(فضيلة الشيخ ربيع المدخلي يسلك مسلك أبي الحسن المصري في التلاعب بالحقائق العلمية والاستخفاف بعقول الناس)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد اطَّلَعْت على مقال ثانٍ للشيخ ربيع بن هادي المدخلي باسم:((الذب عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه والصحابة الكرام رضي الله عنهم على الدوام))
يَرُدُّ عَلَى مقالِ الأخ الفاضل أبي حاتم يوسف بن عيد العنابي-وفقه الله وسدده- يسْتَمِيتُ فيه بكل مَا أُوتِيَ مِنْ قُوَّةٍ في تضعيف هشام بن الغازي وإسقاط حديثه أمام توثيق جمع كبير من أئمة الجرح والتعديل.
كما أنه انتقص للإمام محمد بن سعد صاحب الطبقات، وشكك في توثيق الإمام يحيى بن معين وأساء إلى أئمة الجرح والتعديل حينما رماهم بالتقليد وأنهم تبع لغيرهم في تجريحهم وتعديلهم، وأهدر تصحيح أثر هشام بن الغاز لجمع هائل ممن صحح أثره هذا من المتقدمين والمتأخرين.
وكأن الشيخ ربيع المدخلي بكل أفعاله هذه يُغَلِّطُ من شاء ويُخطِّئ من شاء، ويسيءُ القول من دون حجة ولا إثبات إلى كل من يخالفه في هشام بن الغاز، ويطلق الأحكام على الأئمة جزافا من دون خوف ولا مراقبة لله عز وجل وهذا واضح في قوله: "أما أنا فاعتقد أن كثيرا منهم، ولا سيما المتأخرين إنما اتبعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم بدون تتبع ولا اعتبار".
هكذا يقول الشيخ ربيع المدخلي متعاليا إنما اتبعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم وكأنه لا يرى ابن معين ودحيما شيئا ؛ فإذا لم يكن ابن معين ودحيم أهلا للأخذ منهم والأتباع لهم فممن يأخذ الناس.
إن هذا الكلام من الغلو الشديد في الإسقاط والإهدار لأئمة الحديث.
فهو يسقط علماء الجرح والتعديل وأئمة الحديث في اعتبارهم لمرويات هشام بن الغاز ويقول عنهم: "إنما اتبعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم بدون تتبع ولا اعتبار".
ونقول: بل كل من وثق هشام بن الغاز كان توثيقه قائماً على التتبع والاعتبار وهذا شأن أئمة النقد وعلماء الجرح والتعديل، وهذه هي القاعدة، والمنهج الأساسي في جرحهم وتعديلهم.
وهذا ما كان يقرره الشيخ ربيع المدخلي قديماً وينادي به بأوضح البراهين إلا أنه اليوم التبس عليه علمه حيث قال في رده على كلام أبي الحسن في أخبار الآحاد: "قال أبو الحسن: ومن المعلوم أن التصحيح فرع التوثيق للرواة نقلة هذا الحديث، فأسأل وأقول:، كيف يوثق علماء هذا الفن رواة الأحاديث؟.
ثم قال: والجواب: إما أن يكون المعدل معاصراً للمعدَّل أو متأخراً عنه ولم يره بل اطلع على حديثه ،فإن كان معاصراً فإما أن يكون قد حضر له مجلساً ورآه يحدث بأحاديث مستقيمة فوثقه، وقد يكون الأمر بخلاف ذلك، وإن كان خلاف الظاهر مرجوحاً.
وإما أن يكون قد اختبره في أحاديث - قلت أو كثرت-، فمر فيها فوثقه.
وقد يكون حديث عهد بما سئل عنه، ولو سأله عن غير هذه الأحاديث لاشتبهت عليه - إن كان هذا الاحتمال مرجوحاً-.
وإن كان المعدل متأخراً فتوثيقه راجع إلى سبر روايات المحدث ومقارنتها بحديث غيره، وقد يتوسع الناقد فيسبر كل حديث المحدث وقد لا يفعل فالتوثيق اجتهادي لا قطعي؛ ونحن نرى كثيراً من التراجم قد اختلف فيها الأئمة بين معدل ومجرح، ثم نجتهد في الجمع بين هذه الروايات ونستخرج حكماً نهائياً في الرجل بالتعديل بالتجريح، فحكمنا اجتهاد ظني مبني على اجتهاد ظني، فكيف يصير بعد ذلك يقينياً قطعياً؟". إتحاف النبيل(ص24).
أقول –أي الشيخ ربيع-:
إنَّ اهتمام المحدثين بالسماع المباشر من شيوخهم وملازمتهم لهم والرحلات الطويلة الشاقة من سائر أقطار العالم الإسلامي إلى الأقطار الأخرى للسماع من العلماء والمحدثين وغيرهم أمور مشهورة معروفة مدونة في كتب الرجال وتراجمهم بل إن كثيراً من الرجال من يرحل إلى البلاد النائية من أجل حديث واحد وقد كتب الخطيب البغدادي كتاباً خاصاً بالرجال الذين كان أحدهم يرحل من أجل حديث واحد.
ومن أهداف الرحلة عند المحدثين البحث عن أحوال الرواة وأخبارهم حتى يتميز المقبول منهم من المردود ولولا ما بذله الأئمة النقاد في هذا الشأن من الجهود في البحث عن عدالة الرواة واختبار حفظهم وتيقظهم ثم شهادتهم بالعدالة والضبط لمن عرفوا من أحواله هذه المزايا، وشهادتهم على الكذابين والضعفاء والمخلطين والتحذير منهم، ولفت الأنظار إلى المدلسين على اختلاف طبقاتهم، وشهادتهم عليهم بما عرفوه من أحوالهم لولا هذه الجهود العظيمة بعد حفظ الله لدينه لما تميز الحق من الباطل والهدى من الضلال.
أفمثل هذه الأمور يُغفلها سلفي عند الحديث عن رواة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنَّ تعديلهم وجرحهم يقوم على منهج عظيم ودراسة واعية لأحوال الرواة ودينهم وأخلاقهم إلا فيما ندر من الحالات من بعض النقاد.
وإنَّ كلام أبي الحسن هذا فيه تلبيس وإجحاف بحق أئمة النقد حملة الإسلام والذابين عنه رحمهم الله ورضي عنهم، فهل هذه حالهم جميعاً في كل الأحوال فتكون تزكيات جميع أئمة النقد مبنية على حضور أحدهم مجلساً واحداً..إلخ،
حاشاهم وبرأهم الله من هذا القول.ثم إنَّ هذا الكلام من أبي الحسن لا يخلو من واحدة من ثلاث حالات:
1-إما أنه أخذه عن أهل البدع.
2- وإما أنه اخترعه تأييداً لباطله وباطلهم.
3- وإما أنه أخذه من الشيخ عبد الرحمن المعلمي بعد أن بتره بتراً شنيعاً.
قال العلامة الناقد الشيخ المعلمي رحمه الله- تحت عنوان كيف البحث عن أحوال الرواة-: ((الثامن: ينبغي أن يبحث عن معرفة الجارح أو المعدل بمن جرحه أو عدله فإن أئمة الحديث لا يقتصرون على الكلام فيمن طالت مجالستهم له وتمكنت معرفتهم به.
بل قد يتكلم أحدهم فيمن لقيه مرة واحدة وسمع منه مجلساً واحداً أو حديثاً واحداً وفيمن عاصره ولم يلقه، ولكنه بلغه شيء من حديثه وفيمن كان قبله بمدة قد تبلغ مئات السنين إذا بلغه شيء من حديثه ومنهم من يجاوز ذلك،
فابن حبان قد يذكر في الثقات من يجد البخاري سماه في تاريخه من القدماء وإن لم يعرف ما روى وعمن روى ومن روى عنه، ولكن ابن حبان يشدد وربما تعنت فيمن وجد في روايته ما استنكره
وإن كان الرجل معروفاً مكثراً والعجلي قريب منه في توثيق المجاهيل من القدماء وكذلك ابن سعد وابن معين وآخرون غيرهما يوثقون من كان من التابعين أو أتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم مستقيمة بأن يكون له فيما يروي متابع أو شاهد وإن لم يرو عنه إلا واحد ولم يبلغهم عنه إلا حديث واحد...))،
ثم ذكر من وثقهم هؤلاء من المجهولين. فانظر إلى قوله : ((فإن أئمة الحديث لا يقتصرون على الكلام فيمن طالت مجالستهم له وتمكنت معرفتهم به)).
فهذه هي القاعدة الأساس والمنهج الأساس في جرحهم .
وانظر إلى قوله : ((بل قد يتكلم أحدهم فيمن لقيه مرة واحدة وسمع منه مجلساً واحداً إلى آخر الحالات التي ذكرها…))،
وهذه حالات استثناء وهذه الحالات لا يتركها الله بل يهيئ من يبين حال هؤلاء المجهولين وقد قام علماء -بتوفيق الله- بهذا البيان. ثم إن هؤلاء المجهولين لا يعتمد العلماء على رواياتهم لا في عقيدة ولا في حلال ولا حرام لكن قد يستشهد برواياتهم فيما له أصل والخلاف إنما هو في روايات من عرفوا بالعدالة وقوف ذلك، وتلقت الأمة رواياتهم بالقبول تصديقاً بها وعملاً بموجبها.
والحاصل هنا أنه لا يخلو كلام أبي الحسن من واحد من الحالات التي ذكرتها وكلها شر نعوذ بالله منه.
وقال الشيخ المعلمي رحمه الله في رده على أبي رية المصري :((قال أبو رية في كتابه "أضواء على السنة المحمدية"، بعد إطرائه لكتابه وذكر علو قدر الحديث النبوي ثم قال: وعلى أنه بهذه المكانة الجليلة والمنـزلة الرفيعة فإن العلماء والأدباء لم يولوه ما يستحق من العناية والدرس وتركوا أمره لمن يسمون رجال الحديث يتداولونه فيما بينهم ويدرسونه على طريقتهم.
وطريقة هذه الفئة التي اتخذتها لنفسها قامت على قواعد جامدة لا تتغير ولا تتبدل فترى المتقدمين منهم وهم الذين وضعوا هذه القواعد قد حصروا عنايتهم في معرفة رواة الحديث والبحث على قدر الوسع في تاريخهم، ولا عليهم بعد ذلك إن كان ما يصدر عن هؤلاء الرواة صحيحاً في نفسه أو غير صحيح معقولاً أو غير معقول إذ وقفوا بعلمهم عندما يتصل بالسند فحسب، أما المعنى فلا يعنيهم من أمره شيء.
قال العلامة المعلمي:”مراده بقوله العلماء المشتغلون بعلم الكلام والفلسفة، ولم يكن منهم أحد في الصحابة والمهتدين بهديهم من علماء التابعين وأتباعهم الذين يلونهم، هؤلاء كلهم ممن سماهم رجال الحديث، ومنهم عامة المشهورين عند الأمة بالعلم والإمامة من السلف، أولئك كلهم ليسوا عند أبي رية علماء، لأنهم لم يكونوا يخوضون في غوامض المعقول بل يفرون منها وينهون عنها ويعدونها زيفاً وضلالاً وخروجاً عن الصراط المستقيم وقنعوا بعقل العامة.
وأقول : مهما تكن حالهم، وقد كانوا عقلاء العقل الذي ارتضاه الله عز وجل لأصحاب رسوله ورضيهم سبحانه لمعرفته ولفهم كتابه وشهد لهم بأنهم (الْمُؤْمِنُونَ حَقّا)،(الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)،(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )،وقال لهم في أواخر حياة رسوله(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)
فمن زعم أن عقولهم لم تكن مع تسديد الشرع لها كافية وافية بمعرفة الله تعالى وفهم كتابه ومعرفة مالا يتم الإيمان ولا يكمل الدين إلا بمعرفته، فإنما طعن في الدين نفسه، وكان التابعون المهتدون بهدي الصحابة أقرب الخلق إليهم عقلاً وعلماً وهدياً، وهكذا من اهتدى بهديهم من الطبقات التي بعدهم.
وهؤلاء هم الذين سماهم أبو رية"رجال الحديث "، قد يقال:أما نفي العلم والعقل عنهم فلا التفات إليه، ولكن هل راعوا العقل في قبول الحديث وتصحيحه؟
أقول: نعم راعوا ذلك في أربعة مواطن : عند السماع، وعند التحديث، وعند الحكم على الرواة، وعند الحكم على الأحاديث فالمتثبتون إذا سمعوا خبراً تمتنع صحته أو تبعد لم يكتبوه، ولم يحفظوه فإن حفظوه لم يحدثوا به، فإن ظهرت مصلحة لذكره ذكروه مع القدح فيه وفي الراوي الذي عليه تبعته".
ثم نقل عن الشافعي والخطيب البغدادي ما يؤيد كلامه ثم واصل في الثناء على الصحابة ومن اهتدى بهديهم وفي الرد على أبي رية الضال.نقلت هذا الكلام لجودته وعظيم فائدته ولمشابهة طعن أبي رية في أهل الحديثلطعون أهل البدع فيهم من المتكلمين والمتفلسفين والشاهد لهذا البحث من كلام المعلمي.
أنَّ فيه بياناً شافياً لتثبت المحدثين واستخدام عقولهم النيرة عند سماع الحديث أي من شيوخهم ثم عند التحديث به فلا يحدث الأئمة منهم إلا بما حفظوه وأتقنوه أو من كتبهم وعند الحكم على الرواة فلا يحكمون إلا بعلم ودراسة الراوي المحكوم عليه ومن اعترى حكمه خلل سد هذا الخلل غيره من الأئمة تحقيقاً لوعد الله بحفظ دينه وحمايته له من النقص والخطأ والباطل.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:((وقال الذهبي وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة)) نزهة النظر مع النكت لعلي حسن عبد الحميد ( ص190-191) وكلامه في (ص84) من الموقظة:
قال الذهبي: ((ولكن هذا الدين مؤيد محفوظ من الله لم يجتمع علماؤه على ضلالة لا عمداً ولا خطأً فلا يجتمع اثنان على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة )).
أي لم يقع الاتفاق من علماء الحديث على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة".قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تعريف المقبول:((المقبول الثقة الضابط لما يرويه هو المسلم العاقل البالغ، سالماً من أسباب الفسق، وخوارم المروءة، وأن يكون مع ذلك متيقظاً غير مغفل حافظاً إن حدث من حفظه فاهما إن حدث على المعنى فإن اختل شرط مما ذكرنا ردت روايته.
وتثبت عدالة الراوي باشتهاره بالخير أو بتعديل الأئمة أو اثنين منهم له، أو واحد على الصحيح ولو بروايته عنه في قول)).
وعلق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على هذا التعريف تعليقاً جيداً ثم قال: ((ويعرف ضبطه بموافقة الثقات المتقنين الضابطين، إذا اعتبر حديثه بحديثهم، ولا تضر مخالفته النادرة لهم، فإن كثرت مخالفته لهم وندرت الموافقة اختل ضبطه، ولم يحتج بحديثه)).
أقول: فتوفر شروط العدالة أو اختلالها لا تحصل إلا بالدراسة لأحواله ومدخله ومخرجه وتوفر شروط الضبط قد تحصل لتلاميذه وأقرانه الذين عايشوه وعرفوا حاله من تحديثه وإملائه وقد تحصل لمن عاصره ولم يره وتحصل لمن يأتي من النقاد بعد عصره بالدراسة ومقارنة مروياته بمرويات غيره،
وبهذا وذاك يعرف حاله من عدالة وضبط أو ضدهما، وتبث العدالة باشتهاره بالخير والثناء الجميل عليه حتى يصل الأمر إلى أن يسأل هو عن الناس ولا يسألون عنه كأئمة الهدى الكبار مثل مالك والثوري والأوزاعي وشعبة وابن المبارك وأحمد ابن حنبل ويحي بن معين وعلي بن المديني والبخاري ومسلم وأبي حاتم وأبي زرعة – ونظراء هؤلاء ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر، انظر تعليق أحمد شاكر (الباعث الحثيث ) (2/280).
وقال ابن الصلاح رحمه الله في قضية الجرح: "وأكثر ما يوجد في كتب الجرح والتعديل "فلان ضعيف" أو "متروك" ونحو ذلك فإن لم نكتف به أنسد باب كبير في ذلك.وأجاب بأن إذا لم نكتف به توقفنا في أمره لحصول الريبة عند ذلك.
قال ابن كثير رحمه الله : قلت أما كلام هؤلاء الأئمة المنتصبين لهذا الشأن فينبغي أن يؤخذ مسلماً من غير ذكر أسباب وذلك للعلم بمعرفتهم، واطلاعهم واضطلاعهم في هذا الشأن، واتصافهم بالإنصاف والديانة والخبرة، والنصح لا سيما إذا أطبقوا على تضعيف الرجل أو كونه متروكاً أو كذابا أو نحو ذلك فالمحدث الماهر لا يتخالجه في مثل هذا وقفة في موافقتهم، لصدقهم وأمانتهم ونصحهم.ولهذا يقول الشافعي في كثير من كلامه على الأحاديث:"لا يثبته أهل العلم بالحديث "ويرده ولا يحتج به بمجرد ذلك والله أعلم (1/286).
فهذه الصفات التي وصفهم بها الحافظ ابن كثير – رحمه الله – لعلمه لدراستهم لأحوال الأشخاص مباشرة من خلال مجالستهم ومشافهتهم واختبار رواياتهم إلى آخر ما تتطلبه هذه الصنعة الشريفة لا لمجرد لقاء وسماع بعض الأحاديث في جلسة فهذه حالات نادرة وليست بقاعدة ولا منهج.وقال العلامة المحدث الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في مقدمته لكتاب “الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ( 1/ب)"، في أئمة النقد:النقد والنقاد.
ليس نقد الرواة بالأمر الهين، فإن الناقد لا بد أن يكون واسع الإطلاع على الأخبار المروية، عارفاً بأحوال الرواة السابقين وطرق الرواية، خبيراً بعوائد الرواة ومقاصدهم وأغراضهم،وبالأسباب الداعية إلى التساهل والكذب، والموقعة في الخطأ والغلط، ثم يحتاج إلى أن يعرف أحوال الراوي متى ولد؟
وبأي بلد؟ وكيف هو في الدين والأمانة والعقل والمروءة والتحفظ؟ ومتى شرع في الطلب؟ ومتى سمع؟ وكيف سمع؟ ومع من سمع؟
وكيف كتابه؟ ثم يعرف أحوال الشيوخ الذين يحدث عنهم وبلدانهم ووفياتهم وأوقات تحديثهم وعادتهم في التحديث، ثم يعرف مرويات الناس عنهم ويعرض عليها مرويات هذا الراوي ويعتبرها بها، إلى غير ذلك مما يطول شرحه، ويكون مع ذلك متيقظاً، مرهف الفهم، دقيق الفطنة، مالكاً لنفسه، لا يستميله الهوى ولا يستفزه الغضب، ولا يستخفه بادر ظن حتى يستوفي النظر ويبلغ المقر، ثم يحسن التطبيق في حكمه فلا يجاوز ولا يقصر. وهذه المرتبة بعيدة المرام عزيزة المنال لم يبلغها إلا الأفذاذ.
وقد كان من أكابر المحدثين وأجلتهم من يتكلم في الرواة فلا يعول عليه ولا يلتفت إليه. قال الإمام علي ابن المديني وهو من أئمة هذا الشأن “أبو نعيم وعفان صدوقان لا أقبل كلامهما في الرجال، هؤلاء لا يدعون أحداً إلا وقعوا فيه “وأبو نعيم وعفان من الأجلة، والكلمة المذكورة تدل على كثرة كلامهما في الرجال ومع ذلك لا تكاد تجد في كتب الفن نقل شيء من كلامهما أئمة النقد.أشتهر بالإمامة في ذلك جماعة كمالك بن أنس وسفيان الثوري وشعبة ابن الحجاج وآخرون قد ساق ابن أبي حاتم تراجم غالبهم مستوفاة في كتابه “تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل “وذلك أنه رأى أن مدار الأحكام في كتاب الجرح والتعديل على أولئك الأئمة، وأن الواجب أن لا يصل الناظر إلا أحكامهم في الرواة حتى يكون قد عرفهم المعرفة التي تثبت في نفسه أنهم أهل أن يصيبوا في قضائهم، ويعدلوا في أحكامهم، وأن يقبل منهم ويستند إليهم ويعتمد عليهم ".
أقول –أي الشيخ ربيع-:فانظر إلى قوله:(..وأن الواجب أن لا يصل الناظر إلا أحكامهم في الرواة حتى يكون قد عرفهم المعرفة التي تثبت في نفسه أنهم أهل أن يصيبوا في قضائهم، ويعدلوا في أحكامهم، وأن يقبل منهم ويستند إليهم ويعتمد عليهم)،ل
ماذا؟؟.لأنَّ أحكامهم قامت على دراسة واعية وعلم بأحوال الرواة فتكون أحكامهم صائبة وعادلة لأنها لم تقم على الظنون والأوهام، وقد يحصل من بعضهم تزكية لبعض الأشخاص بناء على ما يظهر له من حاله، ويكون الناقد من إخوانه أعلم بحاله فيؤكد هذه التزكية أو يأتي بما ينقظها.
وقال العلامة المعلمي كذلك في "الأنوار الكاشفة":“وأما التابعون فعامة من وثقه الأئمة منهم ممن كثرت أحاديثه هم ممن زكاه الصحابة ثم زكاه أقرانه من خيار التابعين، ثم أعتبر الأئمة أحاديثه وكيف حدّث بها في الأوقات المتفاوتة، واعتبروا أحاديثه بأحاديث غيره من الثقات، فاتضح لهم بذلك كله صدقه وأمانته وضبطه.
وهكذا من بعدهم. وكان أهل العلم يشددون في اختيار الرواة أبلغ التشديد، جاء عن بعضهم _ أظنه الحسن بن صالح بن حيّ _ أنه قال:كنا إذا أردنا أن نسمع الحديث من رجل سألنا عن حاله حتى يقال : أتريدون أن تزوجوه؟
وجاء جماعة إلى شيخ ليسمعوا منه فرأوه خارجاً وقد انفلتت بغلته وهو يحاول إمساكها وبيده مخلاة يريها إياها، فلاحظوا أن المخلاة فارغة، فرجعوا ولم يسمعوا منه.
قالوا هذا يكذب على بغلة فلا نأمن أن يكذب في الحديث. وذكروا أن شعبة كان يتمنى لقاء رجل مشهور ليسمع منه، فلما جاءه وجده يشتري شيئاً ويسترجح في الميزان، فامتنع شعبة من السماع منه، وتجد عدة نظائر لهذا ونحوه في كفاية الخطيب (ص110-114).
وكان عامة علماء القرون الأولى وهي قرون الحديث مقاطعين للخلفاء والأمراء، حتى كان أكثرهم لا يقبل عطاء الخلفاء والأمراء ولا يرضى بتولي القضاء، ومنهم من كان الخلفاء يطلبونهم ليكونوا بحضرتهم ينشرون العلم، فلا يستجيبون، بل يفرون ويستترون. وكان أئمة النقد لا يكادون يوثقون محدثاً يداخل الأمراء أو يتولى لهم شيئاً. وقد جرحوا بذلك كثيراً من الرواة ولم يوثقوا ممن داخل الأمراء إلا أفرادا علم الأئمة علما يقينا سلامة دينهم وأنه لا مغمز فيهم البته.
وكان محمد بشر الزنبرى محدثاً يسمع منه الناس، فاتفق أن خرج أمير البلد لسفر فخرج الزنبرى يشيعه، فنقم أهل الحديث عليه ذلك وأهانوه ومزقوا ما كانوا كتبوا عنه. وكثيراً ما كانوا يكذبون الرجل ويتركون حديثه لخبر واحد يتهمونه فيه. وتجد من هذا كثيراً في ميزان الذهبي وغيره.
وكذلك إذا سمعوه حدّث بحديث ثم حدّث به بعد مدة على وجه ينافي الوجه الأول، وفي الكفاية (ص113) عن شعبة قال“سمعت من طلحة بن مصرّف حديثاً واحداً وكنت كلما مررت به سألته عنه... أردت أن أنظر إلى حفظه، فإن غير فيه شيئاً تركته “وكان أحدهم يقضي الشهر والشهرين يتنقل في البلدان يتتبع رواية حديث واحد كما وقع لشعبة في حديث عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر، وكما وقع لغيره في الحديث الطويل في فضائل السور. ومن تتبع كتب التراجم، وكتب العلل بان له من جدهم واجتهادهم ما يحير العقول.
وكان كثير من الناس يحضرون أولادهم مجالس السماع في صغرهم ليتعودوا ذلك ثم يكبر أحدهم فيأخذ في السماع في بلده، ثم يسافر إلى الأقطار ويتحمل السفر الطويل والمشاق الشديدة، وقد لا يكون معه إلاّ جراب من خبز يابس يحمله على ظهره، يصبح فيأخذ كسرة ويبلها بالماء ويأكلها ثم يغدو للسماع،
ولهم في هذا قصص كثيرة، فلا يزال أحدهم يطلب ويكتب إلى أن تبلغ سنه الثلاثين أو نحوها فتكون أمنيته من الحياة أن يقبله علماء الحديث ويأذنوا للناس أن يسمعوا منه، وقد عرف أنهم إن اتهموه في حديث واحد أسقطوا حديثه وضاع مجهوده طول عمره وربح سوء السمعة واحتقار الناس.
وتجد جماعة من ذرية أكابر الصحابة قد جرحهم الأئمة، وتجدهم سكتوا عن الخلفاء العباسيين وأعمامهم لم يرووا عنهم شيئاً مع أنهم قد كانوا يروون أحاديث.
ومن تتبع أخبارهم وأحوالهم لم يعجب من غلبه الصدق على الرواة في تلك القرون، بل يعجب من وجود كذابين منهم. ومن تتبع تشدد الأئمة في النقد لم يعجب من كثرة من جرحوه وأسقطوا حديثه، بل يعجب من سلامة كثير من الرواة وتوثيقهم لهم مع ذلك التشدد".اهـ
أقول: إن التناقض واضح في كلام الشيخ ربيع المدخلي يقرر أمورا ثابتة عند أهل العلم في رده على أبي الحسن بينما يعود الآن فيناقضها مقررا أمورا باطلة يرد بها على الدعوة السلفية في دماج.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشيخ ربيعا -هداه الله- يريد الانتصار لنفسه، وهذا أمر معروف حاصل عندما يضع الإنسان نفسه في مقارعة الحق فإنه مهما علا باعه في الاطلاع فإن الحق سيسقطه وإن كان الذي يرد عليه طالب علم بسيط.
وإني لآسف غاية الأسف أن يكون هذا الكلام الذي فيه تلبيس وإجحاف بحق أئمة النقد حملة الإسلام والذابين عنه رحمهم الله ورضي عنهم خرج من فيّ الشيخ ربيع المدخلي –هداه الله-.
فإذا كان الشيخ ربيع يقول في أئمة الجرح والتعديل وعلماء الحديث الذين وثقوا هشام بن الغاز هذا الذي يقوله ، فماذا ترك للمغرضين والحاقدين على أئمة الحديث وعلماء الجرح والتعديل.
هذا الحاكم صاحب المستدرك ذكر في كتابه "معرفة علوم الحديث"(ص:323): "ذكر النوع التاسع والأربعين: "الأئمة الثقات المشهورين فقال: "ومن أهل الشام وذكر منهم هشام ابن الغاز بن ربيعة الجرشي.
وهذا ابن حبان قال في كتابه"مشاهير علماء الأمصار"(1/291): "هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي من خيار الشاميين ومتقنيهم".
وقال الحافظ ابن حجر في "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه"(1 / 317):"هشام بن الغاز مشهور"،
فمن يقول في هشام بن الغاز مثل هذه العبارات ألا يكون قد عرفه المعرفة التامة التي تستلزم الوصف الذي وصفوا به هشام بن الغاز، وأنهم قالوا ذلك عن علم واطّلاع واسع ، وتتبع لمروياته وسبرها ومعرفة أحواله، ووقوفهم على كلام الحفّاظ, وأهل المعرفة التّامّة والاطّلاع الواسع, ونصّهم على صحّة الحديث, وعدم وجود ما يدفعه.
فهذه هي أقوال الأئمة والحفاظ والمحدثين في الكلام على هشام بن الغاز ورواياته فبقول من نأخذ؟
بقول أئمة النقد وعلماء الجرح والتعديل!!
أما بأقوال الشيخ ربيع المدخلي الذي هو أشبه بصنيعه هذا للكوثري وأحفاده في طعنه وإسقاطه لهشام بن الغاز ومروياته والتنقص والإساءة من أئمة النقد وعلماء الجرح والتعديل السابقين منهم واللاحقين.
إن الشيخ ربيعا المدخلي يتفانى في معاندة أئمة الحديث في توثيقهم لهشام بن الغاز واعتبار رواياته وأنه من أهل الصدق والأمانة عندهم ويقول عنه:"كثير الخطأ"، ويهدر جميع رواياته في كتب السنة، دون أن يكون مسبوق بحكمه هذا من إمام من أئمة الجرح والتعديل.ويدعي لنفسه من السبر وتتبع لمروياته ما يلحق به المتقدمين في الوقت الذي يسقط فيه الحفاظ وعلماء الجرح والتعديل وينتقص أحكامهم حيث قال:"وسوف أناقش مرويات هشام بن الغاز في ضوء منهج السلف وعلى طريقتهم في سبر مروياته".
إن هذه الدعوة التي يريد أن يتذرع من خلالها إصدارُ الأحكام على هشام بن الغاز التي لم يسبقه بها أحد من علماء الجرح والتعديل لا تتأتى للشيخ ربيع المدخلي ولا لمن هو أكبر منه علما واطلاعا في عصرنا الحاضر ؛كيف وقد نص أئمة الجرح والتعديل على تعديله
وقد ذكر هذا العلامة عبد الرحمن المعلمي في"التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل" (1/175)فقال:"الجهة الثانية: استقامة الرواية وهذا يثبت عند المحدث بتتبعه أحاديث الراوي واعتبارها وتبين أنها كلها تدل على أن الراوي كان من أهل الصدق والأمانة ، وهذا لا يتيسر لأهل عصرنا لكن إذا كان القادحون في الراوي قد نصوا على ما أنكروا من حديثه بحيث ظهر أن ما عدا ذلك من حديثه مستقيم فقد يتيسر لنا أن ننظر في تلك الأحاديث فإذا تبين أن لها مخارج قوية تدفع التهمة عن الراوي فقد ثبتت استقامة روايته .
وقد حاولت العمل بهذا في بعض الآتين في قسم التراجم كالحارث بن عمير والهيثم بن جميل .
فأما ما عدا هذا فإننا نحتاج إلى الترجيح ، فقد يترجع عندنا استقامة رواية الرجل باحتجاج البخاري به في صحيحه لظهور أن البخاري إنما احتج به أن تتبع أحاديثه وسبرها وتبين له استقامتها".اهـ
فالشيخ ربيع المدخلي في انتقاصه لأئمة الجرح والتعديل بأنهم لم يتتبعوا أو يعتبروا في تعديلهم لهشام بن الغاز، ودعواه لنفسه التتبع لمروياته لكي يثبت أنه مجروح ؛ إنما تكلَّف الصِّعَابَ؛ فلو كان ما ادعاه في المعارضة جرحا لكان جرحا مبهما غير مفسر، فلا يصح الأخذ به في مقابلة توثيق من وثقه كما هو مقرر في "مصطلح الحديث"،
وزد على ذلك أن الموثقين جمع، و يزداد عددهم إذا ضم إليهم من صحح حديثه ، باعتبار أن التصحيح يستلزم التوثيق كما هو ظاهر.وكل هذا لم يعتبره الشيخ ربيع المدخلي وذهب يدعي لنفسه الاستقراء والتتبع الذي عليه المتقدمين، وأخذ بالمرجوح وترك أقول الأئمة الراجحة ودلس وأوهم أنه ليس هناك موثق، وأنه لا يستحق التوثيق،
وأن الواقع خلاف من وثقه تماماً، ولم يأخذ بما انضم إلى ذلك مما يدل على اعتباره كتعليق البخاري لحديثه بصيغة الجزم في صحيحه، واعتمد أهل السنن في الرواية عنه وأصحاب المسانيد والمصنفات وتصحيح أثره هذا في كتب السنة واعتمادهم له مما يدل على أنه لم يظهر في روايتهم عنه شيء من النكارة في حديثه.
فهشام بن الغاز قد قالوا فيه أئمة الجرح والتعديل هذا التوثيق، وليس من الإنصاف صرف النظر عنهم والاعتماد على قول مرجوح أمام آراء أئمة الجرح والتعديل ومهرة الفن في نقد الرجال.
وما قام به الشيخ ربيع من التضعيف والطعن والإهدار لتوثيق الأئمة إنما مجرد دعوى لم يثبها ومغالطة مفضوحة لأن الشيخ ربيع المدخلي لا يجهل أن قول الإمام أحمد (صالح الحديث) من باب التعديل وليس لنفي التوثيق عنه.
وقد كان الشيخ ربيع يشير إلى الفرق بين قول الإمام يحيى بن معين:((ثقة))وبين قوله:((لا بأس به))حيث قال: "فالصواب أنه صالح كما قال أحمد ولابن معين قول آخر فيه حيث قال فيه: لا بأس به، ومن هنا قال الذهبي فيه: إنه صدوق".
فلما بيّن له أنه اصطلاح لابن معين في الثقة ولا فرق بينهما ، وأن ما ذهب إليه الشيخ ربيع المدخلي في التفريق أمر لا ينبغي أن يجهله إذ هو معروف لدى طلاب العلم والمبتدئين في هذا الفن.
فبدلا من أن يعترف بخطئه فيما ذهب إليه من التفرقة ذهب يطعن في توثيق يحيى بن معين ويجلب عليه التشكيك ويصب عليه عنان التوهيم والتهوين. وقام بالتليين لتوثيق علماء النقد من دون أن يبين ما هو حجته في التوهيم واستخدم طريقة المغالطة والاستخفاف بعقول الناس، حيث قال :"ولكنه لم يستطع أن يثبت عن أحمد الذي قال في هشام:"إنه صالح الحديث لم يستطع أن يثبت أنه قال فيه: "ثقة"، ولم يدرك أن هذا جهد ضائع ،لا يفيد هشاما."
وهذا الكلام شبيه بقول الذين قالوا:{وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}سورة [الأنعام :124].
ولأجل هذا التعنت سمحت له نفسه برمي جمع كبير من المتقدمين والمتأخرين من علماء الجرح والتعديل وعلماء الحديث والسنة بالتقليد والتبعية وبأنهم يقلدون من دون تتبع ولا اعتبار وذهب يتجلد أشد من تجلد حمزة المليباري في منهجه الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين، وتمسك بقول واحد للإمام أحمد وكأنه قد ظفر بأشد ألفاظ التضعيف والتهوين لهشام بن الغاز .
وليعلم الشيخ ربيع المدخلي وغيره أننا طلاب علم صغار ندافع عن بيضة السلفية في دار الحديث بدماج من الهجمة الحزبية التي تصوب اليوم سهامها على الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج.
ونرى أن ردود الشيخ ربيع المدخلي تصب في خندق واحد مع الرافضة الحوثيين وحزب الإخوان المسلمين، ولأجل تحامل الشيخ ربيع المدخلي وتجنيه على قلعة السلفية دار الحديث بدماج ورميه لهم بالباطل بأنهم يطعنون في الصحابة الكرام رضي الله عنهم ويثلبون في الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه دعانا ذلك للرد عليه وبيان أنه تجنى على هذه الدعوة وأهلها بالباطل، ويتحايل على الحق وأهله بتقليب الحقائق العلمية.
بل الذي تثبته الأدلة ويشهد به الواقع أنه لا يوجد في دار الحديث بدماج سوى من يتلقون وينشرون علم الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة ولم يصدر حرف واحد منهم في الطعن والثلب للخليفة الراشد عثمان بن عفان وللصحاب الكرام رضي الله عنهم أجمعين، وإنما هم نقلوا كلام العلماء في مسألة الأذان العثماني من كتبهم المصنفة والمؤلفة، وكانوا بهذا النقل أمناء لم يغيروا حرفا أو يزيدوا كلمة بينما في الواقع أن خصومهم هم الذين يحرفون الكلام ويتلاعبون بالحقائق العلمية.
وما نشاهده من الشيخ ربيع المدخلي من الكيل والاتهامات وإشاعة الباطل عليهم وتلبيسهم لباس الروافض والنواصب الذين يطعنون في الصحابة الكرام وينصبون لهم العداء ويطعن فيهم بعدة طعون لا يتحملها مسلم بغير حجة ولا برهان فما هو إلا دليل واضح على تلاعبه بالحقائق العلمية وعدم إنصافه لأهل المنهج السلفي والدعوة السلفية في الديار اليمنية، ولا مصدر لهذه الاتهامات والطعون إلا الحملة العدوانية التشويهية التي قام بها الشيخ ربيع المدخلي –صلح الله حاله- ومناصريه الناتجة عن الممارسات المناورات الكيدية المدبرة بليل .
مع أن هذه الأفعال التي يقوم بها الشيخ ربيع المدخلي-هداه الله- من الطعن في الدعوة السلفية في البلاد اليمنية وإسقاطه لرواية هشام بن الغاز الذي يعد من كبار التابعين ورد توثيق أئمة الجرح والتعديل له ولمزه وغمزه لأحكامهم ورمي عامة أهل السنة الذين ذكروا مسألة الأذان العثماني في كتبهم المصنفة بأنهم يطعنون بالصحابة الكرام رضي الله عنهم من الأدلة والبيانات التي تدين الشيخ ربيع المدخلي، وتدين أفعالهم في محاربة أهل السنة السلفيين وتدل على تورطهم بالحزبية.
وهناك ردود كتبت بالحجة والبرهان وبيان أن حملتهم المُهدَّفة على طريقة أهل الفتن من أمثال أبي الحسن المصري، والشيخ ربيع بن هادي-هداه الله- يساند هذا الصنف، ومن استمع لأشرطته الأخيرة التي ينـزلها ضد دار الحديث بدماج كأنه أعدَّ قاموسا للسباب والشتائم والهدم والنسف عليهم وكأنه يقول لكم أن تقولوا ما شئتم فيهم من ذم، واكتفى بهذا عن النقد العلمي وتسليط النقد على النصوص بالحجج والبراهين.
ولا شك أن مثل هذه الأسلوب الذي استخدمه الشيخ ربيع بن هادي –عافاه الله- مع الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج مجافٍ للنصح للإسلام والمسلمين.
وأهل السنة السلفيين في اليمن لا يجهلون هذا كما أن أهل الحق وأهل الإنصاف والصدق لا يصدقون هذه الافتراءات على دار الحديث بدماج وشيخها الفاضل وواقع دعوة دار الحديث في دماج بريئة كل البراءة من هذه التهم، والتاريخ الواقعي لهذه الدعوة يشهد بنـزاهتهم وبراءتهم وبعدهم كل البعد عمّا يلصق به من التهم، وأنَّ ما يلصق بهم من ذلك محظ بغي وعدوان وزهوا وإعجاب، ليس الله عنه بغافل, وسيجازي فاعله عليه بعدله, وهو خير الحاكمين.
ولهذا الأمر كان لزاما على طلاب العلم أن يتصدوا بالرد على ما قام به الشيخ ربيع المدخلي في حق أهل المنهج السلفي.
فكما أنه يتهم الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج أنهم يطعنون في الصحابة الكرام رضي الله عنهم ،فكذلك نتهمهم على الدعوة السلفية، وأنهم والحال هذا ليسوا نصحاء لها و لا أمناء عليها، لا سيما مع وضوح تجلدهم للحزبية بالباطل, وضد أهل السنة ورجالها في اليمن فهم يسيرون حالياً في خندق واحد مع الرافضة الحوثيين وحزب الإخوان المسلمين في استهداف الدعوة السلفية في الديار اليمنية.
ودعوى الشيخ ربيع المدخلي على الدعوة السلفية في دار الحديث بأنهم غلاة أو أنهم يطعنون في الصحابة رضي الله عنهم ويثلبون في عثمان بن عفان رضي الله عنه من جملة دعاوي من سبقه من الروافض والإخوان المسلمين وغيرهم من أعداء ذلك الدار وأهله,﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج:8]
ولا زال الشيخ ربيع المدخلي يعيد ويكرر هذا الطعون بالعنوان الذي سماه (الذب عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه).
يظهر للناس بهذا العنوان من الأقوال أو الأفعال التي ظاهرها حسنة الظاهر ومحمودة القصد بينما مقصوده التوصل بذلك إلى تشكك المسلمين في الدعوة السلفية في البلاد اليمنية وفي مصادرها القائمة على ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة من تعظيم الصحابة وتوقيرهم والثناء عليهم والاستغفار لهم والتّرحم عليهم والترضيّ عنهم واعتقاد محبتهم، وموالاتهم.
فهم على عقيدة أهل السنة والجماعة على نحو ما قاله الطحاوي في بيان عقيدة أهل السنة:"ونحب أصحاب محمد، ولا نفرط في حب أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان، وبغضهم كفر ونفاق وعصيان".
ولقد استجاز الشيخ ربيع المدخلي لنفسه أن يرميهم مرة أخرى ويعيد العنوان بحلقات عديدة لكي يثبت ما رماهم به من النيل والثلب للخليفة الراشد عثمان بن عفان لتتم له الفائدة وتُنَفَّذُ له الحيلة بهذه المناورة التي شغب بها على أهل السنة.
وهذا واضح في تصرفاته حيث جعل مسألة إنكار الأذان العثماني مسألة وقضية لم يخض فيها ولم يتبناها ويتكلم عنها غير الذين يثلبون الصحابة ويطعنون في الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعا، وحصر ذلك في الشيخ العلامة مقبل الوادعي رحمه الله وذهب يتجنى على الدعوة السلفية في الديار اليمنية، مع أن فضيلة الشيخ ربيع المدخلي-هداه الله- يعرف الكلام في الأذان الثاني فيها من الشيخ العلامة مقبل الوادعي-رحمهم الله- وغيره من أربعين سنة وذهب يثيرها، ويجعلها وليدة اليوم ويتكلم فيها وكأنه لم يطلع عليها إلا الساعة هذه ويبعثها إلى النّاس بصورة حلقات في الذب عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فمن يفعل مثل هذه الأفاعيل ويؤخر البيان أربعين سنة! هل يكون قصده الذب والدفاع عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، أم الحملة الظالمة على من قد أراد سحبه من على الكرسي الذي ائتمنه عليه الشيخ الهمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى يعمل ذلك بغياً وعدواناً.
فمثل هذه الحملة المراد منها أن يتولى على دماج من يصارع الحزبيين ويترك لهم المجال للقضاء على دار الحديث بدماج وهذا الموقف من الشيخ ربيع المدخلي –عافاه الله- هو استمرار لما كان قد دبره من قبل ولم ينجح، فلا إله إلا الله، نسأل الله لطفه من هذه المكايد والأعمال المنكرة والخواتيم السيئة.
والشيخ ربيع المدخلي يعرف أن مسألة الأذان العثماني والكلام فيها مبثوث في الكتب المطولة وفي شروح الحديث مما يدلك على أن المسألة ليست من الثلب والطعن في الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ؛بل هي من موارد الاجتهاد ومسائل الاجتهاد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في "منهاج السنة النبوية"(6/183-184):"وإن قدر أن في الصحابة من كان ينكر هذا ومنهم من لا ينكره كان ذلك من مسائل الاجتهاد ولم يكن هذا مما يعاب به عثمان".اهـ محل الاستشهاد.
انظر أيها القارئ الكريم كيف يصون الاحتمال للمخالف، لأن شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- يعرف أن مسألة الأذان العثماني تكلم فيهاأهل العلم في كتبهم.
وهكذا يجعل شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- مسألة وجود المخالف المنكر للأذان العثماني والموافق المقر من المسائل من موارد الاجتهاد ولم تكن من المسائل التي يعاب بها على عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وهذا يرد افتراء الشيخ ربيع المدخلي وظلمه لأهل السنة السلفيين وتحامله على الذين ذكروا هذه المسألة في كتبهم ونقلها عنهم من نقلها ورماهم ظلما وجرأة بأنهم يطعنون في الصحابة الكرام رضي الله عنهم ويثلبون في عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ولم يفهم أحد من علماء أهل السنة السابقين الذين نقلوا مسألة الكلام على الأذان العثماني أن من قال بقول ابن عمر رضي الله عنه بأن الأذان الثاني محدث بدعة أنه يطعن في الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ويثلب في عثمان بن عفان رضي الله عنه غير الشيخ ربيع المدخلي ومن وافقه في هذه الأزمنة.
إن الشيخ ربيع المدخلي يفعل هذا الأفاعيل ويرمي الدعوة السلفية في الديار اليمنية تارة بالتصريح بالطعن في الصحابة والثلب من الخليفة الراشد عثمان بن عفان وأخرى بالتلميح من خلال الرد على فلان وفلان مع علم الناس بحقيقة الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج؛ فكيف إذا كان الناس يجهل حال هذه الدعوة السلفية ماذا عسى أن يفعل بهم!!.
وفضيلة الشيخ ربيع المدخلي ينادي بحقية حرمة الصحابة والكف وعدم الخوض في مسألة الأذان الثاني ؛ لأن في الكلام عن الأذان الثاني الطعن في الصحابة الكرام والثلب في الشهيد المظلوم عثمان بن عفان رضي الله عنه.
إن هذا النداء الذي يوجهه الشيخ ربيع المدخلي للعنابي وأمثاله إنما هو ازدراء بأهل السنة القائلين بهذا القول الأصيل، وليس فقط لدعوة السلفية في دار الحديث بدماج.
فإن علماء أهل السنة، وعلى رأسهم ابن عمر ونافع ومن نقل عنه من التابعين وتابع التابعين هم الذين نقول مسألة الأذان الثاني والإنكار على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ولم يكن أهل دار الحديث في دماج إلا نقلة عنهم لا غير بكل أمانة وصدق.
وما حكم به الشيخ ربيع المدخلي –هداه الله- يتنـزل على كل أحد يأخذ بالأمر الأول في أذان يوم الجمعة الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وصدر من خلافة عثمان رضي الله عنهم،
وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري (2/315)حيث قال:"وبلغني أن أهل المغرب الأدنى الآن لا تأذين عندهم سوى مرة".
فهل هؤلاء يطعنون في الصحابة وينتقصون من الخلفية الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه فالشيخ ربيع المدخلي في مقالاته هذه إنما يحارب أهل السنة ويرميهم جميعا بأنهم يطعنون الصحابة و في الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أدرك هذا أم لم يدركه.
وهذه الطريقة أشبه بطريقة أبي الحسن المصري حينما كان يثير العواطف ويستميل القلوب لنصرة باطله مستخدما حصيلة عشرين سنة يدرس فيها ويقرأ في كتب مصطلح الحديث والجرح والتعديل ليحارب أهل السنة السلفيين.
وهذا هو ما يفعله الآن الشيخ ربيع المدخلي تماما فهو يستغل مكانته العلمية وذكاءه ليحارب السلفيين باسم الذب عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ فكم ارتكب من المخالفات في الحقائق العلمية أمام توثيق أئمة الجرح والتعديل لهشام بن الغاز تعمدا وانتصارا لنـزوة هواه، وكم ارتكب من الرمي لكل من تكلم في مسألة الأذان العثماني من المتقدمين والمتأخرين.
واليوم يرتكب بحق الإمام ابن معين هفوة عظيمة فهو يشكك في توثيقه عامة وأنه يخطئ وإن لم يعارضه في توثيقه أحد من الأئمة، ويصور للقراء بما حشده من المعارضة لتوثيقه من جرح الأئمة أنه معارض معارضة حقيقيّة عامّة توجب الحيطة والتنبه لتوثيق يحيى بن معين وعلل ذلك بأنه ربما يخطئ لأجل يثبت أن ما جاء عن ابن معين من التصريح بالتوثيق معارض بقوله:"ليس به بأس"، ويخفي اصطلاح ابن معين ((أنه ثقة)).
ولم يشير من قريب ولا من بعيد إلى أن هذا فيما إذا اختلف كلام ابن معين في جماعة، يوثق أحدهم تارة ويضعفه أخرى فالواجب أن يوفق ويجمع بين الأقوال وصنيع الحافظ ابن حجر في مثل هذه الحالة ترجيح التعديل قال العلامة ظفر أحمد التهانوي رحمه الله تعالى في "قواعد في علوم الحديث "(ص:29 4- 430):"إذا اختلف قول الناقد في رجل ، فضعفه مرة وقواه أخرى، فالذي يدل عليه صنيع الحافظ ابن حجر أن الترجيح للتعديل ، ويحمل الجرح على شيء بعينه"اهـ
وهذا الاختلاف الذي نجده أحياناً في أحكام ابن معين بيّنه العلامة المعلمي اليماني في كتابه التنكيل(1/67)فقال: "وكان ابن معين إذا لقي في رحلته شيخاً فسمع منه مجلساً، أو ورد بغدادَ شيخٌ فسمع منه مجلساً، فرأى تلك الأحاديث مستقيمة، ثم سُئِلَ عن الشيخ وثَّقه!،
وقد يتفق أن يكون الشيخ دجَّالاً استقبل ابنَ معين بأحاديث صحيحة، ويكون قد خلط قبل ذلك أو يخلط بعد ذلك.
ذكر ابن الجنيد أنه سأل ابنَ معين عن محمد بن كثير القرشي الكوفي فقال: "ما كان به بأس"(وهو توثيق باصطلاحه)،فحكى له أحاديث تُستنكر، فقال ابن معين: "فإن كان هذا الشيخ روى هذا فهو كذَّاب، وإلا فإني رأيتُ حديث الشيخ مستقيماً"اهـ
ونبه الحافظ ابن حجر في"بذل الماعون في فضل الطاعون(ص117)على منهج ابن معين واختلاف أقواله في الرواة في أكثر من موضع من ذلك قوله في أبي بَلْج - بفتح أوله وسكون اللام بعدها جيم - الفزاري الكوفي ثم الواسطي:"وقد وثقه يحيى بن معين والنسائي..... ونقل ابن الجوزي عن ابن معين أنه ضعفه.
فإن ثبت ذلك فقد يكون سئل عنه وعمّن هو فوقه، فضعفه بالنسبة إليه. وهذه قاعدة جليلة فيمن اختلف النقل عن ابن معين فيه، نبه عليها أبو الوليد الباجي في كتابه "رجال البخاري" ويحتمل أن يكون ابن معين ضعفه من قبل رأيه، فإنه منسوب إلى التشيع. ولأجل هذا بالغ أبو إسحاق الجوزجاني فيه - كعادته في الحط على الشيعة - وتبعه أبو الفتح الأزدي....".
وعقب على ذلك الحافظ السخاوي في"فتح المغيث" (ص377 طبعة الأعظمي)، بقوله: "وعلى هذا يحمل أكثر ما ورد من الاختلاف في كلام أئمة الجرح والتعديل، فينبغي لهذا حكاية أقوال أهل الجرح والتعديل؛ ليتبين ما لعله خفي على كثير من الناس، وقد يكون الاختلاف للتغير في الاجتهاد"وقد قرر علماء المصطلح أنه إذا جاء في راو واحد قولان من إمام واحد، أُخِذَ بالقول الذي يوافق جمهور العلماء ذكر ذلك ابن شاهين في كتابه "المختلف فيهم في عدة مواضع".
وقال المعلمي في "الفوائد المجموعة" (ص47):"عادة ابن معين في الرواة الذين أدركهم أنه إذا أعجبته هيئة الشيخ، يسمع منه جملة من أحاديثه، فإذا رأى أحاديث مستقيمة، ظن أن ذلك شأنه فوثقه. وقد كانوا يتقونه ويخافونه ،فقد يكون أحدهم ممن يخلط عمداً، ولكنه استقبل ابن معين بأحاديث مستقيمة، ولما بَعُدَ عنه خلط. فإذا وجدنا ممن أدركه ابن معين من الرواة من وثقه ابن معين وكذبه الأكثرون أو طعنوا فيه طعناً شديداً، فالظاهر أنه من هذا الضرب. فإنما يزيده توثيق ابن معين وهناً، لدلالته على أنه كان يتعمّد".اهـفأين هذا الكلام من تهجم الشيخ ربيع وفعله بابن معين مع إمامته وجلالة شأنه عند علماء الحديث ولا يبين شيئا من خطئه الذي يزعمه في مسألة توثيقه لهشام بن الغاز.
إن هذه الدعاوي الكبيرة والحملة الظالمة التي يقوم بها الشيخ ربيع المدخلي لا تساوي أمام الحقائق العلمية فلسا وإنما فقط يكشف نفسه ويظهر مدى الحقد الذي يحمله حاليا تجاه أهل المنهج السلفي .
لقد كان الإمام ابن معين يجرح ويوثق وعنده الآلاف من أئمة الحديث ولا أحد منهم استجاز أن يغلط ويرد توثيق ابن معين جزافا بغير بينة ولا دليل إلا ما فعله الشيخ ربيع المدخلي اليوم أمام توثيقه لهشام بن الغاز.
فقد ذهب يحشد الأقوال التي في نادر ما شَذَّ بِهِ ابْنُ مَعِيْنٍ –رحمه الله- الذي لا يخلو منه حالات البشر قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(11/82): "ونحن لا نَدَّعِي العصمة في أئمة الجرح والتعديل لكن هم أكثر الناس صواباً، وأندرهم خطأً، وأشدهم إنصافا، وأبعدهم عن التّحامُل".
إن هذا لمن العجب أن يأتي إنسان في آخر الزمان يسقط توثيق الحبر النبيل أستاذ أئمة الجرح والتعديل وشيخ المحدثين دون حجة ولا دليل، بل معللا ذلك ربما يخطئ، فلو جاز لنا التوهيم ((بربما))لكان نسبة الوهم إلى الشيخ ربيع المدخلي أولى.
ماذا يريد الشيخ ربيع المدخلي حينما يقول وأراني مضطرا أن أبين خطأ توثيق ابن معين، غير إسقاط توثيقه لهشام بن الغاز الذي لم يعارضه في هذا التوثيق أحد وأنه موافق لجماعة الموثقين من علماء الجرح والتعديل .
وهذا الزعم والجرأة على العلماء لم يسبقه إليه أحد فإن توثيق ابن معين لهشام بن الغاز قبله أئمة الجرح والتعديل ووثقوا هشام بن الغاز، ورووا عنه، وأدخلوا حديثه في تصانيفهم، واحتجوا به.
وما أجمل ما قاله العلامة مقبل بن هادي الوادعي-رحمه الله- في كتابه القيم "ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر"(ص:51):"وأنا أسألك أيها المعترض، أعلي الطنطاوي خير أم أبو حاتم الرازي؟ (على تفاوت بين الشيخ ربيع والطنطاوي؛ فإِنّ الله يحب الإنصاف)
والجواب معروف، أن أبا حاتم الرازي إمام متفق على جلالته، إمام من أئمة الجرح والتعديل، وعلي الطنطاوي لا? يساوي كلامه فلسًا....."
أليس هذا من الاعتداء على الأصول العلمية والتشكيك في توثيق ابن معين من دون حجة ولا برهان ولا دليل غير اتباع الهواء والجرأة على رد أحكام أئمة الجرح والتعديل، بما يجرئ من اغتر بها على مروياتهم بغير حجة.
قال الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(7/40):"لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر ، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينه وبينه شحناء وإحنة ، وقد علم أن كثيراً من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر لا عبرة به ،لا سيما إذا وثق الرجل جماعة ، يلوح على قولهم الإنصاف".اهـ
هل من يفعل هذه الأفاعيل مع أئمة الجرح والتعديل وعلماء المسلمين يذب عن الصحابة الكرام وينتصر لهم.
فعلى الشيخ ربيع المدخلي أن يرفق بنفسه من مصادمة الحق، ومن الجرأة على الدعوة السلفية في الديار اليمنية، وعليه أن يأخذ أخبارها من أهلها وليس من خصومها.
والحاصل: أن الشيخ ربيعا المدخلي قد قام بأفعال شنيعة لا يرتضيها أهل المنهج السلفي وجنى على أئمة الحديث بصنيعه هذا انتصارا للحزب عبد الرحمن العدني وهذا هوى.
ولو اطلع العلماء جيلا بعد جيل على كتاباته هذه لحكموا عليها بأنها يلوح منها الهوى ومقاصد سيئة استغل مكانته العلمية ليمرر مغالطاته ويبث حقده الدفين السائر عليه من عدد سنين على الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج وشيخها الفاضل العلامة يحيى بن علي الحجوري –حفظه الله-.
فمقالات الشيخ ربيع المدخلي هذه المسماة بالذب هي تشجيع للحاقدين والطاعنين على أئمة الجرح والتعديل ولا يفرح بها ويؤيده عليها إلا الحزبيون الذين يريدون أن يسقطوا باب الجرح والتعديل ويسيرون به على ما تشتهيه أنفسهم .
وما احتواه مقال الشيخ ربيع المدخلي لا يتناسب مع ما ادعاه من أنه يذب عن الخليفة الراشد والصحابة الكرام ؛بل هو دفاع عن الحزبية الجديدة، وأما قوله: "ما دليلك أني أدافع عن أناس مفتونين؟ أنا أدافع عن أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم-على منهج أهل السنة والتوحيد"
إن هذا الكلام حتى الخوارج تقول هذا الزعم بأنهم يدافعون عن السنة والتوحيد وليس عندنا دليل على أنك تدافع عن الصحابة الكرام في مقالاتك هذه، والواقع أنك تؤجج الفتنة وتغذيها وتدافع عن هؤلاء الناس، وإلا ما هو الدليل على أن هؤلاء أساءوا إلى الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وصحابة الكرام رضي الله عنهم، وأنت لا تجهل الأصول التي يقفون عليها.
وترى كتاباتهم في الدفاع عن الصحابة والذب عنهم وقتالهم للروافض، وقتال الروافض لهم أكبر شاهد على بطلان ما تدعيه.
هات دليلا على كلامك هذا بأنهم يطعنون في الصحابة الكرام رضي الله عنهم،
وأما هذا الكلام الإنشائي الذي تؤلفه فعلامة واضحة على أنك تؤيد الباطل وتنصره.
فالرافضة قامت الأدلة عليهم على أنهم يسبون الصحابة وينتقصونهم ويسبون أمهات المؤمنين وهذا واضح من كلامهم وكتبهم.
وفعلك هذا الذي تفعله مع الدعوة السلفية في دماج إنما تتجرأ به على أهل السنة وترميهم بما ليس فيهم وتبالغ في ذلك وتستميت في ذلك وتحاول جمع الأدلة لإخراجهم من السنة، قاتل الله هذا المكر .
ومما يدل على أنك تدافع عن المفتونين أنك ضحيت بعلماء كبار من علماء أهل السنة لأغراضك ((وكل إناء بالذي فيه ينضح)).
وخير دليل أصحابك المجالسون لك الذين نبذتهم الدعوة السلفية في البلاد اليمنية وأنت تدافع عنهم وتنصر باطلهم، ولن تكون أخبر من أهل اليمن بهؤلاء فأنت لا تعرف دماج ولن تكون أخبر من دماج بهم.
وأما أنك نصبت نفسك لإسقاط دماج هذا بإذن الله بعيد المنال عليك ولو شغلت وجيشت أعداد المقلدين لك بغير هدى ولا برهان، لا تزيدهم إلا ضياعا، تحمل جلّ وزرهم أنت يوم القيامة.
وكما أنه بإذن الله بعيد على الرافضة الذين جاءت بهم الحزبية في الأصل من أجل القضاء على دار الحديث في دماج وأصبحت ممن يرمي دماج مع الرافضة والحزبيين ضد هذا الخير الذي يعرفه كل ذي هدى و إنصاف.
وهذه النتيجة التي وصلت إليها لا تأت إلا من شيخ مالت به هفوات قديمة في مجافات الصواب عند اختبار الحق ونزعات الهوى وإلا فما أنت اعلم بمكر هؤلاء من أهل دماج وما أنت أعرف بدار الحديث بدماج، وكل ما في الأمر أنك فوجئت بطلاب دماج يزورونك ويحسنون الأدب والتواضع معك ولك بينهم سمعة طيبة وذلك هو تقدير دار الحديث بدماج لك ورفع مكانتك مما يبدو من بلائك في مقارعة الحزبية ودفع شرها عن أهل السنة.
أما وقد تبين اليوم أنك تتفانى لتضع أهل السنة في دماج حتى رميتهم بأشد ما يأسف له السني أن يرمي خصمه بما ليس فيه من انتقاص الصحابة وهو الصادق المخلص في حبه لهم وذلك غاية من الظلم ما يتجرأ على قوله إلا من فقد صوابه .
وكل ذلك من أجل أن ترفع شأن المتسترين بالحزبية وتمكينهم في تمزيق أصدق دعوة سلفية في البلاد اليمنية منذ القرون المفضلة، وتسعى لتشتيتها بعد أن عميت عليك ثمرتها وعظيم بركتها ولم يعرف عنك جادة مهمة وأنت في القرب منها والتعرف عليها لتعريف العلماء في المملكة في مكانتها وعلو شأنها .
فقد اطَّلَعْت على مقال ثانٍ للشيخ ربيع بن هادي المدخلي باسم:((الذب عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه والصحابة الكرام رضي الله عنهم على الدوام))
يَرُدُّ عَلَى مقالِ الأخ الفاضل أبي حاتم يوسف بن عيد العنابي-وفقه الله وسدده- يسْتَمِيتُ فيه بكل مَا أُوتِيَ مِنْ قُوَّةٍ في تضعيف هشام بن الغازي وإسقاط حديثه أمام توثيق جمع كبير من أئمة الجرح والتعديل.
كما أنه انتقص للإمام محمد بن سعد صاحب الطبقات، وشكك في توثيق الإمام يحيى بن معين وأساء إلى أئمة الجرح والتعديل حينما رماهم بالتقليد وأنهم تبع لغيرهم في تجريحهم وتعديلهم، وأهدر تصحيح أثر هشام بن الغاز لجمع هائل ممن صحح أثره هذا من المتقدمين والمتأخرين.
وكأن الشيخ ربيع المدخلي بكل أفعاله هذه يُغَلِّطُ من شاء ويُخطِّئ من شاء، ويسيءُ القول من دون حجة ولا إثبات إلى كل من يخالفه في هشام بن الغاز، ويطلق الأحكام على الأئمة جزافا من دون خوف ولا مراقبة لله عز وجل وهذا واضح في قوله: "أما أنا فاعتقد أن كثيرا منهم، ولا سيما المتأخرين إنما اتبعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم بدون تتبع ولا اعتبار".
هكذا يقول الشيخ ربيع المدخلي متعاليا إنما اتبعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم وكأنه لا يرى ابن معين ودحيما شيئا ؛ فإذا لم يكن ابن معين ودحيم أهلا للأخذ منهم والأتباع لهم فممن يأخذ الناس.
إن هذا الكلام من الغلو الشديد في الإسقاط والإهدار لأئمة الحديث.
فهو يسقط علماء الجرح والتعديل وأئمة الحديث في اعتبارهم لمرويات هشام بن الغاز ويقول عنهم: "إنما اتبعوا المتقدمين مثل ابن معين ودحيم بدون تتبع ولا اعتبار".
ونقول: بل كل من وثق هشام بن الغاز كان توثيقه قائماً على التتبع والاعتبار وهذا شأن أئمة النقد وعلماء الجرح والتعديل، وهذه هي القاعدة، والمنهج الأساسي في جرحهم وتعديلهم.
وهذا ما كان يقرره الشيخ ربيع المدخلي قديماً وينادي به بأوضح البراهين إلا أنه اليوم التبس عليه علمه حيث قال في رده على كلام أبي الحسن في أخبار الآحاد: "قال أبو الحسن: ومن المعلوم أن التصحيح فرع التوثيق للرواة نقلة هذا الحديث، فأسأل وأقول:، كيف يوثق علماء هذا الفن رواة الأحاديث؟.
ثم قال: والجواب: إما أن يكون المعدل معاصراً للمعدَّل أو متأخراً عنه ولم يره بل اطلع على حديثه ،فإن كان معاصراً فإما أن يكون قد حضر له مجلساً ورآه يحدث بأحاديث مستقيمة فوثقه، وقد يكون الأمر بخلاف ذلك، وإن كان خلاف الظاهر مرجوحاً.
وإما أن يكون قد اختبره في أحاديث - قلت أو كثرت-، فمر فيها فوثقه.
وقد يكون حديث عهد بما سئل عنه، ولو سأله عن غير هذه الأحاديث لاشتبهت عليه - إن كان هذا الاحتمال مرجوحاً-.
وإن كان المعدل متأخراً فتوثيقه راجع إلى سبر روايات المحدث ومقارنتها بحديث غيره، وقد يتوسع الناقد فيسبر كل حديث المحدث وقد لا يفعل فالتوثيق اجتهادي لا قطعي؛ ونحن نرى كثيراً من التراجم قد اختلف فيها الأئمة بين معدل ومجرح، ثم نجتهد في الجمع بين هذه الروايات ونستخرج حكماً نهائياً في الرجل بالتعديل بالتجريح، فحكمنا اجتهاد ظني مبني على اجتهاد ظني، فكيف يصير بعد ذلك يقينياً قطعياً؟". إتحاف النبيل(ص24).
أقول –أي الشيخ ربيع-:
إنَّ اهتمام المحدثين بالسماع المباشر من شيوخهم وملازمتهم لهم والرحلات الطويلة الشاقة من سائر أقطار العالم الإسلامي إلى الأقطار الأخرى للسماع من العلماء والمحدثين وغيرهم أمور مشهورة معروفة مدونة في كتب الرجال وتراجمهم بل إن كثيراً من الرجال من يرحل إلى البلاد النائية من أجل حديث واحد وقد كتب الخطيب البغدادي كتاباً خاصاً بالرجال الذين كان أحدهم يرحل من أجل حديث واحد.
ومن أهداف الرحلة عند المحدثين البحث عن أحوال الرواة وأخبارهم حتى يتميز المقبول منهم من المردود ولولا ما بذله الأئمة النقاد في هذا الشأن من الجهود في البحث عن عدالة الرواة واختبار حفظهم وتيقظهم ثم شهادتهم بالعدالة والضبط لمن عرفوا من أحواله هذه المزايا، وشهادتهم على الكذابين والضعفاء والمخلطين والتحذير منهم، ولفت الأنظار إلى المدلسين على اختلاف طبقاتهم، وشهادتهم عليهم بما عرفوه من أحوالهم لولا هذه الجهود العظيمة بعد حفظ الله لدينه لما تميز الحق من الباطل والهدى من الضلال.
أفمثل هذه الأمور يُغفلها سلفي عند الحديث عن رواة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنَّ تعديلهم وجرحهم يقوم على منهج عظيم ودراسة واعية لأحوال الرواة ودينهم وأخلاقهم إلا فيما ندر من الحالات من بعض النقاد.
وإنَّ كلام أبي الحسن هذا فيه تلبيس وإجحاف بحق أئمة النقد حملة الإسلام والذابين عنه رحمهم الله ورضي عنهم، فهل هذه حالهم جميعاً في كل الأحوال فتكون تزكيات جميع أئمة النقد مبنية على حضور أحدهم مجلساً واحداً..إلخ،
حاشاهم وبرأهم الله من هذا القول.ثم إنَّ هذا الكلام من أبي الحسن لا يخلو من واحدة من ثلاث حالات:
1-إما أنه أخذه عن أهل البدع.
2- وإما أنه اخترعه تأييداً لباطله وباطلهم.
3- وإما أنه أخذه من الشيخ عبد الرحمن المعلمي بعد أن بتره بتراً شنيعاً.
قال العلامة الناقد الشيخ المعلمي رحمه الله- تحت عنوان كيف البحث عن أحوال الرواة-: ((الثامن: ينبغي أن يبحث عن معرفة الجارح أو المعدل بمن جرحه أو عدله فإن أئمة الحديث لا يقتصرون على الكلام فيمن طالت مجالستهم له وتمكنت معرفتهم به.
بل قد يتكلم أحدهم فيمن لقيه مرة واحدة وسمع منه مجلساً واحداً أو حديثاً واحداً وفيمن عاصره ولم يلقه، ولكنه بلغه شيء من حديثه وفيمن كان قبله بمدة قد تبلغ مئات السنين إذا بلغه شيء من حديثه ومنهم من يجاوز ذلك،
فابن حبان قد يذكر في الثقات من يجد البخاري سماه في تاريخه من القدماء وإن لم يعرف ما روى وعمن روى ومن روى عنه، ولكن ابن حبان يشدد وربما تعنت فيمن وجد في روايته ما استنكره
وإن كان الرجل معروفاً مكثراً والعجلي قريب منه في توثيق المجاهيل من القدماء وكذلك ابن سعد وابن معين وآخرون غيرهما يوثقون من كان من التابعين أو أتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم مستقيمة بأن يكون له فيما يروي متابع أو شاهد وإن لم يرو عنه إلا واحد ولم يبلغهم عنه إلا حديث واحد...))،
ثم ذكر من وثقهم هؤلاء من المجهولين. فانظر إلى قوله : ((فإن أئمة الحديث لا يقتصرون على الكلام فيمن طالت مجالستهم له وتمكنت معرفتهم به)).
فهذه هي القاعدة الأساس والمنهج الأساس في جرحهم .
وانظر إلى قوله : ((بل قد يتكلم أحدهم فيمن لقيه مرة واحدة وسمع منه مجلساً واحداً إلى آخر الحالات التي ذكرها…))،
وهذه حالات استثناء وهذه الحالات لا يتركها الله بل يهيئ من يبين حال هؤلاء المجهولين وقد قام علماء -بتوفيق الله- بهذا البيان. ثم إن هؤلاء المجهولين لا يعتمد العلماء على رواياتهم لا في عقيدة ولا في حلال ولا حرام لكن قد يستشهد برواياتهم فيما له أصل والخلاف إنما هو في روايات من عرفوا بالعدالة وقوف ذلك، وتلقت الأمة رواياتهم بالقبول تصديقاً بها وعملاً بموجبها.
والحاصل هنا أنه لا يخلو كلام أبي الحسن من واحد من الحالات التي ذكرتها وكلها شر نعوذ بالله منه.
وقال الشيخ المعلمي رحمه الله في رده على أبي رية المصري :((قال أبو رية في كتابه "أضواء على السنة المحمدية"، بعد إطرائه لكتابه وذكر علو قدر الحديث النبوي ثم قال: وعلى أنه بهذه المكانة الجليلة والمنـزلة الرفيعة فإن العلماء والأدباء لم يولوه ما يستحق من العناية والدرس وتركوا أمره لمن يسمون رجال الحديث يتداولونه فيما بينهم ويدرسونه على طريقتهم.
وطريقة هذه الفئة التي اتخذتها لنفسها قامت على قواعد جامدة لا تتغير ولا تتبدل فترى المتقدمين منهم وهم الذين وضعوا هذه القواعد قد حصروا عنايتهم في معرفة رواة الحديث والبحث على قدر الوسع في تاريخهم، ولا عليهم بعد ذلك إن كان ما يصدر عن هؤلاء الرواة صحيحاً في نفسه أو غير صحيح معقولاً أو غير معقول إذ وقفوا بعلمهم عندما يتصل بالسند فحسب، أما المعنى فلا يعنيهم من أمره شيء.
قال العلامة المعلمي:”مراده بقوله العلماء المشتغلون بعلم الكلام والفلسفة، ولم يكن منهم أحد في الصحابة والمهتدين بهديهم من علماء التابعين وأتباعهم الذين يلونهم، هؤلاء كلهم ممن سماهم رجال الحديث، ومنهم عامة المشهورين عند الأمة بالعلم والإمامة من السلف، أولئك كلهم ليسوا عند أبي رية علماء، لأنهم لم يكونوا يخوضون في غوامض المعقول بل يفرون منها وينهون عنها ويعدونها زيفاً وضلالاً وخروجاً عن الصراط المستقيم وقنعوا بعقل العامة.
وأقول : مهما تكن حالهم، وقد كانوا عقلاء العقل الذي ارتضاه الله عز وجل لأصحاب رسوله ورضيهم سبحانه لمعرفته ولفهم كتابه وشهد لهم بأنهم (الْمُؤْمِنُونَ حَقّا)،(الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)،(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )،وقال لهم في أواخر حياة رسوله(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)
فمن زعم أن عقولهم لم تكن مع تسديد الشرع لها كافية وافية بمعرفة الله تعالى وفهم كتابه ومعرفة مالا يتم الإيمان ولا يكمل الدين إلا بمعرفته، فإنما طعن في الدين نفسه، وكان التابعون المهتدون بهدي الصحابة أقرب الخلق إليهم عقلاً وعلماً وهدياً، وهكذا من اهتدى بهديهم من الطبقات التي بعدهم.
وهؤلاء هم الذين سماهم أبو رية"رجال الحديث "، قد يقال:أما نفي العلم والعقل عنهم فلا التفات إليه، ولكن هل راعوا العقل في قبول الحديث وتصحيحه؟
أقول: نعم راعوا ذلك في أربعة مواطن : عند السماع، وعند التحديث، وعند الحكم على الرواة، وعند الحكم على الأحاديث فالمتثبتون إذا سمعوا خبراً تمتنع صحته أو تبعد لم يكتبوه، ولم يحفظوه فإن حفظوه لم يحدثوا به، فإن ظهرت مصلحة لذكره ذكروه مع القدح فيه وفي الراوي الذي عليه تبعته".
ثم نقل عن الشافعي والخطيب البغدادي ما يؤيد كلامه ثم واصل في الثناء على الصحابة ومن اهتدى بهديهم وفي الرد على أبي رية الضال.نقلت هذا الكلام لجودته وعظيم فائدته ولمشابهة طعن أبي رية في أهل الحديثلطعون أهل البدع فيهم من المتكلمين والمتفلسفين والشاهد لهذا البحث من كلام المعلمي.
أنَّ فيه بياناً شافياً لتثبت المحدثين واستخدام عقولهم النيرة عند سماع الحديث أي من شيوخهم ثم عند التحديث به فلا يحدث الأئمة منهم إلا بما حفظوه وأتقنوه أو من كتبهم وعند الحكم على الرواة فلا يحكمون إلا بعلم ودراسة الراوي المحكوم عليه ومن اعترى حكمه خلل سد هذا الخلل غيره من الأئمة تحقيقاً لوعد الله بحفظ دينه وحمايته له من النقص والخطأ والباطل.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:((وقال الذهبي وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة)) نزهة النظر مع النكت لعلي حسن عبد الحميد ( ص190-191) وكلامه في (ص84) من الموقظة:
قال الذهبي: ((ولكن هذا الدين مؤيد محفوظ من الله لم يجتمع علماؤه على ضلالة لا عمداً ولا خطأً فلا يجتمع اثنان على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة )).
أي لم يقع الاتفاق من علماء الحديث على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة".قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تعريف المقبول:((المقبول الثقة الضابط لما يرويه هو المسلم العاقل البالغ، سالماً من أسباب الفسق، وخوارم المروءة، وأن يكون مع ذلك متيقظاً غير مغفل حافظاً إن حدث من حفظه فاهما إن حدث على المعنى فإن اختل شرط مما ذكرنا ردت روايته.
وتثبت عدالة الراوي باشتهاره بالخير أو بتعديل الأئمة أو اثنين منهم له، أو واحد على الصحيح ولو بروايته عنه في قول)).
وعلق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على هذا التعريف تعليقاً جيداً ثم قال: ((ويعرف ضبطه بموافقة الثقات المتقنين الضابطين، إذا اعتبر حديثه بحديثهم، ولا تضر مخالفته النادرة لهم، فإن كثرت مخالفته لهم وندرت الموافقة اختل ضبطه، ولم يحتج بحديثه)).
أقول: فتوفر شروط العدالة أو اختلالها لا تحصل إلا بالدراسة لأحواله ومدخله ومخرجه وتوفر شروط الضبط قد تحصل لتلاميذه وأقرانه الذين عايشوه وعرفوا حاله من تحديثه وإملائه وقد تحصل لمن عاصره ولم يره وتحصل لمن يأتي من النقاد بعد عصره بالدراسة ومقارنة مروياته بمرويات غيره،
وبهذا وذاك يعرف حاله من عدالة وضبط أو ضدهما، وتبث العدالة باشتهاره بالخير والثناء الجميل عليه حتى يصل الأمر إلى أن يسأل هو عن الناس ولا يسألون عنه كأئمة الهدى الكبار مثل مالك والثوري والأوزاعي وشعبة وابن المبارك وأحمد ابن حنبل ويحي بن معين وعلي بن المديني والبخاري ومسلم وأبي حاتم وأبي زرعة – ونظراء هؤلاء ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر، انظر تعليق أحمد شاكر (الباعث الحثيث ) (2/280).
وقال ابن الصلاح رحمه الله في قضية الجرح: "وأكثر ما يوجد في كتب الجرح والتعديل "فلان ضعيف" أو "متروك" ونحو ذلك فإن لم نكتف به أنسد باب كبير في ذلك.وأجاب بأن إذا لم نكتف به توقفنا في أمره لحصول الريبة عند ذلك.
قال ابن كثير رحمه الله : قلت أما كلام هؤلاء الأئمة المنتصبين لهذا الشأن فينبغي أن يؤخذ مسلماً من غير ذكر أسباب وذلك للعلم بمعرفتهم، واطلاعهم واضطلاعهم في هذا الشأن، واتصافهم بالإنصاف والديانة والخبرة، والنصح لا سيما إذا أطبقوا على تضعيف الرجل أو كونه متروكاً أو كذابا أو نحو ذلك فالمحدث الماهر لا يتخالجه في مثل هذا وقفة في موافقتهم، لصدقهم وأمانتهم ونصحهم.ولهذا يقول الشافعي في كثير من كلامه على الأحاديث:"لا يثبته أهل العلم بالحديث "ويرده ولا يحتج به بمجرد ذلك والله أعلم (1/286).
فهذه الصفات التي وصفهم بها الحافظ ابن كثير – رحمه الله – لعلمه لدراستهم لأحوال الأشخاص مباشرة من خلال مجالستهم ومشافهتهم واختبار رواياتهم إلى آخر ما تتطلبه هذه الصنعة الشريفة لا لمجرد لقاء وسماع بعض الأحاديث في جلسة فهذه حالات نادرة وليست بقاعدة ولا منهج.وقال العلامة المحدث الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في مقدمته لكتاب “الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ( 1/ب)"، في أئمة النقد:النقد والنقاد.
ليس نقد الرواة بالأمر الهين، فإن الناقد لا بد أن يكون واسع الإطلاع على الأخبار المروية، عارفاً بأحوال الرواة السابقين وطرق الرواية، خبيراً بعوائد الرواة ومقاصدهم وأغراضهم،وبالأسباب الداعية إلى التساهل والكذب، والموقعة في الخطأ والغلط، ثم يحتاج إلى أن يعرف أحوال الراوي متى ولد؟
وبأي بلد؟ وكيف هو في الدين والأمانة والعقل والمروءة والتحفظ؟ ومتى شرع في الطلب؟ ومتى سمع؟ وكيف سمع؟ ومع من سمع؟
وكيف كتابه؟ ثم يعرف أحوال الشيوخ الذين يحدث عنهم وبلدانهم ووفياتهم وأوقات تحديثهم وعادتهم في التحديث، ثم يعرف مرويات الناس عنهم ويعرض عليها مرويات هذا الراوي ويعتبرها بها، إلى غير ذلك مما يطول شرحه، ويكون مع ذلك متيقظاً، مرهف الفهم، دقيق الفطنة، مالكاً لنفسه، لا يستميله الهوى ولا يستفزه الغضب، ولا يستخفه بادر ظن حتى يستوفي النظر ويبلغ المقر، ثم يحسن التطبيق في حكمه فلا يجاوز ولا يقصر. وهذه المرتبة بعيدة المرام عزيزة المنال لم يبلغها إلا الأفذاذ.
وقد كان من أكابر المحدثين وأجلتهم من يتكلم في الرواة فلا يعول عليه ولا يلتفت إليه. قال الإمام علي ابن المديني وهو من أئمة هذا الشأن “أبو نعيم وعفان صدوقان لا أقبل كلامهما في الرجال، هؤلاء لا يدعون أحداً إلا وقعوا فيه “وأبو نعيم وعفان من الأجلة، والكلمة المذكورة تدل على كثرة كلامهما في الرجال ومع ذلك لا تكاد تجد في كتب الفن نقل شيء من كلامهما أئمة النقد.أشتهر بالإمامة في ذلك جماعة كمالك بن أنس وسفيان الثوري وشعبة ابن الحجاج وآخرون قد ساق ابن أبي حاتم تراجم غالبهم مستوفاة في كتابه “تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل “وذلك أنه رأى أن مدار الأحكام في كتاب الجرح والتعديل على أولئك الأئمة، وأن الواجب أن لا يصل الناظر إلا أحكامهم في الرواة حتى يكون قد عرفهم المعرفة التي تثبت في نفسه أنهم أهل أن يصيبوا في قضائهم، ويعدلوا في أحكامهم، وأن يقبل منهم ويستند إليهم ويعتمد عليهم ".
أقول –أي الشيخ ربيع-:فانظر إلى قوله:(..وأن الواجب أن لا يصل الناظر إلا أحكامهم في الرواة حتى يكون قد عرفهم المعرفة التي تثبت في نفسه أنهم أهل أن يصيبوا في قضائهم، ويعدلوا في أحكامهم، وأن يقبل منهم ويستند إليهم ويعتمد عليهم)،ل
ماذا؟؟.لأنَّ أحكامهم قامت على دراسة واعية وعلم بأحوال الرواة فتكون أحكامهم صائبة وعادلة لأنها لم تقم على الظنون والأوهام، وقد يحصل من بعضهم تزكية لبعض الأشخاص بناء على ما يظهر له من حاله، ويكون الناقد من إخوانه أعلم بحاله فيؤكد هذه التزكية أو يأتي بما ينقظها.
وقال العلامة المعلمي كذلك في "الأنوار الكاشفة":“وأما التابعون فعامة من وثقه الأئمة منهم ممن كثرت أحاديثه هم ممن زكاه الصحابة ثم زكاه أقرانه من خيار التابعين، ثم أعتبر الأئمة أحاديثه وكيف حدّث بها في الأوقات المتفاوتة، واعتبروا أحاديثه بأحاديث غيره من الثقات، فاتضح لهم بذلك كله صدقه وأمانته وضبطه.
وهكذا من بعدهم. وكان أهل العلم يشددون في اختيار الرواة أبلغ التشديد، جاء عن بعضهم _ أظنه الحسن بن صالح بن حيّ _ أنه قال:كنا إذا أردنا أن نسمع الحديث من رجل سألنا عن حاله حتى يقال : أتريدون أن تزوجوه؟
وجاء جماعة إلى شيخ ليسمعوا منه فرأوه خارجاً وقد انفلتت بغلته وهو يحاول إمساكها وبيده مخلاة يريها إياها، فلاحظوا أن المخلاة فارغة، فرجعوا ولم يسمعوا منه.
قالوا هذا يكذب على بغلة فلا نأمن أن يكذب في الحديث. وذكروا أن شعبة كان يتمنى لقاء رجل مشهور ليسمع منه، فلما جاءه وجده يشتري شيئاً ويسترجح في الميزان، فامتنع شعبة من السماع منه، وتجد عدة نظائر لهذا ونحوه في كفاية الخطيب (ص110-114).
وكان عامة علماء القرون الأولى وهي قرون الحديث مقاطعين للخلفاء والأمراء، حتى كان أكثرهم لا يقبل عطاء الخلفاء والأمراء ولا يرضى بتولي القضاء، ومنهم من كان الخلفاء يطلبونهم ليكونوا بحضرتهم ينشرون العلم، فلا يستجيبون، بل يفرون ويستترون. وكان أئمة النقد لا يكادون يوثقون محدثاً يداخل الأمراء أو يتولى لهم شيئاً. وقد جرحوا بذلك كثيراً من الرواة ولم يوثقوا ممن داخل الأمراء إلا أفرادا علم الأئمة علما يقينا سلامة دينهم وأنه لا مغمز فيهم البته.
وكان محمد بشر الزنبرى محدثاً يسمع منه الناس، فاتفق أن خرج أمير البلد لسفر فخرج الزنبرى يشيعه، فنقم أهل الحديث عليه ذلك وأهانوه ومزقوا ما كانوا كتبوا عنه. وكثيراً ما كانوا يكذبون الرجل ويتركون حديثه لخبر واحد يتهمونه فيه. وتجد من هذا كثيراً في ميزان الذهبي وغيره.
وكذلك إذا سمعوه حدّث بحديث ثم حدّث به بعد مدة على وجه ينافي الوجه الأول، وفي الكفاية (ص113) عن شعبة قال“سمعت من طلحة بن مصرّف حديثاً واحداً وكنت كلما مررت به سألته عنه... أردت أن أنظر إلى حفظه، فإن غير فيه شيئاً تركته “وكان أحدهم يقضي الشهر والشهرين يتنقل في البلدان يتتبع رواية حديث واحد كما وقع لشعبة في حديث عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر، وكما وقع لغيره في الحديث الطويل في فضائل السور. ومن تتبع كتب التراجم، وكتب العلل بان له من جدهم واجتهادهم ما يحير العقول.
وكان كثير من الناس يحضرون أولادهم مجالس السماع في صغرهم ليتعودوا ذلك ثم يكبر أحدهم فيأخذ في السماع في بلده، ثم يسافر إلى الأقطار ويتحمل السفر الطويل والمشاق الشديدة، وقد لا يكون معه إلاّ جراب من خبز يابس يحمله على ظهره، يصبح فيأخذ كسرة ويبلها بالماء ويأكلها ثم يغدو للسماع،
ولهم في هذا قصص كثيرة، فلا يزال أحدهم يطلب ويكتب إلى أن تبلغ سنه الثلاثين أو نحوها فتكون أمنيته من الحياة أن يقبله علماء الحديث ويأذنوا للناس أن يسمعوا منه، وقد عرف أنهم إن اتهموه في حديث واحد أسقطوا حديثه وضاع مجهوده طول عمره وربح سوء السمعة واحتقار الناس.
وتجد جماعة من ذرية أكابر الصحابة قد جرحهم الأئمة، وتجدهم سكتوا عن الخلفاء العباسيين وأعمامهم لم يرووا عنهم شيئاً مع أنهم قد كانوا يروون أحاديث.
ومن تتبع أخبارهم وأحوالهم لم يعجب من غلبه الصدق على الرواة في تلك القرون، بل يعجب من وجود كذابين منهم. ومن تتبع تشدد الأئمة في النقد لم يعجب من كثرة من جرحوه وأسقطوا حديثه، بل يعجب من سلامة كثير من الرواة وتوثيقهم لهم مع ذلك التشدد".اهـ
أقول: إن التناقض واضح في كلام الشيخ ربيع المدخلي يقرر أمورا ثابتة عند أهل العلم في رده على أبي الحسن بينما يعود الآن فيناقضها مقررا أمورا باطلة يرد بها على الدعوة السلفية في دماج.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشيخ ربيعا -هداه الله- يريد الانتصار لنفسه، وهذا أمر معروف حاصل عندما يضع الإنسان نفسه في مقارعة الحق فإنه مهما علا باعه في الاطلاع فإن الحق سيسقطه وإن كان الذي يرد عليه طالب علم بسيط.
وإني لآسف غاية الأسف أن يكون هذا الكلام الذي فيه تلبيس وإجحاف بحق أئمة النقد حملة الإسلام والذابين عنه رحمهم الله ورضي عنهم خرج من فيّ الشيخ ربيع المدخلي –هداه الله-.
فإذا كان الشيخ ربيع يقول في أئمة الجرح والتعديل وعلماء الحديث الذين وثقوا هشام بن الغاز هذا الذي يقوله ، فماذا ترك للمغرضين والحاقدين على أئمة الحديث وعلماء الجرح والتعديل.
هذا الحاكم صاحب المستدرك ذكر في كتابه "معرفة علوم الحديث"(ص:323): "ذكر النوع التاسع والأربعين: "الأئمة الثقات المشهورين فقال: "ومن أهل الشام وذكر منهم هشام ابن الغاز بن ربيعة الجرشي.
وهذا ابن حبان قال في كتابه"مشاهير علماء الأمصار"(1/291): "هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي من خيار الشاميين ومتقنيهم".
وقال الحافظ ابن حجر في "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه"(1 / 317):"هشام بن الغاز مشهور"،
فمن يقول في هشام بن الغاز مثل هذه العبارات ألا يكون قد عرفه المعرفة التامة التي تستلزم الوصف الذي وصفوا به هشام بن الغاز، وأنهم قالوا ذلك عن علم واطّلاع واسع ، وتتبع لمروياته وسبرها ومعرفة أحواله، ووقوفهم على كلام الحفّاظ, وأهل المعرفة التّامّة والاطّلاع الواسع, ونصّهم على صحّة الحديث, وعدم وجود ما يدفعه.
فهذه هي أقوال الأئمة والحفاظ والمحدثين في الكلام على هشام بن الغاز ورواياته فبقول من نأخذ؟
بقول أئمة النقد وعلماء الجرح والتعديل!!
أما بأقوال الشيخ ربيع المدخلي الذي هو أشبه بصنيعه هذا للكوثري وأحفاده في طعنه وإسقاطه لهشام بن الغاز ومروياته والتنقص والإساءة من أئمة النقد وعلماء الجرح والتعديل السابقين منهم واللاحقين.
إن الشيخ ربيعا المدخلي يتفانى في معاندة أئمة الحديث في توثيقهم لهشام بن الغاز واعتبار رواياته وأنه من أهل الصدق والأمانة عندهم ويقول عنه:"كثير الخطأ"، ويهدر جميع رواياته في كتب السنة، دون أن يكون مسبوق بحكمه هذا من إمام من أئمة الجرح والتعديل.ويدعي لنفسه من السبر وتتبع لمروياته ما يلحق به المتقدمين في الوقت الذي يسقط فيه الحفاظ وعلماء الجرح والتعديل وينتقص أحكامهم حيث قال:"وسوف أناقش مرويات هشام بن الغاز في ضوء منهج السلف وعلى طريقتهم في سبر مروياته".
إن هذه الدعوة التي يريد أن يتذرع من خلالها إصدارُ الأحكام على هشام بن الغاز التي لم يسبقه بها أحد من علماء الجرح والتعديل لا تتأتى للشيخ ربيع المدخلي ولا لمن هو أكبر منه علما واطلاعا في عصرنا الحاضر ؛كيف وقد نص أئمة الجرح والتعديل على تعديله
وقد ذكر هذا العلامة عبد الرحمن المعلمي في"التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل" (1/175)فقال:"الجهة الثانية: استقامة الرواية وهذا يثبت عند المحدث بتتبعه أحاديث الراوي واعتبارها وتبين أنها كلها تدل على أن الراوي كان من أهل الصدق والأمانة ، وهذا لا يتيسر لأهل عصرنا لكن إذا كان القادحون في الراوي قد نصوا على ما أنكروا من حديثه بحيث ظهر أن ما عدا ذلك من حديثه مستقيم فقد يتيسر لنا أن ننظر في تلك الأحاديث فإذا تبين أن لها مخارج قوية تدفع التهمة عن الراوي فقد ثبتت استقامة روايته .
وقد حاولت العمل بهذا في بعض الآتين في قسم التراجم كالحارث بن عمير والهيثم بن جميل .
فأما ما عدا هذا فإننا نحتاج إلى الترجيح ، فقد يترجع عندنا استقامة رواية الرجل باحتجاج البخاري به في صحيحه لظهور أن البخاري إنما احتج به أن تتبع أحاديثه وسبرها وتبين له استقامتها".اهـ
فالشيخ ربيع المدخلي في انتقاصه لأئمة الجرح والتعديل بأنهم لم يتتبعوا أو يعتبروا في تعديلهم لهشام بن الغاز، ودعواه لنفسه التتبع لمروياته لكي يثبت أنه مجروح ؛ إنما تكلَّف الصِّعَابَ؛ فلو كان ما ادعاه في المعارضة جرحا لكان جرحا مبهما غير مفسر، فلا يصح الأخذ به في مقابلة توثيق من وثقه كما هو مقرر في "مصطلح الحديث"،
وزد على ذلك أن الموثقين جمع، و يزداد عددهم إذا ضم إليهم من صحح حديثه ، باعتبار أن التصحيح يستلزم التوثيق كما هو ظاهر.وكل هذا لم يعتبره الشيخ ربيع المدخلي وذهب يدعي لنفسه الاستقراء والتتبع الذي عليه المتقدمين، وأخذ بالمرجوح وترك أقول الأئمة الراجحة ودلس وأوهم أنه ليس هناك موثق، وأنه لا يستحق التوثيق،
وأن الواقع خلاف من وثقه تماماً، ولم يأخذ بما انضم إلى ذلك مما يدل على اعتباره كتعليق البخاري لحديثه بصيغة الجزم في صحيحه، واعتمد أهل السنن في الرواية عنه وأصحاب المسانيد والمصنفات وتصحيح أثره هذا في كتب السنة واعتمادهم له مما يدل على أنه لم يظهر في روايتهم عنه شيء من النكارة في حديثه.
فهشام بن الغاز قد قالوا فيه أئمة الجرح والتعديل هذا التوثيق، وليس من الإنصاف صرف النظر عنهم والاعتماد على قول مرجوح أمام آراء أئمة الجرح والتعديل ومهرة الفن في نقد الرجال.
وما قام به الشيخ ربيع من التضعيف والطعن والإهدار لتوثيق الأئمة إنما مجرد دعوى لم يثبها ومغالطة مفضوحة لأن الشيخ ربيع المدخلي لا يجهل أن قول الإمام أحمد (صالح الحديث) من باب التعديل وليس لنفي التوثيق عنه.
وقد كان الشيخ ربيع يشير إلى الفرق بين قول الإمام يحيى بن معين:((ثقة))وبين قوله:((لا بأس به))حيث قال: "فالصواب أنه صالح كما قال أحمد ولابن معين قول آخر فيه حيث قال فيه: لا بأس به، ومن هنا قال الذهبي فيه: إنه صدوق".
فلما بيّن له أنه اصطلاح لابن معين في الثقة ولا فرق بينهما ، وأن ما ذهب إليه الشيخ ربيع المدخلي في التفريق أمر لا ينبغي أن يجهله إذ هو معروف لدى طلاب العلم والمبتدئين في هذا الفن.
فبدلا من أن يعترف بخطئه فيما ذهب إليه من التفرقة ذهب يطعن في توثيق يحيى بن معين ويجلب عليه التشكيك ويصب عليه عنان التوهيم والتهوين. وقام بالتليين لتوثيق علماء النقد من دون أن يبين ما هو حجته في التوهيم واستخدم طريقة المغالطة والاستخفاف بعقول الناس، حيث قال :"ولكنه لم يستطع أن يثبت عن أحمد الذي قال في هشام:"إنه صالح الحديث لم يستطع أن يثبت أنه قال فيه: "ثقة"، ولم يدرك أن هذا جهد ضائع ،لا يفيد هشاما."
وهذا الكلام شبيه بقول الذين قالوا:{وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}سورة [الأنعام :124].
ولأجل هذا التعنت سمحت له نفسه برمي جمع كبير من المتقدمين والمتأخرين من علماء الجرح والتعديل وعلماء الحديث والسنة بالتقليد والتبعية وبأنهم يقلدون من دون تتبع ولا اعتبار وذهب يتجلد أشد من تجلد حمزة المليباري في منهجه الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين، وتمسك بقول واحد للإمام أحمد وكأنه قد ظفر بأشد ألفاظ التضعيف والتهوين لهشام بن الغاز .
وليعلم الشيخ ربيع المدخلي وغيره أننا طلاب علم صغار ندافع عن بيضة السلفية في دار الحديث بدماج من الهجمة الحزبية التي تصوب اليوم سهامها على الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج.
ونرى أن ردود الشيخ ربيع المدخلي تصب في خندق واحد مع الرافضة الحوثيين وحزب الإخوان المسلمين، ولأجل تحامل الشيخ ربيع المدخلي وتجنيه على قلعة السلفية دار الحديث بدماج ورميه لهم بالباطل بأنهم يطعنون في الصحابة الكرام رضي الله عنهم ويثلبون في الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه دعانا ذلك للرد عليه وبيان أنه تجنى على هذه الدعوة وأهلها بالباطل، ويتحايل على الحق وأهله بتقليب الحقائق العلمية.
بل الذي تثبته الأدلة ويشهد به الواقع أنه لا يوجد في دار الحديث بدماج سوى من يتلقون وينشرون علم الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة ولم يصدر حرف واحد منهم في الطعن والثلب للخليفة الراشد عثمان بن عفان وللصحاب الكرام رضي الله عنهم أجمعين، وإنما هم نقلوا كلام العلماء في مسألة الأذان العثماني من كتبهم المصنفة والمؤلفة، وكانوا بهذا النقل أمناء لم يغيروا حرفا أو يزيدوا كلمة بينما في الواقع أن خصومهم هم الذين يحرفون الكلام ويتلاعبون بالحقائق العلمية.
وما نشاهده من الشيخ ربيع المدخلي من الكيل والاتهامات وإشاعة الباطل عليهم وتلبيسهم لباس الروافض والنواصب الذين يطعنون في الصحابة الكرام وينصبون لهم العداء ويطعن فيهم بعدة طعون لا يتحملها مسلم بغير حجة ولا برهان فما هو إلا دليل واضح على تلاعبه بالحقائق العلمية وعدم إنصافه لأهل المنهج السلفي والدعوة السلفية في الديار اليمنية، ولا مصدر لهذه الاتهامات والطعون إلا الحملة العدوانية التشويهية التي قام بها الشيخ ربيع المدخلي –صلح الله حاله- ومناصريه الناتجة عن الممارسات المناورات الكيدية المدبرة بليل .
مع أن هذه الأفعال التي يقوم بها الشيخ ربيع المدخلي-هداه الله- من الطعن في الدعوة السلفية في البلاد اليمنية وإسقاطه لرواية هشام بن الغاز الذي يعد من كبار التابعين ورد توثيق أئمة الجرح والتعديل له ولمزه وغمزه لأحكامهم ورمي عامة أهل السنة الذين ذكروا مسألة الأذان العثماني في كتبهم المصنفة بأنهم يطعنون بالصحابة الكرام رضي الله عنهم من الأدلة والبيانات التي تدين الشيخ ربيع المدخلي، وتدين أفعالهم في محاربة أهل السنة السلفيين وتدل على تورطهم بالحزبية.
وهناك ردود كتبت بالحجة والبرهان وبيان أن حملتهم المُهدَّفة على طريقة أهل الفتن من أمثال أبي الحسن المصري، والشيخ ربيع بن هادي-هداه الله- يساند هذا الصنف، ومن استمع لأشرطته الأخيرة التي ينـزلها ضد دار الحديث بدماج كأنه أعدَّ قاموسا للسباب والشتائم والهدم والنسف عليهم وكأنه يقول لكم أن تقولوا ما شئتم فيهم من ذم، واكتفى بهذا عن النقد العلمي وتسليط النقد على النصوص بالحجج والبراهين.
ولا شك أن مثل هذه الأسلوب الذي استخدمه الشيخ ربيع بن هادي –عافاه الله- مع الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج مجافٍ للنصح للإسلام والمسلمين.
وأهل السنة السلفيين في اليمن لا يجهلون هذا كما أن أهل الحق وأهل الإنصاف والصدق لا يصدقون هذه الافتراءات على دار الحديث بدماج وشيخها الفاضل وواقع دعوة دار الحديث في دماج بريئة كل البراءة من هذه التهم، والتاريخ الواقعي لهذه الدعوة يشهد بنـزاهتهم وبراءتهم وبعدهم كل البعد عمّا يلصق به من التهم، وأنَّ ما يلصق بهم من ذلك محظ بغي وعدوان وزهوا وإعجاب، ليس الله عنه بغافل, وسيجازي فاعله عليه بعدله, وهو خير الحاكمين.
ولهذا الأمر كان لزاما على طلاب العلم أن يتصدوا بالرد على ما قام به الشيخ ربيع المدخلي في حق أهل المنهج السلفي.
فكما أنه يتهم الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج أنهم يطعنون في الصحابة الكرام رضي الله عنهم ،فكذلك نتهمهم على الدعوة السلفية، وأنهم والحال هذا ليسوا نصحاء لها و لا أمناء عليها، لا سيما مع وضوح تجلدهم للحزبية بالباطل, وضد أهل السنة ورجالها في اليمن فهم يسيرون حالياً في خندق واحد مع الرافضة الحوثيين وحزب الإخوان المسلمين في استهداف الدعوة السلفية في الديار اليمنية.
ودعوى الشيخ ربيع المدخلي على الدعوة السلفية في دار الحديث بأنهم غلاة أو أنهم يطعنون في الصحابة رضي الله عنهم ويثلبون في عثمان بن عفان رضي الله عنه من جملة دعاوي من سبقه من الروافض والإخوان المسلمين وغيرهم من أعداء ذلك الدار وأهله,﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج:8]
ولا زال الشيخ ربيع المدخلي يعيد ويكرر هذا الطعون بالعنوان الذي سماه (الذب عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه).
يظهر للناس بهذا العنوان من الأقوال أو الأفعال التي ظاهرها حسنة الظاهر ومحمودة القصد بينما مقصوده التوصل بذلك إلى تشكك المسلمين في الدعوة السلفية في البلاد اليمنية وفي مصادرها القائمة على ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة من تعظيم الصحابة وتوقيرهم والثناء عليهم والاستغفار لهم والتّرحم عليهم والترضيّ عنهم واعتقاد محبتهم، وموالاتهم.
فهم على عقيدة أهل السنة والجماعة على نحو ما قاله الطحاوي في بيان عقيدة أهل السنة:"ونحب أصحاب محمد، ولا نفرط في حب أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان، وبغضهم كفر ونفاق وعصيان".
ولقد استجاز الشيخ ربيع المدخلي لنفسه أن يرميهم مرة أخرى ويعيد العنوان بحلقات عديدة لكي يثبت ما رماهم به من النيل والثلب للخليفة الراشد عثمان بن عفان لتتم له الفائدة وتُنَفَّذُ له الحيلة بهذه المناورة التي شغب بها على أهل السنة.
وهذا واضح في تصرفاته حيث جعل مسألة إنكار الأذان العثماني مسألة وقضية لم يخض فيها ولم يتبناها ويتكلم عنها غير الذين يثلبون الصحابة ويطعنون في الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعا، وحصر ذلك في الشيخ العلامة مقبل الوادعي رحمه الله وذهب يتجنى على الدعوة السلفية في الديار اليمنية، مع أن فضيلة الشيخ ربيع المدخلي-هداه الله- يعرف الكلام في الأذان الثاني فيها من الشيخ العلامة مقبل الوادعي-رحمهم الله- وغيره من أربعين سنة وذهب يثيرها، ويجعلها وليدة اليوم ويتكلم فيها وكأنه لم يطلع عليها إلا الساعة هذه ويبعثها إلى النّاس بصورة حلقات في الذب عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فمن يفعل مثل هذه الأفاعيل ويؤخر البيان أربعين سنة! هل يكون قصده الذب والدفاع عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، أم الحملة الظالمة على من قد أراد سحبه من على الكرسي الذي ائتمنه عليه الشيخ الهمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى يعمل ذلك بغياً وعدواناً.
فمثل هذه الحملة المراد منها أن يتولى على دماج من يصارع الحزبيين ويترك لهم المجال للقضاء على دار الحديث بدماج وهذا الموقف من الشيخ ربيع المدخلي –عافاه الله- هو استمرار لما كان قد دبره من قبل ولم ينجح، فلا إله إلا الله، نسأل الله لطفه من هذه المكايد والأعمال المنكرة والخواتيم السيئة.
والشيخ ربيع المدخلي يعرف أن مسألة الأذان العثماني والكلام فيها مبثوث في الكتب المطولة وفي شروح الحديث مما يدلك على أن المسألة ليست من الثلب والطعن في الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ؛بل هي من موارد الاجتهاد ومسائل الاجتهاد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في "منهاج السنة النبوية"(6/183-184):"وإن قدر أن في الصحابة من كان ينكر هذا ومنهم من لا ينكره كان ذلك من مسائل الاجتهاد ولم يكن هذا مما يعاب به عثمان".اهـ محل الاستشهاد.
انظر أيها القارئ الكريم كيف يصون الاحتمال للمخالف، لأن شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- يعرف أن مسألة الأذان العثماني تكلم فيهاأهل العلم في كتبهم.
وهكذا يجعل شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- مسألة وجود المخالف المنكر للأذان العثماني والموافق المقر من المسائل من موارد الاجتهاد ولم تكن من المسائل التي يعاب بها على عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وهذا يرد افتراء الشيخ ربيع المدخلي وظلمه لأهل السنة السلفيين وتحامله على الذين ذكروا هذه المسألة في كتبهم ونقلها عنهم من نقلها ورماهم ظلما وجرأة بأنهم يطعنون في الصحابة الكرام رضي الله عنهم ويثلبون في عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ولم يفهم أحد من علماء أهل السنة السابقين الذين نقلوا مسألة الكلام على الأذان العثماني أن من قال بقول ابن عمر رضي الله عنه بأن الأذان الثاني محدث بدعة أنه يطعن في الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ويثلب في عثمان بن عفان رضي الله عنه غير الشيخ ربيع المدخلي ومن وافقه في هذه الأزمنة.
إن الشيخ ربيع المدخلي يفعل هذا الأفاعيل ويرمي الدعوة السلفية في الديار اليمنية تارة بالتصريح بالطعن في الصحابة والثلب من الخليفة الراشد عثمان بن عفان وأخرى بالتلميح من خلال الرد على فلان وفلان مع علم الناس بحقيقة الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج؛ فكيف إذا كان الناس يجهل حال هذه الدعوة السلفية ماذا عسى أن يفعل بهم!!.
وفضيلة الشيخ ربيع المدخلي ينادي بحقية حرمة الصحابة والكف وعدم الخوض في مسألة الأذان الثاني ؛ لأن في الكلام عن الأذان الثاني الطعن في الصحابة الكرام والثلب في الشهيد المظلوم عثمان بن عفان رضي الله عنه.
إن هذا النداء الذي يوجهه الشيخ ربيع المدخلي للعنابي وأمثاله إنما هو ازدراء بأهل السنة القائلين بهذا القول الأصيل، وليس فقط لدعوة السلفية في دار الحديث بدماج.
فإن علماء أهل السنة، وعلى رأسهم ابن عمر ونافع ومن نقل عنه من التابعين وتابع التابعين هم الذين نقول مسألة الأذان الثاني والإنكار على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ولم يكن أهل دار الحديث في دماج إلا نقلة عنهم لا غير بكل أمانة وصدق.
وما حكم به الشيخ ربيع المدخلي –هداه الله- يتنـزل على كل أحد يأخذ بالأمر الأول في أذان يوم الجمعة الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وصدر من خلافة عثمان رضي الله عنهم،
وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري (2/315)حيث قال:"وبلغني أن أهل المغرب الأدنى الآن لا تأذين عندهم سوى مرة".
فهل هؤلاء يطعنون في الصحابة وينتقصون من الخلفية الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه فالشيخ ربيع المدخلي في مقالاته هذه إنما يحارب أهل السنة ويرميهم جميعا بأنهم يطعنون الصحابة و في الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أدرك هذا أم لم يدركه.
وهذه الطريقة أشبه بطريقة أبي الحسن المصري حينما كان يثير العواطف ويستميل القلوب لنصرة باطله مستخدما حصيلة عشرين سنة يدرس فيها ويقرأ في كتب مصطلح الحديث والجرح والتعديل ليحارب أهل السنة السلفيين.
وهذا هو ما يفعله الآن الشيخ ربيع المدخلي تماما فهو يستغل مكانته العلمية وذكاءه ليحارب السلفيين باسم الذب عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ فكم ارتكب من المخالفات في الحقائق العلمية أمام توثيق أئمة الجرح والتعديل لهشام بن الغاز تعمدا وانتصارا لنـزوة هواه، وكم ارتكب من الرمي لكل من تكلم في مسألة الأذان العثماني من المتقدمين والمتأخرين.
واليوم يرتكب بحق الإمام ابن معين هفوة عظيمة فهو يشكك في توثيقه عامة وأنه يخطئ وإن لم يعارضه في توثيقه أحد من الأئمة، ويصور للقراء بما حشده من المعارضة لتوثيقه من جرح الأئمة أنه معارض معارضة حقيقيّة عامّة توجب الحيطة والتنبه لتوثيق يحيى بن معين وعلل ذلك بأنه ربما يخطئ لأجل يثبت أن ما جاء عن ابن معين من التصريح بالتوثيق معارض بقوله:"ليس به بأس"، ويخفي اصطلاح ابن معين ((أنه ثقة)).
ولم يشير من قريب ولا من بعيد إلى أن هذا فيما إذا اختلف كلام ابن معين في جماعة، يوثق أحدهم تارة ويضعفه أخرى فالواجب أن يوفق ويجمع بين الأقوال وصنيع الحافظ ابن حجر في مثل هذه الحالة ترجيح التعديل قال العلامة ظفر أحمد التهانوي رحمه الله تعالى في "قواعد في علوم الحديث "(ص:29 4- 430):"إذا اختلف قول الناقد في رجل ، فضعفه مرة وقواه أخرى، فالذي يدل عليه صنيع الحافظ ابن حجر أن الترجيح للتعديل ، ويحمل الجرح على شيء بعينه"اهـ
وهذا الاختلاف الذي نجده أحياناً في أحكام ابن معين بيّنه العلامة المعلمي اليماني في كتابه التنكيل(1/67)فقال: "وكان ابن معين إذا لقي في رحلته شيخاً فسمع منه مجلساً، أو ورد بغدادَ شيخٌ فسمع منه مجلساً، فرأى تلك الأحاديث مستقيمة، ثم سُئِلَ عن الشيخ وثَّقه!،
وقد يتفق أن يكون الشيخ دجَّالاً استقبل ابنَ معين بأحاديث صحيحة، ويكون قد خلط قبل ذلك أو يخلط بعد ذلك.
ذكر ابن الجنيد أنه سأل ابنَ معين عن محمد بن كثير القرشي الكوفي فقال: "ما كان به بأس"(وهو توثيق باصطلاحه)،فحكى له أحاديث تُستنكر، فقال ابن معين: "فإن كان هذا الشيخ روى هذا فهو كذَّاب، وإلا فإني رأيتُ حديث الشيخ مستقيماً"اهـ
ونبه الحافظ ابن حجر في"بذل الماعون في فضل الطاعون(ص117)على منهج ابن معين واختلاف أقواله في الرواة في أكثر من موضع من ذلك قوله في أبي بَلْج - بفتح أوله وسكون اللام بعدها جيم - الفزاري الكوفي ثم الواسطي:"وقد وثقه يحيى بن معين والنسائي..... ونقل ابن الجوزي عن ابن معين أنه ضعفه.
فإن ثبت ذلك فقد يكون سئل عنه وعمّن هو فوقه، فضعفه بالنسبة إليه. وهذه قاعدة جليلة فيمن اختلف النقل عن ابن معين فيه، نبه عليها أبو الوليد الباجي في كتابه "رجال البخاري" ويحتمل أن يكون ابن معين ضعفه من قبل رأيه، فإنه منسوب إلى التشيع. ولأجل هذا بالغ أبو إسحاق الجوزجاني فيه - كعادته في الحط على الشيعة - وتبعه أبو الفتح الأزدي....".
وعقب على ذلك الحافظ السخاوي في"فتح المغيث" (ص377 طبعة الأعظمي)، بقوله: "وعلى هذا يحمل أكثر ما ورد من الاختلاف في كلام أئمة الجرح والتعديل، فينبغي لهذا حكاية أقوال أهل الجرح والتعديل؛ ليتبين ما لعله خفي على كثير من الناس، وقد يكون الاختلاف للتغير في الاجتهاد"وقد قرر علماء المصطلح أنه إذا جاء في راو واحد قولان من إمام واحد، أُخِذَ بالقول الذي يوافق جمهور العلماء ذكر ذلك ابن شاهين في كتابه "المختلف فيهم في عدة مواضع".
وقال المعلمي في "الفوائد المجموعة" (ص47):"عادة ابن معين في الرواة الذين أدركهم أنه إذا أعجبته هيئة الشيخ، يسمع منه جملة من أحاديثه، فإذا رأى أحاديث مستقيمة، ظن أن ذلك شأنه فوثقه. وقد كانوا يتقونه ويخافونه ،فقد يكون أحدهم ممن يخلط عمداً، ولكنه استقبل ابن معين بأحاديث مستقيمة، ولما بَعُدَ عنه خلط. فإذا وجدنا ممن أدركه ابن معين من الرواة من وثقه ابن معين وكذبه الأكثرون أو طعنوا فيه طعناً شديداً، فالظاهر أنه من هذا الضرب. فإنما يزيده توثيق ابن معين وهناً، لدلالته على أنه كان يتعمّد".اهـفأين هذا الكلام من تهجم الشيخ ربيع وفعله بابن معين مع إمامته وجلالة شأنه عند علماء الحديث ولا يبين شيئا من خطئه الذي يزعمه في مسألة توثيقه لهشام بن الغاز.
إن هذه الدعاوي الكبيرة والحملة الظالمة التي يقوم بها الشيخ ربيع المدخلي لا تساوي أمام الحقائق العلمية فلسا وإنما فقط يكشف نفسه ويظهر مدى الحقد الذي يحمله حاليا تجاه أهل المنهج السلفي .
لقد كان الإمام ابن معين يجرح ويوثق وعنده الآلاف من أئمة الحديث ولا أحد منهم استجاز أن يغلط ويرد توثيق ابن معين جزافا بغير بينة ولا دليل إلا ما فعله الشيخ ربيع المدخلي اليوم أمام توثيقه لهشام بن الغاز.
فقد ذهب يحشد الأقوال التي في نادر ما شَذَّ بِهِ ابْنُ مَعِيْنٍ –رحمه الله- الذي لا يخلو منه حالات البشر قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(11/82): "ونحن لا نَدَّعِي العصمة في أئمة الجرح والتعديل لكن هم أكثر الناس صواباً، وأندرهم خطأً، وأشدهم إنصافا، وأبعدهم عن التّحامُل".
إن هذا لمن العجب أن يأتي إنسان في آخر الزمان يسقط توثيق الحبر النبيل أستاذ أئمة الجرح والتعديل وشيخ المحدثين دون حجة ولا دليل، بل معللا ذلك ربما يخطئ، فلو جاز لنا التوهيم ((بربما))لكان نسبة الوهم إلى الشيخ ربيع المدخلي أولى.
ماذا يريد الشيخ ربيع المدخلي حينما يقول وأراني مضطرا أن أبين خطأ توثيق ابن معين، غير إسقاط توثيقه لهشام بن الغاز الذي لم يعارضه في هذا التوثيق أحد وأنه موافق لجماعة الموثقين من علماء الجرح والتعديل .
وهذا الزعم والجرأة على العلماء لم يسبقه إليه أحد فإن توثيق ابن معين لهشام بن الغاز قبله أئمة الجرح والتعديل ووثقوا هشام بن الغاز، ورووا عنه، وأدخلوا حديثه في تصانيفهم، واحتجوا به.
وما أجمل ما قاله العلامة مقبل بن هادي الوادعي-رحمه الله- في كتابه القيم "ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر"(ص:51):"وأنا أسألك أيها المعترض، أعلي الطنطاوي خير أم أبو حاتم الرازي؟ (على تفاوت بين الشيخ ربيع والطنطاوي؛ فإِنّ الله يحب الإنصاف)
والجواب معروف، أن أبا حاتم الرازي إمام متفق على جلالته، إمام من أئمة الجرح والتعديل، وعلي الطنطاوي لا? يساوي كلامه فلسًا....."
أليس هذا من الاعتداء على الأصول العلمية والتشكيك في توثيق ابن معين من دون حجة ولا برهان ولا دليل غير اتباع الهواء والجرأة على رد أحكام أئمة الجرح والتعديل، بما يجرئ من اغتر بها على مروياتهم بغير حجة.
قال الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(7/40):"لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر ، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينه وبينه شحناء وإحنة ، وقد علم أن كثيراً من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر لا عبرة به ،لا سيما إذا وثق الرجل جماعة ، يلوح على قولهم الإنصاف".اهـ
هل من يفعل هذه الأفاعيل مع أئمة الجرح والتعديل وعلماء المسلمين يذب عن الصحابة الكرام وينتصر لهم.
فعلى الشيخ ربيع المدخلي أن يرفق بنفسه من مصادمة الحق، ومن الجرأة على الدعوة السلفية في الديار اليمنية، وعليه أن يأخذ أخبارها من أهلها وليس من خصومها.
والحاصل: أن الشيخ ربيعا المدخلي قد قام بأفعال شنيعة لا يرتضيها أهل المنهج السلفي وجنى على أئمة الحديث بصنيعه هذا انتصارا للحزب عبد الرحمن العدني وهذا هوى.
ولو اطلع العلماء جيلا بعد جيل على كتاباته هذه لحكموا عليها بأنها يلوح منها الهوى ومقاصد سيئة استغل مكانته العلمية ليمرر مغالطاته ويبث حقده الدفين السائر عليه من عدد سنين على الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج وشيخها الفاضل العلامة يحيى بن علي الحجوري –حفظه الله-.
فمقالات الشيخ ربيع المدخلي هذه المسماة بالذب هي تشجيع للحاقدين والطاعنين على أئمة الجرح والتعديل ولا يفرح بها ويؤيده عليها إلا الحزبيون الذين يريدون أن يسقطوا باب الجرح والتعديل ويسيرون به على ما تشتهيه أنفسهم .
وما احتواه مقال الشيخ ربيع المدخلي لا يتناسب مع ما ادعاه من أنه يذب عن الخليفة الراشد والصحابة الكرام ؛بل هو دفاع عن الحزبية الجديدة، وأما قوله: "ما دليلك أني أدافع عن أناس مفتونين؟ أنا أدافع عن أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم-على منهج أهل السنة والتوحيد"
إن هذا الكلام حتى الخوارج تقول هذا الزعم بأنهم يدافعون عن السنة والتوحيد وليس عندنا دليل على أنك تدافع عن الصحابة الكرام في مقالاتك هذه، والواقع أنك تؤجج الفتنة وتغذيها وتدافع عن هؤلاء الناس، وإلا ما هو الدليل على أن هؤلاء أساءوا إلى الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وصحابة الكرام رضي الله عنهم، وأنت لا تجهل الأصول التي يقفون عليها.
وترى كتاباتهم في الدفاع عن الصحابة والذب عنهم وقتالهم للروافض، وقتال الروافض لهم أكبر شاهد على بطلان ما تدعيه.
هات دليلا على كلامك هذا بأنهم يطعنون في الصحابة الكرام رضي الله عنهم،
وأما هذا الكلام الإنشائي الذي تؤلفه فعلامة واضحة على أنك تؤيد الباطل وتنصره.
فالرافضة قامت الأدلة عليهم على أنهم يسبون الصحابة وينتقصونهم ويسبون أمهات المؤمنين وهذا واضح من كلامهم وكتبهم.
وفعلك هذا الذي تفعله مع الدعوة السلفية في دماج إنما تتجرأ به على أهل السنة وترميهم بما ليس فيهم وتبالغ في ذلك وتستميت في ذلك وتحاول جمع الأدلة لإخراجهم من السنة، قاتل الله هذا المكر .
ومما يدل على أنك تدافع عن المفتونين أنك ضحيت بعلماء كبار من علماء أهل السنة لأغراضك ((وكل إناء بالذي فيه ينضح)).
وخير دليل أصحابك المجالسون لك الذين نبذتهم الدعوة السلفية في البلاد اليمنية وأنت تدافع عنهم وتنصر باطلهم، ولن تكون أخبر من أهل اليمن بهؤلاء فأنت لا تعرف دماج ولن تكون أخبر من دماج بهم.
وأما أنك نصبت نفسك لإسقاط دماج هذا بإذن الله بعيد المنال عليك ولو شغلت وجيشت أعداد المقلدين لك بغير هدى ولا برهان، لا تزيدهم إلا ضياعا، تحمل جلّ وزرهم أنت يوم القيامة.
وكما أنه بإذن الله بعيد على الرافضة الذين جاءت بهم الحزبية في الأصل من أجل القضاء على دار الحديث في دماج وأصبحت ممن يرمي دماج مع الرافضة والحزبيين ضد هذا الخير الذي يعرفه كل ذي هدى و إنصاف.
وهذه النتيجة التي وصلت إليها لا تأت إلا من شيخ مالت به هفوات قديمة في مجافات الصواب عند اختبار الحق ونزعات الهوى وإلا فما أنت اعلم بمكر هؤلاء من أهل دماج وما أنت أعرف بدار الحديث بدماج، وكل ما في الأمر أنك فوجئت بطلاب دماج يزورونك ويحسنون الأدب والتواضع معك ولك بينهم سمعة طيبة وذلك هو تقدير دار الحديث بدماج لك ورفع مكانتك مما يبدو من بلائك في مقارعة الحزبية ودفع شرها عن أهل السنة.
أما وقد تبين اليوم أنك تتفانى لتضع أهل السنة في دماج حتى رميتهم بأشد ما يأسف له السني أن يرمي خصمه بما ليس فيه من انتقاص الصحابة وهو الصادق المخلص في حبه لهم وذلك غاية من الظلم ما يتجرأ على قوله إلا من فقد صوابه .
وكل ذلك من أجل أن ترفع شأن المتسترين بالحزبية وتمكينهم في تمزيق أصدق دعوة سلفية في البلاد اليمنية منذ القرون المفضلة، وتسعى لتشتيتها بعد أن عميت عليك ثمرتها وعظيم بركتها ولم يعرف عنك جادة مهمة وأنت في القرب منها والتعرف عليها لتعريف العلماء في المملكة في مكانتها وعلو شأنها .
ونسأل الله حسن الختام, و هو حسبنا و نعم الوكيل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
وسوف يأتي مزيد بيان إن شاء الله في مقال"((خطورة منهج الشيخ ربيع المدخلي الذي سلكه في انتقاص كلام العلماء في مكانة هشام بن الغاز))
كتبه:
أبو مصعب علي بن ناصر بن محمد
العدني
وسوف يأتي مزيد بيان إن شاء الله في مقال"((خطورة منهج الشيخ ربيع المدخلي الذي سلكه في انتقاص كلام العلماء في مكانة هشام بن الغاز))
كتبه:
أبو مصعب علي بن ناصر بن محمد
العدني
تعليق