العدو الداخلي
أخطر من العدو الخارجي
كتبه الفقير إلى الله:
أبو فيروز عبد الرحمن بن سوكايا الإندونيسي
الجاوي القدسي آل الطوري عفا الله عنه
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف –عفى الله عنه-
فقد قال بعض الحزبيين لأهل السنة: (سلم منكم اليهود والنصارى والعلمانيون، ولم يسلم منكم المسلمون!)، يعنون بذلك: أن أهل السنة يردّون على أهل البدع من أجل سلامة دين المسلمين. ولكن الحزبيين غار لأهل البدع، ودافع عنهم، واتهموا أهل السنة بأنهم لم يحاربوا الكفار وإنما مشغولون بالطعون في المسلمين –أي: أهل البدع-.
أقول بتوفيق الله وحده في إبطال افترائهم:
الباب الأول: صدق أهل السنة في جهاد الكفار وظهور بركة جهادهم
قد شهدت التواريخ صدق أهل السنة في مجاهدة الكفار –على طريقة الكتاب والسنة، لا على حماسية الخوارج- قلبياً وقولاً و وكتابة وخطابة وبالسيوف والأسنة ما لم يفعله أهل البدع –سواء من مبتدعة المسلمين أو المتظاهرين بالإسلام من الزنادقة.
فمن فضل الله على أهل الأرض أن يمحو عنهم سيطرة ملوك الكفار الظلمة الفجرة ويبدلهم بأمارة السلف الصالح ملؤوا الدنيا بالعدل والتقوى والخيرات في وقت قصير، ما لم يفعله أهل البدع.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: وقد كان للصحابة -رضي الله عنهم -في باب الشجاعة والائتمار بأمر الله، وامتثال ما أرشدهم إليه -ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم، ولا يكون لأحد ممن بعدهم؛ فإنهم ببركة الرسول، صلوات الله وسلامه عليه، وطاعته فيما أمرهم، فتحوا القلوب والأقاليم شرقا وغربا في المدة اليسيرة، مع قلة عَدَدهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم، من الروم، والفرس، والترك، والصقالبة والبربر، والحبُوش، وأصناف السودان، والقبْط، وطوائف بني آدم، قهروا الجميع حتى عَلَتْ كلمة الله، وظهر دينه على سائر الأديان، وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، في أقل من ثلاثين سنة، فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، وحشرنا في زمرتهم، إنه كريم وهاب. ("تفسير القرآن العظيم"/4 /ص72).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ... فرأينا أصحاب رسول الله فتحوا بلاد الكفر وقلبوها بلاد إسلام وفتحوا القلوب بالقرآن والعلم والهدى فآثارهم تدل على أنهم هم أهل الصراط المستقيم ورأينا الرافضة بالعكس في كل زمان ومكان فإنه قط ما قام للمسلمين عدو من غيرهم إلا كانوا أعوانهم على الإسلام وكم جروا على الإسلام وأهله من بلية. وهل عاثت سيوف المشركين عباد الأصنام من عسكر هولاكو وذويه من التتار إلا من تحت رءوسهم؟ وهل عطلت المساجد وحرقت المصاحف وقتل سروات المسلمين وعلماؤهم وعبادهم وخليفتهم إلا بسببهم ومن جرائهم ومظاهرتهم للمشركين والنصارى معلومة عند الخاصة والعامة. وآثارهم في الدين معلومة. فأي الفريقين أحق بالصراط المستقيم وأيهم أحق بالغضب والضلال إن كنتم تعلمون.
ولهذا فسر السلف الصراط المستقيم وأهله بأبي بكر وعمر وأصحاب رسول الله ورضي الله عنهم. وهو كما فسروه فإنه صراطهم الذي كانوا عليه وهو عين صراط نبيهم وهم الذين أنعم الله عليهم وغضب على أعدائهم وحكم لأعدائهم بالضلال. وقال أبو العالية رفيع الرياحي والحسن البصري وهما من أجل التابعين: الصراط المستقيم رسول الله وصاحباه([1]). وقال أبو العالية أيضا في قوله: ﴿صراط الذين أنعمت عليهم﴾ هم آل رسول الله وأبو بكر وعمر([2]). وهذا حق فإنّ آله وأبا بكر وعمر على طريق واحدة ولا خلاف بينهم وموالاة بعضهم بعضا وثناؤهم عليهما. ومحاربةُ من حاربا ومسالمة من سالماً معلومة عند الأمة خاصها وعامها. وقال زيد بن أسلم: الذين أنعم الله عليهم هم رسول الله وأبو بكر وعمر([3]).
ولا ريب أن المنعم عليهم هم أتباعه والمغضوب عليهم هم الخارجون عن اتباعه. وأتبع الأمة له وأطوعهم أصحابه وأهل بيته وأتبع الصحابة له السمع والبصر أبو بكر وعمر. وأشد الأمة مخالفة له هم الرافضة فخلافهم له معلوم عند جميع فرق الأمة ولهذا يبغضون السنة وأهلها ويعادونها ويعادون أهلها. فهم أعداء سنته. وأهل بيته وأتباعه من بينهم أكمل ميراثا بل هم ورثته حقا. فقد تبين أن الصراط المستقيم طريق أصحابه وأتباعه وطريق أهل الغضب والضلال طريق الرافضة. وبهذه الطريق بعينها يرد على الخوارج فإن معاداتهم الصحابة معروفة اهـ. ("مدارج السالكين"/1/ص64-65/دار الحديث).
الباب الثاني: أهل أهل البدع هم خونة الدين في الحقيقة
إن أهل البدع كثير منهم صاروا أنصاراً للكفار، سواء على قصد أو بغير قصد. فهم أخطر من العدو الخارجي لالتباس أمرهم على الناس ما لم يلتبس عليهم شأن اليهود والنصارى وغيرهم.
قال العلامة أبو الوفاء على بن عقيل الفقيه رحمه الله : قال شيخنا أبو الفضل الهمداني: مبتدعة الإسلام والواضعون للأحاديث أشد من الملحدين لأن الملحدين قصدوا إفساد الدين من خارج، وهؤلاء قصدوا إفساده من داخل، فهم كأهل بلد سعوا في إفساد أحواله، والملحدون كالحاضرين من خارج، فالدخلاء يفتحون الحصن فهو شر على الإسلام من غير الملابسين له. (ذكره ابن الجوزي في مقدمة "الموضوعات"/ص25-26/ط. دار الكتب العلمية).
وقال أبو الفرج بن الجوزي: زنادقة الاسلام ثلاثة: ابن الراوندي، وأبو حيان التوحيدي، وأبو العلاء المعري، وأشدهم على الاسلام أبو حيان، لانهما صرحا، وهو مجمج ولم يصرح. ("سير أعلام النبلاء"/17/ص120).
هكذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله –بعد أن تكلم في هجوم الأعداء خارجي الحصن-:
ومن البليّة أن قوما بين أهـ***ـل الحصن واطوهم على العدوان
ورموا به معهم وكان مصاب أهـ***ـل الحصن منهم فوق ذي الكفران
فتركبت من كفرهم ووفاق من*** في الحصن أنواع من الطغيان
وجرت على الاسلام أعظم محنة*** من ذين تقديرا من الرحمن
والله لولا أن تدارك دينه*** الرحمن كان كسائر الأديان
لكن أقام له الاله بفضله*** يزكا من الأنصار والأعوان
فرموا على ذا المنجنيق صواعقا*** وحجارة هدته للأركان
("الكافية الشافية"/شرح الهراس/2/ص23/دار الكتب العلمية).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: ومنهم من أدخل على الدين من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد. فملاحدة الإسماعيلية والنصيرية وغيرهم من الباطنية المنافقين من بابهم دخلوا، وأعداء المسلمين من المشركين وأهل الكتاب بطريقهم وصلوا واستولوا بهم على بلاد الإسلام وسبوا الحريم وأخذوا الأموال وسفكوا الدم الحرام وجرى على الأمة بمعاونتهم من فساد الدين والدنيا ما لا يعلمه إلا رب العالمين. ("منهاج السنة النبوية"/1/ ص 10-11/ط. جامعة الإمام ابن سعود).
وقال فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: وهذه مكيدة لا تزال تحاك للمسلمين ممن يندسون في صفوفهم من أعدائهم، ويتظاهرون بقبول الحق، يريدون قلب الإسلام وإفساد الإسلام، وهذا وقع في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مستمر إلى وقتنا هذا، وإلى أن يشاء الله جلّ وعلا، يندسّ أناس من أعداء الإسلام ويتظاهرون بالإسلام من أجل إفساد الإسلام، ومن أجل بثّ الشبه بين المسلمين وتفريق الكلمة، وإلقاء العداوة بين المسلمين وتقطيعهم إلى أحزاب وإلى جماعات، وهذا من كيد الأعداء ومكرهم. فيجب على المسلمين أن يتنبهوا لهذا المكر الخبيث، وأن لا يمنحوا الثقة لكل ما هبّ ودبّ، بل عليهم أن يجربّوا الناس تجربة صادقة، ويختبرون اختباراً دقيقاً، فإذا ثبت صدقهم منحوهم الثقة اهـ. ("شرح مسائل الجاهلية" /صالح الفوزان/ص180-181/دار العاصمة).
فمن أجل شدة خطرهم، حذر الله منهم أعظم من تحذيره من العدو الظاهر.
قال الله تعالى: ]إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله وَالله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَالله يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ * وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ[ [المنافقون/1-4].
وقد تكلم الإمام ابن القيم رحمه الله في المنافقين بكلام نفيس: وبلية المسلمين بهم أعظم من بليتهم بالكفار المجاهرين. ولهذا قال تعالى في حقهم: ]هم العدو فاحذرهم[ ومثل هذا اللفظ يقتضي الحصر، أي لا عدو إلا هم. ولكن لم يرد ها هنا من إثبات الأولوية والأحقية لهم في هذا الوصف، وأنه لا يتوهم بانتسابهم إلى المسلمين ظاهراً وموالاتهم لهم ومخالطتهم إياهم أنهم ليسوا بأعدائهم، بل هم أحق بالعداوة ممن باينهم في الدار ونصب لهم العداوة وجاهرهم بها، فإن ضرر هؤلاء المخالطين لهم المعاشرين لهم وهم في الباطن على خلاف دينهم أشد عليهم من ضرر من جاهرهم بالعداوة وألزم وأدوم لأن الحرب مع أولئك ساعة أو أياما ثم ينقضي ويعقبه النصر والظفر، وهؤلاء معهم في الديار والمنازل صباحاً ومساءً يدلون العدو على عوراتهم ويتربصون بهم الدوائر ولا يمكنهم مناجزتهم، فهم أحق بالعداوة من المباين المجاهر فلهذا قيل ]هم العدو فاحذرهم[ لا على معنى أنه لا عدو لكم سواهم، بل على معنى أنهم أحق بأن يكونوا لكم عدوا من الكفار المجاهرين.
ونظير ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ليس المسكين الطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس ولا يفطن له فيتصدق عليه». فليس هذا نفياً لاسم المسكين عن الطواف، بل إخبار بأن هذا القانع الذي لا يسمونه مسكيناً أحق بهذا الاسم من الطوّاف الذي يسمونه مسكيناً.
ونظيره قوله: «ليس الشديد بالصرعة ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب» ليس نفيا للاسم عن الصرعة، ولكن إخبار بأن من يملك نفسه عن الغضب أحق منه بهذا الاسم.
ونظيره قوله: «ما تعدون المفلس فيكم؟» قالوا: من لا درهم له ولا متاع. قال: «المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثل الجبال، ويأتي قد لطم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، فيقتصّ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من سيئاتهم ثم طرح عليه فألقي في النار».
ونظيره قوله: «ما تعدون الرقوب فيكم؟» قالوا: من لا يولد له. قال: «الرقوب من لم يقدم من ولده شيئاً». ومنه عندي قوله: «الربا في النسيئة» وفي لفظ: «إنما الربا في النسيئة». هو إثبات لأن هذا النوع هو أحق باسم الربا من ربا الفضل، وليس فيه نفي اسم الربا عن ربا الفضل، فتأمله اهـ.
("طريق الهجرتين"/ص497-498/فصل: في مراتب المكلفين/دار ابن رجب).
فمن سلك سبيل الله، فهذا هو سبيله: تحذير المسلمين من العدو الداخلي أعظم من تخذيرهم من العدو الخارجي، وأن جهاد كليهما مهم.
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التوبة: 73].
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلى ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال : إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل . فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين . ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا، لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء . ("مجموع الفتاوى"/28 /ص231-232).
الباب الثالث: أهل البدع سبب نزول العقوبة
من ناحية أخرى: لما كانت المعاصي سبباً للفساد واستيلاء الأعداء، فكذلك البدع واتباع الأهواء هي سبب سيطرة الأعداء على المسلمين. ولا ينزع عنهم هذا الذل حتى يراجعوا دينهم. والأدلة في ذلك مشهورة معروفة مذكورة في بعض الرسائل.
وإذا كثرت دعاة البدع عمّ الفساد العقدي والعملي في العباد فينزل العذاب على البلاد. قال الإمام القرطبي رحمه الله: فهذه أسباب النصر وشروطه وهى معدومة عندنا غير موجودة فينا، فإنا لله وإنا إليه راجعون على ما أصابنا وحل بنا ! بل لم يبق من الاسلام إلا ذكره، ولا من الدين إلا رسمه لظهور الفساد ولكثرة الطغيان وقلة الرشاد حتى استولى العدو شرقا وغربا برا وبحرا، وعمت الفتن وعظمت المحن ولا عاصم إلا من رحم ! ("الجامع لأحكام القرآن/"3/ص255).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: وهذا الجعد إليه ينسب مروان بن محمد الجعدي آخر خلفاء بني أمية، وكان شؤمه عاد عليه حتى زالت الدولة؛ فإنه إذا ظهرت البدع التي تخالف دين الرسل انتقم الله ممن خالف الرسل، وانتصر لهم. ("مجموع الفتاوى"/13/ص177).
وقال رحمه الله: فلما ظهر النفاق والبدع والفجور المخالف لدين الرسول سلطت عليهم الأعداء، فخرجت الروم النصارى إلى الشام والجزيرة مرة بعد مرة، وأخذوا الثغور الشامية شيئًا بعد شىء إلى أن أخذوا بيت المقدس في أواخر المائة الرابعة، وبعد هذا بمدة حاصروا دمشق، وكان أهل الشام بأسوأ حال بين الكفار النصارى والمنافقين الملاحدة، إلى أن تولى نور الدين الشهيد، وقام بما قام به من أمر الإسلام وإظهاره والجهاد لأعدائه، ثم استنجد به ملوك مصر بنو عبيد على النصارى فأنجدهم، وجرت فصول كثيرة إلى أن أخذت مصر من بني عبيد أخذها صلاح الدين يوسف بن سادي، وخطب بها لبني العباس، فمن حينئذ ظهر الإسلام بمصر بعد أن مكثت بأيدي المنافقين المرتدين عن دين الإسلام مائة سنة . فلما ظهر في الشام ومصر والجزيرة الإلحاد والبدع سلط عليهم الكفار، ولما أقاموا ما أقاموه من الإسلام وقهر الملحدين والمبتدعين نصرهم الله على الكفار؛ تحقيقًا لقوله : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِالله وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ الله وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ الصف : 10-13 ] .
وكذلك لما كان أهل المشرق قائمين بالإسلام كانوا منصورين على الكفار المشركين من الترك والهند والصين وغيرهم، فلما ظهر منهم ما ظهر من البدع والإلحاد والفجور سلط عليهم الكفار، قال تعالى : ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ﴾ [ الإسراء : 4-8] .
("مجموع الفتاوى"/13 /ص178-179).
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: فلما كثرت الجهمية في أواخر عصر التابعين كانوا هم أول من عارض الوحي بالرأي ومع هذا كانوا قليلين أولا مقموعين مذمومين عند الأئمة وأولهم شيخهم الجعد بن درهم وإنما نفق عند الناس بعض الشيء لأنه كان معلم مروان بن محمد وشيخه ولهذا كان يسمى مروان الجعدي وعلى رأسه سلب الله بني أمية الملك والخلافة وشتتهم في البلاد ومزقهم كل ممزق ببركة شيخ المعطلة النفاة. ("الصواعق المرسلة"/2/ص1-2).
وقال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: أما بعد أيها المؤمنون : اتقوا الله تعالى وحققوا الإيمان بالله قولا وعملا واعتقادا فإنه لا عزة ولا كرامة ولا انتصار إلا بالقيام بالدين وتحكيم الكتاب والسنة وتقديمهما على جميع النظم والقوانين فإنه لا نظام أقوى من نظام الإسلام ولا حكم أحسن من حكمه لأنه حكم الرب العليم الحكيم الرحمن الرحيم لا أحسن من تطبيق الإسلام في الأمور السياسية والأمور الاقتصادية والأحوال الاجتماعية والحقوق الشخصية والحدود الجنائية فتطبيقه صلاح العالم في جميع الأحوال ولما كانت الأمة الإسلامية متمسكة بدينها خاضعة لأحكامه مقتنعة بتعاليمه وأهدافه مطبقة لشرائعه في جميع الميادين كانت منصورة بنصر الله المبين فقهرت أعظم دول العالم في ذلك الحين واستولى الرعب على قلوب الأعداء المخالفين ثم لما تفرقت بها الأهواء وتشتت منها الأهداف والآراء ارتفعت الهيبة من أعدائهم فسلطوا عليهم من كل جانب سلطوا عليهم بحرب السلاح والإبادة وسلطوا بتغيير النظم وإفساد الثقافة أما حرب السلاح والإبادة فهناك الحروب الصليبية وما قبلها وما بعدها إلى يومنا هذا وأما تسلط أعدائنا بتغيير النظم والقوانين فإنهم حاولوا وما زالوا يحاولون أن يسير المسلمون في فلكهم في قوانينهم وتشريعاتهم التي بنوها على عقولهم القاصرة وآرائهم الفاسدة فإن كل رأي خالف الكتاب والسنة فإنه رأي فاسد لا خير فيه وإن قدر أن فيه خيرا فإن ضرره وشره فوق خيره أضعافا مضاعفة إن الأعداء غزونا بقوانينهم يريدون منا أن ندع أحكام الكتاب والسنة التي صدرت من الرب العليم بمصالح العباد الحكيم في شرعه فلم يشرع إلا ما فيه الخير والرشد والعدل والسداد .
("مكتبة محمد بن صالح العثيمين"/خطبة الجمعة/21/ص165-166).
وقد أفادني أخونا المفضال المفيد أبو حمزة علي جحاف الهاشمي حفظه الله أن فضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله سئل: لماذا التحذير من أهل البدع، والأمة تصارع العداوة مع اليهود والنصارى والعلمانيين؟
فأجاب حفظه الله: لا يمكن للمسلمين أن يقاوموا اليهود والنصارى إلا إذا قاوموا البدع التي بينهم، يعالجون أمراضهم أولا؛ حتى ينتصروا على اليهود والنصارى. أما ما دام المسلمون مضيعين لدينهم، ومرتكبين للبدع والمحرمات، ومقصرين في امتثال شرع الله فلن ينتصروا على اليهود ولا على النصارى. وإنما سُلطوا عليهم بسبب تقصيرهم في دينهم. فيجب تطهير المجتمع من البدع، وتطهيره من المنكرات. ويجب امتثال أوامر الله وأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن نحارب اليهود والنصارى، وإلا إذا حاربنا اليهود والنصارى ونحن على هذه الحالة فلن ننتصر عليهم أبدا وسينتصرون علينا بذنوبنا.
(انتهى من "الإجابات المهمة في المشاكل الملمة"/1/ص150-151).
الباب الرابع: ضرورة الرجوع إلى السنة والتحذير من البدعة
نعم، إن الله وعد النصر والظهور للرسول ومن تبعه، فقال: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33].
فأناط الظهور بالهدى ودين الحق، وهما العلم النافع والعمل الصالح.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: فالهدى كمال العلم، ودين الحق كمال العمل، كقوله: ﴿أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ﴾ [ص/45]. ("مجموع الفتاوى"/2/ص 59).
واليهود وأشباههم تركوا العمل الصالح فغووا، والنصارى وأضرابهم تركوا طلب الهدى فضلّوا. قال شيخ الإسلام رحمه الله: فالعلم النافع هو أصل الهدى. والعمل بالحق هو الرشاد. وضدّ الأول الضلال، وضدّ الثاني الغيّ. ("التحفة العراقية"/ص56/الدار الدمشقية).
وهتان الخصلتان من خصال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حيث قال الله تعالى: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾ [النجم/2].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فـ: ﴿مَا ضَلَّ﴾ دليل على كمال علمه ومعرفته، وأنه على الحق المبين. ﴿وَمَا غَوَى﴾ دليل على كمال رشده، وأنه أبرّ العالمين. فهو الكامل في علمه، وفي عمله. وقد وصف صلى الله عليه و سلم بذلك خلفاءه من بعده وأمر باتباعهم على سنتهم فقال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي»([4]) رواه الترمذي وغيره فالراشد ضد الغاوي والمهدي ضد الضال اهـ. ("مفتاح دار السعادة" /متابعة هدى الله/ص 40).
فمن اتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والسلف الصالح –رضي الله عنهم- فيتعلم الحق ويتبعه، فإنه مسلم موحّد سنّيّ. الموعود بالنصر والظهور والتمكين.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: «إن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة. فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفلح. ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك». (أخرجه الإمام أحمد (6764) وصححه الإمام الوادعي رحمه الله في "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" (3250)).
وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك». (أخرجه مسلم (1920)).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فإن الله لا ينصر إلا الحق. ("إعلام الموقعين"/2/ص 178).
وأما من أعرض عن الحق –إما إلى الشرك والكفر أو البدع والأهواء أو الفسوق والعصيان-، فهو المبطل.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فالمعرض عن التوحيد مشرك شاء أو أبى والمعرض عن السنة مبتدع ضال شاء أم أبى والمعرض عن محبة الله وذكره عبد الصور شاء أم أبى. ("إغاثة اللهفان"/ص 214).
والمبطل المخذول. قال الله سبحانه: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «قد تركتكم على البيضاء. ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هلك». (أخرجه ابن ماجه (42)/صحيح).
عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها». فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال: «بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل. ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن» فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن ؟ قال: «حب الدنيا وكراهية الموت» ([5]). (أخرجه أحمد (22450) وأبو داود (4297) وغيرهما).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم»([6]). (أخرجه أحمد (22450) وأبو داود (3462) وغيرهما).
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: والحق منصور، والباطل مخذول، ولله الحمد. ("أدب الطلب"/ص142/دار الكتب العلمية).
فعلى المسلمين أن يرجعوا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها هي الإسلام المحض.
عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن جلوس على بساط : «إنها ستكون فتنة» قالوا: كيف نفعل؟ قال : فرد يده إلى البساط فأمسك به فقال : «يفعلون هكذا». قال : وذكر لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : «إنها ستكون فتنة»، ولم يسمعه كثير من الناس. فقال معاذ بن جبل : ألا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالوا : وما قال ؟ قال : يقول : «إنها ستكون فتنة». قالوا: فكيف بنا يا رسول الله ؟ وكيف نصنع ؟ قال : «ترجعون إلى أمركم الأول». (أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" برقم (69) والطحاوي في "بيان مشكل الأثر" برقم (221)/سنده صحيح).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وهذا الصراط المستقيم هو دين الإسلام المحض، وهو ما في كتاب الله تعالى، وهو السنة والجماعة فإن السنة المحضة هي دين الإسلام المحض؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه من وجوه متعددة رواها أهل السنن والمسانيد، كالإمام أحمد وأبي داود والترمذي وغيرهم أنه قال : «ستفترق هذه الأمة على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة». وفي رواية : «من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي». وهذه الفرقة الناجية : أهل السنة، وهم وسط في النحل، كما أن ملة الإسلام وسط في الملل. ("مجموع الفتاوى"/3/ص369-370).
وعلينا وعليهم جميعاً وأن يبذلوا الجهود في محاربة أسباب فساد دينهم، وأن يحذروا الناس من المفسدين. والفساد من الداخل أخطر من الخارج.
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا. فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا». (أخرجه البخاري (2493)).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: فإذا كان أقوام منافقون يبتدعون بدعا تخالف الكتاب ويلبسونها على الناس ولم تبين للناس فسد أمر الكتاب وبُدّل الدين كما فسد دين أهل الكتاب قبلنا بما وقع فيه من التبديل الذى لم ينكر على أهله. وإذا كان أقوام ليسوا منافقين لكنهم سماعون للمنافقين قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقاً وهو مخالف للكتاب وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين كما قال تعالى: ﴿لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم﴾ فلا بد أيضا من بيان حال هؤلاء، بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم فإن فيهم إيماناً يوجب موالاتهم وقد دخلوا فى بدع من بدع المنافقين التى تفسد الدين فلا بد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم، بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدعة عن منافق لكن قالوها ظانين أنها هدى وأنها خير وأنها دين ولم تكن كذلك لوجب بيان حالها اهـ. ("مجموع الفتاوى" /28 /ص 233/إحالة/دار الوفاء).
والله تعالى أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين.
صنعاء 6 رجب 1435 هـ
([1]) أخرجه المروزي رحمه الله ("السنة"/رقم (28 /دار العاصمة)، وابن جرير ("جامع البيان"/1/ص175/مركز البحوث والدراسات)، وابن أبي حاتم ("التفسير"/1/ص30) وابن عساكر ("التاريخ"/18/170) بسند صحيح، عن أبي العالية ، في قول الله: «اهدنا الصراط المستقيم» قال : هو النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر، قال : فذكرت ذلك للحسن فقال : صدق أبو العالية ونصح.
([2]) الأثر ذكره الإمام البغوي رحمه الله في "معالم التنزيل" (ص10/دار ابن حزم) وابن عادل في "تفسير اللباب" (1/ص26) بدون سند.
([3]) لم أقف على مصدر هذا الأثر. وقال ولده –وهو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم رحمه الله - تفسير ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة/7]: النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه. ("جامع البيان"/للطبري/1/176/دار التربية).
زيد بن أسلم إمام في الحديث، وعالم في التفسير والفقه. وأما ولده هذا فضعيف في الحديث، وعالم في التفسير والفقه. فرحمهما الله. وتفسير قول الله تعالى: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة/7]: بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم تفسير صحيح، وقد فسره الأئمة والعلماء رحمهم الله بأنه صراط الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِين [النساء/69]، كما في تفسير ابن جرير وابن كثير وغيرهما رحمهم الله.
([4]) أخرجه الترمذي (كتاب العلم/ما جاء في الأخذ بالسنة/ (2891)) وأبو داود (كتاب السنة/في لزوم السنة/(4594)/عون المعبود/دار الكتب العلمية) وغيرهما، وحسنه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند" (رقم (921) /دار الآثار).
([5]) في سند الإمام أحمد: أبو جناب يحيى بن أبي حية عن شهر بن حوشب، وكلاهما ضعيف في الشواهيد.
ولهما متابع من عطاء الخراساني عند أبي داود.
فالحديث حسن لغيره، والحمد لله.
([6]) في سند الإمام أحمد: مرزوق أبو عبد الله الحمصي. قال ابن معين: مرزوق أبو عبد الله شامي ليس به بأس. ("تهذيب التهذيب"/10/ص79).
وأبو أسماء الرحبي هو عمرو بن مرثد الدمشقي، لم أجد من وثقه غير العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات". ("تهذيب التهذيب"/8/ص87).
وله متابع عند أبي داود من رواية: بشر بن بكر ثنا ابن جابر حدثني أبو عبد السلام عن ثوبان.
بشر بن بكر هو الإمام الحجة، أبو عبد الله البجلي الدمشقي. ("سير أعلام النبلاء"/9/ص507).
ابن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ثقة.
أبو عبد السلام هو صالح بن رستم الهاشمي، وثقه ابن حبان وابن شهين. ("تهذيب التهذيب"/4/ص341).
فالحديث صحيح، والحمد لله.