كشف الستار عن ما كتبه صاحب (كاردف دعوة)
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلاّ على الظالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
أيها الناس؛ لا شك ولا ريب أننا في زمن قد كثرت فيه الفتن، وقد أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام أنه ما من زمان إلاّ والذي بعده شر منه، قال أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ» [أخرجه البخاري في صحيحه].
ولو تأمّلت كلامه عليه الصلاة والسلام؛ لرأيت أن هذا هو عين الواقع، وأن الفتن تزداد يوماً بعد يوم، نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. وهذا من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام؛ إذ أخبرنا بأمر وصار كما قاله عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:3-4].
وما أحوج الناس في هذا الزمن إلى أن يتفقهوا في دين الله جل وعلا، ولكن -وللأسف- أعرض الكثير عن تعلم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأشغلوا أنفسهم بالفتن والقيل والقال.
وكيف يجنّب الإنسان نفسه من الفتن والمعاصي إن لم يتفقه في دين الله تبارك وتعالى؟؟ وكيف يقي الإنسان نفسه من عذاب النار إن لم يتفقه في دين الله تعالى؟!!
إذ الوقاية من النار إنما تكون بالإيمان، والعمل والصالح، ولا يمكن ذلك إلا بالعلم، قال الله تعالى ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر:1-3].
قال ابن كثير رحمه الله [في تفسيره لهذه السورة]: "فَأَقْسَمَ تَعَالَى بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، أَيْ: فِي خَسَارَةٍ وَهَلَاكٍ، ﴿إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ فَاسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْإِنْسَانِ عَنِ الْخُسْرَانِ الَّذِينَ آمَنُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِجَوَارِحِهِمْ، ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾ وَهُوَ أَدَاءُ الطَّاعَاتِ، وَتَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ، ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ عَلَى الْمَصَائِبِ وَالْأَقْدَارِ، وَأَذَى مَنْ يُؤْذِي مِمَّنْ يَأْمُرُونَهُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَهُ عَنِ الْمُنْكَرِ". اهـ
فالجدّ والاجتهاد في طلب العلم الشرعي والتفقه في دين الله مطلوب، لنجاة العبد ونيل رضى الرحمن. وقال نبينا عليه الصلاة والسلام «إنَّ المَلاَئِكَةَ لَتَضُعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضَىً بِمَا يَطْلُب»، فالتفقه في الدين وتعلم الكتاب والسنة من أعظم ما ينتفع به الإنسان في الدنيا والآخرة. وقال الله عز وجل ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة:١١]، فلا يستوي من تعلم ومن لا يتعلم، ولا يستوي الجاهل والمتعلم، قال تعالى ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أولُوا الأَلْبَابِ﴾ [الزمر:٩].
وعلى الإنسان أن يُشغل نفسه بما ينفعه في الدنيا والآخر؛ قال نبينا عليه الصلاة والسلام «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ» [أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]. فعلى المسلم أن يحرص على كل ما يقربه إلى مرضاة الله سبحانه كطلب العلم وعمل الصالحات، واجتناب كل ما يبعده عن مرضاة الله ويقربه من عذابه كالتكلم بغير علم، قال تعالى ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَر وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الاسراء:36]. قال ابن كثير رحمه الله [في تفسيره لهذه الآية]: ".... وَمَضْمُونُ مَا ذَكَرُوهُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَى عَنِ الْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ، بَلْ بِالظَّنِّ الَّذِي هُوَ التَّوَهُّمُ وَالْخَيَالُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الْحُجُرَاتِ:12]، وَفِي الْحَدِيثِ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ»....". اهـ
قال النووي رحمه الله تعالى [في شرح صحيح مسلم]: "قوله صلى الله عليه وسلم «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ ظَنِّ السُّوءِ". اهـ
قلت: إذا كان الله قد نهى عن سوء الظن بأخيك المسلم؛ فما ظنك بمن يفتري ويطعن في أخيه المسلم ويكذِب عليه بدون دليل؟!! فهذا أمر خطير جداً، فالحذر الحذر أيها الناس.
*****
وقد اطلعت على مقال نشره أصحاب "كاردف دعوة" [في ظهر يوم الأربعاء 29 رمضان 1434هـ الموافق 7 2013/8 /] وزعم فيه كاتب المقال أنه ردٌّ على ما قد قيل في مسجد نور الإسلام بعد صلاة التراويح في ليلة التاسع والعشرين من رمضان، حيث ذكر إمام المسجد مقالاً نُشر في شبكة العلوم السلفية. فرأيت في المقال المذكور طعنا شديداً على أهل السنة؛ ورأيت فيه أن كاتبه يسعى في الفتنة ونشر القيل والقال بين الناس، فكان حقاً علينا أن نبيّن للناس مغالطات وافتراء هذا الكاتب -هداه الله- على أهل السنة، نصحاً للإسلام والمسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْـمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» [أخرجه مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه].
وفي هذه الأسطر القليلة أحب أن أبيّن للقارئ اللبيب بُعْدَ هذا الكاتب عن العدل والإنصاف، ومجاوزته الحدود، ولا شك ولا ريب أن العدل مطلوب مع الصديق والعدو؛ فقد قال الله تبارك وتعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [النساء:135]. وقال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَنْ لَا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ﴾ [المائدة:8].
قال ابن كثير رحمه الله: "﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَنْ لَا تَعْدِلُوا﴾ أَيْ: لَا يَحْمِلْنَكُمْ بُغْض قَوْمٍ عَلَى تَرْكِ الْعَدْلِ فِيهِمْ، بَلِ اسْتَعْمِلُوا الْعَدْلَ فِي كُلِّ أَحَدٍ، صَدِيقًا كَانَ أَوْ عَدُوًّا؛ وَلِهَذَا قَالَ ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾". اهـ
فمن هذه الأدلة، تبيّن لنا تحريم الظلم الذي هو ضدّ العدل والقسط، وأن الواجب على المسلم أن يستعمل العدل مع الصديق والعدو. والحقيقة أن ترك العدل والقسط يدل على الفشل، والهزيمة.
- قال الكاتب باسم ”كاردف دعوة“: ”في ليلة أمس بعد صلاة التراويح... “
قلت: بدأ الكاتب كلامه بدون بسملة، ومن عادة المؤلفين البداءة بالبسملة وذلك اقتداءً بكتاب الله تبارك وتعالى، واقتداء بسنة أنبياء الله تعالى ورسله عليهم الصلاة والسلام. قال الشيخ صالح الفوزان [في شرح كتاب التوحيد]: "كان - صلى الله عليه وسلم- يكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) في أول رسائله إلى الناس، وكان يبدأ عليه الصلاة والسلام أحاديثه مع أصحابه بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)... وكما كتبها سليمان صلى الله عليه وسلم فيما ذكر الله عنه لما كتب إلى بلقيس ملكة سبأ، وقرأت الكتاب على قومها ﴿...إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾... ومن هنا نعلم أن هؤلاء الذين لا يكتبون (بسم الله الرحمن الرحيم) في أول مؤلفاتهم في هذا العصر؛ أنهم قد خالفوا السنة، واقتدوا بالغربيين". اهـ[1]
*****
- قال الكاتب هداه الله: ”..أثنو على شبكة العلوم وأنه موقع موثوق. ونريد أن نبيّن أن هذا غير صحيح، وفوق كل شيء هذا تضليل الناس عن الحق!“
قلت: سلك هذا الكاتب مسلكاً بعيداً عن الحكمة في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل:125]. والحكمة هو السير على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا يحتاج إلى علم، لأنه بالعلم يمكنه معرفة متى يلزم اللين، ومتى يلزم الشدة، فكل يوضع في موضعه. ولابد من الرفق في الدعوة إلى الله، وذلك لأنه أبلغ وأقرب إلى قبول الحق، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» [رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها]. وقد بوّب الإمام النووي رحمه الله [في شرحه لصحيح مسلم] باباً سماه (باب فضل الرفق)، وقال بعد أن ساق أحاديث تحث على الرفق: "... وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَضْلُ الرِّفْقِ وَالْحَثُّ عَلَى التَّخَلُّقِ وَذَمُّ الْعُنْفِ، وَالرِّفْقُ سَبَبُ كُلِّ خَيْر". اهـ
وقال الإمام الشافعي رحمه الله:
تعهـدني بنصحك في انفــراد ... وجنبي النصيحة في الجماعة
فإن النصـح في الأقوام نوعٌ ... من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن النصـح في الأقوام نوعٌ ... من التوبيخ لا أرضى استماعه
فأقول لهذا الكاتب –هداه الله-؛ لماذا لم تنصح إمام المسجد أولاً إن كنت صادقاً في دعواك؟؟
*****
- قال الكاتب: ”من المعروف لدى المجتمع السلفي في بريطانيا... “
قلت: هذا الكلام فيه نظر، فالعبرة بالدليل لا بآراء الناس سواء في بريطانيا أو في غيرها. ومعلوم أن موقع شبكة العلوم السلفية تنشر العلم والمنهج السلفي الصافي، وزكاها أهل العلم من علماء ومشايخ وطلبة علم. وبما أن الكاتب ذكر خلاف هذا وقال أن الثناء على شبكة العلوم السلفية غير صحيح وأنه تضليل للناس عن الحق؛ ففي هذه الحالة أمرَنا ربنا جل وعلا أن نتحاكم بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [النساء:59]. فنقول لهذا الكاتب –هداه الله– ﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة:111].
وقوله ”المجتمع السلفي في بريطانيا“ ليست العبرة بكثرة المتكلمين فقد قال الله تعالى ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام:116]. ونحن في هذا الزمن قد كثُر فيه الذين ينسبون أنفسهم إلى منهج السلف ويدّعون السلفيّة، ويدعون إلى غير منهج السلف.
وهذه الدعوة لله تبارك وتعالى، وليست محصورة على بعض الناس، واعلموا أن الله هو الذي يخفض ويرفع، قال تعالى ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْـمُلْكِ تُؤْتِي الْـمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْـمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْـخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران:26].
*****
- ثم قال الكاتب: ”هذه الشبكة التي يُطعن فيها الصحابة أشد الطعونات“
قلت: أليس هذا الكلام تجاوز للحد وظلم وغلو محض[2]؟!
وأين دليلك على هذا الكلام؟؟!!
وهل من النصيحة عدم ذكر الدليل ؟؟!!
وكما قال الناظم:
الدعاوى إذا لم تقم عليها ... بيّنات فأصحابها أدعياء
ألم يعلم هذا الكاتب أن الطعن في الصحابة هو فعل الرافضة الزنادقة كما بيّنها أهل العلم؟؟!!
ألم يعلم هذا الكاتب أن الرافضة من أشد الناس طعناً في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجاته الطاهرات؟؟!!
قال ابن كثير رحمه الله [في شرح سورة الفتح آية رقم 29]: "﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ وَمِنْ هَذِهِ الْآيَةِ انْتَزَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ -رَحِمَهُ الله، فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ-بِتَكْفِيرِ الرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الصَّحَابَةَ، قَالَ: لِأَنَّهُمْ يَغِيظُونَهُمْ، وَمَنْ غَاظَ الصَّحَابَةُ فَهُوَ كَافِرٌ لِهَذِهِ الْآيَةِ...". اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى [في منهاج السنة النبوية (3 / 452)]: "قَدْ عَرَفَ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّةَ وَالنُّصَيْرِيَّةَ هُمْ مِنَ الطَّوَائِفِ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ التَّشَيُّعَ، وَإِنْ كَانُوا فِي الْبَاطِنِ كُفَّارًا مُنْسَلِخِينَ مِنْ كُلِّ مِلَّةٍ. وَالنُّصَيْرِيَّةُ هُمْ مِنْ غُلَاةِ الرَّافِضَةِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ إِلَهِيَّةِ عَلِيٍّ، وَهَؤُلَاءِ أَكْفُرُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ". اهـ
قلت: إن كفّر العلماء الطاعنين في الصحابة وحكموا عليهم بالكفر والزندقة؛ ماذا نقول عن هذا الكاتب الذي زعم أن في شبكة العلوم السلفية يُطعن فيها الصحابة أشد الطعونات؟؟؟!!!
فتبيّن لنا أن هذا الكلام الذي صدر من هذا الكاتب كلام خطير جداً.
ومعلوم خطورة الكذب على المسلم والافتراء عليه؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَة الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ» [أخرجه أبو داوود وغيره وصححه الألباني رحمه الله].
والكذب من كبائر الذنوب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» [أخرجه البخاري]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» [أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه].
ثم إن هذه الشبكة لكل السلفيين في العالم، وفيها أكثر من 5500 عضو من أنحاء العالم يكتب في هذه الشبكة المباركة، أضف إلى ذلك آلاف الزوار والمستفيدين من الشبكة وهذا يزيد على الأعضاء المشاركين فيها. ويلزم من كلام هذا الكاتب أن كل هؤلاء المشاركين والزوار لشبكة العلوم السلفية إما شاركوا في الطعن بالصحابة وإما رضوا بأن يُطعن في الصحابة.
فإنا لله وإنا إليه راجعون. قال ربنا جل وعلا ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْـمُؤْمِنِينَ وَالـْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب:58] [3].
*****
- قال الكاتب: ”كلام الشيخ محمد بن هادي المدخلي في شبكة العلوم“
قلت: ثم استدل الكاتب بقول الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى؛ وهذا تلبيس من هذا الكاتب، فالشيخ محمد بن هادي تكلّم عن مقال كتبه أخ في شبكة العلوم السلفية، ولم يقل الشيخ في أي مرة أنهم يطعنون في الصحابة أشد الطعونات كما زعم هذا الكاتب؟؟ فلماذا التلبيس والمغالطة على الناس؟؟!!
ومن أين لك أن العلماء حذروا من هذا الموقع لأنهم يطعنون في الصحابة أشد الطعونات؟؟
وكلام الشيخ محمد بن هادي كان قبل سنتين تقريباً، في حرب الرافضة (عليهم لعائن الله) على أهل السنة بدماج، فوقف الشيخ محمد بن هادي حفظه الله مع أهل دماج وساندهم، وحرّض على قتال الرافضة، فحصل الخير الكثير، وحصل تواصل بين الشيخ محمد بن هادي والشيخ يحيى، وانتهت المشاكل بين الشيخين حفظهما الله.
فتبيّن للقارئ أن هذا تلبيس من هذا الكاتب ليقوّي كلامه الخالي والعاري من الحجج والبراهين.
*****
- الكاتب باسم ”كاردف دعوة“ لم يذكر آية ولا حديثاً واحداً في بيانه المزعوم!!
قلت: إن نظرنا إلى ما كتبه هذا الكاتب -من أوله إلى آخره- لوجدنا أنه لم يذكر آيةً ولا حديثاً واحداً، فأي نصح يدّعي هذا الكاتب؟؟؟!!! قال النبي صلى الله عليه وسلم «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» [أخرجه البيهقي وغيره، قال النووي إسناده حسن أو صحيح]. قال النووي [في شرح صحيح مسلم]: "وَهَذَا الْحَدِيثُ قَاعِدَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ؛ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْإِنْسَانِ فِيمَا يَدَّعِيهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ بَلْ يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الْمُدَّعَى عَلَيْه". اهـ
قلت: فكيف نأخذ بقول هذا الكاتب الخالي من الأدلة والآيات والأحاديث؟؟
فعلاً؛ إن هذا لشيء عُجاب!!!
*****
- الكاتب باسم ”كاردف دعوة“ يكتب تحت الأسماء المستعارة ويخفي اسمه
ومن العجيب أن هذا الكاتب باسم "كاردف دعوة" لا يظهر اسمه، فسلك طرق أهل التحزّب بالكتابة تحت الأسماء المستعارة وإخفاء اسمائهم، فالله المستعان. وقد حذّر أهل العلم من هذا الصنيع. ولو كان هذا الكاتب صادقاً في دعواه لأظهر اسمه للناس، لأن هذا هو هدي أنبياء ورسل الله تبارك وتعالى. فها هو أفضل الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم عندما كتب إلى هرقل عظيم الروم بدأ بكتابه «بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ إلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ...». وخير الهدي هديه عليه الصلاة والسلام.
وبذكر الأسماء يتبيّن للناس معرفة حال الكاتب، وهذا يعلمه من درس علم الحديث، فتجد علماء الجرح والتعديل يحكمون على حديث بعدم صحته لأن في السند رجل مجهول الحال. فما بالك برجل يدّعي السلفية والنصح للإسلام والمسلمين ولا يظهر اسمه؟؟!!
وأين هو من قول ابن سيرين «لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْإِسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ» [أخرجه مسلم في صحيحه]؟؟ إن حصل هذا في القرون المفضلة؛ فما ظنك في هذا الزمن الذي نحن فيه أنا وأنت أيها القارئ؟؟!!! وقد كثُر في هذا الزمن من يكتب في الشبكات ويدّعي النصح، وأنه على الحق ولا يُظهر أسمه الحقيقي، فلا ندري هل الكاتب من الإنس أم من الجن!!!! وقد قال ابن سيرين [كما في صحيح مسلم] «إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ».
فظهر للقارئ اللبيب أن هذا الكاتب باسم "كاردف دعوة" بعيد عن العدل والإنصاف، وبعيد عن طلب العلم والسير بمنهج السلف الصالح ومنهج العلماء الناصحين.
فنقول لهذا الكاتب باسم "كاردف دعوة"، تب إلى الله قبل فوات الأوان، ونذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» [رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
والحمد لله رب العالمين
كتبه الفقير إلى عفو ربه:
أبوعبدالله موسى بن عبدالله الـبرعاوي الصومالي
[من مدينة كاردف -بريطانيا-]
في يوم السبت 3 شوال 1434 هـ (الموافق 10 أغسطس 2013م)
كتبه الفقير إلى عفو ربه:
أبوعبدالله موسى بن عبدالله الـبرعاوي الصومالي
[من مدينة كاردف -بريطانيا-]
في يوم السبت 3 شوال 1434 هـ (الموافق 10 أغسطس 2013م)
--------------------------------------------
[1] ونبينا صلى الله عليه وسلم بدأ بكتابه إلى هرقل عظيم الروم [كما في الصحيحين] «بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ إلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ...».
[2] قال النووي [في شرح مسلم (16 / 220)] في قوله صلى الله عليه وسلم «هَلَكَ الْـمُتَنَطِّعُونَ»، قال: ”(هَلَكَ الْمـُتَنَطِّعُونَ) أي: المتعمّقون الغالون المتجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم“. اهـ
[3] ونسأل هذا الكاتب -هداه الله- هل نظرت بنفسك إلى شبكة العلوم السلفية أم أن حالك كحال أكثر الناس في زماننا «سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ» [رواه الشيخان]؟؟ ولا أستبعد أنه لا يعرف اللغة العربية لأنه إن تصفّح شبكة العلوم لرأى فيها ما يسرّ كل سلفي. وقال النبي صلى الله عليه وسلم «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ» فيا أيها القارئ -رحمك الله-؛ تصفّح شبكة العلوم وانظر بنفسك: هل فيها أشدّ الطعونات على الصحابة الكرام كما زعم هذا الكاتب؟؟!!
الرد بصيغة بي دي أف
من هنا بارك الله فيكم
[وسيرتجم إلى اللغة الانجليزية بإذن الله تعالى وكان سبباً في تأخر نشر الردّ]
تعليق