• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفتح الرباني راجعه وقدم له الشيخ المحدث يحيى بن علي الحجوري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفتح الرباني راجعه وقدم له الشيخ المحدث يحيى بن علي الحجوري

    الفتح الرباني
    لنسف بعض أباطيل
    عبدالمجيد الزنداني

    تأليف
    أبي الحسن أمين بن أحمد بن حسين الشامي الخارفي
    الحاشدي

    راجعه وقدم له
    الشيخ المحدث يحيى بن علي الحجوري

    تقديم الشيخ المحدث يحيى بن علي الحجوري

    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, أما بعد:
    فقد أخرج الزنداني شريطًا قبل الانتخابات الماضية بأيام, أتى فيه بأقاويل في غاية من البعد عن الحق والهدى, وهي دليل واضح على ما هو عليه من الزيغ والردى, أشاد فيه بالنصارى وغيرهم من الغربيين, وبجّل أفكارهم وغبطهم على تقدمهم في الانتخابات, ونجاحهم فيها وغير ذلك من الانحرافات التي لبّس بها شأنه في التلبيس على عوام الناس وأشباههم والتلاعب بعقولهم من حين إلى آخر بما لا يجرؤ عليه إلا من قل خوفه من الله عز وجل, »إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته«.
    وقد نشر هذا الشريط وما يحمله من أفكار ودعوة إلى منهج الكفار, فوقع في يد أخينا الفاضل الداعي إلى الله أمين بن أحمد الشامي الخارفي, فأنكره شأن كل غيور على دينه, وقام ببيان ما فيه من أباطيل وخيانات ومنكرات في هذه الرسالة المسماه (الفتح الرباني لنسف بعض أباطيل عبدالمجيد الزنداني), فبذل في الرد عليه جهدًا طيبًا, وأوضح فيه إيضاحًا حسنًا حسب ما فتح الله عليه به فجزاه الله خيرًا ووفقه للعلم النافع والصبر على تحصيله.
    يحيى بن علي الحجوري



    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إٍِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾
    ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
    ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
    أما بعد:
    فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وشر الأمور محدثاتُها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
    انطلاقًا من قوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[آل عمران:110]
    وقوله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[آل عمران:104]
    ومن قوله ﷺ : »مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ».
    ولقد أصدر الزنداني شريطًا بعنوان: «الانتخابات وما يترتب عليها» وذلك قبل الانتخابات البرلمانية بستة أيام لعام 1424 وفيه من إشاعة البدع والمخالفات والدعوة إلى تقليد أعداء الله عز وجل, وقلب الحقائق, ما الله به عليم. ولما سمعته ورأيت فيه بث منكرات لا تطاق استعنت الله في بيان ذلك. فمن الأمور المنكرة التي أخذت من هذا الشريط - وقد ذكر بعضها في أشرطة أخرى - :
    ‌أ) أن الديمقراطية الجديدة في السلطة جاءت إلى خمس مسائل, فذكر الخمس المسائل أو المبادئ, ثم قال: هذه مبادئ شرعية إسلامية, وفي الحقيقة أنّها ليست من الإسلام في شيء, وسيأتي الكلام عليها.
    ‌ب) تشبهه بالكفار وإعجابه بِهم في أفعالهم في الانتخابات التي قامت عندهم بعد حروب طائلة وانقلابات وثورات, ثم اختاروا الانتخابات, فأيد هذه الفكرة, وأثنى عليها, وسيأتي الرد.
    ‌ج) إحداث تحديد فترة معينة للحاكم, ثم تسقط ولايته عند انتهاء الزمن المحدد له.
    ‌د) ادعاؤه أن الحزب الاشتراكي أعلن إسلامه!!! وأنت تعلم أن الحزب الاشتراكي قائم بذاته على مبادئ كفرية, وسيأتي الكلام عليه في موضعه إن شاء الله.
    وإليك بيان هذه الأباطيل ومن الله نستمد العون وقد جعلناها فقرات وعند كل فقرة تجد الرد إن شاء الله.
    نسأل الله سبحانه أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم, إنه ولي ذلك والقادر عليه, وحسبنا الله ونعم الوكيل.

    كتبه: أبو الحسن أمين بن أحمد بن حسين الشامي الخارفي
    في 17 رجب 1424

    فصل في فضل العلم والعلماء والحذر من علماء السوء
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد,
    فإن منزلة العلم والعلماء عظيمة, قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لايَعْلَمُوْنَ﴾[الزمر:9]
    والله سبحانه وتعالى قد رفع منْزلة العلماء بقوله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾[المجادلة:11]
    فما رفعهم الله سبحانه وتعالى إلى هذه المنْزلة إلا بالعلم والعمل به. ويقول سبحانه وتعالى: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ﴾[الرعد:19]
    فجعل الله أهل العلم هم أهل البصيرة والهدى والنور, وأهل الجهل هم أهل العمى, فالجاهل كالأعمى الذي لا يستضيء طريقه, والعالم معه نور العلم يمشي به, ويقول سبحانه وتعالى: ﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ ءَانَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ﴾[الزمر:9].
    وكذلك وصف ربنا سبحانه وتعالى العلماء بأنهم أتقى الناس وأخشاهم له, فقال: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾[فاطر:18], وقد جعل الله العلماء من الشهود على ألوهيته سبحانه وتعالى, فقال: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[آل عمران:18].
    ويقول النبي ﷺ في فضل العلماء: «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم, وإن الله عز وجل وأهل السموات والأرض, حتى النملة في جحرها, وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير»( ).
    ويقول النبي ﷺ: «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب«( ).
    ولذلك فالعلماء هم الذي يدركون الأمور وما تؤول إليه بدلائل الكتاب والسنة, واسمع إلى قصة قارون, قال تعالى: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾[القصص:79]
    فالجهال تمنوا ما هو زائل, وانظروا إلى أهل العلم الربانيين ماذا قالوا: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ﴾[القصص:80]
    فهكذا العلماء يدركون الأمور ويعقلونها ولذلك يقول تعالى: ﴿وَتِلْكَ الاَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ﴾[العنكبوت:43]
    وكذلك من أراد الله به وله الخير فقهه في الدين, يقول النبي ﷺ: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»( ).
    ويقول النبي ﷺ: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كَلأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ»( ).
    ويقول النبي ﷺ: «...وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»( ).
    فالعلم من أسباب دخول الجنة وسبيل من سبلها.
    ويقول النبي ﷺ:«إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»( ).
    فمن فضل العلم أنه يبقى لصاحبه إذا أخلص العمل لله سبحانه وتعالى, والعلم الذي ينتفع في الدنيا والآخرة به هو علم كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.
    ويقول النبي ﷺ: «نضر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع»( ).
    وفضل العلم عظيم جداً, وذهاب العلم والعلماء شر مستطير, وإذا ذهب علماء السنة والهدى ضل الناس وانحرفوا عن الصراط المستقيم. ويقول النبي ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»( ).
    والأدلة كثيرة جداً في فضل العلم والعلماء, ذكرنا هذا منها من باب: ﴿وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين﴾, وهذه الأدلة وغيرها من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ في فضل العلماء العاملين بعلمهم علماء السنة والأثر والفقه والنظر, أما علماء السوء, أهل الزيغ والضلال من أهل البدع والأهواء والتحزبات فقد ذمهم الله في كتابه الكريم ووصفهم بأبشع الأوصاف فقال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ﴾[الأعراف:175-177] ومثَّل علماء أهل الكتاب الذين ما عملوا بالعلم مثل الحمير, فقال سبحانه: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[الجمعة:5], ويقول النبي ﷺ: «إن أخوف ما أخاف عليكم الأئمة المضلون»( ), ويقول عمر بن الخطاب ": «إن أخوف ما أخاف عليكم منافق عليم اللسان»( ).
    وعلى هذا فيجب الحذر من علماء السوء الذي يحرفون شرع الله سبحانه وتعالى فإنهم ضرر على الإسلام والمسلمين لأنهم يتكلمون باسم العلم والإسلام, فيجب الحذر منهم وسؤال علماء الجرح والتعديل من أهل السنة لمعرفتهم من أجل الحفاظ على دين الله سبحانه وتعالى. ويجب كذلك هجرهم والتحذير منهم على من كان عنده بصيرة فهجر هؤلاء من دين الله سبحانه وتعالى.

    فصل
    بعض أدلة هجر أهل البدع والتحذير منهم وذلك من دين الله العزيز الحكيم
    قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي ءَايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.[الأنعام:68]
    قال الإمام الشوكاني عند تفسير هذه الآية: هذه في أهل البدع وهي موعظة عظيمة لهم.
    وقال تعالى: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾.[النجم:29]
    ولأهل البدع قسطهم الأكبر من الإعراض عن ذكر الله.
    ويقول تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾.[النساء:140]
    وقال تعالى: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ﴾.[هود:113]
    قال الإمام القرطبي عند تفسير هذه الآية: والصحيح في معنى هذه الآية أنها دالة على هجر أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم.
    والنبي ﷺ يقول: «من سمع بالدجال فلينأ عنه, فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به الشبهات»( ).
    وأهل البدع من أهل الدجل وبعث الشبهات ومن استجاب لشبهات أهل البدع فهو أسرع استجابة للدجال لأن شبهه أعظم من شبههم, نعوذ بالله من الفتن.
    ويقول النبي ﷺ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ»( ).
    وأهل البدع من الخلوف الذين يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون, فيجب جهادهم على ما دل عليه قول رسول الله ﷺ «من جاهدهم»...
    والأدلة كثير جداً من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ في هجر أهل الأهواء والبدع. وكذلك من أقوال سلفنا الصالح رضوان الله عليهم, فأقوالهم في هذا الأمر كثيرة لعظم خطره, فمنهم من يقول: «لا تجالسوا أهل الأهواء فإني أخشى أن يغمسوكم في البدعة», ومنهم من يقول: «لأن يمتلئ بيتي قردة وخنازير أحب إلي من أن يمتلئ من أهل الأهواء», ومنهم من يقول: «من ابتدع بدعة في الدين فقد زعم أن محمداً خان الدين», ومنهم من يقول: «من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الدين». هذه الأقوال وغيرها كثيرة من أقوال أئمة الهدى ومصابيح الدجى سلف هذه الأمة رضوان الله عليهم. فعلينا إذا أردنا الصلاح والفلاح أن نرجع إلى ما كانوا عليه رضي الله عنهم. قال تعالى: ﴿فَإِنْ ءَامَنُوا بِمِثْلِ مَا ءَامَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[البقرة:137], ويقول الإمام مالك رحمه الله: «لا يصلح آخر أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها».

    فصل في التحذير من الحزبية وأضرارها
    الحزبية أعظم وسيلة لذهاب ريح المسلمين وذهاب قوتهم وتمزيق أمرهم وتشتيت شملهم وتمكن أعداؤهم منهم, فترى أعداء الإسلام يضربون المسلمين بعضهم ببعض إذا تمرد عليهم حزب أقاموا ضده حزباً آخر, ولهذا فنحن نرى أعداء الإسلام يسعون سعياً حثيثاً في إنشاء الأحزاب في أوساط المسلمين بدعم هائل وكثافة جهود, وذلك من أجل القضاء عليهم بسهولة؛ لأنهم لا يستطيعون القضاء على المسلمين إذا كانوا يداً واحدة يجمعهم كتاب الله وسنة رسوله ﷺ؛ فمن أجل ذلك استخدموا ضعفاء النفوس من المسلمين وأغروهم بالمال لنشر هذه الدسيسة في أوساط المسلمين, وربنا سبحانه وتعالى يقول محذرًا هذا الخطر: ﴿وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾[الروم:30-32]
    فبين ربنا عز وجل أن التحزب من طريقة المشركين, ونهانا عن اتباع ما هم عليه من التحزب والتشرذم.
    ويقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾[الأنعام:159]
    قال ابن كثير رحمه الله تعالى عند تفسير هذه الآية: «قوله تعالى ﴿وكانوا شيعاً﴾ أي فرقاً كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات, فإن الله تعالى قد برّأ رسوله ﷺ مما هم فيه».
    ويقول سبحانه وتعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾[الأنفال:46]
    وهكذا الحزبية ما دخلت بلداً إلا وفرقت بين بعضهم بعضاً, فرقت بين الأسر؛ بين الأخ وأخيه, والأب وابنه, فهي أعظم شيء أضر بالمسلمين ولهذا ترى البلدان وخاصة بلاد الإيمان والحكمة وما فيها من فتن؛ بسبب الحزبية, وأكثر ما ينشب شرها أيام الانتخابات, نسأل الله أن يجنب بلادنا اليمنية من فتنة هذه الحزبية, وأن يطهر بلدنا وسائر بلاد المسلمين من أدناس هذه الفتن المستوردة من قبل أعداء الإسلام. والحزبية كما تقدم تتناقض مع قوله تعالى: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا﴾؛ لأن الله تعالى أمر الأمة بالاجتماع في غير ما آية, ويقول تعالى: ﴿وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون﴾, ويقول تعالى: ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾.
    ويقول النبي ﷺ: «يد الله مع الجماعة»( ).
    ولم يقل مع الجماعات فالمسلمون جماعة واحدة يجمعهم كتاب الله وسنة رسوله ﷺ, ويقول النبي ﷺ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»( ), ويقول النبي ﷺ: «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»( ).
    فالإسلام أمر المسلمين بأن يكونوا يداً واحدة, وأن تكون أخوتهم أخوة دينية من أجل الله سبحانه وتعالى, والنبي ﷺ يقول: «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ»( ), والشاهد من الحديث أن يحب المرء لا يحبه إلا لله, فالمحبة تكون من أجل الله سبحانه وتعالى, ولذلك يقول النبي ﷺ كما في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ», والشاهد من الحديث رجلان تحابا في الله فاجتمعا عليه وتفرقا عليه, ولذلك ترى أهل الإيمان والصلاح والسنة يحبون الرجل على قدر دينه على ميزان الكتاب والسنة ولو كان حبشياً ما دام صاحب تقوى وصلاح, وأما الحزبية المساخة فلا تعترف بهذا كله ولا تنظر إلى صلاح الرجل من فساده وإنما, إن كان معهم في الحزب أثنوا عليه الثناء الحسن ما دام في الحزب ولو كان من أفسق الفاسقين فهو التقي البار وإن لم يكن في الحزب فهو من الفجار ولو كان من الأتقياء الأبرار, فترى الغمز واللمز؛هذا لا يفقه الواقع. وكما قيل: من كان معنا لمعناه ومن كان ضدنا حرقناه, هذه طريقة الحزبية, وخلاصة القول: فالحزبية فساد عظيم وشر مستطير, فيجب الحذر والتحذير منها على المسلمين جميعاً لأنها كانت أعظم سبب في تفريق المسلمين ويعرف ذلك كل عاقل لبيب يدرك الأمور ومغازي الأعداء فشر الحزبية أعظم من العصبيات القبلية والتكتلات المذهبية والكل شر, وتعتبر من أمور الجاهلية, والنبي ﷺ يقول: «كل أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي»( ), نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا فتنة الحزبية وجميع الفتن إنه على كل شيء قدير.





    الرد على
    الفقرة الأولى
    من شريط الزنداني
    الانتخابات وما يترتب عليها



    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً, وبعد.
    يقول الزنداني في شريطه «الانتخابات وما يترتب عليها»: إن الديمقراطية الجديدة في السلطة جاءت إلى خمس مسائل:
    1) الشعب هو صاحب الحق في اختيار الحاكم.
    2) على الحاكم أن يشاور الشعب.
    3) على الشعب مراقبة الحاكم.
    4) على الشعب مقاضاة الحاكم.
    5) على الشعب عزل الحاكم.
    ثم قال: هذه مبادئ شرعية إسلامية.
    الرد:
    أولاً: الديمقراطية كفر. فهي نظام طاغوتي كفري تدعو إلى نبذ الإسلام جملة وتفصيلاً. وهي حكم جاهلي, زبالة أفكار قوم أضل من الأنعام, كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾[الأعراف:179], فهي حكم جاهلي, والله تعالى يقول: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾[المائدة:50] والحكم بها حكم بغير ما أنزل الله تعالى, والله تعالى يقول: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[المائدة:44] ويقول: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[المائدة:45] ويقول: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[المائدة:47] والحكم بها يتنافى مع الإيمان, قال تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[النساء:65]. وهي أيضاً شرع لم يأذن به الله, ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[الشورى:21] فهي نظام مستورد من قبل أعداء الإسلام ومتى أراد أعداء الإسلام لنا خيراً؟ وليسوا راضين عنا إلا أن نكون مثلهم كما قال تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾[النساء:89].
    وليسوا راضين عنا أبداً إلا إذا تبعنا ملتهم, قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾[البقرة:120] فقد أغنانا الله سبحانه وتعالى بالإسلام فلا نحتاج إلى أنظمة الطواغيت من يهود ونصارى وغيرهم. ولا يجوز لأي مسلم الرضا بها ويجب عليه ردها جملة وتفصيلاً. وكذلك لا يجوز المقارنة بينها وبين الإسلام قطعاً, ولا يفعل ذلك إلا من قد أزاغ الله قلبه, نسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه.

    ثانياً: الرد على المبادئ الديمقراطية
    الرد على المبدأ الأول:
    (الشعب هو صاحب الحق في اختيار الحاكم)
    أقول: هذا الكلام وهذا المبدأ على إطلاقه باطل؛ لأن الشعب كله ليس له اختيار الحاكم, وإنما يكون اختيار الحاكم عند عدم وجود حاكم عن طريق أهل الحل والعقد من العلماء العاملين الناصحين أصحاب الزهد والورع, والأمراء الصالحين أصحاب الاستقامة, وقد أمرنا ربنا بالرجوع إليهم في أمورنا واختيار الحاكم وولي الأمر من أهم الأمور فيجب الرجوع إلى أهل الحل والعقد, فقد أرشدنا ربنا بقوله: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلاً﴾[النساء:83]. والذي يعلم ما هو الأصلح للإسلام والمسلمين إنما هم العلماء الصادقون الناصحون للأمة, فالعلماء هم الذين يحسنون اختيار من يتولى أمرهم, وهم الذي يدركون ويعقلون الأمور, قال الله عنهم: ﴿وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ﴾[العنكبوت:43] وما داموا هم الذين يعقلون الأمور فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالرجوع إليهم وسؤالهم في أمور ديننا ودنيانا فقال سبحانه وتعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾[الأنبياء:7] فهم الذين يختارون من يتولى أمر هذه الأمة, وليس الأمر يرجع إلى الشعوب لأن الرجوع إلى الشعوب يؤدي إلى انتشار الفوضى, وكثرة الآراء, وكثرة الاختلاف, ومعلوم أن الشعوب خليط فهل يستوي رأي العالم والجاهل والصالح والفاسد فهم لايستوون, قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ﴾[السجدة:18], وفي الشعب المسلم والمجرم, والله تعالى يقول: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾[القلم:35], وفي الشعب الرجل والمرأة, والله تعالى يقول: ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾[آل عمران:36], ويقول: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾[النساء:34] فمن هنا علم أن الشعب خليط فكيف يسند الأمر إليه, إذن فمسألة اختيار من يتولى أمر المسلمين خاص بأهل الحل والعقد.
    وقد سئل الشيخ مقبل رحمه الله عن هذا فقيل له يا شيخ: ما الفرق بين اختيار إمام المسلمين وبين الانتخابات لأن بعض الناس يلبس على الناس وعلى طلبة العلم بأنه لا فرق ؟ فأجاب رحمه الله بقوله: إمام المسلمين إما أن يأخذها بالغلبة وإما أن يجتمع أهل الحل والعقد ولو اثنان كما في الستة أهل الشورى فيبايعونه على ذلك, ثم يبايعه الناس, والله عز وجل يقول: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا﴾[النساء:83] ويقول سبحانه وتعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾[النساء:59] وأهل الحل والعقد العلماء الأفاضل وكذلك ممن له معرفة بالسياسة يشارك في الاختيار ولا بأس إن كانوا مجموعة قدر عشرين شخصاً أو أقل أو أكثر وعمر " اقتصر على الستة وهو الأولى, ولا يكون من باب الانتخابات فقد جاءتنا من قبل أعداء الإسلام وهي وسيلة من وسائل الديمقراطية.اﻫ «تحفة المجيب ص248».
    هكذا يكون اختيار الحاكم عن طريق أهل الحل والعقد عند عدم وجود حاكم, أما إذا كان هناك حاكمًا مسلمًا فلا يغيَّر إلا إذا كفر كفرًا بواحًا, ويغيَّر ويخرَج عليه بشروط سيأتي ذكرها في موضعها.
    وتغيير الحاكم بهذه الطرق أعني الانتخابات يعتبر خروجًا ولكن بصورة جديدة يستحسنها بعض الجاهلين.

    اختيار الحاكم يكون بطريقتين:
    الطريقة الأولى: اجتماع أهل الحل والعقد كما فعله الصحابة ي في اختيار أبي بكر, فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ وَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلا ذَاكَ وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ وَقَالَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ وَقَالَ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ قَالَ فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ قَالَ وَاجْتَمَعَتْ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالُوا مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُوبَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلامًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُوبَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلامِهِ نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ لا وَاللَّهِ لا نَفْعَلُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَقَالَ أَبُوبَكْرٍ لا وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَقَالَ عُمَرُ بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ فَقَالَ قَائِلٌ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَقَالَ عُمَرُ قَتَلَهُ اللَّهُ( ).
    هكذا اجتمع خير الصحابة رضي الله عنهم وتشاوروا بينهم حتى اختاروا أبا بكر وهكذا صنع الصحابة رضي الله عنهم في اختيار عثمان بن عفان " خليفة كان على أهل الحل والعقد الذين أوصى بِهم عمر ", فَقَالُوا أَوْصِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَخْلِفْ قَالَ مَا أَجِدُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الاَمْرِ مِنْ هَؤُلاءِ النَّفَرِ أَوْ الرَّهْطِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ فَسَمَّى عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَسَعْدًا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ وَقَالَ يَشْهَدُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ فَإِنْ أَصَابَتْ الاِمْرَةُ سَعْدًا فَهُوَ ذَاكَ وَإِلا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ أَيُّكُمْ مَا أُمِّرَ فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلا خِيَانَةٍ وَقَالَ أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ وَيَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَأَنْ يُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلامِ وَجُبَاةُ الْمَالِ وَغَيْظُ الْعَدُوِّ وَأَنْ لا يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلا فَضْلُهُمْ عَنْ رِضَاهُمْ وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الإِسْلامِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ وَيُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَلا يُكَلَّفُوا إِلا طَاقَتَهُمْ فَلَمَّا قُبِضَ خَرَجْنَا بِهِ فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي فَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَتْ أَدْخِلُوهُ فَأُدْخِلَ فَوُضِعَ هُنَالِكَ مَعَ صَاحِبَيْهِ فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ اجْتَمَعَ هَؤُلاءِ الرَّهْطُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلاثَةٍ مِنْكُمْ فَقَالَ الزُّبَيْرُ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ طَلْحَةُ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عُثْمَانَ وَقَالَ سَعْدٌ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيُّكُمَا تَبَرَّأَ مِنْ هَذَا الأَمْرِ فَنَجْعَلُهُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ عَلَيْهِ وَالإِسْلامُ لَيَنْظُرَنَّ أَفْضَلَهُمْ فِي نَفْسِهِ فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَتَجْعَلُونَهُ إِلَيَّ وَاللَّهُ عَلَيَّ أَنْ لا آلُ عَنْ أَفْضَلِكُمْ قَالا نَعَمْ فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَقَالَ لَكَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَدَمُ فِي الإِسْلامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ فَاللَّهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ وَلَئِنْ أَمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ ثُمَّ خَلا بِالآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ قَالَ ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ فَبَايَعَهُ فَبَايَعَ لَهُ عَلِيٌّ وَوَلَجَ أَهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ( ).
    هذه الطريقة الأولى لاختيار الحاكم عن طريق أهل الحل والعقد عند الصحابة ي.
    الطريقة الثانية: وهي أن يستخلف الخليفة الصالح من يرى أنه الأصلح للإسلام والمسلمين ومن يقدر بالقيام على أمور المسلمين وعنده الكفاءة التامة كما فعل أبوبكر " في استخلاف عمر رضي الله عنهم جميعاً.
    قال الإمام ابن أبي العز رحمه الله تعالى: «وثبتت الخلافة بعد أبي بكر " لعمر بن الخطاب " وذلك بتفويض أبي بكر الخلافة إليه واتفاق الأمة بعده( ). اﻫ
    هكذا يكون اختيار الحاكم عن طريق أهل الحل والعقد الذين يدركون الأمور على طريقة الصحابة رضي الله عنهم, فهم أفهم الناس لدين الله سبحانه وتعالى, وأعلم الناس بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ, فعلينا أن نمشي على طريقتهم في أمورنا فهم الذين رضي الله عنهم, قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾[التوبة:100], وقال تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾[الفتح:18], وقال سبحانه وتعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[الحشر:8-9], والنبي ﷺ يقول: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ»( ), فيجب على كل مسلم أن يأخذ دينه على فهم الصحابة والتابعين رضي الله عنهم, فهم أهل العلم والدين, وقد حذرنا ربنا سبحانه وتعالى من مخالفة طريقهم, قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾[النساء:115], وقد وصف الله سبحانه وتعالى من اتبع ما هم عليه بالهداية فقال سبحانه وتعالى: ﴿فَإِنْ ءَامَنُوا بِمِثْلِ مَا ءَامَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾[البقرة:137], وبين سبحانه وتعالى أن من عدل عن طريقهم وصفهم أنهم في شقاق فقال: ﴿فَإِنْ ءَامَنُوا بِمِثْلِ مَا ءَامَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[البقرة:137], فلماذا عدل الزنداني عما فعله الصحابة في اختيار الحاكم وذهب يأخذ بأفكار من هم أضل من الأنعام, كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾[الأعراف:179], فمن هنا عرفنا أن المبدأ الأول من مبادئ الديمقراطية وهو «الشعب صاحب الحق في اختيار الحاكم» مخالف للإسلام تماماً والزنداني ينسبه للإسلام ظلماً وجوراً, ويقول: إن مبادئ الديمقراطية شرعية إسلامية ومنها هذا المبدأ وجهل الزنداني هذه الأمور التي سبقت من أفعال الصحابة في اختيار الحاكم وولي الأمر وأخذ بأفكار اليهود والنصارى الهمجية وقام ينادي ويهذي: الشعب هو الذي يختار الحاكم ووو...إلى آخره, ونسي أن الشعب خليط, نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكشف الزنداني وتلبيسه وأن يفضحه دنيا وأخرى, وأن يريح المسلمين من أفكاره, فقد أتعب المسلمين, ووضع الشبهات في قلوبهم, وهو الذي يتحمل هو ومن كان على شاكلته أوزار من أضلوهم يوم القيامة, قال تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾[النحل:25], «ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً»( ).
    وأما مسألة أخذ السلطة بالغلبة فلا تعتبر طريقة شرعية ثالثة لاختيار الحاكم, ولكن إذا أخذها بالغلبة والقهر واستتب له الأمر فله السمع والطاعة في المعروف وفي المنشط والمكره.
    قال الإمام ابن قدامة: ولو خرج رجل على الإمام فقهره وغلب على الناس بسيفه حتى أقروا له, وأذعنوا بطاعته, وبايعوه, صار إماماً يحرم قتاله, والخروج عليه, فإن عبدالملك بن مروان خرج على ابن الزبير فقتله, واستولى على البلاد وأهلها, حتى بايعوه طوعاً وكرها, فصار إماماً يحرم الخروج عليه وذلك لما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين, وإراقة دمائهم وذهاب أموالهم. ويدخل الخارج عليه في عموم قوله ﷺ: «من خرج على أمتي وأمرهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائناً من كان»( ).
    وخلاصة القول في اختيار الحاكم أنها ترجع إلى طريقين, وقد ذكر ابن كثير أربع طرق عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾[البقرة: من الآية30], قال رحمه الله: أما الإمامة تنال بالنص كما يقول طائفة من أهل السنة في أبي بكر " أو بالإيماء كما يقول آخرون, أو باستخلاف الخليفة آخر بعده كما فعل الصديق بعمر بن الخطاب رضي الله عنهما, أو باجتماع أهل الحل والعقد على مبايعته أو مبايعة واحد منهم له, فيجب التزامها عند الجمهور, وحكى على ذلك الإجماع إمام الحرمين والله أعلم. اﻫ
    أقول: وكلام ابن كثير يرجع حاصله إلى الطريقتين اللتين ذكرنا آنفاً:
    أولاً: مسألة النص هي للنبي ﷺ.
    ثانياً: ترك الشورى في جماعة صالحين كما فعل عمر " تدخل تحت اجتماع أهل الحل والعقد, فمن هنا عرفنا أنها طريقتان, والله أعلم.

    الرد على المبدأ الثاني:
    (على الحاكم أن يشاور الشعب)
    أقول: هذه قاعدة باطلة ومبدأ فاسد يا عبدالمجيد الزنداني, وإنما المشاروة تكون لأهل الحل والعقد من العلماء والأمراء, وإما أن يشاور الشعب فلا, لأن الشعب خليط كما تقدم في المبدأ الأول, والشورى هي من ديننا ولهذا بوب الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الاعتصام فقال:
    بَاب قَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾
    وَأَنَّ الْمُشَاوَرَةَ قَبْلَ الْعَزْمِ وَالتَّبَيُّنِ لِقَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ فَإِذَا عَزَمَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ التَّقَدُّمُ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
    وَشَاوَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْمُقَامِ وَالْخُرُوجِ, فَرَأَوْا لَهُ الْخُرُوجَ فَلَمَّا لَبِسَ لأْمَتَهُ وَعَزَمَ قَالُوا أَقِمْ فَلَمْ يَمِلْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْعَزْمِ, وَقَالَ: «لا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لأْمَتَهُ فَيَضَعُهَا حَتَّى يَحْكُمَ الله».
    وَشَاوَرَ عَلِيًّا وَأُسَامَةَ فِيمَا رَمَى بِهِ أَهْلُ الإِفْكِ عَائِشَةَ فَسَمِعَ مِنْهُمَا حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ فَجَلَدَ الرَّامِينَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ وَلَكِنْ حَكَمَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ.
    وَكَانَتْ الأَئِمَّةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَشِيرُونَ الأُمَنَاءَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الأُمُورِ الْمُبَاحَةِ لِيَأْخُذُوا بِأَسْهَلِهَا فَإِذَا وَضَحَ الْكِتَابُ أَوْ السُّنَّةُ لَمْ يَتَعَدَّوْهُ إِلَى غَيْرِهِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    وَرَأَى أَبُو بَكْرٍ قِتَالَ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ فَقَالَ عُمَرُ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْدُ عُمَرُ. فَلَمْ يَلْتَفِتْ أَبُو بَكْرٍ إِلَى مَشُورَةٍ إِذْ كَانَ عِنْدَهُ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَأَرَادُوا تَبْدِيلَ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ.
    وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ».
    وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَشُورَةِ عُمَرَ كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا, وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ( ). اﻫ
    ولهذا فإن المشورة مشروعة ولكن لأهل التقى والصلاح, لأن الناس يتفاوتون من حيث التقوى والاستقامة, فينظر إلى أحسنهم استقامة, وسلوكاً, ومعرفة, فيؤخذ برأيه في الأمور عند عدم وجود الدليل والنص والنبي ﷺ كان يستشير أصحابه إذا لم ينْزل وحي, ويستشير خير أصحابه, وهما أبو بكر وعمر فقد استشارهما في قصة الأسارى فقال ابن عمر رضي الله عنهما استشار رسول الله ﷺ في الأسارى أبابكر, فقال: قومك وعشيرتك فخل سبيلهم. فاستشار عمر فقال اقتلهم. قال. فداهم رسول ﷺ فأنزل الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾[الأنفال: من الآية67] إلى قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً﴾[الأنفال: من الآية69] فلقي الرسول ﷺ عمر قال: «كاد أن يصيبنا في خلافك»( ).
    وبِهذه الأدلة تعلم أيها المسلم أن أهل المشاورة والاستشارة هم العلماء أهل الاستقامة ولهذا كان عمر " أهل استشارته القراء كما جاء في البخاري رقم (4642) عن ابن عباس قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ ابْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ وَكَانَ مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَلا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ.
    هكذا كان الصحابة يستشيرون أهل الأمانة كما قال الإمام البخاري رحمه الله «وكانت الأئمة بعد النبي ﷺ يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها».
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه: «وأما تقييده بالأمناء فهي صفة موضحة لأن غير المؤتمن لا يستشار ولا يلتفت لقوله»( ).
    ومن هذا كله يعلم أن المشورة خاصة بأهل العلم والصلاح والأمانة وليست لأهل الجهل والخيانة لأنها من مقومات هذا الدين العظيم دين الإسلام الذي اختاره الله سبحانه وتعالى لنا فقال: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً﴾[المائدة: من الآية3] وبها ـ أعني المشاروة ـ أُمر النبي ﷺ.
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «لا غنى لولي الأمر عن المشاروة فإن الله تعالى أمر نبيه ﷺ فقال تعالى: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾[آل عمران:159], وقد رُوي عن أبي هريرة " قال: لم يكن أحد أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله ﷺ( ). وقد قيل إن الله أمر بِها نبيه ﷺ ليتألف قلوب أصحابه وليقتد به من بعده. وليستخرج منهم الرأي فيما لم ينزل فيه وحي من أمر الحروب والأمور الجزئية وغير ذلك.
    أقول: وقفة مع كلام شيخ الإسلام في قوله: وليستخرج منهم الرأي فيما لم ينزل فيه وحي: معنى ذلك إذا كان هنالك دليل لا يؤخذ بالرأي عند وجود الدليل والدليل مقدم على الرأي» وكذلك المشاورة لا تكون إلا عند عدم وجود نص, فإذا جاء نص قدم.
    وقال شيخ الإسلام رحمه الله: «وقد أثنى الله سبحانه تعالى على المؤمنين بذلك في قوله: ﴿فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾[الشورى:36-38], وإذا استشارهم فإن بين لهم بعضهم ما يجب اتباعه من كتاب الله أو من سنة رسوله ﷺ أو إجماع المسلمين فعليه اتباع ذلك ولا طاعة لأحد في خلاف ذلك, وإن كان عظيماً في الدين والدنيا, قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[النساء: من الآية59].
    أقول: وقفة ثانية مع كلام شيخ الإسلام رحمه الله:
    وهي معنى كلام شيخ الإسلام في قوله: «فإن بين له ما يجب اتباعه من كتاب الله أو سنة رسولهﷺأو إجماع المسلمين فعليه اتباع ذلك» قلت: ولا أحد يستطيع أن يبين ما يجب اتباعه من كتاب أو سنة أو إجماع إلا من كان عالماً. فعندئذ لا مجال للجاهل في المشورة والرأي.
    ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله: «وإن كان أمراً قد تنازع فيه المسلمون فينبغي أن يستخرج من كل منهم رأيه ووجه رأيه فأي رأي كان أشبه بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ كما قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾[النساء:59].
    ثم قال رحمه الله: «وأولي الأمر صنفان: (هم العلماء والأمراء) وهم الذي إذا صلحوا صلح الناس فعلى كل منهما أن يتحرى ما يقوله ويفعله طاعة لله ولرسوله واتباع كتاب الله ومتى أمكن في الحوادث المشكلة معرفة ما دل عليه الكتاب والسنة كان هو الواجب وإن لم يمكن ذلك لضيق الوقت أو عجز الطالب, أو تكافؤ الأدلة عنده أو غير ذلك فله أن يقلد من يرضى علمه ودينه. وهذا أقوى الأقوال»( ).
    أقول: كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى كله دائر في مسألة المشورة على أهل الحل والعقد كما هو ظاهر من كلامه رحمه الله تعالى.
    والمشورة ذكر أهل العلم لها شروطًا في حق المستشار, قالوا يشترط للمستشار خمسة شروط:
    1) عقل كامل مع تجربة سالفة.
    2) أن يكون ذا دين وخلق.
    3) أن يكون ناصحاً ودوداً.
    4) أن يكون سليم الفكر من هم قاطع وغم شاغل.
    5) ألاّ يكون له في الأمر المستشار غرض يتابعه, ولا هوى يساعده, فإن الإغراض جاذبة والهوى صاد, والرأي إذا عارضه الهوى وجاذبته الأغراض فسد.
    هذه شروط للمستشار, وهل كل أفراد الشعوب يحملون هذه الشروط حتى يستشاروا, أم أن هذه الشروط لا تجمع إلا في خواص الناس ؟
    الجواب: لا تجتمع هذه الشروط إلا في خواص الناس.
    ذكرت هذه الشروط في موسوعة نضرة النعيم (6/2446).
    والمشاورة لها شرطان اثنان:
    1) عند عدم وجود النص, كما هو ظاهر من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في السياسة الشرعية ص187. والحافظ ابن حجر في الفتح (13/418).
    2) أهل الحل والعقد.
    وهذه الشروط الموجودة مستنبطة من الكتاب والسنة ومع هذه الأدلة القاطعة ظاهرة البيان في أن الاستشارة لأهل العلم والإيمان وليست لأهل الظلم والطغيان وظهر من هذه الأدلة بطلان المبدأ الذي جاءت به الديمقراطية الكافرة وأنه غير موافق لما عليه الإسلام, وهو أن «الحاكم يشاور الشعب» وهل الديمقراطية الغربية اشترطت في المشاورة الشروط الموجودة في دين الإسلام, الجواب: لا, فإن الديمقراطية ساوت بين المسلم والكافر والصالح والفاسد والذكر والأنثى, فمن أين وافقت الإسلام يا زنداني! وهذا المبدأ الديمقراطي ساوى بين المسلم والكافر والبر والفاجر وجعل رأى أتقى وأعلم الناس كرأي أفجر وأجهل الجاهلين, والإسلام بريء من ذلك ومما تنسبه إليه يا زنداني, فقد أعطى كل ذي حق حقه ولله الحمد, وأين أنت يا زنداني من معرفة بطلان هذا المبدأ الذي تقول إنه وافق القرآن, نقول لك بقول الله تعالى: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا﴾[الكهف:5], وهذا أكبر دليل على عدم معرفتك بالشريعة ودلالات نصوص الكتاب والسنة, فأنت بين أمرين إما جاهل بشريعة الإسلام وإما غاش للإسلام والمسلمين.
    نسأل الله أن يعافينا مما ابتلاك به.



    الرد على المبدأ الثالث والرابع:
    (مراقبة الحاكم, ومقاضاة الحاكم)
    يقول الزنداني: إن هذه المبادئ ومنها مراقبة الحاكم ومقاضاته؛ مبادئ شرعية إسلامية.
    أقول: «هذه المبادئ لا نعلم لها دليلاً من كتاب ولا سنة بل نعلم أن على الحاكم حقوقًا للشعب وللمحكومين وكذلك نعلم حقوقاً على المحكومين أمام الحاكم, وإليك بعض ما على المحكومين للحاكم المسلم.
    بعض حقوق الراعي على الرعية
    1- السمع والطاعة في المنشط والمكره, قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾[النساء:59], وفي الصحيحين عن ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره إلا أن يؤمر معصية فإن أمر بمعصية فال سمع ولا طاعة».
    وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني». فعلق هذا الحديث طاعة الأمير بطاعة الله عز وجل.
    وعن العرباض بن سارية قال: خطبنا رسول الله ﷺ فقال «اتقوا الله وعليكم بالسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي»( ).
    وعن أبي ذر " قال: أتاني رسول الله ﷺ وأنا نائم في المسجد فقال: «ماذا تفعل إذا أخرجت منه» قال: أذهب إلى الشام, قال: «كيف تفعل إذا أخرجت منها؟ فقلت: أضرب بسيفي يا رسول الله, فقال: «ألا أدلك على خير من ذلك وأقرب رشداً, تسمع وتطيع, وتساق كيف ساقوك»( ).
    وهذا لا يعني أنه يساق في المعصية وإنما في المعروف. وأما في المعصية «فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
    وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك»( ).
    وعن أبي هنيدة وائل بن حجر " قال سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله ﷺ فقال يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا, فأعرض عنه ثم سأله فقال: «اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم»( ).
    وعن يحيى بن حصين قال سمعت جدتي تحدث عن رسول الله ﷺ وهو يقول: «ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا»( ).
    2- الصبر عليهم إذا جاروا أو ظلموا ما داموا على الإسلام:
    وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيكم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس» قلت: كيف أصنع إن أدركت ذلك ؟ قال: «تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك»( ).
    وعن ابن عباس " قال: إن رسول الله ﷺ قال: «من كره من أميري شيئاً فليصبر»( ).
    وعن أنس بن مالك " قال: دعا رسول الله ﷺ الأنصار ثم قال: «أما بعد, إنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض»( ).
    3- بذل النصيحة لهم:
    وعن تميم بن أوس الداري " قال: قال رسول الله ﷺ: «الدين النصيحة» قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»( ).
    وعن جرير بن عبدالله قال: بايعت رسول الله ﷺ على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم»( ).
    4- النصيحة سراً وتحريم سبهم:
    وعن عياض بن غنم " قال: قال رسول الله ﷺ: «من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية وليأخذ بيده فإن سمع منه فذاك وإلا كان أدى الذي عليه»( ).
    وعن أنس بن مالك " قال: نهانا كبراؤنا من أصحاب محمد ﷺ قالوا: قال رسول الله ﷺ: «لا تسبوا أمراءكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم واصبروا فإن الأمر قريب»( ).
    5- الوفاء لهم بالبيعة ما داموا على الإسلام:
    وعن أبي هريرة " قال: قال رسول الله ﷺ: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي, وستكون خلفاً فتكثر» قالوا فما تأمرنا؟ قال: «فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم»( ).
    وعن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله: «إنّها ستكون بعدي أثرة وأمر تنكرونَها» فقالوا يا رسول الله: كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: «تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم»( ).
    6- تحريم الخروج عليهم ومنازعتهم في الأمر ما داموا مسلمين:
    وعن أبي هريرة " قال: قال رسول الله ﷺ: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية»( ).
    وعن أبي هريرة " قال: قال رسول الله ﷺ: «ليس من أمتي من خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يوفي لذي عهدها فليس مني ولست منه»( ).
    وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «من نزع يده من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له, ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»( ).
    وقد سئل الشيخ مقبل رحمه الله تعالى:
    هل الخروج على الحكام مسموع؟
    الجواب: «الخروج ضد الحكام بلية من البلايا التي ابتلي بها المسلمون من زمن قديم وأهل السنة بحمد الله لا يرون الخروج على الحاكم المسلم لأن النبي ﷺ يقول: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» ويقول: «إذا بويع لخليفتين فاضربوا عنق الآخر منهما» وعبادة بن الصامت " يقول دعانا النبي ﷺ فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان.
    فالخروج على الحاكم يعتبر فتنة فبسببه تسفك الدماء ويضعف المسلمون حتى لو كان كافراً فلا بد أن يكون لدى المسلمين القدرة على مواجهته حتى لا تسفك دماء المسلمين فإن الله عز وجل يقول: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾( ).
    فتاريخ أهل السنة من زمن قديم لا يجيزون الخروج على الحاكم المسلم. وفي هذا الزمن الخروج على الحاكم الكافر لا بد أن يكون بشروط فإذا كان جاهلاً فلا بد أن يعلَّم. وإلا يؤدي المنكر إلى ما هو أنكر منه ولا تسفك دماء المسلمين»( ). ا
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
    «أما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور. وغشهم والخروج عليهم بوجه من الوجوه كما قد عرفت من عادات أهل السنة والدين قديماً وحديثا»( ).
    والأدلة في هذا الباب كثيرة من الكتاب والسنة وأقوال السلف وفتاوى أهل العلم, وهذا القدر في ذلك كافٍ.

    بعض حق الرعية على الراعي
    وكما أن الراعي وولي الأمر له حقوق وواجبات فكذلك الرعية والمأمورون لهم حقوق وواجبات, وواجب على الجميع أن يؤدي كل منهم ما أوجب الله عليه وهكذا لا تصلح الحياة إلا بذلك وكما ذكرنا حقوق الراعي على الرعية نذكر حقوق الرعية على الراعي, فمنها:
    1- خفض الجناح لهم والرحمة بهم:
    قال تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * َإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾[الشعراء:215]
    والأمر للنبي ﷺ أمر لأمته ما لم يرد نص يخصص ذلك.
    2- العدل بينهم في القضاء وغيره:
    قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾[النحل:90]
    وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾[النساء:58].
    وعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا»( ).
    3- النصح وعدم الغش لهم:
    وعن معقل بن يسار " قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»( ).
    وفي رواية: «فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة».
    وفي رواية لمسلم: «مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ إِلا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ الْجَنَّةَ».
    وعن أبي هريرة " قال إن رسول الله ﷺ قال: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»( ).
    قال الإمام النووي رحمه الله: «إذا كان مستحلاً لغشهم فتحرم عليه الجنة ويخلد في النار, وإذا لم يكن مستحلاً لغشهم يمنع من دخول الجنة أول وهلة مع الفائزين ثم قال: وفي هذه الأحاديث وجوب النصيحة على ولي الأمر لرعيته والاجتهاد في مصالحهم والنصيحة لهم في دينهم ودنياهم»( ).
    4- عدم الاحتجاب عن حاجتهم:
    قال أبو داود رحمه الله: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا مَرْيَمَ الأَزْدِيَّ أَخْبَرَهُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ مَا أَنْعَمَنَا بِكَ أَبَا فُلانٍ وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ فَقُلْتُ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ أُخْبِرُكَ بِهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ وَلاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ» قَالَ فَجَعَلَ رَجُلاً عَلَى حَوَائِجِ النَّاسِ( ).
    يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: «في هذا الحديث التحذير من اتخاذ الإنسان الذي يوليه الله تعالى أمراً من أمور المسلمين حاجباً يحول دون خلتهم وفقرهم وحاجتهم وإن من فعل ذلك فإن الله تعالى يحول بينه وبين حاجته وخلته وفقره»( ).
    5- الرفق بهم وعدم المشقة عليهم:
    وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول في بيتي هذا: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ»( ).
    وعن عائشة ل قالت: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ»( ).
    6- مشاورة أهل الصلاح والتقى منهم في الأمور:
    قال الله تعالى: ﴿وشاورهم في الأمر﴾ وقال تعالى: ﴿وأمرهم شورى بينهم﴾.
    والحقيقة أن على الوالي أن ينصح للأمة في كل خير يراه ويدعوهم إليه ويحذرهم من الشر ويغلق عليهم أبوابه لأنه مسئول عنهم يوم القيامة.
    يقول النبي ﷺ كما في الصحيحين عن ابن عمر":«ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» وكما تقدم من الأحاديث في التحذير من الغش للرعية وعدم الرفق بهم والمشقة عليهم وعلى ولاة الأمور أن يتقوا الله فيما ولاهم الله عليه فإن الله سائلهم عن كل شيء ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾.
    وهذه المبادئ التي ذكرها الزنداني لا نعلم لها دليلاً من شرع الله سبحانه وتعالى وإنما هي تقليد للغربيين.
    إنكار المنكر على ولي الأمر إذا خالف السنة
    ومع ما ذكرنا من طاعة ولي الأمر والصبر عليه والنصيحة له والوفاء له بالبيعة وتحريم الخروج عليه ما دام على الإسلام؛ ما يمنع ذلك من إنكار المنكر ممن يحسن الإنكار إذا أمر الوالي بمعصية, وقد بوب الإمام النووي رحمه الله في شرحه لمسلم (6/445) كتاب الإمارة: بَاب وُجُوبِ الإِنْكَارِ عَلَى الأُمَرَاءِ فِيمَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَتَرْكِ قِتَالِهِمْ مَا صَلَّوْا وَنَحْوِ ذَلِكَ.
    قال الإمام مسلم: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالُوا: أَفَلا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لا مَا صَلَّوْا».
    وقال مسلم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ يَخْطُبُ قَاعِدًا فَقَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبِيثِ يَخْطُبُ قَاعِدًا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾.
    قال الإمام النووي: «وهذا الكلام يتضمن إنكار المنكر على ولاة الأمور إذا خالفوا السنة»( ).
    وقد أنكر عمارة بن رؤيبة على بشر بن مروان, كما قال مسلم: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ قَالَ رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ فَقَالَ قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ.
    وأنكر أبو سعيد رضي الله عنه على مروان, قال أبو سعيد: فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ, فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ, فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ, فَجَبَذَنِي, فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلاةِ, فَقُلْتُ لَهُ: غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ! فَقَالَ: أَبَا سَعِيدٍ! قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ, فَقُلْتُ: مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لا أَعْلَمُ, فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلاةِ.
    قال الحافظ رحمه الله عند شرح هذا الحديث من «الفتح» (2/580): وفي هذا إنكار العلماء على الأمراء إذا صنعوا ما يخالف السنة.
    وإنكار السلف على الأمراء إذا خالفوا السنة كثير.
    فأهل السنة بحمد الله هم وسط لا إفراط ولا تفريط فهم وسط بين الخوارج والمرجئة ينطبق عليهم قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾.[البقرة:142]
    فهم وسط بين الغلو والجفاء ينكرون المنكر على منهج السلف رضي الله عنهم أجمعين بالمراسلة أو النصيحة سراً ولا ينكرون على الوالي على المنابر من أجل التشهير بعيوب الولاة لأن ذلك يؤدي إلى مفاسد عظيمة, وقد سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى:
    هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر وما منهج السلف في نصح الولاة؟
    الجواب: «ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الحاكم وذلك على المنابر لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع ولكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان والكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير, وإنكار المنكر يكون من دون ذكر من فعله ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر: فلان يفعلها, لا حاكم ولا غير حاكم, ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان " قال بعض الناس لأسامة بن زيد ": ألا تكلم عثمان؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم, إني لأكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمر لا أحب أن يكون أول من افتتحه. ولما فتحوا الشر في زمن عثمان " وأنكروا على عثمان جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية وقُتِل عثمان بأسباب ذلك وقتل جمع من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني وذكر العيوب علناً حتى أبغض الناس ولي أمرهم وقتلوه. نسأل الله العافية»( ).
    وهذا منهجنا وعقيدتنا في إنكار المنكر على الولاة ولا نخرج عن طريقة السلف قيد شبر إن شاء الله تعالى ونسأل الله لنا التوفيق والسداد في القول والعمل والمعتقد.
    وأما ما ذكرته من الكلام المتقدم حول بعض الحقوق بين الراعي والرعية ما هو إلا غيض من فيض كما يقال ولست في صدد ذكر حق الراعي والرعية واستقصاء ذلك وإنما أردت إبطال تلك القاعدتين الفاسدتين من القواعد الخمس التي يروجها الزنداني وهي الثالثة والرابعة: قوله: «للشعب مراقبة الحاكم» «ومقاضاة الحاكم» وكما أسلفنا لكم أننا لا نجد ولا نعلم دليلًا على ذلك من كتاب ولا سنة وما قد عُرف أن هناك أي عند السلف الصالح قد قامت محكمة تسمى «محكمة محاكمة الحاكم» «ولا قضاء مقاضاة الحاكم» وإنما ذلك عند الغربيين الملاحدة أعداء الله ودينه؛ من محاكمة حكامهم الكفرة ومراقبتهم. والزنداني يسعى جاداً لتطبيق مبادئهم في بلاد المسلمين ويدعي بدون برهان أن هذه القواعد قواعد إسلامية شرعية, ووالله إنّها ليست من الإسلام في شيء, ونحن نطالب الزنداني أن يأتي ببرهان على كلامه وأتحداه أن يأتي بذلك ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.[البقرة:111]


    الرد على المبدأ الخامس:
    (عزل الحاكم)
    أقول: إن هذا المبدأ الذي يقول الزنداني إنه مبدأ شرعي إسلامي مبدأ مخالف للإسلام. فالإسلام أعطى للحاكم المسلم منْزلته وقدره وأوجب له السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وحرم الخروج عليه ما دام مسلماً. وجعل طاعته والصبر عليه من الدين. ويترتب على ذلك أجور وجزاء من الله عظيم.
    وأما الديمقراطية بمبادئها ومن ضمنها هذا المبدأ؛ لا تعترف بما جاء به الإسلام أبداً ولا تراعي سمع ولا طاعة ولا صبر, وهذا المبدأ وهو«عزل الحاكم» ليس من الإسلام في شيء, مبدأ ظالم جائر لا يرضاه رجل مستقيم من وجوه: منها: أنه مبدأ ديمقراطي فوضوي مستورد من أعداء الإسلام, ومخالف لما جاء به الإسلام كما تقدم, ونوع من أنواع الخروج المحرم, وفيه نقض للبيعة, ونزع ليد الطاعة, ويترتب عليه مفاسد عظيمة؛ منها ما ذكرناه آنفاً.
    وأقول: ما أجرأ الزنداني على التقول على الله وإلباس الإسلام ما ليس منه, ووالله إنه يصدق عليه وعلى أمثاله قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.[آل عمران:78]
    كيف يتجرأ الزنداني ويقول: إن مبادئ الديمقراطية مبادئ شرعية إسلامية. ويلبس على الناس في ذلك واستغل جهل الناس لنشر أفكاره, وتبعه في أفكاره من لم يفقه دين الله سبحانه وتعالى. والواجب على الزنداني وكل مسلم يغار على دينه ألاّ يلتفت إلى ما جاء به أعداء الإسلام من أفكار مخالفة للإسلام فضلاً من أن يدعو إليها.

    متى يعزل الحاكم في الإسلام؟
    يعزل الحاكم ويُخرَج عليه في الإسلام؛ عند أن يظهر كفرُه ويتجلى أمرُه, فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ( ).
    والله تعالى يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾.[النساء:59]
    فالله تعالى قال: (منكم)؛ بمعنى من المسلمين وأما إذا كان كافراً لا سمع ولا طاعة, والله تعالى يقول: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَامًا﴾, فلا يكون إماماً إلا إذا كان تقياً لأن الإمامة تشريف وتكريم وإما الفاجر والكافر لا يكون إماماً أبداً إلا في الشر, وجاء في صحيح مسلم عن عوف بن مالك قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» قَالُوا: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «لا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاةَ لا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاةَ أَلا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ».
    وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالُوا: أَفَلا نُقَاتِلُهُمْ قَالَ: «لا مَا صَلَّوْا»( ).
    والشاهد قوله ﷺ «لا ما أقاموا فيكم الصلاة» فإذا ما أقاموا الصلاة فعندئذ يجوز منابذتهم والخروج عليهم والحديث دليل على من قال بكفر تارك الصلاة؛ لأنه لا يُخرج على الحاكم إلا عند الكفر البواح الذي لا يحتمل التأويل وإذا ظهر كفر الحاكم واستبان فالإسلام أجاز الخروج عليه ومنابذته كما جاءت بذلك الأدلة وحاصل الأدلة «إذا ظهر الكفر البواح» ولكن مع كفره يخرج عليه بشروط, منها:
    1) وجود الكفر البواح, لقول رسول الله ﷺ: «إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان».
    2) القدرة على إزالته إزالةً لا يترتب عليه شرٌّ أكبر مما هم فيه.
    3) إعداد العدة المادية والمعنوية والتربية على الإسلام الصافي وتنقيته من شوائب الشرك والبدع.
    4) وجود استغناء ذاتي بحيث لا يلجأ المسلمون إلى أعدائهم.
    5) تحقق المصلحة أما مجرد ظنون فلا.
    وقد يكون الخروج عليه واجبًا في حالة القدرة والاستطاعة؛ لأن الخروج على الكافرين يعتبر من الجهاد في سبيل الله.
    وإليك فتاوى أهل العلم في ذلك:

    فتوى سماحة الإمام العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى
    مفتي القرن الخامس عشر
    السؤال: لو افترضنا أن هناك خروجاً شرعياً لدى جماعة من الجماعات؛ هل هذا يبرر قتل أعوان هذا الحاكم وكل من يعمل في حكومته مثل الشرطة والأمن وغيرهم؟
    الجواب: لا يجوز الخروج على السلطان إلا بشرطين:
    أحدهما: وجود كفر بواح عندهم فيه من الله برهان.
    والشرط الثاني: القدرة على إزالة الحاكم إزالةً لا يترتب عليها شر أكبر وبدون ذلك لا يجوز.
    ولا يجوز إزالة الشر بما هو شَرٌ منه بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه.
    وأما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفراً بواحاً وعندهم قدرة تزيله بِها وتضع إماماً صالحاً طيباً من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا باس.
    وأما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير واختلال الأمن وظلم الناس واغتيال من لا يستحق الاغتيال وإلى غير هذا من الفساد العظيم فهذا لا يجوز بل يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور والدعوة لهم بالخير والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير, هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة ولأن في ذلك تقليل للشر وتكثير للخير ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر. نسأل الله للجميع التوفيق والهداية( ). اﻫ

    فتوى الإمام العلامة محدث العصر محمد ناصر الدين الألباني
    رحمه الله تعالى
    قال رحمه الله بعد أن انتهى من الكلام حول تحريم الخروج على الوالي المسلم قال: بل أنا أقول اليوم حتى لو كان هناك حاكم مسلم ولو جغرافياً ولو كان يعني حاكماً مسلماً جغرافياً أو في شهادة النفوس, أنا هذا رأيي الشخصي أنه لا يجوز الخروج عليه إلا بشروط كثيرة وكثيرة جداً: أولها: أن يكون المسلمون قد أعدوا أنفسهم للخروج عليه, وهذا له بحث مفصل أظنه موجود في بعض الأشرطة. تحقيق ما نكني عنه بكلمتين موجزتين في التصفية والتربية حينما يجتمع المسلمون في بلد ما في إقليم ما على التصفية والتربية ومن التربية العمل بكل النصوص التي أمروا بها: كتاب وسنة, ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ إلى آخر الآية, فحينما نجد مثل هذه الجماعة التي قامت على تطبيق الإسلام المصفى وربيت على هذا الإسلام المصفى وقامت بإعداد العدة المادية والمعنوية؛ حينئذ نقول يجوز الخروج على هذا الحاكم المعلن بالكفر الصراح ولكن بشروط وهو إنذاره وعدم الغدر به بطريقة ما يسمى بثورات وانقلابات عسكرية أو ما شابه ذلك, فهذا أيضاً في اعتقادي وما أفهم من كتاب الله ومن سنة رسول الله ﷺ لا نجيزه إلا بهذه الشروط وأنا أعتقد أنه فيما وقع من ثورات من بعض الجماعات الإسلامية في بعض البلاد الإسلامية بدءًا من جماعة جهيمان في الحرم المكي وجماعة التكفير والهجرة في مصر وجماعة السوري مروان حديث ثم الآن في الجزائر أيضاً نقول نحن إن هذا لا يجوز لأنهم كما قال: ولو أرادوا الخروج له عدته, ولنا كلام طويل بالنسبة للجزائريين, إذن نهاية هذا السؤال: نحن لا نجيز هذا الخروج إطلاقاً في هذا الزمان لما يترتب من ورائه من سفك دماء المسلمين دون أي فائدة تذكر بل بأضرار تنتشر ويظهر آثارها في المجتمعات الإسلامية أول ذلك انتكاس الدعوة السلفية في البلاد الحجازية بسبب هذه الثورة التي قام بها ذاك المعروف بجهيمان وبذلك ينتهي جوابي عن هذا السؤال( ).

    فتوى الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين
    رحمه الله تعالى
    سئل الشيخ ابن عثيمين عن مسألة الخروج على الحاكم؟
    فقال:
    أولاً: لا يجوز الخروج على الأئمة ومنابذتهم إلا حين يكفرون كفراً صريحاً؛ لقول النبي ﷺ: «إلا أن تروا كفراً بواحاً»( ).
    ثانياً: العلم بكفرهم والعلماء هم الذين يقدرونه وأنا لا أقدر أن أحكم على حكومتكم لأنني لا أعرفها وفي الحديث السابق عندكم فيه من الله برهان.
    ثالثاً: تحقيق المصلحة في ذلك وانتفاء المفسدة وتقديرها لأهل العلم أيضاً.
    رابعاً: القدرة لدى المسلمين على إزاحة الحاكم الكافر.
    ثم قدم نصيحة ذهبية رحمه الله فقال:
    وعلى كل حال هذا الكلام نظري؛ لأن الغالب أن الشوكة والقوة لهذه الحكومات وأنا أنصح بالروية والدعوة بالحكمة وترك الدخول في هذه المواجهات( ).

    فتوى الإمام العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي
    رحمه الله تعالى
    السؤال: إذا رأينا كفراً بواحاً فهل يجب الخروج أم لا؟
    الجواب: يجب النظر في أحوال المسلمين هل لديهم القدرة على مواجهة الكفر البواح أم أنهم سيقدمون أنفسهم أضحية؟ وهل عندهم استغناء ذاتي أم سيمدون أيديهم لأمريكا وغيرها من الحكومات تتركهم حتى تسفك دماؤهم ثم ينصبون لهم علمانياً بدل العلماني الأول أو شيوعياً بدل العلماني أو نصراني بدلاً عن المسلم فلابد أن يكون هناك استغناء ذاتي.
    ثم بعد ذلك هل أعدوا ما تحتاج إليه الحرب من قوات ولا يشترط أن تكون مماثلة لقوات العدو فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾[الأنفال:60].
    وهل أعدوا ما تحتاج إليه الحرب من أطباء ومستشفيات أم ربما يتركون الشخص ينتهي دمه من الجرح, وكذلك ما تحتاج إليه الحرب من تغذية فالناس ليسوا مستعدين أن يصبروا كما صبر الصحابة على الاستضعاف وعلى الخروج من الأوطان وعلى المرض وعلى الفقر عند أن خرج الصحابة وهاجروا إلى المدينة فالناس الآن محتاجون إلى أن يدربوا أنفسهم على ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم( ).

    فتوى الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان
    حفظه الله تعالى
    السؤال: هناك من يسوغ للشباب الخروج على الحكومات دون الضوابط الشرعية, فما هو منهجنا في التعامل مع الحاكم المسلم وغير المسلم؟
    الجواب: منهجنا في التعامل مع الحاكم المسلم السمع والطاعة, يقول تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾[النساء:59].
    ثم ذكر أدلة في وجوب طاعة ولي الأمر المسلم ثم قال:
    وأما التعامل مع الحاكم الكافر فهذا يختلف باختلاف الأحوال, فإن كان في المسلمين قوة, وفيهم استطاعة لمقاتلته وتنحيته عن الحكم وإيجاد حاكم مسلم؛ فإنه يجب عليهم ذلك, وهذا من الجهاد في سبيل الله, وأما إذا كانوا لا يستطيعون إزالته فلا يجوز لهم أن يتحرشوا بالظلمة الكفرة؛ لأن هذا يعود على المسلمين بالضرر والإبادة, والنبي ﷺ عاش في مكة ثلاث عشرة سنة بعد البعثة والولاية للكفار, ومعه من أسلم من أصحابه ولم ينازلوا الكفار بل كانوا منهيين عن قتال الكفار في هذه الحقبة, ولم يؤمر بالقتال إلا بعد ما هاجر ﷺ وصار له دولة وجماعة يستطيع بهم أن يقاتل الكفار.
    هذا هو منهج الإسلام إذا كان المسلمون تحت ولاية كافرة لا يستطيعون إزالتها, فإنهم يتمسكون بإسلامهم وعقيدتهم ويدعون إلى الله ولكن لا يخاطرون بأنفسهم ويغامرون في مجابهة الكفار لأن ذلك يعود عليهم بالإبادة والقضاء على الدعوة, أما إذا كان لهم قوة يستطيعون بها الجهاد فإنهم يجاهدون في سبيل الله على الضوابط المعروفة( ).
    ومن عرف أن الإسلام يوجب طاعة الحاكم وإن أساء أو أخطأ؛ لأن الإنسان دائماً معرض للخطأ كل يوم؛ يقول تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم»( ), وعرفنا أن الإسلام لم يأت بعزل الحاكم مهما حصل منه كما تقدم ما لم تكن جنايته يكفر بها فإذا كفر عزل وجاز الخروج عليه بشروط وضوابط شرعية كما تقدم من كلام علمائنا. وعرفت أخي القارئ أن هذا المبدأ الذي يقول الزنداني أنه مبدأ شرعي إسلامي مخالف لما جاء به الإسلام وعلمنا أن الزنداني خالف ما عليه الإسلام وما عليه علماؤنا قديماً وحديثاً وصار يدعوا إلى ما جاء به أعداء الإسلام. وأنا أعجب ممن يدافع عن هذا الباطل الذي يدعو إليه ويروجه في أوساط المسلمين, والله أعلم ماذا يريد الزنداني من أفعاله هذه, ومخالفته الظاهرة لشريعة الإسلام؟ وما الحامل له على ذلك ؟ ونظرت أخي القارئ أن هذه المبادئ الخمسة من مبادئ الديمقراطية وأولها «أن الشعب هو صاحب الحق في اختيار الحاكم» وعرفت من هو صاحب الحق في اختيار الحاكم, إنهم أهل الحق والعقد, ولا يجب ذلك على الشعب كله كما تقدم في الرد على هذا المبدأ. والمبدأ الثاني «على الحاكم أن يشاور الشعب» والصواب والحق فيه أن الحاكم يشاور أهل الشورى من العلماء والأمراء أصحاب الرأي السديد, وأهل الحل والعقد معروفون في كل بلد ومنطقة وما نحتاج إلى أن ننتخب أو نختار ونضع أصوات في صناديق تشبهاً بأعداء الإسلام. فأهل الحل والعقد عندنا معروفون, لو سألت أهل بلد من أصلح رجل فيكم لقالوا فلان, فهو يشتهر باستقامته وصلاحه. وكذلك المبدأ الثالث والرابع من مبادئ الديمقراطية وهما «مراقبة الحاكم»و«مقاضاة الحاكم»: هذه المبادئ لا نعلمها في ديننا, وقد علمت أخي المسلم مما تقدم ما هو الواجب على الحاكم والمحكوم وأن هذه المبادئ مخالفة لما عليه ديننا من الصدق وبذل النصيحة. وكذلك المبدأ الخامس من مبادئ الديمقراطية وهو «عزل الحاكم» لم يأت به الإسلام قطعاً - إلا إذا كفر كما تقدم بشروطه - وإنما هو تقليد لأعداء الإسلام وكما أنه عرف أنه مخالف للإسلام؛ أما يستحي الزنداني ومن كان على شاكلته من أن يتجرأ ويقول إنها مبادئ شرعية إسلامية, وأعجب من ذلك أنه يتكلم بهذا الكلام في محاضرة وعنده مئات السامعين وما أحد أنكر عليه لأن السامعين له ممن قد أعمى الله أبصارهم وأصم آذانهم وأعمى قلوبهم بالحزبية المساخة ﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾[الحج:46], فهم مقلدة للباطل وإلا لو كان عندهم غيرة على الدين كما يزعمون ما سمعوا مثل هذا الكلام الذي يلقيه على مسامعهم ولأنكروا عليه ولكن الحقيقة كما قال الشيخ مقبل رحمه الله تعالى عن الإخوان المفلسين وكان دائماً يكررها في دروسه ومحاضراته: «ما هم عند الدين, ما هم عند الدين», وصدق رحمه الله تعالى.
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي المسلمين ويردهم إلى دينه رداً جميلاً.






    الرد على
    الفقرة الثانية
    من شريط الزنداني
    الانتخابات وما يترتب عليها


    يقول الزنداني: أوروبا دخلت في معارك مع حكامها وزعمائها لمدة مائتي عام, ثم قالت لابد من دستور هو عقد اجتماعي بين أبناء المجتمع ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم. ثم ذكر كلاماً إلى أن قال: وطوروا أشياء أوجدت أوضاعاً مستقرة وأصبح الطريق إلى تغيير الحاكم ورقه توضع في الصندوق وجعلوا الحاكم يتولى لفترة محددة وقالوا لا نعطي الحاكم ولاية مطلقة ولاية محددة بزمن وتسقط تلك الولاية بمجرد انتهاء الزمن حتى لا ندخل في معركة مع الحاكم. ثم أشاد بتلك الأفكار النتنة وأثنى على أصحابها بما لا يطيقه مسلم ولا يجرؤ عليه من عرف أساسيات الإسلام وبدائياته.
    الرد:
    أقول وبالله التوفيق:
    إن الله سبحانه وتعالى حذر نبينا عليه الصلاة والسلام عن اتباع أهواء الكافرين وأمره باتباع شريعة الإسلام وبين له أن الكافرين لايغنون عنه من الله شيئاً, قال تعالى مخاطباً نبيه ﷺ: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾.[الجاثية:18-19]
    وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام أن يحكم بينهم بما أنزل عليه وأن يحذر من أن يفتنوه فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾.[المائدة:49]
    وأمر نبينا عليه الصلاة والسلام بالدعوة والاستقامة على ما أُمِر به فقال تعالى: ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ ءَامَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾.[الشورى:15]
    قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: «(فلذلك فادع) أي: فللدين القويم والصراط المستقيم الذي أنزل الله به كتبه وأرسل رسله فادع إليه أمتك وحضهم عليه وجاهد من لم يقبله (واستقم) بنفسك (كما أمرت) أي: استقامة موافقة لأمر الله لا تفريط ولا إفراط, بل امتثالاً لأوامر الله واجتناباً لنواهيه على وجه الاستمرار على ذلك, فأمره بتكميل نفسه بلزوم الاستقامة وبتكميل غيره بالدعوة إلى ذلك, ومن المعلوم أن أمر الرسول ﷺ أمر لأمته إذا لم يرد تخصيص له. (ولا تتبع أهواءهم) أي أهواء المنحرفين عن الدين من الكفرة والمنافقين؛ إما باتباعهم على بعض دينهم أو بترك الدعوة إلى الله أو بترك الاستقامة, فإنك إن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذاً لمن الظالمين, ولم يقل ولا تتبع دينهم لأن حقيقة دينهم الذي شرعه الله لهم هو دين الرسل كلهم ولكنهم لم يتبعوه بل اتبعوا أهواءهم واتخذوا دينهم لهواً ولعباً». ا
    هذه الآيات البينات الواضحات وغيرها كثير كلها تعليم وتثبيت للرسول ﷺ وهو أفضل الخلق وأكرمهم على الله عز وجل وأتقاهم وأخشاهم له, تحذره من أن يفتتن بما جاء به الكافرون فقال تعالى: ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾[المائدة: من الآية49] يقول له عن بعض ما أنزل إليك ولم يقل عن الكل, إذا كان الله تعالى يحذر نبيه من أن يفتتن فنحن من باب أولى نخشى على أنفسنا من الفتنة والعياذ بالله, وانظر أخي المسلم إلى الزنداني كيف يثني على أفكار من حذر الله منهم ويقول: إنهم طوروا أشياء أوجدت استقراراً وأوضاعاً مستقرة وأصبح الطريق إلى تغيير الحاكم ورقه توضع في الصندوق وجعلوا الحاكم يتولى لفترة محددة وقالوا لا نعطي الحاكم ولاية مطلقة, ولاية محددة بزمن وتسقط تلك الولاية بمجرد انتهاء الزمن. ففتن الزنداني بهذه الأفكار لأنها جاءت موافقة لهواه وشهوته وليست من الإسلام في شيء وحاله كما قيل:
    عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى
    فصادف قلباً خالياً فتمكنا

    لما كان الزنداني فارغاً من علم القرآن والسنة ومنهج السلف الصالح في التعامل مع الكافرين أخذ أفكارهم وصار يدعو إليها ويحاول إن يلبسها لباساً إسلامياً كما هي عادته, وذهب يمارس هذه الأفكار في أيام الانتخابات في بلادنا اليمنية ووقع فيما حذر رسول الله ﷺ منه وأخبر به فقال: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ فَقَالَ وَمَنْ النَّاسُ إِلا أُولَئِكَ»( ).
    وأنا أشهد لله أن الزنداني ممن وقع في فيما حذر منه النبي ﷺ وممن يدخل في هذا التحذير الذي تضمنه هذا الحديث دخولاً أولياً, وإذا لم تكن أفعال الزنداني هذه تقليدًا للكافرين فليس هناك تقليدًا غيره أبداً, بل هو عين التقليد.
    وقوله: إنهم أوجدوا أوضاعاً مستقرة واستقراراً.
    قلت: أنَّى لهم الاستقرار وهم يعيشون في ظلمة الكفر وهم معرضون عن الله وهم في ضنك وعمى بصيرة والله يصف حال من أعرض عنه سبحانه بقوله: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ ءَايَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾. [طه:124-126]
    فهم في ضنك وظلمة في حياتهم الدينية والدنيوية وإن كان عندهم بعض علم الدنيا فلا يجدون سعادة أبداً ما داموا كفاراً ولا استقرارًا, فهم يعلمون بعض ما ظهر لهم من أمور الدنيا وغافلون عن الآخرة كما قال تعالى: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾. [الروم:7]
    أما تخاف الله يا عبدالمجيد تثني على أفكار الكفار بصورة أو بأخرى, وتظهر أحياناً أنك تعاديهم من أجل أن تغرر على بعض المساكين الذين بقي عندهم بغضٌ للكافرين وتظهر لهم أنك تعاديهم من هذا الوجه وتنادي وتمجد أفكارهم من وجه آخر وهذا تلبيس منك وغش لهؤلاء المساكين والذين لا يفقهون مقاصدك السيئة, نسأل الله السلامة, ولقد استفدت منهم تغيير الحاكم عن طريق الصندوق بورقة ووضع فترة معينة للحاكم ثم يعزل فيها, كل هذا ليس من الإسلام في شيء وأنت تجرجرها على المسلمين. وسيأتي الكلام على مسألة تحديد البيعة للحاكم وبيان بطلانها وأنها بدعة منكرة ابتدعتها أنت ومن كان على شاكلتك وما علمنها في تاريخنا الإسلامي أبداً, وما جاء بها القرآن والسنة أبداً ولكنه التقليد, وحسبنا الله ونعم الوكيل.





    الرد على
    الفقرة الثالثة
    من شريط الزنداني
    الانتخابات وما يترتب عليها


    يقول الزنداني: «وجاء الأوروبيون وقالوا سنبتكر طريقة لاختيار أهل الحل والعقد, وقالوا نقسم البلاد على دوائر دوائر, ثم نقول لأهل كل محل: اختاروا نائباً عنكم, ووضعوا ضوابط للانتخابات بحيث يضمنون الإرادة الحرة للناخبين, وجعلوا من الجرائم تزوير إرادة الأمة... ثم قال: جاء هذا المبدأ إلى بلاد المسلمين واندهشوا منه وتساءل المسلمون ما الموقف الشرعي من ذلك ؟ ثم قال: الموقف الشرعي أن أهل الحل والعقد الزعماء المطاعون والانتخابات طريق من الطرق ليقول الناس نحن نطيع هذا إذا تكلم». ا
    الرد:
    أقول وبالله التوفيق:
    الزنداني يمشي على ما جاء به أعداء الإسلام حذو القذة بالقدة وكان الزنداني من قبل يحاول أن يبتعد عن ذكر أفعال الكافرين وهو في نفس الوقت معجب بها وأما الآن فذهب حياؤه بالكلية, وصدق الرسول ﷺ إذا يقول: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت»[عن أبي مسعود الأنصاري في البخاري] والزنداني لا يستحي من ذكر أفعال الكافرين وتقريرها والدعوة إليها والدفاع عنها وإلباسها لباس الإسلام, وصدق الله إذ يقول: ﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾.[الحج:46]
    واستفاد الزنداني من أفكار الكفار الانتخابات وتقسيم البلاد إلى دوائر كما يذكر هو أن هذا من أفعال الكفار والتشبه بهم حرام ويجب مخالفتهم, وسيأتي الكلام على حرمة التشبه بهم ووجوب مخالفتهم في فصل «وجوب مخالفة الكفار وتحريم التشبه بهم» ومعلوم ما في الانتخابات من مفاسد ومنكرات مخالفة للإسلام والزنداني يقول إنها طريق لاختيار أهل الحل والعقد والواقع يشهد وينطق على ما في الانتخابات من مفاسد ولا ينكر هذه المفاسد إلا جاهل مكابر معاند للحق والصواب.
    فمن مفاسد الانتخابات التي جاء بها أعداء الإسلام:
    * المفسدة الأولى:
    المساواة بين المسلم والكافر, والله تعالى يقول: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ﴾[السجدة:18], ويقول تعالى: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾[القلم:35-36], ويقول تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾[الجاثية:21], ويقول تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾[سورة ص:28].
    وترى أيام الانتخابات ويوم الاقتراع يساوى كل الناس في التصويت, فترى الكفار من يهود وسحرة يشاركون في الانتخابات ولهم رأيهم يحترم ويقدر مثل صوت العالم التقي ولا فرق ولا حول ولا قوة إلا بالله, فأقول هنيئاً لك يا عبدالمجيد الزنداني بموافقتك على ذلك ورضاك بالهوان:
    من يهن يسهل الهوان عليه
    ما لجــرح بميت إيـلام

    فصوت يهودي من يهود ريدة يساوي صوتك, وأنت راضٍ شئت أم أبيت, هذا هو الواقع, ولو وقف «حَيِّم» و«ماشا» ـ وهما من يهود ريدة ـ أمام صندوق يختاران, ووقفت يا زنداني أمام صندوق آخر تختار؛ لغلب صوتهما صوتك, وأتحداك تنكر ذلك, وعجباً! من هو الرجل الصالح الذي سيختاره اليهود ؟!!!
    وهذه الأمور مشاهدة مرئية لا ينكرها إلا من جهلها. فافقهوا معاشر المؤمنين.
    * المفسدة الثانية:
    مساواة الرجل بالمرأة: والله تعالى يقول: ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾[آل عمران:36], ويقول تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾[النساء:34], والرسول ﷺ يقول: «لا يفلح قوم ولو أمرهم امرأة»( ), ويقول رسول الله ﷺ: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن»( ), والأدلة كثيرة جداً في هذا الباب, والانتخابات تساوي بين المرأة الفاجرة العاهرة بأكبر عالم وأتقى رجل, فهل يرضى هذا عاقل؟ ووالله إنها إهانة للرجال, فكيف الزنداني وأضرابه من حكام وغيرهم يوافقون على ذلك, ووالله ما أهانوا إلا أنفسهم, أما تعلم يا زنداني أن الانتخابات ساوت بينك وبين الفاجرات ومع هذا توافق؟ ﴿وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ﴾[الحج:18], أما أهل السنة فلا يرضون بهذا؛ لأن أنفسهم كريمة عليهم ﴿فَاعْتَبِــرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ﴾[الحشر:2].
    * المفسدة الثالثة:
    تحكيم الأغلبية: والله تعالى يقول: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾[يوسف:103], ويقول: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾[سـبأ: من الآية13], ويقول: ﴿وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾[ص: من الآية24], فالصالحون قليل جداً والفسقة أكثر, فلو أن خمسين فاجراً وقاطع صلاة رشحوا لوطياً من اللوطة, وتسعة وأربعين عالماً رشحوا عالماً منهم؛ من سيفوز في نظام الانتخابات ؟ الجواب يفوز هذا اللوطي لكثرة مرشحيه من الفجرة ويسقط ذلك العالم صاحب الفضيلة أمام هذا الفاجر. أوليس هذا حاصل معاشر المسلمين؟!! الجواب: نعم!!! إذن فكيف يجوز لمسلم أن يرضى بهذه الأنظمة الانتخابية الديمقراطية ؟ نعوذ بالله من الخذلان.
    * المفسدة الرابعة:
    التصوير: والرسول ﷺ يقول: «لعن الله المصورين» ويقول: «كل مصور في النار» ويقول: «من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ» يقول: «يخرج عنق يوم القيامة من النار له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق, يقول: وكلت بثلاثة؛ بكل جبار عنيد ومن جعل مع الله إله آخر وبالمصورين» ويقول: «الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة». وقد أُفْرِدَت رسالة خاصة للشيخ مقبل رحمه الله تعالى في حكم تصوير ذوات الأرواح, وكذلك الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى, أنصح بهما, وغيرهما كثير لأهل العلم.
    وفي الانتخابات يتصور الرجال والنساء, وهذا من أعظم المنكر فترى الرجل يتلذذ بالنظر إلى صور النساء وكذلك النساء إلى الرجال, وأين الخوف من الله سبحانه وتعالى والعمل بأوامره, إذ يقول: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾[النور: من الآية30], ويقول: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾[النور: من الآية31], وأنا أشهد لله, أيما رجل ترك زوجته أو أي قريبة له يتولى أمرها تخرج في الانتخابات وتتصور؛ أنه رجل فيه من الدياثة وكل بحسبه, وقد ذهبت غيرته على عرضه. وأذكر لكم أيها القراء قصة رجل كان عضواً في لجنة الانتخابات وزوجته كذلك عضوة فتصورت زوجته من ضمن العاملات في اللجنة, وكانت صور النساء في ملف, فوقع الملف في يد رجل من الموظفين, وقام يقلب تلك الصور إلى أن وصل إلى صورة هذه المرأة الموظفة وكانت من أحسنهن صورة, فقام يقبل تلك الصورة, وزوج تلك المرأة الموظفة ينظر إلى ذلك الرجل وهو يقبل صورة زوجته !!! فماذا يصنع في مثل هذا الموقف؟ إن قال هي زوجته يترتب على ذلك أمور.... فما كان منه إلا أن خرج كاتماً غيظه, نعوذ بالله من الفضائح, وهذا الرجل أعرفه جيدًا ولا أحب أن أذكر اسمه وإنما نجعله عبرة, وهذا الرجل يعتبر من دعاة الإخوان المسلمين. (أخبرني بذلك أحد موظفي اللجنة) وأين الغيرة على الأعراض وقد أهدر النبي ﷺ العين من أجل النظر, ويقول النبي ﷺ: «لا يدخل الجنة ديوث».
    * المفسدة الخامسة:
    خدمة اليهود والنصارى: ومن المعلوم أن الذي يمد الانتخابات بالأموال الطائلة هم أعداء الله وأعداء أنبيائه ودينه, ويا ترى هل الكفار من يهود ونصارى وغيرهم يرضون لنا الخير؟ والله تعالى أعلم بحالهم وبمقاصدهم الخبيثة.
    قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾[البقرة: من الآية120] وهل إنفاقهم هذه الأموال بلا مقابل ؟ هذا من المستحيل !! كيف ذلك وهم يريدون لنا الدمار والهلاك ويحسدوننا على الخير وما يودون لنا خيراً أبداً, قال تعالى: ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾[البقرة: من الآية105].
    وهكذا فهم لا يريدون لنا خيراً قط فهم يخططون للمسلمين في الليل والنهار ويمكرون بهم ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾[الأنفال: من الآية30], فمن أين هذه المحبة حتى ينفقوا أموالهم في أيام الانتخابات ووالله إن أعظم مقصد لهم هو تشتيت شمل المسلمين, ببذل هذه الأموال والأفكار, ووجدوا وللأسف من يستجيب لهم لما يريدونه في تنفيذ مخططاتهم من أبنائنا وإخواننا, ولكن نسأل الله سبحانه أن يهدي المسلمين وأن يردهم إلى الحق والصواب وأن يفضح الكفرة والمنافقين وأضرابهم ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾[لأنفال: من الآية36].
    * المفسدة السادسة:
    القتل والقتال: ترى المسلمين أيام الانتخابات يتصارعون فيما بينهم من أجل أن يرتفع فلان أو يسقط فلان, فتختلف آراؤهم فمن هنا تدخل العداوة وتبدأ الفتنة وتنشب الحروب ويحصل القتل والله تعالى حرم قتل المؤمنين فقال: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾[النساء:93], والرسول ﷺ يقول: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»( ).
    ويقول النبي ﷺ: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق»( )., ويقول النبي ﷺ: «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا, ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع...» الحديث( ).
    والأدلة كثيرة جداً من كتاب الله وسنة رسوله, وقد حرم الله سبحانه وتعالى الأسباب التي تؤدي إلى سفك دماء المسلمين من غيبة ونميمة وكذب وو... إلى آخره, كل ذلك حفاظاً على أعراض ودماء المسلمين, والانتخابات لا تراعي ذلك كله.
    * المفسدة السابعة:
    خروج النساء ومخالطة الرجال: يقول الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾[الأحزاب: من الآية33], ويقول النبي ﷺ: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان»( ).
    فالواجب على المرأة أن تبقى في بيتها ولا يجوز لها الخروج إلا لضرورة شرعية, وأعجب من ذلك أن بعض المغفلين يجبر زوجته على الخروج للانتخابات من أجل الدراهم, وصدق الرسول إذ يقول: «إن مما أخشى عليكم من بعدي بطونك وفروجكم ومضلات الأهواء»( ).
    وبعضهم يفتي أن المرأة تخرج للانتخابات حتى ولو بغير إذن من زوجها!!! وهذه مخالفة واضحة للإسلام. والرسول ﷺ: «لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن»( )., فإذا كان بيتها خيراً لها من المسجد فكيف بمن تخرج إلى الانتخابات وتتصور وتخالط الرجال وتختلي بعضهن بالرجال, والرسول ﷺ يقول: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما», ومفاسد هذا الفعل كثيرة وكثيرة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.
    أخي المسلم القارئ, هذه بعض مفاسد الانتخابات, ومفاسدها كثيرة لا تعد ولا تحصى, وهناك كتاب فيها بعنوان: «تنوير الظلمات بكشف مفاسد وشبهات الانتخابات» للشيخ الداعية الموفق محمد بن عبدالله الإمام, فقد جمع فيه أكثر من ثلاثين مفسدة مع رد الشبهات وتفنيدها, ننصح المسلمين بقراءة هذا الكتاب القيم, جزى الله خيراً مؤلفه, وهو موجود في مكاتب أهل السنة, هذا لمن بقي عنده شبه, وإلا فالإنسان العاقل الذي بقي عنده شيء من الفقه يعلم علماً ضرورياً أن الانتخابات محرمة وأنها وليدة الغرب كما كان يقول الشيخ مقبل رحمه الله تعالى, وكم صرخ الشيخ مقبل رحمه الله تعالى وهو يقول: الانتخابات حرام.. الانتخابات حرام, بح صوته.
    لقد أسمعت لو ناديت حياً
    ولو ناراً نفخت بها أضاءت
    ولكن لا حياة لمن تنادي
    ولكن أنت تنفخ في رمادِ

    ومع هذا الشر كله الموجود في الانتخابات الطاغوتية ترى بعض الذين أعمى الله قلوبهم وأصم آذانهم كعبدالمجيد الزنداني وأمثاله يقولون شرعية إسلامية ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِباً﴾[الكهف: من الآية5] فافقهوا أيها الناس إن بقي عندكم شيء من الفقه؛ ضلال هؤلاء القوم الذين زين لهم الشيطان سوء أعمالهم ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾[الزخرف:36], ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[الأنعام:43], ﴿وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾.[العنكبوت:38]
    والدعوة الموجودة إلى الانتخابات من السعي إلى الضلال في هذه الحياة ومن أخسر الأعمال, قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾.[الكهف:103-104]

    شبهة والرد عليها
    قد يقولون لا نعرف أهل الحل والعقد إلا عن طريق الانتخابات!
    أقول: قد سبق في ما تقدم من مفاسد الانتخابات من المساواة بين الفجرة والصالحين والرجال والنساء والجهال والعلماء, فإن أهل الحل والعقد معروفون من غير الانتخابات وما من بلد ولا منطقة إلا وهم يعرفون أفضلهم وخيرهم من غير انتخابات ولا يشترط أن يكون أهل الحل والعقد من كل قرية أو عزلة أو محافظة أو.. أو إلى آخره, والأفضل أن يكون أهل الحل والعقد يعدون بالأصابع لاجتماع الكلمة, والعالم من أهل الحل والعقد يكفي ويغطي عن شعب وأمة ولكن أفعال هؤلاء القوم من التلبيس وتغطية الحق وما وجدوا طريقة اختيار أهل الحل والعقد إلا عن طريق الانتخابات فهؤلاء دائماً يضعون الشبهات في هذه الأمة وحملهم على ذلك التقليد, وصدق الرسول ﷺ إذ يقول: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم» وهذه الشبه من إلباس الحق بالباطل؛ (لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون).

    وقد سئل الشيخ مقبل رحمه الله.
    قيل له يا شيخ يقول عبدالكريم زيدان لا يمكن معرفة أهل الحل والعقد إلا عن طريق الانتخابات فما قولكم في ذلك؟
    فأجاب رحمه الله «إن لم تعرفهم أنت فقد عرفهم غيرك, وما هو إلا تلبيس, وإلا فأهل الخير معروفون ولو شئت لعددت لك من أهل الخير بمصر وبالسودان وفي أرض الحرمين ونجد وفي اليمن وهكذا. ولكن قل بما تريده أمريكا. وقل إن أهل الشر مغمورون فنريد أن ننعشهم»( ).
    ومن هنا تعرف أخي القارئ ما عليه الزنداني من تلبيس على هذه الأمة وخيانة للأمانة وجرجرة أفكار الغربيين وترويجها في أوساط المسلمين. نسأل الله السلامة من ذلك وإن يحفظ علينا ديننا.




    الرد على
    الفقرة الرابعة
    من شريط الزنداني
    الانتخابات وما يترتب عليها


    يقول الزنداني وهو يتحدث عن أحوال الكفار في تغيير الحاكم؛ قال: «وجعلوا الحاكم يتولى لفترة محددة, قالوا لا نعطي الحاكم ولا أي مسئول من المسئولين ولاية مطلقة, لا. ولاية محددة بزمن وتسقط تلك الولاية بمجرد نهاية الزمن حتى لا ندخل في معركة مع الحاكم, نقول له... هو يقول أنا حاكم وأنتم خارجون عليَّ وأنتم متمردون عليَّ. قالوا لا, نحن اخترناك لولاية محددة وزمن محدد ففي نهاية ذلك الزمن إما يجدد لك الذين اختاروك وإلا لا ولاية لك, فلا يتولى الولاية إلا وهي مشروطة بزمن محدد, فإذا جاء هذا الزمن المحدد علم أن الشعب سيحاسبه من غير حرب ومعركة من غير انقلاب يستطيع بورقة أن يقول لا فيسقط الحاكم وكل ما بناه»ا.
    وهذا الكلام كله من أفعال الكفار مع حكامهم.
    ثم قال الزنداني: «فكان هذا المبدأ جديد وتساءل علماء المسلمين وكنت ممن وجه السؤال لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى وقلت يا شيخ: مبدأ تحديد زمن معين للحاكم المسلم ما عرفناه في تاريخنا الإسلامي نحن الحاكم عندنا يبقى حاكماً إلى أن يموت أو يقتل, تاريخنا هكذا واليوم جاءتنا فكرة جديدة وهي أن يبايع الحاكم لزمن معين محدود وتنتهي ولايته. ما رأيك في هذا ؟ فقال: يمكن أن يستأنس لهذا المبدأ بما فعله الصحابة في معركة اليرموك فقد اجتمعت قيادات الجيوش الإسلامية؛ جيش جاء من العراق وجيش جاء من فلسطين وجيش جاء من مصر جيوش كثيرة ولكل جيش قائد, قالوا طيب الآن معركة سنخوضها فمن يقودنا, فاتفقوا على أن تكون الولاية بينهم بالتناوب, أي أنهم اتفقوا بأن تكون لكل واحد منهم ولاية شرعية لفترة معينة محددة, قال يمكن أن نستأنس لهذا المبدأ بهذا وهذا شيء قد أقره الصحابة فإذا كان الصحابة قد أقروا مثله فلا يمنع على أن نتفق على شيء مثل هذا, ثم أقول أنا العقد للبيعة هو عقد ويمكننا أن نشترط على من نبايعه أي شرط شرعي, فإذا حددنا فترة من الزمن فهي أضمن لمصلحة المسلمين وأدعى لمنع استبداد الحاكم, وهو مبدأ مناسب».
    الرد:
    أقول: الحمد لله الذي فضح الزنداني بحيث جعله يصرح بأنه يتبع أفكار اليهود والنصارى كما قرأتم ما تقدم من كلامه حيث يذكر أفكار الكافرين ويحاول أن يطبقها على المسلمين, وصدق الرسول ﷺ إذ يقول: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً» فنعوذ بالله من الضلال المبين, وكيف صار الزنداني يمدح ويمجد أفعال الكافرين ودعوته إلى العمل بها وهي قوله:
    «تحديد فترة معينة للحاكم محددة ومعينة بزمن ثم تسقط ولايته», وقوله «إنه مبدأ مناسب».
    أقول الرد عليه:
    أولاً: الإسلام دين كامل شامل لا يحتاج إلى أفكار أعدائه وقد جاء الإسلام بكل ما يحتاج إليه الإنسان من أمور الدين والدنيا لأنه دين العزيز الحكيم الذي اختاره الله لنا بقوله: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ﴾[المائدة: من الآية3], وهو كامل بفضل الله قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾[المائدة: من الآية3] فقد أتم الله به النعمة وأكمل به الدين وما قصر في شيء, ومن شك أن الأسلام ناقص أو قصر في شيء أو أنه لا تصلح أحكامه لهذا الزمان فهو كافر بالله العظيم مكذب لقوله تعالى: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾[الأنعام: من الآية38] وبقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً﴾[مريم: من الآية64]. قال أبو ذر": «تركنا رسول الله ﷺ وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً», وقال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾[النحل: من الآية89]. وجاء الإسلام وعلم الناس حتى الخراءة كما جاء ذلك في صحيح الإمام مسلم عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ؟! قَالَ: فَقَالَ: أَجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ.
    إذن فلا نحتاج إلى الأفكار الجديدة التي جاء بها أعداء الإسلام, فإذا كان الإسلام لم يغفل عن مسألة الخراءة والبول وغيرها فكيف يغفل عن مسألة الولاية وهي من أهم الأمور؟!!!
    ثانياً: إن تحديد فترة معينة للحاكم ثم تنتهي ولايته من البدع, وقد حذرنا ربنا سبحانه وتعالى من البدع وكذلك رسوله ﷺ:
    يقول تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً﴾[المائدة: من الآية3] ويقول تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾[الشورى: من الآية21], ويقول النبي ﷺ كما في الصحيحين عن عائشة ل: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وفي رواية لمسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد», وعن العرباض بن سارية " قال: وعظنا رسول الله ﷺ موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا, قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي, فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة»( ). وجاء في مسلم عن جابر قال: كان رسول الله ﷺ إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول: «بعثت أنا والساعة كهاتين», ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى, ويقول: «أما بعد, فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد رسول الله ﷺ وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة», ثم يقول: «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه, فمن ترك مالاً فلأهله ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإليَّ وعليَّ».

    أقوال بعض أئمة السلف حول البدع والتحذير منها:
    يقول سفيان الثوري: «البدعة أحب إلى أبليس من المعصية فإن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها».
    وقال أبو قلابة أحد الأعلام: «ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف».
    وقال أيوب السختياني: «ما ازداد صاحب بدعة اجتهاداً إلا ازداد من الله بعداً».
    وقال ابن مسعود: «اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم كل ضلالة».
    وقال الفضيل بن عياض: «آكل مع يهودي ونصراني ولا آكل مع مبتدع وأحب أن يكون بيني وبين صحاب بدعة حصن من حديد».
    وهذه البيعة المحددة التي يدعو إليها الزنداني من البدع والمحدثات.
    ثالثاً: نقول لك يا عبدالمجيد الزنداني: من هو الخليفة من الخلفاء الراشدين ومن بعدهم بويع بيعة محددة بزمن ؟ فهذا أبو بكر بويع بيعة واحدة وما اشترط عليه الصحابة " فترة معينة أو زمن محدد وكذلك بعده عمر " بويع بتكليف من أبي بكر " فبايعه الصحابة " ولم يشترطوا له زمناً محدداً لخلافته وولايته, وكذلك عثمان بايعه أصحاب الشورى ولم يشترطوا له زمناً محدداً, وكذلك علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما وعمر بن عبدالعزيز رحمه الله وكل الخلفاء الأمويين والعباسيين إلى آخر الخلافة العباسية, وأتحداك أن تأتيني بخليفة واحداً من خلفاء الإسلام بويع لفترة معينة أو زمن محدد, ومن المعلوم من تاريخ الإسلام أن الوالي أو الحاكم إذا بويع وعقدت له البيعة فلا يجوز منازعته ما دام مسلماً إلا إن يموت أو يقتل أو يستخلف غيره, وله السمع والطاعة بمقتضى تلك البيعة, وأنت تعلم ذلك كما هو ظاهر من كلامك المتقدم آنفاً في الشريط عندما قلت: «وهذه الفكرة لا توجد في تاريخنا الإسلامي». فلماذا تبتدع هذه البدعة؟!
    رابعاً: هذه البيعة المؤقتة بيعة باطلة, واشتراط تحديد البيعة لفترة معينة ليس في كتاب الله, ولا سنة رسول الله, ولا إجماع السلف رحمهم الله. يقول النبي ﷺ: «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط»( ). وهكذا دخلت البدع في البيعات مثل هذه الشروط المحدثة وكذلك الأيمان عند البيعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية, قال: وأما أيمان البيعة فقالوا أول من أحدثها الحجاج بن يوسف الثقفي وكانت السنة أن الناس يبايعون الخلفاء كما بايع الصحابة رسول الله ﷺ ويعقدون البيعة كما يعقدون البيع والنكاح ونحوهما, وإما أن يذكروا الشروط التي يبايعون عليها ثم يقولون بايعناك على ذلك, كما بايعت الأنصار النبي ﷺ ليلة العقبة. فلما أحدث الحجاج ما أحدث من العسف, كان من جملته أن حلّف الناس على بيعته لعبدالملك بن مروان بالطلاق والعتاق واليمين بالله وصدقة المال, فهذه الأيمان الأربعة هي أيمان البيعة القديمة المبتدعة, ثم أحدث المستخلفون عن الأمراء من الخلفاء والملوك وغيرهم أيمان كثيرة أكثر من تلك. وقد تختلف فيها عاداتهم. ومن أحدث ذلك فعليه إثم ما ترتب على هذه الأيمان من الشر( ). اﻫ
    وهكذا دخلت البدع في البيعة من الأيمان وغيرها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى, وفي هذا العصر يسعى لهذه البدعة وهي الاشتراط في البيعة لفترة محددة عبدالمجيد الزنداني ومن كان على شاكلته ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾[النحل:25].
    وقد سألت مفتي جنوب المملكة العربية السعودية الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي حفظه الله تعالى وذلك باتصال هاتفي, فقلت:
    يا شيخ ما حكم الإسلام في البيعة المحددة للحاكم لزمن محدد والاشتراط لذلك بوقت محدد وما صحة هذه البيعة ؟
    فأجاب حفظه الله تعالى قائلاً:
    هذه بيعة باطلة ليست من الإسلام في شيء, وقد رددت عليها في رسالة اسمها: «صيحة حق في صماخ الباطل» وهي عبارة عن أرجوزة قلت فيها:
    وأي بيعة أتت مؤقتة
    كحالة المتعة في النكاح
    فإنها باطلة فأثبته
    كما جرى في عصرنا يا صاحِ

    ثم قال حفظه الله: ثم استدللت على ذلك بحديث عثمان وهو: «ياعثمان إن ألبسك الله قميصاً فأرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه».
    وأحالنا على الرسالة, وقد وصلتنا بحمد الله.
    وإليك أرجوزة الشيخ في ذلك:
    تحتم الإمامة في الدين
    وأن بيعة الإمام مقصود بها الدوام
    فإن كانت مؤقتة بطلت كما هو الحال في بيعة الجمهوريات
    وواجبٌ نصبَ إمامٍ مسلمِ
    ككونِه حرًّا كبيراً عاقلاً
    ذا خبرةٍ في الحربِ والسلامِ
    لكي يُقيمَ الدينَ للمعبودِ
    وكي يشيعَ الأمنَ في البلادِ
    وكونها عن شَورِ واختيارِ
    ومن على الناسِ بسيفه غَلَبْ
    طاعته ولو يكون ظالماً
    وأي بيعةٍ أتت مؤقتهْ
    كحالة المتعةِ في النكاحِ
    توفرت فيه شروطٌ فاعلمِ
    وذَكَرًا عدلاً شجاعاً كاملا
    وعالماً بشِرعةِ الإسلامِ
    ويقمعُ الفسادَ بالحدودِ
    وينشرُ الإسلام بالجهادِ
    خالٍ عن الحِباءِ والإيثارِ
    ولم يكن له منازعٌ وجَبْ
    خوفاً من الفوضى وحقناً للدما
    فإنّها باطلةٌ فأَثْبِتَهْ
    كما جرى في عصرنا يا صاحِ

    خامساً: أما قول الزنداني: فكان هذا المبدأ جديداً, تساءل علماء المسلمين وكنت ممن وجَّه السؤال لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى وقلت: يا شيخ مبدأ تحديد زمن معين للحاكم المسلم ما عرفناه في تاريخنا الإسلامي. إلى آخر الكلام الذي تقدم في الفقرة الرابعة, وأجاب الشيخ ابن باز وقال: ممكن أن يستأنس لهذا المبدأ بما فعله الصحابة " في معركة اليرموك فقد اجتمعت قيادات الجيوش الإسلامية؛ جيش جاء من مصر وجيش جاء من فلسطين وجيش جاء من العراق, جيوش كثيرة ولكل جيش قائد, فاتفقوا على أن تكون الولاية بالتناوب, أي أنهم اتفقوا لكل واحد منهم ولاية شرعية لفترة معينة محددة, فقال يمكن أن يستأنس لهذا المبدأ بهذا, وهذا شيء قد أقره الصحابة, فإذا كان الصحابة قد أقروا مثله فلا يمنع على أن نتفق على شيء مثل هذا.
    أقول: أولاً: أين مرجعك يازنداني من كتاب أو شريط يثبت هذا القول عن الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله؟ فلقد راجعت مجموعة الفتاوى للشيخ رحمه الله وتصفحت فتاوى اللجنة الدائمة وكذلك مجلة البحوث العلمية فلم أجد هذه الفتوى.
    ثانياً: سألت الشيخ أحمد بن يحيى النجمي حفظه الله تعالى: هل الشيخ ابن باز أفتى بهذه الفتوى؟ فقال حفظه الله: لا نعلمها أبداً عن الشيخ ابن باز وهذه بيعة باطلة.
    ثالثا: سألت الشيخ العلامة محمد بن عبدالوهاب الوصابي حفظه الله تعالى عن نقل الزنداني, فقال: لا يعتمد على نقل الزنداني.
    رابعاً: أقول: الزنداني لا يصلح عندنا في الشواهد والمتابعات فكيف نقبل ما تفرد به.
    وكذلك السلف ردوا رواية الصدوق من أهل البدع إذا روى ما يؤيد بدعته, فنحن نرد ما رواه الزنداني عن الشيخ ابن باز؛ لأن الزنداني روى ما يؤيد بدعته.
    خامساً: الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إمام في الفقه, وأنا أجزم جزماً قاطعاً أن الشيخ رحمه الله تعالى لا يمكن أن يستدل بمثل هذه القصة إن صحت؛ لأن الاستدلال بها باطل من ثلاثة أوجه:
    ‌أ) أن هذه الإمارة التي يستدلون بها إمارة خاصة في جهاد وسفر ليست الإمارة العامة فهي داخلة تحت الإمارة العامة, لأن الإمارة العامة في ذلك الوقت كانت لأبي بكر الصديق".
    ‌ب) ليست نصاً في المسألة التي يريد الزنداني أن يلبس على الناس ويجعلها دليلاً على ما يريد.
    ‌ج) وأيضًا إمارة خالد بن الوليد ليست عن مشاورة فقط بل كانت بأمر من الخليفة الراشد أبي بكر الصديق ".
    قال ابن كثير رحمه الله: وكتب الصديق إلى خالد بن الوليد أن يستنيب على العراق وأن يقفل بمن معه إلى الشام, فإذا وصل إليهم فهو الأمير عليهم, فاستناب المثنى بن حارثة على العراق, وسار خالد مسرعًا في تسعة آلاف وخمسمائة, ودليله رافع بن عميرة الطائي( ).
    فمن هنا جزمت أن الشيخ ابن باز لا يمكن أن يستدل بهذه القصة إن صحت مما نعلمه من فقه هذا الرجل وإدراكه للأمور, واستناداً أيضاً إلى نفي الشيخ أحمد النجمي هذه الفتوى عن الشيخ ابن باز, وكذلك ما قاله الشيخ محمد بن عبدالوهاب حفظه الله: لا يعتمد على نقل الزنداني.
    سادساً: وأما قول الزنداني أن علماء المسلمين تساءلوا في مبدأ تحديد البيعة.
    أقول: من هم العلماء يا زنداني من علماء المسلمين الذين تساءلوا عن هذا المبدأ؟ هل هم علماء السنة كأمثال الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله أو الشيخ الإمام العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله, أو الشيخ الإمام العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله, أو الشيخ الإمام العلامة المحدث أبو عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله, أو الشيخ الإمام مفتي المملكة العربية السعودية حالياً سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ, أو الشيخ العلامة الإمام صالح بن فوزان الفوزان, الشيخ العلامة اللحيدان أو الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي, أو الشيخ الإمام عبدالمحسن العباد, أو الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي؛ هل هم هؤلاء الذين اجتمعوا وتساءلوا عن هذه الفكرة التي جاءت يا زنداني, ثم أصدروا فتوى شرعية في ذلك من حيث الجواز وعدمه؟ فإذا كانوا هؤلاء فلنا موقف.
    فهؤلاء هم العلماء الربانيون الذين ينبغي أن ترجع الأمة إليهم.
    أكرر وأقول: متى تساءل هؤلاء عن هذا المبدأ ؟
    أم أنك يا زنداني تريد علماء الإخوان المفلسين هم الذين تساءلوا عن هذا المبدأ, وكل المبادئ والأفكار التي تأتي من قبل أعداء اللإسلام؛ أمثال الترابي الكافر والقرضاوي الضال المضل. وأنا أعلم أنك تريد ذلك, فهؤلاء هم دعاة شر وضلال ومن كان على طريقتهم, ولا نشك أبداً في ضلالهم وعندنا في ذلك برد اليقين, لا يختلف في ذلك اثنان ولا تنتطح فيه عنْزان. ومع هذا تقول ولا تستحي: إن هؤلاء هم علماء المسلمين. وصدق الرسول ﷺ إذ يقول: «إذا لم تستحي فاصنع ما شئت». وأنا أطالبك أن تأتيني بعالم واحد من علماء السنة الذي تقدم ذكرهم أفتى بتحديد فترة معينة للحاكم ثم تسقط ولايته. إما أن تقول أفتى فلان وفلان كالقرضاوي والترابي ثم تريد أن تقارنهم بعلماء السنة, فنقول لك: ﴿تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾[النجم:22].
    ألم ترَ أن السيف ينقصُ قدرُهُ
    إذا قيل إن السيف أمضى من العصى










    الرد على
    الفقرة الخامسة
    من شريط الزنداني
    الانتخابات وما يترتب عليها


    يقول الزنداني: «أيها الأحباب بعد ستة أيام سنختار نوابنا ليقوموا بالمحافظة على حكم الله في بلادنا وتحقيق عبادتنا لخالقنا وليقوموا نيابة عنا بمشاورة الحاكم ومراقبته ومحاكمته ومقاضاته وعزله (إذا أساء)».
    الرد:
    أقول: على هذا الكلام مآخذ:
    1) قوله: «مراقبة الحاكم» تقدم الرد عليها في الفقرة الأولى في المبدأ الثالث.
    2) قوله: «مقاضاة الحاكم» تقدم الرد عليها في الفقرة الأولى المبدأ الرابع.
    3) قوله: «عزل الحاكم إذا أساء» تقدم الرد عليه في الفقرة الأولى المبدأ الخامس عزل الحاكم. ولكن بقي قوله إذا أساء.
    أقول: من أين لنا حاكم لا يسيء؟ فكل البشر يخطئون, وليس أحد معصوم في هذه الأمة بعد رسول الله ﷺ من الإساءة والخطأ. يقول النبي ﷺ: «لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم»( ), ويقول النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه: «يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم»( ), والنبي ﷺ يقول: «يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة»( ). والتوبة والاستغفار يكون عن إساءة وخطأ, والنبي ﷺ يقول: «قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي, يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي, يا أبن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة»( ), ويقول النبي ﷺ: «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها»( ), وأما حديث: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»؛ يحسنه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى والصواب ضعفه في سنده علي بن مسعدة, قال فيه البخاري فيه نظر, والحديث من حديث أنس عند أحمد والترمذي والحاكم. وعلى كلٍ فمعناه صحيح. والأدلة كثيرة في هذا الباب.
    وما أحد أبدًا معصوم من الخطأ, ومن أين لنا حكام لا يسيئون ولا يخطئون؟ وأنا الآن لا أدافع عن الحكام ولكن أدافع عن دين الله فإذا أردنا حكاماً لا يسيئون نظرنا ملائكة فهم الذين لا يسيئون ولا يخطئون أبداً, قال تعالى: ﴿عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾[التحريم: من الآية6], هؤلاء هم الذين لا يخطئون يا عبدالمجيد, وما من والي إلا وهو يخطئ ويصيب, ويجهل ويعلم, هذه طبيعة البشر. فما وجد إمام معصوم أبداً بعد الأنبياء. وما أحد ادعى العصمة للأئمة إلا الرافضة, فاذهب معهم إذا كنت تريد أئمة معصومين على زعمهم, نعوذ بالله من الجهل وأهله. ولو أننا عملنا بهذه القاعدة ما وجدنا إماماً أبداً ولم يبق لنا إمام أبداً. كلما قام إمام أو ولي أمر وأساء عزلناه وهكذا دواليك, فمن أين لنا ذلك؟ هذا الفعل تشدد وتنطع, والرسول ﷺ يقول: «هلك المتنطعون»( ), وكذلك تكلف وقد نهينا عن التكلف, ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا﴾[البقرة: من الآية286], ويقول عمر ": «نهينا عن التكلف».






    الرد على
    الفقرة السادسة
    من شريط الزنداني
    الانتخابات وما يترتب عليها


    يقول الزنداني:
    «وأما البشارة فقد أخبرني الدكتور (سيف صايف) وهو من الزعماء الكبار في الحزب الاشتراكي اليمني وأعطاني نسخة من برنامج الحزب الاشتراكي وقال لي: اقرأ! الحزب الاشتراكي يعلن إيمانه بالإسلام عقيدة وشريعة - فكبر الحاضرون - ثم قال الزنداني: والحمد لله كم كنا ننتظر هذا والحمد لله رب العالمين ما أحلى الإسلام وما أعظم هذا الدين».
    الرد:
    أقول وبالله التوفيق:
    هذا كلام غش للإسلام والمسلمين وإلباس للحق بالباطل, كيف يسلم حزب كامل قائم بمبادئ إلحادية كافرة محاربة للإسلام؟ ومن أين رجع الكفر إسلام؟ وهذا الحزب الكافر الخبيث يتبنى أمورًا منها:
    1) الدعوة إلى الإلحاد وإنكار وجود الله سبحانه وتعالى وسب رب العالمين وقد حصل هذا الشر في بلاد الإيمان والحكمة أيام الشيوعيين وبعد إخراجهم من البلاد اليمنية وأما بعد إخراج هؤلاء الملاحدة فقد أخبرني مجموعة من الإخوان السلفيين بعدن أن رجلاً اشتراكيًا سب الله سبحانه وتعالى فقام أحد الغيورين على هذا الخبيث فضربه جزاه الله خيرًا. وهذه هي أفعال الاشتراكي وما هذا إلا نموذجًا من نماذج الحزب الاشتراكي.
    2) الاشتراك في المال والنساء: فقد رأينا ما فعله الحزب الاشتراكي بعدن من أخذ الأموال من مساكن وسيارات وأراضي ولم يتركوا للمواطن شيئًا, كله تبع الحزب, ويدجلون على الناس باسم التسوية بين الناس في الممتلكات وهذا خلاف ما عليه الإسلام فالله تعالى يقول: ﴿وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ﴾[النحل:71], ويقول عز من قائل: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾[الزخرف:32], وهكذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون الناس أصنافًا؛ هذا غني وذاك فقير وذاك وسط, وأوجب على الغني أن يخرج من ماله صدقة ترد على الفقير ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾[التوبة: من الآية103] ويقول النبي ﷺ لمعاذ حينما أرسله إلى اليمن «خذ من أموالهم صدقة من أغنيائهم وترد على فقرائهم», هذا الذي جاء به الإسلام وأما الاشتراكيون الكفرة الكاذبون فهم ينادون بالاشتراكية في الأموال وهم كاذبون, فانظر إلى الحكومات الاشتراكية ترى شعوبهم في فقر مدقع والمسئولون الاشتراكيون لهم الأموال الطائلة والعمارات الواسعة كما كان مشاهدًا أيام الاشتراكيين بعدن.
    وأما الاشتراك في النساء فالمرأة تدخل بيتها من تريد وتزني بمن تريد وليس لزوجها ولا لأبيها أو أقرب الناس إليها أي اعتراض وإذا اعترضها ولي أمرها اشتكته إلى الحزب ثم أخذ وسجن وحوكم وعوقب لأنه مخالف للحزب, دمر الله الاشتراكية في كل مكان وزمان.
    3) إلغاء حق الإرث: فهم يكذبون بما جاء به الإسلام من مواريث بل يكفرون بالإسلام جملة وتفصيلاً ويسعون إلى تدميره سعيًا حثيثًا.
    4) إلغاء الزواج الشرعي والعقود الشرعية.
    5) سب الإسلام ومبادئه والقرآن الكريم ونبذه ورميه في المزابل.
    6) قتل العلماء لأنهم يعلمون أن العلماء هم الذين سيكشفون ما هم عليه من إلحاد ودجل, ولربما تركوا بعض العلماء الذين لا يعارضونهم تقية.
    7) تشتيت الأسر: فترى الشعوب التي تتولاهم الاشتراكية الحمراء يشتتون الأسر فلا يعرف الأب ولده والولد أباه وهكذا.
    8) الإباحية: فهم يبيحون كل ما حرم الله سبحانه وتعالى اتباعًا لشهواتهم وأهوائهم.
    وحقيقة الأمر أن الحزب الاشتراكي كافر جملة وتفصيلاً.
    فنحن نقول من كان في الحزب الاشتراكي وهو يعلم ما هم عليه من كفر فهو كافر مرتد ولا كرامة, ومن كان في الحزب الاشتراكي وهو جاهل بما هو عليه الحزب ولكن من أجل مطامع دنيوية فهو أضل من حمار أهله كما قال ذلك مجدد الدعوة السلفية في اليمن الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى. لماذا يكون أضل من حمار أهله؟ لأنه يكثر من سواد أهل الباطل ويتعاون على الإثم والعدوان.
    هذا بعض ما عليه الحزب الاشتراكي.
    ومع هذا يقول الزنداني إن هذا الحزب أعلن إيمانه بالإسلام عقيدة وشريعة. أعوذ بالله من هذا القول. ولكن القضية عند هؤلاء القوم قضية حزبية, وكأن الأمر إليهم يكفرون من شاءوا ومتى شاءوا, بالأمس كان الحزب الاشتراكي كافرًا, من كان فيه كافر مرتد حلال الدم فلما اتحد مع حزبهم رجع مؤمنًا, هذا لتعلموا أيها الناس أن القضية عند هؤلاء كما تقدم قضية هوى وليست قضية دين وقضية ولاء وبراء من أجل دين الله سبحانه وتعالى.
    ولو أن الزنداني قال: أسلم أناس من الحزب الاشتراكي لكان أسلم له. ولكن يقول أسلم الحزب!!!
    ولو قال: أسلم فلان وفلان ورجعوا عن الاشتراكية لقلنا له: تجب عليهم أمور إذا أسلموا, منها: البراءة من الحزب الاشتراكي جملة وتفصيلاً والبراءة منه براءة من الشرك.
    وإليك بعض آيات البراءة من الشرك:
    قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾.[الأنعام:19]
    الشاهد منها (وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ).
    وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾.[الأنعام:78]
    الشاهد منها قول إبراهيم (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ).
    وقال تعالى: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.[التوبة:1]
    الشاهد من الآية براءة الله ورسوله من أهل الشرك والكفر, فنحن نتبرأ مما تبرأ منه الله ورسوله.
    وقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾.[التوبة:114]
    الشاهد من الآية: أن إبراهيم تبرأ من أبيه لما علم أنه عدو لله وهو أقرب الناس إليه, وواجب من تاب من الحزب الاشتراكي الكافر أن يتبرأ من الحزب وممن هو في الحزب كما فعل إبراهيم عليه السلام من البراءة من الشرك ومن أهل الشرك.
    ويقول تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾.[الممتحنة:4]
    وقال تعالى في البراءة من الكافرين وعبادتهم: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾.
    فإذا تبرءوا من الحزب الاشتراكي ومبادئه جملةً وتفصيلاً وآمنوا بالإسلام عقيدة وشريعة قلنا لهم يجب عليكم بعد هذا ثلاثة أمور:
    1) التوبة إلى الله تعالى والندم على ما جنوه في أثناء بقائهم في الحزب.
    2) بيان ما عليه الحزب الاشتراكي من الكفر والإلحاد وعداوته للإسلام.
    3) إصلاح ما أفسدوا أثناء بقائهم في الحزب.
    والدليل على هذه الأمور قوله تعالى: ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا﴾[البقرة:160], وقوله تعالى: ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[النور:5].
    فإذا فعلوا هذه الأمور التي تقدمت من:
    1) البراءة من الحزب الاشتراكي.
    2) التوبة إلى الله سبحانه وتعالى.
    3) إصلاح ما أفسدوا.
    4) بيان ما هو عليه الحزب الاشتراكي.
    فإذا فعلوا هذه الأمور, نقول لهم إن الله تعالى يقول: ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[آل عمران:89], ويقول الله: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾[طه:82], ويقول تعالى: ﴿حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾[غافر:1-3], ويقول تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾, ويقول تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾[التوبة:104], ويقول النبي ﷺ: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر»( ), ويقول ﷺ: «من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه»( ).
    والأدلة كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ في باب قبول التوبة.
    وباب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربِها لجميع الناس؛ للاشتراكي والبعثي والناصري واليهودي والنصراني, ونحن لا نغلق باب التوبة على أحد وهذا الأمر ليس إلينا, بل والله إننا لنفرح بتوبة المرء يتوب إلى الله وتوبته أحب إلينا من حمر النعم كما قال ذلك رسول الله ﷺ لعلي بن أبي طالب ": «لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من أن يكون لك حمر النعم»( ).
    ولا يأتي ملبس من الملبسين ومفتري من المفترين ويقول أهل السنة لا يريدون لأحد أن يسلم, نقول له كذبت! فأهل السنة هم دعاة الإسلام وهم أعدل الناس وأرحم الناس بالناس ولا يكفرون إلا من كفره الله ورسوله ولا يحكمون على أحد بالكفر إلا إذا تبين كفره عن علم وبصيرة, ليسوا كغيرهم من أهل البدع الذين يكفرون على جهل وهوى كحالة الإخوان المفلسين وغيرهم من أهل البدع يكفرون على هوى وجهل وهذا شأنهم ودأبهم دائمًا وأبدًا.
    ومن هنا عرفنا أن كلام الزنداني وإقراره لسيف صايف باطل ولا يقوله عاقل أبدًا, كيف يسلم حزب قائم بذاته ومبادئه ويتحول مباشرة إلى إسلام؟! ومن شروط صحة التوبة من هذا الحزب الخبيث ما تقدم؛ البراءة منه جملة وتفصيلاً.
    أما يستحيي الزنداني من أن يقول إقرارًا لسيف صايف: الحزب الاشتراكي أعلن إيمانه بالإسلام عقيدة وشريعة؟!!!
    ونحن نقول لا تقبل لأفراد الحزب ومن كان فيه توبة حتى يتبرءوا من الحزب ويكفروا به, فكيف إسلام الحزب ذاته؟!!!
    ولكن نقول للزنداني ومن كان على شاكلته هذا الكلام الذي تقوله والدعوى التي تدعي من إلباس الحق بالباطل وقلب الحقائق, وإذا لم يكن كلامك هذا كذلك فما هناك قلب حقائق ولا إلباس حق بباطل, أما تعلم أن ما فعلته من شأن أهل الكتاب الذي قال الله عنهم: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[آل عمران:71], وكأنك يا زنداني تريد أن تقول: هذا ليس حزبًا اشتراكيًا كافرًا, ولكن اشتراكية إسلامية! وقد قلتم ذلك وأنتم كما قيل: «مخضرية» ونذكر هذه القصة تسلية للقاري وهي: رجل كان يبيع الفول ويقليه على النار فمر حمار وتروث فوقع الروث على ذلك الفول فنظر ذلك البائع يمينًا وشمالاً فلم ير أحدًا يراه, فخلط الروث مع الفول, فقيل له, ما هذا؟ فقال: مخضريه. وأنتم كذلك خلطتم الحق بالباطل والهدى بالضلال والسنة بالبدعة, ولستم مبالين بشرع الله سبحانه وتعالى.
    نسأل الله أن يجنبنا فتنة المحيا والممات.





    الرد على
    الفقرة السابعة
    من شريط الزنداني
    الانتخابات وما يترتب عليها


    وبعد انتهاء الزنداني من المحاضرة قال: الأسئلة!
    السؤال: في اللقاء المشترك في الأحزاب الأخرى, مثل الاشتراكي والناصري والبعثي حرام لا يجوز ويقولون إن معاهدة الرسول كانت مع مشركين لم يسلموا وأما هؤلاء الذين في الأحزاب هم مسلمون اعتقدوا أفكارًا مخالفة للإسلام فصاروا كالمرتدين والمرتد لا يحاور ولا يناقش وإنما يستتاب أو يقتل, الإصلاح أي حزب التجمع اليمني للإصلاح في هذه الحالة يرتكب حرامًا إذا حاورهم وجالسهم وناقشهم. نرجو البيان الوافي؟
    فقال الزنداني: سؤال هام جدًا - ومَدَّ بِها صوته - فأجاب قائلاً: الحقيقة أننا في عهد الاستعمار خضعنا لابتزاز استعماري فكري حارب ديننا وأنشأ من أبنائنا من ارتد عن دينه وكفر بالإسلام عقيدة وشريعة وأعلنوا عن ذلك وعبروا عنه بأوضح تعبير ولكن قام دعاة الإسلام في بلاد العرب والمسلمين وفي بلاد اليمن بجهودهم في بيان أحكام الشريعة وجهادهم لإقامة الدين, ونجحنا في اليمن في إيجاد قانون الأحزاب عندنا في اليمن بعكس قوانين الأحزاب في كثير من بلاد العالم وبلاد المسلمين. قوانين بلاد المسلمين للأسف الشديد تقول: يحظر قيام أي حزب على أساس ديني يعني ممنوع المتدينين يقيموا حزبًا دينيًا وفي بلاد اليمن يقول قانون الأحزاب اليمنية: يحظر قيام أي حزب تتضمن مبادئه أو وسائله أو برامجه أي شيء يخالف الإسلام عقيدة وشريعة, ففي بلادنا جميع الأحزاب تعلن التزامها بالإسلام عقيدة وشريعة, والحمد لله فهؤلاء الذين كانوا شيوعيين والذين كانوا من العلمانيين ممن لم يؤمن بالإسلام عقيدة وشريعة يعلنون أنهم ملتزمون بالإسلام عقيدة وشريعة, نقول لهم لا !!! نقول لهم أنتم كفار !!!, والله يقول: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً﴾[النساء: من الآية94]... ما يجوز بل نفتح صدورنا لهم.
    الرد:
    أقول هذه مغالطة وإلباس الحق بالباطل والله تعالى يقول في اهل الكتاب: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[آل عمران:71], ويقول سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾[آل عمران:78], والحقيقة أن التوبة عند هؤلاء القوم هي التحالف مع حزبهم وإلا فقد كانوا يكفرون الحزب الاشتراكي والبعثي والناصري, وهذه الأحزاب كافرة فعلاً, كانوا يكفرون كل من دخل في هذه الأحزاب عمومًا وما تأولوا لأحد ممن دخل في هذه الأحزاب للمادة أو بجهل ولا غيره, لأن الجاهل الذي لا يعلم ما عليه هذه الأحزاب من كفر لا يكفر ويعذر بجهله, ولكن نقول هؤلاء ضُلاَّل ما داموا في هذه الأحزاب الإلحادية, وإن عَلِم واعتقد هذه الأحزاب وما تتبناه من مبادئ إلحادية كفر وارتد عن الإسلام, فكان الإخوان المسلمون وحزب الإصلاح خاصة يكفرون الكل, فلما دارت الأيام واتحدت هذه الأحزاب الكافرة مع حزب الإخوان المسلمين في اليمن صاروا يتأولون لهم ويعلنون أنهم أسلموا ووو... إلى آخره. فكانت التوبة هي التحالف في حزب الإخوان والاتحاد معهم. ولماذا كانوا قبل أيام كفارًا مرتدين, فلما اتحدوا معكم أيها الإخوان المفلسون صاروا مسلمين؟! فكيف يكونون مسلمين وهم لا يزالون ما تبرءوا من هذه الأحزاب الكافرة؟!
    أقول: أنتم سترون أيها المسلمون بعد أيام إذا اختلفوا سيحكمون على هذه الأحزاب إذا خالفتهم بالكفر وهكذا إذا وافقوهم واتحدوا معهم أسلموا وإذا خالفوهم ارتدوا وكفروا, ويعتبرون هذا التلون سياسة وهي خساسة والعياذ بالله.
    وأما قول الزنداني: إن قانون الأحزاب اليمنية يقول: يحظر قيام أي حزب تتضمن مبادئه أو وسائله أو برامجه أي شيء يخالف الإسلام عقيدة وشريعة.
    أقول: هذا من أعظم الغش للمسلمين, وإنما هذا الشرط عبارة عن ستار يستترون به أمام الناس لكي لا ينكرون عليهم, والواقع خلاف ذلك, أوليس الحزب الاشتراكي برامجه ووسائله كفرية تخالف الإسلام. وكذلك حزب البعث مبادئه ووسائله تخالف الإسلام؟!
    أوليس يقول:
    آمنت بالبعث ربًّا لا شريك له
    وبالعروبة دينًا ما له ثاني

    أليس هذا مخالفًا للإسلام عقيدة وشريعة وقد جعل ربه حزب البعث وأنكر أن ربه الله سبحانه وتعالى, وكذلك الحزب الناصري وغيره, أليست هذه الأحزاب كفرية؟ الجواب: نعم! أليس الاشتراكي والبعثي والناصري موجودة في بلادنا؟ الجواب: نعم! أوَ نسيت يا زنداني قبل فترة الذي حصل من بعض الكفرة من سب الله سبحانه وتعالى وقمت تنكر ذلك؟! وواجب على المسلمين جميعًا إنكار ذلك وعند إنكارك قامت عليك الأحزاب هذه التي تقول الآن قد أعلنت إسلامها وشنوا عليك حملات شديدة في الجرائد والمجلات بسبب أنك كفرته وكفرت بعض موظفي الإعلام؛ لأنهم نشروا ذلك الكفر, أليس هذا موجود في اليمن؟! نعم! إذن فأين العمل بهذا الشرط الذي قلت في شروط قانون الأحزاب اليمنية وعلى هذا فإننا نكفر بالحزبية ونحذر الناس منها بأنها دسيسة الغرب, ونؤمن بحزب واحد هو حزب الله سبحانه وتعالى, ﴿أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[المجادلة: من الآية22].
    فما هذا الدجل والتلون عندك يا عبدالمجيد؟! فأنصحك أن تتوب إلى الله وأن تتدارك نفسك قبل فوات الأوان.
    وأما قولك: نقول لهم لا !!! نقول لهم أنتم كفار !!! والله تعالى يقول: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً﴾[النساء: من الآية94].
    أقول: لعلك تريد بهذا أهل السنة ولا تريد أحدًا غيرهم, فأهل السنة يفرحون بمن رجع إلى الله سبحانه وتعالى وبمن أسلم ورجع من هذه الأحزاب إلى الله ويقبلونه بالشروط الشرعية, فأهل السنة بحمد الله هم أعدل هذه الأمة, لا يظلمون أحدًا وهم يحكمون كتاب الله وسنة رسوله, ولاءهم وبراءهم من أجل الله سبحانه وتعالى, يحبون من أجله ويبغضون من أجله وليس لديهم حزب من أجله يوالون ويعادون, فهم الذين أخبر بِهم رسول الله ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»( ).
    ويقول ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس»( ).
    ويقول النبي ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي قوامة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم»( ).
    ويقول ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم حذلان من خذلهم حتى تقوم الساعة»( ).
    ويقول ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى بن مريم فيقول أميري: تعال صلِّ لنا فيقول لا إن بعضكم على بعض أمير, تكرمة الله لهذه الأمة»( ).
    ويقول ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال»( ).
    وأخبر عنهم بقوله: «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك»( ).
    وأخبر عنهم بقوله: «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتي الساعة وهم على ذلك»( ).
    فهذه الأحاديث تقول طائفة وما تقول طوائف, فقد كثرت الطوائف من شيعة ورافضة يسبون الصحابة وخوارج يكفرون المسلمين وغيرهم من أهل الأهواء والبدع كالإخوان المفلسين وأفراخهم السروريين, كل هؤلاء طوائف متفرقة وأهل السنة هم الطائفة المنصورة, وإذا لم يكونوا أهل السنة فمن هم؟! أهم الحزبيون الديمقراطيون؟! أهم الرافضة أم... من؟! فالواقع يشهد أن أهل السنة هم الوقافون عند كتاب الله وسنة رسوله ﷺ والعاملون بما فيها والذابون عنها وإن لم يكونوا أهل السنة فلا أدري من هم الطائفة المنصورة! فهم أهل الحديث والأثر كما قال الإمام أحمد رحمه الله: إن لم يكونوا أهل الحديث هم الطائفة المنصورة فلا أدري من هم؟!

    نبذة عن حقيقة الزنداني
    أقول: جاء الزنداني من بلاد الحرمين إلى بلاد اليمن والزنداني صاحب لسان حاد وعنده شيء من فصاحة اللسان في الخطابة وذو شخصية عظيمة وهيكل مستقيم, ومن المعلوم أن العامة يغترون بصاحب المنظر الحسن, فمن خلال سماعهم لمحاضرات وخطب الزنداني ظنوا أنه من هيئة كبار العلماء, فرفعوه فوق منْزلته لأن العامة لا يعرفون العلماء, فهم كما قيل: «إنَّ البُغاثَ بأرضنا يَسْتَنْسِرُ» ومعنى هذا الكلام: إن البغاث بأرض لا يعرفون النسر وعظمته وقوته يسمعون عن النسر سماعًا وما رأوه فإذا رأوا البغاث قالوا هذا هو النسر, وذلك لجهلهم بالنسر. فالعامة كذلك لا يعرفون العلماء, بل ربما لا يميزون بين العالم والساحر, ولهذا نقول: الناس ما عرفوا الزنداني وحقيقته, فالعلماء هم الذين يعرفون من هو العالم ومن هو الجاهل, والزنداني لا يعتبر من أهل العلم والفتوى وإنما هو صيدلي كما قال شيخنا مقبل رحمه الله تعالى, كان يقول رحمه الله: «ماذا مع الزنداني؟ معه الأرض تدور والشمس ثابتة, الإعجاز العلمي في القرآن, ولعله أخذه من بعض الأطباء, وإلا فهو صيدلي ما درس, أخذه من بعض كتب الأطباء, فيجب عليه أن يأتي ويدرس عند أهل السنة, لا ينال العلم مستحي ولا متكبر, وما شاء الله! رئيس جامعة الإيمان. وصدق الرسول ﷺ إذ يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه ولكن ينتزعه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رءوسًا جهالاً فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» ونحن نرفع القضية يا عبدالمجيد قضية تلبيسك, لسنا نرفعها إلى النيابة, ولا إلى القضاء, ولكن وقت السحر نرفعها إلى ربنا سبحانه وتعالى - إن شاء الله - يفضحك أمام الأشهاد في الدنيا والآخرة, كفى تلبيسًا كفى, وارجع وتب إلى الله وأنت أخونا, وإذا رجعت وتبت إلى الله وتبرأت من الحزبية وتبرأت من التلبيس ومن الدعوة إلى وحدة الأديان وإلى غير ذلك مما هو موجود في أشرطتك, أنت أخونا. اﻫ
    وأخبرنا الشيخ يحيى يوم أن ذهب دعوة إلى بريطانيا التقى بدكاترة من الجامعة الإسلامية وقالوا له يا يحيى هل تعدون الزنداني عندكم عالمًا ما عنده شيء, أو كلام نحو هذا.
    والزنداني اشتهر في اليمن وغيره, فمن خلال شهرته ظن الناس أنه عالم, وذلك بسبب ظهوره على شاشة التلفاز واشتهر بذلك, وما اشتهر بالعلم والتعليم, ومن المعلوم أن الزنداني خالٍ من علم الشريعة ما عنده شيء من علم الفقه, ولا الحديث, ولا التفسير, ولا الأصول؛ لأنه لم يتتلمذ على أيدي علماء السنة ولم يأخذ العلم من منابعه الصافية, وإنما أخذ بعض علم الفلسفة والكلام ما أخذ علم القرآن والسنة وهو العلم الصحيح.
    العــلم قال الله قال رسـوله
    ما العلم نصبك للخلاف سفاهة قال الصحابة ليس بالتمويه
    بين الرسول وبين رأي فقيه

    فنحن نقول للزنداني من هم العلماء الربانيون الذين تتلمذت على أيديهم وأي جامعة تخرجت منها, ونحن نعرفك مشغول في السياسة والتجارة والأمور الدنيوية من اجتماعات مع الصحفيين والمسئولين, فكل وقته مشغول بذلك فمن أين يبقى له علم وهذا حاله؟! ومن أين اكتسب العلم وإنما تتلمذ على أيدي فلاسفة أصحاب ملل كفرية أمثال:
    1) إدوارد لو تركبل, وهو إخصائي في علم الحشرات حاصل على دكتوراه جامعة كاليفورنيا أستاذ علم الأحياء, ورئيس القسم بجامعة سان فرانسيسكو ومتخصص في دراسة الحشرات والسلامندو نوع من الحيوان والحشرات ذات الجناحين.
    2) فرانك أللن, عالم في الطبيعة البيولوجية, حصل على ماجستير ودكتوراه من جامعة كورنك أستاذ الطبيعة الحيوية بجامعة ماتيتوبا بكندا.
    3) جون كليفلاند كونران, من علماء الكيمياء والرياضة حاصل على دكتوراه من جامعة كورنل إخصائي في تحضير النترازديل وفي تنقية التنجستن.
    4) ماريت ستانلي كونجدن, عالم طبيعي وفيلسوف حاصل على دكتوراه من جامعة بورتون إخصائي الفيزياء وعلم النفس وفلسفة العلوم.
    5) هرشل, العالم الفلكي الإنجليزي.
    6) الدكتور روتر, الكيميائي الفرنسي.
    هؤلاء أساتذة الزنداني الذين لم يزالوا على نحلهم بين يهودي ونصراني ونحو ذلك فلم يذكر في ترجمة أساتذته هؤلاء أنهم أسلموا. ثم جعل فصلاً لأساتذته الذين يقول عنهم إن عندهم إيمانًا وما زالوا فلاسفة وطبائعيين وهلم جرًّا من هذه العلوم البائرة بل هذه السموم القاتلة.
    1) الدكتور علي سليمان بنوا, طبيب فرنسي.
    2) البروفيسور هارون مصطفى ليون, مؤلف وعالم لغوي وجيولوجي حصل على دكتوراه وعلى درجات علمية كبيرة.
    3) الدكتور عمر ولف بارون اهر نظير, أستاذ علم الأجناس البشرية.
    4) كولونيل دونالداس.
    5) الدكتور: رل مللما, عالم في تاريخ الأجناس.
    6) عمر ميتا. عالم اقتصادي في اليابان.
    7) الدكتور شوقي نوتاكي( ).
    هؤلاء هم مشايخ الزنداني الذين استفاد منهم العلم النافع كما يزعم, ما تتلمذ عند أئمة السنة أمثال الألباني والباز والعثيمين وغير هؤلاء الأئمة.
    ومشايخ الزنداني هؤلاء الفلاسفة جلساء سوء, والنبي ﷺ يقول: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً»( ).
    وأسأل الله سبحانه أن يبصر المسلمين ويرشدهم إلى معرفة علمائهم وأن يكشف الملبسين ويظهر ما هم عليه من غش للإسلام والمسلمين, وأن يحفظ علينا ديننا.

    بعض فضائح الزنداني
    1) حضور الزنداني مؤتمر توحيد الأديان, وذلك كان في السودان مع الترابي الذي طعن في الإسلام واستهزأ برسول الله ﷺ وأحل ما حرم الله, وقد صرح الزنداني بتوحيد الأديان في كتاب «توحيد الخالق» ص(104) يراجع من كتابه, وقد رد عليه الشيخ يحيى بن علي الحجوري القائم على معهد دار الحديث بدماج في كتاب بعنوان «الصبح الشارق».
    2) دعوة الزنداني إلى تكوين مجلس شيخات ويسمى «مجلس شيخات اليمن» وأن المرأة لها المشاركة في السياسة كالرجال ولها إبداء الرأي السياسي ولها أن تراقب الحاكم وتعترض عليه. وقد رد عليه الشيخ مقبل رحمه الله في شريط بعنوان «الزنداني وشيخات اليمن» يراجع.
    3) حضور الزنداني ملعب الراقصات في عدن وذلك يوم أن كان عضوًا في مجلس الرئاسة, حضر والنساء يرقصن وأنتم تعرفون فتنة الرقص من تعري وعزف وغير ذلك من آلات الفساد, فهل يشهد ذلك رجل عنده غيرة على دين الله سبحانه وتعالى.
    وتعجبني كلمة للشيخ مقبل إذ يقول: يازنداني أتجسر أن تصعد منبرًا وتقول أيّها الناس تمسكوا بدين الله وأنت تحضر ملعب الراقصات؟
    وصدق الشيخ مقبل رحمه الله وسمعنا منه هذه المقولة مرارًا, وكانت أعظم ضربة للزنداني تلك الحادثة. ثم يأتي الإخوان المفلسون ويقولون ما كان الزنداني يعلم أن هناك رقص. أقول: سبحان الله! ما يستطيع الزنداني الخروج من ذلك المكان أو الإنكار على ذلك وكان ذلك الوقت مسئولاً له الأمر والنهي! والواجب عليه إنكار ذلك أو الخروج من ذلك المكان.
    4) يدعو إلى التحزب ليلاً ونهارًا فهو حزبي تالف.
    5) يدعو إلى الديمقراطية ويلبس على الناس أنها هي الشورى.
    6) محاضرة الزنداني في إب والنساء يحرسنه وقال رجل من أصحاب الزنداني إذا رأيتِ امرأة تتقدم إلى الشيخ فأطلقي عليها النار. هكذا بلغ به الحد حتى تحرسه نساء. راجع ذلك من البركان للشيخ مقبل ص(49-50).
    7) حضور الزنداني حفل عيد الثورة الخامس والثلاثين في 26 سبتمبر 1998م المقام في ميدان السبعين والموسيقى تعزف وقام مع القائمين لتحية العلم رافعًا يديه إلى الله!!! وكان ضمن الحضور امرأة نصرانية متبرجة وهي السفيرة الألمانية. «نشرة وقائع الحفل جريدة 26 سبتمبر الخميس 1 رجب 1419 الموافق 22 أكتوبر 1998م».
    8) خروج الزنداني المظاهرات والمسيرات المستوردة من أعداء الإسلام.
    9) مناداة الزنداني مجلس الأمن لحل قضية العراق ويقول: ننادي مجلس الأمن بحل القضية في أثناء خروجه من المتظاهرين. ومن هو مجلس الأمن؟ مجلس الكفر.
    والله تعالى يقول: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾[هود: من الآية113], والله تعالى يقول: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾[النمل: من الآية62], وهؤلاء إذا مسهم الضر دعوا مجلس الأمن الكافر...

    فصل في تحريم التشبه بالكافرين ووجوب مخالفتهم
    التشبه بالكافرين من أعظم ما أصيب به المسلمون في زمننا هذا وذلك لعدم التزام المسلمين بالإسلام وجهلهم بشرع الله سبحانه وتعالى, والتشبه بالكافرين من أصل هدم دين الله وشرائعه, يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «إن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي التشبه بالكافرين كما أن من أصل كل خير المحافظة على سنن الأنبياء وشرائعهم. ولهذا عظم وقع البدع في الدين, وإن لم يكن فيها تشبهًا بالكفار, فكيف إذا جمعت الوصفين؟ ا «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/352).
    وقد نهانا رسول الله ﷺ عن التشبه فقال: «من تشبه بقوم فهو منهم»( ).
    ونهانا ربنا سبحانه وتعالى بقوله: ﴿وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾.[الروم:31-32]
    هذا نهي من ربنا سبحانه وتعالى للمؤمنين وتحذيرًا لهم من التشبه بالكافرين في التفرق في الدين شيعًا وأحزابًا, فقد وقع المسلمون فيما نهاهم الله عنه من التشبه فقد تشبهوا بالكفار في هذه الأمور من التفرقة في الدين والإعراض عن الكتاب والسنة ووقعوا في التحزبات وهذه الأمور من أفعال الكافرين.
    ويقول سبحانه: ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾[آل عمران: من الآية105].
    والنبي ﷺ يأمر أصحابه بإعفاء لحاهم مخالفة للكافرين يأمرهم بقوله ﷺ: «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس»( ).
    ويقول النبي ﷺ: «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى»( ).
    ويقول النبي ﷺ: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم»( ).
    ويقول ﷺ: «غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود والنصارى»( ).
    هذه الأوامر وغيرها من إعفاء اللحية وحف الشارب مخالفة للكافرين, ولكن للأسف فقد صار كثير من الناس واقع في هذه المشابهة فحلقوا لحاهم وخالفوا رسولهم وتشبهوا بأعدائهم فإلى الله المشتكى.
    ومما أمر به رسول الله ﷺ أن تخالف فيه اليهود الصلاة في النعال والخف فقال: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في خفافهم ولا نعالهم»( ).
    ويقول النبي ﷺ: «صلوا في نعالكم ولا تشبهوا باليهود»( ).
    والأدلة كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ القولية والفعلية والتقريرية في مخالفة الكافرين وتحريم التشبه بهم.
    وحقيقة الأمر أن المسلمين الآن أو أغلب المسلمين إلا من رحم الله وللأسف شابهوا الكفار في بعض معاملاتهم وملبسهم فترى الغالب حلقوا لحاهم ولبسوا البناطيل والكرفتة. وصدق الرسول ﷺ إذ يقول: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم» والمشابهة تورث نوع من المحبة والمودة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: إن المشابهة في الظاهر تورث نوع محبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة( ). ا وإن مخالفة الكافرين تدل على بغضهم والتشبه بهم يدل على محبة, ومن علامات البغض المخالفة ومن علامات الحب المتابعة. والذي يجب على كل مسلم مخالفة الكافرين وبغضهم ومعاداتهم على الضوابط الشرعية.

    فصل في وجوب بغض الكفار ومعاداتهم
    ثبت في القرآن والسنة وجوب معاداة وبغض الكافرين لما عندهم من الكفر والإلحاد والشرك بالله العزيز الحكيم وبغضهم لأهل الإيمان وعداوتهم لأنبياء الله عز وجل؛ فلذلك أوجب الله بغضهم في القرآن الكريم.
    يقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾[الممتحنة:1]
    وقد حذرنا ربنا سبحانه وتعالى من اتخاذهم أولياء بقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.[المائدة:51]
    ويقول الله عز وجل: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.[المجادلة:22]
    ويقول الله عز وجل: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا ءَابَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.[التوبة:23]
    ويقول الله عز وجل: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾.[الممتحنة:4]
    ويقول الله عز وجل: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾.[المائدة:80-82]
    ويقول الله عز وجل: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾.[آل عمران:118-120]
    وهذه الآيات البينات تدل على وجوب بغض الكافرين ومعاداتهم وإن كانوا من الأقربين, وتُبَيِّنُ أن الكافرين لا يألون جهدًا في محاربة المسلمين ليلاً ونهارًا وأنهم يُكِنُّون لنا العداوة والبغضاء وليسوا راضين عنا حتى نكفر كما كفروا ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾[البقرة: من الآية120], ويقول سبحانه: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾[النساء: من الآية89], فيجب الحذر منهم ومن مخالطتهم والتشبه بهم ومن مقتضى بغضهم مخالفتهم في سلوكهم وما هم عليه من مبادئ مخالفة للإسلام.
    نسأل الله أن يرزقنا بغض أعدائه الكافرين ويرزقنا مولاة أوليائه الصالحين إنه جواد كريم.

    كلمة مختصرة عن دعوة الإخوان المسلمين في اليمن
    دعوة الإخوان المسلمين دعوة مبنية على البدع والتلبيس في اليمن وخارج اليمن, وهي معروفة عند أهل البصيرة والعلم, وذلك بفضل الله عز وجل فالإخوان المسلمون ليسوا عند الدين بل هم عند المصلحة, فإن كانت المصلحة موافقة لشريعة الإسلام صرخوا حول ما يوافق مصلحتهم وإن كان أمر الشريعة يخالف أهواءهم ويحول بينهم وبين مصالحهم الدنيوية حاولوا تأويله وتغطيته ويقولون هذا لا يتناسب مع عصرنا, فقد فعلوا الأفاعيل وتلاعبوا كثيرًا بشرع الله سبحانه وتعالى باسم فقه الواقع وإدراك الأمور, حلقوا لحاهم وقالوا فقه الواقع, ولبسوا البنطال وقالوا فقه واقع, وقلدوا الكفار وقالوا من فقه الواقع, اتحدوا مع الاشتراكي وغيره من الأحزاب الكفرية وقالوا فقه واقع وسياسة, وهكذا تلاعب بِهم الهوى والشيطان حتى صار حالهم كما قيل:
    يدور مع الزجاجة حيث دارت
    فعند المسلمين يعد منهم
    وعند الملحدين يعد منهم
    ومثل الإنكليز إذا رآهم
    ويلبس للسياسة ألف لبسِ
    ويأخذ سهمه من كل خمسِ
    وعن ماركس يحفظ كل درسِ
    وفي باريس محسوب فرنسي

    فهم دائمًا في تلون وقلب للحقائق فلا يأتي ملبس منهم ويقول: انظروا أهل السنة يكفروننا! الجواب عليه: نحن لا نكفركم ولكن نقول أنتم أعداء سنة رسول الله ﷺ, والإخوان المسلمون في اليمن وغيرها ليس لهم أعداء إلا أهل السنة والحديث, فقد اتحدوا مع الاشتراكي والبعثي والناصري, وأما أهل السنة فلا! وهم دائمًا يحاربون أهل السنة دائمًا وأبدًا وفي كل مكان؛ وذلك لأن أهل السنة ينكرون عليهم بدعهم ومنها التحزب الممقوت دسيسة أعداء الإسلام وينكرون الديمقراطية الكافرة والدعوة إليها لأنها من أفكار الغرب أعداء الله سبحانه وتعالى, فمن الذي يدعو إلى الديمقراطية غير الأمريكان ويبذلون من أجلها الأموال؟ وكذلك يعادون أهل السنة لإنكار ما يصنعونه من تمثيليات, والتهاون... بل وترك السنن مستحبات وواجبات في معاملات وعبادات وغيرها من أمور الدين فتراهم لا يصلون كما صلى رسول الله ﷺ وأما عقائدهم فخليط؛ تجد منهم الصوفي الحصافي وتجد منهم الرافضي والأشعري والماتريدي وغيرهم, فهم ليسوا على عقيدة واحدة عقيدة أهل السنة والجماعة.
    ويعادون أهل السنة لأنهم ينكرون عليهم الكذب والغش والتلبيس, وينكرون عليهم التنازل عن الدين الذي يعتبرونه تقدمًا.
    إذا كان ترك الدين يعني تقدمًا
    فيا نفس موتي قبل أن تتقدمي

    وكان الإخوان المسلمون أول ما جاءت الانتخابات والديمقراطية قالوا كفر, ثم بعد ذلك قالوا مسائل اجتهادية, وبعد ذلك مباحة, ثم بعد ذلك واجبة, والآن في اليمن يخطب خطباؤهم على المنابر أن الانتخابات أوجب من الصلاة والصيام؛ لأن الصلاة والصيام نفعهما قاصر على العبد والانتخابات نفها متعدٍّ إلى الآخرين, وهكذا بلغ بهم الجهل والهوى إلى أن قالوا هذه الأقوال البشعة الشنيعة. ومن أفعالهم الدنيئة خروج نسائهم في الانتخابات وتصويرهن ومزاحمة الرجال, وأول ما خرجت النساء في الانتخابات قالوا حرام لا يجوز أن تتصور النساء ثم بعد ذلك قالوا يجوز أن تتصور متحجبة ثم لما فرض عليهم كشف الوجه عند التصوير فعلوا ذلك عياذًا بالله والله أعلم إلى أين سيصل بهم الهوى هم ومن كان على ما هم عليه من تردٍّ وشر.
    فهم دائمًا في تردي, وقد أردوا غيرهم بسبب مجالستهم,
    إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي

    وممن أردوه: القاضي محمد بن إسماعيل العمراني وقد كنا نحسن به الظن, أما الآن فقد صار في الهوى مثلهم فصار يفتي بما يريدون, فقد أفتى بأن المرأة واجب عليها أن تتصور للانتخابات, وصدق الرسول ﷺ إذ يقول: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» ويقول ﷺ: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسلك إما أن تجد منه ريحًا طيبًا وإما إن تبتاع منه, ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحًا خبيثة», فالعمراني جالس القوم حتى أثروا عليه, وكذلك ممن أصابه كير الإخوان عبدالوهاب الديلمي فقد صار يفتي بفتاوى تقشعر منها جلود المؤمنين ومنها فتواه في أن الوقوف عند صندوق الاقتراع أيام الانتخابات عبادة. فنحن ننصح هؤلاء بالتوبة إلى الله سريعًا وإلا فهم الآن على شفا جرفٍ هار إن لم يتداركهم الله برحمته وغفرانه, وعلى كل حال فالإخوان كما قال شيخنا مقبل رحمه الله دعاة شر وضلال وأي شرٍّ بعد الديمقراطية والانتخابات ووحدة الأديان وخروج النساء؟! وأفتى الإخوان المفلسون بأن المرأة تخرج إلى الانتخابات ولو بغير إذن من زوجها! وصدق رسول الله إذ يقول: «دعاة على أبوب جهنم من أجابهم قذفوه فيها». ووالله إن دعاة الإخوان ممن يصدق عليهم هذا الحديث وأمثاله. ومن جانب آخر ترى الإخوان يصرخون: اليهود والنصارى أعداء الإسلام وأعداء الدين ووافقوهم من جانب آخر, ولو أنهم صادقون في عداوتهم لليهود والنصارى وغيرهم لرفضوا ديمقراطيتهم وأفكارهم الهدامة, فماذا تغني الصراخات بمعاداة الكفر والعمل خلاف ذلك, فهم يقولون ما لا يفعلون ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾[الصف:2-3], وأما ولاء الإخوان وبراؤهم فمعروف من كان في حزبهم وما هم عليه فهو هو, ومن أنكر عليهم ما هم فيه من باطل طعنوا فيه؛ إما هذا جاسوس! وإما ما سوني! وإلى غير ذلك من الطعن والتنفير. فهم في الحقيقة لا يرقبون في مستقيم سني إلاًّ ولا ذمة, فولاؤهم وبراؤهم للحزب كما هو معروف عند من يفقه الأمور ويدرك المخاطر, فتراهم يمدحون الفجرة إذا كانوا في حزبهم ويصفونهم بأوصاف ليست فيهم أبدًا, فوالله لقد تكلم خطيب من خطبائهم في خطبة الجمعة وأثنى على أناس نعرفهم غارقين في كبائر الذنوب ووصفهم بأنهم أناس صالحون. فالإخوان يشوهون دعوة الإسلام الحقة, وهونوا من شأن المعاصي, وشوهوا الإسلام بالبدع, والكذب, وإلى غير ذلك مما الإسلام منه براء, ووالله ما علمنا منهم إلا البدع وهدم السنن وتقليد اليهود والنصارى, وربما قالوا: أهل السنة ما يتكلمون إلا فينا! فنقول لهم: كذبتم والكذب طريقكم, أهل السنة يتكلمون في كل من يعادي ويخالف شرع الله سبحانه وتعالى وكلامهم في ذلك الأمر بحسب ما تقتضيه المصلحة الشرعية, وما تكلموا فيكم معشر الإخوان إلا بسبب صدكم عن سنة رسول الله ﷺ.
    وأخيرًا ننصحهم بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وأن يعيدوا النظر في فهمهم للإسلام وأن يرجعوا إلى فهم سلف الأمة رضي الله عنهم. هذا إذا أرادوا الخير لأنفسهم ولغيرهم.
    وحسبنا الله ونعم الوكيل
    كتبه: أبو الحسن أمين بن أحمد حسين الشامي



    تقديم الشيخ المحدث يحيى بن علي الحجوري 3
    فصل في فضل العلم والعلماء والحذر من علماء السوء 7
    فصل بعض أدلة هجر أهل البدع والتحذير منهم وذلك من دين الله العزيز الحكيم 12
    فصل في التحذير من الحزبية وأضرارها 15
    الرد على المبدأ الأول: (الشعب هو صاحب الحق في اختيار الحاكم) 23
    اختيار الحاكم يكون بطريقتين 26
    الرد على المبدأ الثاني: (على الحاكم أن يشاور الشعب) 33
    الرد على المبدأ الثالث والرابع: (مراقبة الحاكم, ومقاضاة الحاكم) 41
    بعض حقوق الراعي على الرعية 41
    بعض حق الرعية على الراعي 48
    إنكار المنكر على ولي الأمر إذا خالف السنة 51
    الرد على المبدأ الخامس: (عزل الحاكم) 56
    متى يعزل الحاكم في الإسلام؟ 58
    فتوى سماحة الإمام العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى مفتي القرن الخامس عشر 61
    فتوى الإمام العلامة محدث العصر محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى 63
    فتوى الإمام العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى 65
    فتوى الإمام العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى 66
    فتوى الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى 68
    من مفاسد الانتخابات التي جاء بها أعداء الإسلام: 84
    شبهة والرد عليها 93
    نبذة عن حقيقة الزنداني 135
    بعض فضائح الزنداني 140
    فصل في تحريم التشبه بالكافرين ووجوب مخالفتهم 143
    فصل في وجوب بغض الكفار ومعاداتهم 146
    كلمة مختصرة عن دعوة الإخوان المسلمين في اليمن 149

  • #2
    جزاك الله خيرا وجعل الكتاب في ميزان حسناتك وذب الله عن وجهك النار ما دافعت عن السنة من تلبيس المبطلين وبهتان الظالمين ......................

    تعليق


    • #3
      وياك اخي السلفي فواز

      تعليق


      • #4
        يرفع للفائدة

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرآ وبارك فيك وأحسن مثواك

          تعليق

          يعمل...
          X