• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرد العلمي ليس طعناً، أيها الناقد الحاسد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرد العلمي ليس طعناً، أيها الناقد الحاسد


    الرد العلمي ليس طعناً، أيها الناقد الحاسد


    كتبه الفقير إلى الله:
    أبو فيروز عبد الرحمن بن سوكايا الإندونيسي



    بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدمة مؤلف عفا الله عنه

    الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم على محمد وآله أجمعين أما بعد:
    فقد سمعت كلاما لأبي ذرّ عبد العزيز البرعي يشنع أهل السنة، وقد ردّ عليه عدد من كرماء المشايخ وفضلاء الطلبة ردّاً وافياً، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً، ورفع قدرهم في الدارين، وبارك فيهم وفي ذرّيّاتهم أجمعين.
    وإنما في هذه الفرصة أريد أن أنقض كلام البرعي حيث قال: (هؤلاء الذين ما تركوا عالما من علماء أهل السنة إلا ويدقون رأسه) أو كلمة نحوها.
    وهذا من أشهر سلاح الحزبيين في تحريض المسلمين وعلمائهم على معاداة الشيخ يحيى الحجوري ومن معه من العلماء وطلبة العلم: (أنهم يتكلمون في العلماء)، و(أنهم يريدون إسقاط العلماء)، و(ما من عالم إلا وقد طعنوا فيه) إلى غير ذلك من التشويهات والتنفيرات والإشاعات الكاذبة.
    فأقول بتوفيق الله وحده:


    الباب الأول: كذب من قال إن الشيخ يحيى ومن معه تكلموا في جميع علماء السنة

    إن صحّ أن الشيخ يحيى ومن معه تكلموا في العلماء ليس كل عالم تكلموا فيه. كم عالماً في الدنيا؟ ومن يستطيع حصرهم؟
    قال الإمام محمد ابن الأمير الصنعاني رحمه الله: فإن الأمة المحمدية قد ملأت الآفاق وصارت في كل أرض وتحت كل نجم، فعلماؤها المحققون لا ينحصرون ولا يتم لأحد معرفة أحوالهم. ("تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد"/ص 42).
    والعالم وإن كان مستوراً لا يعرفه البرعي –ومشايخ الإنابة- فهو عالم وكلامه معتبر في نقض ادعاء الإجماع.
    قال الإمام أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله: ويعتبر في صحة الإجماع اتفاق كل من كان من أهل الاجتهاد سواء كان معروفاً مشهوراً أو خاملاً مستوراً . ("اللمع" /ص 188-189/المكتبة التوفيقية).
    وقال العلامة الزركشي رحمه الله: لا يشترط في المجتهد الذي يعتبر قوله أن يكون مشهوراً في الفتيا ، بل يعتبر قول المجتهد الخامل خلافاً لبعض الشاذين. ("البحر المحيط"/ 6/ص100).
    والعالم حقيقة هو عالم من أهل السنة. قال الإمام البربهاري رحمه الله: واعلم أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب ولكن العالم من اتبع الكتاب والسنة وإن كان قليل العلم والكتب. ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب بدعة وإن كان كثير الرواية والكتب. ("شرح السنة" /للبربهاري/ص 45).
    فإذا كان العلماء في العالم كثيرين، ونعرفهم نحن ولا البرعي، فكيف يجزم أننا ما تركنا عالماً من علماء أهل السنة إلا وندقّ رأسه؟ إن هذا إلا كذب وفجور في الجدال.
    عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «.... وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ الله رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ». (أخرجه أبو داود (3592)، وصححه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند" (755)).


    الباب الثاني: رحمة الناصحين

    ثم إن العلماء الذين رد الشيخ يحيى عليهم فهو ردّ علمي لأن الله تعالى أمرنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونهانا عن السكوت عن الباطل. والأدلة في ذلك معروفة.
    وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: 187].
    قال الإمام البربهاري رحمه الله: ولا يحل أن تكتم النصيحة للمسلمين – برّهم وفاجرهم – في أمر الدين، فمن كتم فقد غشّ المسلمين، ومن غشّ المسلمين فقد غشّ الدين، ومن غشّ الدين فقد خان الله ورسوله والمؤمنين. ("شرح السنة" /ص29-30/دار الآثار).
    وكلام الشيخ يحيى ومن معه فيمن ردوا عليه فذلك لسلامة الأمة من العذاب، لأن الباطل إذا سكت عنه يوشك أن تكثر الذنوب وتعمّ العقوبات.
    عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا. فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا». (أخرجه البخاري (2493)).
    عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: قام أبو بكر رضي الله عنه فحمد الله عز و جل وأثنى عليه فقال : يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية ﴿يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم﴾ إلى آخر الآية وإنكم تضعونها على غير موضعها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: «إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقابه». قال: وسمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول: يا أيها الناس إياكم والكذب فإن الكذب مجانب للإيمان. (أخرجه أحمد (16) عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، صحيح).
    فالرادّ على صاحب الأخطاء هو الرحيم به لو كان البرعي يعقل.
    قال أبو صالح الفراء رحمه الله: حكيت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئاً من أمر الفتن، فقال: ذاك يشبه أستاذه - يعنى الحسن بن حي. قلت ليوسف: أما تخاف أن تكون هذه غيبة ؟ فقال: لم يا أحمق ! أنا خير لهؤلاء من أمهاتهم وآبائهم، أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا، فتتبعهم أوزارهم، ومن أطراهم كان أضرّ عليهم. ("الضعفاء"/1 /ص232/دار الكتب العلمية).
    قال الإمام النووي رحمه الله: واعلم أن الأجر على قدر النصب([1]) ولا يتاركه أيضا لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه، فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقا ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته وينقذه من مضارها. وصديق الإنسان ومُحبّه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه. وعدوه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه، وإنما كان إبليس عدوا لنا لهذا. وكانت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح آخرتهم وهدايتهم إليها. ("شرح النووي على مسلم" /2 /ص24).
    هذا هو دين الله تعالى ، دين الأنبياء والمرسلين: بث النصائح للعالم بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.
    وقال الإمام أبو جعفر ابن النحاس رحمه الله: ولا شك أن من رأى أخاه على منكر ولم ينهه، فقد أعانه عليه بالتخلية بينه وبين ذلك المنكر وعدم الاعتراض عليه، وليس هذا من الدين في شيء، إذ لا يؤمن الرجل حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وإنما الدين النصيحة، ومن رأى إنسانا يهوي في النار ولم ينصحه فإن إثمه عليه. ("نتبيه الغافلين"/ص84).
    وقال الإمام ابن باز رحمه الله: فالمؤمن يذكر أخاه ولا يقول : أخي عنده علم يدري عن هذا ، لا ، إذا رأيت منه شيئا من التفريط والتساهل أو ظهر لك شيء من الغفلة والإعراض فانصح أخاك وذكره بالله بالعبارات الحسنة والأسلوب القيم الذي يتضمن العطف عليه والخوف عليه والحرص على نجاته وسعادته ، فأخوك من نصحك وذكرك ونبهك ، وليس أخوك من غفل عنك وأعرض عنك وجاملك ، ولكن أخاك في الحقيقة هو الذي ينصحك والذي يعظك ويذكرك ، يدعوك إلى الله ، يبين لك طريق النجاة حتى تسلكه ، ويحذرك من طريق الهلاك ويبين لك سوء عاقبته حتى تجتنبه. ("مجموع فتاوى ابن باز"/13/ص266-267).
    وكما في "زهر الآداب وثمر الألباب" (ص 213):
    إن أخاك الحقّ من يَسْعَى مَعَكْ ... ومَن يَضُرُ نَفسَه لينْفَعًك
    ومَنْ إذا صَرفُ زمان صَدَعَك ... بَدد شَملَ نَفْسِهِ ليجمَعَكْ
    فشيخنا الناصح الأمين ومن معه يحترمون علماء السنة قدماءهم، ومتأخريهم، ومعاصريه، يحبونهم، ويجلونهم، ويحثون الناس على الاستفادة منهم، ولم ينتقصوا لهم، ولم يردوا أحكامهم القائمة على الأدلة. وكم رفعتْ إليه –رعاه الله- في الدروس العامة فتاوى علماء السنة المعاصرين، وفوائدهم، فاستفاد منها، وأثنى على صاحبها. وأما إن رفعت إليه فتاوى مخالفة للحق رده وبيّن الراجح من المسألة، مع احترام قائلها إن كان من أهل السنة، ومع إهانة صاحبها إن كان من أهل الهوى.
    فوجود النصحاء الصادقون منّة على العباده، ولكن من أعى بصرَه الحسد والتعصب عكس القضية.
    كما في "يتيمة الدهر" (1/ص64):
    إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... وصدق ما يعتاده من توهم
    وعادي محبيه يقول عداته ... وأصبح في ليل من الشك مظلم
    وكما في "مفتاح دار السعادة" (ص 176):
    نظروا بعين عداوة لو أنها عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا
    وكما في "الأغاني" (3/ص 369):
    وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا
    فعلى العاقل أن يلازم الأصدقاء الصادقين وإن مرّت نصائحهم، ويترك مصاحبة الحاسدين وإن أظهروا حلاوة الصنائع.
    قال الإمام ابن حبان رحمه الله: خير الإخوان أشدهم مبالغة في النصيحة كما أن خير الأعمال أحمدها عاقبه وأحسنها إخلاصا وضرب الناصح خير من تحية الشانئ. ("روضة العقلاء"/ص 195).
    وأما قول مالك بن دينار رحمه الله: إنك أن تنقل الحجارة مع الأبرار خير من أن تأكل الخبيص مع الفجار. ("روضة العقلاء"/ص100).
    ففي سنده محمد بن أبي علي الخلادي لم أجد له ترجمة.
    وفيه أيضا الحارث بن وجيه، قال فيه ابن معين: ليس بشيء. وقال البخاري: في حديثه بعض المناكير. وكذا قال أبو حاتم وزاد: ضعيف الحديث. ("تهذيب التهذيب"/برقم (282)).




    الباب الثالث: نقد الأخطاء ليس طعناً

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فلأن الأنبياء عليهم السلام معصومون عن الإقرار على الخطأ بخلاف الواحد من العلماء والأمراء فانه ليس معصومون من ذلك، ولهذا يسوغ بل يجب أن نبين الحق الذي يجب اتباعه وإن كان فيه بيان خطأ من أخطأ من العلماء والأمراء. ("مجموع الفتاوى"/19/ص 123).
    هذا كلام المضيء لا يخفى على العلماء، وهم أنفسهم إذا رأوا كلاما من إمام من أئمة المسلمين، أو عالم من علمائهم جانب صوابا ردوا عليه وبينوا الحق في ذلك ولم يعتبروا ذلك طعنا فيه. فلماذا سكتوا عن أباطيل عبيد الجابري التي هي أعظم من ذلك الخطأ؟ فلما رد عليه شيخنا يحيى الحجوري ومن معه من العلماء وطلاب العلم بالحجج والبراهين، قالوا: (الحجوري ما ترك عالماً إلا أسقطه، فهو حدادي أو أشد من الحداديين!)، لم يقل هذا إلا جاهل مقلد أو حاسد متعصب.
    ولا يخفى عليهم أيضا قول الإمام ابن رجب رحمه الله: وقد بالغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء وردِّها أبلغ الردِّ، كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور وغيره مقالات ضعيفة تفردوا بها، ويبالغ في ردها عليهم هذا كله حكم الظاهر. وأما في باطن الأمر : فإن كان مقصوده في ذلك مجرد تبيين الحق ولئلا يغتر الناس بمقالات من أخطأ في مقالاته فلا ريب أنه مثاب على قصده ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم .
    وسواء كان الذي بين الخطأ صغيراً أو كبيراً فله أسوة بمن رد من العلماء مقالات ابن عباس التي يشذ بها وأُنكرت عليه من العلماء مثل المتعة والصرف والعمرتين وغير ذلك .
    ومن ردَّ على سعيد بن المسيِّب قوله في إباحته المطلقة ثلاثاً بمجرد العقد وغير ذلك مما يخالف السنة الصريحة ، وعلى الحسن في قوله في ترك الإحداد على المتوفى عنها زوجها ، وعلى عطاء في إباحته إعادة الفروج ، وعلى طاووس قوله في مسائل متعددة شذَّ بها عن العلماء ، وعلى غير هؤلاء ممن أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ومحبتهم والثناء عليهم .
    ولم يعدّ أحد منهم مخالفيه في هذه المسائل ونحوها طعناً في هؤلاء الأئمة ولا عيباً لهم ، وقد امتلأت كتب أئمة المسلمين من السلف والخلف بتبيين هذه المقالات وما أشبهها مثل كتب الشافعي وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث وغيرهما ممن ادعوا هذه المقالات ما كان بمثابتها شيء كثير ولو ذكرنا ذلك بحروفه لطال الأمر جداً .
    وأما إذا كان مرادُ الرادِّ بذلك إظهارَ عيب من ردَّ عليه وتنقصَه وتبيينَ جهله وقصوره في العلم ونحو ذلك كان محرماً سواء كان ردُّه لذلك في وجه من ردِّ عليه أو في غيبته، وسواء كان في حياته أو بعد موته، وهذا داخل فيما ذمَّه الله تعالى في كتابه وتوعد عليه في الهمز واللمز وداخل أيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم : « يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته»([2]) . وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في الدين. فأما أهل البدع والضلالة ومن تشبه بالعلماء وليس منهم فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم . وليس كلامنا الآن في هذا القبيل والله أعلم اهـ. ("الفرق بين النصيحة والتعيير"/1/ص 7).
    هذا واضح جدا لمن يتحرى الإنصاف. وأما من أصيب بالحسد فأبعده من الإنصاف يرى أن الردود العلمية التي قام بها الشيخ يحيى الحجوري ومن معه من العلماء وطلاب العلم طعنا في العلماء.
    وما أحسن ما قاله الشيخ المفتي أحمد النجمي رحمه الله: أن من أهل السنة في هذا العصر من يكون ديدنه وشغله الشاغل تتبع الأخطاء والبحث عنها سواء كانت في المؤلفات أو الأشرطة، ثم التحذير ممن حصل منه شيء من ذلك. وأقول: إن هذا منقبة، وليست مذمة، فلقد كانت حماية السنة منقبة عند السلف. نعم، عند الشباب السلفي غيرة إذا وجدوا مخالفة للسنة في مؤلف أو في شريط، أو رأوا من أهل السنة من يمشي مع المبتدعة بعد النصح أنكروا ذلك ونصحوه أو طلبوا من بعض المشايخ نصحه، فإذا نصح ولم ينتصح هجروه، وهذه منقبة لهم، وليست مذمة لهم. ("الفتاوى الجلية"/1/232-234/دار المنهاج).
    والشيخ ربيع المدخلي نفسه في أيام سداده تكلم بكلام مضيء.
    وقد سئل الشيخ ربيع المدخلي وفقه الله: هل من منهج السلف جمع أخطاء شخص ما، وإبرازها في مؤلف يقرؤه الناس؟
    فأجاب حفظه الله: سبحان الله، هذه يقوله أهل الضلال لحماية بدعهم، وحماية كتبهم، وحماية مناهجهم، وحماية مقدَّسيهم من الأشخاص. نعم، الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ذكرا كثيرا من ضلالاتهم ... جمع كلام اليهود والنصارى وانتقدهم في كثير من الآيات القرآنية. وأهل السنة والجماعة من فجر تأريخنا إلى يومنا هذا تكلموا على الجهم بن صفوان وبشر المريسي وأحصوا بدعهم وضلالاتهم، وجمعوا أقوال أهل الفرق ونقدوها. فمن حرم هذا؟ هذا من الواجبات. إذا كان الناس سيضلون ببدعه الكثيرة وجمعْتَها في مكان واحد وحذرت منها باسمه فجزاك الله خيرا. أنت بذلك أسديتَ خيرا كبيرا للإسلام والمسلمين اهـ. ("الأجوبة السلفية عن أسئلة أبي رواحة"/ ص28-29/مجالس الهدى).
    فما أجمل هذا الكلام، فيا حبذا طبّقه وقال لأهل دماج: (فجزاكم الله خيرا. أنتم بذلك أسديتم خيرا كبيرا للإسلام والمسلمين)، ولم يقل: (هؤلاء حداديون!).
    وإن كان المراد أن شيخنا الناصح الأمين –رعاه الله- ينتقد أخطاء من أخطأ وإن كان من مشايخ أهل السنة، فهذا أمر معروف عند سلف الأمة. وقد مر بنا آنفا كلام الأئمة في بداية هذا الباب في أهمية تحذير الأمة من أخطاء المخطئين. والشيخ ربيع بن هادي وفقه الله نفسه قال: فالنقد -يا إخوان- لا يجوز سد هذا الباب، لأننا نقول بسد باب الاجتهاد –بارك الله فيكم-. ولا نعطي قداسة لأفكار أحد أبدا كائنا من كان. فالخطأ يُردّ من أي شخص كان، سلفيا (كان) أو غير سلفي. ولكن التعامل مع أهل الحق والسنة الذين عرفنا إخلاصهم واجتهادهم ونصحهم لله ولكتابه ورسوله ولائمة المسلمين وعامتهم التعامل معهم غير التعامل مع أهل البدع والضلال. ارجعوا إلى كتاب الحافظ ابن رجب رحمه الله: "الفرق بين النصيحة والتعيير".
    إذا تكلّم وبيّن فقال: بيان الهدى وبيان الحق لا بد منه وقد انتقد سعيد بن المسيب وابن عباس وطاووس وأصحاب ابن عباس وانتُقِدوا وانتُقِدوا، وما قال أحد: إن هذا طعن، ما يقول هذا إلا أهل الأهواء، فنحن إذا انتقدنا الألباني ما نسلك مسلك أهل الأهواء فنقول: لا لا تنتقدوا الألباني، طيب أخطاؤه تنتشر باسم الدين، وإلا أخطاء ابن باز، وإلا أخطاء ابن تيمية، وإلا أخطاء أي واحد. أي خطأ يجب أن يبين للناس أن هذا خطأ، مهما علت منزلة هذا الشخص الذي صدر منه هذا الخطأ. لأننا كما قلنا غير مرة بأن خطأه ينسب إلى دين الله.
    لكن نميز -كما قلت- بين أهل السنة وأهل البدعة، كما قال ابن حجر وقال غيره: (المبتدع يهان ولا كرامة). يهان لأن قصده سيء، المبتدع صاحب هوى –إلى قوله:- فالشاهد أن النقد لأهل العلم ومن أهل العلم ينتقد بعضهم بعضا ويبين للناس الخطأ تحاشيا من نسبة هذا الخطأ إلى دين الله عز وجل هذا واجب، ولا نقول: جائز. واجب أن يبينوا للناس الحق، ويميزوا بين الحق والباطل. ﴿وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَه﴾ [آل عمران/187].
    ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة/78، 79].
    فالنقد من باب إنكار المنكر، فنقد الأشخاص السلفيين الكبار إذا أخطأوا وبيان خطأهم هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن باب البيان الذي أوجبه الله، ومن باب النصيحة التي أوجبها الله وحتّمها علينا اهـ.
    (انتهى من "أجوبة الشيخ ربيع عن أسئلة أبي رواحة"/ص16-19/مجالس الهدى).
    هذا كله رد الشيخ ربيع على البرعي لو كان البرعي يعقل، ولكنه لم ينقل من الشيخ ربيع إلا ما يوافق هواه.
    لا شك أن المبطل لا يحب أن ينتقد عليه، وليس هذا بمانع من مواصلة الناصحين في رد الباطل.
    قال ابن طاهر في شأن شيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي رحمه الله: سمعته يقول: عرضت على السيف خمس مرات، لا يقال لي: ارجع عن مذهبك. لكن يقال لي: اسكت عمن خالقك. فأقول: لا أسكت. ("سير أعلام النبلاء"/18/ص509).
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فلا نترك دين الإسلام لشناعة المشنع ولا لتكفير مكفر، ولا لتضليل ضال، فإن إياب الخلق إلى الله وعليه حسابهم، فالموحد لله سبحانه يظهر الحق حيث كان، خاصا وعاما، وكتابا، حتى لو طلب منه يكتم الحق في وقت الخوف الشديد لم يكتم اهـ. ("الرد على البكري"/2/ص765-766).
    وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: فحينئذ فردّ المقالات الضعيفة، وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكره أولئك العلماء، بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه، فلا يكون داخلاً في باب الغيبة بالكلية، فلو فرض أنَّ أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك، فإنَّ كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة، بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين به سواء كان ذلك في موافقته أو مخالفته. وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم، وذلك هو الدين كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. ("الفرق بين النصيحة والتعيير"/3/467/مع مجموع رسائل ابن رجب).
    وقال الإمام الوادعي رحمه الله: فأهل السنة ليست لديهم محاباة. لو كنت محابيا أحدا لحابيت أخي في الله أحمد المعلم، فأنا متأكد أنه يحبني. وأنا أخبرك أنني أحبه بقدر ما بقي فيه من السنة. فأهل السنة ليست لديهم محاباة. فعمر بن هارون البلخي كان رأسا في السنة ومع هذا يقول يحيى بن معين فيه: كذاب خبيث. ونعيم بن حماد الخزاعي كان رأسا في السنة ومع هذا ضعفه كثير من المحدثين. فإذا كان الأخ أحمد حفظه الله يدرس في "العقيدة الواسطية" ويقوم بدعوة ونشاط في بلده فيشكر على هذا، لكن لا بد من بيان الأخطاء. أهل السنة شأنهم أنهم لا يحابون. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لله وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَالله أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾ [النساء: 135].
    أبو داود السجستاني يقول: ولدي عبد الله كذاب. زيد بن أبي أنيسة يقول: أخي يحيى كذاب. علي بن المديني يقول: الوالد ضعيف.
    فإذا خالف السنة أحمد المعلم، فأنا لا أعدك أن أسكت عن أحمد المعلم ولا عن عبد الرحمن عبد الخالق حتى يعلنا عن توبتهما وبراءتهما مما يخالف الكتاب والسنة أو يستعدان للمناظرة والمناقشة. إن استطعت أن أصل إليهما فعلت وإلا أرسلت من إخواننا من يناظرهما ويناقشهما على هذا الأمر.
    ("غارة الأشرطة"/1/ص302-303 /مكتبة صنعاء الأثرية).
    والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.
    صنعاء، 2 رجب 1435 هـ.


    ([1]) كما جاء من حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه البخاري (1787) ومسلم (1211).
    وكثير من أحوال الناس من انتشار الفساد في الأرض يقتضي بذل جهد الناصحين في إزالته أو تقليله. قال الإمام ابن النحاس رحمه الله: وعلى المسلم أن يتعب نفسه في رفع المعاصي كما عليه أن يتعب نفسه في تركها. ("تنبيه الغافلين"/ص79).

    ([2]) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (4 / ص 420) عن أبي برزة رضي الله عنه، وفي سنده سعيد بن عبد الله بن جريج وهو مجهول الحال.
    وأخرجه الترمذي (كتاب البر والصلة، باب ما جاء في تعظيم المؤمن) وغيره من حديث ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ: «من أسلم بلسانه»، وحسنه، ووافقه الإمام الوادعي رحمه الله في "الجامع الصحيح" ((3601)/دار الآثار).
    فالحديث بمجموعهما جيد.
    الملفات المرفقة

  • #2
    بارك الله فيك أخي ونفع بك

    مايفعلونه الآن إنما هو دفاع عن العدني ومحاماة عنه !
    وكانوا بألامس يترقبون من بعيد
    ثم إنني لا أعلم في حد علمي أنهم تكلموا في أحد من أهل التحزب أو الأهواء انفرادا بدون تقليد لأحد وما يتكلمون إلا تبعا لا ابتداء ... !!
    واليوم يرددون ماكان يردده أهل التحزب في الشيخ مقبل رحمه الله تعالى
    كانوا يقولون لمن أراد الذهاب لطلب العلم عنده لاتذهبوا إليه فهو يسب العلماء وماترك أحد!!؟؟ أو ما شابه هذا الكلام

    وهاهم اليوم يعيدون نفس الكلام والنبرة في الشيخ يحيى حفظه الله وسدده وللخير أرشده

    تعليق


    • #3
      ماشاء الله اللهم بارك

      مجهودات طيبة

      مشكور واصل وصلك الله بهداه

      تعليق


      • #4
        احسنت بارك الله فيك
        ومسكين البرعي ما تكلم إلا وخرجت الفضائح والهزل العلمي في النقد وعدم مقابلة الحجج
        وهذه من كذباتة تضاف إلى رصيده الكبير!!!!!!!!

        تعليق


        • #5
          أحسن الله إليك أبا فيروز ، عمل جيِّد و مفيد لمن أراد سلوك سبيل الهداية والإحجام عن طرائق أهل البدع والغواية .

          وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فلا نترك دين الإسلام لشناعة المشنع ولا لتكفير مكفر، ولا لتضليل ضال، فإن إياب الخلق إلى الله وعليه حسابهم، فالموحد لله سبحانه يظهر الحق حيث كان، خاصا وعاما، وكتابا، حتى لو طلب منه يكتم الحق في وقت الخوف الشديد لم يكتم اهـ. ("الرد على البكري"/2/ص765-766).

          تعليق


          • #6
            نعم

            أحسنت أخي

            هناك فرق بين الرد العلمي والطعن

            ومن الفروق : الحسد

            فالحسد يعتبر طعناً

            فهل ردود البرعي فيها رد علمي أم حسد ؟؟؟

            الجواب للمنصفين ... ليعلم من هو الطاعن الحقيقي في أهل السُنّه

            تعليق

            يعمل...
            X