هذا المقال كتبه الشيخ أبوبكر -حفظه الله- بمناسبة فتنة (التمرُّد) الحاصلة في هذه الأيام في مصر -حرسها الله- وما يعدون له من الخروج والاعتصام في الميادين، احتجاجًا على الحاكم، وطلبًا لتنحيه، وذلك في يوم الثلاثين من شهر يونيو المقبل لعام 2013، نسأل الله أن يقطع دابر المفسدين،
فإليكم المقال:
بسم الله الرحمن الرحيم
حقائق يجب التنبُّه لها والتنبيه عليها
الحقيقة الأولى:
أن دين الإسلام لا عيب فيه بوجه من الوجوه، وإنما العيب على من لم يعمل بشرائع الإسلام مع انتسابه إليه، قال -تعالى-:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}
الحقيقة الثانية:
أنه لا أحزاب في الإسلام، وبهذا تعلَم أن حزب الحرية والعدالة الحريَّ بأن يُسَمَّى بحزب الضلالة، وأن حزب النور السلفي الحريَّ بأن يسمى بحزب الزور الخلفي، وسائر الأحزاب أنها ليست من دين الإسلام في شيء، وإنما هي مِن جنس دين المشركين، قال تعالى-:
{وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}
الحقيقة الثالثة:
أن الأحزاب الدينية وغير الدينية كلها ضرر على دين الناس ودنياهم، غير أن ضرر وشر الأحزاب الدينية أعظم لإلحاقهم بالدين ما ليس منه، ولتزيينهم الباطل في نفوس الخلق، وإلباسه ثوب الحق، ولاغترار كثير من الناس بهذا كله، فهم يُفسِدون الدين ابتداءً وأصالة، ويشوِّهون الإسلام وأهله كما هو واقع وحاصل اليومبما لا يدع مجالًا للشك، مثل هذا الإفساد والضرر والتشويه الذي لا يُعرف نظيره ولا ما يدانيه أو يقاربه في الأحزاب غير الدينية، فإنَّ انخداع الناس بمن يَنْسِب باطله إلى الدين أكثر وأعظم وأشد من انخداعهم بمن لا ينسِب باطله إلى الدين.
الحقيقة الرابعة:
أنه ما نَصَر اللهُ الإسلامَ بمبتدع، وأن أهل البدع لا للإسلام نصروا ولا لعدوه كسروا، بخلاف الفاجر فقد ينصر الله به الدين، قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«إنَّ الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» متفق عليه.
الحقيقة الخامسة:
أن الجماعات الموجودة على الساحة الدعوية من أمثال جماعة الإخوان وجماعة التبليغ وغيرهما جماعات بدع وضلالات، وأنهم ليسوا أهل سنة، بهذا صرَّح أهل العلم والإيمان.
ومِن شِبَاك الإخوان المسلمين وأحابيلهم التي يصطادون بها المغفلين، ويجذبونهم كالجاذب الذي يسمى بالمغناطيس إلى حزبهم ومنهجهم البدعي الفاسد، الرحلات السياحية!! والدورات الرياضية!! والمسابقات الثقافية!! إلى آخر تلكم السلاسل والأغلال والأطواق المحكَمة التي يَغُلُّون بها أتباعهم، ويُغلِقون بها عقولهم، ويوقعونهم في هوة التحزب والتقليد الأعمى، والتي يُصِمُّون بها آذان أتباعهم عن سماع الحق، ويحولون بها بينهم وبين البحث عن الحق والوصول إليه، ومعرفة أهله، شعر بذلك الأتباع أم لم يشعروا.
فمِثل هذا التحزب هو سرطان هذا العصر، فكن على حذر من هذا الداء العضال الذي يضر بالدين قبل الدنيا، وبالروح قبل البدن.ومِن شعار جماعة التبليغ: الخروج البدعي المسمى بالخروج في سبيل الله!! -زعموا- في سلسلة ذات حلقات من البدع والضلالات.
هذا، وإن الجمعيات وما يسمى بالرابطات!! بنات تلك الجماعات.
الحقيقة السادسة:
أن تولِّي الحاكم للحكم في الإسلام إنما يكون بإحدى ثلاث طرق لا رابع لها، إمَّا بولاية العهد، كما عهد أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- بالخلافة من بعده إلى عمر الفاروق -رضي الله عنه-
وإمَّا بجَعْل الأمر شورى في جماعة من أهل الحل والعقد فيَختارون أحدهم كما جَعَل عمر الأمر شورى من بعده في ستة من السابقين الأولين من المهاجرين، فوقع الاختيار من بينهم على عثمان -رضي الله عنه- وأهل الحل والعقد هم أهل العلم والإيمان والخبرة والقدرة والقوة، البصيرون بسبل إقامة دين الناس ودنياهم، وقد قال -عز وجل- عن جبريل:
{ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}
وقالت ابنة الرجل الصالح لأبيها بشأن موسى:
{يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}
وقال العفريت لنبي الله سليمان بشأن الإتيان بعرش مَلِكَة سبأ:
{أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}
فلابد من اجتماع القوة والأمانة في السياسة الشرعية والسائس الشرعي، ذَكَرَ نحوًا من ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية.
الطريق الثالثة أن يتغلَّب على الحكم متغلِّب من المسلمين-فاسقًا كان أو مبتدعًا- فيأخذ الحكم عنوة وقهرًا وقسرًا بالسيف أو نحوه، فمِثْل هذا متى استتب له الأمر في الحكم وَجَبَ السمع له والطاعة في غير معصية حقنًا لدماء المسلمين، ودفعًا لأعظم الضررين، على هذا اتفاق أهل السنة والجماعة، خلافًا للخوارج الشُّذَّاذ الضُّلَّال، قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «وَإِنْ تَأَمَّر عَلَيْكُم عَبْدٌ يَقُودُكم بِكِتَابِ اللهِ فَاسمَعُوا وَأَطِيعُوا»
رواه مسلم.
مع أن العبد لا حقَّ له في مِثْل هذا التأمُّر حبشيًّا كان أو غيره، والشرع فوق العقل، على أن العقل الصريح لا يخالِف الشرع والنقل الصحيح، فتدبَّر.
الحقيقة السابعة:
أنَّ الديمقراطية كفر وضلال؛ لأن معناها هو حكم الشعب بالشعب، وفي هذا تنحية وإبعاد لدين الإسلام عن الحكم، وإبطال لأحكام الشرع، فالحكم في الديمقراطية هو ما حكم به الشعب لا الشرع، فمَن اعتقد جواز ذلك فهو كافر، فالحكم إنما هو لله -عز وجل- قال -عز وجل-: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ}
وقال: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ}
وقال: {أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ}
وقال: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ}
وقال: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
وقال: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
وقال: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}
فمَنْ فَضَّل حكمه على حكم الله، أو سوَّى بين حكمه وحكم الله، أو جوَّز الحكم بغير ما أنزل الله فهو كافر كفرًا أكبر اعتقاديًّا مخرِجًا من الملة وناقلًا عنها، ومَن حَكم بغير ما أنزل الله من غير اعتقاد تفضيل حكمه على حكم الله، ومِن غير تسويةٍ بين حكمه وحكم الله، ومن غير تجويز وتحليل واستباحة الحكم بغير ما أنزل الله فهو كافر كفرًا عمليًّا أصغر، كفرًا دون كفر، كفرًا غير مخرِج من الملة ولا ناقل عنها، وكفاه ذلك عيبًا، وذمًّا، وشَيْنًا، وعارًا، وشنارًا عليه.
الحقيقة الثامنة:
أن الانتخابات الديمقراطية انتخابات شيطانية طاغوتية، تَجمع بين من فرَّق الله، فهي انتخابات يُسَوَّى فيها بين الذكر والأنثى، وقد قال -عز وجل-:
{إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ}
فامرأة عمران أعقل من جميع الديمقراطيين اليوم!!كما يُسَوَّى في تلك الانتخابات بين العالِم والجاهل، وقد قال -تعالى-: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}؟! أي لا يَستوون.
وكما يسوَّى في تلك الانتخابات بين الطائع والفاسق وبين المسلم والكافر الفاجر، وقد قال الله -عز وجل-: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ}
وقال -عز وجل-: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}
وقال: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} -أي لا نجعل هؤلاء كهؤلاء-.
وقال -عز وجل-:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} -أي فلا نجعل هؤلاء كهؤلاء- {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}؟!
فالله فرَّق بين مَن جمعوا، وهم جمعوا بين مَن فرَّق اللهُ.
وانتخاباتٌ هذا بعض شأنها لا يجوز المشاركة فيها، ولا حضورها، ولا شهودها، وقد قال -عز وجل- في أوصاف عباد الرحمن كما في سورة الفرقان:
{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}
وأيُّ زور أعظم من مثل زور تلك الانتخابات؟!
وما أثمرت تلك الانتخابات لبلاد الإسلام إلَّا البلاء والشقاء، وقد قيل: بثمارهم تعرفونهم، وقد قال -عز وجل-: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا}
الحقيقة التاسعة:
أن الله -عز وجل- قد فضح أهل البدع والأهواء والأحزاب الدينية السالِفة الذكر في هذه الأيام فضيحة لا يغطيها ذيل ولا يسترها ليل، جزاءَ ما خدعوا به عوام المسلمين ومغفليهم طيلة عقود من الزمان، وجزاء ما عادَوا به المذهب السلفي وآذوا به أهله، ذاك المذهب السلفي النقي الصافي من شوب البدعة وكدرها، البعيد عن حذلقات وفلسفات وسياسات أهل التحزب والدجْل والكذب والخداع والتلبيس والخبث، وجزاء تحريفهم لما حرَّفوه من دين الإسلام، وما عطَّلوه من قواعده وشرائعه العظام، وقد قال -عز وجل- متوعِّدًا نبيه ومهددًا إياه لو تقوَّل عليه بعض الأقاويل:
{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}
وقال: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّه يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}
وبهذا تعلَم أن عمر البدعة قصير، وأن عمر الكذب قصير.
وقال الله -عز وجل-:
{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}
ولعل بعض ما أصاب القوم من الفضيحة العاجلة والخزي العاجل هو بسبب دعوة مظلوم مضطر تكاثرت عليه الخصوم وصيَّحوا فثبتَ فصارتْ صيحتهم كمِثْل دخان، يَرْقَى إلى الأَوْجِ الرفيع وبعده يهوي إلى قَعْرِ الحضيض الداني.ولعل المزيد من الفضائح والخزي واقع عن قريب بهم، هذا الذي نتوقعه لهم، ونرجوه لهم، لما نرى من تماديهم في الباطل، وإصرارهم عليه وعنادهم.
الحقيقة العاشرة:
أن أهل العلم هم أبصر الناس بالفتن وبأهلها، وإذا أقبلتْ الفتنة عرفها كل عالم، وإذا أدبرتْ عرفها كل جاهل، هكذا جاء عن بعض السلف، فما أشد حيرةَ الجهال عند الفتن!! وما أشد وأعظم بصيرة العلماء بها وتمييزهم فيها الحق من الباطل، والمحق من المبطِل!!
الحقيقة الحادية عشرة:
أن الظلم ترجع عقباه إلى الندم، وأن عاقبة الظلم وخيمة، وقد قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«الظُّلْمُ ظُلُمَاتٍ يَوْمَ القِيَامَةِ» متفق عليه.
وقال: «إنَّ الله لَيُمْلِي للظَالِمِ حَتَّى إذا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْه»
ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} الحديث متفق عليه.
وقال -عز وجل-: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}
فكم في البلاد اليوم من وجيه صار شريدًا!! وكم فيها من وجيه صار سجينًا!! بسبب الظلم، فصاروا كأن لم يغنوا ولم يملكوا بالأمس، وقد قيل: في السابقين الأولين من القرون لنا بصائر.
الحقيقة الثانية عشرة:
أن المكيال عند أهل السنة الصادقين واحد، وأن الميزان عندهم واحد، فأهل السنة قد عَدُّوا الثورة السابقة فتنة وخروجًا، وهم أنفسهم اليوم يَعُدُّون حملة ( التمرُّد) فتنة وخروجًا، خاصة إذا عُلِم أن الذين يتولون كِبْر هذه الحملة أو الحركة لا يُعْرَفون باستقامة على شرع الله، وإنما يُعرَفون بانحرافهم عن سبيل الاستقامة، وتولِّيهم لحملة وحركة التمرد هو أحد أدلة وبراهين عدم استقامتهم.أمَّا أهل البدع والأهواء فإنهم يكيلون بمكيالين، ويزِنون بميزانين، بل ما أكثر مكاييلهم وموازينهم!!فهُم الذين جوَّزوا الخروج والثورة والفتنة بالأمس، وهم الذين يحرِّمون ذلك اليوم.
وقد وصل الأمر ببعض الدعاة المشهورين المفتونين، ألا وهو محمد بن حسان المصري إلى أن وصف الشباب الخارج في الثورة السابقة بالشباب المبارك!! ووصف الفتنة السابقة بالثورة المباركة!!
مع أن البركة هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء، كالرسول والقرآن ونحو ذلك.فهل يوصَف المتمردون في هذه الأيام بالشباب المبارك؟! وهل يوصَف تمردهم بالتمرد المبارك؟!
اللهم لا.
فماذا يقول هذا الزاعم خاصة إذا كان المشاركون في حملة التمرد أو أكثرهم أو كثير منهم خارجين في ثورة الأمس، والتي سَمَّاها هذا الزاعِم مبارَكة!! وسمَّى الثائرين فيها من هؤلاء الشباب بالشباب المبارك؟!
فإن قالوا: كان الحاكم السابق كافرًا، قلنا: قد بدتْ سوأتكم وتكفيركم للمسلمين بالمعاصي أو الكبائر، وإن قالوا: كان مسلمًا، قلنا: فكما لم يَجُز الخروج اليوم، وهذا -أعني عدم جواز الخروج- حق، لم يجز الخروج بالأمس، فالحاكم في الحالين مسلم، سواء كان ظالِمًا أو مبتدعًا، وهذا مذهب أهل السنة، وقضاؤهم المحتم واتفاقهم.فمَن جوَّز الخروج على الحاكم المسلم في الثورة السابقة بدعوى أنها مسألة خلافية وليست اتفاقية ولا إجماعية، لَزِمَه إقرار الخارجين اليوم، وهذا باطل.
الحقيقة الثالثة عشرة:
أنه لا مخرج للناس من الغلاء والبلاء والفتن والشقاء إلَّا بالاستمساك بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، والبعد والتخلي عن البدع والمعاصي، والتوبة منها، وقد قال -عز وجل-:
{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}
وقال: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}
وقال في أهل الكتاب: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم}
وقد قال نوح لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}
وقال هود لقومه: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ}
وقال -عز وجل-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
الحقيقة الرابعة عشرة:
أن الذنوب والمعاصي سببٌ للبلاء والغلاء والشقاء، وتسليط الأعداء والسفهاء، قال -عز وجل-: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
وقال -عز وجل-: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}
وقال -عز وجل-: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}
الحقيقة الخامسة عشرة:
أن الظالمين يُوَلَّى عليهم ظالمون، جزاءً وفاقًا، فالجزاء من جنس العمل، قال -عز وجل-: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}
وقال -عز وجل-: {وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}
فما أكثر الظلم!!
وما أشد التبرُّج في النساء!!
وما أكثر قطَّاع الصلاة وشاربي المخدرات!! إلى غير ذلك من المعاصي، وما أكثر البدع والأحزاب والمحدثات في كثير من بلاد الإسلام!! بل لا يزال كثير من مظاهر الشرك كبيره وصغيره في كثير من بلاد الإسلام، وقد قال لقمان لابنه وهو يعظه:
{يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ باللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} والشكوى إلى الله.
الحقيقة السادسة عشرة:
أنه ما خرج الناس على حاكمهم المسلم إلَّا ازدادت أمورهم شدة، وعوقِبوا بنقيض مقصودهم، فحالهم كما قيل:
المستجيرُ بعمروٍ عند كربتهِ ***كالمستجيرِ مِن الرمضاء بالنار.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
"ولَعلَّهُ لا يَكَادُ يُعرَفُ طائِفَةٌ خَرَجتْ على ذِي سُلطانٍ إلَّا وكان في خُرُوجِها مِنَ الفَسادِ ما هو أعظَمُ مِنَ الفَسادِ الَّذي أزالَتْهُ"
[منهاج السُّنَّة (3/391) الطبعة الأولى لسنة 1406 هـ، دار النشر: مؤسسة قرطبة]
الحقيقة السابعة عشرة:
أنه لابد من الصبر على ظلم الولاة وجورهم وَأَثَرَتِهِم -أي استئثارهم بالدنيا- وقد دلَّت الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة على عموم الصبر، ودلَّت أدلة السنة الكثيرة على خصوص الصبر على ظلم الولاة وأثرتهم، والقاعدة الشرعية أنَّ مَن استعجل الشيء قبل أوانه عوقِب بحرمانه، فياللحرمان الذي أُصيب به كثير من الناس أو أكثرهم اليوم!!
وما قد يُصابون به من الحرمان في الأيام المقبِلَة بسبب استعجالهم، وعدم صبرهم أكثر وأكثر، والأيام حبلى، والله المستعان.
الحقيقة الثامنة عشرة:
ما رواه البخاري في صحيحه بسنده أنهم شَكَوا إلى أنس ظلم الحَجَّاج، فقال:
«اصْبِرُوا، فَمَا مِن عَامٍ إلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوا رَبَّكُم»
سمعته من نبيكم -صلى الله عليه وسلم-.
الحقيقة التاسعة عشرة:
أن الله سلَّط كثيرًا من الناس على الملتحين يسبونهم ويتهكمون بهم في هذه الأيام، وذلك؛ لِمَا رَأَوه من فعالهم السيئة، وأقوالهم المتناقضة والمختلفة، وهذا التعميم منهم فيه جور وظلم، فأهل السنة البرآء من هذه الفتن لا يجوز سبهم ولا التهكُّم بهم، أضِف إلى ذلك مَن قارف الفتنة من المعذورين من الجهلة، وقد قال -عز وجل-:
{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}
فلا مؤاخذة إلَّا بعد العلم، وقد قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ» متفق عليه من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.
الحقيقة العشرون:
أنه لا يجوز سب الجاني بسب البريء أو مجهول الحال، فلا يجوز سب الجاني المستحِق للسب بسب أبيه أو بسب أمه أو غيرهما من البرآء أو مجهولي الحال، وأن هذا اعتداء وقد قال -عز وجل-:
{وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}
وقال -عز وجل-:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
وقال: {وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا}
وقال: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}
الحقيقة الحادية والعشرون:
قول بعض السلف: لو كانت لي دعوة مستجابة لدعوتُ بها للسلطان؛ لأن في صلاح الراعي صلاح الرعية، فمَن سبَّ السلطان وانتهك حرمته ولم يَصُن حرمته وعرضه وَجَبَ زجره وتعزيره بما يردعه عن ذلك. فسبيلُ الخوارج هو الطعن في الحكام وولاة الأمور والسلاطين، فالخوارج ومَن سلك مسلكهم من الفسقة والجهلة هَمَّازون، لَمَّازون، طَعَّانون، عَيَّابون لولاة الأمور، وَالِغُون في أعراضهم وحرماتهم.
الحقيقة الثانية والعشرون:
أن المظاهرات ليس لها في الإسلام سهم ولا نصيب، وإنما هي مِن إرث الكافرين، ولا يجوز التشبُّه بالكافرين، قال -عز وجل-:
{وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وضمير الهاء عائد على اليهود والنصارى.
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}
الحقيقة الثالثة والعشرون:
أن الزحف الرافضي الشيعي الخبيث بدأ يمتد إلى بعض بلاد مصر وينتشر ويضرب بأطْنَابِه فيها، حتى أخبرني بالقاهرة رجل من صعيد مصر أخبر أنه يعمل إمامًا لمسجد الهداية بمنطقة القَلَج بالقاهرة، وأنه وجد على باب مسجده أو جداره ورقة مكتوبًا فيها:
فَرْجُ النبي الذي نكح عائشة في النار!!
وهذا المخبِر وإن كان مجهول الحال، فإن خبره هذا لا يُستغرَب صدور مثله عن الراوافض -قبحهم الله-.
فإذا كان هذا هو حكمهم على النبي وقولهم فيه، فكيف بحكمهم على عائشة نفسها، وعلى حفصة، وعلى أبي بكر وعمر وسائر أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- والذين هم دون النبي -لا محالة- في المنزلة والرتبة والدرجة والفضل؟! بل كيف بحكمهم على أهل السنة من التابعين فمَن بعدهم؟!
وعائشة -رضي الله عنها- إمَّا أن تكون عند هؤلاء الروافض زانية وإما أن تكون مشركة وإما أن تكون جمعتْ كلَّا، وبناءً على هذا الفجور الرافضي يكون النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إمَّا زانيًا، وإما مشركًا، وإما جامعًا كلَّا، وقد قال الله -عز وجل-:
{الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}
وقد برَّأ الله رسوله وأزواجه مِن مثل هذا الإفك الرافضي، فلعنة الله على الرافضة الملاعين الزنادقة الكَفَرَة الفجرة الخبثاء.
وأمثال هؤلاء لا يجوز إيواؤهم -لا آواهم الله- قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«لعنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا» رواه مسلم عن علي -رضي الله عنه- وأيُّ إيواءٍ أعظم جرمًا مِن إيواء مَن هذا بعض حاله؟!
الحقيقة الرابعة والعشرون:
أن عبادة الله في أزمان الفتن فضلُها عظيم، قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«عبادةٌ في الهَرْجِ كهجرةٍ إليَّ» رواه مسلم عن معقل بن يسار -رضي الله عنه-.
الحقيقة الخامسة والعشرون:
أن الخروج كما يكون بالسيف والسنان يكون باعتقاد مذهب الخوارج بالجنان، وبالنطق به باللسان، ولا يُتَصَوَّر خروج بالسنان دون سابق خروج بالجنان واللسان.والله المستعان على أهل التحريف والبهتان، الذين يَقْصُرون الخروج على السنان، ونقول لهم:
هل تسمون حركة وحملة التمرد الحاصلة في هذه الأيام خروجًا، وإن لم يكن بالسنان؟! فإن قلتم: نعم، نسميه خروجًا، قلنا: نقضتم مذهبكم القاصِر للخروج على السلاح أو السنان!!
وإن قلتم: لا نسميه خروجًا، قلنا:
كابرتم الواقع والحس والعقل واللغة، فإن التمرد خروج وشق عصا الطاعة، وقد سمَّاه أهله تمردًا -أي خروجًا- بل يُعَدُّ من أشد الخروج، ففي لسان العرب مادة:
[مرد]"... تَمَرَّد: أقبل وعتا، وتأويل الـمُرود أن يبلغ الغاية التي تخرج من جملة ما عليه ذلك الصنف ... المارد من الرجال: العاتي الشديد ... وقد تمرَّد علينا أي عتا. مَرَدَ على الشر وتمرَّد أي عتا وطغى. والـمَرِيد: الخبيث المتمرد الشِّرِّير. وشيطان مارد ومريد واحد" انتهى.
الحقيقة السادسة والعشرون:
أن محمد بن حسان المصري وأمثاله[1] من الدعاة المشهورين مبتدعة ضلَّال.
وانظر -إن شئت- شبكة العلوم السلفية لتسمعَ ردِّي الصوتي عليه بعنوان:
"إسعاف الجريح بالرد على شريط إلى غلاة التجريح لصاحبه محمد بن حسان المصري"
ولتطلِعَ -إن شئت- على ردي الكتابي عليه تحت عنوان:
"وضع الإصر عن أهل العصر بالرد على محمد بن حسان دجال مصر"
إلى غير ذلك من الردود عليه مِنِّي ومِن غيري من أهل السنة، والتي تجدها في مَظانِّها على الشبكة المذكورة، وقد سمَّينا هذا الرجل لعظم الفتنة بكلامه، ولشدة الاغترار به، ليس غير، وإلَّا، فمثله أقل من أن تَلُوكه أَلْسِنَة أهل السنة.
الحقيقة السابعة والعشرون:
أنَّ مَن قُتِلَ في الثورة السابقة من الخوارج الثائرين المتظاهرين ليس شهيدًا، ومَن قُتِلَ في حملة التمرد الحالية من الخوارج الثائرين المتظاهرين المتمردين ليس شهيدًا -أيضًا- دلَّ على ذلك الأدلة الكثيرة الصحيحة، منها ما رواه الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه، في كتاب الإمارة، برقم [53- (1848)] بسنده عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
«مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّة، يَغضِب لِعَصَبَةٍ، أو يَدْعُو إلى عَصَبَةٍ، أو يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ فَقِتلَةٌ جاهليَّةٌ، ومَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَها، وَلَا يَتَحَاشَ» وفي لفظ: «وَلَا يَتَحَاشَى»«مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَه، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ».
وروى البخاري في صحيحه برقم: (7053) ومسلم في صحيحه برقم: [56 – (1849)] عن ابن عباس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
«مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِر، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَــــاهِلِيَّـــــةً»
فإذا كان هذا هو حُكم النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في هذا الحديث الأخير في مَن فارق الجماعة وخرج من السلطان بدون قتالٍ، فكيف بمن قاتل السلطان؟!فقولنا واحد في الحالين -في قتلى الثورة السابقة وقتلى التمرد الحالي- خلافًا لأصحاب الوجهين والكَيْلَين والميزانين.هذا، وكم في الجَعبة من حقائق، وبذلك العدد من الحقائق نكتفي، والله المستعان وعليه التكلان، وهو حسبي ونعم الوكيل.
تم الفراغ منه في ليلة الخميس الموافق الحادي عشر من شهر شعبان
لسنة أربعٍ وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية
على صاحبها الصلاة والسلام
وكتب
أبو بكر بن ماهر بن عطية بن جمعة المصري
أبو عبدالله
ويمكنكم تحميل الملف منسَّقًا في ملف وورد و بي دي إف من هذا الرابط.
[1]- كـ "محمد بن عبدالمقصود" وأمثاله.
فإليكم المقال:
بسم الله الرحمن الرحيم
حقائق يجب التنبُّه لها والتنبيه عليها
الحقيقة الأولى:
أن دين الإسلام لا عيب فيه بوجه من الوجوه، وإنما العيب على من لم يعمل بشرائع الإسلام مع انتسابه إليه، قال -تعالى-:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}
الحقيقة الثانية:
أنه لا أحزاب في الإسلام، وبهذا تعلَم أن حزب الحرية والعدالة الحريَّ بأن يُسَمَّى بحزب الضلالة، وأن حزب النور السلفي الحريَّ بأن يسمى بحزب الزور الخلفي، وسائر الأحزاب أنها ليست من دين الإسلام في شيء، وإنما هي مِن جنس دين المشركين، قال تعالى-:
{وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}
الحقيقة الثالثة:
أن الأحزاب الدينية وغير الدينية كلها ضرر على دين الناس ودنياهم، غير أن ضرر وشر الأحزاب الدينية أعظم لإلحاقهم بالدين ما ليس منه، ولتزيينهم الباطل في نفوس الخلق، وإلباسه ثوب الحق، ولاغترار كثير من الناس بهذا كله، فهم يُفسِدون الدين ابتداءً وأصالة، ويشوِّهون الإسلام وأهله كما هو واقع وحاصل اليومبما لا يدع مجالًا للشك، مثل هذا الإفساد والضرر والتشويه الذي لا يُعرف نظيره ولا ما يدانيه أو يقاربه في الأحزاب غير الدينية، فإنَّ انخداع الناس بمن يَنْسِب باطله إلى الدين أكثر وأعظم وأشد من انخداعهم بمن لا ينسِب باطله إلى الدين.
الحقيقة الرابعة:
أنه ما نَصَر اللهُ الإسلامَ بمبتدع، وأن أهل البدع لا للإسلام نصروا ولا لعدوه كسروا، بخلاف الفاجر فقد ينصر الله به الدين، قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«إنَّ الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» متفق عليه.
الحقيقة الخامسة:
أن الجماعات الموجودة على الساحة الدعوية من أمثال جماعة الإخوان وجماعة التبليغ وغيرهما جماعات بدع وضلالات، وأنهم ليسوا أهل سنة، بهذا صرَّح أهل العلم والإيمان.
ومِن شِبَاك الإخوان المسلمين وأحابيلهم التي يصطادون بها المغفلين، ويجذبونهم كالجاذب الذي يسمى بالمغناطيس إلى حزبهم ومنهجهم البدعي الفاسد، الرحلات السياحية!! والدورات الرياضية!! والمسابقات الثقافية!! إلى آخر تلكم السلاسل والأغلال والأطواق المحكَمة التي يَغُلُّون بها أتباعهم، ويُغلِقون بها عقولهم، ويوقعونهم في هوة التحزب والتقليد الأعمى، والتي يُصِمُّون بها آذان أتباعهم عن سماع الحق، ويحولون بها بينهم وبين البحث عن الحق والوصول إليه، ومعرفة أهله، شعر بذلك الأتباع أم لم يشعروا.
فمِثل هذا التحزب هو سرطان هذا العصر، فكن على حذر من هذا الداء العضال الذي يضر بالدين قبل الدنيا، وبالروح قبل البدن.ومِن شعار جماعة التبليغ: الخروج البدعي المسمى بالخروج في سبيل الله!! -زعموا- في سلسلة ذات حلقات من البدع والضلالات.
هذا، وإن الجمعيات وما يسمى بالرابطات!! بنات تلك الجماعات.
الحقيقة السادسة:
أن تولِّي الحاكم للحكم في الإسلام إنما يكون بإحدى ثلاث طرق لا رابع لها، إمَّا بولاية العهد، كما عهد أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- بالخلافة من بعده إلى عمر الفاروق -رضي الله عنه-
وإمَّا بجَعْل الأمر شورى في جماعة من أهل الحل والعقد فيَختارون أحدهم كما جَعَل عمر الأمر شورى من بعده في ستة من السابقين الأولين من المهاجرين، فوقع الاختيار من بينهم على عثمان -رضي الله عنه- وأهل الحل والعقد هم أهل العلم والإيمان والخبرة والقدرة والقوة، البصيرون بسبل إقامة دين الناس ودنياهم، وقد قال -عز وجل- عن جبريل:
{ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}
وقالت ابنة الرجل الصالح لأبيها بشأن موسى:
{يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}
وقال العفريت لنبي الله سليمان بشأن الإتيان بعرش مَلِكَة سبأ:
{أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}
فلابد من اجتماع القوة والأمانة في السياسة الشرعية والسائس الشرعي، ذَكَرَ نحوًا من ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية.
الطريق الثالثة أن يتغلَّب على الحكم متغلِّب من المسلمين-فاسقًا كان أو مبتدعًا- فيأخذ الحكم عنوة وقهرًا وقسرًا بالسيف أو نحوه، فمِثْل هذا متى استتب له الأمر في الحكم وَجَبَ السمع له والطاعة في غير معصية حقنًا لدماء المسلمين، ودفعًا لأعظم الضررين، على هذا اتفاق أهل السنة والجماعة، خلافًا للخوارج الشُّذَّاذ الضُّلَّال، قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «وَإِنْ تَأَمَّر عَلَيْكُم عَبْدٌ يَقُودُكم بِكِتَابِ اللهِ فَاسمَعُوا وَأَطِيعُوا»
رواه مسلم.
مع أن العبد لا حقَّ له في مِثْل هذا التأمُّر حبشيًّا كان أو غيره، والشرع فوق العقل، على أن العقل الصريح لا يخالِف الشرع والنقل الصحيح، فتدبَّر.
الحقيقة السابعة:
أنَّ الديمقراطية كفر وضلال؛ لأن معناها هو حكم الشعب بالشعب، وفي هذا تنحية وإبعاد لدين الإسلام عن الحكم، وإبطال لأحكام الشرع، فالحكم في الديمقراطية هو ما حكم به الشعب لا الشرع، فمَن اعتقد جواز ذلك فهو كافر، فالحكم إنما هو لله -عز وجل- قال -عز وجل-: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ}
وقال: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ}
وقال: {أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ}
وقال: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ}
وقال: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
وقال: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
وقال: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}
فمَنْ فَضَّل حكمه على حكم الله، أو سوَّى بين حكمه وحكم الله، أو جوَّز الحكم بغير ما أنزل الله فهو كافر كفرًا أكبر اعتقاديًّا مخرِجًا من الملة وناقلًا عنها، ومَن حَكم بغير ما أنزل الله من غير اعتقاد تفضيل حكمه على حكم الله، ومِن غير تسويةٍ بين حكمه وحكم الله، ومن غير تجويز وتحليل واستباحة الحكم بغير ما أنزل الله فهو كافر كفرًا عمليًّا أصغر، كفرًا دون كفر، كفرًا غير مخرِج من الملة ولا ناقل عنها، وكفاه ذلك عيبًا، وذمًّا، وشَيْنًا، وعارًا، وشنارًا عليه.
الحقيقة الثامنة:
أن الانتخابات الديمقراطية انتخابات شيطانية طاغوتية، تَجمع بين من فرَّق الله، فهي انتخابات يُسَوَّى فيها بين الذكر والأنثى، وقد قال -عز وجل-:
{إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ}
فامرأة عمران أعقل من جميع الديمقراطيين اليوم!!كما يُسَوَّى في تلك الانتخابات بين العالِم والجاهل، وقد قال -تعالى-: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}؟! أي لا يَستوون.
وكما يسوَّى في تلك الانتخابات بين الطائع والفاسق وبين المسلم والكافر الفاجر، وقد قال الله -عز وجل-: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ}
وقال -عز وجل-: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}
وقال: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} -أي لا نجعل هؤلاء كهؤلاء-.
وقال -عز وجل-:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} -أي فلا نجعل هؤلاء كهؤلاء- {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}؟!
فالله فرَّق بين مَن جمعوا، وهم جمعوا بين مَن فرَّق اللهُ.
وانتخاباتٌ هذا بعض شأنها لا يجوز المشاركة فيها، ولا حضورها، ولا شهودها، وقد قال -عز وجل- في أوصاف عباد الرحمن كما في سورة الفرقان:
{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}
وأيُّ زور أعظم من مثل زور تلك الانتخابات؟!
وما أثمرت تلك الانتخابات لبلاد الإسلام إلَّا البلاء والشقاء، وقد قيل: بثمارهم تعرفونهم، وقد قال -عز وجل-: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا}
الحقيقة التاسعة:
أن الله -عز وجل- قد فضح أهل البدع والأهواء والأحزاب الدينية السالِفة الذكر في هذه الأيام فضيحة لا يغطيها ذيل ولا يسترها ليل، جزاءَ ما خدعوا به عوام المسلمين ومغفليهم طيلة عقود من الزمان، وجزاء ما عادَوا به المذهب السلفي وآذوا به أهله، ذاك المذهب السلفي النقي الصافي من شوب البدعة وكدرها، البعيد عن حذلقات وفلسفات وسياسات أهل التحزب والدجْل والكذب والخداع والتلبيس والخبث، وجزاء تحريفهم لما حرَّفوه من دين الإسلام، وما عطَّلوه من قواعده وشرائعه العظام، وقد قال -عز وجل- متوعِّدًا نبيه ومهددًا إياه لو تقوَّل عليه بعض الأقاويل:
{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}
وقال: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّه يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}
وبهذا تعلَم أن عمر البدعة قصير، وأن عمر الكذب قصير.
وقال الله -عز وجل-:
{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}
ولعل بعض ما أصاب القوم من الفضيحة العاجلة والخزي العاجل هو بسبب دعوة مظلوم مضطر تكاثرت عليه الخصوم وصيَّحوا فثبتَ فصارتْ صيحتهم كمِثْل دخان، يَرْقَى إلى الأَوْجِ الرفيع وبعده يهوي إلى قَعْرِ الحضيض الداني.ولعل المزيد من الفضائح والخزي واقع عن قريب بهم، هذا الذي نتوقعه لهم، ونرجوه لهم، لما نرى من تماديهم في الباطل، وإصرارهم عليه وعنادهم.
الحقيقة العاشرة:
أن أهل العلم هم أبصر الناس بالفتن وبأهلها، وإذا أقبلتْ الفتنة عرفها كل عالم، وإذا أدبرتْ عرفها كل جاهل، هكذا جاء عن بعض السلف، فما أشد حيرةَ الجهال عند الفتن!! وما أشد وأعظم بصيرة العلماء بها وتمييزهم فيها الحق من الباطل، والمحق من المبطِل!!
الحقيقة الحادية عشرة:
أن الظلم ترجع عقباه إلى الندم، وأن عاقبة الظلم وخيمة، وقد قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«الظُّلْمُ ظُلُمَاتٍ يَوْمَ القِيَامَةِ» متفق عليه.
وقال: «إنَّ الله لَيُمْلِي للظَالِمِ حَتَّى إذا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْه»
ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} الحديث متفق عليه.
وقال -عز وجل-: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}
فكم في البلاد اليوم من وجيه صار شريدًا!! وكم فيها من وجيه صار سجينًا!! بسبب الظلم، فصاروا كأن لم يغنوا ولم يملكوا بالأمس، وقد قيل: في السابقين الأولين من القرون لنا بصائر.
الحقيقة الثانية عشرة:
أن المكيال عند أهل السنة الصادقين واحد، وأن الميزان عندهم واحد، فأهل السنة قد عَدُّوا الثورة السابقة فتنة وخروجًا، وهم أنفسهم اليوم يَعُدُّون حملة ( التمرُّد) فتنة وخروجًا، خاصة إذا عُلِم أن الذين يتولون كِبْر هذه الحملة أو الحركة لا يُعْرَفون باستقامة على شرع الله، وإنما يُعرَفون بانحرافهم عن سبيل الاستقامة، وتولِّيهم لحملة وحركة التمرد هو أحد أدلة وبراهين عدم استقامتهم.أمَّا أهل البدع والأهواء فإنهم يكيلون بمكيالين، ويزِنون بميزانين، بل ما أكثر مكاييلهم وموازينهم!!فهُم الذين جوَّزوا الخروج والثورة والفتنة بالأمس، وهم الذين يحرِّمون ذلك اليوم.
وقد وصل الأمر ببعض الدعاة المشهورين المفتونين، ألا وهو محمد بن حسان المصري إلى أن وصف الشباب الخارج في الثورة السابقة بالشباب المبارك!! ووصف الفتنة السابقة بالثورة المباركة!!
مع أن البركة هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء، كالرسول والقرآن ونحو ذلك.فهل يوصَف المتمردون في هذه الأيام بالشباب المبارك؟! وهل يوصَف تمردهم بالتمرد المبارك؟!
اللهم لا.
فماذا يقول هذا الزاعم خاصة إذا كان المشاركون في حملة التمرد أو أكثرهم أو كثير منهم خارجين في ثورة الأمس، والتي سَمَّاها هذا الزاعِم مبارَكة!! وسمَّى الثائرين فيها من هؤلاء الشباب بالشباب المبارك؟!
فإن قالوا: كان الحاكم السابق كافرًا، قلنا: قد بدتْ سوأتكم وتكفيركم للمسلمين بالمعاصي أو الكبائر، وإن قالوا: كان مسلمًا، قلنا: فكما لم يَجُز الخروج اليوم، وهذا -أعني عدم جواز الخروج- حق، لم يجز الخروج بالأمس، فالحاكم في الحالين مسلم، سواء كان ظالِمًا أو مبتدعًا، وهذا مذهب أهل السنة، وقضاؤهم المحتم واتفاقهم.فمَن جوَّز الخروج على الحاكم المسلم في الثورة السابقة بدعوى أنها مسألة خلافية وليست اتفاقية ولا إجماعية، لَزِمَه إقرار الخارجين اليوم، وهذا باطل.
الحقيقة الثالثة عشرة:
أنه لا مخرج للناس من الغلاء والبلاء والفتن والشقاء إلَّا بالاستمساك بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، والبعد والتخلي عن البدع والمعاصي، والتوبة منها، وقد قال -عز وجل-:
{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}
وقال: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}
وقال في أهل الكتاب: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم}
وقد قال نوح لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}
وقال هود لقومه: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ}
وقال -عز وجل-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
الحقيقة الرابعة عشرة:
أن الذنوب والمعاصي سببٌ للبلاء والغلاء والشقاء، وتسليط الأعداء والسفهاء، قال -عز وجل-: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
وقال -عز وجل-: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}
وقال -عز وجل-: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}
الحقيقة الخامسة عشرة:
أن الظالمين يُوَلَّى عليهم ظالمون، جزاءً وفاقًا، فالجزاء من جنس العمل، قال -عز وجل-: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}
وقال -عز وجل-: {وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}
فما أكثر الظلم!!
وما أشد التبرُّج في النساء!!
وما أكثر قطَّاع الصلاة وشاربي المخدرات!! إلى غير ذلك من المعاصي، وما أكثر البدع والأحزاب والمحدثات في كثير من بلاد الإسلام!! بل لا يزال كثير من مظاهر الشرك كبيره وصغيره في كثير من بلاد الإسلام، وقد قال لقمان لابنه وهو يعظه:
{يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ باللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} والشكوى إلى الله.
الحقيقة السادسة عشرة:
أنه ما خرج الناس على حاكمهم المسلم إلَّا ازدادت أمورهم شدة، وعوقِبوا بنقيض مقصودهم، فحالهم كما قيل:
المستجيرُ بعمروٍ عند كربتهِ ***كالمستجيرِ مِن الرمضاء بالنار.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
"ولَعلَّهُ لا يَكَادُ يُعرَفُ طائِفَةٌ خَرَجتْ على ذِي سُلطانٍ إلَّا وكان في خُرُوجِها مِنَ الفَسادِ ما هو أعظَمُ مِنَ الفَسادِ الَّذي أزالَتْهُ"
[منهاج السُّنَّة (3/391) الطبعة الأولى لسنة 1406 هـ، دار النشر: مؤسسة قرطبة]
الحقيقة السابعة عشرة:
أنه لابد من الصبر على ظلم الولاة وجورهم وَأَثَرَتِهِم -أي استئثارهم بالدنيا- وقد دلَّت الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة على عموم الصبر، ودلَّت أدلة السنة الكثيرة على خصوص الصبر على ظلم الولاة وأثرتهم، والقاعدة الشرعية أنَّ مَن استعجل الشيء قبل أوانه عوقِب بحرمانه، فياللحرمان الذي أُصيب به كثير من الناس أو أكثرهم اليوم!!
وما قد يُصابون به من الحرمان في الأيام المقبِلَة بسبب استعجالهم، وعدم صبرهم أكثر وأكثر، والأيام حبلى، والله المستعان.
الحقيقة الثامنة عشرة:
ما رواه البخاري في صحيحه بسنده أنهم شَكَوا إلى أنس ظلم الحَجَّاج، فقال:
«اصْبِرُوا، فَمَا مِن عَامٍ إلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوا رَبَّكُم»
سمعته من نبيكم -صلى الله عليه وسلم-.
الحقيقة التاسعة عشرة:
أن الله سلَّط كثيرًا من الناس على الملتحين يسبونهم ويتهكمون بهم في هذه الأيام، وذلك؛ لِمَا رَأَوه من فعالهم السيئة، وأقوالهم المتناقضة والمختلفة، وهذا التعميم منهم فيه جور وظلم، فأهل السنة البرآء من هذه الفتن لا يجوز سبهم ولا التهكُّم بهم، أضِف إلى ذلك مَن قارف الفتنة من المعذورين من الجهلة، وقد قال -عز وجل-:
{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}
فلا مؤاخذة إلَّا بعد العلم، وقد قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ» متفق عليه من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.
الحقيقة العشرون:
أنه لا يجوز سب الجاني بسب البريء أو مجهول الحال، فلا يجوز سب الجاني المستحِق للسب بسب أبيه أو بسب أمه أو غيرهما من البرآء أو مجهولي الحال، وأن هذا اعتداء وقد قال -عز وجل-:
{وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}
وقال -عز وجل-:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
وقال: {وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا}
وقال: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}
الحقيقة الحادية والعشرون:
قول بعض السلف: لو كانت لي دعوة مستجابة لدعوتُ بها للسلطان؛ لأن في صلاح الراعي صلاح الرعية، فمَن سبَّ السلطان وانتهك حرمته ولم يَصُن حرمته وعرضه وَجَبَ زجره وتعزيره بما يردعه عن ذلك. فسبيلُ الخوارج هو الطعن في الحكام وولاة الأمور والسلاطين، فالخوارج ومَن سلك مسلكهم من الفسقة والجهلة هَمَّازون، لَمَّازون، طَعَّانون، عَيَّابون لولاة الأمور، وَالِغُون في أعراضهم وحرماتهم.
الحقيقة الثانية والعشرون:
أن المظاهرات ليس لها في الإسلام سهم ولا نصيب، وإنما هي مِن إرث الكافرين، ولا يجوز التشبُّه بالكافرين، قال -عز وجل-:
{وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وضمير الهاء عائد على اليهود والنصارى.
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}
الحقيقة الثالثة والعشرون:
أن الزحف الرافضي الشيعي الخبيث بدأ يمتد إلى بعض بلاد مصر وينتشر ويضرب بأطْنَابِه فيها، حتى أخبرني بالقاهرة رجل من صعيد مصر أخبر أنه يعمل إمامًا لمسجد الهداية بمنطقة القَلَج بالقاهرة، وأنه وجد على باب مسجده أو جداره ورقة مكتوبًا فيها:
فَرْجُ النبي الذي نكح عائشة في النار!!
وهذا المخبِر وإن كان مجهول الحال، فإن خبره هذا لا يُستغرَب صدور مثله عن الراوافض -قبحهم الله-.
فإذا كان هذا هو حكمهم على النبي وقولهم فيه، فكيف بحكمهم على عائشة نفسها، وعلى حفصة، وعلى أبي بكر وعمر وسائر أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- والذين هم دون النبي -لا محالة- في المنزلة والرتبة والدرجة والفضل؟! بل كيف بحكمهم على أهل السنة من التابعين فمَن بعدهم؟!
وعائشة -رضي الله عنها- إمَّا أن تكون عند هؤلاء الروافض زانية وإما أن تكون مشركة وإما أن تكون جمعتْ كلَّا، وبناءً على هذا الفجور الرافضي يكون النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إمَّا زانيًا، وإما مشركًا، وإما جامعًا كلَّا، وقد قال الله -عز وجل-:
{الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}
وقد برَّأ الله رسوله وأزواجه مِن مثل هذا الإفك الرافضي، فلعنة الله على الرافضة الملاعين الزنادقة الكَفَرَة الفجرة الخبثاء.
وأمثال هؤلاء لا يجوز إيواؤهم -لا آواهم الله- قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«لعنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا» رواه مسلم عن علي -رضي الله عنه- وأيُّ إيواءٍ أعظم جرمًا مِن إيواء مَن هذا بعض حاله؟!
الحقيقة الرابعة والعشرون:
أن عبادة الله في أزمان الفتن فضلُها عظيم، قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
«عبادةٌ في الهَرْجِ كهجرةٍ إليَّ» رواه مسلم عن معقل بن يسار -رضي الله عنه-.
الحقيقة الخامسة والعشرون:
أن الخروج كما يكون بالسيف والسنان يكون باعتقاد مذهب الخوارج بالجنان، وبالنطق به باللسان، ولا يُتَصَوَّر خروج بالسنان دون سابق خروج بالجنان واللسان.والله المستعان على أهل التحريف والبهتان، الذين يَقْصُرون الخروج على السنان، ونقول لهم:
هل تسمون حركة وحملة التمرد الحاصلة في هذه الأيام خروجًا، وإن لم يكن بالسنان؟! فإن قلتم: نعم، نسميه خروجًا، قلنا: نقضتم مذهبكم القاصِر للخروج على السلاح أو السنان!!
وإن قلتم: لا نسميه خروجًا، قلنا:
كابرتم الواقع والحس والعقل واللغة، فإن التمرد خروج وشق عصا الطاعة، وقد سمَّاه أهله تمردًا -أي خروجًا- بل يُعَدُّ من أشد الخروج، ففي لسان العرب مادة:
[مرد]"... تَمَرَّد: أقبل وعتا، وتأويل الـمُرود أن يبلغ الغاية التي تخرج من جملة ما عليه ذلك الصنف ... المارد من الرجال: العاتي الشديد ... وقد تمرَّد علينا أي عتا. مَرَدَ على الشر وتمرَّد أي عتا وطغى. والـمَرِيد: الخبيث المتمرد الشِّرِّير. وشيطان مارد ومريد واحد" انتهى.
الحقيقة السادسة والعشرون:
أن محمد بن حسان المصري وأمثاله[1] من الدعاة المشهورين مبتدعة ضلَّال.
وانظر -إن شئت- شبكة العلوم السلفية لتسمعَ ردِّي الصوتي عليه بعنوان:
"إسعاف الجريح بالرد على شريط إلى غلاة التجريح لصاحبه محمد بن حسان المصري"
ولتطلِعَ -إن شئت- على ردي الكتابي عليه تحت عنوان:
"وضع الإصر عن أهل العصر بالرد على محمد بن حسان دجال مصر"
إلى غير ذلك من الردود عليه مِنِّي ومِن غيري من أهل السنة، والتي تجدها في مَظانِّها على الشبكة المذكورة، وقد سمَّينا هذا الرجل لعظم الفتنة بكلامه، ولشدة الاغترار به، ليس غير، وإلَّا، فمثله أقل من أن تَلُوكه أَلْسِنَة أهل السنة.
الحقيقة السابعة والعشرون:
أنَّ مَن قُتِلَ في الثورة السابقة من الخوارج الثائرين المتظاهرين ليس شهيدًا، ومَن قُتِلَ في حملة التمرد الحالية من الخوارج الثائرين المتظاهرين المتمردين ليس شهيدًا -أيضًا- دلَّ على ذلك الأدلة الكثيرة الصحيحة، منها ما رواه الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه، في كتاب الإمارة، برقم [53- (1848)] بسنده عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
«مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّة، يَغضِب لِعَصَبَةٍ، أو يَدْعُو إلى عَصَبَةٍ، أو يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ فَقِتلَةٌ جاهليَّةٌ، ومَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَها، وَلَا يَتَحَاشَ» وفي لفظ: «وَلَا يَتَحَاشَى»«مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَه، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ».
وروى البخاري في صحيحه برقم: (7053) ومسلم في صحيحه برقم: [56 – (1849)] عن ابن عباس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
«مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِر، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَــــاهِلِيَّـــــةً»
فإذا كان هذا هو حُكم النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في هذا الحديث الأخير في مَن فارق الجماعة وخرج من السلطان بدون قتالٍ، فكيف بمن قاتل السلطان؟!فقولنا واحد في الحالين -في قتلى الثورة السابقة وقتلى التمرد الحالي- خلافًا لأصحاب الوجهين والكَيْلَين والميزانين.هذا، وكم في الجَعبة من حقائق، وبذلك العدد من الحقائق نكتفي، والله المستعان وعليه التكلان، وهو حسبي ونعم الوكيل.
تم الفراغ منه في ليلة الخميس الموافق الحادي عشر من شهر شعبان
لسنة أربعٍ وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية
على صاحبها الصلاة والسلام
وكتب
أبو بكر بن ماهر بن عطية بن جمعة المصري
أبو عبدالله
ويمكنكم تحميل الملف منسَّقًا في ملف وورد و بي دي إف من هذا الرابط.
[1]- كـ "محمد بن عبدالمقصود" وأمثاله.
تعليق