• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خطورة منهج الشيخ ربيع المدخلي الذي سلكه في انتقاص كلام العلماء في مكانة هشام بن الغاز ومروياته

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خطورة منهج الشيخ ربيع المدخلي الذي سلكه في انتقاص كلام العلماء في مكانة هشام بن الغاز ومروياته

    خطورة منهج الشيخ ربيع المدخلي الذي سلكه في انتقاص كلام العلماء في مكانة هشام بن الغاز ومروياته

    الحمد لله ربِّ العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين


    أما بعد:

    فمن المعلوم أن فضيلة الشيخ ربيع المدخلي-عافاه الله- قد تكلم بكلام كثير أساء فيه إلى الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج، وإلى شيخها الفاضل العلامة يحيى بن علي الحجوري-حفظه الله-وغيره، وأغلظ وشدد، وفي بعض كلامه تبديع لهم وهم في حقيقة الحال من أهل السنة، ومن أفاضل العلماء في الديار اليمنية.

    وجعلهم مخالفين لمنهج أهل السنة ولم يرتضهم ويرتضِ منهجهم، وأصبح يحارب أصولهم السلفية المنبثقة من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، ويجعلها أصولا فاسدة، ورماهم في غير ما مرة بأنهم أضر على الدعوة السلفية من أيِّ أحدٍ وعندهم غلو لا نظير له، وأنزل فيهم مقالات يتهمهم بما ليس فيهم بأنهم يطعنون في الصحابة الكرام رضي الله عنهم ويثلبون الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، حتى أفرح بهذا القول أفراخ أهل البدع الْمُتلبسين بالسنَّةِ كذباً وزوراً، وصار ديناً لهم، لا يفترون عن اللهج به.

    وفي هذا المقال أريد أن أُبيِّن خطورةَ منهج الشيخ ربيع المدخلي الذي سلكه في ردّ توثيق الأئمة وانتقاص أحكامهم، وخاصة فيما ارتكبه في حق أئمة الجرح والتعديل وفي مقدمتهم الإمام يحيى بن معين من هفوات خطيرة .

    لقد استدل الشيخ ربيع المدخلي بمقدمة بيّن من خلالها أن من سنة الله في البشر أنهم مهما بلغوا من العلم والحفظ والنباهة فإنهم يقع منهم الخطأ والسهو ، يريد أن يقنع القراء باستدلاله هذا في التشكيك لتوثيق ابن معين عامة لكونه يقع منه الخطأ والسهو ومن هنا قال الشيخ ربيع المدخلي: "وأراني مضطراً أن أبين خطأ توثيق ابن معين...".

    ولذلك ردَّ تصريح ابن معين في توثيق هشام بن الغاز، وإن لم يعارض توثيقه أحدا من الأئمة.

    وهذا الدعوى منتفية في حق توثيق الإمام يحيى بن معين لهشام بن الغاز ؛فإنه قد شارك الإمام يحيى بن معين رحمه الله غيره في التوثيق واعتمد توثيق هشام بن الغاز جمع كبير من العلماء المتأخرين والمعاصرين

    فقد قال فيه العلامة أحمد شاكر رحمه الله-في
    تحقيقه"لجامع البيان" (تفسير الطبري) (14/124): هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي: ((ثقة صالح الحديث)) مترجم في التهذيب، والكبير 4/2/199، وابن أبي حاتم4 /2/ 67".

    فلا أدري على أيِّ شيءٍ عوّلَ الشيخُ ربيع المدخلي في رده توثيق الإمام يحيى بن معين هنا، فهل قوله:"ومن سنة الله في البشر أنهم مهما بلغوا من العلم والحفظ والنباهة فإنهم يقع منهم الخطأ والسهو"،

    يعطيه هذه الأحقية في الجرأة في ردِّ أقوال علماء الجرح والتعديل والتشكيك في أحكامهم وانتقاصهم وانتقاص كلامهم في هشام بن الغاز.
    إن الاستدلال بمثل هذه الطريقة الغريبة التي لا يعرفها أهل العلم في بيان الحجة من المغالطة المبطنة؛ لأنه لو استدل مستدل على كون فلان الفلاني يقع منه الخطأ والسهو لكان الجواب من دون شك نعم يخطئ الخطأ الذي لا ينفك عنه عادة البشر.

    وهذه الطريقة ليست طريقة علمية موضوعية في بيان حقيقة العلم وتقريبه للناس، ولا من منهجية المناقشة العلمية، وإنما من التعتيم على الناس والتعمية والادعاء الذي ليس للمدعي فيه حجة ولا برهان ولا دليل، وإنما دعوى باطلة يلزم منها تخطئة الثقات بدون دليل، ورد أقوالهم بالتحكم، وتخطئة أئمة الجرح والتعديل بمجرد الاحتمال وبالتكهن والتجويز العقلي الخالي عن البرهان والدليل، وهذا ليس من شأن العلماء المنصفين.

    وما أشبه قول الشيخ ربيع المدخلي هذا بقول أهل الكلام والبدع من الأصوليين وغيرهم الذين ردوا أخبار الآحاد بمثل هذه الاستدلالات، وقالوا بعدم إفادتها القطع واسقطوا حجيتها في العمل، بمحض الدليل العقلي ولم يستندوا إلى الدليل الشرعي، وذلك قولهم: "إن كل من دون النبي غير معصوم فإذا كان كذلك فإنه يحتمل الخطأ والنسيان". انظر شرح اللمع لشيرازي (1/581)، والبحرالمحيط للزركشي (4/262)، وأصول السرخسي (1 /112).

    قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله- في مذكرة أصول الفقه (ص 122): "وحجة هذا القول أنك لو سئلت عن أعدل رواة خبر الآحاد أيجوز في حقه الكذب والغلط لاضطررت أن تقول نعم فيقال قطعك إذن بصدقه مع تجويزك عليه الكذب والغلط لا معنى له".

    وأئمة الحديث عارفون متبحرون متيقظون يَتَحَرّزون من الخطأ جهدهم لكنهم متفاوتون في ذلك، قال العلامة عبد الرحمن المعلمي في"التنكيل"( 1/ 54-55): "وغالب الأحكام إنما تبنى على غلبة الظن، والظن قد يخطئ، والظنون تتفاوت، فمن الظنون المعتد بها ما لـه ضابط شرعي، كخبر الثقة ومنها ما ضابطه أن تطمئن إليه نفس العارف المتوقي المتثبت، بحيث يجزم بالإخبار بمقتضاه طيب النفس منشرح الصدر، فمن الناس من يغتر بالظن الضعيف فيجزم، وهذا هو الذي يطعن أئمة الحديث في حفظه وضبطه فيقولون: "يحدث على التوهم – كثير الوهم – كثير الخطأ – يهم – يخطىء "

    ومنهم المعتدل ، ومنهم البالغ التثبت.....
    وفي ثقات المحدثين ما هو أبلغ تحرِّياً من هذا ولكنهم يعلمون أن الحجة إنما تقوم بالجزم فكانوا يجزمون فيما لا يرون للشك فيه مدخلاً، ويقفون عن الجزم لأدنى احتمال، روي أن شعبة سأل أيوب السختياني عن حديث فقال: أشك فيه ،فقال شعبة: شكك أحب إلي من يقين غيرك .

    وقال النضر بن شميل عن شعبة: لأن أسمع من ابن عون حديثاً يقول فيه: (أظن أني سمعته) أحب إلي من أن أسمع من ثقة غيره يقول :قد سمعت .

    وعن شعبة قال :شك ابن عون وسليمان التيمي يقين.. ".وتأمل ما قام به من الحكم على هشام بن الغاز فقد قال في أول مقالٍ له: ((الذي يظهر لي أن روايته هذه عن نافع تعتبر منكرة)).
    وقال فيه: ((لم يوصف بالحفظ والإتقان)).

    وقال فيه: (( وقول الحافظ ابن حجر فيه:إنه ثقة ، فيه نظر)).

    وقال فيه: ((ومثل هذا إذا انفرد لا يقال في حديثه:إنه صحيح ولا حسن)).

    وقال فيه: ((إنه من الغرباء...)).وقال فيه:((ومثل حديثه هذا - وهذا حاله- يعتبر منكراً)).

    ويقول في هذا المقال: ((كثير الخطأ))، ويقول في ابن معين :((ومن سنة الله في البشر أنهم مهما بلغوا من العلم والحفظ والنباهة فإنهم يقع منهم الخطأ والسهو))، وقال((واراني مضطرا أبين خطأ ابن معين))، وقال((أثبت بالبراهين أن كل مَنْ نقلتَ عنهم توثيق هشام أنهم قد قاموا بتتبع أحاديث هشام واعتبارها، فوجدوا أن كلها مستقيمة، فوثقوه بناء على هذا التتبع والاعتبار)).

    وقال: ((أما أنا فأعتقد أن كثيراً منهم، ولا سيما المتأخرين إنما تابعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم بدون تتبع ولا اعتبار)).

    وكل هذه العبارات التي قالها في هشام بن الغاز لم يكن له إمام لا من المتقدمين ولا من المتأخرين مما يذل على أن الشيخ ربيع المدخلي وضع نفسه فوق الأئمة المتقدمين والمتأخرين وجاء لنا بمنهجه هذا بصورة من التجديد مثله مثل بعض الذين استنقصوا من أحكام الأئمة، وخروج عن منهج أهل الحديث تحت دعوى الاستقراء والتتبع والاعتبار الذي قال عن نفسه أنه سيلحقه به بالمتقدمين ؛ بل ويفوقهم بناء على أحكامه التي لم يسبقه بها أحد من الأئمة التي جاءت من نتائج منهجه الخطير .

    واستنقص بهذه الدعوى أحكام الأئمة على الرواة وشككك فيهم، وفتح باب التشجيع للمغرضين والحاقدين على أئمة الجرح والتعديل، وفتح باب الهدم والنسف لجهود علماء الأمة بهذه الجرأة العظيمة، وبهذا المنهج المخترع الباطل الذي له دوافع رديئة وغايات ماكرة.

    وقد سلك في رده على العنابي طريقة تنافي ما قرره أهل العلم وجرى عليه عملهم في كتب مصلح الحديث وكتب الجرح والتعديل، وكل ذلك من نتائج منهجه الاستقلالي في أحكامه الذي خالف به السابقين ولاحقين، وتتضمن مخالفاته خمسة مسائل وهي مايلي:
    المسألة الأولى: يقرر أمورا ثابتة عند أهل العلم في رده على أبي الحسن المصري وغيره بينما يعود الآن فيناقضها مقررا أمورا باطلة.
    المسألة الثانية: تشكيكه في توثيق بن معين لهشام بن الغاز .
    المسألة الثالثة: ادعاه من دون دليل ولا حجة أن الأئمة وثقوا هشام بن الغاز من دون تتبع لأحاديثه واعتبارها.
    المسألة الرابعة: تعنت الشيخ ربيع المدخلي في طلب البراهين في أن كل مَن وثق هشام بن الغاز أنهم قد قاموا بتتبع أحاديث هشام واعتبارها.
    المسألة الخامسة: مخالفة الشيخ ربيع المدخلي لقواعد العلماء وطريقتهم في معرفة استقامة أحاديث الراوي.

    المسألة الأولى: إن الشيخ ربيعاً المدخلي يقرر أمورا ثابتة عند أهل العلم في كتبه المطبوعة، وفي ردوده على أبي الحسن المصري وحمزة المليباري بينما يعود الآن فيناقضها مقررا أمورا باطلة.

    وهذا مما يبين خطورة منهج الشيخ ربيع المدخلي الذي يسير عليه ضد الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج وشيخها العلامة يحيى بن علي الحجوري-حفظه الله-.

    إن بما قام به الشيخ ربيع المدخلي من التفرد بالأحكام الاستقلالية على هشام بن الغاز ومروياته لتدل دلالة واضحة على أنه يسير على طريقة أؤلئك الذين يدعون مخالفة المتأخرين للمتقدمين ثم هم لا يوافقون المتقدمين في أحكامهم ولا المتأخرين.

    وهذا الأمر الذي حكم به الشيخ ربيع المدخلي على حمزة المليباري في دعواه التفرقة بين المتقدمين، والمتأخرين أنه لا يسير لا على طريق المتقدمين ولا على طريق المتأخرين, وإنَّما القصد من هذه الدعوى نسف جهود المتأخرين من القرن الخامس إلى القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر الهجري بهدم قواعدهم وتطبيقاتهم العلمية في خدمة سنة محمد صلى الله عليه وسلم.

    حيث قال الشيخ ربيع المدخلي في"عقيدة المليباري ومنهجيته الخطيرة في دراسة السنَّة وعلومها"قال:"شدَّ المليباري المتخصص في السنة -ظاهراً وشهادةً- الرِّحال إلى شيخه الغزالي الذي يطعن في السنة النبوية وأهلها وقد باض هذا المليباري لفتنته وفرَّخ في الجزائر وفي غيرها وزادت فتنته بحملته الشعواء بالتفريق بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين, وهو لا على طريق المتقدمين ولا على طريق المتأخرين, وإنَّما القصد من هذه الفتنة نسف جهود المتأخرين من القرن الخامس إلى القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر الهجري بهدم قواعدهم وتطبيقاتهم العلمية في خدمة سنة محمد r ".اهـ

    وقال في كتابه"التنكيل بما في توضيح المليباري من الأباطيل":"ترفّق بنفسك من هذا الزهو والادّعاءات الفارغة، فإنك توهم الناس باطلاعك على أقوال المتقدمين والمتأخرين، وليس الأمر كذلك.وإن عدم اطلاعك لا يقدم شيئـًا ولا يؤخره، اللهم إلا الضرر بأشباه الأنعام.اه

    ـ
    لقد كان الشيخ ربيع المدخلي يقرر أمورا ثابتة عند أهل السنة ويرد على من يخالفها واليوم يوافقهم ويسير معهم على نفس منهجهم.وكان مما أصله حمزة المليباري في كتابه"الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتعليلها"(ص:86)حيث قال المليباري:((وأما الرجوع المباشر إلى أحوال الرواة العامة في تصحيح الحديث وتعليله ،دون تتبع الملابسات، ودراسة القرائن التي تحيط به ،فعمل استروح إليه كثير من المتأخرين والمعاصرين ،مع أنهم يشعرون عن يقينٍ أن الإحاطة الشاملة بالعلل ، أو التأكد من انتفائها ، كانت من خصائص النقاد المتقدمين)) اهـ

    وهذا الكلام هو نفس كلام الشيخ ربيع المدخلي الذي انتقص به أحكام أئمة الجرح والتعديل والمحققين فيه من العلماء وذلك ما جاء في قوله:((أقول:أثبت بالبراهين أن كل مَنْ نقلتَ عنهم توثيق هشام أنهم قد قاموا بتتبع أحاديث هشام واعتبارها، فوجدوا أن كلها مستقيمة، فوثقوه بناء على هذا التتبع والاعتبار.

    أما أنا فأعتقد أن كثيراً منهم، ولا سيما المتأخرين إنما تابعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم بدون تتبع ولا اعتبار))انتهى.

    هكذا يناقض الشيخ ربيع المدخلي نفسه في مسيرته العلمية التي حفلت بالدفاع والذب عن الحديث وعلومه وحملته ويسلك اليوم مسلك الذين يسعون إلى هدم قواعد أئمة الحديث وعلومهم ويفعلوا بها ما يشاءون.

    المسألة الثانية:تشكيكه في توثيق بن معين لهشام بن الغاز:

    إ
    ن غاية ما ذكره الشيخ ربيع المدخلي من المعارضة لتوثيق ابن معين من الأمثلة هي في حال التفرد من ابن معين في التوثيق مع عدم الموافقة عليها من أئمة الجرح والتعديل وحينئذ لا يقدم قوله في توثيق راو جرحه غيره بعد أن جرب أحاديثه.
    ولا يصح له استدلاله في هذا إلا إذا أثبت أن توثيق ابن معين لهشام بناء على استقامة حديث واحد دون تتبع لما رواه من الأحاديث.

    ومن جهة أخرى أن ما نقله عن العلامة عبد الرحمن المعلمي-رحمه الله–إنما هذا في توثيق الرواة الذين لم يجرحهم أحد أو يوثقهم أحد إذا كانوا من الطبقات المتقدمة كطبقة كبار التابعين، وكان فيه جهالة كما هو الحال فيمن ذكرهم نقلا من كلام عبد الرحمن المعلمي إلا أن الشيخ ربيع المدخلي لم يبين كلام العلامة عبد الرحمن المعلمي في أنه لم يتفرد بهذا ابن معين ولا هو خاص به ؛فقد وجد لجماعة من الأئمة مثله،

    وأقرهم على ذلك جماعة من المحققين منهم الذهبي إذا قال في "الميزان"(1/211) في ترجمة أسقع بن أسلع عن سمرة بن جندب:"ما علمت روى عنه سوى سعيد بن حجير الباهلي ، وثقه مع هذا يحيى بن معين فما كل من لا يعرف ليس بحجة لكن هذا الأصل". اهـ

    وقال الذهبي في"الميزان" ( 3/426)في ترجمة مالك بن الخير: مصري ، محله الصدق ، يروي عن أبي قبيل .... روى عنه حيوة بن شريح - وهو من طبقته - وابن وهب وزيد بن الحباب ورشدين .وقال ابن القطان:هو ممن لم تثبت عدالته.يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة، وفي رواة "الصحيحين" عدد كثير ما علمنا أن أحدا نص على توثيقهم، والجمهور على أنه من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح". اهـ

    وقال أيضا في"الميزان"(1/556)في ترجمة حفص بن بغيل -بعد أن ذكر قول ابن القطان الفاسي فيه:لا يعرف له حال- قال:لم أذكر هذا النوع في كتابي هذا ،فإن ابن القطان يتكلم في كل من لم يقل فيه إمام عاصر ذلك الرجل أو أخذ عمن عاصره ما يدل على عدالته وهذا شيء كثير، ففي"الصحيحين"من هذا النمط خلق كثير مستورون ما ضعفهم أحد، ولا هم بمجاهيل.اهـوقال في الموقظة (ص79 ):"فصل من أخرج له الشيخان على قسمين:أحدهما:ما احتجا به في الأصول .

    وثانيهما:من خرجا له متابعة وشهادة واعتبار .فمن احتجا به أو أحدهما ولم يوثق ولا غمز: فهوثقة حديثه قوي "اهـوقال أيضاً في ترجمة أبو عُمير بن أنس بن مالك:"تفرد عنه أبو بشر ،قال ابن القطان: لم تثبت عدالته .

    وصحح حديثه ابن المنذر وابن حزم وغيرهما ،فذلك توثيق له".
    وقال ابن حجر في ترجمة أحمد يحيى بن محمد الراني:"بل يكفي في رفع جهالة عينه رواية النسائي عنه ، وفي التعريف بحالة توثيق له".

    وقال السخاوي:"وبالجملة فرواية إمام ناقل للشريعة لرجل ممن لم يرو عنه سوى واحد في مقام الاحتجاج كافية في تعريف وتعديله". فدل هذا على أن صنيع ابن معين لم يتفرد به، وإنما هو رأي فريق جليل من المتقدمين والمتأخرين.

    والذي يريد أن يتوصل إليه الشيخ ربيع المدخلي من إثباث تخطئة توثيق ابن معين وأن تعديل ابن معين لهشام بن الغاز من التعديل الذي لا يستحق التعديل، إنما أمر تجرأ به ليثبت دعواه في أئمة الجرح والتعديل بأنهم لم يتتبعوا أو يعتبروا في جرحهم وتوثيقهم لهشام بن الغاز.

    فما ذكره من النقول حجة عليه وليست له، فإننا نطالبه أن يثبت من كلام أئمة الجرح والتعديل تضعيفهم لهشام بن الغاز وتهوينهم لروايته على نحو ما ذكره من كلام الأئمة في مخالفتهم الإمام يحيى بن معين في تضعيف من وثقه.


    المسألة الثالثة:ادعاه من دون دليل ولا حجة أن الأئمة وثقوا هشام بن الغاز من دون تتبع لأحاديثه ولا اعتبارها.

    إن من أظهر علامات خطورة منهج الشيخ ربيع المدخلي التظاهر بسمات وقدرات كبار أئمة الحديث وعلماء الجرح والتعديل الذين عندهم القدرات والكفاءة العالية فيما ذهبوا إليه من التجريح والتعديل والتصحيح والتضعيف وعندهم المبررات.وعلماء الحديث لا يدعون العصمة في أئمة الجرح والتعديل لكن هم أكثر الناس صوابا وأندرهم خطأ، وقد اجتهدوا في تتبع الرواة ومعرفة مروياتهم واعتبارها وضمنوا كتب الجرح والتعديل خلاصة جهودهم.ومن قرأ في بعض كتب الجرح والتعديل المصنفة في أسماء الرواة والنقلة

    وأحوالهم؛ مثل كتب يحيى بن سعيد القطان، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم الرازي، والنسائي، وأبي حاتم بن حبان، وأبي أحمد بن عدي، والدارقطني، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، ويعقوب بن سفيان، والعجلي، والعقيلي، والموصلي، والحاكم النيسابوري، والحافظ عبد الغني بن سعيد المصري،

    وأمثال هؤلاء الذين هم جهابذة النقاد، ولهم المعرفة التامة بأحوال الإسناد علم أن ما قاله فضيلة الشيخ ربيع المدخلي-هداه الله- بعيدا غاية البعد عن جادة الصواب،فإن من قال فيهم هذا الكلام هم أئمته، وهم مرجع علماء الأمة، وهم الذين حفظوا السنن والآثار وكشفوا عن أحوال الرواة، ولهم الْمَعْرِفَة التامة بالرواة والشيوخ والتلاميذ ، وكيفية تلقي التلاميذ من الشيوخ والأحوال والوقائع وطرق التحمل وكيفية الأداء من أجل مَعْرِفَة الخطأ من الصواب وكيفية وقوع الخلل والخطأ في الرِّوَايَة.

    وهذا الذي قرره الشيخ ربيع المدخلي في رده على أبي الحسن المصري حتى قال مخاطبا أبا الحسن المصري:" أفمثل هذه الأمور يُغفلها سلفي عند الحديث عن رواة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنَّ تعديلهم وجرحهم يقوم على منهج عظيم ودراسة واعية لأحوال الرواة ودينهم وأخلاقهم إلا فيما ندر من الحالات من بعض النقاد.

    وإنَّ كلام أبي الحسن هذا فيه تلبيس وإجحاف بحق أئمة النقد حملة الإسلام والذابين عنه رحمهم الله ورضي عنهم، فهل هذه حالهم جميعاً في كل الأحوال فتكون تزكيات جميع أئمة النقد مبنية على حضور أحدهم مجلساً واحداً..إلخ، حاشاهم وبرأهم الله من هذا القول......اهـ

    ومع كل ذلك فقد قال ابن الصلاح رحمه الله في قضية الجرح:"وأكثر ما يوجد في كتب الجرح والتعديل"فلان ضعيف"أو "متروك"ونحو ذلك فإن لم نكتف به أنسد باب كبير في ذلك.وأجاب بأن إذا لم نكتف به توقفنا في أمره لحصول الريبة عند ذلك.اهـ

    وعلق الحافظ ابن كثير-رحمه الله- في"الباعث الحثيث":" قلت:أما كلام هؤلاء الأئمة المنتصبين لهذا الشأن فينبغي أن يؤخذ مسلماً من غير ذكر أسباب وذلك للعلم بمعرفتهم، واطلاعهم واضطلاعهم في هذا الشأن، واتصافهم بالإنصاف والديانة والخبرة، والنصح لا سيما إذا أطبقوا على تضعيف الرجل أو كونه متروكاً أو كذابا أو نحو ذلك فالمحدث الماهر لا يتخالجه في مثل هذا وقفة في موافقتهم، لصدقهم وأمانتهم ونصحهم.

    ولهذا يقول الشافعي، في كثير من كلامه على الأحاديث:"لا يثبته أهل العلم بالحديث"، ويرده، ولا يحتج به، بمجرد ذلك. والله أعلم".اهـوقال العلامة المحدث الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في مقدمته لكتاب “الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/ب)"، في أئمة النقد والنقاد.

    ليس نقد الرواة بالأمر الهين، فإن الناقد لا بد أن يكون واسع الإطلاع على الأخبار المروية، عارفاً بأحوال الرواة السابقين وطرق الرواية، خبيراً بعوائد الرواة ومقاصدهم وأغراضهم،وبالأسباب الداعية إلى التساهل والكذب، والموقعة في الخطأ والغلط، ثم يحتاج إلى أن يعرف أحوال الراوي متى ولد؟ وبأي بلد؟ وكيف هو في الدين والأمانة والعقل والمروءة والتحفظ؟ ومتى شرع في الطلب؟ ومتى سمع؟ وكيف سمع؟ ومع من سمع؟ وكيف كتابه؟

    ثم يعرف أحوال الشيوخ الذين يحدث عنهم وبلدانهم ووفياتهم وأوقات تحديثهم وعادتهم في التحديث، ثم يعرف مرويات الناس عنهم ويعرض عليها مرويات هذا الراوي ويعتبرها بها، إلى غير ذلك مما يطول شرحه، ويكون مع ذلك متيقظاً، مرهف الفهم، دقيق الفطنة، مالكاً لنفسه، لا يستميله الهوى ولا يستفزه الغضب، ولا يستخفه بادر ظن حتى يستوفي النظر ويبلغ المقر، ثم يحسن التطبيق في حكمه فلا يجاوز ولا يقصر.

    وهذه المرتبة بعيدة المرام عزيزة المنال لم يبلغها إلا الأفذاذ.
    وقد كان من أكابر المحدثين وأجلتهم من يتكلم في الرواة فلا يعول عليه ولا يلتفت إليه. قال الإمام علي ابن المديني وهو من أئمة هذا الشأن "أبو نعيم وعفان صدوقان لا أقبل كلامهما في الرجال، هؤلاء لا يدعون أحداً إلا وقعوا فيه:، وأبو نعيم وعفان من الأجلة، والكلمة المذكورة تدل على كثرة كلامهما في الرجال ومع ذلك لا تكاد تجد في كتب الفن نقل شيء من كلامهما .

    إلى أن قال:"....وذلك أنه رأى أن مدار الأحكام في كتاب الجرح والتعديل على أولئك الأئمة، وأن الواجب أن لا يصل الناظر إلا أحكامهم في الرواة حتى يكون قد عرفهم المعرفة التي تثبت في نفسه أنهم أهل أن يصيبوا في قضائهم، ويعدلوا في أحكامهم، وأن يقبل منهم ويستند إليهم ويعتمد عليهم ".اهـ

    فوصف الشيخ ربيع المدخلي أئمة الجرح والتعديل في حال قيامهم في توثيق الرواة بأنهم لا يتتبعون ولا يعتبرون في حكمهم على الرواة جرحا وتعديلا ،من دون سبر لمروياته ولا دراسة ومقارنة مروياته بمرويات غيره هذا من الإهدار لاهتمام المحدثين بالسماع المباشر من شيوخهم وملازمتهم لهم والرحلات الطويلة الشاقة من سائر أقطار العالم الإسلامي إلى الأقطار الأخرى للسماع من العلماء والمحدثين، بل إن كثيراً من أهل الحديث من يرحل إلى البلاد النائية من أجل حديث واحد ليسمعه معه من شيخه مباشرة.

    وأهدر أحوال الرواة وأخبارهم في البحث عن عدالة الرواة واختبار حفظهم وتيقظهم ثم شهادتهم بالعدالة والضبط لمن عرفوا من أحواله حتى يتميز المقبول منهم من المردود وشهادتهم على الكذابين والضعفاء والمخلطين والتحذير منهم، ولفت الأنظار إلى المدلسين على اختلاف طبقاتهم، وشهادتهم عليهم بما عرفوه من أحوالهم، وهذه أمور مشهورة معروفة مدونة في كتب الرجال وتراجمهم .

    قال العلامة الشيخ المعلمي رحمه الله- تحت عنوان كيف البحث عن أحوال الرواة-: ((الثامن: ينبغي أن يبحث عن معرفة الجارح أو المعدل بمن جرحه أو عدله فإن أئمة الحديث لا يقتصرون على الكلام فيمن طالت مجالستهم له وتمكنت معرفتهم به.بل قد يتكلم أحدهم فيمن لقيه مرة واحدة وسمع منه مجلساً واحداً أو حديثاً واحداً وفيمن عاصره ولم يلقه، ولكنه بلغه شيء من حديثه وفيمن كان قبله بمدة قد تبلغ مئات السنين إذا بلغه شيء من حديثه ومنهم من يجاوز ذلك،

    فابن حبان قد يذكر في الثقات من يجد البخاري سماه في تاريخه من القدماء وإن لم يعرف ما روى وعمن روى ومن روى عنه، ولكن ابن حبان يشدد وربما تعنت فيمن وجد في روايته ما استنكره وإن كان الرجل معروفاً مكثراً والعجلي قريب منه في توثيق المجاهيل من القدماء وكذلك ابن سعد وابن معين وآخرون غيرهما يوثقون من كان من التابعين أو أتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم مستقيمة بأن يكون له فيما يروي متابع أو شاهد وإن لم يرو عنه إلا واحد ولم يبلغهم عنه إلا حديث واحد...)).

    وقال ابن أبي حاتم في كتابه الجرح و التعديل (9/222) في ترجمة : يوسف بن خالد السمتى البصري:"...قال أخبرنا عبد الرحمن أن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إلي قال سمعت يحيى بن معين يقول : وذكر يوسف بن خالد السمتى فقال:كذاب خبيث عدو الله رجل سوء رأيته بالبصرة أحصى لا يحدث عنه أحد فيه خير .....

    ثم قال أخبرنا عبد الرحمن قال سمعت أبي وسألته عن يوسف بن خالد فقال:أنكرتُ قول يحيى بن معين فيه أنه زنديق حتى حمل إلي كتابه قد وضعه في التجهم بابا بابا ينكر الميزان في القيامة، فعلمت أن يحيى بن معين كان لا يتكلم إلا على بصيرة وفهم ، قلت :ما حاله؟ قال ذاهب الحديث ضعيف".

    ومثل ذلك قول أبي يحيى الناقد:"كنا عند إبراهيم بن عرعرة فذكروا يعلى بن عاصم فقال:رجل أحمد بن حنبل يضعفه فقال:رجل وما يضر إذا كان ثقة ؟ فقال ابن عرعرة :والله لو تكلم أحمد في علقمة والأسود لضرهما"انظر سير أعلام النبلاء (11/ 202) .

    ومن علقمة والأسود إنهما من أئمة التابعين فهل رأى ابن عرعرة أحمد بن حنبل معصوما؟كلا والله ولكنها منـزلة أحمد وارتفاع قدره وقبول قوله في الرجال لأنه الثقة المأمون المجرب بأنه لا يتكلم إلا عن بصيرة.


    وهذا شأن أئمة الجرح والتعديل الذين غمزهم فضيلة الشيخ ربيع المدخلي وحط من قدرهم وأهدر أحكامهم، !بناء على عبارة لا تعطي شيئا من هذا التحامل، وكان عليه أن يتواضع وينحني لإمامتهم ومكانتهم في هذا العلم قبل أن يحكم عليهم بهذه الأحكام الغالية.

    إن في كلام الشيخ ربيع المدخلي انتقاصا لعلومهم وانتقاصا لما حضوا به من المكانة في أوساط الأمة من قبل أن يدعي الشيخ ربيع المدخلي الاستقراء الذي به سيلحق بمنهج المتقدمين وإذ به يقضي على جهود علمائنا في الحديث طيلة أكثر من ألف عام .أهكذا يكون النقاش العلمي والمسلك الصحيح في تعظيم الصحابة ونصرتهم والذب عنهم إن أفعال الشيخ ربيع المدخلي هذه يصدق عليها المثل:"كمن يريد أن يبني قصرا ويهدم مصرا"،

    بل لا بناء فيه اطلاقا فالشيخ ربيع يريد يحمي الأمة الإسلامية من أن تقع في الطعن في الصحابة والثلب في الخليفة الراشد بزعمه فجرَّه إلى انتقاص علماء الجرح والتعديل ومصادمة قواعدهم وجره إلى الحط على أئمة الحديث والجرح والتعديل وتهوين جانب كبير من علومهم الذي هو وغيره أعجز من أن يخرجوا عن أقوالهم واعتمادها في دائرة النقد.

    والذي يريد حماية الأمة من الطعن في الصحابة رضي الله عنهم يحثهم ويربيهم على المنهج الحق ونصوص علمائهم ويدفع هذه الشبهة الموهومة المفتراه بما حواه هذا المنهج من الأصول والضوابط لا بما يخترعه هو من عند نفسه ومن التمويهات التي تحط من قيمة ومكانة هذا المنهج وقواعده ومكانته أهله.

    وأن لا يستبدل باعتقاداته البعيدة وأرائه المرجوحة الشاذة وينحي القواعد عن مكانتها ويتستبدل بها قواعد وأراء فاسدة كان في الأيام القريبة يعتبرها من أنكر المنكرات وافرى الفرى ويرد على من يفعل مثل هذا.

    لقد أخذ الشيخ ربيع المدخلي يتعامل مع نصوص أئمة الجرح والتعديل السابقين منهم والآحقين بمنهج خطير انطلق منه إلى التهجم وتهتك على كثيرين من أئمة المسلمين وحفاظهم الذين وثقوا هشام بن الغازي ،ففعل مع محمد بن سعد بن منيع، أبي عبد الله، مولى بني هاشم الحافظ البصري صاحب الطبقات، ما لم يسبقه أحد ولم يعتد بقول أهل المعرفة كما قال فيه الخطيب البغدادي في"تاريخ بغداد (5/321):".. ومحمد عندنا من أهل العدالة، وحديثه يدل على صدقه فإنه يتحرى في كثير من رواياته ..".

    بل قال في كل من عثر عنه أنه وصف هشام بن الغاز بالحفظ والإتقان والتوثيق بأنهم قالوا ذلك عن تقليد وعدم تتبع واعتبار حيث قال:"أما أنا فأعتقد أن كثيراً منهم، ولا سيما المتأخرين إنما تابعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم بدون تتبع ولا اعتبار".
    وفي هذا إساءة من فضيلته إلى توثيق علماء الجرح والتعديل في كتبهم الذي اعتمدها المسلمون وجعلوها مراجعا لهم في هذا الباب.

    وفضيلة الشيخ ربيع المدخلي واحد من هؤلاء العلماء الذي ليس له غناء ولا مرجع يعتمده إلا كلامهم بينما نجده اليوم يصدر عليهم هذه الأحكام القاسية وكان بالأمس القريب ينتقد ويحذر من قائل هذه المقولة ويشمئز منها غاية الإشمئزاز.

    فما فائدة تأصيله في قبول قول الثقة وهو يخالف ذلك عمليا بطريقة علي حسن الحلبي وأبي الحسن المصري الذين كانوا يتاحيلون على أهل النقد بتحايلات مفادها رد قبول أقوال أئمة الجرح والتعديل.والذي عليه أئمة الجرح والتعديل خلاف هذا تماما فإن مدار حكمهم على التتبع الاستقرائي لمرويات الراوي كما قرره المعلمي في التنكيل ونقله الشيخ ربيع المدخلي في رده على أبي الحسن المصري في أخبار الآحاد.وهذا الكلام الذي يتعلق به الشيخ ربيع المدخلي هو الذي يسير عليه حمزة المليباري واتباعه.

    وللأسف الشديد فإن سلوك الشيخ ربيع المدخلي هذه الطريقة في التعامل مع أقوال الأئمة مغالطة منه في استخدام القواعد الحديثية في كيفية عمل أهل العلم عند تعارض الأقوال في الجرح والتعديل وأنهم يردون قول المتشدد إذا كان جرحه مبهما وعارض غيره من المتوسطين ممن كان تعديلهم مفسرا وأن هذا ليس في جميع الحالات ،وأنهم يتعاملون غالبا مع القواعد الحديثيّة، وهذا غير موجود في توثيق هشام بن الغاز،بل وثقه عدد كثير من ثقات العلماء وأهل المعرفة التّامّة, ولم يخالف أحد في توثيقه غير أنه الإمام أحمد بن حنبل قال:((صالح الحديث).

    فكيف يجترئ الشيخ ربيع المدخلي من قول الإمام أحمد هذا بالقدح بذلك على الموثقين موهماً أنّهم فعلوا ذلك تقليدا دون تتبع واعتبارفي أزهى عصور العلم. إن من الخطورة الواضحة بمكان في منهج الشيخ ربيع المدخلي انتقاصه لتوثيق الأئمة لهشام بن الغاز بطريقة الكوثري حينما رمى علماء الجرح والتعديل المتقدمين منهم والمتأخرين بالقصور والتقصير في أحكامهم على رجال الحديث وقام بالتهجم عليهم والغض من مكانتهم كما هو واضح فيما يفعله الآن الشيخ ربيع المدخلي، حيث قال:"اعتماد الخزرجي على توثيق ابن معين فيه نظر؛ لأنه أهمل قول ابن معين الآخر: "لا بأس به"، وكذا أهمل قول الإمام أحمد:"صالح"، وأهمل قول أبي حاتم الذي ضاهى به عتبة بن أبي حكيم، حيث قال فيه: "لا بأس به، صالح الحديث.

    وقال أيضاً:"والظاهر أن الخزرجي لم يدرس مرويات هشام بن الغاز، ولو درسها لوافق الإمام أحمد وابن معين وأبا حاتم في أنه صالح أو لا بأس به، بل قد يدرك أنه دون ذلك".

    وهكذا قوله عن الحافظ ابن حجر أنه لم يجمع بين الأقوال، ولو جمع بينها لما قال في هشام إنه ثقة مع تصريح الحافظ ابن حجر في مقدمة التقريب أنه طريقته في الحكم الجمع بين أقوال أهل الجرح والتعديل ويأخذ المعتمد المعتبر منها.

    وإذا كان فضيلة الشيخ ربيع منصفا فليثبت ما ادعاه ورتكبه في حق الحافظ ابن حجر-رحمه الله- الذي ظل على ذلك مدة طويلة من الزمان في اعتبار الجمع في أقوال أئمة الجرح والتعديل في نظر العلماء ولم يتجرأ أحد من أهل العلم من قبل الشيخ ربيع المدخلي أن يتهم الحافظ ابن حجر بهذا القول الذي يحمل في طياته سوء الظن بالعلماء ويفتح بابا لم يسبقه إليه غير الكوثرين ولا سيما شعيب الأرناؤوط وبشار عواد .

    وقد كانوا العلماء قديما قبل زمن الشيخ ربيع المدخلي لهم مناقشات لبعض أحكام الحافظ ابن حجر على الرواة وربما يختارون حكما على بعض الرواة غير ما ختاره الحافظ ولكن ليس كطريقة الشيخ ربيع المدخلي الذي يرميه بالقصور وعدم الجمع في لأقوال علماء الجرح والتعديل، ولم يدعوا يوما من الأيام ما ادعاه الشيخ ربيع المدخلي.

    وقد كان الشيخ ربيع المدخلي يستنكر فعل شعيب الأرناؤط مع الحافظ ابن حجر رحمه الله بينما يقع بما كان ينكره على غيره.

    فالحاصل إن الشيخ ربيع سلك سبيل شعيب الارناؤط وجماعته في كلامه هذا على الحافظ ،بل إن كلام الشيخ ربيع المدخلي الذي صرح به بقوله:" أما أنا فأعتقد أن كثيراً منهم، ولا سيما المتأخرين إنما تابعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم بدون تتبع ولا اعتبار".

    وهو نفس اتهام حمزة المليباري لعلماء الجرح والتعديل المتأخرين بأنهم مقلدة ولم ينهجوا منهج المتقدمين في معرفة حال الراوي من خلال مروياته وإنما اعتمدوا على أقوال المتقدمين في نقد الرجال مع تساهل وقصور في التتبع والجمع لأقوالهم.

    فسبحان الله إذا كان مثل هؤلاء الأئمة المشهود لهم بالتقدم بهذا الفن من أكثر من ألف سنة لا يعتمد على أحكامهم على الرواة أيعتمد في ذلك على أحكام الشيخ ربيع المدخلي ومن معه.
    إن هذه النظرة المنهجية التي يسير عليها تنبئ على أن العلماء من قبله لم يكونوا على وعي ومعرفة وفهم طول هذه القرون حتى جاء الشيخ ربيع المدخلي ومن معه بهذا المنهج والنظرة ليبصروا العلماء وطلاب العلم بما كانوا في عمية منه.


    ومما يجدر التنبيه عليه فإن نظرة الشيخ ربيع المدخلي ومن معه من الكوثريين أن نقدهم هذا للعلماء موقف لهم تجاه علماء الأمة من بعد عصر ابن معين إلى يومنا هذا كما أنه أبان الشيخ ربيع المدخلي نظرته السيئة للعلماء المتأخرين وعلى وجه الخصوص للحافظ ابن حجر حيث يتهمه بعدم القيام بما تبناه في أوضح الأمور ظهورا.

    ومن عجب الشيخ ربيع المدخلي دعواه الاستقراء وأنه سيلحق بمنهج المتقدمين في حكمه على هشام بن الغاز، ومروياته في الوقت الذي يتناقض ويتأرجح في حكمه على أثر واحد فتارة يوثق هشام بن الغاز كما في المدخل على الصحيح.

    وأخرى يقول:قال أحمد صالح ومرة يقول صالح الحديث.وتارة يقول:لم يخرج أثره أحد غير بن أبي شيبه في مصنفه لأنه لم يلتزم الصحة.

    وتارة يقول:الزيادة المزعومة، وهي ثابتة بأصح الطرق إلى هشام بن الغاز.
    ويرجح الطرق الضعيفة عن هشام بن الغاز ليستدل على ضعف الزيادة قول ابن عمر رضي الله عنه((بدعة وكل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة))

    كما في رواية مصعب بن سلام عند الحاكم في"المستدرك"(1/283)قال:أنبأ عبد الله بن الحسين القاضي ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا محمد بن عيسى بن الطباع ثنا مصعب بن سلام عن هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج يوم الجمعة فقعد على المنبر أذن بلال

    هذا حديث صحيح الإسناد فإن هشام بن الغاز ممن يجمع حديثه ولم يخرجاه
    .

    قال الشيخ ربيع المدخلي:" أقول: أعتقد أن هذا الأثر هنا هو الذي سمعه هشام بن الغاز من نافع عن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهما-.

    وهذا الأثر حق؛ لأنه يعضده أحاديث صحيحة؛ ولأنه خال من تلك الزيادة الباطلة التي تصم الأذان الذي سنّه الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه- بأنه بدعة ضلالة، وتعود عليه وعلى الصحابة والتابعين بالطعن".اهـ

    هكذا يفعل الشيخ ربيع المدخلي ويخطئ الجهابذة من أهل الفن من غير دليل ويرمي من يشاء بالقصور والتبعية في أحكامهم ويصحح الضعيف كما هنا فإن الراوي عن هشام بن الغاز بهذا اللفظ هو مصعب بن سلام ومصعب هذا قال فيه الذهبي معقبا على تصحيح الحاكم:"مصعب ليس بحجة".

    لأنه تفرد بهذا اللفظ المرفوع عن سائر الرواة عن هشام بن الغاز.

    وكل الرواة عن هشام بن الغاز رووه موقوفا عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه من قوله في إنكار زيادة الأذان الثاني.

    وقد ذكر أهل العلم هذه الرواية من أوهامه كما في الكامل لابن عدي(6/363) وقال-رحمه الله-منبها على تفرده بهذا اللفظ دون الرواة عن هشام بن الغاز:"ولمصعب أحاديث غير ما ذكرت غرائب وأرجو أنه لا بأس به وأما ما انقلبت عليه فإنه غلط منه لا تعمد".
    وهذا مصداق ما قال في الحافظ ابن حجر في مصعب بن سلام:((صدوق له أوهام).

    والشيخ ربيع المدخلي صاحب دعوى التتبع على طريقة المتقدمين يقول عن هذه الرواية المرفوعة التي تفرد برفعها مصعب بن سلام (هذا الأثر)هكذا قال .

    المسألة الثالثة:مخالفة الشيخ ربيع المدخلي لقواعد العلماء وطريقتهم في معرفة استقامة أحاديث الراوي.

    لما كانت دعاوي الشيخ ربيع المدخلي عارية عن الإثبات والإنصاف سلك طريقة تخالف طريقة العلماء في الاستدلال والاحتجاج وذهب يدعي التتبع والسبر لمرويات هشام بن لغاز مدعيا أنه على طريقة المتقدمين في سبر روايات الرواة واعتبارها .

    وهذه الدعوة من الشيخ ربيع المدخلي مردودة كما نبه على ذلك العلامة المعلمي حيث قال في"التنكيل"(1/80):"استقامة الرواية:وهذا يثبت عند المحدث بتتبعه أحاديث الراوي واعتبارها وتبين أنها كلها تدل على أن الراوي كان من أهل الصدق والأمانة ، وهذا لا يتيسر لأهل عصرنا".اهـ

    لأن أئمة الجرح والتعديل يعيشون مع الراوي من أول حياته إلى آخرها، ولهم في ذلك أمور عجيبة جدا، وهذا الحكم الذي يصفون به الراوي لم يأت إلا بجهود كبيرة جدا بذلها هؤلاء الأئمة -رحمهم الله تعالى- .

    قال الحافظ ابن كثير في"الباعث الحثيث":"ويعرف ضبط الراوي بموافقة الثقات لفظا، أو معنى وعكسه عكسه".فنظرة علماء الحديث ،تتبعهم مرويات الراوي في جميع أحواله حاله في صغره، وحاله في كبره، وحاله في بعض شيوخه، وحاله في كتابه، وحاله إذا حدث من حفظه وحاله في روايته مقارنة برواية الثقات.

    وكذلك إذا سمعوه حدّث بحديث ثم حدّث به مدة على وجه ينافي الوجه الأول، وفي الكفاية( ص113) عن شعبة قال "سمعت من طلحة بن مصرّف حديثا واحدا وكنت كلما مررت به سألته عنه.... أردت أن أنظر إلى حفظه فإن غيّر فيه شيئا تركته".وكان أحدهم يقضي الشهر والشهرين ينتقل في البلدان يتتبع رواية حديث واحد كما وقع لشعبة في حديث عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر، وكما وقع لغيره في الحديث الطويل في فضائل السور.

    وهذا كله يدل على أن جل اعتمادهم في التوثيق والجرح إنما هو على سبر حديث الراوي.

    ومن تتبع كتب التراجم وكتب العلل بان له من جهدهم واجتهادهم ما يحير العقول.وقد قام العلماء الحفاظ النقاد ،بنقد كل راو ٍظهر منه خطأ، أو ضعف، أو تخليط ، أو اضطراب أو تزيُّد أو سهو أو نسيان بتتبع واعتبار وضمنوا ذلك بكتب الجرح والتعديل وكتب العلل.

    وإنّ دعوى الشيخ ربيع المدخلي التي أتى بها ليدلل على أن هشام بن الغاز غير ضابط وأنه كثير الخطأ ومن ثمَّ يكون غير ثقة دعوى تصادم قواعد علماء مصطلح الحديث وطريقة أئمة الجرح والتعديل المتفق عليها بمعرفة ضبط الراوي .

    ثم إن طريقة الشيخ ربيع المدخلي في دعوى سبر مرويات هشام بن الغاز ليثبت ما حكم به عليه تخالف ما ذكره أهل العلم في كتب المصطلح الحديث وعملهم في معرفة ضبط الرواة وذلك من خلال (موافقته للثقات في الأغلب لروايتهم) وإليك بيان ذلك:

    فإنه لمن يريد أن يعرف ضبط الراوي عند أهل الحديث يستدل على ذلك بموافقته لأحاديث الثقات الأثبات فإذا كان ممن يوافقهم في حديثهم وممن يشاركهم في الصحيح من أحاديثهم كان من أهل الضبط .

    وهذا الذي عليه جمهور علماء الحديث قال مسلم في"مقدمة كتابه"(ص7):"لأن حكم أهل العلم، والذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرد به المحدث من الحديث أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا، وأمعن في ذلك على الموافقة لهم.

    فإذا وجد كذلك، ثم زاد بعد ذلك شيئاً ليس عند أصحابه، قبلت زيادته...".قال الشافعي في"الرسالة"(1047):"يعتبر على أهل الحديث بأن إذا اشتركوا في الحديث عن الرجل بأن يستدل على حفظ أحدهم بموافقة أهل الحفظ، وعلى خلاف حفظه بخلاف أهل الحفظ له".

    وقال ابن الصلاح
    في"علوم الحديث"(ص:116):"ويعرف كون الراوي ضابطا بأن تعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان، فإذا وجدنا رواياته موافقه-ولو من حيث المعنى-لرواياتهم أو موافقه لها في الأغلب، والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطا وثبتا وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه".
    قال العراقي في"شرح التبصرة والتذكرة"(1/108):"لمّا تقدّمَ أنهُ لا يقبلُ إلاّ العدلُ الضابطُ احتيجَ أنْ يذكرَ ما الذي يُعرفُ به ضبطُ الراوي، وذلك بأنْ يُعتبَرَ حديثُهُ بحديثِ الثقاتِ الضابطينَ ،فإنْ وافقَهم في روايِتهم في اللفظِ، أو في المعنى، ولو في الغالبِ ،عرفنا حينئذٍ كونَهُ ضابطاً، وإن كانَ الغالبُ على حديثِهِ المخالفةَ لهم، وإنْ وافقَهم فنادرٌ، عرفنا حينئذٍ خطأهُ وعدمَ ضبطِهِ، ولم يحتَجَّ بحديثِهِ".

    وقد ذكرالسيوطي في ألفيته هذا النوع من أثبات الضبط لمن اتصف به فقال:
    يحفظ ان يمل كتابا يضبط ... ... أن يرو منه ، عالما ما يسقط
    أن يرو بالمعنى ، وضبطه عرف ... إن غالبا وافق من به وصف.

    وقال الذهبي في
    "الموقظة"(ص:52):"إن إكثار الراوي من الأحاديث التي لا يوافق عليها لفظاً ولا إسناداً يصيره متروك الحديث".
    وقال أيضاً":"أكثر المتكلم فيهم ما ضعفهم الحفاظ إلا لمخالفتهم الأثبات".

    بهذا يعرف كون الراوي ضابطا بأن تعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان، فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم، أو موافقة لها في الأغلب، والمخالفة نادرة، لم يخل ذلك بضبطه بل يحتج به لأن ذلك لا يمكن الاحتراز منهعرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا.

    فأين هذا من صنيع الشيخ ربيع المدخلي وطريقته التي يخالف فيها القواعد الحديثية، ويسلك طريقة تخالف ما هو مدون في كتب علماء مصطلح الحديث، وما جرى عليه العمل في كتب الجرح والتعديل.

    وهشام بن الغاز ممن يوافق رواة الثقات في حديثهم، وهذا كافي في إثبات ضبطه وحفظه وقد نص أهل العلم على استقامة رواياته ووصفوه بالإتقان والاستقامة.

    قال أبو بكر الخطيب البغدادي في"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع(1/135):"وإذا سلم الراوي من وضع الحديث، وادعاء السماع ممن لم يلقه واجتنب الأفعال التي تسقط بها العدالة، غير انه لم يكن له كتاب بما سمعه فحدث من حفظه لم يصح الاحتجاج بحديثه حتى يشهد له أهل العلم بالأثر والعارفون به أنه ممن قد طلب الحديث وعاناه وضبطه وحفظه".اهـ

    والشيخ ربيع المدخلي بطريقته هذه يضرب بكل أقوال أئمة الجرح والتعديل وبالقواعد الحديثية التي قرروها في كتبهم وذهب يسلك مسلكا مخالفا في أحكام أئمة الجرح والتعديل ويدعي المخالفة لروايات هشام، وأنه يخطئ مستدلاً على ذلك بتغاير بعض العبارات التي تعد اختلاف في اللفظ لا تخرجه عن وصفه بالحفظ والإتقان وموافقة الثقات.

    وهذا التقرير على خلاف عمل الشيخ ربيع المدخلي حيث جعل رواية هشام بن الغاز في حديثه عَنْ نَافعٍ ,عنِ ابنِ عُمرَ ؛أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِى الْحَجَّةِ الَّتِى حَجَّ فِيهَا فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث..أنه مخالف للرواة ببعض ألفاظه.

    فما حكم به الشيخ ربيع المدخلي من التوهيم لرواية هشام والتخطئة وأنه المخالفة في ألفاظ الحديث لا تعتبر عند أهل العلم مخالفة تقدح في رواية هشام بن الغاز.

    وهذا سلوك غريب ومخالفة واضحة لما نص عليه العلماء في أنه ليس الاختلاف في اللفظ مما يقدح في الحديث، إذا كان المعنى متفقاً.

    قال عبد الحق الإشبيلي كما في نقد بيان الوهم (58):(ليس الاختلاف في اللفظ مما يقدح في الحديث إذا كان المعنى متفقاً))اهـ.


    وقال ابن رجب في"فتح الباري"(6/393):"اختلاف ألفاظ الرواية يدل على أنهم كانوا يروون الحديث بالمعنى ولا يراعون اللفظ إذ المعنى واحد.
    وإلا لكان الرواة قد رووا الحديث الواحد بألفاظ مختلفة متناقضة ولا يظن ذلك بهم مع علمهم وفقههم وعدالتهم وورعهم"اهـ

    وقال المازري في"المعلم"(2/145):"بل هو سوء ظن بالرواة، وتطريق إلى إفساد أكثر الأحاديث".

    وقال المعلمي في"الأنوار الكاشفة"(262):"الخلاف بالرواية مما لا يغير المعنى، كالتقديم والتأخير وإبدال كلمة بأخرى مرادفة لها وجعل الضمائر التي للمخاطب للمتكلم وغيره ،فهذا من الرواية بالمعنى، وكانت شائعة بينهم فلا تضر)).

    وقال المعلمي أيضاً في"الأنوار الكاشفة"(262):"ما لا يختلف به المعنى وهذا ليس باضطراب".اهـوقصة الحديث لا خلاف في معناها، ولكن الألفاظ والعبارات ربما تختلف، فيعبر هذا الراوي بما لا يعبر به الآخر، وهذا لا إشكال فيه، ولا خلاف عندهم، لأن هذا النوع مما تسوغ فيه الرواية بالمعنى، وأهل العلم على جوازه كما تقدم من كلام العلماء .

    ومما يؤكد ذلك عزوا الحافظ ابن حجر، وغيره –رحمهم الله- للحديث أن أصله في الصحيح مع زيادات على ما في الصحيح ولم يعدوا تلك الزيادة من الأوهام التي يدعيها الشيخ ربيع المدخلي في رواية هشام بن الغاز.

    ولذلك قال الحافظ في الفتح:وهذا إسناد صحيح، وأصله مخرج في الصحيح . لو كان فيها علة أو مخالفة ما لنبهوا عليها قال عبد الرحمن المعلمي في"الأنوار الكاشفة" (1/87):"ثم بالغ محققوهم في العناية بالحديث عند التصحيح ،فلا يصححون ما عرفوا له علة ،نعم قد يذكرون في المتابعات والشواهد ما وقعت فيه مخالفة ما وينبهون عليه".

    وقال العلامة الألباني-رحمه الله- في "صحيح أبي داود"(6 /191)عن ابن عمر:((أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف يوم النَّحْرِ بين الجَمَرَاتِ في الحجة التي حَجَّ ،فقال:" أيُ يومٍ هذا؟ ". قالوا:يوم النحر قال:"هذا يوم الحجِّ الأكبِر)).

    إسناده:حدثنا مُؤَمَّلُ بن الفضل: ثنا الوليد ثنا هشام - يعني:ابن الغاز-:ثنا نافع عن ابن عمر.
    قلت:وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات مسلسل بالتحديث".اهـ

    وهكذا حكم بصحة إسناد هذا الحديث غير واحد من العلماء المعاصرين مما يدل على أن رواية هشام بن الغاز عن نافع عن بن عمر رضي الله عنه صحيحة معتمدة عند العلماء.

    فأين الأوهام المزعومة، وما ادعاه من الأوهام ليس بصحيح وهو مردود بتصحيح أولئك الأئمة له ؟؟

    المسألة الخامسة:اتهام الشيخ ربيع المدخلي لعلماء الجرح والتعديل ولاسيما المتأخرين منهم إنما تابعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم في أحكامهم على الرواة بدون تتبع ولا اعتبار.

    إن ما ادعاه الشيخ ربيع المدخلي من أن علماء الجرح والتعديل الذين اعتقد فيهم أنه لا يتتبعون الرواة ويعتبرون مروياتهم مقارنة بغيرهم هذه دعوة باطلة نطالبه بالإثبات لهذه الدعوة، وإليك كلام الذين وصفهم بعدم التتبع والاعتبار في أحكامهم على الرواة :

    قال السخاوي في"فتح المغيث"(1/20):"وأما من لم يتوقف من المحدثين والفقهاء في تسمية ما يجمع الشروط الثلاثة(وهي:العدالة والضبط والاتصال)صحيحاً ،ثم إن ظهر شذوذ أو علة رده ، فشاذ وهو استرواح ، حيث يحكم على الحديث بالصحة قبل الإمعان في الفحص وتتبع طرقه التي يعلم بها الشذوذ والعلة نفياً وإثباتاً فضلاً عن أحاديث الباب كله التي ربما احتيج إليها في ذلك ، وربما إلى التصحيح متمسكاً بذلك من لا يحسن ، فالأحسن سد هذا الباب .

    وإن أشعر تعليل ابن الصلاح ظهور الحكم بصحة المتن من إطلاق الإمام المعتمد صحة الإسناد بجواز الحكم قبل التفتيش ،حيث قال:" لأن عدم العلة والقادح هو الأصل الظاهر "فتصريحه بالاشتراط يدفعه ، مع أن قصر الحكم على الإسناد - وإن كان أحق - لا يسلم من الفقهاء".اهـ

    وقال البيهقي -رحمه الله-في"معرفة السنن والآثار"(1/144):"وهذا النوع من معرفة صحيح الحديث من سقيمه لا يعرف بعدالة الرواة وجرحهم وإنما يعرف بكثرة السماع ومجالسة أهل العلم بالحديث ومذاكرتهم والنظر في كتبهم والوقوف على روايتهم حتى إذا شذَّ منها حديث عرفه"اهـ

    وقال الحاكم-رحمه الله-في"معرفة علوم الحديث (ص:59-60):"إن الصحيح لا يعرف بروايته فقط، وإنما يعرف بالفهم والحفظ وكثرة السماع ، وليس لهذا النوع من العلم عون أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة ليظهر ما يخفى من علة الحديث .

    فإذا وجد مثل هذه الأحاديث بالأسانيد الصحيحة-رواة الحديث ثقات- غير مخرجة في كتابي الإمامين البخاري ومسلم لزم صاحب الحديث التنقير عن علته ومذاكرة أهل المعرفة به لتظهر علته"اه


    ـ
    وقال أيضا –رحمه الله–في المصدر السابق (ص: 113)عند بيان العلل:" والحجة عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير"اهـ

    وهذا نفس كلام المتقدمين تماما وقال أبوحاتم-رحمه الله- في"مقدمة الجرح والتعديل (1/350):"وإنما قلناه بعلم ومعرفة قد أوتينا"اهـ

    والحاصل:
    إن الشيخ ربيع المدخلي عجز عن إثبات ما ادعاه في هشام بن الغاز ولم يستطع أن يقيم دليلا واحدا على ما ادعاه في تضعيف هشام بن الغاز ورد روايته ،بل وجد له في تحقيقه للمدخل إلى الصحيح وصفه لشهام بن الغاز بأنه ثقة ومن رجال البخاري في صحيحه تعليقا.

    كما نص هنا في مقاله في الرد على العنابي تصحيحه لرواية بن الغاز الذي جاءت من طريق مصعب بن سلام مرفوعة.

    وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التلاعب في هذا العلم الشريف كل ذلك من أجل أن ينتصر لنفسه ولطائفة من جلسائه الذين أصبحوا منبوذين من أهل السنة في اليمن بسبب حزبيتهم المقنعة والمبالغة في التقية والتستر.


    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
    كتبه:
    أبو مصعب علي بن ناصر بن محمد
    العدني










    التعديل الأخير تم بواسطة علي بن ناصر العدني; الساعة 06-07-2013, 07:16 PM.

  • #2
    جزاك الله خيراً يا أبا مصعب على هذا الرد الموثق

    جزاك الله خيراً يا أبا مصعب على هذا الرد الموثق

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيراً أبا مصعب وذب الله عن وجهك النار

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا تذكير مهم للشيخ ربيع

        تعليق

        يعمل...
        X