(الحكمة المعبرية) أو ( الحكمة الريمية )
((الرفق واللين والحكمة والرحمة المذمومة))
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أمابعد.
كان شيخنا سعيد بن دعاس اليافعي رحمه الله ينتقد وبشدة دعاوى الرفق والحكمة واللين التي يتستر بها شيخ معبر وأصحاب معبر ومن حالفهم والتي يراد بها مخادنة ومداهنة ومؤاددة أهل البدع والحزبية وتمييع المنهجية السلفية وكان رحمه الله يسمي هذا النوع من الحكمة بـ(الحكمة الريمية)أو بـ(الحكمة المعبرية).
وكان رحمه الله قد ألف كتاب ((مفهوم الحكمة في الدعوة الى الله))
وهو يقع في 200 صفحة وكان ذلك في عام 1429 تقريباً، أسال من الله أن ييسر إخراجه وكان سبب تأليفه هو رواج وانتشار الحكمة المعبرية في أوساط السلفيين حينئذ .
حتى سطر صاحب معبر كتاب الإبانة (دستور الحزبيين) وفضح نفسه وكل من قدم له ووافقه وكل من رضي وتابع، وقد وفق الله الشيخ سعيد بالرد على كتاب الإبانة في كتاب سماه (حراسة السلفية) ثم غير الإسم فيما بعد إلى
(تنزيه السلفية مما في كتاب( الإبانة )للشيخ محمد الإمام من شبهات وقواعد خلفية _)
ثم ألف رحمه الله كتاب آخر قبل موته رحمه الله كشف فيه عن وقوع شيخ معبر في الإرجاء
اسماه(_كشف إرجاء محمد الإمام في تبرئة زنادقة الرافضة من الكفر)
وأتبعه بكتاب تكميلي يبين فيه عوار الحوثيين وزندقتهم والتحريض على قتالهم
أسماه(_كشف أسرار الحوثيين ونهوض حمية المسلميين).
وهذا رابط كتب الشيخ سعيد رحمه الله:
(((((((((((((((http://aloloom.net/vb/showthread.php?t=13771))))))))))))))
وفي هذه الأيام العجاف تتجلى " الحكمة المعبرية " واضحة جلية أمام كل ذي عينين ولساناً وشفتين ، يرى ويسمع الحكمة المعبرية تجاه أفعال الرافضة الحوثية وجرائمهم في دماج وفي الرضمة وفي حاشد ،وفي حجور والجوف ، وغيرها من البلدان على أهل السنة والدعوة السلفية ،
وكان الظن أن "حكمة معبر" هي موضوعة لمن كان من الحزبيين الجدد ومن سبقهم كالجمعيين ، وما كنا نظن أن الحكمة المعبرية تشمل الرافضة الكفرية، حتى ظهرت حكمة معبر في حرب الرافضة وعدوانهم على المسلمين في اليمن.
فلا تنتظروا يامعاشر المسلمين من صاحب معبر ومن حالفه أن ينصركم أو يحرض ويحضض على نصركم بالنفس (إلا أن يشاء الله) لإنه يسير على
الحكمة المعبرية ، التمييعية ، الواسعة ،الأفيحية لكل البشرية.
إن لِلِّينِ مواضعَه، ولِلشِّدَّة مواضعَها. فإذا انتهى أَمَدُ اللِّين فَلْتَكُنِ الشِّدَّةُ؛ وإذا انقضى عهدُ المصابَرة فَلْيَكُنِ الحَسْمُ القاطع.
وهاكم كلام شيخ الاسلام رحمه الله وهو يبين هذا النوع من الحكمة و الرحمة المذمومة:
__________قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:_________
((والشيطان يريد من الإنسان الإسراف فى أموره كلها، فإنه إن رآه مائلا إلى الرحمة زين له الرحمة حتى لا يبغض ما أبغضه الله، ولا يغار لما يغار الله منه،وإن رآه مائلا إلى الشدة، زين له الشدة فى غير ذات الله حتى يترك من الإحسان والبر واللين والصلة والرحمة ما يأمر به الله ورسوله،ويتعدى فى الشدة فيزيد فى الذم والبغض والعقاب على ما يحبه الله ورسوله : فهذا يترك ما أمر الله به من الرحمة والإحسان وهو مذموم مذنب فى ذلك، ويسرف فيما أمر الله به ورسوله من الشدة حتى يتعدى الحدود وهو من إسرافه فى أمره فالأول : مذنب، والثانى : مسرف، والله لا ىحب المسرفىن، فليقولا جميعًا : { ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [ آل عمران : 147 ]
(مجموع الفتاوى 15/292)
***
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -"المجلد 15 صفحة 294
(( فلا يجوز أن تأخذ المؤمن رأفة بأهل البدع والفجور والمعاصي والظلمة ))
***
وقال ابن القيم – رحمه الله – :
((جعل سبحانه مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق ؛
1- فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يُدعى بطريق الحكمة ،
2-والقابل الذي عنده نوع غفلة وتأخر يُدعى بالموعظة الحسنة ، وهي الأمر والنهي المقرون بالرغبة والرهبة ،
3-والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي أحسن . هذا هو الصحيح في معنى هذه الآية .
4-"والمعارض " وقال أيضا : وأما المعارضون المَدْعُوّون للحق فنوعان :
نوع يُدعون بالمجادلة بالتي هي أحسن ، فإن استجابوا ، وإلا فالمجالدة ، فهؤلاء لا بُـدّ لهم من جدال أو جلاد . انتهى .
***
نعم والله الرفق هوالأصل في الدعوة ولكن ليس فقط الرفق في الدعوة كل شيء بل الشدة في بعض المواقف هي الحكمة غير أن أهل البدع تنبغي إهانتهم لتنفير الناس منهم .
قال الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمـن الصابوني - رحمه الله - حاكياً مذهب السلف أهل الحديث : " واتفقـوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم، وإخزائهم، وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم، ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله - عز وجل - بمجانبتهم ومهاجرتهم .
" عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص: 123)
فهذا هو الأصل في التعامل مع أهل البدع لعظيم ضررهم على أهل الإسلام وخصوصاً إذا كان المبتدع داعية أو مؤذياً لأهل السنة مفترياً عليهم ( وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها)
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/53):" فان المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى وقد لاينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما نحمد معه ذلك التخشين"
وإليكم أقول أئمة العصر وهم يقررون مفهوم الحكمة في الدعوة الى الله
***
قال العلامّة عبد العزيز بن باز رحمه الله تحت عنوان:
»الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتّاب «:
"
ولا شك أن الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بالتحذير من الغلوّ في الدين، وأمرت بالدعوة إلى سبيل الحق بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولكنها
لم تهمل جانب الغلظة والشدّة في محلّها
حيث لا ينفع اللين والجدال بالتي هي أحسن؛ كما قال سبحانه: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} وقال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ} وقال تعالى: {وَلاَ تُجادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} الآية، أما إذا لم ينفع واستمرّ صاحب الظلم أو الكفر أو الفسق في عمله ولم يبال بالواعظ والناصح، فإن الواجب الأخذ على يديه ومعاملته بالشدة وإجراء ما يستحقه من إقامة حدّ أو تعزير أو تهديد أو توبيخ حتى يقف عند حدّه وينزجر عن باطله "( ).
إذن إستعمال الشدة في محلها من الحكمة التي تخفى على عميان البصيرة
قال الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمة الله في نصيحته
للدعاة السلفيين
في كتاب (فتاوى الشيخ الألباني)تحت موضوع (سبيل دعاة السلفية) صفحة116
((أما الأسلوب في الدعوة فلم يدع ربنا عز وجل مجالاً لأحد بعد قوله (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)) ]النحل:125[ وهذا بلا شك أول مايتطلب من الداعية، أن يكون رحيماً وأن يكون شفيقاً وألا يشتد على المخالفين ولا سيما إذا كانوا معه في أصل الدعوة أي الكتاب والسنة ولكنهم انحرفوا بعض الشيء في بعض النواحي، فيجب الرفق بهم كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله في الحديث المعروف عن عائشة وحسبنا منه الآن قوله لها :ياعاشة ما كان الرفق في شيء إلا زانه وماكان العنف في شيء إلا شانه...
لكني أُريد أن أُذكر هنا بشي يغفل عنه كثير من الناس وأعني بها بعض الدعاة إن الرفق ولو أنه الأصل في الدعوة ولكن ذلك لا يعني أنه لاينبغي للداعية أن يستعمل الشدة أحياناً يضعها في موضعها المناسب
لها فإن النبي صلى الله عليه وسلم الذي خوطب بقوله تبارك وتعالى ((ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) مع ذلك نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض الأحيان يشتد على بعض المخالفين ولو أن هؤلاء المخالفين ما كانوا يعتمدون الخطأ ولكن لما كان الخطأ يتعلق بأمرهام كأن يتعلق بالأيمان وبخاصة برب الأنام .
كان عليه الصلاة والسلام يستعمل شيئاً من الشدة .
كلكم يعلم ما رواه الإمام أحمد في المسند بالسند الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما أصحابه فقام رجل ليقول له : ماشاء الله وشئت يا رسول الله فقال له رسول الله أجعلتني لله نداً؟! قل ماشاء الله وحده، هذه الشدة إذا وضعت في مكانها فهو من الحكمة، ولذلك فلا ينبغي أن يكون سمة المسلم وصفته. لا هذه هي الصفة الغالبة ، لكن أحياناً لابد من وضع الشدة في مكانها المناسب ، وأخيرا آتي بمثال من أحاديث الرسول عليه السلام وهو قوله :((من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهنيء أبيه )) هذا تعبير قد لايستسيغه كثير من الناس،ولكن من كان يؤمن بالله ورسوله حقاً وعرف أن هذا الحديث نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم حينئذ سيكون هذا الحديث من جملة الأدلة أن الشدة أحياناً في محلها هي عين الحكمة .
***
وفهذا كلام آخر للشيخ الألباني - رحمه الله - في شريط رقم : ( 595 ) ضمن تسجيلات سلسلة الهدى
والنور ، وهو عبارة عن حوار بين الشيخ وأحد الأشخاص حول الرفق والشدة في الدعوة ، وقد رمُز لكلام الشيخ بكلمة ( الشيخ ) ، ولكلام المحاور بكلمة( السائل ) .
وأسأل الله عز وجل أن ينفع به .
وهو فيما يلي :
( السائل : أن السلفيين مشهور عنهم - فيما أراه أنا - الشدة وقلة الرفق في الدعوة هذا رأيي أنا ؟
الشيخ : أنت منهم ؟
السائل : أرجو ذلك .
الشيخ : ترجو ذلك ، أنت منهم يعني أنت سلفي .
السائل : نعم .
الشيخ : طيّب أنت من هؤلاء السلفيين المتشددين ؟
السائل : لا أُزكي نفسي . .
الشيخ : القضية الآن ليست قضية تزكية ، قضية بيان واقع ، وقضية كما قلنا أنت الآن تثير السؤال
هذا من أجل التناصح فأنا لمّا أسألك أنت من هؤلاء المتشددين ؟ ، ما يرد هنا موضوع أنا لا أزكي
نفسي ؛ لأنك تريد أن تبيّن الواقع بمعنى لو سألتني هذا السؤال أقول لك : أنا فيما أظن لست متشددا
، لكن هذا لا يعني أني أزكي نفسي لأني أخبر عن واقعي ففكر في السؤال .
السائل : نعم جوابي يا شيخ مثل جوابك .
الشيخ : إذن لا يصح أن نطلق أن السلفيين متشددون ، والصواب أن نقول : بعضهم متشددون واضح إلى هنا .
السائل : نعم .
الشيخ : فإذن نقول أن بعض السلفيين عندهم أسلوب في الشدة ، لكن تُرى هل هذه الصفة صفة
اختص بها السلفيون ؟
السائل : لا .
الشيخ : فإذن ما الفائدة وما المغزى من مثل هذا السؤال ؟ ! هذا أولا .
وثانيا هل اللين الذي قلنا هو الواجب هل هو واجب دائما وأبدا ؟
السائل : أبدا لا .
الشيخ : فإذن لا يصح لك ولا لغيرك أن تصف أولا نخرج بالنتيجة التالية :
لا يجوز لك ولا لغيرك أن تصف طائفة من الناس بصفة تعممها على كلهم جميعا .
وثانيا : لا يجوز لك أن تطلق هذه الصفة على فرد من أفراد المسلمين سواء كان سلفيا أو خلفيا في
حدود تعبيرنا إلا في جزئية معيّنة مادام اتفقنا أن اللين ليس هو المشروع دائما وأبدا .
فنحن نجد الرسول عليه السلام قد استعمل الشدة لو فعلها سلفيّ اليوم لكان الناس ينكرون عليه أشد الإنكار .
مثلا : لعلك تعرف قصة أبي السنابل ، تذكر هذه القصة ؟
السائل : لا .
الشيخ : امرأة مات زوجها وهي حامل فوضعت فكان بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها بوضعها لولدها فيقول الحديث وهو في صحيح
البخاري : أنها بعد أن وضعت تشوّفت للخطاب وتجمّلت وتكحّلت فرآها أبو السنابل وكان خطبها
لنفسه فأبت عليه فقال لها : لا يحل لكِ إلا بعد أن تنقضي عدة الوفاة - كقاعدة وهي أربعة أشهر
وعشرة أيام - وهي فيما يبدو أنها امرأة تهتم بدينها فما كان منها إلا أنها تجلببت وسارعت إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما قال لها أبو السنابل فقال عليه السلام :
" كذب أبو السنابل " .
هذه شدة أم لين ؟
السائل : نعم شدة .
الشيخ : ممن ؟ من أبو اللين { ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } .
إذن ليس مبدأ اللين بقاعدة مطردة كما اتفقنا آنفا .
وإنما ينبغي على المسلم أن يضع اللين في محله والشدة في محلها .
كذلك مثلا : كما جاء في مسند الإمام أحمد لمّا خطب عليه الصلاة والسلام خطبة قام رجل من الصحابة وقال له :
ما شاء الله وشئت يا رسول الله قال : " أجعلتني لله ندا ؟! قل ما شاء الله وحده " .
شدة أم لين ؟
السائل : أسلوب قول النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : يعني هذه أُسمّيها أنا حيدة ، لأنك ما أجبتني كما أجبتني من قبل ، لمّا قلتُ لك أبو السنابل قال
في حقه : " كذب أبو السنابل " شدة أم لين ؟ هذه شدة .
السائل : هذه شدة نعم .
الشيخ : وهذه الثانية ؟
السائل : فقط بيّنَ له قال : " أجعلتني لله ندا " .
الشيخ : هذه حيدة - بارك الله فيك - أنا ما أسألك بيّنَ أم لم يُبيّن ، أنا أسألك شدة أم لين ؟
لماذا الآن اختلف منهجك في الجواب ؟
من قبل ما قلتَ بيّن له قال له : " كذب أبو السنابل " هو بيّن لكن هذا البيان كان بأسلوب هيّن ليّن كما اتفقنا أنه القاعدة أم كان في شدة ؟
قلتَ بكل صراحة كان فيه شدة ، والآن ما عدى عمّا بدى في السؤال الثاني ؟
السائل : السؤال الثاني لم يَقُل له كاذبا قال : " أجعلتني لله ندا " .
الشيخ : الله أكبر هذا أبلغ في الإنكار - بارك الله فيك - .
قال أحد الحضور : يا شيخنا قال : " بئس الخطيب أنت " في رواية مسلم .
الشيخ : نعم في قضية أخرى ، تذكر هذا الحديث ؟
من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى قال : " بئس الخطيب أنت " شدة أم لين ؟
السائل : شدة نعم .
الشيخ : المهم - بارك الله فيك - في هناك أسلوب لين وفي هناك أسلوب شدة .
الآن بعدأن اتفقنا أنه ليس هناك قاعدة مطردة ، مطردة على طول لين لين لين على طول ، شدة شدة شدة على طول
السائل : نعم .
الشيخ : إذن تارة هكذا ، وتارة هكذا .
الآن حينما يُتهم السلفيون بعامة إنهم متشددون أَلا تَرى أن السلفيين بالنسبة لبقيّة الطوائف
والجماعات والأحزاب هم يهتمّون بمعرفة الأحكام الشرعية وبدعوة الناس إليها أكثر من الآخرين ؟
السائل : لا شك .
الشيخ : لا شك - بارك الله فيك - إذن بسبب هذا الاهتمام الذي فاق اهتمام الآخرين من هذه الحيثية ،
الآخرون يعتبرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو كان مقرونا باللين هذا شدة بل بعضهم يقول
هذا ليس زمانه اليوم بل بعضهم غلا وطغى وقال البحث في التوحيد يفرق الصفوف اليوم .
فإذن - بارك الله فيك - الذي أريد أن أصل معك هو أن القضية نسبيّة يعني إنسان ليس متحمس
للدعوة وخاصة للدخول في الفروع التي يسمّونها بالقشور أو أمور ثانوية فهو يعتبر البحث مقرونا
بالأسلوب الحسن يعتبره شدة في غير محلها .
لا ينبغي أنت سلفي مثلنا أن تشيع بين الناس ولو هؤلاء الناس القليل الآن ، وتذكر أن السلفيين متشددون .
لأننا اتفقنا بعضهم متشدد وهذا لا يخلو حتى الصحابة فيهم اللين وفيهم المتشدد .
ولعلك تعرف قصة الأعرابي الذي همّ بأن يبول في المسجد فماذا همّ به الصحابة ؟
همّوا بضربه هذا لين أم شدة ؟
السائل : شدة .
الشيخ : شدة ، لكن ماذا قال لهم الرسول ؟ : " دعوه " .
فإذن قد لا يستطيع أن ينجو من الشدة إلا القليل من الناس ، لكن الحق أن الأصل في الدعوة :
أن تكون على الحكمة والموعظة الحسنة ، ومن الحكمة أن تضع اللين في محله ، والشدة في محلها .
فأن نصف إذن خير الطوائف الإسلامية التي امتازت على كل الطوائف بحرصها على اتباع الكتاب
والسنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح بالشدة هكذا على الإطلاق ما أظن هذا من الإنصاف في
شيء بل ومن الشرع في شيء أما أن يقال فيهم فمن الذي يستطيع ينكر ، فمادام الصحابة فيهم من
كان متشددا في غير محل الشدة فأولى وأولى في الخلف من أمثالنا - خلف في المعنى اللغوي - أن
يوجد فيها متشدد .
ثم الآن نتكلم عن شخص بعينه هب إنه هيّن ليّن هل ينجو عن استعمال الشدة في غير محلها ؟
السائل : لا أبدا .
الشيخ : فإذن - بارك الله فيك - القضية مفروغ منها .
وإن الأمر كذلك فما علينا غير أن نتناصح إذا رأينا إنسانا وعظ ونصح وذكّر بالشدة في غير محلها
ذكّرناه فقد يكون له وجهة نظر فإن تذكر فجزاه الله خيرا ، وإن كان له وجهة نظر سمعناها منه
وينتهي الأمر .
السائل : كثير من السلفيين يا شيخ يستخدمون الشدة ولا يستخدمون اللين ، يستخدمون الشدة في غير موضعها ولا يستخدمون الرفق في موضعه ، وليسوا قليل - نحن نقول كل الطوائف تفعل هذا- لكن ليس قليل ، وأنا في سؤالي لا أقيس السلفيين على غيرهم من الطوائف الأخرى لا يهمني أمر الطوائف الأخرى ، يهمني أمر السلفيين كثير من السلفيين وليسوا قليل يصدون عن المنهج السلفي بأسلوب دعوتهم للناس وليسوا قليل هؤلاء ، أنا قصدتُ من السؤال الذي يسجله الأخ محمد أن توجه نصيحة إلى من ابتلوا بالشدة وبضيق الصدر هذا هو المقصد من السؤال .
الشيخ : بارك الله فيك توجيه النصيحة ما يحتاج من واحد مثلي أن يوجه نصيحة والسلفيين وغير
السلفيين يعلمون الآية التي ذكرناها آنفا : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم
بالتي هي أحسن } ويقرؤون أكثر من غيرهم حديث السيدة عائشة رضي الله عنها حينما جاء ذلك
اليهودي مُسلّما على النبي صلى الله عليه وسلم لاويا لسانه قائلا : السام عليكم ، فسمعها هذا السلام
الملوي فانتفضت وراء الحجاب حتى تكاد تنفلق فلقتين كما جاء في الحديث غضبا فكان جوابها :
وعليكم السام واللعنة والغضب إخوة القردة والخنازير ، أما الرسول فما زاد على قوله له : "
وعليك " فلما خرج اليهودي من عند الرسول عليه السلام أنكر عليه الصلاة والسلام
عليها وقال لها : " يا عائشة ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما كان العنف في شيء إلا شانه "
قالت : يا رسول الله ألم تسمع ما قال ، قال لها : " ألم تسمعي ما قلتُ " .
فإذن السيدة عائشة التي رُبّيت منذ نعومة أظفارها في بيت النبوة والرسالة ما وسعها إلا أن تستعمل
الشدة مكان اللين ، فماذا نقول في غيرها من السلفيين - كما تقول - وهم لم يُربّوا في بيت النبوة
والرسالة بل أنا أقول الآن كلمة ربما طرقت سمعك يوما ما من بعض الأشرطة المسجلة من لساني أو لا .
إن آفة العالم الإسلامي اليوم مقابل ما يقال بالصحوة الإسلامية هو أن هذه الصحوة لم تقترن بالتربية
الإسلامية ما في تربية إسلامية اليوم .
لذلك فأنا أعتقد أن أثر هذه الصحوة العلمية سيمضي زمن طويل حتى تظهر آثارها التربوية في الجيل
الناشيء الآن في حدود الصحوة الإسلامية .
إنما هي تصرفات أفراد لكن هؤلاء الأفراد يعيشون تحت رحمة الله عز وجل فمنهم القريب ، ومنهم
البعيد ، ولذلك فمن الناحية الفكرية والعلمية سوف لا تجد من يخاصمك ويخالفك في أن الأصل في
الدعوة أن تكون باللين والموعظة الحسنة لكن المهم التطبيق ، والتطبيق هذا يحتاج إلى مرشد إلى
مربي يربي تحته عشرات من طلاب العلم وهؤلاء يخرجون من يد هذا المربي مربين لغيرهم وهكذا
تنتشر التربية الإسلامية رويدا رويدا بتربية هؤلاء المرشدين لمن حولهم من التلامذة .
وبلا شك الأمر كما قال تعالى : { وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } .
ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الأمة الوسط لا إفراط ولا تفريط .
السائل : جزاك الله خيرا يا شيخ .
قال أحد الحضور : يا شيخ أحيانا حينما يلاقي السّني ممن يقابله من أهل البدع عتوا واستكبارا يعني كما الله عز وجل أمر موسى باللين مع فرعون ومع ذلك قال له : { وإني لأظنك يا فرعون مثبورا } يعني يا شيخ نحن في الكلية كانوا والله دكاترة يستهزؤوا بنا حينما تقول لهم قال الرسول . . يعني فإذا خرج الإنسان عن طوره واستعمل الشدة معهم ، الشدة يعني لا يقال هنا شدة ، ويعجبني المثل سمعته منك شيخنا :
قال الحائط للوتد لم تشقني قال سل من يدقني .
الشيخ : صحيح .
الشيخ : على كل حال نسأل الله أن يؤتينا الحكمة وهي أن نضع كل شيء في محله .
قال أحد الحضور : يا شيخ في أحكام الجنائز قول ابن مسعود لما قال رجل : استغفروا لأخيكم . قال : لا غفر الله له.
الشيخ : مع هذه أمثلة كثيرة جدا ، يذكرنا الأخ أبو عبد الله بأثر ، أن رجلا من الصحابة لعله عبد الله بن مسعود أو عبد الله بن عمر .
قال أحد الحضور : عمر نفسه .
الشيخ : عمر نفسه ؟
قال أحد الحضور : عمر نفسه لمّا قال رجل : استغفروا لأخيكم . قال : لا غفر الله له .
الشيخ : ما رأيك بهذا ؟
لا شك أنك أنت أول واحد لو رأيت أنا أقول هذه الكلمة ، تقول الشيخ متشدد ، لكن هنا يقوم في نفس
المُنكِر الغَيرة على الشريعة فتحمله أن يقسوا في العبارة ، الآخر الذي يتفرج ليس في موضع هذه
الغيرة التي ثارت في نفس هذا الإنسان فيخرج منه هذا الكلام ، وهنا يقولون عندنا في سوريا : " شو
هذه الشدة يا رسول الله " ، هذه لهجة سوريا خطأ ، يخاطبوا الرسول يعني كأن هذه الشدة طالعة من
الرسول وهم يعنون هذا الإنسان .
فسبحان الله يعني المسألة ينبغي أن تراعى جوانبها من كل النواحي حتى الإنسان يكون حُكمه عدلا .
ثم أيضا مما يبدو لي الآن من أسباب إشاعة هذه التهمة إذا صح أنها تهمة عن السلفيين ، تعرف أنت
أن من كثر كلامه كثر خطؤه ، فالذين يتكلمون في المسائل الشرعية هم السلفيون ، ولذلك فلا بد لأن
يخطئوا لكثرة ما يتكلمون فيتجلى خطؤهم ، ومن هذا الخطأ الشدة عند الآخرين الذين لا يجولون ولا
يخوضون في هذه القضايا بينما لو نُظِرت هذه الشدة في عموم ما يصدر منهم من نصح على العدل
وعلى الإنصاف واللين لوجدنا من مثل بعض التي ذكرناها عن بعض السلف وأمام الرسول عليه
السلام فيها شدة ، ولكن هذه الشدة لا تسوغ لنا أن ننسب هؤلاء الصحابة الذين وقعوا في مثل هذه
الشدة في جزئية معيّنة أنهم كانوا متشددين ، وإنما قد يقع كما قلنا أنا وأنت وغيرك في شيء من الشدة ) انتهى .
***
ومن المعاصرين شيخنا العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله شدته معروفة ودعوته من أنجح الدعوات المعاصرة
فلا ينبغي أن تكون الحكمة والرفق مع المخالفين مانعةً من استخدام الشدة ( في محلها )
***
ثم الشيئ الثاني: تربية المسلمين على هذا الإسلام المصفى ، فأين الآن هذا الإسلام المصفى عند هذه الجماعات التي تعارض دعوة الحق بل وتزعم أنها (تفرق) وأنا أشهد انها تفرق فعلاً بين الحق والباطل وبين المحق والمبطل، سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا.
والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله .
((الرفق واللين والحكمة والرحمة المذمومة))
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أمابعد.
كان شيخنا سعيد بن دعاس اليافعي رحمه الله ينتقد وبشدة دعاوى الرفق والحكمة واللين التي يتستر بها شيخ معبر وأصحاب معبر ومن حالفهم والتي يراد بها مخادنة ومداهنة ومؤاددة أهل البدع والحزبية وتمييع المنهجية السلفية وكان رحمه الله يسمي هذا النوع من الحكمة بـ(الحكمة الريمية)أو بـ(الحكمة المعبرية).
وكان رحمه الله قد ألف كتاب ((مفهوم الحكمة في الدعوة الى الله))
وهو يقع في 200 صفحة وكان ذلك في عام 1429 تقريباً، أسال من الله أن ييسر إخراجه وكان سبب تأليفه هو رواج وانتشار الحكمة المعبرية في أوساط السلفيين حينئذ .
حتى سطر صاحب معبر كتاب الإبانة (دستور الحزبيين) وفضح نفسه وكل من قدم له ووافقه وكل من رضي وتابع، وقد وفق الله الشيخ سعيد بالرد على كتاب الإبانة في كتاب سماه (حراسة السلفية) ثم غير الإسم فيما بعد إلى
(تنزيه السلفية مما في كتاب( الإبانة )للشيخ محمد الإمام من شبهات وقواعد خلفية _)
ثم ألف رحمه الله كتاب آخر قبل موته رحمه الله كشف فيه عن وقوع شيخ معبر في الإرجاء
اسماه(_كشف إرجاء محمد الإمام في تبرئة زنادقة الرافضة من الكفر)
وأتبعه بكتاب تكميلي يبين فيه عوار الحوثيين وزندقتهم والتحريض على قتالهم
أسماه(_كشف أسرار الحوثيين ونهوض حمية المسلميين).
وهذا رابط كتب الشيخ سعيد رحمه الله:
(((((((((((((((http://aloloom.net/vb/showthread.php?t=13771))))))))))))))
وفي هذه الأيام العجاف تتجلى " الحكمة المعبرية " واضحة جلية أمام كل ذي عينين ولساناً وشفتين ، يرى ويسمع الحكمة المعبرية تجاه أفعال الرافضة الحوثية وجرائمهم في دماج وفي الرضمة وفي حاشد ،وفي حجور والجوف ، وغيرها من البلدان على أهل السنة والدعوة السلفية ،
وكان الظن أن "حكمة معبر" هي موضوعة لمن كان من الحزبيين الجدد ومن سبقهم كالجمعيين ، وما كنا نظن أن الحكمة المعبرية تشمل الرافضة الكفرية، حتى ظهرت حكمة معبر في حرب الرافضة وعدوانهم على المسلمين في اليمن.
فلا تنتظروا يامعاشر المسلمين من صاحب معبر ومن حالفه أن ينصركم أو يحرض ويحضض على نصركم بالنفس (إلا أن يشاء الله) لإنه يسير على
الحكمة المعبرية ، التمييعية ، الواسعة ،الأفيحية لكل البشرية.
إن لِلِّينِ مواضعَه، ولِلشِّدَّة مواضعَها. فإذا انتهى أَمَدُ اللِّين فَلْتَكُنِ الشِّدَّةُ؛ وإذا انقضى عهدُ المصابَرة فَلْيَكُنِ الحَسْمُ القاطع.
وهاكم كلام شيخ الاسلام رحمه الله وهو يبين هذا النوع من الحكمة و الرحمة المذمومة:
__________قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:_________
((والشيطان يريد من الإنسان الإسراف فى أموره كلها، فإنه إن رآه مائلا إلى الرحمة زين له الرحمة حتى لا يبغض ما أبغضه الله، ولا يغار لما يغار الله منه،وإن رآه مائلا إلى الشدة، زين له الشدة فى غير ذات الله حتى يترك من الإحسان والبر واللين والصلة والرحمة ما يأمر به الله ورسوله،ويتعدى فى الشدة فيزيد فى الذم والبغض والعقاب على ما يحبه الله ورسوله : فهذا يترك ما أمر الله به من الرحمة والإحسان وهو مذموم مذنب فى ذلك، ويسرف فيما أمر الله به ورسوله من الشدة حتى يتعدى الحدود وهو من إسرافه فى أمره فالأول : مذنب، والثانى : مسرف، والله لا ىحب المسرفىن، فليقولا جميعًا : { ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [ آل عمران : 147 ]
(مجموع الفتاوى 15/292)
***
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -"المجلد 15 صفحة 294
(( فلا يجوز أن تأخذ المؤمن رأفة بأهل البدع والفجور والمعاصي والظلمة ))
***
وقال ابن القيم – رحمه الله – :
((جعل سبحانه مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق ؛
1- فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يُدعى بطريق الحكمة ،
2-والقابل الذي عنده نوع غفلة وتأخر يُدعى بالموعظة الحسنة ، وهي الأمر والنهي المقرون بالرغبة والرهبة ،
3-والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي أحسن . هذا هو الصحيح في معنى هذه الآية .
4-"والمعارض " وقال أيضا : وأما المعارضون المَدْعُوّون للحق فنوعان :
نوع يُدعون بالمجادلة بالتي هي أحسن ، فإن استجابوا ، وإلا فالمجالدة ، فهؤلاء لا بُـدّ لهم من جدال أو جلاد . انتهى .
***
نعم والله الرفق هوالأصل في الدعوة ولكن ليس فقط الرفق في الدعوة كل شيء بل الشدة في بعض المواقف هي الحكمة غير أن أهل البدع تنبغي إهانتهم لتنفير الناس منهم .
قال الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمـن الصابوني - رحمه الله - حاكياً مذهب السلف أهل الحديث : " واتفقـوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم، وإخزائهم، وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم، ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله - عز وجل - بمجانبتهم ومهاجرتهم .
" عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص: 123)
فهذا هو الأصل في التعامل مع أهل البدع لعظيم ضررهم على أهل الإسلام وخصوصاً إذا كان المبتدع داعية أو مؤذياً لأهل السنة مفترياً عليهم ( وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها)
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/53):" فان المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى وقد لاينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما نحمد معه ذلك التخشين"
وإليكم أقول أئمة العصر وهم يقررون مفهوم الحكمة في الدعوة الى الله
***
قال العلامّة عبد العزيز بن باز رحمه الله تحت عنوان:
»الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتّاب «:
"
ولا شك أن الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بالتحذير من الغلوّ في الدين، وأمرت بالدعوة إلى سبيل الحق بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولكنها
لم تهمل جانب الغلظة والشدّة في محلّها
حيث لا ينفع اللين والجدال بالتي هي أحسن؛ كما قال سبحانه: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} وقال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ} وقال تعالى: {وَلاَ تُجادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} الآية، أما إذا لم ينفع واستمرّ صاحب الظلم أو الكفر أو الفسق في عمله ولم يبال بالواعظ والناصح، فإن الواجب الأخذ على يديه ومعاملته بالشدة وإجراء ما يستحقه من إقامة حدّ أو تعزير أو تهديد أو توبيخ حتى يقف عند حدّه وينزجر عن باطله "( ).
إذن إستعمال الشدة في محلها من الحكمة التي تخفى على عميان البصيرة
قال الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمة الله في نصيحته
للدعاة السلفيين
في كتاب (فتاوى الشيخ الألباني)تحت موضوع (سبيل دعاة السلفية) صفحة116
((أما الأسلوب في الدعوة فلم يدع ربنا عز وجل مجالاً لأحد بعد قوله (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)) ]النحل:125[ وهذا بلا شك أول مايتطلب من الداعية، أن يكون رحيماً وأن يكون شفيقاً وألا يشتد على المخالفين ولا سيما إذا كانوا معه في أصل الدعوة أي الكتاب والسنة ولكنهم انحرفوا بعض الشيء في بعض النواحي، فيجب الرفق بهم كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله في الحديث المعروف عن عائشة وحسبنا منه الآن قوله لها :ياعاشة ما كان الرفق في شيء إلا زانه وماكان العنف في شيء إلا شانه...
لكني أُريد أن أُذكر هنا بشي يغفل عنه كثير من الناس وأعني بها بعض الدعاة إن الرفق ولو أنه الأصل في الدعوة ولكن ذلك لا يعني أنه لاينبغي للداعية أن يستعمل الشدة أحياناً يضعها في موضعها المناسب
لها فإن النبي صلى الله عليه وسلم الذي خوطب بقوله تبارك وتعالى ((ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) مع ذلك نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض الأحيان يشتد على بعض المخالفين ولو أن هؤلاء المخالفين ما كانوا يعتمدون الخطأ ولكن لما كان الخطأ يتعلق بأمرهام كأن يتعلق بالأيمان وبخاصة برب الأنام .
كان عليه الصلاة والسلام يستعمل شيئاً من الشدة .
كلكم يعلم ما رواه الإمام أحمد في المسند بالسند الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما أصحابه فقام رجل ليقول له : ماشاء الله وشئت يا رسول الله فقال له رسول الله أجعلتني لله نداً؟! قل ماشاء الله وحده، هذه الشدة إذا وضعت في مكانها فهو من الحكمة، ولذلك فلا ينبغي أن يكون سمة المسلم وصفته. لا هذه هي الصفة الغالبة ، لكن أحياناً لابد من وضع الشدة في مكانها المناسب ، وأخيرا آتي بمثال من أحاديث الرسول عليه السلام وهو قوله :((من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهنيء أبيه )) هذا تعبير قد لايستسيغه كثير من الناس،ولكن من كان يؤمن بالله ورسوله حقاً وعرف أن هذا الحديث نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم حينئذ سيكون هذا الحديث من جملة الأدلة أن الشدة أحياناً في محلها هي عين الحكمة .
***
وفهذا كلام آخر للشيخ الألباني - رحمه الله - في شريط رقم : ( 595 ) ضمن تسجيلات سلسلة الهدى
والنور ، وهو عبارة عن حوار بين الشيخ وأحد الأشخاص حول الرفق والشدة في الدعوة ، وقد رمُز لكلام الشيخ بكلمة ( الشيخ ) ، ولكلام المحاور بكلمة( السائل ) .
وأسأل الله عز وجل أن ينفع به .
وهو فيما يلي :
( السائل : أن السلفيين مشهور عنهم - فيما أراه أنا - الشدة وقلة الرفق في الدعوة هذا رأيي أنا ؟
الشيخ : أنت منهم ؟
السائل : أرجو ذلك .
الشيخ : ترجو ذلك ، أنت منهم يعني أنت سلفي .
السائل : نعم .
الشيخ : طيّب أنت من هؤلاء السلفيين المتشددين ؟
السائل : لا أُزكي نفسي . .
الشيخ : القضية الآن ليست قضية تزكية ، قضية بيان واقع ، وقضية كما قلنا أنت الآن تثير السؤال
هذا من أجل التناصح فأنا لمّا أسألك أنت من هؤلاء المتشددين ؟ ، ما يرد هنا موضوع أنا لا أزكي
نفسي ؛ لأنك تريد أن تبيّن الواقع بمعنى لو سألتني هذا السؤال أقول لك : أنا فيما أظن لست متشددا
، لكن هذا لا يعني أني أزكي نفسي لأني أخبر عن واقعي ففكر في السؤال .
السائل : نعم جوابي يا شيخ مثل جوابك .
الشيخ : إذن لا يصح أن نطلق أن السلفيين متشددون ، والصواب أن نقول : بعضهم متشددون واضح إلى هنا .
السائل : نعم .
الشيخ : فإذن نقول أن بعض السلفيين عندهم أسلوب في الشدة ، لكن تُرى هل هذه الصفة صفة
اختص بها السلفيون ؟
السائل : لا .
الشيخ : فإذن ما الفائدة وما المغزى من مثل هذا السؤال ؟ ! هذا أولا .
وثانيا هل اللين الذي قلنا هو الواجب هل هو واجب دائما وأبدا ؟
السائل : أبدا لا .
الشيخ : فإذن لا يصح لك ولا لغيرك أن تصف أولا نخرج بالنتيجة التالية :
لا يجوز لك ولا لغيرك أن تصف طائفة من الناس بصفة تعممها على كلهم جميعا .
وثانيا : لا يجوز لك أن تطلق هذه الصفة على فرد من أفراد المسلمين سواء كان سلفيا أو خلفيا في
حدود تعبيرنا إلا في جزئية معيّنة مادام اتفقنا أن اللين ليس هو المشروع دائما وأبدا .
فنحن نجد الرسول عليه السلام قد استعمل الشدة لو فعلها سلفيّ اليوم لكان الناس ينكرون عليه أشد الإنكار .
مثلا : لعلك تعرف قصة أبي السنابل ، تذكر هذه القصة ؟
السائل : لا .
الشيخ : امرأة مات زوجها وهي حامل فوضعت فكان بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها بوضعها لولدها فيقول الحديث وهو في صحيح
البخاري : أنها بعد أن وضعت تشوّفت للخطاب وتجمّلت وتكحّلت فرآها أبو السنابل وكان خطبها
لنفسه فأبت عليه فقال لها : لا يحل لكِ إلا بعد أن تنقضي عدة الوفاة - كقاعدة وهي أربعة أشهر
وعشرة أيام - وهي فيما يبدو أنها امرأة تهتم بدينها فما كان منها إلا أنها تجلببت وسارعت إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما قال لها أبو السنابل فقال عليه السلام :
" كذب أبو السنابل " .
هذه شدة أم لين ؟
السائل : نعم شدة .
الشيخ : ممن ؟ من أبو اللين { ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } .
إذن ليس مبدأ اللين بقاعدة مطردة كما اتفقنا آنفا .
وإنما ينبغي على المسلم أن يضع اللين في محله والشدة في محلها .
كذلك مثلا : كما جاء في مسند الإمام أحمد لمّا خطب عليه الصلاة والسلام خطبة قام رجل من الصحابة وقال له :
ما شاء الله وشئت يا رسول الله قال : " أجعلتني لله ندا ؟! قل ما شاء الله وحده " .
شدة أم لين ؟
السائل : أسلوب قول النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : يعني هذه أُسمّيها أنا حيدة ، لأنك ما أجبتني كما أجبتني من قبل ، لمّا قلتُ لك أبو السنابل قال
في حقه : " كذب أبو السنابل " شدة أم لين ؟ هذه شدة .
السائل : هذه شدة نعم .
الشيخ : وهذه الثانية ؟
السائل : فقط بيّنَ له قال : " أجعلتني لله ندا " .
الشيخ : هذه حيدة - بارك الله فيك - أنا ما أسألك بيّنَ أم لم يُبيّن ، أنا أسألك شدة أم لين ؟
لماذا الآن اختلف منهجك في الجواب ؟
من قبل ما قلتَ بيّن له قال له : " كذب أبو السنابل " هو بيّن لكن هذا البيان كان بأسلوب هيّن ليّن كما اتفقنا أنه القاعدة أم كان في شدة ؟
قلتَ بكل صراحة كان فيه شدة ، والآن ما عدى عمّا بدى في السؤال الثاني ؟
السائل : السؤال الثاني لم يَقُل له كاذبا قال : " أجعلتني لله ندا " .
الشيخ : الله أكبر هذا أبلغ في الإنكار - بارك الله فيك - .
قال أحد الحضور : يا شيخنا قال : " بئس الخطيب أنت " في رواية مسلم .
الشيخ : نعم في قضية أخرى ، تذكر هذا الحديث ؟
من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى قال : " بئس الخطيب أنت " شدة أم لين ؟
السائل : شدة نعم .
الشيخ : المهم - بارك الله فيك - في هناك أسلوب لين وفي هناك أسلوب شدة .
الآن بعدأن اتفقنا أنه ليس هناك قاعدة مطردة ، مطردة على طول لين لين لين على طول ، شدة شدة شدة على طول
السائل : نعم .
الشيخ : إذن تارة هكذا ، وتارة هكذا .
الآن حينما يُتهم السلفيون بعامة إنهم متشددون أَلا تَرى أن السلفيين بالنسبة لبقيّة الطوائف
والجماعات والأحزاب هم يهتمّون بمعرفة الأحكام الشرعية وبدعوة الناس إليها أكثر من الآخرين ؟
السائل : لا شك .
الشيخ : لا شك - بارك الله فيك - إذن بسبب هذا الاهتمام الذي فاق اهتمام الآخرين من هذه الحيثية ،
الآخرون يعتبرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو كان مقرونا باللين هذا شدة بل بعضهم يقول
هذا ليس زمانه اليوم بل بعضهم غلا وطغى وقال البحث في التوحيد يفرق الصفوف اليوم .
فإذن - بارك الله فيك - الذي أريد أن أصل معك هو أن القضية نسبيّة يعني إنسان ليس متحمس
للدعوة وخاصة للدخول في الفروع التي يسمّونها بالقشور أو أمور ثانوية فهو يعتبر البحث مقرونا
بالأسلوب الحسن يعتبره شدة في غير محلها .
لا ينبغي أنت سلفي مثلنا أن تشيع بين الناس ولو هؤلاء الناس القليل الآن ، وتذكر أن السلفيين متشددون .
لأننا اتفقنا بعضهم متشدد وهذا لا يخلو حتى الصحابة فيهم اللين وفيهم المتشدد .
ولعلك تعرف قصة الأعرابي الذي همّ بأن يبول في المسجد فماذا همّ به الصحابة ؟
همّوا بضربه هذا لين أم شدة ؟
السائل : شدة .
الشيخ : شدة ، لكن ماذا قال لهم الرسول ؟ : " دعوه " .
فإذن قد لا يستطيع أن ينجو من الشدة إلا القليل من الناس ، لكن الحق أن الأصل في الدعوة :
أن تكون على الحكمة والموعظة الحسنة ، ومن الحكمة أن تضع اللين في محله ، والشدة في محلها .
فأن نصف إذن خير الطوائف الإسلامية التي امتازت على كل الطوائف بحرصها على اتباع الكتاب
والسنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح بالشدة هكذا على الإطلاق ما أظن هذا من الإنصاف في
شيء بل ومن الشرع في شيء أما أن يقال فيهم فمن الذي يستطيع ينكر ، فمادام الصحابة فيهم من
كان متشددا في غير محل الشدة فأولى وأولى في الخلف من أمثالنا - خلف في المعنى اللغوي - أن
يوجد فيها متشدد .
ثم الآن نتكلم عن شخص بعينه هب إنه هيّن ليّن هل ينجو عن استعمال الشدة في غير محلها ؟
السائل : لا أبدا .
الشيخ : فإذن - بارك الله فيك - القضية مفروغ منها .
وإن الأمر كذلك فما علينا غير أن نتناصح إذا رأينا إنسانا وعظ ونصح وذكّر بالشدة في غير محلها
ذكّرناه فقد يكون له وجهة نظر فإن تذكر فجزاه الله خيرا ، وإن كان له وجهة نظر سمعناها منه
وينتهي الأمر .
السائل : كثير من السلفيين يا شيخ يستخدمون الشدة ولا يستخدمون اللين ، يستخدمون الشدة في غير موضعها ولا يستخدمون الرفق في موضعه ، وليسوا قليل - نحن نقول كل الطوائف تفعل هذا- لكن ليس قليل ، وأنا في سؤالي لا أقيس السلفيين على غيرهم من الطوائف الأخرى لا يهمني أمر الطوائف الأخرى ، يهمني أمر السلفيين كثير من السلفيين وليسوا قليل يصدون عن المنهج السلفي بأسلوب دعوتهم للناس وليسوا قليل هؤلاء ، أنا قصدتُ من السؤال الذي يسجله الأخ محمد أن توجه نصيحة إلى من ابتلوا بالشدة وبضيق الصدر هذا هو المقصد من السؤال .
الشيخ : بارك الله فيك توجيه النصيحة ما يحتاج من واحد مثلي أن يوجه نصيحة والسلفيين وغير
السلفيين يعلمون الآية التي ذكرناها آنفا : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم
بالتي هي أحسن } ويقرؤون أكثر من غيرهم حديث السيدة عائشة رضي الله عنها حينما جاء ذلك
اليهودي مُسلّما على النبي صلى الله عليه وسلم لاويا لسانه قائلا : السام عليكم ، فسمعها هذا السلام
الملوي فانتفضت وراء الحجاب حتى تكاد تنفلق فلقتين كما جاء في الحديث غضبا فكان جوابها :
وعليكم السام واللعنة والغضب إخوة القردة والخنازير ، أما الرسول فما زاد على قوله له : "
وعليك " فلما خرج اليهودي من عند الرسول عليه السلام أنكر عليه الصلاة والسلام
عليها وقال لها : " يا عائشة ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما كان العنف في شيء إلا شانه "
قالت : يا رسول الله ألم تسمع ما قال ، قال لها : " ألم تسمعي ما قلتُ " .
فإذن السيدة عائشة التي رُبّيت منذ نعومة أظفارها في بيت النبوة والرسالة ما وسعها إلا أن تستعمل
الشدة مكان اللين ، فماذا نقول في غيرها من السلفيين - كما تقول - وهم لم يُربّوا في بيت النبوة
والرسالة بل أنا أقول الآن كلمة ربما طرقت سمعك يوما ما من بعض الأشرطة المسجلة من لساني أو لا .
إن آفة العالم الإسلامي اليوم مقابل ما يقال بالصحوة الإسلامية هو أن هذه الصحوة لم تقترن بالتربية
الإسلامية ما في تربية إسلامية اليوم .
لذلك فأنا أعتقد أن أثر هذه الصحوة العلمية سيمضي زمن طويل حتى تظهر آثارها التربوية في الجيل
الناشيء الآن في حدود الصحوة الإسلامية .
إنما هي تصرفات أفراد لكن هؤلاء الأفراد يعيشون تحت رحمة الله عز وجل فمنهم القريب ، ومنهم
البعيد ، ولذلك فمن الناحية الفكرية والعلمية سوف لا تجد من يخاصمك ويخالفك في أن الأصل في
الدعوة أن تكون باللين والموعظة الحسنة لكن المهم التطبيق ، والتطبيق هذا يحتاج إلى مرشد إلى
مربي يربي تحته عشرات من طلاب العلم وهؤلاء يخرجون من يد هذا المربي مربين لغيرهم وهكذا
تنتشر التربية الإسلامية رويدا رويدا بتربية هؤلاء المرشدين لمن حولهم من التلامذة .
وبلا شك الأمر كما قال تعالى : { وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } .
ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الأمة الوسط لا إفراط ولا تفريط .
السائل : جزاك الله خيرا يا شيخ .
قال أحد الحضور : يا شيخ أحيانا حينما يلاقي السّني ممن يقابله من أهل البدع عتوا واستكبارا يعني كما الله عز وجل أمر موسى باللين مع فرعون ومع ذلك قال له : { وإني لأظنك يا فرعون مثبورا } يعني يا شيخ نحن في الكلية كانوا والله دكاترة يستهزؤوا بنا حينما تقول لهم قال الرسول . . يعني فإذا خرج الإنسان عن طوره واستعمل الشدة معهم ، الشدة يعني لا يقال هنا شدة ، ويعجبني المثل سمعته منك شيخنا :
قال الحائط للوتد لم تشقني قال سل من يدقني .
الشيخ : صحيح .
الشيخ : على كل حال نسأل الله أن يؤتينا الحكمة وهي أن نضع كل شيء في محله .
قال أحد الحضور : يا شيخ في أحكام الجنائز قول ابن مسعود لما قال رجل : استغفروا لأخيكم . قال : لا غفر الله له.
الشيخ : مع هذه أمثلة كثيرة جدا ، يذكرنا الأخ أبو عبد الله بأثر ، أن رجلا من الصحابة لعله عبد الله بن مسعود أو عبد الله بن عمر .
قال أحد الحضور : عمر نفسه .
الشيخ : عمر نفسه ؟
قال أحد الحضور : عمر نفسه لمّا قال رجل : استغفروا لأخيكم . قال : لا غفر الله له .
الشيخ : ما رأيك بهذا ؟
لا شك أنك أنت أول واحد لو رأيت أنا أقول هذه الكلمة ، تقول الشيخ متشدد ، لكن هنا يقوم في نفس
المُنكِر الغَيرة على الشريعة فتحمله أن يقسوا في العبارة ، الآخر الذي يتفرج ليس في موضع هذه
الغيرة التي ثارت في نفس هذا الإنسان فيخرج منه هذا الكلام ، وهنا يقولون عندنا في سوريا : " شو
هذه الشدة يا رسول الله " ، هذه لهجة سوريا خطأ ، يخاطبوا الرسول يعني كأن هذه الشدة طالعة من
الرسول وهم يعنون هذا الإنسان .
فسبحان الله يعني المسألة ينبغي أن تراعى جوانبها من كل النواحي حتى الإنسان يكون حُكمه عدلا .
ثم أيضا مما يبدو لي الآن من أسباب إشاعة هذه التهمة إذا صح أنها تهمة عن السلفيين ، تعرف أنت
أن من كثر كلامه كثر خطؤه ، فالذين يتكلمون في المسائل الشرعية هم السلفيون ، ولذلك فلا بد لأن
يخطئوا لكثرة ما يتكلمون فيتجلى خطؤهم ، ومن هذا الخطأ الشدة عند الآخرين الذين لا يجولون ولا
يخوضون في هذه القضايا بينما لو نُظِرت هذه الشدة في عموم ما يصدر منهم من نصح على العدل
وعلى الإنصاف واللين لوجدنا من مثل بعض التي ذكرناها عن بعض السلف وأمام الرسول عليه
السلام فيها شدة ، ولكن هذه الشدة لا تسوغ لنا أن ننسب هؤلاء الصحابة الذين وقعوا في مثل هذه
الشدة في جزئية معيّنة أنهم كانوا متشددين ، وإنما قد يقع كما قلنا أنا وأنت وغيرك في شيء من الشدة ) انتهى .
***
ومن المعاصرين شيخنا العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله شدته معروفة ودعوته من أنجح الدعوات المعاصرة
فلا ينبغي أن تكون الحكمة والرفق مع المخالفين مانعةً من استخدام الشدة ( في محلها )
***
والخلاصة : أن الشريعة الكاملة جاءت باللين في محله , والشدة في محلها ,إن لِلِّينِ مواضعَه، ولِلشِّدَّة مواضعَها. فإذا انتهى أَمَدُ اللِّين فَلْتَكُنِ الشِّدَّةُ؛ وإذا انقضى عهدُ المصابَرة فَلْيَكُنِ الحَسْمُ القاطع.
فلا يجوز للمسلم أن يتجاهل ذلك , ولا يجوز أيضا أن يوضع اللين في محل الشدة , ولا الشدة في محل اللين , ولا ينبغي أيضا أن ينسب إلى الشريعة أنها جاءت باللين فقط , ولا أنها جاءت بالشدة فقط , بل هي شريعة حكيمة كاملة صالحة لكل زمان ومكان ولإصلاح جميع الأمة . ولذلك جاءت بالأمرين معا . واتسمت بالعدل والحكمة والسماحة فهي شريعة سمحة في أحكامها وعدم تكليفها ما لا يطاق , ولأنها تبدأ في دعوتها باللين والحكمة والرفق ,
فإذا لم يؤثر ذلك وتجاوز الإنسان حده وطغى وبغى أخذته بالقوة والشدة وعاملته بما يردعه ويعرفه سوء عمله .
فإذا لم يؤثر ذلك وتجاوز الإنسان حده وطغى وبغى أخذته بالقوة والشدة وعاملته بما يردعه ويعرفه سوء عمله .
فقد يشتد المؤمن في إنكاره على أخيه أكثر منه مع عدوّه
ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة خلفائه الراشدين وصحابته المرضيين وأئمة الهدى بعدهم عرف صحة ما ذكرناه.، كما كان النبي
يُعنِّف العلماء من أصحابه إذا أخطأوا أكثر من غيرهم، وخذ على سبيل المثال قوله لمعاذ حين أطال الصلاة بالناس: » أفتّان أنت يا معاذ؟! « متفق عليه، ويقابله تلطفه بالأعرابي الذي بال في المسجد كما في صحيح البخاري وغيره. وقال لأسامة بن زيد حين قَتل في المعركة مشركا بعد أن نطق بكلمة التوحيد :» يا أسامة! أقتلته بعدما قال:لا إله إلا الله؟!
« قال أسامة: " فما زال يكررها حتى تمنيتُ أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ".
***
ونختم بما قاله العلامة الالباني رحمه الله وهو يبين كيفية الرجوع الى الدين الصحيح الخالي من البدع والتحزب والتمييع
قال رحمه الله:
((الرجوع إلى الدين يتتطلب من علماء المسلمين أمرين اثنين عظيمين جداً،
أحدهما: دراسة الإسلام دراسة صحيحة ، لأن بيننا وبين الدين الذي أنزله الله على قلب محمد عليه الصلاة والسلام أربعة عشرة قرناً وقد دخل فيه ما لم يكن منه سواء ما كان في العقائد، أو ما كان في الأحكام والفقه ، أو ما كان في السلوك، دخل في هذه الامور كلها ما لم يكن مشروعاُ في العهد الأول . فإذن لابد للعلماء من أن يأخذوا الغرابيل وأن يصفوا هذا الإسلام مما فيه من دخيل كما جاء عن بعض علماء الحديث حينما قيل لهم بأن فلان الزنديق حينما ألقيَ عليه القبض ورأى أن أمامه القتل أراد أن يروي غليل قلبه فقال: أنا لا أموت إلا وقد وضعت على نبيكم خمسة ألاف حديث، فقال ذلك العالم المحدث : كذب عدو الله؛ كيف وفلان وفلان من المحدثين قد أخذوا الغرابيل وهم يصفون هذه الأحاديث ، يخرجونها من الأحاديث الصحيحة هكذا يجب على علماء المسلمين في هذا الزمان أن يغربلوا الإسلام مما دخل فيه من كل جوانبه التي هي أشرت إليها في العقيدة في الأحكام في السلوك في الأخلاق ونحو ذلك ، والشيئ الأول أكني عنه بتصفية الإسلام لابد من التصفية.***
ونختم بما قاله العلامة الالباني رحمه الله وهو يبين كيفية الرجوع الى الدين الصحيح الخالي من البدع والتحزب والتمييع
قال رحمه الله:
((الرجوع إلى الدين يتتطلب من علماء المسلمين أمرين اثنين عظيمين جداً،
ثم الشيئ الثاني: تربية المسلمين على هذا الإسلام المصفى ، فأين الآن هذا الإسلام المصفى عند هذه الجماعات التي تعارض دعوة الحق بل وتزعم أنها (تفرق) وأنا أشهد انها تفرق فعلاً بين الحق والباطل وبين المحق والمبطل، سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا.
تفريغ من سلسلة الهدى والنور للشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني شريط رقم (543) الدقيقة 29:05))
قلت: الله أكبر! ما أعظم التربية النبوية! وما أحقر التربية التميعية والحزبية
(( هؤلاء هم أهل السنة وهذا منهج السلف الصالح فمن لم يعجبه سبيلهم فهناك اثنتان وسبعون فرقه فليذهب لما يختار منها ))قلت: الله أكبر! ما أعظم التربية النبوية! وما أحقر التربية التميعية والحزبية
والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله .
تعليق