براءة الشريعة الإسلامية من ضلالات أبي الحسن الديمقراطية والمنهجية
(الحلقة الثانية)
(الحلقة الثانية)
"السلفيون والموقف من الوحدة
•س: يُطْرَح في خطاب أصحاب الحراك أن الوحدة انتهت في عام 1994م، ما رأيك ؟
•ج: نحن دعاة اجتماع أمة كاملة [إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ] فإذا تحقق جزء من هذا الهدف، فنحرص أن لا يضيع هذا الإنجاز من أيدينا، وإذا اجتمع اليمن بشطريه فهو نواة لوحدة غيره – إن شاء الله- ومن هذه الناحية ننظر على أن الوحدة مطلب شرعي، وهي ضرورة معيشية([1])، يأمن فيها الناس من فتن التشطير ومكايداته، وتتسع أبواب الخير على الجميع، فقبل الوحدة كان نظام التشطير والبغضاء والمهاترات بين أهل اليمن، وكان هناك غزو بين القبائل على الحدود وتسميم للآبار، وتفجير للمضخات، ودعم التيارات المخالفة لإثارة القلاقل، إلى غير ذلك، كانت الكراهية موجودة بين الناس، وبفضل الله تعالى ثم بالوحدة ذابت هذه الفوارق، وإن لم تحقق الوحدة كل شيء، فقد تحققت بها أشياء كثيرة، وواجب الصادقين أن يعيدوا الأمور إلى نصابها، وتحث شعار(نعم للوحدة لا للفساد والمفسدين) .. فهناك فساد موجود، لكن لا نقول: إن الوحدة هي السبب فيه، بل الأشخاص المفسدون هم السبب، وعلى الدولة أن تبادر بعلاج الفساد قبل استفحاله، فإن تأخر العلاج([2]) عن وقته: فإما أن تخضع الدولة بعد ذلك للخصم؛ فيزداد عتوًّا، وإما أن تستمر في تجاهله، فتخسر أنصارها، الذين لا يُقِرُّون الخطأ، وبذلك تفقد هيبتها، وهذه باقعة ليس لها راقعة.."([3]).
أقول: 1- الوحدة السياسية قد قامت كما قدمت في اليمن من زمن بعيد، ومن يسعى في تمزيقها فيجب على دولتكم أن تضرب على يديه بيد من حديد.
هذا هو الحل الإسلامي الذي يجب أن يصرِّح به أبو الحسن المتحدث باسم الإسلام والسلفية.
روى مسلم في صحيحه في "الإمارة" حديث (1852) بإسناده إلى شعبة، عن زِيَادِ بن عِلَاقَةَ قال: سمعت عَرْفَجَةَ قال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ e يقول: " إنه سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هذه الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا من كان".
فأيهما الحق الذي تحل به المشاكل؛ آلذي شرعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أم حل أبي الحسن الإخواني الديمقراطي، وهذا ما تقوم به الدول حتى الكافرة الديمقراطية، وإن لم تعرف هذا التشريع الإسلامي الحاسم للفساد والإفساد.
أما العلاج عند أبي الحسن فهو ما تراه هنا وهناك بناء على الديمقراطية.
فقل لي بربك: هل هذا الرجل جدير بأن يتحدث باسم الإسلام وباسم السلفية المنكوبة به وبأمثاله؟
2- أبو الحسن يتحدث عن الوحدة السياسية في بلاده، وهي قد قامت، فما باله لا يدعو أهل الاتجاهات المنحرفة وأهل الفرقة في الدين إلى الوحدة على الكتاب والسنة عقيدة ومنهجاً وسياسة وأخلاقاً؟
فإن قلت: هو قد قال: نحن دعاة أمة كاملة (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون).
فأقول: إنه لم يُرد ما أشرت إليه؛ بدليل أنه لم يعرج على هذا المعنى في هذا الحوار.
وبدليل أنه يدعو إلى منهج واسع أفيح يسع أهل السنة ويسع الأمة كلها.
وأهل السنة عنده هم الإخوان المسلمون وجماعة التبليغ التي تبايع على أربع طرق صوفية، فيها الشرك والحلول ووحدة الوجود وبدع كبرى أخرى.
وأضاف إلى هذا بأن حكم للسواد الأعظم بأنهم سلفيون.
ثم هو بالمرصاد لمن يدعو إلى التوحيد والسنة ويحارب الشرك والبدع، فتنبه لأساليب هذا السياسي الذي يجيد اللعب على الحبال، ولو جادلك في عمود من الطين أو الخشب على أنه من الذهب لغلبك وأفحمك عند المعجبين به وبأساليبه التي يتلاعب فيها، ويقلب فيها الأمور، ومحدِّثك من أعرف الناس به.
•"س: هل تعتقد أن الدولة خسرت هيبتها ؟
•ج: لا شك أن هؤلاء الذين هم في الحراك سقطت في نظرهم هيبة الدولة .. وكذا عند أحزاب المعارضة وغيرهم من شرائح المجتمع في الشمال والجنوب، لقد حصلت أمور سيئة في هذا الباب، فقد كان للدولة هيبتها، عند أكثر الناس، لكن الفساد وغيره غيّر كثيرا، وإن كان الأمل لم ينقطع في إصلاح ما أمكن من هذه الأمور، وأقول: العلاج المبكر هو الحل .. و أي شيء لا يأتي في وقته يضر، كأن يأتي قبل أو بعد وقته فإنه يضر .."([4]).
أقول: يجب على العلماء أن ينصحوا الدولة بأن تجتث من دستورها الأسباب التي هي منابع الفتن والفساد العريض وعلى رأسها الديمقراطية، وأنه يتحتم أن يكون الدستور إسلامياً محضا.
وعلى العلماء أن ينشروا في مجتمعهم حكومة وشعباً ضرورة العودة الجادة إلى الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح والتمسك بذلك والاعتزاز به عقائديا ومنهجياً وسياسياً، (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً..الآية).
أما التمسك بالديمقراطية تجاه هذه الأزمة واستصدار الحلول منها فليس من الدين والتقوى والعقل في شيء، والرائد لا يكذب أهله، فكن محقاً صادقاً وإلا فيصدق على علاجك الديمقراطي المثل السائر: "وداوني بالتي هي الداء".
•"س: تتابع التحولات من 94م ، هناك من يقول: إن الجنوب محتل.. ما رأيك ؟
•ج: جزما: إن هذا قول خطأ، لم يكن الجنوب محتلاً..الوحدة موجودة واقعًا، وبرضى الجميع وإرادتهم، وهي واقع موجود، وليست خيالية ,كانت هناك دولتان فأصبحتا دولة واحدة، كان هناك رئيسان، وعَلَمَان، ووزارتان للداخلية والخارجية؛ فصار كل هذا شيئًا واحدًا، الشعب في المحافظات الشمالية امترج بالشعب في المحافظات الجنوبية، الوزارات والإدارات والأعمال التجارية تداخلت في بعضها، الزواج والمصاهرة قد ملأت البيوت هنا وهناك, إنكار هذا تكذيب للسنوات الماضية والواقع، بل عندما يتكلم أصحاب الحراك بأنهم لا يريدون الوحدة أو ينادون بفك الارتباط؛ هذا بعينه إقرار أن الوحدة موجودة، ولذا يطالبون بفك الارتباط، و لكن يجب أن تصحح الأخطاء، ولا ترتبط الأخطاء بالوحدة، ولا يُطلق على كل من يطالب بحق شرعي إنه انفصالي"([5]) .
أقول: 1- كان هناك دولتان إحداهما وهي الجنوبية شيوعية حمراء، فتنفس المسلمون بسقوطها الصعداء، وانتشر التوحيد والسنة على أنقاض الشيوعية، والذين يطالبون بالانفصال يحنون إلى هذا العهد المظلم في ظل قيادته السابقة كما يصرحون بذلك ويرفعون أعلام ذلك العهد الشيوعي ، فلماذا لا يصرِّح أبو الحسن بهذا أو ذاك؟ إن سياسته المظلمة تعقد لسانه وتشل عقله أن يصدع بهذا الواقع.
2- ما هو هذا الحق الشرعي، فهل تريد الحق الشرعي في الإسلام فهات الأدلة الشرعية على شرعية هذه المطالبة من خلال المظاهرات والتجمعات في الشوارع ورفع الشعارات والأعلام، ومحور هذه المطالب الانفصال وإعادة الدولة الاشتراكية أو قل الشيوعية.
الحق أنك مُسَلِّم ومستسلم وداع إلى الحلول الديمقراطية.
•"س: ترى أن أصحاب الجنوب مغيبون في السلطة ؟
•ج: كثير من المسؤولين الشماليين والجنوبيين مغيبون، ويتهيبون القطع في أمور هي من صلاحياتهم، وقد يكون ذلك لتضييق عليهم أو على بعضهم، وقد يكون التضييق بحق أو بغير حق، وقد يكون ذلك لضعف همة وعزيمة المسؤول نفسه، وقد يكون ذلك للظروف العامة والخاصة التي تمر بها البلاد من انفلات أمني وغيره، لكن من كان قويًّا في نفسه؛ فإنه يفرض نفسه – ما أمكن- بما يكفله له الدستور، والضعيف ضعيف سواء كان من الشمال أو الجنوب .."([6]).
أقول: السؤال سياسي ديمقراطي، والإجابة كذلك، وفيها تهييج للجنوبيين والشماليين، مع الأسف لا يزيد الفتنة إلا لهيبا، ثم ما هي صلاحيات المغيبين التي يتهيبون القطع فيها للأسباب التي تزعمها.
إن المسلم الصادق يضحي بصلاحياته الخاصة ويُقدِّم المصلحة العامة للمسلمين طلباً لمرضاة الله وامتثالاً لتوجيهات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين بالصبر عند الأثرة درأ للفتن وسفك الدماء وهتك الأعراض وتدمير الأموال وإشاعة الرعب والفوضى.
والذين يفرضون أنفسهم أنانيون، لا يراعون المصالح العامة، ولا يبالون بما يترتب على فرض قوتهم من المفاسد والأضرار؛ ذلك أنهم لا ينقادون لتوجيهات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
إن أبا الحسن ليتجاهل التوجيهات النبوية، ولا يلتفت إلى مراعاة المصالح والمفاسد.
فما بال أبي الحسن يتجاهل هذا المنهج، فالذي يطمع في المناصب السياسية يتهمه الإسلام بأنه لا يطمع إلا في مصلحته لا في مصالح الناس وإقامة العدل فيهم.
عن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال: أَقْبَلْتُ إلى النبي e وَمَعِي رَجُلَانِ من الْأَشْعَرِيِّينَ أَحَدُهُمَا عن يَمِينِي وَالْآخَرُ عن يَسَارِي فَكِلَاهُمَا سَأَلَ الْعَمَلَ وَالنَّبِيُّ e يَسْتَاكُ فقال: ما تَقُولُ يا أَبَا مُوسَى أو يا عَبْدَ اللَّهِ بن قَيْسٍ؟ قال فقلت: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ما أَطْلَعَانِي على ما في أَنْفُسِهِمَا وما شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ، قال: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ وقد قَلَصَتْ، فقال: "لَنْ أو لَا نَسْتَعْمِلُ على عَمَلِنَا من أَرَادَهُ...الحديث.
وفي لفظ: "إنا والله لا نولي على هذا العمل أحداً سأله ولا أحداً حرص عليه"، متفق عليه، انظر صحيح البخاري "كتاب الأحكام" حديث (7149)، ومسلم في الإمارة حديث (1733).
وأخرج البخاري في صحيحه في الفتن حديث (7057)، ومسلم في صحيحه في الإمارة حديث (1845)، والترمذي في جامعه في أبواب الفتن حديث (2189)، والنسائي في سننه في آداب القضاة حديث (5383) من حديث أنس بن مالك عن أسيد ابن حضير أَنَّ رَجُلًا أتى النبي e فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا ولم تَسْتَعْمِلْنِي، قال: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حتى تَلْقَوْنِي".
وهناك أحاديث صحيحة في النهي عن طلب الإمارة وبيان الخطورة في عاقبتها، منها حديث عبد الرحمن بن سمرة، وآخر عن أبي ذر، انظرهما في صحيح مسلم.
لقد حث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الطاعة وحذّر من مفارقة الجماعة، وأمر بالصبر على الأثرة، وتوعد من يدعو إلى عصبية، أو يقاتل من أجل عصبية.
أخرج مسلم في صحيحه: الإمارة حديث (1848) وابن حبان كما في الإحسان (10/441) من حديث أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ e : "من خَرَجَ من الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ فَلَيْسَ من أُمَّتِي وَمَنْ خَرَجَ من أُمَّتِي على أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لَا يَتَحَاشَ من مُؤْمِنِهَا ولا يَفِي بِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي".
وأخرج مسلم في صحيحه "الإمارة" حديث (1850) والروياني في مسنده (2/141) وابن حبان كما في الإحسان (10/440) من حديث جندب بن عبد الله البجلي قال قال رسول اللَّهِ e من قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أو يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ".
وأخرج البخاري في صحيحه الفتن، حديث (7053، 7054) ومسلم في صحيحه: الإمارة (1849) من حديث ابن عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ قال قال رسول اللَّهِ e : " من رَأَى من أَمِيرِهِ شيئا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ فإنه من فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ.
وأخرج أحمد في مسنده (1/384) والبخاري في صحيحه في الفتن حديث (7052)، ومسلم في صحيحه في الإمارة حديث (1843)، والترمذي في جامعه في أبواب الفتن "باب في الأثرة وما جاء فيه" حديث (2190) من حديث عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-: قال قال لنا رسول اللَّهِ e إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا، قالوا: فما تَأْمُرُنَا يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ"([7]).
فما بال أبي الحسن وأدعياء السلفية من الإخوان والقطبيين يتجاهلون هذا الهدي النبوي الحكيم، ويتعلقون بأذيال الديمقراطية، ويتجاهلون هذه النصوص النبوية، ويتهالكون على المناصب والرئاسات باسم الإسلام، فإذا وصلوا إلى غايتهم من الرئاسات والمناصب وما تحققانه من الأموال نسوا ما كانوا يدعون إليه من قبل، وصاروا من أسوأ الحكومات وأبعدها عن تحكيم كتاب الله وسنة رسوله عقيدة ومنهجاً وسياسة وأخلاقاً، فلقد قامت لهم دول في السودان وتركيا وأفغانستان، فظهر بقيام هذه الدول الإخوانية بطلان دعاويهم، وأنهم ما يمتطون الإسلام إلا لتحقيق مآربهم ومطامعهم الدنيوية، وذلك من خذلان الله لهم؛ لأنهم لم يأتوا البيوت من أبوابها الشرعية، ثم مع كل هذا لم يعتبروا هم ولا من انخدع بهم.
•"س: كتمثيل هل الجنوبيون متواجدون وممثلون ..
•ج: نعم، كثير من الوزارات السيادية والأماكن الهامة مع الإخوان من المحافظات الجنوبية .. فرئيس الوزراء، ونائب رئيس الجمهورية، ووزير الدفاع، والنفط، والتعليم العالي و .. فهذا واقع وموجود، والشعب يعرف ذلك، وأنصح الإخوة في الحراك بالتعقل في الطرح، حتى لا يخسروا من يساندهم في مطالبهم العادلة، أما إذا طالبوا بالانفصال، حتى وإن استجابت الدولة لمطالبهم، وادَّعَوْا أنهم محتلون من قِبل الشمال، أو يفتحوا باب الاعتداء على أحد من المحافظات الشمالية في المحافظات الجنوبية؛ فإنهم سيخسرون الملايين التي تساندهم في مطالبهم الصحيحة من المحافظات الشمالية، فعندما يفعلون ذلك؛ فإنهم سيخسرون بذلك قدر 19مليون من الشمال، ويوغرون صدورهم عليهم"([8]) .
أقول: 1- ما هي مطالبهم الصحيحة بميزان الإسلام؟، وهل هؤلاء الملايين التي تدَّعي أنها تساندهم ينطلقون من صميم الإسلام وشرعه الحكيم أو من الديمقراطية؛ تشريع اليهود والنصارى؟
وبهذا المنطق الديمقراطي يدرك أهل السنة والحق مدى تمسك أبي الحسن بتوجيهات الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومدى تمسك الإخوان المسلمين وفصائلهم بشريعة الإسلام؛ ولا سيما الحاكمية التي بنوا حياتهم عليها.
2- ميزان الربح والخسارة عند أبي الحسن دنيوي، أما المخالفات الشرعية عقائدياً وسياسياً وما تجلبه هذه المخالفات العقدية والمنهجية والسياسية وما يترتب عليها من غضب الله وشديد عقابه فهذا مما لا يخطر ببال أبي الحسن السياسي، وقد تخطر بباله ولكن لا يريد أن يجرح مشاعر إخوانه في الحراك وغيره تطبيقاً لمنهجه الواسع الأفيح.
•"س: السلطة تقول: إن هؤلاء مدعومون من الخارج؟
•ج: لقد اختلطت الأوراق، ففي البداية كانت القضايا حقوقية واضحة، ولا ندري من كان وراءها، ومن أجّجها بهذا الحجم؟ ولكن فيما يظهر لي أن جميع المنصفين كان متعاطفًا مع هذه المطالب، وأخيرا اتضح أن هناك من يقول: لو نُفِّدَتْ كل المطالب فإنهم لا يريدون الوحدة، وهذا الطرح جعل كثيرًا من المؤيدين يتراجع ويتساءل ماذا يريد هؤلاء؟ ومن وراءهم؟!"([9]).
أقول: من هم هؤلاء المنصفون المتعاطفون مع مطالب الاشتراكيين الذين لا يحركهم إلا الشيوعيون؛ علي سالم البيض وأركان دولته الشيوعية التي ذهبت إلى الأبد إن شاء الله.
ألا يدل هذا على خطأ هؤلاء المتعاطفين وجهلهم ببدهيات الإسلام وحلوله التي يستحقها أصحاب هذه المطالب؟
هذا شيء، والشيء الآخر إذا ظهر لك ولهؤلاء وغيرهم أن الاشتراكيين ومن شاركهم لا يريدون الوحدة وهي مطلبهم الأوحد، فلماذا تدللهم إلى هذا الحد وترى أن لهم حقوقاً يحق لهم المطالبة بها؟، ثم لماذا لا توضح حكم الإسلام فيهم لا سيما وأنت تتحدث باسم الإسلام؟ ألا إنها السياسة الديمقراطية التي سيطرت على عقلك ومشاعرك وأحكامك.
•"س: ما موقفكم من المعارضة ممثلة في اللقاء المشترك ؟
•ج: المعارضة لديها أشياء حق، ونشكرها على ما تحقق على يديها من إصلاحات، وعندها أشياء أخرى لا نقرهم عليها([10])، كأن يجحدوا وينكروا كل شيء حسن من المخالف لتشويه صورته، وكذلك أسلوب التحريض والتهييج فنحن لا نقره، هناك إيجابيات وسلبيات، وهذا موقفنا الثابت، وحتى لو تغير الحال وحَكَمَتِ المعارضةُ البلاد؛ فسنقول: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا يجوز الخروج على ولي الأمر، لأن هذه ثوابت دينية ليست مربوطة بالعواطف والأمزجة، نحن نريد حزبًا حاكمًا يتقي الله في شعبه ورعيته، وحيث قد فرضت علينا نظم غربية ديمقراطية فنريد معارضة همها المصلحة العامة، لا تشويه المخالف وإنكاره وجحوده حتى فيما أصاب فيه، فإن ذلك يفضي إلى التكتل المذموم، والتكتل إذًا عبارة عن كتلة ضد كتلة فهو تدمير للمجتمع أيًّـا كان"([11]) .
أقول: 1- هل الإسلام يُقِر التكتلات الحزبية القائمة على الضلال العقائدي والمنهجي والسياسي؟، وهل يُقِر الإسلام معارضاتهم بكل ويلاتها؟
2- إن اللقاء المشترك هو تحالف قام بين الإخوان المسلمين والاشتراكيين والناصريين والبعثيين وغيرهم.
وقد حقق أشياء عن طريق الديمقراطية لا الإسلام يشكرها عليه، ولا يُدرى ما هي هذه الإصلاحات، أهي لصالح الأمة أو لصالحهم فحسب، وعندهم أشياء أخرى لا يقرهم عليها أبو الحسن ولا ندري ما هي، هكذا بهذا الأسلوب المؤدب، وقد نصّ على بعضها بأدب.
أما ضلالهم العقائدي فهذا لا يستحق الذكر؛ لأن الإخوان المسلمين على رأسهم في هذا الملتقى ومن أوليائهم وأنصارهم؛ لأن أصل الولاء والبراء لا يوجد في قاموس الإخوان المسلمين ضد جميع الأديان والفرق، ومع ذلك فهم سنيون سلفيون عند أبي الحسن صاحب المنهج الواسع الأفيح الذي يحارب به السلفيين، ويدافع به عن الإخوان المسلمين ومن وراءهم؛ لا سيما وهو يرى أن السواد الأعظم سلفيون.
لكنه إذا ذكر السلفيين أو ذكروا له تراه يزمجر ويهدر، ويصفهم بأنهم غلاة وشذاذ ومنحرفون عن المنهج الحق أي منهج أبي الحسن الواسع الأفيح إلى آخر قذائفه التي يوجهها إلى السلفيين، وأما الأحزاب والفرق الأخرى فلا ينازعونه في هذا المنهج بل يباركونه، وقد يرقصون له طرباً.
3- يقول أبو الحسن: " ولا يجوز الخروج على ولي الأمر، لأن هذه ثوابت دينية ليست مربوطة بالعواطف والأمزجة".
أقول: هذا الموقف سيكون لو حكمت المعارضة.
أما الحكومة القائمة فعلاً فلا يجوز في ثوابت أبي الحسن الدينية وصف الأعمال الإجرامية بأنها خروج ولو سلت السيوف وسفكت الدماء ووصْفَها بالخروج من الصيد في الماء العكر أو تعكير الماء للاصطياد فيه.
4- من الأشياء التي لا يقرهم عليها أبو الحسن أسلوب التحريض والتهييج ، ولم يذكر ما يرافق هذا التحريض والتهييج من إزهاق النفوس والتخريب والتدمير، ومع كل هذا فنفس أبي الحسن لا تسمح بوصفهم بالخوارج وإن أطلق السلف الصالح هذا الوصف على من يرتكب دون هذه الأعمال، ويصفونهم بالخوارج القعد، لكنّ أبا الحسن الهمام لا يوافق السلف على هذا الغلو في نظره؛ لأنه صاحب المنهج الواسع، فينـزه الاشتراكيين والروافض الخوارج وغيرهم من أهل العقائد الفاجرة عن هذا الوصف.
ويقول: " وحتى لو تغير الحال وحَكَمَتِ المعارضةُ البلاد؛ فسنقول: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا يجوز الخروج على ولي الأمر".
فمن يأمن يومئذ -لا سلم الله- أن يسمي التحريض خروجاً ويسمي فتواه الجديدة بتغير الاجتهاد
5- ويقول: "نحن نريد حزبًا حاكمًا يتقي الله في شعبه ورعيته".
انظر كيف يقر التحزب ويريد حزباً حاكماً، وهذه من ثوابته، ويقر المعارضات الحزبية التي لا تقوم إلا على الديمقراطية، وهذه من ثوابته الديمقراطية، ثم ينتظر من هؤلاء تقوى الله وينتظر مراعاة المصلحة العامة، ولا ندري ما هي هذه المصالح، وينتظر منها أن لا تفضي إلى التكتل، والحزبية نفسها تكتل مخز لا يعرف كل حزب إلا مصالحه.
(أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم)، "وإنك لا تجني من الشوك العنب"، فنعوذ بالله من تلبيسات هذا الرجل وتمويهاته باسم الإسلام والسلفية.
6- أبو الحسن لا يرى هذا الواقع الأسود للأحزاب العلمانية وغيرها تكتلاً، ولا ندري ما هو التكتل الذي يخشاه أبو الحسن بعد هذه التكتلات المخزية المهلكة.
7- قال: " وحيث قد فرضت علينا نظم غربية ديمقراطية فنريد معارضة همها المصلحة العامة".
وأقول: إن دماغ هذا الرجل مشحون بالديمقراطية، فلذا لا يعالج المشاكل إلا من صميمها بحجة أنها مفروضة عليه، ونقول له: من فرضها عليك؟ لا أحد، ولو كنت سلفياً حقاً لسلكت مسلك السلفيين في التحذير منها، ونقدها، وكشف عوارها، ولكنك شيء آخر، وكل إناء بما فيه ينضح.
"السلفيون والإخوان المسلمون
•س: البعض من السلفيين في الملتقى طالب حزب الإصلاح بالخروج من المشترك هل تطالبهم بذلك ؟
•ج: هذه وجهة نظر قديمة من السلفيين([12])، يرون أن في حزب الإصلاح علماء ودعاة مصلحين - على خلاف معهم في بعض الجوانب- والحزب في الجملة له صبغة دينية وإن كان سياسيًّا سياسة عصرية([13])، فيما الأحزاب الأخرى لم تجعل المسائل الدينية ضرورية في برامجها بخلاف حزب الإصلاح –حسب علمي- فكنا نرى أن بقاءهم خارج المشترك أحسن([14])، وأبقى لصبغتهم الدينية على ما فيها من مؤاخذات، لكنهم يرون أن دخولهم حقق لهم مصالح في بقائهم وفي قوة شوكتهم إلى غير ذلك، ولكني أرى أنها تحالفات مؤقتة، وكلها مرتبطة ببقاء شخص معين، فإذا ذهب هذا الشخص ظهرت الفوارق، وربما حصل ما لا يُحمد، ولكن عندما نقول: إن حزب الإصلاح له صبغة دينية؛ لا نعني بذلك أن الأحزاب الأخرى ليس لها صلة بالدين .. فإننا نرى أن أفراد الأحزاب الأخرى مسلمون، سواء كانوا في الحزب الاشتراكي أو البعثي أو غيرهما، لأنهم مسلمون أبناء مسلمين، ودخلوا هذه الأحزاب متأولين ظانين أن هذه البرامج لا تخالف الدين .. وليس في قناعتهم أنهم يحاربون الدين بذلك، نعم هناك في برامج الأحزاب هذه ما ينكره الدين إنكارًا صريحًا([15])، لكن لا يجوز أبدًا تكفير أي مسلم بمجرد أنه ينتسب إلى حزب اشتراكي أو غيره، خاصة بعد أن تركوا الأقوال الغالية في الرب عز وجل والدين الحنيف، وغير ذلك، فإننا لا نطلق الأحكام على الأشخاص بموجب اللافتات، والأسماء والألقاب، ففرق بين الحكم العام والحكم على المعين، والحكم على القول والحكم على القائل، وأهل السنة أبعد الناس عن الغلو في التكفير إن كفّرهم بعض مخالفيهم"([16]) .
أقول:
1- لقد حاد أبو الحسن عن الإجابة على هذا السؤال، ولكن يفهم من هذه الحيدة أنه لا يعترض على ما يسمى بالإصلاح لا فيما يتعلق بالمشترك ولا بغيره.
2- إنّ الذين يدَّعي لهم أبو الحسن السلفية قد تراجعوا عن مطالبة الإخوان المسلمين بالخروج من التحالف مع الاشتراكيين والبعثيين والناصريين بعد أن أدرك هؤلاء السلفيون أنهم مخطئون في هذه المطالبة.
3- يشير أبو الحسن إلى أن هناك خلافاً بين الإخوان والقطبيين، لكنه في بعض الجوانب، فما هي هذه الجوانب أهي عقدية أو منهجية أو سياسية، وما حكمها في الإسلام؟
الجواب: إن حكمة أبي الحسن وحلمه يمنعان من ذكرها.
4- إن هذه الأحزاب المتحالفة مع الإخوان المسلمين لم تجعل المسائل الدينية ضرورية في برامجها بخلاف حزب الإصلاح، هكذا بهذا الأدب مع الأحزاب المتحدة مع الإخوان المسلمين لإعلاء شأن الديمقراطية والتعددية الحزبية التي لا ينكرها أبو الحسن صاحب المنهج الواسع الأفيح.
ونسأل أبا الحسن لماذا لم تجعل هذه الأحزاب الإسلام من ضروراتها؟، ولماذا تنشر مبادئها المضادة للإسلام وتوالي وتعادي عليها ولا تدور إلا حولها؟
لماذا يعتزون بأصولهم ومبادئهم ولا يذكرون حتى مجرد الذكر أصول الإسلام والإيمان؟
فلا ذكر لله رب العالمين ولا لكتبه ورسله واليوم الآخر ولا ذكر لأركان الإسلام كالصلاة والزكاة والحج وصوم رمضان، ولا للأنبياء ولا للصحابة ولا لعلماء الإسلام ولا ذكر للتوحيد ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا تحذير من الشرك.
5- قال أبو الحسن: "ولكن عندما نقول: إن حزب الإصلاح له صبغة دينية؛ لا نعني بذلك أن الأحزاب الأخرى ليس لها صلة بالدين .. فإننا نرى أن أفراد الأحزاب الأخرى مسلمون، سواء كانوا في الحزب الاشتراكي أو البعثي أو غيرهما، لأنهم مسلمون أبناء مسلمين، ودخلوا هذه الأحزاب متأولين ظانين أن هذه البرامج لا تخالف الدين .. وليس في قناعتهم أنهم يحاربون الدين بذلك".
أقول: 1- هكذا يحكم لكل أفراد الأحزاب: الاشتراكيين والبعثيين والناصريين بأنهم مسلمون أبناء مسلمين دون استثناء.
2- الله أعلم بما في قلوب هؤلاء؛ أهم كلهم كما ذكرت "متأولين ظانين أن هذه البرامج لا تخالف الدين".
ولكن نقول: من كان منهم كما ذكرت فنحن لا نكفرهم، مع أني أستبعد أن يكون هؤلاء كلهم كما ذكرت.
وأقول: إن من عرف منهم مبادئ هذه الأحزاب الكفرية واقتنع بها ونابذ المسلمين من أجلها فلا شك في كفره.
3- لم يبين أبو الحسن حكم غير المخدوعين الذين يؤمنون بهذه المبادئ الكفرية ويستميتون في نشرها ويعتزون بها سواء كانت اشتراكية أو ناصرية أو بعثية، ويعادون الإسلام فلا يدخلونه في برامجهم بل ينبذونه؛ لأنه لا يمكن أن يلتقي الإسلام مع مبادئهم التي يؤمنون بها؛ بل ما بين الإسلام وما بين مبادئهم من المباينة والعداوة أشد من المباينة لليهودية والنصرانية.
فأرى أنهم كفار مرتدون، يجب أن يعاملوا معاملة الصحابة لأصحاب مسيلمة والأسود العنسي، فقد كان في هؤلاء من يصلي ويجمع بين إيمانه بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وإيمانه بمسيلمة، ومع ذلك فقد أجمع الصحابة والمسلمون بعدهم على كفرهم، وأحب أن أرى حكم أبي الحسن وحكم الإخوان والقطبيين في هؤلاء الواعين لهذه المناهج والمبادئ والدعاة إليها والمعتزين بها والرافعين لأعلامها وشعاراتها، ونقول لهم: حذار ثم حذار أن تغشوا المسلمين فلا تبينوا حكم هؤلاء، وحذار أن تدخلوا في قول الله تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون"، [سورة البقرة، آية (159)].
وسأقدم نموذجاً عن دين حزب البعث:
أولاً- هم لا يعتزون إلا بالعروبة (القومية) التي لا يفرقون فيها بين المسلم واليهودي والنصراني والشيوعي، ولا يدخلون المسلمين من غير العرب في حسابهم؛ بل يقدمون اليهودي العربي والنصراني العربي والشيوعي العربي على المسلم من غير العرب.
فيقول شاعرهم:
هبوني عيداً يجعل العرْب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم
سلام على كفر يوحِّد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
ويقول شاعر آخر:
آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ماله ثاني
ويؤمنون بالديمقراطية التي تناهض الإسلام في نظامه السياسي ونظامه الاجتماعي، وحلت محله في عدد من بلدان الإسلام، فالحكم والتشريع لها لا لله رب العالمين في دين هؤلاء.
ويؤمنون بالاشتراكية الماركسية المناهضة للاقتصاد الإسلامي بإلغاء ركن من أركان الإسلام ألا وهو الزكاة، ويجب عندهم ومن العدل تأميم الثروات بعد كبت ومصادرة الحريات.
وهاك أيها القارئ المسلم دستورهم ومبادئ حزبهم الأساسية منقولاً من موقع حزب البعث العربي الاشتراكي مع تعليقات عليها موجزة:
قالوا: "المبدأ الأول: وحدة الأمة العربية وحريتها.
العرب أمة واحدة لها حقها الطبيعي في أن تحيا في دولة واحدة وأن تكون حرة([17]) في توجيه مقدراتها.. ولهذا فإن حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر:
1- الوطن العربي وحدة سياسية اقتصادية لا تتجزأ ولا يمكن لأي قطر من الأقطار العربية أن يستكمل شروط حياته منعزلاً عن الآخر.
2- الأمة العربية وحدة ثقافية، وجميع الفوارق القائمة بين أبنائها عرضية زائفة([18]) تزول جميعها بيقظة الوجدان العربي.
3- الوطن العربي للعرب ، ولهم وحدهم حق التصرف بشؤونه وثرواته وتوجيه مقدراته([19]).
المبدأ الثاني: شخصية الأمة العربية.
الأمة العربية تختص بمزايا متجلية في نهضاتها المتعاقبة([20])، وتتسم بخصب الحيوية والإبداع، وقابلية التجدد والانبعاث، ويتناسب انبعاثها دوماً مع نمو حرية الفرد ومدى الانسجام بين تطوره وبين المصلحة القومية([21]) .. ولهذا فإن حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر:
1- حرية الكلام والاجتماع والاعتقاد والفن مقدسة لا يمكن لأي سلطة أن تنتقصها.
2- قيمة المواطنين تقدر - بعد منحهم فرصاً متكافئة([22]) - حسب العمل الذي يقومون به في سبيل تقدم الأمة العربية وازدهارها دون النظر إلى أي اعتبار آخر.
المبدأ الثالث: رسالة الأمة العربية
الأمة العربية ذات رسالة خالدة تظهر بأشكال متجددة متكاملة في مراحل التاريخ([23]) وترمي إلى تجديد القيم الإنسانية وحفز التقدم البشري وتنمية الانسجام والتعاون بين الأمم .. ولهذا فإن حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر أن:
1- الاستعمار وكل ما يمت إليه عمل إجرامي يكافحه العرب بجميع الوسائل الممكنة وهم يسعون ضمن إمكاناتهم المادية والمعنوية إلى مساعدة جميع الشعوب المناضلة في سبيل حريتها.
2- الإنسانية مجموع متضامن في مصلحته، مشترك في قيمه وحضارته، فالعرب يتغذون من الحضارة العالمية ويغذونها ويمدون يد الإخاء إلى الأمم الأخرى ويتعاونون([24]) معها على إيجاد نظم عادلة تضمن لجميع الشعوب الرفاهية والسلام، والسمو في الخلق والروح.
سياسة الحزب الداخلية
1- نظام الحكم في الجمهورية اليمنية هو نظام ديمقراطي([25]) تعددي، والسلطة التنفيذية مسئولة أمام السلطة التشريعية التي ينتخبها الشعب مباشرة.
2- الرابطة الوطنية والقومية والدينية هي الرابطة الوحيدة القائمة في الجمهورية اليمنية والتي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة الوطن والأمة، وتكافح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والعرقية([26]).
3- نظام الإدارة في الجمهورية اليمنية نظام لا مركزي.
4- يعمل الحزب على تعميم الروح الشعبية (حكم الشعب)([27]) وجعلها حقيقة حية في الحياة الفردية، ويسعى إلى وضع دستور للدولة يكفل للمواطنين العرب المساواة المطلقة أمام القانون والتعبير بملء الحرية عن إرادتهم، واختيار ممثليهم اختياراً صادقاً ويهيئ لهم بذلك حياة حرة وكريمة في إطار الدستور والقانون.
5- يوضع بملء الحرية تشريع موحد للدولة العربية منسجم مع روح العصر الحاضر وعلى ضوء تجارب الأمة العربية في ماضيها([28]).
6- السلطة القضائية مصونة ومستقلة عن أية سلطة أخرى وهي تتمتع بحصانة مطلقة".
إشادة حزب البعث الاشتراكي ببعض زعماء الشيوعية([29])
قال ممثلو حزب البعث في رسالتهم: "1- نزعة التحرر والنضال تجمع سورية وفنـزويلا
تجمع بين سورية وفنـزويلا قواسم تحررية ونضالية مشتركة كثيرة عبر تاريخهما السياسي، وبقد ما يشكّل السيد الرئيس بشار الأسد اليوم عنوان الحركة القومية المتحررة القادرة على التفاعل مع التغييرات الفكرية والعلمية ومواكبة الحداثة في الوطن العربي، فإن الرئيس هوغو شافيز حفيد الثورة البوليفارية والقائد الكبير على مستوى أمريكا اللاتينية، يعدّ عنوان الحركة التحررية وما تمثله من تجديد للمشروع اليساري([30]) في أمريكا اللاتينية، وذلك لجهة الانطلاق من التراث الثقافي والحضاري([31]) للأمم والشعوب نحو مقاومة الاحتلال والهيمنة، وبناء العدالة والسلام.
وقد أجرى السيد الرئيس بشار الأسد مباحثات مثمرة مع الرئيس هوغو شافيز رئيس جمهورية فنـزويلا البوليفارية، خلال زيارته الناجحة للجمهورية العربية السورية في الفترة ما بين 3-4 أيلول 2009.
2- "والرئيس شافيز قائد كبير على مستوى أمريكا اللاتينية والعالم، تستند سياسته إلى فكر سياسي عميق يعتبر تحقيق السلام والأمن في العالم مدخلاً حقيقياً تستحقه الشعوب لبناء مستقبلها وحماية استقرارها وتطورها. ويقدّم حفيد الثورة البوليفارية نموذجاً راقياً في العلاقات الدولية، فقد أخذت السياسة الخارجية الفنـزويلية منحى آخر منذ وصوله للحكم، وقيادة ثورته التي حققها بسلام وحرية وضمن إطار دستوري، من خلال إصلاحات عدة ومتنوعة، سياسية واقتصادية واجتماعية، انعكست إيجاباً على الشعب الفنـزويلي، وأحدثت تبدلاً حقيقياً في الأوضاع في فنـزويلا، ومن خلال السعي إلى عالم يمكن من خلاله مواجهة الهيمنة الأمريكية. وليس خافياً أنّ أمريكا اللاتينية باتت لاعباً أساسياً على الساحة الدولية التي رسمت خريطتها ثورة هوغو شافيز الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، منذ تولّيه السلطة في 2 شباط 1999م"([32]).
3- الحزب الاشتراكي الفنـزويلي الموحّد
يعدّ الحزب الاشتراكي الفنـزويلي الموحّد الوريث الشرعي لحزب الحركة الجمهورية الخامسة التي تأسست عام 1998م، وهي امتداد للحركة السرية التي أنشأها الرئيس هوغو شافيز وزملاؤه العسكريون بعد خروجهم من السجن عام 1994 وعرفت باسم الحركة الثورية، وقد أسس شافيز هذه الحركة بمناسبة مرور 200عام على ولادة المحرر سيمون بوليفار وكانت مسؤولة عن الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس شافيز من السجن، حيث أجرى العديد من اللقاءات والتقى الشيوعي القديم لويس ميكيلينا، وهو مناضل نقابي([33]) منذ أربعينات القرن الماضي. وأجرى معه اتفاقاً لتأسيس حزب الجمهورية الخامسة التي تعني تاريخ المحرر بوليفار والتوجه لخلق جمهورية جديدة تعيد الحياة لفنـزويلا.
وقد رفعت حركة الجمهورية الخامسة منذ إعلانها شعار الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي. ويصفها المراقبون بأنها حزب ذو توجهات يسارية، وإن لم يعلنها ظاهراً. وتميز هذا الحزب بأنه تجمّع مكوّن من خليط من السياسيين والعسكريين، استفاد منه شافيز في تكوين قاعدته الانتخابية للوصول إلى رئاسة الجمهورية، وأهم حدث سجّلته حركة الجمهورية الخامسة أنها أقصت في انتخابات 1999 الحزبين اللذين ظلا مهيمنين على الساحة السياسية الفنـزويلية، وهما الحركة الديمقراطية الاجتماعية والحزب الديمقراطي المسيحي. وقد أصبح هوغو شافيز زعيم (حركة الجمهورية الخامسة) رئيساً لفنـزويلا منذ ذلك التاريخ. وقد ضمّت حركة الجمهورية الخامسة عدداً من اليساريين الراديكاليين وبعض القوميين وعناصر من مناصري الاتجاه العسكري المتشدّد. وتجري خلفها جماهير كثيرة يجمعها الاستياء الذي عمّ فنـزويلا -الدولة الغنية- بعد ما تجاوزت فيها نسبة الفقراء 80% .كما تحالفت الحركة في الوقت نفسه مع بعض الأحزاب الفنـزويلية الصغيرة لتقطع الطريق أمام الأحزاب التقليدية التي كانت تعدّ أكبر منافس لها.
في عام2006 أعلن الرئيس شافيز التمهيد لقيام الحزب الاشتراكي([34]) الفنـزويلي الموحّد، وفي عام 2008 عقد الحزب مؤتمره وانتخب هيئاته، وفاز الرئيس هوغو شافيز برئاسة الحزب الاشتراكي(3) الفنـزويلي الموحّد".
أقول: انظر كيف يشيدون بالشيوعيين والشيوعية، ولا يشيدون بالإسلام ولا برسول الإسلام ولا بالصحابة الكرام وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ولا بعلماء الإسلام ولا بالمصلحين المجددين، ويشيدون بتجديد شافيز الشيوعي.
فقل لي بربك كيف يستجيز الإخوان المسلمون التحالف مع هذا الحزب والأحزاب الأخرى لا تقل عنه سوءاً، ويشكلون مع هذه الأحزاب جبهة واحدة للتعاون على الزلازل والفتن ، ويقر ذلك الإمام المأربي المصري أبو الحسن، وإن شئت فقل أبو الفتن، وألفت أنظار من يشهدون له بالسلفية ويحاربون السلفيين من أجله ، فهل أعمالهم ومواقفهم تنطلق من سلفية مثل سلفية أبي الحسن؟
كلمة موجزة عن الأحزاب المناوئة للإسلام ومبادئها
1- الحزب الاشتراكي: هو حزب ضال يؤمن بالاشتراكية العلمية، وهي مذهب اقتصادي وسياسي، نادى به ماركس في القرن التاسع عشر الميلادي ...، وقد بنى ماركس نظريته هذه بناءاً على قوانين سماها بالحتمية التي لا قبل للأفراد بمعارضتها أو الوقوف في سبيلها، "انظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة" (2/967-968).
ومؤسسها ماركس اليهودي الملحد.
2- الناصريون هم أصحاب حركة قومية يسارية علمانية.
• الفكر الماركسي المادي أحد روافد فكرها الذي تلبسه الثوب القومي.
• الناصرية أبعدت الدين من كل مبادئها وممارساتها، ومن هنا جاء وصفها بالعلمانية أو اللادينية، انظر "الموسوعة الميسرة" (1/492).
3- الديمقراطية، ديمقراطية نيابية: أحد مظاهر النظم الديمقراطية التي يمارس فيها الشعب مظاهر السيادة بواسطة مجلس منتخب من نواب من الشعب -راجع البرلمان([35])-، وفيها يحتفظ الشعب بحق التدخل المباشر لممارسة بعض مظاهر السيادة عن طريق وسائل مختلفة أهمها:
1- حق الاقتراع الشعبي: بأن يقوم عدد من أفراد الشعب بوضع مشروع للقانون مجملاً أو مفصلاً، ثم يناقشه المجلس النيابي ويصوت عليه([36]).
2- حق الاستفتاء الشعبي: بأن يعرض القانون بعد إقرار البرلمان له على الشعب ليقول كلمته فيه([37]).
3- حق الاعتراض الشعبي: وهو حق لعدد من الناخبين يحدده الدستور للاعتراض في خلال مدة معينة من صدوره، ويترتب على ذلك عرضه على الشعب في استفتاء عام، فإن وافق عليه نُفذ وإلا بطل، وبه تأخذ معظم الدساتير المعاصرة([38]).
ولا شك في أن النظم الديمقراطية أحد صور الشرك الحديثة في الطاعة والانقياد أو في التشريع، حيث تلغي سيادة الخالق - سبحانه وتعالى- وحقه في التشريع المطلق وفي توجيه الخطاب المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءً أو تخييراً أو وضعاً، وتجعلها من حقوق المخلوقين، والله تعالى يقول: ( ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، ويقول تعالى: (إن الحكم إلا لله)، "الموسوعة الميسرة" (2/1066).
أقول: والحق الذي لا يمتري فيه مسلم أن الحكم لله وحده في العقائد والعبادات والمناهج والسياسة والاقتصاد ...الخ، لا شريك له في شيء من ذلك، وهذه المناهج التي يعتنقها الأحزاب وخاصة الموجودة في المشترك وهي علمانية قد فصلت بين الدين والدولة، وأسندت حق الأحكام والتشريعات إلى الشعب؛ يمارس الشعب حاكميته التي أعطته الديمقراطية من خلال مجالسه النيابية بحيث تستطيع هذه المجالس أن تحلل ما تشاء وتحرم ما تشاء.
أما الإسلام فيعتقد أهله المخلصون المتمسكون به أن حق التشريع لله وحده، وليس للأمة ولا لعلمائها ولا لأفرادها حق التشريع والتحريم والتحليل في شيء، هذا ما يدين به كل مسلم ثابت على دينه، وهذا الذي دلّ عليه كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-: "باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه الله فقد اتخذهم أرباباً من دون الله"، وساق الأدلة على ذلك، ومنها قول الله تعالى في اليهود والنصارى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)، ولما سمعها عدي بن حاتم قال: لسنا نعبدهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ فقلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم"، انظر "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد" للشيخ عبدالرحمن بن حسن (2/652) ط دار عالم الفوائد.
وقال تعالى: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا) [سورة النساء، آية (60-61)].
قال ابن كثير في تفسير هاتين الآيتين: "إنكار من الله -عز وجل- على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين، وهو مع ذلك يريد التحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله، كما ذكر في سبب نزول هذه الآية أنها في رجل من الأنصار، ورجل من اليهود تخاصما فجعل اليهودي يقول: بيني وبينك محمد. وذاك يقول: بيني وبينك كعب بن الأشرف. وقيل في جماعة من المنافقين ممن أظهروا الإسلام، أرادوا أن يتحاكموا إلى حكام الجاهلية. وقيل غير ذلك. والآية أعم من ذلك كله؛ فإنها ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة، وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطاغوت هنا([39]) ولهذا قال : (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين)، وقوله: (يصدون عنك صدودا ) أي: يعرضون عنك إعراضاً كالمستكبرين([40]) عن ذلك، كما قال تعالى عن المشركين: ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا )، وهؤلاء بخلاف المؤمنين الذي قال الله فيهم: ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون)"، "تفسير ابن كثير" (4/138).
وقال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) [سورة النساء، آية (65)].
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: " وقوله: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول e في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنا وظاهرا. ولهذا قال: ( ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) أي: إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به، وينقادون له في الظاهر والباطن، فيسلمون لذلك تسليما كليا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة، كما ورد في الحديث: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به"([41]). وقال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا محمد بن جعفر، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة قال: خاصم الزبير رجلا في شريج من الحرة، فقال النبي e : "اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك". فقال الأنصاري: يا رسول الله، أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله e ثم قال: اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، ثم أرسل الماء إلى جارك"، واستوعى النبي e للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري، وكان أشار عليهما e بأمر لهما فيه سعة، قال الزبير: فما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) الآية"، "تفسير ابن كثير" (4/140-141)..
لمحة عن النظم الديمقراطية
الحاصل أن هذه الأحزاب التي عرفت أصولها ومبادئها كلها تشترك في الإيمان بالديمقراطية التي عرفت طرفاً عنها والتي تناهض الإسلام في كثير من المجالات على رأسها الحكم والسيادة فهي تقول: إن الحكم إنما هو للشعب، ولا تؤمن بحاكمية الله([42]).
فهل يعذر من يشاركها ويقف معها جنباً إلى جنب في المشاكل والفتن والأحداث الخطيرة ويؤيد مطالبها النابعة من أصولها ومبادئها التي يرفضها الإسلام ويحكم الإسلام عليها بالكفر؟ وهل يقال: إن هذه المشاركة لهذه الأصناف عمل اجتهادي يسوغه الإسلام؟
•"س: أبو الحسن يتمنى خروج حزب الإصلاح عن المشترك ؟
•ج: أتمنى أن يكون كل من لهم توجه ديني وغيرة على ثوابت الدين أن يجتمعوا جميعًا، ويكونوا يدًا واحدة على الحق، سواء السلفيون، أو الإخوان، أو التبليغ، أو المعتدلون من الصوفية، الذين ليس عندهم شركيات وبدع كبرى، كنداء الأموات من دون الله، والذبح عند القبور، واعتقاد أن غير الله من الموتى ينفع ويضر ...إلخ، نريد أن نجتمع ونكون كيانًا واحدًا.. بل من كان يهمه أمر الدين وثوابته، وأمن البلاد ومقدراتها، والحفاظ على ما يصلح المعاش والمعاد؛ فإننا نمد أيدينا إليه، ويكفي في هذا الاجتماع توافر ثوابت أهل السنة والجماعة ومواضع إجماعهم، أما المسائل الاجتهادية أو الخلافية، أو الأخطاء التي لا تناقض الأصول، فإن هذا كله لا يترتب عليه خروج من دائرة السنة، ولن تقوم للناس قائمة إلا بهذا الاعتدال، وإلا فالخلافات لم يسلم منها أحد حتى أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ورضي الله عنهم"([43]).
أقول:
1- الظاهر أن أبا الحسن ممن يقول بأن في الإسلام ثوابت ومتغيرات، وهذا أمر خطير، ثم أليس توحيد العبادة وتوحيد الأسماء والصفات أصل أصول الإسلام وفروعه؟، فهل جماعة التبليغ والإخوان المسلمون والمعتدلون من الصوفية كما تزعم يعتزون بهذين الأصلين العظيمين اللذين جاءت بهما كل الرسالات السماوية كما قال تعالى: ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت).
فما هو موقف الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ والمعتدلين من الصوفية من الصوفية الذين عندهم شركيات وبدع كبرى كنداء الأموات من دون الله والذبح عند القبور فهل هم يشاركون السلفيين في حرب هذه الشركيات والبدع الكبرى ..الخ؟
2- يفهم من سياق كلام أبي الحسن هذا أن الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ([44]) من خيار المعتدلين بدليل أنه وصف بعض الصوفية أنهم معتدلون، ولم يقل مثل هذا في الإخوان والتبليغ لأنهم معتدلون جميعاً عنده، وعلى الصراط المستقيم، ولا ندري من يقصد أبو الحسن بالذين ذكرهم بعد هذه الجماعات، فما أوسع منهجه.
3- كل سلفي واع في مشارق الأرض ومغاربها يعلم أن الإخوان المسلمين خليط عجيب من الصوفية والأشعرية حتى من غلاتهم ومن الروافض والخوارج وحتى النصارى يدخلون في تنظيمهم، وأنهم لا يتعرضون لعقائد هذه الأصناف لأن هذا التعرض يتنافى مع قاعدتهم "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه"، بل يتنافى مع عقيدة كبرائهم وزعمائهم.
4- ويعلم كل سلفي واع في مشارق الأرض ومغاربها عقائد جماعة التبليغ المضادة للسنة والتوحيد بأنواعه، وأنهم يبايعون على أربع طرق صوفية، فيها الحلول ووحدة الوجود والشرك بالقبور...الخ
ومع كل هذه الفواقر عند هؤلاء يرى أبو الحسن صاحب المنهج الواسع أنهم معتدلون، وكل ما عندهم من الفواقر لا يخل بالثوابت عند أبي الحسن رغم أنوف أهل السنة، ويدعو إلى اجتماعهم في كيان واحد وبدون شروط، فهل دعوته هذه مستمدة من كتاب الله ومن سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومن منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ومن تبعهم من أئمة الهدى إلى يومنا هذا؟
نرجو أن يوضح لنا أبو الحسن ذلك بالأدلة والبراهين، والأمثلة الجلية من السلف وأئمتهم الذين دعوا إلى صهر الجهمية مثلاً والمعتزلة والخوارج والمرجئة في كيان واحد بدون شروط حتى نُسلِّم لأبي الحسن بالسلفية والإمامة فيها.
5- نحن ندعو الفرق كلها أن تجتمع في كيان واحد بشرط أن يعتصموا بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- في عقائدهم وعباداتهم ومنهجهم على طريقة الصحابة الكرام ومن اتبعهم بإحسان، أما على طريقة الإخوان المسلمين وأبي الحسن الدعاة للاجتماع في كيان واحد على الأباطيل والضلالات، فنعد هذه الطريقة من أوسع طرق الضلال، ونعدها مناهضة لنصوص كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومنهج السلف الصالح.
والآيات في هذا الباب كثيرة والأحاديث كذلك، ومنها: "فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم و محدثات الأمور".
•"س: يقولون اليوم: إنكم عصا السلطة لضرب تجمع الإصلاح الذي تمرد على السلطة ؟ماردك؟
•ج: بعض إخواننا في حزب الإصلاح ونحوهم من الصحفيين أكثر من يشيع هذا القول –وللأسف- وعليهم أن يدركوا أن إخوانهم السلفيين ليسوا عصا([45]) في يد أحد إلا أنهم عصا في خدمة الإسلام([46])، وأنهم لا يستحلون دم أو مال أو عرض مسلم ليرضى عنهم أحد إلا الأحد الصمد، والسلفيون يتعرضون للأذى الكثير من إخوانهم في الإصلاح، فما هو رد أهل الاعتدال عليهم في حقوقهم الواضحة؟! فضلاً عن أن يستعملهم فلان أو فلان في غير قناعاتهم الدينية!! يجب أن يُعلم أن الدعوة السلفية أكبر من هذا الحال"([47]).
أقول: 1- انتبه لأبي الحسن الذي لم يستنكر تمرد تجمع الإصلاح على السلطة ولا تمرد غيرهم من أصناف الأحزاب ويرى أن لهم حقوقاً لهم الحق أن يطالبوا بها، وهو يعلم أنهم يطالبون بها من خلال مبادئهم، ولا يبالون بمخالفتهم للإسلام الذي يعد تمردهم خروجاً.
2- من هم السلفيون الذين يتعرضون للأذى الكثير من الإصلاح؟
وما هي الأسباب التي تجعل الإصلاح يؤذي إخوانك أهي أسباب عقدية ومنهجية أم هي أمور جزئية؟
نرجو أن تبين ذلك وأن تصفهم بما يستحقون في أي الحالين كما تصف السلفيين ليعرف الناس ما عندك من سلفية ومن عدل وإنصاف.
أليس السلفيون الحقيقيون في كل مكان هم الذين يواجهون الأذى الكثير من الإخوان المسلمين (الإصلاح)، ومن القطبيين الذين يدافعون عن الإخوان المسلمين وعن غيرهم من أهل الأهواء؟
"ولي الأمر عند السلفيين
•س: يقولون: إن السلفيين يختلفون في كل شيء عدا الإجماع على عدم الخروج على ولي الأمر ؟
•ج: هذا غير صحيح .. هذه جزئية([48]) مما اجتمعوا عليها، وهي من مفاخرهم، وما يُحْسَب على دعاتهم عبر عدة عقود أي مشاركة في إفساد مجتمعاتهم، والواقع أن السلفيين أجمعوا على أمور أخرى غير طاعة ولي الأمر في المعروف، منها: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وعدالة الصحابة، والإيمان بالحوض والشفاعة، ومكارم الأخلاق، وغير ذلك من أصول الدين وقواعده، بل إن ما أجمعوا عليه أكثر مما اختلفوا فيه، ولم يختلفوا في شيء من الأصول، ولله الحمد"([49]) .
أقول: ولكنك تخالف أهل السنة في أصول كثيرة، ومنها: أنك لا تعد خروج الروافض بالسيف وسفك الدماء، وكذلك خروج الاشتراكيين لا تعد ذلك خروجاً، وتطعن فيمن يعد ذلك خروجاً، فمن يصدقك في هذه الدعاوى، وقد خالفت أهل السنة في إجماعهم وأصولهم مراراً وتكراراً في هذا الحوار؟
•"س: عندما يخرج الحاكم على الناس ما حكمه؟
•ج: الأحاديث النبوية بينت الحكم الشرعي في ذلك، فمن ذلك قول بعض الصحابة: يا رسول الله، أرأيت إن ولي علينا أمراء يطلبون حقهم ويمنعون حقنا؟.. فقال: (أدُّوا الذي عليكم، وسلوا الله الذي لكم) .. وقال: (اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلْتم).
فخروج الحاكم وانحرافه عن الجادة يُعَامَل بهذه الأحاديث، وإجماع علماء السنة على ذلك، هذا مع نصحه، وتذكيره بالله وحق الرعية عليه.
على أنه يفرق بين الحاكم الذي له شوكة، والذي ليس له شوكة، فالذي ليس له شوكة، يمكن خلعه من قبل أهل الحل والعقد، إذا لم تحصل فتنة من وراء ذلك ،وإذا كان له شوكة فإنه سيصر على موقفه، والآخرون سيصرون على موقفهم في خلعه ومنابذته، فتحصل المواجهة، وتُسْفَك الدماء ، فإذا ضعفت الأمة جاء العدو وتسلط عليها، وعاث في الأرض فسادًا، إذًا الأولى في هذه الحالة الصبر مع النصح، والتعاون على تكميل الخير وتعطيل الشر أو تقليله ما أمكن.. لكن بعض الصحفيين لا يعجبهم هذا، ويسمونهم بأنهم أصحاب ذيل بغلة السلطان، أو أصحاب المشروع الجبري من زمن بني أمية إلى الآن، أو الفقهاء التقليديون، أو فقهاء البلاط، وكل هذا فرية بلا مرية، وانظر إلى آثار المنهج المخالف في عدة جهات في العالم من قبل ومن بعد!!"([50]).
أقول: لا تنس انطلاق أبي الحسن فيما سلف مرات في حلوله للمشاكل من خلال الديمقراطية وعلى طريقة الديمقراطيين، فلا يغرنك استشهاده هنا بما ذكره من الأحاديث وإجماع أهل السنة، فهذا الإجماع والأحاديث إنما هي في النهي عن الخروج على الحكام لا في خروج الحاكم على الناس، فإن الحاكم مهما انحرف فلا يجوز الخروج عليه ما دام يقيم الصلاة، ومن الأدلة هذين الحديثين اللذين استشهد بهما أبو الحسن.
ومنها- ما رواه مسلم في صحيحه: "الإمارة" حديث (1854) عن أم سلمة –رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ من رضي وَتَابَعَ، قالوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قال: لَا ما صَلَّوْا".
إنما هي توجيه للرعية، أما الحاكم فله توجيهات أخرى.
فمنها- حث الحكام على القسط وبيان ما عند الله للمقسطين؛ كالحديث الذي رواه مسلم في "صحيحه" حديث (1827)، والنسائي في "المجتبى" حديث (5379)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" حديث (35032):
عن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو قال: قال رسول اللَّهِ e : "إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ على مَنَابِرَ من نُورٍ عن يَمِينِ الرحمن -عز وجل- وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وما وَلُوا".
وحديث: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله...الحديث.
ومنها – ما فيه زجر للحكام عن الظلم والغش ووعيد للظالمين منهم؛ كالحديث الذي رواه مسلم في صحيحه حديث (1830) عن معقل بن يسار قال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ e يقول: "ما من أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لهم وَيَنْصَحُ إلا لم يَدْخُلْ مَعَهُمْ الْجَنَّةَ".
فاعجب لفقه أبي الحسن ونصحه حيث لم يأت بهذه الأحاديث في الإجابة على سؤال السائل عن أعمال الحراك الجنوبي وعن خروج الروافض في صعدة، واعتبر أعمالهم الهمجية التي فيها الخروج السافر إلى حد سفك الدماء وتشريد الألوف المؤلفة من المسلمين لم يعد هذه الأعمال خروجاً([51])، وطعن فيمن يعد هذه الأعمال الإجرامية خروجاً، ووصفه بأنه يصطاد في الماء العكر، ولما سئل عن خروج الحاكم أتى بالأحاديث التي فيها توجيه نبوي للرعية، ولا أعرف هذا المصطلح المسمى بخروج الحاكم، ولو قال أبو الحسن أنا قصدت هنا توجيه الرعية إلى الصبر والسمع والطاعة.
فأقول: إني ومن يقرأ إجاباتك المتكررة من خلال الديمقراطية وعدم إنكارك على مواقف الأحزاب وأعمالهم ومطالبهم الديمقراطية السياسية التي يبرأ منها الإسلام يجعلنا في شك من صدقك في سوق هذه الأحاديث نصحاً للرعية، ولو كنت صادقاً مقتنعاً بهذه الأحاديث وإجماع أهل السنة لأوردت ذلك من أول إجاباتك وحسمت الأمر بذلك، ولكنه التلاعب والتلون المعهود عنك واستخدام خطوط الرجعة في أقوالك.
الخاتمة
وأخيراً أقول: ما قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان"، فهذه الجزيرة للإسلام فقط، ولا تتسع لأي دين آخر لا يهودية ولا نصرانية ولا بعثية ولا اشتراكية ولا ناصرية ولا غيرها.
وعليه فإني وكل مسلم صادق ندعو المسلمين جميعاً في العالم الإسلامي كله حكومات وشعوباً إلى التمسك بالإسلام كتاباً وسنة في عقائدهم ومناهجهم واقتصادهم واجتماعهم وسياستهم وأخلاقهم، والاعتزاز بذلك والاجتماع عليه، كما أمرهم الله بذلك في قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً ).
فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يجمع ولا يفرق، وهو الدين الوحيد الذي رضيه الله لأمة محمد ديناً.
قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، وقال تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)، وقال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).
فيجب على المسلمين جميعاً حكومات وشعوبا أن يعتصموا بهذا الدين كله، وأن يجتمعوا عليه، ومن أراد أن يفرق جماعتهم فقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقتله، كما مرّ بنا.
وقد نهانا الله عن التفرق كما مرّ في الآية السابقة.
وذم أهل التفرق وبرأ رسوله منهم، فقال: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء).
وبيّن أن التفرق إنما هو من أفعال المشركين تحذيراً للمسلمين من الوقوع في أتونه.
قال تعالى: ( منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون ) الروم (31-32).
وهذا الأمر القبيح وقع فيه غالب المسلمين مع الأسف الشديد، بما في ذلك الأحزاب الإسلامية، التي شاركت أعداء الله في التفرق الشنيع في العقائد والمناهج والسياسة وخاصة الديمقراطية بل والاشتراكية، وأسقطوا منهج الولاء والبراء، ودخلوا في تحالفات واتحادات مع الأحزاب التي نبذت الإسلام من بنودها ومبادئها وشعاراتها، كل ذلك فعله ويفعله حزب الإخوان المسلمين في اليمن وغيرها، متناسين ما أقاموا حزبيتهم وتنظيمهم عليه ألا وهو الحاكمية وأن الحاكمية لله وحده، وأصبحوا يتحاكمون إلى الديمقراطية وينطلقون في مطالبهم من الديمقراطية المناهضة للإسلام، ولا سيما في باب الحاكمية، ويؤيدون مطالب الأحزاب الاشتراكية والبعثية والناصرية وغيرها انطلاقاً من هذه الديمقراطية لا من الإسلام.
فنناشدهم الله أن يتمسكوا بالإسلام عقيدة ومنهجاً وولاء وبراء وتحكيماً لله وحده.
كما نناشد حكومة اليمن أن يتمسكوا بالإسلام عقيدة ومنهجاً وولاء وبراء وحكما وتحكيماً لله وحده، وأن ينبذوا الديمقراطية وما تفرع عنها من التعددية الحزبية وتداول السلطة والحكم ، فإن ذلك جلب عليهم كل الفتن والمشاكل المدمرة لهم ولشعبهم ديناً ودنياً وأخلاقاً، وشاع عن هذه الديمقراطية الفوضى والفساد وسفك الدماء وبث الخوف والرعب إلى آخر الرزايا والبلايا التي يعيشها شعب اليمن نتيجة للتمسك بالديمقراطية وما تفرع عنها.
كما نناشد الشباب المسلم في العالم الإسلامي وغيره أن يتمسكوا بدينهم دين الله الحق وأن يعتصموا بهذا الدين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن ينبذوا هذه الأحزاب وأن يقفوا منها الموقف الإسلامي الحازم.
وأن يقبلوا على طلب العلم وأخذه من المصادر الأصيلة النظيفة كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم كالصحيحين وغيرهما، ومن كتب وعقائد ومنهج السلف الصالح.
إن قاموا بذلك حقق الله لهم ما ينشدونه من العزة والكرامة والسيادة والسعادة في الدنيا والسعادة في الآخرة.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ومن ذلك الاعتصام بالكتاب والسنة والاجتماع عليهما والبعد عن التفرق والاختلاف وأسبابهما.
إنَّ ربي لسميع الدعاء، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
في مستهل شهر ذي الحجة من عام 1430هـ
--------------------------------------------------------------------------------
الحواشي:
[1] - أقول: كان يجب أن تقول: ضرورة دينية قبل أن تكون معيشية.
[2] - العلاج بما شرعه الله على لسان رسوله هو الحل الحاسم، لا ما يقوله أبو الحسن والأحزاب السياسية الديمقراطية، ومنهم الإخوان المسلمون وفصائلهم.
[3] - (ص13-14).
[4] - (ص14).
[5] - (ص14-15).
[6] - (ص15).
[7] - بعد خوض أبي الحسن في معامع السياسة الديمقراطية وتقديمه الحلول انطلاقاً منها ستراه يذكر بعض هذه الأحاديث، وهذا من تلونه المعهود ومكره، فلا يصدق؛ لأنه تعود على أن يجعل لنفسه خطوط رجعة.
[8] - (ص15).
[9] - (ص16).
[10] - هذا الرجل بارع في إمساك العصا من الوسط، فَجُل إجاباته قائمة على هذه الطريقة، وكلها بعيدة عن قول الحق ومنهج السلف.
[11] - (ص16).
[12] - يقول أبو الحسن: "هذه وجهة نظر قديمة"، أي قد أتت عليها السياسة الإخوانية من الجذور فتبخرت، فأصبحت في خبر كان فأين هي سلفية أبي الحسن ومن يشيد بسلفيتهم؟
[13] - ما هي هذه السياسة العصرية التي لا تسمح نفس أبي الحسن بذكرها؟ ألأنه من أهل هذه السياسة؟
[14] - كان أبو الحسن وحزبه الذين يدّعي لهم أنهم سلفيون يرون أن بقاء الإصلاحيين خارج المشترك أحسن وليس بواجب وأن بقاءهم داخل الأحزاب العلمانية ليس بحرام ولا منكر في نظر أبي الحسن وسلفييه؛ لأن منهجهم الواسع الأفيح يحتمل الاختلاف بينهم وبين أصول ومبادئ هذه الأحزاب، ولو كان واضع هذه الأصول ماركس ولينين وميشيل عفلق وأمثالهم.
[15] - وهل يُحترم تأويل أهل الجهل والهوى؟، وإذا كان الإسلام ينكر هذه المبادئ إنكاراً صريحاً فما هي؟ وما حكم الإسلام في من يعرف حقيقتها ويعتنقها ويحارب من أجلها؟
[16] - (ص16-17).
[17] - أي لا قيود عليها من الإسلام والعرب أمة واحدة لا فرق بين مسلم ويهودي ونصراني وشيوعي.
[18] - ومنها الإسلام في عقيدة حزب البعث والناصريين.
[19] - وحتى الإسلام لا يجوز أن يتدخل في شؤون الأمة العربية في دين هذا الحزب وأمثاله من الأحزاب القومية الاشتراكية العلمانية.
[20] - لا فرق بين العهود الجاهلية والإسلام، ولعلهم لا يقصدون الإسلام فإنه عندهم رجعية، فإن جاملوه أو جاملوا أهله فإنما ذلك لأن منشأه عروبة محمد -صلى الله عليه وسلم- لا لأن الإسلام وحي أوحاه الله إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-.
[21] - انتبه لاعتزازهم بالقومية العربية التي يدينون بها بدل الإسلام، ويفخر بها قياداتهم وشعراؤهم كما تقدم.
[22] - إنما يعطون الفرص لأعضاء حزبهم، والعمل الذي يرفع عندهم هو العمل لخدمة الحزب ومبادئه.
[23] - ما هي هذه الأشكال المتجددة المتكاملة؟ وما هي هذه القيم؟، فقبل الإسلام كان العرب أهل جهل وضلال وشرك، يعبدون الأحجار والأشجار، وأهل فقر مدقع ، فيقتل أحدهم ولده خشية الفقر، ويأكلون الجيف، وفوضى وهمجية لا حدود لها، يقتل بعضهم بعضا، ويسبي بعضهم بعضا، ويستعبدهم الفرس والأحباش والرومان، فلما بعث الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالإسلام فأنعشهم به وأنقذهم من كل تلك المخازي والمهالك، وانتشلهم ورفعهم من حضيضها، فأعلى الله شأنهم على الأمم كلها، وصيرهم أمة واحدة، وأظهر دينهم الإسلام على كل الأديان، ومكَّنهم الله في الأرض، فكانوا سادة الدنيا وقادتها وأساتذتها، وانتشر العدل والأمان على أيديهم في شتى بقاع الأرض، فملأوها عدلاً بعد أن امتلأت ظلماً وجوراً، فماذا قدّم ميشيل عفلق والحكومات التي قامت على =مبادئه؟ ما قدّمت إلا الظلم والإلحاد وانتهاب ثروات الأمة والكبت والقتل والدمار وتضييع أراضيهم وممتلكاتهم، وإلى جانب هذا يقولون: أهلاً وسهلاً بجهنم.
[24] - أي أنهم يؤمنون بأخوة الأديان، ويريدون إيجاد نظم عادلة، أما الإسلام دين الله فهم وسيدهم ميشيل عفلق لا يؤمنون به ومستعدون أن يقبلوا النظم الشيوعية واليهودية والنصرانية.
[25] - أين الإسلام ونظامه وقد جربت أنظمة حزب البعث في شكل دول تجاوزوا حدود أعتى الدكتاتوريات مع حربها للإسلام من بين الأديان.
[26] - وعلى رأسها الإسلام الحق فهم يكافحونه بجد.
[27] - يريدون حكم الشعب بالشعب لا بحكم الله، وهذا المنهج والشعار عند كل الأحزاب العلمانية التي قامت على مبادئ وشعارات وضعها لهم ملاحدة اليهود والنصارى لمحو الإسلام وإذلال أهله وعلى رأسهم العرب، والواقع أن الشعوب التي يخدعونها بهذه الشعارات لا نصيب لهم منها إلا الذل والخوف والجوع، والحكم والثروات إنما هي لهذه الأحزاب.
[28]- أي بملء الحرية من الإسلام، وينسجم هذا التشريع مع روح العصر الحاضر على ضوء التجارب العصرية الاشتراكية الشيوعية وغيرها إلا الإسلام فإنه قد مضى وانقضى، فهو لا يمثل إلا الرجعية عند الديمقراطيين الاشتراكيين التقدميين، والحقيقة أن هؤلاء هم الرجعيون الذين يعتزون بالعهود الجاهلية قبل الإسلام.
[29] - من كلام طويل، انظر رسالة البعث، العدد (33).
[30] - حزب البعث يدعو إلى التجديد وهو يعني التجديد من هذا النوع اليساري.
[31]- إذا دعا إلى التراث الثقافي والحضاري للأمم والشعوب فإنما يريد هذا النوع الذي قام به وجدده الرئيس الشيوعي هوغو شافيز المبجّل لدى حزب البعث الاشتراكي.
[32] - انظر إلى هذا التمجيد لشافيز الشيوعي والإشادة بفكره الشيوعي وسياسته الشيوعية وأنها نموذج راق في العلاقات الدولية.
[33] - إشادة بهذا الشيوعي النضالي، فعلام يدل هذا؟
2، 3- أي الشيوعي. ومن دستور ومبادئ حزب البعث الاشتراكي تعرف هل يدينون بالإسلام الذي شهد لهم به أبو الحسن أو هم يدينون بدين آخر.
[35] - انظر "الموسوعة الميسرة" (2/996-997).
(2)، (3)- أرأيت لو كانوا راضين بحاكمية الله العادلة الثابتة بكتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم أيحتاجون إلى قانون مجمل ومفصل ومستورد من اليهود والنصارى؟
[38] - إذا قاموا بالاقتراع الشعبي والاستفتاء الشعبي لإقرار هذا القانون أو عدم إقراره فما مصيرهم إذا لم يقروه؟ يحتمل أن يجيئوا بقانون أسوأ منه، ثم لا يعرجون على القرآن ولا على السنة ولا على فقه الأمة.
[39] - كالديمقراطية.
[40] - وهذا فعل الديمقراطيين المعرضين عن تحكيم القرآن والسنة وأمثالهم.
[41] - اختلف العلماء في صحة هذا الحديث، ومع ذلك فمعناه صحيح، تؤيده الآيات المذكورة هنا وغيرها.
[42] - ومع ذلك يشاركهم الإخوان المسلمون في الاحتكام إلى الديمقراطية والمطالبات بحقوقهم المزعومة التي منحتهم هذه الديمقراطية، وما يرافق هذه المطالب من الفوضى والفتن والإفساد في الأرض.
[43] - (ص17-18).
[44] - أبو الحسن يعدّ الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ من أهل السنة، ولعله يقصد بالثوابت ثوابتهم، أما السلفيون عنده فغلاة وعندهم شذوذ وانحراف عن المنهج...الخ.
[45] - أبو الحسن وإخوانه من أدعياء السلفية عصا غليظة على السلفيين حقيقة في يد الجمعيات المالية التي تمولهم لحرب السلفيين.
[46] - كيف يكون أبو الحسن وأمثاله عصا في خدمة الإسلام ومنهجه يتسع لكل أهل الأهواء؟ وليس عصا حتى لضرب الاشتراكيين والبعثيين والناصريين والروافض.
[47] - (ص18).
[48] - هذا أصل عظيم، قامت عليه أدلة، واتفق عليه أهل السنة، وخالفهم في ذلك الخوارج ومن سار على نهجهم، فلا يصح قولك: "هذه جزئية"، والتعبير العلمي الصحيح أن تقول: هذا أصل من أصول كثيرة اجتمع عليها أهل السنة.
[49] - (ص18-19).
[50] - (ص19).
[51] - انظر (ص31).
__________________
www.rabee.net
[email protected]
منقول من شبكة سحاب السلفية
تعليق