عبدالله مرعي وجمعية البندر
اعتنى بها أبوعمار ياسر بن ثابت بن زين العلائي اليافعي
مقدمة
اعتنى بها أبوعمار ياسر بن ثابت بن زين العلائي اليافعي
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه أجمعين، وبعد: قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت : 33].
يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن الدعوة إلى الله وإلى دينه وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أحسن الأعمال التي يقوم بها العبد؛ لأن فيها تعليم الجاهلين ووعظ الغافلين والمعرضين ومجادلة المبطلين، فمن رزقه الله هذه الوظيفة العظيمة فليحرص كل الحرص ألا يفسدها بالمطامع الدنيوية الخسيسة والنوايا الفاسدة، بل يجعل صدقه وإخلاصه واتباعه الصحيح نبراس لطريقته ودعوته التي يدعو إليها.
وإن من أعظم أسباب الثبات على هذا الخير القناعة بالحق والمنهج السلفي وعدم التطلع والالتفات إلى من شذ عنه، فإن هذا من أسباب الانحراف عن المنهج الصحيح، ولما لم يكن عبدالله مرعي مقتنعًا بالمنهج السلفي من قبل تجد بوادر الانحراف تظهر عليه يوما بعد يوم، فهو رجل شغوف بالمشاريع التجارية حتى صار مسجده عبارة عن شركة تجارية تضم مجموعة كبيرة، من الأعمال التجارية المتنوعة بفروعها، ولقد حاول أيضًا فتح فروع لهذه الشركة في الديس الشرقية، ومن ذلك أنه حاول إقامة معهد اللغات لجلب الأعاجم إليه وتجميع العملة الصعبة، ولكنه لم يفلح في هذا المشروع.
ولقد عاش عبدالله بن مرعي فترة طويلة يحيك المكر بهذه الدعوة السلفية للخروج بها عن طريق الجادة التي سارت عليه فترة من الزمن، هذه الدعوة الشامخة التي قد أفنى الإمام الوادعي عمره في ترسيخ هذه المعالم حتى صارت كالمحجة البيضاء، ولكن الله حافظ دينه وناصر سنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فما انبرى مارق من المارقين على السنة وأهلها إلا تصدى له أهل السنة بسيف الحجة والبيان، فأهتكوا ستره وأبانوا عن عواره، ليكون لمن خلفه آية وعبرة.
ومما قام به عبدالله مرعي من المكر والإفساد في هذه الدعوة المباركة أن حث أهل السنة في الديس وأفتاهم بإقامة جمعية لرفع الظلم عن الصيادين زعموا، ولقد كان حويمر وشلته ينفخون في عبدالله مرعي حتى جعلوه المرجعية الوحيدة في الديس ويرجعون إليه في كل صغيرة وكبيرة، وتركوا الاتصال بكبار علماء أهل السنة في اليمن، فأثرت هذه الفتوى والحث من عبدالله على الكثير من شباب الديس، وافتتنوا بها وشرعوا في تأسيسها، وعبدالله يبارك لهم مساعيهم، ولكن وقع إنكار من محمد سعد مدير الجمعية في أول الأمر أن هذه الجمعية ليس من منهج أهل السنة، فحاول جواد نائب مدير الجمعية إقناعه فلم يقتنع، فأحالوا الأمر إلى عبدالله مرعي، فقام بإقناعه بكل الوسائل حتى اقتنع بها، وما زال عبدالله من خلفهم يؤزهم ويتسول على أموال الجمعية.
ولما وقع النصح لجمعية البندر في أمر التأمين وأنه لا يجوز لأنه أكل أموال الناس بالباطل، وأن العلماء أفتوا بتحريمه، فلما عجزوا عن الجواب قال نائب الجمعية: نعرض الأمر على الشيخ عبدالله مرعي لعلمهم أنه يعمل لهم المخارج من هذه المآزق، وفي بعض اجتماعات الجمعية وقع نقاش من بعض الصيادين في بعض المسائل كالتأمين الاجتماعي هل هو حرام أم لا؟ فقال مدير الجمعية: لا تسألوا عن هذه الأشياء، فنحن أحرى منكم، ونحن قد عرضنا كل أعمال الجمعية على الشيخ عبدالله مرعي، فأقرها ولم ينكر منها شيئًا.
ووقع أيضًا خلاف بين الصيادين في بعض الأعمال التي تقوم بها الجمعية هل هي جائزة أم لا؟ وعلموا أن أهل العلم لا يجيزون مثل هذه الأعمال، فعرضوا الأمر على عبدالله مرعي وقالوا له: إن أهل العلم يحرمون هذه الأعمال، فقال لهم: سأنظر في هذه المسائل، فقالوا: إذًا نتوقف عن التعامل مع هذه الجمعية؟ فقال: بل امضوا وأنا سأبحث هذه المسائل؟!! ولم يرجع إليهم قولاً، وإنما ذهب الحمار بأم عمرو، فلا رجعت ولا رجع الحمار، وهكذا مشت المخالفات الشرعية في جمعية البندر تحت حماية ورعاية عبدالله مرعي، ولكن نأسف أن تأسس هذه الجمعية باسم أهل السنة من غير نكير، كما نأسف من وجود أشخاص وقفوا مع حمر، وحرصوا على إخفاء أمر الجمعية على الشيخ الفاضل الناصح الأمين يحيى الحجوري حفظه الله، بل لم يكتف حمر ومن معه بهذا، بل ذهبوا يلتمسون الفتاوى لتدعيم هذه الجمعية وإسكات الأصوات التي تنكر أمرها حتى تسير الجمعية في هدوء تام.
يقول أحدهم لما ذهب أهل الديس زيارة لدماج: ذهبت أنا وحمر إلى عبدالرحمن العدني نسأله عن جمعية البندر، فسكت ولم يجبنا، والعجيب أنه لم يسأل عن هذه الجمعية كيف هي، وما هي بنودها، وكأنه عنده علم مسبق بها، فأراد ألا يحرج نفسه وأخاه، وأحال السؤال هروبًا من الإجابة، وقال: اذهبوا فاسألوا الشيخ محمد بن عبدالوهاب الوصابي، ولم يعرضوا هذا السؤال على الشيخ يحيى حفظه الله مع الأسئلة التي عرضوها عليه لعلمهم أن الشيخ لا يجيز لهم هذه الجمعية، ثم لما نزل عبدالرحمن إلى ساحل حضرموت وفي المناطق الشرقية سأله محمد بن طرش عن جمعية البندر، وعرض عليه بنود الجمعية كلها حتى التأمين الاجتماعي، فقال: هذه الجمعية لا شيء فيها، فعلم أن هروبه في أول الأمر تحفظًا منه.
ولما ظهرت بوائق هذه الجمعية قال حمر وشيعته: ما كنا نعرف كبير شيء عن هذه الجمعية، ولا علاقة لها بالدعوة، وإنما هي جمعية دنيوية كغيرها من الجمعيات، ولما كان بعض أصحاب حمر في دماج سأله بعض الناس عن هذه الجمعية، فخاف أشد الخوف وحاول يتهرب من الكلام خوفًا أن يسأل عنها الشيخ يحيى حفظه الله، أيضًا قام بعض الناس بحث مدير الجمعية ونائبه بالمشاركة في بعض الدورات الصيفية حتى وافقوا على ذلك بعد إلحاح شديد، وهذا حرصًا منه أن تظهر الجمعية بالمظهر السلفي، وأنهم قائمون بالدعوة إلى الله، ولم تشغلهم الجمعية عن ذلك، ولكن الله خيب أمالهم وكشف حالهم.
ذكرت هذه الأمور لأن أمر هذه الجمعية قد دبر بليل، وأنه أمر قائم على المكر والخديعة بالسنة وأهلها، فقد بنيت على هذه الجمعية آمال وأحلام لأناس في قلوبهم مرض، ولكن الله رد كيد الحاقدين ودمر الله على الكائدين الماكرين.
لقد صار لجمعية البندر قبول لا نظير له، وإقبال لا مثيل له، كيف لا ومديرها يدعي السلفية وكذا نائبها وأمين الصندوق سلفي وصاحب الحسابات والأعضاء المقربين من الإدارة وأعمالها على هذه الدعوة، فلقد اكتسحت الساحة في فترة قصيرة وكاد أن يفنش ما حولها من الجمعيات الأخر، ولقد حاول بعض أصحاب المناطق الأخرى الالتحاق بهذه الجمعية السلفية زعموا، والتي أشاعوا عنها أنها لا ترضى بالظلم، وتقيم العدل، وتتنزه عن المخالفات الشرعية، وجمعت الأموال الطائلة في فترة وجيزة حتى صارت جمعية يضرب بها المثل، إذ لا يعلم في تاريخ الجمعيات الصيادية جمعية صار لها هذا الرواج والقبول في فترة قصيرة، ثم كان ماذا؟
لما كانت واقعة في المخالفات الشرعية وتحاول أن تبرر هذه المخالفات بفتاوى عبدالله مرعي أو بما يقذفه الشيطان في قلوبهم من تزيين الباطل، كما سيأتي ذكره عن نائب الجمعية دمر الله عليهم بذنوبهم،
والآن نذكر صورة مختصرة عن هذه الجمعية وعن تدهورها:
1- فإن أول التأسيس قدموا طلبًا إلى الجهة المعنية محفوفًا برشوة كبيرة ومال، هذه الرشوة جُمع من ضريبة وضعوها على الصيادين، فلما استقر أمرها أقبل عليها الناس زرافات ووحدانا، لما علم عنها أنها جمعية سلفية، ثم وضعت الضرائب والتأمينات ووضع الفلوس في البنوك والانتخابات وغير ذلك من المخالفات حتى قال الأخ محمد سعيد عميران: إذا نظرت إلى بنود جمعية البندر وجدتها بنود جمعية حزبية، وهذا قاله قديمًا في الوقت الذي كان حمر وشيعته يظهرونها بالمظهر السلفي.
2- ولما قام حزب ابني مرعي سارعت الجمعية للدفاع عنهم وعن أتباعهم بكل طغيان وظلم واعتداء، انتصارًا لهذا الحزب لما بينهم من التواطؤ الوثيق، وهذا من الأدلة التي تبين أن أمر الجمعية أسس على مكر وخديعة بأهل السنة.
3- ومما قامت به هذه الجمعية أعلنت عن إقامة مصنع ثلج وباب المساهمة مفتوح، فأقبل المساهمين للاشتراك، فكل من دفع مالاً أعطي رصيدًا بأن هذا المال أمانة حتى إذا تمكن المصنع ألغو مساهمة الناس والأرصدة التي معهم إنما هي أمانات لا مساهمة، ولكن الله خيبهم في مصنعهم ولم يفلحوا فيه وعرفوا أنهم قد قاربوا على الفشل أخرجوا إعلانًا في السوق أنه سيتم تغيير الأرصدة من أمانة إلى مساهمة حتى إذا تحقق فشل المصنع لا يطالبهم الناس بأموالهم.
4- قام نائب الجمعية بتزوير أوراق، ثم على ضوئها بيع قارب لبعض الناس ظلمًا وعدوانًا ﺑـ(500000) خمسمائة ألف، ولما قام صاحب الحق بالمطالبة بحقه أرسل إليه نبيل حمر لينهي القضية معه، فقال حمر لصاحب الحق: خذ لك (5000) وانتهى الأمر إلا أن صاحب الحق لم يرضَ بهذا ولم يرجع إليه حقه.
5- امتنعت الجمعية من إرجاع أموال الذين انسحبوا من التأمين، وكانت توهمهم بإرجاعها، ولكن تماطلهم وتخادعهم حتى ذهبت بأموالهم ولم يرجع إليهم منها شيء، وأمرهم إلى الله، فهل الجمعية رفعت الظلم عن الصيادين كما زعموا.
6- ومن حيل الجمعية على الضرائب، يقول نائب الجمعية: البحر ملك للدولة، والضريبة التي يدفعها الصياد إنما هي إيجار مقابل العمل في بحرها، والضريبة التي تأخذها الجمعية إنما هي مقابل الخدمات التي تقدمها الجمعية، لكن هل هذا التأويل الفاسد من تلقاء نفسه أم من عند مفتي الجمعية عبدالله مرعي؟!!
ولقد تدهورت هذه الجمعية، وما زالت في انحطاط بسبب ما قامت به من معادات السنة وأهلها ومناصرة للحزبيين، ولقد تفرس بعض أهل الخبرة بحال هذه الجمعية أن مصيرها للإفلاس، وأن مديرها ونائبه مصيرهم مصير مخزي والعياذ بالله، إلا أن يتداركهم الله بلطفه وعفوه لما تحملوا من أموال الناس الكثيرة والمتركزة في ملايين مصنع الثلج، والتي قد عجزوا عن تسديدها، وعن تنفيذ هذا المصنع، ولقد وافق حال واقع الجمعية قول هذا المتفرس، إذ عجزت عن إقامة المصنع بعدما أخذت الأموال الطائلة من المساهمين ولما أحسوا أن الناس بدءوا يسألون عن مصير أموالهم وعن هذا المصنع التي قد مرت عليه السنين ولم يظهر، قاموا ببناء أساس في قطعة أرض حتى يسكتوا المساهمين عن المطالبة بأموالهم علمًا أن الحكومة قد عرضت من قديم على البندر قطعة أرض تقيم فيها المصنع وتنهي المشكلة بينهم وبين الجمعية التعاونية، لكن البندر رفضت ذلك الحل، وأصرت أن يكون المصنع في القرن، ثم بعد هذه الممانعة تقهقرت البندر إلى الوراء، ودبرت لها قطعة أرض خارج ميناء القرن، وبنوا فيه ذلك الأساس.
وكما قلنا تمويهًا للمساهمين أن العمل في المصنع قد بدأ، مع أن بعض الناس يقول: نخشى أن يكون هذا الأساس بيت لمدير الجمعية أو نائبه، اضطرت الجمعية إلى بيع بعض السيارات التابعة للجمعية، انسحاب كثير من أعضاء الجمعية منها، بعضهم تحول إلى جمعية أخرى، وبعضهم لم يلتحق بأي جمعية لعلمهم أن هذه الجمعيات قائمة على أكل أموال الصيادين بالباطل، وهناك أيضًا بعض أعضاء هذه الجمعية لا يذهبون بصيدهم إليها، وإنما يذهبون به إلى جمعية أخرى بواسطة أُناس غير منتسبين إلى البندر، عجزت البندر عن تسديد مليون ريال يمني ضريبة الدولة، لقد صرح مدير البندر أنه أراد الخروج من الجمعية لما يرى من تدهور الحال، ولما يحس به من وقوعه في مأزق كبير، لكنه قال: لا يستطيع الآن، لأن مطالبة المساهمين متوجه إليه.
ومما يذكر من الأخبار أن البندر أخذت قرض من بعض البنوك، وهذا الخبر مذكور في الساحة عنهم،
ولنذكر أيضًا شيئًا من معاداة البندر لأهل السنة بغير حق، يقول نائب البندر لبعض المسئولين: أطلب من الألف إلى الياء على أن تغير إمام مسجد أهل السنة.
ويقول نبيل البرمكي لهذا المسئول أيضًا: خذ ما شئت من الدكان ليس بيني وبينك حساب إلا في الدفاتر، وهذا أيضًا من أجل تغيير الإمام، تقوم بتقديم الدعاوي على أهل السنة في أتفه الأسباب حرصًا على تغريمهم الأموال والزج بهم في السجون وصدهم عن مواصلة السير في الدعوة إلى الله.
قام نائب البندر بالتعاون مع بعض الاشتراكيين في تقديم شكوى على مسجد أهل السنة بأنه يفعل فيه كذا وكذا، حتى يتم سحب المسجد من أيدي أهل السنة، فصبوا كل ما في قلوبهم من الحقد والغيظ والحنق على أهل السنة، حتى ضجت البلاد من كثرة الدعاوي التي تقدمها البندر في المحاكم ضد أهل السنة، ولكن الله خيبهم وخيب آمال عبدالله مرعي التي كان يهدف إليها في الديس الشرقية.
وما زالت هذه الجمعية في تدهور يوم بعد يوم، والعاقل يعلم أن ما أصاب هذه الجمعية من بين سائر الجمعيات الموجودة في الساحة، إنما هو بسبب الذنوب والمعاصي، وما قامت به مؤخرًا من العدوان على أهل السنة ونصرة للحزبيين الذين يحاربون السنة وأهلها، والطعن في معقل العلم والعلماء دماج الخير وشيخها المبارك الشيخ يحيى بن الحجوري حفظه الله من كل سوء ومكروه.
وبعد ما ذكرنا عن جمعية البندر من هذه الأمور فهل وقع نصح من عبدالله مرعي لهذه الجمعية وإدارتها، وهل تبرأ منها كما والاها في أول أمرها بالفتاوي والتأييد، بل نرى عبدالله مواليًا لها وأصحابها ملتفين حوله، فهو المحاضر لهم وهم الحاضرون عنده.
ولقد ضجت الديس من الطعون في دماج وشيخها والتكذيب له ولا نكير منه، حتى قال أحد البرامكة: أتباع الحجوري ملاعين، وقال مرة أخرى: أتباع الحجوري كلاب، بل هم أخس من الكلاب.
وعبدالله يستحلي هذه الطعون كما يستحلي أموال الجمعية، بل هو مذل نفسه عندهم، ولقد طلب منهم مرة فلوسًا فأعطوه ثلاثين ألفًا، وأعطوا بعض المسئولين ثلاثمائة ألف، ولقد صدق فيه قول صاحب رسالة التسول: إن عبدالله مرعي يرضى في تسولة بالعشرة والعشرين ريال يمني، وهذا من خسة نفسه، ومن يهن الله فما له من مكرم.
فهذا شيء مختصر عن هذه الجمعية وما قامت به من المخالفات الشرعية، والله من وراء القصد، ونسأله أن يكتب لنا الإخلاص في القول والعمل، والحمد لله رب العالمين.
يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن الدعوة إلى الله وإلى دينه وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أحسن الأعمال التي يقوم بها العبد؛ لأن فيها تعليم الجاهلين ووعظ الغافلين والمعرضين ومجادلة المبطلين، فمن رزقه الله هذه الوظيفة العظيمة فليحرص كل الحرص ألا يفسدها بالمطامع الدنيوية الخسيسة والنوايا الفاسدة، بل يجعل صدقه وإخلاصه واتباعه الصحيح نبراس لطريقته ودعوته التي يدعو إليها.
وإن من أعظم أسباب الثبات على هذا الخير القناعة بالحق والمنهج السلفي وعدم التطلع والالتفات إلى من شذ عنه، فإن هذا من أسباب الانحراف عن المنهج الصحيح، ولما لم يكن عبدالله مرعي مقتنعًا بالمنهج السلفي من قبل تجد بوادر الانحراف تظهر عليه يوما بعد يوم، فهو رجل شغوف بالمشاريع التجارية حتى صار مسجده عبارة عن شركة تجارية تضم مجموعة كبيرة، من الأعمال التجارية المتنوعة بفروعها، ولقد حاول أيضًا فتح فروع لهذه الشركة في الديس الشرقية، ومن ذلك أنه حاول إقامة معهد اللغات لجلب الأعاجم إليه وتجميع العملة الصعبة، ولكنه لم يفلح في هذا المشروع.
ولقد عاش عبدالله بن مرعي فترة طويلة يحيك المكر بهذه الدعوة السلفية للخروج بها عن طريق الجادة التي سارت عليه فترة من الزمن، هذه الدعوة الشامخة التي قد أفنى الإمام الوادعي عمره في ترسيخ هذه المعالم حتى صارت كالمحجة البيضاء، ولكن الله حافظ دينه وناصر سنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فما انبرى مارق من المارقين على السنة وأهلها إلا تصدى له أهل السنة بسيف الحجة والبيان، فأهتكوا ستره وأبانوا عن عواره، ليكون لمن خلفه آية وعبرة.
ومما قام به عبدالله مرعي من المكر والإفساد في هذه الدعوة المباركة أن حث أهل السنة في الديس وأفتاهم بإقامة جمعية لرفع الظلم عن الصيادين زعموا، ولقد كان حويمر وشلته ينفخون في عبدالله مرعي حتى جعلوه المرجعية الوحيدة في الديس ويرجعون إليه في كل صغيرة وكبيرة، وتركوا الاتصال بكبار علماء أهل السنة في اليمن، فأثرت هذه الفتوى والحث من عبدالله على الكثير من شباب الديس، وافتتنوا بها وشرعوا في تأسيسها، وعبدالله يبارك لهم مساعيهم، ولكن وقع إنكار من محمد سعد مدير الجمعية في أول الأمر أن هذه الجمعية ليس من منهج أهل السنة، فحاول جواد نائب مدير الجمعية إقناعه فلم يقتنع، فأحالوا الأمر إلى عبدالله مرعي، فقام بإقناعه بكل الوسائل حتى اقتنع بها، وما زال عبدالله من خلفهم يؤزهم ويتسول على أموال الجمعية.
ولما وقع النصح لجمعية البندر في أمر التأمين وأنه لا يجوز لأنه أكل أموال الناس بالباطل، وأن العلماء أفتوا بتحريمه، فلما عجزوا عن الجواب قال نائب الجمعية: نعرض الأمر على الشيخ عبدالله مرعي لعلمهم أنه يعمل لهم المخارج من هذه المآزق، وفي بعض اجتماعات الجمعية وقع نقاش من بعض الصيادين في بعض المسائل كالتأمين الاجتماعي هل هو حرام أم لا؟ فقال مدير الجمعية: لا تسألوا عن هذه الأشياء، فنحن أحرى منكم، ونحن قد عرضنا كل أعمال الجمعية على الشيخ عبدالله مرعي، فأقرها ولم ينكر منها شيئًا.
ووقع أيضًا خلاف بين الصيادين في بعض الأعمال التي تقوم بها الجمعية هل هي جائزة أم لا؟ وعلموا أن أهل العلم لا يجيزون مثل هذه الأعمال، فعرضوا الأمر على عبدالله مرعي وقالوا له: إن أهل العلم يحرمون هذه الأعمال، فقال لهم: سأنظر في هذه المسائل، فقالوا: إذًا نتوقف عن التعامل مع هذه الجمعية؟ فقال: بل امضوا وأنا سأبحث هذه المسائل؟!! ولم يرجع إليهم قولاً، وإنما ذهب الحمار بأم عمرو، فلا رجعت ولا رجع الحمار، وهكذا مشت المخالفات الشرعية في جمعية البندر تحت حماية ورعاية عبدالله مرعي، ولكن نأسف أن تأسس هذه الجمعية باسم أهل السنة من غير نكير، كما نأسف من وجود أشخاص وقفوا مع حمر، وحرصوا على إخفاء أمر الجمعية على الشيخ الفاضل الناصح الأمين يحيى الحجوري حفظه الله، بل لم يكتف حمر ومن معه بهذا، بل ذهبوا يلتمسون الفتاوى لتدعيم هذه الجمعية وإسكات الأصوات التي تنكر أمرها حتى تسير الجمعية في هدوء تام.
يقول أحدهم لما ذهب أهل الديس زيارة لدماج: ذهبت أنا وحمر إلى عبدالرحمن العدني نسأله عن جمعية البندر، فسكت ولم يجبنا، والعجيب أنه لم يسأل عن هذه الجمعية كيف هي، وما هي بنودها، وكأنه عنده علم مسبق بها، فأراد ألا يحرج نفسه وأخاه، وأحال السؤال هروبًا من الإجابة، وقال: اذهبوا فاسألوا الشيخ محمد بن عبدالوهاب الوصابي، ولم يعرضوا هذا السؤال على الشيخ يحيى حفظه الله مع الأسئلة التي عرضوها عليه لعلمهم أن الشيخ لا يجيز لهم هذه الجمعية، ثم لما نزل عبدالرحمن إلى ساحل حضرموت وفي المناطق الشرقية سأله محمد بن طرش عن جمعية البندر، وعرض عليه بنود الجمعية كلها حتى التأمين الاجتماعي، فقال: هذه الجمعية لا شيء فيها، فعلم أن هروبه في أول الأمر تحفظًا منه.
ولما ظهرت بوائق هذه الجمعية قال حمر وشيعته: ما كنا نعرف كبير شيء عن هذه الجمعية، ولا علاقة لها بالدعوة، وإنما هي جمعية دنيوية كغيرها من الجمعيات، ولما كان بعض أصحاب حمر في دماج سأله بعض الناس عن هذه الجمعية، فخاف أشد الخوف وحاول يتهرب من الكلام خوفًا أن يسأل عنها الشيخ يحيى حفظه الله، أيضًا قام بعض الناس بحث مدير الجمعية ونائبه بالمشاركة في بعض الدورات الصيفية حتى وافقوا على ذلك بعد إلحاح شديد، وهذا حرصًا منه أن تظهر الجمعية بالمظهر السلفي، وأنهم قائمون بالدعوة إلى الله، ولم تشغلهم الجمعية عن ذلك، ولكن الله خيب أمالهم وكشف حالهم.
ذكرت هذه الأمور لأن أمر هذه الجمعية قد دبر بليل، وأنه أمر قائم على المكر والخديعة بالسنة وأهلها، فقد بنيت على هذه الجمعية آمال وأحلام لأناس في قلوبهم مرض، ولكن الله رد كيد الحاقدين ودمر الله على الكائدين الماكرين.
لقد صار لجمعية البندر قبول لا نظير له، وإقبال لا مثيل له، كيف لا ومديرها يدعي السلفية وكذا نائبها وأمين الصندوق سلفي وصاحب الحسابات والأعضاء المقربين من الإدارة وأعمالها على هذه الدعوة، فلقد اكتسحت الساحة في فترة قصيرة وكاد أن يفنش ما حولها من الجمعيات الأخر، ولقد حاول بعض أصحاب المناطق الأخرى الالتحاق بهذه الجمعية السلفية زعموا، والتي أشاعوا عنها أنها لا ترضى بالظلم، وتقيم العدل، وتتنزه عن المخالفات الشرعية، وجمعت الأموال الطائلة في فترة وجيزة حتى صارت جمعية يضرب بها المثل، إذ لا يعلم في تاريخ الجمعيات الصيادية جمعية صار لها هذا الرواج والقبول في فترة قصيرة، ثم كان ماذا؟
لما كانت واقعة في المخالفات الشرعية وتحاول أن تبرر هذه المخالفات بفتاوى عبدالله مرعي أو بما يقذفه الشيطان في قلوبهم من تزيين الباطل، كما سيأتي ذكره عن نائب الجمعية دمر الله عليهم بذنوبهم،
والآن نذكر صورة مختصرة عن هذه الجمعية وعن تدهورها:
1- فإن أول التأسيس قدموا طلبًا إلى الجهة المعنية محفوفًا برشوة كبيرة ومال، هذه الرشوة جُمع من ضريبة وضعوها على الصيادين، فلما استقر أمرها أقبل عليها الناس زرافات ووحدانا، لما علم عنها أنها جمعية سلفية، ثم وضعت الضرائب والتأمينات ووضع الفلوس في البنوك والانتخابات وغير ذلك من المخالفات حتى قال الأخ محمد سعيد عميران: إذا نظرت إلى بنود جمعية البندر وجدتها بنود جمعية حزبية، وهذا قاله قديمًا في الوقت الذي كان حمر وشيعته يظهرونها بالمظهر السلفي.
2- ولما قام حزب ابني مرعي سارعت الجمعية للدفاع عنهم وعن أتباعهم بكل طغيان وظلم واعتداء، انتصارًا لهذا الحزب لما بينهم من التواطؤ الوثيق، وهذا من الأدلة التي تبين أن أمر الجمعية أسس على مكر وخديعة بأهل السنة.
3- ومما قامت به هذه الجمعية أعلنت عن إقامة مصنع ثلج وباب المساهمة مفتوح، فأقبل المساهمين للاشتراك، فكل من دفع مالاً أعطي رصيدًا بأن هذا المال أمانة حتى إذا تمكن المصنع ألغو مساهمة الناس والأرصدة التي معهم إنما هي أمانات لا مساهمة، ولكن الله خيبهم في مصنعهم ولم يفلحوا فيه وعرفوا أنهم قد قاربوا على الفشل أخرجوا إعلانًا في السوق أنه سيتم تغيير الأرصدة من أمانة إلى مساهمة حتى إذا تحقق فشل المصنع لا يطالبهم الناس بأموالهم.
4- قام نائب الجمعية بتزوير أوراق، ثم على ضوئها بيع قارب لبعض الناس ظلمًا وعدوانًا ﺑـ(500000) خمسمائة ألف، ولما قام صاحب الحق بالمطالبة بحقه أرسل إليه نبيل حمر لينهي القضية معه، فقال حمر لصاحب الحق: خذ لك (5000) وانتهى الأمر إلا أن صاحب الحق لم يرضَ بهذا ولم يرجع إليه حقه.
5- امتنعت الجمعية من إرجاع أموال الذين انسحبوا من التأمين، وكانت توهمهم بإرجاعها، ولكن تماطلهم وتخادعهم حتى ذهبت بأموالهم ولم يرجع إليهم منها شيء، وأمرهم إلى الله، فهل الجمعية رفعت الظلم عن الصيادين كما زعموا.
6- ومن حيل الجمعية على الضرائب، يقول نائب الجمعية: البحر ملك للدولة، والضريبة التي يدفعها الصياد إنما هي إيجار مقابل العمل في بحرها، والضريبة التي تأخذها الجمعية إنما هي مقابل الخدمات التي تقدمها الجمعية، لكن هل هذا التأويل الفاسد من تلقاء نفسه أم من عند مفتي الجمعية عبدالله مرعي؟!!
ولقد تدهورت هذه الجمعية، وما زالت في انحطاط بسبب ما قامت به من معادات السنة وأهلها ومناصرة للحزبيين، ولقد تفرس بعض أهل الخبرة بحال هذه الجمعية أن مصيرها للإفلاس، وأن مديرها ونائبه مصيرهم مصير مخزي والعياذ بالله، إلا أن يتداركهم الله بلطفه وعفوه لما تحملوا من أموال الناس الكثيرة والمتركزة في ملايين مصنع الثلج، والتي قد عجزوا عن تسديدها، وعن تنفيذ هذا المصنع، ولقد وافق حال واقع الجمعية قول هذا المتفرس، إذ عجزت عن إقامة المصنع بعدما أخذت الأموال الطائلة من المساهمين ولما أحسوا أن الناس بدءوا يسألون عن مصير أموالهم وعن هذا المصنع التي قد مرت عليه السنين ولم يظهر، قاموا ببناء أساس في قطعة أرض حتى يسكتوا المساهمين عن المطالبة بأموالهم علمًا أن الحكومة قد عرضت من قديم على البندر قطعة أرض تقيم فيها المصنع وتنهي المشكلة بينهم وبين الجمعية التعاونية، لكن البندر رفضت ذلك الحل، وأصرت أن يكون المصنع في القرن، ثم بعد هذه الممانعة تقهقرت البندر إلى الوراء، ودبرت لها قطعة أرض خارج ميناء القرن، وبنوا فيه ذلك الأساس.
وكما قلنا تمويهًا للمساهمين أن العمل في المصنع قد بدأ، مع أن بعض الناس يقول: نخشى أن يكون هذا الأساس بيت لمدير الجمعية أو نائبه، اضطرت الجمعية إلى بيع بعض السيارات التابعة للجمعية، انسحاب كثير من أعضاء الجمعية منها، بعضهم تحول إلى جمعية أخرى، وبعضهم لم يلتحق بأي جمعية لعلمهم أن هذه الجمعيات قائمة على أكل أموال الصيادين بالباطل، وهناك أيضًا بعض أعضاء هذه الجمعية لا يذهبون بصيدهم إليها، وإنما يذهبون به إلى جمعية أخرى بواسطة أُناس غير منتسبين إلى البندر، عجزت البندر عن تسديد مليون ريال يمني ضريبة الدولة، لقد صرح مدير البندر أنه أراد الخروج من الجمعية لما يرى من تدهور الحال، ولما يحس به من وقوعه في مأزق كبير، لكنه قال: لا يستطيع الآن، لأن مطالبة المساهمين متوجه إليه.
ومما يذكر من الأخبار أن البندر أخذت قرض من بعض البنوك، وهذا الخبر مذكور في الساحة عنهم،
ولنذكر أيضًا شيئًا من معاداة البندر لأهل السنة بغير حق، يقول نائب البندر لبعض المسئولين: أطلب من الألف إلى الياء على أن تغير إمام مسجد أهل السنة.
ويقول نبيل البرمكي لهذا المسئول أيضًا: خذ ما شئت من الدكان ليس بيني وبينك حساب إلا في الدفاتر، وهذا أيضًا من أجل تغيير الإمام، تقوم بتقديم الدعاوي على أهل السنة في أتفه الأسباب حرصًا على تغريمهم الأموال والزج بهم في السجون وصدهم عن مواصلة السير في الدعوة إلى الله.
قام نائب البندر بالتعاون مع بعض الاشتراكيين في تقديم شكوى على مسجد أهل السنة بأنه يفعل فيه كذا وكذا، حتى يتم سحب المسجد من أيدي أهل السنة، فصبوا كل ما في قلوبهم من الحقد والغيظ والحنق على أهل السنة، حتى ضجت البلاد من كثرة الدعاوي التي تقدمها البندر في المحاكم ضد أهل السنة، ولكن الله خيبهم وخيب آمال عبدالله مرعي التي كان يهدف إليها في الديس الشرقية.
وما زالت هذه الجمعية في تدهور يوم بعد يوم، والعاقل يعلم أن ما أصاب هذه الجمعية من بين سائر الجمعيات الموجودة في الساحة، إنما هو بسبب الذنوب والمعاصي، وما قامت به مؤخرًا من العدوان على أهل السنة ونصرة للحزبيين الذين يحاربون السنة وأهلها، والطعن في معقل العلم والعلماء دماج الخير وشيخها المبارك الشيخ يحيى بن الحجوري حفظه الله من كل سوء ومكروه.
وبعد ما ذكرنا عن جمعية البندر من هذه الأمور فهل وقع نصح من عبدالله مرعي لهذه الجمعية وإدارتها، وهل تبرأ منها كما والاها في أول أمرها بالفتاوي والتأييد، بل نرى عبدالله مواليًا لها وأصحابها ملتفين حوله، فهو المحاضر لهم وهم الحاضرون عنده.
ولقد ضجت الديس من الطعون في دماج وشيخها والتكذيب له ولا نكير منه، حتى قال أحد البرامكة: أتباع الحجوري ملاعين، وقال مرة أخرى: أتباع الحجوري كلاب، بل هم أخس من الكلاب.
وعبدالله يستحلي هذه الطعون كما يستحلي أموال الجمعية، بل هو مذل نفسه عندهم، ولقد طلب منهم مرة فلوسًا فأعطوه ثلاثين ألفًا، وأعطوا بعض المسئولين ثلاثمائة ألف، ولقد صدق فيه قول صاحب رسالة التسول: إن عبدالله مرعي يرضى في تسولة بالعشرة والعشرين ريال يمني، وهذا من خسة نفسه، ومن يهن الله فما له من مكرم.
فهذا شيء مختصر عن هذه الجمعية وما قامت به من المخالفات الشرعية، والله من وراء القصد، ونسأله أن يكتب لنا الإخلاص في القول والعمل، والحمد لله رب العالمين.
تعليق