اعتداءات الشيخ ربيع المدخلي التي ارتكبها في أئمة الحديث في ركوبه منهج المليباري
الحمد لله ربِّ العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الحمد لله ربِّ العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فقد ظهرت في الآونة الأخيرة فئة يترأسها حمزة المليباري تنادي بدعاوي حارة إلى تصحيح علوم الحديث والرجوع إلى كلام المتقدمين وترك ما عليه المتأخرين وتسعى هدما وإفسادا كبيرا بالتفرقة بين منهج المتقدمين والمتأخرين، وترى أن المتأخرين يهدمون منهج المتقدمين وليس للمتأخرين علم ولا معرفة لما كان عليه المتقدمون من المعرفة التامة والاستقراء الكامل القائم على التتبع والاعتبار في التصحيح والتضعيف للأحاديث والكلام على رواة الحديث.
وقاموا بالتشكيك في كثير من الأحاديث الصحيحة التي صححها علماء الحديث وأئمة هذا الشأن وطعنوا في المتأخرين من العلماء كالحافظ ابن حجر رحمه الله الذي شُهِد له بأنه طويل الباع في الاطّلاع على هذا العلم الشريف وكفى به حجة، وبغيره من العلماء رحمهم الله بل وبكل من صنفوه من المتأخرين على اختلاف عندهم في الفاصل الزمني، والحد الذي به يعرف المتأخرون من المتقدمين.
وفي هذه الأيام التحق بركبهم الشيخ ربيع المدخلي وأصبح بعد أن كان خصما لهم وكان يعارضهم في قواعدهم المفتراه على أهل الحديث ؛فإذا به يفاجئنا بأنه يقرر قواعدهم ويوافقهم على ما عارضهم عليه من قبل.
وهذا غاية العجب مما يدل على فساد في عزيمته التي كان يدافع بها عن أهل الحديث ؛ثم أصبح موافقا لخصومه، والشواهد على ذلك كثير:
منها:أن الشيخ ربيعاً كان شديدا على الحزبية مما حبب الناس فيه فإذا هو يصبح بين عشية وضحاها ملاذا لكثير ممن يخفون حزبيتهم مع العلم أن الشيخ ربيع المدخلي لا تنطلي عليه صفات الحزبية وسمومها وأحقادها ولكنه مع ذلك وافقهم.
ومنها:سلوكه طريقة أبي الحسن المصري في التثوير ضد الحق وأهله، ورميهم بالباطل بكل ما يشوههم ويشوه الحق الذي معهم، وإنعاش السفهاء ونصرتهم على أهل السنة في دار الحديث السلفية، وفي الوقت نفسه يتجاهل مقدار الدعوة السلفية في البلاد اليمنية .
ومنها:ما ذكرته أنفاً من موافقته للمليباري في أصوله الفاسدة وأصبح يقول بما قال به كما يظهر ذلك من زعمه بمقالاته الذب عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وحملاته الغير الموفقه على علماء الحديث الذين تكلموا في إثبات ما لهشام بن الغاز من المكانة.
وطبّق في هذا منهج المليباري حيث قال المليباري:" (ولا يعني من توثيق من وثقه أنه عدل، كلا، وإنما معناه فقط: أن ما رواه من الحديث صحيح، لا أكثر ولا أقل".انتهى
وعلى هذا يسير الشيخ ربيع المدخلي على طريقة المليباري فقد ادعى مدعاه هنا المليباري بهذا الزهو والتعالم الذي وضعوا أنفسهم فيه في مرتبة جهابذة كبار أئمة الحديث في التتبع والسبر الذي قامت عليه أحكامهم في الجرح والتعديل ولا يكتفون ويقتنعون بتوثيق الأئمة ؛بل لا يرون توثيق من وثقه أنه عدل.
ولذلك كانت طريقة الشيخ ربيع المدخلي المطالبة في توثيق هشام بن الغاز التصريح بالسبر والتتبع من الأئمة في هذا التوثيق حتى يقبل توثيقهم حيث قال في مقاله"الذب عن الخليفة الراشد عثمان "رد على يوسف العنابي":" أثبت بالبراهين أن كل مَنْ نقلتَ عنهم توثيق هشام أنهم قد قاموا بتتبع أحاديث هشام واعتبارها، فوجدوا أن كلها مستقيمة، فوثقوه بناء على هذا التتبع والاعتبار.
أما أنا فأعتقد أن كثيراً منهم، ولا سيما المتأخرين إنما تابعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم بدون تتبع ولا اعتبار"انتهى
هكذا يفعل الشيخ ربيع المدخلي ولا يقيم وزنا لعشرات الحفاظ بل يرد توثيق ابن معين وأبي حاتم ودحيم وابن حبان وعدد من أئمة هذا الشأن في القديم والحديث إذا خالفوا رأيه.
أليست هذه الدعوى من التلاعب بكلام أهل العلم وإعادة النظر في أحكام المتقدمين على الرجال بدعوى السبر والتتبع وعدم القناعة بجهودهم .إن هذه الأفعال من الشيخ ربيع المدخلي من الإمعان في التمويه والتدليس والتلبيس ومن الإغراق في التضليل والتدليس كل هذا تحت مسمى السبر والتتبع على طريقة المتقدمين.
ومن الأدلة الواضحة على أن الشيخ ربيع المدخلي أصبح يوافق المليباري في نسج الأباطيل والأراجيف لتضعيف الأحاديث الصحيحة وإسقاطها بطرق ملتوية غير علمية وبآراء شخصية هزيلة لا يعجز عنها كل جاهل بهذا العلم،
ويرد كلام علماء الحديث وانتقاصهم بالتعدي عليهم بالظن والاحتمالات والتخرصات والإفساد والتخريب بما يوافق هواه كما فعل ذلك مع الإمام يحيى بن معين واتهمه جزافا بأنه يوثق المجاهيل حيث قال في رده:الحلقة الثانية دراسة مرويات هشام بن الغاز":"لقد ذكرتُ له كلام المعلمي أن بعض الأئمة ومنهم ابن معين قد يوثقون المجاهيل".انتهى.
كلام العلامة عبد الرحمن المعلمي لا يتنـزل على توثيق ابن حبان لأن العلماء صرحوا أن من أعلى درجات التوثيق عندما يصرح ابن حبان بكون الرجل متقن الحديث بهذا يكون قد عرفه المعرفة التامة وقد قالابن حبان في هشام بن الغاز في كتابه"مشاهير علماء الأمصار"(1/291):"من خيار الشاميين ومتقنيهم". قال المعلمي رحمه الله في "التنكيل"(1/247). :"وتوثيق ابن حبان لمن عرفه حق المعرفة من أثبت التوثيق"
وما حال الشيخ ربيع المدخلي إلا كما ذكر الشيخ العلامة الألباني- رحمه الله- عن الكوثري قال في"الضعيفة"(2/450-451):"إلا أن ما ذكر المؤلف من رد الكوثري لتوثيق ابن حبان ،فإنما ذلك حين يكون هواء في ذلك، وإلا فهو يعتمد عليه ويتقبله حين يكون الحديث الذي فيه راو وثقه ابن حبان ، ويوافق هواه ، كبعض الأحاديث التي رويت في (( التوسل )) وقد كشفت عن صنيعه هذا في كتابي ( الأحاديث الضعيفة ) رقم ( 23 )".
إن الذي ذكره العلامة عبد الرحمن المعلمي في كتابه "التنكيل"بأنهم يوثقون المجاهيل ومنهم ابن حبان والنسائي فقد عثر عنهم هذا التوثيق لمن لا يذكرون له راويا إلا فردا، وهكذا ابن معين أنه يوثق في بعض الأحيان من ليس له إلا راو واحد، وهذا قليل جدا جدا .
وهذا غير موجود في توثيق ابن معين لهشام بن الغاز الذي وثقه ابن معين وغيره ، فقد روى عن جمع من كبار رواة الحديث، وروى عنه جمع من الثقات وغيرهم.
وابن معين من الأئمة المتقدمين وهو إمام في هذا الشأن فلا يقال عنه مثل هذا الكلام لأنه ممكن اطلع له على أكثر من راوية له ولذلك وثقه.فإن ابن معين من كبار أئمة الجرح والتعديل المتقدمين والذين غالب احتجاجهم وثوثيقهم للراوي مبنى على الخبرة بأمر ذلك الراوي، ومعرفة أحاديثه وتحقق سلامة حديثه عندهم من النكارة.
فمحاكمة رواة الحديث بمثل ما يصنعه الشيخ ربيع المدخلي على ما بين أيدينا من المصادر محاكمة قاصر.
قال الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري في"التمييز"(ص218-219):"أعلم رحمك الله أن صناعة الحديث ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم إنما هي لأهل الحديث خاصة،لانهم الحفاظ لروايات الناس،العارفين بها دون غيرهم ،إذالأصل الذي يعتمدون السنن والآثار المنقولة ،من عصر الى عصر من لدن النبي صلى الله عليه وسلم الى عصرنا هذا فلا سبيل لمن نابذهم من الناس وخالفهم في المذهب ،إلى معرفة الحديث، ومعرفة الرجال من علماء الامصار فيما مضى من الاعصار من نقل الأخبار وحمال الآثار.
وأهل الحديث هم الذين يعرفونهم ويهزونهم حتى ينـزلونهم منازلهم ،في التعديل والتجريح".انتهى
ومن هنا يتبين أن قول الشيخ ربيع المدخلي في مرويات هشام بن الغاز:"إن الأحاديث التي رواها ولم يضبطها ليحفظ أكثر منها كثير من طلاب العلم الصغار ويضبطونها، فمروياته لا تعادل الأربعين النووية ولا تقاربها، ويحفظ هذه الأربعين كثير من طلاب العلم الصغار".انتهى
هكذا يفعل ويعجب برأيه المهلك ويهدر جميع رواياته في كتب السنة ويسقط تصحيح العلماء لأحاديثه وهم جم غفير، ويطعن في العلماء واحدا بعد واحد نابزاً لهم بالتساهل والتقليد والتبعية.
إن هذه الصنيع جرأة مليبارية معروفة على علماء الحديث ومن المعلوم أنه لا يلزم من قلة الأحاديث المروية عن الراوي قلة ما عنده ولا تدل على قلة عدد أحاديثه إلا إذا نص أئمة الحديث العارفون المطلعون على أحاديث كل راوي حمل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عدي في"الكامل"في ترجمة عاصم بن سويد:ابن عامر بن زيد-ويقال: زياد، ويقال: يزيد-بن جارية الأنصاري عند قول ابن معين فيه:"لا أعرفه"، قال ابن عدي معلقاً:"إنما لم يعرفه لأنه قليل الرواية جداً، لعله لم يرو غير خمسة أحاديث".
وكم من كبار أئمة هذا العلم الشريف ليس لهم إلا القليل من الرواية في المصادر التي بين أيدينا فهذا الإمام يحيى بن معين أوضح مثال في قلة الأحاديث المروية عنه ولا يدل هذا على قلة أحاديثه فقد انتهى الحديث إليه في زمنه.
وقد صدرت عن الشيخ ربيع المدخلي أقول كثيرة تقوم على عضد حمزة المليباري ونصرة منهجه الذي يرتكز على التفريق بين المتقدمين، والمتأخرين. وكان من نتائج هذا المنهج لدى الشيخ ربيع المدخلي مايلي:
1-الأحكام الاستقلالية.
2-عدم الاعتراف بأحكام المتأخرين على الأحاديث.
3- عدم الاعتداد بأقوال أئمة الجرح والتعديل في توثيق رواة الأحاديث.
4-التجاهل المزري بعلماء هذا الشأن المتقدمين منهم والمتأخرين .
5-لم يسلم أحد من أهل العلم وأئمة الجرح والتعديل وقف أمامه في توثيق هشام بن الغاز.
6-أسقط مكانة ابن سعد .
7-تضعيف الحسين بن ادريس الانصاري ليرد نقله عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي لتوثيق هشام بن الغاز.
8- رد توثيق الحافظ ابن حجر-رحمه الله- وطعن فيه حيث رماه بالقصور.
9-إسقاط عدالة الصدوق وعدم اعتماد أقواله.
10- اتباع هواه حيث ذهب ينتقي من أقوال الأئمة ما يدعم هواه.
11-التشكيك في الثقات العدول بانهم يتلقنون من بعض أعداء عثمان الروايات المنكرة.
12- الطعن في هشام بن الغاز ورميه بالعظائم واتهامه بأنه يأخذ عن الروافض.
13-التشكيك في كتب السنة والمصنفات بأن فيها روايات مدسوسة بمجرد الأحتمالات والظن والتخرصات، والدعاوي التي لم تقم على الأدلة والبراهين والإثباتات.
14- التشكيك في صحة النقل لمصنف بن أبي شيبة وأن فيه روايات دسها أعداء الخليفة الراشد في مصنف ابن أبي شيبة، وحذفوا الروايات السليمة من هذا المصنف.
وهذه الجناية على أئمة الحديث وعلومهم التي ارتكبها الشيخ ربيع المدخلي إنما أخذها من المدرسة المليبارية والتي ذكر الشيخ ربيع المدخلي عن منهجها الخطير في دراسة السنَّة وعلومها قائلاً:"شدَّ المليباري المتخصص في السنة -ظاهراً وشهادةً-
الرِّحال إلى شيخه الغزالي الذي يطعن في السنة النبوية وأهلها وقد باض هذا المليباري لفتنته وفرَّخ في الجزائر وفي غيرها وزادت فتنته بحملته الشعواء بالتفريق بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين, وهو لا على طريق المتقدمين ولا على طريق المتأخرين, وإنَّما القصد من هذه الفتنة نسف جهود المتأخرين من القرن الخامس إلى القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر الهجري بهدم قواعدهم وتطبيقاتهم العلمية في خدمة سنة محمد صلى الله عليه وسلم ".انتهى
وقد كانت أصول المليباري والتي قامت عليه منهج الفرقة المليبارية تنحصر في ثلاثة أصول:
الأصل الأول:موقفهم من الراوي الذي قالوا فيه بأنه:"صدوق"حيث كان من منهج المليباري أن حديث الصدوقفي درجة الضعيف ينظر في أحاديثه على الرغم من قبوله عند العلماء وتصحيح روايته .
وهذا الأصل هو محنة المليباريين وقد اعتقد الشيخ ربيع المدخلي أصلهم هذا وسار عليه في مناقشته لعدالة هشام بن الغاز وتضعيف مروياته مع تقديم نزوة هواه في معارضة توثيق المتقدمين كابن معين وابن أبي حاتم ودحيم وابن حبان وغيرهم، وطعن في توثيق جماعة من المتأخرين، واعتبر هشام بن الغاز صدوقا إلا أنه ردَّ روايته جريا على طريقة المليباري في ردِّ أحاديث من قيل فيه صدوق وقال بأن روايته لا تعتبر صحيحة ولا حسنة.
قال في مقاله "الذب عن عثمان رضي الله عنه في الرد على العنابي":" أقول: محمد بن سعد ليس من أئمة الجرح والتعديل، قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7/262): "محمد بن سعد صاحب الواقدي وكاتبه... سألت أبي عنه، فقال: يصدق رأيته جاء إلى القواريرى وسأله عن أحاديث فحدثه.وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق، فاضل".
ومن في هذه المرتبة لا يعد من أهل الجرح والتعديل.انتهى
فالصدوق عنده ساقط العدالة وليس من أئمة العلم .
وقال في مقاله الذب عن عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي رد به على الاخ علي بن رشيد العفري:"فالصواب أنه صالح كما قال الإمام أحمد، ولابن معين قول آخر فيه.
حيث قال فيه:لا بأس به، ومن هنا قال الذهبي فيه:"إنه صدوق".
وقول الحافظ ابن حجر فيه:"إنه ثقة فيه نظر".
ومثل هذا إذا انفرد لا يقال في حديثه:"إنه صحيح ولا حسن"انتهى.
هكذا يدعي وهو لم يُسلّم لتصحيح من صحح أحاديثه من العلماء ولو وافقه وشاركه فيها الثقات من الرواة وقام بردها جملة وتفصيلا وقال في مروياته ما قاله كما سيأتي بيانه.
وهذا الكلام من ذر الرماد على العيون
فإن الشيخ ربيعاً المدخلي إنما يتعامل مع التصحيح والتضعيف بنزوة هواه لا غير وقد صحح إسناد هشام بن الغاز هذا واعتقد أنه حق كما جاء ذلك في رواية مصعب بن سلام حيث قال في مقاله الرد على العنابي:" الكلام على الأحاديث التي رواها الحاكم في "المستدرك"، وأوردها العنابي في مقاله المردود عليه:"الكلام على الأحاديث التي رواها الحاكم في "المستدرك"، وأوردها العنابي في مقاله المردود عليه:
أقول:العشرون- 1- قال الحاكم في "المستدرك" (1/283):"1047- أنبأ عبد الله بن الحسين القاضي ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا محمد بن عيسى بن الطباع ثنا مصعب بن سلام عن هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر قال:((كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج يوم الجمعة فقعد على المنبر أذن بلال)) هذا حديث صحيح الإسناد فإن هشام بن الغاز ممن يجمع حديثه ولم يخرجاه .
أقول: أعتقد أن هذا الأثر هنا هو الذي سمعه هشام بن الغاز من نافع عن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهما-.
وهذا الأثر حق؛ لأنه يعضده أحاديث صحيحة؛ ولأنه خال من تلك الزيادة الباطلة التي تصم الأذان الذي سنّه الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه- بأنه بدعة ضلالة، وتعود عليه وعلى الصحابة والتابعين بالطعن.
فأنصحكم - لوجه الله- أنت إخوانك بأن تأخذوا بهذا الأثر الخالي من تلك الزيادة الباطلة، ودعوا التعلق بها، وبذلك تكونون من المتبعين للصحابة بإحسان، وتبتعدون عن مصادمتهم ومشاقتهم، وذلكم خير لكم في الدنيا والآخرة، أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لكل خير".انتهى
سبق أن بينت أن هذه الرواية ليست أثرا ثم رد الشيخ ربيع المدخلي على نفسه بعد الاعتقاد الذي كان يعتقده إلى أن هذه الرواية حديث صحيح
فقال في مقاله"الحلقة الثانية دراسة مرويات هشام بن الغاز":"وأُذكِّر القارئ بما نقله العنابي من مستدرك الحاكم من طريق هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر، قال:((كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج يوم الجمعة فقعد على المنبر أذن بلال)).
فهذا الحديث ثابت عن ابن عمر، والأحاديث الصحيحة عن غير ابن عمر تشهد له، وأما تلك الرواية المنكرة، فلا تثبت عن ابن عمر، ولا يجوز نسبتها إليه، فصدورها عن هشام ناشئ عن أحد الوجوه التي ذكرناها هنا.
ومما يؤكد ما أقول أن وكيعاً وشبابة قد رويا هذا النص السليم المخالف لتلك الرواية المنكرة".انتهى
هكذا يقول الشيخ ربيع المدخلي الحديث ثابت عن ابن عمر مع اطلاعه أن مصعب بن سلام ((صدوق يهم))، خالف الرواة الثقات عن هشام بن الغاز فرواه مرفوعا وغيره يجعله موقوفا من قول ابن عمر بلفظه المعروف.
فقول الشيخ ربيع المدخلي:"ومما يؤكد ما أقول أن وكيعاً وشبابة قد رويا هذا النص السليم المخالف لتلك الرواية المنكرة"
هذه مغالطة متعمدة حمله على ذلك الهوى وقلة الأمانة في نقل العلم فإن الآثار لا تعضد الأحاديث المرفوعة ولا تتقوى بها ؛بل الأحاديث المرفوعة هي التي تشهد لهذه الآثار وتعضدها وتقويها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-"الرد على البكري"(ص152):". . . كما أنه إذا ذُكر حكم بدليل معلوم ذُكر ما يوافقه من الآثار والمراسيل وأقوال العلماء وغير ذلك لما في ذلك من الاعتضاد والمعاونة، لا لأن الواحد من ذلك يعتمد عليه في حكم شرعي، ولهذا كان العلماء متفقين على جواز الاعتضاد والترجيح بما لا يصلح أن يكون هو العمدة من الأخبار التي تكلم في بعض رواتها لسوء حفظ أو نحو ذلك وبآثار الصحابة والتابعين، بل بأقوال المشايخ والإسرائيليات، والمنامات مما يصلح للاعتضاد، فما يصلح للاعتضاد نوع وما يصلح للاعتماد نوع".اهـ
وعلى هذا فإن ما جاء من الأحاديث التي تدل على أنه لم يكن إلا أذانا واحدا يوم الجمعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إذا جلس على المنبر فإنه يعضد هذه الآثار ويشهد لها قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في"مجموع الفتاوى"(13/352):"وفي مثل هذا ينتفع برواية المجهول والسيئ الحفظ وبالحديث المرسل ونحو ذلك ولهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث ويقولون:إنه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره"اهـ
وقال الحافظ العلائي رحمه الله في"جامع التحصيل"(ص: 38):"فإنه يرتقي بمجموعهما إلى درجة الحسن لأنه يزول عنه حينئذ ما يخاف من سوء حفظ الرواة ويعتضد كل منهما بالآخر"، ونحوه في"مقدمة ابن الصلاح"و"مختصرها"لابن كثير.
ومن جملة ما يشهد لهذه الرواية .
ويشهد لهذه الأثار ويقويها ما أخرجه البخاري في"صحيحه"(/393):كتاب الجمعة:باب الأذان يوم الجمعة، الحديث(912)من طريق الزهري عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء".
ورواية مصعب بن سلام المرفوعة قد جاءت ببعض الطرق تبين أن الأذان الأول بدعة كما عند الطبراني في"مسند الشاميين"(2/377)حدثنا طالب بن قرة الأذني ثنا محمد بن عيسى الطباع ثنا مصعب بن سلام عن هشام بن الغاز عن نافع عن بن عمر قال:((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر أذن بلال فإذا فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته أقام الصلاة والأذان الأول بدعة)).
ونقل هذه اللفظة الشيخ العلامة الألباني رحمه الله مستدلا بها في"الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة"(1/4)وقال:"رواه أبو طاهر في "فوائده "(ورقة 229/1- 2)".
وهي الرواية التي نقلها ابن رجب في"فتح الباري" (5 / 452)حيث قال:"وروى مصعب بن سلام ، عن هشام بن الغاز ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : إنما كان رسول الله إذا قعد على المنبر أذن بلالٌ ، فإذا فرغ النبي من خطبته اقام الصلاة ، والاذان الأول بدعة".
ومحمد بن عيسى الطباع، ثقة فقيه من رجال مسلم؛ كما قال الحافظ في "التقريب ".
وطالب بن قرة الأذني شيخ معروف للطبراني ولم أقف على من ذكره بجرح أو تعديل غير ما ذكره الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام(22/169)فقال:"روى الكثير عن:محمد بن عيسى الطباع، وأكثر عنه الطبراني. توفي سنة إحدى وتسعين بأذنة من ثغرسيس".انتهى
ويشهد للأثار أيضاً ما أخرجه أبو داود حديث رقم (1002)عن ابن عمر قال:((كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب خطبتين؛كان يجلس إذا صعد على المنبر؛ حتى يفرغ- أراه- المؤذن، ثم يقوم فيخطب، ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب)).
قال العلامة الألباني في"صحيح أبي داود"(4 / 257):"قلت: حديث صحيح. وأخرجه الشيخان مختصراً".
إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا عبد الوهاب- يعني:ابنعطاء- عن العمري عن نافع عن ابن عمر.
قلت:وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير العمري- وهو عبد الله بن عمر بن حفص ابن عاصم بن عمر بن الخطاب المُكَبَّر-، وهو ضعيف من قبل حفظه. وقال المنذري(2/17):" وفيه مقال ".
لكن الحديث صحيح؛ فقد تابعه عليه أخوه المصغر عبيد الله عن نافع... به مختصراً:كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَء يخطب يوم الجمعة خطبتين؛ بينهما جلسة.
أخرجه الترمذي (رقم 506)-وصححه-، والبيهقي (3/196) بإسناد صحيح.وقد أخرجاه نحوه.
وأخرج الحاكمٍ (1/283) من طريق مصعب بن سَلآم عن هشام الغازِ عننافع... به مختصرا؛ بلفظ:((كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرج يوم الجمعة فقعد على المنبر؛ أذنَ بلال)). وقال:" صحيح الإسناد "! وتعقبه الذهبي بقوله:"قلت: مصعب ليس بحجة".
قلت: ويشهد له حديث السائب المتقدم برقم (998).انتهى
وهذا المسلك هو مسلك حمزة المليباري الذي كان بسبب هذا التأصيل واسع الخطو جداً في تضعيف الأحاديث الصحيحة دون الاعتماد على القواعد العلمية يتبناها اليوم الشيخ ربيع المدخلي ويرد بها الأثار الصحيحة ويعترض على تصحيح العلماء للأحاديث ويرد أحكامهم التي قامت عليها كتب التخريج.
ولذلك لا يُستغرب في جعل الشيخ ربيع المدخلي مرتبة الصدوق سواء في كلام أبي حاتم أو في عبارات الإمام أحمد في قوله:"صالح الحديث أو صالح"وفي كلام الذهبي في قوله"صدوق عابد"في المرتبة التي لا يحتج بها وهي التي أكدها بقوله:"فقد قال -رحمه الله- فيه: "هشام بن الغاز صالح الحديث".
انظر "الجامع في العلل ومعرفة الرجال" للإمام أحمد (1/125)، رقم (500).
وقال فيه مرة أخرى : "صالح"، انظر المصدر السابق ذكره (2/38)، رقم (320).
وهاتان المرتبتان لا يحتج بصاحبهما، وتفرد صاحبها يعتبر من المنكرات.انتهى.
وذكر في مقدمته مقاله أن أبا حاتم يجعل مرتبة الصدوق في ممن يكتب حديثه وينظر فيه ولا يحتج به
حيث قال في مقاله الحلقة الثانية دراسة مرويات هشام بن الغاز:"وسقتُ كلام ابن أبي حاتم في بيان مراتب الرواة، وفي طليعتها فئة خاصة هم أهل الجرح والتعديل، وهي الطائفة ذات المرتبة الأولى كما نصّ على ذلك ابن أبي حاتم، وهذا نص كلامه:
قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(1/10) -مميزاً بين أئمة الجرح والتعديل وبين غيرهم، ولو كانوا من الثقات فضلاً عن من دونهم-:"[مراتب الرواة]فمنهم الثبت الحافظ الورع المتقن الجهبذ الناقد للحديث - فهذا الذي لا يختلف فيه، ويعتمد على جرحه وتعديله، ويحتج بحديثه وكلامه في الرجال.
ومنهم العدل في نفسه، الثبت في روايته، الصدوق في نقله، الورع في دينه، الحافظ لحديثه، المتقن فيه، فذلك العدل الذي يحتج بحديثه، ويوثق في نفسه.
ومنهم الصدوق الورع الثبت الذي يهم أحياناً وقد قبله الجهابذة النقاد - فهذا يحتج بحديثه.
ومنهم الصدوق الورع المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام.
وخامس قد ألصق نفسه بهم ودلسها بينهم ممن ليس من أهل الصدق والأمانة، ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال أولي المعرفة منهم الكذب - فهذا يترك حديثه ويطرح روايته".
فانظر كيف حصر ابن أبي حاتم الجرح والتعديل في الطبقة الأولى وحدها، فهذا مذهبه ومذهب غيره من نقاد أئمة الحديث".انتهى.
وهذا الصنيع من الشيخ ربيع المدخلي إرث ورثه من منهج حمزة المليباري وإلا فكلام أبي حاتم الذي استدل به على عدم الاحتجاج بالصدوق ليس له سلف غير المليباري واتباعه.
وهذا كلام ابن أبي حاتم بنصه وفصه يرد هذه الفرية قال رحمه الله في"الجرح والتعديل"(2/37):"ووجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى وإذا قيل للواحد:إنه ثقة أو متقن ثبت ،فهو ممن يحتج بحديثه وإذا قيل له:إنه صدوق ، أو محله الصدق ، أو لا بأس به ،فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه، وهي المنزلة الثانية ".اهـ
فقول ابن أبي حاتم وهي المرتبة الثانية ترد ادعا الشيخ ربيع المدخلي وتكشف لنا أن الشيخ ربيع المدخلي لا يجهل مراد ابن أبي حاتم بقوله بالمنزلة الثانية وأن المقصود بها دون الثقة ولكنه التعمد في التكتم واخفاء الحقائق العلمية وإليك بيان ذلك:
فما نسب إلى الإمام الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم من أنه لا يرى أن حديث الصدوق حجة ، فيه تدليس وتلبيس شديد وذلك أن ابن أبي حاتم ذكر مراتب الجرح والتعديل في ثلاثة مواضع من كتابه . الموضع الأول والثاني في المجلد الأول الذي هو مقدمة لكتابه وذكر الصدوق في موضعين في درجة الاحتجاج،
والشيخ ربيع المدخلي يزعم تعمدا أنه لم يحتج إلا في الطبقة الأولى وحدها فهو يرد أحاديث من قيل فيه صدوقا ولا يحتج به كما هو واضح من قوله:" فانظر كيف حصر ابن أبي حاتم الجرح والتعديل في الطبقة الأولى وحدها، فهذا مذهبه ومذهب غيره من نقاد أئمة الحديث".
فالصدوق الذي لم يحتج به ابن أبي حاتم هو الذي ذكره في المرتية الرابعة بقوله:"الصدوق الورع المغفل ، الغالب عليه الوهم والخطأ والسهو والغلط ، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام".
والموضع الثالث في خطبة الكتاب نفسه في أول المجلد الثاني .
وتقسيم ابن أبي حاتم لمراتب التعديل في الموضع الأول ، وكذلك الثاني أكثر وضوحًا في بيان مراده .
والحاصل أن ابن أبي حاتم جعل حديث الصدوق في هذين الموضعين على قسمين:
القسم الأول:الصدوق في روايته الورع في دينه الذي يهم أحيانًا ، فهذا يحتج بحديثه .
القسم الثاني:الصدوق المغفل ، الغـالب عليه الوهـم والخطأ .
فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب ، ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام .
فإذا كان حديث الصدوق الموصوف بأنه مغفل الغالب عليه الوهم والخطأ ، فإنه يكتب من حديثه في الفضائل ولا يحتج به .
وفعل ذلك لما تقدم من تفصيل وبيان ضمن المقدمة حيث قال:" قال ابن أبي حاتم في"الجرح والتعديل"(2/37):"فقد أخبر أن الناقلة للآثار والمقبولين على منازل، وأن أهل المنزلة الأعلى الثقات، وأن أهل المنزلة الثانية: أهل الصدق والأمانة).
وقد جعل الصدوق في المرتبة الثانية بعد الثقة ومما يؤكد ما قلته قول ابن أبي حاتم "الجرح والتعديل"(2/37):"وإذا قيل"شيخ"فهوبالمنزلة الثالثه، يكتب حديثه وينظر فيه، إلا أنه دونالثانية.وما قاله المعلمي في التنكيل(1/350) "أبوحاتممعروف بالتشدد ، قد لا تقل كلمة "صدوق" منه عن كلمة "ثقة".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في"مجموع الفتاوى"(24/350):"وأما قول أبي حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به، فأبو حاتم يقول مثل هذا في كثير من رجال الصحيحين، وذلك أن شرطه في التعديل صعب، والحجة في اصطلاحه ليس هو الحجة في اصطلاح جمهور أهل العلم".
وجمهور العلماء على الاحتجاج في من قالوا فيه صدوق من باب التعديل قال أبو عبدالله الحاكم في" المدخل إلى معرفة الصحيحين"(ص28)، ونحوه (ص601):"إن أئمة النقل قد فرقوا بين الحافظ والثقة، والثبت والمتقن والصدوق، هذا في التعديل".
وقال الذهبي في الموقظة:"فلان صالح الحديث"،"فلان صدوق إن شاء الله"فهذه العبارات كلها جيدة ليست مضعفة لحال الشيخ ،نعم ولا مرقية لحديثه إلى درجة الصحة الكاملة المتفق عليه"انتهى.
وقال أيضا في مقدمة"المعني في الضعفاء":"ولم أتعرض لذكر من قيل فيه "محله الصدق" ولا من قيل فيه "لابأس به"، ولا من قيل فيه هو"شيخ" أو هو"صالح الحديث" فإن هذا باب تعديل"انتهى.
وقال العلامة أحمد محمد شاكر في الباعث الحثيث:"أن حديث الصدوق ومن في حكمه صحيح من الدرجة الثانية" .وذهب الشيخ الألباني-رحمه الله- في"الباعث الحثيث"(ص118)،إلى أن "الصدوق"حسن الحديث ويحكم على حديثه بأنه حسن لذاته ... ثم علق على ذلك بقوله: (فأنت ترى أن الذهبي جعل من قيل فيه "صدوق" في مرتبة من قيل فيه: "جيد الحديث،
حسن الحديث"، وكلام الحافظ ابن حجر لا يخرج عنه، فإن من كان عنده من المرتبة الثالثة لاشك في أن حديثه صحيح، فمن كان عنده من المرتبة الرابعة، فحديثه حسن بداهة، وذلك ما صرح به المحقق أحمد شاكر".
ويكشف حملة الشيخ ربيع المدخلي وأنه لم يكن صنيعه هذا نتيجة دراسة منصفة يتحرى فيها الحق ما تبناه في كتابه"تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف"حيث قال:"وتـارة على رواية الصدوق الذي يمكن أن يقال أن حديثه حسن، ويمكن أن يقال أن حديثه صحيح".
فماذا يقال عمن يفعل هذا؟! فإن للشيخ ربيع المدخلي الشيء الكثير والكثير جدا من مثل هذا.
الأصل الثاني:قام منهج المليباري وأتباعه فيفكل حديث صححه العلامة الألباني رحمه الله ,تجدهم يهلكون أنفسهم في إثبات أن الالباني أخطأ عندما صححه وأن الحديث منكر،وإذا وجدوا حديثاً ضعفه الالباني يقومون في تصحيحه بأي وسيلة.
وهذا الذي سلكه الشيخ رييع المدخلي في تعامله مع مرويات هشام بن الغاز وقام بالتشغيب على تصحيح العلامة الألباني تارة وتارة أخرى بتخطئته ورد تصحيحه ومقالاته الذب عن الخليفة الراشد رضي الله عنه أكبر شاهد عليه.
ومن الأمثلة في تشغيب الشيخ ربيع المدخلي على تصحيح العلامة الألباني رحمه الله ومعارضته حيث قال في الحلقة الثانية في دراسة مرويات هشام بن الغاز":"هناك اختلاف في صحبة ربيعة جد هشام، كما في "الإصابة"(1/497) (2618)، فعلى القول بأنه من التابعين تكون روايته مرسلة، وعلى القول بأنه صحابي تكون روايته متصلة مرفوعة.
والغاز والد هشام لم يوثقه غير ابن حبان، وذكر العلامة الألباني أن ابن عساكر ترجم له برواية ثلاثة، وقال: "فمثله حسن الحديث" . وفي تحسين حديثه نظر لأمور:
1- لأنه لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يترجم له غير ابن عساكر، فقد بحثتُ عن ترجمته في عدد من كتب الرجال، فلم أجد له ترجمة إلا عند ابن عساكر.2- إن في إسناد هذا الحديث اضطراباً من هشام.
فتارة يقول: عن أبيه عن جده ربيعة قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول...الحديث.
وتارة يحدث عن أبيه عن جده: أن أبا مالك قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وفي المتن اختلاف بالزيادة والنقص.
وعلى هذا فالحديث ضعيف بسبب هذا الاضطراب والزيادة والنقص".
3- والألباني ما ساق حديث هشام بن الغاز إلا في الشواهد لحديث عمران بن حصين، انظر "تحريم آلات الطرب" (ص63-76).
4- في تحسين الألباني لهذا الحديث بناء على هذا الإسناد نظر، لما في إسناده من الاضطراب؛ ولأن الغاز بن ربيعة لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه إلا ثلاثة كما نقل ذلك الألباني عن ابن عساكر.
وهذا لا يكفي في جعل رواية هذا الصنف من قبيل الحسن، فقد جعل الحافظ ابن حجر هذا النوع في المرتبة السابعة من مراتب الرواة، فقال:"المرتبة السابعة: من روى عنه أكثر من واحد، ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ مستور أو مجهول الحال"، "انظر "التقريب" (ص5).
فإن قال قائل: إنه قد وثّقه ابن حبان. قيل: إن ابن حبان متساهل جداً في التوثيق، لا سيما توثيقه
للمجهولين.انتهى
هكذا يقول الشيخ ربيع المدخلي ويناقض العلامة الألباني في تصحيحاته وهذا كثير كثير جدا في مقالاته.
وقد انتقد العلامة الألباني رحمه الله تضعيف ابن عبد المنان لهذا الحديث في كتابه "النصيحة"(ص:181)فقال:"83-:"وعن الغاز بن ربيعة –رفع الحديث-،قال:((لَيُمسنَّ قومٌ وهم على أريكتكم قردة وخنازير بشربهم الخمر وضربهم بالبرابط والقيان)):
أعله -يعني ابن عبد المنان-بالإرسال، وضعف بعض رجاله، ولم يسمِّه! ثم وصله-وتَعَمَّد تَعمِيَتَّه-"من طريق قتادة بن الفُضيل الرُّهاوي ،عن هشام بن الغاز عن أبيه عن جده أنا أبا مالك قال..... فذكره مرفوعاً"ثم قال :"وهذا إسناد ضعيف أيضاً"!
كذا قال! كتم ولم يبيِّن –كعادته-، وعلى القراء أن يكونوا إمَّعةً له!
وليس في السند أحد معروف بالضعف ،بل إسناده جيد من مسند (ربيعة الجُرَشي)والد (الغاز)، وكذلك رواه ابن عساكر وغيره، وقواه الحافظ ، وهو مُخَرَّجٌ تحت الحديث السادس في رسالة "الرَّد على ابن حزم".
وقوله -في السند-:"أنَّ أبا مالك"؛من سوء فهمه وسرعة قراءته! فليس له ذكر في الإسناد."انتهى
الأصل الثالث:من منهج المليباري أن الأئمة لا يعرفون كون الراوي ضعيفا إلا بمقارنة أحاديثه بأحاديث غيره فقط ولا يعتمدون ما ذكره العلماء في كتب مصطلح الحديث في باب من تقبل روايته ومن ترد ولا يجعلون كتب الجرح والتعديل مرجعا لهم في معرفة جرح الرواة وتعديلهم لأنها من صنيع المتأخرين الذين لا يعتبرون في أحكامهم على الرواة ولا يتتبعون.
وهذه الأصول المليبارية هي نفس اعتقادات الشيخ ربيع المدخلي التي طبقها عمليا في مقالاته التي سماها"بذب عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه على الدوام".
ومن جراء هذا المنهج المشين الذي لا يعلم عواقبه إلا الله سبحانه وتعالى الذي سلكه الشيخ ربيع المدخلي كان ما كان من المغالطة والتدليس والكتمان للحقائق العلمية الواضحة الظاهرة في مقالات الشيخ ربيع المدخلي.
وظهر فيها الخبط والتخليط وذلك من خلال رد كلام أئمة الجرح والتعديل وانتقاصهم وطبق قواعد المليباري في التعامل مع المتأخرين وخاصة في باب الجرح والتعديل وفي التصحيح والتضعيف للأحاديث ، وفي معرفة ضعف الراوي .
وسلك الشيخ ربيع المدخلي مكيدة المليباري في زعمه بأن الأئمة لا يعرفون كون الراوي ضعيفا إلا بمقارنة أحاديثه بأحاديث غيره فقط وألزم الناس بأن معرفة درجة الرواة لا تكون إلا بتتبع والسبر لمروياتهم وعدم الأكتفاء بما هو مدون في كتب الجرح والتعديل.
وذهب يقرر هذه المكيدة التي يطعن من خلالها المليباري في كثيرين من علماء هذا العلم الشريف ويكيل عليهم التهم الباطلة وسيفه مصلت عليهم بالانتقاص والاحتقار ورد تصحيحهم وعدم قبول جرحهم وتعديلهم للرواة.
وأجلب بخيله ورجله لإسقاط كلام العلماء المتأخرين وإعادة النظر في أحكامهم على الرواة ولذلك قام بغربلة أحاديث هشام بن الغاز على وفق زعم المليباري واتباعه في سلوك منهج المتقدمين في التتبع والاعتبار في الرواة وتصحيح الأحاديث
ويدعي أنه خالف في أحاديثه بتعليلات اصطنعها من عند نفسه وليس له فيها إمام ولا عالم من المتقدمين والمتأخرين.
وسلك الشيخ ربيع المدخلي ما سلكه المليباري وأشياعه من التقديس لكلام الأمام أحمد ولكلام أبي حاتم ولا يقبل إلا أقوالهم ولا يأخذ بكلام غيرهم مهما كثروا ولذلك قال في رده للعنابي:"عجز أن يثبت من كلام الإمام أحمد الوثيق لهشام بن الغاز".
وتجاهل أن العلماء المتأخرين اعتمدوا في جرحهم وتعديلهم للرواة وتصحيحهم للأحاديث وتضعيفها على ما قام به المتقدمون في جهودهم الجبارة في خدمة السنة المطهرة.
ولذلك لا يُسغرب في كون الشيخ ربيع المدخلي يسلك في مناقشته لمرويات هشام بن الغاز منهج حمزة المليباري وطريقته في إعلال الأحاديث الصحيحة ويتوسع في ذلك التوسع العجيب الذي عرف به حمزة المليباري في دعاوية الهدامة في إعمال للقرائن في تصحيح الأحاديث ويدعي إعلال للأحاديث بالإدعاءات التي لم تقم على الاثباتات والأدلة غير الاحتمالات والظنون
كما يصنع الشيخ ربيع المدخلي في ادعائه إعلال أثر هشام بن الغاز هذا بالظنون والتخرصات والاحتمالات التي لم تقم على علم ولا كتاب منير، وإنما هي من نفس دعاوي المليباري التي يعرفها الشيخ ربيع المدخلي ورد عليه في عدة كتب.
والخلاصة:أن الشيخ ربيع المدخلي وضع لنفسه شبهات ليغطي بها سلوكه منهج المليباري وركوبه لقواعده وادّعا ادعاءات كثيرة كلها تدل على أنه ذهب يفتش ويبحث ولم يجد إلا الطوارف وابتعد بعيدا ؛فالرجل جاءت له ضربة قويه لم يقم منها فهو يحاول بقدر الامكان أن يجد مخرجا لكلامه .
ولو سكت أو لزم الصواب والحق لكان خيرا له، ولكنه التعصب والاتباع للهوى جعله يُلبّس على الناس ويقوم بالتشكيك في حفظ الثقات ويطعن في روياتهم، وفي صحة نقلهم بمجرد الدعوى، ويتكلم بالظنون والتخرصات في هذا العلم الشريف،
ويتعدى إلى التشكيك في مصادر الحديث كما فعل في مصنف ابن أبي شيبة وشكك فيه.ومقال الشيخ ربيع المدخلي الأخير كشف النقاب عن
مقالاته بأنها تأصيل للحاقدين والطاعنين على أئمة النقد ولا يفرح بها ويؤيده عليها إلا الحزبيون الذين يريدون أن يسقطوا باب الجرح والتعديل ويسيرون به على ما تشتهيه أنفسهم وما تمليه أهواؤهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
كتبه:أبو مصعب علي بن ناصر بن محمد
العدني
كتبه:أبو مصعب علي بن ناصر بن محمد
العدني
تعليق