الجواب الكافي
لمن سأل عن الدواء الشافي لفتنة عبد الرحمن الغاوي
ويليه
( ملحق )
فتح العليم الجميل في تعريف المجاهيل
لمن سأل عن الدواء الشافي لفتنة عبد الرحمن الغاوي
ويليه
( ملحق )
فتح العليم الجميل في تعريف المجاهيل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم أما بعد فقد روى مسلم في صحيحه عَنْ تَمِيمٍ الداري أَنَّ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» فسلامة الدنيا والدين مبنية على النصيحة، ولذلك حُصر الدين في النصيحة فلذا كان لزامًا على أهل الحق أن يقوموا بهذا الواجب العظيم إحقاقاً للحق، وإزهاقاً للباطل، ولولا ذلك -بعد عون الله- لشاع الضلال في الأرض، وخفي الحق، وصار المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، فلا يجوز لأهل الحق أن يتخاذلوا عن ذلك وإلا كان ذلك من الغش في الدين، قال الإمام البربهاري رحمه الله في شرح السنة: (ولا يحل أن تكتم النصيحة أحدا من المسلمين برهم وفاجرهم في أمر الدين فمن كتم فقد غش المسلمين ومن غش المسلمين فقد غش الدين ومن غش الدين فقد خان) ومن هذا الباب أقدم لإخواني المسلمين هذه النصيحة والتي تحوي بيانا لبعض الإشكالات التي يلبس بها بعض الماكرين فيما يتعلق بفتنة عبد الرحمن العدني وما تفرَّع منها من شغب المجاهيل الذين هم رأس مال هذا المفتون ومن معه فيا لها من تجارة خاسرة، رأس المال هزيل وحقير: (المجاهيل)، والبضاعة فاسدة : (عبد الرحمن)، والسوق الذي دخلوا فيه عاطل ومهجور: (شبكة الوحلين)، والمشتري ليس عنده مقابل: (الفارغ)، والربح إن لم يتداركوا أنفسهم: (ذهاب السنة وخسارة العلم) فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فجعلت هذا البحث العاجل والمختصر على صيغة سؤال وجواب نصحًا للمسلمين وتحذيرًا لهم من عمل المدلِّسين المُغرِضين المجاهيل، وإيضاحًا للحق، وكشفًا للشبه التي يلبس بها المفتونون، قمت بذلك دفاعاً عن الحق وإبطالاً للباطل قال الله تعالى: ﴿وَقُلْ جَآءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن يبتلي أهل الحق بأهل الباطل ليحصل الجهاد في سبيل الله بالسلاح وبالقلم واللسان دفاعاً عن الحقّ وردّاً للباطل قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللهُ لاَنتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ وقال تعالى:﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِين﴾ وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أسأل الله أن ينفع بها الإسلام والمسلمين، ومن التقدمة إلى المقصود:
س1) إذا قيل لك: هل تشك في حزبية عبد الرحمن العدني وحزبية من تعصب له وناوأ أهل الحق؟
ج: ليس عندنا شك في حزبية عبد الرحمن العدني ومن معه كما أنه ليس عندنا شك في حزبية أبي الحسن ومن معه -في الوقت الذي كان يأمر بعضهم بتوقيف الملازم مع المدح لأبي الحسن ولم يكن عندنا آنذاك أدنى شك في حزبيته وكذلك اليوم مثله- فأربعوا على أنفسكم.
س2) إذا قيل لك: هل قال بهذا أحد من أهل العلم أم أنها تصرفات بعض الطلاب؟
ج: نعم، قال بذلك الشيخ العلامة يحيى بن علي الحجوري وهو من العلماء العارفين بأسباب الجرح والتعديل وهو من أهل الجرح والتعديل بشهادة أهل العلم، وقد وافق الشيخَ على ذلك بعضُ المشايخ الذين رأوا الفتنة في دماج وغيرها وعايشوها.
س3) إذا قيل لك: لماذا قبلت تجريح الشيخ الحجوري؟.
ج: قبلته لأمور منها:
1- لأنه من علماء هذا الشأن.
2- لأن جرحه مفسر والقاعدة الشرعية تقول: الجرح المفسر مقدم على التعديل ولو كان الجارح واحدا والمعدلون جماعة، كما قبلنا من قبل جرح شيخنا مقبل رحمه الله في جماعة ولم نبحث عمن يوافقه، بل وجدنا من يخالفه في بعضهم فلم نلتفت إليه، وكذلك اليوم مثله ومن أمثال هؤلاء: الزنداني ومحمد رشيد رضا وعبدالرحمن عبدالخالق ومحمد سرور وأحمد المعلم ومحمد المهدي والمقطري وجماعة، فقبل أهل السنة جرحه مع توثيق غيره لأن جرحه مفسر أي مبين.
3- أن الشيخ يحيى أعرف بالرجل وبهذه الفتنة من غيره -وبلدي الرجل أعرف من غيره وقوله مقدم على قول غيره- لأن هذا الرجل كان هناك والفتنة خرجت من هناك، ومن عاين أمرًا وشاهده عرفه بما لم يعرفه غير المعاين ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (ليس الخبر كالمعاينة)، وكما قيل: صاحب الدار أدرى بما فيه، وأهل مكة أدرى بشعابها، فلسنا بحاجة إذًا إلى قول غيره ولا منتظرين أحدًا يعرِّفنا بها، فهي واضحة عندنا كوضوح الشمس في رابعة النهار.
4- أننا شاهدنا وعاينا هذا الحزب وآثاره رأي العين كما شاهدنا وعاينا سلفه من الأحزاب التي خرجت على الدعوة السلفية.
5- أننا منذ أن عرفنا الشيخ أنه لا يجرح أحدًا بدليله ويتركه إلا جُرح وتُرك من قبل الآخرين بهذا الدليل لا بالتقليد، فهذا يدل دلالة واضحة على أن الله آتاه بصيرة بالفتن ومن أمثلة ذلك: أبو الحسن المصري وصالح البكري وفالح الحربي وعبدالله مرعي ومن آخرهم عبد الرحمن مرعي وستنتهي بإذن الله.
ولذا نقول: لا يسعنا إلا أن نتمثل بما قال ابن حجر في ترجمة يحيى بن سعيد القطان: واحتج به الأئمة كلهم وقالوا من تركه يحيى تركناه. اهــ وكذا نقول: من تركه يحيى تركناه، فعبد الرحمن العدني متروك، تركه العلامة الحجوري.
س4) إذا قيل لك: لكن هناك من خالف في هذا؟.
ج: ﴿قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ فأقول لك: هل حصل الاتفاق من قبل في غيره من المجروحين كالذين مضى ذكرهم، وهكذا أيضا مثل: سيد قطب وحسن البنا ومحمد الغزالي والمغراوي وعرعور وأبي إسحاق الحويني وأبي الحسن المصري و...، فهذه حجة بالية قد استخدمها الحزبيون من قبل حتى بليت فما صارت تنفعهم ولن تنفع هؤلاء، فلو عملنا بها ما تركنا أحدا، ثم أقول لك يا أخي بارك الله فيك: هذه سنة الله في خلقه هذا يجرح وذا يعدل، لكن قد وضع لنا أهل العلم قواعد شفاءٍ لهذه الشبه: منها:
*-أن الجرح المفسر – إذا صدر مبينًا من عارف بأسبابه – مقدم على التعديل كما قدموا الجرح في شيخ الشافعي (إبراهيم بن أبي يحيى) مع أن الشافعي يوثقه ويدافع عنه في أمر الكذب وقال: (لأن يخر من بُعد أحب إليه من أن يكذب) لكن العلماء لم يلتفتوا لقوله لأن الجرح فيه مفسر.
*- أن بلدي الرجل أعرف منه بغيره لأنه عنده زيادة علم، كان حماد بن زيد يقول: (كان الرجل يقدم علينا من البلاد، ويذكر الرجل ونحدث عنه ونحسن عليه الثناء، فإذا سألنا أهل بلاده وجدناه على غير ما نقول، وكان يقول: أهل بلد الرجل أعرف بالرجل) قال الخطيب: لما كان عندهم زيادة علم بخبره، على ما علمه الغريب من ظاهر عدالته، جعل حماد الحكم لما علموه من جرحه، دون ما أخبر به الغريب من عدالته. اهــ (الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي)، وقال علي بن المديني: كل مدني لم يحدث عنه مالك ففي حديثه شيء. اهــ أي ما تركه إلا لما فيه وهو أعلم به، لأن الرجل قد يتزين لأهل الحديث من غير أهل بلاده فيغترون به، كما قال ابن عبد البر في عبد الكريم بن أبي المخارق: بصري، لا يختلفون في ضعفه، غَرَّ مالكًا منه سمته، ولم يكن من أهل بلده فيعرفه، كما غَرَّ الشافعيَّ من إبراهيم بن أبي يحيى حذقه ونباهته، وهو أيضًا مجمع على ضعفه. اهـ (ميزان الاعتدال)
فبان مما مضى: أن المخالفة في الجرح المعتبر لا تهدمه ولا تؤثر فيه لأن الجارح عنده زيادة علم.
س5) إذا قيل لك: لكننا لم نراهم يميلون إلى الحزبيين ولا ينتمون إلى أي حزب؟
ج: (لقد تحجرت واسعًا) هذا فهم قاصر لمعرفة الحزبية، فهل أنت تحصر الحزبية في هذه العلامة فإذا لم توجد فيهم فليسوا بحزبيين؟! فهذا يدل على عدم خبرة بعلامات الحزبية، وما هذا إلا من البحث لهم عن المخارج الساذجة للدفاع عنهم، فأقول بارك الله فيك: إن هؤلاء قد ظهرت منهم علامات كثيرة من علامات الحزبية ثم إنه أيضًا لا يشترط أن تجتمع كلها في حزبٍ ما، فإذا لم تجتمع فليس بحزب، ثم أقول أيضًا: إن أبا الحسن ومن معه وفالحًا الحربي ومن معه لم ينتموا إلى أي حزب من الأحزاب، وهكذا أتباع أبي الحسن حذروا منهم مع أنهم ليسوا كذلك، ومن مال منهم فمؤخرًا، وبعضهم لا يزال منفردا، ولا يزال المشايخ يوصون بالبعد عنهم فهل نقول: هؤلاء ليسوا بحزبيين لأنهم لم يميلوا أو ... ؟!
س6) إذا قيل لك: ما هذه العلامات التي ظهرت في هذا الحزب؟
ج: أسردها لك سردًا على سبيل الاختصار، وأحيلك للمزيد مع الدليل للجزء الذي كتبه أخونا معافى في ذلك بعنوان (البراهين الجلية) وإليك بعضها:
1- الولاء والبراء الضيق
2- الكذب
3- التلبيس والتدليس
4- التحريش
5- الوقيعة في أهل الحق
6- التعصب المقيت
7- الاعتماد على أخبار المجاهيل وإشاعتها
8- المفاصلة
9- التحذير من دماج وأهلها وشيخها، وما عرفنا ذلك إلا عن الحزبيين
10- الفتور في الدعوة والتعليم وطلب العلم
11- الانشغال بالدنيا والحرص على جمع المال ولو على حساب الدعوة، ولو على حساب ذهاب العلم
12- أذيتهم للسلفيين
13- السرية
14- ظهور الكتاب المجاهيل منهم
15- ضياع الأوقات والجهود والأموال فيما لا ينفع بل فيما يضر من نشر الفتن.
س7) إذا قيل لك: هذا خلاف بين عبدالرحمن والشيخ يحيى والحكم للمشايخ؟
ج: هذا كلام ينادي بجهل صاحبه وغفلته وتلبيسه، فأقول:
أولا: الجارح إنما هو الشيخ يحيى أما عبدالرحمن فليس بجارح أصلا، ولا هو أهل لذلك، وإنما نُوصح عبد الرحمن فأبى فُجرح، فإن تراجع وأصلح وتاب زال الجرح وانتهت القضية فكيف سميت هذا خلافًا، فيعني قولك هذا: إذا جرح عالم شخصًا، فدافع عن نفسه تسميه خلافًا؟!! هذا الذي لبس به أصحاب أبي الحسن على العوام: هذا خلاف بين العلماء، وهؤلاء يتدخلون.
ثانيا: هذا جهل مرير بعلم الحديث، وحُقَّ لنا أن نتمثَّل بقول الشيخ مقبل رحمه الله معلقا على مثل هذه الأقوال المزرية: (هذا كلام يكاد الشخص أن يضحك منه من ركبتيه)، حيث أن معنى هذا الكلام الساذج: أنه إذا جرح عالم أحدا وخالفه غيره نهدم قاعدة الجرح والتعديل ونقول هذه المخالفة تحكيم، والقول قول أهل التحكيم، الذي هو في الحقيقة تعديل!!! عجائب وغرائب.
ثالثا: نقول لك: أبشر لا يكذب عليك أحد، فعبد الرحمن لم يختلف مع الشيخ الحجوري في شيء لا في أرض ولا في مال ولا في ...، وإنما حصلت مخالفات من عبدالرحمن لا اختلافات، فالأمر لو زَكَّى الشيخ الحجوري عبدالرحمن بعد تراجعه، لرضي عبد الرحمن ولظهر لك أن عبد الرحمن لا يطالب بشيء غير السكوت على باطله.
رابعا: اعلم أن من المحدثات التي يراد بها إبطال قاعدة الجرح والتعديل: أن يتحول المعدلون إلى محكمين، ﴿ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين﴾ لو كان الأمر كما يقول هذا الملبس، لما بقي في الدنيا أحد مجروح، حيث أن هذا القائل له من يخالفه في بعض من يراه مجروحًا، فهل يرضى أن يُجعل من خالفه مُحكِما ويكون القول قوله –أي قول المحكم المزعوم-؟!!!.
س8) إذا قيل لك: كلام الشيخ يحيى في عبد الرحمن من كلام الأقران وكلام الأقران يطوى ولا يروى؟
ج: اعلم أن أكثر الجرح الحاصل الذي عمل به أهل العلم هو من هذا القبيل وهو: كون الجارح معاصرًا للمجروح، وكلام المعاصر أولى من كلام غيره، لأنه أعرف به ممن يأتي بعده لقرب العهد به، فهذه الشبهة الواهية يُراد بها فحسب: إبطال قاعدة الجرح بالكلية، وبهذه الشبهة أراد أهل الأهواء أن يدفعوا الجرح في: عبد الرحمن عبد الخالق والزنداني والقرضاوي ومحمد سرور وأضرابهم، نعم؛ يقول العلماء: إذا كان الحامل للجارح الحسد والعداوة والأغراض الشخصية فلا يقبل منه لأجل ذلك، لا لأجل أنه قرينه، فافهم هذا، وشيخنا يحيى حفظه الله بشهادة المشايخ (وعبدالرحمن العدني أيضًا) قالوا: (بأنه لا يتكلم بدافع الحسد، ولا بدافع الحقد، ولا بدافع الرغبة في إسقاط أحد من أهل السنة، وإنما بدافع الغيرة على السنة وأهلها)، فلذلك قُبل كلامه حفظه الله، فماذا بقي إذًا، وإليك كلامًا للإمام الوادعي نحو هذا فقال- رحمه الله -: القرين هو أعرف بك من غيره فينبغي أن يكون مقدمًا ... فإذا عُرف أن ببينهما تنافسًا وعداوة دنيوية فلا يقبل أما إذا كان طَعَن فيه، وقال: هو كذاب، وليس بينهما عداوة، فكلام القرين في قرينه أثبت وأعظم، لأنه أعرف بحاله. اهــ من شريط الأجوبة الندية على الأسئلة الهولندية.
س9) إذا قيل لك: لماذا لا نصبر ونتأنَّى حتى يتكلم بقية العلماء؟.
ج: أقول لك:
أولا: هذه يا أخي أقوال خَلَفيَّة وليست سَلَفيَّة، ولا وجود لها عند سلفنا المتقدمين ولا المتأخرين منهم، فنقول لهذا القائل: (أخطأ إستك الحفرة)، وعليه؛ فهذا القول محدث.
وثانيا: هذه الشبهة أيضا أتى بها أهل الأهواء -فقلدهم المفتونون من هذا الحزب وسابقيه من الأحزاب- من أجل الحفاظ على مكانة المجروح عند العوام، وخلاصة هذه الشبهة أنه: مهما حصل الطعن في أي مجروح فلن يترك لأنه يُتعذر جمع أقوال العلماء فيه وإلزامهم بجرحه، فهذا من المستحيلات، فعلى هذا فمعناه: أن العدالة تبقى ثابتة له مادام لم يتفق عليه العلماء، وهذا من العبث بشريعة الإسلام وقواعد الدين، وصاحب هذه الشبهة قد ترك أناسًا لم يحصل فيهم الاتفاق، فيلزمه أن ينتظر، لأنه قد خرج عن منهج السلف في هذا، فحصل له هذا الاضطراب، ويا سبحان الله! أَتعبَنا أصحاب أبي الحسن في هذا الأمر، وهم الآن أنفسهم يعيدون هذه الشبه التي قد أفسدوا بها علينا أناسًا كثيرين، ثم تابوا بعد اضطراب شديد، وبعد أن كانوا سببًا في انحراف الكثير بمثل هذه الأقاويل، ثم هاهم اليوم يضطربون نفس الاضطراب الأول، كفانا الله شرهم، وعصم من يغتر بهم من فتنتهم، فالذين اضطربوا في هذه الفتنة أكثرهم اضطربوا في فتنة أبي الحسن، فهذا يدل على عدم التوفيق وعدم الإدراك، وعدم الاستفادة مما مضى، فالحمد لله على العافية، وتذكَّر معي قليلا عندما تكلم الشيخ يحيى في أبي الحسن قالوا: بقي علماء اليمن، فلما تكلموا قالوا: بقي علماء المدينة، فلما تكلموا قالوا: بقي علماء مكة، فلما تكلم بعضهم، قالوا: بقي علماء الشام وبقي الشيخ عبد المحسن العباد وبقي الفوزان وبقي كذا وبقي كذا ... وهكذا، أتعبوا الناس لأنهم لم يكونوا باحثين عن الحق، وإنما كانوا أصحاب أهواء، فينبغي الحذر من هؤلاء والبعد عنهم، لأنهم يلبسون عليك أمر دينك.
وإليك كلامًا ماتعًا في هذا للإمام الوادعي –رحمه الله وغفر له ولوالديه- في جواب على سؤال،
السؤال: بعض الناس يرد قول الجارح من علماء السنة في بعض المبتدعة، بحجة أن هذا المجروح لم يتكلم فيه باقي علماء السنة قائلا: أين فلان وفلان لماذا لا يتكلمون؟! لو كان حقا لتابعوه، فهل يشترط في الكلام على الشخص وتجريحه، أن يكون أكثر علماء السنة أو كلهم قد جرحوه؟
فقال رحمه الله: (نعم، نعم، المسألة يا إخوان! ما قرأ القوم المصطلح، أو أنهم قرأوه ويلبسون! نقول لكم بأعظم من هذا: هب أن أحمد بن حنبل قال: ثقة، ويحيى بن معين قال: كذاب، فهل يضره قول يحيى، وقد خالفه أحمد بن حنبل، فماذا؟ دع عنك لوجرحه ابن معين وحده، فعلى هذا: إذا قام عالم من علماء العصر، وأبرز البراهين على ضلال محمد الغزالي، أو يوسف القرضاوي، أو منهج الإخوان المفلسين، نقبل ويجب قبوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ فالعبرة إذا جاءنا العدل نقبل، كما هو مفهوم الآية، فأين أنتم من هذه الآية؟ فالمهم القوم ملبسون مخالفون لعلمائنا المتقدمين والمتأخرين، والحمد لله الناس لا يثقون بك أيها المهوس، ولا بكلامك. اهـ
س10) إذا قيل لك: عندي إشكال في مسالة وهي: لماذا بعض المشايخ يقولون: عبد الرحمن على الجادة، فإذا سئلوا عن شراء أرض في الفيوش وطلب العلم هناك أجابوا بالمنع ونصحوا بترك ذلك؟!
ج: الله أعلم، ويمكن أن يوجه هذا السؤال لهم.
س11) إذا قيل لك: عندي إشكال آخر وهو: لماذا نسمع من بعض المشايخ يقولون: الشيخ الحجوري لم يتكلم عن هوى، والشيخ الحجوري لا نخطئه جملة ولا تفصيلا، والشيخ الحجوري ما تكلم بباطل، ثم يقولون: لا تنشر الملازم وعبدالرحمن على الجادة لماذا؟!
ج : الله أعلم، ويمكن أن يوجه هذا السؤال لهم.
س12) إذا قيل لك: عندي إشكال ثالث وهو: لماذا يعمل بعض المشايخ مقارنة مساواة بين كتابات مشايخ وطلاب علم معروفين وبين كتابات سفهاء مجاهيل؟!
ج : الله أعلم، ويمكن أن يوجه هذا السؤال لهم.
س13) إذا قيل لك: ماذا تعرف عن شبكة الوحيين؟
ج: إن كنت تعني التي تُسمَّى: (الوَحْلين)، فالجواب: أنها هي بنفسها ما تعرف من يكتب فيها، بل لا يُعرف من المدير ولا الأعضاء فكيف نعرفها نحن؟!!!
فتح العليم الجميل في تعريف المجاهيل
س14) إذا قيل لك: فمن هؤلاء المجاهيل الذين يكتبون في شبكة الوحيين؟
ج: لم نهتدِ إلى أعيانهم، ولكنه من خلال القرائن التي تحيط بهم، يمكن أن نجعل لهم هويةً تعرف بها كل مجهول من مجاهيل الوحلين، فإليك هذه الهوية وهذه الترجمة المختصرة :
فجعلت هذا البحث العاجل والمختصر على صيغة سؤال وجواب نصحًا للمسلمين وتحذيرًا لهم من عمل المدلِّسين المُغرِضين المجاهيل، وإيضاحًا للحق، وكشفًا للشبه التي يلبس بها المفتونون، قمت بذلك دفاعاً عن الحق وإبطالاً للباطل قال الله تعالى: ﴿وَقُلْ جَآءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن يبتلي أهل الحق بأهل الباطل ليحصل الجهاد في سبيل الله بالسلاح وبالقلم واللسان دفاعاً عن الحقّ وردّاً للباطل قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللهُ لاَنتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ وقال تعالى:﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِين﴾ وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أسأل الله أن ينفع بها الإسلام والمسلمين، ومن التقدمة إلى المقصود:
س1) إذا قيل لك: هل تشك في حزبية عبد الرحمن العدني وحزبية من تعصب له وناوأ أهل الحق؟
ج: ليس عندنا شك في حزبية عبد الرحمن العدني ومن معه كما أنه ليس عندنا شك في حزبية أبي الحسن ومن معه -في الوقت الذي كان يأمر بعضهم بتوقيف الملازم مع المدح لأبي الحسن ولم يكن عندنا آنذاك أدنى شك في حزبيته وكذلك اليوم مثله- فأربعوا على أنفسكم.
س2) إذا قيل لك: هل قال بهذا أحد من أهل العلم أم أنها تصرفات بعض الطلاب؟
ج: نعم، قال بذلك الشيخ العلامة يحيى بن علي الحجوري وهو من العلماء العارفين بأسباب الجرح والتعديل وهو من أهل الجرح والتعديل بشهادة أهل العلم، وقد وافق الشيخَ على ذلك بعضُ المشايخ الذين رأوا الفتنة في دماج وغيرها وعايشوها.
س3) إذا قيل لك: لماذا قبلت تجريح الشيخ الحجوري؟.
ج: قبلته لأمور منها:
1- لأنه من علماء هذا الشأن.
2- لأن جرحه مفسر والقاعدة الشرعية تقول: الجرح المفسر مقدم على التعديل ولو كان الجارح واحدا والمعدلون جماعة، كما قبلنا من قبل جرح شيخنا مقبل رحمه الله في جماعة ولم نبحث عمن يوافقه، بل وجدنا من يخالفه في بعضهم فلم نلتفت إليه، وكذلك اليوم مثله ومن أمثال هؤلاء: الزنداني ومحمد رشيد رضا وعبدالرحمن عبدالخالق ومحمد سرور وأحمد المعلم ومحمد المهدي والمقطري وجماعة، فقبل أهل السنة جرحه مع توثيق غيره لأن جرحه مفسر أي مبين.
3- أن الشيخ يحيى أعرف بالرجل وبهذه الفتنة من غيره -وبلدي الرجل أعرف من غيره وقوله مقدم على قول غيره- لأن هذا الرجل كان هناك والفتنة خرجت من هناك، ومن عاين أمرًا وشاهده عرفه بما لم يعرفه غير المعاين ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (ليس الخبر كالمعاينة)، وكما قيل: صاحب الدار أدرى بما فيه، وأهل مكة أدرى بشعابها، فلسنا بحاجة إذًا إلى قول غيره ولا منتظرين أحدًا يعرِّفنا بها، فهي واضحة عندنا كوضوح الشمس في رابعة النهار.
4- أننا شاهدنا وعاينا هذا الحزب وآثاره رأي العين كما شاهدنا وعاينا سلفه من الأحزاب التي خرجت على الدعوة السلفية.
5- أننا منذ أن عرفنا الشيخ أنه لا يجرح أحدًا بدليله ويتركه إلا جُرح وتُرك من قبل الآخرين بهذا الدليل لا بالتقليد، فهذا يدل دلالة واضحة على أن الله آتاه بصيرة بالفتن ومن أمثلة ذلك: أبو الحسن المصري وصالح البكري وفالح الحربي وعبدالله مرعي ومن آخرهم عبد الرحمن مرعي وستنتهي بإذن الله.
ولذا نقول: لا يسعنا إلا أن نتمثل بما قال ابن حجر في ترجمة يحيى بن سعيد القطان: واحتج به الأئمة كلهم وقالوا من تركه يحيى تركناه. اهــ وكذا نقول: من تركه يحيى تركناه، فعبد الرحمن العدني متروك، تركه العلامة الحجوري.
س4) إذا قيل لك: لكن هناك من خالف في هذا؟.
ج: ﴿قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ فأقول لك: هل حصل الاتفاق من قبل في غيره من المجروحين كالذين مضى ذكرهم، وهكذا أيضا مثل: سيد قطب وحسن البنا ومحمد الغزالي والمغراوي وعرعور وأبي إسحاق الحويني وأبي الحسن المصري و...، فهذه حجة بالية قد استخدمها الحزبيون من قبل حتى بليت فما صارت تنفعهم ولن تنفع هؤلاء، فلو عملنا بها ما تركنا أحدا، ثم أقول لك يا أخي بارك الله فيك: هذه سنة الله في خلقه هذا يجرح وذا يعدل، لكن قد وضع لنا أهل العلم قواعد شفاءٍ لهذه الشبه: منها:
*-أن الجرح المفسر – إذا صدر مبينًا من عارف بأسبابه – مقدم على التعديل كما قدموا الجرح في شيخ الشافعي (إبراهيم بن أبي يحيى) مع أن الشافعي يوثقه ويدافع عنه في أمر الكذب وقال: (لأن يخر من بُعد أحب إليه من أن يكذب) لكن العلماء لم يلتفتوا لقوله لأن الجرح فيه مفسر.
*- أن بلدي الرجل أعرف منه بغيره لأنه عنده زيادة علم، كان حماد بن زيد يقول: (كان الرجل يقدم علينا من البلاد، ويذكر الرجل ونحدث عنه ونحسن عليه الثناء، فإذا سألنا أهل بلاده وجدناه على غير ما نقول، وكان يقول: أهل بلد الرجل أعرف بالرجل) قال الخطيب: لما كان عندهم زيادة علم بخبره، على ما علمه الغريب من ظاهر عدالته، جعل حماد الحكم لما علموه من جرحه، دون ما أخبر به الغريب من عدالته. اهــ (الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي)، وقال علي بن المديني: كل مدني لم يحدث عنه مالك ففي حديثه شيء. اهــ أي ما تركه إلا لما فيه وهو أعلم به، لأن الرجل قد يتزين لأهل الحديث من غير أهل بلاده فيغترون به، كما قال ابن عبد البر في عبد الكريم بن أبي المخارق: بصري، لا يختلفون في ضعفه، غَرَّ مالكًا منه سمته، ولم يكن من أهل بلده فيعرفه، كما غَرَّ الشافعيَّ من إبراهيم بن أبي يحيى حذقه ونباهته، وهو أيضًا مجمع على ضعفه. اهـ (ميزان الاعتدال)
فبان مما مضى: أن المخالفة في الجرح المعتبر لا تهدمه ولا تؤثر فيه لأن الجارح عنده زيادة علم.
س5) إذا قيل لك: لكننا لم نراهم يميلون إلى الحزبيين ولا ينتمون إلى أي حزب؟
ج: (لقد تحجرت واسعًا) هذا فهم قاصر لمعرفة الحزبية، فهل أنت تحصر الحزبية في هذه العلامة فإذا لم توجد فيهم فليسوا بحزبيين؟! فهذا يدل على عدم خبرة بعلامات الحزبية، وما هذا إلا من البحث لهم عن المخارج الساذجة للدفاع عنهم، فأقول بارك الله فيك: إن هؤلاء قد ظهرت منهم علامات كثيرة من علامات الحزبية ثم إنه أيضًا لا يشترط أن تجتمع كلها في حزبٍ ما، فإذا لم تجتمع فليس بحزب، ثم أقول أيضًا: إن أبا الحسن ومن معه وفالحًا الحربي ومن معه لم ينتموا إلى أي حزب من الأحزاب، وهكذا أتباع أبي الحسن حذروا منهم مع أنهم ليسوا كذلك، ومن مال منهم فمؤخرًا، وبعضهم لا يزال منفردا، ولا يزال المشايخ يوصون بالبعد عنهم فهل نقول: هؤلاء ليسوا بحزبيين لأنهم لم يميلوا أو ... ؟!
س6) إذا قيل لك: ما هذه العلامات التي ظهرت في هذا الحزب؟
ج: أسردها لك سردًا على سبيل الاختصار، وأحيلك للمزيد مع الدليل للجزء الذي كتبه أخونا معافى في ذلك بعنوان (البراهين الجلية) وإليك بعضها:
1- الولاء والبراء الضيق
2- الكذب
3- التلبيس والتدليس
4- التحريش
5- الوقيعة في أهل الحق
6- التعصب المقيت
7- الاعتماد على أخبار المجاهيل وإشاعتها
8- المفاصلة
9- التحذير من دماج وأهلها وشيخها، وما عرفنا ذلك إلا عن الحزبيين
10- الفتور في الدعوة والتعليم وطلب العلم
11- الانشغال بالدنيا والحرص على جمع المال ولو على حساب الدعوة، ولو على حساب ذهاب العلم
12- أذيتهم للسلفيين
13- السرية
14- ظهور الكتاب المجاهيل منهم
15- ضياع الأوقات والجهود والأموال فيما لا ينفع بل فيما يضر من نشر الفتن.
س7) إذا قيل لك: هذا خلاف بين عبدالرحمن والشيخ يحيى والحكم للمشايخ؟
ج: هذا كلام ينادي بجهل صاحبه وغفلته وتلبيسه، فأقول:
أولا: الجارح إنما هو الشيخ يحيى أما عبدالرحمن فليس بجارح أصلا، ولا هو أهل لذلك، وإنما نُوصح عبد الرحمن فأبى فُجرح، فإن تراجع وأصلح وتاب زال الجرح وانتهت القضية فكيف سميت هذا خلافًا، فيعني قولك هذا: إذا جرح عالم شخصًا، فدافع عن نفسه تسميه خلافًا؟!! هذا الذي لبس به أصحاب أبي الحسن على العوام: هذا خلاف بين العلماء، وهؤلاء يتدخلون.
ثانيا: هذا جهل مرير بعلم الحديث، وحُقَّ لنا أن نتمثَّل بقول الشيخ مقبل رحمه الله معلقا على مثل هذه الأقوال المزرية: (هذا كلام يكاد الشخص أن يضحك منه من ركبتيه)، حيث أن معنى هذا الكلام الساذج: أنه إذا جرح عالم أحدا وخالفه غيره نهدم قاعدة الجرح والتعديل ونقول هذه المخالفة تحكيم، والقول قول أهل التحكيم، الذي هو في الحقيقة تعديل!!! عجائب وغرائب.
ثالثا: نقول لك: أبشر لا يكذب عليك أحد، فعبد الرحمن لم يختلف مع الشيخ الحجوري في شيء لا في أرض ولا في مال ولا في ...، وإنما حصلت مخالفات من عبدالرحمن لا اختلافات، فالأمر لو زَكَّى الشيخ الحجوري عبدالرحمن بعد تراجعه، لرضي عبد الرحمن ولظهر لك أن عبد الرحمن لا يطالب بشيء غير السكوت على باطله.
رابعا: اعلم أن من المحدثات التي يراد بها إبطال قاعدة الجرح والتعديل: أن يتحول المعدلون إلى محكمين، ﴿ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين﴾ لو كان الأمر كما يقول هذا الملبس، لما بقي في الدنيا أحد مجروح، حيث أن هذا القائل له من يخالفه في بعض من يراه مجروحًا، فهل يرضى أن يُجعل من خالفه مُحكِما ويكون القول قوله –أي قول المحكم المزعوم-؟!!!.
س8) إذا قيل لك: كلام الشيخ يحيى في عبد الرحمن من كلام الأقران وكلام الأقران يطوى ولا يروى؟
ج: اعلم أن أكثر الجرح الحاصل الذي عمل به أهل العلم هو من هذا القبيل وهو: كون الجارح معاصرًا للمجروح، وكلام المعاصر أولى من كلام غيره، لأنه أعرف به ممن يأتي بعده لقرب العهد به، فهذه الشبهة الواهية يُراد بها فحسب: إبطال قاعدة الجرح بالكلية، وبهذه الشبهة أراد أهل الأهواء أن يدفعوا الجرح في: عبد الرحمن عبد الخالق والزنداني والقرضاوي ومحمد سرور وأضرابهم، نعم؛ يقول العلماء: إذا كان الحامل للجارح الحسد والعداوة والأغراض الشخصية فلا يقبل منه لأجل ذلك، لا لأجل أنه قرينه، فافهم هذا، وشيخنا يحيى حفظه الله بشهادة المشايخ (وعبدالرحمن العدني أيضًا) قالوا: (بأنه لا يتكلم بدافع الحسد، ولا بدافع الحقد، ولا بدافع الرغبة في إسقاط أحد من أهل السنة، وإنما بدافع الغيرة على السنة وأهلها)، فلذلك قُبل كلامه حفظه الله، فماذا بقي إذًا، وإليك كلامًا للإمام الوادعي نحو هذا فقال- رحمه الله -: القرين هو أعرف بك من غيره فينبغي أن يكون مقدمًا ... فإذا عُرف أن ببينهما تنافسًا وعداوة دنيوية فلا يقبل أما إذا كان طَعَن فيه، وقال: هو كذاب، وليس بينهما عداوة، فكلام القرين في قرينه أثبت وأعظم، لأنه أعرف بحاله. اهــ من شريط الأجوبة الندية على الأسئلة الهولندية.
س9) إذا قيل لك: لماذا لا نصبر ونتأنَّى حتى يتكلم بقية العلماء؟.
ج: أقول لك:
أولا: هذه يا أخي أقوال خَلَفيَّة وليست سَلَفيَّة، ولا وجود لها عند سلفنا المتقدمين ولا المتأخرين منهم، فنقول لهذا القائل: (أخطأ إستك الحفرة)، وعليه؛ فهذا القول محدث.
وثانيا: هذه الشبهة أيضا أتى بها أهل الأهواء -فقلدهم المفتونون من هذا الحزب وسابقيه من الأحزاب- من أجل الحفاظ على مكانة المجروح عند العوام، وخلاصة هذه الشبهة أنه: مهما حصل الطعن في أي مجروح فلن يترك لأنه يُتعذر جمع أقوال العلماء فيه وإلزامهم بجرحه، فهذا من المستحيلات، فعلى هذا فمعناه: أن العدالة تبقى ثابتة له مادام لم يتفق عليه العلماء، وهذا من العبث بشريعة الإسلام وقواعد الدين، وصاحب هذه الشبهة قد ترك أناسًا لم يحصل فيهم الاتفاق، فيلزمه أن ينتظر، لأنه قد خرج عن منهج السلف في هذا، فحصل له هذا الاضطراب، ويا سبحان الله! أَتعبَنا أصحاب أبي الحسن في هذا الأمر، وهم الآن أنفسهم يعيدون هذه الشبه التي قد أفسدوا بها علينا أناسًا كثيرين، ثم تابوا بعد اضطراب شديد، وبعد أن كانوا سببًا في انحراف الكثير بمثل هذه الأقاويل، ثم هاهم اليوم يضطربون نفس الاضطراب الأول، كفانا الله شرهم، وعصم من يغتر بهم من فتنتهم، فالذين اضطربوا في هذه الفتنة أكثرهم اضطربوا في فتنة أبي الحسن، فهذا يدل على عدم التوفيق وعدم الإدراك، وعدم الاستفادة مما مضى، فالحمد لله على العافية، وتذكَّر معي قليلا عندما تكلم الشيخ يحيى في أبي الحسن قالوا: بقي علماء اليمن، فلما تكلموا قالوا: بقي علماء المدينة، فلما تكلموا قالوا: بقي علماء مكة، فلما تكلم بعضهم، قالوا: بقي علماء الشام وبقي الشيخ عبد المحسن العباد وبقي الفوزان وبقي كذا وبقي كذا ... وهكذا، أتعبوا الناس لأنهم لم يكونوا باحثين عن الحق، وإنما كانوا أصحاب أهواء، فينبغي الحذر من هؤلاء والبعد عنهم، لأنهم يلبسون عليك أمر دينك.
وإليك كلامًا ماتعًا في هذا للإمام الوادعي –رحمه الله وغفر له ولوالديه- في جواب على سؤال،
السؤال: بعض الناس يرد قول الجارح من علماء السنة في بعض المبتدعة، بحجة أن هذا المجروح لم يتكلم فيه باقي علماء السنة قائلا: أين فلان وفلان لماذا لا يتكلمون؟! لو كان حقا لتابعوه، فهل يشترط في الكلام على الشخص وتجريحه، أن يكون أكثر علماء السنة أو كلهم قد جرحوه؟
فقال رحمه الله: (نعم، نعم، المسألة يا إخوان! ما قرأ القوم المصطلح، أو أنهم قرأوه ويلبسون! نقول لكم بأعظم من هذا: هب أن أحمد بن حنبل قال: ثقة، ويحيى بن معين قال: كذاب، فهل يضره قول يحيى، وقد خالفه أحمد بن حنبل، فماذا؟ دع عنك لوجرحه ابن معين وحده، فعلى هذا: إذا قام عالم من علماء العصر، وأبرز البراهين على ضلال محمد الغزالي، أو يوسف القرضاوي، أو منهج الإخوان المفلسين، نقبل ويجب قبوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ فالعبرة إذا جاءنا العدل نقبل، كما هو مفهوم الآية، فأين أنتم من هذه الآية؟ فالمهم القوم ملبسون مخالفون لعلمائنا المتقدمين والمتأخرين، والحمد لله الناس لا يثقون بك أيها المهوس، ولا بكلامك. اهـ
س10) إذا قيل لك: عندي إشكال في مسالة وهي: لماذا بعض المشايخ يقولون: عبد الرحمن على الجادة، فإذا سئلوا عن شراء أرض في الفيوش وطلب العلم هناك أجابوا بالمنع ونصحوا بترك ذلك؟!
ج: الله أعلم، ويمكن أن يوجه هذا السؤال لهم.
س11) إذا قيل لك: عندي إشكال آخر وهو: لماذا نسمع من بعض المشايخ يقولون: الشيخ الحجوري لم يتكلم عن هوى، والشيخ الحجوري لا نخطئه جملة ولا تفصيلا، والشيخ الحجوري ما تكلم بباطل، ثم يقولون: لا تنشر الملازم وعبدالرحمن على الجادة لماذا؟!
ج : الله أعلم، ويمكن أن يوجه هذا السؤال لهم.
س12) إذا قيل لك: عندي إشكال ثالث وهو: لماذا يعمل بعض المشايخ مقارنة مساواة بين كتابات مشايخ وطلاب علم معروفين وبين كتابات سفهاء مجاهيل؟!
ج : الله أعلم، ويمكن أن يوجه هذا السؤال لهم.
س13) إذا قيل لك: ماذا تعرف عن شبكة الوحيين؟
ج: إن كنت تعني التي تُسمَّى: (الوَحْلين)، فالجواب: أنها هي بنفسها ما تعرف من يكتب فيها، بل لا يُعرف من المدير ولا الأعضاء فكيف نعرفها نحن؟!!!
فتح العليم الجميل في تعريف المجاهيل
س14) إذا قيل لك: فمن هؤلاء المجاهيل الذين يكتبون في شبكة الوحيين؟
ج: لم نهتدِ إلى أعيانهم، ولكنه من خلال القرائن التي تحيط بهم، يمكن أن نجعل لهم هويةً تعرف بها كل مجهول من مجاهيل الوحلين، فإليك هذه الهوية وهذه الترجمة المختصرة :
* الاسم: سفيه بن مجهول بن مجهول المجهولي،
يصدق عليه قول القائل :
وشاعر يدعى بنصف اسمه=== مستأهل للصفع في أخدعيه
أحرقه الله بنصف اسمــه === وصير الباقي صراخاً عليه
أحرقه الله بنصف اسمــه === وصير الباقي صراخاً عليه
* الكنية: أبو الكذب.
* اللقب: الدجال.
* بلاده: الانترنت.
* المدينة: الوحْلين.
* الحارة: الوحَل.
* الديانة: على غلبة الظن أنه مسلم وقد يكون كافرا، وإذا ثبت إسلامه فهو دائر بين البدعة والهوى والفسوق والعصيان، لأنه لا يظهر إلا في الفتن والأهواء.
* شعاره: أركان الحزبية: الكذب التدليس الخديعة البتر.
* لونه: أغبر، قال عبدالله بن المبارك: صاحب البدعة على وجهه غبار ولو ادَّهن في اليوم ثلاثين مرة.
* من أي طبقات المجتمع هو: من طبقة سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان.
* حالته الاجتماعية: يُرثى لها، فقير من الخير، أعمى ليس له قائد، أرهقه الغم والهم على شيخه، وكدرت حاله الردود العلمية.
* جنسيته: مجهولة، وعلى غلبة الظن أنه من شياطين الإنس، وقد يكون من شياطين الجن، وعلى كل حال هم إخوان قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾.
* الجنس: على غلبة الظن أنه (ذكر)، وقد يكون (أنثى).
* المهنة: خادم (الوَحلين الوَضِيعَين) التي تُسمى ظلمًا وعدوانًا: (شبكة الوحيين).
* الطبقة: من السافلة، وكما قال الشيخ البرعي عن مثل هؤلاء: قد يكونوا دسائس، وقد يكونوا بقايا من الإخوان المسلمين.
* تاريخ الإصدار: السبت 7/جمادى الأولى/1430هـ .
* وفاته: مات بموت شيخه (ابن مرعي) فلم يبقَ له أثر سوى ما كتب، والمراد بالموت: (الموت المعنوي) وهو أشد على صاحبه من (الحقيقي) وكما قيل:
ليس من مات فاستراح بميت === إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيبا === كاسفاً باله قليل الرجاء
وللحديث بقية نكمله في حلقة أخرى إن شاء اللهإنما الميت من يعيش كئيبا === كاسفاً باله قليل الرجاء
كتبه:
أبو إسحاق أيوب بن محفوظ الدقيل الشبامي الحضرمي
ليلة الأحد الثامن من جمادى الأولى عام 1430هـ
(بمسجد السنة بالحاوي بتريم)
نشر وتوزيع {مكتبة محمد بن عبد الوهاب السلفية } بتريم
تعليق