الفرق بين حمل المجمل على المفصل البدعي و بين جمع كلام العالم بعضه مع بعض
1- الشيخ العلامة أحمد النجمي رحمه الله تعالى
قال في رده على أبي الحسن الموسوم بـ:" تنبيه الغبي في الرد على مخالفات أبي الحسن المأربي" : (
أمَّا قولك -يقصد أبا الحسن -: "بل سأنقل لك أيها الشيخ الكريم من كتابكم "أوضح الإشارة في الرد على من أجاز الممنوع من الزيارة" طبعة الرئاسة العامة للإفتاء سنة (1405)" إلى آخر ما ذكرتم، ثُمَّ نقلت ما قلته في الكلمة الخامسة في الرد على من نسب إلى مالكٍ -رحمه الله- كلامًا في زيارة قبر النَّبِي صلى الله عليه و سلم ونص الكلام كالآتي: "رابعًا: إذا أشكل كلام مالكٍ، فعلى الباحث أن يجمع بعضه إلى بعض وينظر فيه، فإن فسَّر بعضه بعضا، وتبيَّن مراده منه؛ لا لأنَّه شرعٌ بنفسه، ولكن لنعلم موقف قائله من الشرع كما هو معلومٌ عندنا، وعند جميع أهل العلم أنَّ قائله من أئمة الدين، وممن لهم لسان صدقٍ في الآخرين، وهو بنفسه يقول: كل يؤخذ من قوله ويرد إلاَّ صاحب هذا القبر ويشير إلى قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم ، والمهم أنَّ الذي يجب علينا أن نجمع كلام مالك من مصادره، فإن اتضح الإشكال، وإلاَّ رددنا ما أشكل منه إلى كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه و سلم وقد نظرنا في كلام مالك فوجدناه يفسِّر بعضه بعضا " ا’.
فأقول: إنَّ هناك اختلافًا بين المسألتين حمل المجمل على المفصل لا يجوز إلاَّ في كلام المعصوم صلى الله عليه و سلم أمَّا إذا أشكل كلام بعض أهل العلم، وكان له كلامٌ في موضعين أو أكثر، فإنَّه يجب أن يجمع بعضه إلى بعض، فإن تبين الإشكال أخذ به سواءً كان للقائل أو عليه، وسواء صدَّق بعضه بعضا أو تناقض، فإن صدَّق بعضه بعضا دفعت الشبهة عن القائل، وإن تناقض حكمنا عليه بالتناقض فهذه مسألةٌ، وتلك مسألة، وغالبًا يحصل في الكلام الذي يكون فيه احتمال، فقد يجذبه الخصم المبتدع إليه، ويزعم أنَّ هذا القائل يوافق المبتدع في بدعته كما فعلت الصوفية أصحاب وحدة الوجود في حق أبي إسماعيل الهروي.
أمَّا قولك: "فهذا كلام صريحٌ من فضيلتكم تجمعون كلام العالم بعضه إلى بعض، وتردون ما أشكل من كلامه" ا’.
أقول: إلى هنا كلامه جيد أن يرد ما أشكل من كلام العالم إلى ما اتضح إذا كان في أحد الكلامين شيء من التعمية، والاحتمال الَّتِي تجعل الحكم عليه مشكلاً، وتجعل المتتبع للكلام في حيرة، وقد يأخذ بعض أهل البدع شيئًا من كلام العالم المشهور لما فيه من الاحتمال، ولو كان بعيدًا ليدخلوه في صفهم، ويجعلوه من حزبِهم ادعاءًا عليه بالباطل كما زعم في حق مالك في موقف الزائر إلى القبلة أو إلى القبر، وهكذا ما ادعي على أبي إسماعيل الهروي من الكلام الذي اتُّهم فيه، فخرَّجه أهل العلم على محمل حسن والمهم أنَّك مخطئٌ في زعمك هذا، وأنا قد قلت محترزًا، فعلى الباحث أن يجمع بعض كلامه إلى بعض، فإن فسَّر بعضه بعضا؛ لا لأنَّه شرعٌ بنفسه ولكن لنعلم موقف قائله من الشرع؛ ألاترى هذا الاحتراز يا أبا الحسن؟!! وقد كفانا الله أمرك بإجابات أهل السنة، وردهم عليك، وبالأخص ما كتبه العلامة المجاهد النبيل أبو محمد ربيع بن هادي -غفر الله لنا وله، ووفقنا وإياه-، وإن احتجاجك بكلامنا هذا احتجاجٌ في غير موضعه، وبالله التوفيق.
وأمَّا قولك: "فهذا كلام صريح من فضيلتكم تجمعون فيه كلام العالِم بعضه إلى بعض، وتردون ما أشكل من كلامه وهو المجمل عندي إلى ما يفسره من محكم كلامه الآخر " وأقول من هو أنا، ومن هو أنت حتى نخالف السلف؟!! ويقول الواحد منَّا هذا كذا عندي؛ إنَّه لا يسعني ويسعك، والثاني، والثالث إلاَّ منهج السلف، فإذا قلت هذا كذا عندي، ولَم يكن لك فيه سلف، فأنت ضائعٌ تعيش على ادعاءات فارغة، وأظنُّك أحسست بالمفارقة بين المسألتين، فقلت: "وهو المجمل عندي" وأنا لا أمنع جمع كلام العالم الذي فيه احتمال إلى كلامه الآخر ليتبين بالكلام الآخر، هل القائل يسير فيهما على وتيرةٍ واحدة أم أنَّ كلامه الآخر مناقضٌ للأول؛ بل أنَّ هذا الجمع المقصود منه أن يتبين هل هو مشى مع الحق، والأدلة في الموضعين، فتعرف نزاهته أو يتبين ميله في أحدهما، فيدان بذلك الميل. أمَّا حمل المطلق على المقيد، والمجمل على المبين، والعام على الخاص، فهذا لايكون إلاَّ في كلام المعصوم ج الذي لايكون إلاَّ حقًّا، والله الذي لا إله غيره أنَّه ما استقر في عقلي أبدا منذ دخلت المدرسة السلفية، وعرفت العلم أنَّ كلام الناس يحمل مجمله على مفصله؛ لأنَّ الفارق عظيم، والبون شاسع، فكلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه و سلم لا يتحول ولا يتغير اللهمَّ إلاَّ بالنسخ في زمن تنَزل الوحي، فاتق الله يا أبا الحسن، وجانب التمويه والتعمية على طلاب العلم، فأنت ستسأل عن كل ما تقول، وتكتب.
وقد سبق أن قلت أنِّي احترزت، فقلت: لا لأنَّه شرعٌ بنفسه، ولكن لنعلم موقف قائله من الشرع، وأعني بذلك أنَّه يحمد إن وقف مع الشرع ويذم إن حاد عنه، وأنت حينما تحاول تبرير موقف المغراوي، وتبرئته مما هو واقعٌ فيه من تكفير المسلمين بالذنب، والمعصية، والكبيرة وإخراجهم من الإسلام؛ بذلك فضحت نفسك، وتبين أنَّك مناصرٌ لأهل البدع وبذلك وقع عليك اللوم، والمقت بمداراتك، ومداجاتك عن المبتدعين فلا أنت أخرجتهم من البدع، ولا أنت نجوت منها، وعند الله الملتقى. )
2 - الشيخ العلامة زيد المدخلي حفظه الله تعالى :
( س 7 : حمل الكلام على المحمل الحسن ذريعة يتذرع بها الكثيرون ، فنقول : ما ضابط المحمل الحسن ؟ وهل يفرق بين السني السلفي وغيره في ذلك ؟
فأجاب حفظه الله : الحمد لله وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه .
أما بعد : فإن الكلام الذي ينبغي أن يحمل على المحمل الحسن ويلزم حسن الظن بصاحبه هو الذي يصدر من أهل العلم الشرعي السائرين على نهج الكتاب العزيز والسنة المطهرة بالفهم الصحيح والعاضين عليها بالنواجذ والذابين عنها بما آتاهم الله من قدرات علمية وحكمة دعوية ، إن هؤلاء إذا جرى منهم أو من أحدهم حديث ما في أي موضوع ما ، وكان مقبولاً في حديثهم أو بعضه أو حديث بعضهم احتمال لشيء مقبول وشيء غير مقبول - مثلاً - فإن الكلام والحالة هذه يحمل على محمل حسن ويظن بصاحبه الظن الحسن مع الحرص على بيان الأمر وتجليته بالتفصيل حتى لا يتبقى التباس على الناس ، لأن الحق واحد لا يتجزأ ، وعلى هذا الصنف من الناس جماعات وأفراداً ، ذكوراً وإناثاً ينطبق قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم )) وقول عمر - رضي الله عنه - : ( ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلا خيراً وأنت تجد لها في الخير محملاً ) ، وأما المصابون بداء الجهل وأمراض الشبهات والشهوات فإنه متى صدر منهم ما فيه ضرر على الإسلام والمسلمين من بدعة مضلة أو خطأ ناتج عن هوى متبع أو إعجاب بالرأي أو اقتداء بمنهج خطؤه أكثر من صوابه ، وضرره أعظم من نفعه ، وضلاله أظهر من هدايته فإن من هذا شأنهم لا ينبغي أن يحسن الظن بهم ولا تلتمس لأخطائهم المعاذير فيما دونوه بأقلامهم أو نشروه في وسائل النشر فأوصلوه إلى سمع الناس وقلوبهم ليكون لهم فتنة في دينهم وشر على المسلمين وأبنائهم ومن هؤلاء من خالفوا الجماعة في هذا الزمن في كثير من مسائل الاعتقاد والقربات العملية والمناهج الدعوية والجهادية والإصلاحية ، وكذلك أصحاب المبادئ الهدامة والنحل الخاظئة والمناهج والأفكار المنحرفة والانجاهات المتحزبة المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة السلف الصالح وأتباعهم - رحمهم الله ورضي عنهم - .ومن هذا العرض المختصر يظهر لك أيها السائل الفرق بين السني السلفي والبدعي الخلفي في الأمر المذكور ،ثم إن ما نسمعه من قادة أهل الأهواء والبدع في هذا الزمان وأتباعهم المقلدين لهم من كلمات التلبيس هو جهل ومكر وذلك أنهم يستخدمون تلك الكلمات لتسويغ ما ينشره منظروهم وساستهم مما فيه هدم لبعض الأحكام الشرعية المتعلقة ببيان العقيدة السلفية الصحيحة والمنهج العلمي العملي لتحل محلها البدع الضالة المضلة كقولهم لأهل الحق :" حسنوا الظن بإخوانكم " . يعنون بذلك الإخوان الحزبيين المتكتلين ضد العلماء السلفيين الذين أنكروا وينكرون على الجماعات تعددهم وتفرقهم ، واعتصامهم بمناهج مستوردة تناهض كثيراً من عواصم المنهج السلفي الحنيف وكقولهم عن قادتهم حينما ينشرون المحدثات : " هم مجتهدون المصيب منهم له أجران والمخطئ له أجر ولا حرج عليه " ويستدلون بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر وخطؤه معفو عنه فيه ) اهـ .
المصدر :( الأجوبة المختصرة على الأسئلة العشرة )للشيخ العلامة زيد بن محمد بن هادي المدخلي حفظه الله . رداً على أسئلة طلاب المدرسة المتوسطة والثانوية في قرية الركوبة التابعة لمحافظة صامطة .
3 - الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله
قال في رده على أبي الحسن : (
الجواب:
1- أن هذا ليس من باب حمل المجمل على المبين عند الأصوليين أو المفصل.
2- أن شعبة إمام كبير جداً بل أمير المؤمنين في الحديث وأفنى حياته في تعلمه وتعليمه ونقد رجاله، ويقوم بالرحلة الطويلة الشاقة في الحديث الواحد. فهذه قرائن عظيمة جداً أنه لا يقصد ظاهر الكلام، وقل مثل ذلك في مسعر –رحمه الله-.
وقرينة أخرى أن من أهل الحديث من يتشاغل بالغرائب وقد نهى السلف عن الاهتمام بالغرائب ووصف أبو خليفة تلميذ تلميذ شعبة ذلك بالمكاثرة وقد نقل أبو الحسن مثل هذا.
3- ممن تأول هذا الكلام الإمام أحمد رحمه الله لهذه القرائن وغيرها ولم يتأول لعلماء كبار مثل داود الظاهري ويعقوب بن شيبة ) {إبطال مزاعم أبي الحسن حول المجمل والمفصل }
و قال حفظه الله أيضا في نفس الكتاب : (وعلى كل حال قد يتسامح مع بعض كبار أئمة السنة فيما يند منهم مخالفاً لمنهجهم وعقيدتهم وعلمهم ودعوتهم وذبهم عن السنة وغير ذلك من القرائن القوية التي تمنع من إرادة المعنى السيىء المخالف لمنهجهم وعقيدتهم الخ.)
و قال حفظه الله أيضا في نفس الكتاب : ( والحاصل أن بعض العلماء قد يعذرون بعض كبار العلماء في بعض العبارات ولا يعذرونهم في كل شيء لأنهم غير معصومين، وبعضهم لا يعذرهم )
و قال أيضا حفظه الله في نفس الكتاب : ( ولم يحملا المجمل على المفصل المعروف عند الأصوليين، وإنما أحسنا به الظن لقرائن عظيمة وكثيرة وقويّة وهي جهاده العظيم في نصرة السنة فقد كان سيفاً مسلولاً على أهل البدع وله مؤلفات كثيرة تدعوا إلى السنة وتنافح عنها وتسحق أهل البدع ومن مؤلفاته ما نقله أبو الحسن عن الإمام ابن القيم بالنسبة لقوله الموهم للاتحاد الصوفي. )
4 - الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله
قال في رده على الحلبي : (
( ثالثا: على الأخ الشيخ علي بن حسن إذا كان ولابد من نقل كلام أهل العلم أن يستوفي النقل من أوله إلى آخره ويجمع كلام العالم في المسألة من مختلف كتبه حتى يتضح مقصوده ويرد بعض كلامه إلى بعض ولا يكتفي بنقل طرف ويترك الطرف الآخر لأن هذا يسبب سوء الفهم وأن ينسب إلى العالم مالم يقصده ).
و قال أيضا -حفظه الله تعالى- في شريط بعنوان"التوحيد يا عباد الله":
قال السائل:هل يحمل المجمل على المفصل في كلام الناس؟أم هو خاصٌ بالكتاب والسنة؟نرجو التوضيح ـ حفظكم الله ـ؟
فأجاب الشيخ:"الأصل إن حمل المجمل على المفصل ,الأصل في نصوص الشرع من الكتاب والسنة، لكن مع هذا؛نحمل كلام العلماء، مجمله على مفصله، ولا يُقَوَّل العلماء قولا مجملاً، حتى يُرْجَع إلى التفصيل من كلامهم، حتى يرجع إلى التفصيل من كلامهم، إذا كان لهم قول مجمل، وقول مفصّل، نرجع إلى المفصل, ولا نأخذ المجمل" اهـ
5- العلامة المحدث حماد الأنصاري رحمه الله
قال ولده الشيخ عبد الأول بن حماد في كتابه المجموع (2/549 ـ 550) ناقلا عن والده :
"والكلام إذا احتمل حقا وباطلا فإن الذي عليه أهل العلم أن يحمل الكلام على الحق وبالأخص إذا كان المتكلم على العقيدة الصحيحة فإن الذي يكون على العقيدة الصحيحة إذا قال شيئا يحتمل حقا وباطلا :يحمل كلامه على المراد الحق وأما من كان على فاسدة العقيدة : فإن قوله لاينبغي تأويله بل يترك على فساده : فصاحب العقيدة السلفية مثاله الهروي في كتابه " منازل السالكين " فإن فيه كلاما يحتما حقا وباطلا . ومثال صاحب العقيدة الباطلة الحلاج وابن عربي فإن كلامهما لايتأول لها" .اهـ
-منقول من منتديات دعوة الحق السلفية
1- الشيخ العلامة أحمد النجمي رحمه الله تعالى
قال في رده على أبي الحسن الموسوم بـ:" تنبيه الغبي في الرد على مخالفات أبي الحسن المأربي" : (
أمَّا قولك -يقصد أبا الحسن -: "بل سأنقل لك أيها الشيخ الكريم من كتابكم "أوضح الإشارة في الرد على من أجاز الممنوع من الزيارة" طبعة الرئاسة العامة للإفتاء سنة (1405)" إلى آخر ما ذكرتم، ثُمَّ نقلت ما قلته في الكلمة الخامسة في الرد على من نسب إلى مالكٍ -رحمه الله- كلامًا في زيارة قبر النَّبِي صلى الله عليه و سلم ونص الكلام كالآتي: "رابعًا: إذا أشكل كلام مالكٍ، فعلى الباحث أن يجمع بعضه إلى بعض وينظر فيه، فإن فسَّر بعضه بعضا، وتبيَّن مراده منه؛ لا لأنَّه شرعٌ بنفسه، ولكن لنعلم موقف قائله من الشرع كما هو معلومٌ عندنا، وعند جميع أهل العلم أنَّ قائله من أئمة الدين، وممن لهم لسان صدقٍ في الآخرين، وهو بنفسه يقول: كل يؤخذ من قوله ويرد إلاَّ صاحب هذا القبر ويشير إلى قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم ، والمهم أنَّ الذي يجب علينا أن نجمع كلام مالك من مصادره، فإن اتضح الإشكال، وإلاَّ رددنا ما أشكل منه إلى كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه و سلم وقد نظرنا في كلام مالك فوجدناه يفسِّر بعضه بعضا " ا’.
فأقول: إنَّ هناك اختلافًا بين المسألتين حمل المجمل على المفصل لا يجوز إلاَّ في كلام المعصوم صلى الله عليه و سلم أمَّا إذا أشكل كلام بعض أهل العلم، وكان له كلامٌ في موضعين أو أكثر، فإنَّه يجب أن يجمع بعضه إلى بعض، فإن تبين الإشكال أخذ به سواءً كان للقائل أو عليه، وسواء صدَّق بعضه بعضا أو تناقض، فإن صدَّق بعضه بعضا دفعت الشبهة عن القائل، وإن تناقض حكمنا عليه بالتناقض فهذه مسألةٌ، وتلك مسألة، وغالبًا يحصل في الكلام الذي يكون فيه احتمال، فقد يجذبه الخصم المبتدع إليه، ويزعم أنَّ هذا القائل يوافق المبتدع في بدعته كما فعلت الصوفية أصحاب وحدة الوجود في حق أبي إسماعيل الهروي.
أمَّا قولك: "فهذا كلام صريحٌ من فضيلتكم تجمعون كلام العالم بعضه إلى بعض، وتردون ما أشكل من كلامه" ا’.
أقول: إلى هنا كلامه جيد أن يرد ما أشكل من كلام العالم إلى ما اتضح إذا كان في أحد الكلامين شيء من التعمية، والاحتمال الَّتِي تجعل الحكم عليه مشكلاً، وتجعل المتتبع للكلام في حيرة، وقد يأخذ بعض أهل البدع شيئًا من كلام العالم المشهور لما فيه من الاحتمال، ولو كان بعيدًا ليدخلوه في صفهم، ويجعلوه من حزبِهم ادعاءًا عليه بالباطل كما زعم في حق مالك في موقف الزائر إلى القبلة أو إلى القبر، وهكذا ما ادعي على أبي إسماعيل الهروي من الكلام الذي اتُّهم فيه، فخرَّجه أهل العلم على محمل حسن والمهم أنَّك مخطئٌ في زعمك هذا، وأنا قد قلت محترزًا، فعلى الباحث أن يجمع بعض كلامه إلى بعض، فإن فسَّر بعضه بعضا؛ لا لأنَّه شرعٌ بنفسه ولكن لنعلم موقف قائله من الشرع؛ ألاترى هذا الاحتراز يا أبا الحسن؟!! وقد كفانا الله أمرك بإجابات أهل السنة، وردهم عليك، وبالأخص ما كتبه العلامة المجاهد النبيل أبو محمد ربيع بن هادي -غفر الله لنا وله، ووفقنا وإياه-، وإن احتجاجك بكلامنا هذا احتجاجٌ في غير موضعه، وبالله التوفيق.
وأمَّا قولك: "فهذا كلام صريح من فضيلتكم تجمعون فيه كلام العالِم بعضه إلى بعض، وتردون ما أشكل من كلامه وهو المجمل عندي إلى ما يفسره من محكم كلامه الآخر " وأقول من هو أنا، ومن هو أنت حتى نخالف السلف؟!! ويقول الواحد منَّا هذا كذا عندي؛ إنَّه لا يسعني ويسعك، والثاني، والثالث إلاَّ منهج السلف، فإذا قلت هذا كذا عندي، ولَم يكن لك فيه سلف، فأنت ضائعٌ تعيش على ادعاءات فارغة، وأظنُّك أحسست بالمفارقة بين المسألتين، فقلت: "وهو المجمل عندي" وأنا لا أمنع جمع كلام العالم الذي فيه احتمال إلى كلامه الآخر ليتبين بالكلام الآخر، هل القائل يسير فيهما على وتيرةٍ واحدة أم أنَّ كلامه الآخر مناقضٌ للأول؛ بل أنَّ هذا الجمع المقصود منه أن يتبين هل هو مشى مع الحق، والأدلة في الموضعين، فتعرف نزاهته أو يتبين ميله في أحدهما، فيدان بذلك الميل. أمَّا حمل المطلق على المقيد، والمجمل على المبين، والعام على الخاص، فهذا لايكون إلاَّ في كلام المعصوم ج الذي لايكون إلاَّ حقًّا، والله الذي لا إله غيره أنَّه ما استقر في عقلي أبدا منذ دخلت المدرسة السلفية، وعرفت العلم أنَّ كلام الناس يحمل مجمله على مفصله؛ لأنَّ الفارق عظيم، والبون شاسع، فكلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه و سلم لا يتحول ولا يتغير اللهمَّ إلاَّ بالنسخ في زمن تنَزل الوحي، فاتق الله يا أبا الحسن، وجانب التمويه والتعمية على طلاب العلم، فأنت ستسأل عن كل ما تقول، وتكتب.
وقد سبق أن قلت أنِّي احترزت، فقلت: لا لأنَّه شرعٌ بنفسه، ولكن لنعلم موقف قائله من الشرع، وأعني بذلك أنَّه يحمد إن وقف مع الشرع ويذم إن حاد عنه، وأنت حينما تحاول تبرير موقف المغراوي، وتبرئته مما هو واقعٌ فيه من تكفير المسلمين بالذنب، والمعصية، والكبيرة وإخراجهم من الإسلام؛ بذلك فضحت نفسك، وتبين أنَّك مناصرٌ لأهل البدع وبذلك وقع عليك اللوم، والمقت بمداراتك، ومداجاتك عن المبتدعين فلا أنت أخرجتهم من البدع، ولا أنت نجوت منها، وعند الله الملتقى. )
2 - الشيخ العلامة زيد المدخلي حفظه الله تعالى :
( س 7 : حمل الكلام على المحمل الحسن ذريعة يتذرع بها الكثيرون ، فنقول : ما ضابط المحمل الحسن ؟ وهل يفرق بين السني السلفي وغيره في ذلك ؟
فأجاب حفظه الله : الحمد لله وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه .
أما بعد : فإن الكلام الذي ينبغي أن يحمل على المحمل الحسن ويلزم حسن الظن بصاحبه هو الذي يصدر من أهل العلم الشرعي السائرين على نهج الكتاب العزيز والسنة المطهرة بالفهم الصحيح والعاضين عليها بالنواجذ والذابين عنها بما آتاهم الله من قدرات علمية وحكمة دعوية ، إن هؤلاء إذا جرى منهم أو من أحدهم حديث ما في أي موضوع ما ، وكان مقبولاً في حديثهم أو بعضه أو حديث بعضهم احتمال لشيء مقبول وشيء غير مقبول - مثلاً - فإن الكلام والحالة هذه يحمل على محمل حسن ويظن بصاحبه الظن الحسن مع الحرص على بيان الأمر وتجليته بالتفصيل حتى لا يتبقى التباس على الناس ، لأن الحق واحد لا يتجزأ ، وعلى هذا الصنف من الناس جماعات وأفراداً ، ذكوراً وإناثاً ينطبق قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم )) وقول عمر - رضي الله عنه - : ( ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلا خيراً وأنت تجد لها في الخير محملاً ) ، وأما المصابون بداء الجهل وأمراض الشبهات والشهوات فإنه متى صدر منهم ما فيه ضرر على الإسلام والمسلمين من بدعة مضلة أو خطأ ناتج عن هوى متبع أو إعجاب بالرأي أو اقتداء بمنهج خطؤه أكثر من صوابه ، وضرره أعظم من نفعه ، وضلاله أظهر من هدايته فإن من هذا شأنهم لا ينبغي أن يحسن الظن بهم ولا تلتمس لأخطائهم المعاذير فيما دونوه بأقلامهم أو نشروه في وسائل النشر فأوصلوه إلى سمع الناس وقلوبهم ليكون لهم فتنة في دينهم وشر على المسلمين وأبنائهم ومن هؤلاء من خالفوا الجماعة في هذا الزمن في كثير من مسائل الاعتقاد والقربات العملية والمناهج الدعوية والجهادية والإصلاحية ، وكذلك أصحاب المبادئ الهدامة والنحل الخاظئة والمناهج والأفكار المنحرفة والانجاهات المتحزبة المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة السلف الصالح وأتباعهم - رحمهم الله ورضي عنهم - .ومن هذا العرض المختصر يظهر لك أيها السائل الفرق بين السني السلفي والبدعي الخلفي في الأمر المذكور ،ثم إن ما نسمعه من قادة أهل الأهواء والبدع في هذا الزمان وأتباعهم المقلدين لهم من كلمات التلبيس هو جهل ومكر وذلك أنهم يستخدمون تلك الكلمات لتسويغ ما ينشره منظروهم وساستهم مما فيه هدم لبعض الأحكام الشرعية المتعلقة ببيان العقيدة السلفية الصحيحة والمنهج العلمي العملي لتحل محلها البدع الضالة المضلة كقولهم لأهل الحق :" حسنوا الظن بإخوانكم " . يعنون بذلك الإخوان الحزبيين المتكتلين ضد العلماء السلفيين الذين أنكروا وينكرون على الجماعات تعددهم وتفرقهم ، واعتصامهم بمناهج مستوردة تناهض كثيراً من عواصم المنهج السلفي الحنيف وكقولهم عن قادتهم حينما ينشرون المحدثات : " هم مجتهدون المصيب منهم له أجران والمخطئ له أجر ولا حرج عليه " ويستدلون بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر وخطؤه معفو عنه فيه ) اهـ .
المصدر :( الأجوبة المختصرة على الأسئلة العشرة )للشيخ العلامة زيد بن محمد بن هادي المدخلي حفظه الله . رداً على أسئلة طلاب المدرسة المتوسطة والثانوية في قرية الركوبة التابعة لمحافظة صامطة .
3 - الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله
قال في رده على أبي الحسن : (
الجواب:
1- أن هذا ليس من باب حمل المجمل على المبين عند الأصوليين أو المفصل.
2- أن شعبة إمام كبير جداً بل أمير المؤمنين في الحديث وأفنى حياته في تعلمه وتعليمه ونقد رجاله، ويقوم بالرحلة الطويلة الشاقة في الحديث الواحد. فهذه قرائن عظيمة جداً أنه لا يقصد ظاهر الكلام، وقل مثل ذلك في مسعر –رحمه الله-.
وقرينة أخرى أن من أهل الحديث من يتشاغل بالغرائب وقد نهى السلف عن الاهتمام بالغرائب ووصف أبو خليفة تلميذ تلميذ شعبة ذلك بالمكاثرة وقد نقل أبو الحسن مثل هذا.
3- ممن تأول هذا الكلام الإمام أحمد رحمه الله لهذه القرائن وغيرها ولم يتأول لعلماء كبار مثل داود الظاهري ويعقوب بن شيبة ) {إبطال مزاعم أبي الحسن حول المجمل والمفصل }
و قال حفظه الله أيضا في نفس الكتاب : (وعلى كل حال قد يتسامح مع بعض كبار أئمة السنة فيما يند منهم مخالفاً لمنهجهم وعقيدتهم وعلمهم ودعوتهم وذبهم عن السنة وغير ذلك من القرائن القوية التي تمنع من إرادة المعنى السيىء المخالف لمنهجهم وعقيدتهم الخ.)
و قال حفظه الله أيضا في نفس الكتاب : ( والحاصل أن بعض العلماء قد يعذرون بعض كبار العلماء في بعض العبارات ولا يعذرونهم في كل شيء لأنهم غير معصومين، وبعضهم لا يعذرهم )
و قال أيضا حفظه الله في نفس الكتاب : ( ولم يحملا المجمل على المفصل المعروف عند الأصوليين، وإنما أحسنا به الظن لقرائن عظيمة وكثيرة وقويّة وهي جهاده العظيم في نصرة السنة فقد كان سيفاً مسلولاً على أهل البدع وله مؤلفات كثيرة تدعوا إلى السنة وتنافح عنها وتسحق أهل البدع ومن مؤلفاته ما نقله أبو الحسن عن الإمام ابن القيم بالنسبة لقوله الموهم للاتحاد الصوفي. )
4 - الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله
قال في رده على الحلبي : (
( ثالثا: على الأخ الشيخ علي بن حسن إذا كان ولابد من نقل كلام أهل العلم أن يستوفي النقل من أوله إلى آخره ويجمع كلام العالم في المسألة من مختلف كتبه حتى يتضح مقصوده ويرد بعض كلامه إلى بعض ولا يكتفي بنقل طرف ويترك الطرف الآخر لأن هذا يسبب سوء الفهم وأن ينسب إلى العالم مالم يقصده ).
و قال أيضا -حفظه الله تعالى- في شريط بعنوان"التوحيد يا عباد الله":
قال السائل:هل يحمل المجمل على المفصل في كلام الناس؟أم هو خاصٌ بالكتاب والسنة؟نرجو التوضيح ـ حفظكم الله ـ؟
فأجاب الشيخ:"الأصل إن حمل المجمل على المفصل ,الأصل في نصوص الشرع من الكتاب والسنة، لكن مع هذا؛نحمل كلام العلماء، مجمله على مفصله، ولا يُقَوَّل العلماء قولا مجملاً، حتى يُرْجَع إلى التفصيل من كلامهم، حتى يرجع إلى التفصيل من كلامهم، إذا كان لهم قول مجمل، وقول مفصّل، نرجع إلى المفصل, ولا نأخذ المجمل" اهـ
5- العلامة المحدث حماد الأنصاري رحمه الله
قال ولده الشيخ عبد الأول بن حماد في كتابه المجموع (2/549 ـ 550) ناقلا عن والده :
"والكلام إذا احتمل حقا وباطلا فإن الذي عليه أهل العلم أن يحمل الكلام على الحق وبالأخص إذا كان المتكلم على العقيدة الصحيحة فإن الذي يكون على العقيدة الصحيحة إذا قال شيئا يحتمل حقا وباطلا :يحمل كلامه على المراد الحق وأما من كان على فاسدة العقيدة : فإن قوله لاينبغي تأويله بل يترك على فساده : فصاحب العقيدة السلفية مثاله الهروي في كتابه " منازل السالكين " فإن فيه كلاما يحتما حقا وباطلا . ومثال صاحب العقيدة الباطلة الحلاج وابن عربي فإن كلامهما لايتأول لها" .اهـ
-منقول من منتديات دعوة الحق السلفية
تعليق