الصّارم المسلول على البرمكي المخذول
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبيه الأمين ، وأشهد ألاّ إله إلاّ الله وأنّ محمد عبده ورسوله ، وبعد:
وأقاموا شعيرة جهاد الكافرين ، باللسان والقلم والسيف ، فجاهدوا الرّوافض الكفار ، ودحروهم عن أرض دماج ونكّلوا بهم ، فكان هذا لهم فضلا عظيما ، أن يقيموا شعيرة الجهاد والرباط ، والعبادة في الهرج التي ورد في فضلها الأحاديث الصحاح ، فكان هذا لهم شرفا فوق شرف.
ولا ريب في هذه الحال أن يكثر حاسدوهم والحاقدون عليهم ، المزهدون في دار الحديث ، والطاعنون والمثبطون ، فالبأمس كانوا يزهّدون في دار الحديث بحجّة الجوع والخوف ، ثمّ بحجّة بعد الطريق وخطره ، ثمّ بحجّة الفتن-زعموا- وهم في الفتن واقعون ، وكلّمّا كشف أسلوب من أساليبهم بدّلوه ، وعدلوا إلى غيره ، ولكلّ واحد من هؤلاء سببه الذين دعاه إلى الطعن في دار الحديث ، فمنهم من خاف على مكانته ورياسته من الإضمحلال والزوال ، ومنهم من نال نصيبه من ردود أهل السنّة في دماج فأراد الانتقام ، ومنهم من لم يدفعه إلى ذلك إلاّ تقليد معظَّميه ومن يقلّدهم في دين الله ، إلى غير ذلك من الأسباب المفضية إلى غاية واحدة ، فتعددت الأسباب والغرض واحد.
وكان ممن تولّى كبره في هذا ، عبد الرحمن ابن مرعي العدني وأتباعه ، الذين يزعمون الأخذ بنصائح العلماء وهم أوّل من يخالفهم في عين ما زعموا اتباعهم فيه ، ولا جرم أن يحصل هذا ، وكبيرهم ابن مرعي قد أقرّ أمام مشايخ اليمن أنّه بريء ممن يطعن في الشيخ يحيى ، وأنّه ملتزم بإيقاف التسجيل في مركز الفيوش الذي جمّع وقمّش أهل البدع والفتن ، ووقّع ابن مرعي على هذا الالتزام ، ثم نقض عهده ، وخالف ما وقعت عليه يمينه ، بل لم يلتزمه أصلا.
وكذلك أتباعه ، كانوا في منتدى الشحر يخوضون في الفتنة ويجولون ، فلمّا فضحوا زعموا أنّهم قد سكتوا عن الفتنة ، وما هي إلاّ أيّام حتى برز قرنهم من تحت أوحال منتديات والوحلين الحزبيّة ، ثمّ فضحوا فادّعوا أنّهم قد التزموا بنصيحة الشيخ ربيع حفظه الله ، وبكلّ وقاحة كتبوا في واجهة منتداهم أنّهم ملتزمون بنصحه ، وإذا دخلت المنتدى رأيت عين المخالفة لما ادّعوا قبوله ، فتراهم يطعنون ويجاهرون بمخالفة نصيحة الشيخ حفظه الله ، وعلى واجهة منتداهم أنهم بها ملتزمون !!! بل زادوا على هذا أن ادّعوا على الشيخ حفظه الله زورا وكذبا أنّه أذن لهم في هذا !! وهذا -والله- كذب عليه عظيم ، ولا عجب فالكذب من أركان الحزبيّة.
ومن أجراء هؤلاء الطاعنين الحاقدين ، ذلك الجهول المجهول عبد الرحمن البرمكي ، صاحب المقالات العوجاء ، المليئة بالمغالطات والكذب والزور ، والتلبيس والتضليل ، ومن تتبّع مقالاته بعين الإنصاف علم هذا يقينا ، فانظر إلى هذا الجهول كيف لبّس على النّاس في مسألة "أقرب الطوائف إلى الحق" فلم يسلك فيها مسلك أهل السنّة السلفيين ، بل سلك مسلك أهل الأهواء من الحدّاديّة الزائغين ، وجمع النقول في غير الموضوع ، لتضخيم المقال وتبريقه ، ففي الوقت الذي كان عليه أن يتناول القضية من الناحية اللّغوية ليقرّر ما تقتضيه اللّغة من أنّ لفظة "أقرب" تفيد -في هذه المسألة- معنى صحيحا ، وهو أنّ أهل الحقّ أقرب إلى الحقّ من أهل الباطل ، كما أنّ من بداخل البيت أقرب إليه ممن بخارجه، ثمّ يتناولَ القضيّة من المسألة المنهجيّة ، ليوجّه كلام أهل السنّة بتوجيه حسن ، ويحمله على المحمل الأسلم ، لا سيما وقد صرّح صاحب الكلام بمراده ، نجده على خطى أتباع أبي الحسن الذين أثاروا هذه القضيّة أوّل مرّة ، فكان هو تبعا لهم وعونا لهم على أهل السنّة ، ومن بين تلبيساته أنّه في خضم هذه المسألة في مقاله (إيضاح الدّليل . . .) ، نقل كلاما لشيخ الإسلام لا علاقة له بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد ، وهو قوله في "الكلم الطيب" :(إعلم أن مذهب أهل الحق من المحدثين والفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين : أن جميع الكائنات خيرها وشرها نفعها وضرها كلها من الله تعالى...)
وفي هذا فائدتين للبرمكي:
1/إكثار النقول وملئ الصفحات ليخيل للناس أنه كثير الإطلاع على كلام شيخ الإسلام فيغتروا بسرابه.
2/تشتيت ذهن القارئ حتى لا يتفطن إلى تلبيس البرمكي فهو ينقل عن شيخ الإسلام أن أهل الفرق ضلاّل وفي أثناء هذا ينقل قولا خارجا عن الموضوع ليشتت الذهن ويعكرالفهم .
ومن ذلك أيضا ، دفاعه عن الحلبي ومشهور وأتباعهما في المقال ذاته بقوله :(وأما مشايخ الشام من طلاب الإمام الألباني -رحمه الله- فهم هزالى عندك لا يؤخرون ولا يقدمون)
قلت: ألم يتفطّن البرمكي إلى الانحراف المنهجي الواضح عند هؤلاء؟!! ألم يقرأ (صيانة السلفي) الذي أثنى عليه الشيخ ربيع حفظه الله؟؟!
ومن ذلك أيضا: مزجه بين مسألتين عقديتين ، ونقله كلام العلماء في إحداهما موهما أنّه في الأخرى ، وقد بيّنت هذا -بفضل الله- في مقالي (الردّ الثالث الشديد. . .) الذي قلت في أوّله: (فلقد -خاض- البرمكي !!بلا علم (صحيح) ولا عقل (صريح) ولا قول (فصيح) في مسألتين عقديتين -اثنتين- معقدتين هما:
- لو عذب الله العباد كلهم ، المسيئ على إسائته، والمحسن على تقصيره،فهل يكون الله ظالما لهم ؟؟!!!
- لو أن الله عذب المحسنين وأثاب المسيئين،وعذب من غير ذنب، فهل هذا مناف للحكمة الإلهية ؟؟
-ظنا- منه! أنها مسألة واحدة . . . لا (علما). . . ولا (يقينا). . .
والفرق بين المسألتين: أن الأولى فيها تعذيب الجميع لأن العبد مهما عمل فلن يبلغ -بعمله- ثمن الجنة، بل لن يدخل الجنة إلا برحمة الله ، فلو عامل الله عباده بعدله لأدخلهم النار -جميعا- لأن تقصيرهم في حقه -ذنب- لن ينجو منه أحد.فحينئذ يكون تعذيبه لهم بذنب!
أما المسألة الثانية فليس فيها تعذيب -الجميع- بل فيها تعذيب المحسن وإثابة المسيئ !!!
ويلزم منها : تعذيب النبيين و تنعيم الشياطين !!!!!
وهذا -بلا شك- ولا ريب ، مناف لحكمة العزيز الحكيم.
ولكن البرمكي!! -خلط- بين المسألتين إما لجهله وإما (لدهائه) وإليك تحليل صنيع البرمكي!!
نسب إلى الشيخ يحيى تحسين كلام السفاريني وقوّله ما لم يقل ثم راح يرد على قول السفاريني مدعيا أنه قول الناصح الأمين ثم نقل كلام العلماء في المسألتين في موضع واحد (موهما) -جهلة- القراء و-السذج- منهم أن المسألتين (مسألة) واحدة وصفها بالدقيقة!! ثم رمى بخمس شبه على أن الشيخ يحيى الحجوري يقول بقول الأشاعرة ! ! !) أهـ
وقد زعم البرمكي أن من قال بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم : (لو أنّ الله عذّب أهل سماواته وأرضه لعذّبهم وهو غير ظالم لهم) فقد قال بقول الأشاعرة!!!
وقد كذب البرمكي على الشيخ يحيى ، وعاب عليه تبديع المبتدعة -الذين أقر البرمكي نفسه أنّهم غير سلفيين- واتهمه بتكفير السلفيين ، وتطاول على نيّته واتهمه بالتظاهر بالتقوى ، فكان مما كتبت فيه:
(قال : فالحجوري يحارب السلفيين بسيف السلفية وتحت ستارها.
قلت: هذا تبديع صريح ، فمن سلفك فيه (!)
وقال: وتمجيد نفسه والتظاهر بالصلاح والتقوى.
قلت: وهذا تفسيق صريح ، فالمتظاهر بالتقوى ليس بتقي ، وفيه أيضا تطاول على النيّة التي لا يعلمها إلاّ الله ، واتهام للناصح الأمين بالرياء ، وقد اتهم به -قديما- من هو خير من الناصح الأمين: عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- وما ضرّه شيئا.
وقال: وانظر إليه وهو يحزَّبُ الناسَ على أصوله الفاسدة.
قلت: وهذا تبديع آخر.
وقال: يجـازف في أحكامه على السلفيين وغيرهم بالتبديع والتكفير.
قلت: وهذه خلاصة الكلام ، أنّ الناصح الأمين: تكفيري!!!! فهو يكفّر السلفيين !! كما يزعم عبد الرحمن -هنا-
ثم انظر إلى إنكاره على الناصح الأمين تبديع من ليسوا سلفيين ، في قوله: على السلفيين وغيرهم بالتبديع.
فأقول: هذا إنكار صريح لتبديع المبتدعة الذين يقرّ -هو- (نفسه!) أنّهم غير سلفيين: لكنّه ينكر تبديعهم!!
ولعل هذا يكون أصلا من الأصول المرعية التي ابتكرها عبد الرحمن ، فقد جلست -قريبا- إلى أحد أتباعه وسألته عن سبب هروبه من دماج ، فأجاب بأن أهل دماج حدادية!!! فقلت له: هل هم مبتدعة؟؟! قال:لا ، فقلت: هل يمكن أن يكون الرجل حدّاديا ولا يكون مبتدعا؟؟! قال:نعم!!
فسبحان مقلب القلوب . . .
ومع هذا يواصل عبد الرحمن اتهامه لنيّات السلفيين قائلا: فإن ما يصدر منهم ليس انتصاراً لله ولا لدينه ولا لأوليائه وإنما ذلك منهم انتصارٌ وانتقامٌ لشيخهم يحيى المتسلط .
فأقول: هل شققت على قلوبهم يا هذا ، ورأيت ما فيها ، فوالله لهم أقوم بالسنّة من آلاف الناس من أمثالك ، ولكن صدق القول السائر (رمتني بدائها وانسلت)
وقال: فهل تجدُ شيئاً من الكذب والافتراء فيما كتبه البرمكي؟
قلت: نجد الكثير الكثير ، منها ادعاؤك أن الناصح الأمين قال عن أبي الحسن: (مصري مصري ، خرج من بين الراقصين والراقصات) نعم . . . قال الشطر الثاني من هذه الكلمة ، لكن أين قال: (مصري مصري) ؟؟؟! أين عاب الناصح الأمين الناس بكونهم مصريين؟؟! إنّ هذا الكذب المحض ، لا يراد به إلاّ شيئ واحد ، وهو إثارة النعرات القوميّة ، ونظير هذا قول ابن مرعي -هذا- للأخ كمال العدني: (الحجوري لا يبالي بالعدنيين!!) ويتأكّد هذا عندما نرى الوافدين إلى الجزائر ممن فتنوا بالفتنة المرعيّة ، يكثرون من قولهم: جزائري سجن في دماج . . جزائري طرد من دماج . . جزائري ظلم في دماج . . . إلخ ، والمقصود من كلّ هذا إثارة النعرات القوميّة ، ليطعن في دماج من يطعن فيها حميّة لا تديّنا(!)
وقال: قد رأيت كما رأى غيري انشغال الحجوري وأتباعه بالبحث عن البرمكي بحثاً حثيثاً ، حتى أن الضرغام!! خرج من عرينه بحثاً عن هذا المدعو "البرمكي"
فأقول: إطمئن يا عبد الرحمن فلا أحد يبحث عنك ، فوالله لو أُتِيتُ بمجلد ضخم فيه ترجمتك لما قرأت منه حرفا واحدا ، ولو أتيتني بنفسك ووقفت أمامي لما التفتُّ إليك ، فضلا عن أن يعبأ بك ضرغام السنّة الناصح الأمين!!!!!
فأنت=لاشيء -تماما- فلا تجعل لنفسك قيمة ولا قيمة لك.
وقال: ثم ما معنى توبة عبد الحميد من أمورٍ انتقدتها أنا في ردي [التنكيل لما في خيانة عبد الحميد وشيخه الحجوري من الأباطيل] ألا يكفي هذا دليلاً على أن البرمكي انتقد بلايا ورزايا في كتابات هذا الصبي !!
وهذا ما جعلني -وقبل أشهر- أكتب رداً وسمته بـ: (توبة عبد الحميد إلى ربه التواب المجيد) . يسر الله نشره .
فأقول : معنى توبة الشيخ عبد الحميد الحجوري -حفظه الله- أنّه رجّاع إلى الحقّ ، ومعنى كتابتك لردّ على توبته!!!: أنّك لا تحب من يرجع إلى الحق ، أمّا الشيخ عبد الحميد الحجوري -حفظه الله- فله نصيب كبير من الفضل.
قال العلامة المعلّمي -رحمه الله- : "مسالك الهوى أكثر من أن تحصى ، وقد جربت نفسي: أنني ربما أنظر في القضية زاعما أنه لا هوى لي ، فيلوح لي فيها معنى فأقرره تقريرا يعجبني ، ثم يلوح لي ما يخدش في ذلك المعنى ، فأجدني أتبرم من ذلك الخادش ، وتنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه ، وغض النظر عن مناقشة ذاك الجواب ، وإنما هذا لأني لما قرّرت ذاك المعنى -أولا- تقريرا أعجبني ، صرت أهوى صحّته -هذا مع أنه لم يعلم به أحد من الناس- فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس ثم لاح لي الخدش؟!! فكيف لو لم يلح لي الخدش ، ولكن رجلا آخر اعترض عليّ به؟!! فكيف لو كان المعترض ممّن أكرهه ؟!!!" أهـ (القائد-ص25)
قلت: وما أقل من بلغ هذه المرتبة من الناس ، وأرجو أن يكون الشيخ عبد الحميد الحجوري منهم ، لكن البرمكي (!) يعيب الحسن ويمدح القبيح!!)أهـ من (إبطال مزاعم البرمكي)
واليوم سأبيّن إن شاء الله النّزعة الحدّادية المقيتة عند البرمكي ، والله المستعان.
قال البرمكي في مقاله الأخير: "ويؤكد ذلك أنه لم يتعرض لاستدلاله بكلام الجاحظ وترحمه عليه! ولم يذكر تراجعا وتوبة من هذه الجرمية الشنعاء"
قلت: فالنقل عن الجاحظ والترحم عليه جريمة شنعاء عند البرمكي ، لماذا؟! لأنّه معتزلي ويستدل على مذهب المعتزلة!! وإذا كان الجاحظ معتزليا ، فابن حزم جهمي جلد ، قال عنه الحافظ ابن عبد الهادي في (مختصر طبقات علماء الحديث/ ص:401): "لكن تبيّن لي أنّه جهميّ جلد ، لا يثبت معاني أسماء الله الحسنى إلاّ القليل كالخالق والحق ، وسائرُ الأسماء عنده لا يدلّ على معنى أصلا كالرحيم والعليم والقدير ونحوها ، بل العلم عنده هو القدرة والقدرة هي العلم وهما عين الذّات !! ولا يدلّ العلم عن شيء زائد عن الذّات المجرّدة أصلا ، وهذا عين السفسطة والمكابرة ، وقد كان ابن حزم قد اشتغل في المنطق والفلسفة وأمعن في ذلك حتى تقرّر في ذهنه لهذا السبب معانٍ باطلة" أهـ
وهذا الكلام قد نقله عن ابن عبد الهادي الإمامُ الألباني -رحمه الله- وأقرّه وأثنى على قائله بأنّه : (تلميذ ابن تيميّة) كما في الصحيحة (1/187)
ومع هذا فالإمام الألباني رحمه الله يكثر من النقل عن ابن حزم في كتبه ، فقد نقل عنه ما لا يحصى من المرّات ، بل أثنى على بعض كلامه ووصفه بالجيّد فقال في (الصحيحة) تحت الحديث رقم (247): "وهو قول الشافعي وأحد قولي الليث بن سعد ، واختاره ابن حزم وانتصر له بكلام جيّد ، أرى أنّه لابد من ذكره . . ." ثم ذكر كلامه.
بل إن الإمام الألباني -رحمه الله- ينصح بكتب ابن حزم ، فقد قال في مقدّمة كتابه "آداب الزّفاف": "فليراجع من شاء التحقيق بعض كتب أصول الفقه ، التي لا يقلّد مؤلفوها من قبلهم ، مثل (أصول الأحكام) لابن حزم (4/128-144) و(إرشاد الفحول) للشّوكاني ونحوهما" أهـ
فماذا سيقول البرمكي في الإمام الألباني رحمه الله ؟!! هل هو (حزمي) أو (ظاهري) ؟! هل فعله هذا (جريمة شنعاء) ؟! وكيف إذا علمنا أنّ الإمام الألباني يعدّ هذا (الجهمي الجلد) من زمرة العلماء والأئمّة والمحقّقين ؟!! قال الإمام الألباني -رحمه الله- في مقدّمة كتابه (حجة النبي صلى الله عليه وسلّم) معلقا على كلام لشيخ الإسلام: "وهو يشير في آخر كلامه إلى أنّ هناك من العلماء من يقول بفساد الحج بأيّ معصية يرتكبها الحاج ، فمن هؤلاء الإمام ابن حزم . . . ثم قال . . . بل ذهب بعض المحقّقين إلى وجوبه إذا لم يسق معه الهدي منهم ابن حزم وابن القيّم" أهـ
قلت: فالإمام الألباني يقرّ بأنّ ابن حزم (جهمي جلد) ومع هذا: ينقل عنه ، ويثني على كلامه ، وينصح بكتبه ، ويجعله من الأئمة والعلماء المحقّقين !!
فهل ستكيل لهذا الإمام بنفس المكيال الذي كلت به للشيخ عبد الحميد ، أم أنّه الهوى والتعصّب؟!! هل فعل الألباني (جريمة شنعاء) أم أنّ المسألة فيها تفصيل ، فيجوز الأخذ من كتب المبتدعة في غير بدعتهم ، بل فيما برعوا فيه من الفنون؟!
ثمّ نرى البرمكي نفسه ينقل عن الحافظ ابن حجر في مواضع كثيرة من أقاويله ، هذا مع أنّ ابن حجر -رحمه الله-:
-يفوّض معنى الاستواء ، كما في "هدي الساري" الفصل الخامس/حرف السين مع الواو.
-أوّل معنى كتابة الله للتوراة بأنّه :أمر أن يكتب ، كما في "الفتح" ح:41
-أوّل صفة الحياء ،"الفتح" ح:282
-جوّز التبرّك بالصالحين وقال أنّهم يجيبون ، "الفتح" ح:425
-أوّل صفة اليد ، "الفتح" ح:644
-أوّل النزول وأنكر العلو ، "الفتح" ح:1145
-قال بجواز شدّ الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلّم وطعن في شيخ الإسلام ، وقال في هذه المسألة بأنّها (من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية) "الفتح" ح:1189
-قال بجواز شدّ الرحل إلى غير المساجد الثلاثة ، "الفتح" ح:1194
-وأوّل صفة العجب ، "الفتح"ح:3010
-وقال بأن إطلاق الضحك على الله مجاز ، "الفتح" ح:3798
وغير ذلك من الأخطاء العقديّة التي تراها في تعقيبات العلامة عبد الله الدويش ، والعلامة عبد الله الغامدي ، والعلامة عبد العزيز ابن باز ، وغيرهم من أهل العلم.
ثمّ إنّ ابن حجر رحمه الله ليس من أهل السنّة في مسائل الأسماء والصّفات ، قاله العلامة ابن عثيمين في "لقاء الباب المفتوح" (8/42)
فكيف ينقل عنه البرمكي ، مع أنّه يقول بأنّ النقل عن أهل البدع (جريمة شنعاء) !!
تنبيه:
كما أنّه ليس المقصود الثناء على أهل البدع ولا الدفاع عنهم ، ولا نقل كلامهم فيما له علاقة ببدعهم ، وإنّما المقصود: جواز النقل من كتبهم فيما برعوا فيه من الفنون لمن له علم وخبرة ببدعتهم ، ويستطيع التحرز منها ، والله أعلم.
و إلاّ فقد كان الأولى للشيخ عبد الحميد الحجوري أن يترك النقل عن الجاحظ ، وينقل عن غيره ممن هو خير منه ، لكن: لا يجوز -مع هذا- أن نقول عنه (جاحظي) وأنّ فعله (جريمة شنعاء) وإذا كان الإمام الذهبي قد ترجم للجاحظ في كتابه العظيم "سير أعلام النبلاء" (11/526) فقال: "العلامة المتبحر ذو الفنون" أهـ وأنكر عليه الإمام الوادعي في مقدمة "رجال الحاكم" ، لكنّه لم يقل عنه (جاحظي) ولا قال عن فعله (جريمة شنعاء) بل قال (1/14): "قد يذكر الحافظ الذهبي رحمه الله بعض المحدثين الصوفية, ويثني عليهم, ويصفهم بأوصاف ضخمة, فأنقل كلامه كما هو غير مقتنع به" أهـ فكيف بمن نقل عنه دون مدح ولا ثناء؟!!
بل غاية ما يقال: أنّ فعله (خلاف الأولى) وودنا لو أنّه حذف كلام الجاحظ من كتابه النافع ، حتّى يكون أنفع ، ويزداد بهاء ورونقا ، والله أعلم.
تتمة:
قلت: كتب العلامة ربيع المدخلي -حفظه الله- مقالا بعنوان (مميّزات الحدّادية) وذكر من بين مميّزاتهم: "تحريم الترحّم على أهل البدع"
وكتب مقالا آخر بعنوان (حقيقة المنهج الواسع الأفيح عند أبي الحسن) فقال فيه: "الترحّم على أهل البدع جائز عند أهل السنّة ، وأنت تتّكئ على هذا ، لكن تطبيقك بهذه الحرارة والمبالغة ينبّئ عن دوافع غير سلفيّة" أهـ
قلت: وكذلك أنت أيّها البرمكي ، وإذا كان أبو الحسن قد وافق أهل السنّة في هذه المسألة لكن تطبيقه ينبئ عن دوافع غير سلفيّة ، فما بالك بالبرمكي الذي خالف أهل السنّة ، واشترك مع أبي الحسن في حرارة التطبيق وحماسته ؟!!
فهذا قول أهل السنّة ، وذاك قول الحدّادية ، والشيخ عبد الحميد الحجوري يقول بقول أهل السنّة ، أمّا البرمكي فيقول بقول الحدّادية ، فمن هو الحدّادي الآن ؟؟!
وقد قلت في (التنكيل بأباطيل المجاهيل) : "فأنتم أيّها (المجاهيل) جبناء ، لأنّكم تخافون من التصريح بأسمائكم ، بل أنتم بهذا تسيرون -تماما- على خطى (الحدّاديّة) وقد بدأ يتّضح أن المرعيّة من فروع الحدّادية ، كما أنّ البكرية -أيضا- من فروعها ، وقد قال الشيخ محمد الإمام عن المرعيّة أنّها (بكريّة جديدة) "أسئلة أصحاب قصعير" بل اعترف بهذا ابن مرعيّ نفسه ، في اجتماع المشايخ ، فقال : "لا أنكر أنّه بعد فتنة البكري ، أتاني أناس فقالوا: سقط البكري فقم أنت الآن" (مختصر البيان) وفعلا قد قام ، فالمتمعنّ –جيّدا- في هذه الأحداث ، يلاحظ جليّا العلاقة بين البكرية والمرعيّة ، ويزداد يقينا حينما يعلم أن البكري كان (حدادي اليمن) ، كما كان فالح (حدادي المملكة) ، إذا علمت هذا: فاعلم أنّ ابن مرعي والوصابي يحاضران عند البكري في مسجده ، بل هو الآن عندهم (من علماء أهل السنّة) ، فلا تكن غبيا أيها السَلَفيّ ، الدوائر تدار حولك!"أهـ
فماذا يعني هذا ؟!! وماذا يعني نشر البرمكي لردوده في (شبكة الأثري) الناطق الرسمي باسم الحدّاديّة؟!
ومع هذا نرى أهل "الوحلين" يتحرّون الكذب ، ويدّعون زورا على فضلية الشيخ ربيع المدخلي ، أنّه أثنى على مقالات البرمكي!! وأنا أمهلهم سنوات (!) بل عقودا !! بل قرونا !!! ليأتوا ببيّنة واحدة تصحح هذه الدعوى الكاذبة.
أيّها النّاس ، إنّها الحدّاديّة . . .
وإذا كان الترحّم على الجاحظ جريمة شنعاء ، لأنّه معتزلي ، فإنّ سيد قطب قد جمع أصول البدع ، فقال بخلق القرآن ووحدة الوجود ، وجزّو الإشتراكية الغالية في أبشع صوّرها ، وكفّر المجتمعات المسلمة ، وكفّر الصحابة ووصفهم بالنفاق وغيره ، بل وطعن في نبي الله موسى عليه السلام ، إلى غير ذلك من الضلالات العظمى والبدع الغليظة ، ومع هذا فلما سئل الإمام الألباني عن الترحم على سيد قطب وحسن البنا ، أجاب بجواز الترحم عليهم ، كما تجده في شريط "من هو الكافر ومن هو المبتدع"
فماذا سيقول البرمكي ؟! هل سيصف الإمام الألباني بما وصف به الشيخ عبد الحميد الحجوري ؟! أم أنّه التعصّب والهوى.
أيا برمكي!! لقد التصقت بك الحدّادية ، ولن تستطيع إزالتها عنك إلاّ بالإغتسال بماء التوبة ، والرجوع إلى الحقّ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (24/286): "وكل من لم يعلم منه النفاق وهو مسلم يجوز الاستغفار له والصلاة عليه بل يشرع ذلك ويؤمر به كما قال تعالى: "واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات") أهـ
وقال في "منهاج السنة النبوية" (5/235): "فكل مسلم لم يعلم أنه منافق جاز الاستغفار له والصلاة عليه وإن كان فيه بدعة أو فسق لكن لا يجب على كل أحد أن يصلي عليه" أهـ
أمّا إنكاره وتشنيعه على من حقّق كتابا للفيروزأبادي ، وجعله ذلك من المخالفات ، فإنّ كتب أهل العلم مليئة من النقول عن الفيروزأبادي ، فما أكثر ما يقول العلماء: "قال في القاموس" وهذا في كتب أهل العلم أشهر من أن أنقل بعضه ، ثمّ ماذا يقول البرمكي في أبي المعالي الجويني ؟!! أليس معتزليا ؟! ألم يلق ألف شبهة على أنّ الله ليس في السماء ؟! ومع هذا فقد شرح كتابه "الورقات" كثير من أهل السنّة ، منهم الإمام ابن عثيمين -رحمه الله- ولكن البرامكة لا يفقهون.
-فكما أنّ ابن حزم قد برع في الفقه.
-وبرع ابن حجر في الحديث.
-وبرع الجويني في الأصول.
-فقد برع الجاحظ والفيروزأبادي في اللغة.
أمّا إنكاره لنقل كلام لابن حجر الهيتمي ، حيث أرغى وأزبد في هذا ، فنقول له: موقفنا من الهيتمي هو موقف علمائنا الأجلاء من أئمة الدعوة السلفيّة ، قال الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- "الدرر السنيّة" (1/236): "لا نقول بكفر من صحت ديانته، وشهر صلاحه، وعلم ورعه وزهده، وحسنت سيرته، وبلغ من نصحه الأمة ببذل نفسه لتدريس العلوم النافعة ، والتأليف فيها، وإن كان مخطئًا في هذه المسألة أو غيرها، كابن حجر الهيتمي ، فإنا نعرف كلامه في "الدر المنظم" ولا ننكر سعة علمه ، ولهذا نعتني بكتبه ، كـ "شرح الأربعين" و"الزواجر" وغيرها ، ونعتمد على نقله إذا نقل لأنه من جملة علماء المسلمين" أهـ
ونفس الكلام قاله الشيخ سليمان بن سحمان -رحمه الله- في "الهديّة السنيّة" (ص:48)
فهذا هو موقفنا منه ، ومن علمه ، ومن أخطائه ، فماذا سيقول البرمكي في إمام الدعوة محمد ابن عبد الوهاب ، وماذا سيقول في الشيخ سليمان بن سحمان ؟؟ إنّه الهوى يعمي ويصمّ.
قال البرمكي: " هناك من فاقك في التكفير ، وهو من حزبك أهل الصفاء والنّقاء ! وهذا المخلوق هو الساذج يوسف الجزائري ، الذي أنزل السلفيين منزلة دار البوار ، فقال في "منجنيقه المهلهل" :(أمّا قطّاع الطريق فقد نالوا من التغيّر شرّ أقسامه ، وانقلبوا شرّ منقلب ((ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفرا وأحلّوا قومهم دار البوار))" أهـ
قلت: فمن قال هذا الكلام -أو مثيله- فهو عند البرمكي من التكفيريين !!
ولن يردّ عليه هذه الفرية إلاّ الإمام الحافظ ابن عبد البرّ –رحمه الله- قال الله تعالى: ﴿وكذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلاّ قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون﴾
قال تعالى: ﴿إذ تبرأ الذين اتُبِعوا من الذين اتَّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرّة فنتبرّأ منهم كما تبرّؤوا منّا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ﴾ الآية
وقال تعالى: ﴿ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ، قالوا وجدنا أباءنا لها عابدين﴾
وقال تعالى: ﴿إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا﴾
وقال تعالى: ﴿إنّ شرّ الدّواب عند الله الصمّ البكم الذين لا يعقلون﴾
ذكر الحافظ ابن عبد البرّ -رحمه الله- هذه الآيات في كتابه "جامع بيان العلم وفضله" (2/514) ثمّ قال: ((ومثل هذا في القرآن كثير في ذمّ تقليد الآباء والرّؤساء ، وقد احتجّ العلماء بهذه الآيات على إبطال التقليد ، ولم يمنعهم كفر أولائك من الاحتجاج بها ، لأنّ التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر ، وإنّما وقع التشبيه بين التقليد بغير حجّة للمقلَّد ، كما لو قلّد رجلٌ فكفر ، وقلّد آخر فأذنب ، وقلّد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها ، كان كلّ واحد ملوما على التقليد بغير حجّة ، لأنّ كلّ ذلك تقليد يشبه بعضه بعضًا -وإن اختلفت الآثام فيه- ؛ وقال تعالى: ﴿وما كان الله ليضلّ قوما بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم ما يتّقون﴾ وقد ثبت الاحتجاج بما قدّمنا في الباب قبل هذا ، وفي ثبوته إبطال التقليد أيضا ، فإذا بطل التقليد بكلّ ما ذكرنا وجب التسليم للأصول التي يجب التسليم لها ، وهي الكتاب والسنّة وماكان في معناهما بدليل جامع بين ذلك)) أهـ
قلت: وهذا الكلام ، كفيل بإلقام المرعيّين حجارة من طين ، فقد شنعوا على إخواننا السلفيين لمّا استدلّوا عليهم بآيات نزلت في الكفّار ، حتّى تجرّأ كبيرهم البرمكي المجهول الجهول على أخينا أبي حاتم الجزائري ، واتهمه ببدعة الخوارج!! وألحق به الشيخ يحيى -حفظه الله- ثمّ أتى (عرفات العيني) وعلّق على مقال البرمكي قائلا: (القوم تكفريين!!-كذا-) كلّ هذا في (منتديات الوحلين) بإقرار من ابن مرعي!!؛ ألا يدرون من يردّ عليهم مقالتهم هذه؟!! إنّه الحافظ ابن عبد البرّ ، الذي وصفه الإمام ابن القيّم بـ (بخاري المغرب) كما في (إجتماع الجيوش الإسلامية –ص:142)
وإيّاك أيها البرمكي -نسبا أو مذهبا- أن تقول بأن من العلماء من لم يبدّع ابن مرعي ، وأنّ من قلّدهم فقد قلّد علماء أجلاء ، وفي استدلالك بهذه الآيات طعن في هؤلاء العلماء !! لأنّي سأقول لك: إنّ (بخاري المغرب) -رحمه الله- لمّا أورد هذه الآيات استدلّ بها على إبطال تقليد الأئمّة مالك والشافعي وأحمد وأمثالهم ، فهل ستقول بأنّه يطعن فيهم؟! بل إن الحافظ ابن عبد البرّ قد استدلّ على تحريم التقليد بقوله تعالى: ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله﴾ عند ذكره للتقليد في "جامع بيان العلم وفضله" (2/513) فهل سيتّهمه البرمكي ببدعة الخوارج؟!! أم أنّه الكيل بمكيالين ، وظلم الخلق ، والتحامل بغير حقّ ، وإذا كان (بخاري المغرب) قد استدل بهذه الآيات على إبطال التقليد ، ونقل هذا عن (العلماء) وبيّن أن "التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر ، وإنّما وقع التشبيه بين التقليد بغير حجّة للمقلَّد" فكذلك من شبّه خيانة ابن مرعي وحزبه بخيانة فرعون وهامان فإن " التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر" وإنّما وقع بين الخيانتين.
سئل الإمام الوادعي –رحمه الله- في "تحفة المجيب" (س:153): بماذا تنصح من يتعاطف مع الحزبيين ولا يحذر منهم وهو من إخواننا أهل السنة؟
الجواب : ((أنصحه أن يستغني بالله، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبّر يصبّره الله)) وحرام عليه أن يبيع العلم والدين ، فنحن لم نعده أن يكون خادمًا لأولئك ، بل أعددناه ليكون مؤلفًا ومحققًا وداعيًا إلى الله على بصيرة ، وهذا الشخص الذي يغض الطرف عنهم: يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿لا خير في كثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين النّاس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا﴾ . . .))أهـ
قلت: الآية 114 من سورة النساء ، وقد قال القرطبي في تفسيرها : ((أراد ما تفاوض به قوم (بني أبيرق) من التدبير)) أهـ ، قلت: ومع هذا أنزلها الإمام الوادعي في الحزبيين ، وهم (مسلمون) -إجماعا- و مثله فعل شيخ الإسلام في "الفتاوى الكبرى" (3/312) حيث قال -رحمه الله-:
((فمن خرج عن حدّ التقليد السائغ والاجتهاد: كان فيه شبهٌ من ﴿وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتّبع ما ألفينا عليه آباءنا﴾ وكان ممن اتبع هواه بغير هدًى من الله))أهـ
وبعده العلامة المعّلّمي في (تحقيق البدعة-ص8) حيث قال: ((فإن طالبك [أي صاحب البدعة] بالحجة على ذلك فاتل عليه قوله تعالى: ﴿إن الظن لا يغني من الحق شيئا﴾ وبيّن له أن الآية على عمومها))أهـ ، ومعلوم أنّها نزلت في الكفّار بدليل السياق: ﴿قل هل من شركاءكم من يهدي إلى الحق . . . ﴾ الآية.
ثم العلاّمة النجمي -رحمه الله- في (الفتاوى الجليّة-ص242) إذ قال: ((الله تعالى يقول: ﴿ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول﴾ أي فيما يظهر من كلامهم . . . وما أشبه (أصحاب البدع) بالمنافقين ، فإنهم يحبون التستر وراء النوايا والمقاصد التي لا يعلمها إلى الله))أهـ
قال الإمام الوادعي في "تحفة المجيب" (السؤال 153) :((والخصومة بيننا وبين الحزبين بين يدي الله ؛ لابد أن نجتمع في الخصومة نحن وإياهم ، والله يقول:﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ . .))أهـ
قلت: خصم مسلم و خصم كافر ، فنزلها الإمام الوادعي على: خصم سلفي وخصم حزبي !!!
قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي: ((فإذا قدم الأدلة فلو عارضه مائة عالم من كبار العلماء وأبرزهم لا قيمة لمعارضتهم لأنهم يعارضون الحجة والبرهان ، وهم يعارضون بغير حجة ولابرهان، والله يقول : ﴿قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين﴾ فالبرهان يسكت (الألوف) من الذين خلت أيديهم من الحجج -ولو كانوا علماء- ، فهذه (قواعد) يجب أن تعرف))
قلت: هذه الآية واردة في موضعين من القرآن ، في سورة البقرة في سياق الحديث عن أهل الكتاب ، وفي سورة النمل في سياق الحديث عن المشركين ، وانظر أين استدلّ بها العلامة ربيع -حفظه الله- عملا بقاعدة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) فالتوبة التوبة ، والاعتذار الاعتذار ، يا من رمى السلفيين الأخيار بمذهب التكفريين الفجّار ، ويا من صدق عليهم قوله تعالى: ﴿ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفرا وأحلّوا قومهم دار البوار﴾؛ راجع (تلقين البرمكي المجهول مبادئ علم الأصول) للأخ يوسف بن العيد الجزائري -رعاه الله- ثمّ (نصب المنجنيق) له ، ولا تلتفت إلى أقوال المنفّرين.
قال البرمكي: "لقد رمى الحجوري الصحابة بالإرجاء وأصر على هذه الفرية !" أهـ
قلت: هذه فرية منك على الناصح الأمين ، فهو لم يرم الصحابة بالإرجاء ، بل قال أن شبهة الإرجاء دخلت على بعضهم ، قال ابن أبي العز في "شرح الطحاوية" (ص:259) ط/دار الإمام مالك : " وأراد الشيخ -رحمه الله- بقوله: (لا نقول لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله) مخالفة للمرجئة ، وشبهتهم كانت قد دخلت لبعض الأوّلين ، فاتفق الصحابة على قتلهم إن لم يتوبوا ، فإن قدامة بن عبد الله شرب الخمر بعد تحريمها هو وطائفة ، وتأوّلوا قوله تعالى: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات) . . ."أهـ
قلت: وهذا الكتاب (شرح الطحاوية) من الكتب المعتمدة عند العلماء في تقرير العقيدة السلفية ، وقد قرأه العلماء وعلقوا عليه ، وذكروا ملاحظات على ما أخطأ فيه مصنفه ، ومن هؤلاء العلماء الذين علقوا عليه: الإمام الألباني ، والعلامة ابن باز ، والشيخ عبد الرزاق عفيفي ، وكلّهم أقرّوا هذا الكلام ولم يتعقّبوه.
ومعلوم أنّ هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم ما استحلّوا الخمر إلاّ تأوّلا ، إذ لو لم يتأوّلوا لكفروا ، والتأوّل إنّما يكون بشبهة ، وهذه الشبهة التي تأوّلوا بها هي: أنّهم إذا كانوا مؤمنين فلن يضرهم شرب الخمر ، وهي نفس الشبهة التي دخلت فيما بعد على المرجئة ، لكنّ الصحابة لما علّمهم من هو أعلم منهم تابوا وندموا فرُفعوا ، أمّا المرجئة فعاندو فصاروا من أعتى صنوف أهل البدع.
فهل سيتوب ويندم البرمكي أم سيعاند ؟! والجزاء من جنس العمل.
وقفة:
3/الدش يروّج للزنا
4/الدش يروّج للواط . أهـ
قلت: كان يكفيه هذا في هذا الموضوع ، لكنّه ذكر ستا وخمسين مفسدة في الدش ، منها سبع وعشرون تتعلق بالزنا ومشتقاته !! فقال: ٧− الدش يعرض أفلام للرجال والنساء وهم عراة. . . ثم قال: 11− الدش يقوم بعرض الأزياء عن طريق النساء.!! ثم قال: 16 − الدش يعرض ألعاب رياضية نسائية عارية. . . ثم قال: 23− الدش يعرض مايسمى برياضة التنحيف النسائية وليس عليهن إلا ما يغطي الفرج والثديين فقط. 24− الدش يعرض للمشاهدين من هو الذي له أطول ذكر.!!!!!!
وقال: 3/الدش يروّج للزنا . . . ثم قال:1٢ − الدش يعرض ممارسة الزنا عمليا . . . ثم قال:14 − الدش يعرض سباق قوة التحمل في الجماع بالنسبة للرجل كم امرأة يأتي في وقت محدد وبالنسبة للمرأة كم رجل يأتيها في نفس الوقت. . . ثم قال:30 − الدش يعرض امرأة تمارس الزنا مع أربعة أشخاص
في آنٍ واحد. . . ثم قال: ٣٨ − الدش يعرض أفلام (كذا) تسمى «سكس» وفيها ممارسة الزنا واللواط وغيرها من الجرائم . . . إلى أن قال:54− الدش يعرض المرأة وهي تمص ذكر الرجل .
قلت: فما سرّ هذا التكرار الممل لهذه الأمور المحرجة ، من شيخ قد جاوز السبعين ؟!! إن لم يكن سببها هو الخذلان فلا أدري ما هو ، فمن هو السفيه الآن ؟!!
وقد شنّع البرامكة على الناصح الأمين ، اقتباسه لكلام البيحاني -رحمه الله- عن (الشمّة) ووصفها أنّها كسلحة الديك ، فقالوا : كتاب فيه 800 صفحة لم يقتبس منه إلاّ هذا !! فماذا سيقولون في إمامهم الوصابي ، وقد ذكر كلّ هذه الألفاظ القبيحة وضِعفها في فصل لم يتجاوز ثماني صفحات !!
وقد تركت ألفاظا أخرى في تلك الرسالة لم أنقلها ، ومن أراد الوقوف على أقرب مثال للسفه ، فليقرأ الرسالة المذكورة ، وقد وضعها الوصابي نفسه في شبكة سحاب !!!
أفبعد هذا يقال له: سماحة الوالد ، ويعتد بجرحه ، ويقبل خبره ؟!!!
زيادة:
و أنكر البرمكي على الشيخ يحيى استدلاله على صفة الساق بقوله تعالى ((يوم يكشف عن ساق)) وقال بأنّ ظاهر الآية لا يدلّ على صفة الساق ، فأقول:
نعم ظاهر الآية لا يدلّ على هذا لكن إجماع السلف على تفسيرها بساق الله تعالى يوجّه الاستدلال بها ، ولهذا صرّح الشيخ يحيى بأن تفسيرها بالشدّة ليس صحيحا ، فلم يثبت عن أحد من السلف أنّه فسّرها بالشدّة ، وكلّ ماروي عنهم في ذلك فضعيف ، كما بيّنه الشيخ أبو عمرو الحجوري -حفظه الله- في كتابه النافع (الفقه الأكبر) وهذا ملخّص كلامه:
روي هذا عن ابن عبّاس:
1/عند ابن جرير والحاكم والبيهقي ، فيه أسامة بن زيد بن أسلم ، وهو ضعيف جدا.
2/عندهم من طريق العوفيين وهي مسلسلة بالضعفاء.
3/عند ابن جرير ، فيه محمد بن حميد الرازي ، كذّاب.
4/عند ابن جرير والحاكم والبيهقي ، فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث ، وهو ضعيف ، وفيها انقطاع بين علي ابن أبي طلحة وابن عباس.
5/عند ابن جرير ، أبهم شيخه ، عن الضحاك عن ابن عبّاس ولم يسمع منه.
6/عند الطستي في "الإتقان" فيها حميد الأعرج ، ضعيف جدًّا ، وفيها من لا يعرف.
7/عند ابن جرير ، فيه ورقاء ضعفه الإمام أحمد ، وفيه عنعنة أبي نجيح عن مجاهد ، ولم يسمع منه التفسير.
8/عند اللالكائي ، ورواته مجاهيل.
9/عند ابن منده في "الرد على الجهمية" موضوع ، اتهم به موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني.
10/عند البيهقي في "الأسماء والصفات" أنّه قرأ (يوم تكشف عن ساق) وهو صحيح ، لكنّه -بهذه القراءة- لسي من آيات الصفات ، فلا يكون تأويلا.
وروي عن مجاهد: من طريق اين جريج وقد عنعنه ، ولم يسمع منه التفسير.
وروي عن سعيد بن جبير: عند ابن جرير ، وفيه محمد بن حيمد الرازي وهو كذاب ، وذكره في "الدّر المنثور" دون سند.
وروي عن عكرمة: عند البيهقي في "الأسماء والصفات" وفيه يحيى بن أبي طالب ، ضعيف.
وروي عن إبراهيم النّخعي: عند ابن جرير ، وفيه محمد بن حميد الرازي ، كذاب.
وروي عن الربيع بن أنس: فيه أبو حعفر الرازي ، ضعيف.
وروي عن قتادة بن دعامة:
1/عند ابن جرير وعبد الرزاق في "التفسير" من طريق معمر ، وروايته عنه ضعيفة ، كما في "ملحق شرح علل الترمذي" للحافظ ابن رجب (2/689)
2/عند ابن جرير ، فيها سعيد بن أبي عروبة تغيّر بآخره ، ولم يسمع التفسير عن قتادة ، يروي عنه يزيد بن زريع ، وقد سمع منه بعد الاختلاط.
3/وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" لعبد بن حميد دون سند.
-هذا وقد رمي قتادة بالقدر ، انظر "تذكرة الحفّاظ" (1/142) إنتهى ملخّصا.
أتدري يا برمكي من صاحب هذا التحقيق الماتع؟!! إنّه الشيخ أبو عمرو الحجوري الذي أهنته واحتقرته في مقالك الأخير ، وإذا كان قد ثبت إجماع السلف على أنّ المراد بهذه الآية ساق الله عز وجلّ ، جاز الاستدلال بالآية على هذا ، والله أعلم.
وقد خلط البرمكي أيضا في انتقاده على الشيخ يحيى في مسألة "اسم القديم" فادّعى أنّ الشيخ قد تناقض في المسألة ، مع أنّ كلامه لا تناقض فيه ، فقوله: "الإخبار عن الله أنّه قديم هذا منتقد" هو نفسه معنى قوله: "الأولى أن يعبّر بـ (الأول) . . ." فوجه الانتقاد هو أنّ "القديم" يحتمل معنين وهو من الألفاظ المحدثة ، والتعبير باللفظ الشرعي أولى ، وليس المقصود إنكار الإخبار بالقديم مطلقا.
بل قد أنكر البرمكي قول الشيخ يحيى: " الإخبار عن الله أنّه قديم هذا منتقد ، كما في شرح الطحاويّة غيره." فقال البرمكي: "لا يوجد في شرح الطحاوية ما زعمه الحجوري ، فالإمام ابن أبي العز لم ينتقد إلا تسمية الله بالقديم لا غير." أهـ من (الانتصار . . .)
قلت: من الجهل أوتيت يا برمكي ، قال ابن أبي العز في "شرح الطحاوية" ط/الإمام مالك (ص:59): "وجاء الشرع باسمه (الأوّل) وهو أحسن من القديم" أهـ
وكلمة (أحسن) مشكل عظيم عند البرمكي ، فقد أنكر على الشيخ يحيى قوله أنّ كلام الطحاوي أحسن من كلام السفاريني ، وقال بأنّ كلمة (أحسن) تقتضي أن بيت السفاريني حسن ، فالآن إمّا أن ينتقد ابن أبي العز بأنّ قوله (أحسن) يعني أن التسمية بالقديم أمر حسن ، وإمّا أن يتراجع عن اتهامه للشيخ يحيى بمذهب الأشاعرة ، وإمّا أن يتناقض!!! وإمّا أن يقول بأنّ كلام ابن أبي العزّ عن الإخبار لا عن التسميّة ، فيكذّب نفسه ، وأحلاها عند البرمكي مرّ.
قال البرمكي: وانظر إل قوله : والأولى أن يعبر بـ (الأول) ! قلت : بل الواجب وليس الأولى أيها التناقض." أهـ
فأقول: قد قرّر البرمكي قبل أسطر من هذا الكلام جواز الإخبار عن الله تعالى بـ(القديم) ونقل هذا من "بدائع الفوائد" و "الدّرر السنيّة" ثم الآن يقول "الواجب وليس الأولى" !! فهل يعرف القراء تناقضا كهذا ، وهل تعرفون تلاعبا كهذا؟!!
هذا وقد كنت أنوي كتابة أكثر من هذا القدر ، ثمّ رأيت أن أكتفي به تنبيها به على غيره ، لأنّ الردّ على جميع ما سوّده البرمكي يطول ، مع بيان فساده وبطلانه ، والله الهادي إلى سواء السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.
كتبه:
أبو العباس ياسر بن مسعود الجيجلي
تعليق