اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو أدعياء السلفية وبيان أنهم أخطر على
الإسلام وأهله من فرقة الإخوان المسلمين الخَلَفِيَّة
الحمد لله الذي بيَّض وجوه أهل السنة والجماعة، وسوَّد وأظلم وجوه أهل البدعة والفُرْقة والفتنة والشناعة، أمَّا بعد.
فإنَّ مما أكرم الله به أهل تلك الديار -ديار مصر حرسها الله- أن أزالَ عنها حُكْم الإخوان المسلمين، فالحمد لله والشكر له على ذلك، لِمَ لا؟! والبدعة شؤمٌ على أصحابها وعلى أهل الإسلام وبلاد الإسلام.
إذا علمتم هذا فاعلموا أيها المسلمون -حفظكم الله بالإسلام وللإسلام- أن نبيكم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد قال:
«لا يُلْدَغُ المؤمن مِنْ جُحْرٍ واحدٍ مرتين»
وإذا كان المسلمون في بلادنا قد لُدِغوا مِن فرقة الإخوان المسلمين، فلِلْمسلمين في ديارنا أقول:
اعلموا أيها المسلمون -أعزنا الله وإياكم بالإسلام- أن المنهج الواجب اتباعه في دين الله، والذي لا منهج غيره، هو سلوك سبيل الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأتباعهم، وهو ما يُعَبَّر عنه بالمنهج السلفي، غير أن كثيرًا من الناس في هذه الأيام وغيرها قد انتحل هذا المنهج اسمًا لا مسمَّى، ولفظًا لا معنىً، وادعاءًا لا حقيقةً، فشوَّهوا المنهج السلفي الحق، وأساءوا إليه وإلى أهله.ولـمَّا كان أمْر هؤلاء أخفى مِن أمْر الإخوان كان ضرره معلى الإسلام وأهله أشد، فإن الشر كلَّما اشتد خفاؤه اشتد خطره وضرره؛ لأن خفاء أمْرِهم أدْعى لتحسين كثير من الناس الظن بهم، وأدعى للاغترار بهم، والوقوع في شَرَكِهِم وحبائلهم ومصائدهم وشِبَاكِهِم كما هو الواقع، وَمَثَلُهُم كمَثَلِ السرطان -عافانا الله وإياكم- يكون في أول أمره خفيًّا -غالبًا- ويظل وَيَبِيتُ ينتشر ويستشري في البدن دون عِلْم صاحبه به، فإذا ظهر أمْره لا يكاد ينجو من التلف والهلاك بسببه أحد -إلَّا مَن شفى اللهُ تعالى- وهكذا هؤلاء مُدَّعوا السلفية ادعاءًا مجردًا.
هذا، بخلاف ما إذا كانت آثار وأعراض المرض ظاهرة بادية من أول أمره، فإنه يمكن ويسهل علاجه.
فلـمَّا كان داء أدعياء السلفية هؤلاء أخفى من داءالإخوان كان شرهم وضررهم وخطرهم أعظم من شر وضرر وخطر الإخوان -وكلٌّ ذو شر وضر- لخفاء أمْرِهم على كثير من العامة، فلـمَّا كان الأمر كذلك وَجَب وتعيَّن النُصْح للمسلمين وإعلامُهم بحقيقة أمْر هؤلاء الأدعياء، وأنهم ليسوا سلفيين خالصين صادقين، وأنهم إنما يَدَّعون السلفية ادعاءًا لا حقيقة وراءه، بل إنهم إخوانٌ جُدُد في ثوب جديد وفصيل متولِّدٌ ومتفرِّع من الإخوان الأصليين، فبئس الأصل وبئس الفرع، وبئس الوالد وبئس الولد، وهل تلد الحية إلَّا الحُوَيَّة؟! والحنظل لا يُثمِر إلَّا حنظلًا، ولا يُجْتنى مِن الشوك العنب.
فهؤلاء الأدعياء شرٌّ من الإخوان المسلمين بمراحل، بل -والله الذي لا إله غيره- ما أُوذِيَت الدعوة السلفية الصادقة مِن الإخوان المسلمين مِن يوم نشأتهم إلى اليوم بعُشْر معشار ما أُوذِيَت به من قِبَل هؤلاء الأدعياء الكَذَبَة في الآونة المتأخرة والأعوام القليلة الخالية، فإذا وَجَب الحذر من أذى الإخوان المسلمين مرة، وَجَب الحذر من أذى أدعياء السلفية هؤلاء الكَذَبة ألف مرة.
فإن قلتم: اذكر لنا بعضَ ملامح هؤلاء المدَّعين للسلفية وبعضَ علاماتهم وأوصافهم وسماتهم التي تكذِّب ادعاءهم للسلفية، والتي تَكشِف مخبوؤهم وتُبين حقيقتهم، والتي نميزهم بها عن السلفيين الحقيقيين، والتي نعرفهم بها لنحذَرَهم ونحذِّر منهم، أقول:
على الخبير سقطتم، وهذا أوان الإجابة الواجِبة المتعيِّنة عليّ لطلبكم -نصحًا للإسلام وأهله- فأقول:
هم الذين
خرجوا بالأمس مع الخارجين من إخوان وعلمانيين ونصارى رجالًا ونساءً في الثورة الأولى على الرئيس السابق المتنحي محمد حسني (اسم مركَّب) بن مبارك، والخروج على الحاكم المسلم حرامٌ لا يجوز ولو كان ظالمـًا جائرًا باتفاق أهل السنة، والخروج عليه هو مذهب الخوارج الأشرار لا السلفيين الأخيار.
وهم الذين
اشتركوا مع الإخوان في الخروج في الميادين على الرئيس الجديد الحالي المستشار عدلي بن محمود بن منصور، الـمُنَصَّب على حُكْم البلاد بعد الرئيس المعزول محمد بن مرسي، وما أحداث اقتحام دار الحرس الجمهوري عن الأذهان ببعيدة، والتي قُتِل فيها فوق الخمسين وجُرِح فيها فوق المائتين، وقد علمتم أن الخروج دين ومذهب الخوارج لا دين السلفيين ومذهبهم.
وهم الذين
أَسَّسُوا لأنفسهم حزبًا يسمى حزب النور!! وهو حريٌّ بأن يسمى بحزب الظلام، قال -تعالى-:
{وَلَاتَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}
فمِثْل هذا التحزُّب ليس من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء، وإن جوَّزته الدساتير الوضعية.
وهم الذين
شاركوا إخوانهم من الإخوان المسلمين وغيرهم في التظاهر على الحاكم المسلم في الميادين، والتظاهر هو مِن سَنَن اليهود والنصارى لا من سنن المسلمين، ولا يجوز التشبُّه بالمشركين وإن كَفَلَتْ حقَّ التظاهر الدساتيرُ، ولايصح في مثل هذا التظاهر شيء لا في الكتاب ولا في السنة ولا عن السلف، لا عن عمر ولا عن حمزة ولا غيرهما من السلف، فليس التظاهر على الحاكم المسلم وولاة أمور المسلمين من السلفية في شيء، بل في القرآن ما يدل على ذمِّ التظاهر في قوله-تعالى-:
{وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}.
وهذا في حق عائشة وحفصة -رضي الله عنهما- إن تظاهرتا على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من غير أن يُجَمِّعا الناس حولهما في الشوارع أو الأسواق أو الميادين!! فكيف بمَن كانوا من رءوس الضلالة، ويُجَمِّعُون حولهم مَنْ كان معدودًا مِن سَقْط المتاع من متظاهري هذه الأيام باسم الدين؟!
وهم الذين
جوَّزوا الخروج على الرئيس السابق محمد حسني بن مبارك وعلى الرئيس الحالي المستشار عدلي بن محمود بن منصور وحرَّموه!! -أي الخروج- على الرئيس المعزول محمد بن مرسي بلا دليل يوجِب التفريق في الحُكْم بما يدل على أن القوم يَكِيلون بمكيالين ويَزِنون بميزانين، وهذا ليس من السلفية في شيءٍ.
وهم الذين
حرَّضوا الناس وحمَلُوهم وحثُّوهم على الموافقة على الإعلان الدستوري الموضوع في عهد الرئيس المعزول محمد بن مرسي مع ما فيه من المخالفة لشرع الله كحرية التعبير عن الرأي!! فإن الرأي الفاسد لا يجوز اعتقاده بالقلب أصلاً، ولا يجوز التعبير عنه، وإنما يجب الإمساك عنه وعدم اعتقاده، قال الله -عز وجل-:
{لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ}
وقال -عز وجل- لنساء النبي:
{يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}
فإذا كان الله قد نهاهن عن الخضوع بالقول وهو الترقيق والتكسُّر ونحو ذلك، ولو كان القول في نفسه حقًّا، فكيف إذا كان قول القائل ورأي الرائي في نفسه باطلًا ومضافًا إليه المـُزَيِّنات التي تُزينه في قلوب الناس؟! وقال -عز وجل-:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}
وقال -عز وجل-:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
فذِكْر وصْف السمع والعلم دون وصف المغفرة والرحمة في هذا السياق يُفيد تهديد مَن قدَّم بين يدي الله ورسوله برأي أو قياس أو استحسان أو نحو ذلك، وقد قال أهل العلم:
لا اجتهاد مع النَّص، وقالوا: لا اجتهاد في مورد النص، وقالوا: إذا وَرَدَ الأثر بَطَلَ النظر، وقالوا: إذا ورد نهر الله بطل نهر مَعْقِل.
وقال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيَقُلْ خيرًا أو ليصمت»
وقال: «وأن تُمْسِك عن الشَّر صَدَقَة».
إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على تحريم التعبير عن الرأي الباطل، ولو كان ضرره قاصرًا على صاحبه لا متعديًّا إلى غيره، فكيف إذا كان ضرره متعديًّا إلى غيره؟!
فموافقتُهم على مثل هذا الإعلان الدستوري وتحريضُهم على مثل تلك الموافقة ليس هو من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء.
وهم الذين
حرَّضوا الناس وحملوهم وحثُّوهم على انتخاب محمد بن مرسي، مع أنه إخوانيٌّ، والإخوان مبتدعة في حُكْم أهل العلم، ومعلوم عند أهل السنة أن الفاسق ببدعته شرٌّ من الفاسق بمعصيته؛ لأن المعصية يُتاب منها، والبدعة لا يتاب منها -أي غالبًا- والمبتدع جهلُه جهلٌ مركَّب؛ حيث يرى الأشياء على غير ما هي عليه، فيَرى السنة بدعة والبدعة سنة، بخلاف العاصي فإنه يعتقد حُرْمة المعصية مع اقترافه لها.
ثم إن الحاكم الجائر الظالم يَضر الناس في دنياهم، بخلاف المبتدع فإنه يضرالناس في دينهم ودنياهم معًا، وللصابر على جَوْر وظلم الحاكم الجائر الظالم أجرٌ، أمَّا ابتداع الحاكم المبتدع فلا يجوز الصبر عليه -أي على فعل ما ابتدعه- فلِلْصابر على فعل ما ابتدعه وِزْرٌ، وإنما يجب الصبر عن البدعة والبُعْدُ عنها لا الصبر عليها، فدلَّ ترويج أدعياء السلفية لانتخاب محمد بن مرسي رئيسًا للبلاد على قلة حظهم من الشرع والعقل، وليس ذلك من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء.
وهم الذين
حَرَصوا على الإمارة والولاية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مع قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«إنَّا لا نولِّي هذا الأمر أحدًا طلبه أو حرص عليه» متفق عليه.
ومع قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لعبد الرحمن بن سَمُرَة:
«يا عبد الرحمن بنَ سمرة! لا تَسأل الإمارة، فإنَّك إن أُعْطِيتَها عن مسألة وُكِلْتَ إليها، وإن أُعْطِيتَها عن غير مسألة أُعِنْتَ عليها»
إلى غير ذلك من الأحاديث التي فيها النهي عن طلب الإمارة.
فطلبُ أدعياء السلفية للإمارة أو الولاية مع الحرص عليها، ومع عدم أهليتهم لذلك ليس هو من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء، فلا تخدعوا الناس عن السلفية الحقيقية، ولا عن الإسلام الحق.
وهم الذين
خاضوا فتنة الانتخابات الطاغوتية الشيطانية التي فيها الحكم للأكثر لا للأحق، ولو كان الأكثر مِن أفسق أو أفجر أو أكفر خلق الله، والتي -أعني الانتخابات- يُسَوَّى فيها بين المسلم والكافر، والطائع والفاسق، والعالِم والجاهِل، والذكر والأنثى، وهذه الانتخابات وليدة الديمقراطية، والتي فيها الحكم للشعب لا للشرع، وهذا كله ليس من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء.
وهم الذين
جوَّزوا الصورة وملأوا بها الشوارع والميادين بعدأن كانوا يُحَرِّمُونها، والشرع لا يتغير، وإنما التغيُّر في الناس، والتلاعب بالأحكام ليس من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء.
وهم - كالحويني وابن حسان وغيرهما من الضالين -
هم الذين
يُدافِعون عن سيد قطب الضال الذي جمع كثيرًا مِن أصناف الضلال، كطعنه في نبي الله موسى، وطعنه في الخليفة الراشد عثمان، وطعنه في عمرو ومعاوية وهندٍ وأبي سفيان وبني أمية -رضي الله عن أصحاب رسول الله- وكحكمه على المجتمعات الإسلامية بأنها مجتمعات جاهلية ولو رُدِّدَ على مآذنها قول:"لا إله إلا الله" ليل نهار!! إلى غير ذلك من أباطيله وأضاليله، ومع هذا تجد أمثال هؤلاء يدافع بعضهم عن بعض، ويدافعون عن سيد قطب، ويَطعنون في الوقت نفسه في أهل العلم الذين يُبَيِّنُون ضلالاته ويتهكَّمون بهم>
بل قد غلا أحدهم، وهو محمد بن إسماعيل المقدِّم -الإسكندري- في سيد قطب حيث قال:
"عاش سيدًا ومات سيدًا، وعاش قطبًا ومات قطبًا" !!
وممن غلا في الثناء عليه -أيضًا- محمد بن حسان المصريدجال العصر.
وممن يعظِّم هؤلاء الضالين ويتهكَّم بالشيخ ربيع المدخلي -حفظه الله تعالى- الذي بيَّن عوار أصناف أهل الضلال، ومنهم سيد قطب، أقول: ممن يعظِّم هؤلاء الضالين أحمد النقيب المصري صاحب المنصورة>
فالقطبيون المدافِعون عن سيد قطب ومحبوهم هم مِن شر أفراخ الإخوان المسلمين، وكل هذا ليس من السلفية في شيء، بل ليس من الإسلام في شيء.
وهم الذين
مدُّوا جسور الموالاة لفِرْقَة الإخوان المسلمين قبل الثورة على الرئيس محمد حسني بن مبارك وبعدها، وهذا واضح في اشتراكهم معهم في المظاهرات في الشوارع والميادين وغير ذلك، وقد حرَّم الله موالاة أهل الباطل من الكافرين أو المبتدعة أو العصاة قال -عز وجل-:
{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}
وفي هذه الآية ردٌّ على إرجاف الحويني بما يسميه بالحرب الأهلية، فيجوز محارَبَة القريب المحارِب، فلا اغترار بمثل هذه المصطلحات ذات الإرهاب الفكري والنفسي.
ومن تولَّ قومًا فهو منهم قال -تعالى-:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
فمن تولَّ الإخوان المسلمين فإنه منهم، وإخواني مثلهم، بل هو شر منهم، فموالاتهم للمبتدعة مِن أمثال الإخوان المسلمين ليس من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء.
وهم الذين
أصَّلوا الأصول الفاسدة والقواعد الكاسدة في الدفاع عن أنفسهم، والمحاماة عن فِرَق الضلال مِن أمثال الإخوان المسلمين وغيرهم،كقولهم: نُصَحِّح ولا نجرِّح، وكقولهم بوجوب مذهب الموازنات القاضي بوجوب ذِكْر حسنات المخالِف عند الرد عليه، إلى غير ذلك من الأصول الفاسدة والقواعد الكاسدة، وكل ذلك باطل، فقد دلَّت الأدلة الشرعية الكثيرة على جواز جرح المجروح وبدون اشتراط ذِكْر حسنة من حسناته متى اقتضى المقام ذلك، والعجيب أن القوم يُلْزِمون أهل السنة بهذه الأصول الفاسدة مع أنهم لم يَعملوا بها مع أنهم هم المخترعون لها، فبئس الإرث وبئس المورِّث، وما أشبههم!! بأهل الكتاب الذين قال الله فيهم:
{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَاحَقَّ رِعَايَتِهَا}
على أحد تفسيرَي هذه الآية.
وهم الذين
يَسِيرون على سياسة خبيثة، وهي سياسة إمساك العصا من الوَسَط، فمَعَ كونهم يُداهنون الإخوان المسلمين ويؤصِّلون من أجل المحاماة عنهم الأصولَ الفاسدة، ويَقِفُون في خندقهم، مع هذا تجد بعضهم يتركونهم -في الظاهرلا في الحقيقة- في بعض الأحيان متى رأوا الكِفَّة الراجحة مع غيرهم.
ويمكن التعبير عن هذه السياسة الخبيثة بسياسة توزيع وتبادل الأدوار، أي متى رأوا احتراق إخوانهم من الإخوان المسلمين حاولوا الظهور بمظهر البريء والبعيد والنائي عن الإخوان، مع أنهم متولِّدون منهم، والولد أشأم من الأب، والفرع أشأم من الأصل، وقد قال بعض أهل العلم:
ما بُني على باطل فهو أشد بطلانًا؛ لأن الفرع أضعف من الأصل.
وهذه السياسة الخبيثة هي سياسة المداهنة، والمداهنة هي النفاق؛ لأن الدِهان يكون ظاهرًا ومغطيًا لِمَا وراءه، على حد كلام بعض أهل العلم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«تجدون من شرار الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه»
الحديث متفق عليه، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وهذا لفظ مسلم، فكيف بمن كان ذا وجوه متلونة؟!
هذا، ولا يجوز لمن عرف الحق أن يَتَخاذل عن نُصرته ونصرة أهله بدعوى التمسُّك بسياسة الحياد الخبيثة، فإن هذا ليس من السلفية في شيء، وقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«انصر أخاك ظالِمـًا أو مظلومًا» قيل: ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمـًا؟ قال: «تحجزه أو تمنعه من الظلم»
ولَمَّا كان الخوارج من الإخوان المسلمين وغيرهم ممن يدَّعون السلفية في صفوفهم في هذه الأيام، لَمَّا كانوا ظالمين معتدين وَجَب دفع ظلمهم وبغيهم وفسادهم وإفسادهم، ووجب إعانة مَن قام على هذا الدَفْع من ولاة الأمور باللسان أو السِنان أو بهما معًا متى اقتضى المقام ذلك، ولا شك أن المقام اليوم مقتضٍ لذلك.
وليُعلَم أنَّ خير قتيل مَن قتله الخوارج، وأن قتلى الخوارج شر قتلى تحت أَدِيم السماء، وأن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة، وقد حرَّض النبيُّ عليه الصلاة والسلام أولياءَ الأمور على مقاتلة الخوارج وقتْلِهم إن لم ينكف شرهم ولم يُدرأ ولم يُدْفَع شرهم إلَّا بقتالهم وقتلهم، ومعلوم أنهم قد حملوا السلاح في هذه الأيام، وقتلوا أهل الإيمان وتركوا أهل الأوثان، وهذا شأن الخوارج كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام في غير ما حديث صحيح، فَتَرْك مظاهرة السلطان ومناصرته ومعاونته على قَتْل الخوارج هو سبيل أهل الجبن والنفاق، فاللهم انصر أهل الإسلام على الخوارج المعتدين البغاة واقطع قَرْنهم.
وهم الذين
كانوا في استقبال المبتدع الضال عبد الرحمن بن عبد الخالق المصري نزيل الكويت على إثر نزوله إلى مصر في خِضَمِّ تلك الفتن المتلاحقة، في ظل حكم الرئيس الإخواني المعزول محمد بن مرسي، وابنُ عبد الخالق هذا هو أحد أدعياء السلفية الكذبة، وممن كان في استقباله في مطار القاهرة الدولي أخوه في الضلالة أبو إسحاق الحويني، ويكفيك في الحكم بضلال عبدالرحمن بن عبدالخالق نصُّ أهل العلم على أنه مبتدع ضال، وأنه فرَّق السلفيين في الدنيا بالدينار الكويتي، وأنه يرى أن الفِرَق الإسلامية!! من إخوان وغيرهم ظاهرة صحية!! وأن كل جماعة تخدم!! الإسلام من جهتها -زعم- إلى غير ذلك من السمات والعلامات الواضحة للعِيَان التي تبيِّن كَذِبَ القوم في ادعائهم السلفية مع بُعْدِهم عنها، والتي تُبين مدى تغريرهم بكثير من الشباب والناس، وتبين خداعهم إياهم عن المنهج السلفي الحق، وهذا قليل من باطل القوم يُنْبِئُك عن كثيره، وفيما ذكرناه غُنْيَةٌ للَّبيب، واللَّبيبُ تكفيه الإشارة، والمعانِد تكفيه الحجارة.
وفي الختام نقول لكل أدعياء السلفية هؤلاء الكَذَبَة الغَشَشَة الخَوَنة:
إنَّا وَجَدْنا ما وَعَدنا ربنا حقًّا، وذلك بنُصرة المذهب السلفي الحق، وبنصرة السلفيين الصادقين، وببياض وجوههم في هذه الفتن؛ حيث لم يتلوثوا بها، وإنما حذَّروا منها، وعانوا قبلها كثيرًا في سبيل كشف حقيقتكم، وبيان تلبيسكم التي طالما خدعتم به كثيرًا من الناس، فهل وجدتم ما وعد ربكم من فضيحة الأدعياء الكَذَبَة حقًّا؟!
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
وكتب
أبو بكر بن ماهر بن عطية بن جمعة المصري
أبوعبدالله
في ضحى يوم الاثنين الموافق العشرين من شهر رمضان، لسنة أربعٍ وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية، على صاحبها الصلاة والسلام.
الإسلام وأهله من فرقة الإخوان المسلمين الخَلَفِيَّة
الحمد لله الذي بيَّض وجوه أهل السنة والجماعة، وسوَّد وأظلم وجوه أهل البدعة والفُرْقة والفتنة والشناعة، أمَّا بعد.
فإنَّ مما أكرم الله به أهل تلك الديار -ديار مصر حرسها الله- أن أزالَ عنها حُكْم الإخوان المسلمين، فالحمد لله والشكر له على ذلك، لِمَ لا؟! والبدعة شؤمٌ على أصحابها وعلى أهل الإسلام وبلاد الإسلام.
إذا علمتم هذا فاعلموا أيها المسلمون -حفظكم الله بالإسلام وللإسلام- أن نبيكم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد قال:
«لا يُلْدَغُ المؤمن مِنْ جُحْرٍ واحدٍ مرتين»
وإذا كان المسلمون في بلادنا قد لُدِغوا مِن فرقة الإخوان المسلمين، فلِلْمسلمين في ديارنا أقول:
اعلموا أيها المسلمون -أعزنا الله وإياكم بالإسلام- أن المنهج الواجب اتباعه في دين الله، والذي لا منهج غيره، هو سلوك سبيل الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأتباعهم، وهو ما يُعَبَّر عنه بالمنهج السلفي، غير أن كثيرًا من الناس في هذه الأيام وغيرها قد انتحل هذا المنهج اسمًا لا مسمَّى، ولفظًا لا معنىً، وادعاءًا لا حقيقةً، فشوَّهوا المنهج السلفي الحق، وأساءوا إليه وإلى أهله.ولـمَّا كان أمْر هؤلاء أخفى مِن أمْر الإخوان كان ضرره معلى الإسلام وأهله أشد، فإن الشر كلَّما اشتد خفاؤه اشتد خطره وضرره؛ لأن خفاء أمْرِهم أدْعى لتحسين كثير من الناس الظن بهم، وأدعى للاغترار بهم، والوقوع في شَرَكِهِم وحبائلهم ومصائدهم وشِبَاكِهِم كما هو الواقع، وَمَثَلُهُم كمَثَلِ السرطان -عافانا الله وإياكم- يكون في أول أمره خفيًّا -غالبًا- ويظل وَيَبِيتُ ينتشر ويستشري في البدن دون عِلْم صاحبه به، فإذا ظهر أمْره لا يكاد ينجو من التلف والهلاك بسببه أحد -إلَّا مَن شفى اللهُ تعالى- وهكذا هؤلاء مُدَّعوا السلفية ادعاءًا مجردًا.
هذا، بخلاف ما إذا كانت آثار وأعراض المرض ظاهرة بادية من أول أمره، فإنه يمكن ويسهل علاجه.
فلـمَّا كان داء أدعياء السلفية هؤلاء أخفى من داءالإخوان كان شرهم وضررهم وخطرهم أعظم من شر وضرر وخطر الإخوان -وكلٌّ ذو شر وضر- لخفاء أمْرِهم على كثير من العامة، فلـمَّا كان الأمر كذلك وَجَب وتعيَّن النُصْح للمسلمين وإعلامُهم بحقيقة أمْر هؤلاء الأدعياء، وأنهم ليسوا سلفيين خالصين صادقين، وأنهم إنما يَدَّعون السلفية ادعاءًا لا حقيقة وراءه، بل إنهم إخوانٌ جُدُد في ثوب جديد وفصيل متولِّدٌ ومتفرِّع من الإخوان الأصليين، فبئس الأصل وبئس الفرع، وبئس الوالد وبئس الولد، وهل تلد الحية إلَّا الحُوَيَّة؟! والحنظل لا يُثمِر إلَّا حنظلًا، ولا يُجْتنى مِن الشوك العنب.
فهؤلاء الأدعياء شرٌّ من الإخوان المسلمين بمراحل، بل -والله الذي لا إله غيره- ما أُوذِيَت الدعوة السلفية الصادقة مِن الإخوان المسلمين مِن يوم نشأتهم إلى اليوم بعُشْر معشار ما أُوذِيَت به من قِبَل هؤلاء الأدعياء الكَذَبَة في الآونة المتأخرة والأعوام القليلة الخالية، فإذا وَجَب الحذر من أذى الإخوان المسلمين مرة، وَجَب الحذر من أذى أدعياء السلفية هؤلاء الكَذَبة ألف مرة.
فإن قلتم: اذكر لنا بعضَ ملامح هؤلاء المدَّعين للسلفية وبعضَ علاماتهم وأوصافهم وسماتهم التي تكذِّب ادعاءهم للسلفية، والتي تَكشِف مخبوؤهم وتُبين حقيقتهم، والتي نميزهم بها عن السلفيين الحقيقيين، والتي نعرفهم بها لنحذَرَهم ونحذِّر منهم، أقول:
على الخبير سقطتم، وهذا أوان الإجابة الواجِبة المتعيِّنة عليّ لطلبكم -نصحًا للإسلام وأهله- فأقول:
هم الذين
خرجوا بالأمس مع الخارجين من إخوان وعلمانيين ونصارى رجالًا ونساءً في الثورة الأولى على الرئيس السابق المتنحي محمد حسني (اسم مركَّب) بن مبارك، والخروج على الحاكم المسلم حرامٌ لا يجوز ولو كان ظالمـًا جائرًا باتفاق أهل السنة، والخروج عليه هو مذهب الخوارج الأشرار لا السلفيين الأخيار.
وهم الذين
اشتركوا مع الإخوان في الخروج في الميادين على الرئيس الجديد الحالي المستشار عدلي بن محمود بن منصور، الـمُنَصَّب على حُكْم البلاد بعد الرئيس المعزول محمد بن مرسي، وما أحداث اقتحام دار الحرس الجمهوري عن الأذهان ببعيدة، والتي قُتِل فيها فوق الخمسين وجُرِح فيها فوق المائتين، وقد علمتم أن الخروج دين ومذهب الخوارج لا دين السلفيين ومذهبهم.
وهم الذين
أَسَّسُوا لأنفسهم حزبًا يسمى حزب النور!! وهو حريٌّ بأن يسمى بحزب الظلام، قال -تعالى-:
{وَلَاتَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}
فمِثْل هذا التحزُّب ليس من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء، وإن جوَّزته الدساتير الوضعية.
وهم الذين
شاركوا إخوانهم من الإخوان المسلمين وغيرهم في التظاهر على الحاكم المسلم في الميادين، والتظاهر هو مِن سَنَن اليهود والنصارى لا من سنن المسلمين، ولا يجوز التشبُّه بالمشركين وإن كَفَلَتْ حقَّ التظاهر الدساتيرُ، ولايصح في مثل هذا التظاهر شيء لا في الكتاب ولا في السنة ولا عن السلف، لا عن عمر ولا عن حمزة ولا غيرهما من السلف، فليس التظاهر على الحاكم المسلم وولاة أمور المسلمين من السلفية في شيء، بل في القرآن ما يدل على ذمِّ التظاهر في قوله-تعالى-:
{وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}.
وهذا في حق عائشة وحفصة -رضي الله عنهما- إن تظاهرتا على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من غير أن يُجَمِّعا الناس حولهما في الشوارع أو الأسواق أو الميادين!! فكيف بمَن كانوا من رءوس الضلالة، ويُجَمِّعُون حولهم مَنْ كان معدودًا مِن سَقْط المتاع من متظاهري هذه الأيام باسم الدين؟!
وهم الذين
جوَّزوا الخروج على الرئيس السابق محمد حسني بن مبارك وعلى الرئيس الحالي المستشار عدلي بن محمود بن منصور وحرَّموه!! -أي الخروج- على الرئيس المعزول محمد بن مرسي بلا دليل يوجِب التفريق في الحُكْم بما يدل على أن القوم يَكِيلون بمكيالين ويَزِنون بميزانين، وهذا ليس من السلفية في شيءٍ.
وهم الذين
حرَّضوا الناس وحمَلُوهم وحثُّوهم على الموافقة على الإعلان الدستوري الموضوع في عهد الرئيس المعزول محمد بن مرسي مع ما فيه من المخالفة لشرع الله كحرية التعبير عن الرأي!! فإن الرأي الفاسد لا يجوز اعتقاده بالقلب أصلاً، ولا يجوز التعبير عنه، وإنما يجب الإمساك عنه وعدم اعتقاده، قال الله -عز وجل-:
{لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ}
وقال -عز وجل- لنساء النبي:
{يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}
فإذا كان الله قد نهاهن عن الخضوع بالقول وهو الترقيق والتكسُّر ونحو ذلك، ولو كان القول في نفسه حقًّا، فكيف إذا كان قول القائل ورأي الرائي في نفسه باطلًا ومضافًا إليه المـُزَيِّنات التي تُزينه في قلوب الناس؟! وقال -عز وجل-:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}
وقال -عز وجل-:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
فذِكْر وصْف السمع والعلم دون وصف المغفرة والرحمة في هذا السياق يُفيد تهديد مَن قدَّم بين يدي الله ورسوله برأي أو قياس أو استحسان أو نحو ذلك، وقد قال أهل العلم:
لا اجتهاد مع النَّص، وقالوا: لا اجتهاد في مورد النص، وقالوا: إذا وَرَدَ الأثر بَطَلَ النظر، وقالوا: إذا ورد نهر الله بطل نهر مَعْقِل.
وقال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيَقُلْ خيرًا أو ليصمت»
وقال: «وأن تُمْسِك عن الشَّر صَدَقَة».
إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على تحريم التعبير عن الرأي الباطل، ولو كان ضرره قاصرًا على صاحبه لا متعديًّا إلى غيره، فكيف إذا كان ضرره متعديًّا إلى غيره؟!
فموافقتُهم على مثل هذا الإعلان الدستوري وتحريضُهم على مثل تلك الموافقة ليس هو من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء.
وهم الذين
حرَّضوا الناس وحملوهم وحثُّوهم على انتخاب محمد بن مرسي، مع أنه إخوانيٌّ، والإخوان مبتدعة في حُكْم أهل العلم، ومعلوم عند أهل السنة أن الفاسق ببدعته شرٌّ من الفاسق بمعصيته؛ لأن المعصية يُتاب منها، والبدعة لا يتاب منها -أي غالبًا- والمبتدع جهلُه جهلٌ مركَّب؛ حيث يرى الأشياء على غير ما هي عليه، فيَرى السنة بدعة والبدعة سنة، بخلاف العاصي فإنه يعتقد حُرْمة المعصية مع اقترافه لها.
ثم إن الحاكم الجائر الظالم يَضر الناس في دنياهم، بخلاف المبتدع فإنه يضرالناس في دينهم ودنياهم معًا، وللصابر على جَوْر وظلم الحاكم الجائر الظالم أجرٌ، أمَّا ابتداع الحاكم المبتدع فلا يجوز الصبر عليه -أي على فعل ما ابتدعه- فلِلْصابر على فعل ما ابتدعه وِزْرٌ، وإنما يجب الصبر عن البدعة والبُعْدُ عنها لا الصبر عليها، فدلَّ ترويج أدعياء السلفية لانتخاب محمد بن مرسي رئيسًا للبلاد على قلة حظهم من الشرع والعقل، وليس ذلك من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء.
وهم الذين
حَرَصوا على الإمارة والولاية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مع قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«إنَّا لا نولِّي هذا الأمر أحدًا طلبه أو حرص عليه» متفق عليه.
ومع قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لعبد الرحمن بن سَمُرَة:
«يا عبد الرحمن بنَ سمرة! لا تَسأل الإمارة، فإنَّك إن أُعْطِيتَها عن مسألة وُكِلْتَ إليها، وإن أُعْطِيتَها عن غير مسألة أُعِنْتَ عليها»
إلى غير ذلك من الأحاديث التي فيها النهي عن طلب الإمارة.
فطلبُ أدعياء السلفية للإمارة أو الولاية مع الحرص عليها، ومع عدم أهليتهم لذلك ليس هو من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء، فلا تخدعوا الناس عن السلفية الحقيقية، ولا عن الإسلام الحق.
وهم الذين
خاضوا فتنة الانتخابات الطاغوتية الشيطانية التي فيها الحكم للأكثر لا للأحق، ولو كان الأكثر مِن أفسق أو أفجر أو أكفر خلق الله، والتي -أعني الانتخابات- يُسَوَّى فيها بين المسلم والكافر، والطائع والفاسق، والعالِم والجاهِل، والذكر والأنثى، وهذه الانتخابات وليدة الديمقراطية، والتي فيها الحكم للشعب لا للشرع، وهذا كله ليس من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء.
وهم الذين
جوَّزوا الصورة وملأوا بها الشوارع والميادين بعدأن كانوا يُحَرِّمُونها، والشرع لا يتغير، وإنما التغيُّر في الناس، والتلاعب بالأحكام ليس من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء.
وهم - كالحويني وابن حسان وغيرهما من الضالين -
هم الذين
يُدافِعون عن سيد قطب الضال الذي جمع كثيرًا مِن أصناف الضلال، كطعنه في نبي الله موسى، وطعنه في الخليفة الراشد عثمان، وطعنه في عمرو ومعاوية وهندٍ وأبي سفيان وبني أمية -رضي الله عن أصحاب رسول الله- وكحكمه على المجتمعات الإسلامية بأنها مجتمعات جاهلية ولو رُدِّدَ على مآذنها قول:"لا إله إلا الله" ليل نهار!! إلى غير ذلك من أباطيله وأضاليله، ومع هذا تجد أمثال هؤلاء يدافع بعضهم عن بعض، ويدافعون عن سيد قطب، ويَطعنون في الوقت نفسه في أهل العلم الذين يُبَيِّنُون ضلالاته ويتهكَّمون بهم>
بل قد غلا أحدهم، وهو محمد بن إسماعيل المقدِّم -الإسكندري- في سيد قطب حيث قال:
"عاش سيدًا ومات سيدًا، وعاش قطبًا ومات قطبًا" !!
وممن غلا في الثناء عليه -أيضًا- محمد بن حسان المصريدجال العصر.
وممن يعظِّم هؤلاء الضالين ويتهكَّم بالشيخ ربيع المدخلي -حفظه الله تعالى- الذي بيَّن عوار أصناف أهل الضلال، ومنهم سيد قطب، أقول: ممن يعظِّم هؤلاء الضالين أحمد النقيب المصري صاحب المنصورة>
فالقطبيون المدافِعون عن سيد قطب ومحبوهم هم مِن شر أفراخ الإخوان المسلمين، وكل هذا ليس من السلفية في شيء، بل ليس من الإسلام في شيء.
وهم الذين
مدُّوا جسور الموالاة لفِرْقَة الإخوان المسلمين قبل الثورة على الرئيس محمد حسني بن مبارك وبعدها، وهذا واضح في اشتراكهم معهم في المظاهرات في الشوارع والميادين وغير ذلك، وقد حرَّم الله موالاة أهل الباطل من الكافرين أو المبتدعة أو العصاة قال -عز وجل-:
{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}
وفي هذه الآية ردٌّ على إرجاف الحويني بما يسميه بالحرب الأهلية، فيجوز محارَبَة القريب المحارِب، فلا اغترار بمثل هذه المصطلحات ذات الإرهاب الفكري والنفسي.
ومن تولَّ قومًا فهو منهم قال -تعالى-:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
فمن تولَّ الإخوان المسلمين فإنه منهم، وإخواني مثلهم، بل هو شر منهم، فموالاتهم للمبتدعة مِن أمثال الإخوان المسلمين ليس من السلفية في شيء، ولا من الإسلام في شيء.
وهم الذين
أصَّلوا الأصول الفاسدة والقواعد الكاسدة في الدفاع عن أنفسهم، والمحاماة عن فِرَق الضلال مِن أمثال الإخوان المسلمين وغيرهم،كقولهم: نُصَحِّح ولا نجرِّح، وكقولهم بوجوب مذهب الموازنات القاضي بوجوب ذِكْر حسنات المخالِف عند الرد عليه، إلى غير ذلك من الأصول الفاسدة والقواعد الكاسدة، وكل ذلك باطل، فقد دلَّت الأدلة الشرعية الكثيرة على جواز جرح المجروح وبدون اشتراط ذِكْر حسنة من حسناته متى اقتضى المقام ذلك، والعجيب أن القوم يُلْزِمون أهل السنة بهذه الأصول الفاسدة مع أنهم لم يَعملوا بها مع أنهم هم المخترعون لها، فبئس الإرث وبئس المورِّث، وما أشبههم!! بأهل الكتاب الذين قال الله فيهم:
{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَاحَقَّ رِعَايَتِهَا}
على أحد تفسيرَي هذه الآية.
وهم الذين
يَسِيرون على سياسة خبيثة، وهي سياسة إمساك العصا من الوَسَط، فمَعَ كونهم يُداهنون الإخوان المسلمين ويؤصِّلون من أجل المحاماة عنهم الأصولَ الفاسدة، ويَقِفُون في خندقهم، مع هذا تجد بعضهم يتركونهم -في الظاهرلا في الحقيقة- في بعض الأحيان متى رأوا الكِفَّة الراجحة مع غيرهم.
ويمكن التعبير عن هذه السياسة الخبيثة بسياسة توزيع وتبادل الأدوار، أي متى رأوا احتراق إخوانهم من الإخوان المسلمين حاولوا الظهور بمظهر البريء والبعيد والنائي عن الإخوان، مع أنهم متولِّدون منهم، والولد أشأم من الأب، والفرع أشأم من الأصل، وقد قال بعض أهل العلم:
ما بُني على باطل فهو أشد بطلانًا؛ لأن الفرع أضعف من الأصل.
وهذه السياسة الخبيثة هي سياسة المداهنة، والمداهنة هي النفاق؛ لأن الدِهان يكون ظاهرًا ومغطيًا لِمَا وراءه، على حد كلام بعض أهل العلم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«تجدون من شرار الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه»
الحديث متفق عليه، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وهذا لفظ مسلم، فكيف بمن كان ذا وجوه متلونة؟!
هذا، ولا يجوز لمن عرف الحق أن يَتَخاذل عن نُصرته ونصرة أهله بدعوى التمسُّك بسياسة الحياد الخبيثة، فإن هذا ليس من السلفية في شيء، وقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«انصر أخاك ظالِمـًا أو مظلومًا» قيل: ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمـًا؟ قال: «تحجزه أو تمنعه من الظلم»
ولَمَّا كان الخوارج من الإخوان المسلمين وغيرهم ممن يدَّعون السلفية في صفوفهم في هذه الأيام، لَمَّا كانوا ظالمين معتدين وَجَب دفع ظلمهم وبغيهم وفسادهم وإفسادهم، ووجب إعانة مَن قام على هذا الدَفْع من ولاة الأمور باللسان أو السِنان أو بهما معًا متى اقتضى المقام ذلك، ولا شك أن المقام اليوم مقتضٍ لذلك.
وليُعلَم أنَّ خير قتيل مَن قتله الخوارج، وأن قتلى الخوارج شر قتلى تحت أَدِيم السماء، وأن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة، وقد حرَّض النبيُّ عليه الصلاة والسلام أولياءَ الأمور على مقاتلة الخوارج وقتْلِهم إن لم ينكف شرهم ولم يُدرأ ولم يُدْفَع شرهم إلَّا بقتالهم وقتلهم، ومعلوم أنهم قد حملوا السلاح في هذه الأيام، وقتلوا أهل الإيمان وتركوا أهل الأوثان، وهذا شأن الخوارج كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام في غير ما حديث صحيح، فَتَرْك مظاهرة السلطان ومناصرته ومعاونته على قَتْل الخوارج هو سبيل أهل الجبن والنفاق، فاللهم انصر أهل الإسلام على الخوارج المعتدين البغاة واقطع قَرْنهم.
وهم الذين
كانوا في استقبال المبتدع الضال عبد الرحمن بن عبد الخالق المصري نزيل الكويت على إثر نزوله إلى مصر في خِضَمِّ تلك الفتن المتلاحقة، في ظل حكم الرئيس الإخواني المعزول محمد بن مرسي، وابنُ عبد الخالق هذا هو أحد أدعياء السلفية الكذبة، وممن كان في استقباله في مطار القاهرة الدولي أخوه في الضلالة أبو إسحاق الحويني، ويكفيك في الحكم بضلال عبدالرحمن بن عبدالخالق نصُّ أهل العلم على أنه مبتدع ضال، وأنه فرَّق السلفيين في الدنيا بالدينار الكويتي، وأنه يرى أن الفِرَق الإسلامية!! من إخوان وغيرهم ظاهرة صحية!! وأن كل جماعة تخدم!! الإسلام من جهتها -زعم- إلى غير ذلك من السمات والعلامات الواضحة للعِيَان التي تبيِّن كَذِبَ القوم في ادعائهم السلفية مع بُعْدِهم عنها، والتي تُبين مدى تغريرهم بكثير من الشباب والناس، وتبين خداعهم إياهم عن المنهج السلفي الحق، وهذا قليل من باطل القوم يُنْبِئُك عن كثيره، وفيما ذكرناه غُنْيَةٌ للَّبيب، واللَّبيبُ تكفيه الإشارة، والمعانِد تكفيه الحجارة.
وفي الختام نقول لكل أدعياء السلفية هؤلاء الكَذَبَة الغَشَشَة الخَوَنة:
إنَّا وَجَدْنا ما وَعَدنا ربنا حقًّا، وذلك بنُصرة المذهب السلفي الحق، وبنصرة السلفيين الصادقين، وببياض وجوههم في هذه الفتن؛ حيث لم يتلوثوا بها، وإنما حذَّروا منها، وعانوا قبلها كثيرًا في سبيل كشف حقيقتكم، وبيان تلبيسكم التي طالما خدعتم به كثيرًا من الناس، فهل وجدتم ما وعد ربكم من فضيحة الأدعياء الكَذَبَة حقًّا؟!
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
وكتب
أبو بكر بن ماهر بن عطية بن جمعة المصري
أبوعبدالله
في ضحى يوم الاثنين الموافق العشرين من شهر رمضان، لسنة أربعٍ وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية، على صاحبها الصلاة والسلام.