أبي سعيد قال: بعث علي إلى النبي بذهبية فقسمها بين الأربعة الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي وعيينة بن بدر الفزاري وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب فغضبت قريش والأنصار قالوا يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا قال $إنما أتألفهم# فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق فقال اتق الله يا محمد, فقال $من يطع الله إذا عصيت؟ أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني# فسأل رجل قتله - أحسبه خالد بن الوليد - فمنعه فلما ولى قال $إن من ضئضئ هذا أو في عقب هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الومية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد#. أخرجه البخاري (3166) و مسلم (1064).
قال أبو قلابة /: “ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف”. أخرجه الدارمي (100) والأثر صحيح, صححه شيخنا -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي. وقد أخرجه أيضا عبد الرزاق (18660) وابن سعد (7/184) واللالكائي (247) وأبو نعيم في الحلية (2/287) وذكره الشاطبي في الاعتصام (1/113).
وقال أبو قلابة /: “إن أهل الأهواء أهل الضلالة ولا أرى مصيره إلا النار, وجربهم فليس أحد منهم ينتحل قولا –أو قال: حديثا– فيتناهى به الأمر دون السيف, وإن النفاق كان ضروبا, ثم تلا وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ الله لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ [التوبة: 75], وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ [التوبة : 58], وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ [التوبة : 61], فاختلف قولهم واجتمعوا في الشك والتكذيب, وإن هؤلاء اختلف قولهم و اجتمعوا في السيف ولا أرى مصيرهم إلا النار”.
قال حماد /: “ثم قال أيوب عند ذا الحديث أو عند الأول: وكان والله من الفقهاء ذوي الألباب, يعني أبا قلابة”. أخرجه الدارمي (101) صحيح صححه شيخنا -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي .
وعن سلام بن أبي مطيع قال /: “كان أيوب يسمي أصحاب البدع خوارج، ويقول: إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف”. أخرجه الآجري في الشريعة (2111/مؤسسة القرطبة) بسند صحيح.
وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “المبتدعة الأصل فيهم الخروج”.
16- تكفير بعضهم بعضا وتبري بعضهم بعضا.
قال الله تعالى وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ الله أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [العنكبوت : 25].
وقال تعالى إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ الله أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة : 166 ، 167].
قال البغدادي /: “وليس فريق من فرق المخالفين إلا وفيهم تكفير بعضهم لبعض, وتبري بعضهم لبعض كالخوارج والروافض والقدرية, حتى اجتمع سبعة منهم في مجلس واحد وافترقوا عن تكفير بعضهم بعضا”. الفرق بين الفرق (ص 361) .
قال شيخ الإسلام /: “وصار كثير من أهل البدع مثل الخوارج والروافض والقدرية والجهمية والممثلة يعتقدون اعتقادا هو ضلال يرونه هو الحق ويرون كفر من خالفهم في ذلك”. الفتاوى (12/466-467).
وقال شيخ الإسلام /: “ولكن من شأن أهل البدع أنهم يبتدعون أقوالا يجعلونها واجبة في الدين بل يجعلونها من الإيمان الذي لا بد منه ويكفرون من خالفهم فيها ويستحلون دمه كفعل الخوارج والجهمية والرافضة والمعتزلة وغيرهم وأهل السنة لا يبتدعون قولا ولا يكفرون من اجتهد فأخطأ وإن كان مخالفا لهم مكفرا لهم مستحلا لدمائهم كما لم تكفر الصحابة الخوارج مع تكفيرهم لعثمان وعلي ومن والاهما واستحلاهم لدماء المسلمين المخالفين لهم”. منهاج السنة النبوية (5 / 56).
وقال شيخ الإسلام /: “ولهذا يجب الاحتراز من تكفير المسلمين بالذنوب والخطايا, فإنه أول بدعة ظهرت في الإسلام فكفر أهلها المسلمين واستحلوا دماءهم وأموالهم”. الفتاوى (13/31) .
قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني /: “وأما إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع، رأيتهم متفرقين مختلفين أو شيعاً وأحزاباً، لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقة واحدة في الاعتقاد، يبدع بعضهم بعضاً، بل يرتقون إلى التفكير، يكفر الابن أباه والرجل أخاه، والجار جاره، تراهم أبداً في تنازع وتباغض، واختلاف، تنقضي أعمارهم ولما تتفق كلماتهم تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ [الحشر : 14] أو ما سمعت أن المعتزلة مع اجتماعهم في هذا اللقب يكفر البغداديون منهم البصريين، والبصريون منهم البغداديين، ويكفر أصحاب أبي علي الجبائي ابنه أبا هاشم، وأصحاب أبي هاشم يكفرون أباه أبا علي، وكذلك سائر رؤوسهم وأرباب المقالات منهم، إذا تدبرت أقوالهم رأيتهم متفرقين يكفر بعضهم بعضاً، ويتبرأ بعضهم من بعض، كذلك الخوارج والروافض فيما بينهم وسائر المبتدعة بمثابتهم. وهل على الباطل دليل أظهر من هذا؟ قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى الله [الأنعام : 159]”. الحجة في بيان المحجة (ص 2 /239).
17- تمييع القضايا.
قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “وأما التميع فقد أفسد الناس في دينهم, وأفسد على الناس أخلاقهم. فمنهج التميع الذي لا يكاد يتميز عن منهج أهل الباطل وأهل الأهواء. ولم يكن السلف سائرين على هذا المنهج $تركتكم على البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك#(6). والسلف كانت مدارسهم معلومة ودعوتهم معلومة وكتبهم معلومة فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام : 89]. فكانوا متميزين فيردون على الجهمية والمرجئة والقدرية والرافضة كل ذلك بدون تخليط ولا تميع وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [القلم : 9]. فهذا شأن أهل الباطل يحبون تميع القضايا, حتى في زمان رسول الله يأتون إليه يقولون: يا محمد, لقد عبت آلهتنا وسفهت أحلامنا وأتيت إلى قومك بما لم يأت أحد إلى قومه وما كان بيننا وبين قومنا إلا كصفحة الحبلى ونقوم نتجالد بالسيوف فهل لك أن تزوج عشرة من النساء وتعطى من المال حتى تكون أغنانا ... القصة. وطرقها مذكورة في سورة فصلت وذكرنا مجملها في الصبح الشارق, وطرقها تدل على ثبوتها. والشاهد من هذه القصة أن المشركين يريدون تمييع القضايا ويريدون أن يجعلوا المسألة غوغائية. فيجب على أهل السنة بل على المسلمين أن يستقيموا كما قال ربنا فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ [هود : 112]”. الثوابت المنهجية (ص 12-13).
18- عدم الأمانة وعدم الورع.
قال عنبسة بن سعيد الكلاعي /: “ما ابتدع رجل بدعة إلا غل صدره عن المسلمين واختلجت منه الأمانة”.
قال معمر /: “سمعه من الأوزاعي فقال: أنت سمعت من عنبسة؟ قال: نعم, فقال: صدق / كنا نتحدث أنه ما ابتدع رجل بدعة إلا سلب ورعه”. رواهما ابن عساكر في تاريخه (47/13) وفيه معمر بن غريب أو عريب لم أجد له الترجمة لكن الواقع يشهد على ذلك.
19- اتباع الهوى.
قال شيخ الإسلام /: “فإن اتباع الإنسان لما يهواه هو أخذ القول والفعل الذي يحبه ورد القول والفعل الذي يبغضه بلا هدى من الله قال تعالى وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام : 119] وقال فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ الله [القصص : 50] وقال تعالى لداود وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله [ص : 26] وقال تعالى فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام : 150] وقال تعالى قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة : 77] وقال تعالى وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ الله مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ [البقرة : 120]. فمن اتبع أهواء الناس بعد العلم الذي بعث الله به رسوله وبعد هدى الله الذي بينه لعباده: فهو بهذه المثابة. ولهذا كان السلف يسمون أهل البدع والتفرق -المخالفين للكتاب والسنة- أهل الأهواء: حيث قبلوا ما أحبوه وردوا ما أبغضوه بأهوائهم بغير هدى من الله”. مجموع الفتاوى (4 /189-190).
وقال /: “وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه فلا يستحضر ما لله ورسوله في ذلك ولا يطلبه ولا يرضى لرضا الله ورسوله ولا يغضب لغضب الله ورسوله بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه ويكون مع ذلك معه شبهة دين أن الذي يرضى له ويغضب له أنه السنة وهو الحق وهو الدين فإذا قدر أن الذي معه هو الحق المحض دين الإسلام ولم يكن قصده أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا بل قصد الحمية لنفسه وطائفته أو الرياء ليعظم هو ويثنى عليه أو فعل ذلك شجاعة وطبعا أو لغرض من الدنيا لم يكن لله ولم يكن مجاهدا في سبيل الله”. منهاج السنة النبوية (ص 5 /176).
فائدة:
قال الشاطبي /: “إذا ثبت أن المبتدع آثم فليس الواقع عليه على رتبة واحدة، بل هو على مراتب مختلفة، من جهة كون صاحبها مستتراً بها أو معلناً، ومن جهة كون البدعة حقيقية أو إضافية، ومن جهة كونها بينة أو مشكلة، ومن جهة كونها كفراً أو غير كفر، ومن جهة الإصرار عليها أو عدمه، إلى غير ذلك من الوجوه التي يقطع معها بالتفاوت في عظم الإثم وعدمه أو يغلب على الظن. وهذا المعنى وإن لم يخف على العالم بالأصول فلا يترك التنبيه على وجه التفاوت بقول جملي ، فهو الأولى في هذا المقام”. كتاب الاعتصام (123/ دار العقيدة).
20- اتباع الظن.
قال الله تعالى وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ الله إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [الأنعام : 116].
وقال تعالى أَلَا إِنَّ لِله مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [يونس : 66].
وقال تعالى إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ الله بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى [النجم : 23].
وقال تعالى وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا [النجم : 28].
وعن أبي هريرة عن النبي قال $إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا وكونوا إخوانا ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك#. أخرجه البخاري (4849) ومسلم (2563).
وقال شيخ الإسلام /: “وكل من خالف الرسول لا يخرج عن الظن وما تهوى الأنفس فإن كان ممن يعتقد ما قاله وله فيه حجة يستدل بها كان غايته الظن الذي لا يغني من الحق شيئا”. مجموع الفتاوى (13 / 67).
21- الاختلاف والتفرق بينهم.
قال الله تعالى تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ [الحشر : 14].
قال الشاطبي /: “والفرقة من أخس أوصاف المبتدعة ، لأنه خرج عن حكم الله وباين جماعة أهل الإسلام”. الاعتصام (1 / 85).
وقال شيخ الإسلام /: “والبدعة مقرونة بالفرقة كما أن السنة مقرونة بالجماعة فيقال أهل السنة والجماعة كما يقال أهل البدعة والفرقة”. الاستقامة (1 / 42).
22 - التشبه بالكفار.
عن ابن عمر قال: قال رسول الله «من تشبه بقوم فهو منهم». أخرجه أبو داود (4033) وهو حديث حسن حسنه الألباني في الإرواء (5/109-110/1269).
قال شيخ الإسلام /: وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله ومن يتولهم منكم فإنه منهم وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة. فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفرا أو معصية أو شعارا للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك. اقتضاء الصراط - (126/دار ابن حزم).
وسائل الحزبيين في تقرير باطلهم
استفدت بعض هذا المبحث من رسالة الشيخ محمد بن عمر بن سالم بازمول -حفظه الله تعالى-(7) واختصرت منها وزدت فيها بعض الفوائد, ومن تلك الوسائل:
1- استدلالهم بالمتشابه.
قال الله تعالى هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ [آل عمران: 7] .
وعن عائشة ك قالت: قال رسول الله $فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم# أخرجه البخاري (4547) ومسلم (2605).
قال أيوب السختياني /: “ما أعلم أحدا من أهل الأهواء إلا يخاصم بالمتشابه”. الأثر صحيح أخرجه ابن بطه في الإبانة (788).
وقال شيخ الإسلام /: “وهؤلاء قد يجدون من كلام بعض المشايخ - كلمات مشتبهة مجملة - فيحملونها على المعاني الفاسدة كما فعلت النصارى فيما نقل لهم عن الأنبياء فيدعون المحكم ويتبعون المتشابه”. مجموع الفتاوى (2 / 374).
وقال ابن القيم /: “إن هؤلاء المعارضين للكتاب والسنة بعقلياتهم التي هي في الحقيقة جهليات إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة محتملة تحتمل معاني متعددة ويكون ما فيها من الاشتباه في المعنى والإجمال في اللفظ يوجب تناولها بحق وباطل فبما فيها من الحق يقبل من لم يحط بها علما ما فيها من الباطل لأجل الاشتباه والالتباس ثم يعارضون بما فيها من الباطل نصوص الأنبياء وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا وهو منشأ البدع كلها فإن البدعة لو كانت باطلا محضا لما قبلت ولبادر كل أحد إلى ردها وإنكارها ولو كانت حقا محضا لم تكن بدعة وكانت موافقة للسنة ولكنها تشتمل على حق وباطل ويلتبس فيها الحق بالباطل”. الصواعق المرسلة (3 / 925-926).
وقال ابن القيم /: “لا تجد مبتدعا في دينه قط إلا وفي قلب حرج من الآيات التي تخالف بدعته كما نك لا تجد ظالما فاجرا إلا وفى صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين إرادته”. الفوائد (113-114/دار اليقين).
2- بتر نصوص العلماء والاجتزاء ببعضها ولا غروى فإنهم فعلوا ذلك مع نصوص الشرع.
3- التقليد للغير دون تأمل أو تدبر وتقديس الأشخاص واتباع من هم لديهم العلماء دون الرجوع إلى غيرهم.
قال الله تعالى بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف : 22 ، 23].
قال شيخ الإسلام /: “التقليد المذموم هو قبول قول الغير بغير حجة ؛ كالذين ذكر الله عنهم أنهم وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ الله قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا [البقرة : 170] قال تعالى أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ [البقرة : 170] وقال إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ [الصافات : 69 ، 70] ونظائر هذا في القرآن كثير. فمن اتبع دين آبائه وأسلافه لأجل العادة التي تعودها وترك اتباع الحق الذي يجب اتباعه: فهذا هو المقلد المذموم وهذه حال اليهود والنصارى؛ بل أهل البدع والأهواء في هذه الأمة الذين اتبعوا شيوخهم ورؤساءهم في غير الحق؛ كما قال تعالى يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا الله وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا [الأحزاب : 66] وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا [الأحزاب : 67 ، 68] وقال تعالى وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا إلى قوله خَذُولًا [الفرقان : 27، 28, 29]. وقال تعالى إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ إلى قوله وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّار [البقرة : 166-167] وقال تعالى وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّار إلى قوله إِنَّ الله قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَاد [غافر : 47-48] وأمثال ذلك مما فيه بيان أن من أطاع مخلوقا في معصية الله: كان له نصيب من هذا الذم والعقاب. والمطيع للمخلوق في معصية الله ورسوله: إما أن يتبع الظن؛ وإما أن يتبع ما يهواه وكثير يتبعهما. وهذه حال كل من عصى رسول الله: من المشركين وأهل الكتاب؛ من اليهود والنصارى ومن أهل البدع والفجور من هذه الأمة كما قال تعالى إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ الله بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إلى قوله: وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى [النجم : 23] و“السلطان” هو الكتاب المنزل من عند الله وهو الهدى الذي جاءهم من عند الله كما قال تعالى أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ [الروم : 35] وقال إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ الله بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُم إلى قوله: بِبَالِغِيه [غافر : 56]. وقال لبني آدم: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى إلى قوله: وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طه : 127]. وبيان ذلك: أن الشخص إما أن يبين له أن ما بعث الله به رسوله حق ويعدل عن ذلك إلى اتباع هواه أو يحسب أن ما هو عليه من ترك ذلك هو الحق فهذا متبع للظن والأول متبع لهواه . . . اجتماع الأمرين: قال تعالى في صفة الأولين: فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام : 33] وقال تعالى وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [النمل : 14] وقال تعالى الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُم إلى قوله لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة : 146]. وقال تعالى في صفة الأخسرين قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا [الكهف : 103] الآية وقال أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء [فاطر : 8]. فالأول: حال المغضوب عليهم الذين يعرفون الحق ولا يتبعونه كما هو موجود في اليهود. والثاني: حال الذين يعملون بغير علم قال تعالى وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام : 119] وقال تعالى وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ الله [القصص : 50]. وكل من يخالف الرسل هو مقلد متبع لمن لا يجوز له اتباعه وكذلك من اتبع الرسول بغير بصيرة ولا تبين وهو الذي يسلم بظاهره من غير أن يدخل الإيمان إلى قلبه كالذي يقال له في القبر: من ربك؟ وما دينك؟ وما نبيك؟. فيقول: هاه هاه لا أدري. سمعت الناس يقولون شيئا فقلته -هو مقلد- فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق؛ أي لمات. وقد قال تعالى قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُم [الحجرات : 14] فمن لم يدخل الإيمان في قلبه وكان مسلما في الظاهر: فهو من المقلدين المذمومين. فإذا تبين أن المقلد مذموم -وهو من اتبع هوى من لا يجوز اتباعه - كالذي يترك طاعات رسل الله ويتبع ساداته وكبراءه أو يتبع الرسول ظاهرا...” إلخ. مجموع الفتاوى (4/197-200).
وقال /: “ومن ترك النقل المصدق عن القائل المعصوم و اتبع نقلا غير مصدق عن قائل غير معصوم فقد ضلّ ضلالا بعيدا”. مجموع الفتاوى (27/125).
4- ترك العمل بالنصوص بدعوى جريان العمل على خلافها أو كثرة المخالفين عنها.
قال الله تعالى وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ الله إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [الأنعام : 116].
عن المغيرة بن شعبة عن النبي قال $لا يزال ناس من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون#. أخرجه البخاري (3441) ومسلم (1921) وجاء عن جماعة من الصحابة.
وعن ابن عباس قال: خرج علينا النبي يوما فقال $عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي معه الرجلان والنبي معه الرهط والنبي ليس معه أحد#. أخرجه البخاري (5420) ومسلم (549).
عن عمرو بن ميمون قال: قدم علينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله فوقع حبه في قلبي فلزمته حتى واريته في التراب بالشام ثم لزمت أفقه الناس بعده عبد الله بن مسعود فذكر يوما عنده تأخير الصلاة عن وقتها فقال “صلوها في بيوتكم، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة”. قال عمرو بن ميمون؛ فقيل لعبد الله بن مسعود: وكيف لنا بالجماعة؟ فقال لي: “يا عمرو بن ميمون، إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة، إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك”. أخرجه اللالكائي في شرح الأصول (160) وفي سنده نعيم بن حماد وهو ضعيف. وجاء من طرق أخرى عند الخطيب في الفقيه والمتفقه (2/404) بلفظ: “الجماعة الكتاب والسنة وإن كنت وحدك”. وفي رواية: “الجماعة أهل الحق وإن كنت وحدك”. بسند صحيح,فالأثر ثابت دون القصة.
وقال إبراهيم النخعي /: “الجماعة: هو الحق، وإن كنت وحدك”. أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (2/404-405) وفي سنده عمر بن شبيب المسلي وهو ضعيف.
عن أبي عبد الله محمد بن القاسم الطوسي خادم بن أسلم قال: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: وذكر في حديث رفعه إلى النبي قال «إن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم»(8) فقال رجل: يا أبا يعقوب من السواد الأعظم؟, فقال: محمد بن أسلم وأصحابه ومن تبعه, ثم قال: سأل رجل ابن المبارك فقال: يا أبا عبد الرحمن من السواد الأعظم؟, قال: أبو حمزة السكوني, ثم قال إسحاق: في ذلك الزمان يعني أبا حمزة وفي زماننا محمد بن أسلم ومن تبعه, ثم قال إسحاق: لو سألت الجهال من السواد الأعظم قالوا جماعة الناس ولا يعلمون أن الجماعة عالم متمسك بأثر النبي وطريقه فمن كان معه وتبعه فهو الجماعة ومن خالفه فيه ترك الجماعة. حلية الأولياء (9 /238) وفيه من لم أعثر على ترجمته.
قال ابن حزم /: “ولا معنى لكثرة القائلين بالقول وقلتهم، وقد أفردنا أجزاء ضخمة فيما خالف فيه أبو حنيفة، ومالك، والشافعي جمهور العلماء، وفيما قاله كل واحد منهم مما لا يعرف أحد قال به قبله، وقطعه فيما خالف فيه كل واحد منهم الإجماع المتيقن المقطوع به، ولم يأت قط نص، ولا إجماع، ولا نظر صحيح بترجيح ما كثر القائلون به على ما قل القائلون به”. المحلى (9 / 273-274).
عن الفضيل بن عياض /: “اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين”. كتاب الاعتصام للشاطبي (1 / 57).
قال ابن مفلح /: “ينبغي أن يعرف أن كثيرا من الأمور يفعل فيها كثير من الناس خلاف الأمر الشرعي، ويشتهر ذلك بينهم ويقتدي كثير من الناس بهم في فعلهم. والذي يتعين على العارف مخالفتهم في ذلك قولا وفعلا، ولا يثبطه عن ذلك وحدته وقلة الرفيق، وقد قال الشيخ محيي الدين النووي: ولا يغتر الإنسان بكثرة الفاعلين لهذا الذي نهينا عنه ممن لا يراعي هذه الآداب، وامتثل ما قاله السيد الجليل الفضيل بن عياض: لا تستوحش طرق الهدى لقلة أهلها، ولا تغتر بكثرة الهالكين”. الآداب الشرعية - (1 / 330).
قال الشاطبي / في الاعتصام: “عن القاضي عياض: اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين”. (1/112/دار ابن عفان).
قال الطرطوشي /: “شيوع الفعل وانتشاره لا يدل على جوازه, كما أن كتمه لا يدل على منعه”. الحوادث و البدع (165).
وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “ليست الدعوة إلى الله كثرة الأتباع وعنده من يصوته وإنما الدعوة إلى الله تحري الحق وإن كنت وحدك”. (يوم الأحد 23 رجب 1430).
وقال -حفظه الله تعالى-: “النصر ليس من كثرة العدد ولا العدد وإنما النصر من عند الله”. (ليلة الاثنين 23 شوال 1430).
5- التلبيس بالعبارات المجملة.
قال شيخ الإسلام /: “الذين يعارضون الكتاب والسنة بما يسمونه عقليات : من الكلاميات والفلسفيات ونحو ذلك إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة مجملة تحتمل معاني متعددة ويكون ما فيها من الاشتباه لفظا ومعني يوجب تناولها لحق وباطل فبما فيها من الحق يقبل ما فيها من الباطل لأجل الاشتباه والالتباس ثم يعارضون بما فيها من الباطل ونصوص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا وهو منشأ البدع فإن البدعة لو كانت باطلا محضا لظهرت وبانت وما قبلت ولو كانت حقا محضا لا شوب فيه لكانت موافقة للسنة فإن السنة لا تناقض حقا محضا لا باطل فيه ولكن البدعة تشتمل على حق وباطل وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع ولهذا قال تعالى فيما يخاطب به أهل الكتاب على لسان محمد يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 40 - 42] فنهاهم عن لبس الحق بالباطل وكتمانه ولبسه به: خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر كما قال تعالى وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ [الأنعام : 9] ومنه التلبيس وهو التدليس وهو الغش لأن المغشوش من النحاس تلبسه فضة تخالطه وتغطيه كذلك إذا لبس الحق بالباطل يكون قد أظهر الباطل في صورة الحق فالظاهر حق والباطن باطل ثم قال تعالى وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 42] ...إلى قوله ... وقد ذكره الخلال في كتاب السنة والقاضي أبو يعلى و أبو الفضل التميمي و أبو الوفاء بن عقيل وغير واحد من أصحاب أحمد ولم ينفه أحد منهم عنه - قال في أوله: الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلي الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من تائه ضال قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم! ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب متفقون على مخالفة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين...” إلخ. درء تعارض العقل والنقل (1 / 120).
وقال /: “لفظ المجمل والمطلق والعام كان في اصطلاح الأئمة كالشافعي وأحمد وأبي عبيد وإسحاق وغيرهم سواء لا يريدون بالمجمل ما لا يفهم منه كما فسره به بعض المتأخرين وأخطأ في ذلك بل المجمل ما لا يكفي وحده في العمل به وإن كان ظاهره حقا كما في قوله تعالى خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة : 103] فهذه الآية ظاهرها ومعناها مفهوم ليست مما لا يفهم المراد به؛ بل نفس ما دلت عليه لا يكفي وحده في العمل فإن المأمور به صدقة تكون مطهرة مزكية لهم هذا إنما يعرف ببيان الرسول ولهذا قال أحمد يحذر المتكلم في الفقه هذين “الأصلين”: المجمل والقياس. وقال: أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس يريد بذلك ألا يحكم بما يدل عليه العام والمطلق قبل النظر فيما يخصه ويقيده ولا يعمل بالقياس قبل النظر في دلالة النصوص هل تدفعه فإن أكثر خطأ الناس تمسكهم بما يظنونه من دلالة اللفظ والقياس؛ فالأمور الظنية لا يعمل بها حتى يبحث عن المعارض بحثا يطمئن القلب إليه وإلا أخطأ من لم يفعل ذلك وهذا هو الواقع في المتمسكين بالظواهر والأقيسة ولهذا جعل الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض عن تفسير النبي وأصحابه طريق أهل البدع. وله في ذلك مصنف كبير. وكذلك التمسك بالأقيسة مع الإعراض عن النصوص والآثار طريق أهل البدع. ولهذا كان كل قول ابتدعه هؤلاء قولا فاسدا وإنما الصواب من أقوالهم ما وافقوا فيه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وقوله تعالى يُوصِيكُمُ الله فِي أَوْلَادِكُم [النساء : 11] سماه عاما وهو مطلق في الأحوال يعمها على طريق البدل كما يعم قوله فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [النساء : 92] جميع الرقاب لا يعمها كما يعم لفظ الولد للأولاد. ومن أخذ بهذا لم يأخذ بما دل عليه ظاهر لفظ القرآن بل أخذ بما ظهر له مما سكت عنه القرآن فكان الظهور لسكوت القرآن عنه لا لدلالة القرآن على أنه ظاهر فكانوا متمسكين بظاهر من القول لا بظاهر القول؛ وعمدتهم عدم العلم بالنصوص التي فيها علم بما قيد وإلا فكل ما بينه القرآن وأظهره فهو حق؛ بخلاف ما يظهر للإنسان لمعنى آخر غير نفس القرآن يسمى ظاهر القرآن كاستدلالات أهل البدع من المرجئة والجهمية والخوارج والشيعة”. مجموع الفتاوى (7 /391-393).
وقال ابن القيم /:
فـعليك بالتفصــيل والـتمييز فـالإ
قـد أفسدا هذا الوجـود وخبطا الـ طـلاق والإجـمــال دون بـيان
ـأذهــان والآراء كـــل زمــان
الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (1 / 38).
6- إساءة الظن بالعلماء واتخاذهم رؤوسا جهالا يرجعون إليهم.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله يقول $إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا#. أخرجه البخاري (100) ومسلم (6971).
عن أبي هريرة قال: بينما النبي في جلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال متى الساعة؟. فمضى رسول الله يحدث فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم بل لم يسمع. حتى إذ قضى حديثه قال $أين أراه السائل عن الساعة# قال ها أنا يا رسول الله قال $فإذا ضعيت الأمانة فانتظر الساعة#. قال كيف إضاعتها؟ قال $إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة#. أخرجه البخاري (59).
قال الطرطوشي /: “لا يؤتى الناس قط من قبل علمائهم, وإنما يؤتون من قبل أنه إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم فيؤتى الناس من قبله”. الحوادث والبدع (77).
قال ابن سحمان /: “العجب كل العجب ممن يصغي ويأخذ بأقوال أناس ليسوا بعلماء ولا قرؤوا على أحد من المشايخ فيحسنون الظن بهم فيما يقولونه و ينقلونه ويسيئون الظن بمشايخ أهل الإسلام و علمائهم الذين هم أعلم منهم بكلام أهل العلم وليس لهم غرض في الناس إلا هدايتهم و إرشادهم إلى الحق الذي كان علىه رسول الله و أصحابه وسلف الأمة و أئمتها. أما هؤلاء متعالمون الجهال فكثير منهم خصوصا ما لم يتخرج على العلماء منهم وإن ادعوا الناس إلى الحق فإنما يدعون إلى أنفسهم ليصرفوا وجوه الناس إليهم طلبا للجاه والشرف والترؤس على الناس فإذا سئلوا أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا”. منهاج أهل الاتباع (24) نقلا من شرح قول ابن سيرين للشيخ أحمد بن عمر بازمول.
7- الجدل والخصومة فيما يريدون فيه.
8- تقعيد القواعد من كلامهم جعلها أصولا يرجعون إليها.
قال شيخ الإسلام /: “ثم المتقدمون الذين وضعوا طرق “الرأي” و“الكلام” و“التصوف” وغير ذلك: كانوا يخلطون ذلك بأصول من الكتاب والسنة والآثار إذ العهد قريب. وأنوار الآثار النبوية بعد فيها ظهور ولها برهان عظيم وإن كان عند بعض الناس قد اختلط نورها بظلمة غيرها. فأما المتأخرون فكثير منهم جرد ما وضعه المتقدمون. مثل من صنف في “الكلام” من المتأخرين فلم يذكر إلا الأصول المبتدعة وأعرض عن الكتاب والسنة وجعلهما إما فرعين أو آمن بهما مجملا أو خرج به الأمر إلى نوع من الزندقة ومتقدمو المتكلمين خير من متأخريهم. وكذلك من صنف في “الرأي” فلم يذكر إلا رأي متبوعه وأصحابه وأعرض عن الكتاب والسنة ووزن ما جاء به الكتاب والسنة على رأي متبوعه ككثير من أتباع أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم”. مجموع الفتاوى (10/366-367).
قال ابن رجب /: “ومن ذلك أعني محدثات العلوم ما أحدثه فقهاء أهل الرأي من ضوابط وقواعد عقلية ورد فروع الفقه إليها. وسواء أخالفت السنن أم وافقتها طرداً لتلك القواعد المقررة وإن كان أصلها مما تأولوه على نصوص الكتاب والسنة لكن بتأويلات يخالفهم غيرهم فيها وهذا هو الذي أنكره أئمة الإسلام على من أنكروه من فقهاء أهل الرأي بالحجاز والعراق: وبالغوا في ذمه وإنكاره”. فضل علم السلف على الخلف (1/4).
ومن أمثلة تلك القواعد الباطلة:
• نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.
• نصحح ولا نهدم.
• لا أقبل الجرح فيمن أعرفه حتى أقف عليه بنفسي.
• الموازنة بين حسنات المبتدع وسيئاته.
• منهجنا سلفي ومواجهتنا عصرية.
• لا قيام للإسلام إلا بحزب.
• فقه الواقع.
• قولك خطأ ويحتمل الصواب وقولك صواب ويحتمل الخطأ.
• وغير ذلك من القواعد الباطلة التي يتوصل بها أهل التحزب لتقرير باطلهم.
9- العمل بظواهر النصوص دون الرجوع إلى بيان السلف.
قال شيخ الإسلام /: “وهذا هو الواقع في المتمسكين بالظواهر والأقيسة ولهذا جعل الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض عن تفسير النبي وأصحابه طريق أهل البدع”. مجموع الفتاوى (7 / 392).
10- الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والمكذوبة.
قال الشاطبي /: “اعتمادهم على الأحاديث الواهية الضعيفة، والمكذوب فيها على رسول الله ، والتي لا يقبلها أهل صناعة الحديث في البناء عليها. وإنما أخذ بعض العلماء بالحديث الحسن لإلحاقه عند المحدثين بالصحيح، لأن سنده ليس فيه من يعاب بجرحه متفق عليها، وكذلك أخذ من أخذ منهم بالمرسل ليس إلا من حيث ألحق بالصحيح في أن المتروك ذكره كالمذكور والمعدل ، فأما ما دون ذلك فلا يؤخذ به بحال عند علماء الحديث”. كتاب الاعتصام للشاطبي (1 / 166).
11- القياس البعيد.
قال شيخ الإسلام /: “وكذلك التمسك بالأقيسة مع الإعراض عن النصوص والآثار طريق أهل البدع . ولهذا كان كل قول ابتدعه هؤلاء قولا فاسدا وإنما الصواب من أقوالهم ما وافقوا فيه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان”. مجموع الفتاوى (7 / 392).
12- كتمان الحق.
قال الله تعالى وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 42].
وقال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [البقرة : 159].
وقال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ الله مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة : 174].
قال شيخ الإسلام /: “ومن كتم الحق احتاج أن يقيم موضعه باطلا فيلبس الحق بالباطل ولهذا كان كل من كتم من أهل الكتاب ما أنزل الله فلا بد أن يظهر باطلا. وهكذا “أهل البدع” لا تجد أحدا ترك بعض السنة التي يجب التصديق بها والعمل إلا وقع في بدعة ولا تجد صاحب بدعة إلا ترك شيئا”. مجموع الفتاوى (7 / 172- 173).
وقال /: “فلا تجد قط مبتدعا إلا وهو يحب كتمان النصوص التي تخالفه ويبغضها ويبغض إظهارها وروايتها والتحدث بها ويبغض من يفعل ذلك كما قال بعض السلف: ما ابتدع أحد بدعة إلا نزعت حلاوة الحديث من قلبه”(9). مجموع الفتاوى (20 / 161-162).
13- الاحتجاج بزلات العلماء.
قال ابن القيم /: “ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره. فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين فإنه اتباع للخطأ على عمد ومن لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه وكلاهما مفرط فيما أمر به”. إعلام الموقعين (2 / 192).
14- دعوى الإجماعات.
قال شيخ الإسلام /: “ومن ادعى إجماعا يخالف نص الرسول من غير نص يكون موافقا لما يدعيه؛ واعتقد جواز مخالفة أهل الإجماع للرسول برأيهم؛ وأن الإجماع ينسخ النص كما تقوله طائفة من أهل الكلام والرأي فهذا من جنس هؤلاء”. مجموع الفتاوى (19 / 267).
15- تقديم اللغة العربية على الكتاب والسنة.
قال شيخ الإسلام /: “وقد عدلت “المرجئة” في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان واعتمدوا على رأيهم وعلى ما تأولوه بفهمهم اللغة، وهذه طريقة أهل البدع”. مجموع الفتاوى (7 / 118).
16- الردود على أهل السنة بأسماء مجهولة.
أضرار الحزبية
قال شيخ الإسلام /: “من أصر على فعل شيء من البدع وتحسينها فإنه ينبغي أن يعزر تعزيرا يردعه وأمثاله عن مثل ذلك . ومن نسب إلى رسول الله الباطل خطأ فإنه يعرف فإن لم ينته عوقب ولا يحل لأحد أن يتكلم في الدين بلا علم ولا يعين من تكلم في الدين بلا علم أو أدخل في الدين ما ليس منه”. مجموع الفتاوى (22 / 240).
قال الشيخ مقبل /: “هذه الحزبية شتتت شمل الدعاة من أهل السنة إلى الله في اليمن وفي أرض الحجاز وفي أرض الحرمين ونجد وفي السودان وفي مصر وفي كثير من البلاد الإسلامية”. تحفة المجيب (ص 144).
قال الشيخ أحمد بن يحيى النجمي /: “مساوئ الحزبية: أولا, أن الحزبية بدعة منكرة. ثانيا, ذم الله تعالى الحزبية والتحزب وذمها رسوله وذمها سلف الأمة الذين عرفوا الإسلام معرفة حقيقية لأنها خروج على وحدة الأمة الإسلامية. ثالثا, أن المتمين إلى الحزبيات والأحزاب يجعلون حزبهم هو محور الولاء والبراء والحب والعداء وذلك مشاقة لله ولرسوله ومحادة لله ولرسوله . رابعا, يلزم من الحزبية اتخاذ المبتدعين أئمة يحتذى ويقتدى بأفعالهم ويتخذون قدوة وأسوة ويكون قولهم وتقييدهم وتنظيرهم مسلما وإن خالف الحق. خامسا, أن الحزبية تقوم على التسليم بآراء الجماعة وتوزيعها ونشرها وجعلها قطعية الثبوت غير قابلة للنقد ولا النقاش. سادسا, إذا كانت الحزبية سببا للفرقة والفرقة أول معول يضرب في وحدة الأمة وتماسكها وإن تعدد الأحزاب سبب في تعدد مناهجها الفكرية, وتعدد المناهج الفكرية سبب في اضطراب الأحزاب, والاضطراب سبب في الهزائم التي تحل بالمسلمين. سابعا, ومن مضار الحزبية أن أداء الشعائر المحمدية المأثور بها شرعا يتحول الأعداء فيها من واجب تعبدي إلى واجب حزبي فيخدش الإخلاص إن لم يهدمه. ثامنا, أنه إذا أمر قاعد الحزب بالحرص على أي عمل مستحب وأكد عليه بالغ التابعون حتى يحاولوه إلى واجب فيصير المستحب واجبا عند المتحزبين, وبذلك يكونون قد جعلوا له حكما غير الحكم الشرعي الذي وضعه الله ورسوله . تاسعا, الانقسام فربما انقسم الحزب إلى حزبين أو أحزاب”. المورد العذب (117-128) مختصرا.
قال الشيخ -حفظه الله تعالى- في كتابه أضرار الحزبية على الأمة الإسلامية: “من أضرار الحزبية:
1) . عدم العدل والإنصاف.
2) . الحزبية فيها إلغاء الولاء والبراء الصحيح.
3) . الحزبية سنة من سنن الجاهلية.
4) . الحزبية تلغي فضل الأفاضل من عندها, قال الله تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ [الحجرات : 13].
5) . الحزبية تسبب العداء لأولياء الله تعالى.
6) . الحزبية تضعف القوة, وتذهب الريح, وهي أمر مقصود من اليهود والنصارى. اهـ مختصرا (ص 3-26).
أوجه تلبيسات الحزبية
قال الشيخ علي الرازحي -حفظه الله تعالى-: “وصار ذلك التلبيس على هذا العبد من ثلاثة أوجه:
1) . أنه جاهل لم يعرف طريقة أهل الحق فهو أول من وقع في شباك الحزبية.
2) . أنه قد يكون حصل على شيء مما هو يريده من حطام الدنيا من وظيفة ونحوها. وأحب أن أنبهك أخي العزيز: أن الحزبية وأهلها ليس صيدهم بالسهل, فما أن تختلط بهم إلا ويسارعون في ربطك بوظيفة متعلقة بهم, أو منحك مطلبا أنت تطلبه من أمور الدنيا, و إذا كانوا متخوفين منك فأقل ما يربطونك به الدين من الجمعية أو الحزب, حتى تصير مرتهنا لا دنويا فحسب بل اعتقاديا و منهجيا لتلك الفرقة و يصعب عليك التخلص.
3) . أنهم يستطيعون في تلك الحال أن ينسجوا على عقلك سياجا من التغرير, فيصيرون لك أن العالم و الأستاذ والدكتور الفلاني معنا ويؤيد طريقنا. الرسالة الكبرى (ص 12).
الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية
قال الشيخ -حفظه الله تعالى- في كتابه أضرار الحزبية:
1) . التحريش.
2) . التلفيقات والبتر والكذب على العلماء.
3) . التصنع والتزلف عند علماء السنة.
4) . محاولة جعل التكافؤ في الدعوات.
5) . محاولة دخول الحزبيين في أوسط السلفيين.
6) . زرع الجدل في أوسط السلفيين بألفاظ مجملة.
7) . تشويه صورة الدعوة إما بتكفير وإما بغلو في تبديع أو تفسيق بغير حق ونحو ذلك.
8) . مد الأيدي لبعض المغفلين من السلفيين وبذل الأخلاق المزيفة.
9) . التنفير المباشر عن الدعوة السلفية بقولهم: هؤلاء يجرحون, هؤلاء يتكلمون في العلماء.
10) . تشويه صورة الجرح والتعديل.
11) . محاولة إدخال السلفيين في أعمال الحزبيين.
12) . إثارة الطالب على شيخه. اهـ مختصرا (ص 27-47).
كيفية التعامل مع الحزبيين
قال الله تعالى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة : 2].
وقال تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات : 10].
وعن أبى هريرة قال: قال رسول الله $لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى ها هنا#. ويشير إلى صدره ثلاث مرات $بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه#. أخرجه مسلم (6706).
سئل الشيخ /: كيف يكون تعامل طلبة العلم مع أفراد الجماعات المسماة إسلامية كجماعة الإخوان المسلمين و جماعة التبليغ؟
فأجاب: “يكون التعامل معهم بأن يدعوا إلى الله تعالى وهم أحق الناس بالدعوة إلى الله تعالى لأنه ملبس عليهم, فهم يظنون أن جماعة التبليغ على صراط المستقيم, وهم يظنون أن الإخوان المفلسين على صراط المستقيم. و أنصح كل أخ أن يحرص على البيان و التبليغ, و رب العزّة يقول في كتابه الكريم وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا [النساء : 63] ويقول لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ الله فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء : 114]. فأمر مهم أن تختلط بهم و أن تدعوهم إلى الله, لكن ينبغي أن تحذر كل الحذر من أن يجعلوك واجهة يصطادون بك الناس. ويقولون لك: نريد منك أن تلقي محاضرة في النادي الفلاني و هم يريدون أن يقولوا للناس فلان معنا ويتصيدون بك الشباب. أو يقولون: نريد منك أن تلقي محاضرة في المسجد الفلاني فإذا عرفت أنهم لا يريدون إلا أن يصطادوا بك الشباب فلا. اقبل على العلم النافع و العلم والتعليم ولو لم يبق عندك إلا نفران, ولو لم يبق عندك أحد فتحفظ ما استطعت من القرآن ومن سنة رسول الله وتتعلم اللغة العربية و المصطلح و غير ذلك. و هناك مصيدة اتخذها كثير من الدعاة للشباب المغفل و أقول: أنه شاب مغفل و أنا أعلم أنهم سيغضبون إذا سمعوا هذا...يقوم الخطيب و يقول: الجهاد الجهاد عباد الله, والشباب مساكين قد كرهوا وضع الحكومات كلنا قد كرهنا هذا, وقاموا يلتحفون حوله ويقولون: هذا هو الداعية الصادق المخلص. ويقوم يقول: الحاكم الفلاني كذا, و الحاكم الفلاني كذا. فضيعوا الشباب عن العلم النافع. ونحن ننتقد في حدود ما نستطيع ولا أقول: إننا ننتقد كل شيء, ونحن مستمرون على طلب العلم, أما أن نجعل الجهاد والدعوة إليه تلبسا على الشباب من أجل أن يلتف حولنا الشباب كما قال بعض الشباب من المحويت يقول: الإخوان المسلمون يأتون إلينا ويقولون: الجهاد الحهاد, فنصبح كأننا قنابل متفجرة وفي الليلة الثانية يأتون لنا بتمثيلية تميع ذلك الحماس كله”.
و سئل /: و هل يجب تحذير الشباب الذين لا ينتمون إلى هذه الجماعات من هؤلاء الشباب الذين ينتمون إليها؟
فأجاب: “يجب التحذير من دعوة الإخوان المفلسين ومن جماعة التبليغ, لكن الشباب يظنون أن جماعة التبليغ على هدى فتدعوهم و تعلمهم حتى إن استطعت أن تتغافل عن هذا الأمر تغافلت, حتى يعلموا و يتعلموا وهم سيتركون من أنفسهم, و هكذا الشباب الذين لا يعرفون ما الإخوان المفلسون عليه كذلك أيضا فإن استطعت أن تعلمهم كتاب الله و سنة رسول الله فهذا أمر حسن على أنهم إذا علموا أنك لست مخلصا معهم سيسحبون شبابهم من عندك وهذا حاصل, فقد قاله سعيد حوى في بعض كتبه: العلماء الذين يصطدمون مع دعوتنا ينبغي أن نسحب الشباب من بين أيديهم حتى لا يشعر العالم إلا وهو وحيد المسكين الذي أضاع عمره في خدمة دعوة الإخوان المفلسين و ماتت كتبه وقد خلف سعيد حوى في خدمة الإخوان المفلسين صلاح الصاوي”. غارة الأشرطة (2/88-90).
سئل الشيخ مقبل /: هل جماعة الإخوان المسلمين والتبليغ والقطبيين من أهل السنة والجماعة أم لا؟ وهل يجوز التعاون معهم؟ وهل يجوز لنا وعدم السلام عليهم؟
فأجاب: “جماعة الإخوان المسلمين والتبليغ والقطبيين الأولى أن يحكم على مناهجهم فمناهجهم ليست بمناهج أهل السنة والجماعة أما الأفراد فبعض الناس يكون ملبسا عليه ويكون سلفيا ويأتون إليه من باب نصر دين الله يمشي معهم ولا يدري ما هم عليه. فالأفراد خليط لا يستطاع أن يحكم عليهم بحكم عام لكن المناهج ليست مناهج أهل السنة والجماعة. وأما مسألة التعاون معهم فأنا أنصح أهل السنة أن يستعينوا بالله ويقوموا بواجبهم نحو الدعوة إلى الله, والواقع أننا لا نستطيع أن نتعاون مع إخواننا أهل السنة باليمن وبالسودان وبأرض الحرمين ونجد ومصر وفي الأردن فلماذا نذهب ونتعاون مع أناس يرون أهل السنة أعدى الأعداء؟ فإذا ذهبت فمن أجل أن يقتنصوا بعدك الشباب فتلقي المحاضرة ثم يأخذوا الشباب بعدك والكتب قد ألفت وبينت فساد منهج هؤلاء وأولئك من أبصر الناس بالجماعات في هذا العصر بدخل ودخن الجماعات الأخ ربيع بن هادي -حفظه الله تعالى-. فمن قال الأخ ربيع: إنه حزبي فسينكشف لك بعد أيام أنه حزبي, لأن الشخص يكون في أول أمره مستترا ولا يحب أن ينكشف لكن إذا قوي وصار له أتباع ولا يضره الكلام فيه أظهر ما عنده فأنا أنصح باقتناء كتبه وقراءتها والاستفادة منها -حفظه الله تعالى-”. غارة الأشرطة (2/8-9).
وسئل الشيخ /: هل الإخوان المسلمون يدخلون تحت مسمى الفرقة الناجية والطائفة المنصورة أهل السنة والجماعة منهجا وأفرادا أم لا؟
فأجاب: “أما المنهج فمنهج مبتدع من تأسيسه ومن أول أمره فالمؤسس كان يطوف بالقبور وهو حسن البنا ويدعو إلى التقريب بين السنة والشيعة ويحتفل بالموالد, فالمنهج من أول أمره منهج مبتدع ضال. أما الأفراد فلا نستطيع أن نجري عليهم حكما عاما, فمن كان يعرف أفكار حسن البنا المبتدع ثم يمشي بعدها فهو ضال. ومن كان لا يعرف هذا ودخل معهم باسم أنه ينصر الإسلام والمسلمين ولا يعرف حقيقة أمرهم فلسنا نحكم عليه بشيء لكننا نعتبره مخطئا ويجب عليه أن يعيد النظر حتى لا يضيع عمره بعد الأناشيد والتمثيليات وانتهاز الفرص لجمع الأموال”. تحفة المجيب (ص 96).
قال الشيخ زيد بن محمد المدخلي -حفظه الله تعالى-: “وأما حكم الجلوس مع زعماء الدعوة الإخوانية وأتباعهم ففيه تفصيل: وهو أنهم إذا جاءوا إلى العلماء القادرين على رد البدع والأهواء بنصوص الكتاب والسنة وقصدوا الاستفادة منهم ليكونوا على بصيرة من أمرهم فيقبلوا الحق ويردوا الباطل ويعتصموا بالسنة ويردوا البدعة فلا حرج من جلوس العالم معهم لهذا الغرض الدعوي الشريف بل فيه أجر للجميع وبراءة للذمة من كتمان العلم. أما إذا جاءوا للجدل والمناقشة مستعملين أساليب أهل الزيغ والانحراف من استعمال الكذب فيما يدلون به أخذا وعطاء وتظلما واحتيالا ودفاعا عن أخطاء حزبهم فحينئذ يحق لصاحب السنة من أتباع السلف أن يضرب صفحا عن مجالستهم لأنه لا يرجى من ورائها فائدة تعود على العالم ولا خير ينقلب به المجادل لنفسه وهذا صنيع العلماء مع أهل البدع في كل زمان ومكان كما هو مدون في كتب الشأن وأما طلاب العلم الصغار الذين لا يقدرون على إقامة الحجج على المخالفين ولا يحسنون الردود عليهم فإنهم لا يجوز لهم أن يجالسوا الإخوانية لمناقشتهم ومجادلتهم, و إنما يجب عليهم تجنب مجالسهم كي يسلموا من التأثير عليهم لقلة علمهم و ضعف قلوب البشر, يأووا إلى علماء الشر و إلى أقرانهم من كل طالب علم سلفي مصدر علمه الشرع الشريف بالفهم الصحيح الحصيف لا الفكر المخالف المخيف. ولا يجوز لمن علم شيئا من بدع حزب الإخوان المسلمين أو غيرهم من أهل البدع و الأخطاء أن يسكت عن بيانه وهو قادر على البيان, يرد البدعة وتصحيح الخطإ لأن الرد على أصحاب البدعة و الأخطاء واجب على القادرين من أهل العلم و متى قام به بعضهم سقط الوجوب عن الباقين”(10). الرسالة الكبرى ( 110-111 ).
سئل الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى- : من خالف أصول الطريقة السلفية ممن هم حولنا، وناصر المناهج الأخرى؛ بأن مدح مؤسسّيها ومفكريها، هل يجب نسبته إليهم ليحذره الناس، ولا يغترّوا به وبمنهجه؟
فأجاب: “من خالف منهج السلف، ومدح المناهج المخالفة لمنهج السلف، ومدح أهلها، فإنه يعتبر من أهل المخالفة، تجب دعوته ومناصحته، فإن رجع إلى الحق وإلاّ فإنه يُهجر ويُقاطع”. مؤلفات الفوزان (41 / 89).
قال الشيخ -حفظه الله تعالى- : “يجب التعاون مع الحزبيين يا إخوان, من حيث النصح في أخطئهم وتحذير الناس منهم, فإن أهل السنة أشد الناس تعاونا مع أهل الباطل في هذا الجانب لحديث $انصر أخاك ظالما أومظلوما#”(11).
أضرار مجالسة الحزبيين وأخذ العلم عنهم
قال الله تعالى وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام : 68].
وقال تعالى وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ الله جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا [النساء : 140].
وقال لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ الله أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة:22].
عن عبد الله بن مسعود ": جاء رجل إلى رسول الله < فقال يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله < $المرء مع من أحب#. أخرجه البخاري (5817) ومسلم (6888).
عن عائشة ك قالت: سمعت النبي < يقول $الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر اختلف#. أخرجه البخاري (3158) وعن أبي هريرة عند مسلم (6876).
قال الأوزاعي /: “من ستر عنا بدعته لم تخف علينا ألفته”. أخرجه ابن بطة في الإبانة (420, 508) واللالكائي (257) بسند حسن.
قال الفضيل بن عياض /: “فلا يمكن أن يكون صاحب سنة يمالي صاحب بدعة إلا من النفاق”. ذكر أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي(12) في لم الدر المنثور (176) أن مصدره في الرد على المبتدعة لابن البنا مخطوط مخطوطات الجامعة الإسلامية (1629).
وقال /: “إن لله عز و جل وملائكة يطلبون حلق الذكر فانظر مع من يكون مجلسك لا يكون مع صاحب بدعة فإن الله تعالى لا ينظر إليهم وعلامة النفاق أن يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة وأدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة وهم ينهون عن أصحاب البدعة”. أخرجه أبو نعيم في الحلية (8 / 104) بسند لا بأس به.
ومن تلك الأضرار:
• انغماس الآخذ عنهم في بدعهم وتعلق قلبه بهم ومحبته لهم.
قال مصعب بن سعد /: “لا تجالس مفتونا فإنه لن يخطئك منه إحدى خصلتين: إما أن يفتنك فتتابعه أو يؤذيك قبل أن تفارقه”. أخرجه البيهقي في الشعب (7/61) بسند صحيح.
قال أبو قلابة /: “لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن من أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبس عليكم ما كنتم تعرفون”. أخرجه الدارمي (405) بسند صحيح وصححه الشيخ -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي. وأخرجه أيضا ابن سعد (7/184) وأبو نعيم في الحلية (2/287) والبيهقي في الشعب (2/287) واللالكائي (243, 244).
عن أسماء بن عبيد / قال: (دخل رجلان من أصحاب الأهواء على ابن سيرين وقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث؟ قال: لا, قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله؟ قال: لا, لتقومان عني أو لأقومن, قال: فخرجا. فقال بعض القوم: يا أبا بكر, وما كان عليك إلا أن يقرآ عليك آية من كتاب الله؟ قال: إني خشيت أن يقرآ علي آية من كتاب الله فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي). أخرجه الدارمي (411). بسند صحيح وصححه الشيخ -حفظه الله تعالى- في العرف الوردي.
قال الحسن البصري /: “لا تجالس صاحب هوى فيقذف في قلبك ما تتبعه عليه فتهلك أو تخالفه فيمرض قلبك”. أخرجه ابن وضاح في ما جاء في البدع (138) وسنده حسن.
قال مفضل بن مهلهل /: “لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته حذرته وفررت منه لكنه يحدثك بأحاديث السنة في بدو مجلسه ثم يدخل عليك بدعته فلعلها تلزم قلبك فمتى تخرج من قلبك”. أخرجه ابن بطه (394) بسند حسن.
سئل الشيخ صالح -حفظه الله تعالى- : إذا قال طالب علم ببدعة ودعا إليها وكان صاحب فقه وحديث، فهل يلزم بالبدعة سقوط علمه وحديثه ؟ وعدم الاحتجاج به مطلقاً ؟
فأجاب: “نعم. لا يوثق به. إذا كان مبتدعاً مجاهراً ببدعته لا يوثق به ولا يُتتلمذ عليه، لأنه إذا تُتلمذ عليه يتأثر التلميذ بشيخه ويتأثر بمعلمه، فالواجب الابتعاد عن أهل البدع، والسلف كانوا ينهون عن مجالسة المبتدعة، وزيارتهم، والذهاب إليهم خشية أن يسري شرهم على من جالسهم وخالطهم”. مؤلفات الفوزان (41 / 93)
• ما في مجالستهم من إغراء للعامة بصحة ما هم عليه بتكثير سواد الحزبيين.
عن مغيرة / قال: “خرج محمد بن السائب وما كان له هوى, فقال: اذهبوا بنا حتى نسمع قولههم, فما رجع حتى أخذ بها و علقت قلبه”. أخرجه ابن بطه (1/155/486) بسند صحيح.
قال ابن عون /: “من يجالس أهل البدعة أشد علينا من أهل البدعة”. أخرجه ابن بطه (1/156-157/486) بسند صحيح.
عن سفيان الثوري / قال: “من جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدى ثلاث: إما أن يكون فتنة لغيره، وإما أن يقع في قلبه شيء فيزل به فيدخله الله النار، وإما أن يقول: والله ما أبالي ما تكلموا، وإني واثق بنفسي، فمن أمن الله على دينه طرفة عين سلبه إياه”. البدع لابن وضاح (1 / 125/114) بسند ضعيف فيه مجاهيل.
قال الأوزاعي /: “من وقر صاحب بدعة فقد أعان على فرقة الإسلام. وفي لفظ: على هدم الإسلام”. أخرجه الهروي في ذم الكلام (922) بسند صحيح وجاء عن غيره من السلف وجاء أيضا مرفوعا عن النبي ولا يثبت فيه شيء وقد بسطت الكلام عليه في الفوائد المجوعة المنتخبة من بطون الكتب المفيدة.
قال الفضيل بن عياض /: “من أعان صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام”. أخرجه أبو نعيم في الحلية (8 / 103).
سئل الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى-: ما حكم من يوقر أهل البدع ويحترمهم ويثني عليهم، بأنهم يطبقون حكم الإسلام مع علمه عن ببدعهم، وفي بعض الأحيان عندما يذكرهم في الدروس العامة يقول: “مع التحفظ على بعض المواقف عند هؤلاء ” يقصد بذلك هؤلاء المبتدعة، أو يقول: “بغض النظر عن ما عند هؤلاء من أخطاء” ونحو ذلك من التهوين من شأن بدعهم مع العلم أيضاً أن بعض هؤلاء المبتدعة الذين يحترمهم هذا القائل ويثني عليهم ويدافع عنهم لهم كلام مكتوب ومسجل يعرفه فيه طعن للسنة وتجهيل للصحابة وغمز للنبي فما حكم هذا القائل؟ وهل يحذر من أقواله هذه؟
فأجاب: “لا يجوز تعظيم المبتدعة والثناء عليهم ولو كان عندهم شيء من الحق، لأن مدحهم والثناء عليهم يروج بدعتهم، ويجعل المبتدعة في صفوف المقتدى بهم من رجالات هذه الأمة، والسلف حذرونا من الثقة بالمبتدعة ومن الثناء عليهم ومن مجالستهم، وفي بعض أقوالهم يقولون: (من جلس إلى مبتدع فقد أعان على هدم السنة)، فالمبتدعة يجب التحذير منهم ويجب الابتعاد عنهم ولو كان عندهم شيء من الحق، فإن غالب الضُلال لا يخلون من شيء من الحق، ولكن ما دام عندهم ابتداع وعندهم مخالفات، وعندهم أفكار سيئة فلا يجوز الثناء عليهم ولا يجوز مدحهم ولا يجوز التغاضي عن بدعتهم لأن في هذا ترويج للبدعة وتهويلاً من أمر السنة، وبهذه الطريقة يظهر المبتدعة ،ويكونون قادة للأمة لا قدر الله، فالواجب التحذير منهم، وفي أئمة السنة الذين ليس عندهم ابتداع في كل عصر ولله الحمد فيهم الكفاية للأمة، وهم القدوة، فالواجب اتباع المستقيم على السنة، الذي ليس عنه بدعة وأما المبتدع فالواجب التحذير منه، والتشنيع عليه، حتى يحذره الناس وحتى ينقمع هو واتباعه، وإما كون عنده شيء من الحق فهذا لا يبرر الثناء عليه، لأن المضرة التي تحصل بالثناء عليه أكثر من المصلحة لما عنده من الحق، ومعلوم أن قاعدة الدين “أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”، وفي معادة المبتدع درء مفسدة عن الأمة ترجح على ما عنده من المصلحة المزعومة إن كانت، ولو أخذنا بهذا المبدأ لم يُضلل أحد ولم يُبدَّع أحد لأنه ما من مبتدع إلا وعنده شيء من الحق وعنده شيء من الالتزام ، المبتدع ليس كافراً محضاً، ولا مخالفاً للشريعة كلها، وإنما هو مبتدع في بعض الأمور أو في غالب الأمور، وخصوصاً إذا كان الابتداع في العقيدة وفي المنهج فإن الأمر خطير لأن هذا يصبح قدوة ومن حينئذٍ تنتشر البدع في الأمة وينشط المبتدعة في ترويج بدعهم، فهذا الذي يمدح المبتدعة ويشَّبه على الناس بما عندهم من الحق. هذا أحد أمرين :
إما أنه جاهل، جاهل بأمر البدعة وجاهل بأمر السلف وموقفهم من المبتدعة وهذا الجاهل لا يجوز أن يتكلم ولا يجوز للمسلمين أن يستمعوا له. وإما أنه مغرض : يعرف خطر البدعة ويعرف خطر المبتدعة ولكنه مغرض يريد أن يروج للبدعة ، فعلى كل حال هذا أمر خطير وهذا أمر لا يجوز ولا يجوز التساهل في البدعة وأهلها مهما كانوا”. مؤلفات الفوزان (143 / 2).
• أن مجالسة الحزبيين تسلب الحكمة وتوجب الإعراض عن الحق.
قال ابن عباس : “لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلوب”. أخرجه الآجري في الشريعة (1 /452/133/دار الوطن) بسند حسن.
وقال إبراهيم النخعي /: “لا تجالسوا أهل الأهواء, فإن مجالستهم تذهب بنور الإيمان من القلوب, وتسلب محاسن الوجوه, وتورث البغضة في قلوب المؤمنين”. أخرجه ابن بطة في الإبانة (2/439/370) بسند حسن.
وقال الفضيل بن عياض /: “من أتاه رجل فشاوره فدله على مبتدع فقد غش الإسلام، واحذروا الدخول على صاحب البدع ؛ فإنهم يصدون عن الحق”. أخرجه اللالكائي في شرح الأصول (261) بسند صحيح.
وقال /: “لأن آكل عند اليهودي والنصراني أحب إلي من أن آكل عند صاحب بدعة فإني إذا أكلت عندهما لا يقتدي بي وإذا أكلت عند صاحب بدعة اقتدى بي الناس أحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد وعمل قليل في سنة خير من عمل صاحب بدعة ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة ومن جلس إلى صاحب بدعة فاحذره وصاحب بدعة لا تأمنه على دينك ولا تشاوره في أمرك ولا تجلس إليه فمن جلس إليه ورثه الله عز و جل العمى وإذا علم الله من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له وإن قل عمله فإني أرجو له لأن صاحب السنة يعرض كل خير وصاحب البدعة لا يرتفع له إلى الله عمل وإن كثر عمله”. أخرجه أبو نعيم في الحلية (8 /103- 104) بسند حسن.
قال بندار بن الحسين الشيرازي /: “صحبة أهل البدع تورث الإعراض عن الحق”. طبقات الصوفية لأبي عبد الرحمن السلمي(13)(ص 469/رقم 10).
قال محمد بن النضر الحارثي /: “من أصغى سمعه إلى صاحب بدعة، وهو يعلم أنه صاحب بدعة، نزعت منه العصمة، ووكل إلى نفسه”.أخرجه اللالكائي في شرح الأصول (252) وفيه يوسف بن أسباط وهو الشيباني الواعظ ضعيف. و أخرجه ابن بطة في الإبانة (2/460/446) بسند حسن, وورد عن غيره من السلف كسفيان الثوري /.
فائدة:
قال الشاطبي /: “وأما أن صاحب البدعة تنزع منه العصمة ويوكل إلى نفسه فقد تقدم نقله، ومعناه ظاهر جداً، فإن الله تعالى بعث إلينا محمداً < رحمةً للعالمين حسبما أخبر في كتابه، وقد كنا قبل طلوع ذلك النور الأعظم لا نهتدي سبيلاً، ولا نعرف من مصالحنا الدنيوية إلا قليلاً على غير كمال، ولا من مصالحنا الأخروية قليلاً ولا كثيراً، بل كان كل أحد يركب هواه وإن كان فيه ما فيه، ويطرح هوى غيره فلا يلتفت إليه، فلا يزال الاختلاف بينهم والفساد فيهم يخص ويعم، حتى بعث الله نبيه لزوال الريب والالتباس، وارتفاع الخلاف الواقع بين الناس، كما قال الله تعالى كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ الله النَّبِيِّي [البقرة : 213] إلى قوله فَهَدَى الله الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِه [البقرة : 213] وقوله وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا [يونس : 19] ولم يكن حاكماً بينهم فيما اختلفوا فيه إلا وقد جاءهم بما ينتظم به شملهم، وتجتمع به كلمتهم، وذلك راجع إلى الجهة التي من أجلها اختلفوا، وهو ما يعود عليهم بالصلاح في العاجل والآجل، ويدرأ عنهم الفساد على الإطلاق، فانخفضت الأديان والدماء والعقل والأنساب والأموال، من طرق يعرف مآخذها العلماء. وذلك، القرآن المنزل على النبي قولاً وعملاً وإقراراً، ولم يردوا إلى تدبير أنفسهم للعلم بأنهم لا يستطيعون ذلك ولا يستقلون بدرك مصالحهم ولا تدبير أنفسهم، فإذا ترك المبتدع هذه الهبات العظيمة، والعطايا الجزيلة، وأخذ في استصلاح نفسه أو دنياه بنفسه بما لم يجعل الشرع عليه دليلاً، فكيف له بالعصمة والدخول تحت هذه الرحمة؟ وقد حل يده من حبل العصمة إلى تدبير نفسه، فهو حقيق بالبعد عن الرحمة”. كتاب الاعتصام (87/دار العقيدة).
مميزات أهل السنة من الحزبية وسائر أهل البدع
قال الله تعالى مَا كَانَ الله لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [آل عمران : 179].
وقال الله تعالى لِيَمِيزَ الله الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [الأنفال : 37].
وقال تعالى وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ [الأنعام : 55].
قال زكريا بن يحيى بن صبيح بن عمر بن حصين بن حميد بن منهب سمعت أبا بكر بن عياش قال له رجل: يا أبا بكر بن عياش من هم أهل السنة؟ فقال أبو بكر: “الذي إذا ذكرت الأهواء لم يتعصب لشيء منها”. أخرجه اللالكائي (53) وسنده صحيح.
قال وكيع /: “من طلب الحديث كما جاء فهو صاحب سنة, ومن طلبه ليقوي به رأيه فهو صاحب بدعة”. أخرجه أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (337) و لم أقف على بعض رجاله وذكره الذهبي في السير (9 / 144).
وقال وكيع /: “أهل السنة يرون ما لهم ما عليهم وأهل البدعة لا يرون إلا ما لهم”. أخرجه أبو نعيم في أخبار الأصبهان (2/18-19) وسنده صحيح وأخرجه أيضا الهروي في ذم الكلام (338) بلفظ: “إن أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم وأهل الأهواء لا يكبون إلا ما لهم”.
قال عصام بن يوسف /: “عليكم بالآثار و إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنة أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها “فإن” و“أن” و “أريت” لا يكون علما”. أخرجه الهروي في ذم الكلام (324) وفيه محمد بن علي وهو ابن الحسين الجباخاني أبو عبد الله كان حافظا تكلموا فيه ( اللباب / 1 / 254) وكان يحفظ غير أن الثقات تكلموا فيه ولم يكن في الحديث بذاك (الأنساب/ 2 /33).
قال قتيبة بن سعيد /: “إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث مثل يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن محمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه - وذكر قوما آخرين - فإنه على السنة ، ومن خالف هؤلاء فاعلم أنه مبتدع”. أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (59) بسند صحيح و الصابوني في عقيدة السلف (ص 112).
عن سهل بن عبد الله / قيل له: متى يعلم الرجل أنه على السنة والجماعة؟ قال: “إذا عرف من نفسه عشر خصال: لا يترك الجماعة، ولا يسب أصحاب النبي ، ولا يخرج على هذه الأمة بالسيف، ولا يكذب بالقدر، ولا يشك في الإيمان، ولا يماري في الدين، ولا يترك الصلاة على من يموت من أهل القبلة بالذنب، ولا يترك المسح على الخفين، ولا يترك الجماعة خلف كل وال جار أو عدل”. أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (324) بسند صحيح.
قال الصابوني /: “وإحدى علامات أهل السنة: حبهم لأئمة السنة و علمائها وأنصارها وأوليائها وبغضهم لأئمة البدع الذين يدعون إلى النار ويدلون أصحابهم على دار البوار وقد زين الله تعالى قلوب أهل السنة و نورها بحب علماء السنة فضلا منه جلّ جلاله”. عقيدة السلف (ص 112).
قال البربهاري /: “وإذا رأيت الرجل يحب أبا هريرة وأنس بن مالك وأسيد بن حضير فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله وإذا رأيت الرجل يحب أيوبا وابن عون ويونس بن عبيد وعبد الله بن إدريس الأودي والشعبي ومالك بن مغول ويزيد بن زريغ ومعاذ بن معاذ ووهب بن جرير وحماد بن زيد وحماد بن سلمة ومالك بن أنس والأوزاعي وزائدة بن قدامة فاعلم أنه صاحب سنة وإذا رأيت الرجل يحب أحمد بن حنبل والحجاج بن المنهال وأحمد بن نصر وذكرهم بخير وقال قولهم فاعلم أنه صاحب سنة”. شرح السنة (112).
قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “مميزات أهل السنة حقا عن غيرهم من الفرق:
1) . الجد والاجتهاد في تربية الآباء و الأبناء رجالا و نساء بالكتاب والسنة.
2) . الرجوع إلى أهل العلم وعدم الحماقة.
3) . العناية بالتوحيد.
4) . الدعوة إلى الله على بصيرة.
5) . الدعوة إلى الله على طريقة السلف.
6) . وغيرها من المميزات. (ليلة السبت 3 ربيع الآخر 1428, أسئلة أهل المغرب).
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : ما الفرق بين السلفية و الحزبية؟
فأجاب: “الفرق أن السلفية حق والحزبية باطل فالذي لا يعرف الفرق بين السلفية والحزبية كالذي لا يعرف الفرق بين التمرة و الجمرة”. (ليلة الأحد 7 صفر 1428).
لا يجوز تعدد الجماعات في الإسلام
قال الله تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران : 103 - 105].
سئل الشيخ الألباني /: ما حكم التحزب والأحزاب في الإسلام؟
فأجاب: “نحن نقولها بصراحة إننا نحارب الحزبية لأن التحزبات هذه ينطبق عليها قول الله تعالى فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [المؤمنون : 53]. ولأن التحزب فعلا قد فرق شمل المسلمين وأضعفهم على ما هم عليه من ضعف فازدادوا ضعفا على ضعف. لا حزبية في الإسلام. وهناك حزب واحد بنص القرآن قال الله تعالى أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة : 22]”. الرسالة الكبرى (ص 32).
سئل الشيخ الألباني /: ما حكم الدخول في حزب التجمع اليمني للإصلاح؟
فأجاب: “أن الأحزاب في بلاد الإسلام حقا لا تجوز لأن الله يقول أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة : 22]. فليس هناك إلا حزب واحد, وتستطيع أن تفهم من كلمتي السابقة حول الدعوة السلفية ولماذا نحن نقول الكتاب والسنة ومنهج السلف الواحد السلف الصالح حتى يكون المسلمين حزبا واحدا ولذلك فلا حزبية في الإسلام ورب الأنام يقول في القرآن وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم : 31 ، 32]. وأنا صحيح لست يمنيا ولا جئت اليمن ولكن أنا أعرف أن الأمة الإسلامية في كل بلاد الإسلام هو واحد وهو بعدهم, كما سمعت آنفا من جهة من حيث الأسلوب العلمي كيف يعرفون الخطأ من الصواب, يعرفون العقيدة الصحيحة من العقيدة الباطلة هو على منهج السلف الصالح وهم بعيدون عنها ثم كثيرون منهم يقومون بأعمال صالحة ولكن لا يبتغون وجه الله كما كنت أشرع في الكلمة الثانية الآن الداء في البلاد الإسلامية واحد لا فرق بين هذا الأردن وبين سوريا وبين الجزائر وبين تونس وبين ليبيا والمغرب ثم ارجع إلى الشرق كله العلة واحدة وهي بعدهم عن الاهتداء بكتاب الله وسنة رسوله < وعلى ما كان عليه السلف الصالح. الآن أقول : هذا التجمع أي التجمع اليمني للإصلاح يقينا لم يقم على أساس الكتاب والسنة أولا, ثم يقينا ثانيا لم يقم على أساس الكتاب والسنة ومنهج السلف”. الرسالة الكبرى (ص 47-48).
سئل الشيخ العثيمين /: هل لتعدد الجماعات الإسلامية في الساحة أثر سلبي أم أنها ظاهرة صحيحة؟
فأجاب: “تعدد الجماعات ظاهرة مرضية وليس ظاهرة صحية والذي أرى أن تكون الأمة الإسلامية حزبا واحدا ينتمي إلى كتاب الله وسنة رسوله <”. الرسالة الكبرى (ص 49) .
سئل الشيخ زيد بن محمد المدخلي -حفظه الله تعالى-: نسمع كثيرا عما يسمى بالجماعات الإسلامية في هذا العصر في مختلف أنحاء العالم, فما أصل هذه التسمية ؟ وهل يجوز الذهاب معهم ومشاركتهم إذا لم يكن لديهم بدعة ؟ ثم أيهما أشد عذابا العصاة أم المبتدعة؟
فأجاب: “هذا السؤال قد تكرر كثيرا وقد أجاب عليه نخبة من أتباع السلف بأجوبة مقرونة بالأدلة غير أنه وقد عرض فلا بد من البيان بما تيسر. فأقول: بتعدد هذه الجماعات تعددت مناهجها فلكل جماعة منهج له بنود وله ضوابط أسست من قبل مؤسسي هذه الجماعات, ولنأخذ مثلا عن الجماعات ما يسمى بجماعة الإخوان, وما يسمى بجماعة التبليغ, وما يسمى بحزب التحرير, وما يسمى بجماعة جبهة الإنقاذ, وما يسمى حزب الإصلاح إلى غير ذلك من الجماعات المتعددة. فإذا أردنا أن نعرف القول الحق في تعدد الجماعات هل له أصل في الشرع مع أنه يلزم من تعدد الجماعات تعدد المناهج, فنقول لا وجه لهذا التعدد لأن النبي لما سئل عن الطائفة الناجية المنصورة قال $هي الجماعة# وإذا نقول إنه لا وجه لهذا التعدد لأنه يلزم منه تعدد الاتجاهات وتعدد بنود دعوة هذه الجماعات بالإضافة إلى ما نتج عن هذا التعدد من الأضرار الذي تخفى على أقل الناس علما, حيث ترى أن الجماعة التي لها منهج يهدفون تحت لواء هذا المنهج وينفذون بنوده والجماعة الأخرى تختلف معها لأن لهم منهج يخصهم أسسه إمام لهم غير الإمام الذي أسس وقعد بنود منهج الجماعة الأخرى فحصل من الاختلاف ومن التفرقة ومن سوء الفهم بسبب هذا التعدد الذي من لازمه الاختلاف والفرقة إلى آخره”. الرسالة الكبرى (ص 100).
سئل الشيخ سليم الهلالي -حفظه الله تعالى-: ما موقف الشيخ الألباني في الجماعات الإسلامية؟
فأجاب: “موقفه لا يجوز تعددها فإن المسلمين جماعة واحدة لأن تعددها توهن المسلمين والجماعة عنده جماعة الكتاب والسنة التي هي الفرقة الناجية كما قال ابن مسعود ": الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك”. (جلسة مع الشيخ سليم -حفظه الله تعالى- يوم الثلاثاء 23 جمادي الثاني 1430).
تحذير طالب العلم من الحزبية
عن أبي هريرة قال؛ قال رسول الله $افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة#. رواه أبو داود (4598) بسند حسن وهو في الصحيح المسند. وقد بوب الشيخ / في كتابه الجامع الصحيح من كتاب العلم على هذا الحديث: تحذير طالب العلم من الحزبية.
قال أبو داود /: قلت لأحمد: لنا أقارب بخراسان يرون الإرجاء فنكتب إلى خراسان نقرئهم السلام؟قال: سبحان الله لم لا نقرئهم؟
وقال: قلت لأحمد: نكلمهم؟ قال: نعم, إلا أن يكون داعيا ويخاصم فيه. مسائله لأحمد (ص 276).
وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ /: سألت أحمد عمن قال: الإيمان قول يصلى خلفه؟ قال: إذا كان داعية إليه لا يصلى خلفه, وإذا كان لا علم لديه أرجو أن لا يكون به بأس. مسائله لأحمد (1/61).
وقال ابن مفلح /: قال أحمد في رواية الفضل وقيل له : ينبغي لأحد أن لا يكلم أحدا ؟ فقال : نعم إذا عرفت من أحد نفاقا فلا تكلمه ؛ لأن النبي خاف على الثلاثة الذين خلفوا فأمر الناس أن لا يكلموهم قلت : يا أبا عبد الله كيف يصنع بأهل الأهواء قال أما الجهمية والرافضة فلا ، قيل له : فالمرجئة قال : هؤلاء أسهل إلا المخاصم منهم فلا تكلمه ، ونقل الميموني نهى النبي عن كلام الثلاثة الذين تخلفوا بالمدينة حين خاف عليهم النفاق ، وهكذا كل من خفنا عليه. وقال في رواية القاسم بن محمد أنه اتهمهم بالنفاق ، وكذا من اتهم بالكفر لا بأس أن يترك كلامه . الآداب الشرعية (1 / 289).
قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “كان الشيخ / يناقش الأطفال: ما حكم الحزبية ؟ قال أحدهم: حرام وقال الآخر: الحزبية مساخة. قال: نعم, الحزبية مساخة. وهذا التعويد طيب للصغار في تربيتهم”. (ليلة الأربعاء 22 ذو القعدة 1427).
سئل الشيخ مقبل /: هل يجب تحذير الشباب الذين لا ينتمون إلى هذه الجماعات من هؤلاء الشباب الذين ينتمون إليها ؟
فأجاب: “يجب التحذير من دعوة الإخوان المفلسين, ومن جماعة التبليغ. لكن الشباب الذين يظنون أن جماعة التبليغ على هدى فتدعوهم فتعلموهم حتى إن استطعت أن تتغافل عن هذا الأمر تغافلت حتى يعلموا ويتعلموا وهم سيتركون من أنفسهم. وهكذا الشباب الذين لا يعرفون ما الإخوان المفلسون عليه كذلك أيضا, إن استطعت أن تعلمهم كتاب الله وسنة رسول الله < فهذا أمر حسن على أنهم إذا علموا يعني الإخوان أنك لست مخلصا معهم سيسحبون شبابهم من عندك, وهذا حاصل”. الغارة (ص 2/90).
قال الشيخ الفوزان -حفظه الله تعالى-: “يجب بيان خطر التحزب وخطر الانقسام التفرق ليكون الناس على بصيرة لأنه حتى العوام يخدعون كم من العوام الآن إن خدعوا ببعض الجماعات يظنون أنه على الحق. فلا بعد أن نبين للناس المتعلمين والعوام خطر الأحزاب والفرق لأنهم إذا سكتوا قال الناس العلماء كانوا عارفين عن هذا وساكتين عليه فيدخل الضلال من هذا الباب فلا بد من البيان عندما تحدث مثل هذه الأمور والخطر على العوام أكثر من الخطر على المتعلمين لأن العوام مع سكوت العلماء يظنون أن هذا هو صحيح وهذا هو الحق”. الأجوبة المفيدة (123).
تنبيه:
مقام الدعوة ليس كمقام التحذير, أما مقام الدعوة كما قال تعالى ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل : 125] وقوله اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه : 43 ، 44] وقوله وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا [الإسراء : 53] فالمطلوب من الداعي إلى الله أن يدعو بالرفق واللين مع عدم المداهنة. أما مقام التحذير كما قال تعالى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِير [التوبة : 73], وما جاء من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري " قال: أقبل رجل بنا ضحين وقد جنح الليل فوافق معاذا يصلي فترك ناضحه وأقبل إلى معاذ فقرأ بسورة البقرة أو النساء فانطلق الرجل وبلغه أن معاذا نال منه فأتى النبي فشكا إليه معاذا فقال النبي $يا معاذ أفتان أنت#. أخرجه البخاري (673) ومسلم (1068). فيكون التحذير على حسب ما تحصل به المصلحة للمزجور والسامع والاستطاعة وإذا استدعت الحاجة إلى ذكر أشخاص فعل بل قد يكون واجبا.
تحذير أهل التحزب مُقدَّم على تحذير ضلالهم
تأمل قوله تعالى قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِالله وَحْدَهُ [الممتحنة : 4]. فقدمت البراءة من أهل الضلال على ضلالهم.
عدم الاغترار بتوبة الحزبي
قال الله تعالى إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 160].
وقال قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف : 103 ، 104].
وقال أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [فاطر : 8].
وقال أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد : 14].
وقال أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد : 14].
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي قال $يخرج ناس من قبل المشرق ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه#. قيل ما سيماهم؟ قال $سيماهم التحليق أو قال التسبيد#. أخرجه البخاري (7123) ومسلم (2518) من حديث أبي ذر ".
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله $إن الله حجب التوبة عن صاحب كل بدعة#. أخرجه الطبراني في الأوسط (4 / 281/4202) بسند صحيح و أخرجه البيهقي في الشعب (5/449/7238) من طريق أخرى عن حميد الطويل وأورده أيضا الهيثمي في مجمع البحرين (8/62/4713).
عن أبي عامر عبد الله بن لحي قال: حججنا مع معاوية بن أبي سفيان فلما قدمنا مكة قام حين صلى صلاة الظهر فقال أن رسول الله قال $أن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة وأن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة يعني الأهواء كلها في النار ألا واحدة وهي الجماعة وأنه سيخرج في أمتي أقوام تجاري بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل ألا دخله والله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به نبيكم لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوم به#. أخرجه أحمد (28 / 102) بسند حسن, و أخرجه أبو داود (4597) و أورده الألباني / في الصحيحة (204).
قال الأوزاعي / لبعض أهل البدع إذا انتقلوا من رأي إلى رأي: “إنكم لا ترجعون عن بدعة إلا تعلقتم بأخرى هي أضر عليكم منها”. نقض الدارمي (1 / 433).
وقال سفيان الثوري /: “البدعة أحبّ إلى إبليس من المعصية, لأن المعصية يتاب منها و البدعة لا يتاب منها”. أخرجه ابن الجعد في مسنده (1885) بسند حسن و أخرجه أيضا أبو نعيم في الحلية (7\26).
وقال الشاطبي /: وعن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال: “كان يقال؛ يأبى الله لصاحب بدعة بتوبة، وما انتقل صاحب بدعة إلا إلى أشر منها”. ونحوه عن طريق علي بن أبي طالب " قال : “ما كان رجل على رأي من البدعة فتركه إلا إلى ما هو شر منه”. خرج هذه الآثار ابن وضاح, وخرج ابن وهب، عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول: “اثنان لا نعاتبهما: صاحب طمع وصاحب هوى فإنهما لا ينزعان”. وعن ابن شوذب قال: سمعت عبد الله بن القاسم وهو يقول: “ما كان عبد على هوى تركه إلا ما هو شر منه”. قال: فذكرت ذلك لبعض أصحابنا فقال: تصديقه في حديث عن النبي $يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثم لا يرجعون إليه حتى يرجع السهم على فوقه#. وعن أيوب قال: كان رجل يرى رأياً فرجع فأتيت محمداً فرحاً بذلك أخبره، فقلت: أشعرت أن فلاناً ترك رأيه الذي كان يرى؟ فقال: انظر إلام يتحول؟ إن آخر الحديث أشد عليهم من الأول، وأوله $يمرقون من الدين# وآخره $ثم لا يعودون# وهو حديث أبي ذر " أن النبي قال $سيكون من أمتي قوم يقرؤون القرآن ولا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة#, -إلى قوله-: وسبب بعده عن التوبة أن الدخول تحت تكاليف الشريعة صعب على النفس لأنه أمر مخالف للهوى، وصاد عن سبيل الشهوات، فيثقل عليها جداً لأن الحق ، والنفس إنما تنشط بما يوافق هواها لا بما يخالفه، وكل بدعة فللهوى فيها مدخل، لأنها راجعة إلى نظر مخترعها لا إلى نظر الشارع، فعلى حكم التبع لا بحكم الأصل مع ضميمة أخرى، وهي أن المبتدع لا بد له من تعلق بشبهة دليل ينسبها إلى الشارع، ويدعي أن ما ذكره هو مقصود الشارع، فصار هواه مقصوداً بدليل شرعي في زعمه، فكيف يمكنه الخروج عن ذلك وداعي الهوى مستمسك بحسن ما يتمسك به؟ وهو الدليل الشرعي في الجملة”. الاعتصام(95-96/ دار العقيدة).
الحزبية ليست من الطائفة المنصورة
عن أبي هريرة قال؛ قال رسول الله $افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة#. رواه أبو داود (4598) بسند حسن.
سئل الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى- : هل هذه الجماعات تدخل في الاثنتين وسبعين فرقة الهالكة؟
فأجاب: “نعم, كل من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسب إلى الإسلام في الدعوة أو في العقيدة أو في شيء من أصول الإيمان فإنه يدخل في الاثنين وسبعين فرقة ويشمله الوعيد ويكون لهم من الذم والعقوبة بقدر مخالفته”. الرسالة الكبرى(ص 85).
الضوابط الشرعية التي يحافظ بها المسلم على التزامه بمنهج السلف
سئل الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى-: ما هي الضوابط الشرعية التي يحافظ بها المسلم على التزامه, وتمسكه بمنهج السلف الصالح وعدم الانحراف عنه والتأثر بالمناهج الدخيلة المنحرفة؟
فأجاب: “الضوابط الشرعية تفهم من مجموع ما سبق الكلام فيه, وذلك: أولا؛ بأن يرجه الإنسان إلى أهل العلم والبصيرة, يتعلم منهم, ويستشيرهم فيما يجول في فكره من أمور ليصدر عن رأيهم في ذلك. ثانيا؛ التروي في الأمور وعدم العجلة وعدم التسرع في الحكم على الناس بل عليه أن يتثبت قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات : 6]. وقال الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ الله مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ الله عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء : 94]. تبينوا: أي تثبتوا مما بلغكم. ثم إذا ثبت فعليكم معالجته بالطرق الكفيلة بالإصلاح, لا بالطرق المعنفة أو بالطرق الموشوشة, والنبي قال $بشروا ولا تنفروا#(14)). وقال $إنما بعثتم ميسرين, ولم تبعثوا معسرين#(15). وقال لبعض فضلاء الصحابة $إن منكم لمنفرين, فمن أم الناس فليخفف, فإن وراءه الضعيف وذا الحاجة#(16). ثالثا؛ من الضوابط أن يتزود الإنسان من العلم بمجالسة أهل العلم, والاستماع لآرائهم, وكذالك بقراءة كتب السلف الصالح, وسير المصلحين من سلف هذه الأمة وعلمائها, وكيف كانوا يعالجون الأمور, وكيف كانوا يعظون الناس, وكيف كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, وكيف يحكمون على الأشياء, وهذا مدون في سيرهم وفي تراجمهم, وفي أخبارهم وفي قصص الماضين من أهل الخير, وأهل الصلاح وأهل الصدق لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [يوسف : 111]. فالإنسان المسلم فرد من هذه الأمة, والأمة هي مجموع المسلمين من أول ظهور الإسلام إلى قيام الساعة, وهذا هو مجموع الأمة والمسلم يراجع السلف الصالح وأخبارهم وكيف كانوا يعالجون الأمور وهديهم في ذلك حتى يسير على نهجهم,ولا ينظر إلى أقوال المتسرعين وأخبار الجهلة الذين يحسمون الناس على بصيرة. كثير من الكتيبات اليوم أو المحاضرات أو المقالات تصدر عن جهلاء بأمور الشرع يحمسون الناس, الناس بما لم يأمرهم الله به, ولا رسول الله ولو كان هذا صادرا عن حسن قصد وحسن النية, فالعبرة بالصواب, والحق: هو ما وافق الكتاب والسنة بفهم السلف, أما الناس ما عدا رسول الله < فإنهم يخطئون ويصيبون, فيقبل الصواب ويترك الخطأ”.(الأجوبة المفيدة/260-263).
أيهما أضر على الدين المذاهب أو الحزبية
قال الشيخ مقبل ٌ/: “فإن قلت أيها أضر على الدين المذاهب أم الحزبية؟ فالجواب : الحزبية لأنها مستوردة من قبل أعداء الإسلام لهدم الدين كما أوضحنا نلك في كتبنا إجابة السائل عن أهم المسائل, الفواكه الجانية, المصارعة, قمع المعاند, وكل هذه مطبوعة منشورة وكذا في غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة قد رص وكذا في فضائح ونصائح”. نشر الصحيفة (ص 16-17).
الدرر من كلام شيخنا يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى حول الحزبية
جمعت هذه الأقوال منذ أن أطلب العلم في دار الأم دار الحديث بدماج, وإنما أختار أجودها وإلا فهي كثيرة جدا لأن شيخنا -حفظه الله تعالى- يعتبر خبيرا في هذا الجانب وقد لوحظ أنه قد عرف الحزبية قبل غيره في كثير من القضايا, فنسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياه على الحق. ويكون هذا دأبي في جل رسائلي نشرا لعلمه ومعروفا إليه, قال الله تعالى هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [الرحمن : 60]. وهذه الأقوال أيضا تدل على إخلاصه لنصح المسلمين وتدل على دقة بصيرته في الفتن, تلاحظون ذلك عند تأملكم في تلك الأقوال.
قال محمد بن هادي بن علي المدخلي في مقدمته لترجمة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي / من كتاب المورد العذب الزلال فيمن انتقد على بعض المناهج الدعوية من العقائد والأعمال: فإن للعلماء علينا من الحقوق ما بتركه يتم العقوق, ومن رعايتها: ضبط أحوالهم الشريفة, وتدوين مناقبهم المنيفة, وتخليد محاسنهم في بطون الأوراق, والمحافظة على نتائج أفكارهم (قال محمد بن هادي: “المراد بهذا نتائجهم العلمي الذي أتعبوا فيه أنفسهم, وكدوا فيه أذهانهم, وأكلوا فيه أفكارهم وأتعبوها حتى أنتجوه, ولنا أخرجوه , فجزاهم الله عنا خير الجزاء”) التي هي من أنفس الأعلاق, ومن ذلك: تعظيمهم باللسان والجنان والأركان وعدم التعارض لما يؤذيهم بالدخول في أعراضهم الجميلة, والاستهانة بمناقبهم الجزيلة الجليلة, والتقعد لهم بمراصد الاستخفاف, والتنصب لهم بمنصة الخلاف. (ص 5). ومن تلك الأقوال:
o سئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: ما حكم الدراسة عند غير أهل السنة؟ فأجاب: “الدراسة عند أهل البدع مغامرة لحديث $مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحا خبيثة #(17) و حديث $الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ#(18), وأنها من أشد انحراف الأمة, وتقسيم أهل البدع؛ يدعو إلى بدعته وأهل البدع الذي لا يدعو إلى بدعته هذا باطل. فإن الدعوة بالقول والفعل, ثم يستدل بذالك على أن لا بأس الدراسة عند أهل البدع الذي لا يدعو إلى بدعته؟ فالحاصل أن الدراسة عند أهل البدع محرمة”.
o وسئل -حفظه الله تعالى-: ما حكم بيع أشرطة الحزبيين استدلالا بأن الدعوة تحتاج إلى المال؟
فأجاب: “الدعوة تحتاج إلى العلم وإلى السنة و تدعو الناس بدون التطلع, فإن بيع أشرطتهم يعتبر إعانة على دعوتهم وقال النبي $من يدعو إلى الضلالة فله وزر ووزر من تبعه#(19), استحسانك هذا خطأ فتب إلى الله تعالى.
o سئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: لماذا أهل السنة يردون على الحزبيين ولا يذكرون محاسينهم؟
فأجاب: “منهج الموازنة تلبيس, قد تكون محاسينهم غش منهم والغش محرم فيبين شرهم لأن العامة يحتاجون إلى بيان الحق فتبين شرهم على حد ما يعرف”.
o سئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: بعض الحزبيين استدلو بحديث النخل: $أنتم أعلم بأمور دنياكم#(20) على جواز الانتخابات والدخول في ولي الأمر؟
فأجاب: “هذا استدلال لا يصدر من الفقه, الغش أليس من الدين و قد حصل في الانتخابات, وتقليد الكفار أ ليس من أمور الدين وقد حصل في الانتخابات, وتصوير ذوات الأرواح أ ليس من أمور الدين وقد حصل في الانتخابات, والكذب أ ليس من أمور الدين وقد حصل في الانتخابات, هذا لا يحتاج إلى الإجابة في سؤاله فإن استدلالهم بعيد كمثل من سئل: أين الله؟ فأجاب: في السماء, قال: الدليل؟ قال: حديث $لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ #(21).
o قال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “الحزبيون ما نفعوا أنفسهم ما هم إلا صيادون الأموال”.
o وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “الإخوان المسلمون تربية الخوارج والقطبيون تربية الخوارج ولو كان بينهم تفريق في بعض فروعهم ولكن اجتمعوا في خروجهم على الحكومة”.
o وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “الحزبية يريدون أن يقوموا في مكان جاهز”.
o وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “ننصح بأن يستعفف عما في أصحاب التحزب, قال النبي $ومن يستعفف يعفه الله#”(22).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “ولو كان عالما لكن إذا نزل عند الحزبيين سيشوه صورته”.
o وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “التعصب مبدأ التحزب, التحزب يجعل التحقير على الخير”.
o وقال -حفظه الله تعالى-: “أنت إذا خرب منهجك خربت, اعلم هذا يا طالب العلم سواء كنت قارئا أو داعيا أو خاطبا وإذا صلح منهجك صلحت”.
o وقال -حفظه الله تعالى-: “خذوا قاعدة من أشد أسباب الانحراف و الانقلاب التعصب للأشخاص”.
o وسئل -حفظه الله تعالى-: لا يوجد في قريتنا إلا مسجد واحد ويقيم فيه الحزبيون, هل أصلي الجمعة وأسمع الخطبة؟
فأجاب: “إن لم يوجد في قريتك إلا ذلك المسجد فصل وراءهم لأن الصلاة وراءهم صحيحة وأما الخطبة إذا كانت موافقة للحق فاسمع ولكن إذا كانت مخالفة للحق فاعرض عنها واقبل على ذكر الله”. (ليلة الاثنين 12 رجب 1427).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : قال الحزبيون: فلان سلفي وعنده قصور في الأخلاق, هل هذا الكلام صواب؟
فأجاب: “حسن الخلق أحق انتسابه إلى السلفيين وسوء الخلق أحق انتسابه إلى أهل الباطل, أحسن الخلق بعد توحيد الله هو اتباع النبي وهؤلاء ساءت خلقهم من حيث إعراضهم وجحدهم وعنادهم وأخذ أموال الناس بالباطل, وأما أهل السنة سوء الخلق ينسب إلى شخص لا إلى منهج السلف. الرفق دعوة والرفق دين والرفق خير كثير عليك وعلى الناس ما أعطي بحظ من الرفق خير من الدنيا وما فيها(23). والله لو أعطيته أحسن خلقك ما قبل منك حتى تكون معه. وما عندنا من القصور فنستغفر الله تعالى و نسأل الله تعالى حسن الأعمال والخلق”. (ليلة الجمعة, 28 رمضان 1327).
o سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : من هو الحزبي؟
فأجاب: ”الحزبي هو ولاء وبراء ضيق محصور على من كان معه بغير تمسك بالكتاب والسنة. والحزبيون هم المخالفون لأهل السنة, فكل من خالف أهل السنة بقدر مخالفته عنده شيء من البدع والتحزب”. ( ليلة الأحد, 30 رمضان 1427).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : هل هناك موانع للشخص أن يقال له حزبي؟
فأجاب: “الحزبية بدعة فيبدع بعد إقامة الحجة عليه”. (ليلة الأحد, 30 رمضان 1427).
o سئل-حفظه الله تعالى-: هل أقاتل الكفار تحت راية الحزبيين؟
فأجاب: ”إذا أفتى عالم من العلماء المعتبرين فتقاتل معهم سواء كانوا عصاة أو حزبيين أو فاجرين ما داموا من المسلمين فتقاتل معهم”. (ليلة الاثنين 13 ذو القعدة 1427).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: هل تجوز القراءة في جريدة الحزبيين؟
فأجاب: “ربما نحتاج إلى القراءة فيها للرد عليهم ويجوز فيما لا يشغلك”(24). (ليلة الأربعاء 21 ذو الحجة 1427).
o وقال الشيخ -حفظه الله تعالى-: “خذ هذه القاعدة؛ الإخوان المسلمون مفتاح كل فتنة”. (يوم السبت 18 ذو القعدة 1427).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الإخوان المسلمون من مفاتح الشرور”. (ليلة الثلاثاء 21 ذو القعدة 1427).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الذي يربي على التمييع للصغار يعدهم صيدا للحزبيين”. (ليلة الأربعاء 22 ذو القعدة 1427).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “احذروا التعصب والله مساخة”. (ليلة الجمعة 24 ذو القعدة 1427).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “والله الحزبيون يرجعون إلى العلماء إذا وافقوا أمر دنياهم وإذا خالفوه ضربوهم”. (ليلة الأربعاء 29 ذو القعدة 1427).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “سائر الحزبيين ضاعوا وفشلوا”. (يوم الثلاثاء 4 محرم 1428).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “شهادة امرأة عندنا تعدل شهادة كذا كذا من الإخوان المسلمين”. (ليلة الثلاثاء 30 صفر 1428).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الحزبية سرطان الدعاة”. (ليلة السبت 25 ربيع الآخر 1428).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الدعوة أو المحاضرة في مساجد أهل البدع فيه تفصيل:
• إذا كان البلد لا يوجد فيه مسجد أهل السنة وسيطر على البلد الصوفية والحزبية, فمن أين مسجد أهل السنة ؟! فالقِ المحاضرة أينما كنت, وقد دعا النبي في أسواق المشركين وقال $يا أيها الناس قولوا لا إله الا الله تفلحوا#(25).
• إذا كانت هناك مساجد أهل السنة فلا حاجة إلى أن ينزل إلى مساجد أهل البدع فإن ذلك تكثير سوادهم ومناصرتهم ودعوة إليهم”. (ليلة الجمعة 30 محرم 1429, أسئلة أهل تعز).
o سئل -حفظه الله تعالى-: هل نقول لمن درس في الجامعة الإسلامية حزبي؟
فأجاب: “لا, ليسوا على إطلاقه ولكن نقول إن أبا الحسن وأصحاب جمعية البر وكذلك الزنداني يزكون فيها, وإذا أراد أن يدرس فيها لا بد أن يأتي بتزكية منهم واختبروه, وإذا كان زكاه من هؤلاء الحزبيين قبلوه وإلا فلا, ومن دخل فيها من رجال السنة هم على حالين:
• الذين هم لازموا علماء السنة لا يزالون على سنيته.
• الذين هم لازموا هؤلاء وصاروا مميعين, لا نقول في الجرح والتعديل كلنا سواء وإنما نجرح الكفار.
فلا نقول إن الجامعة الإسلامية الذي يدرس فيها حزبي هذا ليس بإنصاف, ومن قال من يدرس فيها سلفي ما أنصف أيضا فليس على حد واحد. وشهد الأخ محمد السوداني أن من كان زكاه مدير أنصار السنة فإنه مقبول مباشرة. وقال الشيخ محمد بن الهادي -حفظه الله تعالى-: “في الجامعة الإسلامية من كل شكل”. قوله هذا فيه نظر وهو أعلم بها وأستبعد فيها روافض”. (ليلة الجمعة 22 صفر 1429).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: هل الحزبية تلزم وجود البطائق والبيعة؟
فأجاب: “الحزبية قد كانت موجودة في الأمم الماضية وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم : 31 ، 32] وفي آية أخرى فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [المؤمنون : 53] وما كان معهم بطائق ولا بيعة وإنما هي فكرة, كان الشيخ / يقول: (يظن الناس أن الحزبية لها قرنان وإنما هي فكرة)”. (ليلة الجمعة 22 صفر 1429, أسئلة أهل عدن).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: مسجد السنة في قريتنا في تصليح ولا نستطيع أن نصلي فيه, وهناك مساجد الحزبيين والزيدية ففي أيهما نصلي؟
فأجاب: “ما زال في تصليح, لهم أن يصلوا في أي مسجد ما دام من المسلمين, الصلاة خلفهم صحيحة ولا يحضر لهم دروسا ولا يجتمع معهم في اجتماعاتهم وإنما يصلي وينصرف”. (ليلة الأحد 2 ربيع الثاني 1429).
o سئل -حفظه الله تعالى- :ما أحسن كتاب في فهم الحزبية ؟
فأجاب: “أحسن كتاب في ذلك الكتاب والسنة ويتفقه فيهما على فهم السلف الصالح”. (ليلة السبت 12 جمادي الأول 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الحزبية والدنيا سرطان الدعوة قرن أحدهما الآخر وإذا ذهب واحد ذهب الآخر”. (ليلة الاثنين 5 محرم 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “دماج موت الحزبيين. وكان الشيخ / يقول: إذا كان هناك واحد يريد أن يذهب إلى دماج صدوه ويقول: لا تذهب إلى دماج, إن كان لا بد فاذهب إلى معبر”. (ليلة الخميس 14 صفر 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “من يريد أن يعرف الحزبية فلينظر إلى هؤلاء الناس-أي عبد الرحمن العدني وحزبه- وإذا عرفهم فقد عرف الحزبية”. (يوم الأحد 14 ربيع الثاني 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى- في حزبية عبد الرحمن العدني: “فما بقيت حزبية في الدنيا إن لم تكن هذه حزبية”. (ليلة الاثنين 27 ربيع الثاني 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الحزبية مرة والجمعية مرة نسأل الله أن يغنينا عنها”. (ليلة الخميس 24 جمادي الثاني 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “قاتل الله أهل الأهواء لا يدرون من أي باب يدخلون إلى الإسلام”. (ليلة الأربعاء 15 جمادي الثاني 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “ألا فلا يضعف أحدكم أمام أهل الباطل فإنهم أذلهم الله بمعاصيهم”. (ليلة الجمعة 14 شعبان 1429).
o وسئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: الدعوة السلفية فرقة من الفرق فقط أو حزب من الأحزاب؟
فأجاب: “السلفي من حزب الله إن ِشاء الله تعالى أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ, فدعوهم يقولون ما شاؤوا هذا هو الحق وغيره باطل”. (ليلة الاثنين 12 شوال 1429, أسئلة إخواننا الأمريكيين).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: هل الذي يحذر الناس عن دماج يحكم بحزبيته؟
فأجاب: “المحذر عن دماج أصناف؛ منهم حزبي ومنهم زنديق ومنهم منافق ومنهم صاحب دنيا ومنهم غبي ومنهم مقلد, ولا يخرج من هذه الأصناف وأكثرهم من المنافقين الذين لا يحبون الخير والعلم”. (ليلة الخميس 6 ذوالحجة 1429).
o وقال -حفظه الله تعالى- : “والله ما نصر الله الإسلام بالمعاصي, الحزبية ما زادته إلا النكبات”. (ليلة السبت 5 صفر 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الإخوان المسلمون ما عندهم مبدأ, لو أن القذافي أعطاهم مالا لقالوا له شيخ الإسلام وهو رجل باطني ولو أن بوش أثنى عليهم لقالوا له رجل صالح, ومن لم يوافقهم في آرائهم لآذوه عدوا وبغيا”. (ليلة الأحد, 6 صفر 1430).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : هل كل حزبي مبتدع؟
فأجاب: “هذا فيه نظر, إلا إذا تحزب على بصيرة ويقتنع به بعد إقامة الحجة عليه فهو مبتدع لأن الحزبية ليس من ديننا, أما مجرد المقلد مع معرفة خطأ الحزبية فهو عاص بتعصبه وتقليده أما تحزيبه ففيه نظر”. (ليلة الاثنين 7 صفر 1430, أسئلة أهل تعز).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الباطل إن كان صادرا من أهل الباطل يزجر وينهر ويحذر منه وإن كان صادرا ليس من أهل الباطل عبارة عن زلة القدم ينصح مع الاحترام والتقدير”. (ليلة الخميس 27 ربيع الثاني 1430).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: لا نعدل ولا نجرح وإنما شأن الطالب يقبل على العلم؟
فأجاب: “هذا ليس على إطلاقه, لا شك أن فهم الطالب ليس كفهم العالم ولكنه ينقل كلاما موثقا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة : 2]. وبين ابن القيم أن هذا شأن المخاذيل وهو صيد الحزبيين أول مرة”. (ليلة الأحد, 29 جمادي الأول 1430).
o سئل -حفظه الله تعالى-: إذا جرح أحد العلماء بالحزبية وعارضه الآخرون من العلماء لا يقبل جرحه لوجود المعارض استدلالا بجرح شعبة على منهال بن عمرو؟(26)
فأجاب: “هذا الاستدلال في غير موضعه, هذا الأثر استدل به على الجرح غير مفسر, وشعبة ذروة في الجرح لو فسره شعبة أن منهالا كذا وكذا لقبلوه وذلك الذي غير مفسر لا يقبل لأنه فيه احتمالات, وقد يكون عمرو حينئذ ينام أو لم يكن في البيت أو ما إلى ذلك من الاحتمالات”. (ليلة الخميس 3 رجب 1430, أسئلة بعض الزوار).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : قول قائل: لا يبدع شخص إلا إذا يدعو إلى بدعته, ما صحة هذا القول؟
فأجاب: “هذا قول باطل, لا يقول به أحد من العلماء سواء كان من المتقدمين أو من المتأخرين إنما قسموهم إلى الداعي وغير الداعي, أما هذا القول فلا يؤيده دليل بل يرده, $من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد#(27) فليس فيه داع أو غير داع”. (ليلة الجمعة 14 شعبان 1430, أسئلة أهل نجران).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: ما صحة قول: الانتساب إلى السلفي بدعة ؟
فأجاب: “هذا القول انحراف, بل فد انتسب النبي إلى السلف $فإني نعم السلف أنا لك#(28). فليس السلفي مجرد الحزب بل هو فهم الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح, أما مجرد الادعاء فلا ينطبق انتسابه إلى أفعاله ولا ينفعه ذلك”. (ليلة الجمعة 14 شعبان 1430, أسئلة أهل نجران).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: سمعت رجلا يقول: إن لم تكن الفرقة الناجية حماسا فلا أدري من هم ؟
فأجاب: “هذا أخبل هذا أخبل, حماس إخواني وحماس عنده نعرة الروافض”. (ليلة السبت 15 شعبان 1430).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: والدي تبليغي فكيف أتعامل معه؟
فأجاب: “قال الله تعالى وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء : 23] تعامله بالإحسان والنصح باللين والرفق لاسيما الأب فإنه في الغالب لا يقبل النصح من ولده لأنه يعتبر نفسه أكبر منه وقد رباه, وربما إذا نصحه الآخر يتأثر به لا سيما إن كان غريبا أو تعطيعه الكتيبات والأشرطة, إن قبله فذاك المطلوب إن لم يكن كذلك فأنت مأجور وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا [الأنعام : 164]”. (ليلة السبت 15 شعبان 1430).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : قريتي كلهم حزبيون ماذا أعمل معهم؟
فأجاب: “اطلب العلم وإذا قد استفدت من العلم لعل الله تعالى يفتح عليك. الأصل في الحزبيين الجهل إلا أنهم ملبسون بالشبهات, ويحتاج إلى من يبصرهم”. (ليلة الجمعة 14 رمضان 1340).
o وسئل -حفظه الله تعالى- : هل البراءة من المبطل من فعله فقط أو من فعله وأهله لأنه لا يزال من المسلمين؟
فأجاب: “يتبرأ منه بقدر ما عنده من الباطل, أما عبارة عن الزلة فلا والأمر في ذلك يسير, ليست البراءة من المسلمين كالبراءة من الكافرين”. (ليلة الأربعاء 19 رمضان 1430).
o و سئل -حفظه الله تعالى- : نصحت أخي في الله أن يترك الحزبية, فقال: سأقابل الله بحزبيتي, فماذا أعمل معه؟
فأجاب: “ما عليك بعد النصح, فكل يأتي يوم القيامة بأعماله”. (ليلة السبت 19 شوال 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “جماعة التبليغ فرقة من فرق الصوفية الضالة. ضلال كذبة مبتدعة فسقة أصحاب الشركيات, أصحاب الولاء والبراء الضيق لا يجوز لمسلم أن يخرج معهم البتة, لأن يلعب الشطرنج والقيران أهون عليه من أن يخرج معهم. ضد التوحيد, ضد الجرح والتعديل, ضد التميز, ضد السنة, ضد العلم. دعوة التبليغ هدم للإسلام لا نصرة للإسلام لذا لا يمنع دعوتهم دوليا دون إعراض”. (ليلة الجمعة 11 ذو القعدة 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى- : “المتحزبون من الجامعة الإسلامية الآن مميع إن لم يكن حزبيا قح, لا يفرق بين الحزبي و السني, دعوة إلى الحزبية من التحت. لا نقول هذا إلا تدينا. والرسائل التي تخرج من هناك من حيث الجملة قوية لأسباب ومنها توفر المراجع”. (ليلة الإثنين 14 ذو القعدة 1430).
o وسئل -حفظه الله تعالى-: ما هي أسباب التحزب والغلو والتميع؟
فأجاب: “أسباب ذلك كله؛ الشيطان والهوى ومطامع دنيوية وجلساء السوء”. (ليلة الأحد 20 ذو القعدة 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “مجالسة أهل البدع والكفار ذريعة إلى سلب الدين وكل بحسبه”. (يوم الاثنين 17 ذو القعدة 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “الحزبي خائن, تربيه كأنك تربي الثعبان”. (ليلة الأربعاء 14 ربيع الأول 1430).
o وقال -حفظه الله تعالى-: “نحن الآن في أزمنة التميع وقل من يسلم منه”. (ليلة الاثنين 24 شعبان 1430).
الخاتمة
وأخيرا نصيحتي لإخواني في الله في فرنسا بأن أذكر كلاما للشيخ مقبل /, يقول /: “فننصح من استطاع من إخواننا الفرنسيين أن يهب نفسه لله ويتعلم حتى يصبح مبرزا في العلم حتى يستطيع إفادة إخوانه هناك وعليهم أن يحذروا من الصوفية فربما تصلي خلف الصوفي وهو يدبر لك المكايد فإنهم يبغضون السلفيين وكذاك الشيعي فسيأتونهم رافضة من إيران ويقولون: إسلام إسلام وهم مستعبدون لأمريكا وعندهم عقيدة خبيثة فمنهم من يعتقد أن قرآننا ناقص, وأكثرهم يسبون الصحابة وعندهم الكثير من العقائد الخبيثة”. تحفة المجيب (ص 276).
ثم جزى الله خيرا أخانا بوزيان الجزائري عن إخوانه ولإقامته بالدعوة إلى الله تعالى في تلك البلدة وقد أخبرني الأخ عبد الرفيق و الأخ منير -حفظهما الله تعالى- بموقفك في هذه الفتنة أنه قد تبين لك الحق مع بعد مسافة بين دماج وبين فرنسا, قال الله تعالى وَالله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة : 213] وكثر ممن يرى هذه الفتنة رأي العين أعرض عن الحق, والله المستعان.
جاء من حديث أبي كريمة المقدام بن معد يكرب عن النبيّ قال $إذا أحبّ الرّجل أخاه فليخبره أنّه يحبّه#. أخرجه أبو داود (5124) وهو حديث حسن, وقد صححه الألباني في الصحيحة (417) وحسنه الشيخ / في الصحيح المسند (2/199/1143).
عن أنس بن مالك أن رجلا كان عند النبى فمر به رجل فقال يا رسول الله إني لأحب هذا. فقال له النبى < $أعلمته؟#. قال لا قال $أعلمه#. قال فلحقه فقال إني أحبك في الله. فقال أحبك الذي أحببتني له. أخرجه أبو داود (5125) وهو حديث حسن, وقد حسنه الألباني في هداية الرواة (4/441), فالحديث بمجموع الطريقين صحيح. عملا بهذين الحديثين أخبركم أني أحبكم في الله .
وننصحكم بالهجرة من تلك البلاد الكافرة إلى البلاد الإسلامية التي تستطيعون أن تقيموا فيها دينكم. ونرشدكم إلى دار الحديث بدماج أولا قبل غيرها من الأماكن , فإن هذا المكان مهيأ للهجرة ولطلب العلم, وإن شق عليكم الهجرة فانووا في خروجكم من بلادكم لطلب العلم حتى يفتح الله عليكم. فالطالب السني أينما كان ينفع وينتفع به الناس ومن عرف بالعلم يعرف به.
تمت كتابة هذه الرسالة في ليلة السبت 13 صفر 1431 بأرض دماج
فنسأل الله تعالى أن يجنبنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن
وأن يدفع عنا كل سوء ومكروه, وأن يثبتنا
على هذا المنهج القويم إلى أن نلقاه
إنه جواد كريم, والحمد لله
رب العالمين وصلى الله
وسلم على نبينا
محمد
الفهارس
مقدمة الشيخ يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله تعالى- 4
تعريف الحزبية 6
تعريف الحزبية لغة: 6
تعريف الحزبية اصطلاحا: 6
الحزبية سنة الجاهلية 7
تنبيه: 8
الحزبية بدعة 10
أركان الحزبية 12
1 - الكذب 12
2 - الخداع 12
3 - التلبيس 12
4 - قلب الحقائق 12
مبادئ الحزبية 16
أقسام الحزبية 17
1 - حزب الله تعالى 17
2 - حزب الشيطان 17
علامات الحزبية 19
1- العصبية (الولاء والبراء الضيق) 19
2 - العلامة الثانية من علامات الحزبية هي عداء أهل السنة ومناوأتهم 22
3- التفلت عن السنة 24
4- التفلت عن العلم 26
5- الانهماك في الدنيا 26
6- الانهماك في السياسة المخالفة 27
7- بيعة لأمير أو مؤسس لهذا الحزب ويعطى هذا الأمير من هذه المسميات 27
فائدة: 28
8- تنظيم سرّي 30
11- التجلد في الباطل 33
12- إذا عجز عن الحجة فزع إلى الحكومة 34
13- العنف 36
14- التلون 36
15- الخروج على الحكام والعلماء واستحلال دماء المسلمين 39
16- تكفير بعضهم بعضا وتبري بعضهم بعضا 40
17- تمييع القضايا 42
18- عدم الأمانة وعدم الورع 43
19- اتباع الهوى 43
فائدة: 44
20- اتباع الظن 44
21- الاختلاف والتفرق بينهم 45
22- التشبه بالكفار. 45
وسائل الحزبيين في تقرير باطلهم 47
1- استدلالهم بالمتشابه 47
2- بتر نصوص العلماء والاجتزاء ببعضها ولا غروى فإنهم فعلوا ذلك مع نصوص الشرع 48
3 - التقليد للغير دون تأمل أو تدبر وتقديس الأشخاص واتباع من هم لديهم 48
4- ترك العمل بالنصوص بدعوى جريان العمل على خلافها أو كثرة المخالفين عنها 51
5- التلبيس بالعبارات المجملة 53
6- إساءة الظن بالعلماء واتخاذهم رؤوسا جهالا يرجعون إليهم 56
7- الجدل والخصومة فيما يريدون فيه 57
8- تقعيد القواعد من كلامهم جعلها أصولا يرجعون إليها 57
9- العمل بظواهر النصوص دون الرجوع إلى بيان السلف 58
10- الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والمكذوبة 59
11- القياس البعيد 59
12- كتمان الحق 59
13- الاحتجاج بزلات العلماء 60
14- دعوى الإجماعات 60
15- تقديم اللغة العربية على الكتاب والسنة 60
16- الردود على أهل السنة بأسماء مجهولة. 61
أضرار الحزبية 62
أوجه تلبيسات الحزبية 64
الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية 65
كيفية التعامل مع الحزبيين 66
أضرار مجالسة الحزبيين وأخذ العلم عنهم 72
• انغماس الآخذ عنهم في بدعهم وتعلق قلبه بهم ومحبته لهم 73
• ما في مجالستهم من إغراء للعامة بصحة ما هم عليه بتكثير سواد الحزبيين 74
• أن مجالسة الحزبيين تسلب الحكمة وتوجب الإعراض عن الحق 77
فائدة: 78
مميزات أهل السنة من الحزبية وسائر أهل البدع 80
لا يجوز تعدد الجماعات في الإسلام 83
تحذير طالب العلم من الحزبية 86
تنبيه: 88
تحذير أهل التحزب مُقدَّم على تحذير ضلالهم 89
عدم الاغترار بتوبة الحزبي 90
الحزبية ليست من الطائفة المنصورة 93
الضوابط الشرعية التي يحافظ بها المسلم على التزامه بمنهج السلف 94
أيهما أضر على الدين المذاهب أو الحزبية 96
الدرر من كلام شيخنا يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى حول الحزبية 97
الخاتمة 111
نبذة
في ضوابط خروج الشخص من دائرة أهل السنة
لأبي سيف
مفتي بن خيري الجاوي الإندونيسي
أذن بنشرها الشيخ العلامة
يحيى بن على الحجوري – حفظه الله-
دار الحديث
بـأرض دمــاج
نبذة في ضوابط خروج الشخص من دائرة أهل السنة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
هذه المختصرة عبارة عن جواب سؤال أخينا الداعي إلى الله نور اليقين وفقني الله وإياه . لأن السلفي ينبغي أن يتفقد أحوال إخوانه وتكون خدمته للإسلام والمسلمين. ومع ذلك أعتذر إليه لتأخير الجواب عن سؤاله لكثرة الشغل أو ما إلى ذلك من الأسباب. والله المستعان. وقد قعد أهل العلم قاعدة مهمة وهي أنه: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ونقل الصنعاني على ذلك الإجماع كما في سبل السلام. فنسأل الله أن يغفر لنا ولوالدينا ولسائر المسلمين.
وكان سؤالك الأول: ما الفرق بين منهج جعفر -هداه الله- وبين منهج الشيخ يحيى –حفظه الله تعالى- في التحذير والهجر؟
قلت مستعينا بالله –عز وجل-: دعنا من هذا المدبر, لا تقارن بينه وبين الشيخ –حفظه الله تعالى- والقصد كله أن تعرف الضوابط في ذلك. أذكر لك ما قاله الشاطبي / قال: الذي يسهب في مخالفة الفروع بعد بيان الحجة ودفع الشبهة ومن يخالف في الأصول ولو في مسألة واحدة عمدا وقصدا اهـ.
فتأمل هذا الضابط جيدا.
وقال بعضهم في ضابط المبتدع: من أحدث في الدين ما ليس منه اهـ.
فقد ألف الإمام أحمد / أصول السنة وهو كتاب نفيس جدا في بابه فراجعه وتأمل ضوابطه, وإن كان الإسناد إليه مطعونا فيه لكن يبقى الكتاب على شهرته كما أفتى بذلك شيخنا –حفظه الله تعالى- حين سألته عن هذه المسألة .
واقرأ كلام الشيخ –حفظه الله تعالى- في أسئلة أهل لحج ليلة الأحد الموافق 23 ربيع الثاني 1430 :
يقول السائل: أنا أستدل على سلفية عبد الرحمن العدني بأنه لم يلتحق بأي جماعة حزبية في الساحة فهل هذا الكلام صواب وما نصيحتكم؟
الجواب: كلامه هذا ليس بصحيح. لو نظرنا إلى فرقة الشيعة, كم فرقة؟ فوق العشرين فرقة, وهكذا فرق الصوفية وفرق المرجئة وفرق الجهمية وفرق المعتزلة وفرق الحزبيين. وهكذا, فالقول بأنه ما يكون فلان حزبيا إلا أن يندرج تحت حزب, هذا تأصيل باطل, كم من إنسان ما يريد أن يكون تحت حزب يريد أن يكون له حزب هو ويكون رأس ضلالة من هنا حصلت الفرق. فكان في زمن الحسن البصري عنده طلاب وتلاميذ منهم: واصل الغزال فانبرى واصل بن عطاء وقرر أصولا وانفك عن الحسن وصار بعد ذلك من أئمة الضلال وهكذا عمرو بن عبيد وغيرهم. فهذا التأصيل باطل, ولا يقال إنه لايكون حزبيا إلا أن يكون عنده انتخابات ولا حزبيا إلا أن يكون عنده تنظيم سري أو يكون له جمعية كل هذا ما هو لازم. الحزبية ولاء وبراء ضيق وهذا متوفر في عبد الرحمن العدني وذلك الحزب الجديد. اهـ المراد.
وأفيدك بكلام الشيخ –حفظه الله تعالى- الذي هو أجمع وأقصر مما قبله. سئل الشيخ - حفظه الله تعالى- (وكان السؤال في ليلة الأحد الموافق 30 رمضان 1427) عن: من هو الحزبي؟
فأجاب: الحزبي هو ولاء وبراء ضيق محصور على من كان معه بغير التمسك بالكتاب والسنة. والحزبيون هم المخالفون لأهل السنة, كل من خالف أهل السنة بقدر مخالفته عنده شيء من البدع والتحزب اهـ.
سئل الشيخ مقبل / : كيف يحذر الشباب من الحزبيات غير ظاهرة؟ فأجاب: يعرف بالولاء الضيق فمن كان معهم فهم يكرمونه ويدعون الناس إلى محاضراته وإلى الالتفات حوله ومن لم يكن معهم فهو يعتبر عدوهم. (تحفة المجيب ص 112)
وسئل الشيخ / : هل يجوز إطلاق لفظ مبتدع على شخص بالتعيين لكونه ينتمي إلى إحدى الجماعات الحزبية المعاصرة؟ فأجاب: لا أعلم مانعا من هذا, إلا جماعة الحق فلا وإذا كان جاهلا فهذا بينه وبين الله. (فضائح ونصائح ص 118)
قلت: وذلك لأنهم تعصبوا للباطل فصاروا حزبيين بذلك والتحزب من البدع قال الله تعالى : أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [الشورى : 21], وقال تعالى: مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم : 32]. ومن أصول أهل السنة الاجتماع فقد خالفوه , وإن أردت مزيد البيان فراجع مختصر البيان وغيره من الملازم العلمية الواضحة. وأريد أن أنبه أيضا أنه يظهر من سؤالك هذا أن فيك شبهات وشكوكا فأنصحك بتقوى الله والإخلاص وجاهد نفسك على طلب الحق, نسأل الله تعالى أن يهديني وإياك بالحق.
ضوابط الهجر
الهجر لغة: الترك والمراد بهجران أهل البدعة الابتعاد عنهم و ترك محبتهم و موالاتهم والسلام عليهم وزياراتهم و عيادتهم و نحو ذلك.
قال الإمام أ حمد /: ويجب هجر من كفر أو فسق ببدعة أو دعا إلى بدعة مضلة أو مفسقة على من عجز عن الرد عليه أو خاف الاغترار به و التأذي دون غيره. (الآداب الشرعية).
قال أبو داود السجستاني /: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أرى رجلا من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة, أترك كلامه؟ قال: لا, أو تعلمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة فإن ترك كلامه فكلمه و إلا فألحقْه به, قال ابن مسعود : المرء بخدنه. رواه أبو يعلى في طبقات الحنابلة (1\160) بسند صحيح.
قال الصنعاني / : فقال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب له في دينه أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية وتقدم الكلام في هجر من يأتي ما يلام عليه شرعا وقد وقع من السلف التهاجر بين جماعة من أعيان الصحابة والتابعين وتابعيهم وقد عد الشارح جماعة من أولئك يستنكر صدوره من أمثالهم أقاموا عليه ولهم أعذار إن شاء الله والحمل على السلامة متعين والعباد مظنة المخالفة. (سبل السلام 4 / 167).
قال شيخ الإسلام /: ومن كان محسنا للظن بهم وادعى أنه لم يعرف حالهم عرف حالهم فإن لم يباينهم و يظهر لهم الإنكار و إلا ألحق بهم و جعل منهم. (الفتاوى \ 2\113).
قال شيخ الإسلام /: وهجران أهل البدع كافرهم و فاسقهم و المتظاهرين بالمعاصي و ترك السلام عليهم فرض كفاية و مكروه لسائر الناس و قيل لا يسلم أحد على فاسق معلن ولا مبتدع معلن ولا يهجر مسلم مستور من السلام فوق ثلاثة أيام. (الآداب الشرعية).
قال شيخ الإسلام /: إذا كان الرجل مخالطا في السير لأهل الشر يحذر عنه. (الفتاوى 13\414).
قال الشيخ العثيمين /: وهجران أهل البدع واجب لقوله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَه [المجادلة : 22]. ولأن النبي < هجر كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلفوا عمن غزوة تبوك . لكن إذا كان في مجالستهم مصلحة لتبين الحق لهم وتحذرهم من البدعة فلا بأس بذلك و ربما يكون ذلك مطلوبا لقوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن [النحل : 125]. وهذا قد يكون بالمجالسة والمشافهة وقد بكون بالمراسلة و المكاتبة و من هجر أهل البدع ترك النظر في كتبهم خوفا من الفتنة بها أو ترويجها بين الناس فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب لقوله < في الدجال: (من سمع به فلينأ عنه, فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات) رواه أبو داود, قال الألباني إسناده صحيح . لكن إذا كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به و كان قادرا على الرد عليهم بل ربما كان واجبا لأن رد البدعة واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. (شرح اللمعة \159-160\ مكتبة الإرشاد).
قال الشيخ العثيمين / في ذكر شروط وليمة العرس التي تجب حضور دعوتها: والشرط الثالث: أن يكون ممن يحرم هجره فإن كان ممن لا يحرم هجره فلا بأس أن يتخلف عن إجابته, لأن عدم إجابته من الهجر, ولكن يجب أن نعلم أن الهجر دواء إن أفادت استعمل و إن لم يفد حرم, لأن النبي < قال: $لا يحل للرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا و يعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام# . لكن إذا علمنا أن الهجر ينفع هحرنا, أما إذا علمنا أن الهجر لا يزيد الأمر إلا شدة فإننا لا نهجره. (التعليقات على القواعد و الأصول الجامعة ص 282\ مكتبة السنة).
قال الشيخ صالح الفوزان –حفظه الله تعالى-: الأصل في المسلم الخير و إحسان الظن به ما لم يظهر منه خلاف ذلك هذه هي القاعدة, فالمؤلف يقول: ما دام المسلم لم يظهر منه إل الخير فإننا نقبل منه الخير حتى المنافق والرسول < قبل ظاهر المنافقين و كل سرائرهم إلى الله تعالى, فما دام أنه لم يظهر منه شيء فأنت تحسن الظن به, لكن إذا ظهر منه بغض للسنة و لأهل السنة فحينئذ فاحذره. (اتحاف القاري \ 2\241\ مكتبة الرشد).
سئل شيخنا –حفظه الله تعالى- عن: من كان في بلده حزبي هل يهجر؟
فأجاب: إن كان في بلدك عوام الناس وأنت بمفردك وربما هذا الحزبي يلبس على بعض الناس إذا هجرته فيقول: هذا لا يرد السلام ولا يصافح وما إلى ذلك تشويها عليك فلا تهجره, لكن بين الأخطاء عنده حتى يعرف الناس ولو لم تهجره. وإن كانت السنة قوية وتمكنت في دعوتك مع إخوانك ثم رأيت أحدا يعرض عن الحق فاهجره, فإن الهجر في هذه الحالة نافع, ولا يشرع الهجر إلا لهذا القصد. أما قول بعض أهل العلم يهجره مطلقا ففيه نظر . اهـ (ليلة الجمعة 6 ربيع الأول 1430)
وقال شيخنا –حفظه الله تعالى- في كتابه النافع الثوابت المنهجية (ص23) لما سئل عن : متى يصير العامة مبتدعا؟
فأجاب: عوام الناس أنصار من سبق إليهم فعوام الناس يغترون بكثرة المال وبكثرة الكرم فعوام الناس يصبر عليهم ويناصحون ولا سيما وهم لا يفهمون الحجة ولم يدروا معناها وإن كان قد بينت له الحجة وبان له الأمر وفهمه ثم عاند وأصر فهذا يلحق بمن دافع عنه بالباطل اهـ.
وقال –حفظه الله تعالى- من المصدر السابق (ص28-29): الأصل عدم السلام على أهل البدع . لكن إذا كانت الدعوة مستقلة متميزة, وكانت البدعة غير مضرة بالمسلمين وإنما هي منحصرة في ضررها على صاحبها, فهذا موطن الاجتهاد. أما ما يتعلق بالوالدين فيجب الإحسان إليهما وكذا المرأة مع زوجها لا يجوز الهجر بينهما, فإنه يحدث مشاقة ويعتبر ذلك منها تمردا اهـ.
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : إذا سلم إليك مبتدع فماذا تفعل؟
فأجاب: من يرد عليه السلام فلا ينكر عليه لقوله تعالى وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا [النساء : 86] ومن لم يرد عليه لا ينكر عليه لحديث: $القدرية مجوس هذه الأمة# الحديث. وقد فعل ذلك جملة من السلف ولكن الذي ينبغي ما نبدأ بالسلام لأنه له ضرر على المسلمين. وقال الإمام مالك / : بئس القوم مبتدع لا تبدأ بالسلام اهـ.
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : صهري من كبار دعاة الإخوان المسلمين ويزورنا كثيرا, هل أضيفه وأتحدث معه؟
فأجاب: صهرك مريض, ولا يؤمن من مجالسة هذا الصنف. أما زوجتك فلها حق الصلة ولا يجوز لك أن تقطعه وإن كان كافرا فضلا عن المسلم فيكرم مع الحذر ولا يخوض في الكلام الذي يجره إلى الشبه بل يسكت وإن كان من عالم الحزبية يحذر منه الدين النصيحة. اهـ (ليلة الأربعاء 23 ربيع الثاني 1429).
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : أخ لي تارك للصلاة هل يجوز لي أن أسلم عليه وأتبسم؟
فأجاب: إذا ترجو منه التوبة وهذا من باب المداراة فجائز وكذلك من باب التأليف, أما إن لم ترج ذلك فلا فهو كسائر الكفار في عدم البدء بالسلام. اهـ (ليلة الأربعاء 26 شعبان 1429).
وسئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : أخي حزبي قطبي محترق ويؤثر على أبي وأمي وإخواني أن هذه الدعوة ليست على الجادة وإذا جالست معه قد أثر في؟
فأجاب: هذا هو المشكل, أما كل من يدعو إلى الله لا بد من الأذى لكن إذا أثر عليه هذا إن لم يكن معه فيما بعد فسيضعف في دعوته, هذا إذا استطعت أن تدعوه بدعوة نافعة فافعل وإلا تجنبه. اهـ (يوم الأربعاء 5 شعبان 1430).
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : رجل يدرس عند الإخوان المسلمين ثلاث سنوات وقد نصح بتركهم وعدم الدفاع عنهم فأبى, هل يجوز هجره؟
فأجاب: نعم يجوز, فإنه قد صار منهم. (ليلة الأربعاء 25 شوال1430, أسئلة أهل حضرموت).
سئل الشيخ جميل الصلوي -حفظه الله تعالى- : هل يسلم على أهل البدع؟
فأجاب: لا يبدأ السلام على المبتدع لا سيما دعاتهم وإذا كان من دهماء الناس ربما يتأثر بدعوتهم فينصح بعدم مجالستهم وإن أصر على ذلك يعرض عنه لأن مجالسة أهل البدع ممرضة, والسلام عليهم سبب لمحبتهم فلا يسلم عليهم . اهـ (يوم الأحد 12 ذو القعدة 1428في يوم نوبته للشيخ يحيى -حفظه الله تعالى- حين خرج دعوة)
قال ابن مفلح /: قال القاضي أبو الحسين في التمام: لا تختلف الرواية في وجوب هجر أهل البدع وفساق الملة أطلق كما ترى وظاهره أنه لا فرق بين المجاهر وغيره في المبتدع والفاسق. قال: ولا فرق في ذلك بين ذي الرحم والأجنبي, إذا كان الحق لله تعالى, فأما إذا كان الحق لآدمي كالقذف والسب والغيبة وأخذ ماله غصبا ونحو ذلك, نظرت: فإن كان المجاهر والفاعل لذلك من أقاربه وأرحامه لم تجز هجرته, وإن كان غيره فهل تجوز هجرته أم لا؟ على روايتين: هذا لفظ والده في الأمر بالمعروف أو معناه إلا أنه قال: وإن كان الحق غيره فهل تجوز؟ على روايتين. وقال: قد نص أحمد على معنى هذا التفصيل, قال في رواية الفضل بن زياد: وقد سأله رجل عن ابنة عم له تنال منه وتظلمه وتشتمه وتقذفه, فقال: سلم عليها إذا لقيتها, اقطع المصارمة, المصارمة شديدة. وهذا يدل على منع الهجر لأقاربه لحق نفسه اهـ (الآداب الشرعية: 1/257-258).
ولله در الشيخ –حفظه الله تعالى- إذ يقول: يا إخوان, ما هو أنا أدافع عن عرضي أنا أدافع عن المنهج السلفي أما عرضي فسهل اهـ (ليلة الأربعاء 27 ربيع الأول 1429).
تنبيه: قال أبو عبد الله عبيد الله بن بطة العكبري / : الله الله معشر المسلمين لا يحملنّ أحدا منكم حسن ظنه بنفسه و ما عهده من معرفته بصحة مذهبه على خاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء, فيقول: أداخله لأناظره, أو أستخرج منه مذهبه, فإنهم أشد فتنة من الدجال, وكلامهم ألصق من الجرب, و أحرق للقلوب من اللهب, ولقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم و يسبونهم, فجالسوهم على سبيل الإنكار و الرد عليهم فما زالت بهم المباسطة و خفي المكر ور دقيق الكفر حتى صبوا ( مالوا إلى الجهل) إليهم. (الإبانة /2/470).
هل الهجر بين أهل السنة؟
سئل الشيخ –حفظه الله تعالى- عن: ما ضابط الهجر الشرعي؟
فأجاب: تكلمنا في هذا كثيرا وأسوأ ما يكون الهجر بين أهل السنة, الهجر هو لقصد التحذير من مساوئه أو ما إلى ذلك, وأما بين أهل السنة فماذا تريد من هجره؟ فليتق الله امرؤ وليضع كل شيء في موضعه اهـ (ليلة السبت 2 رجب 1429)
توجيه قول الشيخ الألباني: (لا هجر في هذا الزمان)
سئل الشيخ سليم -حفظه الله تعالى- : نرجو أن تبين لنا معنى كلام الألباني (لا هجر في هذا الزمان)؟ فأجاب: يريد به ألا يتخذ الهجر مطية لتنفيس الأهواء وتنفيس الأحقاد لأن الهجر لا بد أن يكون شرعيا حتى يكون مقبولا عند الله تعالى. قوله (لا هجر) أي أن كثيرا من الذين يهجرون هجرهم ليس شرعيا لأن هذا نأخذ من ممارسة الشيخ, فقد هجر بعض أهل العلم وهجر بعض الدعاة وهجر بعض الناس فمثلا: هجر الشيخ محمد نصيب الرفاعي حول المسألة المشهورة التي حدثت في حلب وهي : هل نساء النبي معصومات أو محفوظات؟ ذهب الشيخ محمد نصيب أن نساء النبي معصومات من الزنا والشيخ يقول إنهن محفوظات آلله تعالى حفظهن من هذه الفاحشة أم أنهن معصومات فهذا لم يرد فيه كلام الله ولا كلام رسوله < ثم حصل بينهما الهجر حتى الموت. والشيخ هجر زهير الشاويش لأنه تعدى على كتبه وأصبح يعلق عليها ويفسد ما فيها. (جلسة مع الشيخ سليم يوم الثلاثاء 23 جمادي الثاني 1430).
ضابط إقامة الحجة في التكفير والتفسيق والتبديع
قال الشيخ –حفظه الله تعالى- في الثوابت المنهجية (ص22-23): إقامة الحجة أن تفهم قال تعالى: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [البقرة : 150] ثم بينت هذه الآية بقوله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء : 115] فالحجة ينبغي أن تفهم فإن لم تفهم فما يتبين له الهدى قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم : 4] وما إلى ذلك من الأدلة. فهذه الأدلة تدل على أن القرآن بين, والرسل بينوا وأقاموا الحجة ولو لم يفهم الحجة لما قامت عليهم اهـ مع تصرف يسير .
موانع التبديع والتفسيق والتكفير
الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا بل هو إلى الله تعالى ورسوله <, فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة, فيجب التثبت فيه غاية التثبت فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه .
والأصل في المسلم الظاهر العدالة بل الجهالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته حتى يتحقق زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي. ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه وإن كان مستور الحال, لأن في ذلك محذورين عظيمين:
أحدهما: افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم, وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به.
الثاني: الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالما منه . ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر " مرفوعا $إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما# وفي رواية $إن كان كما قال وإلا رجعت عليه# وعن أبي ذر < مرفوعا: (ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه) رواه مسلم.
ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه:
منها : مكره, أن يكره على ذلك فيفعل لداعي الإكراه لا اطمئنانا به, فلا يكفر حينئذ لقوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل : 106].
ومنها: أن يغلق عليه فكره, ولا يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو نحو ذلك. ودليله ما رواه مسلم عن أنس بن مالك " مرفوعا $لله أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِى ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ#.
ومنها: الجهل, لما في الصحيحين في الرجل الذي قال $إذا أنا مت فأحرقوني, ثم اسحقوني, ثم ذروني في اليم فولله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا من العالمين, ففعلوا به ذلك فقال الله: ما حملك على ما فعلت؟ قال: خشيتك, فغفر له#. فهذا رجل شاك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري بل اعتقد أنه لا يعاد, وهذا كفر باتفاق المسلمين, لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك, وكان مؤمنا يخاف الله أن يعذبه فغفر الله له بذلك.
ومنها: التأويل السائغ, المتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول < . قال شيخ الإسلام / : وأما التكفير فالصواب أن من اجتهد من أمة محمد < , وقصد الحق فأخطأ لم يكفر بل يغفر له خطؤه, ومن تبين له ما جاء به الرسول فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر, ومن اتبع هواه وقصر في طلب الحق وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب ثم قد يكون فاسقا. وقد يكون له حسنة ترجح على سيئاته . (مجموع الفتاوى 12/180).
ملخص من القواعد المثلى, ص. 66-69 مع تصرف يسير وزيادة.
سئل شيخنا -حفظه الله تعالى- : بعض الرجال الذين ذكرهم الحافظ في لسان الميزان, مثلا: فلان في مؤلفاته قول يوافق المعتزلة أو الخوارج, لماذا لا يلحق بهم؟ نرجو التوجيه.
فأجاب: من زلت قدمه في قوله أو في تأليفه ويريد بذلك الحق والخير يعد هذا زلة منه, أما بعد إقامة الحجة ولجا إلى الباطل يضاف إليهم. (أسئلة بعض الزوار ليلة الثلاثاء 4 شعبان 1430).
أسباب ظهور التكفير و التفسيق و التبديع بغير حق في الأمة
استفدت هذا المبحث من كتاب التكفير وضوابطه للشيخ إبراهيم بن عامرالرحيلي -حفظه الله تعالى- . و من تكل الأسباب:
1- الجهل بالدين.
2- اتباع الهوى و الإعراض عن النصوص.
3- التأويل الفاسد.
قال ابن القيم / : وبالجملة فافتراق أهل الكتابين وافتراق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة إنما أوجبه التأويل. وإنما دخل أعداء الإسلام من المتفلسفة و القرامطة و الباطنية و الإسماعيلية والنصيرية من باب التأويل, فما امتحن الإسلام بمحنة قط إلاّ وسببها التأويل. (إعلام الموقعين/ 4/251).
4- تلبيس الشيطان. (ص 45-50/ دار الإمام أحمد).
من له حق النظر و الحكم في التكفير و التفسيق و التبديع
سبق فيما مضى من البحث أن التكفير و التفسيق و التبديع من الأحكام الشرعية أنه توقيفي لا مجال فيه للنظر العقلي. و إذا تقرر هذا تبين أن النظر في هذا الباب لا يكون إلا لأهل العلم القادرين على استنباط الحكم الشرعي في هذه المسألة.
سألت الشيخ -حفظه الله تعالى- بعد الدرس بين المغرب و العشاء, قلت: هل لطالب العلم أن يبدع أو يفسق أو يكفر إذا عرف ضوابطه بعد توفر الشروط و انتفاء الموانع دون الرجوع إلى أهل العلم؟
فأجاب: طالب العلم قد يضبط و قد لا يضبط فالأولى له أن يحذو حذو أهل العلم. (ليلة الثلاثاء 1 ذو القعدة 1430).
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى-: شخص يطعن و يسب أهل العلم هل لي أن أبدعه؟
فأجاب: أمر التكفير و التبديع و التفسيق أمر خطير يجب أن يتحرز منه شخص و يجب أن يسند الأمر إلى ذويه, قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل : 43]. وقال وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء : 83]. فالذي ليست له مكنة عليه أن يستفيد من أهل العلم في هذا الأمر و في غيره. (ليلة السبت 5 ذو القعدة 1430).
ضوابط البدعة
1- تعريف البدعة لغة
البدعة لغة على معنيين:
الأول, الشيء المخترع على غير مثال سابق, منه قوله تعالى: قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [الأحقاف : 9], وجاء على معنى قول عمر ": نعمت البدعة أخرجه البخاري.
الثاني: التعب والكلال, يقال: أبدعت الإبل إذا بركت في الطريق من هزال أو داء أو كلال, منه قول الرجل الذي جاء إلى النبي < فقال: إني أبدع فاحملني, فقال: (ما عندي) أخرجه مسلم. وهذا المعنى يرجع إلى المعنى الأول لأن معنى أبدعت الإبل : بدأ بها التعب بعد أو لم يكن بها.
2- البدعة اصطلاحا:
ما أحدث في دين الله وليس له أصل عام ولا خاص يدل عليه أو بعبارة أوجز: ما أحدث في الدين من غير دليل.
والبدعة تحصل بواحد من أصول الثلاثة:
1- التقرب إلى الله بما لم يشرع, كأن تكون العبادة تستند إلى الرأي المجرد والهوى أو ترك فعلها السلف أو يتقرب بالمنهي عنه كالملاهي .
2- الخروج على نظام الدين, ما لم يرد في الكتاب والسنة ولم يؤثر عن الصحابة والتابعين أو مخالفا لهم.
3- الذرائع المفضية إلى البدعة, كإظهار العمل ولا سيما ممن يقتدى به وإشهاره في مجامع الناس كإقامة النافلة جماعة في المسجد.
(مختصرا من كتاب قواعد معرفة البدع لمحمد بن حسين الجيزاني /دار ابن الجوزي)
قال الشيخ -حفظه الله تعالى- : أصول البدع:
1-سوء الفهم
2-سوء القصد, وهذا صادر من أهل الأهواء, قال الله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ [آل عمران : 7]
3-قلة العلم, يريد أن يحسن ولكنه يسيء.
(يوم الأحد, 11 رجب 1427).
سئل الشيخ -حفظه الله تعالى- : ما الفرق بين البدع والمعصية؟
فأجاب: البدع منها ما هو كبرى ومنها ما هو صغرى وكذلك المعصية. وفيهما فرق. أقسام البدع :
1- البدعة الكبرى
هي تخرج صاحبها من الملة, مثل: بدعة الروافض في أن القرآن ناقص واتهامهم لأم المؤمنين وتكفيرهم للصحابة, بدعة الجهمية بعض العلماء قد كفرهم, بدعة الباطنية وهم أكفر من اليهودي والنصارى , بدعة الحلولية والاتحادية وهذا ليس على سبيل الحصر.
2- البدعة الصغرى (المفسقة)
لا تخرج صاحبها من الملة أي تحت مشيئة الله قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء : 48] ومعنى حديث $إن الله لا يغفر صاحب بدعة حتى يدع بدعته# أي لا يوفق للتوبة وحديث $من عمل عملا ليس فيه أمرنا فهو رد# أي غير مقبول منه.
أقسام المعصية:
1- المعصية الكبرى وفيها قسمان: الأول تخرج صاحبها من الملة كالشرك
الثاني لا تخرج صاحبها من الملة كالزنا وقتل النفس وشرب الخمر.
2- المعصية الصغرى مثل القبلة والنظرة. (يوم الأربعاء 7 ذو الحجة 1427)
تفريق بين المعصية و البدعة
قال ابن القيم /: و لما كانت البدع المضلة جهلا بصفات الله و تكذيبا بما أخبر به عن نفسه و أخبر به عن رسوله < عنادا و جهلا كانت من أكبر الكبائر, و إن قصرت عن الكفر و كانت أحبّ إلى إبليس من كبائر الذنوب, كما قال بعض السلف: البدعة أحبّ إلى إبليس من المعصية, لأن المعصية يتاب منها و البدعة لا يتاب منها . قال إبليس: أهلكت بني أدم بالذنوب و أهلكوني بالاستغفار و بـ‘‘لا إله إلا الله’’, فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء, فهم يذنبون ولا يتوبون لأنهم يحسنون أنهم يحسنون صنعا. و معلوم أن المذنب إنما ضرره على نفسه, و أما المبتدع فضرره على النوع.و فتنة المبتدع في أصل الدين و فتنة المذنب في الشهوة. و المبتدع قد قعد للناس على صراط الله المستقيم يصدهم عنه و المذنب ليس كذلك. و المبتدع قادح في أوصاف الرب و كماله و المذنب ليس كذلك. و المبتدع مناقض لما جاء به الرسول < و العاصي ليس كذلك. و المبتدع يقطع على الناس طريق الآخرة و العاصي بطيء السير بسبب ذنوبه. (الداء و الدواء/205-206/دار ابن الجوزي).
والسؤال الثاني: هل هجر السلفي الجعفري بمشاورة مشايخ اليمن من حيث تطبيق المنهج؟
فأجيب: لا نعلم ذلك إلا التحذير عن جعفر بعد أن مكثت في هذا المكان نحو ست سنوات, ما نعرف شيئا الذي حصل بينكم من التحذيرات و ما إلى ذلك من المشاكل لو علمنا منها شيئا لسألنا الشيخ –حفظه الله تعالى- والله تعالى أعلم.
ونصيحتي لك وللإخوة بتقوى الله عز وجل وطلب العلم , منه الاعتناء بتأصيله وتحصيله لأن بهما تجد لذة العلم بعد توفيق الله تعالى. وأنصحكم بالاعتناء بكتب الردود فإن جل كتب السلف في الردود على أهل الأهواء. وعليكم بدفع ما قد رمي إليكم من التهم والإشاعات إما ما يتعلق بجمعية إحياء التراث و ما إلى ذلك من الإشاعات محاضرة كان أو كتابة حتى تزول الريبة فيكم , فقد أمرنا الله تعالى بالانتفاء والتبري من الباطل وأهله, فمن ذلك قوله تعالى: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ [التوبة : 114] وقوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ [الزخرف : 26] وقوله تعالى: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [يونس : 41] وقوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ [هود : 35] وقوله تعالى: فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [الشعراء : 216] ولما في صحيح البخاري من حديث سالم عن أبيه قال : بعث النبي < خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا فجعل خالد يقتل منهم ويأسر ودفع إلى كل رجل منا أسيره حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره حتى قدمنا على النبي < فذكرناه فرفع النبي < يديه فقال $اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد#. مرتين. فتبرأ النبي < مما قد ينسب إليه من الباطل , والأدلة في ذلك كثيرة جدا والحمد لله.
كتبها أبو سيف مفتي بن خيري الجاوي
تم من كتابة هذه الرسالة ليلة الجمعة 19 جمادي الثاني 1430
بدار الحديث بدماج
الفهارس
نبذة في ضوابط خروج الشخص من دائرة أهل السنة خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
ضوابط الهجر 6
هل الهجر بين أهل السنة؟ 13
توجيه قول الشيخ الألباني: (لا هجر في هذا الزمان) 14
ضابط إقامة الحجة في التكفير والتفسيق والتبديع 15
موانع التبديع والتفسيق والتكفير 17
أسباب ظهور التكفير و التفسيق و التبديع بغير حق في الأمة 20
1- الجهل بالدين 20
2- اتباع الهوى و الإعراض عن النصوص 20
3- التأويل الفاسد 20
4- تلبيس الشيطان 20
من له حق النظر و الحكم في التكفير و التفسيق و التبديع 21
ضوابط البدعة 23
تعريف البدعة …… 23
والبدعة تحصل بواحد من أصول الثلاثة 23
تفريق بين المعصية و البدعة 26
الفهارس 29