كتاب الخيانة الدعوية للشيخ عبدالحميدالحجوري مرسل للطبع بثوبها الجديد وزياداتها العديدة وفوائدها النفيسة , وستخرج بإذن الله وتكون فاضخة لاصحاب الحزب الجديد .
وإليكم مقدمة الطبعة الثانية
مقدمة الطبعة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.والذي نزل الكتاب على عبده وفصل الآيات ليستبين سبيل المجرمين.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند ولا معين.
و أشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:
فهذا هو كتاب "الخيانة الدعوية حجر عثرة في طريق الدعوة السلفية"، أقدمه للقراء الكرام بعد أن أصلحت فيه ما احتاج إلى إصلاح.
هذا وقد أرجف عليّ من أجله أناس بما لم يبرزوا برهانا على بطلانه ولكن على عبارات فيه حمّلوها غير مقاصدها ومع ذلك فالحمد لله الذي حبب إلينا الحق الجلي الذي لا لبس فيه وحبب إلينا أهله، فلا عيب ولا نقيصة أن أترك ما يكون مجملا إلى ما هو أوضح وأبين.
وقد انتقد على هذا الكتاب زعمهم بأنني كفرت عبد الرحمن العدني وعصبته، وهذا والله محض افتراء لا يحتمله كلامي ولم يعتقده جناني، كيف لا ونحن بحمد الله من أشد الناس بغضًا لمنهج أهل التكفير الذين قال عنهم رسول الله r: «يكون في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»، ويقول r: «من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما إن كان كما قال وإلا حارت عليه».
وأما ما ذكر من وصف طريقتهم في هذه الفتنة أنها طريقة الشيطان وفرعون وهامان، فالمقصود واضح، وأن المقصود هو جنس خيانتهم حيث كانت خيانة أولئك في الدعوة وهؤلاء في الدعوة مع البون الشاسع بين الخيانتين ومع ذلك لما حمل هذا الكلام على غير محمله فإني أحذفه دفعا لما قد يتوهمه بعضهم من الالتباس والعبارات غير المحتملة أوسع منه فقد جعل الله تعالى السعة.
ومما جعجع به المبتور البرمكي الجهول المجهول قوله: «أليس من تعظيم الله وتوقيره والتأدب معه أن لا تجمع بين الله تعالى ورسوله r في ضمير واحد، ولاسيما أنك في مقام البيان، أليس هذا يوهم التسوية بين الله تعالى ورسوله r، ولهذا لما قال الخطيب: ومن يعصهما فقد غوى)، أمره النبي r بالعطف تعظيماً وتأدباً معه فقال له: "بئس الخطيب أنت قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى" .
فهذه من خيانات عبد الحميد وما أكثرها ! وذلك أن لفظه التي تلفظ به من الألفاظ التي نهى عنها النبي r ؛ تحقيقاً للتوحيد وسداً لذرائع الشرك لما فيها من التشريك في اللفظ، وهذا من باب حماية المصطفى r جناب التوحيد .اهـ
أقول وبالله أصول على كل حزبي جهول:
ومن البلاء وللبلاء علامة:::أن لايُرى لك عن هواك نزوع
ويكفي لبيان جهله أن نذكر ما قاله النووي ~ في شرح الحديث من مسلم وهو من أقرب المراجع لدى كثير من المسلمين.
قال النووي –~ تعالى- في "شرح صحيح مسلم"(6/159):
«قوله: ((أن رجلا خطب عند النبي r فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله r: "بئس الخطيب أنت قل ومن يعص الله ورسوله فقد غوى"، قال القاضي وجماعة من العلماء: إنما أنكر عليه لتشريكه في الضمير المقتضى للتسوية وأمره بالعطف تعظيما لله تعالى بتقديم اسمه كما قال r في الحديث الآخر: «لا يقل أحدكم ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل ما شاء الله ثم شاء فلان» والصواب أن سبب النهي أن الخطب شأنها البسط والإيضاح واجتناب الإشارات والرموز، ولهذا ثبت في الصحيح أن رسول الله r، كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا ليفهم وأما قول الأوليين فيضعف بأشياء منها أن مثل هذا الضمير قد تكرر في الأحاديث الصحيحة من كلام رسول الله r كقوله r: «أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما» وغيره من الأحاديث، وإنما ثنى الضمير ها هنا لأنه ليس خطبة وعظ، وإنما هو تعليم حكم فكلما قل لفظه كان أقرب إلى حفظه، بخلاف خطبة الوعظ فإنه ليس المراد حفظه، وإنما يراد الاتعاظ بها. ومما يؤيد هذا ما ثبت في سنن أبي داود بإسناد صحيح عن ابن مسعود t قال: علمنا رسول الله r خطبة الحاجة: «الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئًا» والله أعلم». اهـ
فيا أيها الجاهل المغمور هل وقع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- في التشريك اللفظي ولم يقع منهما حماية جناب التوحيد.
ثم ما كان من البيتين الَّذَين انتقدا:
الأول:
طعنك هذا في علمنا ::: وإمام الثقلين اليمني
الثاني: لو ذوبوه لصار لحمه سنة ::: ولصار آيات الكتاب الباقي
فنحن راجعون عنهما وقد حذفناهما من الطبعة مع العلم أن القائلين لهما قد رجعا عنهما أيضا، مع أن أبا زيد الحجوري قد تراجع في حينه، وأنزل تراجعه في شبكة العلوم السلفية ودعاهم أن يتوبوا مثله، وقال في كتابة له للإخوة الإندنوسيين: ((ما قصدت إلا إمام الثقلين في عصرنا وفي بلدنا ومع ذلك أنا أتوب إلى الله))، وأما أبو مسلم الحجوري فقال: ((إنما أردت بذلك البيت شدة التمسك الشيخ –حفظه الله- بالكتاب والسنة وعزوفه عما خالفهما، وذلك من باب قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "ملئ عمار إيمانا إلى مشاشه"، ونظرا أن هذا البيت قد سبب معنا خاطئا وقد استغله بعض المفتونين للطعن في دماج وفي الشيخ يحيى-حفظه الله-، فأنا أتراجع عنه وأستغفر الله وأتوب إليه والحمد لله رب العالمين. كتبه أبو مسلم أحمد بن محمد بن الحسين الحجوري الزعكري، دار الحديث بدماج 2/ربيع الثاني/1430هـ)). وشيخنا يحيى –حفظه الله تعالى- منصور بالحق إن شاء الله، وهو بحمد الله غير محب ولا راض عما يقال فيه من الإطراء.
ومع ذلك فإنّا بحمد الله نقولها بينة لا خفاء فيها، جلية لا إشكال فيها أن ما كان من قول أو فعل يخالف الكتاب والسنة أو يحتمل ولو مجرد احتمال للحق والباطل فإنّا راجعون عنه في الحياة وبعد الممات، ومذهبنا هو الكتاب والأثر، وإذا صح الأثر فهو مذهبي وديني ونحن تبع لهما، ندور معهما حيث دارا، ونطلب من غيرنا أن يصلح نفسه كذلك ولا يحمله الكبر والحسد والبغي والعناد على ترك الحق من أجل أن تكلم به فلان أو فلان[[1]].
وليعلم جميع من يطلع على هذا الكتاب أننا بحمد الله ما تكلمنا في عبد الرحمن العدني وشلته بهوى أو لأغراض شخصية، وكنا قبل فتنته -لما كان ظاهره الخير والصلاح- نذكره بخير ونحث عليه، فلما حصل ما حصل من فتنته الدهماء الصماء البكماء قمنا لله ! وفي الله ! وبالله ! نحذر من الباطل، وندعو إلى العودة إلى ما كان عليه الرعيل الأول من السلف والتابعين لهم بإحسان، وكان الحامل على ذلك أيضا التصفية والتربية التي جاء هذا الدِّين بالدعوة إليهما، فعبد الرحمن العدني –هداه الله- ومن سار في دربه قد حصل في الدعوة بسببهم من الفتنة ما الله به عليم، وكان الواجب عليهم أن يقدموا مصلحة الدعوة على التعصب والهوى.
لكن حقيقة الحال أنهم ظالمون غاشمون، وقع بسببهم التهاجر والتقاطع والتدابر، وظهر فيهم التحزب والتعصب المقيت علنًا، فظهر في دعوتهم الولاء والبراء الضيق، ووقعت منهم الحرب الشعواء في المدن والقرى، وسلم الله عز وجل من علمه أهلا للسلامة من فتنتهم على هذه الدعوة المباركة.
هذا ونسأل الله عز وجل العون والسداد والثبات في المحيا وبعد الممات.
ومع ذلك فنحن في العام الرابع من بوادر هذه الفتنة التي قد أحرقت بنارها وأصابت بشررها كثيرا من إخواننا وأحبابنا، وفجعنا بمن لم نتوقع أن يصطلي بنارها، فنعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
[[1]] قال شيخنا يحيى –حفظه الله تعالى- في شريط "أسئلة عدن"(ليلة الجمعة 22 صفر 1429هـ) جوابا عن سؤال ما نصه: يقولون في السؤال الحادي عشر بعضهم يقول بأن ملزمة الخيانة الدعوية لأخينا عبد الحميد الحجوري تكفيرية، فهل هذا صحيح ؟:
«ملزمة أخينا عبد الحميد الحجوري قرأتها ! كيف تكفيرية ! قولوا لمن يقول إنها تكفيرية يأتي بحرف واحد فيها يدل على التكفير، وأنا الذي أتحمل عهدتها، ما هو عبد الحميد، لا سيما وأنا قرأتها وعبد الحميد يرجع عنها إن شاء الله، أقول له ارجع عن هذه الفقرة لأنها غلط.
وان كلام المرء في كنهه::: كالنبل تهوي ليس فيها نصالها
والله [إني] أذكر ما سبق في فتنة أبي الحسن، أنهم إذا تكلمنا بكلمة ضخموها، قالوا عني أني أقول عن أصحاب أبي الحسن لوطه، وتالله وبالله لم تخرج هذه الكلمة من فيّ، ظلم [و] تحامل وإرجاف )لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا([الأحزاب:60]، نحن لا نقول هؤلاء منافقون لكن هذا دليل من حيث التحذير [من] هذا الأمر، الإشاعات والإرجافات أصل من أصول الجاهلية، فقد كانوا يرجفون ويشيعون عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه شاعر أنه ساحر أنه مسحور، كما في قصة ضماد الأزدي [-رضي الله عنه-].
فمن علم في هذه الملزمة باطلا، والله أخونا أواب طالب علم فاضل، مؤلف محقق عابد جزاه الله خيرا، نعرف هذا كله فيه، نعم، وقصده النصح، هو وكثير من إخوانه، هو وإخواننا السلفيين في ما نحسبهم، لله ولدينه وللمسلمين.
ذكر فرعون أنه خائن، وذكر فلانا أنه خائن، وذكر من الخونة الذين حصلت منهم خيانة من المسلمين ممن كانوا عندنا طلاب علم، خيانتهم رأيناها ورآها غيرنا.
أنا أسألكم إذا رأيت من إنسان، أنت تراه على الخير والجادة، ولا تدري إلا وهو يحفر، ويريد أن يأخذ بعض الناس من الأعاجم ويخرجهم من المعهد ويبغض إليهم طلب العلم والسنة ويبغض إليهم شيخهم ومعلمهم ويبغض إليهم ما جاءوا من أجله، وبعضهم يأتي من بلاد بعيدة يتجشم المصاعب والمتاعب فإذا وصل إلى هذه الحدبة [قال:] "أين المركز"، قالوا: "هذا هو"، فخر ساجدا لله عز وجل، فرحا بوصوله، وبعد ذلك يتسلط عليه فلان أو علان ممن أنا مكنتهم في التدريس، أذنت لهم بذلك، هم طلابي ! لا مفر لأحد يطلب العلم هنا من هذا، صحيح هذا الحق ! بعد ما حصل منهم هذا شوشوا عليهم وضيعوهم وعملوا زجلة في المكان، ما صدقنا ونحن نهدئها، هذه خيانة أو هذا نصح ؟!
هذا شيء معلوم، فلما كان منهم هذا، ونصحت الواحد مرة تلو المرة والله شهيد على ذلك والإخوان أيضا يشهدون، مع الرفق ومع الإحسان إليهم، وربما والله [أنصح] بعضهم وتمتلئ عيني بالدموع حسرة عليه، لا من أجل أنهم سينقصون الدعوة لكن أعرف أنه قد قضى وقت في طلب العلم وأن فراقه لهذا الخير ضرب له ! ولم يضروا إلا أنفسهم ! هم وغيرهم، هذه ثقة بالله سبحانه وتعالى، والواقع شاهد بحمد الله، ما نقصوا الدعوة، قلوا أو كثروا، أو عرضوا أو طالوا.
نعم فلما حصل من ذلك جمع الأخ [هذا المؤلف] وعرضه عليّ، وقلنا اشطب هذا [أي بعض الأسماء]، هذا أرجو فيه الخير حصلت منه هفوة هذه زلة هذا إن شاء الله مع إخوانه وهو تحت النصح وإن شاء الله أنه على حال حسن، والحمد لله إخواننا هنا على حال حسن، على تآخي على تحاب، [و]الذين حصل منهم شيء من ذلك [أي خيانة] بل حصل منهم ذلك بوضوح اذكرهم.
وبعضهم مازال مستترا بذلك ولكن كما قلنا بين مستقل ومستكثر، فذكرهم وقلنا انشرها، أما أن يحمل أنه مكفر [أو أن فيها] تكفير ! يا أخي كلام كذب ! كذب ! والله استحيوا ! نحن عندنا كلمة من شيخنا -رحمة الله عليه- أن من أركان الحزبية التلبيس والكذب [والمكر]، فلا تتلبسوا بهذه الأشياء، هذا غلط، والله يضركم عند الله وعند الصالحين من عباده» انتهى.
وإليكم مقدمة الطبعة الثانية
مقدمة الطبعة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.والذي نزل الكتاب على عبده وفصل الآيات ليستبين سبيل المجرمين.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند ولا معين.
و أشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:
فهذا هو كتاب "الخيانة الدعوية حجر عثرة في طريق الدعوة السلفية"، أقدمه للقراء الكرام بعد أن أصلحت فيه ما احتاج إلى إصلاح.
هذا وقد أرجف عليّ من أجله أناس بما لم يبرزوا برهانا على بطلانه ولكن على عبارات فيه حمّلوها غير مقاصدها ومع ذلك فالحمد لله الذي حبب إلينا الحق الجلي الذي لا لبس فيه وحبب إلينا أهله، فلا عيب ولا نقيصة أن أترك ما يكون مجملا إلى ما هو أوضح وأبين.
وقد انتقد على هذا الكتاب زعمهم بأنني كفرت عبد الرحمن العدني وعصبته، وهذا والله محض افتراء لا يحتمله كلامي ولم يعتقده جناني، كيف لا ونحن بحمد الله من أشد الناس بغضًا لمنهج أهل التكفير الذين قال عنهم رسول الله r: «يكون في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»، ويقول r: «من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما إن كان كما قال وإلا حارت عليه».
وأما ما ذكر من وصف طريقتهم في هذه الفتنة أنها طريقة الشيطان وفرعون وهامان، فالمقصود واضح، وأن المقصود هو جنس خيانتهم حيث كانت خيانة أولئك في الدعوة وهؤلاء في الدعوة مع البون الشاسع بين الخيانتين ومع ذلك لما حمل هذا الكلام على غير محمله فإني أحذفه دفعا لما قد يتوهمه بعضهم من الالتباس والعبارات غير المحتملة أوسع منه فقد جعل الله تعالى السعة.
ومما جعجع به المبتور البرمكي الجهول المجهول قوله: «أليس من تعظيم الله وتوقيره والتأدب معه أن لا تجمع بين الله تعالى ورسوله r في ضمير واحد، ولاسيما أنك في مقام البيان، أليس هذا يوهم التسوية بين الله تعالى ورسوله r، ولهذا لما قال الخطيب: ومن يعصهما فقد غوى)، أمره النبي r بالعطف تعظيماً وتأدباً معه فقال له: "بئس الخطيب أنت قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى" .
فهذه من خيانات عبد الحميد وما أكثرها ! وذلك أن لفظه التي تلفظ به من الألفاظ التي نهى عنها النبي r ؛ تحقيقاً للتوحيد وسداً لذرائع الشرك لما فيها من التشريك في اللفظ، وهذا من باب حماية المصطفى r جناب التوحيد .اهـ
أقول وبالله أصول على كل حزبي جهول:
ومن البلاء وللبلاء علامة:::أن لايُرى لك عن هواك نزوع
ويكفي لبيان جهله أن نذكر ما قاله النووي ~ في شرح الحديث من مسلم وهو من أقرب المراجع لدى كثير من المسلمين.
قال النووي –~ تعالى- في "شرح صحيح مسلم"(6/159):
«قوله: ((أن رجلا خطب عند النبي r فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله r: "بئس الخطيب أنت قل ومن يعص الله ورسوله فقد غوى"، قال القاضي وجماعة من العلماء: إنما أنكر عليه لتشريكه في الضمير المقتضى للتسوية وأمره بالعطف تعظيما لله تعالى بتقديم اسمه كما قال r في الحديث الآخر: «لا يقل أحدكم ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل ما شاء الله ثم شاء فلان» والصواب أن سبب النهي أن الخطب شأنها البسط والإيضاح واجتناب الإشارات والرموز، ولهذا ثبت في الصحيح أن رسول الله r، كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا ليفهم وأما قول الأوليين فيضعف بأشياء منها أن مثل هذا الضمير قد تكرر في الأحاديث الصحيحة من كلام رسول الله r كقوله r: «أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما» وغيره من الأحاديث، وإنما ثنى الضمير ها هنا لأنه ليس خطبة وعظ، وإنما هو تعليم حكم فكلما قل لفظه كان أقرب إلى حفظه، بخلاف خطبة الوعظ فإنه ليس المراد حفظه، وإنما يراد الاتعاظ بها. ومما يؤيد هذا ما ثبت في سنن أبي داود بإسناد صحيح عن ابن مسعود t قال: علمنا رسول الله r خطبة الحاجة: «الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئًا» والله أعلم». اهـ
فيا أيها الجاهل المغمور هل وقع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- في التشريك اللفظي ولم يقع منهما حماية جناب التوحيد.
ثم ما كان من البيتين الَّذَين انتقدا:
الأول:
طعنك هذا في علمنا ::: وإمام الثقلين اليمني
الثاني: لو ذوبوه لصار لحمه سنة ::: ولصار آيات الكتاب الباقي
فنحن راجعون عنهما وقد حذفناهما من الطبعة مع العلم أن القائلين لهما قد رجعا عنهما أيضا، مع أن أبا زيد الحجوري قد تراجع في حينه، وأنزل تراجعه في شبكة العلوم السلفية ودعاهم أن يتوبوا مثله، وقال في كتابة له للإخوة الإندنوسيين: ((ما قصدت إلا إمام الثقلين في عصرنا وفي بلدنا ومع ذلك أنا أتوب إلى الله))، وأما أبو مسلم الحجوري فقال: ((إنما أردت بذلك البيت شدة التمسك الشيخ –حفظه الله- بالكتاب والسنة وعزوفه عما خالفهما، وذلك من باب قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "ملئ عمار إيمانا إلى مشاشه"، ونظرا أن هذا البيت قد سبب معنا خاطئا وقد استغله بعض المفتونين للطعن في دماج وفي الشيخ يحيى-حفظه الله-، فأنا أتراجع عنه وأستغفر الله وأتوب إليه والحمد لله رب العالمين. كتبه أبو مسلم أحمد بن محمد بن الحسين الحجوري الزعكري، دار الحديث بدماج 2/ربيع الثاني/1430هـ)). وشيخنا يحيى –حفظه الله تعالى- منصور بالحق إن شاء الله، وهو بحمد الله غير محب ولا راض عما يقال فيه من الإطراء.
ومع ذلك فإنّا بحمد الله نقولها بينة لا خفاء فيها، جلية لا إشكال فيها أن ما كان من قول أو فعل يخالف الكتاب والسنة أو يحتمل ولو مجرد احتمال للحق والباطل فإنّا راجعون عنه في الحياة وبعد الممات، ومذهبنا هو الكتاب والأثر، وإذا صح الأثر فهو مذهبي وديني ونحن تبع لهما، ندور معهما حيث دارا، ونطلب من غيرنا أن يصلح نفسه كذلك ولا يحمله الكبر والحسد والبغي والعناد على ترك الحق من أجل أن تكلم به فلان أو فلان[[1]].
وليعلم جميع من يطلع على هذا الكتاب أننا بحمد الله ما تكلمنا في عبد الرحمن العدني وشلته بهوى أو لأغراض شخصية، وكنا قبل فتنته -لما كان ظاهره الخير والصلاح- نذكره بخير ونحث عليه، فلما حصل ما حصل من فتنته الدهماء الصماء البكماء قمنا لله ! وفي الله ! وبالله ! نحذر من الباطل، وندعو إلى العودة إلى ما كان عليه الرعيل الأول من السلف والتابعين لهم بإحسان، وكان الحامل على ذلك أيضا التصفية والتربية التي جاء هذا الدِّين بالدعوة إليهما، فعبد الرحمن العدني –هداه الله- ومن سار في دربه قد حصل في الدعوة بسببهم من الفتنة ما الله به عليم، وكان الواجب عليهم أن يقدموا مصلحة الدعوة على التعصب والهوى.
لكن حقيقة الحال أنهم ظالمون غاشمون، وقع بسببهم التهاجر والتقاطع والتدابر، وظهر فيهم التحزب والتعصب المقيت علنًا، فظهر في دعوتهم الولاء والبراء الضيق، ووقعت منهم الحرب الشعواء في المدن والقرى، وسلم الله عز وجل من علمه أهلا للسلامة من فتنتهم على هذه الدعوة المباركة.
هذا ونسأل الله عز وجل العون والسداد والثبات في المحيا وبعد الممات.
ومع ذلك فنحن في العام الرابع من بوادر هذه الفتنة التي قد أحرقت بنارها وأصابت بشررها كثيرا من إخواننا وأحبابنا، وفجعنا بمن لم نتوقع أن يصطلي بنارها، فنعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
[[1]] قال شيخنا يحيى –حفظه الله تعالى- في شريط "أسئلة عدن"(ليلة الجمعة 22 صفر 1429هـ) جوابا عن سؤال ما نصه: يقولون في السؤال الحادي عشر بعضهم يقول بأن ملزمة الخيانة الدعوية لأخينا عبد الحميد الحجوري تكفيرية، فهل هذا صحيح ؟:
«ملزمة أخينا عبد الحميد الحجوري قرأتها ! كيف تكفيرية ! قولوا لمن يقول إنها تكفيرية يأتي بحرف واحد فيها يدل على التكفير، وأنا الذي أتحمل عهدتها، ما هو عبد الحميد، لا سيما وأنا قرأتها وعبد الحميد يرجع عنها إن شاء الله، أقول له ارجع عن هذه الفقرة لأنها غلط.
وان كلام المرء في كنهه::: كالنبل تهوي ليس فيها نصالها
والله [إني] أذكر ما سبق في فتنة أبي الحسن، أنهم إذا تكلمنا بكلمة ضخموها، قالوا عني أني أقول عن أصحاب أبي الحسن لوطه، وتالله وبالله لم تخرج هذه الكلمة من فيّ، ظلم [و] تحامل وإرجاف )لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا([الأحزاب:60]، نحن لا نقول هؤلاء منافقون لكن هذا دليل من حيث التحذير [من] هذا الأمر، الإشاعات والإرجافات أصل من أصول الجاهلية، فقد كانوا يرجفون ويشيعون عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه شاعر أنه ساحر أنه مسحور، كما في قصة ضماد الأزدي [-رضي الله عنه-].
فمن علم في هذه الملزمة باطلا، والله أخونا أواب طالب علم فاضل، مؤلف محقق عابد جزاه الله خيرا، نعرف هذا كله فيه، نعم، وقصده النصح، هو وكثير من إخوانه، هو وإخواننا السلفيين في ما نحسبهم، لله ولدينه وللمسلمين.
ذكر فرعون أنه خائن، وذكر فلانا أنه خائن، وذكر من الخونة الذين حصلت منهم خيانة من المسلمين ممن كانوا عندنا طلاب علم، خيانتهم رأيناها ورآها غيرنا.
أنا أسألكم إذا رأيت من إنسان، أنت تراه على الخير والجادة، ولا تدري إلا وهو يحفر، ويريد أن يأخذ بعض الناس من الأعاجم ويخرجهم من المعهد ويبغض إليهم طلب العلم والسنة ويبغض إليهم شيخهم ومعلمهم ويبغض إليهم ما جاءوا من أجله، وبعضهم يأتي من بلاد بعيدة يتجشم المصاعب والمتاعب فإذا وصل إلى هذه الحدبة [قال:] "أين المركز"، قالوا: "هذا هو"، فخر ساجدا لله عز وجل، فرحا بوصوله، وبعد ذلك يتسلط عليه فلان أو علان ممن أنا مكنتهم في التدريس، أذنت لهم بذلك، هم طلابي ! لا مفر لأحد يطلب العلم هنا من هذا، صحيح هذا الحق ! بعد ما حصل منهم هذا شوشوا عليهم وضيعوهم وعملوا زجلة في المكان، ما صدقنا ونحن نهدئها، هذه خيانة أو هذا نصح ؟!
هذا شيء معلوم، فلما كان منهم هذا، ونصحت الواحد مرة تلو المرة والله شهيد على ذلك والإخوان أيضا يشهدون، مع الرفق ومع الإحسان إليهم، وربما والله [أنصح] بعضهم وتمتلئ عيني بالدموع حسرة عليه، لا من أجل أنهم سينقصون الدعوة لكن أعرف أنه قد قضى وقت في طلب العلم وأن فراقه لهذا الخير ضرب له ! ولم يضروا إلا أنفسهم ! هم وغيرهم، هذه ثقة بالله سبحانه وتعالى، والواقع شاهد بحمد الله، ما نقصوا الدعوة، قلوا أو كثروا، أو عرضوا أو طالوا.
نعم فلما حصل من ذلك جمع الأخ [هذا المؤلف] وعرضه عليّ، وقلنا اشطب هذا [أي بعض الأسماء]، هذا أرجو فيه الخير حصلت منه هفوة هذه زلة هذا إن شاء الله مع إخوانه وهو تحت النصح وإن شاء الله أنه على حال حسن، والحمد لله إخواننا هنا على حال حسن، على تآخي على تحاب، [و]الذين حصل منهم شيء من ذلك [أي خيانة] بل حصل منهم ذلك بوضوح اذكرهم.
وبعضهم مازال مستترا بذلك ولكن كما قلنا بين مستقل ومستكثر، فذكرهم وقلنا انشرها، أما أن يحمل أنه مكفر [أو أن فيها] تكفير ! يا أخي كلام كذب ! كذب ! والله استحيوا ! نحن عندنا كلمة من شيخنا -رحمة الله عليه- أن من أركان الحزبية التلبيس والكذب [والمكر]، فلا تتلبسوا بهذه الأشياء، هذا غلط، والله يضركم عند الله وعند الصالحين من عباده» انتهى.
تعليق