سلسلة الطليعة في إجهاز المتردية والنطيحة [6]
مِنَّةُ الكريمِ الحميد
بنقض تلاعباتِ
محمد بن عبدالوهاب الوصابي داعية التقليد والتعصب للحزب الجديد
(الحلقة الأولى)
تأليف: أبي حمزة
محمد بن حسين بن عمر العمودي الحضرمي نسبًا العدني منزلاً
قرأها وأذن بنشرها فضيلة شيخنا الكريم المكرّم والدنا الناصح الأمين
العلامة المحدث الفقيه أبي عبدالرحمن يحيى بن علي الحجوري
أعزه الله تعالى وأعز به دينه وشكر له
دار الحديث العامرة بدماج
حرسها الله
**حمّل الرسالة من**
**الخزانة العلمية**
**لشبكة العلوم السلفية**
مِنَّةُ الكريمِ الحميد
بنقض تلاعباتِ
محمد بن عبدالوهاب الوصابي داعية التقليد والتعصب للحزب الجديد
(الحلقة الأولى)
تأليف: أبي حمزة
محمد بن حسين بن عمر العمودي الحضرمي نسبًا العدني منزلاً
قرأها وأذن بنشرها فضيلة شيخنا الكريم المكرّم والدنا الناصح الأمين
العلامة المحدث الفقيه أبي عبدالرحمن يحيى بن علي الحجوري
أعزه الله تعالى وأعز به دينه وشكر له
دار الحديث العامرة بدماج
حرسها الله
**حمّل الرسالة من**
**الخزانة العلمية**
**لشبكة العلوم السلفية**
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين ، وبعد.
فهذا تفريغٌ لنصيحةِ شيخنا الإمام العلامة الزاهد أبي إبراهيم محمد بن عبد الوهاب الوصابي (حفظه الله ومتَّعَ به) لأبنائه السلفيين من أهل عدن وألقى شيخنا هذه النصيحة الغالية في مسجد السنة بالحديدة بعد صلاة الجمعة لإخوانه الزائرين من مدينة عدن في يوم 7 / ربيع الآخر/ من عام 1430للهجرة النبوية والتي أسأل الله أن ينفع بها الإسلام والمسلمين وإلى النصيحة :الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين ، وبعد.
سؤال: عندنا إمامُ مسجدٍ يحاول يصد الشباب عن الأخذ بأقوال العلماء فما نصيحتكم له ؟
الجواب: نصيحتي له أن يكف عن هذا وأن يكون مع أهل العلم كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (يدُ الله مع الجماعة) وكما قال عليه الصلاة والسلام: ( البركة مع أكابركم ) فهو يعمل بهذين الحديثين الشريفين ( يدُ الله مع الجماعة ) ما دام أن العلماء والمشايخ جزاهم الله خيراً مع الحق ومع الدليل ومع العلم ومع الإنصاف وهذا هو الواقع بالنسبة لهذه الفتنة فالعلماء جزاهم الله خيراً الذين وقَّعوا على بيان معبر ثمَّ على بيان الحديدة الصواب معهم وقد وفقهم الله وجمع كلمتهم وسدد رأيهم وكما تعلمون أيضاً من نصيحة الشيخ ربيع وفقه الله ، هذه النصيحة الذهبية تُضم إلى البيانين ، يعني معناه أن الشيخ ربيعاً أيضاً معهم والشيخ عبيد الجابري أيضاً معهم فاجتمعت كلمة المشايخ في هذه الفتنة من فضل الله عزَّوجلَّ أنَّ عبد الرحمن العدني وفقه الله من أهل السنة والجماعة وأن الحجوري أخطأ في تحزيبهِ للشيخ عبد الرحمن العدني هذا هو الحق وهذا هو الصواب وكما تعلمون أيضاً باجتماع العلماء في فتنة أبي الحسن وفق الله العلماء في اليمن وفي غير اليمن فاجتمعت كلمتهم وإلى الآن – من فضل الله- على تخطئة أبي الحسن وأنه مخطئ في اتهامه للمشايخ بأنهم حدادية وفي تنفيره عنهم أنه أخطأ في ذلك والله يأمر بالعدل والإحسان فاجتمعت كلمة علماء السنة في فتنة أبي الحسن على هذا فكان الصواب من العلماء ومع المشايخ و(يد الله مع الجماعة) و(البركة مع أكابركم (خرجوا من فضل الله بتلك البيانات المسددة الموفقة وإلى يومنا هذا وهي في محلها وظهرَ تردي أبي الحسن وظهر عدوانه على إخوانه ، نفس الكلام في هذه الفتنة اجتمعت كلمة العلماء في الحاضر كما اجتمعت في الماضي في تخطئة الحجوري وفي أن العدني من أهل السنة والجماعة وما أدعاه الحجوري في عبد الرحمن العدني بأنه حزبي غير صحيح لكونه لم يقم على ذلك حجة وكما تعلمون أيضأً من التأريخ فيما يتعلق بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأنَّ كلمة أهل السنة اجتمعت أنَّ علياً رضي الله عنه هو المحق وأن معاوية رضي الله عنه كانَ مخطئاً أجتهد فأخطأ والصواب مع علي وهم صحابة رضي الله عنهم جميعاً فينبغي لأهل السنة والجماعة أن يفهموا هذا أنَّ الإنسان كونه صحابي أو كونه سني لا يمنع أن يقع في الخطأ فالعلماء جزاهم الله خيراً في الماضي وفي الحاضر سواء كان فيما جرى بين الصحابة أو ما جرى بين الإمامين الإمام البخاري والإمام محمد بن يحيى الذهلي إلى غير ذلك مما يحصل بين أهل العقيدة الواحدة والمنهج الواحد من بعض الأخطاء من بعض الناس فهم جزاهم الله خيراً ينظرون في المسائل بنظر العلم وليس بنظر العاطفة ، بنظر الدين بنظر الدليل ، فإنَّ الله يقول : (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ) نحن مأمورون بالعدل بالقول والحكم و بالإنصاف وكما أنَّ أهل السنة جزاهم الله خيراً أعني طلاب العلم وعوام أهل السنة كانوا مع العلماء في فتنة أبي الحسن والحمد لله ، الله عزَّ وجلَّ وفق المشايخ ووفق أيضاً طلبة العلم حين مسكوا بغرز العلماء، والعلماء قالوا الحق الذي يقربهم إلى الله فكذلك هذه المسألة نفسها ، المسألة فيها مصيب وفيها مخطئ والذي أجتهد فأخطأ فله أجر ومن أجتهد فأصاب فله أجران فالعلماء جزاهم الله خيراً لا يزالون على ما قالوه في الماضي في هذه الفتنة أن الشيخ عبد الرحمن من أهل السنة والجماعة فما ينبغي لهذا الإمام أن يُنَفِّرَّ عن أهل العلم بل عليه أن يكون مع العلماء كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام : ( البركة مع أكابركم ) وكما قال : (يد الله مع الجماعة ) وكما قال سبحانه وتعالى :( إنَّ الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيئ إنما أمرهم إلى الله ) والعلماء جزاهم الله خيراً يدعون إلى جمع الكلمة عملاً بهذه الآية وما في معناها من الأدلة الأخرى : ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا ) العلماء لا يدعون إلى الفرقة وإنما يدعون إلى جمع الكلمة فهي دعوة مصيبة على الكتاب وعلى السنة ثم أيضاً الظلم ظلمات يوم القيامة والله لا يحب الظالمين ، قال الله : ( والظالمين أعد لهم عذاباً أليماً ) وقال سبحانه وتعالى :(إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاطَ بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهلِ يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً ) إذا كان الشيخ عبد الرحمن العدني وفقه الله يقول أنا مع العلماء وأنا يدي في أيديهم وكلامي من كلامهم والحق على عيني ورأسي فكوننا نقول له: [ لا أنت حزبي ] هذا من الظلم هذا حرام ، الإنسان يراقب الله ويتقي الله وباقي يوم يقف بين يدي الله. أبو الحسن كان يعاند كان ما يقبل الحق وكان من نصحه ردَّ عليه وتسفه عليه وسبه وشتمه واحتقره واستهزئ بهِ وعرفتم من كلماته أقزام وغواطي صلصة إلى غير ذلك في أهل السنة يقول هذا عبد الرحمن ما حصل منه شيئ من هذا وإنما كلما جلسَ مع المشايخ كلامه طيب وجزاه الله خيراً وأيضاً حتى لو أنفردَ وذهبَ إلى عدن ما نسمع عنه إلاَّ الخير يُعلِم خيراً ويُدرّس ويحاضر فالذي لا يعينه على الخيريُخشى عليه أن يعاقبه الله من جنس عمله فلا يجد من يعينه على الخير فكونه يقول هذا نقول: جزاك الله خيراً هذا هو الظن فيك أنك تعلمتَ الكتاب والسنة ولا يمكن أن تُغير وأن الشيخ مقبلاً رحمة الله عليه قد تفرَّسَ فيك هذا الخير وفعلاً ظهرَ من فضل الله فعلى الشيخ يحيى الحجوري وفقنا الله وإياه أن يتقي الله في أخيه الشيخ عبد الرحمن العدني وفي غيره من المشايخ وطلبة العلم والدعاة إلى الله. و( الراحمون يرحمهم الرحمن ) و( من لا يَرحم لا يُرحم ) هكذا يقول نبينا محمدٌ صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله دعوة المشايخ جزاهم الله خيراً سواء كان من الشيخ ربيع أو الشيخ عبيد أو الشيخ النجمي رحمة الله عليه أو باقي المشايخ في أرض الحجاز ونجد أو مشايخ السنة في اليمن دعوتهم دعوة رحمة للكبير والصغير دعوة رحمة ماعندهم العنف ماعندهم الظلم إن شاء الله ما عندهم إلاّ التراحم والتعاطف و(الراحمون يرحمهم الرحمن) و(من لا يرًحم لا يُرحم) (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) ونسأل الله التوفيق و إن شاء الله أن الفتنة ظهرت كثيراً وانجلت كثيراً وهذا بفضل الله ثمَّ بفضل جهود العلماء وصبر العلماء وهدوئهم ورحمتهم ورفقهم والله الموفق لما يحبه ويرضاه
سؤال :يطلب الأُخوة الزائرون منكم نصيحة لإخوانهم ولهم في عدن مانصيحتكم لهم؟
الجواب: نصيحتي لإخواني في الله أهل السنة والجماعة في عدن وفي غيرها تقوى الله عزَّ وجلَّ والعمل بكتاب الله وبسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام والاهتمام بطلب العلم والاستفادة من الشيخ عبد الرحمن العدني وفقه الله فهو في منطقتكم وهو قريبٌ عنكم وله دروسٌ مفيدة ونافعة جزاه الله خيراً احرصوا على الاستفادة على يده وعلى يد إخوانه من المدرسين عندكم من أهل السنة والجماعة الذين يحرصون على جمع كلمة أهل السنة والجماعة ويحرصون على الالتفاف حول العلماء هذه من النعم ، من نعم الله عليكم يا أهل عدن أن منَّ الله عليكم بمثل هذا الشيخ جزاه الله خيراً الذي يعتبر من كبار طلاب الشيخ مقبل المبرزين في علوم ٍشتى بشهادة الشيخ الوالد الشيخ مقبل رحمه الله وقد منَّ الله به عليكم فأتى إليكم وكما يقال :[ربَّ ضارةٍ نافعة] فهذه الفتنة جعل الله فيها فوائد عدة ومن تلك الفوائد انتقال الشيخ عبد الرحمن بن مرعي وفقه الله إلى بلده وإلى إخوانه في عدن ومن ثمار هذه الفتنة ولها ثمارٌكثيرة هذه الفتنة فقط هذه منها ، ومن ثمارها فتح مركز الفيوش وفتح دروس أخرى في أماكن أخرى من عدن في مساجد عدة. وعليكم يا أهل عدن عليكم بالصبر وعليكم بالعناية بطلب العلم وإذا وجدتم جفوة ممن يتعصب للحجوري فعليكم بالصبر ولا تقابلوا تلك الجفوة بمثلها وإنما قابلوها بالصبروالتحلي بمكارم الأخلاق وإن شاء الله فترة وتزول ومن صبرَ ظفرَسيقول الحمد لله أن الله وفقنا للصبر وما وجدنامن ثمار الصبر إلاَّ النتائج الطيبة والثمار النافعة والمفيدة فلا تقابلوهم بسبٍ ولا بشتم ٍ ولا بأذية ولا باحتقار ولا بسخرية ولا باستهزاء ولا بشيئ ٍ وأمضوا في دعوتكم مع مشائخكم في عدن ومع باقي المشايخ في المناطق الأخرى فامضوا في دعوتكم وفي دروسكم وفي حفظكم ، ما عندكم وقت للقيل والقال من وفقه الله لطلب العلم ماعنده وقت للقيل والقال والتوقف في الشوارع مع فلان ومع فلان تُضيع وقتك أو حتى في البيوت وفي المساجد أنتم مشغولون اشتغلوا بما ينفعكم ومن سبك قد سُبَّ من هو خيرٌ منك لاتضجر جزاك الله خيراً من سبك من شتمك من احتقرك من أستهزئ بك من قال بأنك مبتدع بأنك حزبي قد حصل أكثر من هذا لمن هو أفضل منك فما في إلاَّ الصبر و الاحتساب احتسبوا أجركم عند الله سبحانه وتعالى والله سبحانه وتعالى مع الصابرين ( إنَّ الله مع الصابرين) (ولمن صبرَوغفرَ إنَّ ذلك لمن عزم الأمور ) ألا تحب أن يكون الله معك مؤيدك وموفقك ومسددك فإن كنت تحب هذا فاصبر سبك شتمك اصبر ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) ماهو الصبر؟ إلاَّ في مثل هذه المواقف أن تكون أنت على الكتاب وعلى السنة وأخوك يقول عنك بأنك مبتدع أو حزبي أو منحرف أو حزبية مغلفة أو الحزب الجديد وأنت صابر ربي أعلم بخلقه وبعباده وأنك لا تريد إلاَّ الحق و إلاَّ الخير ولا تريد إلاَّ أن تنصر سنةالرسول عليه الصلاة والسلام ودعوة الرسول عليه الصلاة والسلام . إذا كان يعني هذا حصل مجرد كلام فقد حصل َكما عرفتم فيما مضى قتال بالسيوف وجرت دماء والصابر صابر أما هذا مجرد كلام ما يؤثر احمد ربك أنك مع المشايخ فما الذي يضرك ؟ لا شيء أنت مع المشايخ مع العلماء علماء أهل السنة والجماعة في اليمن وفي غير اليمن فجزاكم الله خيراً لا تنشغلوا بالقيل والقال إنما أقبلوا على الخير وأقبلوا على العلم النافع وبلغوا الشيخ عبد الرحمن وفقه الله سلامي وباقي المشايخ الذين عندكم والذين يقومون بالدعوة وبالتعليم وبالتدريس. وكم كنا نسمع من شيخنا ووالدنا الشيخ مقبل رحمة الله عليه وهو يحث الطلاب على مضاعفة الجهود في الدعوة إلى الله وفي التعليم والدروس ويقول إنَّ كل ما خالف الحق سيذوب وفعلاً كما قال ذاب فأنتم هكذا خذوا بنصائح الشيخ مقبل حياً وميتاً انطلقوا في دعوتكم وفي دروسكم وكونوا مع شيخكم الشيخ عبد الرحمن وفقه الله وأعينوه على الخير أعينوه على الصبر وعلى نشر العلم وهكذا باقي المشايخ إذا كان لهم دروس في مناطق أخرى في عدن تعاونوا على البر والتقوى وهذه الفتنة كفوا عنها تماماً وانظروا لمَّا سكتَّم نفع الله بسكوتكم ولمَّا سكت الشيخ عبد الرحمن وسكت المشايخ بعد أن قالوا كلاماً طيباً نفع الله بهذا السكوت أقبل الناس على هذا الخير وأقبل الناس على هذا العلم فالحمد لله نبشركم الدعوة قائمة والدروس قائمة والمحاضرات والأمور على ما يرام ومن تعصب يحصل منه تكاسل عن الدروس وعن حضور الدروس وحضور المحاضرات رأيناهم وشاهدناهم يضيعون أوقاتهم في الشوارع أمَّا الذين هم مع العلماء ما شاء الله عليهم جزاهم الله خيراً فعلاً كلام الرسول حق ( البركة مع أكابركم) نالتهم البركة هؤلاء الذين مع العلماء و ( يد الله مع الجماعة ) فعلاً جاءهم الخير وجاءهم التوفيق وجاءهم النصر والتأييد والسداد لأن الله معهم كانوا مع علماءهم ومع كبارهم فظهرَ الخير على أيديهم فالآن نبشركم أن الأمور من أحسن ما يكون طيبة ونافعة جداً سواء كان هنا في الحديد%@Ͽ8@88 كان غيرها عندكم في عدن أو في صنعاء أو في أماكن كثيرة ، من كان مع العلماء مع المشايخ ما شاء الله جعل الله في قلوبهم الخير والنور وصاروا مهتمين بالعلم وبالدعوة وبالدروس وكفوا عن القيل والقال وكما تعلمون أنَّ الخوضَ في أعراض الآخرين ليس بالأمر الهين هذا إثمهُ عند الله عظيم فتجدون من يخوض من المتعصبين ويسب ويشتم أمَّا من كان مع المشايخ ما شاء الله عندهم أدب ، عندهم أدب وعندهم احترام ويختارون الكلام الطيب والكلام السليم سواء كان المشايخ أو كان َغيرهم ممن نفع الله بدروسهم وبدعوتهم فسكتوا فنفع الله بهذا السكوت ونفع الله بهذا الاجتهاد في طلب العلم والاهتمام بالدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ وعدم المبالاة بالقيل والقال تنزل مثلاً ملازم فيها شتائم وفيها احتقار وفيها استهزاء لا تبال ِبها هي لا تضرك بارك الله فيك هي تضر قائلها ومن شجَّعَ على إخراجها أمَّا أنت الحمد لله لسانك مصان فاحمد ربك فأنت مع المشايخ . وجزى الله الشيخَ ربيعاً خيراً على نصيحته الذهبية القيمة وكذلك الشيخ عبيد جزاه الله خيراً وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس ) وهكذا المشايخ في اليمن الشيخ الإمام الشيخ البرعي والذماري والصوملي والشيخ عبد المصور والشيخ عثمان السالمي وباقي المشايخ نقول جزاهم الله خيراً ووفقهم الله نفع الله بصبرهم وهكذا الشيخ عبد الرحمن أيضاً والشيخ عبد الله بن مرعي وجميع المشايخ جزاهم الله خيراً نسأل الله أن يأجرهم والشيخ يحيى الحجوري نحن ما نيأس لعلَّ الله أن يوفقه ولعلَّ الله أن يهديه ولعلَّ الله أن يبصره فهو أخونا في الله ونحن جميعاً تخرجنا من مدرسة واحدة الكتاب والسنة على يد الشيخ مقبل لكن سبحان الله قد يكون اجتهد في المسألة أو حصل له بعض اللبس أو ناس مثلاً ما أعانوه على الخير فلعله أن يعيد النظر في المسألة وأن يعود إلى الله عزَّوجلَّ بالدعاء والتضرع أن يبصره في هذه الفتنة كما بصَّرَ غيره أما نحن والحمد لله رأينا أن الله قد وفقنا توفيقاً عظيماً وله الحمد والمنة بالصبر وبالثبات وبالسداد وعدم الخوض في الأعراض صُنَّا ألسنتنا فنسأل الله أن يثيبنا على ذلك وصبرنا على ما يتكلم فينا نسأل الله أن يأجرنا على هذا الصبر فالصبر الصبر جزاكم الله خيراً والعناية بالدروس اهتموا بها واصلوها واحضروها واستفيدوا منها وانشروا هذا الشريط جزاكم الله خيراً في عدن وفي غير عدن في أبين في حضرموت إلى غير ذلك انشروه ولو كان عن طريق الشبكة وبهذا التأريخ وبعد صلاة الجمعة احمدوا الله على هذه الجلسة المختصرة بعد أن أدينا فريضة من أعظم الفرائض صلاة الجمعة مع الجماعة في مسجد السنة النبوية في مدينة الحديدة نسأل الله التوفيق اجتمعنا على الخير وعلى الفوائد وعلى النصائح نسأل الله أن يأخذ بأيدينا وبأ يدي الجميع إلى ما يحبه ويرضاه وإلى هنا وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله وسلم وجزى الله الأخ فاضل الوصابي خيراً على قراءته لهذه الأسئلة وأنتم مشكورين جميعاً الشيخ محمود النهاري والضيوف الذين معه جزاهم الله خيراً وجميع الحاضرين وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله وسلم
انتهى كلام شيخنا الإمام العلامة سماحة الشيخ الوالد أبي إبراهيم محمد بن عبد الوهاب الوصابي حفظه الله ورعاه ونفع به وأسأل الله أن يدفع عن هذا الشيخ المبارك والأب الحنون والواعظ الحكيم والناقد البصير والناصح الأمين بحق كل مكروهٍ وشر وجزاه الله خيرَ الجزاء على هذه الدرر الثمينة والموعظة المؤثرة والنصيحة الغالية والتوجيهات السديدة والتي أسأل الله جلَّ جلاله أن يكتب لها القبول وأن يكتب لشيخنا العلامة الوصابي الأجر والمثوبة وأن يرفع له الدرجات وأن يجمع كلمة علماء أهل السنة والجماعة على الكتاب والسنة وعلى الحق . وأقولُ لكَ يا شيخنا إني أحبكَ في الله وباركَ فيك وفي علمك وتُشكر على صبرك على الأذى وحرصك على جمع الكلمة ووحدة الصف وأسليك يا شيخنا الحبيب الغالي بأبياتٍ قالها فيك أخونا الفاضل الشاعر عبدالله بن عبد الرشيد الشريف حفظه الله حيث قال الله أعظمُ في القلوبِ وأكبرُ *** والحق ُأبلجُ ضوؤه لا ينكرُيا شيخنا أهديكَ حباً صادقاً *** والله أعلم بالقلوب وأخبرٌ يا شيخنا صبراً على أهل الهوى *** أنتم بلا ريبٍ أجلُّ وأصبرُ وإلى هنا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليماً مزيداً إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين كتبه / أبو واقد عبد الله بن صالح القحطاني عفا الله عنه وغفرَ له في عصر يوم الأحد 9ربيع الآخر من عام 1430 للهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.اهـ
.........................................
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعــــــــــد.
فقد صدر كلام للشيخ محمد بن عبدالوهاب الوصابي ، بتاريخ/7/ربيع الآخر/1430هـ، وكان جوابًا عن سؤالين وجهه بعض الحزبيين من ضحايا هذه الحزبية الجديدة، من أبناء عدن، وذلك في مسجده بمدينة الحديدة.
ولما كان هذا الجواب مشتملاً على الخلط والتلبيس والدجل، أحببتُ أن أكتب عليه تعليقات مختصرة، أرجو من وراءها الخير والنفع، وأن تكون ناصرة للحق وأهله، وداحضة للباطل وحزبه، والله تعالى هو المعين وهو حسبي ونعم الوكيل، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وإلى "منة الكريم الحميد":
التعليق على السؤال: هذا السؤال فيه مكر وخيانة وتغرير، وذلك أن كلام العلماء، منه ما هو صواب ومنه ما هو خطأ، فما وافق الحق فهو الصواب، وما خالف الحق فهو الخطأ.
فأحكام أهل العلم المتجردين للحق المنقادين له، دائرة بين الأجر والأجرين، كما ثبت في الصحيحين من حديث عمرو العاص ط، وسيأتي ذكره بعدُ، بإذن الله تعالى.
فكان الواجب على هذا السائل، أن يبين كلام العلماء، فإن كان حقًا وصوابًا وجب قبوله وتعظيمه، وإن كان خلاف ذلك، فهو مردود على صاحبه، كائنًا من كان، قال تعالى: +اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)_، وقال تعالى: +وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67)_، وقال تعالى: +قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)_.
ثم إن سؤال هذا السائل يعتبر دعوة عريضة للتقليد، وكفى بذلك عمى وضلالاً وزيغًا وانحرافًا، فكلٌّ يأخذ من قوله ويرد إلا رسول الله ص، فهذه هي نتائج وثمرات الحزبية، الدعوة إلى التقليد المحض، وعدم التقيّد بالدليل، وكذا الأخذ بالعمومات من أجل التعمية والتلبيس على الناس، وكذا محاولة الاعتماد على بعض فتاوى أهل العلم الذين لم يعرفوا حقيقة حزبيتهم، وماهم عليه من المكر، من أجل تقوية حزبيتهم، وغير ذلك مما لا يخفى على كل خبير بصير، وناقد حكيم، وناصح أمين.
قول الوصابي: نصيحتي له أن يكف عن هذا وأن يكون مع أهل العلم كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام : (يدُ الله مع الجماعة) وكما قال عليه الصلاة والسلام : ( البركة مع أكابركم ).
التعليق: الأمر بالكف، يقتضي أحد أمرين:
الأمر الأول: الكف عن الحق وعن الصدع به وعن نصرته.
الأمر الثاني: الكف عن الباطل وحزبه.
فإن كان الأول، فهو دليل واضح عن الصدّ عن سبيل الله تعالى، وكتمان الحق وتخذيل الناس عنه، قال تعالى: +إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)_، وقال تعالى: +وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86)_، وقال تعالى: +وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94)_.
وإن كان الثاني، فهذا شيء ممدوح، يمدح عليه صاحبه ويشكر له ويدعى له، بل ويعتبر من أوجب الواجبات.
عن أبي هريرة ط عن النبي ص قال: $مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ#. متفق عليه.
عن فضالة بن عبيد عن عبادة بن الصامت م، أن رسول الله ص خرج ذات يوم على راحلته وأصحابه معه بين يديه ، فقال معاذ بن جبل : يا نبي الله أتأذن لي في أن أتقدم إليك على طيبة نفس ؟ قال : « نعم » فاقترب معاذ إليه فسارا جميعا ، فقال معاذ : بأبي أنت يا رسول الله ، أن يجعل يومنا قبل يومك أرأيت إن كان شيء ولا نرى شيئا إن شاء الله تعالى فأي الأعمال نعملها بعدك ؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « الجهاد في سبيل الله » ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نعم الشيء الجهاد ، والذي بالناس أملك من ذلك فالصيام والصدقة » قال : « نعم الشيء الصيام والصدقة » فذكر معاذ كل خير يعمله ابن آدم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وعاد بالناس خير من ذلك » قال : فماذا بأبي أنت وأمي عاد بالناس خير من ذلك ؟ قال : فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فيه قال : « الصمت إلا من خير » قال : وهل نؤاخذ بما تكلمت به ألسنتنا ؟ قال : فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ معاذ ، ثم قال : « يا معاذ ثكلتك أمك# - أو ما شاء الله أن يقول له من ذلك - $وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا ما نطقت به ألسنتهم، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا، أو ليسكت عن شر ، قولوا خيرا تغنموا، واسكتوا عن شر تسلموا#. أخرجه الحاكم، وصححه شيخنا الإمام المجدد الوادعي رحمة الله عليه.
وبما أن السؤال فيه تعمية وتضليل على الناس، كان الجواب من جنسه، إذ أن الشيخ محمدًا الوصابي لن يفصح عن مراده وعن مقصوده، فكونه يأمر الناس بالكف، هكذا مطلقًا بدون بيان ولا برهان، يجعل الشخص في حيرة من أمره، لا سيما وأمر الفتنة واضح جلي، وأمر الفتنة يزداد كل يوم وضوحًا، ويزداد أهل السنة النصحاء الأمناء بصيرة وتميّزًا، وكما أن الحق يجب أن يبين بأدلته وبرهانه، كذلك الباطل يجب أن يبين بأدلته وبرهانه، وبعد ذلك يصير الناس على بصيرة من أمرهم، وتنشرح صدورهم وتطمئن قلوبهم، ويذهب همهم وحزنهم، ويهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة، فوالله الذي لا إله إلا هو ولا رب سواه، اصبح كثير من الناس في اضطراب وتذبذب وتقلقل، والسرُّ في ذلك، هذا التمييع وهذا الخذلان وهذه المجمجة، جعلت كثيرًا من الناس حيارى ، لا أنهم دلّوهم إلى الحق الصافي، ولا أنهم حذّروهم من الباطل، ويحسبون أنهم يحسنون صنعًا، وهذا الصنف من الناس دائمًا يكون متأخرًا، ودائمًا يكون آخر الركب، فليت شعري كيف لو أنه جاء يومًا ووجد كل واحدٍ قد اخذ مكانه ومقعده، ولم يجد لنفسه قدر شبر، والقافلة تسير عنقًا، وينادي بأعلى صوته انظروني، ألم أكن معكم، فيجيبونه بصوت واحد، بلى، ولكن بعدًا لمن غيّر وبدّل وميّع وضيّع، وفتن وافتتن، والفتنة انتهت من عامها الثالث ودخلت في عامها الرابع، وسواطع الحق قائمة، والدلائل قاهرة، ومع ذلك لم نجد واحدًا، سواءً كان عبدالرحمن العدني الحزبي الفاجر أو عصابته أو غلمانه كالوصابي والجابري ومن على طريقه، أو دعاة التمييع والمجمجة وقلب الحقائق.
فوالله الذي لا إله إلا هو لم نجد واحدًا منهم حرَّرَ موضع النزاع في هذه الفتنة وأقام الأدلة والبراهين على بطلان ما أثبته شيخنا الكريم أبو عبدالرحمن يحيى الحجوري، زاده الله من فضله ومتّع به، ونقض أدلته دليلاً دليلاً، بمنطلق علمي من كتاب الله تعالى ومن سنة النبي ص ومنهج سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين، والسرُّ في ذلك أنهم إذا أبوا هذه الأدلة وردوها فضحوا، إذ أن الكل متفقون على أن هذه الأفعال لا تصدر إلا من أناس حزبيين منحرفين عن السنة، ولهذا عجزوا عن تحرير موضع النزاع في هذه الفتنة،
ويؤكد ذلك أن يقال لهم: ما هو موقفكم من الأفعال الآتية:
1- عقد الولاء والبراء لعبدالرحمن العدني من قِبل عصابته الفاجرة، ولو على حساب شقّ الدعوة والصف السلفي، ماذا تقولون؟
2- التحريش بين أهل العلم وطلابه، ومحاولة زرع الخلاف بينهم، وإيغار صدور بعضهم على بعض، والتنقل من شيخ إلى آخر، سواءً في اليمن أو في المملكة أو في غيرها، ماذا تقولون في هذا؟
3- أخذ كثير من مساجد أهل السنة، إضافة إلى ذلك الإستعانة برجال الأمن، وتحريض الغوغاء من الناس.
4- مكاييل الطعن والسب في الشيخ يحيى رعاه الله، وفي داره، تزهيدًا وصدًا ومناوءة ومضادة، ماذا تقولون؟
5- عدم التزام عبدالرحمن العدني بما ألزمتموه به من البراءة من عصابته، ومن التوبة والاعتذار مما حصل منه.
6- محاولة تمييع عبدالرحمن فتنته، وذلك بإثارة الشغب حول الجامعة الإسلامية، لكي يصرف الناس عن فتنته، أليس كان الواجب على هذا الرجل الفاجر الأثيم أن يدفع عن عرضه وعن دينه ويبرأ نفسه من الحزبية، فأي السكوتين أمدح يا من تمدحون سكوت عبدالرحمن، هل سكوته عن الذب عن عرضه، أو سكوته عن الجامعة الإسلامية، أم أنكم ترون سكوته عن الأول واجب وعن الثاني محرم، إذ أن الإفصاح عن الأول يكشف حقيقة أمره، وعن الثاني يستر به عورته وحزبيته، فماذا عندكم عن هذا؟
وهذا الشيخ الوصابي سلك هذا المسلك الخبيث، ومسلك تقليب الحقائق، ولفت أنظار الناس وصرفهم عن تعصبه لهذا الحزب الجديد، وذلك تحت ستار الدفاع عن عبدالرحمن العدني الحية الرقطاء، وتحت ستار مناصرة المظلوم، وتحت ستار حفظ اللسان، وكم وكم وكم، كل ذلك حتى يستر بوائقه وعظيم جرائمه، أليس كان الواجب عليه يا دعاة الحكمة والمصلحة الوهمية، أن يتوب من طعنه في شيخ الحديث في الجزيرة العربية، وتزهيده من داره دار الحديث وعقر الدعوة السلفية في العالم، ومحاولة صرف الناس عنها بنغمات ظاهرها الرحمة وباطنها المكر والدس والخيانة لهذه الدعوة المباركة، أليس كان الواجب عليه أن يتوب من تأصيلاته وقواعده السليمانية العرعورية، ويتبرأ من كل ما يخالف الثوابت السلفية والقواعد الشرعية، ويصدق في ذلك كله، وغير ذلك كثير.
فما باله يثير أمورًا أخرى على حساب أمور أخرى، أليس كان هذا كافيًا في إدانة هذا الشيخ المفتون، وكذا كافيًا في زجره وردعه وإيقافه عند حده، بدلاً من تلميعه والتمسيح عليه وتلمّسه لحجج أوهى من بيوت العنكبوت، لا تمت إلى الدعوة السلفية بصلة، حتى وصل الحد ببعضهم اتهام من عرف صدقه ونصحه وغيرته لهذه الدعوة المباركة أنه يريد إسقاط هذا الشيخ المفتون، ولم يدر هذا المغلوب على أمره، أن الله تعالى هو الذي يرفع العبد بقدر تمسكه بالسنة، ويضعه بقدر مخالفته لها، +قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)_.
ولم يدر هذا أن الذنوب سبب لسقوط الأمم، وإزال العذاب عليها، فرب ذنب واحد يهلك الله به تعالى أمة من الأمم، وربما بعضهم قد ألقى عدة خطب ومحاضرات في عوابقب الذنوب وأضرارها على الأمم والأفراد، وعند صدورها من الشيخ محمد يعاملها معاملة الناسي؟
وبعضهم يعرف ما عند هذا الوصابي من الانحراف والتأصيلات الفاسدة، واللجوج في الخصام، وشدة العناد للحق والاستمرار في الباطل، إلى غير ذلك من الأمور التي كانت سببًا لاشمئزاز كثير من الناصحين الغيورين على هذه الدعوة المباركة، ونفورهم عنه وبعدهم منه، ومع ذلك يسعى لمحاولة نعشه وحث الناس إلى محاضراته وزيارته، وطلب العلم عنده، وغير ذلك من التغرير بالناس وغشّهم وعدم النصح الخالص منهم.
وإن تعجب فعجب، أن بعضهم قوّى قلبه ورد على عبيد الجابري الانتخابي المنحرف في مسألة تجويزه للانتخابات، ويحتقر نفسه ويستصغرها أمام هذا الثائر على الدعوة السلفية في اليمن، ويتعامى ويتغافل عما هو أعظم من فتواه للانتخابات، ألا وهو تحذيره من دار الحديث والسنّة.
فيا ليت شعري ما بال القلم سال في موضع، وجمد في موضع آخر، وتجده يدافع عن هذا الحزب الذي علم فجوره ومكره، قائلاً: وجدنا هذا الأمر موجودًا عند الأخرين، أنتم تقولون فيهم أنهم حزبيون، وهم يقولون فيكم: أنكم حزبيون، أنتم عندكم كذا وهم عندهم كذا، وغير ذلك من التملصات الواضحة عن الحق.
إذن ما هو الحل والحالة هذه؟ الحل: نجتمع فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه، وكلنا إخوة، وهذه أمور، أهل دماج يعظّمونها، وهي في الواقع أدنى من ذلك، ولا تحتاج إلى مثل هذه الكمية من الردود، هكذا يزعم، وكأن الخلاف من أجل معزة أو ثور أو بقرة، أو بين فلان وفلان، وما علم هذا المغلوب على أمره، أن الخلاف في منهج، في دعوة، في افتئات على قواعد السلف، في صدّ الناس عن سبيل الله تعالى، وغير ذلك.
فهذه الأمور العظيمة البالغة الأهمية، لا يمكن أن تتماشى مع المنهج الواسع الأفيح، بل تصدمه وتركله وتدوس عليه.
لماذا يا دعاة التقريب بين الحزبيين والسلفيين، أن الثائرين على الدعوة السلفية، لا يثورون إلا على دماج، أليس بقية المراكز، مراكز سنة، فما بالهم لا يثورون عليها، هذا السؤال يفرض نفسه كما يقال: ونحب المبادرة السريعة الفورية إلى الإجابة عنه، ويحتاج إلى مزيد نظر وقوّة تأمل، ولعل ذلك يكون سببًا لإيقاظ بعض المغفلين المطربل عليهم، والله المستعان.
+أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)_.
تنبيه وفيه نكتة:
هذا الصنف من الناس يعلم علم اليقين أن عبدالرحمن العدني قام بفتنة على الدعوة السلفية، ولا يمنعه من الكلام فيه؛ إلا أنه يعلم أنه إن تكلم فيه لزمه أن يتكلم في الوصابي، إذ أنهما مقترنان في هذه الفتنة، فما كان منه إلا أن يغض الطرف عن الأول، بل وعن الجابري، ويدافع عن الثاني.
وقول الوصابي: وأن يكون مع أهل العلم.
التعليق: بل الواجب أن تكون أنت وغيرك مع الحق ومع الدليل والحجة، سواءً كان صادرًا من صغير أو كبير، فهذا هو العلم وهو السواد الأعظم عند السلف رحمة الله عليهم، ما وافق الحق، وما خالف الحق فهو الجهل والشذوذ، سواءً كثر القائلون به أو قلّوا، فنحن مأمورون أن نأخذ بالحق ونعض عليه وندعوا إليه، قال تعالى: +أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35)_ وقال تعالى: +فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)_ وقال تعالى: +لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)_.
وقول الوصابي: كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام : (يدُ الله مع الجماعة).
التعليق: يد الله مع الجماعة، أي: المجتمعة على الحق، القائمة به، إذ أن أمة النبي ص لا تجتمع على ضلالة، ومما يدل على أن إجماعهم حجة: ما جاء عن عبدالله بن مسعود ط: فما رأى المسلمون حسنًا فهو حسنًا، وما رأوا عند الله سيئًا فهو عند الله سيّئ. أخرجه الإمام أحمد /، وحسنه شيخنا الإمام المجدد الوادعي رحمة الله عليه.
ولا يكون الشيئ عند الله تعالى حسنًا ومقبولاً إلا إذا كان قائمًا على الحق، لا على الهوى والتقليد والعمى، فأهل السنة اجتمعوا على الحق، فالدعوة إلى الحق دعوة إلى الجماعة، وإن كان الداعي إلى الحق وحده، فإنه يعتبر جماعة، فقد قال ابن المبارك رحمه الله: أبو حمزة السكري وحده جماعة، فأين أنت وأين ما قضيته من العمر عن هذه الأصول العلمية السلفية التي قد رفع الله بكتابه بها أقواماً، ووضع بمخالفتها آخرين لنا فيهم عبرة.
قال الحافظ ابن القيم / في "إعلام الموقعين" (3/409-410): وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ وَالْحُجَّةَ وَالسَّوَادَ الْأَعْظَمَ هُوَ الْعَالِمُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ أَهْلُ الْأَرْضِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيُّ: صَحِبْت مُعَاذًا بِالْيَمَن فَقِيهِ الْأُمَّةِ وَحَبْرِهَا وَتُرْجُمَانِ الْقُرْآنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْعِتْقُ مَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، وَالطَّلَاقُ مَا كَانَ عَنْ وَطَرٍ، فَتَأَمَّلْ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ الشَّرِيفَتَيْنِ الصَّادِرَتَيْنِ عَنْ عِلْمٍ قَدْ رَسَخَ أَسْفَلُهُ، وَبَسَقَ أَعْلَاهُ، وَأَيْنَعَتْ ثَمَرَتُهُ، وَذُلِّلَتْ لِلطَّالِبِ قُطُوفُهُ، ثُمَّ اُحْكُمْ بِالْكَلِمَتَيْنِ عَلَى أَيْمَانِ الْحَالِفِينَ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ، هَلْ تَجِدُ الْحَالِفَ بِهَذَا مِمَّنْ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبَ إلَيْهِ بِإِعْتَاقِ هَذَا الْعَبْدِ؟ وَهَلْ تَجِدُ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ مِمَّنْ لَهُ وَطَرٌ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ؟ فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ حَبْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَقَدْ شَفَتْ كَلِمَتَاهُ هَاتَانِ الصُّدُورَ، وَطَبَّقَتَا الْمُفَصَّلَ، وَأَصَابَتَا الْمَحَزَّ، وَكَانَتْ بُرْهَانًا عَلَى اسْتِجَابَةِ دَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهُ اللَّهُ التَّأْوِيلَ وَيُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ.
وَلَا يُوحِشَنَّكَ مَنْ قَدْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ هُوَ وَجَمِيعُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أُولِي الْعِلْمِ، فَإِذَا ظَفِرْت بِرَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْ أُولِي الْعِلْمِ طَالِبٍ لِلدَّلِيلِ مُحَكِّمٍ لَهُ مُتَّبِعٍ لِلْحَقِّ حَيْثُ كَانَ وَأَيْنَ كَانَ وَمَعَ مَنْ كَانَ زَالَتْ الْوَحْشَةُ وَحَصَلَتْ الْأُلْفَةُ، وَلَوْ خَالَفَك فَإِنَّهُ يُخَالِفُك وَيَعْذِرُك، وَالْجَاهِلُ الظَّالِمُ يُخَالِفُك بِلَا حُجَّةٍ وَيُكَفِّرُك أَوْ يُبَدِّعُك بِلَا حُجَّةٍ، وَذَنْبُك رَغْبَتُك عَنْ طَرِيقَتِهِ الْوَخِيمَةِ، وَسِيرَتِهِ الذَّمِيمَةِ، فَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ هَذَا الضَّرْبِ، فَإِنَّ الْآلَافَ الْمُؤَلَّفَةَ مِنْهُمْ لَا يُعْدَلُونَ بِشَخْصٍ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَالْوَاحِدُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُعْدَلُ بِمِلْءِ الْأَرْضِ مِنْهُمْ.
[مَنْ هُوَ الْعَالِمُ صَاحِبُ الْحَقِّ]؟ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ وَالْحُجَّةَ وَالسَّوَادَ الْأَعْظَمَ هُوَ الْعَالِمُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ أَهْلُ الْأَرْضِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيُّ: صَحِبْت مُعَاذًا بِالْيَمَنِ، فَمَا فَارَقْته حَتَّى وَارَيْته فِي التُّرَابِ بِالشَّامِ، ثُمَّ صَحِبْت مِنْ بَعْدِهِ أَفْقَهَ النَّاسِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَسَمِعْته يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، ثُمَّ سَمِعْته يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ وَهُوَ يَقُولُ: سَيُوَلَّى عَلَيْكُمْ وُلَاةٌ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا ، فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِمِيقَاتِهَا ؛ فَهِيَ الْفَرِيضَةُ ، وَصَلُّوا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمْ نَافِلَةٌ، قَالَ: قُلْت يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ مَا أَدْرِي مَا تُحَدِّثُونَ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْت: تَأْمُرُنِي بِالْجَمَاعَةِ وَتَحُضُّنِي عَلَيْهَا ثُمَّ تَقُولُ لِي: صَلِّ الصَّلَاةَ وَحْدَك وَهِيَ الْفَرِيضَةُ ، وَصَلِّ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ نَافِلَةٌ قَالَ: يَا عَمْرُو بْنَ مَيْمُونٍ قَدْ كُنْت أَظُنُّك مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ، أَتَدْرِي مَا الْجَمَاعَةُ؟ قُلْت: لَا، قَالَ: إنَّ جُمْهُورَ الْجَمَاعَةِ هُمْ الَّذِينَ فَارَقُوا الْجَمَاعَةَ، الْجَمَاعَةُ مَا وَافَقَ الْحَقَّ وَإِنْ كُنْت وَحْدَك، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: فَضَرَبَ عَلَى فَخِذِي وَقَالَ: وَيْحَك، إنَّ جُمْهُورَ النَّاسِ فَارَقُوا الْجَمَاعَةَ، وَإِنَّ الْجَمَاعَةَ مَا وَافَقَ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: إذَا فَسَدَتْ الْجَمَاعَةُ فَعَلَيْك بِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ قَبْلَ أَنْ تَفْسُدَ، وَإِنْ كُنْت وَحْدَك، فَإِنَّك أَنْتَ الْجَمَاعَةُ حِينَئِذٍ، ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ ذُكِرَ لَهُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ، فَقَالَ: أَتَدْرِي مَا السَّوَادُ الْأَعْظَمُ؟ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ الطُّوسِيُّ وَأَصْحَابُهُ.
فَمُسِخَ الْمُخْتَلِفُونَ الَّذِينَ جُعِلُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ وَالْحُجَّةَ وَالْجَمَاعَةُ هُمْ الْجُمْهُورُ وَجَعَلُوهُمْ عِيَارًا عَلَى السُّنَّةِ، وَجَعَلُوا السُّنَّةَ بِدْعَةً، وَالْمَعْرُوفَ مُنْكَرًا لِقِلَّةِ أَهْلِهِ وَتَفَرُّدِهِمْ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَقَالُوا: مَنْ شَذَّ شَذَّ اللَّهُ بِهِ فِي النَّارِ، وَمَا عَرَفَ الْمُخْتَلِفُونَ أَنَّ الشَّاذَّ مَا خَالَفَ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَيْهِ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ فَهُمْ الشَّاذُّونَ.
وَقَدْ شَذَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ زَمَنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إلَّا نَفَرًا يَسِيرًا؛ فَكَانُوا هُمْ الْجَمَاعَةُ، وَكَانَتْ الْقُضَاةُ حِينَئِذٍ وَالْمُفْتُونَ وَالْخَلِيفَةُ وَأَتْبَاعُهُ كُلُّهُمْ هُمْ الشَّاذُّونَ، وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَحْدَهُ هُوَ الْجَمَاعَةُ، وَلَمَّا لَمْ يَتَحَمَّلْ هَذَا عُقُولُ النَّاسِ قَالُوا لِلْخَلِيفَةِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَكُونُ أَنْتَ وَقُضَاتُك وَوُلَاتُك وَالْفُقَهَاءُ وَالْمُفْتُونَ كُلُّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ وَأَحْمَدُ وَحْدَهُ هُوَ عَلَى الْحَقِّ؟ فَلَمْ يَتَّسِعْ عِلْمُهُ لِذَلِكَ ؛ فَأَخَذَهُ بِالسِّيَاطِ وَالْعُقُوبَةِ بَعْدَ الْحَبْسِ الطَّوِيلِ؛ فَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالْبَارِحَةِ، وَهِيَ السَّبِيلُ الْمَهْيَعُ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ حَتَّى يَلْقَوْا رَبَّهُمْ، مَضَى عَلَيْهَا سَلَفُهُمْ، وَيَنْتَظِرُهَا خَلَفُهُمْ: +مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا_ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.اهـ
قال الحافظ أبو القاسم اللألكائي / في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (5/رقم 1890): أنا عبد الرحمن بن عمر، قال : أنا أحمد بن يعقوب ، قال: نا جدي يعقوب بن شيبة، قال: نا زكريا بن سهل المروزي، قال: نا علي بن الحسن بن شقيق، قال: سألت عبد الله بن المبارك عن الجماعة ، فقال: « أبو بكر وعمر ».
قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في "أعلام الموقعين" (1/29): فإذا وجد النص(يعني: الإمام أحمد رحمه الله) أفتى بموجبه ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه كائنا من كان.....الخ كلامه رحمه الله.
فالحق هو المعتبر سواءً قال به واحد أو جماعة، صغيرًا كان أو كبيرًا.
قال الإمام الشاطبي / في " الاعتصام" (2/361-362): وكانت الأئمة بعد النبي ص يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، فإذا وقع في الكتاب والسنة لم يتعدوه إلى غيره، اقتداءً بالنبي ص، ورأي أبوبكر قتال من منع الزكاة، فقال عمر: كيف تقاتل وقد قال رسول الله ص: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلَّا الله، فإذا قالوا: لا إله إلَّا الله، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلَّا بحقها وحسابهم على الله».
ثم تابعه بعد عمر، فلم يلتفت أبوبكر إلى مشورته، إذ كان عنده حكم رسول الله ص ثابتًا في الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة، وأرادوا تبديل الدين وأحكامه، وقال النبي ص: «من بدل دينه فاقتلوه». وكان القراء أصحاب مشورة عمر كهولاً كانوا أو شبانًا, وكان وقافًا عند كتاب الله. هذا جملة ما قال في جملة تلك الترجمة( ) مما يليق بهذا الموضع، مما يدل على أن الصحابة لم يأخذوا أقوال الرجال من طريق الحق، إلا من حيث هم وسائل للتوصل إلى شرع الله، لا من حيث هم أصحاب رتب أو كذا أو كذا, وهو ما تقدم. وذكر ابن مزين عن عيسى بن دينار, عن ابن القاسم, عن مالك أنه قال: ليس كل ما قال رجل قولاً وإن كان له فضل يتبع عليه لقول الله عزوجل: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ [الزمر/18]، إذا ثبت أن الحق هو المعتبر دون الرجال, فالحق أيضًا لا يعرف دون وسائطهم بل بهم يتوصل وهم الأدلاء على طريقه.اﻫ
فالحق دين يجب التدين به والعمل به والدعوة إليه.
قال الإمام أبو محمد بن حزم / في "الأحكام" (8/1460): فإذا قام البرهان عند المرء على صحة قول ما قياما صحيحا فحقه التدين به والفتيا به والعمل به والدعاء إليه والقطع انه الحق عند الله عز وجل ا.ﻫ المراد.
ومن عرف الحق لا يجوز له تقليد من خالفه اتفاقًا.
قال شيخ الإسلام /: ولهذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الحق لا يجوز له تقليد أحد في خلافه انظر «مجموع الفتاوى» (7/71).
وصاحب الحق لا ينبغي له أن يستوحش من كثرة المخالفين، وقلّة السالكين.
قال الإمام ابن الوزير رحمه الله في "إيثار الحق على الخلق" (ص26-27): ولا ينبغي أن يستوحش الظافر بالحق من كثرة المخالفين له كما لا يستوحش الزاهد من كثرة الراغبين ولا المتقي من كثرة العاصين ولا الذاكر من كثرة الغافلين بل ينبغي منه أن يستعظم المنة باختصاصه بذلك مع كثرة الجاهلين له الغافلين عنه وليوطن نفسه على ذلك...... إلى أن قال: فنسأل الله أن يرحم غربتنا في الحق ويهدي ضالنا ولا يردنا من أبواب رجائه ودعائه وطلبه محرومين إنه مجيب الداعين وهادي المهتدين وأرحم الراحمين ا.ﻫ المراد.
قال العلامة صديق حسن خان / في "قطف الثمر" (ص 176): ولا ينبغي لطالب الحق والصواب أن يصغي إلى من يصده عن كتاب الله، وما أنزل فيها من الهدى والنور، والرحمة لطفًا للمؤمنين ونعمة للشاكرين، وليحذر كل الحذر من زخرفتهم وتشكيكهم، وليعتبر بقول الله لرسوله المعصوم: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ . . . الآية [الإسراء: 73]، ويالها من موعظة موقظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. ولا يستوحش من ظفر بالحق بكثرة المخالفين، وليوطن نفسه على الصبر واليقين، نسأل الله تعالى أن يرحم غربتنا في الحق ويهدي ضالنا ولا يردنا عن أبواب رجائه ا.ﻫ.
وقال / في "الروضة الندية" (1/154): فإن كنت ممن لا تنفق عليه التدليسات ولا يغره سراب التلبيسات فلا تلعب بك الرجال من حال إلى حال بزخارف ما تنمقه من الأقوال.
فكن رجلاً رجله في الثرى*** وهامة همته في الثريا
قال الإمام الأوزاعي /: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس, وإياك وأراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول. انظر: "لمعة الاعتقاد".اهـ
وقول الوصابي: وكما قال عليه الصلاة والسلام : ( البركة مع أكابركم ).
التعليق: ومقتضى ما يومئ غليه الوصابي كثيرًا أن الحق لا يؤخذ إلا من الكبار المرسومين في ذهنه، والحديث لا يدل على هذا، لا مكن قرب ولا من بعد، وكفى بهذا كذبًا وزورًا وظلمًا وعدوانًا.
فهذا نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام، عرف ما عليه ملكة سبأ من الشرك بالله تعالى، بإخبار الهدهد له، كما هو معلوم، والأخبار في ذلك كثيرة، ومن هذا الباب قول الله تعالى: ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾ [الأنبياء : 79]، في الحكم بين المرأتين المختصمتين على الولد.
وأما قوله ص: $البركة مع أكباركم#.
قال المناوي / في "فيض القدير" (3/220): المجربين للأمور المحافظين على تكثير الأجور فجالسوهم لتقتدوا برأيهم وتهتدوا بهديهم أو المراد من له منصب العلم وإن صغر سنه فيجب إجلالهم حفظا لحرمة ما منحهم الحق سبحانه وتعالى.اهـ المراد
قلت: ولا مانع من حمل الحديث على المعنيين، إذ أن البركة هي: ثبوت الخير الإلهي في الشيء، وهذا عام، فلا تكون البركة في باطل، إذ أن الباطل لا خير فيه.
قال الإمام ابن مفلح / في "الآداب الشرعية" (ص364): فصل في أخذ العلم عن أهله، وإن كانوا صغار السن.
قال الإمام أحمد /: بلغني عن ابن عيينة قال: الغلام استاذ ينزل إلى قوله، إنما أهلكنا التكبّر.
فائدة:
قال العلامة شيخ الإسلام ابن باز رحمة الله عليه: ..... ثم طالب العلم بعد ذلك حريص جدًا لا يكتم شيئًا مما علم، حريص على بيان الحق والرد على الخصوم لدين الإسلام، ولا يتساهل ولا ينزوي، فهو بارز في الميدان دائمًا حسب طاقته، فإن ظهور خصوم الإسلام يشبهون ويطعنون، برز للرد عليهم، كتابة ومشافهة، وغير ذلك، لا يتساهل ولا يقول: هذه لها غيري، بل يقول: أنا لها، أنا لها، ولو كان هناك أئمة آخرون، يخشى أن تفوت المسألة، فهو بارز دائمًا لا ينزوي، بل يبرز في الوقت المناسب لنصر الحق والرد على خصوم الإسلام، بالكتابة وغيرها، من طريق الإذاعة، أو من طريق الصحافة، ..... أو من طريق يمكنه، وهو أيضًا لا يكتم ما عنده من العلم، بل يكتب ويخطب ويتكلم ويرد على أهل البدع وعلى غيرهم من خصوم الإسلام، بما أعطاه الله من قوة، حسب علمه، وما يسّر الله من أنواع الاستطاعة، قال تعالى: +إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)_ ..... وكل ذي بصيرة يعلم ما ينشر في هذا العصر من الشرور العظيمة في الإذاعات والصحافة والتلفاز وفي النشرات الأخرى، وفي المؤلفات الداعية إلى النار، وهذا الجيش المتنوع الذي يدعو إلى طرق النار، يحتاج إلى جيش مثله وقوة مثله، بل وأكثر منه، هذه الجيوش التي يسوقها أعداء الإسلام إلى المسلمين، وهذه الوسائل الخطيرة المتنوعة الكثيرة، كلها يسوقها وينشرها أعداء الإسلام إلى المسلمين وإلى غيرالمسلمين لإهلاكهم وقيادتهم إلى النار، وأن يكونوا معهم في أخلاقهم الخبيثة، وسيرتهم الذميمة، وأن يكونوا معهم في النار؛ لإن قائدهم يريد هذا، كما قال الله سبحانه: +إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)_ فلا يليق بطالب العلم أن ينزوي ويقول: حسبي نفسي، لا، فإن عليه واجبات، حسبه نفسه من جهة عمله، أن يعمل وعليه واجبات من جهة البلاغ والبيان والدعوة، فربنا يقول سبحانه: +ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ_ ويقول سبحانه: +وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ_ فالله سبحانه يأمر الرسول ص بالدعوة، وأمره له، أمر لنا جميعًا، ليس المقصود له وحده عليه الصلاة والسلام، فإذا وجّه له الأمر، فليس له وحده، بل هو له، ولنا، ولأهل العلم جميعًا، إلا ما خصه الدليل، فعليك يا عبدالله أن تبتعد عن الخمول والانزواء، وأن تبلّغ أمر الله إلى عباد الله ..... على طالب العلم أن يجتهد حسب طاقته، المبتدئ يجتهد في الاستمرار في طلب العلم، ويحرص على أن يكون أهلاً للترجيح في المسائل الخلافية، وعلى طالب العلم المتأهل الذي رزقه الله العلم، وتخرّج من الدراسات العليا، ونظر في الكتب، وعرف أقوال الناس، أن يجتهد في ترجيح الراجح، وتزييف الزائف، بالأدلة الشرعية، والصبر والمطالعة.اهـ المراد، مع تصرّف يسير جدًا. انظر: رسالة "مسؤلية طالب العلم في المجتمع" (ص13-14و17-18و36).
قول الوصابي: [COLOR="DimGray"]ما دام أن العلماء والمشايخ جزاهم الله خيراً مع الحق ومع الدليل ومع العلم ومع الإنصاف.[/COLOR
]التعليق: لا بد أن يقرر للناس مثل هذا، وأن يلتزموا به ويدعوا إليه، فالحق هو الميزان الذي يوزن به الناس، ولا عبرة بآراء الرجال عند ظهور الحق وتجلّيه.
قول الوصابي: وهذا هو الواقع بالنسبة لهذه الفتنة فالعلماء جزاهم الله خيراً الذين وقَّعوا على بيان معبر ثمَّ على بيان الحديدة الصواب معهم وقد وفقهم الله وجمع كلمتهم وسدد رأيهم وكما تعلمون أيضاً من نصيحة الشيخ ربيع وفقه الله ، هذه النصيحة الذهبية تُضم إلى البيانين ، يعني معناه أن الشيخ ربيعاً أيضاً معهم والشيخ عبيد الجابري أيضاً معهم فاجتمعت كلمة المشايخ في هذه الفتنة من فضل الله عزَّوجلَّ أنَّ عبد الرحمن العدني وفقه الله من أهل السنة والجماعة وأن الحجوري أخطأ في تحزيبهِ للشيخ عبد الرحمن العدني هذا هو الحق وهذا هو الصواب.
التعليق: هذا كلام عليه بعض الوقفات:
الوقفة الأولى: أن الموقعين على بيان معبر وبيان الحديدة لم يتعرضوا لنقض أدلة الشيخ يحيى رعاهم الله جميعًا، ولم يذكروا شيئًا من هذا.
الوقفة الثانية: كيف يكون الصواب معهم، والبيانات من أصلهما ليس فيهما حجة، بحيث يستطيع طالب الحق أن يحتج به، غاية ما فيه، كلام عام، وتصوير الأمر على خلاف الواقع والتقليل من شأن هذه الفتنة التي ثارت على الدعوة السلفية، بما لا مزيد عليه، ولا ينكر ذلك إلا من أعمى الله بصيرته.
الوقفة الثالثة: غاية ما عند الموقعين على بيان معبر والحديدة، وكلمتهم اجتمعت في ذلك، أنهم لم تظهر لهم حزبية هذا العدني، فإذا لم تظهر لهم ذلك، فكيف يكون الصواب معهم، ومن المقرر أن من علم حجة على من لم يعلم، ,أي حجة تستند إليها في هذا الترجيح، إذ أن الترجيح والتصويت ليس بالكثرة، وإنما هو بالبرهان.
الوقفة الرابعة: هم متفقون أن هذا العدني أقام فتنة على الدعوة السلفية، وأنها ثارت من تحت قدمه، وأنت ممن عرف ذلك وكتمه كما في الزيارة الأولى لدماج، في بداية فتنة العدني، فانبرى لها الشيخ يحيى، حفظهم الله جميعًا، وتصدّى لها، وفي الجانب الآخر لم نسمع ولو أدنى إنكار على هذا العدني وعصابته، فهل يمكن لشخص ملبس مثل هذا المفتون يأتي ويقول: الصواب والحالة هذه، الصواب في عدم حزبية العدني.
الوقفة الخامسة: هب أن الصواب معهم، فكيف لي بهذه الأدلة المتكاثرة والبراهين المتواترة التي أثبتت حزبية هذا العدني الفاجر، ماذا أعمل بها والحجة قائمة، والموقعون لم يأتوا بحجة إلى الآن، حتى أستطيع أن أردّ هذه الأدلة الواضحة، فهل من مدكر.
الوقفة السادسة: كيف يكون الصواب معهم، وليس ثَمَّ واحد من هؤلاء الموقعين حرر موضع النزاع في هذه الفتنة.
الوقفة السابعة: كيف يكون الصواب معهم ولم نرى من واحدٍ منهم تصديًّا لبغي الوصابي والجابري والعدني، وما جرّوه على هذه الدعوة من فتن وتخريب وتكتيل.
الوقفة الثامنة: من أشدّ تلبيس هذا المفتون على الناس قوله: اجتمعت كلمة المشايخ في هذه الفتنة من فضل الله أن عبدالرحمن العدني وفقه الله من أهل السنة، وأن الحجوري أخطأ في تحزيبه للشيخ عبدالرحمن العدني ..... اجتمعت كلمة العلماء في الحاضر كما اجتمعت في الماضي، في تخطئة الحجوري.اهـ
قلت: وهذا الاجتماع ان حصل كما تقول فهو باطل، وبيان ذلك من وجوه:
1- أن الإجماع لا بد له من مستند من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله ص.
قال شيخ الإسلام /: ولا يوجد مسألة يتفق الإجماع عليها إلا وفيها نص.اهـ المراد. انظر: "مجموع الفتاوى" (19/159).
قال الحافظ ابن القيم / في "إعلام الموقعين" (1/367): ومحال أن تجتمع الأمة على خلاف نص له، إلا أن يكون له نص آخر ينسخه.اهـ المراد.
قال أبو المظفر السمعاني / في "قواطع الأدلة" (3/220و221و222): إعلم أن الإجماع لا ينعقد إلا عن دليل يوجب ذلك؛ لأن اختلاف الآراء والهمم يمنع من الاتفاق على شيء، إلا عن سبب يوجب ذلك ..... وقد أجاز قوم انعقاد الإجماع بأن يوفقهم الله تعالى( ) للصواب من غير أن يكون لهم عليه دلالة وأمارة ؟!!!
وهذا ليس بصحيح؛ لأنه لو جاز لجماعة الأمة أن يقولوا من غير دليل، لكان يجوز لكل واحد منهم أن يقول من غير دليل، وحين لم يجز لآحادهم، كذلك لم يجز لجماعتهم، ولأن الدليل هو الموصل إلى الحق، فإذا فقد الدليل فقد الموصول، وقد بينا أن حال الأمة لا يكون أعلى من حال نبي الأمة، ومعلوم أن النبي ص لا يقول إلا عن دليل، فالأمة الآن لا يقولوا ما يقولونه إلا عن دليل أولى، وإذا ثبت أنه لا ينعقد الإجماع إلا عن دليل، فلا خلاف أنه ينعقد الإجماع عن الكتاب والسنة.اهـ المراد
وقال الزركشي / في "البحر المحيط" (4/450): وَ لَا بُدَّ لَهُ( ) مِنْ مُسْتَنَدٍ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْإِجْمَاعِ لَيْسَتْ لَهُمْ رُتْبَةُ الِاسْتِقْلَالِ بِإِثْبَاتِ الْأَحْكَامِ، وَإِنَّمَا يُثْبِتُونَهَا نَظَرًا إلَى أَدِلَّتِهَا وَمَأْخَذِهَا، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَنْ مُسْتَنَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْعَقَدَ مِنْ غَيْرِ مُسْتَنَدٍ لَاقْتَضَى إثْبَاتَ الشَّرْعِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي بَابِ الْقِرَاضِ مِنْ "النِّهَايَةِ " عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْإِجْمَاعُ إنْ كَانَ حُجَّةً قَاطِعَةً سَمْعِيَّةً، فَلَا يَحْكُمُ أَهْلُ الْإِجْمَاعِ بِإِجْمَاعِهِمْ ، وَإِنَّمَا يَصْدُرُ الْإِجْمَاعُ عَنْ أَصْلٍ.ا هـ المراد.
فإين مستند هذا الإجماع يا وصابي، وعلى أي أساس قام هذا الإجماع، إن كنت تعتبره إجماعًا حجة، أما إن كنت لا تعتبره حجة، وأن الحجة البرهان؛ فالبرهان قد تبين لكل ذي رشدٍ في حزبية العدني، وأنك إنما تدفع تلك الحجج بمحض التعصب والهوى والشغب والفتنة على الدعوة والتلاعب بعقول الناس ودغدغت العواطف لطلب الحماية عن انحرافاتك عن جادة الصواب، في أقوالك وأفعالك هذه البائرة.
2- كيف يصح لك نقل الإجماع يا وصابي، ومن أهل هذا الاجتماع الذين ذكرتهم، أناس ظهر انحرافهم عن السنة وعداوتهم لها ولأهلها، أمثالك وأمثال الجابري، ولم تنكر ما صدر من الجابري الذي تشابهت قلوبكما وإياه على الفتنة، بل تعتبره ضمن المجتمعين معك، فأين الولاء والبراء الصحيح للحق وأهله.
3- أن كثيرًا منهم غاية ما عنده أنه لم يظهر له حقيقة هذه الفتنة، والسبب في ذلك ما تقدّم ذكره.
4- كيف يصح لك نقل الإجماع، ولقد أتيت بمنكر من القول وزورًا، على الدعوة وعلى مركز دماج، وأنت تجني عليه الفتن من حين إلى آخر، فمن الذي سيقبل منك هذا بعد ما ضيعت العدالة، ففي نقلك هذا نظر.
5- كيف يصح لك يا وصابي أن تنقل الإجماع، ومن أهل الإجماع أناس طعنت في دينهم، ورميتهم بأقبح المنكرات وبالعمالة والجاسوسية، ، فهل يصح لك بعد ذلك أن تحتج بأناس حالهم هذا عندك.
6- ثم إن نقلك لهذا الإجماع يلزم منه على أن أهل السنة اجتمعت كلمتهم على براءتك من فتنة عبدالرحمن العدني؛ لأنهم إذا برأو الأصل تبعه الفرع، ولا بد، فهات من يبرأك أنت من ما جنيته من الفتنة على الدعوة في دار الحديث بدماج.
7- ثم كيف يصح نقل الإجماع على العدني الفاجر -أخزاه الله- أنه من مع أهل السنة ، فهل أفعاله هذه نستطيع أن ننسبها إلى أهل العلم يا وصابي، وبأي برهان أنه لا يقال عنه حزبي؛ إلا إذا انضم تحت تنظيم أو حزب قبله، أفليس أهل الزيغ قد انقسموا إلى عدة فرق، وكل فرقة ضالة لها رأسها، كما هو معروف في كتب العقيدة، فيلزم من زعم هذا إلا يقر بتلك الفرق.
8- هب لي أن الإجماع صحيح كما تزعم، أليس من المقرر عند الأصوليين أن خلاف الواحد من أهل العلم معتبر، وناقض للإجماع، قال الزركشي / في "البحر المحيط" (4/476): إذَا اتَّفَقَ الْأَكْثَرُونَ وَخَالَفَ وَاحِدٌ ، فَلَا يَكُونُ قَوْلُ غَيْرِهِ إجْمَاعًا وَلَا حُجَّةً: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَحَكَاهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ عَنْ الْكَرْخِيِّ مِنْ أَصْحَابِهِمْ.اهـ المراد
قال العلامة العثيمين رحمة الله عليه في "شرح الأصول من علم الأصول" (ص453-454): فإذا حصل خلاف ولو من واحد، فإنه لا إجماع، ولا سيما إذا كان الواحد معروفًا بالعلم والفقه، فإن خلافه معتبر، وقولنا: ولو واحد، خلافًا لابن جرير /، فابن جرير صاحب "التفسير" المعروف يرى أن الواحد والإثنين لا يخرمان الإجماع، وأن الأمة لو اجتمعت سوى رجلٍ أو رجلين، ولو كانا من أفقه عباد الله، فإن الإجماع ينعقد، ولكن قوله خلاف ما عليه جمهور أهل العلم، فأهل العلم يقولون: إذا وجد خلاف ولو من واحد فلا إجماع.اهـ المراد
قلت: وشيخنا الكريم زاده الله من فضله ومتّع به، من علماء السنة، ومن أهل الديانة والصيانة، بإجماع أهل الفقه والأثر، بل ويشهد له بذلك أعداء السنة، حاشا أهل الحقد والضنك والحنق، فخلافه غير معتبر، ولقد نقض الشيخ يحيى وألوف أهل الحق الذين عرفوا حقيقة هذه الحزبية بالبراهين ورأوها رأي العين، نقضوا هذا الإجماع المكذوب الذي أجدر به أن يقال: مخالفة الاجتماع، وينطبق عليه قول الإمام أحمد رحمه الله.
قال الحافظ بن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" - (1 / 30): ولم يكن (يعني: الإمام أحمد رحمه الله) يقدم على الحديث الصحيح عملا ولا رأيا ولا قياسا ولا قول صاحب ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعا ويقدمونه على الحديث الصحيح وقد كذب أحمد من ادعى هذا الإجماع ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت وكذلك الشافعي أيضا نص في رسالته الجديدة على أن ما لا يعلم فيه بخلاف لا يقال له إجماع ولفظه ما لا يعلم فيه خلاف فليس إجماعا وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول ما يدعي فيه الرجل الإجماع فهو كذب من ادعى الإجماع فهو كاذب لعل الناس اختلفوا ما يدريه ولم ينته إليه فليقل لا نعلم الناس اختلفواهذه دعوى بشر المرسى والاصم ولكنه يقول لا نعلم الناس اختلفوا أو لم يبلغني ذلك هذا لفظه
ونصوص رسول الله ص - أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف ولو ساغ لتعطلت النصوص وساغ لكل من لم يعلم مخالفا في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده.اهـ فاجتثت هذه الفرية من أصلها ورجع الأمر للحج التي أبرزها الشيخ يحيى حفظه الله على حزبية العدني وأصحابه، وعُلِمَ غباء محمد بن عبدالوهاب بالأصول، أو أن الهوى أعماه عن هذه الفصول والنقول، والله المستعان.
قول الوصابي: وكما تعلمون أيضاً باجتماع العلماء في فتنة أبي الحسن وفق الله العلماء في اليمن وفي غير اليمن فاجتمعت كلمتهم وإلى الآن – من فضل الله- على تخطئة أبي الحسن وأنه مخطئ في اتهامه للمشايخ بأنهم حدادية وفي تنفيره عنهم أنه أخطأ في ذلك.
التعليق: قوله: وكما تعلمون أيضًا، باجتماع العلماء في فتنة أبي الحسن ..... أخطأ في ذلك.اهـ
قلت: فهذا دليل على أنه كان هناك اختلاف بين أهل السنة في قضية أبي الحسن، فقوله: اجتمعت، أي: بعد حصول الاختلاف، وهذا هو المعروف.
وكان السبب في ذلك أن هؤلاء الموقعين على هذه البيانات حفظهم الله كانوا في شق، وعلماء الحديث، أمثال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله والعلامة أحمد النجمي / والعلامة يحيى الحجوري حفظه الله، في شق آخر، فأقاموا الأدلة والبراهين على انحراف أبي الحسن، وأظهروا أصوله الفاسدة وقواعده الكاسدة، ولا يزال هؤلاء الموقعون في مناصحة لأبي الحسن ومناصرة له والدفاع عنه، بل بعضهم أخرج ملزمة، أسفرت عن تعصبه لأبي الحسن، واتهام غيره بما لا يقوله إنسان عرف السلفية، فضلاً عن أن يكون أحد أبناءها، ولا تزال ملزمته في مثل هذا الدفاع عن الباطل موجودة في بعض الأدراج، ونذكره بحديث: $لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين#.
وبعضهم اضطرب أيما اضطراب، تارة يقول: أبو الحسن إمام، وأخرى يقول: من أهل السنة وعلى هذه الرقبة، وتارة يقول: أخطاؤه أخطاء أي واحد من علماء السنة، وبعضهم تورّط مع الحزبيين، وظهر اسمه في القائمة معهم، ولا يزال اسمه مزبورًا ف الورقة التي سميّت ببراءة الذمة.
بل إن الوصابي نفسه، سأله أهل رساب من أهل يافع، عن أبي الحسن، فكتب لهم ورقة أنه من أهل السنة، فسقط المسجد، وصار بأيدي الحسنيين، بعد أن كان معقلاً من معاقل أهل السنة، وكان الشيخ رحمة الله عليه ينزل فيه كبار طلبة العلم، فسقط المسجد حتى الساعة هذه، كما أخبرني بذلك ابو عمرو علي البنائي وزين العُبَاري اليافعيان حفظهما الله ونفع بهما. وكم من أناس انحرفوا عن السنة وضاعوا وزاغوا، والسبب في ذلك ما تقدم من هذه الدفاعات عن بعض المبطلين وعدم مصارحتهم بالنصح أو البراءة الواضحة من أخطائهم بادي الرأي.
ثم بعد ذلك يا وصابي تأتي وتفتخر أن أهل السنة اجتمعت كلمتهم، بدلاً أن تحمد الله تعالى أن نجّاك من فتنة أبي الحسن وعصمك منها، ونسيت أو تناسيت أنك قلت: ليتنا ناصرنا الحجوري من أول يوم.
فحقيقة والحق يقال: أنه لولا الله تعالى أمدنا بعلماء الحديث، لحصل لكثير ما لا يحمد عقباه.
فواجب على كل إنسان أن يعرف الفضل والقدر لأهله، ويشكر لهم جهودهم السلفية في ما أعطاهم الله من معرف الحق ببرهانه، وتحذير الناس من الباطل وأعوانه من أول يوم، معتمدين في ذلك نصوص الأدلة وقواعد الملة، كحديث: $الدين النصيحة# وقاعدة لا يجوز تأخير الباين عن وقت الحاجة، وقاعدة من علم حجة على من لم يعلم، وقاعدة المثبت مقدم على النافي، وغير ذلك.
ثم إن أبا الحسن أهانه الله تعالى، وقد فعل، لم يكن انحرافه محصورًا، بأنه رمى أهل السنة بالحدادية، ونفّر الناس عنهم، لا ليس الأمر كذلك، كما يزعمه هذا المفتون.
فهذه تعتبر من أعظم بوائقه، وإضافة على ذلك: اصوله الفاسدة، وقواعده الخاسرة، وتكتيل الناس حوله وتحزيبه أياهم، والتحريش بين أهل العلم، وتشكيك الناس في الخير والسنة التي نهلوا منها في هذا المنبع الصافي ولا يزالون، ودفاعه عن أهل الأهواء والتماس الأعذار لهم، والثناء عليهم، وتنكره للسنة، وطعنه بدار الحديث بدماج، والازدراء بشيخها وتاجها، وغير ذلك، ولا أنسى منهجه الواسع الأفيح الذي يسير عليه الوصابي الآن، حذو القذّة بالقذّة، وكذا محاولة تمييع باب الجرح، وإسقاط جهود أهله الأمناء النصحاء، كما هو الشأن في هذا الوصابي، وغير ذلك كثير.
على أن عبدالرحمن العدني الحزبي الفاجر رمى شيخنا رعاه الله وطلبته بالغلو أشدّ مما رماهم به أبو الحسن بالحدادية في وريقاته تلك الظالم صاحبها التي قال فيها: أقسم بالله العظيم .....، وسيأتي ذكر يمينه الفاجرة.
قال الأخ الفاضل عبدالسلام الشعبي رعاه الله: لما بلغ عبدالرحمن العدني أن فالحًا يطعن في الشيخ يحيى، قال عبدالرحمن: دعوه يخفف من حدّته، يعني: الشيخ يحيى.
وقال الأخ الفاضل حمود الوائلي رعاه الله: لما نبّه شيخنا رعاه الله، على خطأ بعض المشايخ في دفاعه عن أبي الحسن آنذاك، قال عبدالرحمن: أيش كفّرهم، فقال له الأخ: لا إنما هي نصيحة. انظر: "مختصر البيان" (ص36).
قال عبدالرحمن العامري: بل فاق، [يعني شيخنا رعاه الله] البكري في الغلو والكذب والطعن في العلماء، وقد تواتر الأخبار عنهم في ذلك.
وقال أبو قيس الليبي أخزاه الله: الحداد تقيأ فخرج فالح، ثم تقيأ فالح فخرج يحيى، وقال الخبيث: مسلك الحجوري مسلك ماسوني خطير، أما البكري سلفي، رغم أنوف الحدادية، وقال قطع الله لسانه: الفرقة الحجورية مخانيث الحدادية والحربية، وقال الفويسق: الفرقة الحجورية هي خراء الحدادية، وقال الفاجر: أن شيخكم الفجوري يسلك مسلك فالح الحربي تمامًا، بل أزيد.
وقال عبيدالله السلفي، أحد المتسترين بالأسماء المجهولة في ملزمة له، بعنوان: أوجه الشبه بين الحجوري والحدادية" قال: لفت انتباهي وجود بعض الشبه بين ما تميز به الحداد وأصاحبه وبين بعض ما يسير عليه الحجوري وأحبابه ..... وأنه كل يوم يزداد الحجوري ومن معه مشابهة بالحدادية ومنهجهم، وأن طريقته التي يسير عليها هو وطلابه، فاقت طريق الحداد في بعض المميزات، وأنه هو ومن معه شابهوا الحدادية، ثم ذكر ما كتبه العلامة ربيع المدخلي رعاه الله في مميزات الحدادية، ونزله على الشيخ يحيى وطلابه حفظهم الله، وقد وصف شيخنا رعاه الله أنه يتظاهر بخلاف حاله في الواقع.
فإذا اضفنا يا وصابي هذه المساوئ مع تحذيرهم من دماج وتنفير الناس عنها والطعن في شيخ الدعوة السلفية في اليمن، هل يمكنك أن تحكم عليهم بالانحراف كما حكمت على أبي الحسن، أو أن هذا يحتاج إلى مزيد نظر وتأمل، ولا بأس بتوزيع هذا الفجور في مسجدك، وأنت ردود أهل السنة على هذه الأباطيل والمنكرات تنقلب إلى فتنة، فبأي حق وبأي مستند أو عقل سليم يصار على هذا التحقير والتغطية على الحق، وغش المجتمع بنعش ضدّه من الباطل بلسان الحال أو المقال.
قول الوصابي: ..... وما أدعاه الحجوري في عبد الرحمن العدني بأنه حزبي غير صحيح لكونه لم يقم على ذلك حجة.
التعليق: ما أشبه هذا القول بقول من قال الله تعالى فيه: +وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)﴾، وقوله تعالى: +فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)_، وقوله تعالى: +وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾ [الأحقاف : 11].
وعن أبي سعيد الخدري ط قال قال رسول الله ص: $يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ +وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا_ فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: +وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا_ وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ#.
قول الوصابي: وكما تعلمون أيضأً من التأريخ فيما يتعلق بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأنَّ كلمة أهل السنة اجتمعت أنَّ علياً رضي الله عنه هو المحق وأن معاوية رضي الله عنه كانَ مخطئاً أجتهد فأخطأ والصواب مع علي وهم صحابة رضي الله عنهم جميعاً.
التعليق: دليل هذا الإجماع حديث أم سلمة م قالت: قال رسول الله ص لعمار: $تقتلك الفئة الباغية# رواه مسلم.
وعمار كان في صف علي بن أبي طالب رضي الله عن صحابة رسول الله ص.
وفي الصحيح عن أبي سعيد الخدري ط قال: قال رسول الله ص: $تمرق مارقة عند فرقة المسلمين، يقتلها أولى، وفي رواية، $أدنى#، وفي رواية أخرى، $أقرب الطائفتين بالحق# وفي رواية: $إلى الحق# وفي أخرى $من الحق# رواه مسلم.
انظر: مزيدًا من ذلك في "العواصم من القواصم" للإمام ابن العربي / (ص168) وما بعدها، و"الفرق بين الفرق" (309-310) و"التذكرة" (ص626-627).
شاهدنا من هذا، أن الإجماع قائم على مستند، أما كلام الشيخ محمد فعلى غير مستند.
قوله: فينبغي لأهل السنة والجماعة أن يفهموا هذا أنَّ الإنسان كونه صحابي أو كونه سني لا يمنع أن يقع في الخطأ فالعلماء جزاهم الله خيراً في الماضي وفي الحاضر سواء كان فيما جرى بين الصحابة أو ما جرى بين الإمامين الإمام البخاري والإمام محمد بن يحيى الذهلي إلى غير ذلك مما يحصل بين أهل العقيدة الواحدة والمنهج الواحد من بعض الأخطاء.
التعليق: وفي ذلك تعمية وخيانة علمية، يوهم الناس أن ما حصل بين الإمامين الذهلي والبخاري، إنما هو شيء في النفوس، ومن كلام الأقران وغير ذلك، ويريد من وراء ذلك أن ينزل هذه الفتنة على تلك الحادثة التي وقعت بين من تقدم ذكره، وما علم أن الصواب كان فيها مع الإمام البخاري /.
وبما أن هذا المتحامل استدل بهذه الحادثة في غير موضعها من أجل أن يلبس على الناس، أحببت أن أنقل القصة من مقدمة "الفتح" حتى يعلم الناس مكره.
قال الحافظ ابن حجر / في مقدمة "الفتح" (ص514-516): ذكر ما وقع بينه وبين الذهلي في مسألة اللفظ، وما حصل له من المحنة، بسبب ذلك، وبرائته مما نسب إليه من ذلك:
قال الحاكم أبو عبد الله في تاريخه قدم البخاري نيسابور سنة خمسين ومائتين فأقام بها مدة يحدث على الدوام قال فسمعت محمد بن حامد البزار يقول سمعت الحسن بن محمد بن جابر يقول سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح العالم فاسمعوا منه قال فذهب الناس إليه فأقبلوا على السماع منه حتى ظهر الخلل في مجلس محمد بن يحيى قال فتكلم فيه بعد ذلك وقال حاتم بن أحمد بن محمود سمعت مسلم بن الحجاج يقول لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت واليا ولا عالما فعل به أهل نيسابور ما فعلوا به استقبلوه من مرحلتين من البلد أو ثلاث وقال محمد بن يحيى الذهلي في مجلسه من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غدا فليستقبله فإني أستقبله فاستقبله محمد بن يحيى وعامة علماء نيسابور فدخل البلد فنزل دار البخاريين فقال لنا محمد بن يحيى لا تسألوه عن شئ من الكلام فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن عليه وقع بيننا وبينه وشمت بن كل ناصبي ورافضي ومرجئ بخراسان قال فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل حتى امتلأت الدار والسطوح فلما كان اليوم الثاني أو الثالث من يوم قدومه قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن فقال أفعالنا مخلوقة وألفاظنا من أفعالنا قال فوقع بين الناس اختلاف فقال بعضهم قال لفظي بالقرآن مخلوق وقال بعضهم لم يقل فوقع بينهم في ذلك اختلاف حتى قام بعضهم إلى بعض قال فاجتمع أهل الدار فأخرجوهم وقال أبو أحمد بن عدي ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور واجتمع الناس عنده حسده بعض شيوخ الوقت فقال لأصحاب الحديث أن محمد بن إسماعيل يقول لفظي بالقرآن مخلوق فلما حضر المجلس قام إليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أو غير مخلوق فأعرض عنه البخاري ولم يجبه ثلاثا فألح عليه فقال البخاري القرآن كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة فشغب الرجل وقال قد قال لفظي بالقرآن مخلوق وقال الحاكم حدثنا أبو بكر أبي الهيثم حدثنا الفربري قال سمعت محمد بن إسماعيل يقول إن أفعال العباد مخلوقة فقد حدثنا علي بن عبد الله حدثنا مروان بن معاوية حدثنا أبو مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: $إن الله يصنع كل صانع وصنعته# قال البخاري: وسمعت عبيد الله بن سعيد يعني أبا قدامة السرخسي يقول ما زلت أسمع أصحابنا يقولون إن أفعال العباد مخلوقة قال محمد بن إسماعيل حركاتهم وأصواتهم وأكسابهم وكتابتهم مخلوقة فأما القرآن المبين المثبت في المصاحف الموعى في القلوب فهو كلام الله غير مخلوق قال الله تعالى بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم قال وقال إسحاق بن راهويه أما الأوعية فمن يشك أنها مخلوقة وقال أبو حامد بن الشرقي سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول القرآن كلام الله غير مخلوق ومن زعم لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع ولا يجالس ولا يكلم ومن ذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل فاتهموه فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مذهبه وقال الحاكم ولما وقع بين البخاري وبين الذهلي في مسألة اللفظ انقطع الناس عن البخاري إلا مسلم بن الحجاج وأحمد بن سلمة قال الذهلي ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رؤوس الناس عروبة إلى الذهلي جميع ما كان كتبه عنه على ظهر جمال قلت وقد أنصف مسلم فلم يحدث في كتابه عن هذا ولا عن هذا وقال الحاكم أبو عبد الله سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول سمعت أحمد بن سلمة النيسابوري يقول دخلت على البخاري فقلت يا أبا عبد الله إن هذا رجل مقبول بخراسان خصوصا في هذه المدينة وقد لج في هذا الأمر حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه فيه فما ترى قال فقبض على لحيته ثم قال وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشرا ولا بطرا ولا طلبا للرياسة وإنما أبت علي نفسي الرجوع إلى الوطن لغلبة المخالفين وقد قصدني هذا الرجل حسدا لما آتاني الله لا غير ثم قال لي يا أحمد أني خارج غدا لتخلصوا من حديثه لأجلي وقال الحاكم أيضا عن الحافظ أبي عبد الله بن الأخرم قال لما قام مسلم بن الحجاج وأحمد بن سلمة من مجلس محمد بن يحيى بسبب البخاري قال الذهلي لا يساكنني هذا الرجل في البلد فخشي البخاري وسافر وقال غنجار في تاريخ بخاري حدثنا خلف بن محمد قال سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر النيسابوري الخفاف بنيسابور يقول كنا يوما عند أبي إسحاق القرشي ومعنا محمد بن نصر المروزي فجرى ذكر محمد بن إسماعيل فقال محمد بن نصر سمعته يقول من زعم أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقله فقلت له يا أبا عبد الله قد خاض الناس في هذا فأكثروا فقال ليس إلا ما أقول لك قال أبو عمرو فأتيت البخاري فذاكرته بشئ من الحديث حتى طابت نفسه فقلت يا أبا عبد الله ههنا من يحكي عنك إنك تقول لفظي بالقرآن مخلوق فقال يا أبا عمرو احفظ عنى من زعم من أهل نيسابور وسمى غيرها من البلدان بلادا كثيرة أننى قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقله إلا أني قلت أفعال العباد مخلوقة وقال الحاكم سمعت أبا الوليد حسان بن محمد الفقيه يقول سمعت محمد بن نعيم يقول سألت محمد بن إسماعيل لما وقع في شأنه ما وقع عن الإيمان فقال قول وعمل ويزيد وينقص والقرآن كلام الله غير مخلوق وأفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي على هذا حييت وعليه أموت وعليه أبعث إن شاء الله تعالى.اهـ المراد
وقول الوصابي: فينبغي لأهل السنة والجماعة أن يفهموا هذا، أنَّ الإنسان كونه صحابي أو كونه سني، لا يمنع أن يقع في الخطأ، فالعلماء جزاهم الله خيراً في الماضي وفي الحاضر سواء كان فيما جرى بين الصحابة أو ما جرى بين الإمامين الإمام البخاري والإمام محمد بن يحيى الذهلي إلى غير ذلك مما يحصل بين أهل العقيدة الواحدة والمنهج الواحد من بعض الأخطاء.اهـ
قلت: أقوال العالم المجتهد دائر بين الأجر والأجرين، دليل ذلك ما أخرجه الشيخان من حديث عمرو بن العاص ط أنه سمع رسول الله ص يقول: $إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ#.
قال الحافظ ابن حجر /: قَالَ اِبْن الْمُنْذِر وَإِنَّمَا يُؤْجَر الْحَاكِم إِذَا أَخْطَأَ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالِاجْتِهَادِ فَاجْتَهَدَ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فَلَا، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ $ الْقُضَاة ثَلَاثَة# - وَفِيهِ - $وَقَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ حَقّ فَهُوَ فِي النَّار، وَقَاضٍ قَضَى وَهُوَ لَا يَعْلَم فَهُوَ فِي النَّار# وَهُوَ حَدِيث أَخْرَجَهُ أَصْحَاب السُّنَن عَنْ بُرَيْدَةَ بِأَلْفَاظ مُخْتَلِفَة، وَقَدْ جَمَعْت طُرُقه فِي جُزْء مُفْرَد، وَيُؤَيِّد حَدِيث الْبَاب مَا وَقَعَ فِي قِصَّة سُلَيْمَان فِي حُكْم دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَصْحَاب الْحَرْث، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَيْهَا فِيمَا مَضَى قَرِيبًا، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِي مَعَالِم السُّنَن إِنَّمَا يُؤْجَر الْمُجْتَهِد إِذَا كَانَ جَامِعًا لِآلَةِ الِاجْتِهَاد، فَهُوَ الَّذِي نَعْذِرُهُ بِالْخَطَأِ، بِخِلَافِ الْمُتَكَلِّف فَيُخَاف عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّمَا يُؤْجَر الْعَالِم لِأَنَّ اِجْتِهَاده فِي طَلَب الْحَقّ عِبَادَة، هَذَا إِذَا أَصَابَ، وَأَمَّا إِذَا أَخْطَأَ فَلَا يُؤْجَر عَلَى الْخَطَأ بَلْ يُوضَع عَنْهُ الْإِثْم فَقَطْ كَذَا قَالَ: وَكَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ قَوْله: $وَلَهُ أَجْر وَاحِد# مَجَاز عَنْ وَضْع الْإِثْم.اهـ من "فتح الباري" (13/331).
فقوله: إن الإنسان كونه صحابي أو كونه سنّيًا لا يمنع أن يقع في الخطأ.اهـ
فهذا أمر مسلّم به، ولا تنتطح فيه عنزان، والمعصوم من عصم الله، وفي الحديث القدسي: $يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ#. أخرجه مسلم.
وفيه عن أبي موسى ط أن نبي الله ص قال: $قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا#.
فهذه الأدلة وغيرها كثير، فيها دلالة على ضعف الإنسان وقصوره وحاجته إلى ربه وافتقاره إليه، لكن الذي يجب أن يعلم أنه إذا حصل اختلاف بين أصحاب العقيدة الواحدة، عقيدة السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم؛ فإنه لا يخرج عن كونه أحد أمرين:
1- إما اختلاف أفهام.
2- وإما اختلاف تنوّع.
ولا يلزم من وقوع أحدهما أو وقوع كليهما، تبديع ولا تضليل، إذ أن أهل السنة والجماعة سموا بذلك؛ لأنهم مجتمعون على السنة، متآلفون لا يضلل بعضهم بعضًا، ولا يبدّع بعضهم بعضًا، بخلاف أهل البدع( ).
ولا يعني هذا أنهم يتعمدون المخالفة، لا، حاشاهم ذلك، ولكن كل يتكلم بما أدّاه إليه اجتهاده، وبما يقربه إلى الله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في "رفع الملام" (ص8-9): ..... وبعد. فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ مُوَالَاةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مُوَالَاةُ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ خُصُوصًا الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ جَعَلَهُمْ اللَّهُ بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ يُهْتَدَى بِهِمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هِدَايَتِهِمْ وَدِرَايَتِهِمْ إذْ كَلُّ أُمَّةٍ قَبْلَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعُلَمَاؤُهَا شِرَارُهَا إلَّا الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ عُلَمَاءَهُمْ خِيَارُهُمْ ؛ فَإِنَّهُمْ خُلَفَاءُ الرَّسُولِ فِي أُمَّتِهِ والمحيون لِمَا مَاتَ مِنْ سُنَّتِهِ بِهِمْ قَامَ الْكِتَابُ وَبِهِ قَامُوا وَبِهِمْ نَطَقَ الْكِتَابُ وَبِهِ نَطَقُوا . وَلِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَقْبُولِينَ عِنْدَ الْأُمَّةِ قَبُولًا عَامًّا يَتَعَمَّدُ مُخَالَفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ سُنَّتِهِ ؛ دَقِيقٍ وَلَا جَلِيلٍ ؛ فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ اتِّفَاقًا يَقِينِيًّا عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَعَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ إذَا وُجِدَ لِوَاحِدِ مِنْهُمْ قَوْلٌ قَدْ جَاءَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِهِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ عُذْرٍ فِي تَرْكِهِ . وَجَمِيعُ الْأَعْذَارِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ : أَحَدُهَا : عَدَمُ اعْتِقَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ . وَالثَّانِي : عَدَمُ اعْتِقَادِهِ إرَادَةَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِذَلِكَ الْقَوْلِ . وَالثَّالِثُ : اعْتِقَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ.اهـ
وهذا الخلاف لا يزيل المحبة والألفة بين أهل السنة.
قال الإمام أبو المظفر السمعاني / في "قواطع الأدلة" (5/12-15): الاختلاف بين الأمة على ضربين ..... واختلاف لا يوجب البراءة، ولا يرفع الألفة .....
والضرب الآخر من الاختلاف لا يزيل الألفة ولا يوجب الوحشة، ولا يوجب البراءة، ولا يقطع موافقة الإسلام، وهو الاختلاف الواقع في النوازل التي عدمت فيها النصوص في الفروع، وغمضت فيها الأدلة، فيرجع في معرفة أحكامها إلى الاجتهاد.اهـ
وهذا الاختلاف لا مانع من إنكاره، وتبيين وجه الصواب فيه.
قال الحافظ ابن القيم / في "إعلام الموقعين" (3/300-301): وَقَوْلُهُمْ : إنَّ مَسَائِلَ الْخِلَافِ لَا إنْكَارَ فِيهَا، لَيْسَ بِصَحِيحٍ ؛ فَإِنَّ الْإِنْكَارَ إمَّا أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى الْقَوْلِ وَالْفَتْوَى أَوْ الْعَمَلِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ يُخَالِفُ سُنَّةً أَوْ إجْمَاعًا شَائِعًا وَجَبَ إنْكَارُهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّ بَيَانَ ضَعْفِهِ وَمُخَالَفَتِهِ لِلدَّلِيلِ إنْكَارُ مِثْلِهِ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَإِذَا كَانَ عَلَى خِلَافِ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ وَجَبَ إنْكَارُهُ بِحَسَبِ دَرَجَاتِ الْإِنْكَارِ، وَكَيْفَ يَقُولُ فَقِيهٌ لَا إنْكَارَ فِي الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَالْفُقَهَاءُ مِنْ سَائِرِ الطَّوَائِفِ قَدْ صَرَّحُوا بِنَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ إذَا خَالَفَ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً وَإِنْ كَانَ قَدْ وَافَقَ فِيهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ؟ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَلِلِاجْتِهَادِ فِيهَا مَسَاغٌ لَمْ تُنْكَرْ عَلَى مَنْ عَمِلَ بِهَا مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا.
وَإِنَّمَا دَخَلَ هَذَا اللَّبْسُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَائِلَ يَعْتَقِدُ أَنَّ مَسَائِلَ الْخِلَافِ هِيَ مَسَائِلُ الِاجْتِهَادِ، كَمَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُمْ تَحْقِيقٌ فِي الْعِلْمِ.
وَالصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ أَنَّ مَسَائِلَ الِاجْتِهَادِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلِيلٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وُجُوبًا ظَاهِرًا مِثْلَ حَدِيثٍ صَحِيحٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ فَيُسَوَّغُ فِيهَا - إذَا عُدِمَ فِيهَا الدَّلِيلُ الظَّاهِرُ الَّذِي يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ - الِاجْتِهَادُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ أَوْ لِخَفَاءِ الْأَدِلَّةِ فِيهَا ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِ الْعَالِمِ: إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَطْعِيَّةٌ أَوْ يَقِينِيَّةٌ، وَلَا يُسَوَّغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ طَعْنٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا، وَلَا نِسْبَةٌ لَهُ إلَى تَعَمُّدِ خِلَافِ الصَّوَابِ وَالْمَسَائِلِ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ وَالْخَلْفُ وَقَدْ تَيَقَّنَّا صِحَّةَ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا كَثِيرٌ مِثْلَ كَوْنِ الْحَامِلِ تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ ، وَأَنَّ إصَابَةَ الزَّوْجِ الثَّانِي شَرْطٌ فِي حِلِّهَا لِلْأَوَّلِ، وَأَنَّ الْغُسْلَ يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ، وَأَنَّ رِبَا الْفَضْلِ حَرَامٌ، وَأَنَّ الْمُتْعَةَ حَرَامٌ، وَأَنَّ النَّبِيذَ الْمُسْكِرَ حَرَامٌ، وَأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِكَافِرٍ، وَأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ جَائِزٌ حَضَرًا وَسَفَرًا، وَأَنَّ السُّنَّةَ فِي الرُّكُوعِ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ دُونَ التَّطْبِيقِ، وَأَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ سُنَّةٌ، وَأَنَّ الشُّفْعَةَ ثَابِتَةٌ فِي الْأَرْضِ وَالْعَقَارِ وَأَنَّ الْوَقْتَ صَحِيحٌ لَازِمٌ، وَأَنَّ دِيَةَ الْأَصَابِعِ سَوَاءٌ، وَأَنَّ يَدَ السَّارِقِ تُقْطَعُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، وَأَنَّ الْخَاتَمَ مِنْ حَدِيدٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا، وَأَنَّ التَّيَمُّمَ إلَى الْكُوعَيْنِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ جَائِزٌ، وَأَنَّ صِيَامَ الْوَلِيِّ عَنْ الْمَيِّتِ يُجْزِئُ عَنْهُ، وَأَنَّ الْحَاجَّ يُلَبِّي حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَأَنَّ الْمُحْرِمَ لَهُ اسْتِدَامَةُ الطِّيبِ دُونَ ابْتِدَائِهِ، وَأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُسَلِّمَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ.
وَأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ ثَابِتٌ فِي الْبَيْعِ، وَأَنَّ الْمُصَرَّاةَ يُرَدُّ مَعَهَا عِوَضُ اللَّبَنِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَأَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ بِرُكُوعَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَأَنَّ الْقَضَاءَ جَائِزٌ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، إلَى أَضْعَافِ أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ، وَلِهَذَا صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِنَقْضِ حُكْمِ مَنْ حَكَمَ بِخِلَافِ كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، مِنْ غَيْرِ طَعْنٍ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ قَالَ بِهَا.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا عُذْرَ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ بَلَغَهُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا إذَا نَبَذَهَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَقَلَّدَ مَنْ نَهَاهُ عَنْ تَقْلِيدِهِ ، وَقَالَ لَهُ لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَقُولَ بِقَوْلِي إذَا خَالَفَ السُّنَّةَ، وَإِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَلَا تَعْبَأْ بِقَوْلِي، وَحَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ كَانَ هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبًا لَا فُسْحَةَ لَهُ فِيهِ، وَحَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ خِلَافَ ذَلِكَ لَمْ يَسَعْهُ إلَّا اتِّبَاعَ الْحُجَّةِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ أَلْبَتَّةَ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ هَذِهِ الْحِيَلَ، وَلَا يَدُلُّهُمْ عَلَيْهَا ، وَلَوْ بَلَغَهُ عَنْ أَحَدٍ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يُفْتِي بِهَا وَلَا يَعْلَمُهَا ، وَذَلِكَ مِمَّا يَقْطَعُ بِهِ كُلُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى اطِّلَاعٍ عَلَى أَحْوَالِ الْقَوْمِ وَسِيرَتِهِمْ وَفَتَاوِيهمْ ، هَذَا الْقَدْرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ أَكْثَرَ مِنْ مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الدِّينِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ.اهـ
هذا وإذا لم يكن في المسألة نصّ ولا إجماع يساغ للعالم البصير أن يجتهد ويبذل وسعه، ويستفرغه في طلب العلم بالأحكام الشرعية بطريق الاستنباط من أدلة الشرع( ).
وأما إذا وجد في المسألة نصّ أو إجماع فلا إجماع، وحينئذ يكون الاجتهاد ساقطًا مطّرحًا.
قال الإمام الشافعي /: ليس لأحد أن يقول في شيء حلال ولا حرام إلا من جهة العلم، وجهة العلم ما نصّ في الكتاب أو السنّة أو في الإجماع أو القياس على هذه الأصول، ما في معناها. أخرجه ابن عبدالبر في "الجامع" (2/32).
وقال الحافظ ابن عبدالبر: باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة. انظر: "الجامع".
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب /: باب في سقوط الاجتهاد مع وجود النص.اهـ انظر: "الفقيه والمتفقه".
وقال الحافظ ابن القيم ¬/ في "إعلام الموقعين" (2/260): فصل في تحريم الإفتاء والحكم في دين الله بما يخالف النصوص، وسقوط الجتهاد والتقليد عند ظهور النص، وذكر إجماع العلماء على ذلك.اهـ
فالإجتهاد محصور، [فيما لم تبت به نصوص الكتاب والسنة، فيبقى فيه مجال للنظر، أما القضايا والأحكام التي قطعت فيها النصوص، فالأصل فيها التوقف عند النص من غير زيادة ولا ستدراك، ولا وجه من التغيّر، وعليه فيخرج من الاجتهاد أمور وهي:
1- العقائد، فهي كلها توقيفية.
2- المقطوع بحكمه ضرورة: وهو ما انعقد إجماع الأمة عليه، كفرض الصلاة والزكاة والصيام والحج، وحرمة الزنا والسرقة، وشرب الخمر وقتل النفس بغير الحق، فإن هذه وشبهها شرائع أحكمت على ما علم للكافة من الأحكام لا تقبل الاستنباط في هذا الجانب المعلوم منها.
3- المقطوع بصحة نقله ودلالته، كألفاظ الخاص التي هي نصوص قطعية على ما وردت به مثل تحديد عدد الجلدات في الزنا والقذف، وفرائض الورثة ونحو ذلك.
وهذه الأنواع هي التي يقال فيها، لا اجتهاد في موضع النص المراد به النص القطعي في ثبوته ودلالته، لا مطلق النص].اهـ من "تيسير علم أصول الفقه" (ص343-345) بتصرف واختصار.
وهذه الأنواع توجب البراءة من أصحابها، والمنابذة لهم والتغليظ عليهم.
قال الإمام أبو المظفّر السمعاني / في "قواطع الأدلة" (5/12-15): الاختلاف بين الأمة على ضربين، اختلاف يوجب البراءة ويوقع الفرقة ويرفع الألفة .....
فالأول: كالاختلاف في التوحيد، فإن من خالف أصله كان كافرًا، وعلى المسلمين مفارقته والتبرء منه، وذلك لأن أدلة التوحيد كثيرة ظاهرة متواترة، قد طبقت العالم وعمّ وجودها كل مصنوع، فلم يعذر أحد بالذهاب عنها، وكذلك الأمر في النبوة لقوة براهينها، وكثرة الأدلة الباهرة الدالة عليها، وكذلك كل ما كان من أصول الدين، فالأدلة عليها ظاهرة، والمخالف فيها معاند مكابر، والقول بتضليله واجب، والبراءة منه شرعًا .....الخ
فهل يا وصابي ما حصل بين الإمامين البخاري والذهلي رحمة الله عليهما من هذا النوع؟!!!
وهل ما حصل بين أصحاب العقيدة السليمة الواحدة من هذا النوع؟!!!
فهل من الأمانة الدينية أن تقرر للناس أن ما حصل منك من فتن وانحراف، وكذا ما حصل من سيّدك عبدالرحمن العدني أن تقرر للناس أن ما حصل منكما وعصابتكما من مضادة للدعوة السلفية، وإثارة الشغب والفرقة بين أوساطهما، وغير ذلك، أن هذه الأمور لا توجب ولاء ولا براء ولا فرقة ولا تحذير ولا حزبية ولا غير ذلك؛ أنما هو اختلاف بين سني وسني، كما حصل بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وكما حصل بين الإمامين الذهلي والبخاري رحمة الله عليهما، وكما يحصل بين أصحاب العقيدة الواحدة، فهذا تلبيس منك وتقليب للحقائق، تريد أن تخلط التبن بالتبر، وتدس السم بالعسل، فهذا لا يكون، فأنت في هذه الفتنة، وتعتبر رأسًا من رؤوسها، فلا تتعب نفسك، بل خلّص أنت نفسك وأمسك عليك لسانك وابك على عظيم ذنوبك.
قول الوصابي: إذا كان الشيخ عبد الرحمن العدني وفقه الله يقول أنا مع العلماء وأنا يدي في أيديهم وكلامي من كلامهم والحق على عيني ورأسي فكوننا نقول له : [ لا أنت حزبي ] هذا من الظلم هذا حرام.
التعليق: هل هذا الحكم يا وصابي جاء عن هوى وعدم معرفة ودراية، أم أنه الدين والغيرة على سنة سيد المرسلين ص؟!!!
فما حزب به عبدالرحمن العدني إلا بما حُزّب به الأوئل، كيف يقول: هو مع العلماء وهو ضدّ العلماء، هذه نغبة سائر الحزبيين مع من سكت عنهم، فأبو الحسن كان يريد التحاكم إلى علماء المدينة، وأنه معهم، فلما أدانوه، تركهم، وأصحاب الجمعيات كانوا يقولون نحن مع العلماء، مع الشيخ ابن باز والشيخ العثيميين، وو.....، لكن الشيخ مقبل تكلم فينا بغير حقٍّ، ويستفيدون من وراء ذلك محاولة فرقة أهل السنة، ولم يحصل ولله الحمد ذلك بين أهل العلم، بسبب هذه الحيل الحزبية الماكرة، فأما أنت فصرت أعواد حطبها الآن، وصدق شيخنا الإمام الوادعي رحمة الله عليه حين قال: لا خبرة لك بحيل الحزبيين، فبذلك اصطادوك وفتنوك وفتنتهم، والله الغني وأنتم الفقراء.
ثم هل العلماء مقرون بيمينه الفاجرة التي قال فيها: ..... ومن هنا فإني أسجل شهادة تديّناً، أعلم أن الله سبحانه سيسألني عنها يوم القيامة، ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾ [الزخرف/19] ، فأقول فيها: أقسم بالله العظيم أنني لا أعرف منذ طلبة العلم إلى الآن، أحدًا ممن ينسب إلى العلم والصلاح، أشدُّ فجورًا في الخصومة وحقدًا، وأعظم كذبًا ومراوغة ومكرًا، من يحيى بن علي الحجوري، وهو مع أوصافه تلك شديد الحذر من أن تظهر عليه هذه الأمور، ولكن يأبى الله سبحانه وتعالى إلا فضيحة المبطلين، وصدق الله إذ يقول:﴿وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة/72]، وما أحسن قول من قال:
ومهما تكن عند امرئ من خليقةٍ*** وإن خالها تخفى على الناس تعلم].
كيف يكون مع العلماء، والعلماء ألزموه بأن يعتذر مما حصل بسبب فتنته، من القلقلة في الدعوة السلفية والمضادة لها، ولم يحصل من ذلك شيء؟!!!
كيف يكون مع العلماء، وهو غير مبال بالدعوة؟!!! نفخ الشيطان بمنخريه وركب على كاهله وتمادى في غيّه وطيشه، بدون أي مراعاة لما يترتب من ذلك من فتن، وليس هذا من تقوى الله في شيء، بل ليس من السلفية في شيء.
كيف يكون مع العلماء، وهو لا يزال جادًا هو وفرقته الحزبية في التحريش بينهم، وإيغار صدور بعضهم على بعض؟!!!
فهذا والله ظلم أن تقول: أن هذا الماكر مع العلماء، بهذا الإطلاق، إنما هو معهم إذا فكهم عن الدعوة إلى حزبيته، وإلا لِمَ لَمْ يكن معهم في التوقف عن التسجيل، ولماذا لم يكن معهم في عدم بناء المسجد الذي قد كتبوا ورقة في أنه لا يبنى إلا أن يكون باستلامهم، يضعون فيه العدني أو غيره، وهو وأنت والشيخ يحيى من الموقعين على ذلك، ثم إن عبدالرحمن أثار فتنة على الدعوة، وأنتم تعترفون، ولا أظنكم تنكرون ذلك، فهل من كلامك أن المشايخ أيضًا أثاروها معه على الدعوة، فهل تقول بذلك، ولكن عند المحاققة، علمنا أن هذا العدني يريد بقوله: أنا مع العلماء، وأنا يدي في أيديهم، وكلامي من كلامهم، يعني بذلك الوصابي والجابري، من قوّوا هذه الفتنة، وعاضدوه عليها، فإذن هذه الكلمة فخ للصيد، لا رجوعًا عن الفتنة والحزبية.
فما بال العلماء الآخرين لم يفعلوا مثل فعل هذين المنحرفين، والسرّ في ذلك ما تقدم، فافهم هذا.
قول الوصابي: أبو الحسن كان يعاند كان ما يقبل الحق وكان من نصحه ردَّ عليه وتسفه عليه وسبه وشتمه واحتقره واستهزئ بهِ وعرفتم من كلماته أقزام وغواطي صلصة إلى غير ذلك في أهل السنة.
التعليق: ومثلها، بل وأعظم منها، إتهامك الشيخ يحيى وطلبة العلم بالفسق، ونشر الحق والتحذير من الباطل، هذا عندك من الفسوق كذا إتهام الشيخ يحيى متع الله به، بإنه كذاب، وحقيقته الكذب، وأن كذباته بلغت الأفاق، وكذا التحذير من دماج والتزهيد من القائم عليها، وأيضًا إعانة المبطلين على باطلهم وطلب الزيادة منهم، وكذا رمي بعض علماء السنّة ودعاة التوحيد بالجوسسة والعمالة، وأيضًا التحريش بين المشايخ، علماء السنّة، وكذا تقليب الحقائق، وكذا التنكر للسنّة والجرح والتعديل، وكذا خفض الجناح للحزبيين والتقريب بينهم وبين السلفين، وكذا محاولة تنكيس قواعد السلف، وإحداث قواعد وأصول تضادها، وغير ذلك من العظائم والطوام الصادرة من الشيخ محمد، فأين أعظم، هذه البوائق، أم قول أبي الحسن: أقزام، وعلب صلصة؟ فإذن أنت أشدّ عنادًا وتلبيسًا وتقليبًا للحقائق من أبي الحسن.
قول الوصابي: أبو الحسن كان يعاند كان ما يقبل الحق وكان من نصحه ردَّ عليه وتسفه عليه وسبه وشتمه واحتقره واستهزئ بهِ وعرفتم من كلماته أقزام وغواطي صلصة إلى غير ذلك في أهل السنة يقول هذا عبد الرحمن ما حصل منه شيئ من هذا.
التعليق: فلنا أن نقول: قال الله تعالى: +فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)_.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود ط أن رسول الله ص قال: $وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا#.
قال الإمام مالك /: لا يؤخذ العلم عن أربعة: سفيه يُعلن السفه وإن كان أروى الناس، وصاحب بدعة يدعوا إلى هواه، ومن يكذب في حديث الناس وإن كنت لا أتهمه في الحديث، وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به. انظر: "سير أعلام النبلاء" (8/67).
قول الوصابي: فعلى الشيخ يحيى الحجوري وفقنا الله وإياه أن يتقي الله في أخيه الشيخ عبد الرحمن العدني ..... دعوة رحمة ماعندهم العنف ماعندهم الظلم إن شاء الله ما عندهم إلاّ التراحم والتعاطف و(الراحمون يرحمهم الرحمن) و(من لا يرًحم لا يُرحم) (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).
التعليق: يقول ربنا سبحانه وتعالى: +أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)_ وقال تعالى: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّه أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)_، فوا عجبًا لهذا الرجل؟!!! فهو في جانب سيده عبدالرحمن يأتي بهذه النغمات وهذه العاطفة الكاذبة، وفي جانب الناصح الأمين تراه يأتي بالعجائب، من ذلك: رميه للشيخ بالعظائم والفواقر، وتحامله الشديد على دار الحديث العامرة بدماج حرسها الله، ورميه لبعض العلماء وبعض طلبة العلم بالجوسسة وغير ذلك، فأين الرحمة يا وصابي؟ وأين العمل بالأدلة التي تقوم بسردها ووضعها في غير موضعها؟ أم أن باء سيدك تجر وباء غيره لا تجر، والله المستعان( ).
قوله عن سيده: وقد منَّ الله به عليكم فأتى إليكم.
التعليق: مذؤومًا مدحورًا، بسبب فتنته وحزبيته، سيء الملكة، لا يفرح به إلا من هو على شاكلته وطريقته ومنهجه.
قوله: ومن ثمار هذه الفتنة ولها ثمارٌ كثيرة هذه الفتنة فقط هذه منها، ومن ثمارها فتح مركز الفيوش.
التعليق: إن الناظر في هذا المركز الموهوم يراه أنه أسس من أول يوم عل مطامع الدنيا وعلى غير هدى وتقوى، ناهيك عما حصل من جرائه من هنات وهنات، فهو أشبه ما يكون بمهدي الرافضة، عليهم لعائن الله المتتابعة؛ فإنهم يزعمون أنه إذا خرج فيهم سيقتل أهل السنة، ويخرج الشيخين أبي بكر وعمر م ويصلبهما، ويزعمون أنه يقيم الحد على الطاهرة المهطرة الصديقة بنت الصديق المبرأة من فوق سبع سموات أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وغير ذلك، وما اشبهه بهذا المهدي؛ فإنه قام على مضادة الدعوة السلفية من أول يوم، وجند عصابته لأجل ذلك، فاي خير يا وصابي يرجى من وراء هذا المركز الموهوم، المشؤوم، أليس النبي ص يقول: $الخير لا يأتي إلا بالخير#. رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري ط، فإي خير يرجى من أناس هذا حالهم، بل وأي خير عاد إليك أنت بنفسك يا وصابي منه، فوالله لو كان خيرًا لما صار حالك من أجله إلى هذا التردي، كل يوم تزاد سوءً فسوءًا، والسبب في ذلك مدافعتك على هذه الثمرة وعلى هذا الخير المزعوم، ونظيرك وأخوك في الدرب، عبيد الجابري الانتخابي، انظر إلى ما صرتما بعد الدفاع عن هثه الثمرة، وماذ ا جنيتموه منها، من عناقيد الخزي والفضيحة، وصدق الله تعالى إذ يقول كما في الحديث القدسي: $من عادا لي وليًا فقد آذنته بالحرب# أخرجه البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قوله: وإذا وجدتم جفوة ممن يتعصب للحجوري.
التعليق: رمتني بدائها وانسلت، إنما الجفاء لمن تحزب وتعصب، أما أهل الحق والاتباع فهم متبعون وليسوا بمبتدعين، يحاربون التقليد والتعصب الذميم، فكيف يكون فيهم جفاء، وهم ينصرون الحق وأهله، ويذبون عن السنة، ولكن هذا هو الشأن في أهل الفتن، ينبزون أهل الحق ويلقبونهم بأقبح الأوصاف؛ حتى ينفروا الناس عنهم وعن دعوتهم، وقديمًا رموا أهل السنة بأنهم حشوية، وأنهم مجسمة، وهذا عمر بن النضر / يقول: سئل عمرو بن عبيد( ) يومًا عن شيءٍ وأنا عنده؟ فأجاب فيه، فقلت له: ليس هكذا يقول أصحابنا، قال ومن أصحابك لا أبًا لك؟ قلت: أيوب ويونس وابن عون والتيمي( )، فقال: أولئك أنجاس، أرجال أموات غير أحياء.
وقال ابن علية /: حدثني اليسع، قال: تكلم واصل، يعني: ابن عطاء( )، فقال عمرو بن عبيد: ألا تسمعون؟!!! ما كلام الحسن وابن سيرين عندما تسمعون إلا خرقة حيض ملقاة. انظر: "الاعتصام" للإمام الشاطبي / (1/ 232- 233).
قال الإمام الشاطبي / في " الاعتصام" (2/ 239): روي أن زعيمًا من زعماء أهل البدع كان يريد تفضيل الكلام على الفقه، فكان يقول: إن علم الشافعي وأبي حنيفة جملته لا يخرج من سراويل امرأة؟!!! هذا كلام هؤلاء الزائغين قاتلهم الله.اهـ
وأخيرًا قالوا عنهم وهابيه، وقالوا عنهم: قواعد وروافض وخوارج ومرجئة، وقالوا عنهم: علماء حيض ونفاس، وسلفهم في ذلك عمرو بن عبيد المعتزلي كما تقدم، وقالوا عنهم: عملاء وجواسيس ودسائس ماسونية، وغير ذلك، وهذا الوصابي وصفهم بالجفاء، اقتداءً بسلمان العودة، إذ أنه وصف أهل الحديث بالجفاء، [ذرية بعضها من بعض].
قول الوصابي: من سبك من شتمك من احتقرك من أستهزئ بك من قال بأنك مبتدع بأنك حزبي قد حصل أكثر من هذا لمن هو أفضل منك فما في إلاَّ الصبر و الاحتساب، احتسبوا أجركم عند الله سبحانه وتعالى.
أقول: التصبير على الباطل سنة جاهلية، لا يجوز لك التشبه بها: قال تعالى: +وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)_ وقال تعالى: +قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ (136) إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (137)_ وقال تعالى: +أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)_.
عن المسيب بن حزن رضي الله عنهما: أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه و سلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أمية بن المغيرة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي طالب ( يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله ) . فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه و سلم يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ) . فأنزل الله تعالى فيه ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ﴾ الآية [التوبة : 113]. متفق عليه.
قوله: ألا تحب أن يكون الله معك مؤيدك وموفقك ومسددك.
التعليق: من نصر السنة وذبّ عنها نصره الله تعالى، قال تعالى: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)_ وقال تعالى: +وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)_ وقال تعالى: +إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)_، فأين هم من هذه الآيات.
قوله: احمد ربك أنك مع المشايخ.
التعليق: هذه دعوة بحتة، للتقليد وعدم التقيّد بالدليل.
قوله: أقبلوا على الخير وأقبلوا على العلم النافع وبلغوا الشيخ عبد الرحمن وفقه الله سلامي...
التعليق: [الأرواح جنود مجندة] و [الرجل على دين خليله] ومن خفيت بدعته لم تخف علينا ألفته.
قوله: لمَّا سكتَّم نفع الله بسكوتكم ولمَّا سكت الشيخ عبد الرحمن وسكت المشايخ بعد أن قالوا كلاماً طيباً نفع الله بهذا السكوت.
التعليق: قال تعالى: +بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)_ وقال تعالى: +وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)_.
ما سكت من سكت يا وصابي إلا عجزًا وضعفًا منهم لما علم أنهم ليس لهم حجة، فالسلفي الخالص لا يرضى أن يُطعن في سلفيته، وهو ساكت ولا يحرك ساكنًا، أليس السلفية من دين الله تعالى؟ والذبُّ عنها من دين الله تعالى، وواجب على المرء أن يغار على دين الله تعالى، ومن الغيرة أن يذبّ المرء عن سلفيته، فهذا نبي الله يوسف عليه السلام، لم يرض بالخروج من السجن إلا بعد أن ظهرت براءته كما هو معلوم، وهذا نبينا محمد ص يقول: $إنها صفية# ويقول: $فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه# فلا بدّ للسلفي أن يدافع عن دينه ويذبّ عن سلفيته، فالنبي ص غضب واحمر وجهه عند أن قال له ذلك الخارجي: إنك لم تعدل، فقال له: $خِبتَُ وخَسِرتَُ#، فعبد الرحمن العدني لو كان سلفيًا له حجة، لبرأ نفسه من الحزبية، ولضحّى بأعز ما يملك من أجل الحفاظ على هذه الدعوة المباركة، بل لو كان سلفيًا على الجادة للزمه أن يتبرأ من ثورتك أنت والجابري وعصابته على الدعوة السلفية، وهكذا الشأن فيك، ونعوذ بالله أن تسلب غيرتنا على السنة، ونكون كالصوفية أتباع الحبيب.
قوله: ومن تعصب يحصل منه تكاسل عن الدروس وعن حضور الدروس وحضور المحاضرات.
التعليق: يا سبحان الله؟!!! لأنت جدير بهذا الكلام، لقد ذابت دعوتك يا وصابي، وصرت مفتونًا ورأ هذا الحزبي الفاجر، قتلك الفراغ وأشرب قلبك حب الفتنة، وصرت تنتقل من مسجد إلى آخر، وبعضها مساجد حزبيين، وتارة في دورة تعليم قيادة السيارة، فلو تركت دورة تعليم القيادة للمرور، من باب ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ [الحشر : 9]، فأين أنت وأين هم والعلم الآن؟!!! صرت لا دعوة لك صافية ولا تآليف نافعة، ماذا أنتجت من ثمرات لا سيما بعد ظهور انحرافك، إنه الضياع يا وصابي، لقد صار كلامك مكررًا، لو جمعت جميع محاضراتك وكُليماتك ونصيحاتك التي تزعم، وأخرج منها المكرر، هل يكاد يصفوا لك شريط واحد، وإن تعجب فجب من أمر هذا الوصابي، لقد بلغ فيه الفراغ أن يعمل دورات، وهذه الدورات تستمر عدة أيام، انظروا: إلى دورات هذا الحريص على وقته والمقبل على شأنه،
ألم تعلموا: أنه عمل دورة في كيفية تنظيم طالب العلم مكتبته، وعمل دورة في مخالفة السائقين، وعمل دورة في مخالفة البيوت، يا سبحان الله؟!!!
ونحن نطالبك يا وصابي أن تعمل دورة( ) في كيفية الطهارة من الحزبية، ومن الغيبة والنميمة، ومن التحريش ومن تقليب الحقائق والتلون والتعصب للباطل واحترام العلماء حقًّا، وعدم ظلم طلاب العلم والعلماء، برميهم بالموبقات وغير ذلك، لعل الله أن ينفعك بمثل ذلك، هذا أحسن من دورة تعليم قيادة سيارة، +وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178)_.
قول والصابي: أمَّا من كان مع المشايخ ما شاء الله عندهم أدب ، عندهم أدب وعندهم احترام ويختارون الكلام الطيب والكلام السليم.
التعليق: ومن أدبهم واحترامهم، انحرفوا عن السنة وتحزبوا، وحذروا من دماج، وملأوا الدنيا سبًّا وشتمًا للشيخ يحيى، هكذا يعمل الهوى بإصحابه، أصحاب عبدالرحمن العدني، الفجرة المكرة، الفرغ الضائعون المائعون، الذين أساؤوا إلى الدعوة السلفية إيما إساءة، هؤلاء عند الوصابي مؤدبون ومحترمون، وأما غيرهم من طلبة العلم ودعاة السنة فليسوا بمؤدبين ولا محترمين، لقد ضللنا إذًا وما كنا من المهتدين، أن نصل إلى هذا الحد المخزي، والله المستعان
.
قول الوصابي: والشيخ يحيى الحجوري نحن ما نيأس لعلَّ الله أن يوفقه ولعلَّ الله أن يهديه ولعلَّ الله أن يبصره فهو أخونا في الله ونحن جميعاً تخرجنا من مدرسة واحدة الكتاب والسنة على يد الشيخ مقبل لكن سبحان الله قد يكون اجتهد في المسألة.
التعليق: عجبًا لك يا وصابي، بالأمس القريب كذاب، وأن حقيقته الكذب، وأن كذبه بلغ الآفاق، واليوم مجتهد، كيف يكون هذا؟!!! أليس هذا من التناقض والاضطراب وعدم وزن الأمور بميزانها الشرعي، ورحم الله الحافظ ابن كثير، إذ يقول في "تفسيره" (2/547): وذلك أن كل من خرج عن الحق فمهما قال أخطأ.
وإلى هنا والحمد لله رب العالمين، سبحانك وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
كتبه: محمد العمودي كان الله له في الدارين، قبيل غروب شمس يوم الجمعة الموافق/ 15 / ربيع ثاني/1430هـ دماج دار الحديث والسنة العامرة رحم الله مؤسسها رحمة واسعة وحفظ خليفته القائم عليها من بعده ومتع به،
ودفع عنه كيد الكائدين وشر الحاقدين ، إنه ولي ذلك والقادر عليه
تعليق