بسم الله والصلاة والسلام على نبيه الذي اصطفى وبعد : قولهم في( الانتخابات): إنها مسألة اجتهادية فنقول لكم: ماذا تعنون بقولكم: إنها مسألة اجتهادية؟.فإن قلتم: أي إنها مسألة جديدة لم تكن معروفة في زمن الوحي والخلفاء الراشدين.فالجواب من وجهين: أن هذا يناقض قولكم السابق بأنها كانت في صدر الإسلام ،فتذكروا ما تقولون وتكتبون، ولا تحملكم قباعتكم بفكرة، أن تقولوا قولا لينفعكم في مجلس ما، ثم تحكم عليه بالنقض في مجلس آخر، فلا يغرنكم عدم إدراك كثير ممن يسمعو نكم لهذا التناقض ، فإن في الزوايا بقايا. نعم ، لم تكن هذه الطامات موجودة في زمن الوحي، وليس معنى ذلك أنه ما لم يكن موجودا بذاته في زمن الوحي، أن يكون الأمر متروكا فيه للاجتهاد، ولا يبكر فيه على المخالف ، فالعلماء في هذا ينظرون لكل حادث جديد، ويردونه إلى الأصول والكليات ويعرفون الأشباه والنظائر ويلحقونها بها ،ومن ثم يلحقونها بالحكم الأول إباحة أو حظرا،إيجابا أو تحريما وما نحن فيه قد سبق بيان مفاسده. وإن قلتم: هي مسألة اجتهادية بمعنى: أنه لم يرد فيها نص ، فالجواب السابق شامل لهذا أيضا . وإن قلتم : هي مسألة اجتهادية بعنى: أننا ندرك حرمتها ولكن نرى أن الدخول في ذلك يحقق مصالح لاتكون بدون هذا الدخول ، وأنتم أيها السلفيون ترون المفسدة في ذلك فهي اجتهادية، بمعنى تحقيق المناط، وتطبيق الأحكام الشرعية على الواقع القائم. وهذا مجال تختلف فيه الأنظار، فلا ينكر على أحد. قلت: ولو سلمنا بذلك لكان لهذا وجه قبل خمسين عاما مثلا،وذلك عند ابتداء فرض هذه الفكرة-فكرة النظام الديمقراطي- على بلاد المسلمين، فالأنظار تختلف في الشئ الجديد. أما أن المسلمين لهم قدر ستين عاما يلهثون وراء ذلك ، وما رجعوا إلا بخفي حنين، فهل نضرب بتجارب المسلمين خلال أكثر من نصف قرن عرض الحائط؟ ونعيد أذهاننا إلى الوراء ستين عاما ؟ فأين حديث الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم :(( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)) ؟ متفق عليه من حديث أبي هريرة. وإن قلتم : إنها مسألة اجتهادية بمعنى : أنها نزاعية بين العلماء وليست إجماعية. فالجواب : من المعلوم أنه ينكر على مخالف الإجماع الصحيح، لكن بقي تفصيل في مسائل الخلاف: فمنها: ما هو ظاهر الحجة لأحد الطرفين ، مع وجود مخالف لهذا الأمر الظاهر، فليس معنى ذلك إرخاء الحبل لمن أخذ بأي قول . وكم هي المسائل الإجماعية بالنسبة للخلافية؟. وبطون الكتب طافحة بردود أهل العلم على بعضهم البعض ، في مسائل لم تسلم من وجود مخالف فيها . نعم، هناك مسائل خلافية تتجاذب فيها الأدلة، ولايوجد وجه صريح أو ظاهر في الترجيح، فعند ذلك يتنزل قول أهل العلم: المسائل الخلافية لايتعين فيها الإنكار . وألفت النظر في هذه العبارة إلى أمرين: الأول: استقراء وتتبع المواضع التي ورد فيها هذا القول من أهل العلم: هل ورد ذلك في مسائل تفضي إلى مثل تلك المفاسد السابقة؟ أم في مسائل دون مانحن فيه ؟. الثاني:قولهم :لايتعين،ليس معناه أنه لايجوز، بل من سكت فلا إثم عليه ومن أنكر بالشروط الشرعية في الإنكار ،المفضية للمصلحة الشرعية ، لا للمفسدة، فهو جائز ،بل مستحب. ثم إني أسأل سؤالا آخر فاقول:وهل أنتم -معشر بأنها مسألة اجتهادية، لاينكر فيها على المخالف- التزمتم بهذا القول مع إخوانكم طلبة العلم الذين أنكروا ذلك،ولم يشاركوكم في هذا؟ أم قلتم : هم إخوان الاشتراكيين من الرضاع؟! ومنكم من قوى نسبتهم وصلتهم بالاشتراكيين فأطلق: أنهم اشثراكيون وعملاء للحكام، وغير ذلك من التهم التي لو عاملناكم بظاهر أعمالكم، وجازفنا كما تجازفون لقلنا :إن هذه الفرى أنتم أحق بها وأهلها. لكن يحملنا ديننا وخوفنا ، من يوم تنشر فيه الصحف ،فتبيض فيه وجوه وتسود وجوه وعلى عدم معاملتكم بالمثل. والشكوى إلى الله عز وجل . وحسبنا الله ونعم الوكيل. من كتاب تنوير الظلمات لكشف مفاسد وشبهات الانتخابات للشيخ أبي نصر محمد الإمام حفظه الله
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
شبه في الانتخابات وردها
تقليص