التنبيه السديد
على
ذم التقليد
(ويتضمن الرد على الشيخ الوصابي)
كتبه أبو الربيع
محسن بن عوض القليصي
قرأه وأذن بنشره فضيلة الشيخ العلامة المحدث
يحيى بن علي الحجوري
إشراقةعلى
ذم التقليد
(ويتضمن الرد على الشيخ الوصابي)
كتبه أبو الربيع
محسن بن عوض القليصي
قرأه وأذن بنشره فضيلة الشيخ العلامة المحدث
يحيى بن علي الحجوري
} أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ { [التوبة: ١٦].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
(ولا وليجة أعظم ممن جعل رجلاً بعينه مختاراً على كلام الله وكلام رسوله –صلى الله عليه وسلم- وكلام سائر الأمة يقدمه على ذلك كله، ويعرض كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة على قوله، فما وافقه منها قبله لموافقته لقوله، وما خالفه منها تلطف في رده وتطلب له وجوه الحيل، فإن لم تكن هذه وليجة فلا ندري ما الوليجة!!) ([1]).
قلت: ومن أخبث الحيل: الحيل التي تكون تحت ستار (نصـر السنّة) ولو على حساب إسقاط علماء الأمة!! وحرّاس السنّة!!
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وبعد:
فإن من الأمور التي لا تخفى على كل مسلم عاقل لبيب أننا في زمان قد تفاقمت فيه المحن، وكثرت فيه الفتن وماجت كموج البحر، فجرفت بكثير من الناس في دواماتها فأصبحوا منقادين وخاضعين لها كخضوع الإبل العظيمة للطفل الصغير.
ألا وإن من أعظم هذه الفتن الصماء البكماء (فتنة التقليد الأعمى) و(التعصب الذميم)، ومما لا شك فيه ولا ريب أن:
قضية (التقليد) لا تدخل على المرء إلا من قلة عقله وموت شخصيته وجهله بكتاب ربه وسنة نبيه، وتلك والله هي قاصمة الظهر ، وقد عابه الله عز وجل وساقه مساق الذم في كتابه الكريم في مواطن كثيرة، بل إنه جعل ذلك هو دأب المشـركين والكفار على مر الأزمان، ومن أوضح الشواهد على ذلك قوله تعالى:} أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا { [محمد: ٢٤]، ومن رأى بعين البصيرة ما في زماننا من التقليد الأعمى والتعصب الذميم حتى لبعض من ينتسب للسنة لرأى العجب العجاب، فقد أصبح هذا المرض الفتاك كالشامة في جبينهم وكالسمة البارزة لهم وكالعلم عليهم، بل وأصبح طوفاناً عارماً يجتاحهم ويتجاذبهم يمنة ويسـرة ويتقاذف بهم في أمواجٍ كالظُلل حتى غدوا كأنهم:} فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ{ [النور: ٤٠].
وفي الحقيقة أن المرء العاقل الفطن لا يتعجب إذا كان هذا المرض الفتاك صادراً من الكفار أو أهل البدع؛ لأن ذلك يعتبر سمة بارزة لهم وعلماً عليهم في كل زمان ومكان، بل يعتبرونه ديناً لهم يتقربون به إلى ساداتهم وكبرائهم، ولكن العجب كل العجب أن يكون هذا المرض الفتاك لمن ينتسب للسنّة، وباسم (نصـر السنّة)!!
أمور يضحك السفهاء منها
ويبكي من عواقبها الحليم
ويالله العجب فكم جرّ هذا التقليد الأعمى من ويلات ونكبات على الأمة بأسرها، ولو لم يكن من ذلك إلا الجهل المدقع، وموت الشخصية وتبلد العقل وتحجر التفكير وإيثار الخلق على الخالق والباطل على الحق وتقديم آراء الرجال على الكتاب والسنة، لكفى بذلك من مصيبة وبلية وخسارة وذل وهوان.
وهذه من العقوبات العاجلة للمقلدة في الدنيا.
وأما في القبر: فهو عندما يأتيانه الملكان فينتهرانه ويسألانه عن ربه ودينه ونبيه، فيتلعثم لسانه ثم يجيب قائلاً: (ها ها لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت، ولا تليت، ويُضـرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين) ([1]).
وأما في الآخرة: فلو لم يكن من ذلك إلا أنهم حين يذوقون ألوان العذاب، فيصرخون الصـرخات تلو الصـرخات وهم يقولون:
} رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً { [الأحزاب: ٦٧ – ٦٨].
وفي هذه من العبر والمواعظ ما إن تجعل اللبيب ليعرف مدى خطورة هذا المرض الفتاك؛ فإن عواقبه متتالية وتترى ومترامية الأطراف في الدنيا والآخرة.
وقد كتبتُ هذه الرسالة المتواضعة لأولئك الذين ابْتُلُوا بهذا المرض الفتاك والداء العضال، لعل الله عز وجل أن يجعلها مفتاح خير لقلوبهم؛ كي يخلعوا منها ربقة التقليد الأعمى، ويخرجوا بأنفسهم من الضيق إلى السعة، ومن الظلمات إلى النور ومن طرق أهل الضلال والزيغ إلى طرق أهل الحق والهدى.
وعلى رأس هؤلاء : هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي – هداه الله – وأتباعه المقلدة له , فقد أصبح من دعاة التقليد , بل وممن ينادي به ليل نهار , بعد أن كان يحذر منه في الماضي غاية التحذير , بل ويقول : (والله من قلدني فلن أسامحه يوم القيامة ) وأما اليوم فإنه أصبح يربي طلابه على التقليد بل ويـحثهم على ذلك , وهذا الأمر بالنسبة له لا يتعجب منه ولا يستغرب عنه , فإنه عاش فترة بين أحضان الصوفية كعبد القادر مكرم ومحمد بن علي الطسي وغيرهم من الصوفية دعاة التقليد .
بل إن الأمر الأعجب من ذلك كله : هو أنني بعد أن أخرجت بعض المطويات التي تحذر من التقليد , وقمت بنشرها في العام الماضي , أخذ يطعن فيّ في أحد دروسه وقال من ضمن كلامه : إن الذي كتب في التقليد لا يستبعد أن يكون مـدفوعاً من بعض الدول !!!! وأخذ يتكلم عليّ بكلام شديد كله اتهامات لي بأنني جاسوس للسعودية , وأني ما جئت لليمن إلا لأجـل تفريق الدعوة !!!! وهذا الكلام سمعه كل من كان في الدرس في العام الماضي , ولا أعتقد أن أحداً يستطيع أن ينكر ذلك البتة .
فهذا هو فضيلة المفتي داعية الرفق واللين !!!!!
والأمر العجيب أن رفقه ولينه أصبح قاصراً على أهل البدع والزيغ فحسب ، وأما العلماء الكبار فهم : جواسيس وعملاء !!
وأما طلاب العلم فهم : بقر !! ولا يعرفون كيف يتطهرون بعد قضاء حوائجهم !!!!!! وغير ذلك مما لم يتفوه به إلا أمثال القرضاوي والغزالي ومحمد سرور وعبدالرحمن عبدالخالق وأضرابهم من أهل البدع والأهواء.
فإنا لله وإنا إليه راجعون . } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ { .
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وأن ينفع بها الإسلام وأهله، كما أسأله جل وعلا أن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يهدي ضالّ المسلمين إلى ما فيه رضاه ويحفظنا بحفظه ظاهراً وباطناً .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
([1]) البخاري: (1374)، وانظر: صحيح الجامع: (1676) للإمام الألباني.
فهرس الموضوعات :
تعريف: (التقليد)6
بداية ظهور التقليد11
بعض الأدلة من القرآن على ذم التقليد13
بعض الأدلة من السنة على ذم التقليد17
الآثار في ذم التقليد20
ذم الأئمة للتقليد23
أسبـــاب التقـليـد25
مفاسد التقليد30
العلاقة بين التقليد والبدعة35
العلاقة بين التقليد والحزبية37
القواعد السلفية للمبتلين بالكبر والتقليد والعصبية41
الوسائل المعينة للقضــاء علــى (التقليــد)52
شعر عظيم يتعلق بالتقليد53
الخاتمة56
بداية ظهور التقليد11
بعض الأدلة من القرآن على ذم التقليد13
بعض الأدلة من السنة على ذم التقليد17
الآثار في ذم التقليد20
ذم الأئمة للتقليد23
أسبـــاب التقـليـد25
مفاسد التقليد30
العلاقة بين التقليد والبدعة35
العلاقة بين التقليد والحزبية37
القواعد السلفية للمبتلين بالكبر والتقليد والعصبية41
الوسائل المعينة للقضــاء علــى (التقليــد)52
شعر عظيم يتعلق بالتقليد53
الخاتمة56
تعليق