• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تحذير الأخيار من عقوبة التخاذل عن نصرة الحق وبيان ما في ذلك من فتنة وأضرار - كتبه / محمد العمودي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تحذير الأخيار من عقوبة التخاذل عن نصرة الحق وبيان ما في ذلك من فتنة وأضرار - كتبه / محمد العمودي

    تحذير الأخيار من عقوبة التخاذل عن نصرة الحق وبيان ما في ذلك من فتنة وأضرار

    تأليف
    أبي حمزة
    محمد بن حسين بن عمر العمودي
    الحضرمي نسبًا العدني منزلاً

    قرأها وأذن بنشرها
    فضيلة شيخنا الكريم المكرَّم والدنا الناصح الأمين
    العلامة المحدث الفقيه أبي عبدالرحمن يحيى بن علي الحجوري
    أعزّه الله تعالى وأعزّ به دينه
    دار الحديث العامرة بدماج
    حرسها الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وكفى وصلاة وسلامًا على رسوله وعبده المجتبى وعلى آله وصحبه أولي الأحلام والنهى ومن تبعهم بإحسان إلى يوم اللقى.
    أما بعد:



    فهذه جملة من الآيات الكريمات والأحاديث النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، تنبيك على خطر وضرر كتمان الحق والتخاذل عن نصرته، وما يؤول إليه من مفاسد وعواقب لا تحمد عقباه، أسأل من الله العلي الأعلى أن يتقبلها مني وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن ينفع بها الإسلام والمسلمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.

    1- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته، فيه تضييع حق من حقوق الله تعالى، ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

    يقول تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187).

    عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ). رواه مسلم.

    وهذه الصفة أعني صفة كتمان الحق والتخاذل عن نصرته، من صفات أهل الكتاب عليهم لعائن الله تعالى المتتابعة إلى يوم القيامة،

    يقول الله تعالى: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42))

    ويقول تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71))،

    والحق ثقيل

    كما قال تعالى: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)) أي: لا يحمله إلا قلب مؤيد بالتوفيق ونفس مزينة بالتوحيد، قاله الحسين بن الفضل - كما في فتح القدير للعلامة الشوكاني - (5/316): وهذا العبء الثقيل لا يوفق لحمله إلا من وفقه الله تعالى وأعانه على حمله وتبليغه والصدع به، ذلك لأن الوعيد في كتمانه شديد، يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)).

    عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- أن رسول الله ص قال: (من كتم علمًا ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار) أخرجه الحاكم، وذكره شيخنا الإمام المجدد الوادعي رحمة الله عليه في "الصحيح المسند".

    قال الحافظ ابن الأثير -رحمه الله- في "النهاية": الممسك عن الكلام ممثل بمن ألجم نفسه بلجام، والمراد بالعلم ما يلزمه تعليمه ويتعين عليه، كمن يرى رجلاً حديث عهد بالإسلام ولا يحسن الصلاة، وقد حضر وقتها فيقول: علِّموني كيف أصلي، وكمن جاء مستفتيًا في حلال أو حرام، يلزم في هذا وأمثاله تعريف الجواب، ومن منعه استحق الوعيد. اهـ

    عن الحارث الأشعري –رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: (إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا فَقَالَ عِيسَى إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ فَقَالَ يَحْيَى أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ .....) الحديث.

    أخرجه الترمذي، وصححه شيخنا الإمام المجدد الوادعي رحمة الله عليه.

    عن مالك بن نضلة –رضي الله عنه- قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصعد في النظر وصوب . قلت : إلام تدعو ؟ وعم تنهى ؟ قال : « لا شيء إلا الله والرحم » ، قال : «أتتني رسالة من ربي فضقت بها ذرعا ورويت( ) أن الناس سيكذبونني ، فقيل لي : لتفعلن أو ليفعلن بك ». أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد"، وصححه شيخنا الإمام المجدد الوادعي رحمة الله عليه.

    فواجب عليك أيها السني يا صاحب الحق أن تصدع بالحق ولو كان مرًا، ولا تخاف في الله لومة لائم، يقول تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94)).

    عن أبي ذر –رضي الله عنه- قال: (أَمَرَنِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ) أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وحسنه شيخنا الإمام المجدد الوادعي رحمة الله عليه.

    وإياك أيها السني صاحب الحق أن تَفرُق من الناس أو تأخذك هيبة الناس عن القول بالحق والصدع به، ألم تعلم أن نبيك محمدًا – صلى الله عليه وسلم - فَرْقٌ بين الناس، كما في "صحيح" البخاري، أي: يَفْرُق بين المؤمنين والكافرين، بتصديقه وتكذيبه، قاله: في "النهاية".

    وربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ).

    قال الإمام أحمد -رحمه الله-(3/53): (حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ التَّيْمِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ أَوْ سَمِعَهُ) فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ، و قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ. الحديث صححه شيخنا الإمام المجدد الوادعي رحمة الله عليه.

    وبيان الحق وتبليغه والصدع به يعتبر معذرة لك أيها السني عند الله تعالى، وبراءة لذمتك، يقول تعالى: (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164))،

    ومتى ظهر لك الحق أيها السني بدليله وبرهانه، فواجب عليك أن تأخذه وتعض عليه بالنواجذ، إذ أن صاحب الحق أحق أن يتبع، يقول تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) ويقول تعالى: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)) ويقول تعالى: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) ).

    والاستمساك بالحق والعض عليه أمر واجب أيها السني، إذ أنه طريق الوصول إلى الصراط المستقيم، يقول تعالى: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43)).



    2- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته ليس فيه نصح للسنة.

    عن أبي رقية تميم بن الداري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : (الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ). رواه مسلم.

    قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في "جامع العلوم والحكم" (ص98): ومن أنواع النصح لله تعالى وكتابه ورسوله، وهو ما يختص به العلماء، ردّ الأهواء المضلة بالكتاب والسنة على موردها، وبيان دلالتها على ما يخالف الأهواء كلها، وكذلك ردّ الأقوال الضعيفة من زلات العلماء، وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردها.....إلى آخر كلامه -رحمه الله-.

    وفي "صحيح" مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا).

    3- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته من أسبابه الركون إلى أهل الفتن، وحسن الظن بهم ومجالستهم والإصغاء إليهم.

    يقول تعالى: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)) ويقول تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)) ويقول تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)) ويقول تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)).

    عن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: (إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) متفق عليه.

    عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) رواه أبو داود وغير ه، وحسنه شيخنا الإمام المجدد الوادعي رحمة الله عليه.

    عن ابن عباس م قال: لا تجالسوا أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلوب. رواه ابن بطة في "الإبانة" رقم (371) وغيره، وهو صحيح عنه.

    عن أبي قلابة عبدالله بن زيد الجرمي -رحمه الله- قال: لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون. رواه الدارمي في المقدمة رقم(405) وهو صحيح.


    4- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته من أسبابه عدم التربية والتصفية.

    الذان يعتبران ركنًا قويًا وأساسًا متينًا قامت عليهما دعوة أهل السنة والجماعة، وتميزت عن سائر الفرق المنحرفة، وصارت دعوة صافية نقية، لا تقبل الخلط ولا الغبش ولا الغثائية، صفاء كاللبن بل وأشد.

    فداء الحزبية داء عضال، أشد من مرض الإيدز وأوسع انتشارًا من مرض السرطان، فحقه البتر والقطع والإبادة، وهذا هو أعظم علاج لهذا المرض الفتاك، فالتصفية والتربية أصل عظيم من أصول أهل السنة والجماعة، واللفلفة والتجميع بدون اعتبار لهذا الأصل العظيم؛ فإنه ينافيه أشد المنافاة.

    وما كان لأهل السنة أن يتكثّروا بأهل الباطل يومًا من الدهر، وما كان لأهل السنة أن يرضوا بأهل الباطل قدر أنملة، وما كان لأهل السنة أن يمكنوا لأهل الباطل حبة خردل، وما كان لأهل السنة أن يوسعوا آذانهم لأهل الباطل، وما كان لأهل السنة أن يحتجوا على أهل الحق بأهل الباطل، فدعوة أهل السنة دعوة صافية أصلها ثابت وفرعها في السماء، تسقى بماء واحد، تنفي الخبث والزبد، (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17)).

    فهذه هي الدعوة الصافية النقية التي اختارها الله تعالى لنبيه ص ولإصحابه ن من بعده، وكذا أتباعه إلى يوم القيامة، فمن لم تسعه هذه الدعوة المباركة الصافية النقية فلا وسّع الله عليه،

    قال تعالى: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ_

    وقال تعالى: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)) وقال تعالى: (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)_

    وقال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167)).

    وربنا سبحانه وتعالى أخّر قتال المشركين بسبب وجود المؤمنين في صفوفهم ولم يتميز بعضهم من بعض، فقال جل في علاه: (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25))، والأدلة في هذا الباب كثيرة.


    5- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته من أسبابه ضعف الولاء الخالص والمحبة بين أهل السنة، والقرب من أهل الباطل والفتنة.


    يقول تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)).

    عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) متفق عليه.

    وعن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) متفق عليه.

    ويقول تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)) ويقول سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56))ويقول سبحانه: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)) ويقول تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)).
    فالتخاذل عن نصرة الحق وكتمانه ينافي كمال المولاة للمؤمنين الصادقين، وينافي كمال الأخوة والتعاضد والتحاب في الله عز وجل، إذ أن من كمال ولاية أهل الإيمان الوقوف معهم ومناصرتهم، وكل بحسبه، والله المستعان.


    6- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته من أسبابه عدم الأخذ على يد الظالم، وعدم نصرة المظلوم.

    عن أنس –رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ)أخرجه البخاري.

    عن النعمان بن بشير –رضي الله عنهما- عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: (مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا فَتَأَذَّوْا بِهِ فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ) أخرجه البخاري.


    7- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته من أسبابه ضعف الإيمان بالقضاء والقدر.

    وينتج عن ذلك الموازنة وذكر حسنات المنحرف، فتجد المنحرف قد ظهر انحرافه وانتكاسه بأقواله وأفعاله ومع ذلك تجد بعض الناس يعظم في نفسه هذا المنحرف، ربما أشد من تعظيم الحق، فيقول قائلهم: فلان له في الدعوة أربعون سنة، ويقول: كان يدعو ونحن صغار وغير ذلك من التعاليل العليلة.

    وما أدري هل خفي على هذا الشخص أن الإيمان بالقضاء والقدر أحد أركان الإيمان الستة، وما أدري هل خفي على هذا الشخص أن قلوب العباد بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وما أدري هل خفي على هذا الشخص أن الأعمال بالخواتيم.

    وينتج عن هذا الدفاع عنه ومحاولة التماس الأعذار له، وذكر محاسنه ومدحه والثناء عليه، وكفى بذلك غشاً وتغريرًا وتلبيسًا على المسلمين ومشابهة لأعداء السنة والتوحيد، من ذوي الفتن المنحرفين المبتدعين، قال تعالى: (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107))، وقال تعالى: (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109)).

    عن عبدالله بن عمر –رضي الله عنهما- قال سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: (مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ) رواه أبو داود، وصححه شيخنا الإمام المجدد الوادعي رحمة الله عليه.


    8- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته من أسبابه الاضطراب في الأقوال والأحكام.
    والسبب في ذلك أنه ليس على بينة من أمره، ذلك لأن من نصر الحق وأهله نصره الله تعالى، قال تعالى: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)_.

    ومن أسباب الثبات وعدم التزعزع والاضطراب نصر الحق وأهله، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)_،

    ومن أسباب النصر والتأييد والظهور على الأعداء أن يكون العبد من أنصار الحق وأهله، يقول تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)_، ومن أسباب التضعضع والتأخر عدم المبادرة لنصرة الحق وأهله إذا ظهر بدليله.

    وفي الحديث : (لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ) أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

    فصاحب الحق على ثبات وبينة من أمره، يقول تعالى: (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)_

    ويقول تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (17)_،

    ويقول تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)_.

    ويصير الشخص بهذا الاضطراب مذبذبًا كالشاة العائرة بين غنمين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، والله المستعان.


    9- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته من أسبابه التشبع بما لم يعط، وعدم معرفة الفضل لأهل الفضل.


    عن أسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنهما- عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: (الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ) متفق عليه.

    عن ثابت ابن الضحاك –رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: (وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا قِلَّةً وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ فَاجِرَةٍ) رواه مسلم.

    عن أبي ذر –رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: (وَمَنْ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا) رواه مسلم.

    عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: (لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ) رواه أبو داود والترمذي، وصححه شيخنا الإمام المجدد الوادعي رحمة الله عليه.

    10- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته من أسبابه إبطال قاعدة من علم حجة على من لا يعلم، وإبطال قاعدة الجرح المفسّر مقدم على التعديل المجمل، وإبطال قاعدة وجوب قبول خبر الواحد العدل وغير ذلك من القواعد الشرعية والثوابت السلفية.

    11- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته من أسبابه إحداث قواعد خَلفية، من ذلك:

    1- الإجماع في جرح المخالف.

    2- متى اختلف فلان مع فلان فلا بد من حاكم، لا بد من صنف ثالث، يعني يبين كمية الأخطاء ومن هو المصيب ومن هو المخطئ.

    3- الحق لا يقبل إلا من العلماء.

    4- الجرح والتعديل من المسائل الاجتهادية، إذ هو ليس نصًا من السماء أو من النبي ص، فلان ضعيف أو فلان متروك أو فلان حزبي، إنما هذه مسائل اجتهادية.

    5- لا نترك الشخص حتى يتركنا.

    وغير ذلك من القواعد الخلفية، ولهذه القواعد جولة أخرى، وإنما ذكرت ذلك بيانًا، أن هذه الفتنة أعني التقاعس عن الحق والتخاذل عن نصرته ربما تؤدي بالشخص إلى انحراف في منهجه من غير أن يشعر، وما دفعه ذلك إلا أنه يحاول أن يرضي هؤلاء ويرضي هؤلاء، وما علم أنه فتح باب شر عظيم على نفسه، والعياذ بالله.


    12- كتمان الحق والتخاذل عن نصرته من أسبابه الإجمال في مقام التفصيل وعدم مقارعة الحجة بالحجة.

    وهذه طريقة أهل البدع والأهواء، انظر رسالة "الحمدله في بيان موقف السلف الصالح رضوان الله عليهم من الألفاظ المجملة"

    وقد سئل بعضهم عن الفتنة؟ فأجاب قائلاً: الحمد لله اجتمعنا مع مشايخ اليمن وكلمتنا واحدة، على أن الشيخ عبدالرحمن العدني ليس بحزبي، هكذا إجمالاً.

    وسئل بعضهم أن أهل البلاد الفلاني على رأي الشيخ يحيى بالنسبة لقضية عبدالرحمن العدني؟ فأجاب: يناصحون يناصحون.

    وقال مجيبًا على سؤال آخر نحو هذا، وفيه زيادة: اجلسوا معه وناصحوه.

    وقال بعضهم: والله المطلع وعالم بعباده، ويعلم ما عليه مشايخ أهل السنة من الذب عن السنة والدفاع عنها، نحن نقول: إما سوء تصرف من الإخوة المعنيين، أو فهم خاطئ من الشيخ يحيى، ونحن نسعى في رأب الصدع.

    وغير ذلك، وهذا الإجمال لا يقاوم الأدلة الكثيرة المتكاثرة التي أثبتت حزبية هذه الفتنة، إلا على مذهب <عنز ولو طارت>( ).

    وماذا استفاد الناس من هذه الأجوبة المجملة، ومع ذلك فوالله الذي لا إله غيره ما ازداد أهل السنة إلا يقينًا إلى يقينهم وبصيرة إلى بصيرتهم وثباتًا إلى ثباتهم وعزًا إلى عزهم، وأما غيرهم فازدادوا عتوًا ونفورًا عن السنة، ومضادة للحق وأهله.

    (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)_.

    وإلى هنا والحمد لله رب العالمين، سبحانك وبحمدك استغفرك وأتوب إليك.

    الخاتمة


    قال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)).

    عن بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:(من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أحمد أبو داود.

    احذر أخي السلفي الغيور رعاني الله وإيَّاك أن يتسرّب إلى قلبك ولو شيء يسير من قاعدة حسن البنَّا المبتدع الضليل القائل وبئس القول قوله: (نتعاون فيما اتفقنا عليه،ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه). فإن هذه قاعدة باطلة ظالم أهله، بل تعتبر أم الخبائث من وقع عليها وأشربها قلبه رَقَّ دِينه، ولم يسلم منه إلَّا النزر اليسير والعياذ بالله تعالى .

    قال شيخنا الإمام المجدد الوادعي رحمة الله عليه :

    وأقبح جملة في هذا: نتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه.

    من زمان قلنا لكم: تعدل العبارة ويقال فيها: نتعاون فيما اتفقنا عليه, ونتآمر بالمعروف ونتناهى عن المنكر فيما اختلفنا فيه. نتعاون فيما اتفقنا عليه ونتناصح فيما اختلفنا فيه.

    أما إن كنت معنا فارتكب ما شئت من البدع, وأنت أخونا, وهذا شأن الحزبيين, وإن كنت لست معنا, فأنت مخرب فاسد مفسد خطر على المجتمع. لا, من زمان ونحن نقول من للإخوان المسلمين: لا بد أن يعيدوا النظر في مناهجهم ومنذ خرجوا في الشوارع كالأنعام السائبة يظاهرون (لصدام) ومنذ خرجوا من أجل الدستور, فنقول: هذا المنهج لا يربي رجالًا, أعيدوا النظر في منهجكم, وإلا فستبقون هكذا كالكرة, هذا يأتي ويلطم بها في هذا الجانب, وذاك يأتي ويلطم بها في ذا الجانب, وليست بأوليات الإخوان المسلمين, فانظروا تاريخهم في مصر وفي سوريا وفي السودان فإنه تاريخ أسود, إساءة إلى الإسلام, وإلى الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. ا.ﻫ
    انظر «قمع المعاند» (334- 335).


    محمد العمودي
    كان الله له في الدارين
    قبيل صلاة الظهر/ من يوم الثلاثاء/ الموافق/ 7/3/1430هـ
    دماج دار الحديث والسنة العامرة رحم الله مؤسسها رحمة واسعة
    وحفظ خليفته القائم عليها من بعده ومتع به، ودفع عنه كيد الكائدين وشر الحاقدين
    إنه ولي ذلك والقادر عليه.






    التعديل الأخير تم بواسطة خالد بن محمد الغرباني; الساعة 23-09-2010, 02:39 PM.
يعمل...
X