غارة المقالات على أهل الجهالات (6)
زجر الجهول عن أخذ العلم عن الكافر والمجهول
بسم الله الرحمن الرحيم
زجر الجهول عن أخذ العلم عن الكافر والمجهول
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبيّه الأمين؛ وبعد:
قلت: إذا كانت هذه المسائل في الكتاب والسنّة ، وقال بها علماء الأمّة ، فإنّنا نقبلها ، ونكون قد أخذناها من علماء الأمّة ، لا من الكتّاب المجهولين ، لأنّ ما عند هؤلاء المجاهيل من حقّ فإنّه موجود عند العلماء ، وما عندهم من باطل وشبه وغموض ، فإنّه غير موجود عند العلماء.
وإذا كانت هذه المسائل مقرّرة بكلام أهل العلم ، فما شأن المجاهيل؟!!
وقال: ((الحق يقبل ممن جاء به ولو كان مجهولا ، بل ولو كان مبتدعا، بل كافرا منافقا مشركا.))أهـ
قلت: نعم الحقّ يقبل من كلّ من قاله ، ولا أحد يريد أن يناقش في هذا ، ولا أحد يريد أن يقول بأنّ الحقّ لا يقبل إلاّ إذا جاء عن فلان ، أو أنّه إذا جاء عن علاّن ردّ ولو كان حقا!!
لكن السؤال هو: من أين عرفنا أنّ هذا حقّ؟!! هل عرفناه من كلام العلماء السلفيين المعروفين ، أو من كلام المجهولين؟؟! لا شكّ أن الجواب هو الأوّل ، وغاية ما في الأمر: أنّ المجهول قال هذا الحق -تبعا لهؤلاء العلماء- فقلنا له: صدقت؛ ولم نعرف أنّه حقّ من عنده ، بل من عند علماء أهل السنّة ، ولا يضرّ في هذا أن وافقنا كافر أو مبتدع أو مجهول ، أمّا قراءة كتابات المجاهيل بدعوى قبول الحقّ ، فهذا من أساليب أهل البدع.
قال العلاّمة ربيع المدخلي -حفظه الله-: ((لأنّ أهل البدع الآن عندهم أساليب ، ولهم نشاطات وطرق ، يمكن ما كان يعرفها الشياطين في الوقت الماضي ، فعرفوا الآن هذه الأساليب وهذه الطرق ، وكيف يخدعون النّاس؛ فمن أساليبهم: أنّك تقرأ وتأخذ الحق وتترك الباطل !! كثير من الشباب لا يعرف الحقّ من الباطل ، ولا يميّز بين الحق والباطل ، فيقع في الباطل ويرى انّه حق ، ويردّ الحقّ ويرى أنّه باطل ، وتتقلّب عليه الأمور)) "فتاوى الشيخ ربيع" (1/364)
وقال: ((وهذا حال أهل الباطل: عندهم شيء من الحق ، أو شيء من الضلالة ، يلبسونه بشيء من الحقّ حتّى يروج ، طرق ماكرة)) "فتاوى الشيخ ربيع" (1/370)
و المجهول قد عرّفه الحافظ بأنّه : ((من لا يعرف فيه تعديل ولا تجريح معين)). (شرح النّخبة –ص:67)
هذا إذا صرّح باسمه ولم يُعلم أَحَدٌ من أَهل العلم عَدَّلَهُ ، ولا أَحَدٌ من أَهْل العلم جرَّحَهُ.
قال في المراقي:
فدع لمن جهل مطلقا ومن**في عينه يجهل أو فيما بطن
قال الإمام محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: ((يعني أنّه يترتّب على اشتراط العدالة ترك شهادة المجهول)) "نثر الورود" (1/402)فدع لمن جهل مطلقا ومن**في عينه يجهل أو فيما بطن
وقال الحافظ -رحمه الله- : ((والتحقيق أن رواية المستور -ونحوه- مما فيه الاحتمال: لا يطلق القول بردّها ولا بقبولها ، بل يقال: هي موقوفة إلى استبانة حاله كما جزم به إمام الحرمين)) (شرح النخبة – ص:24)
و قال الإمام الألباني -رحمه الله- : ((وإنّما يمكن أن يتبيّن لنا حاله بأن يوثّقه إمام معتمد في توثيقه ، وكأنّ الحافظ أشار إلى هذا بقوله: (إنّ مجهول الحال هو الذي روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثّق) ، وإنّما قلت (معتمد في توثيقه) لأنّ هناك بعض المحدّثين لا يعتمد عليهم في ذلك ، لأنّهم شذّوا عن الجمهور فوثّقوا المجهول ، منهم ابن حبّان)) (تمام المنّة – ص:19)
قلت: فالذي يوثّق المجهول يعتبر (شاذا) و(لا يعتمد عليه) ، فكيف -إذا- بالذي يثني عليهم ويزكّيهم ، ويحثّ على قراءة أقاويلهم ، ويدّعي أنّها الحق؟!! وقد ذكر الإمام الألباني ابنَ حبان على جلالة قدره وعلوّ كعبه في العلم ، فما بالك -إذن- بمن دونه؟!!
وقال -رحمه الله تعالى- : ((واعلم أنّ عدم الاحتجاج بحديث المجهولين إنّما هو لاحتمال أن يكونوا من الضعفاء أو الكذّابين ، لذا لا يجوز الاحتجاج بهم حتّى تتبين حقيقة أمرهم.)) "الضعيفة" (2/306)
أمّا إذا لم يصرّح باسمه -كحال أصحاب الأسماء المستعارة- فيسمّى (المبهم) وهو أبعد عن القبول من هذا.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- : ((ولا يقبل حديث المبهم ما لم يسمّ، لأن شرط قبول الخبر عدالة راويه ، ومن أبهم اسمه لا يعرف، فكيف تعرف عدالته؟! وكذا لا يقبل خبره، ولو أبهم بلفظ التعديل على الأصح.)) (شرح النّخبة – ص:96-97)
وأصل هذا ما صح في (السنن الكبرى) للبيهقي (10/125) :
شهِد رجلٌ عند عمَر بنِ الخطّابِ (رضي الله عنه) فقال له عمرُ : "إنّي لسْتُ أَعرِفك ، ولا يضرُّكَ أنِّي لا أعْرفُكَ ، فائتنِي بمن يعرفك ؛ فقال رجُلٌ: أنا أعرفه يا أمير المؤمنين ، قال: بأيّ شيء تعرفهُ ؟؟ قال: بالعدالة ؛ قال: هو جارك الأدنى تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه ؟؟ قال: لا ، قال: فعاملك بالدّرْهَمِ والدِّينارِ الذي يُسْتَدَلّ بهما على الورعِ ؟؟ ؛ قال: لا ؛ قال: فصاحبك في السَّفَرِ الذي يستدلّ به علَى مَكَارِمِ الأخْلاقِ ؟؟ قال: لا ؛ قال: فلسْتَ تَعرِفهُ ، ثمَّ قالَ للرَّجُلِ : "ائتني بمن يعرفُكَ" .
فهذا عمر بن الخطّابِ (رضيَ اللهُ عنْهُ) لم يقْبَل قولَ هذا الرَّجُلِ وشهَادَتَهُ ، لا لشيْئٍ إلاَّ لأنّه: لا يعرفهُ ؛ وهم فِي زمنٍ كثيرون أخياره ، قليلونَ أشرارُهُ ، وقدْ شَهِد الرّجُلُ في أمرٍ دنيويٍّ ، فرُدَّت شهَادتُهُ ، فكيْف لو كان هذا المجهول (الذي لا نعرفه) لا يشهد بل يحكمُ ، وكيف إذا كان هذا في أمْرٍ دينيٍّ.
قال شيخ الإسلام: ((ومعلوم أنّ الحكم بين الناس في عقائدهم وأقوالهم ، أعظم من الحكم بينهم في مبايعهم وأموالهم)) أهـ "درء تعارض العقل والنقل" (7/464)
وكيف إذا كان هذا -الأمرُ- متعلِّقًا بعرضِ عالمٍ من عُلَمَاءِ الأُمَّة ، وكيْفَ إذا كانَ قائلُه ليس مجهولا -فحسب- بل يتعَمّدُ إخفاء اسمهِ ، وكلُّ هذا وذاك في زمنٍ كثُر فيهِ الأشرارُ ، وقلَّ فيهِ الأخيارُ ؟؟
بلْ كيفَ لو رأى عمرُ بنُ الخطَّاب -رضي الله عنه- دفاع بعضِ النَّاس عن هؤلاء المجاهيل ، وحثّهم على قبول أخبارهم -وأحكامهم- بغيةً منهم لإسقاط خصومهم ، دون تأنٍ ، ولا تروٍ ؟؟
قال الشيخ ربيع المدخلي -حفظه الله- عن (بعض) المجاهيل : ((عند بعضهم تقية ، تقية الباطنية الآن أسأل اللي يحاربوك في الأثري من هم ؟ من هم ؟ ما تعرف ما تدري من هم ،كذا وكذا ويجيبون أسماء غريبة والله لا نستبعد أن فيهم روافض يشاركون في هذا الموقع لا أستبعد ورب السماء ويجي رئيسهم ويقول فينهم الحدادية طيب إذا ما هم حدادية هم روافض بارك الله فيك وباطنية يمكن إذا ماهم حدادية ولاّ سمهم لنا؟ سمِّ لنا جندك قل فلان فلان فلان ما في إذن أخبث تقية هذه؛ هذه تقية لا يوجد لها نظير الآن اسمع أسماء الروافض فلان فلان فلان لكن أسماء الحدادية فينهم ما تحصلهم إذن زيادة على الباطنية هذه نحن ما نكفرهم لكن أنا لا أستبعد أن فيهم باطنية لا أستبعد.)) "شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري" (الشريط الثاني)
وقال -حفظه الله- : ((كيف يدافع عن أناس يختفون ويطعنون في الظلام ، لا يعرفهم أحد ، فيطعن أحدهم ويكذب تحت اسم (فكاري) ، وآخر (المفرق) ، وآخر (خالد العامي) ، وآخر (السحيمي الأثري) ، وآخرون تحت (أسماء أخرى مجهولة) .
اسألوه: لماذا قفز عن الوجه الثاني والثالث -مثلاً- من أوجه الشبه ؛ فلم يذكرهما ولم يناقشهما ؟ ، حيث قلت : ( الوجه الثاني : السرية الشديدة في واقعهم وموقعهم في الشبكة المعروفة بـ"الأثري" بدرجة لا يلحقهم فيها أي فرقة سِرِيَّة حيث يكتبون تحت أسماء مجهولة مسروقة ؛ فإذا مات أحدهم ؛ فلا يُعرف له عينٌ ولا أثر ! وبهذا العمل فاقوا الروافض ؛ فإنَّهم معروفون وكتب التاريخ ، والجرح والتعديل مشحونة بأسمائهم وأحوالهم ، وإن كانوا يستخدمون التقية والتستر بحيث لا يظهر كثير من أحوالهم) .
وأقُولُ [الشيخ ربيع] : فمن يعرف لنا من أهل السنة والجماعة –وغيرهم- : (المفرق) ، و (فكاري) ، و (خالد العامي) ، و (السحيمي الأثري) ، و (غيرهم من المجهولين) ؟
من أي بلد هُمْ؟! ، ومن أي قبيلة؟! ، وماذا يحملون من الشهادات العلمية؟! ، أو على أي العلماء درسوا ؟! أليست الشهادة لهؤلاء وأمثالهم بأنهم أهل السنة والجماعة من أخبث شهادات (الزور) ، ومن أكذب (الكذب) و(الفجور) ؟!! أليس رمي أهل السنة والجماعة حقًا وعلمائهم -بعد إسقاطهم وإسقاط منهجهم- بأنهم:(خوارج)، و(مرجئة) ، و(حدادية) من أخبث شهادات (الزور) وأفجر (الفجور) ؟!!)) الحلقة الثانية من (كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني)
قلت : وهؤلاء -تماما- كؤلائك ، سواء بسواء ، ولا فرق.
وقد رأيت بعض (إخواننا) يقرأ لهؤلاء المجاهيل على وجه الاستفادة والتعظيم (!) ، بل ويجادل عنهم!! ، ويحتج بأقوالهم!!! ، يقبل أخبارهم!!!! ، ويبني عليها أحكاما!!!!! ، في الوقت الذي يرد فيه أخبار الثقات من طلبة العلم المعروفين ، بل تعدّى الأمر إلى نقل أقاويل المجاهيل وتقوّلاتهم إلى المنتديات والإشادة بها ، بدعوى أنّ صاحبها قد أصاب الحقّ !!وقد سئل فضيلة العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-: أزاول مهنة نقل بضاعة بسيارتي ، فهل يجوز لي أن أنقل بضاعة أحد التّجار ، والتي هي عبارة عن مصاحف وعطور ومجلاّت في العلوم الشرعيّة للعلماء المعروفين بالسنّة قديما وحديثا ، إلاّ أنه يتخللها بعض كتب أهل البدع والمجهولين.
فأجاب العلامة ربيع -حفظه الله- : ((أنا أرى أنّ نقلك لكتب أهل البدع والمجهولين من التعاون على الإثم والعدوان ، فأرى أن تنقل أترك هذا الرجل واذهب إلى غيره ، فإنّ أبواب الرزق مفتوحة ، أنقل بضائع خضار ، أنقل حاجات أخرى من الأمور التي ما فيها شبه ولا حرام.)) (الحثّ على المودّة –ص:49)
وقد أورد (المجهولون) عددا من الشبه لتبرير جهالاتهم ، وقد رددتها -بحمد الله- في (التنكيل بأباطيل المجاهيل) فراجعه -إن شئت-.
وقد أتى ياسين العدني بجملة من الكلام الحق ، الذي أرادبه باطلا ، وكلّ ماذكر من شبه ، فالجواب عنه واحد ، وهو أنّ الحق في هذه النّقول: لم يعرف عن طريق المجاهيل ، ولا عن طريق الكفرة ، ولا عن طريق المبتدعة ، بل عرف عن طريق الوحي ، فلمّا جاء المجهول وقال هذا الحق ، لم يصر باطلا بل بقي حقّا.
وإذا كان ياسين يقول بأنّ الطالب يجوز له أن يقرأ ملازم البرمكي مع أنّه مجهول ، ويجوز له أن يقرأ ردود غيره من المجاهيل ، بل والمبتدعة والمشركين ، فما باله يحذّر من دمّاج ؟!! ويحرّم أخذ العلم منها ، لماذا لا يطبّق قاعدته هذه على الشيخ يحيى؟؟! فيقول: مادام الحقّ يأخذ من الكافر والمنافق . . و . . و . . فإنّه يأخذ أيضا من الحجوري؟!!! إنّه الكيل بمكيالين؛ فياسين يقبل من الكافر ، والمشرك ، والمنافق ، والمبتدع ، والمجهول ، ولا يقبل من فضيلة الشيخ يحيى الحجوري !!!
أمّا ما نقله ياسين العدني ، من أحاديث نبويّة ، أو كلام لعلماء السلفيّة ، فهو دائر بين أمرين:
1/ إمّا أن يكون قصّة وقعت لكافر مع النبيّ صلى الله عليه وسلّم ، فقال الكافر كلاما فصدّقه رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، فيكون الرسول عليه الصلاة والسلام قد عرف الحقّ من الوحي ، ونكون نحن قد عرفناه من إقراره صلى الله عليه وسلّم ، لا من قول الكافر.
2/ وإمّا أن يكون خبرا عن علماء استمعوا لكلام أهل البدع ، وهذا ليس عامّا لكلّ أحد ، بل هو لمن يستطيع التمييز بين الحقّ والباطل ، في المسألة المتكلّم فيها ، وليس معنى هذا أن يعمد الطالب إلى مسألة لا يعرفها فيتعلّمها من كافر أو مجهول!!! إذ لو كان هذا جائزا لجاز لعمر رضي الله عنه ، ومع هذا نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، لما رأى في يده صحيفة من التّوراة.
أمّا إذا كان ياسين يريد منّا أن نرجع عند حلول الفتن إلى البرمكي وابن ربيع ، فهذا باطل قبيح ، فالرجوع في الفتن لا يكون إلاّ للعلماء ، أمّا المجاهيل والكفرة والمبتدعة ، فلا يرجع إليهم ، ومن قال غير هذا فقد جانب الصواب وأبعد ، قال تعالى: ((وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى ألي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)) فالرجوع عند النوازل يكون للعلماء فقط.
والعلماء لم يكونوا يأمرون بقراءة كتب أهل البدع ، بدعوى أنّ الحق يقبل ممن قاله ، بل كانوا يأمرون بهجرهم ومعاداتهم.
قال شَيخ الإسلاَمِ -رحمهُ الله-: (( النَّهي عَن مجالسَةِ أهْل البدَع ومنَاظرَتهم ومخاطَبتهِم والأَمر بهجرَانهم ، وهذَا لأنَّ ذَلك قَد يَكونُ أنفَع للمسلِمِين مِن مخاطَبتهِم ، فإنَّ الحقَّ إذَا كَان ظاهِرًا قَد عرَفه المسلِمونَ وأرَاد بعضُ المبتَدعَة أن يدعُوَ إلى بدعَتهِ: فإنَّه يجِب منعُه مِن ذلِك ، فإذَا هجِر وعزِّر كَما فَعل أمِير المؤمِنين عمَر بنُ الخطَّاب رَضي الله عنهُ بصبِيغ بنِ عسلٍ التمِيمي وكَما كَان المسلِمون يفعَلون ، أو قتِل كما قتَل المسلمون الجعْدَ بنَ درهَم وغيلاَن القدَري وغيرَهما ، كَان ذلِك هُو المصْلَحَة بخلاَفِ ما إذا تُرك داعيًا وهُوَ لا يقبَلُ الحقَّ إمَّا لهوَاه وإمَّا لفسَادِ إدرَاكهِ ، فإنَّهُ ليسَ في مخاطَبتِهِ إلاَّ مفسَدةٌ وضَررٌ عليهِ وعلَى المسلِمينَ ))."درء تعارض العقل والنقل" (7/172-173)
قال الإمَامُ أحمَد ابنُ حنبلٍ -رحمه الله-: (( الذي كنَّا نسمَعُ وأدرَكنَا عَليه مَن أدرَكْنا مِن أهْلِ العلمِ: أنهم يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ ، وإنما الأمور بالتسليم والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لا في الجلوس مع أهل البدع والزَّيغ لتردَّ عليهِم ؛ فإنَّهم يلبِّسون عليك وهم لا يرجِعون ، فالسَّلامة إن شّاء الله في ترك مجالستهِم والخوضِ معهم في بدعتهِم و ضَلالتهم))"الإبانة" (2/472).
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: ((من كان مبتدعا ظاهِر البِدعة ، وجَب الإنكَار عَليه ، ومن الإنكار المشروع: أن يهجر حتّى يتوبَ ، ومِن الهجر امتنَاع أهل الدّين من الصَّلاة عليه لينزجر من يتشبّه بطريقته ويدعوا إليها ، وقد أمر بمثل هَذا: مالك بن أنس ، وأحمد ابن حنبل وغيرهما))"مجموع الفتاوى" (24/292)
قال ابن أبي زيد القيرواني -رحمه الله-: ((قال مَالك: لا تسلّم على أهل الأهواء ، ولا تجالسهم إلاّ أن تغلّظ عليهم ، ولا يعَاد مريضهم ، ولا تحدّث عنهُم الأحَاديث))(الجامع - ص:125)
قال البغوي -رحمه الله-: ((وقد مضت الصَّحابة والتَّابعون وأتباعُهم ، وعُلمَاء السُّنّة على هذا مجمعين متّفقين ، عَلى معاداة أهل البِدعة ومهَاجرتهم)) "شرح السنّة" (1/227)
قال ابن عباس -رضي الله عنهما -: ((لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلوب)) "الإبانة" ( 2/438)
قال إبراهيم النخعي: ((لا تجالسوا أهل الأهواء فإن مجالستهم تذهب بنور الإيمان من القلوب، وتسلب محاسن الوجوه، وتورث البغضة في قلوب المؤمنين)) "الإبانة" ( 2/439 )
قال ثابت بن عجلان: ((أدركت أنس بن مالك وابن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وطاووس ومجاهد وعبد الله بن أبي مليكة والزهري ومكحول والقاسم أبا عبد الرحمن وعطاء الخراساني وثابت البناني والحكم بن عتيبة وأيوب السختياني وحماد ومحمد بن سيرين وأبا عامر - وكان قد أدرك أبا بكر الصديق - ويزيد الرقاشي وسليمان بن موسى، كلهم يأمروني بالجماعة وينهوني عن أصحاب الأهواء)) "شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي" (1/133)
هذا كلام العلماء الرّاسخين ، أمّا العدني فإنّه يخلط بين المسائل ، ليروّج (أباطيل المجاهيل) تحت ستار (قبول الحق ممن قاله) ليمهّد الطريق للبرمكي القديم ، أو لبرمكي جديد سيخرج بعد حين.
هذا في الأخذ عن المبتدع ، أمّا المجهول فقد روى الإمام مسلم في (مقدّمة الصحيح) عن ابن سيرين أنّه قال: ((إنّ هذا العلم دين ، فانظروا عمّن تأخذون دينكم))
سُئل العلامة أحمد النجمي -رحمه الله-:ما هو الضابط في سماع الأشرطة و قراءة كتب المجاهيل و المجروحين و هل يجوز بيعها؟ يعني أشرطة المواعظ؟
الجواب: ((ينبغي أن لا تشترى كتب المجاهيل والمجروحين و أن لا تباع و أن لا تنشر و أن لا تقرأ، بل يقرأ للسلف وأشرطة السلف وكتب السلف، كتب السلفيين يعني المعاصرين و القدامى، تقرأ هذه الكتب كتب الحديث، كتب العقائد، التفسير بالأثر هذه التي تقرأ أما ماعدا ذلك من كتب الحزبيين المعاصرين و ما أشبه ذلك فهذه ينبغي أن تجتنب.
السؤال: نعم... يا شيخ بعض الكتب المفيدة هي كتب مفيدة للسلف لكن حققت من طرف مجروحين أو مجهولين هل ينصح بها، أو هل يقرأ هذا التحقيق ؟
الجواب: إذا كان التحقيق ما يقلب الحقائق، تحقيق في الصحة و الضعف هذا ما له كبير ضرر، نعم))أهـ.(شريط: مكالمة هاتفية من مدينة الجلفة)
وسُئل الشيخ ربيع -حفظه الله-: يقول السائل من يبيع أشرطة الوعاظ والقصاص المجهولين، و يدعي أنه سلفي هل تنفعه سلفيته؟
الجواب: ((قد يكون جاهلا، فيبيّن له، وبعد أن يسمع الأشرطة و يبيّن ما فيها من الأخطاء، عقائد فاسدة، كذب على الله، يبيّن له، فإذا تمادى بعد البيان يحذر منه، يحذر منه، فقد يكون مدّعيا للسلفية، فالآن كل واحد يدعيها، هم منهم.))أهـ (شريط: (إن الله يكره لكم قيل وقال)
وسُئل الشيخ زيد المدخلي -حفظه الله-: يسأل سؤال هنا يا شيخ يقول ما حكم استماع أشرطة الرقائق لوعاظ حزبيين أو مجاهيل مع العلم بأن غالب الشباب ليس عندهم العلم الكافي لتمييز الصواب من الخطأ ؟
الإجابة : ((ما جاء عن السلف رحمهم الله سابقًا ولاحقا فيه الكفاية والارتباط به هو الواجب لأنّا لسنا في حاجة إلى علوم صنف من الناس يحملون البدع ويروجون لها بشيءٍ من الغرائب و القصص، لأن في علم السلف ما يغني الارتباط بهم و بعلمهم، هذا الواجب علينا وعليكم، بذل النصيحة لطلاب العلم سواء من العرب أو غيرهم، أن نربطهم بعلم السلف ومواعظ السلف و كتب السلف ففيها الخير بحذافيره، كما مر بكم وسمعتم النصوص، لأن الله عز وجل أثنى عن السلف وأتباعهم ثناءً عاطرا وما ذالك إلا لأنهم عن الهدى والحق المبين، فهذا الذي أحب أن أقوله لكم .)) (مادة صوتيّة منشورة في منتديات الشعر السلفي)
فإن قال ياسين العدني ، بأنّ أقاويل هؤلاء المجاهيل مدعّمة بنقول عن أهل العلم!!! قلنا:
سئل الشيخ العلامة صالح الفوزان -رحمه الله-: هذا سؤال يقع فيه كثير من الإخوة في نقل المعلومات عبر شبكة الأنترنت وتحت أسماء مستعارة وما حكم ذلك وهل هو من المجاهيل؟
الجواب: ((نعم من المجاهيل, إذا كان إن الذي وضعها في الأنترنت نسبها ووثقها من كتب أهل العلم, راجع كتب أهل العلم, ولا تعتمد على ما نشر, أما إذا كان أنه ما ذكر له مراجع ولا مصادر أتركها ولا تلتفت لها.)) (شريط: وصايا لطالب العلم)
فتلك الأقاويل إمّا أن تكون مدعّمّة بأقوال أهل العلم ، فعلى الطالب ان يتثبّت من نسبة هذه الأقوال إليهم من مصادرها ، وفي هذا من المشقّة ما لا يخفى ، ويغنيه عن هذا أن يأخذ العلم عن أهله المعروفين.
وإمّا أن تكون خالية من أقوال أهل العلم ، فهذه تترك ولا يلتفت إليها.
أرجو أن يكون قد صحل بهذا المقصود ، وبان الحق ، واتّضح الصواب ، واستبان أنّ القوم يسيرون على خطى أبي الحسن خطوة خطوة ، فما خرجت علينا فتنة من الفتن المعاصرة ، إلاّ انبرى فيها مجاهيل الأنترنت لنصرة الباطل وردّ الحقّ ، والطعن في علماء الأمّة ، وضرب أقوالهم ببعضها ، ابتداء بفتنة فالحومجاهيل الأشري، وانتهاء بفتنة ابن مرعي ومجاهيل الوحلين.
والله أعلم، وصلى الله وسلّم على محمد وعلى آله وصحبه.
كتبه:أبو العبّاس ياسر بن مسعود العامري الجيجلي
كتبه:أبو العبّاس ياسر بن مسعود العامري الجيجلي
تعليق