رسالة إلى الشيخ عبيد
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فهذه رسالة من عبد العزيز بن يحي البر عي إلى الشيخ المبارك عبيد الجابري السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد اطلعت على فتواكم والمؤرخة بيوم الاثنين29/محرم/1430/ الموافق /26 /يناير كانون الثاني عام 2009بشأن الانتخابات في العراق وكانت جوابا على سؤالهم عن مدى مشروعية مشاركتهم في انتخابات المجالس المحلية وهم أهل سنة وكان جوابكم بعد تحريم الانتخابات بأن أجزتم لهم المشاركة دفعا للضرر الذي قد يحصل لهم من جراء البعد عن الانتخابات وأنه إذا لم يكن هناك من يمثلهم فلأهل السنة إن تمكنوا أن يرشحوا رجلا أو رجالا منهم لهذه المناصب المحلية أو في المناصب العامة للدولة من هو صاحب سنة وحاذق في السياسة ويغلب على ظنهم أنه إذا تولى انتفع به أهل السنة .....إلى أن قلت في خلاصة الفتوى : الثاني أنه إذا تيقن أهل السنة خاصة والمسلمون عامة أنهم إذا لم يدخلوا في هذه الانتخابات في أي دولة كانت تهضم حقوقهم ولا تستوفى لأنهم لم يرشحوا أحدا منهم نرى أن يدخلوا الانتخابات من أجل تحقيق مصالحهم واستيفائهم حقوقهم وتمكينهم من أخذ ما هو حق لهم.
وبعد هذا العرض الموجز لفتواكم سدد الله خطاكم أحب أن أناقش بعض القضايا التي تبين أن هذه الفتوى لا يستفيد منها أهل السنة وإنما يستفيد منها غيرهم من الأخوان المسلمين أو غيرهم ويلحق أهل السنة الضرر إذا شاركوا في هذه الانتخابات فأقول :
1ـ إن الانتخابات تخالف كتاب الله وسنة رسوله إذ هي مبنية على المساواة بين الصالحين وغيرهم والله يقول (أم حسب الذين اجتر حوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) وفي نظام الديمقراطية جعلوهم يستوون في حياتهم إذ لا فرق بين صالحهم وغير صالحهم فالعالم واللوطي على حد سواء فدخول أهل السنة يعتبر تثبيتا لهذا النظام المستورد من غير المسلمين والآيات في التفريق بين الصالحين وغير الصالحين كثيرة معلومة لديك
2 ـ إن إحلال النظام الديمقراطي في البلاد مدعوما بمشاركة أهل السنة مفسدة أكبر من المصالح المرجوة إذ أن المرشح والمنتخبين له ملزومون باحترام الرأي والرأي الأخر . وربما استعطفوا أصحاب المعاصي والبدع من أجل أنم ينتخبوا المرشح السلفي ومن ذلك الاستعطاف السكوت عن بدعة المبتدع, ومعصية العاصي لا سيما إذا توقعوا عدم الفوز فليت شعري ما هي المصلحة إذا
3ـ لقد ذكرت المصالح الدنيوية وأننا إذا خشينا عليها نشارك في الانتخابات فأقول:
أـ: كيف نتنازل عن مبادئ كبيرة من أجل أمور دنيوية فنحترم الرأي والرأي الآخر ونساوي بين الرجل والمرأة ونساوي بين الصالح وغيره ونسكت عن البدع والمبتدعة أقل شيء في فترة الانتخابات ....إلى غير ذلك من أجل مصلحة دنيوية وقد أحسن من قال
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا*** فلا ديننا يبقى ولا مانرقع
ب ـ : إن العضو المرشح إذا فاز سواء كان سيئا أو غير سيء إذا حقق مصلحة هي تكون عامة في منطقته ينالها الجميع بدون تمييز كمشروع مياه أو كهرباء أو سفلتة شوارع أومدارس أو مستشفيات أو غير ذلك فإن الجميع ينالها بدون استثناء بل إنني أنا المقاطع للانتخابات ينبغي أن يهتم بي ذلك المرشح أكثر من خصمه الذي صوت ضده ومع ذلك فلن ينالها خصومه فمن الذي قال إن المشاريع تكون حكرا على من صوت له فقط .؟
4 ـ ذكرت أنهم إن لم يستوفوا حقوقهم جاز لهم أن يرشحوا شخصا مع أنك أجزت ذلك في الضرورة فقط ومعلوم أن الضرورة ترتفع بدون استيفاء الحقوق كاملة ثم من الذي يحدد أنهم وجدوا من حقوقهم ما يرفع الضرورة أو إتمام الاستيفاء فكل فريق من الناس سيدعي بقاء أشياء وعلى هذا فسيظلون يركضون وراء الانتخابات إلى آخر حد .
5 ـ إن فتواك هذه إباحة المشاركة لأهل السنة وغيرهم إذا لم يستوفوا حقوقهم إلا بذلك ومعلوم ماذا يريد الشيعة والصوفية فهم يرون من حقوقهم إقامة شعائرهم المبتدعة وربما رأوا من حقوقهم ضرب أهل السنة وإيقاف امتداد دعوتهم وغير ذلك فهذا الكلام مع عدم موافقته للصواب فإنه يعتبر كلاما مطاطيا بالإمكان أن يستفيد منه كل مبطل لنشر باطله .
6 ـ إن الرجل من المواطنين يكون محترما بين الناس محبوب لديهم فإذا ترشح وقام آخر أو آخرون ترشحوا ضده كما هو معلوم فإنهم يسلطون ضده الدعايات والتشويه له بأنه كذاب ومكار ومخلف للمواعيد وسخروا من لحيته إن كان له لحيه وتكلموا عليه في المجالس الخاصة والعامة وصاحوا به في الشوارع ليحرقوا سمعته ويسقطوا هيبته ويصبح مصارعا على هذا المركز صابرا على ما أصابه من سخرية ويرى أنه يهون في سبيل ذلك المنصب كل إهانة فهل يليق أن يدفع بأهل السنة إلى هذا الدرك الأسفل .
7 ـ إن أتباع هذا المرشح وهم سلفيون يوظفون خطبهم ودروسهم ومحاضراتهم ومجالسهم وتحركاتهم كلها في الدعاية لهذا الرجل إضافة إلى الملصقات في الجدران من عبارات مكتوبة وصور لذلك المرشح وعبارات من قبله تدعو الناس لانتخابه إلى غير ذلك من أشياء نشاهدها ويشاهدها غيرنا مما يخرج دعوة أهل السنة من دعوتهم الوقورة إلى مهاترات تسقط هيبة الدعوة السلفية وتعطل المراد منها .
8 ـ لقد علمنا أن أهل السنة لو فعلوا ذلك لكرههم الناس كما كرهوا غيرهم لأنهم يرون أنهم يصارعون على سلطة وكفى.
9 ـ هب أننا سلّمنا ذلك كله ولسنا مسلِّمين فإننا لو رشحنا شخصا في مجلس النواب أو غيره أمام مئات من المرشحين ثم صوت في البرلمان فأين ب صوته أمام عشرات بل مئات من الأعضاء ما بين علماني وشيعي وصوفي وغير ذلك من الطوائف والحكم للأغلبية ؟؟ إن مطالبه كلها ساقطة لأنه وحيد فهل تظن أن القضية وظيفة من جملة الوظائف كا التدريس ونحوه بحيث يستطيع العامل في هذا الحقل أن يحقق مصالح قلت أو كثرت . لا . إن الأمر تصويت والحكم للأغلبية فماذا يفعل با انفراده .
10 ـ وبعد هذا كله هب أن هذا المرشح السلفي فشل وفاز عليه غيره كم ترى سيكون له ولمن انتخبه من الحقد في قلوب الآخرين وكم ستتعطل من مصالح وكم ستحدث من مفاسد وقد غرسوا لأنفسهم من الحقد في قلوب الآخرين ما الله به عليم إضافة إلى أن المنافسين الفائزين سيبذلون قصارى جهدهم أن لا تقوم لأهل السنة قائمة بحيث يكونون عاجزين عن الفوز لو ترشحوا في المستقبل.
11 ـ لقد وضعت أيها الشيخ المبارك ضوابط لتجويزك الانتخابات وأنا متأكد ـ ولا أقول أستبعد ـ أنه ليس بإمكان أهل العراق ولا غيرهم ممن يخوض في الانتخابات أن يطبقها ولو طبقها بحذافيرها لترك الانتخابات فواقع الانتخابات لا يتطابق مع الفتوى قطعا وها هي الانتخابات لدينا في اليمن ووضع اليمن أحسن حالا من العراق نسأل الله أن يفرج عنهم ولكن لو أراد أحد ممن يريد الخوض في الانتخابات أن يعمل بفتواك أيها الشيخ ما قدر قطعا ومع ذلك لو فرضنا أنه بإمكان أحد أن يطبق الفتوى فإنه لا يجوز الخوض فيها لما علم ما في الانتخابات من المخالفات الكبيرة لدين الله ولما علم ما في دعوة أهل السنة من النزاهة والبعد عن التوغل في باطل كهذا .
وهذه المفاسد كلها أو جلها تنتهي بأذن الله لو تركوا الترشيح والانتخاب من أساسه وبعد فإن حصل بلاء لزمنا أن نصبر فلأن نصبر ونحن على حق خير من أن نصبر ونتجرع الغصص بعد تمرغنا في الباطل .
أيها الشيخ العزيز هذه تنبيهات هامة أحببت لفت انتباهك إليها ولولا أن فتواك قد انتشرت لآثرت أن يكون الكلام بيني وبينك وعلى كل حال فهي نصيحة من صغير في السن والعلم إلى كبير في السن والعلم .
أرجو أن تتراجعوا عن هذه الفتوى لما فيه من الخطر الكبير على الدعوة السلفية والزج بها في غير مسارها الصحيح ولا أقول أنك تريد ذلك حاشاك ولكن أعني أن هذه عاقبة المشاركة في الانتخابات أسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
للتحميل على هيئة ملف وورد من المرفقات
(الموضوع منقول من شبكة سحاب)
تعليق